12.02.2015 Views

UÉN OóY

UÉN OóY

UÉN OóY

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

فأخذت تعد العدة لآفاق المستقبل الواعد،‏ ومن هنا جاء تعيين السيد عبد<br />

الهميد مهري على رأس‏ وزارة الشقافة والشوءون الاجتماعية،‏ واستذكارا<br />

لمسوءوليته في الإشراف على تكوين المدارس‏ الهرة التابعة للهزب في<br />

ريعان شبابه في صفوف الهزب<br />

وإذا كان تدفق اللاجئين على الهدود الشرقية والغربية بالآلاف فرارا من<br />

وحشية التدمير للقرى في أرياف الجزاءر وجبالها يمشل في تلك المرحلة<br />

الأولوية الملهة،‏ فإن جانب التكوين والتعليم لم يكن أقل أهمية وإلهاحا<br />

وقد جندت الوزارة لهذا الجانب كل الإمكانيات المتوفرة خصوصا تجاه<br />

الطلبة الذين التهقوا بمعاهد وجامعات العالم وبلغ عددهم في تلك الفترة<br />

أكثر من ألفي طالب وكذا الأطفال الذين خرجوا مع أهلهم من اللاجئين<br />

والذين كانو يقدرون بعشرات الأطفال بنين وبنات متشردين على<br />

مناطق عديدة من الهدود التونسية والمغربية وحتى في الأقطار العربية<br />

الأخرى،‏ بعد أن تم إبعادهم من المناطق الملتهبة في شتى الجهات<br />

وإذا علمنا أن الأمية في الجزاءر إبان الهقبة الاستعمارية قد بلغت شأوا<br />

خطيرا أفقد الجزاءريين كل مقومات الكيان الانساني وأوشك أن يهول<br />

وجودهم إلى بهاءم في عصر النور والمعرفة<br />

فقد بلغ حجم الأمية في أوساط الرجال في نهاية وجود الاحتلال تسعين<br />

بالمئة وفي أوساط النساء خمسة وتسعين بالماءة ويعني هذا أن الجهل في<br />

أوساط هوءلاء البشر وصل حدا لا يختلفون فيه عن الهيوانات ماداموا لا<br />

يعرفون حتى خط أحرف إسمهم ولقبهم وكان هذا أمرا مقصودا ومتعمدا<br />

في سياسة الاستعمار ليفرغ الجزاءر من سكانها معنويا بعد أن فشل في<br />

تصفيتهم جسديا سعيا لاستخدامهم كهيوانات بشرية<br />

وتسخيرهم لصاله المعمرين النازحين من بقاع<br />

أوروبا ليصبهوا أسيادا في هذه الأرض‏<br />

الطيبة المعطاءة<br />

الأمر الذي حتم على القيادة السياسية<br />

في الهكومة الموءقتة أن توجه عناية<br />

فاءقة للجانب التربوي والاهتمام<br />

البالغ للتكوين والإعداد العلمي<br />

والتقني والشقافي للأجيال<br />

الصاعدة لاستلام الرسالة<br />

الشقيلة فنهن على أبواب الجهاد<br />

الأكبر بعد أن لاه في الأفق<br />

نهاية الجهاد الأصغر وتحتم<br />

علينا التفكير في المرحلة<br />

الأصعب،‏ مرحلة البناء والتشييد<br />

والإعمار خصوصا أن الإرش<br />

الكارثي الذي تركه لنا الاحتلال<br />

اجملرم على ما هو عليه وبالصورة التي<br />

شاهدنا في أوساط شعبنا من حيش<br />

استفهال الأمية والفقر والمرض‏ في جميع<br />

المستويات والأوساط وقامت وزارة الشقافة بقيادة<br />

السيد عبد الهميد مهري وبمساعدة الرجل القدير عبد السلام<br />

بلعيد الأب الروحي للتنظيم الطلابي الجزاءري ‏)الاتحاد العام للطلبة<br />

المسلمين الجزاءريين(،‏ والذي كان مكلفا آنذاك بتوفير المنه وتقديمها<br />

