07.01.2024 Views

ماكو فضاء حر للابداع -4-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

اخلوذ-‏ وقد حتولت إلى دمى بيد األطفال،‏<br />

هنا تقف البراءة أمام جرائم املاضي لتحمل<br />

طابع اإلدانة واالستمرار يف التلوث بجرثومة<br />

احلرب التي زرعها اآلباء.‏ نحن هنا نتساءل<br />

بقوة الصورة:‏ أين أصحاب اخلوذ الفوالذية؟<br />

كم منهم على قيد احلياة؟ ملاذا يلعب األطفال<br />

باخلوذ؟ ترى هل سيرتدي هؤالء األطفال هذه<br />

اخلوذ ذات يوم؟ وهل ستدفع الرأسمالية بهم<br />

إلى أتون <strong>حر</strong>ب جديدة؟<br />

أكثر من سؤال يواجهنا ونحن نتأمل الصورة..‏<br />

‏)ترى ألم يكن رائعاً‏ أن يحيا اإلنسان دون<br />

احلرب!‏ لو مت التعاون كيف ميكن أن يكون<br />

األمر؟!(‏ )15(.<br />

ويف-‏ القطار-‏ يهتم الداغستاني بإبراز<br />

سيكلوجية الصورة من خالل االندفاع والتطلع<br />

يف وجه ونظرات وجسد الصبي الذي يروم<br />

اخلروج بينما العجوز متجهم الوجه ونظراته<br />

عميقة،‏ هنا يلتقي اندفاع الشباب وهدوء<br />

وتأمل الكبير ويتضح أيضا عمل الفنان يف<br />

إبراز التناقض إضافة إلى حصر املوضوع<br />

داخل نافذة القطار تعبيراً‏ عن التضامن يف<br />

األسرة.‏<br />

3- اإلنسان أمام الوجود :<br />

إذا كنا جند لدى الداغستاني وعياً‏ اجتماعياً‏<br />

وثورياً‏ يف أغلب نتاجه،‏ وإذا كنا نلمس ولعه<br />

الشديد يف إبراز البيئة احمللية والتضامن مع<br />

قضية اإلنسان يف نضاله ضد أعداء التقدم<br />

واحلياة فنحن ال نعدم وجود مواقف وجودية<br />

من اإلنسان،‏ مواقف تؤكد نفيه وغربته يف<br />

هذا الكون،‏ مواقف جتعله يقف أمام غموض<br />

الوجود واحلياة مضيع املالمح،‏ مرجتف<br />

القلب.‏ لكن هذه املواقف ال تسقط يف اليأس<br />

أو العدمية وإمنا تظهر نبل القلب اإلنساني<br />

وصراعه ضد القنوط،‏ مواقف تؤمن أن إصرار<br />

اإلنسان ميكن أن يقهر حتى املستحيل ومينح<br />

الوجود وجهاً‏ مشرقاً،‏ ففي-نداء النهر-‏ يكون<br />

اإلنسان يف حضرة النهر ‏)النهر هو العطاء<br />

والرحيل إلى املستقبل(‏ )16(، ليغتسل من<br />

أدران العالم،‏ منحنياً‏ بكل جوارحه ليتطهر<br />

من أجل القدرة على التجدد،‏ ويكون النهر<br />

نداء احلياة الذي يحطم الفزع.‏ وإذ تظهر<br />

االلتماعات البراقة يف الصورة فإمنا لتشير<br />

إلى األمل،‏ ولتتجانس مع األجزاء الكامدة رغم<br />

التناقض الذي يظهر للوهلة األولى.‏ وتتضح<br />

الغربة الوجودية والشعور بصالبة أشياء العالم<br />

يف ‏–األسالك-‏ التي تظهر ظالالً‏ مغبشة<br />

لنماذج إنسانية يقترب أولها من الوضوح ثم<br />

تنطمس معالم اآلخرين ‏–األبعد-‏ تدريجياً‏<br />

حتى تتالشى يف خلفية الصورة مما يخلق<br />

