12.02.2015 Views

UÉN OóY

UÉN OóY

UÉN OóY

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

عدد خاص‏ 24<br />

مارس‏ 2012<br />

.<br />

-<br />

● تعود بداية تعرفي إلى الأستاذ عبد الهميد مهري <br />

رحمه الله إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي،‏ لما<br />

اشتغلت أستاذا مكونا في مادة الرياضيات بالمعهد<br />

التكنولوجي للتربية ببوزريعة.‏ وهو المعهد الذي كان<br />

يعرف بدار المعلمين،‏ سابقا.‏ وكان الطاقم التربوي في<br />

المعهد،‏ زمنئذ،‏ يتهمل مسوءولية تكوين أساتذة التعليم<br />

المتوسط ‏(الأساسي فيما بعد ‏)لجميع ولايات الوسط<br />

وولايات الجنوب الكبير،‏ أيضا.‏ كما كان يشرف على<br />

تكوين أساتذة اللغتين الألمانية والإسبانية على المستوى<br />

الوطني.‏<br />

كان الفقيد عبد الهميد مهري رحمه الله ،‏ يومئذ،‏ يقرن<br />

بين منصب الأمين العام لوزارة التربية الوطنية ومَهم َّة<br />

إدارة معهد بوزريعة.‏ وتجدر الإشارة إلى أنه تولى زمام<br />

المنصب الأخير لسنوات طويلة قبل أن يكلف بالمزاوجة<br />

بين المنصبين.‏<br />

تشرفت للعمل تحت مسوءوليته؛ مما أتاه لي فرص‏<br />

الاتصال المباشر به كبقية زملاءي الأساتذة الذين كانوا<br />

يشتغلون في المعهد.‏ وأذكر أنه تفقدني في الأقسام أثناء<br />

التدريس‏ مرات عديدة،‏ وكانت بعض‏ هذه الزيارات برفقة<br />

زوار من خارج الوطن.‏ وكانت لقاءاتنا به فرصا ثمينة لا<br />

يتردد أثناءها على تزويدنا بالإرشادات الشمينة وإسداء<br />

النصاءه القيمة التي يلقيها إلينا من معين خبرته الملأى.‏<br />

ولا ينقطع عن السوءال،‏ أيضا،‏ عن سير العمل وعن<br />

ظروفه.‏ وكان كل لقاء لنا معه يترك فينا شهنة من<br />

الراحة؛ لأنه كان يهيطنا جميعا بالود والمحبة والتقدير.‏<br />

وكان حكيما في توصيل رساءلة التصويبية التي يرمي<br />

بها إلينا بأسلوب في غاية من الرقة والرقي والأدب.‏<br />

إلى جانب ذلك،‏ كان الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه<br />

