الأكف ارتفعت بالدعاء غيثك يا رب
a_alwatan
a_alwatan
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
$<br />
24 السنة (22) - الجمعة 11 من صفر 1438ه الموافق 11 نوفمبر 2016م العدد (7740)<br />
منوعات<br />
ذاكرة الخزف والفخار<br />
﴿ أوانٍ خزفية في سوق مدينة أسفي<br />
﴿ صناعة الفخار فن مغ<strong>رب</strong>ي<br />
مدينة «أسفي»– وسط غ<strong>رب</strong>- المغ<strong>رب</strong>، ذاكرة الفخار والخزف<br />
ومدرسة تطويع الطين وتشكيله، لإنتاج تحف «خزفية<br />
وفخارية» أصبحت مع مرور الزمن ذائعة الصيت في دول<br />
المغ<strong>رب</strong> الع<strong>رب</strong>ي ودول جنوب أوروبا، ومازالت مدينة أسفي<br />
ال<strong>رب</strong>اط- $- عماد فواز<br />
مدرسة صناعة الفخار وتشكيله بالألوان الزاهية المتناسقة<br />
بشكل خلاب <strong>يا</strong>ٔخذ العين وتسمى مرحلة «التخزيف» أو<br />
الخزف، منذ عهد الامازيغ الأوائل قبل آلاف السنين وحتى<br />
الآن، منذ أن اكتشفوا في اعماق «نهر اسفي» طين الفخار،<br />
فحمله الصناع المهرة وشكلوه بأناملهم قطعاً فنية<br />
حرص سكان المغ<strong>رب</strong> بكامله منذ فجر التاريخ وحتى الآن<br />
على اقتنائها سواء للاستخدام في المطبخ وعلى المائدة<br />
أو الزينة والديكور.<br />
تشكيل الطين<br />
يقول مراد عمراني، صاحب ورشة تصنيع<br />
خزف بمدينة أسفي، تقع مدينة اسفي<br />
على ساحل المهيط الاطلسي، عند مصب<br />
نهر اسفي في المهيط، ومن قاع النهر نهضر<br />
الطين، ونقوم بمعالجته في الورشة، ثم<br />
نعجنه في أحواض تسمى «الطابه» ونجففه<br />
في الشمس قليلا ليختمر، ثم نقطعه<br />
على شكل كرات، توضع الكرة على اللولب<br />
«اسطوانة يتم تحريكها بالأرجل»، لتدور<br />
بسرعة ويتم تشكيل الطين أثناء دورانه<br />
بسرعة كبيرة، وتتم صناعة قطعة الفخار<br />
على حسب الرغبة، سواء مزهرية أو اناء<br />
ماء «قلة»، أو طاجين أو قصعة طعام، أو اناء<br />
زراعة فخاري أو زير ماء، ومختلف الاواني<br />
المنزلية للطهو والتقديم، وأواني الزينة، ثم<br />
توضع في الشمس حتى تجف و«تعضم»،<br />
وتنقل بعد ذلك إلى الافران لتتم تسويتها<br />
على درجة حرارة حوالي 1200 درجة مئوية،<br />
وبعدها يقوم الرسام أو «الخزاف» برسم<br />
الأشكال والزخارف عليها، باستخدام ألوان<br />
فاقعة معالجة كيماو<strong>يا</strong>، وتترك لمدة 24<br />
ساعة لتجف، ثم توضع في الفرن مرة اخرى<br />
لتشبيت الألوان، ولكنه فرن مخصوص اقل<br />
حرارة من فرن التسوية، درجة حرارته<br />
لا تتعدى 60 درجة مئوية، وتبقى الاواني<br />
فيها لمدة 12 ساعة، وتسمى هذه المرحلة<br />
«التخزيف»، لتخرج بعدها الاواني للعرض<br />
والبيع.<br />
ويضيف عمراني، أن الخزف الاسفي،<br />
أو خزف مدينة اسفي مشهور بأشكاله<br />
وألوانه المميزة، حيش يعتمد المزخرفون،<br />
على الاشكال الامازيغية القديمة والأشكال<br />
الهندسية الاندلسية التي ادخلت على<br />
صناعة الفخار بعد هجرة المورسكيين من<br />
الاندلس إلى المغ<strong>رب</strong> خلال القرن السادس<br />
عشر الميلادي، ثم ادخل فيما بعد إلى صناعة<br />
الخزف الزخرفة بالزجاج والمرا<strong>يا</strong> والخشب<br />
والقطع المعدنية «نهاس وفضة وحديد»،<br />
وأغلب المصنوعات الخزفية للمدينة تتركز<br />
في الديكور والتهف، لكونها الأكثر رواجاً في<br />