للمترشهين وتوجيههم إلى البلدان المانهة حسب الاختصاصات الملهة<br />

والتي تحتاج إليها الجزاءر في المستقبل خصوصا في أوروبا وأمريكا،‏<br />

والبلدان الإشتراكية<br />

ودعت الاتحاد إلى عقد الموءتمر العام الذي يجمع كل الطلاب الجزاءريين في<br />

الداخل والخارج لأول فترة في بئر الباي بتونس‏ في جويلية سنة 1960<br />

حيش حضره طلابنا من جميع أنهاء العالم من روسيا إلى الولايات<br />

المتهدة ومن جميع بلدان أوروبا الشرقية والغربية ومن البلدان العربية<br />

من الغرب إلى العراق مرورا بسوريا ومصر وتونس‏ ومن داخل الوطن<br />

دام سبعة أيام بلياليها وناقش‏ اجملتمعون قضايا البلاد ومتطلبات الشورة<br />

من حيش التجنيد والتأطير والتكوين وحملات الإعلام،‏ والعمل<br />

السياسي والدبلوماسي والعسكري،‏ وتشاء الظروف أن أكون من بين<br />

وفد طلبة سوريا إلى هذا الاجتماع الهام الى جانب محمد مهري<br />

والهاشمي قدوري وأبو القاسم خمار كما حضره من مصر عيسى<br />

بوضياف رحمه الله ومحمد بلعيد ومحمد طالب،‏ ومن العراق فته الله<br />

يوسف رحمه الله وبولقيصبات.‏<br />

وتم تكوين الهيئة القيادية للطلبة وعلى رأسها مسعود آيت شعلال<br />

ويعين فيها من طلبة المشرق عيسى بوضياف وشريف سيسبان وتكون<br />

هذه الفرصة للتواصل الشالش بيني وبين السيد عبد الهميد الذي طلب<br />

مني الالتهاق بتونس‏ في أقرب فرصة للهاجة إلي خصوصا أنني أنهيت<br />

مهمتي الدراسية في دمشق ولم يطل الأمر حتى تلقيت برقية للالتهاق<br />

بالوزارة،‏ وكنت واحدا من اربعة عشر خريجا من المشرق العربي<br />

ولم يطل بنا المقام وبإلهاه منا لمباشرة مهمتنا كلفنا بالالتهاق بطول<br />

الهدود التونسية الجزاءرية للقيام بإحصاء أطفال اللاجئين في سن<br />

الدراسة وإعداد برنامج تربوي لهم وتم توزيعنا كل اثنين في منطقة في<br />

عين الدراهم في الهدود الشمالية لنرسل إلى قفصة في الجنوب.‏<br />

وبسرعة أكملنا المهمة من حيش الاحصاء ووضع البرنامج والاحتياجات<br />

من المعلمين والأدوات،‏ وعند تقديم التقرير الذي كان يضم أكثر من<br />

عشرين ألف طفل أمرني بالإشراف على المهمة وإدارة العملية برمتها<br />

بمعية بلقاسم النعيم الرجل الهاديء الرصين وفي اقل من سنة قمنا بما<br />

يجب وكعضو في قيادة اتحاد الطلبة فقد اقترحت أن يقوم طلبتنا في<br />

الخارج خلال الصيف بالتطوع لمدة شهر على الهدود ولمعايشة اللاجئين<br />

وابناءهم وهذا ما حصل بالفعل وجاء العديد من طلابنا في اوروبا<br />

وأمريكا كل حسب اختصاصه لمساعدة الأطفال والتعرف على حالتهم<br />

المعيشية وقد استهسن السيد عبد الهميد تلك المبادرة وكان قد بدأ‏ بفته<br />

ذلك المشروع في الهدود الغربية بالاعتماد على خريجين من المشرق<br />

أمشال منور الصم وعبد الرحمان الأزهر،‏ وحنفي بن عيسى ويجب<br />

الاشارة إلى انشاء دور للطفولة في تونس‏ العاصمة يتلقون العون<br />

والتأطير من مختلف الدول وإن كان عددهم قليلا بالمقارنة بأطفال الهدود،‏<br />

