مجلة رسائل الشعر - العدد 5
مجلة رسائل الشعر، مجلة فصلية تعنى بالشعر. العدد الخامس، كانون الثاني 2016 (ملف خاص بالقصيدة المغاربية المعاصرة) www.poetryletters.com رئيس التحرير: د.رامي زكريا
مجلة رسائل الشعر، مجلة فصلية تعنى بالشعر.
العدد الخامس، كانون الثاني 2016
(ملف خاص بالقصيدة المغاربية المعاصرة)
www.poetryletters.com
رئيس التحرير: د.رامي زكريا
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
القصيدة املغاربية املعاصرة<br />
"<br />
- ال شك في أن املجاطي قد استحضر في قوله:<br />
كيْ ف فاضَ املاءُ في التّ ن<br />
ُّ ور "<br />
النص القرآني.<br />
إن<br />
فيضان املاء في التنور إشارة من هللا جل عاله إلى<br />
نبيه نوح عليه السالم بدُ نوّ الطوفان، لكي يركب<br />
الفُ لك وينجو بنفسه وباملؤمنين.<br />
وقد وردت في<br />
القرآن الكريم مرتين. يقول تعالى في سورة "هود":<br />
﴿ح ّ ى إذا جاءَ أمْ رُنان وفارَ ّ التنور ق احْ مِ ل فيها<br />
ويقول في سورة<br />
من كُ لّ ز ْ ن اثني<br />
ْ ﴿فأو حَ يْ نا إلي ِ أنِ اصْ نَ عِ الفُ لْ َ<br />
"املؤمنون":<br />
بأعْ يُ نِ نا و و فإذا جاءَ أمْ رُنان وفارَ التنّ ورن<br />
فيها مِ نْ كل ز ْ ن اثني<br />
ُ لنا :<br />
)68(<br />
. وقد أشار<br />
.<br />
ْ نِ ﴾<br />
)67(<br />
ْ ن ﴾...<br />
َ ْ و َ جي<br />
َ ْ و َ جي<br />
َ ْ ح َ ينا .<br />
فاس ْ لُ ْ<br />
املجاطي في كالمه إلى فيضان املاء في التنور<br />
-على<br />
غرار ما جاء في القرآن- ليدلّ نا على أن عودة أولئك<br />
حين كانت و على مجتمعهم<br />
ّ<br />
ِ<br />
الفرسان املتبَ<br />
ً<br />
كالطوفان تماما.<br />
َ باالً<br />
نالحظ أن أغلب النصوت الغائبة التي وظفها<br />
املجاطي مقبوسٌ من التراث العربي، وأنها موظَّ فة<br />
بدقة وببراعة كبيرتين، وأن الشاعر قد رام من<br />
توظيفها تحقيق مقاصد معينة. وهكذا، ينبدّ ى لنا<br />
أن اللمحات التراثية في قصيدة املجاطي<br />
)69(<br />
"ليست<br />
زينة وال مقايسة" ، وإنما هي مسخَّ رة لخدمة<br />
ِن اسْ نشهادي<br />
الداللة العامة للنص وإغنائها بمكوّ<br />
عميقِ الصلة بفحوى النص ومَ غْ زاه.<br />
إن هذه<br />
اللمحات وردت منساوقة مع سياق القصيدة؛<br />
بحيث ال تبدو نَ ً شازا ، ألن الشاعر استطاع -بحِ ذقه<br />
ِعها ويكيِّ فَ ها مع السياق<br />
وموهبته- أن يطوّ<br />
.<br />
إن حضور النصوت الغائبة في القصيدة<br />
دليل على حضور البعد الثقافي من وجهة، وعلى<br />
وجود تفاعل بين القديم والحديث من وجهة ثانية.<br />
وتسْ هم هذه النصوت في تبْ ديد غموض القصيدة،<br />
وفكّ طالسِ مها في َ أحايين كثيرةٍ . يقول إدريس اليزامي<br />
عن النصوت الغائبة: "إنها املراجع الثقافية التي<br />
تتغذى متها قصائد الشاعر، وبالتالي فهي إضاءات<br />
-<br />
-<br />
ّ حق اً<br />
لظالم الغموض الذي يكتنف بعض<br />
)31(<br />
النصوت" .<br />
وال يمكن للقارئ أن يفهم نصا تكتنفه نصوت<br />
ً<br />
غائبة )مثل نص املجاطي الذي ندْ رُسُ ه( فهما سليما<br />
ما لم يكن مزوَّ داً بثقافة واسعة ومتنوعة. وفي هذا<br />
املضمار، يقول دمحم مفتاح إن التنات<br />
"ظاهرة<br />
لغوية معقدة تسْ تعْ ص ي على الضَّ بْ ط والتقنين، إذ<br />
يُ عتمَ د في تمييزها على ثقافة املتلقي، وسعة معرفته<br />
)30(<br />
وقدرته على الترجيح" .<br />
ملف<br />
<br />
89 |<br />
<strong>رسائل</strong> <strong>الشعر</strong><br />
- <strong>العدد</strong> الخامس - كانون الثاني 2016