22.07.2015 Views

نمو العلاقة بين الطفل والأم - المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة

نمو العلاقة بين الطفل والأم - المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة

نمو العلاقة بين الطفل والأم - المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

aABCDEFG 166الأمومةو <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأمتأليفد.‏ فايز قنطارX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ


acbX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝصدرت السلسلة في يناير ١٩٧٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ١٩٩٠166الأمومةوّ‏ <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأمتأليفد.‏ فايز قنطارABCDEFGdÐu²¬1992


اواد انشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبهاولا تعبر بالضرورة عن رأي اجمللس


٩١٥١٧٣٥٥٣٧٧٩٥١١٦١١٧١٣٧١٥١مدخلالباب الأول:‏الأصول السلوكية للأمومةالفصل الفصل الأول:‏السلوك عبر التطورالفصل الثاني:‏سلوك التعلق عند الإنسانالفصل الثالث:‏سلوك الأمومة عند الرئيساتالفصل الرابع:‏الأمومة وسلوك التغذيةالفصل الخامس:‏تكيف الصغير وسلوك الأمومةالباب الثاني:‏التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والحاضنالفصل السادس:‏التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمالفصل السابع:‏الأمومة في الأسرة العربيةالفصل الثامن:‏سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>MMMM


١٧٣١٩٥٢١٣٢١٥الفصل التاسع:‏الانفصالالفصل العاشر:‏الأمومة في غياب الأمخاة:‏اراجع:‏MMMM٢٢٥الهوامش:‏٢٢٧اؤلف في سطور:‏


شكر وتقديرشكر وتقديرأود أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى كل من ساعدنيأثناء إعداد هذا الكتاب.‏ وأخص بالذكر الدكتور بنواشال (B.Schaal) من مركز البحوث الفرنسي الذي كرسوقتا طويلا ناقشة موضوعات عديدة من هذاالكتاب.‏ وكذلك الدكتور روبير سوسينيان(R.Soussignan) الذي كان لجهوده دور كبير فياعالجة الإحصائية للمعلومات.‏وأتوجه بالشكر والامتنان إلى الأستاذ ترامبلي(R.Tremblay) عميد كلية التربية في جامعة مونتريال‏(كندا)‏ الذي فتح أبواب كليته خصوصا أبواب مكتبتهاواستضافنا على الطريقة العربية ووفر لنا فرصةالاطلاع على أحدث اراجع العلمية وفرصة الحوارمع العديد من الباحث في أمريكا الشمالية.‏إلى الأستاذ نوفل صلاح مدير معهد إعداد مدرسياللغة العربية في محافظة السويداء ‏(سوريا)‏ خالصالشكر والتقدير للساعات الطويلة التي أمضاها فيقراءة اخملطوطة وللمناقشات العديدة التي كان لهاأثر لا ينسى.‏ له جزيل الشكر والامتنان.‏إلى الفاحص اجملهول عميق الشكر والتقدير;‏ فلقدكان لاحظاته القيمة أثر عميق في بلورة النص النهائيلهذا الكتاب.‏إلى كل هؤلاء عميق الشكر والامتنان مع التأكيدعلى مسؤوليتي وحدي عن الثغرات والأخطاء.‏د.‏ فايز قنطار7


الأمومة8


مدخلمدخلما دور الأم?‏ وما سلوك الأمومة?‏ وما وظائفهذا السلوك?‏ وما مدى تأثير الأم في طفلها?‏تبدو الإجابة على هذه الأسئلة سهلة للوهلةالأولى فكل منا يعرف أن <strong>العلاقة</strong> ب الأم وطفلهاتأخذ طريقها على نحو عفوي وكل أنثى لك مناعارف الشخصية حدا أدنى كنها من تنشئةطفلها.‏ فالطبيعة أهلتها للقيام بهذا الدور وبالرغممن هذا فإن النظر اتفحص إلى هذه <strong>العلاقة</strong>يظهر مدى تعقيدها وتداخل عوامل متعددة فيتحديد مسارها;‏ فنشاط الأم اليومي وسلوكها تجاه<strong>الطفل</strong> يب غنى سلوك الأمومة وتنوعه ويب فيالوقت نفسه الفرق ب أم وأخرى في التعبير عنهذا السلوك.‏ فالصبغة العاطفية التي تلون هذاالسلوك أو ذاك وادة الزمنية التي تقضيها الأمفي حالة نشاط تجاه <strong>الطفل</strong> وتكرار هذا النشاطأو ذاك وخصائص أخرى توضح التنوع في سلوكالأمومة حيث تلعب عوامل الثقافة وشروط الحياةالعامة وعوامل الشخصية دورا هاما في هذاالسلوك.‏ إلا أن علاقة الأم بصغارها غير كنةدون قاعدة بيولوجية ثابتة.‏ وتتحدد هذه <strong>العلاقة</strong>-‏لدى الأنواع الأخرى-بشكل شبه كامل بوساطة آلية(mechanism) غريزية وراثية.‏ فنشاط الأم تجاهصغارها كن إظهاره بصورة آلية عند الحيوانمثلا;‏ إلاّ‏ أن الأمر يختلف عند النوع البشري حيثيتميز الإنسان عن الأنواع الأخرى بقدرته على9


الأمومةتكييف سلوكه في ضوء اعارف اكتسبة.‏ وعلى الرغم من أهمية العواملالبيولوجية في تحديد السلوك الإنساني فأن التجربة والخبرات اكتسبةتلعب دورا حاسما في تعديل هذا السلوك.‏إن ما يز الإنسان عن الأنواع الأخرى ليست قدرته على استعمالالوسائل فحسب بل قدرته على الاتصال (communication) أيضا فبواسطةالاتصال يتم نقل اعارف والخبرات من جيل إلى جيل آخر.‏ فالإنسانبفضل قدرته على الاتصال مع الأفراد الآخرين من أبناء جنسه كن منحل مشكلاته الأساسية اتعلقة ببقاء النوع وتطوره باستمرار.‏إن معالجة سلوك الأمومة وعلاقة الأم بطفلها تضعنا أمام ظاهرةمعقدة فسياق التكيف ب الطرف سياق ديناميكي يلعب التعلم والاكتسابفيه دورا هاما وإن كانت اورثات هي التي تزود ‏(ايكانيزم)‏ الذي يسمحبدوره بتحقق هذا السياق التكيفي.‏ إن سلوك الأمومة يتحدد بعوامل عديدةفالأم الشابه تتأثر بسلوك أمهات أكثر تجربة وخبرة منها فهي تلاحظسلوك الأمومة عند والدتها وتحاول تقليدها والتقيد بالقيم والتقاليدالتي يفرضها الوسط الاجتماعي-الثقافي.‏ إن الاعتبارات اخملتلفة لطبيعةسلوك التعلق تقود إلى إشكالات علمية تتأثر بطريقة الولادة ودور الطبيبوالقابلة في مشافي التوليد والنصائح التي يجب أن تعطى للأم وطرقالتعامل مع القادم الجديد.‏ وهكذا تأخذ دراسة سلوك الأمومة أهمية خاصةفي العملية التربوية لأن التربية في اراحل اللاحقة من حياة <strong>الطفل</strong> يجبأن تستند إلى الأسس التي وضعتها الأسرة وخصوصا الأم.‏ سوف نقومأحيانا قارنة سلوك الأمومة عند أنواع مختلفة;‏ ففي ذلك أهمية بالغةلإلقاء الضوء على هذا السلوك وأسبابه ووظائفه والعوامل اؤثرة فيه إلاأننا نحذر من خطر تعميم نتائج البحث التي تتعلق بنوع من الأنواع على نوعآخر.‏ إن الطمأنينة التي توفرها الامسة الجسدية مثلا أثناء تفاعل الأم معصغيرها عند بعض الثدييات لا كن تعميمها على النوع البشري وإن كان فيمقارنة النتائج التجريبية لأنواع مختلفة فائدة كبيرة لفهم الأصول البيولوجيةللسلوك بشكل عام ولسلوك الأمومة بشكل خاص;‏ إن من أهم وظائف سلوكالوالدية×‏ ضمان حياة الصغار والمحافظة على بقاء النوع ويختلف هذا السلوكباختلاف الأنواع لكي يتلاءم والظروف الايكولوجية ‏(البيئية)‏ لكل منها.‏10


مدخلإن معظم أنواع الطيور وجميع الثدييات تولى صغارها عناية خاصةتتمثل هذه العناية عند الطيور بحضن البيوض وتغذية الفراخ وإبقائها فيدرجة حرارة مناسبة وحمايتها من الأخطار.‏ ويعتبر إرضاع الصغار من أهمخصائص سلوك الأمومة عند الثدييات (,١٩٨٦يكون لنقل اعارف واعلومات من الكبار إلى الصغار أهمية خاصة عندالنوع البشري.‏تلعب الأم دورا بارزا في سلوك الوالدية Behaviour) (Parental إلا أنالأب عند العديد من الأنواع يشارك في العناية بالصغار ويقوم أحيانابالدور الرئيسي في هذا السلوك.‏يتأثر سلوك الوالدية إلى درجة كبيرة بسلوك الصغار ا يستدعىالنظر إلى وظيفة الوالدية في إطار التفاعل ب الأهل و<strong>الطفل</strong>.‏ إن هذاالسلوك اوجه نحو الصغار كن إثارته ثيرات خاصة تحمل منالخصائص ما كنها من إطلاق هذا السلوك حيث يظهر سلوك الأمومةتحت تأثير جملة واسعة من اؤثرات الشمية والبصرية والسمعية واللمسيةالخ...‏ فبكاء <strong>الطفل</strong> البشري من أهم اؤثرات التي تنشط سلوك الأمومة.‏ويؤلف سلوك الأمومة مركبا معقدا ويزيد في تعقيده أنه يتناول شخصاثن‏:‏ الأم وطفلها إذ يتأثر الواحد بالآخر ويقوم كل منهما بدور محدد فيبناء <strong>العلاقة</strong> التي تربطهما.‏ إن تطور الدراسات اتعلقة بالسلوك قد حملالباحث على استخلاص مباد وقوان تحكم تطور الظاهرة السلوكيةوتؤثر فيها.‏ فلا نستطيع أن ننكر مسؤولية الكبير نحو <strong>الطفل</strong>.‏ فتطورالصغير يتأثر-إلى درجة كبيرة-‏واقف الكبار وبالطريقة التي يعاملونه بهاوبالقيم السائدة إلخ...‏سنحاول في هذه الدراسة أن نلقي الضوء على علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> ووهذه <strong>العلاقة</strong> وأثرها في تطور الصغير.‏إن التأكيد على مسؤولية الكبار نحو الأطفال لا يقصد به إضافة اتهامجديد إلى ارأة-الأم فهي تعيش في وسط ثقافي-اجتماعي ينكر الاستقلاليةعلى الضعيف عامة وعلى الصغير بوجه خاص ويؤكد التسلط والقمعكقيمة تربوية في تنشئة الصغار وفي علاقات التواصل الاجتماعي.‏إن غالبية الأمهات يتصرفن نحو الصغير حديث الولادة كما لو كن(Slukin and Herbert <strong>بين</strong>ما11


الأمومةيتعلقن به بقوة ولكن بعضهن يشعرن نحوه بعدم الاكتراث.‏ ومع مرور الوقتتشعر معظم الأمهات بتعلق قوي يربط <strong>بين</strong>هن وب الصغير.‏إن سلوك الأمومة يترجم هذه اشاعر إلى أفعال محسوسة كنملاحظتها وقياسها.‏ وتعتبر معرفة كيفية تشكل هذه الروابط وزمن تشكلهاغاية في الأهمية على الصعيدين النظري والعملي.‏إن مسألة قياس درجة التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم مسألة معقدة ولا تزالموضع نقاش ب الباحث‏.‏ فمنهم من يرى أن بعض صيغ سلوك الأماوجهة نحو الصغير كالامسة الجسدية وحمل الصغير وتقبيلهواحتضانه والنظر اطول إليه بعد الولادة مؤشرا هاما بالنسبة ستقبلالتعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم,‏ (Klaus and Kennell (١٩٧٦ <strong>بين</strong>ما يرى آخرون إن هذهاظاهر السلوكية لا تعبر عن طبيعة التعلق تعبيرا دقيقا فلا بد من اعتمادمؤشرات إضافية Herbert) (١٩٨٦,Slukin and وتختلف الآراء نظرا لتضاربنتائج البحوث اتعلقة بهذا اوضوع.‏ را يعود ذلك لاختلاف اناهج اتبعةفي دراسة التعلق حيث لا تزال مشكلة انهج اعتمد مشكلة قائمة لم يتفقالباحثون حولها بشكل نهائي.‏لقد أشار بعض الباحث ‏(ارجع السابق)‏ إلى أثر الاشراط البافلوفيالتقليدي في تطور علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> وفي و محبتها له حيث يصبحالصغير مصدر اؤثرات-الاشراطية وغير الاشراطية-التي تثير محبة الأهلوعنايتهم به.‏ وكن للاشراط الوسيلي أن يساهم في و التعلق ب الأمو<strong>الطفل</strong> إذ يثبت السلوك اعزز ويلغي الأفعال غير اعززة.‏ فالأم تفعل كلشيء كن أن يكون مفيدا بالنسبة للطفل.‏ ويكون ذلك ثابة تعزيز لهذهالأفعال..‏ وعند التقدم التدريجي والتعرف على <strong>الطفل</strong> والإام بحاجاتهتحاول الأم معرفة أفضل الوسائل لإرضاء تلك الحاجات فتغذية <strong>الطفل</strong>وتنظيفه وإبقاؤه في جو من الدفء تصبح أفعالا راسخة عند الأم وشعورهابالرضى ‏(التعزيز)‏ بعد كل فعل يسهم في تطور سلوك الأمومة عندها وفيو محبتها وتعلقها بالصغير.‏ إلا أن بعض الصغار قد يخفق في أشعار الأمبالرضى ا قد يتسبب في قلة محبتها له وفي رفضه وعدم تقبلها له.‏إن ما يجري في السنوات الأولى ب <strong>الطفل</strong> والأم يهم اشتغل فيالتربية التي تهدف إلى إيجاد الوسائل وتوفير الشروط التي تسمح بتنشئة12


مدخل<strong>الطفل</strong> بطريقة مثلى وتجنيبه ارض والانحراف وهدر الطاقات الطبيعية.‏ف<strong>الطفل</strong> الذي لا تتوفر له الفرص اللازمة <strong>لتنمية</strong> شخصيته وقواهاخملتلفة يصعب أن يصبح شابا مبدعا خلاقا.‏ إن الهدف الأساسي لكلعملية تربوية هو تهيئة الظروف التي كن الطاقات والقابليات الكامنةعند الفرد من التفتح والتحقق.‏ ويجمع علماء النفس والتربية على أهميةالسنوات الأولى في تكون الفرد ووه;‏ لذا شهدت العقود ااضية تزايدامطردا في الدراسات والبحوث التي تتناول سلوك الأمومة وعلاقة الأمبطفلها إلا أن اكتبة العربية تفتقر إلى هذه الدراسات بالرغم من أهميتهاالخاصة في مجتمعاتنا لتعرضها إلى تغيرات سريعة في ايادينالاقتصادية والاجتماعية ا ينعكس على طرق التنشئة وعلاقة <strong>الطفل</strong>بالأسرة;‏ فالأم الشابة تتنازعها من جهة الطريقة التقليدية في الأمومةومن جهة أخرى الطرائق الحديثة القادمة من الغرب;‏ من هنا تبرز مسؤوليةاخملتص العرب في تطوير الاحظة والدراسة واناقشة والبحث فيمسائل التربية في اراحل ابكرة من العمر والعمل على صياغة نظريةعربية تستبعد القوالب الجاهزة وتأخذ بع الاعتبار ثقافتنا وخصائصمجتمعنا وتضع منجزات البحث والعلم في خدمة الأمهات وارب ايضمن توفير الشروط اناسبة لتنشئة <strong>الطفل</strong> ورعاية القوى الواعدة فيوطننا العربي.‏ وتجدر الإشارة إلى مسؤولية اؤسسات الأكادية في هذااجملال إذ تفتقر إلى برامج منهجية للبحوث العلمية وإلى مراكز للمعلوماتحيث تتم عملية تجميع وتنسيق اراجع والوثائق الضرورية للبحث.‏كما يجب أن تأخذ اناهج التربوية بع الاعتبار كيف كن تهيئةأطفال اليوم كي يكونوا أمهات وآباء استقبل.‏ فتوسع اعلومات استقاةمن البحث العلمي لا يعني تحول فن تربية الأطفال إلى علم ولا يعني تحديدصيغة واحدة وجرعة سحرية إجبارية لتربية الصغار لتحل محل التعدديةفي طرائق التطبيق التربوي وفي علاقة الأهل بأطفالهم;‏ فتوسع اعارفلا يلغي فنية الفنان ولا التعبير العفوى ابدع لديه.‏13


الأمومة14


مدخلالباب الأولالأصول السلوكية للأمومة15


الأمومة16


السلوك عبر التطور1 السلوك عبر التطورتكيف السلوك عبر التطورإن السلوك الفطري الذي يأخذ صيغة معينةعند جميع أفراد النوع يبدو ثابتا في الوسط اعتادللعضوية وبالرغم من يز هذا السلوك بالثباتوالاستقرار فهو عرضة للتأثر العميق بشروطالمحيط عندما تتغير بشكل جذري عما هو معتاد.‏إن النمل مثلا;‏ الذي يصنف جميع فصائل النملفي صنف‏:‏ الأصدقاء والأعداء يتعامل مع كل صنفمنهما على نحو مختلف جدا فيتوجب على النملةأن تتعلم من هو الصديق ومن هو العدو.‏ إن تربيةالنمل بطريقة تجريبية في وكر لصنف آخر ‏(معاد)‏يؤثر في تعلم النملة فيما بعد إذ ينعكس الأمرفتعامل النملة النوع اعادي معاملة الأصدقاءوتعامل أفراد النوع نفسه معاملة الأعداء;‏ فالسلوكالفطري ليس وراثيا فالوراثة تعطي القدرة الكامنةالتي تسمح بتطور نظام سلوكي مع‏.‏ ويختلف هذاالنظام بطبيعته وبصيغته حسب شروط المحيطالذي تطور ضمنه.‏إن الأسس السلوكية كالأسس العضوية لا كنهاأن تسهم في بقاء النوع إلا إذا تطورت ووضعتعلى المحك في محيط يوفر حدودا معينة تسمح17


الأمومةبذلك.‏ فأعضاء الحوت تتمتع بفعالية عالية عند وجوده في المحيطات أماإذا نقل منها فهي تفقد معظم فعاليتها.‏ كذلك بالنسبة لنظام سلوكي مافقد يكون مناسبا في محيط مع وقد يقود إلى العقم واوت في محيطآخر.‏ فالقرقب (١) لا كنه التكاثر في محيط لا يوفر له وجود حفرة يبنيبها العش;‏ فالأجهزة العضوية والسلوكية تفقد فعاليتها وتكون غير مثمرةإذا طلب منها التعامل مع محيط لم يسبق لها التكيف معه.‏يعتبر مفهوم التكيف من وجهة النظر البيولوجية مفهوما أساسياوينطوي على صعوبة بالغة عندما يتعلق الأمر بالأنظمة السلوكية عندالحيوان وتتضاعف هذه الصعوبة بالنسبة لسلوك الإنسان.‏ لقد كان مناتعذر قبل النظرية الداروينية فهم كيف كن لبنية عضوية معينة عندالحيوان أو عند الأعشاب أن تتكيف بصورة فعالة;‏ فالقدرة على التكيفلأية بنية بيولوجية أو فيزيولوجية أو سلوكية تكون نتيجة للانتخاب الطبيعيوالذي أدى في محيط مع إلى النجاح في التكاثر وبالنتيجة إلى المحافظةعلى الأنواع الأكثر تلاؤما وفي نفس الوقت أدى ذلك إلى اختفاء الأنواعالأقل تلاؤما حيث أنها أقل حظا في التكاثر من سابقتها.‏إن تبني هذه النظرية-اتعلقة بالتطور العضوي والفيزيولوجي للحيوانات-‏يعود إلى وقت طويل.‏ أما فيما يتعلق بتبني هذه النظرية في ميدان السلوكفيرجع إلى مرحلة قريبة إذ يعود الفضل في ذلك إلى الايتولوجي (٢).(Ethologists)إن هؤلاء حاولوا فهم دور الوسائل السلوكية في البقاء وفي المحافظةعلى نوع ما في محيطه الطبيعي اعتاد.‏ هذا انهج ساعد على فهم الجوانبالأساسية لسلوك الإنسان خاصة ما يسمى بالسلوك الفطري.‏ إن بنيةالنظام السلوكي الفطري تسمح بالتوصل إلى نتيجة مفيدة للفرد;‏ إلا أنهذه الفائدة ليست سوى فائدة مباشرة فالفائدة النهائية تكون فائدة النوعفلو تعلق الأمر ضغ الطعام أو الحماية الذاتية أو الاتحاد الجنسي أوالدفاع عن الأرض فالمحافظة على النوع تكون النتيجة النهائية لهذه الأنظمةالسلوكية إن الفرد يشكل عضوا في هذا النوع والنظام البيولوجي الذيينطبق عليه مفهوم التكيف ليس فردا وإا وحدة اجتماعية(Bowlby,1969)(Population)18


