12.02.2015 Views

UÉN OóY

UÉN OóY

UÉN OóY

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

عدد خاص‏ 32<br />

مارس‏ 2012<br />

في دموع مهري الغالية<br />

نذير بولقرون<br />

● ماذا عساني أن أكتب يا سي عبد<br />

الهميد،‏ إن الكلمات تفر مني هاربة<br />

إليك،‏ وكأنها تستنجد بك،‏ لعلها<br />

تستعيد بعض‏ الروه،‏ وهي التي<br />

تعتصر ألما وتذرف الدمع السخي<br />

على رحيلك.‏<br />

دعني،‏ يا سي عبد الهميد،‏<br />

أسترجع ذكرى الدمع الذي فاض‏<br />

من عينيك،‏ في ذلك اليوم الذي<br />

وجدتني أكتشف فيه دمعا ليس‏<br />

ككل الدموع.‏<br />

إنها الدموع الجليلة التي يجود بها<br />

الرجال،‏ وأنت الرجل يا سيد<br />

الرجال،‏ وها أنا يا سي عبد الهميد،‏<br />

أعتذر منك،‏ وأنت الذي عهدتك<br />

مسامحا نبيلا وكريما،‏ في العودة<br />

بك إلى ذلك المشهد الجميل،‏ الذي<br />

كان يتعطر بدمعك الغالي،‏ وقد<br />

قلت لي بعد أن قرأت المقال الذي<br />

تحدثت فيه عن دموعك:''‏ لقد<br />

فضهتني يا سي نذير''.‏<br />

تتذكر،‏ يا سي عبد الهميد،‏ لما<br />

انطلقت أصوات الشباب تشدو<br />

‏''والله زمان يا سلاحي '' من هناك<br />

كان إنشاد آخر،‏ أكشر وقعا وقوة،‏<br />

تنشده دموع،‏ انهمرت في لهظة<br />

تحرر أو تمرد أو تحد لرجل،‏ برهن<br />

دوما،‏ وفي أصعب الظروف<br />

وأخطرها،‏ أنه عملاق لا يهتز،‏<br />

هكذا كان يبدو بقامته المنتصبة،‏<br />

التي توحي دوما بالعنفوان<br />

والكبرياء،‏ رجل يختزن أحزانه<br />

وعواطفه وكذا دموعه،‏ لا يبوه بها<br />

إلا إلى نفسه،‏ وكأنه لا يأتمن عليها<br />

أحدا أو أنه يأبى أن تنطق عيونه<br />

حزنا أو فرحا أو ترصده العيون<br />

وقد استسلم لذلك السيل من<br />

الدموع،‏ لقد فجرت فيك تلك<br />

اللهظة العاطفية التي قررت مدى<br />

حاجتك إلى سكب الدموع.‏<br />

ها أنت،‏ يا سي عبد الهميد،‏ من<br />

كنت تبدو بارد العواطف وبخيل<br />

المشاعر،‏ يسكنك الدمع السخي،‏<br />

تجاهر به من شدة محاولات إخفاءه<br />

وستره،‏ وكأنه يرفع الستار عن<br />

صورة أخرى راءعة لرجل تجمعت<br />

فيه أكشر من صورة جميلة.‏<br />

إن الدمعة في العين أسرار،‏ ويا ترى<br />

ما السر الذي جعل دموعك تلمع في<br />

عينيك ثم تتدفق كالطوفان،‏ دون<br />

مشورة أو استئذان،‏ ما الذي جعلها<br />

تبوه بالمكنون الذي يسكن قلبك.‏<br />

هل هي ‏''والله زمان يا سلاحي ''، هي<br />

التي حركت الشجون وفتهت باب<br />

المواجع وأتاحت تلك الفرصة<br />

الشمينة للبكاء..‏ البكاء على أمة لم<br />

يعد يوحدها الهزن،‏ إنه ذلك<br />

العنفوان،‏ الممتد تاريخا ونضالا،‏<br />

يأبى إلا أن ينهني خشوعا أمام<br />

الدمع الجميل المعطر بعبق الهب.‏<br />

فهل تراها دموع الفره والأمل<br />

وليس‏ الهزن والألم،‏ هي التي<br />

وجدت نفسها،‏ هذه المرة،‏ تنهمر<br />

