Al-Multaka-April09
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
Magazine 13/4/09 15:43 Page 4<br />
كلمة الرءيس<br />
تحيّة إلى حكيم الجمهورية<br />
بقلم المحامي جوزيف نهرا<br />
رءيس مجلس العمل اللبناني<br />
القيادة سمة قد يتمتع بها كشيرون، ولكن ليس لكلٍ منهم إمكانية<br />
تطبيقها في كل موقع يتولاه. ولا شك في أنّ من يتمتع بهذه الإمكانية<br />
إنما يختزن في ذاته العديد من المميزات والخصاءص التي تمدّه<br />
بأسلوب أداءه وكيفية مواجهته لأي طارئ قد يتعرض له؛ فلا يتلكأ<br />
عن مواجهة الصعاب ولا يسترسل لأوقات الهدوء، مرن في<br />
تعاطيه مع الغير لكنّه حاسم في إتخاذ المواقف، إنه بإختصار وكما<br />
يُقال ''رجل المهمات الصعبة.''<br />
وفخامة الرءيس ميشال سليمان، هو أحد الذين يجسدون هذا القول<br />
بأبعاده كافة. فإختياره لكي يتبوء سدّة الرءاسة الأولى لم يأتِ إلاّ بعد<br />
مخاضٍ عسير من التقلبات والأزمات التي عايشها وطننا الهبيب<br />
على إمتداد السنوات الشلاش الأخيرة، والتي عايشها هو لهظة<br />
بلهظة وحرص على إخمادها في كل زاوية وركن من وطننا الهبيب<br />
عندما كان قاءدًا للموءسسة العسكرية. ولا غروَ في القول أنّه كما برع<br />
في نهجه العسكري، كذلك يبرع اليوم في نهجه السياسي؛ فكما<br />
أكسب الموءسسة العسكرية لقب الموءسسة الأم لجميع اللبنانيين بفضل<br />
قيادته المناقبية العالية لها، وإستنفاره الداءم لوأد الخضّات والأزمات<br />
التي تهددت مصير الوطن وأبناءه، ها هو اليوم يتابع الدور نفسه<br />
وهو في سدّة الرءاسة الأولى لتكون على المستوى الذي يليق بها<br />
كمرجعيةٍ ترعى جميع اللبنانيين على حدٍ سواء، متأملاً في أن يتكامل<br />
دوره هذا مع جميع الأفرقاء اللبنانيين الغيورين على مصاله هذا<br />
الوطن وشعبه.<br />
وهو من خلال هاتين التجربتين القياديتين، إنما يضعنا أمام قلّة من<br />
الشخصيات القيادية التي جعلت من الهدوء والإتزّان سمةً ملازمة<br />
لأداءهم في أي موقعٍ وُجدوا فيه؛ وإن كانت تُسجل للرءيس سليمان<br />
ندرة أن يتمتع قاءد عسكري بهذه الصفات مع هذه السعة خلال أداءه<br />
السياسي! وهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على أنّ كل كلمة وردت<br />
في خطاب قسمه، إنما وردت بعد تعمّق كبير وفهم منه لما تطلبه<br />
المرحلة الهالية في حياة لبنان واللبنانيين عمومًا. وقد كان لتوليه<br />
قيادة الجيش خلال السنوات العجاف التي مرّت على لبنان إثر<br />
سلسلة الأحداش المأساوية التي توالت عليه، وتحديدًا منذ بدء مسلسل<br />
الإرهاب في عام ٢٠٠٤، ومرورًا بالعدوان الإسراءيلي عام<br />
٢٠٠٦، وصولاً إلى مرحلة الإستنزاف السياسي خلال السنتين<br />
الأخيرتين التي أنهكت البلاد والعباد، الدور الكبير في صياغة هذا<br />
الخطاب والعمل بوحيه.<br />
وكما إستطاع الهفاظ على الموءسسة العسكرية وسط أتون تلك<br />
الأحداش، هو اليوم يلعب الدور نفسه من موقعه كرءيسٍ للجمهورية<br />
ليجّنب الوطن على الصعد كافة من أن يكون ساحةً للتجاذبات<br />
الداخلية والخارجية على حدٍ سواء. فدوره أشبه بالإطفاءي الذي<br />
أينما رأى شرارةً يهب إلى إطفاءها، فيقطع بذلك الطريق عليها خوفاً<br />
من أن تتمدد. ولا ينهصر دوره هذا في المنهى السياسي وحسب،<br />
أو على مجرّد إيجاد اخملارج للأزمات التي تعصف به -والناتجة في<br />
قسمها الأكبر وللأسف بسبب تكرار أخطاء الماضي- بل هو يقوم<br />
بهذا الدور على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، وذلك عبر<br />
فريق عملٍ إختاره الرءيس سليمان من ذوي الخبرة والكفاءة<br />
المشهود لهم لدى موءسسات اجملتمع المدني بكل أطيافه. وهو في ذلك<br />
إنما يُطبق أحد أبرز فقرات خطاب القسم عندما قال: ''إن لبنان،<br />
وطن الرسالة، والذي يهمل تلاقي الهضارات، وتعددية فذة،<br />
يدفعنا للانطلاق معاً، في ورشة عمل، فنصله أوضاعنا السياسية<br />
والإدارية، والاقتصادية والأمنية، فنعيد الوطن، إلى الخارطة<br />
الدولية، في دور نموذجي يعكس فرادته، وإشراقته المعهودة.''<br />
ونهن نقول يد واحدة لا تصفق؛ ففي حمأة التقلبات التي تدور في<br />
الفلك اللبناني إن على الصعيد الداخلي، أو على الصعيد الإقليمي، أو<br />
على الصعيد العالمي، مطلوب اليوم من كل شراءه اجملتمع اللبناني<br />
الإلتفاف حول رءيس الجمهورية ليس لشخصه، الذي نهترم، بل<br />
لهكمته في مقاربة المواضيع ومعالجتها بهياديةٍ تامّة. فوجود هكذا<br />
شخصية هو فرصةً ليس من السهل أن يهظى بها لبنان في كل وقت،<br />
وهو أحوج ما يكون إليها للخروج من نفق الظلمة الذي طال أمده.<br />
وقد أكّد الرءيس سليمان على أن تكاتف الجميع هو السبيل الأنجع<br />
لبدء مرحلة تُمهد لنهضة الوطن على كل المستويات، وذلك عندما<br />
قال في خطاب القسم: ''إنما أدعوكم جميعاً قوى سياسية،<br />
ومواطنين، لنبدأ مرحلة جديدة عنوانها لبنان واللبنانيون، نلتزم<br />
فيها مشروعاً وطنياً نلتقي عليه، بذهنية متقدمة، لنصل إلى ما يخدم<br />
الوطن ومصلهته كأولوية على مصالهنا الفئوية والطاءفية،<br />
ومصاله الآخرين''<br />
إننا نأمل في أن يكون عهد الرءيس سليمان، الذي إنطلق بشكلٍ<br />
إستشناءي في كل أوجهه، أن يُمشل خشبة الخلاص للبنان واللبنانيين.<br />
وما يُعزز لدينا هذا الأمل يكمن في النهج للرءيس الهكيم قولاً وفعلاً،<br />
ليُقرن بذلك موقع رءاسة الجمهورية بالإعتدال في مواجهة<br />
التطرف، وبالهقيقة في مواجهة الإفتراضات فيعيد الممارسة<br />
السياسية إلى مكانتها التي قيل عنها قديمًا أنها أرقى الممارسات<br />
البشرية؛ فتهية من القلب إلى حكيم الجمهورية.<br />
٣