السلوك عبر التطورالسلوك الفطري والسلوك المكتسبإن التقدم الذي شهدته العقود الأخيرة في علوم الايتولوجيا (Ethology)وعلم النفس التجريبي وفيزيولوجيا الجملة العصبية قد ساهم في إعادةالنظر في <strong>العلاقة</strong> ب الفطرة والاكتساب وفي تطور الحوار ب أنصارهذين افهوم‏.‏ ويتميز السلوك الذي يسمى عادة بالسلوك الفطريبالخصائص التالية:‏١- يتطابق السلوك الفطري مع وذج متشابه لدى جميع أفراد النوع.‏٢- لا يعتبر هذا السلوك استجابة بسيطة ؤثر بل يكون سلسلة منالأفعال تتبع طريقا خاصا كن توقعه.‏٣- يكون لهذا السلوك فائدة كبيرة حيث يسهم في المحافظة على بقاءالفرد وعلى استمرارية النوع.‏- ٤ كن للعضوية أن تظهر هذا السلوك بالرغم من غياب فرص التعلمأو ندرتها.‏لقد اتسمت النقاشات التقليدية بالتعارض ب الخصائص الفطريةوالخصائص اكتسبة إلا أننا ندرك الآن بأن مسألة التعارض ب السلوكالفطري وب السلوك اكتسب مسألة غير واقعية حيث يصعب فهم الواحدعزل عن الآخر كما يصعب تصور اساحة بلا طول أو بلا عرض.‏ إنالخصائص البيولوجية في جوانبها اخملتلفة-التشريحية أو الفيزيولوجية أوالسلوكية-‏ هي نتيجة للتفاعل ب اعطيات الوراثية وشروط المحيط.‏ يجب إذنإعادة النظر في مفهوم الفطرة والاكتساب وإيجاد مصطلح جديد ليحل محلهما.‏وتتميز الخصائص التي نعتت بالفطرية بنوع من الاستقرار والثبات<strong>بين</strong>ما تتميز الخصائص اكتسبة بالتغير والتأثر بشروط المحيط.‏ فالسلوك‏«الغريزي»‏ يتمتع بدرجة من الاستقرار في الوسط طاا أن هذا الوسطيبقى في الحدود التي يعيش ضمنها النوع.‏ ويظهر هذا السلوك في صيغةمتوقعة عند جميع أفراد النوع وهذا ما يسمى بخصائص النوع أو يزاته.‏وتعتبر البنية التشريحية والفيزيولوجية لدى الإنسان استمرارا ا هوعليه الحال عند الأنواع الأخرى.‏ إلا أن الأمر مختلف بالنسبة للبنية السلوكية.‏فبالرغم من أن البنية السلوكية الأساسية للكائن البشري تتشابه مع نظريتهاعند الثدييات العليا إلا أنها تعرضت خلال التطور إلى تغيرات خاصة19


الأمومةتسمح بالوصول إلى نفس الأهداف بطرق ووسائل أكثر تعددا.‏ فالوجودالإنساني في علاقته بالأنواع الأخرى له تركة بيولوجية هامة يعتبر فهمهذه التركة مقدمة ضرورية لفهم السلوك البشري.‏ومن وجهة نظر الداروينية الجديدة (Neo-Darwinism) يجب على كلمخلوق أن يتكيف مع محيطه كي يتمكن من البقاء.‏ ويتم هذا التكيف ليسفقط بواسطة الأعضاء الجسدية البيولوجية بل أيضا بواسطة السلوك(Wilson من هنا نستطيع أن ندرك أن دراسة السلوك أصبحت فرعامن فروع البيولوجيا وأن السلوك يدرس ويحلل-كالأعضاء الجسدية-منحيث مركباته ووظائفه في تكيف العضوية وقدرتها على البقاء والاستمرار.‏يؤكد بعض الباحث على أهمية العوامل الوراثية في تحديد السلوكوهناك من يبالغ في دور هذه العوامل(,‏Wilson (Lorenz-Kins,1976 ,1975) Daw وهناك من يرى أن السلوك الغريزي لا كن أنيكون نتيجة للتعبير الجامد للوراثة.‏ يظهر هذا السلوك عند فرد معتحت التأثير ازدوج واتلازم للتجربة وللنضج البيولوجي الجسدي (١٩٨٠,.(Campan إن هذا التصور الأخير يظهر ديناميكية السلوك وتطوره التدريجيتحت التأثير اتبادل ب النضج والتجربة ا يقود إلى تغير فردي فيالتكيف ليس فقط على صعيد ال<strong>نمو</strong> الحركي الفاعل للعضوية بل أيضا فيخصائص وميزات فعالية التعبير السلوكي.‏,١٩٧٥)الاجتماعي (١٩٣٥السلوك البشري عبر التطوريتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بقدرته على التغيير والتجديد فيمحيطه إذ كن من توسيع الأوساط التي تسمح له بالبقاء والعمل والتكاثرفي شروط معقدة جدا.‏ لقد كن الإنسان أيضا من التغيير الجذري فيشروط المحيط بحيث اصطنع جملة من الأوساط الجديدة خصوصا خلالعدة الآلاف سنة ااضية.‏ لقد سمحت هذه التغييرات بتضاعف سريعلسكان اعمورة.‏ وعلى العكس من ذلك بالنسبة للكائنات الأخرى فالمحيطعند معظم هذه الكائنات يتميز بالاستقرار النسبي فهو لا يتغير إلا بشكلمحدود ويتم هذا التغيير ببطء شديد.‏ فكل نوع يعيش في وسط كبيرالتشابه مع ذلك الوسط الذي تطورت ضمنه الأنظمة السلوكية للنوع وعملت20


الإنساني (١٩٦٥,السلوك عبر التطوربشكل ملائم.‏ فالمحيط الذي تعيش ضمنه الأنواع اليوم كبير التشابه-إن لميكن متطابقا-مع نفس المحيط الذي شهد تطور كل نوع من هذه الأنواع.‏إن التنوع الذي أحدثه الإنسان في محيطه-خاصة في مجال السكن-‏والتغير السريع الذي شهده هذا المحيط أدى إلى تجاوز مبدأ الانتخابالطبيعي بدرجة كبيرة.‏ إن ذلك حمل بولبي (Blwlby,١٩٦٩) على القول بأنمحيط الإنسان اتمدن أو نصف اتمدن لا يتطابق مع المحيط الذي سمحلأنظمة السلوك الفطرية بالتطور والتكيف.‏لقد عاش الإنسان في محيط شبه مستقر طيلة مليوني سنة ومنذعشرة آلاف سنة تقريبا بدأ ارحلة الزراعية التي ترافقت بتعديل كبير فيالمحيط وصل إلى قمته في ارحلة الصناعية في العصر الحديث.‏ إن هذاالتعديل في المحيط البشري لا ثل إذن أكثر من ٠٬٥% من عمر الوجود.(Tobias إن الأنواع الأخرى تعدل في محيطها أيضا فذلكليس وقفا على الإنسان فالحشرات والعصافير مثلا تبني أعشاشها.‏ إلاأن ذلك يعتبر نتاجا للسلوك ‏«الفطري»‏ ويتم بصورة شبه آلية ا يساعدعلى إقامة التوازن ب النوع والمحيط على خلاف التغيرات التي يحدثهاالإنسان في محيطه فهي ليست نتاج السلوك الفطري وإا نتاج التقاليدالثقافية التي تنتقل من جيل إلى آخر.‏ وتعاني التقاليد الثقافية من تسارعكبير في عصرنا الحالي بسبب التقدم التكنولوجي الهائل ا يؤدي إلىاختلال التوازن ب الإنسان ومحيطه.‏ ف<strong>العلاقة</strong> ب الطرف فقدتاستقرارها في عصر الثورة الإلكترونية.‏إن فهم المحيط البدائي الذي عاش وتطور فيه الإنسان كننا من فهمأفضل للسلوك الفطري.‏ ومن هنا تبدو أهمية دراسة الأقوام التي لازالتتعيش في وسط مشابه للوسط البدائي للإنسان وكذلك أهمية اكتشفاتالأثرية التي كن أن تزودنا باعلومات اتعلقة بحياة الأول‏.‏<strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong> الأم و<strong>الطفل</strong>تب دراسة علاقة الترابط ب الأم و<strong>الطفل</strong> عند جماعات بشريةمتنوعة أن العائلة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية عند البشر.‏ لقدأشارت الدراسات اخملتلفة التي تناولت أقواما عديدة إلى أن النساء والصغار21


الأمومةيترافقون دوما برجال بالغ وإن لم يكن هؤلاء الرجال دائما آباء بل مناقرب‏.‏ لقد اعتبر ‏(فوكس (Fox,١٩٦٧ الأم وأطفالها-ورا أطفال أبنتها-‏القاعدة الاجتماعية الأساسية للجنس البشري.‏ وتختلف هذه الأقوام بعضهاعن بعض في علاقة الأب أو عدم علاقته بهذه الوحدة الأساسية.‏ ففيبعض اجملتمعات يرتبط الأب بهذه الوحدة بشكل دائم نسبيا وفي مجتمعاتأخرى يرتبط بعدة وحدات ‏(تعدد الزوجات).‏ <strong>بين</strong>ما لا يرتبط الأب فيمجتمعات أخرى لا من قريب ولا من بعيد بهذه الوحدة الاجتماعية;‏ فذلكيتشابه إلى حد بعيد مع الأنواع القريبة من الإنسان.‏إن ما يز الأنواع الراقية-ومن ضمنها الإنسان-عن غيرها هو كونهاتعيش في زمر اجتماعية مؤلفة من الجنس من أعمار متفاوتة فمنالنادر مصادفة الأنثى والأولاد بلا ذكر ويندر كذلك وجود الذكور في حالةوحدة.‏ وتبقى الزمرة الاجتماعية عادة ثابتة طيلة العام وإن تعرضت للتفرقة-‏من وقت إلى آخر-والتشكل من جديد.‏ فمغادرة الفرد للزمرة لا يحدث إلانادرا وغالبا ما يقضي حياته بالقرب من أفراد سبق أن اعتاد مرافقتهم.‏تعيش الزمرة الاجتماعية في مساحة محدودة من الأرض ويل إلىالبقاء والاستقرار ضمن حدودها.‏ وغالبا ما تعيش الأنواع اخملتلفة فيوسط متداخل مع أعداء متربص بأفراد النوع وهذا ما يدفع إلى تبنينظام سلوكي يسهم في حماية النوع إذ تنظم الزمرة الاجتماعية دفاعاذاتيا فيقوم الذكور البالغون بالتعاون لطرد العدو وعند تعرض أحد الأفرادللتهديد.‏ <strong>بين</strong>ما يبتعد الصغار والإناث عن منطقة الخطر.‏ فالفرد الذييتعرض للمفاجأة في حالة من العزلة عن الزمرة كن أن يكون فريسةسهلة.‏ هكذا يكون التنظيم الاجتماعي عند الحيوانات الراقية وكذلك عندالإنسان البدائي.‏ وتختلف الأنواع في درجة نضجها بعد الولادة وبالتاليفي درجة اعتمادها على البالغ‏;‏ فاولود البشري يقطع شوطا طويلا منال<strong>نمو</strong> والتعلم قبل التمكن من البقاء دون مساعدة الكبار.‏ويلاحظ عند العديد من الأنواع ميل عام عند الصغار للتعلق القوي معبعض الكبار البالغ من أفراد نفس النوع.‏ ويأخذ التعلق شكل الاقتراباكاني ب اولود والكبير ويؤدي الانفصال ب الطرف إلى ظهور علاماتالاضطراب والخوف عند الصغير.‏ ويعتبر إرضاع الصغير واحدة من الوظائف22


السلوك عبر التطوراتعددة التي تقوم بها الأم للمحافظة على حياته.‏ ويأخذ سلوك التعلق بالأم ارضعة وطفلها قيمة هامة في المحافظة على بقاء النوع أثناء عمليةالانتخاب الطبيعي.‏سلوك التعلقيعرف سلوك التعلق Behaviour) (Attachment بأنه كل صيغة من السلوكاؤدي إلى التقارب ب الأم والصغير.‏ إن الطبيعة تزودنا بأمثلة محسوسةفملاحظة مختلف الأنواع تؤكد وجود الصغار حول الأم عند الطيور والخيلوالبقر واواشي وكذلك عند البشر يتميز سلوك التعلق بالتقارب ب الأموالصغار وإعادة التقارب في حال اختلاله.‏ ومن الاحظ أن الأم تتعرفعلى صغارها دون غيرهم وكذلك الصغار سرعان ما يتعرفون على الأمويتبعونها دون غيرها من الكبار.‏ والشذوذ عن ذلك يعتبر نادرا وحالة غيرطبيعية.‏ إن السلوك الأهلي اقابل لسلوك التعلق هو سلوك العناية والاهتمامبالصغار ورعايتهم.‏التعلق عند الحيوانات الدنياإن الاستجابة اباشرة ب الأم واولود الجديد تعتمد على برمجةغريزية حيث تحدد هذه البرمجة الاستجابة اباشرة والسريعة ب الأمواولود لدى الحيوانات الدنيا.‏ فآلية ‏(ميكانيزم)‏ التعلق السريع عند العصافيرتعتبر مثلا واضحا على تنوع <strong>العلاقة</strong> ب الأهل و<strong>الطفل</strong> وتعقدها وكذلكعند الثدييات يبدأ التعلق أيضا مباشرة بعد الولادة فالصغير يتعرف علىأمه ويبقى إلى جانبها دون غيرها والأم بدورها ترعى وتغذي وتحميوليدها دون غيره.‏ وبنفس الوقت فالخصائص التي تجذب الأم نحو طفلهاليست بالضرورة نفس الخصائص التي تجذب <strong>الطفل</strong> نحو أمه.‏ ولكن يبدوأن الطرف لكان نظاما سلوكيا فطريا فعالا ومتلازما.‏التعلق عند العصافير ومفهوم الانطباعأو السمات المؤثرةإن الصيغة التي يأخذها نظام سلوكي مع عند الكبار لدى العديد من(Imprinting)23


الأمومةالأنواع تعتمد إلى حد كبير على الوسط الذي تكبر فيه.‏ فدرجة التأثربالمحيط تختلف نسبيا من مرحلة إلى أخرى خلال مراحل ال<strong>نمو</strong> اذ كنلنظام سلوكي ما أن يكون شديد التأثر بالمحيط في مرحلة ما وبعدهاتتوقف قابليته للتأثر.‏ وكن جملموعة من اؤثرات أن توقظ نظاما سلوكيامعينا إذا تعرضت لها العضوية في مرحلة محددة من مراحل ال<strong>نمو</strong> فيح تفقد هذه اؤثرات أهميتها في مرحلة أخرى ورا بشكل نهائي.‏يقترب الصغار من الأم بتأثير اؤثرات الصادرة عنها.‏ فاؤثرات األوفةتحمل الصغار على الاقتراب <strong>بين</strong>ما تؤدي اؤثرات الغربية على السلوك إلىالابتعاد والتجنب عندهم.‏ وكن الإشارة في هذا الصدد إلى سلوك اتباعالأم عند فراخ البط والإوز;‏ فخلال الساعات الأولى بعد مغادرة البيضةيتبع الفراخ أول شيء يتحرك كنهم إبصاره بغض النظر عن طبيعة هذاالشيء ثم يتبعون هذا الشيء بذاته ويتجنبون أي شيء آخر.‏ فهذا التعلمالسريع باتباع ما هو مألوف يسمى الانطباع-‏ (imprinting) أو السمات اؤثرة.(Loreng,١٩٣٥) يتميز الانطباع بحدوثه فقط في مرحلة قصيرة من مراحلال<strong>نمو</strong> وفي حال حدوثه يصبح من غير امكن إلغاؤه وهو يتجاوز فردا بعينهليشمل جميع أفراد النوع ويسهم الانطباع بإيقاظ وتنشيط مجموعة سلوكيةلم يسبق ظهورها عند العضوية.‏وتب التجربة أن تنشئة عصفور صغير في وسط محايد وبحالة عزلهتؤدي إلى تعذر حدوث الانطباع إلا أن القابلية لحدوث الانطباع تستمرحيث كن ديد ارحلة الحساسة للانطباع ولكن ليس إلى مالا نهاية.‏وتنتهي عادة ارحلة الحساسة بحدوث الانطباع.‏لقد تعدل مفهوم الانطباع بعض الشيء فهو يتشابه في سياقه مع بعضحالات التعلم ويستخدم مفهوم الانطباع حاليا ليعني السياق اؤثر في سلوكالتعلق والذي يجعل هذا السلوك عند صغار الطيور وصغار الثدييات يتوجهبشكل مفضل ومستقر نحو فرد أو عدة أفراد.‏يعرف باتسون (Batson,١٩٦٦) الانطباع بأنه السياق الذي يحدد عملية التفضيلالاجتماعية لتشمل فقط مجموعة معينة دون غيرها من الأفراد أو الأشياء.‏وكن استخدام مفهوم الانطباع عند مناقشة التعلق عند <strong>الطفل</strong> البشريإلا أنه يجب الأخذ بع الاعتبار اسافة التي تفصل مختلف الأنواع في24


السلوك عبر التطورسلم التطور;‏ فمن اهم معرفة فيما إذا كان السياق الذي تأخذه ظاهرةالانطباع هو نفسه لدى مختلف الأنواع أو يختلف من نوع إلى آخر.‏ لقدأشار ‏(هايند)‏ إلى أن خطى التطور اللذين أديا إلى الطيور من جهة وإلىالثدييات من جهة أخرى قد افترقا في مرحلة الزواحف الأولى في وقت لميظهر فيه بعد سلوك التعلق.‏ فكل فرع في لكة الحيوانات طوّر سلوكالتعلق بشكل مستقل عن الفرع الآخر.‏إن التشابه في أشكال سلوك التعلق لدى أنواع مختلفة ليس سوى نتيجةلتطور متقارب وهذا كن أن يخفي الكثير من الاختلاف في السياق الذيأدى إلى هذا السلوك.‏ إن معالجة سلوك الانطباع وأثره في التعلق عندالعصافير يأخذ أهمية خاصة لأنه أدى حديثا إلى خلخلة نظرية التعلقالتقليدية استندة إلى الفرويدية والتحليل النفسي.‏ فمن وجهة نظر فرويديعتبر التعلق دافعا ثانويا ي<strong>نمو</strong> ويتطور على هامش الدوافع الأساسية.‏ <strong>بين</strong>مايرى بولبي(‏Bowlby‏)‏ إن دافع التعلق هو دافع أساسي كدوافع الجوع والعطشوالجنس.‏ فعلاقة الصغير بالكبير ‏(الأم)‏ هي ضرورية لل<strong>نمو</strong> الطبيعي كضرورةالغذاء.‏ فملاحظات لورنس (Lorenz) أكدت بأن دافع التعلق مستقل عنالدوافع الأخرى حيث كن ملاحظة سلوك التعلق عند صغار الإوز والبطدون أن تتلقى أي غذاء أو أي معزز آخر من قبل الأم.‏ فبعد بضع ساعات منمغادرة البيوض كن ملاحظة ميل قوي عند صغار البط والإوز لاتباع أيشيء يتحرك في مجالهم البصري سواء الأم أو رجل أو كرة متحركة..‏وبعد اتباعهم شيئا محددا يلاحظ تفضيلهم لهذا الشيء باقارنة مع الأشياءالأخرى.‏ وبعد مدة من الزمن لا يتبعون إلا هذا الشيء بعينه وبذلك يكونقد حدث الانطباع ويصبح من الصعب بل أن استحيل إلغاؤه أو تغييرموضوعه.‏بعد التحقق من مكتشفات لورنس كان من الطبيعي امتحان سلوك التعلقعرفة فيما إذا كان هذا السلوك يتطور على نحو متشابه عند الثديياتوعند الإنسان تجاهل لورنس-في باد الأمر-إمكانية حدوث الانطباع عندالثدييات إلا أن ذلك تغير مع مرور الزمن حيث أصبح مفهوم الانطباع أكثرشمولا.‏ إضافة إلى ذلك أوضحت الاحظات التجريبية أن هناك تشابهاكبيرا في تطور الانطباع ب الثدييات والطيور.‏25