وفي هذه الاثناء قام تحت إشراف الوزارة )2(<br />

وتتسارع الأحداش في الآونة الأخيرة بعد الدخول في المفاوضات<br />

والهصول على الاتفاق وإعلان ايقاف القتال وإجراء الاستفتاء إعلان<br />

النصر والاستقلال الناجز ويعقد موءتمر طرابلس‏ لكل قيادة الشورة لوضع<br />

البرنامج،‏ وتتأزم الأمور خلال هذه المرحلة الهاسمة وتبرز إلى السطه<br />

الخلافات والطموحات ويجد المناضل والمعلم والمربي الهكيم نفسه<br />

مضطرا لتلافي تفاقم الأمور إلى رأب الصدع والبهش عن أسلوب<br />

للهوار من أجل إصلاه ذات البين بين الفرقاء ولما لم يوفق اضطر إلى<br />

تأجيل الأمر.‏<br />

وظل بعيدا وفضل القيام بما كان يراه الأنجع في المرحلة المتأزمة،‏ والعودة<br />

إلى ميدانه المفضل وهو التربية وإعداد النشء،‏ فالتهق بمدرسة المعلمين<br />

ببوزريعة لما كان يراه من أهمية لإعداد المعلمين اللازمين لتربية وتعليم<br />

اطفال الجزاءر مع مجموعة من الأساتذة الذين جاوءوا من الخارج ومن<br />

الداخل،‏ وعندما تبين له أن الأفق السياسي خصوصا مع الرءيس‏ بومدين<br />

أصبه واضها ومنسجما مع توجهاته ومبادءه وافق على العودة إلى<br />

تحمل المسوءولية في الميدان الذي يعتبره استراتيجيا لمصير الجزاءر وهو<br />

التربية الوطنية،‏ وقبل بالأمانة العامة في الوزارة التي مكنته من القيام<br />

بالإصلاه الذي أنتج المدرسة الأساسية ضمن التعليم الإجباري في حده<br />

الأدنى لتسع سنوات حتى يتمكن الطفل تخطي احتمالات العودة إلى<br />

الأمية،‏ عكس‏ ما يجري حاليا بإقرار الشهادة الابتداءية التي لا طاءل منها<br />

سوى تقنين وتبرير التسريه المبكر لأجيال من البنات<br />

والبنين وبتكلفة كبيرة من الأموال والجهد في سن<br />

البراعم.‏<br />

كما كرس‏ تعليم اللغة الوطنية كلغة<br />

أساسية دون منافسة أو مضايقة من<br />

اللغة الأجنبية مستويات التعلم<br />

الأولى حتى يكون الأطفال<br />

متمكنين منها وعدم التسرع في<br />

محاولة فرض‏ الازدواج اللغوي<br />

الذي يشتت ذهن الطفل<br />

ويجعله غير متمكن من<br />

اللغتين ويقوده الى التذبذب<br />

الذهني وربما الى انفصام<br />

الشخصية،‏ وعلى الرقي الى<br />

الإبداع والابتكار ويقال أن<br />

أسباب عدم الرقي الهضاري في<br />

بعض‏ البلدان هو اعتمادهم في<br />

تعاملاتهم التاريخية على الازدواج<br />

بسبب الاحتلال وغالبا ما يقود اجملتمعات<br />

التي تتعايش‏ فيها عدة لغات الى فقدان الوحدة<br />

الوطنية والدخول أحيانا كشيرة في صدامات<br />

وصراعات شديدة كما هو الهال في بلجيكا وسويسرا،‏ وكندا<br />

وغيرها من البلدان<br />

ويلاحظ في المدة الأخيرة وخصوصا بعد إدخال اللغة الشانية الأجنبية في<br />

وقت مبكر أن اطفالنا أصبهوا ضعفاء في اللغة الوطنية لمنافسة اللغة<br />

الأجنبية لها إلى جانب عدم إجادتهم للغة الأجنبية وهذا ما يوءكده علماء<br />

اللسانيات بصفة علمية أكيدة<br />

وهكذا وفق الرجل الهكيم والمعلم المتبصر بكل هدوء ورزانة وبعد نظر<br />

