UÉN OóY
UÉN OóY
UÉN OóY
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
.<br />
اجملاهد دماغ العتروس يروي آخر لهظات الفقيد ل''صوت الأحرار''<br />
التقته: إيمان سايه<br />
● «نهن بنو الموتى فما بالنا نعاف مما لابد من<br />
شربه..» ببيت المتنبي استقبلنا اجملاهد السيد<br />
العربي دماغ العتروس في منزله بالعاصمة،<br />
ونهن نواسيه بوفاة رفيق نضاله وصديقه<br />
العزيز كما فضل اجملاهد تسميته، وعلى الرغم من<br />
علامات الأسى التي كانت على محياه وهو يروي<br />
لنا ذكرياته مع المرحوم، غير أن الأستاذ أكد لنا أن ما<br />
يصبره على فقدان الأستاذ عبد الهميد مهري هو<br />
إيمان هذا الأخير بقضاء الله وقدره، فهو من كان<br />
يقول داءما إن الموت «هو انتقال من دار إلى أخرى»،<br />
ليوءكد لنا أنه وبوفاة المرحوم تكون الجزاءر قد<br />
فقدت واحدا من ابرز رجالاتها الذين لا يمكن<br />
تعويضهم.<br />
ولم يخف اجملاهد تأثره لعدم تمكنه من عيادة<br />
المرحوم في المستشفى العسكري الذي كان يرقد<br />
فيه قبل أن يلفظ هناك آخر أنفاسه الطاهرة، فقد<br />
رد علينا دماغ العتروس بنبرة يملوءها الأسى «لم<br />
أتمكن من زيارته في المستشفى لأسباب صهية<br />
لكنني اتصلت به ليلة نقله إلى المستشفى<br />
العسكري بعين النعجة، وكان صوته مبهوحا<br />
وعلامات التعب بادية على صوته، لكنه كان<br />
موءمنا بقضاء الله وأبلغني بأنه بصدد إجراء<br />
التهاليل ومتابعة العلاج»، ليضيف أن آخر جملة<br />
قالها له المرحوم كانت » سامحني لم أتمكن من<br />
الرد على مكالماتك فقد كنت في حضرة أسرتي<br />
التي جاءت لعيادتي بالمستشفى».<br />
وعن ذكرياته مع الفقيد، قال اجملاهد إن عبد<br />
الهميد مهري عاش جل حياته مناضلا فقد<br />
ناضل شابا في حزب «الشعب الجزاءري» ،<br />
ومارس النضال بعد تخرجه من جامع الزيتونة<br />
بتونس والتهق بتنظيم الهزب بالعاصمة وضمن<br />
الأنشطة الكشيرة التي كان يقوم بها مع كشير<br />
من الزملاء والأصدقاء، أنه كان صهفيا وكان<br />
على رأس جريدة «صوت الجزاءر» التي صدر<br />
منها أعداد قبل اندلاع الشورة اجمليدة في<br />
وعلى الرغم من أن مديرها كان المرحوم<br />
مصطفى فروخي غير أن الاعتماد كله كان على<br />
المرحوم فقد كان هو يقوم بدور المدير والمحرر<br />
والموجه في نفس الوقت، ولقد كانت صهيفة<br />
نضالية تعنى بأولويات النضال اخملتلفة وتدافع<br />
عن قضايا الجزاءر، قضايا التهرير وعلى رأسها<br />
استعادة اللغة العربية».<br />
وعاد محدثنا إلى أول لقاء جمعه بالمرحوم والذي<br />
قال إنه كان في ملفتا أنهما كانا شابين<br />
آنذاك لم يتجاوزا ال20 سنة بعد، وكان ذلك في<br />
مدينة الهروش بولاية سكيكدة وكان مهري<br />
حينها قد قدم من واد الزناتي أين تتلمذ على يد<br />
والده المرحوم الشيخ عمار أصول الفقه وحفظ<br />
القرآن الكريم والنهو، خاصة وان والده كان<br />
أستاذا ومعلما وإماما، ليضيف «علاقتنا كانت<br />
خلال الهرب العالمية الشانية، وكانت آنذاك قد<br />
بدأت حركة الكشافة الإسلامية الجزاءرية في<br />
الانتشار، كنت آنذاك مرشدا وهو على الرغم من<br />
عدم انخراطه في صفوف الكشافة غير أنه كان<br />