الأمومةالتعلق عند الفئران ودور العوامل الكيميائيةتلعب الرائحة دورا هاما في سلوك الاتصال عند الكثير من الثديياتالدنيا خاصة في الروابط التي تقوم ب الأم وصغارها.‏ فاادة ذات الرائحةالخاصة الصادرة عن حيوان ما والتي تؤثر في سلوك حيوان آخر تسمىفيرومون .(Pheromone) لقد تأكدت وظيفة الفيرومون لدى دراسة الأموالصغار عند الفئران.‏ فعندما يفصل الصغار عن الأم حيث توضع هذهالأخيرة في علبة مخبأة بالقرب من علبة مجاورة تضم فأرة محايدة كنللصغار العثور على الأم في حال مرور تيار هوائي قادم نحوهم من جهةالأم.‏ ويتعذر ذلك إذا كان التيار في الاتجاه اعاكس لأن الهواء يحمل اركبالكيميائي ‏(الفيرومون)‏ الذي ينقل رائحة الأم.‏ولقد طرح الباحثون العديد من الأسئلة لتفسير هذه الظاهرة فهليكون الصغير مجذوبا برائحة الأم?‏ كانت الإجابة على هذا السؤال بالنفيحيث كن بعض الباحث al.١٩٧٧) (Leon, et من اكتشاف مفرزاتالسيكوتروف (Cecotrophe) التي تتميز برائحة خاصة عند الفأرة الأموهذه الرائحة هي التي تجذب الصغار.‏ يتصاعد إفراز هذا الفيرومون عندالأم تدريجيا بعد الولادة حتى يصل إلى مداه الأقصى في اليوم السادسعشر بعد الولادة.‏ لقد أوضح ليون أن جاذبية الأم تتناسب طرديا مع تزايدهذه افرزات ومن امكن جذب صغار الفأر إلى علبة مخفية بعيدة تحويهذه افرزات في حال وجود تيار هوائي ينقل رائحتها باتجاه الصغاروذلك بالرغم من غياب الأم.‏إن حساسية الصغار لهذا الفيرومون ليست ثابتة فهي تبدي القليل منالتأثر برائحة الفيرومون في عمر أقل من عشرة أيام وقد أوضح ليون أنهذه الحساسية تصل إلى قمتها في عمر ستة عشر يوما فالتغير فيجاذبية الأم وفي حساسية الصغير تجاه هذه الجاذبية يتزامن مع قدرةالصغير على الحركة والتنقل خارج الوكر.‏ إن عمر الستة عشر يوما هوالعمر الذي يقترب من الفطام فقبل عمر عشرة الأيام يبقى الصغير داخلالوكر وبعدها يبدأ بالخروج بحثا عن الغذاء ويعود إلى الوكر بالاستناد إلىرائحة الفيرومون الصادرة عن الأم.‏ وتبدأ استجابة صغير الفأر للفيرومونبالتناقص عندما يتمكن من العثور على الغذاء فرده دون الاعتماد على26


السلوك عبر التطورالأم ‏(ارجع السابق).‏لقد أوضح هذا الباحث في سلسلة من التجارب (Leon,١٩٨٣) أن صغيرالفأر يتجه إلى الوكر بالاستناد إلى رائحة الفيرومون ‏(سيكوتروف)‏ بغضالنظر عن كونها صادرة عن.‏ الأم الطبيعية أو عن أم أخرى.‏ فالسؤال الذييطرح الآن هو:‏ كيف كن للصغير التعرف على وكره في حال وجود عدةأوكار متقاربة?‏ وتكون الإجابة على هذا السؤال على النحو التالي:‏١- لا تبني الفئران أوكارها بشكل متقارب في الشروط الطبيعية.‏٢- في حال عودة الصغير إلى وكر آخر فالأمر لا يشكل خطورة بالنسبةله لأنه لا توجد عند هذا النوع علاقة انتخابية محدودة ب الأم والصغارفالأم تتقبل صغار فأرة أخرى والصغار بدورهم يتمكنون من الرضاعة منعدة أمهات.‏ فالتعلق باعنى الدقيق لا ينطبق على هذه <strong>العلاقة</strong> التي تقومعلى جاذبية متبادلة ب الأمهات والصغار وتتزامن هذه <strong>العلاقة</strong> مع والصغار إذ ينخفض سلوك الأمومة واهتمام الأم بالصغار عندما يتمكنهؤلاء من الاعتماد على أنفسهم.‏ويؤدي فصل الأم عن الصغار إلى توقف اهتمامها بهم وبعد إعادة الصغارلها تستمر باللامبالاة وبعدم الاهتمام.‏ فهي لا ترضعهم نفس ادة اعتادة.‏إلا أن تزويد الأم بازيد من الصغار حديثي الولادة من غير صغارها يؤديإلى إطالة أمد سلوك الأمومة فإحضار الصغار يثير سلوك الأمومة عندهاحيث تؤثر خصائص الصغير تأثيرا هاما في استمرار عناية الأم طاا أنهؤلاء الصغار بحاجة إلى ذلك.‏ لا يتأثر سلوك الأمومة عند الفئران فقطباؤثرات الحسية-كالبصر والسمع واللمس والشم-وإا يخضع لعواملهرمونية وعصبية فالتغير في السلوك يترافق بتغيرات في النشاطاتالغددية وتعتبر هذه النشاطات من أهم العوامل البيولوجية التي تتزامن معالحمل والولادة.‏ لقد <strong>بين</strong>ت تجارب عديدة أن حقن الحيوان بهرمونالاستروج (Estrogen) يدفعه إلى إظهار سلوك الأمومة وكن منع هذاالسلوك في حال حقنه بهرمون البروجييستيرون .(Progeseprone) لقداعتمدت دراسة تأثير الجهاز العصبي في سلوك الأمومة على تعطيل بعضاناطق العصبية في الدماغ وملاحظة تأثير ذلك في سلوك الأمومة;‏ إلا أنهذه الطريقة تصطدم بصعوبة كبيرة تكمن في معرفة تحديد الجزء الذي27


الأمومة تعطيله في الدماغ والذي أدى إلى التأثير في سلوك الأمومة لأنتعطيل جزء ما من الدماغ يؤدي إلى التأثير في أجزاء أخرى وذلك بقطعالواصلات التي قد ر من الجزء اعطل أو بالقرب منه.‏ إن استئصال جزءما من الدماغ قد لا يؤدي فقط إلى اضطراب سلوك ما بعينه بل إلىاضطراب السلوك جمله.‏نخلص من هذه الاحظات إلى إدراك مدى صعوبة دراسة التأثيرالبيولوجي-العصبي في سلوك الأمومة.‏ وبالرغم من الدراسات الوصفيةللتأثير البيولوجي في سلوك الأمومة لأنواع متعددة إلا أن هناك فروقاهامة لوحظت ب هذه الأنواع فما يصلح لنوع ما قد لا يصلح لنوع آخرحيث تظهر الأنواع اخملتلفة فروقا فيزيولوجية وسلوكية هامة.‏ فتاريخ كلنوع من هذه الأنواع قد يكون على صلة بايكانيزم التي تحكم الفروقالاحظة ب هذه الأنواع.‏ وإن معرفة هذه الفروق على درجة كبيرة منالأهمية في دراسة تطور سلوك الأمومة.‏التعلق عند الثدييات العلياإن دور الفيرومون غير معروف بشكل جيد عند الحيوانات العليا إذيتجه البحث لإيضاح دور الإفرازات الهرمونية في إقامة التعلق ب الأموالصغير.‏ فلحس الصغير من قبل الأم بعد الولادة يسهل سلوك العناية بهويسهل الإدرار عند الغنم والكلاب وأنواع أخرى;‏ كذلك يجعل تعرف الأمعلى صغيرها كنا.‏ وكذلك يساعد لحس الأم الصغير في إيجاد حلمةالثدي والبدء بالرضاعة بعد الولادة.‏ فإذا منعت النعجة من لحس وليدهافلن يتمكن من البدء بالرضاعة بعد الولادة بنفس السرعة اعتادة.‏ وتعتبرالحرارة الجسدية ضرورية لحياة الصغار حيث لا تتمكن صغار معظمالأنواع من المحافظة على درجة الحرارة الجسدية دون احتضانها من قبلالأم بشكل دوري ومنتظم ويكون ذلك عامل جذب متبادل ب الأم والصغير.‏تشير تجارب كلوبفر (Klopfer,١٩٧١) إلى أن فردية <strong>العلاقة</strong> ب مولودااعز والأم تتحدد في الدقائق الخمس الأولى بعد الولادة.‏ فالإبقاء علىالجدي إلى جانب الأم دة خمس دقائق بعد الولادة ثم فصله عنها دةساعة لا يؤثر في تقبل الأم لهذا الجدي بعينه بعد عودته فهي تقبله <strong>بين</strong>ما28


السلوك عبر التطورترفض أي جدي آخر.‏وفي حال فصل اولود مباشرة بعد الولادة ثم إعادته إلى الأم بعدساعة فهي سترفضه كأي جدي غريب آخر.‏ فمن الواضح أن الأم شديدةالحساسية لإقامة روابط التعلق مع الصغير خلال فترة قصيرة بعد الولادةوبعدها ترفض أي صغير.‏ يعزو كلوبفر ذلك إلى أن وجود الصغير بالقربمن الأم يؤدي إلى إفراز هرمون الاكسيتوس (oxytocine) ويحدث هذاالإفراز في الدقائق الخمس الأولى التي تلي الولادة.‏وتحتل الإصدارات الصوتية مكانا بارزا في الاتصال والتجاذب ب الأموالصغير.‏ فصغير القرد يصدر بكاء يزا عند فصله عن الأم التي تعودإليه لدى سماعها هذه الأصوات.‏ ولكن الأم لا تصدر هي نفسها صوتاخاصا في هذا السياق.‏ إلا أنه من المحتمل أن يكون لحاسة اللمس والاحتكاكالجسدي الدور الأساسي في تطور <strong>العلاقة</strong> ب الأم وصغارها عند القردة.‏فالامسة الجسدية والتفلية والتنظيف والتقبيل يتكرر حدوثها بشكلملوحظ عند القردة.‏ وتتفاعل جميع الحواس وتؤثر في تحديد سلوكالتعلق.‏ إن سلوك التعلق عند القردة-كغيرها من الأنواع العليا-يعتمد علىالعوامل الفطرية وعلى عوامل التجربة إذ تتفاعل هذه العوامل مجتمعةلتسهم في صياغة هذا السلوك وتطوره.‏إن اعطيات التجريبية اتعلقة ببعض الأنواع ‏(الخراف-والكلاب والقردة)‏تب أن سلوك التعلق عند صغار هذه الأنواع كن أن ي<strong>نمو</strong> ويتطور تجاهكائن ما عزل عن أي حاجة أخرى أي دون أن يقوم هذا الكائن بتقد أيمشجع إلى الصغير كالغذاء أو الحرارة أو الجنس.‏لقد أوضحت تجارب شيبلي (Shipley,١٩٦٣) إن عزل خنزير الهند بعدأربع ساعات من الولادة يؤدي إلى استجابته ومتابعته لشكل خشبي متحركفاستجابته لا تتضمن فقط الاقتراب بل أيضا جملة من الأفعال ذاتالصبغة الاجتماعية كالاستنشاق والامسة واللحس.‏ كما <strong>بين</strong>ت تجارب أخرىبأن الخروف الذي ينشأ على صلة بصرية سمعية وشمية مع كلب لعدةأسابيع يسلك هذا الخروف تجاه الكلب سلوكا اثلا لسلوك الخرافتجاه الأم.‏ فيطلق صياحات الثغاء باحثا عن الكلب في حال انفصالهماويتبعه في كل مكان في حال لقائهما.‏29


الأمومةلقد عززت تجارب هارلو على القردة الاتجاه اعارض للنظرية التقليديةالتي تعتبر التعلق ميلا ثانويا.‏أخذ هارلو صغار القردة منذ الولادة ووضعهم بالقرب من اثيل للأممصنوعة من الخيوط اعدنية أو مغطاة بقماش ناعم المس.‏ وكن تغذيةالصغار بواسطة زجاجة ذات ثدي مخبأ في التمثال.‏لقد <strong>بين</strong>ت هذه التجارب تأثير الغذاء من جهة وتأثير الامسة من جهةأخرى في سلوك التعلق عند الصغار.‏ فالغذاء-على عكس الامسة-لا يؤثرفي سلوك التعلق.‏ وتؤثر الامسة في التنشيط العاطفي تجاه اوضوعالذي يحل محل الأم <strong>بين</strong>ما لا يبدو ذلك نحو اوضوع ازود بالرضاعة.‏تأكدت هذه النتيجة في تجارب أخرى لنفى اؤلف فصغير القرد الذيتربى مع أم بديلة مصنوعة من القماش الناعم يهرع باحثا عن هذه الأممباشرة عندما يتعرض للخطر للتثبت بها بالرغم من كونها غير مزودةبرضاعة اصطناعية.‏ إن الصغير يسلك على نحو مشابه للحالة الطبيعيةفيجد الأمن بالقرب من هذه ‏«الأم»‏ ويهدأ روعه ويبدأ بتفحص ما أثارفزعه.‏ ويختلف سلوك الصغير الذي ربى بالقرب من أم بديلة مصنوعة منالخيوط اعدنية ومزودة برضاعة.‏ فهو لا يبحث عن ‏«الأم ارضعة»‏ عند تعرضهللخطر وتستمر مظاهر هلعه ولا يتفحص الشيء الذي أثار هذا الهلع.‏وفي تجربة أخرى وضع صغار القرد حيث يوجد العديد من الألعابفي غرفة مجهولة;‏ لقد اختلف سلوك هؤلاء عند حضور هذه الأم القماشيةالبديلة عنه في حالة غيابها;‏ ففي حضور الأم-القماشية الناعمة المس-‏يقوم الصغار باكتشاف الوسط وتفحص الألعاب ثم العودة نحو هذه الأممن ح إلى آخر.‏ وفي حالة غيابها يركضون في كل الاتجاهات داخلالغرفة ويبدون اذج سلوكية جامدة كوضع الرأس ب اليدين وإلصاقالوجه في الأرض والصراخ.‏ إن إحضار الأم اعدنية لا يحقق الأمن لهؤلاءالصغار ولا يغير من مظاهر السلوك الغريبة عندهم حتى بالنسبة للصغارالذين لم يسبق لهم التعرف إلا على هذه الأم اعدنية ارضعة»‏ فذلك لايغير من مظاهر خوفهم وذعرهم شيئا ولا يبدون نحوها أية مظاهر عاطفية.‏لقد ألح هذا الباحث على تأثير سلوك الامسة الجسدية في تعلق <strong>الطفل</strong>بالأم بصورة مستقلة عن الرضاعة.‏30


السلوك عبر التطورالاستقرار في سلوك التعلقوماذا عن استمرار سلوك التعلق?‏ إن ذلك يختلف من نوع إلى آخروبصفة عامة كن أن يستمر إلى ما قبل سن البلوغ ويتوقف سلوك التعلقفي نهاية السنة الأولى عند معظم أنواع الطيور;‏ ولا توجد فروق ب الجنسفي ذلك على خلاف الثدييات حيث يتميز الجنسان بفرق أساسي فيسلوك التعلق;‏ فالتعلق بالأم عند الإناث يستمر حتى الهرم كما هو الحالعند الغنم مثلا فالإناث تبقى قريبة من الأم التي تبقى بدورها قريبة منالجدة <strong>بين</strong>ما تبتعد الذكور في مشارف مرحلة البلوغ عن الأم ويتبعون غالباذكورا أكبر سنا.‏إن سلوك التعلق يستمر بقوة عند القردة في الأشهر الأولى من الحياةوأثناء <strong>الطفولة</strong> ويستمر عند بعض الأنواع في مراحل متأخرة بعد البلوغ.‏.(Sade, Goodall,١٩٦٥)إن حالة عدم النضج الجسدي عند <strong>الطفل</strong> البشري بعد الولادة وتباطؤوه يفسر تأخر ظهور سلوك التعلق عنده باقارنة مع الأنواع الأخرى.‏ويرى ‏«بولبي»‏ أن روابط <strong>الطفل</strong> بالأم هي الصيغة الإنسانية لسلوكالتعلق الاحظ عند الأنواع الأخرى وهو يعالج طبيعة هذه الروابط فيهذا السياق التطوري إلا أنه يؤكد أن اقارنة ب الأنواع يجب أن تؤخذ علىدرجة من الحذر خاصة ما يتعلق بسلوك الطيور فمن اعروف أن خطيّ‏التطور اللذين أديا إلى الطيور والى الثدييات..‏ سبق أن يزا منذ مرحلةالزواحف الأولى ا يعني أن سلوك التعلق قد تطور بصورة مستقلة عندالثدييات باقارنة مع الطيور.‏<strong>بين</strong>ما يؤكد ‏«بولبي»‏ أهمية دراسة سلوك الثدييات العليا في إلقاء الضوءعلى السلوك الإنساني.‏إن جميع صغار الثدييات تتشبث بالأم بعد الولادة ‏(باستثناء <strong>الطفل</strong>البشري)‏ وتستمر <strong>العلاقة</strong> الجسدية اباشرة ‏(الامسة)‏ طيلة <strong>الطفولة</strong> الأولىولا يبتعد الصغير عن الأم إلا مسافة محدودة لا تتجاوز عدة أمتار.‏وباقابل تعمل الأم بدورها على إبقاء الصغير بالقرب منها.‏ ومع تقدمالعمر تنخفض نسبة الامسة الجسدية ب الأم والصغير إلا أنه ينام إلىجانبها ليلا.‏ ويبدأ الصغير بالابتعاد عن الأم أكثر فأكثر أثناء رحلاته31


الأمومةولكنه سرعان ما يهرع نحوها مع أية علامة خطر.‏إن صغير القردة من نوع Rhesus) (Singe يبقى خلال الأسابيع الأولىعلى صلة جسدية شبه دائمة مع الأم وتحتل هذه الصلة نسبة عالية ثمتنخفض إلى ١٠% أو ٢٠% خلال السنة الثانية.‏ إلا أن الصغير يبقى تحتمراقبة الأم.‏ وعندما تنتقل الأم يتعلق الصغير في بطنها فيتشبث بيديهورجليه وبفمه ماسكا حلمة الثدي.‏ويبدأ الصغير باتباع الأم عندما يستطيع السير وحيدا وذلك بتشجيعمنها.‏ وإذا ما أضاعت الأم صغيرها فهي تطلق نداء قصيرا باحثة عنه.‏ وإذاحدث العكس وأضاع الصغير أمه فإنه يطلق نداء طويلا مقدما شفتيه إلىالأمام ا يدفع أنثى أخرى لحملة في حالة عدم العثور على الأم.‏ وفيحالة اضطراب ما في وضع الزمرة سرعان ما يتجه الصغير والأم الواحدمنهما نحو الآخر.‏ ويتشبث <strong>الطفل</strong> ببطن الأم ماسكا الثدي بفمه ويستمرهذا السلوك عدة سنوات.‏ وكما هي الحال عند هذا النوع يبقى صغيرالقردة ‏(من نوع:‏ (Baboon متعلقا ببطن الأم كما هي الحال عند النوع السابقخلال الأشهر الأولى.‏ ثم يبدأ تدريجيا بالابتعاد لاستطلاع المحيط منذالشهر الرابع من عمره.‏ وبعد الشهر السادس يبدأ اللعب الاجتماعي معالأقران وهذا ما يستهلك معظم وقته وطاقته إلا أنه حتى إامه السنةالأولى يبقى بالقرب من الأم ويتبعها على قدميه وينام معها.‏وفي السنة الثانية يبقى الصغير مع أترابه وتتسم علاقته بالأم بالتأزمحيث يتوقف الحليب ويعود الحيض وتبدأ الأم بالتزاوج من جديد.‏ ففيهذه ارحلة تبدأ بدفع الصغير ونعه من الأخذ بالثدي أو من الصعودعلى ظهرها وترفضه حتى أثناء الليل.‏ إلا أنه بالرغم من هذا الرفضيلاحظ أن الأم و<strong>الطفل</strong> يتجه أحدهما نحو الآخر في حالة الخطر وتحاولالأم حماية الصغير إذا تعرض لإزعاج الأتراب أو الكبار ثم تتوقف <strong>العلاقة</strong>ب الطرف حيث تكون الأم قد وضعت صغيرا جديدا.‏ وعندها يهرعالصغير نحو الذكور الكبار عند تعرضه للخطر حيث يتولون حمايته إذتكون الأم مسؤولة عن الأصغر.‏يبقى الشمبانزي-كغيره من القدميات بالقرب من أمه طيلة <strong>الطفولة</strong>الأولى;‏ ويعتقد كودال (Goodall,١٩٦٥) أن العلاقات ب الأم وصغيرها كن32


