المرأة في عصر الديموقراطية
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
املرأة <strong>في</strong> <strong>عصر</strong> الديمقراطية<br />
النساء غري قادرات على أن يحكمن على الأشياء حكمًا ذاتيٍّا، فعليهن أن يخضعن<br />
لأحكام آبائهن وأزواجهن خضوعهن لحكم الكنيسة.<br />
لم يشذ عن هذه الطريقة التي اتبعها كل كتاب الثورة الفرنسية غري ال<strong>في</strong>لسوف<br />
«كوندورسيه»؛ فقد ظهر <strong>في</strong> بعض كتابات ظهرت له سنة ١٧٨٧، وتكاد تكون من<br />
منسيات ما كتب، إلى القول بأنه من املستحيل أن تستقر حقوق الإنسان على قاعدة ثابتة،<br />
ما لم يعترف بهذه الحقوق للمرأة، وإن كل الأسباب التي أدت إلى الاعتقاد بأن لكل رجل<br />
الحق <strong>في</strong> أن يكون له صوت مسموع <strong>في</strong> حكم بلاده، هي الأسباب التي تحملنا على إضفاء<br />
هذه الحقوق على النساء، قال:<br />
وعلى الأقل للواتي هن أرامل أو غري متزوجات.<br />
ولو لم يقيد «كوندوسيه» رأيه بذلك القيد الذي هو أثر من آثار الفكرة السائدة <strong>في</strong><br />
<strong>عصر</strong>ه، إذًا لكان أول رائد دافع عن حقوق املرأة <strong>في</strong> ال<strong>عصر</strong> الحديث.<br />
ولا ريب <strong>في</strong> أن موقف كتاب فرنسا من املرأة <strong>في</strong> ذلك ال<strong>عصر</strong> كان فذٍّا غريبًا؛ إذا<br />
تذكرنا «ماريا تريزا» وامللكة «كاترين» <strong>في</strong> روسيا، واملكانة العليا التي شغلتها كل منهما<br />
<strong>في</strong> سياسة بلادها خاصةً؛ وسياسة أوربا عامة، أضف إلى ذلك املنزلة السامية التي احتلتها<br />
نساء موهوبات <strong>في</strong> الاجتماع والأدب والبحوث العقلية و<strong>في</strong> الحياة السياسية، منذ انقضاء<br />
<strong>عصر</strong> لويس الرابع عشر، ناهيك بما كان للمرأة من موضع <strong>في</strong> إلهاب روح الثورة <strong>في</strong><br />
فرنسا، وما كان لها من تضحية <strong>في</strong>ها، وأية تضحية أعظم وأنبل من تضحية مدام «رولان»<br />
و«شارلوت كورداي» وأولاهما من املوهوبات <strong>في</strong> السياسة والأدب، والثانية من الفدائيات،<br />
كانت الأولى من أعضاء حزب «الجريوند» املبرزين <strong>في</strong>ه، وكانت الثانية من املضحيات اللواتي<br />
تذكرهن فرنسا إلى جانب «جان دارك»، وقد سقطتا على املقصلة، مع رجال من أبرز رجال<br />
ال<strong>عصر</strong>.<br />
ناهيك بما عليه كثري من املؤرخني الذين يعتقدون أنه ما من كاتب استطاع أن يزن<br />
حوادث ذلك ال<strong>عصر</strong> بميزان أدق أو عقلية أرحب أو أفق أوسع من مدام «ده ستايل»،<br />
كذلك نعلم أن إنسانًا ما من الذين عاصروا الثورة، لم يستطيع أن يلهب بمواقفه نريان<br />
الحقد والغضب استمساكًا بوجهة من النظر السياسي، فكان أعنف وأصبر على مكاره ذلك<br />
املوقف النكد من امللكة «ماري أنطوانيت»، وهي بشهادة الجميع من أكثر اللواتي سقطن<br />
على املقصلة استنارةَ فكرٍ واستقامة رأي وثبات جنان.<br />
14