Al-Multaka-April09
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
Magazine 13/4/09 15:43 Page 12<br />
بيئة<br />
بيئة لبنان بين الإهمال والتصهر<br />
قفزت البيئة إلى صدارة الإهتمامات لدى اللبنانيين على كل<br />
المستويات، وذلك بعدما تحوّلت إلى هاجسٍ يومي نتيجة التغيرات<br />
''التراجيدية'' التي تعرضت لها، وبخاصة خلال السنوات الشلاش<br />
الماضية.<br />
وهذه التغيرات هي نتيجة عوامل متعددة ومتشعبة يمكن لنا تصنيفها<br />
ضمن فئتين رءيسيتين، الأولى تنضوي تحت فئة التغيرات المناخية<br />
التي لا تستشني أي بلد في العالم، أمّا الشانية فهي نتيجة الإهمال المزمن<br />
الذي تعانيه البيئة اللبنانية والتي كان لها الأثر الأكبر في ''صياغة''<br />
هذه التراجيديا. وإذا كان لا طاءل من الهديش عن كيفية مواجهتنا<br />
لعوامل الفئة الأولى كونها ظاهرة عالمية وتتخطى إمكانياتنا، فإنّ<br />
الغريب هو الإمعان في التقصير لمواجهة الفئة الشانية وبخاصة ضمن<br />
فئات اجملتمع؛ وهذا ما أدى بطبيعة الهال إلى تفاعلٍ أسرع لعوامل<br />
التغيرات المناخية ضمن البيئة اللبنانية، والتي من أبرز نتاءجها<br />
الهالية تمدد ظاهرة التصّهر أكثر فأكثر في كل المناطق، ساحليةً<br />
كانت أو جبلية! فالإهمال المتراكم في التعاطي مع الملف البيئي منذ<br />
سنوات حتى اليوم أدى إلى تفاقم أضراره، لتبلغ اليوم حدًا فاقت كل<br />
التوقعات.<br />
والإهمال الذي نتهدش عنه، لا يشمل فقط عدم توفر التقنيات<br />
اللازمة لتنقية أجواءنا ومياهنا من تلوّش المصانع أو المركبات على<br />
إختلافها، أو غيرها من الوساءل التي ولا شك يتهمّل أصهابها<br />
والجهات المعنّية بالرقابة عليها مسوءولية كبيرة في تلويش أهم مصادر<br />
البيئة. بل إنّ الإهمال الأخطر والذي يقضّ أسس البيئة إنما يكمن<br />
في القضم التدريجي لمعالم البيئة في لبنان وللمساحات الخضراء<br />
تحديدًا، سواء عبر قطع الأشجار، أو العجز عن مكافهة الهراءق،<br />
أو الكسارات! فهذه الآفات تتسبب سنويًا في إلهاق خساءر فادحة<br />
تطال آلاف الهكتارات من الأراضي، وتقضي على مئات الأشجار<br />
المعمّرة التي بفضلها عُرف لبنان ''بواحة الشرق''. والموءسف أنّ<br />
جميع هذه الأخطار إزدادت منذ تسعينيات العقد الماضي، بدل من<br />
أن تتقلص مع إنتهاء الهرب الأهلية التي شكلّت الشرارة الأولى<br />
لإنطلاقتها.<br />
ومع إعترافنا الكامل بمسوءولية عدد من المرجعيات المعنّية بمراقبة<br />
وملاحقة المُخلّين، ولا سيّما فيما يعود لعمل الكسّارات والمرامل، إلا<br />
أنّ مسوءولية المواطن لا تقل شأنًا التي ينبغي أن يتهمّلها بالدرجة<br />
الأولى، وتحديدًا فيما يعود لعمليات قطع الأشجار الهرجية<br />
وللهراءق، التي للأسف يقع البعض منها نتيجة السهو عن مراقبة<br />
المواد المشتعلة سواء خلال التنّزه أو برميها من المنازل والمركبات،<br />
ناهيك طبعًا عن أصهاب الضمير الميت الذين يتعمدّون إشعال<br />
الهراءق لغاياتٍ ضيّقة وآنية. ونتيجةً لهذه العوامل، فقد اصبه لبنان<br />
من الدّول ذات الغطاء الهرجي المنخفض التي تقل فيها نسبة<br />
المساحات الخضراء عن ال ١٣٪. ونكتفي في هذا السياق بالإشارة<br />
إلى أنّ نسبة الهراءق الأخيرة التي ضربت لبنان خلال العامين<br />
الماضيين، قضت على نسبة تعادل ٠,٢٥٪ من إجمالي مساحة<br />
لبنان! ولا شك في أنّ هذه النتاءج تُشكل تهديدًا خطيرًا وكبيرًا للنظام<br />
الإيكولوجي في لبنان، ومن شأنه أن يوءدي في حال لم تتم المعلاجة<br />
السريعة إلى إفقار التربة وتناقص المياه الجوفية، وبالتالي سيطرة<br />
التصّهر. ومن المعلوم مدى أهمية البيئة كركيزة للإقتصاد من حيش<br />
ما توفره من موارد مصدرها الأساسي طبيعة لبنان الفريدة، فمن<br />
أين ستأتي هذه الموارد إذا ما تصّهرت هذه الطبيعة؟<br />
وإننا اليوم نتوّسم خيرًا لجهة إعطاء الملف البيئي الأهمية التي يستهقها<br />
على الصعيد الرسمي بعدما قفز إلى صدارة الاولويات، وهذا نلمسه<br />
بشكلٍ واضه في الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية والبلديات<br />
بالتعاون مع وزارة البيئة؛ حيش تمّ جمع التبرعات لشراء المعدّات<br />
اللازمة لمكافهة الهراءق، بينها طاءرات متخصصة، وأيضًا تدريب<br />
العديد من الكوادر البشرية وتأهيلها في هذا اجملال. وبموازاة هذه<br />
الجهود فإننا نلهظ إنكباب العديد من هيئات اجملتمع المدني على متابعة<br />
الملف البيئي. ونأمل في أن تُساهم جهود هذه الهيئات في ترسّيخ<br />
أهمية البيئة في وعي المواطنين على إختلافهم، وذلك قبل أن تُصبه<br />
البيئة تراثًا لا ندري عندها إذا ما كان يصله للإستفادة منه بأي<br />
شكل.<br />
١١