في خلق مدرسة ذات تربية وطنية تتمتع بشخصية بارزة المعالم<br />

متوازنة،‏ متفتهة على المعارف مناسبة لمستقبل الجيل ماديا ثقافيا،‏ فكريا<br />

وروحيا.‏<br />

وكان في علمه هذا متماشيا مع روه بيان أول نوفمبر الذي ينص‏ على<br />

اعتماد المبادئ العربية الاسلامية كأساس‏ للشورة الجزاءرية في إعادة بعش<br />

الدولة الجزاءرية التي خرجت الى الوجود بإعلان الهكومة الموءقتة في<br />

بالقاهرة،‏ ومنسجما مع الشعار المشهور الذي رفعه الشوار<br />

والقاءل بأن الشورة مستمدة من الشعب في وبالشعب يتم إنجازها<br />

ولفاءدة جموع الشعب ثمارها،‏ والتي أصبهت مرفوعة فوق واجهات<br />

كل البلديات لمدة طويلة بعد الاستقلال معبرة بصدق عن روه الشورة<br />

عند انطلاقها وعمق أبعادها بالنسبة للمناضلين الأواءل امشال رجلنا<br />

الراحل عبد الهميد مهري الرجل العظيم<br />

كما كان في مشروعه النضالي والتربوي والتعليمي يرمي إلى إفشال<br />

مشروع قسنطينة الذي خطط له الجنرال ديغول لهرق مسيرة الشورة<br />

التهريرية وإيقاف زحفها لقلع جذور الارتباط الشقافي والاقتصادي<br />

والسياسي الذي عمل الوجود الاستعماري الفرنسي على تكريسه في<br />

الجزاءر كهقيقة داءمة وإلى الأبد<br />

مفندا كل تقولاته ومزاعمه،‏ موءكدا عمق الهوية العربية الاسلامية في<br />

أعماق وجدان الشعب الجزاءري ومدى القبول بالنفس‏ والنفيس‏ للهفاظ<br />

على شخصيته الوطنية،‏ مما جعل الشورة الجزاءرية قوة ومشالا يهتذي بها<br />

جميع أحرار العالم وأصبهت كعبة تحررت على يدها القارة الافريقية في<br />

أغلبها وكانت فيما بعد ملاذا لكل المناضلين في أصقاع الارض‏ وهذا ما<br />

كان ديغول يخشاه من امتداد لهيب الشورة الجزاءرية ليشعل النار في كل<br />

مستعمراتها ومناطق نفوذ امبراطوريتها المتهاوية ولولا الصراعات التي<br />

فرقتها المطامه الشخصية بين بعض‏ المسوءولين وزادت فيها المطامع من<br />

ذوي النفوس‏ اللاهشة وراء الربه الوضيع خصوصا في حقبة العشرية<br />

الهمراء،‏ التي قادت الشعب الجزاءري الى هاوية سهيقة عرف فيها ألوانا<br />

من الرعب والألم لكانت البلاد تنعم بالراحة والاستقرار والمكانة المرموقة<br />

في الساحة العربية والدولية بفضل بعض‏ الرجال العظام أمشال هواري<br />

بومدين وعبد الهميد مهري وآخرين من الزعماء الذين أنجبتهم الجزاءر<br />

والذين كتبوا أسماءهم واسم الجزاءر بأحرف من نور فلهم اجملد والخلود<br />

ولأرواحهم الطاهرة المقام المتميز في العليين،‏ إنا لله وإنا اليه راجعون<br />

خريف 1958<br />

‏×عضو اللجنة المركزية لجبهة التهرير الوطني سابقا<br />

وصية مهري..‏ لا تنسوا هدية<br />

الشهداء في ذكرى الاستقلال<br />

نجيب بلهيمر<br />

● ‏«أخي الرءيس..‏ إن الجزاءر مدعوة للاحتفال،‏ قريبا،‏ بالذكرى<br />

الخمسين لاستقلالها،‏ والوقت الذي يفصلنا عن هذه المناسبة العظيمة،‏<br />

كاف،‏ على ما أعتقد لاتفاق الجزاءريين على التغيير السلمي المنشود.‏<br />

وأحسن هدية تقدم لأرواه شهداءنا الأبرار هو الاحتفال بذكرى<br />

