03.01.2015 Views

36069074

36069074

36069074

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

رسالة إلى ولدي<br />

إن كان هذا هو شعار الجيل الجديد فويل لنا وللأمة كلها من هذا الجيل الجديد!‏<br />

إن جيلكم معذور بعض العذر لأنكم لم تجدوا أمامكم مُثلاً‏ عليا كثرية تضحي<br />

لخريكم،‏ وتسوس الأمة بالعدل والنزاهة والصدق والإخلاص ملصلحة وطنكم،‏ ورأيتم<br />

أمثلة ملن التزموا الصدق والعدل والإيثار فعاشوا فقراء وماتوا فقراء،‏ ومن هرجوا وكذبوا<br />

ونافقوا فتسلقوا الحائط ووصلوا إلى الذروة،‏ فكفرتم باملبادئ الأخلاقية والفضائل<br />

النفسية،‏ ولكن أليس هذا قِ‏ صرَ‏ ‏ًا في النظر،‏ وسوءًا للتقدير،‏ وفسادًا في التقويم؟<br />

سائل نفسك:‏ هل أسعد الناس أرقاهم درجة في وظيفته،‏ وأكثرهم مالاً‏ في دخله<br />

مهما فسدت نفسه ومات ضمريه؟<br />

وسائل نفسك:‏ أي الرجلني أسعد حالاً‏ وأهدأ بالاً‏ وأكثر سكينةً‏ وطمأنينة … أمن<br />

مات ضمريه وزاد دخله من غري حساب لفضيلة ولا رذيلة ولا حلال ولا حرام؟ أم من<br />

حي ضمريه فتلذذ بشرفه،‏ وسعد بقناعته،‏ واطمأن إلى سريته،‏ واغتبط بما يجريه الله على<br />

يديه من خري لأهله ووطنه؟<br />

تصور بيتًا يعيش فيه كل فرد لنفسه … ألا يكون جحيمًا،‏ ويكون أهله كاللصوص<br />

يتخطفون الغنائم ويتقاتلون على قسمتها؟ وتصور جيشً‏ ا يعمل كل جندي وضابط فيه<br />

على أن ينجو بنفسه ويترك العبء على غريه … هل يستطيع أن يقف في امليدان ساعة<br />

من غري هزيمة؟ وتصور أمة كل أفرادها يعيشون على التهريج ويبحث كل فرد منها<br />

عن لذائذه الشخصية وانتهابها بأي وسيلة … هل تستطيع أن تعيش طويلاً‏ ؟ إن البيت<br />

إنما يعيش بتضحية الآباء والأمهات،‏ والجيش إنما يعيش بمن يقدم روحه فداءً‏ لوطنه،‏<br />

والأمة إنما تعيش بمن يتحمل املسئولية مهما لقي من جهد وعناء.‏ والدنيا كلها أمثلة<br />

على أن الجماعة الصالحة للبقاء من غلب إيثارها أثرتها وتضحيتها أنانيتها،‏ وإلا فلا<br />

أمل فيها ولا خري يرجى منها،‏ ولولا تضحية أبيك وأمك ما كنت كما كنت،‏ ولولا تضحية<br />

من حولك ما عشت.‏ أفمن العدل أن تجازي الإحسان سوءًا،‏ والرحمة قسوة،‏ والنعمة<br />

كفرًا؟ صدقني أنه لا يتطلب اللذة الوضيعة إلا النفس الوضيعة،‏ وأن البحث عن اللذة<br />

الفردية نتيجة قصر النظر وضيق الأفق،‏ وأن النفس إذا تسامت ورقيت وجدت لذتها في<br />

لذة الناس وسعادتها في سعادة الناس … وأن هذا الكلام وإن كان قديمًا لا يزال جديدًا،‏<br />

وأن الحق حق في كل زمان ومكان،‏ وأن الباطل باطل حيثما كان.‏<br />

أي بني!‏<br />

إن كان لي نصيحة تذهب بحريتك وحرية جيلك وتعيد الطمأنينة لنفسك ولأمثالك<br />

… فالإيمان تملأون به قلوبكم ويملأ فراغكم ويتفق مع طبيعتكم،‏ وأن تعيشوا لأنفسكم<br />

27

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!