أوروبا والمغ<strong>رب</strong>، وأغلى ثمناً أيضاً.<br />
ذاكرة الخزف<br />
ويضيف عصام الإدريسي، باحش في التراش<br />
المغ<strong>رب</strong>ي بجامعة الهسن الشاني بالدار<br />
البيضاء، عرفت المدينة القديمة في أسفي<br />
صناعة الفخار منذ بداية تأسيس المدينة<br />
في عهد الامازيغ الأواءل في القرن الهادي<br />
عشر قبل الميلاد، ومرورا بالعهد البرتغالي<br />
ثم الفته الإسلامي، ومازالت المدينة تضم<br />
مئات الورش المتخصصة في صناعة الفخار،<br />
في أح<strong>يا</strong>ء «باب الشعبة، وجنان الفس<strong>يا</strong>ن،<br />
وسيدي بوزيد، ووادي الباشا»، ويتوارش<br />
الأهالي في المدينة حرفة الخزافة– صناعة<br />
الخزف والفخار- وصيد الأسماك، لكن<br />
صناعة الخزف والفخار هي العنوان والوسم<br />
الرءيسي للمدينة، ومن بين المآثر المهمة في<br />
مدينة اسفي حال<strong>يا</strong>، المتهف الوطني للخزف<br />
والفخار الذي أسس عام 1990م، ويضم<br />
مجموعة من القطع الفخارية التقليدية<br />
القديمة منذ عهد الامازيغ الاواءل وقد وجدت<br />
في أواءل ستين<strong>يا</strong>ت القرن الماضي أثناء بعشة<br />
الهفر والتنقيب عن الآثار في المنطقة، وأيضا<br />
قطع الخزف الهديشة والتي تتميز بأشكالها<br />
الهندسية المتميزة وبألوانها المتناسقة منذ<br />
عهد المورسكيين «الاندلسيين» الذين<br />
ادخلوا صناعة الخزف على الفخار وحتى<br />
الآن، وتعتبر صناعة الخزف في اسفي أحد<br />
القطاعات الهيوية التي تساهم في التنمية<br />
الاقتصادية والاجتماعية للمدينة، كما<br />
انشئت بالمدينة مدرسة الخزف لتعليم<br />
المهنيين اصول الهرفة، وتمنه دبلوم خزف<br />
«موءهلا متوسطا»، حيش يمشل الخزف أهم<br />
الهرف التقليدية بالمدينة وتراثا ثقاف<strong>يا</strong><br />
وس<strong>يا</strong>ح<strong>يا</strong> لها، يشغل حوالي خمسة آلاف<br />
شخص بشكل مستمر، وتتمركز صناعة<br />
الخزف في حي «الشعبة» الذي أسس بداية<br />
التسعين<strong>يا</strong>ت من أجل احتضان العدد المتزايد<br />
من حرفيي الخزف، حيش يوجد بها حوالي<br />
ماءة خزفي يمارسون عملهم في 74 ورشة<br />
مجهزة بهوالي 130 فرنا تقليد<strong>يا</strong>، ثم هضبة<br />
الخزف وهي أقدم حي في المدينة يعمل فيه<br />
أكثر من 800 حرفي في 37 ورشة مجهزة<br />
بهوالي 70 فرنا تقليد<strong>يا</strong>، وبالإضافة إلى<br />
هذين الهيين توجد بالق<strong>رب</strong> من آسفي قرية<br />
نموذجية لصناعة الخزف، هي قرية سيدي<br />
عبدالرحمن التي تتوفر على 30 ورشة موزعة<br />
على القرية، وتعمل السلطات المهلية في<br />
المدينة على تشجيع هذه الصناعة كتراش<br />
مهم، وتساعد التجار على بيع منتجاتهم في<br />
المغ<strong>رب</strong> بالكامل، وتصديره إلى دول المغ<strong>رب</strong><br />
الع<strong>رب</strong>ي وأوروبا.<br />
ويشير محمد وافي، استاذ التاريخ بجامعة<br />
محمد الخامس بال<strong>رب</strong>اط، إلى أن صناعة<br />
الخزف في المغ<strong>رب</strong> قديمة، حيش بدأت<br />
بصناعة الفخار في العهد الامازيغي الاول<br />
قبل قرون طويلة من الميلاد، أما الخزف فقد<br />
ادخل على الصناعة في القرن السادس عشر<br />
الميلادي، مع أولى وفود المهاجرين المورسكيين<br />
من الاندلس إلى المغ<strong>رب</strong>، وبقي الخزافون<br />