الاستقلال والشعب الجزاءري معتز بماضيه ومطمئن لمستقبله».‏<br />

بهذه الفقرة ذيل المناضل الراحل عبد الهميد مهري رسالة مطولة بعش<br />

بها إلى الرءيس‏ بوتفليقة في السادس‏ عشر من شهر فيفري من العام<br />

الماضي،‏ وكعادته لم يكتف مهري بالتنبيه إلى اخملاطر التي تحيق بالبلاد<br />

في هذه المرحلة الصعبة،‏ بل اجتهد في صياغة اقتراحات يمكن أن تكون<br />

معالم على طريق تجسيد الهدف الذي سماه هدية الشهداء الأبرار،‏ وقد<br />

قدم مقترحاته في تواضع شديد،‏ وبموضوعية منقطعة النظير،‏ جعلته<br />

يبتعد مرة أخرى عن اجملاملة وعن التشخيص،‏ وهما آفتان قل من سلم<br />

منهما من المشتغلين بالسياسة في هذه البلاد.‏<br />

كلما اشتدت الأزمات في الجزاءر وجدنا مهري في الصف الأول،‏ فهو مكافه<br />

عنيد عندما يتعلق الأمر بوحدة البلاد ومستقبلها،‏ وإذا كانت سنوات ما<br />

بعد الاستقلال قد أدخلته اجملال الرسمي من خلال المسوءوليات التي<br />

تقلدها،‏ فإن بداية عهد التعددية أعادته إلى ساحات العمل السياسي<br />

الميداني،‏ فقد تولى قيادة جبهة التهرير الوطني في ظرف عصيب،‏ ونزل<br />

إلى الميدان من أجل إعادة بناء حزب قابل للهياة في نظام ديمقراطي<br />

تعددي حقيقي،‏ ولم تكن تلك المهمة سهلة،‏ وقد أفادته تلك التجربة<br />

كشيرا،‏ وبعدها بأكثر من عشر سنوات خرج بخلاصة مفادها أن الذين<br />

أقروا التعددية في الجزاءر لم يكونوا أبدا مقتنعين ببناء ديمقراطية<br />

حقيقية،‏ وأن محاولات التهكم في الأحزاب عن بعد بقيت قاعدة في<br />

العمل السياسي في الجزاءر.‏<br />

هذه الخلاصة هي التجلي الذي برز على السطه،‏ غير أن التهليل الذي<br />

يقدمه مهري أعمق من هذا بكشير،‏ فقبل عام كان يخاطب الرءيس‏<br />

بوتفليقة في الرسالة آنفة الذكر بالقول ‏«سيدي الرءيس..‏ إنك اليوم في<br />

قمة الهرم لنظام حكم لست مسوءولا وحدك على إقامة صرحه.‏ فقد<br />

شارك في بناءه،‏ برأيه أو عمله أوصمته،‏ كل من تولى قدرا من المسوءوليات<br />

العامة بعد الاستقلال»،‏ وبعدها ببضعة أشهر كان يصهه مسار النقاش‏<br />

السياسي بالدعوة إلى الابتعاد عن التشخيص،‏ وبالقول ‏«إنني أتحدش عن<br />

أزمة حلها ليس‏ بيدي»،‏ حتى أنه رفض‏ أن تعتبر رسالته تلك مبادرة<br />

سياسية لأنها برأيه فكرة ضمن أفكار أخرى يمكن أن تساهم في رسم<br />

معالم الطريق الصهيه والآمن الذي يجب أن تسلكه الجزاءر،‏ وعندما<br />

قدم مقترحاته العملية قال ‏«إن مئات المبادرات التي يمكن أن تتفتق عن<br />

هذه الدعوة،‏ وتتعدد بعيدا عن الإملاءات الفوقية،‏ ستكون مشل الشموع،‏<br />

تنير طريق التغيير السلمي الهقيقي وتترجم عن توجهات الشعب<br />

ومطامحه».‏<br />

لقد تعرض‏ الرجل خلال سنوات الأزمة إلى إساءات بالغة،‏ وتم تخوينه<br />

لأنه كان يدافع عن الهل السلمي والسياسي للأزمة،‏ غير أن ذلك لم<br />

يدفعه إلى الانهدار إلى مستوى خصومه،‏ فقد ظل عدوه الوحيد هو هذا<br />

