24.03.2021 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 04

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

العربية إلى اللوحة،‏ مثل مديحة عمر وجميل

حمودي ولم نكن يف العراق قد اطلعنا على

تلك التجارب إال من خالل بعض الصور لها.‏

أما جتربة عصام السعيد يف استخدام الكتابة

العربية يف اللوحة،‏ والتي ظهرت يف مطلع

الستني حسب علمي،‏ فلم تُعرف إال يف أواسط

الستني عندما أقيم معرض شخصي له هناك

يف عام ‎1965‎م.‏ غير أن جتربتي يف استخدام

احلرف العربي جاءت من رغبتي يف تكوين لوحة

جتريدية ذات مالمح خاصة بي،‏ بوصفي فنانا

له خلفية ثقافية مغايرة للمحيط الذي كنت فيه،‏

أي يف البرتغال.‏ فجاء احلرف العربي مالئما

لتحقيق هذا العمل.‏

« لقد استغرق هذا التحول وقتا طويال.‏

كنت أرسم يف البداية موضوعات واقعية بأسلوب

تعبيري رمزي،‏ ثم أحسست فجأة برغبة يف

التحول كليا إلى األسلوب التجريدي.‏ كان علي

أن أبحث عن عناصر جديدة،‏ ووجدت ضالتي

يف احلرف العربي.‏ استخدمت احلروف ذات

االمتدادات واالنحناءات املنسابة كالواو والهاء

وامليم والسني«.‏

- حني عدت إلى العراق يف 1969، وعرضت

أعمالك يف بغداد ثم بيروت،‏ كيف استُ‏ قبلت

هذه التجربة؟

رافع:«‏ يف بداية األمر البد من توضيح.‏ كان فن

احلفر والطباعة ‏)غرافيك(‏ عامة قد شاع يف

أوربا وراج كثيرا بعد احلرب العاملية الثانية.‏

وعلى الرغم من أن هذه التقنية متارس على

امتداد قرون قبل ذلك،‏ فإنها ظلت مقتصرة

على عدد قليل نسبيا من الفنانني يف العالم.‏

أما يف العالم العربي فلم يكد يعرف هذا الفن

قبل عقد الستني من القرن العشرين.‏ تضمن

املعرض الشخصي الذي أقمته يف بغداد ثم

يف بيروت أعماال غرافيكية فقط.‏ كما أن هذه

األعمال جاءت بصياغة جديدة لم تكن معروفة

يف عاملنا العربي.‏ وهي تقنية اكتشفها الفنان

البريطاني هيتر،‏ وتتلمذتُ‏ عليها يف البرتغال،‏

تعتمد استخدام األلوان يف احلفر على الزنك

باستخدام ‏»كليشيه«‏ واحدة،‏ مع استخدام بكرات

حديدية مختلفة ( .)rollers والذين استخدموا

طريقة ‏»هيتر »Stanley .W Heyter هذه قلة

يف العالم.‏ فحني التحقت باألكادميية الصيفية

يف سالزبورغ ‏)النمسا(‏ يف صيف 1974، كنت

الوحيد يف مشغل احلفر التابع لألكادميية

الذي يستخدم هذه التقنية،‏ وقد طلب مني

األستاذ املشرف على املشغل،‏ وكان أملانيا،‏ أن

أقدم ورشة عمل الطالع الفنانني املشاركني،‏

وكانوا من جنسيات مختلفة،‏ على هذه التقنية

اجلديدة«.‏

- ظلت جتربتي الرسم واحلفر

‏)الغرافيك(‏ متالزمتني لديك،‏ ما مدى تأثير

بعضهما يف البعض اآلخر،‏ وإلى أي من الفنني

تشعر بانتماء أكبر؟

رافع:«‏ هما جتربتان متالزمتان.‏ حني كنت يف

معهد الفنون اجلميلة درست فن التصوير وكنت

منذ البداية أقوى أداء يف اخلط من اللون،‏

وحني تعرّفت إلى فن احلفر يف الصني وجدته

منسجما معي،‏ وتخصصت به.‏ ومع استخدامي

احلرف العربي وجدت يف احلرف ما ميكن أن

يضيف إلى جتربتي متيّزا.‏

« احلفر يف األساس يعتمد على الرسم

دون التلوين.‏ كانت أعمالي األولى حفر على

اخلشب )woodcut( باألبيض واألسود.‏ والبعض

منها كان ملونا،‏ وأحب أن أؤكد هنا أن فن احلفر

على اخلشب يف الصني تستخدم فيه األلوان

املائية،‏ وهي تقنية خاصة بهم.‏ وكانت املرة األولى