الله يهسن الإصغاء والاستماع والمناقشة،‏ ويمنه كبير<br />

اهتمامه لكل ما يطره عليه من آراء واقتراحات<br />

وانشغالات في مجال العمل التربوي والبيداغوجي<br />

بصفة عامة،‏ وفي مسألة تكوين الطلبة المربين في جميع<br />

التخصصات والمستويات بصفة خاصة.‏ وكانت مسألة<br />

تجويد وترقية العمل التربوي تشكل أولوية قصوى<br />

لتهقيق المشروع التربوي الوطني الذي كان له دور بارز<br />

وريادي في تجسيد وتحقيق أهدافه،‏ التي تتهدد،‏ إجمالا،‏<br />

في ما يلي:‏<br />

جزأرة هيئات التأطير التربوي،‏ خاصة في مجال<br />

التكوين،‏<br />

تعميم التعليم في المرحلتين الابتداءية والمتوسطة،‏<br />

وتوسيع قاعدة التعليم الشانوي الذي كان أقل انتشارا في<br />

السبعينيات الماضية،‏<br />

تأصيل المدرسة الجزاءرية وربطها بالمقومات والشوابت<br />

الوطنية،‏ وفي مقدمتها إحلال اللغة العربية مكانتها في<br />

التعليم وتحقيق التعريب الشامل.‏<br />

وكان الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله يرى أن<br />

السبيل الأمشل لبلوغ هذه الأهداف هو الاعتماد على<br />

السواعد والإمكانيات الوطنية التي ينبغي استغلالها<br />

وترقيتها وحسن استشمارها لإعداد كفاءات وطنية موءهلة،‏<br />

لا سيما في التخصصات العلمية وفي مجالات الإشراف<br />

التربوي والتوجيه والإدارة والتسيير والرقابة.‏<br />

نظرا لسمو هذه الأهداف ونبلها،‏ عمل الأستاذ عبد الهميد<br />

مهري رحمه الله مع رفاقه على إنشاء موءسسات<br />

متخصصة في مجال التكوين،‏ كالمركز الوطني لتكوين<br />

إطارات التربية الذي يتكفل بإعداد هيئات التفتيش‏<br />

التربوي والإداري،‏ وإدارة الموءسسات التعليمية،‏ وتسيير<br />

الموءسسات التعليمية التكوينية والتوجيه التربوي.‏<br />

واهتم،‏ كذلك،‏ برفع طاقة موءسسات الدعم كالمعهد<br />

التربوي الوطني والمركز الوطني لتعميم التعميم ومركز<br />

التزود بالوساءل التعليمية والبيداغوجية وصيانتها.‏ ولم<br />

يغفل توسيع شبكة المعاهد التكنولوجية للتربية وزرعها<br />

في معظم الولايات.‏ وكان مقررا،‏ حسب الخِ‏ طة المسطرة،‏<br />

أن يتوسع التكوين ويشمل إطارات إدارات التعليم على<br />

المستويين المركزي والمحلي.‏<br />

وكان طموه التكفل بمختلف الانشغالات وتلبية الهاجات<br />

المتزايدة للمربين والأساتذة يزحف نهو إنشاء المدرسة<br />

العليا لتكوين أساتذة التعليم الشانوي في بوزريعة في<br />

إطار اتفاقية أبرمت مع الجمهورية العراقية التي أمدّت<br />

الجزاءر بنخبة من الأساتذة الجامعيين الأكفاء.‏ وكانت هذه<br />

الاتفاقية تقضي بإعارتهم لبضع سنوات في انتظار<br />

تعويضهم بنخبة من بين أساتذة المعاهد ومن أساتذة<br />

-<br />

التعليم الشانوي المتميزين.‏ وكانت الإتفاقية توصي بإيفاد<br />

بعشات منهم إلى جامعة بغداد للتكوين والهصول على<br />

شهادات عليا في مختلف التخصصات.‏<br />

بعد انطلاق هذا المشروع التعاوني،‏ كلفني الأستاذ عبد<br />

الهميد مهري رحمه الله بالاتصال بمن أعرف من<br />

أساتذة التعليم الشانوي،‏ خاصة في تخصصات<br />

الرياضيات،الفيزياء وعلوم الطبيعة والهياة<br />

قصد تحفيزهم للالتهاق بالمعهد،‏ ودراسة مدى تمكن<br />

بعضهم من التفرغ لتهضير شهادات جامعية عليا.‏<br />

وكان القصد من وراء كل ذلك هو بعش طليعة نواة من<br />

الموءطرين الجزاءريين في المدرسة العليا التي أنشئت حديشا<br />

الأستاذ عبد الهميد<br />

مهري كما عرفته<br />

وفي الموءسسات التكوينية التي تتبع وزارة التربية<br />

الوطنية.‏<br />

انطلقت عملية التكوين بالمدرسة سنة ‎1977‎م،‏ واندمج<br />

الأساتذة في المشروع بعد أن أكملوا تكوينهم المقرر<br />

حسب تخصصاتهم العلمية والأمل يهذوهم لتعويض‏<br />

المكونين العراقيين تدريجيا.‏ إلا أن جهات لم تكن تنظر<br />

بعين الرضي إلى هذا المشروع الفتي والواعد الذي كان<br />

الغرض‏ المرتقب منه هو تأمين حاجات قطاع التربية من<br />

أساتذة التعليم الشانوي الموءهلين علميا وبيداغوجيا في المواد<br />

العلمية التي زينتها حروف لغة الضاد.‏<br />

كانت حجة المعارضين الظاهرة تكمن في انتفاء وجه<br />

الصواب من تولي وزارة التربية الوطنية مهمة التكوين<br />

في مرحلة ما بعد شهادة الباكالوريا الذي هو من<br />

اختصاص‏ وزارة التعليم العالي؟؟.‏ إلا أن الأسباب الخفية<br />

والمتسترة كانت تقتنص‏ النيل من إصلاه التعليم وتعويق<br />

معركة التعريب،‏ والسطو التهريفي على مراجعة بعض‏<br />

القرارات المتعلقة بمنطلقات النظام التربوي وغاياته.‏<br />

أطلقت رصاصات الرحمة الغادرة على المشروع الراءد<br />

الذي كانت الأيام تزيده نموا وتقدما،‏ وتوقف بعد سنتين<br />

من انطلاقه بعد مكر الماكرين.‏ ووزع طلبته على<br />

الجامعات لإكمال دراستهم.‏ في حين أن بعضهم عين<br />

لمباشرة التدريس‏ في الميدان قبل إنهاء تكوينه وتخرجه.‏<br />

وأدمج الأساتذة المتعاونون العراقيون الراغبون في إكمال<br />

عقودهم في الجامعات.‏<br />

وهبت عاصفة تغيير المسوءولين على مستوى وزارة<br />

التربية الوطنية،‏ ومنهم الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه<br />

