Issue-215
Issue-215
Issue-215
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
هيد<br />
الكنائس غير الخلقيدونية (التي لم تكن ضمن خط اجملامع الكنسية انعقدة<br />
في خلقيدونيا) وظهور اتجاه في إطار اسيحية الأرثوذكسية (الأصولية)<br />
الشرقي والغربي كانت مرهونة في معظمها بتنصير ثلاثة مجالات ثقافية<br />
تاريخية ضخمة هي: الشرق الأدنى الإمبراطورية الرومانية الشرقية<br />
والإمبراطورية الرومانية الغربية. واسيحية بتصادمها مع العالم الثقافي<br />
لهذه الشعوب أو تلك لم تستطع أن تحل نفسها ببساطة ويسر في محل<br />
ذلك العالم (الثقافي اذكور). كان على اسيحية أن تلك العالم الثقافي<br />
للشعوب الأخرى أي أن تتبنى ملامحه وسماته الأساسية ا في ذلك أهم<br />
صفاته الاثنوغرافية الثقافية التي ينظمها خيط واحد يتمثل في الاحم<br />
الشعبية والحكايات والأساطير التي تؤكد عموما الشعور بالتفوق والبطولة<br />
والتمايز عن الغير في العادات والقيم والتقاليد.<br />
ففي نهاية العصر القد وفي القرون الوسطى كننا أن نتتبع في<br />
اسيحية التأثيرات اتبادلة ب النزعات الداعية إلى التنسيق (مع الأديان<br />
الأخرى) والنزعات الكليانية أو الشمولية التي ترى أنه يتوجب على اسيحية<br />
أن تستوعب الثقافات وحتى الديانات الأخرى وتضمها تحت جناحيها<br />
وضمن أطرها العقائدية. وإننا لواجدون عند كبار افكرين اسيحي بدءا<br />
من أوغسط وانتهاء بتوما الأكويني فكرة عامة ملازمة تقول: إن تطور<br />
الإنسانية يجب أن يفضي حتما إلى ملكوت اسيح وهو تطور يجب أن<br />
يستوعب في داخله العالم كله وفي الوقت ذاته «...فإن ملِكَنا على حق<br />
أما غير اسيحي فهم ليسوا على حق» («أغنية رولان»). في القرون الوسطى<br />
طرحت في أوروبا على أرضية مسيحية الوحدة الثقافية للشعوب الرومانية<br />
الجرمانية. وفي الوقت نفسه صارت اسيحية ذاتها أساساً أيديولوجيا<br />
للمركزية الغربية التي ظهرت في القرون الوسطى في هيئة «مركزية<br />
مسيحية».<br />
أما في العصر الحديث فإن الفكر الفلسفي الأوروبي الذي تطور في<br />
أغلبيته كنقيض للمسيحية لم يتحرر من ازدواجية الرؤية التي تتجلى في<br />
نزعتي «الشمولية» و«التفوق الثقافي» أو الحضاري. فإذا كان انورون طرحوا<br />
نظرية التقدم (جان كوندورسيه) وفكرة وحدة العملية التاريخية في العالم<br />
(يوغاني هيردر) والدراسات التاريخية الرومانسية التي ركزت اهتمامها<br />
19