التي أتفرغ فيها للرسم بانتظام،‏ ويف عزلة عن

الغرافيك،‏ أثناء إقامتي يف البرتغال عام ‎1968‎م،‏

وذلك بعد اكتشايف ملادة األكريليك التي وجدت

فيها قدرة هائلة على تنفيذ أفكاري بسرعة

وشفافية.‏ لذلك فإنني أستطيع القول إن بداية

جتربي يف الرسم باملعنى االحترايف بدأت من

ذلك التاريخ.‏ ومن هنا أيضا بدأ التأثير املتبادل

بني الرسم واحلفر:‏ بني اللون واخلط،‏ بني الكتلة

والفراغ،‏ بني الظل والضوء«.‏

- عدت من البرتغال إلى بغداد يف صيف

عام ‎1969‎م،‏ وعدت إلى التدريس يف معهد

الفنون اجلميلة يف بغداد،‏ وكانت معك حصيلة

كبيرة من أعمال احلفر،‏ فهل تواصلت مع

الفنني معً‏ ا؟

رافع:«‏ يف بغداد لم تكن لدي أية وسيلة ملمارسة

احلفر والطباعة ‏)غرافيك(‏ آنذاك،‏ فانغمرت

يف الرسم.‏ ويف هذه املرحلة بدأت اتصاالتي

مع زمالئي الفنانني.‏ تعرفت إلى ضياء العزاوي

وسرعان ما وجدنا انسجاما يف توجهاتنا

وتطلعاتنا،‏ كما كان محمد مهر الدين زميلي

يف املعهد،‏ وكنا لم نزل نعيش صدمة اخلامس

من حزيران ‏)‏‎1967‎م(‏ وتداعياتها.‏ فشكلنا معا

مجموعة ضمت إلينا،‏ إضافة للعزاوي ومهر

الدين،‏ كال من هاشم سمرجي وصالح اجلميعي

وإسماعيل فتاح،‏ وصدرنا بيانا فنيًا يحدد

مواقفنا من عدد من القضايا الفنية كقضية

احلرية يف الفن،‏ والتواصل مع التراث والتعامل

معه بحرية وشفافية.‏ وكان القصد من البيان دفع

احلركة الفنية إلى مديات أبعد،‏ وحتفيز اجلهود

بعد الهزة التي تعرضنا لها على أثر النكسة.‏

وبدأت اجلماعة أولى نشاطاتها مبعرض

مشترك أقيم على قاعة املتحف الوطني للفن

احلديث يف بغداد عام ‎1971‎م ضم أربعة من

هذه املجموعة فقط،‏ إذ لم يشارك يف العرض

كل من محمد مهر الدين وإسماعيل فتاح.‏ كان

لكل منا جتربته اجلديدة التي شكلت مبجموعها

يف هذه املعرض حدثا فنيا يف احلياة الثقافية

أثار اهتمام املشاهدين والنقاد ملا تضمنه من

توجه جديد سواء يف التعبير أو التقنيات«.‏

- لنقف عند هذه التجربة التي تعد أول

ظهور لتجربتك الفنية يف الرسم باألكريليك.‏

يف هذا املعرض بالتحديد عرضت مجموعة

أعمال تعتمد يف تكويناتها مساحات لونية كبيرة

صافية تتقاطع مع خطوط أفقية أو طولية

على لوح )board( مربع أو معيني الشكل،‏ وقد

أثارت أعمالك الكثير من التساؤالت.كانت تلك

أعماال جتريدية هي أقرب إلى فن التصميم

منها إلى الرسم.‏ واستمرت معك هذه النزعة

التجريدية احلادة لسنوات الحقة.‏ فمتى انتهت

هذه املرحلة؟

رافع:«‏ يف البدء أحب أن أبنيّ‏ أن أي لوحة

فنية مرسومة سواء بأسلوب أكادميي أو غير

أكادميي،‏ ذات أشكال مشخصة أو خالية من

أية شخوص،‏ تعتمد يف األساس على كمٍّ‏ من

التصميم يزيد أو ينقص تبعًا لطبيعة التكوين

واألسلوب الذي رسمت فيه اللوحة.‏ يف تلك

التجربة عمدت إلى إنتاج لوحة حديثة ال تضع

حدودا بني األساليب والتقنيات.‏ واعترف بأن

السمة الغرافيكية قد طغت يف تلك املرحلة على

روحية اللوحة املرسومة«.‏

- كان يف تلك التكوينات ذات املساحات الفارغة

واخلطوط احلادة التي تقطع اللوحة بشكل ما

الكثير من االنضباط والتقسيم املدروس ‏)الذي

مييز األعمال الهندسية مثال(،‏ بينما يتطلب

فن الرسم حرية أكبر يف األداء،‏ كما أن اللوحة

بألوانها الصافية فوق سطح اللوحة كادت تخلو

238

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!