ينشط بكشافة نظرا لتوجهه الوطني الذي لطالما<br />
تميز به، وخلال دراسته بتونس كان مع الطلبة<br />
الجزاءريين المنضويين تحت لواء «حزب الشعب»<br />
ولقد كان يرأس الجمعية، مع مناضلين تونسيين<br />
للعمل من اجل تحرير المغرب العربي، قبل ان<br />
يعود من تونس في بداية الخمسينيات».<br />
وعاد اجملاهد بذاكرته إلى بداية مساره النضالي<br />
مع المرحوم الذي قال إنه كان رجل نضال بأتم<br />
معنى الكلمة، فقد ناضل قبل أن يكون طالبا<br />
واصل نضاله طالبا في تونس، واستمر في دربه<br />
حتى بعد تخرجه، فقد ناضل بالقلم مديرا لجريدة<br />
«صوت الجزاءر»، وعضوا باللجنة المركزية<br />
لهركة الانتصار للهريات الديمقراطية التي كانت<br />
الوجه الشرعي لهزب الشعب الممنوع آنذاك».<br />
في رثاء الراحل بوضياف<br />
وداع وعهد<br />
■ بقلم الأستاذ عبد الهميد مهري<br />
اغتيال الأخ محمد بوضياف حادش يهز<br />
بعمق عواطف كل الذين عرفوه مناضلا<br />
في سبيل تحرير الجزاءر، ومبعدا من<br />
الجزاءر لتعلقه بالديمقراطية.<br />
كيف يموت مناضل جزاءري من وزن<br />
الأخ محمد بوضياف بأيد جزاءرية؟<br />
وكيف يموت في الجزاءر، وهي تجتاز<br />
امتهانا قاسيا في مسيرتها نهو<br />
الديمقراطية، من حرم نفسه متعة<br />
العيش فيها بعد أن تحررت، لأنها لم<br />
تلبس في نظره جلباب الديمقراطية؟.<br />
يموت بوضياف وأجيال غفيرة من<br />
الشباب الجزاءري تجهل ما قدمه<br />
بوضياف من تضهيات وجهود مضنية في<br />
معركة التهرير. ويموت بوضياف وهو<br />
متهم في نظرة الكشيرين بأنه معاد<br />
للديمقراطية.<br />
هل يمكن أن يتصور كل الذين عرفوه<br />
نهاية أكشر بعدا عن تطلعاته من هذه<br />
النهاية؟، وهل يمكن لرفقاء جهاده<br />
ونضاله أن يتصوروا ظلما لتاريخه أكشر<br />
من هذا الظلم؟<br />
إن محمد بوضياف ذهب ضهية شعوره<br />
العميق بالواجب الوطني. فعندما اقتنع<br />
بوضياف أو أقنع في تحمل المسوءولية بأن<br />
الواجب يدعوه إلى الموقع الذي قاده إلى<br />
نهايته، فإنه لم يتردد. وعندما وجد<br />
الساحة السياسية في الجزاءر لا تعكس<br />
صورة الديمقراطية كما يتصورها هو،<br />
اندفع دون حسابات لتكييف هذه<br />
الساحة مع الصورة الجميلة لعروس<br />
الديمقراطية كما كان يتبناها هو<br />
للشعب الجزاءري.<br />
ولا شك أن غيابه الطويل عن الجزاءر<br />
لم يمكنه من قراءة كاملة وسليمة<br />
للتطورات التي عرفتها، وأن الظروف<br />
والأحداش التي ساقته إلى المسوءولية لم<br />
تترك له من الوقت ما يمكنه من هذه<br />
القراءة المتأنية النافذة، التي كانت<br />
لازمة لرسم أهداف المسيرة وتكييف<br />
خط المسيرة.<br />
إن موت الأخ محمد بوضياف تترك في<br />
أنفسنا حسرة وتساوءلا ملها، نهن الذين<br />
عرفناه في نضاله ومنفاه. هل عملنا كل<br />
ما نستطيع حتى لا تقترن أعماله وهو<br />
على قمة هرم السلطة، ونهايته وهو في<br />
هذا الموقع المتقدم، بظلم مر لتاريخه و<br />
ماضيه في أذهان الكشير من الشباب<br />
الجزاءري؟<br />
لقد حاولنا، وربما كنا نستطيع أكشر،<br />
وسنهاول أن نوفيه حقه علينا<br />
بمواصلة النضال الذي جمعنا في سبيل<br />
الجزاءر. سنهاول نهن البقية القليلة<br />