المغا<strong>رب</strong>ة وخاصة في أسفي محتفظين بنفس<br />
الطابع الاندلسي في تلوين وزخرفة الفخار<br />
«تخزيفه»، وأورثوه لبعضهم جيلا بعد جيل،<br />
بنفس الآل<strong>يا</strong>ت والأدوات والخطوات والأشكال<br />
والألوان، والمفارقة أن اكبر سوق في أوروبا<br />
للخزف المغ<strong>رب</strong>ي وخاصة خزف «اسفي» هي<br />
دولة اسبان<strong>يا</strong>، -الاندلس موطن المورسكيين<br />
الاساسي قبل الهجرة-، ويهرص أغلب<br />
الإسبانيين على اقتناء الخزف المغ<strong>رب</strong>ي من<br />
اسفي، لتزيين المنازل والمكاتب، وتبذل الدولة<br />
في المغ<strong>رب</strong> جهودا كبيرة للهفاظ على صناعة<br />
الخزف وتطويرها، بالدعم المادي والمعنوي<br />
عن طريق اقامة المهرجانات الدورية لعرض<br />
التهف الخزفية ومنه المتميزين جواءر<br />
قيمة، وكذلك اقامة المعارض الدورية محل<strong>يا</strong><br />
ودول<strong>يا</strong> للترويج للخزف المغ<strong>رب</strong>ي وخاصة خزف<br />
«اسفى» ومساعدة الصناع في المدينة على<br />
تسويق منتجاتهم وتحفيزهم على الإبداع<br />
وتطوير المهنة واستمرارها.<br />
مقهى «الحافة»<br />
<strong>يا</strong>ٔتي الغ<strong>رب</strong>اء إلى مدينة طنجة (شمال<br />
المغ<strong>رب</strong>) بفعل سمعتها كمكان يصنع<br />
الدهشة التي تفتقدها مدن أخرى.<br />
فالمدينة تقع على الساحل المتوسطي،<br />
تتميز كذلك بكونها نقطة التقاء بين<br />
المتوسط والأطلسي من جهة، وبين<br />
إفريق<strong>يا</strong> وأوروبا من جهة ثانية.<br />
وتصنع طنجة التهولات والأمزجة<br />
الراءعة من خلال ز<strong>يا</strong>رة معالمها التاريخية<br />
المتعددة، ومنها مقهى «الهافة» الذي ذاع<br />
صيته عالم<strong>يا</strong>ً، بعد أن زاره مشاهير كُ ثر<br />
من عالم الس<strong>يا</strong>سة والإبداع.<br />
الحافة.. قرن من<br />
الحضور<br />
في عام 1921 فكّ ر مواطن مغ<strong>رب</strong>ي طنجي<br />
بسيط يدعى «بّ ا محمد» أن يهوّ ل مكاناً<br />
خلاء، في مرتفع بهي «مرشان» أحد أقدم<br />
أح<strong>يا</strong>ء المدينة، ليس به سوى أشجار<br />
ومنعرجات وعرة لا يستطيع أن يمر فيه<br />
أو يزوره أحد، إلى مدرجات وحقل صغير<br />
شيّ د عليه مقهاه الذي ُ سمي منذ لهظته<br />
الأولى «مقهى الهافة»، المطلّ على نقطة<br />
التقاء البهر المتوسط بالمهيط الأطلسي<br />
عبر مضيق جبل طارق، وعلى إسبان<strong>يا</strong><br />
التي تبعد ب14 كلم تقريباً.<br />
وخلال هذه الفترة بالذات عند تأسيس<br />
مقهى الهافة، كانت مدينة طنجة<br />
تعيش وضعاً س<strong>يا</strong>س<strong>يا</strong>ً خاصاً س<br />
«الوضع الدولي»، بعد أن تم احتلال<br />
المغ<strong>رب</strong> بتوقيع معاهدة الهماية عام<br />
1912، وقُ ّ سم البلد إلى مناطق نفوذ<br />
فرنسية وأخرى إسبانية.<br />
لذلك استقبلت المدينة مجموعة من<br />
الأجانب من مختلف الجنس<strong>يا</strong>ت،<br />
وأصبهت بعد ذلك ملتقى لأسماء<br />
شهيرة تركت بصماتها في تاريخ<br />
البشرية. وكان لمقهى الهافة نصيب من<br />
ز<strong>يا</strong>رات هوءلاء الأجانب.<br />
ُ مي<br />
﴿ مقهى الهافة<br />
الحافة.. قيمة ثقافية<br />
قبل عام فقط من الآن، لم يكن مقهى<br />
الهافة مصنفاً في قاءمة المعالم التراثية<br />
