24.03.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 04

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

خمسون عاماً‏ من فن احلفر والطباعة )١٩٦٣- ٢٠١٣(

منذ صدور كتابه املوسوم ‏»رحلتي إلى الصني«،‏ الذي استقبل

بحفاوة،‏ بدأ رافع الناصري يوثق حياته الشخصية واملهنية

بدافع من احلنني إلى أماكن طفولته وصباه،‏ وذكرياته وتوثيق

جتربته الفنية.‏ وعلى الرغم من أنه كان يوثق يومياته بشكل

منظم أحيانان أو متقطع،‏ فقد دأب يف هاتني السنتني على

استذكار أمور تثيرها صورة متر أمامه،‏ أو كتاب أثر به،‏ أو

حدث.‏ هذا احلوار واحد من أهم الوثائق التي تتناول جتربة

رافع يف فن احلفر والطباعة بدءا من تخرجه يف األكادميية

املركزية للفنون اجلميلة يف بكني 1963، أجراه مع ذاته التي

رمز إليها باسم افتراضي هو فوّاز البندر.‏

مي مظفر

فواز البندر:‏ متى وأين تعرفت على فن احلفر

والطباعة ‏)الغرافيك(؟

رافع الناصري:‏ يف الصني عام 1959 عندما

كنت أدرس اللغة الصينية يف جامعة بكني،‏ ويف

مكتبة اجلامعة بالتحديد،‏ حني وجدت أعدادا

من مجلة الفن الصيني املعاصر ومجلة شهرية

أخرى متخصصة بفن الغرافيك الصيني

املعاصر،‏ وقد أعجبت بهما،‏ وبأعمال احلفارين

الصينيني ‏)ومنها أعمال أساتذتي الذين كانوا

سيدرسونني الحقا(‏ رغم تواضع طباعتها على

ورق اجلرائد وباألسود واألبيض فقط متاشيا

مع الوضع االقتصادي الصعب الذي كانت

متر به الصني آنذاك،‏ وعندما قدمت أوراقي

إلى األكادميية املركزية للفنون اجلميلة كنت

قد اخترت وبقناعة كاملة،‏ دراسة فن احلفر

والطباعة ‏)فن الغرافيك(.‏

ف.‏ ب:‏ لكن سبق أن عرضت بعض اللوحات

املطبوعة يف املعرض الصيني الكبير الذي أقيم

على قاعة معهد الفنون اجلميلة يف ربيع عام

1959 قبل سفرك إلى الصني

ر.ن:‏ نعم كانت،‏ ولكننا لم نكن منلك معلومات

كافية عن هذا الفن،‏ إنه جديد علينا.‏ يف هذا

املعرض كما أتذكر،‏ كانت هناك مجموعة من

لوحات الفنان الصيني الكبير ‏)چي باي شي(‏

وقد كنا نحسبها لوحات أصلية مرسومة

باحلبر الصيني،‏ بسبب دقتها وقربها من اللوحة

األصلية.‏ لكنني اكتشفت الحقا وأنا يف بكني

بأن هذه اللوحات مطبوعة بواسطة احلفر

على اخلشب،‏ وقد استخدموا يف طباعتها نفس

األلوان واألوراق التي كان يستخدمها الفنان،‏ أي

األلوان املائية واحلبر الصيني على ورق الرز،‏

وهي تقنية طباعية قدمية ينفرد بها الصينيون

عن باقي بلدان الشرق األقصى.‏

ف.ب:‏ هل تذكر اللوحة األولى التي حفرتها

وطبعتها يف األكادميية املركزية؟

ر.ن:‏ طبعاً،‏ كانت تكويناً‏ أكادمييا ملوضوع ‏)حياة

جامدة(‏ يتكون من منضدة يغطيها قماش من

احلرير األسود ومزهرية خزف قدمية بلون

أزرق وأزهار طبيعية مختلفة األحجام واأللوان،‏

وكان الدرس األول بإشراف الفنان الكبير ‏)لي

خوا(.‏ لقد استغرقت عملية الرسم واحلفر

والطباعة أسبوعا كامال،‏ لكن النتائج كانت

موفقة إلى حد ما لصعوبة التجربة األولى

ومنها احلفر يف مساحة ال تتجاوز حجم 20*15

‎٠‎سم على خشب اخلوخ الصلب،‏ أما الطباعة

فكانت من أصعب املراحل،‏ بسبب نوعية الورق

أوالً‏ ونوعية احلبر الطباعي ثانياً،‏ ففي حالة

طباعة احلفر على اخلشب،‏ كان علينا استخدام

أرق ما يتوفر من الورق الصيني،‏ وهو ورق جيد

حتما،‏ على العكس من نوعية احلبر التي كانت

غير جيدة،‏ بسبب ظروف الصني االقتصادية

عامة والصناعية خاصة،‏ على كل حال،‏ بدأت

بالطباعة بعد أن أكملت احلفر وألول مرة يف

حياتي،‏ وإذا بالورق يتمزق أمام عيني يف كل

محاولة،‏ رمبا من شدة الضغط،‏ أو رمبا بسبب

زيادة كمية احلبر املستعمل على سطح اخلشب

احملفور.‏ حينذاك بدأت انزعج قليالً‏ من هذه

النتائج غير السارة،‏ لكن زميلتي الصينية ‏)شياو

فو(‏ التي جتلس قريبة من طاولتي همست لي

مبتسمة،‏ قائلة:‏ ‏»على مهلك أيها الزميل العراقي

على مهلك«،‏ عندها أدركت بأنني كنت متسرعا

بتنفيذ هذه العملية التي تستوجب الصبر

والهدوء،‏ ذلك ألنني كنت متشوقا لرؤية نتائج

اللوحة األولى.‏

ف.ب:‏ وماذا عن بقية التطبيقات واملواضيع

التي مارستموها خالل هذه الدروس؟

ر.ن:‏ كانت منوعة،‏ مثل مواضيع الزهور والطيور

واحليوانات والوجوه ‏)بورتريت(‏ ومشاهد

من الطبيعة ومن احلياة اليومية،‏ لكن أهم

تلك املواضيع كان اختيار مناظر من القصور

اإلمبراطورية التاريخية وإبراز طرز عمارتها

وأشجارها الباسقة وخاصة ذوات األوراق

الشوكية.‏ كنا نرسمها مباشرة على قطعة

اخلشب،‏ ومن ثم نحفرها ونطبعها عند عودتنا

إلى األكادميية.‏ كانت هذه التدريبات واملمارسات

املتنوعة من أجل إتاحة الفرصة للطلبة للتعرف

على معظم التقنيات واألدوات واملواد والوسائل

الوسيطة واستخداماتها القدمية واحلديثة،‏

وعندما أقول احلديثة فإنني اقصد بها تلك

احلملة التي قالها املفكر واألديب الصيني ‏)لو

شون(‏ يف شنغهاي يف العشرينيات من القرن

العشرين،‏ مؤكداً‏ أهمية الفن والطباعة يف نشر

األفكار اجلديدة.‏

ف.ب:‏ وماذا عن الدروس املكملة لالختصاص؟

ر.ن:‏ كان أهمها دروس الرسم باأللوان املائية

والرسم باحلبر على الطريقة الصينية.‏ لكن

األهم من بني تلك الدروس،‏ كان درس التخطيط

بالقلم الرصاص والفحم ومواد أخرى،‏ وخاصة

رسم املوديل رجاالً‏ ونساءً‏ وهم عراة متاماً،‏ كانت

اللوحة تستغرق أسبوعني من العمل الدؤوب،‏

222

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!