23.12.2015 Views

قطر الندى

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

خمارويه ابن طولون<br />

قال املنج ِّم:‏ ‏«صبرك يا مولاي،‏ إنما هي أخبار تصدق وتكذب،‏ ولعل فيها على<br />

الحالني ما يدل دلالة،‏ ومولاي أعلى عينًا،‏ وأبصر بسياسة امللك.»‏<br />

قال املوفق:‏ ‏«هيه!»‏<br />

قال:‏ ‏«وقد أخبرتني النجوم أن هذه الدولة لم يَحِ‏ نْ‏ أجلُها بعدُ.»‏<br />

فضحك املوفق ساخرًا،‏ وقال:‏ ‏«نعم.»‏<br />

قال:‏ ‏«وستمضي سنوات … وتكون الطولونية أدنى إلى بغداد مما هي اليوم.»‏<br />

قال املوفق غاضبًا:‏ ‏«ماذا؟ …»<br />

وكأنما هم َّ أن يبطش به ثم أمسك.‏<br />

قال يحيى:‏ ‏«صبرك يامولاي،‏ إن في حديث النجوم رمزًا يشبه رؤيا الحالم،‏ أنا إنما<br />

أتحدث بما تراءى لي،‏ وليس علي َّ تعبريه … وقد رأيت الطولونية تكون أدنى إلى بغداد<br />

مما هي اليوم،‏ وسيكون بتدبري ولدك أبي العباس يا مولاي أقصى ما تبلغ من الدنو،‏<br />

حتى يقع ظلها على عرش الخليفة.»‏<br />

قال املوفق ساخرًا:‏ ‏«بس!‏ أمسكْ‏ عليك يا يحيى،‏ لقد كذبتْكَ‏ نجومك،‏ أو لا فأنت<br />

منذ اليوم لا تحسن ما تقول،‏ لو زعمت غري أبي العباس لكان خبرًا،‏ فليس شيء أبغض<br />

إلى أبي العباس في دنياه من طولون،‏ وددت لو سمع منك ما تقول ليدق َّ عنقك.»‏<br />

قال يحيى:‏ ‏«فيأذن لي مولاي أن أفرغ من حديثي قبل أن يقدم أبو العباس فيدق<br />

عنقي،‏ ولم أروِ‏ خبرًا؟»‏<br />

قال املوفق ضاحكًا:‏ ‏«قل.»‏<br />

قال:‏ ‏«وستدنو الطولونية حتى تكون في القصر الحُسَ‏ نِي ِّ ، وتدخل دار صاعد بن<br />

مخلد،‏ 62 وتسري بها الشذوات في دجلة،‏ 63 وتضاء لها في قصر الخلافة أنوار … ثم تخبو<br />

كما ينطفئ املصباح فلا يبقى غري الرماد … فإن رأى مولاي أن يعرف متى يكون<br />

أجلها،‏ فإنه بعد بضعة عشر عامًا بني العشرة والعشرين،‏ ولست أعرف على التحديد،‏<br />

ولكن إذا أمرني مولاي فإني أستنبئ له.»‏<br />

قال املوفق:‏ ‏«وتستنبئ أيضً‏ ا يا فاسق!‏ اغْرُبْ‏ عني 64 فليس بي حاجة إلى نبوءتك.»‏<br />

62 من قصور الخلافة في بغداد.‏<br />

63 الشذوات:‏ معابر تشبه الذهبيات.‏<br />

64 ابعد عني.‏<br />

49

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!