AlHadaf Magazine - December 2014
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
وجع يمشي على قدمين!<br />
شاركت في حديث عن لبنان الجميل، كيف تغير، فأصبحت مشاهد<br />
الفقراء والمهاجرين تموج في شوارعه كالموج الهادر.<br />
د. عالية شعيب<br />
ففي قلب بيروت، وفي شارع الحمرا، تجد عائالت كاملة، تعيش على ألواح<br />
الكرتون بجانب المحالت التجارية التي تبيع بضائعها بمئات الدوالرات،<br />
واإلنسان خارجها رخيصاً، بأقل من دوالر، لقمة سائغة للحرب والسياسة<br />
والصفقات المشبوهة.<br />
وحشية وقسوة وحرمان ال يوصف... وجع يمشي على قدمين!<br />
وأخذتني األقدار والصدف إلى “جمعية المرأة للمودة والرحمة” في جبل<br />
لبنان )عاليه(، وذهلت للجهود التي يبذلها أصحاب الجمعية إلطعام<br />
وكساء األسر المهاجرة هرباً من الحروب، واأليتام وغيرهم.<br />
أوجاع ال توصف، وقهر وحرقة على أهل قتلوا بالحرب، وتشرد وتهجير،<br />
وأسئلة بال إجابات...<br />
twitter@aliashuaib<br />
facebook@aliashuaib<br />
blog@aliashuaib<br />
aliashuaib.net<br />
هناك التقيت ببيان، الطفلة السورية الجميلة التي شوهت وجهها بقايا<br />
قذيفة ألقيت بالقرب منها، حكت لي، كيف هربت هي وأخوها معاذ، وتاهت<br />
عن أمها وأبيها، ولجأت إلى الجمعية، والتزال تبحث عن والديها.<br />
وغيرها العشرات، كل يحمل وجعه وألمه وصراخه... هذا يبحث عن<br />
تمرة، وآخر عن قطعة تناسبه في أكوام المالبس المستعملة، وآخر<br />
سارح في منظر الجبل على الشرفة... تنهدات وهمسات ودموع وجراح<br />
وتشوهات.<br />
و”هات لك قلب” يتسع لكل هذا، و”هات لك ضمير” يستوعب القصص<br />
والعتب والصرخات.<br />
ال تكفي آه واحدة، وال تكفي عشرات اآلهات والصرخات.<br />
ورغم محاوالتي الحثيثة لالتصال بعشرات األصدقاء والشخصيات<br />
للمساهمة ومد يد العون، بما يستطيعون تقديمه وإرساله، إال أن قلبي<br />
انفطر ونفسي انكسرت، وأنا أصعد السيارة وأتركهم خلفي، عائدة لحياتي<br />
المترفة حيث األمان والسالم...<br />
كم صغرت الحياة في نظري، وكم شعرت باإلهانة كإنسانة ال أقدر على<br />
فعل القليل لهم، وكل ما حولي يغرق في المادية واالستهالكية واإلعالم<br />
المزيف.<br />
أما هم، فليس لهم إال اهلل يرى ويعلم وينصت... وحده الجبار القهار،<br />
وحده العالم القادر.<br />
196<br />
فنجان قهوة 196