السلوك عبر التطورأن تستمر طويلا حتى أثناء البلوغ.‏وتشكل هذه العلاقات الحلقة الأساسية في زمرة مؤلفة من أنثىوصغيرها وطفل آخر أكبر سنا ومراهقا وشابا يقترب من البلوغ.‏أما عند الغوريلا فيتعذر على الصغير التشبث بالأم فتقوم هي بإسنادهبذراعيها حتى عمر ثلاثة أشهر حيث يتمكن الصغير من ذلك.‏ وحتى سنستة أشهر يبقى الصغير بالقرب من الأم فهي تشجعه على ذلك ولا تسمحله بالابتعاد وتبقى تحركات الصغير ضمن إطار اجملموعة حتى عمر السنةولا يبتعد كثيرا عن الأم وأثناء الراحة يبدأ بالجلوس بالقرب منها بدلا منالجلوس على ركبتيها وترفض الأم نقل الصغير بعد أن يبلغ عمر ثمانيةعشر شهرا ولا تسمح له بالصعود على ظهرها إلا في حالات الخطر.‏العلاقات <strong>بين</strong> الصغار والكبار في عالم القردةيقضي الصغير خلال مرحلة <strong>الطفولة</strong> ابكرة معظم الوقت مع الأموتندر مرافقته للكبار من دونها وعندما يبتعد عن الأم يكون غالبا مشغولاباللعب مع صغار آخرين.‏ إلا أنه يلاحظ أحيانا أن أنثى بالغة تلعب دور‏«الأم»‏ مع صغير أم أخرى وتنجح أحيانا بالاحتفاظ له وتبنيه وفي غالبيةالأنواع لا تحب الأمهات ذلك وتستعيد صغارها بسرعة.‏ لقد لاحظ شالر.(,Schaller) روابط قوية ب صغيري غوريلا وأنثى بالغة غير الأم وبقاءهمامعظم الوقت معها وإن رجعا من وقت إلى آخر شاهدة الأم فمعظم أوقاتهمايقضيانها بصحبة الأنثى الأخرى.‏ويهتم الذكور البالغون عند معظم أنواع القردة بالأمهات اللواتي تلكن صغاراويتسامح هؤلاء معهن بالجلوس بالقرب منهم وغالبا ما يتبع الذكور الأمهاتلإسنادهم وتأم حمايتهم.‏ إلا أن الذكر لا يحمل الصغير إلا في حالات نادرة.‏وفي العديد من الأنواع ومع تقدم الصغير بالعمر يبدأ رافقة الذكورالبالغ وإن اختلف هذا العمر من نوع إلى آخر.‏ فيبدأ صغير القرد اعتبارامن السنة الثانية باللجوء إلى الذكر البالغ بدلا من الأم عند تعرضه إلىحالة خطر وصغار الغوريلا يجذبهم الذكر اسيطر ويجلسون ويلعبونبالقرب منه أثناء الراحة وأحيانا يتسلقون عليه ويطلبون منه أن يحملهموهو يبدي التسامح تجاههم ح لا يكون اللعب شديد الاضطراب.‏33


الأمومةإن هذه العلاقات الودية ب الصغار والكبار يتعذر ملاحظتها عندالشمبانزي فيجب انتظار اراهقة ليبدأ الشمبانزي رافقة الذكور الكبار.‏وبالنظر لاختلاط التزاوج عند جميع هذه الأنواع فيصعب تحديد الأبمن ب الذكور.‏دور الأم ودور الصغير في التعلقتلعب الأم عند الثدييات دورا بارزا في <strong>العلاقة</strong> التي تربطها ب<strong>الطفل</strong>فهي تحافظ على بقاء الصغير بالقرب منها إذ تسانده كي يتشبث بها إذالم يتمكن من ذلك فرده وتقوم بجلبه إلى جوارها إذا ابتعد عنها.‏إن صغير القردة ‏(من نوع:‏ (Rhesus يتعلم التعلق بأم معينة خلال الأسابيعالأولى بعد الولادة Harlow,١٩٦٥) .(Harlow and فهو يفضل التوجه نحو الأمدون غيرها من القرود وذلك في الأيام الأولى التي تلي الولادة وتؤكدالعديد من الاحظات أن صغير القردة كن أن يتعلق ن يقوم بالعناية بهمن اجملرب أو الباحث‏.‏ وعند شعوره بالخطر ينطلق الصغير متوجها نحوالأم ويتشبث بها.‏إن ملاحظة هذا السلوك عند الصغار دون استثناء كن أن يوضحأسباب سلوك التعلق ووظائفه.‏وتبدأ ادة التي يقضيها الصغير مع الأم بالانخفاض شيئا فشيئا معتقدمه في العمر <strong>بين</strong>ما ترتفع ادة التي يقضيها مع أترابه ثم مع البالغالآخرين وعند بعض الأنواع تقوم الأم بدفع الصغير وردعه عن البقاءبقربها مدة طويلة عندما يقترب من عمر السنة.‏ إنه من اؤكد أن سلوكالتعلق يبدأ بالانخفاض مع التقدم في العمر انخفاض في تكرار هذاالسلوك وانخفاض في حدته.‏34


سلوك التعلق عند الإنسان2 سلوك التعلق عند الإنسانالتعلق المبكريقر معظم اشتغل بعلم النفس بأن علاقات<strong>الطفل</strong> الأولى تكون ثابة حجر الزاوية في تكونشخصيته إلا أن الاختلاف يتركز غالبا حول أصولهذه العلاقات..‏ فمن الواضح أن <strong>الطفل</strong> خلال السنةالأولى يقيم علاقة قوية مع الأم.‏ وتلك حقيقة ثابتةتنطبق على معظم الأطفال.‏ إلا أن الجدال يدورحول طبيعة هذه <strong>العلاقة</strong> وسياق توثيقها وسرعةإقامتها ومدتها ووظيفتها.‏إن النظريات التي سيطرت على عدم النفستأثرت إلى حد بعيد بنظرية التحليل النفسي وبأفكار‏«فرويد»ويلخصها ‏«بولبي»‏ بأربعة اتجاهات:‏١- فالاتجاه الأول يقول إن حاجات <strong>الطفل</strong>الفيزيولوجية وخاصة حاجة الغذاء والحرارة تتطلبمن يرضيها.‏ ف<strong>الطفل</strong> يتعلق بوجه ما ‏(الأم)‏ لأنهيرضي حاجاته.‏ إن <strong>الطفل</strong> يتعلم أن الأم مصدرمنح وعطاء.‏ فالأم من وجهة النظر هذه هي موضوعللتغذية وإرضاء الحاجات وينشأ التعلق على هامشهذه الدوافع الأولية.‏ لذا سميت هذه النظرية منقبل ‏«بولبي»‏ بنظرية الدوافع الثانوية.‏ إن تعبير الأمهنا يقصد به الشخص الذي يهتم ب<strong>الطفل</strong> بصورة35


الأمومة- ٤دائمة فالأم الطبيعية التي تضع طفلها مع مربية وتراه مرة في السنة تبقىبالنسبة للطفل غريبة كل الغرابة عن عاه.‏٢- أما الاتجاه الثاني فيعتقد أن الصغير يشعر بالندم بعد الولادة بسببمغادرته بطن أمه وهو يرغب بالعودة إليه.‏ تفسر هذه النظرية تعلق <strong>الطفل</strong>بالأم بأنه نتيجة رغبته بالعودة الى بطن الأم.‏٣- والاتجاه الثالث يرى أن حاجة <strong>الطفل</strong> إلى الثدي هي حاجة غريزيةفهو بحاجة إلى مصه وامتلاكه.‏ ويتعلم <strong>الطفل</strong> أن الثدي جزء من الأم وبسببذلك يتعلق بها.‏أما الاتجاه الرابع فيرى أن <strong>الطفل</strong> يل إلى التواصل والتشبثبشخص ما فهذه الحاجة موضوع مستقل عن التغذية وعن الحاجات الأخرى.‏ويعتبر الاتجاه الأول أو النظرية الأولى أكثر الاتجاهات انتشارا ففيرأي ‏«فرويد»‏ أن التعلق بالثدي اغذي هو مصدر الحب.‏إن ‏«بولبي»‏ يرى أن هذه النظريات غير قادرة على إيضاح سلوك التعلقفهو يقترح فرضية مختلفة تستند إلى نظرية السلوك الفطري.‏إن <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> هي نتيجة لنشاط جملة من الأنظمة السلوكيةتهدف إلى المحافظة على إبقاء <strong>الطفل</strong> بالقرب من الأم.‏ويبدو ذلك بوضوح خلال السنة الأولى من عمر <strong>الطفل</strong> عندما يبدأالتنقل والحركة في محيطه.‏ إذ كن ملاحظة سلوك التعلق بكافة خصائصهعند الغالبية الساحقة من الأطفال.‏ وكن تنشيط الأنظمة السلوكية الخاصةبالتعلق عند مغادرة الأم للطفل أو عند شعوره بالخطر.‏ إن اؤثر الكفيلبوضع حد لذلك هو مشاهدة الأم أو سماعها أو ملامستها.‏ وكن تنشيطمختلف الأنظمة السلوكية للتعلق بسهولة حتى نهاية السنة الثالثة وبعدهذا العمر يصعب تنشيط هذه الأنظمة لأن الاقتراب من الأم لا يعود حاجةملحة.‏ وفي مرحلة اراهقة والبلوغ تحدث تغيرات أخرى خاصة ا يتعلقبتغير الشخص الذي يتوجه نحوه سلوك التعلق .(Bowlby,1969.P.٢٤٨)وتجدر الإشارة إلى الاحظات التالية:‏- إن سلوك التعلق أحد مظاهر السلوك الاجتماعي وبنفس الدرجة منالأهمية التي يحتلها سلوك التزاوج مثلا وسلوك الوالدية (١) ويتمتع سلوكالتعلق بوظيفة بيولوجية خاصة لم تؤخذ سابقا بع الاعتبار.‏36


سلوك التعلق عند الإنسان- إن الأنظمة السلوكية اخملتلفة تتطور عند <strong>الطفل</strong> كنتيجة لتفاعله معالمحيط وخاصة مع الوجه الأساسي في هذا المحيط وهو الأم.‏ فالتغذية لاتلعب إلا دورا محدودا في هذا التطور.‏تتمثل الجوانب الأساسية لسلوك التعلق عند <strong>الطفل</strong> بسلوك اص وسلوكالتشبث وسلوك الاتباع وسلوك البكاء وسلوك الابتسام وتنظم هذه الأنظمةبحيث تعمل على بقاء <strong>الطفل</strong> بالقرب من الأم.‏التعلق كدافع أوليبالرغم من أن التجربة تظهر وجوب استبعاد نظرية ايل الثانوي فيتطور التعلق عند معظم الثدييات فاسألة لم ّ تسو نهائيا بالنسبة للإنسان.‏وبالرغم من ذلك فالعوامل اناسبة لسلوك التعلق عند الإنسان ليستمغايرة جدا ا كن ملاحظته عند الثدييات الأخرى.‏ويرى بولبي أن نظرية الدافع الثانوي ليست مقنعة في تفسيرها لظاهرةالتعلق عند الإنسان وهي النظرية التقليدية التي ترى أن التعلق ي<strong>نمو</strong> ويتطورعلى هامش الدوافع الأساسية كالجوع والجنس.‏ ويعتبر هذا اؤلف التعلقدافعا أوليا يتميز باستقلالية كبيرة بالنسبة للدوافع الأخرى.‏يستند بولبي في وجهة نظره هذه إلى نتائج البحوث والدراسات التيتب أن التعلق كن أن ي<strong>نمو</strong> ويتطور تجاه أفراد غير معني بالعناية الجسديةللطفل.‏ ففي دراسة شافر و إمرسون Emerson,١٩٦٤) (Schaffer and تب أن<strong>الطفل</strong> مهيأ للرد على اؤثرات الاجتماعية لدرجة أنه كن أن يتعلق بأطفالآخرين ويعرب عن سخطه واحتجاجه عند غيابهم.‏يشعر اولود الجديد بالرضى والارتياح للكبار وخاصة في حالة التبادلالاجتماعي معهم عندما يؤخذ ب الذراع أو عندما يقوم الكبير حادثتهومداعبته وملامسته بحنو.‏ ويتطور سلوك الثغثغة والابتسام بشكل ملحوظعند اولود إذا لقي استجابة اجتماعية من قبل البالغ‏.‏ وقد أوضحتالدراسات الحديثة (Bowlby,١٩٦٩) أن الصغير يستجيب بسهولة للمؤثراتالاجتماعية وكنه اشاركة في التبادل الاجتماعي مع الكبار وذلك عزلعن الرضاعة أو العناية الجسدية.‏ويرى بولبي أن تطور سلوك التعلق عند اولود البشري يتوافق مع تطور37


الأمومةنفس السلوك عند الثدييات الراقية وإن كان أكثر بطئا عند الإنسان.‏ وفيرأي هذا اؤلف يتصف سلوك التعلق عند الإنسان ا يلي:‏١- في البداية كن إثارة الاستجابات الاجتماعية عند اولود بواسطةجملة عديدة من اؤثرات.‏ وبعدها يقل تدريجيا عدد اؤثرات التي تحدثاستجابات اجتماعية عند الوليد حتى تقتصر على اؤثرات القادمة منشخص محدد أو من عدة أشخاص معين‏.‏٢- يستجيب <strong>الطفل</strong> إلى عدد من اؤثرات دون غيرها.‏٣- يتصاعد سلوك التعلق بشخص مع طردا مع تكرارا التفاعلالاجتماعي ب الطرف‏.‏- ٤ إن قدرة الصغير على ييز وجوه مختلفة يتبع عادة ارحلة التييتمكن بها <strong>الطفل</strong> من تثبيت انتباهه ا يدفع إلى التفكير بأن التعلم كنأن يلعب دورا ما في تنمية سلوك التعلق.‏٥- يبدو أن سلوك التعلق في الوجه افضل ي<strong>نمو</strong> ويتطور خلال السنةالأولى من حياة <strong>الطفل</strong>.‏ إذ يحتمل وجود مرحلة حساسة تسمح بتسهيلتطور سلوك التعلق.‏٦- بعد عمر ستة أشهركن ملاحظة استجابات الخوف والذعر عند<strong>الطفل</strong> لدى رؤيته وجها غريبا خاصة عند بلوغه ثمانية أشهر علما بأنردود فعل <strong>الطفل</strong> هذه تكون أقل حدة قبل هذا العمر ويستحيل ملاحظتهاعند الأطفال في الأشهر الأولى وبالنظر لتكرار ردود فعل الخوف وقوتهانحو الغريب يصعب على الصغير التعلق بوجه جديد بعد عمر السنة.‏٧- عندما يحدث التعلق بوجه مع يل <strong>الطفل</strong> إلى تفضيل هذا الودباقارنة مع الآخرين ويستمر هذا التفضيل بالرغم من الانفصال.‏وخلاصة القول:‏ إن سلوك التعلق نحو وجه متميز عن الآخرين ي<strong>نمو</strong>ويتطور عند الإنسان بطريقة مشابهة ل<strong>نمو</strong> وتطور التعلق عند الثديياتالأخرى.‏ وتؤكد الدراسات السابقة على ثلاث مسائل أساسية:‏أولا:‏ تستند <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> إلى قاعدة بيولوجية غريزية.‏ فكلأم قادرة على القيام بدورها كأم في الوقت اناسب.‏ فالتعلق حاجة أساسيةكن <strong>الطفل</strong> من ال<strong>نمو</strong> وا سويا من النواحي البيولوجية والعاطفيةوالاجتماعية وكن الأم من ارسة سلوك الأمومة.‏38


سلوك التعلق عند الإنسانثانيا:‏ إن تطور <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> يتجاوز تلبية الحاجات البيولوجيةويعتمد إلى حد كبير-على طبيعة التفاعل ب الجانب‏.‏ فإرضاء حاجات<strong>الطفل</strong> الأساسية عملية ضرورية ولكنها غير كافية ل<strong>نمو</strong> التعلق ب الأمو<strong>الطفل</strong> وغالبا ما يكون إرضاء هذه الحاجات فرصة للتفاعل اتبادل بكلأشكاله الكلامية وغير الكلامية.‏ فعندما ترضع الأم طفلها تشعره بحرارةجسدها وبحنو ساتها وبرقة عباراتها ومناغاتها ثم قد يتحول ذلك إلىتفاعل معقد فتبحث الأم لالتقاط بصر <strong>الطفل</strong> وتقوم بدغدغته وبتوجيهابتسامتها نحوه.‏ ويظهر <strong>الطفل</strong> بدوره علامات الرضى والارتياح لسلوكالأم ا يشجعها على الاستمرار في التفاعل معه.‏ وسنرى في فصل لاحقمدى تأثير <strong>الطفل</strong> في سلوك الأم خاصة عندما يبدأ بالابتسام حيث يعتبرذلك معززا ومنشطا لسلوك الأم ا يدفعها لاصدار ازيد من اؤثراتالاجتماعية نحو <strong>الطفل</strong>.‏ثالثا:‏ تتحد العوامل الغريزية وتتفاعل مع عوامل المحيط أي مع الشروطاادية والثقافية المحيطة بالأم و<strong>الطفل</strong> فسلوك الأمومة والتعلق هما نتاجالتفاعل استمر لهذه العوامل مجتمعة.‏مقارنة التعلق عند الإنسان والثدييات الأخرىإن الفرق الجوهري الذي يز سلوك التعلق عند القردة من نظيره عندالإنسان هو أن هذا الأخير لا يستطيع التشبث بالأم والتوجه نحوها قبل أنيتمكن من الحبو أو اشي.‏إلا أن بعض الأنواع عند القردة ‏(الغوريلا)‏ تتميز بذلك أيضا فالأم تقومبحمل الصغير حيث لا يستطيع هذا الأخير التشبث بها.‏ وكذلك الأمر عندالإنسان في بعض اجملتمعات ‏(الصيد والقطاف)‏ ف<strong>الطفل</strong> يحمل على ظهرالأم وليس في سرير أو عربة.‏ ففي رأي بولبي (٢٧٢دراسة سلوك التعلق تب نوعا من الاستمرارية في سلم التطور من الثديياتالدنيا إلى الإنسان;‏ فعند بعض الأنواع الدنيا ‏(من هذه الأنواع:‏(Lemur,Monkey يتوجب على الصغير التشبث بالأم منذ البداية لأنه يتلقىأية مساندة من جانب الأم وعند القردة الأكثر تقدما و (Baboon) (Rhesus) فإنعلى <strong>الطفل</strong> أن يتشبث بها إلا أن الأم تساعده في الأيام الأولى من الحياة.‏(Bowlby,1969,p إن39


