23.12.2015 Views

قطر الندى

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

خمارويه ابن طولون<br />

م خ اف ةَ‏ ق ولٍ‏ أن ي خ ال ف ف ع ل ه<br />

وأن ي ه دم ال ع ز َّ ال مُ‏ شَ‏ ي َّ دَ‏ ه ادمُ‏<br />

ومضت أسابيع ثم التقى الجيشان،‏ ورأى أبو العباس وجه خمارويه،‏ ورأى<br />

خمارويه وجه أبي العباس،‏ واقتتل الشابان اللذان ترتبط بهما مصاير الدولتني … ثم<br />

كانت الوقعة التي شابت لها مقادم أبي العباس،‏ فخلف وراءه جنده وأتباعه وما احتاز<br />

من مغانم،‏ وفر على أدباره وحيدًا يلتمس السلامة،‏ فما وقف به فرسه حتى بلغ أبواب<br />

دمشق،‏ ولكن دمشق يومئذ كانت قد بلغها النبأ،‏ فأغلقت أبوابها دونه،‏ وتركته على<br />

الطريق يلتمس الدفء واملأوى فلا يكاد يجد،‏ واستأنف الفرس عدوه بفارسه املنهزم،‏<br />

حتى بلغ ثغر طرسوس،‏ ولكن املقام لم يَطِ‏ بْ‏ للأمري في طرسوس،‏ كما لم يَطِ‏ بْ‏ له<br />

املقام من قبل،‏ فقد خاصمه ‏«يا زمان»‏ البحري صاحب الثغر،‏ وثار به أهل املدينة،‏<br />

فَأَجْلَوْهُ‏ عن ديارهم،‏ فخرج وحيدًا طريدًا قد ضاقت عليه الأرض،‏ فاعتلى ظهر جواده<br />

وأطلق له العِ‏ نان،‏ حتى بلغ قصر أبيه املوفق في بغداد بعد غياب عام ونصف عام في<br />

حرب لم يظفر فيها بغري الإياب …<br />

وأوى الشاب الثائر إلى بيته صامتًا مكروبًا،‏ لا يكاد يجد مساغًا للطعام والشراب،‏<br />

ولا سبيلاً‏ إلى املنام.‏<br />

٣<br />

قال املوفق لولده:‏ ‏«الحمد هلل يا بني َّ إذ ردك إلي َّ راشدًا موفورًا،‏ فلا تأسَ‏ 21 على ما كان،‏<br />

فإن للدول كما للناس آجالاً‏ ، إذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدمون.»‏<br />

وهم َّ أبو العباس أن يجيب فذابت الكلمات على طرَف لسانه،‏ ومضى أبوه في حديثه:‏<br />

«… وإنما يأتي أجل بني طولون يوم تصفرُ‏ أيديهم من املال،‏ فلا يجد الجند يومئذ لهم<br />

رزقًا في دولتهم،‏ ولا يجدون هم في أيديهم من املال ما يرشون به الوزراء ويصطنعون<br />

القواد … وقد تولى اليوم أمرهم إسحاق ومحمد بن أبي الساج،‏ كل منهما يطمع في<br />

عرش الطولونية،‏ فلا يزالان يطلبان لها الغرة ويضعفانها بما يثريان في بلادها من<br />

أسباب الفتنة،‏ فدعهما يا بني وما تولياه من أمرٍ‏ حتى يأذن الأجل.»‏<br />

21 لا تحزن.‏<br />

33

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!