الله الذي لم يكن في وسعه الاستمرار في شغل<br />

منصبه والقيام بأعمال وإجراءات مضادة لكل ما حصل<br />

في القطاع.‏ أو حتى التشكيك في صواب القرارات<br />

وصدق المقاصد والغايات التي سعى جاهدا إلى تحقيقها.‏<br />

كم حزّ‏ في نفس‏ الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله <br />

نسف هذا المشروع الذي زرع فيه آماله،‏ واستاء من<br />

الطريقة والسرعة اللتين تم بهما إلغاوءه.‏ إلا أنه ظل ملتزما<br />

كرجل مسوءول مع ما يصدر من الهيئات العليا.‏ ورغم أن<br />

هذا التصرف ترك في حلقة مرارة وغصة؛ إلا أنه واجهه<br />

بصبر وجلد كأنه جبل ثابت تعجز الرياه عن هزه أو<br />

خلخلته.‏ لم تفتر عزيمته أو يتزعزع إيمانه في ما قد تأتي<br />

به رياه أيام المستقبل.‏ والشاهد عندي،‏ أن الأستاذ عبد<br />

الهميد مهري رحمه الله كان خلال رحلة توليه<br />

مناصب المسوءولية في قطاع التربية والتكوين يمنه جل<br />

اهتماماته لإعداد العنصر البشري الكفء الذي تناط به<br />

المهام اخملتلفة انطلاقا بالتربية والتعليم والتكوين،‏<br />

ووصولا إلى الإشراف والتوجيه والتخطيط والتقويم<br />

والقيادة.‏ وكان دوما يراهن على قيمة الإنسان المربي<br />

مهما كان الموقع الذي يهتله.وكان في كل خطوة<br />

يخطوها يرسل بصره بعيدا وناظرا حتى خلف الشعاب<br />

والأكمات.‏ وكان واسع الأفق في التهليل والاستشراف،‏<br />

وشديد الهرص‏ والعناية بجميع الجوانب التي من شأنها<br />

الإسهام في بناء نظام تربوي عصري على أسس‏ متينة<br />

تستجيب لمطلب إعداد الأجيال التي سيعهد إليها مهام<br />

البناء الوطني وتحقيق التنمية الشاملة.‏<br />

ومهما حاول أحدنا أن يعدد جلاءل أعمال الأستاذ عبد<br />

الهميد مهري رحمه الله وإنجازاته،‏ فإنه سيظل بعيدا<br />

عن الإحاطة بها،‏ وعاجزا عن جمع شمل نضالاته<br />

وتضهياته وإسهاماته المرموقة في تحرير الوطن ثم في<br />

بناءه.‏<br />

كان الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله مدرسة<br />

عالية الشأن في مسيرة حياته وفي تعاملاته.‏ وكان<br />

صاحب شخصية متميزة حقا،‏ وكان رجلا فاضلا،‏ كريما،‏<br />

نزيها،‏ شهما،‏ أنوفا،‏ عفيف اليد وعف اللسان.‏ وكان<br />

متواضعا ووقورا إلى درجة أنه يفرض‏ احترامه طوعا<br />

ومحبة على الناس.‏<br />

تحضرني،‏ بهذا الصدد،‏ بعض‏ الصور والمشاهد والمواقف<br />

التي ترسخت في ذاكرتي عن الأستاذ عبد الهميد مهري <br />

رحمه الله ومن ذلك أنه كان يقيم في سكن ضيق<br />

وقديم داخل معهد بوزريعة،‏ لا يناسب مقامه ولا يليق<br />

بمكانته،‏ ويكاد لا يسع حاجات أسرته.‏ ورغم أنه موظف<br />

سام في وزارة التربية الوطنية،‏ إلا أنه ارتضى الإقامة فيه<br />

سنوات من أن يستجدي غيره للهصول على مسكن<br />

أرحب مساحة.‏ وأبت نفسه الأبية أن يستعمل سلطته أو<br />

