المرأة في عصر الديموقراطية

الفصل الثاني
عماد أسرته،‏ في حني أن الأجر الذي تحصل عليه الزوجة العاملة،‏ فيه صفة الإضافة أي
صفة أنه شيء يسد النقص الذي قد يقصر عنه كسب الزوج.‏
ولا ريبة في أن هذه الأشياء من شأنها أن تؤثر في قيمة الأجر النسبي الذي يخصص
لكل من الجنسني،‏ ولكن الحقيقة أن نزول مستوى أجور النساء عن أجور الرجال،‏ من
شأنه أن يذكي املنافسة ويشعل لظاها،‏ ويزيد الرجال رغبة في أن يقصوا املرأة عن مجال
العمل،‏ فإذا لم يستطيعوا ذلك،‏ تمنوا لو أنهم ردوها إلى القصور والعجز،‏ ومما لا شبهة
فيه أن القيود التي تفرضها تشريعات املصانع ونظام اتحاد املهن على العمال،‏ من شأنها
أن تكون موضع شكوى البعض منهم،‏ غري أنها إلى جانب هذا إنما تعبر عن رغبات
أكثريتهم الغالبة؛ ذلك بأن مثل هذه الرغبة قد تستغل استغلالاً‏ فعالاً‏ في تعزيز تلك القيود
والحرمانات التي تُفرض على العمل النسوي.‏
٤
قيل بأن العمال عندما دافعوا عن خطة فرض القيود وزيادتها على عمل العاملات،‏ لم
يكونوا محفوزين إلى ذلك ببواعث إنسانية صرفة،‏ بل كانوا واقعني تحت تأثري املنافسة
املهنية،‏ وليس ذلك بمستغرب،‏ فإنه ولا شك نتاج إحساسات عادية تظهر آثارها في كل
الجماعات الكبرية التي تنزع لأمر ما إلى التنافس،‏ وأن قليلاً‏ من الناس من يدخلهم الشك
في حقيقة أن أصحاب مهنة الطب،‏ ما عارضوا في قبول النساء عاملات في هذه املهنة،‏ إلا
واقعني تحت تأثري هذه البواعث،‏ ولو بشكل جزئي على الأقل،‏ وكذلك ترى أن نقابات املهن
التي طالبت بإخراج النساء من العمل في املطاحن،‏ قد بنوا طلبهم صراحةً‏ على أن ذلك من
شأنه أن يخفف الضغط عن سوق مفعم بالعمال،‏ بإبعاد العدد الزائد منهن عن املزاحمة
فيه،‏ والذين أدلوا برأيهم أمام لجنة العمل التي أرادت أن تزاد الحدود والقيود املفروضة
على عمل النساء في املعامل قد ذهبوا مذهبني:‏ الأول:‏ أن هذه القيود من صالح النساء،‏
والثاني:‏ أن ميلهم إلى زيادة هذه القيود إنما يقوم على رغبة في التخلص من مزاحمة
العمل النسوي الذي أثر في أجور العمال وفي معيشتهم تأثريًا بي ِّنًا.‏
لست أريد أن أبالغ في الأمر،‏ ولكن لي أن أقول:‏ إن النساء أميل إلى املحافظة على
النظامات الحكومية من الرجال،‏ ومما لا شك فيه أن النساء إذا أصبح لهن صوت ذو أثر
في هذه الأجور،‏ فإنهن ولا شك لا يرغبن في زيادة القيود التشريعية،‏ أكثر مما يرغبن في
إنقاصها،‏ وأن حق تصويت النساء في الانتخاب إذا تم لهن،‏ فإن نسبة قليلة مما يكون لهن
31