36069074

إلى ولدي
وأيضً‏ ا فالرجل إذا تزوج بأجنبية رأى نفسه مضطرًا أن يؤنسها بسينما وتمثيل
وهواء طلق ونحو ذلك،‏ فكان ذلك مثار الشقاق املتصل.‏
ولكن حذار أن تنخدع بما تفعله الفتاة الأوروبية من تصنع وإظهار ود متعمل،‏
وإعجاب بموسيقى تعجبك،‏ وفن يروقك،‏ حتى توقعك في أحبولتها،‏ فميز بني الطبيعي
واملصطنع،‏ والسليقي واملفتعل.‏
كل إخوتك بخري،‏ وجارتك فلانة حملت في الرابع،‏ ولكن تربية الأولاد وكثرة النفقات
اضطراها إلى الذهاب لطبيب للتخلص من هذا الحمل البغيض،‏ ولكن ذلك من غري علم
أهلها،‏ فأنا أعلم الخطر الشديد الذي تتعرض له الفتاة،‏ ولكن الله سلم فنجت وفرحت
بهذه النتيجة،‏ فمن أبى قلة الأولاد فذلك أحسن لتربيتهم وأصح بجسم أمهم،‏ وأكثر
تمكينًا للآباء من أن يحسنوا تربية أولادهم،‏ ولكني نصحتها بألا تعود إلى مثل هذه
العملية الخطرة،‏ فالوقاية بادئ ذي بدء خري من العلاج بعد فوات الأوان.‏
أرجو أن تخبرني بما استقر عليه رأيك والسلام.‏
زارني اليوم فنان مصري قال إنه اتخذ من بيته في الضواحي معبدًا لفنه،‏ ويتقن
ما يرسم في بطء ولا يسأل عن الزمن،‏ ولكن يسأل عن الإتقان،‏ وقال إنه يحتفظ في
رسمه بروح مصرية صميمة،‏ ويؤلف بني النزعات املصرية القديمة ومقتضيات الوقت
الحاضر،‏ وأنه نجح في عمله وعرض ما صو َّره على الإنجليز فأعجبوا به،‏ وقالوا إنهم لا
يستطيعون تقليد هذا الرسم الشرقي،‏ لأنه وسط بني الفن الشرقي القديم والفن الغربي
الحديث،‏ وقالوا إنها تشبه عمل الآلات امليكانيكية إتقانًا وجودة،‏ وأوصوه بالاستمرار في
العمل وتمنوا له النجاح.‏
وقال هذا الفنان إنه استطاع أن ينشئ مدرسة على مذهبه التحق بها سبعة عشر
فنانًا مصريٍّا،‏ وقال إنه يشترط فيمن يتقدم إليه ألا ينظر مطلقًا إلى الناحية املادية،‏ ومن
أجل ذلك حرم عليهم بيع اللوحات أو املطالبة بترقيات وعلاوات.‏ فحمدت الله أن يكون
في مصر ثمانية عشر راهبًا فنيٍّا.‏ وأتمنى لك عند رجوعك أن تكون راهبًا علميٍّا والسلام.‏
46