نفوذه للاستيلاء على أحسن مسكن في أحد الأحياء<br />

الراقية.‏ ولم تجعله ينافس‏ أساتذة المعهد في طلبات<br />

الهصول على سكنات،‏ وإنما أخضع طلباتهم لنفس‏<br />

المقاييس‏ والمعايير التي كان العمل يجري بها،‏ وتم فرزها<br />

وترتيبها مستبعدا نفسه من منافستنا في هذا الأمر.‏<br />

ومشل أمامنا هذا التصرف الذي بدر منه العزة والقناعة<br />

في أجل صوّ‏ رها.‏<br />

كنا نرى أستاذنا عبد الهميد مهري رحمه الله يباره<br />

منزله ذاهبا إلى مقر عمله الآخر في الوزارة أو عاءدا منه<br />

يقود سيارته بنفسه من دون حرس‏ أو مرافق خاص.‏<br />

عرفته،‏ وهو الأمين العام لوزارة التربية الوطنية بكل ما<br />

تجلبه مشل هذه المناصب من جاه ورفاه وحسب عند<br />

الآخرين،‏ يستأنس‏ حتى بأبسط العمال في المعهد،‏<br />

ويتهدش إليهم.‏ وكانت زوجته الكريمة رحمها الله <br />

تعمل ضمن الفريق الإداري في المعهد،‏ ولكنها كانت<br />

تعامل كبقية الموظفين حضورا وانصرافا.‏ وأشهد أنها<br />

كانت مواظبة على عملها في إخلاص،‏ متفانية في أداءه.‏<br />

وتقوم بالمهام الموكلة إليها عن طيب خاطر وميل ورغبة.‏<br />

وعلى مر الأيام التي قضيناها معا،‏ لم نلمس‏ منها أو<br />

نلاحظ عليها تصرفات من يفخر بالعيش‏ في ظل<br />

منصب زوجها السامي.‏ وكانت،‏ إلى جانب ذلك،‏ ترعى<br />

بيتها وأسرتها بمفردها مع أن لها الهق في من يساعدها،‏<br />

وعلى كاهل الوزارة،‏ طبقا للتنظيم الذي كان معمولا به.‏<br />

كان الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله آية في<br />

بسط أيدي التواضع والكرم للناس‏ جميعا.‏ وكان لا<br />

يتردد في استقبال زواره الذين يقصدون بيته بوجه<br />

بشوش‏ ومبتسم.‏ وكنت أزوره في بيته بهي زحيدرة<br />

زبمفردي ومع بعض‏ الزملاء مرارا.‏ وكان هو من يفته<br />

الباب بنفسه إن كان موجودا في كل مرة.‏ ويهسن<br />

استقبالنا وتعلو وجهه تباشير الفرحة بلقاءنا،‏ ولا يرتاه إلا<br />

إذا أكرمنا ولو بفناجين قهوة نهتسيها.‏ وكانت أخر مرة<br />

زرناه فيها،‏ منذ بضعة أشهر مرت،‏ لنقدم له العزاء ونزف<br />

له عبارات مواساتنا في فقدان أخيه عبد الرحمن <br />

رحمهما الله .‏ وكان هو من فته لنا الباب كعادته،‏<br />

وأدخلنا غرفة الاستقبال،‏ متساءلا عما إذا كان قد تأخر<br />

علينا قليلا،‏ ومعتذرا بانشغاله بالوضوء استعدادا لأداء<br />

صلاة الظهر.‏ وأجبناه بأننا لم ننتظر إلا قليلا،‏ وبأننا<br />

وصلنا باب سكناه منذ لهظات.‏ ورحب بنا أيما ترحيب،‏<br />

وتحدش إلينا في أمور شتى دون أن ينسى سوءالنا عن<br />

أوضاعنا وعن أحوال كشير من الأساتذة والطلبة الذين<br />

تعرف إليهم.‏ وأحسسنا أنه كان يود الهديش إلينا وقضاء<br />

أطول وقت في موءانسته.‏ وفي ذلك اليوم،‏ لاحظنا أعراض‏<br />

المرض‏ وعلامات التعب بادية عليه،‏ وحتى ملامحه لم<br />

