23.12.2015 Views

قطر الندى

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

خمارويه ابن طولون<br />

ومضت فترة قبل أن يقول الأمري الشاب لأبيه:‏ ‏«يا أبه … افسح لي صدرك!‏ … لست<br />

أنكر عليك ما تفعل،‏ ولكني أريد أن أعرف وجهه … وقد صنعت اليوم شيئًا … أفرأيتك<br />

وقد أعطيت خمارويه عهد الصلح،‏ قد أعطيته شيئًا تملكه به أو يملكك؟ … وهل هو<br />

إلا ثائر قد خرج على مولاه،‏ فليس له إلا السيف أو يثوبَ‏ 27 إلى الطاعة والولاء؟»‏<br />

قال أبوه:‏ ‏«نعم،‏ وما أراني أعطيته شيئًا أملكه أو يملكني،‏ بل أملك به نفسي وتملك<br />

به نفسك،‏ وسيصري إليك أمر هذه الدولة يومًا،‏ فإذا حَزَبَكَ‏ 28 يومئذ أمر من أمرك ولم<br />

تجد الوسيلة فاعتصم بالأناة وحسن التأني،‏ حتى تُمكِنَ‏ الفرصةُ‏ ويحني الأجل،‏ ولا بد<br />

أن يحني …»<br />

قال الشاب في ثورة حانقة:‏ «… لا بد أن يحني يوم تصفر يده من املال … هكذا<br />

تقول …» وما أرى هذه ستكون يومًا،‏ وأنت تُقْطِ‏ عُه كل يوم ملكًا جديدًا،‏ وتُمَك ِّن له<br />

29<br />

فيَغْنَى وَيَشرْ‏ ‏َه.‏<br />

قال الشيخ في هدوء:‏ ‏«فما تصنع أنت؟»‏<br />

فبدا الانكسار في وجه الأمري الشاب،‏ وتذكر املاضي القريب فأطرق وعاد إلى<br />

الصمت …<br />

ودخل غلام الأمري يؤذنه بحضور بعض من كان ينتظر من أصحاب سره …<br />

وخلا الأمري بأصحاب سره،‏ وهم بضعة نفر من أهل العزم والقوة،‏ ليس فيهم إلا<br />

من يتمنى جاهدًا أن يكون على يديه مصرع خمارويه وتقويض دولته،‏ منهم من نشأ<br />

في نعمة بني طولون،‏ ومنهم من سلبه بنو طولون نعمته …<br />

وتقدم الأمري إلى حاجبه أن يستوثق من الباب،‏ فلا يأذن لقادم ولا يؤذنه بقادم،‏<br />

ثم أقبل على جلسائه فقال:‏ ‏«ماذا وراءكم من النبأ؟»‏<br />

قال إسحاق:‏ ‏«إن مولاي لعليم بكل ما هنالك،‏ فما تخفى عليه خافية في أطراف<br />

البلاد،‏ ولكن هذا العهد الجديد يا مولاي!‏ …»<br />

قال املوفق:‏ ‏«خل ِّ عنك ذلك العهد وحدثني بما عندك.»‏<br />

27 يرجع.‏<br />

28 ضاق بك.‏<br />

29 يزداد طمعًا.‏<br />

37

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!