Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
إمكان لالتفاق ولو على المناقشات الصحيحة.. فإن اتفقوا على رأي أغلبية يكون<br />
رأيًا مشبعًا بالجهل باألسرار السياسية.. وهذا ما يبذر بذور الفوضى في<br />
الحكومة عندما تقول إنها ديمقراطية.. ولهذا فقد قدمناها إلى حكومات<br />
الغوييم البهائم على أنها أرقى أنواع الفكر اإلنساني.<br />
ولو تفكر أصحاب الديمقراطية والجمهورية قليلًا لوجدوا أن الشعوب اآلن<br />
تتحمل من وزرائها ورؤسائها إساءات لو حدثت في الماضي كانوا سيقتلون من<br />
أجلها عشرين ملكًا.. لكنهم ال يقرأون التاريخ وال يحبونه.<br />
االستبداد وحده هو الذي يقيم الحضارة.. فهل يمكن لخطة مجزأة عدد أجزائها<br />
بعدد العقول التي صنعتها أن تقيم حضارة؟ محال طبعًا.. فالغالب أنها تكون<br />
حضارة هشة ضائعة القيمة.. فالجمهور بطبعه بربري.. وفور أن تعطيهم شيئًا<br />
من الحرية فهم يمسخونها إلى فوضى.. القوي يحكم دائمًا والضعيف يخضع<br />
دائمًا.. لهذا ينجح األب في تربية ابنه الصغير.. ويفشل في تربية ابنه الكبير..<br />
ولذلك في حكومتنا يجب أن نكون صارمين جدًّا في كبح كل تمرد.. أما الكلمات<br />
الجوفاء والتربيت على الرؤوس وهذه الترهات كلها يجب أن تكون من خصال<br />
حكومات الغوييم.<br />
الحقيقة التي يفرضها علينا هذا الزمان هي االستبداد.. قل لي ما نوع الحكومة<br />
التي يمكنها أن تحكم مجتمعًا تفشَّت فيه الرشوة والفساد حتى ذبلت أوراقه<br />
وتساقطت.. قد تقول لي إن حكومة االستبداد هذه قد ولَّى زمانها ولم تعد<br />
تصلح للعصر الحديث.. لكنني سأبرهن لك أن العكس هو الصحيح.. لما كان<br />
الناس ينظرون إلى ملوكهم نظرة من معهم إرادة من إرادة اهلل.. كانوا<br />
يخضعون في هدوء الستبداد ملوكهم.. لكن لما أوحينا لهم بفكرة الحقوق<br />
والمساواة وما إلى ذلك بدأوا في النظر إلى الملوك نظرتهم إلى أبناء الفناء<br />
العاديين وسقطت عنهم المسحة المقدسة.. وبهذا لن يقبلوا منهم استبدادًا وال<br />
حتى نصف استبداد.<br />
209