النظام الذي يكاد يصبه عصيا على الإصلاه،‏ والنظام في التهليل<br />

السياسي العميق لمشقف متميز مشل عبد الهميد مهري هو جملة الممارسات<br />

التي تراكمت عبر عقود،‏ وأفرزت لأسباب موضوعية توازنات ومصاله<br />

أصبهت تعيد إنتاج النظام عندما تبرز ضرورة التغيير،‏ ولأن مهري كان<br />

شاهدا على بناء الدولة الجزاءرية الهديشة،‏ فإنه كان يملك،‏ فضلا عن<br />

الأدوات المعرفية،‏ الخبرة والدراية اللازمة للإحاطة بالواقع الجزاءري،‏<br />

وهذه الميزات يصعب أن تجتمع في شخصية سياسية واحدة.‏<br />

التشخيص‏ الدقيق لوضع البلاد لم يكن يفضي بمهري إلى تبني نظرة<br />

متشاءمة،‏ ولم يدفعه أبدا إلى طرق أبواب الخارج طلبا للتدخل من أجل<br />

إحداش التغيير الذي ينشده،‏ بل على العكس‏ من ذلك تماما لم يتوقف<br />

عن تقديم المقترحات،‏ وعن العمل من أجل المساهمة في صياغة الهلول،‏<br />

وكانت آخر مرة عندما التقى لجنة المشاورات حول الإصلاحات السياسية،‏<br />

وقد اعتبرت تلبيته الدعوة وتقديمه مقترحاته مفاجأة خاصة وأن<br />

رسالته إلى الرءيس‏ لم تلق أي رد،‏ وقد سئل يومها:‏ ‏«هل تعكس‏<br />

مشاركتك في المشاورات تفاوءلك بالإصلاحات؟»‏ فرد على الفور:‏ » ما دمت<br />

أمارس‏ السياسة سأبقى متفاءلا،‏ فالذي يفقد الأمل لا يمكنه أن يمارس‏<br />

السياسة»،‏ أما مصدر تفاوءله فكانت ثقته في قدرة أبناء بلده الذين قال<br />

عنهم ‏«إن الشعب الجزاءري الذي احتضن الشورة عندما ألقيت،‏ عن وعي<br />

وإخلاص،‏ بين أحضانه،‏ وتحمل أعباءها ومسوءولياتها بجلد وصبر،‏ موءهل،‏<br />

بتجربته العميقة،‏ لاحتضان مطلب التغيير الديمقراطي السلمي لنظام<br />

الهكم ومرافقته إلى شاطئ الاستقرار والأمان»،‏ وكان حسن الظن<br />

بالشعب هو الذي دفع مهري دوما إلى المطالبة برفع الوصاية عن هذا<br />

الشعب واحترام إرادته.‏<br />

لم يدون مهري مذكراته التي طالبه بها المهتمون بالشأن العام،‏ رغم<br />

أنه وعد بأن يفعل،‏ فالعمل السياسي على الأرض‏ شغله عن الكتابة<br />

رغم أنه بارع فيها،‏ غير أنه في مقابل ذلك قدم روءية سياسية على<br />

قدر كبير من الموضوعية يمكن أن تكون إضافة متميزة لأي مشروع<br />

سياسي يهدف إلى بناء دولة الهق والقانون،‏ دولة الهريات<br />

والديمقراطية،‏ التي أفنى حياته مناضلا من أجل إقامتها،‏ ولعل<br />

رسالته الأخيرة إلى الرءيس‏ بوتفليقة هي أفضل ما يلخص‏ روءيته<br />

السياسية العميقة ويرسم صورة الجزاءر التي كافه من أجلها،‏ غير أن<br />

الذين يبهشون عن تصفية الهسابات الشخصية،‏ لن يجدوا ضالتهم في<br />

ميراش مهري الذي ألبس‏ السياسة ثوبا قشيبا من الشقافة الرفيعة<br />

والأخلاق السامية التي سنفتقدها حتما،‏ وفي مقابل هذا حمل المناضل<br />

واجملاهد الراحل الجزاءريين أمانة ثقيلة هي في أعناق أولي الأمر قبل<br />

غيرهم،‏ الشهداء يستهقون هدية في ذكرى الاستقلال فهل ستكونون<br />

على قدر الهدش العظيم؟.‏<br />

مارس‏ 2012<br />

عدد خاص‏ 26

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!