You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
و كيف إستجاز كتمان دين االله و قد قال تعالى لتبيننه للناس و لا تكتمونه تنبها على أن الدين لا<br />
يحل كتمانه و إن زعموا أنه يجب إخفاؤه فنقول ما أوجب الرسول ص - إخفاؤهمن سر الدين<br />
كيف حل لكم إفشاؤه والجناية في السر بالإفشاء ممن اطلع عليه من أعظم الجنايات فلولا أن<br />
صاحب الشرع عرف سرا عظيما و مصلحة كلية في إخفاء هذه الأسرار لما أخفاها و لما كرر<br />
هذه الظواهر على أسماع الخلق و لما تكررت في كلمات القرآن صفة الجنة و النار بألفاظ<br />
صريحة مع علمه بأن الناس يفهمون منه خلاف الباطن الذي هو حق و يعتقدون هذه الظواهر<br />
التي لا حقيقة لها فإن نسبتموه إلى الجهل بما فهمه الخلق منه فهو نسبة إلى الجهل بمعنى الكلام إذ<br />
كان النبي صلى االله عليه و سلم يعلم قطعا أن الخلق ليس يفهمون من قوله و ظل ممدود و ماء<br />
مسكوب و فاكهة كثيرة إلا المفهوم منه في اللغة فكذا سائر الألفاظ ثم مع علمه بذلك كان يؤكده<br />
عليهم بالتكرير و القسم و لم يفش إليهم الباطن الذي ذكرتموه لعلمه بأنه سر االله المكتوم فلم أفشيتم<br />
هذا السر و خرقتم هذا الحجاب و هل هذا إلا خروج عن الدين و مخالفة لصاحب الشرع و هدم<br />
لجميع ما أسسه إن سلم لكم جدلا أن ما ذكرتموه من الباطن حق عند االله و هذا لا مخرج لهم عنه<br />
فإن قيل هذا سر لا يجوز إفشاؤه إلى عوام الخلق فلهذا لم يفشه رسول االله صلى االله عليه و سلم و<br />
لكن حق النبي أن يفشيه إلى سوسه الذي هو وصية و خليفته من بعده و قد أفشاه إلى علي دون<br />
غيره قلنا و علي هل أفشاه إلى غير سوسه و خليفته أم لا<br />
محمد بن محمد بن محمد الغزالي أبو حامد-فضائح الباطنية 63