الأمومةوعند الأنواع الأكثر تقدما كالغوريلا والإنسان يتابع <strong>الطفل</strong> التشبثولكنه لا تلك القوة اللازمة لذلك مدة طويلة ففي الأشهر الأولى تقومالأم بالمحافظة على وجود <strong>الطفل</strong> بالقرب منها ‏(المحاذاة).‏ ولا يشذ عن ذلكإلا اجملتمعات الصناعية اتطورة حيث يوجد <strong>الطفل</strong> غالبا خارج دائرةالاتصال مع الأم خلال ساعات طويلة أثناء النهار وكذلك أثناء الليل.‏إن صغير القردة (Rhesus) يتمكن من التشبث بجسد الأم قبل أن يتمكنمن ييزها من غيرها من القردة <strong>بين</strong>ما يكون <strong>الطفل</strong> البشري قادرا علىييز الأم قبل أن يتمكن من التشبث بها أو حتى من التحرك نحوها.‏ ومنهنا تأتي صعوبة تحديد معايير سلوك التعلق التي تسمح بتحديد بدايةهذا السلوك عند الإنسان ‏(اصدر السابق .P). 372سلوك التعلق في السنوات الأولىيرى أصحاب نظرية التعلق Bowlby,١٩٦٩) (Ainsworth,1967; إن الصغيرعند معظم الأنواع تلك الأسس الغريزية التي تسهل و التعلق وتطورالعلاقات اتبادلة <strong>بين</strong>ه وب الحاضن ‏(أي الأم في الأغلب).‏ فسلوك الصغيرحديث الولادة يثير اهتمام الأم واستجاباتها نحوه فالنظام التفاعلي بالأم والصغير يتأثر إلى حد بعيد بالاستجابات الأولية لهذا الأخير.‏إن هذه الأسس الغريزية تجعل كلا منهما قادرا على إدراك إشارت الآخر.‏وتب الاحظة اليومية أن <strong>الطفل</strong> في عمر أربعة أشهر يستجيب بشكلمختلف إلى الأم باقارنة مع غيرها فهو يبتسم ويثغثغ بسهولة استجابةللأم ويتبعها بنظره مدة أطول من أي شخص آخر في محيطه.‏ إلا.‏ أنالتمييز الحسي للأم لا كننا من القول بأن <strong>الطفل</strong> يحافظ على البقاءبالقرب منها.‏ فبكاء <strong>الطفل</strong> لدى مغادرة الأم ومحاولته اتباعها يعتبر مؤشرالسلوك التعلق.‏ لقد أكدت الاحظة وجود هذا السلوك عند الأطفال منذعمر أربعة أشهر وفي عمر ستة أشهر يصبح ذلك أكثر وضوحا(Ainsworth,١٩٦٧) وتب دراسة أنسويرث بأنه كن ملاحظة سلوك التعلقعند غالبية الأطفال في عمر ستة أشهر حيث يعبر <strong>الطفل</strong> عند ذلك بالبكاءعند مغادرة الأم وبالابتسام وتغاريد الفرح عند عودتها.‏ ويستمر هذا السلوكحتى نهاية العام الثاني.‏ وفي عمر تسعة أشهر يتمكن <strong>الطفل</strong> من متابعة الأم40


سلوك التعلق عند الإنسانعند مغادرتها اكان ويبدأ البكاء بالانخفاض التدريجي كما يقوم <strong>الطفل</strong>بالتشبث بالأم خاصة عندما يشعر بعدم الأمن عند حضور شخص غريبوكن لسلوك التعلق أن يتجه إلى شخص آخر بالإضافة إلى الأم.‏ ففيعمر الثمانية عشر شهرا يل <strong>الطفل</strong> إلى إبداء هذا السلوك تجاه الأب أوالأخوة والأخوات إلا أنه يكون أقوى عدما يتوجه إلى الأم باقارنة مع الآخرين.‏إن تطور قدرات <strong>الطفل</strong> خلال السنت الثانية والثالثة يعود إلى تغير فيإثارة سلوك التعلق ففي السنة الأولى يحتج <strong>الطفل</strong> بعد مغادرة الأم واختفائهاعن مجال الرؤية.‏ أما فيما بعد فبإمكانه أن يتوقع ذلك من خلال ملاحظةسلوكها الذي يسبق مغادرتها ويبدأ بالصراخ والاحتجاج.‏ وبسبب ذلك غالباما تحاول الأم إخفاء السلوك اتعلق بالتحضير للمغادرة حتى الدقائقالأخيرة تجنبا لإثارة سلوك الاحتجاج والبكاء عند <strong>الطفل</strong> خاصة أثناء السنةالثانية من العمر.‏ إن هذا السلوك كن ملاحظته عند <strong>الطفل</strong> بشكل واضحومنتظم حتى نهاية السنة الثالثة حيث لا يوافق <strong>الطفل</strong> على الانفصال عنأمه قبل هذا العمر.‏يبدو الاضطراب عند مغادرة الأم بوضوح على سلوك الأطفال في دورالحضانة فبعد إعلان البكاء الذي قد لا يدوم وقتا طويلا يبقى نشاطهؤلاء محدودا ويطلبون تدخل اربية غالبا.‏ أما إذا بقيت الأم فإن الأطفاليتصرفون بطريقة مختلفة.‏ إلا أن ملاحظاتنا في دور الحضانة تب الاختفاءالتدريجي ظاهر الاضطراب في سلوك <strong>الطفل</strong> عند مغادرة الأم وهذايعتمد إلى حد بعيد على درجة تكيف <strong>الطفل</strong> مع زمرة الأتراب وطبيعةعلاقته باربيات ودرجة تعوده بالذهاب اليومي إلى الحضانة.‏ فبعد عدةأشهر من الذهاب انتظم يهرع <strong>الطفل</strong> في عمر السنت مسرعا باتجاه الأتراب.(Kontar,١٩٨٧) الأم يدخل دار الحضانة غير آبه غادرة اللعب حاا شاركتهمإن تغييرا أساسيا يطرأ على سلوك <strong>الطفل</strong> فهو يشعر بالأمن في مكانغريب عليه مع أشخاص آخرين غير الأم تربطه بهم علاقة ما.‏إلا أن هذا الشعور يرتبط إلى حد بعيد بطبيعة علاقة <strong>الطفل</strong> بهؤلاءالأشخاص ف<strong>العلاقة</strong> الحميمة تعزز من مشاعر الأمن والطمأنينة لديه.‏كذلك الحالة الصحية الجيدة للطفل وتجنبه مصادر الخوف افاجئفي الوسط الجديد.‏ ويجب أن يعرف <strong>الطفل</strong> أين هي أمه ويتأكد عن أنه41


الأمومةسيشاهدها بعد ح وأن انفصالهما مسألة مؤقتة.‏إن مشاعر الطمأنينة تتصاعد مع العمر;‏ فقد أوضح ‏(مورفيذلك في دراسة تناولت الأطفال من عمر السنت (Murphy in Bowlby,١٩٦٩ونصف إلى خمس سنوات.‏ يتصرف هؤلاء بشكل مختلف عند دعوتهمللمشاركة في اللعب في مركز مخصص لذلك.‏ لقد رفض غالبية الصغارالذهاب إذا لم ترافقهم أمهاتهم <strong>بين</strong>ما وافق على ذلك الأكبر سنا.‏يظهر الأطفال بعد الثالثة من العمر سلوك التعلق بشكل مختلف فيصبحهذا السلوك أقل إلحاحا وأقل تكرارا حتى يأخذ مظاهر أخرى في ارحلةادرسية وحتى اراهقة.‏ إن سلوك التعلق يستمر في مرحلة النضج عندالكبار لدى غالبية الناس وفي الكثير من اجملتمعات يعتبر تعلق الأنثى بأمهاأقوى من تعلق الذكر.‏أشكال سلوك التعلقيعتبر ‏«بولبي»‏ أن التعلق كن ملاحظته من خلال ردود فعل <strong>الطفل</strong> التيتقود إلى سلوك التعلق.‏ فالبكاء والابتسام يسهمان في حمل الأم على الاقترابمن <strong>الطفل</strong> والبقاء بجانبه.‏ وسلوك اتابعة والتشبث..‏ يسمح للطفل بالبقاءبالقرب من الأم ويرى هذا اؤلف أن سلوك اص كن أن يعبر عن التعلقوكذلك سلوك النداء الذي يلاحظ بصورة مبكرة على شكل صراخ هاد ثميتطور مع العمر إلى أن يتمكن <strong>الطفل</strong> من مناداة أمه باسمها.‏إن هذا السلوك يعبر عن مشاعر <strong>الطفل</strong> تجاه الأم وعن محبته لهاواستقبالها بفرح وحبور ويعلن عن غضبه وسخطه عند ابتعادها عنه.‏لقد اعتبر انسوورث (Ainsworth,١٩٦٧) أن <strong>الطفل</strong> يستخدم الأم كقاعدةأمنية فعندما يبدأ بالحبو يبتعد قليلا عن الأم لاكتشاف المحيط ويعود إليهامن وقت إلى آخر.‏ إلا أن ذلك يتوقف حاا يشعر <strong>الطفل</strong> بالخطر أو عندمايدرك أن الأم ستتحرك من متنها الأصلي.‏ فمنذ عمر تسعة أشهر كنملاحظة الفوارق في سلوك الاستطلاع عند <strong>الطفل</strong> في حالة حضور الأمباقارنة مع حالة غيابها.‏وظائف سلوك التعلقلقد تب كما أوضحنا سابقا أن سلوك التعلق حاجة أساسية يظهرها42


سلوك التعلق عند الإنسانالصغار عند مختلف الأنواع بصورة مستقلة عن الحاجات الأخرى.‏إن الصغير البشري يبدي استعداده للتفاعل الاجتماعي ويحب مرافقةأشباهه وكن للتعلق أن ي<strong>نمو</strong> ويتطور عنده تجاه شخص أو عدة أشخاصبغض النظر عن ارتباطهم في إرضاء الحاجات الجسدية.‏إن الوظيفة التي يشغلها سلوك ما يجب أن تتحدد في مساهمة هذاالسلوك في بقاء النوع.‏ فسلوك التزاوج مثلا يؤدي إلى التكاثر وبالتالييسهم في المحافظة على النوع.‏فما هي وظيفة <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأم?‏ إن الدراسات التقليدية التي تعتبرهذه <strong>العلاقة</strong> دافعا ثانويا ي<strong>نمو</strong> ويتطور على هامش الدوافع الأساسية خاصةدافع الجوع هذه الدراسات تعترف ضمنا بأن هذه <strong>العلاقة</strong> مفيدة كونها تسمحللطفل بالبقاء بالقرب من مصدر الغذاء.‏ إلا أن أصحاب نظرية التعلق الحديثة(Bowlby,١٩٦٩) يرون أن وظيفة سلوك التعلق تكمن في تألق الحماية للصغيرمن أعداء النوع.‏ وهناك نظرية أخرى اقتراحها تعتبر أن سلوك التعلق يهيئالفرصة للطفل كي يتعلم من الأم نشاطات متنوعة ضرورية للبقاء.‏إن سلوكا ما كن أن يندمج في التجهيزات البيولوجية لنوع من الأنواعخلال التطور وهذا الاندماج ينتج عن الامتيازات التي يحققها هذا السلوكبالنسبة لأفراد النوع.‏ لأن الأفراد ازودين بالقابلية لتطوير السلوك اشارإليه لهم عدد مرتفع من الخلفاء باقارنة مع من لا تلكون هذه القابلية.‏ومن خلال الوراثة تلكون بدورهم هذه القابلية وستأتي مرحلة يكون فيهاجميع أفراد النوع مزودين بهذه القابلية.‏ ولكي كن تحديد الوظيفةالبيولوجية لسلوك التعلق يجب الاجابة على السؤال التالي:‏ما هي الامتيازات التي تواكب سلوك التعلق?‏ إن الإجابة على هذا السؤالتفترض وجود أفراد تلكون القابلية لإعلان هذا السلوك وأفراد لاتلكونها وا كان تحقيق هذا الافتراض بإيجاد زمرت متباينت متعذرافإن ‏«بولبي»‏ يقترح جملة من الحجج للدفاع عن نظريته التي تعتبر وظيفةسلوك التعلق وظيفة أمنية أي وظيفة حماية من القناص اتربص بالنوع.‏إن العامل في مجال الاحظة ايدانية لسلوك الأنواع اخملتلفة يقتنعونبأهمية سلوك التعلق لحماية الصغار من هجمات الأنواع اعادية إلا أنعلماء النفس غير معتادين على المحاكمة بهذه الطريقة.‏43


الأمومةفالقابلية لتبني السلوك الذي يحمي من الهجمات اعادية لا تقل أهميةعن السلوك اؤدي للحصول على الغذاء أو سلوك التزاوج بالنسبةللمحافظة على النوع.‏فحجة اؤلف الأولى أن الحيوان اعزول أو الذي يعيش على هامشاجملموعة يعتبر فريسة سهلة باقارنة مع نظيره الذي يندمج بالزمرة معأفراد آخرين أما الحجة الثانية التي يوردها لدعم نظريته فهي أن سلوكالتعلق كن إثارته بسهولة عند الأفراد الضعفاء كالصغار والإناث وارضى‏(ص ٣٠٧). أما حجته الثالثة فتتلخص بأن سلوك التعلق الأقوى كن ملاحظتهفي حالات الخطر عندما يتعرض الفرد لتهديد ما أو يشعر بهذا التهديد.‏يخلص بولبي إلى القول بأن وظيفة التعلق هي وظيفة حماية قبل كلشيء وهذا يفسر أيضا كيف يكون تعلق الصغير قويا بالأم عندما تعاقبهفالعقاب يستدعي طلب الحماية أي التوجه نحو الأم وتكرار العقاب يستدعيتكرار طلب الحماية وبالتالي يبدو أن تعامل الأم بقسوة مع صغيرها يزيدمن إفراطه في التعلق بها.‏ ولعله من افيد الإشارة إلى أن تجارب متعددةأجريت على القطط والخراف أوضحت أن الصغير بالرغم من العقابيكرر-بإلحاح-إظهار سلوك التعلق.‏ كذلك لاحظ هارلو أن صغير القردةيلتصق بالأم بشدة بالرغم من تعرضه لعقابها وتتناسب شدة تعلقه بهاطردا مع شدة العقاب.‏ فسلوك التعلق الشديد يبدو أيضا عند الصغارالذين تعاملهم أمهاتهم بقسوة مفرطة.‏فهذا التناقض يبدو كنتيجة حتمية لتعرض الصغار للخطر وللقسوة فياعاملة.‏ فسلوك التعلق كن إثارته في جميع الحالات التي يتعرض فيهاالصغير للخوف والخطر.‏العوامل المؤثرة في سلوك التعلقيتأثر سلوك التعلق إلى حد بعيد تغيرين اثن‏:‏ السرعة التي ترد بهاالأم على إشارات الصغير وشدة عملية التفاعل التي تقوم ب <strong>الطفل</strong>والأم.‏ وتتميز استجابات الأم التي توفر لصغيرها علاقة آمنة عن نظريتهاالتي لا توفر مثل هذه <strong>العلاقة</strong> فتكون أكثر حساسية وإصغاء للإشاراتالصادرة عن صغيرها فالأم التي تتجاهل تعابير وإشارات طفلها أو التي44


سلوك التعلق عند الإنسانتستجيب متأخرة لهذه الإشارات لا توفر لطفلها مثل هذه <strong>العلاقة</strong> الآمنةحيث لا يعرف <strong>الطفل</strong> ما كن أن ينتظر منها ا يخلق في نفسه مشاعرالقلق والاضطراب.‏لقد أجمع الباحثون على اعتبار <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> ثابة ركيزةأساسية في ال<strong>نمو</strong> الاجتماعي والانفعالي ابكر عند <strong>الطفل</strong>.‏ إن التفاعلب <strong>الطفل</strong> والأم يشمل الغالبية العظمى من تجربة <strong>الطفل</strong> اليومية ويحدثهذا التفاعل في لحظات هامة جدا بالنسبة للطفل كفترات الغذاء أواللعب أو الانفراج.‏ويبدو أن <strong>العلاقة</strong> مع الأم تؤثر تأثيرا كبيرا ومباشرا في <strong>الطفل</strong> أكثر منأية علاقة أخرى.‏ إلا أن ذلك لا يعني أن علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> هي وحدهااهمة فهناك أشخاص آخرون يزودون <strong>الطفل</strong> بتجارب هامة خاصة الأبوالأتراب.‏ وتجدر الإشارة إلى أن الأحداث التي تجري خارج دائرة الأمو<strong>الطفل</strong> مثل حضور الأب أو حضور معيل آخر يقدم الدعم واساعدة للأمتؤثر في خصائص التفاعل اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong>;‏ فمن غير الحكمةالنظر إلى علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> دون الأخذ بع الاعتبار الإطار الاجتماعيالانفعالي الذي يحتوي هذه <strong>العلاقة</strong> والبيئة حيث يحدث التفاعل ب الطرف‏.‏سنحاول هنا توضيح تأثر علاقة <strong>الطفل</strong> والأم بالحوادث الخارجة عنالطرف وتأثيرها بها كيف كن للتوتر والإحباط والتغير في حياة الأسرةوظروفها اخملتلفة أن يؤثر في علاقة الأم والصغير?‏ وكيف كن أن يؤديذلك إلى التغيير في طبيعة التعلق الآمن <strong>بين</strong>هما?‏ إن ذلك سيقودنا إلىدراسة هذه <strong>العلاقة</strong> دراسة ديناميكية تأخذ بع الاعتبار طبيعة اتغيراتالمحيطة بهذه <strong>العلاقة</strong> خاصة ما يتعلق منها بشروط الأسرة.‏إن الحوادث المحيطة بالطرف تؤثر تأثيرا بالغا في طبيعة علاقتهماالثنائية وخصوصا في أمن التعلق واستقراره عبر الوقت.‏ كيف كن لطبيعةعلاقة الأم و<strong>الطفل</strong> أن تؤثر في طريقة سلوك هذا الأخير عند لقائه الأولبشخص غريب?‏ يرى أصحاب نظرية التعلق بأن معظم الأطفال يتمتعونبعلاقة يزة مع أهلهم إلا أن الخصائص الأمنية لهذه العلاقات تختلفبشكل كبير وتعزى هذه الفروق إلى خصائص التفاعل الاجتماعي ب الصغيروالراشد القائم على شؤونه كاستجابة الواحد للآخر في الوقت اناسب45


الأمومةوالتناغم الانفعالي <strong>بين</strong>هما.‏ وبالرغم من تأثير الأم و<strong>الطفل</strong> كليهما في تناغمالتعلق إلا أن معظم الباحث يعتبرون تأثير الأم أكثر أهمية من تأثير <strong>الطفل</strong>في سياق التعلق.‏ فحساسية الأم لإشارات الصغير وحاجاته على درجةكبيرة من الأهمية في تكون سلوك التعلق عند الصغير;‏ فالأم الجاهزةانفعاليا واتمتعة بحساسية عالية في استجاباتها للطفل كنه من أنينمي تعلقا آمنا .(Secure Attachment)إن الأم اليقظة لإشارات <strong>الطفل</strong> والحاضرة عند حاجته لها تعزز لديهالثقة بالكبار ف<strong>الطفل</strong> يعمم هذه الثقة على الآخرين فهو لا يشعر بالخوفوالفزع عند مشاهدة شخص غريب للمرة الأولى <strong>بين</strong>ما تسهم الأم اغفلةانفعاليا والقليلة الحساسية بالنسبة لإشارات <strong>الطفل</strong> في تنمية التعلق القلقعنده ا يخلق لديه الغموض وعدم الثقة في الكبار عامة ويظهر الخوفوالهلع عند رؤيته شخصا-غريبا للمرة الأولى.‏إن فن التعلق الآمن يرتبط بخصائص توقعات الصغير من الأهل حيثتستند هذه التوقعات إلى تجربته من خلال التفاعل اليومي معهم.‏لقد أظهر منهج انسورث (١٩٧١ب السلوك الاجتماعي الانفعالي الاحظ في وضعية غريبة والاحظ فيالبيت أو في الوسط الأسري.‏إن الفروق الفردية في أمن التعلق ترتبط إلى حد كبير بسلوك الأم فأم<strong>الطفل</strong> ذي التعلق الآمن تبدو أكثر حساسية في استجاباتها لإشارات <strong>الطفل</strong>وأكثر دعما له ومساندة عند تعرضه شكلة ما أو أكثر تعبيرا عن عواطفهاوانفعالاتها.‏ وبتعبير آخر تكون أكثر اندماجا في حياة <strong>الطفل</strong> باقارنة مع أم<strong>الطفل</strong> ذي التعلق غير الآمن.‏كذلك تظهر الفروق عندما يتعلق الأمر بالقدرة الاجتماعية مع راشدغريب أو مع الأتراب ف<strong>الطفل</strong> ذو التعلق الآمن يكون أقل اضطرابا من غيرهعند مواجهة غريب للوهلة الأولى ويبدي تنوعا في سلوكه الاجتماعييسمح له بالاتصال مع هذا الغريب.‏ وكذلك بالنسبة للأتراب ف<strong>الطفل</strong>الذي يشعر بالأمن في علاقته بأمه يكون أقدر من غيره على التفاعلالاجتماعي مع الأتراب وفي اتخاذ ابادرة لإثارة اللعب والنشاطات اخملتلفةضمن جماعة الأقران.‏(Ainsworth et al ومعاونيها تشابها قويا46