الشعور بضياع وحصار اإلنسان يف العالم،‏ هذا<br />

اإلنسان يعود من جديد يف ‏–املنفى-‏ حيث<br />

املرأة الوحيدة التي تسير وراء شبكة من<br />

األسالك حاملة جراحها،‏ معذبة منفية لكنها<br />

تواصل املسيرة،‏ ويتكرر ظهور اإلنسان يف-‏<br />

ملكوت اهلل-‏ عندما يقف أمام الوجود ‏)املاء،‏<br />

السماء،‏ األرض(‏ فيبدو كذرة ضئيلة لكنها جزء<br />

من الوجود.‏ اإلنسان هنا كائن صغير لكنه<br />

موجود وحاضر أمام الطبيعة،‏ وهذا الوجود هو<br />

الذي ينفي العجز واإلحساس بالضآلة وصوالً‏<br />

إلى اندغام اإلنسان يف <strong>حر</strong>كة الطبيعة ولذا<br />

يظهر التركيز على أن الكون يلتم يف حلظة<br />

ونقطة واحدة.‏<br />

-4 الطبيعة :<br />

حتتل الطبيعة يف أعمال مراد الداغستاني<br />

أهمية استثنائية مقارنة باهتماماته العديدة<br />

األخرى ‏)أشعر بشفافية وهدوء الطبيعة<br />

مقارنة بصخب العالم،‏ أحب املطر،‏ السماء،‏<br />

األرض،‏ األشجار.‏ املاء فهو رمز احلياة(‏ )17(.<br />

ويتضح التناقض يف الطبيعة عنده مثلما<br />

يتضح التركيز على احلركة،‏ وهو يف تصويره<br />

الطبيعة يظهر غالباً‏ جانب املفارقة وكثيراً‏ ما<br />

جند األرض وقد اتخذت أشكاالً‏ مختلفة فهي<br />

مرة جدباء متشققة العروق وأخرى زاهية<br />

متألقة معطاء ‏)اإلنسان ابن األرض،‏ هي األم<br />

وسنرجع إلى أحضانها ذات يوم،‏ أحياناً‏ أُفكر<br />

بأن حتت أقدامي أجداث املوتى وأنا امشي<br />

فوقهم،‏ األرض هي التي حتتضن اجلميع يف<br />

النهاية(‏ )18(. ولعل هذا املوقف هو الدافع إلى<br />

تصويره األرض ضارعة وذات طابع بكائي يف<br />

أكثر من لوحة،‏ والفنان الداغستاني يف التجائه<br />

إلى الطبيعة ال يعبر عن موقف رومانسي<br />

سلبي بقدر تعبيره - يف أسوأ األحوال-‏ عن<br />

رومانسية ثورية تتصاعد يف الغالب وتتحول<br />

إلى موقف حلولي وثوري موقف يستبطن<br />

دقائق واغتالم الطبيعة.‏ ومقابل التركيز على<br />

األرض جند التركيز على السماء والغيوم<br />

‏)أفكر هذه األيام كثيراً‏ بإبراز السماء ألنها<br />

أكبر وأشمل من األرض(‏ )19(. وحتى يف<br />

تصويره للطبيعة واإلنسان يهتم بإظهار السماء<br />

كما يف-‏ نداء النهر-‏ فالرجل الذي يعصر<br />

املنديل أخذت صورته من األعلى ولو كانت من<br />

األسفل ملا ظهرت الغيوم،‏ والغيوم هي األخرى<br />

تظهر باستمرار عند الداغستاني بشكل آسر<br />

فمرة تصبح مثل ندف الثلج املتطاير،‏ وأخرى<br />

بشكل قامت يحبس األنفاس،‏ ولكن السمة<br />

العامة للسماء والغيوم تظهر بأشكال بلورية<br />

شفافة ملتمعة ذات رونق صاف ‏)عندما أرى<br />

غيمة اترك العمل وأخرج ألصور مدفوعا بقوة<br />

خفية(‏ )20(. وتصوير الفنان للطبيعة يتم عادة<br />

من األعلى،‏ من على جسر،‏ أو جرف كرغبة<br />