مطواعة،‏ بلا خوف أو خجل،‏ وكأنها<br />

تزف لنا ميلاد فجر جديد،‏ ألا<br />

تستهق تلك الولادة،‏ دموع الرجال<br />

وعدا وابتهاجا.‏<br />

لم تكن دموعك،‏ يا سي عبد<br />

الهميد،‏ شبيهة بتلك الدموع<br />

الساذجة لأمة تحترب مع نفسها ثم<br />

تسيل دماوءها فتفيض‏ دموعها على<br />

من تبكي،‏ وقد صار لكل طاءفة<br />

شكواها ومراثيها ولكل فئة قتلاها<br />

ومناحاتها.‏<br />

لم تفلت الدموع من عيونك رغم<br />

أن القلب كان ينزف دما.‏ عندما<br />

كانت الجزاءر تئن تحت وطأة القتل<br />

اجملنون،‏ لأنك توءمن بأن البكاء هو<br />

لساعة الهزن لكنه لن يضع حدا<br />

لسيل الدماء.‏<br />

لم تضعف إرادتك،‏ يا سي مهري،‏<br />

لم تهتز مواقفك ولم تلجأ‏ إلى<br />

الدموع تحتمي بها من هجمة ظالمة<br />

أو تسكن بها آلامك ‏-وهي آلام<br />

الجزاءر.‏ بل ظللت تغلف الغيظ<br />

بالرزانة واستطعت في النهاية أن<br />

تشبت أن في وسع العناد توفير ما<br />

يكفي للعين لكي ترى ما قد يبدو<br />

خافيا،‏ وقد أنصفك التاريخ،‏ يا سي<br />

عبد الهميد،‏ فطوبى لك يا من<br />

اخترت أن تموت حيا في ضمير<br />

أبناء الجزاءر الذين يقدرون فيك<br />

صدقك وإخلاصك وحبك لوطنك<br />

وشعبك.‏<br />

كانت تلك اللهظة المناسبة التي<br />

فجرت ينابيع الدموع في عيونك،‏<br />

وهي العيون التي كانت تبدو<br />

جامدة،‏ لأن الألم الذي يسكنها قد<br />

امتص‏ منها الدمع،‏ وها أنت،‏ يا سي<br />

عبد الهميد،‏ تزداد وقارا وعنفوانا<br />

وأنت تواري دموعك فإذا هي تسيل<br />

مدرارا،‏ تأبى أن تتوقف وكأنها تعلن<br />

عن الوجه الآخر لذلك السياسي<br />

البارع،‏ الشجاع،‏ صاحب الأخلاق<br />

الرفيعة،‏ الذي من حقه،‏ بل من<br />

واجبه كذلك أن يعزف بالدمع<br />

معزوفة العشق لوطنه وأمته.‏<br />

تمردت الدموع من عيونك،‏ يا سي<br />

عبد الهميد،‏ أليست رسالة حب<br />

للجزاءر التي تحبها حبا لا يضاهيه<br />

حب،‏ فعندما كانت الجزاءر غارقة<br />

في دماء الأزمة المهلكة والمدمرة،‏<br />

كنت،‏ يا سي عبد الهميد مهري،‏ لا<br />

تستسلم للأمر الواقع،‏ بل كنت<br />

تجاهر برأيك دون خوف،‏ لأنك<br />

كنت تخوض‏ معاركك،‏ بشراسة<br />

الوطني الأصيل،‏ من أجل الجزاءر<br />

والجزاءر وحدها دون سواها.‏<br />

لم تكن دموعك التي فاضت<br />

استسلاما لضعف بل تعبيرا عن<br />

إحساس‏ بالقوة،‏ كيف لا وأنت رجل<br />

المصالهة،‏ كان ذلك هو التهدي<br />

الذي يسكنك وكأنه يأبى إلا أن<br />

يوقظ الساءرين نياما،‏ فالمصالهة<br />

هي قدر الجزاءر،‏ كان ذلك هو<br />

الشعار الذي قاتلت من أجله،‏ أنت<br />

الذي عرف من الظلم ألوانا،‏ لكنك<br />

لم تستسلم وكان قدرك أن تصبر<br />

وتصمد وتقاوم،‏ أنت الرجل<br />

الطيب،‏ الخلوق،‏ المشقف،‏ الذي<br />

يخوض‏ معاركه السياسية بأخلاق<br />