سلوك التعلق عند الإنسانما هو مدى استمرارية هذه الفروق الفردية?‏ في دراسة لسلوك <strong>الطفل</strong>في وسط جديد situation) (strange قام واترز (Waters,١٩٧٨) لاحظة (٥٠)طفلا مع أمهاتهم من الطبقة اتوسطة في وضعية ‏«أنسوورث»‏ ‏«الغريبة»‏وذلك في عمر اثنى عشر شهرا وثمانية عشر شهرا لقد حصل (٤٨) طفلامن هؤلاء على التصنيف نفسه في اناسبت‏;‏ ولقد خلص هذا الباحث إلىالنتيجة القائلة بأن التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong> يبقى ثابتا إلى حد كبير بعدنهاية السنة الأولى.‏إن هذه النتيجة على درجة كبيرة من الأهمية إذ تشير إلى استمراريةالعوامل التي تؤدي إلى الفروق الفردية خلال السنة الثانية من حياة <strong>الطفل</strong> أوإلى وجود ‏«مرحلة حساسة»‏ في السنة الأولى تتحدد خلالها طبيعة التعلقوتتدعم خصائص <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> وقبح من غير المحتمل تعديلها فيمابعد.‏ إلا أنه قد تب أن هذا الاستقرار في طبيعة سلوك التعلق كان نتيجةلاختيار العينة حيث كانت على درجة عالية من الاستقرار اهني والسكني.‏ففي دراسة طومسون ولامب Lamb,١٩٨٤) Thompson andالعينة بطريقة عشوائية بحيث ثل الطبقة الوسطى ثيلا دقيقا وتملاحظة الأطفال في مرحلت متباعدت‏:‏ الأولى في عمر اثنى عشر شهراونصف والثانية في عمر تسعة عشر شهرا ونصف.‏ وذلك باتباع طريقة‏«أنسوورث»‏ في الاحظة;‏ ولقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن (٥٣%)فقط من الأطفال يحافظون على الاستقرار في علاقتهم بالأم وأن هناكدرجة عالية من التغير في سلوك التعلق أثناء السنة الثانية من العمر.‏يخلص هذا البحث إلى القول بأن هذا التغير في سلوك التعلق كاننتيجة لتغير الشروط المحيطة بالطرف ‏(الأم و<strong>الطفل</strong>)‏ وأن التعلق أكثرديناميكية ا اعتقده الكثير من الباحث فسلوك <strong>الطفل</strong> في ‏«الوضعيةالقريبة»‏ يبدو على علاقة محدودة بخصائص سلوكه السابق أثناء تفاعلهمع الأم ويشهد هذا السلوك تغيرات كبيرة خلال السنة الثانية من العمر.‏( اختيارالشروط الأسرية وتغير سلوك التعلقإن دراسة سلوك التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong> في أسر متواضعة اقتصادياواجتماعيا al.١٩٧٢,) (Vaughn et تظهر أن (٦٢%) فقط من العينة ادروسة47


الأمومةتحافظ على الثبات في سلوك التعلق بعد دراسة هذا السلوك في عمر ال١٢ شهرا وال ١٨ شهرا وأن التغير الحوظ في عناصر السلوك اعبر عنالشعور بالأمن في التعلق يرتبط بحوادث الضغط واعاناة التي تتعرض لهاالأسرة خلال الفترة الفاصلة ب القياس فأمهات الأطفال الذين تغيروامن ‏«تعلق يتصف بالأمن»‏ إلى ‏«تعلق يفقد هذه الصفة»‏ أقروا بالعديد منحوادث الضغط واعاناة التي تعرضت لها الأسرة باقارنة مع أمهات الأطفالالذين استمروا في إطار ‏«التعلق اتصف بالأمن»;‏ ففي الأوضاع الاجتماعيةالاقتصادية اتدنية كن للمشكلات والضغوط اتعددة التي تعاني منهاالأسرة أن تعرقل تطور التعلق اتصف بالأمن والطمأنينة ب الصغيروالحاضن.‏ ويتفاقم أثر هذه الضغوط واشكلات عندما يتعلق الأمر بالطبقاتالمحرومة باقارنة مع الطبقات اتوسطة حيث تتمتع هذه الأخيرة بقدرة أكبرعلى مجابهة هذه الضغوط ا يخفف نسبيا من تأثيرها في التعلق.‏إنه من الواجب تفحص الحوادث الأسرية التي ترتبط مع تغير طبيعةالتعلق.‏ إن تكرر الأحداث ازعجة واكدرة للعيش ارتبط ارتباطا وثيقابتغير التعلق;‏ فالتجارب الحرجة التي تعاني منها الأسرة كالانفصال عنالأم او عودة الأم إلى العمل بعد إجازة الأمومة أو وضع الصغير في كنفمربية أخرى بشكل منتظم أو الانتقال وتغيير اسكن.‏ جميع هذه الأحداثقد تخلق صعوبات للصغير وتتطلب منه جهودا للتكيف مع وسط جديد ومعشخص غريب.‏لقد أظهرت دراسة طومسون ولامب Lamb) (١٩٨٤,Thompson and أنالتغيرات في الوسط الأسري أثناء العام الأول من عمر <strong>الطفل</strong> ترتبط بتغيرسلوك التعلق في عمر لاحق.‏ وقد تحقق ذلك عند قياس هذا السلوك فيعمر (١/٢ ١٢) شهرا وعمر (١/٢ ١٩ شهرا).‏ما هي الحوادث الأسرية التي تؤدي أكثر من غيرها إلى تغيير سلوكالتعلق?‏ لقد <strong>بين</strong>ت الدراسة السابقة أن هذه <strong>العلاقة</strong> تتأثر بشكل خاصبحدث أساسي‏:‏أولا:‏ عودة الأم إلى العمل بعد إجازة الأمومة.‏ثانيا:‏ التجربة انتظمة في وضع الصغير في كنف مربية أثناء عامه الأول.‏إن الحوادث الأسرية التي ترتبط ارتباطا قويا بتغير التعلق هي التي48


سلوك التعلق عند الإنسانتؤثر في كمية وفي كيفية التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏إن هذه الحوادث تؤدي إلى اضطراب الأسرة وتصيب <strong>الطفل</strong> في أحدالجوانب الهامة من تجاربه اليومية وهي مسألة التعود على المحيط ااديعند تغيره.‏ وكذلك يكون وقع هذه الحوادث أقسى بالنسبة للأسر التيتنتمي إلى الطبقات الدنيا وتستنزف الاضطرابات معظم الطاقات الانفعاليةواادية للأسرة الفقيرة.‏ بالإضافة إلى ذلك لك هذه الأسر مصادر محدودةفي الخارج لتتمكن من تلقي الدعم واساعدة على العكس من ذلك يكونحال الأسر ايسورة حيث تكون أقدر على التفاعل الإيجابي مع الاضطراباتوالازعاجات التي تصيبها فبإمكان هذه الأسر الحصول على مساعداتفعالة من خارج الأسرة;‏ فالاستقرار والثبات في التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong>يتأثر بشكل عميق بالحوادث المحيطة بظروف الأسرة.‏إن كيفية السلوك الوالدي ذو تأثير كبير على التعلق الآمن ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏التعلق الآمن والسلوك الاجتماعي نحو الغريبإذا كان من الواضح أن التعلق الآمن يتغير عبر الوقت فما هي <strong>العلاقة</strong> بسلوك التعلق والأبعاد الأخرى للاستجابات الاجتماعية?‏ وهل الفروق الفرديةفي سلوك التعلق تنعكس على السلوك الاجتماعي للطفل مع أشخاص آخرين?‏يرى أصحاب نظرية التعلق أن <strong>الطفل</strong> ‏«يعمم»‏ عناصر التفاعل مع الأمعند لقائه للأشخاص الآخرين;‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي يتمتع بعلاقة طمأنينة وثقةمع الأم يقوم بتعميم هذه الثقة أثناء تعامله مع الأخرين في ح تتميزاستجابة <strong>الطفل</strong> الذي لا لك مثل هذه <strong>العلاقة</strong> مع الأم بالسلبية تجاهالآخرين بسبب تاريخ التفاعل مع الأم غير استقر وغير ارضي.‏ لقددعمت نتائج متعددة وجهة النظر هذه فلقد أوضح باستور (١٩٨١,Pastor)إن <strong>الطفل</strong> الذي يتمتع بتعلق آمن مع الأم في عمر ١٢ شهرا و ١٨ شهرا يكونأكثر اجتماعية مع الأقران أثناء اللعب ب عمر ال ٢٠ شهرا وباقارنة مع الأطفال افتقدين للأمن في علاقتهم مع الأم.‏وفي دراسة ثانية (١٩٧٩ (Waters et al تب أن <strong>الطفل</strong> ذا التعلق الآمن فيعمر ال ١٥ شهرا يكون أقدر على التفاعل الاجتماعي في عمر ثلاث سنواتونصف وذهبت نتائج أخرى Lamb,١٩٧٩) (Easterbrooks and إلى تصنيف الأطفال٢٣ شهرا49


الأمومةفي درجات متفاوتة بالاستناد إلى علاقة الأمن مع الأم.‏ تب ملاحظة هؤلاءالأطفال مع أقران اللعب أن درجة الأمن والطمأنينة في <strong>العلاقة</strong> مع الأمتنعكس على درجة التفاعل مع الأقران فدخول <strong>الطفل</strong> في علاقات وتفاعلاتمتعددة مع الأتراب يرتبط بدرجة شعوره بالأمن في علاقته مع الأم.‏ولقد أوضحت مان Lamb,١٩٨٤) (Main, in Thompson and عندما قارنتب زمرت من الأطفال إن أطفال الزمرة التي تتمتع بالأمن في علاقتهامع الأم هم أقدر على التفاعل مع الراشد الغريب وعلى إبداء تعاونهم معهوإظهار سلوكهم الودي نحوه باقارنة مع ما يفعله أطفال الزمرة الثانية التيلا تتمتع بالأمن في <strong>العلاقة</strong> مع الأم.‏يعتبر تفسير هذه النتائج على درجة كبيرة من الصعوبة حيث تحاولالربط ب طبيعة التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم في مرحلة محددة وب علاقاتاجتماعية أخرى مع الأقران أو مع شخص راشد غريب في مراحل لاحقةمن حياة <strong>الطفل</strong>.‏ إن هذا التغير يفترض الثبات والاستقرار في علاقة <strong>الطفل</strong>والأم.‏ لقد أشار طومسون ولامب lamb,١٩٨٤) (Thompson and إلى أن هناكترابطا قويا ب التعلق اتسم بالأمن والقدرة الاجتماعية مع الشخصالغريب وكذلك يتصف التفاعل الاجتماعي بالثبات والاستقرار عندما يتميزالتعلق بالثبات والاستقرار عبر الزمن.‏إن فرضية أنسوورث (Ainsworth) القائلة بأن الصغير الذي يتمتع بعلاقةآمنة مع الأم يكون أقدر وأكثر فاعلية مع الأقران هذه الفرضية تحتاج إلىالتحقيق لأن الآليات التي تفسر <strong>العلاقة</strong> ب الوضع غير معروفة وغير محدودة.‏إنه ن دواعي الاستغراب ملاحظة تأثر معظم الدراسات التي تعالج<strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> بنظرية التعلق عامة ونهج أنسوورث خاصة‏«انظر الصفحة ٢٢٧» ومن اعروف أن هذا انهج يعتمد على ملاحظة الأمو<strong>الطفل</strong> في شروط مخبرية وفي وسط مصطنع أعدّ‏ خصيصا لجمعالاحظات اتعلقة بسلوك الأم و<strong>الطفل</strong>.‏لقد تعرضت هذه الطريقة للانتقاد الشديد خاصة من قبل الايتولوجيالذين يدعون لاحظة السلوك في تعبيره العفوي في الوسط الطبيعي أثناءالحياة العادية لأن تغيير هذا الوسط قد يغير من سلوك <strong>الطفل</strong> والأمونع ظهور السلوك الحقيقي ا يؤدي إلى الحصول على نتائج لا تعبر50


سلوك التعلق عند الإنسانعن حقيقة <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ لقد أُخذ على طريقة أنسوورث أنهاقصيرة جدا وغير صالحة من الناحية الايكولوجية ‏«البيئة أو الوسط»‏ حيثتتطلب تعديل المحيط اعتاد الذي يتفاعل ضد <strong>الطفل</strong> والأم وتنطوي علىعناصر تثير القلق بالنسبة للأم وطفلها.‏لقد اعتمدت الدراسات الحديثة على ملاحظة التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong>في الوسط اعتاد بالنسبة للطرف وأثناء نشاطهما في الحياة اليوميةأثناء اللعب أو الطعام أو في مناسبات أخرى.‏51


الأمومة52


سلوك الأمومة عند الرئيسات3 سلوك الأمومة عند الرئيساتالأسس البيولوجية لسلوك الأمومةيعتبر البحث في الأسس البيولوجية لسلوكالأمومة حديث العهد عند الثدييات.‏ وتركز معظماعطيات اتوفرة على الفئران والقطط والخراف<strong>بين</strong>ما تقل هذه اعطيات عند الرئيسات (١) غيرالبشرية.‏ إن العوامل الهرمونية والعصبية تؤثر فيسلوك الأمومة وكن لدراسة الأنواع القريبة منالنوع البشري أن تكون وذجا للبحث في سلوكالأمومة عند الإنسان.‏إن النجاح في التكاثر يتطلب المحافظة علىحياة الصغار ونظرا لأهمية وظيفة سلوك الأمومةلبقاء النوع فهو يتخذ خصائص غريزية حيث تتوسعأسسه في بيولوجية النوع.‏ ويتخذ سلوك الأمومةأشكالا مختلفة تحددها خصوصية النوع.‏ فتغذيةالصغار أكثر عناصر الأمومة شيوعا خاصة عندالثدييات.‏ وكذلك تأم الحماية ضد الأنواعافترسة التي تهدد الصغار.‏ ومن العناصر الأساسيةللأمومة أيضا تهيئة الصغير للحياة ضمن الزمرةالاجتماعية وتنظيم تفاعله مع بقية أعضاءالجماعة.‏ وتتفاعل هذه العناصر اخملتلفة معمشاعر الأم لتشكل الروابط التي تربط ب الأم53


الأمومةو<strong>الطفل</strong> أو ما يسمى بالتعلق ب الاثن‏.‏ إن الكثير من البحوث يهدف إلىمعرفة العوامل التي تؤثر في الانتقال من مرحلة ما قبل الأمومة إلى مرحلةالأمومة.‏ ولقد أشارت هذه البحوث إلى أنه ‏«ميكانيزمات»‏ متعددة كن أنتتدخل في انبثاق سلوك الأمومة وفي المحافظة على هذا السلوكواستمراره.‏ وتحتل الأم من وجهة النظر البيولوجية-كمصدر للعناية-مركزيارئيسيا في التطور الاجتماعي للطفل ويشارك الإنسان الكثير من الثديياتفي عدم قدرته على البقاء بشكل مستقل في بداية حياته.‏ويتصف سلوك الأمومة عند الرئيسات بالدومة والاستمرار كما هوالحال عند الإنسان.‏ وتعيش هذه الحيوانات حياة اجتماعية تختلف فيدرجة تعقيدها من نوع إلى آخر.‏لقد <strong>بين</strong>ت التجارب التي أجريت على الرئيسات أن سلوك الأمومةيخضع-كغيره-لضبط وتنظيم مركزي دماغي.‏ إن جرح لحاء الفص الجبهيالأمامي يؤدي إلى تعطيل سلوك الأمومة عند القردة.‏ كما يؤدي استئصالالجزء اللوزي الأميكدال (Amygdal) عند الأم إلى تصاعد سلوكها العدوانيوالجنسي .(١٩٧٢,Kling) لكن جرح الفص الصدغي اتوسط لا يؤدي إلىاضطراب مباشر في سلوك الأمومة فالاضطراب يبدأ بعد عدة أسابيع إذتتجاهل الأم طفلها اما.‏ ا يؤدي إلى موته بعد ثلاثة أسابيع وتظهرالأم تراجعا وانسحابا ليس فقط تجاه <strong>الطفل</strong> وإا نحو أي عضو آخر منالجماعة فالإصابة لحقت في السلوك الاجتماعي برمته ولم تقتصر علىتجاهل <strong>الطفل</strong> فقط.‏تسمح دراسة السلوك الاجتماعي عند هذه الرئيسات بإيجاد نقاطالتلاقي وجوانب الاختلاف <strong>بين</strong>ها وب النوع البشرى خاصة فيما يتعلقبالسلوك والفيزيولوجيا الادراكي اعرفي.‏ إن التجريب على الأنواع القريبةمن النوع البشري يهدف إلى تفهم الأنظمة اشابهة عند الإنسان لتلك الأنظمةعند الحيوانات وذلك لتعذر التجريب على البشر لأسباب أخلاقية وإنسانيةوإن كانت هذه الأسباب نفسها تستدعي منع التجريب على الحيوانات.‏ إننامدينون بالكثير لهذه الكائنات الضحية;‏ ففي اجملال الطبي سبق أن جربتغالبية الأدوية على الحيوانات قبل الإنسان وإن كانت شركات الأدوية اتعددةالجنسيات لا تتورع عن تجريب منتجاتها الجديدة على سكان العالم الثالث54


سلوك الأمومة عند الرئيساتقبل تقدها في صيغتها النهائية واطني البلدان الصناعية.‏إن التقدم في تفهم الفيزيولوجية القلبية والوظائف الحسية الحركيةوالنظام العصبي-البصري وفيزيولوجيا الإنجاب...‏ الخ كان نتيجة التجريبعلى الرئيسات غير البشرية.‏ وكذلك الأمر بالنسبة للتطور الاجتماعي وسلوكالتعلق والتطور الإدراكي-اعرفي كن أن يأخذ سياقا مشابها عند الإنسانونظيره عند الرئيسات غير الإنسانية Mears,١٩٧٩) .(Harlow and,إن السلوك الضروري لبقاء النوع يتمثل في ‏«ميكانيزم»‏ بيولوجية-عصبيةتكون على درجة من الأهمية بالنسبة لوظيفة الدماغ.‏فتعطيل هذا ايكانيزم يؤدي إلى تعطيل وظيفة السلوك في المحافظةعلى بقاء النوع.‏ إن استخدام هذه الطريقة التجريبية يسمح بالكشف عنالتعديل الذي يطرأ على السلوك الأولي الضروري للبقاء لدى تعطيل هذاالجزء أو ذاك من الدماغ.‏تتشابه الأعراض الناتجة عن تعطيل أجزاء من الدماغ مع تلك التيكن ملاحظاتها بعد عزل الحيوان أو فصله عن الأم.‏ إن الفصل ابكرب صغير الحيوان وأمه يؤدي إلى احتجاج الصغير وذلك بتصاعد سلوكهالحركي وازدياد نداءاته الصوتية.‏ وفي مرحلة لاحقة يتميز سلوكه بالخمولوقلة النشاط الحركي وانخفاض كمية الطعام والشراب وتدهور الاستقامةالجسدية وقد وت الصغير لعدم تدخل الأم في رعايته and) ١٩٧٧,Suomi.(Harlow إن العزل راحل متنوعة في السنة الأولى يؤدي إلى انحرافالسلوك الاجتماعي والجنسي وإلى عدم القدرة على الإنجاب فيما بعد.‏وفيما لو لقحت الأنثى بشكل اصطناعي فهل تقتل صغارها بعد الولادة.(Goldfoot,١٩٧٧)وفي دراسة أخرى تتعلق بأثر العزلة على الشمبانزي أوضح بلوج(١٩٧٩,Plooij) أن غياب الانتظام والاستمرار في علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> يؤديإلى مظاهر سلوكية غير طبيعية أثناء العزلة الاجتماعية.‏تشير هذه الأمثلة إلى أن القاعدة البيولوجية-العصبية للعضوية تتأثرتأثرا بالغا بعد الانفصال عن الأم أو من يحل محلها ‏«موضوع التعلق»‏ بغضالنظر عن التأثير اباشر لعناية الأم بالصغير من الناحية الجسدية;‏فالانقطاع افاجئ في التعلق الاجتماعي يؤدي إلى اضطراب خطير في55