من جيل نوفمبر أن نواصل رسالة<br />
نوفمبر ورسالة نوفمبر اليوم هو أن<br />
يكون مصير الجزاءر في يد الشعب<br />
الجزاءري دون وصاية..<br />
أن يكون مصير الجزاءر مجسدا في<br />
موءسسات ينتخبها الشعب ويراقبها<br />
الشعب ويغيرها الشعب إذا أراد.<br />
تلك هي الرسالة التي يجب أن يجتمع<br />
حولها جيل نوفمبر، والكلمة التي نودع<br />
بها الأخ محمد بوضياف، ونهن<br />
مطمئنون إلى أنها هي التي تجمعنا به في<br />
نهاية المطاف<br />
رحم الله الأخ محمد بوضياف ووفقنا لما<br />
فيه خير الجزاءروعزتها.<br />
■ عن اجملاهد الأسبوعي<br />
1954<br />
1941<br />
مارس 2012<br />
عدد خاص 22<br />
مهري كان موءمنا بقضاء الله<br />
وقدره لآخر دقيقة في حياته<br />
«المرحوم كان صديقا وعزيزا وحبيبا وصاحب درب نضال منذ بداية<br />
الأربعينيات»، أجابنا اجملاهد العربي دماغ العتروس ونهن ننعي المرحوم عبد<br />
الهميد مهري، فقد أبلغنا الأستاذ أن الفقيد «كان متعدد الجوانب عظيما في كل<br />
شيء»، وأن ما يهز في نفسه أنه لم يتمكن من عيادته في المستشفى لأسباب<br />
صهية وأن آخر ما يتذكره عن المرحوم أنه كان متمسكا بالله وموءمنا بقضاءه<br />
وقدره على الرغم من شِ دّته ووهن صهته.<br />
وفيما يتعلق بعبد الهميد مهري الإنسان، قال<br />
الأستاذ دماغ العتروس إن المرحوم كان ابن أسرة<br />
علم وفقه وقرآن فأبوه كان فقيها وإماما ومربيا<br />
وكشيرون هم من تخرجوا على يده حين كانت اللغة<br />
العربية «أجنبية»، وخلال الهقبة الاستعمارية، كان<br />
مهري ضمن الذين يدعون إلى وجوب القيام بشورة<br />
التهرير اجمليدة، ليعود بذكرياته إلى 1954 حين<br />
سجن مع المرحوم في بربروس هنا سرد لنا اجملاهد<br />
بعض مآثر المرحوم، موضها أنه » وعلى الرغم من<br />
عدم إلتقاءنا يوميا ما عدا في أوقات الراحة بهكم<br />
بعد الزنزانة التي كنت فيها عن مكان سجنه غير<br />
أن السويعات التي قضيناها معا لم تمنعنا من<br />
الهديش عن النضال والعمل على إنجاه الشورة<br />
اجمليدة، وكان أكثر خبر أفرحنا ونهن في السجن<br />
يوم سمعنا بانعقاد موءتمر باندونغ في اندونيسيا<br />
1955<br />
وما قام به المناضلون هناك من الهركة<br />
الوطنية في جاكارتا وباندونغ».<br />
ولعل اكثر العبارات التي كررها اجملاهد وهو<br />
يعدد خصال المرحوم هي انه كان » أديبا<br />
وسياسيا ومحبا للمعرفة والعلم لدرجة انه<br />
وعلى الرغم من إتقانه للغة العربية عمل على<br />
تعلم اللغات الفرنسية، الانجليزية والايطالية<br />
بجهده الخاص، فقد كان همه الوحيد وهو في<br />
السجن تطوير لغته الإيطالية حتى أصبه ممتلكا<br />
لناصية تلك اللغات».<br />
وقال محدثنا إن أهم المواقف التي تحسب له هي<br />
«عندما تولى إدارة جريدة «صوت الجزاءر» فقد<br />
سعى دوما على إعطاءها منهى وطنيا قوميا<br />
متفتها يصبو إلى التهرير والتهرر بكل معانيه،<br />
كما أنه ومن مناقبه أنه لطالما عرف عنه أنه كان<br />
من أبرز المناضلين والمدافعين على القضية<br />
العربية فقد كان على رأس كل المبادرات التي<br />
كان يقوم الطلبة الجزاءريون في تونس من أجل<br />
وحدة المغرب العربي، قبل أن يتفق بورقيبة مع<br />
الفرنسيين ويُمنه الاستقلال الذاتي».