24.03.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 04

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الذي اتسوق به،‏ ولتعلقي بهذه الفتاة البغدادية

رسمت لها من الذاكرة العديد من التخطيطات

السريعة ‏)باالبيض واالسود(‏ قبل أن التحق

مبعهد الفنون اجلميلة.‏ وعندما بدأ الدوام يف

املعهد بداية شهر ايلول ‏)سبتمبر(‏ كنت اتنقل

يوميا ما بني الكرادة واالعظمية بواسطة

الباص االحمر ‏)باص االمانة(‏ حيث كنت اقطع

نفس الطريق ذهابا وايابا اتطلع مبتعة كبيرة

الى وجوه الناس والسيارات واالبنية وواجهات

احملالت،‏ وقد حفظت عن ظهر قلب معظم

الفتات االطباء واحملامني واملصورين وبائعي

الساعات والنظارات الطبية واملطاعم واملقاهي

وغيرها على جهتي شارع الرشيد.‏

كان معهد الفنون اجلميلة يقع مقابل البالط

امللكي يف منطقة الكسرة يف االعظمية ، وكنا

نشاهد من بعيد امللك فيصل الثاني حني يغادر

البالط وقت الظهر متوجها الى قصر الزهور.‏

يف احد االيام كنت وزميل لي نقف وحدنا يف

محطة الباص املجاورة للبالط عندما مرت

سيارة الروزرايس امللكية فبادرنا امللك بالتحية

مبتسما وملوحا لنا بيده ففرحنا بذلك فرحا

عظيما غير مصدقني اعيننا،‏ وعندما وصلت

الى البيت كنت اكرر الرواية للجميع فخورا بان

امللك هو الذي سلم علينا قبل ان نسلم نحن

عليه.‏

كان مجتمع معهد الفنون اجلميلة،‏ مزيج

طريف من الشباب القادمني من مختلف املدن

العراقية ومن مختلف الديانات واالعراق

واملذاهب،‏ اي انه كان النموذج املصغر

لفسيفساء املجتمع العراقي،‏ وكنا يف غاية

السعادة معا سواء اثناء الدراسة الصباحية او

املسائية،‏ وعندما كنت ازور بعض من اصدقائي

الساكنني يف القسم الداخلي يف الوزيرية

ومنهم محمد راضي عبداهلل ‏)البصرة(‏ ومظفر

العابد ‏)املوصل(‏ وموفق الوكيل ‏)كركوك(‏ كنا

نذهب سوية الى املقهى يف منطقة الكسرة

او الى سينما اخليام يف الباب الشرقي أو

رمبا نذهب للتسكع يف شارع الرشيد أو شارع

املستنصر)النهر(‏ وهو الشارع الذي تكثر فيه

فتيات بغداد اجلميالت.‏ أما مخازن ‏)أورزدي

باك(‏ فكانت من االمكنة احملببة لدي،‏ وقد

زرتها بادئ االمر ال حتقق من رواية حكتها

لنا خالة ابي عندما عادت من بغداد يف اوائل

اخلمسينات،‏ كانت تقول:‏ زرنا دكانا كبيرا

جدا يف شارع الرشيد وعندما اردنا النزول

من الطابق العلوي اجلسونا على قنفة ‏)اريكة(‏

وبلمح البصر اصبحنا يف الشارع دون ان

نعرف كيف مت ذلك.‏ وقد ضحكت كثيرا عندما

اكتشفت بعد كل تلك السنني بان هذه االريكة

لم تكن اال املصعد الكهربائي ألورزدي باك

نفسه.‏

كان معهد الفنون اجلميلة آنذاك مركزا

فنيا وثقافيا مهما عندما كان عميده املوسيقي

املعروف الشريف محي الدين حيدر وهو من

العائلة املالكة واستاذ الرسم فيه فائق حسن

والنحت جواد سليم والتمثيل حقي الشبلي

واملوسيقى جميل بشير وغيرهم من الرسامني

والنحاتني واملسرحيني واملوسيقيني الكبار،‏

كانت اهم النشاطات الثقافية تقام على قاعاته

كاملعارض الفنية واملسرحيات واحلفالت

املوسيقية،‏ وكان اهالي بغداد يأتون من كل

حدب وصوب ليحضروا هذه الفعاليات الن

املعهد كان واحدا من املراكز القليلة التي تقدم

هذه البرامج الفنية املنوعة واجلادة،‏ وكنا نحن

الطلبة نتابع ونشارك يف هذه النشاطات مبتعة

كبيرة.‏

كنت أرى مدينة بغداد يف ذلك الزمان،‏ مدينة

9

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!