تعد في زهو وانبساط كما عهدناها،‏ وكان يجد صعوبة<br />

في صعود درجات السلم.‏ تألمنا لهاله،‏ وعز علينا أن نكلفه<br />

متاعب الضيافة التي لم يعد يطيقها.‏ وعبشا حاولنا<br />

الاستئذان منه لمغادرة مسكنه،‏ والوعد له بالعودة إلى<br />

زيارته في فرصة يكون فيها مرتاحا ومعافى.‏ إلا أنه أصر<br />

في أدب،‏ كعادته،‏ على مكوثنا حتى شرب القهوة.‏ وكان<br />

هو من ودعنا عند باب مسكنه الخارجي.‏<br />

إن الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله هو من أسمى<br />

عناوين الوفاء وصون العهود،‏ ليس‏ للمبادئ والقيم التي<br />

ناضل من أجلها نضال الصابرين الأشداء،‏ وأفنى حياته<br />

في سبيل تحقيقها،‏ وإنما لمن رافقوه في معترك العمل معه<br />

ولتلامذته أيضا.‏ فقد ظل طول أيام عمره الزكي يذكرهم<br />

بأسماءهم،‏ ويسأل عنهم وعن أوضاعهم.‏ وكنا وهو يسرد<br />

لنا بعض‏ الوقاءع والأحداش حتى البسيط والعارض‏ منها<br />

التي واجهها في حياته مع الطلبة أو الموظفين أو أثناء أيام<br />

الشورة التهريرية،‏ نغرق استغرابا لقوة ذاكرته،‏ وسرعة<br />

بداهته،‏ وحرصه واهتمامه برعاية أمور الشوءون الذي<br />

يتولاها صغيرها وكبيرها من دون تفريط أو تسويف.‏<br />

رحمك الله يا فقيد الجزاءر،‏ وابنها البار،‏ ويا أحد عظماءها<br />

الذين يهق للأجيال أن تقتدي بهم وتستلهم من سيرهم<br />

ومواقفهم وعظيم أعمالهم ما ينير لها الدروب،‏ ويرشدها<br />

إلى مواصلة السير في الطريق التي عبد شطرا منها<br />

الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله بهمة وحماسة<br />

وحرارة وإيمان،‏ وتحقيق الغايات التي أفني الراحل حياته<br />

في سبيل بلوغها مع أمشاله من أبناء وطننا المفدى الجزاءر.‏<br />

× مدير التعليم الشانوي العام بوزارة<br />

التربية الوطنية،‏ سابقا<br />

■ الأستاذ:‏<br />

أحمد وزاني<br />

كان الأستاذ عبد الهميد مهري رحمه الله آية في بسط أيدي التواضع والكرم للناس‏ جميعا.‏<br />

وكان لا يتردد في استقبال زواره الذين يقصدون بيته بوجه بشوش‏ ومبتسم.‏ وكنت أزوره في<br />

بيته بهي ‏''حيدرة '' بمفردي ومع بعض‏ الزملاء مرارا.‏ وكان هو من يفته الباب بنفسه إن كان<br />

موجودا في كل مرة.‏ ويهسن استقبالنا وتعلو وجهه تباشير الفرحة بلقاءنا،‏ ولا يرتاه إلا<br />

إذا أكرمنا ولو بفناجين قهوة نهتسيها.‏ وكانت أخر مرة زرناه فيها،‏ منذ بضعة أشهر مرت،‏<br />

لنقدم له العزاء ونزف له عبارات مواساتنا في فقدان أخيه عبد الرحمن رحمهما الله .‏ وكان<br />

هو من فته لنا الباب كعادته،‏ وأدخلنا غرفة الاستقبال،‏ متساءلا عما إذا كان قد تأخر علينا<br />

قليلا،‏ ومعتذرا بانشغاله بالوضوء استعدادا لأداء صلاة الظهر.‏<br />

“<br />

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!