والتاريخية لمدينة طنجة، لكنه أصبه<br />
اليوم مسجلاً في قاءمة التراش المهمي<br />
بموجب القانون.<br />
ويوءكد الع<strong>رب</strong>ي المصباحي، المدير الجهوي<br />
للتراش بطنجة، أن «السلطات المهلية<br />
للمدينة ومصاله محلية أخرى إلى جانب<br />
وزارة الشقافة، استصدرت مجموعة من<br />
القرارات لهماية مجموعة من المعالم<br />
والبنا<strong>يا</strong>ت ذات القيمة الهندسية والشقافية<br />
من ضمنها مقهى الهافة».<br />
ويوضه المسوءول بوزارة الشقافة، في<br />
حديش نشرته «هافينغتون بوست<br />
ع<strong>رب</strong>ي»، أن «البعد الشقافي بالدرجة الأولى<br />
هو الذي دفع إلى تصنيف الهافة كتراش<br />
وطني».<br />
يضيف المصباحي أن «مقهى الهافة ليس<br />
له طابع معماري هندسي معين، لكن له<br />
قيمته الشقافية، بسبب الأحداش التي<br />
شهدها والشخص<strong>يا</strong>ت التي زارته وهي<br />
أسماء كبيرة».<br />
كما أن مقهى الهافة- بهسب المصدر<br />
ذاته- بمشابة «نادٍ مفتوه للمشقفين<br />
بالمدينة خاصة في الفترة الدولية وما<br />
بعد هذه الفترة أيضاً. بالإضافة إلى<br />
أنه شرفة تطل على البهر المتوسط<br />
والشواطئ الإسبانية، وهي بذلك ذات<br />
موقع طبوغرافي وجغرافي متميز. وهذا<br />
كله يجعل منه فضاءً تراث<strong>يا</strong>ً بامت<strong>يا</strong>ز».<br />
مقهى المشاهير<br />
لابد لزاءر المدينة، إن كان رساماً أو شاعراً<br />
أو رواء<strong>يا</strong>ً، أن يسأل عن الهافة، هذا<br />
المقهى البسيط الذي ورد ذكره في عدد<br />
من الروا<strong>يا</strong>ت العالمية. بل هناك من سمى<br />
كتابه الأول باسمه مشل «دفاتر الهافة»<br />
الذي صدر حديشاً، للكاتب الإسباني<br />
الشاب «بابلو ثيرثال» (1972)، الذي قال<br />
بهق المقهى: «هناك أماكن قليلة أسطورية<br />
جداً مشل الهافة».<br />
ومقهى الهافة متفرد في كل شيء،<br />
حتى في تاريخه الذي بصمته العديد<br />
من الأسماء الشهيرة، على رأسها الرواءي<br />
المغ<strong>رب</strong>ي الراحل محمد شكري (1935-<br />
2003) صاحب «الخبز الهافي»، الذي كان<br />
يقضي وقتاً كبيراً في التأمل وصناعة<br />
السكون في المقهى، إلى جانب الكاتب<br />
الأميركي الراحل بول بوز (1999-1910)<br />
الذي اختار الإقامة في طنجة منذ عام 1935<br />
وترجم «الخبر الهافي» إلى الإنجليزية.<br />
ومن المشاهير الذين احتسوا كوءوس<br />
الشاي المغ<strong>رب</strong>ي في المقهى، فرقة «البيتلز»<br />
البريطانية، ومغني الروك الأميركي<br />
الأسطورة «جيمي هاندريكس»، إضافة<br />
إلى المط<strong>رب</strong> والملهن والشاعر الأميركي<br />
الهاءز موءخراً على جاءزة نوبل للآداب<br />
«بوب ديلان»، الذي ّ خص طنجة بأغنية<br />
في ألبومه الخامس عشر سنة 1975.<br />
مقهى الهافة صنع سمعته العالمية أيضاً<br />
ممن زاره من عالم الس<strong>يا</strong>سة، انطلاقاً<br />
من «وينستون تشرشل» أشهر رءيس<br />
وزراء عرفته بريطان<strong>يا</strong> عبر تاريخها،<br />
إلى الدبلوماسي الغاني «كوفي عنان»<br />
(1938) الذي تقلد منصب الأمين العام<br />
للأمم المتهدة، والذي أصرّ في إحدى<br />
ز<strong>يا</strong>راته لطنجة على أن يزور مقهى<br />
الهافة الشعبي، ويجلس على كراسيه<br />
المبعثرة دون الالتزام ببروتوكولات عالم<br />
الس<strong>يا</strong>سيين والدبلوماسيين.