يف امتالك األشياء والهيمنة عليها مع مراعاة<br />

البعد،‏ وتظهر السماء يف عدة صور منعكسة<br />

يف املاء إشارة للتواصل بني األرض والسماء<br />

واملاء ‏)عندما كنت طفالً‏ كان املطر يستهويني<br />

وكنت أسير حتت املطر،‏ ومن هنا ترى أن أكثر<br />

صوري حول املاء والنهر واملطر()‏‎21‎‏(.‏ ومع املاء<br />

يحقق الداغستاني االحتفاء والفرح بالطبيعة<br />

مبرزاً‏ متوجات املاء كما يف-‏ نشوان-‏ ومجسداً‏<br />

االنسيابية واالستغراق الشبيه بحلم يف<br />

صور البط النهري الذي يفنت الفنان ويجعله<br />

يصور رحلة البط وعامله اجلميل يف عشرات<br />

اللقطات،‏ ويف ذات الوقت يتعامل الداغستاني<br />

مع املطر بإحلاح ودأب ويظهر التماعات<br />

قطرات املطر الهاطل بشدة،‏ واملطر املنساب<br />

بهدوء وشاعرية على شكل خيوط وذرات براقة<br />

تنثال بشفافية ‏)عند سقوط املطر تنتابني<br />

مشاعر غريبة واشعر بسعادة واملاء يسيح على<br />

وجهي وأنا أرقب أضواء األعمدة امللتمعة على<br />

اجلانبني،‏ أحسّ‏ بالتالحم مع املاء،‏ استغرق<br />

وتأخذني النشوة،‏ يستبد الوجد بي كالصويف(‏<br />

)22( واملاء يتكرر عند الداغستاني بشكل<br />

واضح يف-‏ صياد السمك-‏ و-‏ جواميس-‏ التي<br />

تظهر التماع املاء زمن القيلولة واالنسجام<br />

بني اجلالسني فتبدو اجلواميس وسط املاء<br />

مثل كائنات خرافية لكنها بسيطة وأليفة يف<br />

انسجامها األخاذ.‏ وواضح أن احلركة حتتل<br />

حيزءاً‏ يف أعمال الفنان،‏ ف<strong>حر</strong>كة الطبيعة<br />

يف ‏–صياد السمك-‏ بارزة إذ تبدأ العني<br />

احلركة من بداية القدمني واجلرف وتتضح<br />

االستمرارية فتحمل اللوحة اإليحاء اخلارجي<br />

للمشاهد باحلركة واإليحاء الداخلي النابع<br />

من أرضيتها الزاهية الباهرة،‏ ومثلما يتعامل<br />

الفنان مع خصب وعطاء الطبيعة وإشراقاتها<br />

البكر فإنه مينحها بعداً‏ مغايراً‏ يف صور أخرى.‏<br />

بعداً‏ يركز على التناقض ففي ‏–الصمت-‏ نكون<br />

أمام فوتوغراف أقرب إلى التجريد-‏ أمام<br />

محاولة جادة لتحطيم الفوتوغراف التقليدي<br />

بحيث تتحول اللقطة الى لوحة تتناثر األضواء<br />

والظالل يف أرجائها لتمنحها بعداً‏ تشكيلياً‏<br />

يولد اإلحساس الذي تنقله اللوحة يف إبراز<br />

جو السكون املقيت للمدينة وإدانة اجلمود<br />

واالستكانة،‏ الصمت هنا هو سيد املوقف.‏<br />

ويكتمل هذا البعد يف تناول صمت وسكون<br />

الطبيعة النابض بهاجس داخلي يف تناول<br />

جدب أو خريف الطبيعة ووحشتها املرعبة عبر<br />

التركيز على صور األشجار التي تكون-غالباً-‏<br />

غير مخضرة رمزاً‏ للخواء والوحدة،‏ واألشجار<br />

الشامخة املتحدية والواقفة بصالبة يف وجه<br />

92

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!