الأمومةالوظائف البيولوجية-العصبية الحيوية والضرورية لاستمرار النوع.‏ وذلكلأن أنظمة التعلق الاجتماعية ترتبط بشكل وثيق بالوظائف البيولوجية-‏العصبية للدماغ عند الرئيسات فتطور التعلق الاجتماعي ليس مسألةثانوية بالنسبة لبقاء النوع-كما كان يراه البعض-بل مسألة أساسية إذ أنعرقلة هذا التطور تؤدي إلى اضطراب ايكانيزم اتعلقة بالوظائف الحيوية.‏وتجدر الإشارة إلى أن العزلة بالنسبة للحيوان تعني فقر المحيطباؤثرات الاجتماعية الصادرة عن الأم أو عن باقي أفراد الجماعة.‏ وتؤثرالعزلة في ال<strong>نمو</strong> البيولوجي حيث يؤدي عزل صغار القردة إلى انخفاضفي عدد العصيّات الدماغية وفي وزن القشرة الدماغية.‏ كما تؤثر العزلةفي الكيمياء العصبية وفي تنظيم مرونة القشرة الدماغية.‏كن أن نخلص ا سبق إلى أن الشروط ابكرة للتربية تلعب دوراأساسيا في تطور أنظمة التعلق الاجتماعي.‏ فالتغيرات التي تطرأ علىالجملة العصبية اركزية والأعراض البيولوجية-العصبية الناجمة عن انقطاعالتعلق في مرحلة مبكرة قد تكون مسؤولة عن السلوك غير الطبيعيوعن الأضرار التي تلحق بالتطور في مراحل لاحقة.‏إن معظم الأدوية استخدمة في علاج الحالات النفسية ارضية تؤثرفي السلوك الاجتماعي وتهدف في تعديل هذا السلوك وتقريبه من السلوكالطبيعي وذلك عن طريق إعادة تنظيم ايكانيزم العصبية.‏سلوك الأمومة عند الغوريلا (Gorillas)لقد لفت نظر بعض الباحث عدم قدرة الغوريلا اوجودة في حديقةالحيوانات على إظهار سلوك الأمومة بشكل مناسب.‏ إذ يز سلوكها بتجاهلالصغير أو قتله في بعض الأحيان.‏ ويعزى ذلك غالبا إلى تجربة الغوريلاابكرة نتيجة تربيتها في حديقة الحيوانات حيث فصلت عن أمها في عمرالسنة أو السنت و وضعها في قفص بحضور واحد أو اثن من أترابهادون مخالطة البالغ من نفس النوع.‏ لقد فسر كير شهوفر(١٩٧٠,Kierchshofer) عدم قدرة الغوريلا على إظهار سلوك الأمومة اناسببعدم اختلاطها بالكبار ونقص النماذج السلوكية في محيطها ا يؤديإلى قصور في تعلمها السلوك اناسب في سنوات تكوّن السلوك.‏ لقد56


سلوك الأمومة عند الرئيساتخلص هذا الباحث إلى القول بأن النقص في معايشة الكبار وعدم التجربةمع الصغار حديثي الولادة يؤدي إلى اضطراب سلوك الأمومة عند الغوريلاوإلى الإخفاق في تعلم سلوك العناية اناسبة بالصغار.‏ إن هذه الخلاصةتستند إلى نتائج الأبحاث اتعلقة بالقردة - keys) (Rhesus Monوالشمبانزي (chimpanzees) إذ <strong>بين</strong>ت هذه النتائج أن فصل هذه الحيواناتعن الأم بعد الولادة وعزلها عن أفراد النوع في اراحل ابكرة من تصورهايؤدي إلى إخفاق هذه الحيوانات في التفاعل مع أقرانها فيما لو وضعت<strong>بين</strong>هم من جديد.‏ وبالنسبة للإناث التي ربيت بهذه الشروط لا تستطيعإبداء سلوك الأمومة تجاه صغارها بعد الولادة.‏يلاحظ نادلر (Nadler,١٩٨٤) أنه بالرغم من تشابه الغوريلا مع هذه الأنواعفهي تختلف اختلافا هاما عنها.‏ ففي ح أن القردة والشمبانزي فصلت عنالأم منذ الولادة بقيت الغوريلا طيلة سنة أو سنت مع أمها.‏ إذن لا كن أنيعزى عدم ظهور سلوك الأمومة إلى الانفصال عن الأم بعد الولادة.‏لقد قام نادلر بسلسلة من التجارب حيث أوضح أن بقاء الغوريلا معالأم فترة طويلة بعد الولادة لا يعني أن سلوك الأمومة عندها سيكونمناسبا كما هو الأمر بالنسبة للأنواع السابقة.‏ لقد عزل هذا الباحثالغوريلا بعد ولادتها ووضعها وطفلها في قفص خاص;‏ ففي الأسبوع الأولكن من ملاحظة العناصر الأساسية لسلوك الأمومة حيث قامت الغوريلابإرضاع الصغير واحتضانه وتبادل الأصوات معه.‏ إلا أن سلوك الأم اضطرباضطرابا حادا في الأسبوع الثاني ا حمل اسؤول عن حديقة الحيوانإلى فصل الصغير لأنه عرضة عاملة شديدة القسوة من قبل الأم.‏وفي تجارب أخرى أدى إدخال ذكر بالغ إلى نفس القفص حيث توجدالأم والصغير إلى توقف الاضطراب في سلوك الأم.‏ لقد تكررت هذهالتجربة في مراكز عديدة و التوصل إلى نفس النتائج وهذا ما حملعلى القول بأن العزلة الاجتماعية قبل الولادة وبعدها كن أن تكون عاملاحاسما في اضطراب سلوك الأمومة عند الغوريلا.‏ ففي سبع حالات منثمانية لوحظ أن الغوريلا تقوم بدورها كأم بشكل مناسب عند وجودها معذكر أو مع زمرة من نوعها أثناء الولادة وبعدها.‏ <strong>بين</strong>ما أبدت ثمان من تسعأمهات اضطرابا في سلوك الأمومة عندما عزلت مع صغيرها بعد الولادة.‏57


الأمومةإن هذه النتائج تدعم الفرضية القائلة بأن الوسط الاجتماعي اناسبيسهل ظهور سلوك الأمومة اناسب ويظهر قدرات الغوريلا-حبيسة حديقةالحيوان-على منافسة أمومتها بشكل مقبول.‏سلوك الأمومة عند الشمبانزي (Chimpanzees)والاورانغوتان (Orangutans)لقد قام روجرز ودافبنبورت.‏ davenport) (١٩٧٠,Rogers and قارنة زمرتمن إناث الشمبانزي تختلفان في مدة تعايشهما مع الأم.‏ فبقيت الزمرةالأولى مع الأم مدة تزيد على ثمانية عشر شهرا بعد الولادة <strong>بين</strong>ما كانتهذه الفترة أقل من ذلك عند الزمرة الثانية.‏ وعند مقارنة سلوك الأمومةعند هات الزمرت تب أن الأنثى التي بقيت مدة أطول مع أمها أثناءطفولتها تقوم بإظهار سلوك الأمومة تجاه صغيرها بشكل أفضل اتفعله إناث الزمرة الثانية.‏ إلا أن إناث الزمرت يظهرن تحسنا ملحوظافي سلوك الأمومة اعتبارا من الولادة الثانية.‏ وفي تجارب أخرى قام هذانالباحثان بعزل مجموعة من إناث الشمبانزي عن أمهاتها ووضعها فيأقفاص فردية منذ الولادة وحتى نهاية السنة الثانية.‏ وفي عمر البلوغ لمتتمكن هذه الإناث بعد الإنجاب من إبداء سلوك الأمومة اناسب تجاهصغارها ولم يطرأ تحسن ملحوظ على هذا السلوك بعد عدة ولادات متعاقبة.‏تب هذه التجارب أن الحرمان الاجتماعي ابكر يعرقل تطور الأمومةاناسبة فالأنثى التي ربيت في حالة عزلة غير قادرة على تربية صغارها.‏إن الأبحاث والاحظات التي تتناول الشمبانزي توضح بعدين هامللتجربة اتعلقة بسلوك الأمومة:‏أولا:‏ التجربة ابكرة مع الأم في السنة الأولى فالشمبانزي مهيأة لدرجةقد تزيد أو تنقص للاستفادة من تجربة الأمومة التي تعيشها مع أمها عندبلوغ سن النضج والإنجاب وكنها تنمية القدرات التي كنها من الأمومةاناسبة بالرغم من عزلتها الكاملة بعد فصلها عن الأم.‏ثانيا:‏ التجربة اتأخرة التي تتلو الولادة الأولى.‏ يكون سلوك الأمومة فيوقت لاحق وفي الولادات اتعاقبة أمرا غير محتمل عزل عن التجربةابكرة مع الأم.‏ فالتجربة ابكرة مع الأم تؤثر أيضا في سلوك الأمومة58


سلوك الأمومة عند الرئيساتوزيادة فعاليته عند الولادات اتعاقبة.‏ أما بالنسبة للأورانغوتان فاعطياتاتوفرة عن سلوك الأمومة قليلة باقارنة مع الأنواع الأخرى.‏ ويبدو سلوكالأمومة عند هذا النوع أقرب إلى نظيره عند الشمبانزي منه إلى الغوريلافيمكن للأم أن تربي صغيرها عند وجودها وحيدة معه في القفص أي فيحالة عزلة اجتماعية.‏ ويرى نادلر أن الفرق ب سلوك الأمومة للغوريلا منجهة وللشمبانزي والاورانغوتان من جهة ثانية يستند إلى قاعدة بيولوجية.‏ويبدو ذلك عند ملاحظة هذه الأنواع في الحالة الطبيعية بعيدا عن حديقةالحيوان.‏ فكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة يعكس تكيف السلوك الخاصبالنوع وتلاؤمه مع شروط المحيط التي تطور ضمنها.‏ يعيش الأورانغوتانفي حالة شبه عزلة ويقوم تنظيمه الاجتماعي على التورع والانتشار فياكان.‏ ويعيش الذكر وحيدا معظم حياته ويقتصر التبادل الاجتماعي عندالأنثى على صغارها وبالإضافة إلى البنية الاجتماعية اوزعة والتفاعلالاجتماعي المحدود لهذا النوع تربى الأنثى صغارها في الشروط الطبيعيةفي وضع من التبادل المحدود مع أفراد النوع فالأم تقوم بدورها في غيابالعلاقات الاجتماعية اعقدة فالبنية الاجتماعية للشمبانزي تختلف عنهاعند الأورانغوتان حيث تعيش الشمبانزي في تجمعات واسعة تضم الإناثوالذكور من مختلف الأعمار:‏ إلا أن هذه التجمعات تنقسم إلى زمر متغيرةالتركيب.‏ فالزمرة الأكثر استقرارا هي تلك اؤلفة من الأنثى وصغارها.‏فهي تشبه الأورانغوتان من حيث تجمعها على شكل زمر مشتتة داخلالتجمع الكبير.‏ ومن حيث تفاعلها وباقي أفراد الزمرة إذ تتفاعل الأم بشكلمحدود مع باقي أعضاء التجمع وخاصة في اراحل الأولى من حياة الصغار.‏لقد أشارت الأبحاث اتعددة في هذا اجملال إلى أن تربية صغيرالشمبانزي-وكذلك تربية صغير الأورانغوتان-لا تتطلب تفاعلا اجتماعياواسعا خارج <strong>العلاقة</strong> الثنائية ب الأم و<strong>الطفل</strong> ولا تستدعي اتحادا دائماب الأم وأعضاء آخرين في القطيع عند الأطفال;‏ <strong>بين</strong>ما يختلف الأمر عندالغوريلا فالاحظة انهجية لهذا النوع في الحالة الطبيعية تب أنه يعيشضمن جماعات مستقرة تقوم على تنظيم اجتماعي ‏«عائلي»‏ فتتألف الجماعةعادة من ذكر بالغ قائد وعدة إناث مع صغارهن.‏ وكن للأنثى-كما للذكر-‏مغادرة الزمرة التي ولدت فيها ولكن فقط قبل الإنجاب.‏ وعادة تبقى59


الأمومةالأنثى وتلد بشكل متعاقب في نفس الزمرة.‏ فتختلف أنثى الغوريلا فيالحالة الطبيعية عن مثيلاتها لدى الشمبانزي والأورانغوتان.‏ فهي تربيصغارها برفقة أعضاء آخرين من نفس النوع يربطها بهم اتحاد وثيق خلالمدة طويلة نسبيا.‏ <strong>بين</strong>ما تربي أنثى الشمبانزي والاورانغوتان صغارها فيحالة من الاستقلال النسبي وفي غياب أية علاقة اجتماعية طويلة الأمدمع أبناء جنسها.‏ وفي حديقة الحيوان تتمكن الأنثى عند هذين النوع منتربية صغارها بشكل مقبول عندما توضع مع صغيرها في غرفة معزولة.‏تختلف شروط حياة أنثى الغوريلا في الظروف الطبيعية حيث تربيطفلها برفقة أطراف أخرى تربطها بهم علاقة طويلة نسبيا.‏ فهي تجتمعمع عدة إناث حول ذكر واحد وتقضي معظم الوقت بالقرب من الذكرالقائد خاصة في اراحل الأولى من حياة الصغار.‏ إن اختلاف هذه الشروطكن أن يفسر إخفاق سلوك الأمومة عند الغوريلا أثناء عزلها في غرفةفردية مع الصغير.‏ فسوء معاملتها للصغير وقسوتها تجاهه في ظروفحديقة الحيوان تكون نتيجة لعدم كنها من متابعة الطريقة الخاصةبالنوع في تربية الصغار.‏وتفضل أنثى الغوريلا البقاء بالقرب من الذكر القائد عندما يكون الصغيرفي عمر مبكر ا يعزز سلوك الأمومة اناسب فالوجود بالقرب منالقائد يكون مفيدا للأم ويوفر لها الحماية من هجمات اعتدين.‏ <strong>بين</strong>ما لاتتطلب ذلك تربية الصغار عند الشمبانزي والأورانغوتان في الظروفالطبيعية.‏ فالسلوك الخاص بالنوع لم يضطرب في ظروف العزلة الاجتماعيةفي حديقة الحيوان.‏ وذلك بعكس الغوريلا التي لا تتمكن من إقامة علاقةوثيقة بصغيرها في غياب اؤثرات الصادرة عن أفراد الزمرة التي تعيشضمنها في الظروف الطبيعية فتجاهل الصغير ومعاملته بقسوة بالغة منقبل الأم تتوقف غالبا عند إحضار أحد أفراد النوع إلى الغرفة التي تجمعالأم وصغيرها إذ كن حينئذ ملاحظة سلوك الأمومة اناسب تجاه الصغير.‏إن دراسة الأمومة عند الأنواع القريبة من الإنسان من الناحيةالبيولوجية يسهم في صياغة بعض الأسئلة حول هذا اوضوع.‏ ويرى نادلرأنه عند دراسة الأمومة عند الجنس البشري كن الأخذ بالفرضيتالتاليت‏:‏60


سلوك الأمومة عند الرئيساتأولا:‏ إن سلوك الأمومة عند البشر كن أن يكون أيضا متلائما معالصيغة الخاصة لتنظيمنا الاجتماعي.‏ من هنا تبدو الأهمية القصوى فيتفحص ودراسة الأنظمة الاجتماعية في مختلف أشكالها ودرجاتها.‏ثانيا:‏ إن الاضطراب في سلوك الأمومة وفي علاقة الأم بصغيرها يكونغالبا نتيجة التغير افاجئ في الشروط والعادات الطبيعية.‏ إن عرقلةسلوك الأمومة واضطرابه يحدث عندما يربي البشر أبناءهم في شروطمغايرة ومخالفة لصيغة التنظيم الاجتماعي الخاصة بالنوع.‏ إلا أن ذلكليس أمرا واضحا.‏ فاجملتمعات البشرية تتبع طرقا وأساليب مختلفة جداومتنوعة في تربية الصغار.‏وأخيرا كن أن نطرح السؤال التالي:‏ هل كن ملاحظة خصائصمعينة للأهل اتعامل مع أطفالهم بقسوة أو اتجاهل لهؤلاء الأطفال?‏وهل العزلة الاجتماعية للأهل ترتبط بسوء معاملة <strong>الطفل</strong> كما أشار إلىذلك ‏(إرal ١٩٦٧)? Elmer.et إن الإجابة على هذه الأسئلة ليست بالأمرالسهل فالبحث انهجي في بنى اجتماعية-ثقافية متعددة كن أن يسهمفي إيضاح <strong>العلاقة</strong> المحتملة ب سلوك الأمومة بأشكاله وطرائقه اخملتلفةوو علاقة الأم بطفلها.‏سلوك الأمومة عند الإنسانإن التغير في الإفرازات الهرمونية ارافقة للحمل والولادة يضع ارأةفي حالة جاهزية لتقد العناية اللازمة للمولود الجديد;‏ فالتجارب علىالحيوانات كن أن تزودنا بأمثلة عديدة في هذا اجملال فلقد كن بعضالباحث من إظهار سلوك الأمومة عند إناث لم يسبق لهن الحمل أو الولادةوذلك بحقنهن ببعض أنواع الهرمونات.‏وقد تطول ارحلة اللازمة لإظهار سلوك الأمومة بعد الولادة أو تقصرحسب النوع وتختلف هذه ارحلة من حيوان إلى آخر.‏ ومعظم الإناثتحتاج إلى مشاهدة الصغير بعض الوقت قبل تنشيط سلوك الأمومة.‏ وتبدوالتغيرات الهرمونية ارتبطة في سياق الولادة على صلة بالتنشيط السريعلسلوك الأمومة عند بعض الأنواع.‏ إلا أن دور الهرمونات يقتصر على ارحلةالتي تلي الولادة مباشرة ويتضاءل هذا الدور في سلوك الولادة فيما بعد61


الأمومةحيث تأخذ اؤثرات الصادرة عن الصغير أهمية خاصة في استمرار سلوكالأمومة في اراحل اللاحقة..‏ فإذا كان هذا السلوك يخضع إلى ضبطهرموني في مرحلة مؤقتة بعد الولادة فاستمراره في مراحل لاحقة يعتمدإلى حد كبير على اؤثرات الصادرة عن الصغير.‏أما بالنسبة للثدييات العليا فإن تأثير الهرمونات يكون أقل من تأثير التجربةفالنعاج مثلا تبدي سلوكا أكثر فعالية ومناسبة تجاه صغارها بعد الولادةالثانية أو بعد فترة من تجربة العناية بالصغير Neinder,١٩٨٠) .(Poindrou andأما فيما يتعلق بالبشر فترجح الكفة لصالح التجربة باقارنة مع التأثيرالهرموني.‏ إن تأثير الوسط الاجتماعي يدفع الأم إلى أن تتصرف حسبطريقة محددة.‏ فالعوامل الثقافية والقيم الاجتماعية تؤثر تأثيرا هاما فيسلوك الأمومة.‏ فقابلية الأهل للتبني وتزويد الأطفال اتبن بالعناية والمحبةيظهر الدور البارز للعوامل الثقافية-الاجتماعية كما يظهر محدودية تأثيرالعوامل الهرمونية.‏يتوافق سلوك الأمومة مع احتياجات <strong>الطفل</strong> منذ الولادة وتساعد العواملالبيولوجية الغريزية في انطلاقة هذا السلوك وفي بداية السياق الذيالأم ومتطلبات <strong>الطفل</strong>(‏Schaffer,1984,P.٣٧‎‏)‏ سلوك السبيل للتوافق ب هدلقد توافق سلوك الأمومة عبر التطور مع سلوك التعلق عند <strong>الطفل</strong>وتتلخص وظيفة هذين النظام السلوكي في حماية الصغير الذي كانعرضة للافتراس ل,(‏Bowlby ١٩٦٩). فح يستخدم <strong>الطفل</strong> مؤثرات كالبكاءأو التمسك تقوم الأم بالاستجابة لحمايته فتأخذ بيده عندما يبتعد أكثرا يجب وتزوده بالغذاء وتعمل على إرضائه عندما يعاني من كربة.‏يستدعي كلا النظام‏-(سلوك الأمومة وسلوك التعلق)-المحافظة علىالاتصال ب الأم و<strong>الطفل</strong> ويقود الاتصال بدوره إلى تبادل عاطفي بالطرف‏.‏ فسياق التعلق يتم عبر التجربة ب الاثن ‏(اصدر السابق).‏تستند نظرية بولبي إلى بعد بيولوجي وتستدعي تركيز الاهتمام علىالطبيعة التبادلية في سلوك الأم و<strong>الطفل</strong> فبالرغم من أن التبادل اشتركيستند إلى قاعدة داخلية عند الأم فهو لا يأخذ طريقه إلى النور إلا معوجود <strong>الطفل</strong>.‏ فالخصائص السيكوبيولوجية الاستثنائية للطفل عند الولادةتدفع إلى الاعتقاد بأن الاتصال والتفاعل الاجتماعي ب الأم و<strong>الطفل</strong>62


