23.12.2015 Views

قطر الندى

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

خمارويه ابن طولون<br />

وجاء حاجبه مهرولاً‏ يقص عليه:‏ ‏«السودان يا مولاي!»‏<br />

قال الأمري وفي وجهه علائم الجد:‏ ‏«ما شأن السودان؟»‏<br />

قال الغلام:‏ ‏«لقد اجتمعت جموعهم،‏ فوثبوا بصاحب الشرطة على غرة 38 فألجئوه<br />

إلى داره،‏ وما أراه إلا قد هلك في أيديهم.»‏<br />

ولبس خمارويه شِ‏ ك َّته،‏ وقصد إلى دار صاحب الشرطة،‏ وفي يده سيف مسلول،‏ فما<br />

رآه السودان حتى أخذتهم هيبته،‏ وأعجلهم سيف الأمري فمن ناله منهم هلك،‏ وتفرق<br />

جمعهم أباديدَ‏ ذات اليمني وذات الشمال،‏ وتتبعهم غلمان الأمري يقتلون كل من لقوه<br />

منهم،‏ فهلك منهم من هلك،‏ واستخفى من استخفى،‏ حتى يبيض وجهه،‏ وسكنت الفتنة<br />

وأمن الناس،‏ وعادت الحياة في مصر كما كانت:‏ تجري مجراها آمنة مطمئنة.‏<br />

وجيء إلى الأمري بهارب من السودان كان مستخفيًا في بعض أزقة املدينة،‏ فلما<br />

استنطقه الأمري نطق …<br />

وظهر لخمارويه بعض ما كان خافيًا من أسباب فتنة السودان،‏ فكتب إلى املوفق<br />

في بغداد كتابًا يذكره فيه بما بينهما من عهد،‏ ويسأله القبض على لؤلؤ الطولوني<br />

والقصاص منه،‏ جزاء سعيه بالفتنة بني جند مصر.‏<br />

39<br />

وقُبِض على لؤلؤ واسْ‏ تُصْ‏ فِ‏ يَ‏ ماله،‏ وحُبِس في املطبق.‏<br />

٦<br />

كان محمد بن أبي الساج في كرسي الإمارة من بلاد املوصل،‏ قد اجتمعت في يده كل<br />

أسباب السلطان،‏ فلولا أنه قد دفع ولده ‏«ديوداد»‏ إلى خمارويه رهينة على الولاء لاستبد<br />

بالأمر وخلع طاعته …<br />

على أن خواطر أخرى كانت تصطرع في نفسه،‏ وتسلبه الطمأنينة وراحة الضمري،‏<br />

فإنه ليعلم من نفسه علم اليقني أنه يوم خرج لجهاد الطولونية منذ سنوات ثلاث،‏ لم<br />

يكن يقصد إلى الإمارة والتملك والاستبداد بالحكم في بلد من بلاد الخليفة بغري رسمه،‏<br />

ولم يكن يُقَد ِّر أن تسخر منه الحوادث هذه السخرية الأليمة،‏ فتَحْمِ‏ لَه قسرًا على أن يغري<br />

38 على غفلة.‏<br />

39 السجن.‏<br />

41

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!