الفرسان وبأسلهة الهجة والبيان.‏<br />

من أين لي بالدمع،‏ يا سي عبد<br />

الهميد،‏ وقد فاضت الدموع لفراق<br />

رجل ليس‏ ككل الرجال،‏ رجل كان<br />

يرى أبعد مما يرون ويبصر ما لا<br />

يبصرون،‏ لم يبع،‏ لم يقايض‏ ولم<br />

يساوم،‏ ذلك هو عبد الهميد مهري<br />

الهاضر بقوة في كل محفل تاريخي<br />

أو فكري،‏ يهظى دوما بالتبجيل<br />

والتكريم،‏ حتى خصومه كان اسمه<br />

يبعش فيهم الرهبة وكانت كلماته<br />

تخرس‏ فيهم الألسنة.‏<br />

آه،‏ سي عبد الهميد،‏ لقد تمردت<br />

دموعك يوما،‏ وما أغلى دموع<br />

الرجال أمشالك،‏ وهم قليلون،‏<br />

وهاهي دموع أمتك تنهمر مدرارا<br />

حزنا على فراقك،‏ لأنها تشعر<br />

باليتم بعدك،‏ ولأن آخر الرجال<br />

المحترمين قد آثر الرحيل.‏<br />

شعر:‏ عبد المالك ڤرين<br />

عز الفراق<br />

والجره جره والبلاء بلاء<br />

هل كان يكفي في الفقيد رثاء<br />

أو كان يجدي في العظيم عزاء<br />

أو قد يفيد تصبر وتجلد<br />

أذن الرحيل وتمت البلواء<br />

عز الفراق وما من حيلة نفعت<br />

أو كان يقبل في الكبير فداء<br />

يا موت لو أفصهت قبل رحيله<br />

أو كان ضرك لو يطول بقاء<br />

ما كان ضرك لو رأفت بأمة<br />

هانت لها النكبات والأرزاء<br />

أو ما علمت بأن فقده نكبة<br />

نادته لبى جنة علياء<br />

أو قد علمت مقامه في المنتهى<br />

قامت تودع لو يرد قضاء<br />

هذي الجزاءر شيبها وشبابها<br />

إن الأكف تضرع ودعاء<br />

من للجزاءر صبرها وعزاوءها<br />

ولى بفقدك منبر وفضاء<br />

يا راحلا للخلد ولى وجهه<br />

وإذا نطقت تسمر الخطباء<br />

فإذا كتبت تكسرت أقلامهم<br />

شهدت لك الأعداء والرفقاء<br />

وإذا سكت فهكمة مقصودة<br />

فعلى يديك تتلمذ البلغاء<br />

وإذا البلاغة أخرجت فرسانها<br />

في العرب أنت القمة الشماء<br />

وإذا العروبة عددت أبطالها<br />

كنت الإمام وغيرك الشبهاء<br />

وإذا الوفاء تفاخر أهله<br />

والصدق أنت سبيله الغراء<br />

الفكر أنت حبيبه وخليله<br />

للهق كانت كفك البيضاء<br />

والهق أنت نصيره وظهيره<br />

بصهيه نهجك يقتدي الشرفاء<br />

للعرب عشت مجاهدا ومناضلا<br />

وتشرفت بك عزة وإباء<br />

شرف الألى للمجد راموا عزة<br />

وتحكمت في الأنفس‏ الأهواء<br />

واشتد خطب بالجزاءر عاصف ناديت فيهم لو أجيب نداء<br />

ووقفت في غسق الدجى مستصرخا أوما تهدد فرقة عمياء<br />

ماكنت تخشى لومة من لاءم<br />

أو كنت تسعى ليمده الغوغاء<br />

ماكنت ترضى أن تخون أمانة<br />

أيام ضلت فرقة رعناء<br />

ولكم صبرت على الأذى متهسبا<br />

وكذاك يفعل ساسة جهلاء<br />

فتجاهلوا وتحاملوا وتطاولوا<br />

للصله نادت أمة جمعاء<br />

والهق أنصف أهله يا خالدا<br />

والكون حزن والوجود بكاء<br />

ماذا تفيد قصيدة عصماء

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!