سلوك الأمومة عند الرئيساتموجهان ليلعبا دورا خاصا في التطور النفسي البشري.‏ ف<strong>الطفل</strong> حديثالولادة يعتمد على البالغ في بقائه حيث تتضمن التجربة الاجتماعيةالتي يتعرض لها طرفا عالي القدرات ‏(الأم)‏ مؤهلا ثقافيا <strong>بين</strong>ما يكونالطرف الآخر ‏(<strong>الطفل</strong>)‏ صفحة بيضاء من هذه الناحية.‏ فالتحويل الثقافيمن جيل إلى جيل عند البشر يحل محل الانتقال بالوراثة عبر الجيناتواورثات-(‏‎1979,son .(New ويعتقد هذا اؤلف-على خلاف الفكرة السائدة-‏بأن السلوك الطبيعي للأم البيولوجية ‏(الوالدة)‏ لا يكمن في دافع غريزيخاص بالأمومة إنها يكمن في اسؤولية الثقافية الاجتماعية للكائن تجاهأنجاله مسؤولية تحتمها القيم الأخلاقية والثقافية السائدة اتعلقة بطريقةالتعامل مع الصغير بلطف ومحبة وحنان فهو أحد أفراد العائلة ويحتاجللمساعدة كونه سريع العطب.‏فمن وجهة نظر هذا اؤلف مشكلة التواصل مع الصغير هي تعلم جملةالعناصر التي تؤهل أي شخص للتفاعل مع هذا الصغير شخص تلكالدافع ليفعل ما هو ضروري من أجل الصغير ويخصص الوقت اناسبللحوار معه.‏ فاسألة ليست مسألة ضرورة بيولوجية إذ كن للذكر أنيربي <strong>الطفل</strong> في شروط مناسبة.‏ومن الواضح أن هذا اؤلف قد بالغ في دور العوامل الاجتماعية الثقافيةفي سلوك الأمومة وأغفل دور العوامل الغريزية في هذا السلوك.‏ ولعله منافيد دراسة سلوك ارأة الحامل لإلقاء الضوء على سلوك الأمومة وإيضاحدور الآليات ‏(ايكانيزمات)‏ اعقدة التي تؤثر في تطور هذا السلوك.‏الحمل وسلوك الأمومةإن الحمل ينطوي على الكثير من الجهد الجسدي.‏ فالتغيرات العضويةوتكيف عملية الاستقلاب تستهلك الكثير من الطاقة الجسدية للمرأة الحامل.‏ويترافق ذلك مع تكيف نفسي فارأة تحلم بدورها الجديد وتحضر نفسهالهذا الدور إذ تزج لديها مشاعر القلق والسعادة وكثيرا ما يلاحظ تغيراتقوية في مزاج الحامل فحينا تجدها سعيدة حاة متفائلة وحينا تعاني منالانقباض والقلق .(Brazelto,١٩٨١) وتظهر الحامل رغبة قوية بالتعرف علىكل ما يتعلق بالحمل والولادة وتلجأ غالبا إلى الصديقات واقربات من63


الأمومةصاحبات التجربة لتطرح الأسئلة التي تهمها.‏وفي معظم اجملتمعات الصناعية مؤسسات متخصصة تعمل على تصنيفاعلومات وتدريب النساء الحوامل وتحضيرهن للولادة.‏ حيث أنه من الأهميةكان بالنسبة للشابة الحامل أن تلتقي ن هن في نفس الوضع أي بالحواملوبذوات الخبرة ن يستطعن زرع الطمأنينة والثقة في النفس وخاصةاللواتي تجاوزن مرحلة الولادة.‏ ففي ذلك دليل محسوس كن أن يعززالشعور بالأمن ويخفف من حدة القلق واخملاوف.‏ ويكون الحمل عند ارأةأشد وقعا حيث يتوجب عليها القيام تطلبات عملها وتوفير الوقت كيتتمكن من التلاؤم مع هذا الوضع الجديد.‏ فلا بد من أن تأخذ الوقتوالحرية كي تعيش هذه ارحلة اضطربة وتطلع على الطريق الأمثل للتكيفمع دورها القادم كأم.‏ إن الغالبية العظمى من النساء يظهرن بعد الولادةالحاجة إلى التعاضد واساندة والمحبة.‏ وكن أن يلعب الزوج والأقرباءدورا هاما في هذه ارحلة ا يساعد الأم في توفير الأمن والحنان للمولودالجديد ويساهم في بداية سعيدة في <strong>العلاقة</strong> ب الأم وطفلها.‏العلامات الأولى للحملإن توقف الدورة الشهرية اترافق ببروز وتوتر في الثدي كن أنيكون احتمالا كبيرا بحدوث الحمل وكن ملاحظة بعض الأعراض الأخرىكالغثيان والتقيؤ في الأسابيع الأولى حيث تؤكد هذه الأعراض حدوثالحمل وكذلك كن للفحص الطبي أن يؤكد الحمل في الشهر الثاني.‏وفي الشهر الرابع كن للحامل الشعور بحركة الجن على شكل ارتجافثم تصبح هذه الحركة بعدها أكثر وضوحا.‏ في هذه ارحلة تشعر الحاملببعض الصعوبات الجسدية نتيجة عملية التكيف مع الحالة الجديدة إلاأن مشاعر التعب والإرهاق لا بد أن تكون عابرة وغير مهمة;‏ فيجب الأخذبع الاعتبار أن الحمل مسألة طبيعية يجب ألا تكون مصدرا للقلق بل علىالعكس مصدرا للتفتح والكمال.‏المراقبة الطبيةبالنظرة لأهمية مرحلة الحمل بالنسبة لصحة الحامل ولصحة الجن64


سلوك الأمومة عند الرئيساتوتطوره بشكل مناسب فلا بد من اراقبة الطبية انتظمة في مرحلة الحمل.‏ففي بلد كفرنسا مثلا يطالب التشريع بأربع فحوص طبية على الأقل أثناءالحمل ولا كن للحامل الاستفادة من اساعدات الاجتماعية والتعويضاتالنقدية إلا إذا التزمت باراقبة الطبية.‏وتحتاج ارأة الحامل إلى العناية الجسدية والراحة والنوم وتجنبالإجهاد وتنصح باشي وتجنب التدخ وعدم الجلوس في الأماكن السيئةالتهوية.‏ وكذلك تحتاج الحامل إلى التغذية اناسبة واتوازنة ويجب أنتتجنب اواد اخملدرة وعدم أخذ الأدوية إلا باستشارة الطبيب.‏التغذية أثناء الحمل وبعد الولادةيسود الاعتقاد في مجتمعاتنا بأن الحامل إذا اشتهت نوعا من الطعام ولمتأكله قد يترك أثرا ملموسا في جسد <strong>الطفل</strong>.‏ وبالرغم من عدم استناد هذاالاعتقاد إلى الحقائق العلمية فهو يعكس أهمية التغذية بالنسبة للمرأة الحامللأن الجن يعتمد عليها ويشاركها غذاءها ‏(سنية النقاش عثمانويجب الاهتمام بنوعية التغذية وكميتها.‏ وذلك بأن يتضمن النظام الغذائيللحامل العناصر الضرورية كالحليب ومشتقاته واللحوم والسمك والبيضوالبقول والخضر والفواكه.‏ مع عدم الإكثار من النشويات والح ومراقبةالوزن بحيث لا يزيد بشكل ملفت للنظر.‏ إن الغذاء السليم واتوازن كنالحامل من المحافظة على صحتها ومن توفير عوامل ال<strong>نمو</strong> الصحيحة للجنأثناء الحمل.‏إن تقاليدنا العربية تولي مسألة التغذية بعد الولادة أهمية خاصة ومنعاداتنا الحميدة أن نخص النفساء ‏(الأم بعيد الولادة)‏ بنظام غذائي خاص غنيبالبروتينات يتضمن الطعام والشراب الذي يساعد الأم على استعادة حيويتهاونشاطها ‏(كاغلي بالإضافة إلى الجوز والأطباق اتنوعة التي تقدم للمرأة).‏.(١٩٧٤كيف يمكن التحضير للولادةلقد ثبت حديثا أنه من امكن اتباع بعض الطرق التي تجعل الولادةتحدث دون خوف ودون ألم.‏ وتستند أهم هذه الطرق إلى الارتكاس الاشراطيالبافلوفي.‏ فتذوق طبق شهي للمرة الأولى يؤدي إلى إفراز اللعاب في الفم65


الأمومةوهذا ما يسمى ردة فعل طبيعية ولكن يكفي فيما بعد الحديث عن هذاالطبق أو مشاهدته ليحدث إفراز اللعاب في الفم وهذا ما يسمى بانعكسالشرطي اتعلم.‏ فمنذ مئات السن ترتبط كلمة ولادة بكلمة ألم فارأةالتي تشعر بالتقلصات الأولى تقول بأنها تشعر ببداية الألم ا يؤدي إلىفعل منعكس شرطي متعلم.‏ فالخوف من الألم واعاناة يخلق لدى الحاملردة فعل من الاحتراس والريبة وهذا ما يبعث على التوتر بدلا من الاسترخاءا يؤدي إلى عرقلة التطور الطبيعي لعملية الولادة وبالتالي إلى مضاعفةالآلام وتضخمها وجعل الولادة صعبة ومعقدة.‏ إذن يجب العمل على إلغاءالخوف وحذفه ولا بد من تحضير جسدي ونفسي لتحقيق ذلك.‏إن متابعة بعض الدروس ابسطة حول ما يجري أثناء الحمل وأثناءالولادة كن الحامل من التعرف على مراحل تطور الجن واكان الذييحتله والطريق الذي سيتبعه كي يرى النور وبذلك كن استبدال مشاعرالخوف بالثقة وباشاركة النشطة في عملية الولادة بدلا من الخوف منها.‏وهناك بعض التمارين الرياضية التي تسهل حدوث الولادة فيما لو نفذتهاارأة أثناء الحمل.‏ إن ذلك يجعل الحامل تواجه لحظات الولادة بهدوءوانبساط وتستقبل وليدها بشروط مناسبة دون آلام ودون إعياء.‏ولا شك بأن عمر الأم ومدى نضجها يلعب دورا هاما في مدى تقبلهالدورها كأم ورا يؤثر في الولادة وفي سلوك الأمومة بشكل عام.‏ فلقدأشارت بعض الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة ب عمر الأم وقدرة<strong>الطفل</strong> على التكيف الاجتماعي.‏ ففي دراسة أجريت على الأمهات اراهقات‏(قبل بلوغ العشرين)‏ تب أن اضطراب السلوك عند <strong>الطفل</strong> في عمر خمسسنوات يرتبط إلى حد بعيد بعمر الأم ومدى نضجها al) .(Wadsworth,etإن الإنجاب ابكر يضع ارأة أمام مسؤولية كبيرة قد لا تكون مهيأة لها.‏فلا بد من اكتمال نضجها وقابليتها الجسدية والنفسية على تحمل مسؤوليةالقادم الجديد.‏إن الزواج ابكر ظاهرة واسعة الانتشار في البلاد العربية ونظرا لغيابالبحث العلمي اتعلق بعمر الأم وعلاقة ذلك بتطور <strong>الطفل</strong> في اجملتمعالعربي يصعب معالجة هذه اسألة.‏ إلا أن نتائج البحث في مجتمعاتأخرى تب الآثار السلبية للإنجاب ابكر وانعكاس ذلك على سلوك الأمومة66


سلوك الأمومة عند الرئيساتوعلاقة الأم بطفلها.‏اللقاء الأول <strong>بين</strong> الأم والوليدلعل الحدث الأهم في حياة ارأة هو أن تضع في هذا العالم طفلهاالأول.‏ فالولادة الأولى تعني تحولا كبيرا في حياتها.‏ ويتمثل ذلك بشعورهاالعميق بالنضج وقدرتها غير المحدودة على العطاء فهي تغذي للمرة الأولىكائنا آخر من جسدها وتشعر بأنها مسؤولة عنه وعن تطوره وأمنه.‏ فالولادةالأولى تعني ولادة العائلة كما يقول برازلتون .(Brazelton,١٩٨١) فهي تنطويعلى انقلاب عاطفي كبير وعلى شعور متعاظم باسؤولية وكن أن يترافقذلك بالخوف والشك بعدم القدرة على الارتفاع ستوى اسؤولية تجاه هذااخمللوق الجديد.‏كانت الأسرة التقليدية تتلقى دعما هاما من قبل المحيط الاجتماعي‏(الأهل والأقرباء والجيران..)‏ واجهة حدث الولادة.‏ أما اليوم-ومع خلخلةالنمط التقليدي في العلاقات الاجتماعية-لا يقدم اجملتمع اساعدة اناسبةللأسرة الحديثة العهد للتخفيف من حدة اخملاوف والقلق الناتج عن عدمالتجربة ونقص الخبرة في طرق التعامل مع هذا القادم الجديد.‏يتزايد اليوم عدد الولادات التي تحدث في دور التوليد بإشراف طبيولقد درجت العادة على فصل الصغير عن الأم مباشرة بعد الولادة لأسبابالعناية الصحية.‏ إلا أن النتائج الحديثة للأبحاث العلمية تخلص إلى القولبوجوب وضع الوليد على اس حسي مع الأم بعد الولادة مباشرة وذلكلأهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ فالتماسالجسدي ب الاثن كن أن يؤثر في الاتصال اتبادل ب <strong>الطفل</strong> والأموهذا ما توضحه الدراسة التالية حيث ت مقارنة ثلاث مجموعات منالصغار تعرضت اجملموعة الأولى إلى اس جسدي مطول وذلك بوضعاولود على بطن الأم بعد الولادة مباشرة دة ثلاث دقيقة <strong>بين</strong>ما تعرضتاجملموعة الثانية إلى اس قصيرة دة خمس دقائق.‏ ولم تتعرض اجملموعةالثالثة للتماس مع الأم وذلك لأسباب طبية.‏ تب هذه الدراسة بأن التماساطول كن أن يسهل على الأم التعرف على رائحة <strong>الطفل</strong> ويكون <strong>الطفل</strong>في الأيام التالية أكثر حساسية لرائحة الأم باقارنة مع روائح محايدة أو67


الأمومةمع رائحة أم أخرى.‏ لقد أوضحت الدراسات اتعلقة بتأثير الرائحة فيعلاقة الأم بطفلها بأن الرائحة تلعب دورا هاما في تطور هذه <strong>العلاقة</strong>خاصة في ارحلة الأولى بعد الولادة:‏ Farlane١٩٧٥; Russell١٩٧٦ .(Macإن التعرف على <strong>الطفل</strong> بواسطة الشم يكون أكثر احتمالا عندما تتهيأ للأمو<strong>الطفل</strong> فرصة اللقاء اللمسي اطول بعد الولادة مباشرة.‏ لقد أكدت الأبحاثالسابقة على أهمية توفير الفرصة للأم لرؤية <strong>الطفل</strong> وملامسته بعد الولادةمباشرة.‏ فهي في أشد الحاجة لتحسه وتتلمسه وتشمه.‏ لذا يجب ازيد منالحذر قبل التفكير بفصل <strong>الطفل</strong> عن الأم بعد الولادة مباشرة.‏تؤثر مشاعر الأم نحو <strong>الطفل</strong> بعد الولادة في <strong>العلاقة</strong> استقبلية <strong>بين</strong>هما.‏فاتغيرات اخملتلفة في هذه ارحلة قد تعرقل أو تسهل سياق هذه <strong>العلاقة</strong>.‏فلا بد من الأخذ بع الاعتبار شعور الأم تجاه اولود الجديد خاصة فيمايتعلق بجنسه ‏(طفلة كانت أم طفلا)‏ لدى دراسة الروابط التي ستقوم بالاثن إذ تتأثر هذه الروابط شاعر الأم نحو <strong>الطفل</strong> وبآلام وإعياءالولادة الصعبة Capelli) (١٩٨١,Carek and وتجدر الإشارة إلى موقف الوسطالاجتماعي تجاه البنت أو الصبي وتأثير ذلك على الأم أن للأب دورا هامافي هذا السياق.‏ ففي بعض الأحيان تعم البهجة والفرح عند الإعلان عنولادة صبي <strong>بين</strong>ما يحصل العكس بالنسبة لولادة بنت فهذا التقليد الذيبدأ بالتراجع يؤثر تأثيرا سلبيا في معنويات ارأة وفي استعادتها لنشاطهاوحيويتها بعد الولادة وكذلك في قدرتها على التعامل مع <strong>الطفل</strong> وفي تنميةعلاقة سليمة معه.‏التجربة <strong>المبكرة</strong> <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأملقد أشار بعض الباحث إلى أن الفروق الفردية عند الصغار ترتبطبالفروق الاحظة في تفاعلهم مع الأم في الأيام العشرة الأولى التي تعقبالولادة Richards,١٩٧٧) .(Dunn and ومن امكن أن تكون هذه الفروق قدتطورت نتيجة للظروف التي أحاطت رحلة الحمل حيث أوضحت بحوثأخرى أن الأمهات اللواتي سبق أن عان من القلق أثناء الحمل يلجأ أطفالهنللبكاء أكثر من غيرهم في ارحلة التي تلي الولادة.‏ وهكذا كن رحلةالحمل أن تؤثر في صياغة مزاجية <strong>الطفل</strong> وهذا بدوره يؤثر في طبيعة68


سلوك الأمومة عند الرئيساتالتفاعل مع الأم وفي تطور <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما.‏إن التجربة ابكرة التي يتعرض لها <strong>الطفل</strong> والأم كن أن تؤثر فيمستقبل العلاقات اتبادلة <strong>بين</strong>هما.‏ فمن الناحية البيولوجية ثبت أن التغيرابكر في محيط <strong>الطفل</strong> كن أن يغير مجرى تطوره خاصة خلال الثمانيةعشر شهرا الأولى;‏ في هذه ارحلة ي<strong>نمو</strong> دماغ <strong>الطفل</strong> بسرعة قصوى لايبلغها في مراحل لاحقة.‏ فالنضج الداخلي ومؤثرات المحيط اخملتلفة تعملبتفاعل دائم وهي ذات أهمية قصوى بالنسبة لتطور <strong>الطفل</strong> Yarrow.١٩٧٢,)(et al ومن وجهة النظر النفسية يشدد علماء النفس على أهمية التاريخابكر في تطور الفرد خاصة من الناحية العاطفية.‏لقد <strong>بين</strong>ت الدراسات التي أجريت على الأنواع الأخرى أنه يوجد مرحلةحساسة بعد الولادة تؤثر في و <strong>العلاقة</strong> ب الأم والصغير وأن منع الاتصالالحسي أو ندرته كن أن يؤدي إلى تعديل في سلوك الأم (١٩٦١ (Harlowأما بالنسبة للنوع البشري هناك من يقترح بأن الأربع والعشرين ساعة التيتلي الولادة كن أن تلعب دورا هاما في تحديد سلوك الأمومة وكناعتبارها مرحلة حساسة في و <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ فالاستجابةالطبيعية للأم تجاه اولود الجديد تتأثر تأثرا هاما في هذه ارحلة.‏وكذلك بالنسبة للاختلافات الكمية والكيفية في سلوك الأمومة في مرحلةلاحقة فهي تعتمد إلى حد كبير على طبيعة الاتصال في الساعات الأربعوالعشرين الأولى بعد الولادة١٩٧٢) وفي رأي هؤلاء كن أن يؤدي الانفصال ب الأم وطفلها إلىاضطراب <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما فيما بعد.‏ إلا أن بعض الباحث وجه انتقادا إلىهذا الرأي يتعلق دى صلاحية الطريقة التي أدت إلى تلك النتائج;(١٩٨٤,Myers) فمفهوم ارحلة الحساسة أو ارحلة الأمثل مفهوم جامد لايأخذ بع الاعتبار مرونة نظام التطور عند العضوية الصغيرة.‏ فمن اؤكدأن الولادة والأيام التي تتبعها تعتبر مرحلة مهمة إلا أن هذه ارحلة لن تكونارحلة الأولى ولا الأخيرة من حيث الأهمية لأن سياق <strong>العلاقة</strong> ب الأموطفلها يبدأ قبل الولادة بوقت طويل ويستمر بعدها بوقت طويل أيضا.‏وتب دراسة أخرى al.١٩٨٥,) (Wigeers et مدى تأثير علاقة الأم بطفلها فيتطور التعبير الانفعالي عند <strong>الطفل</strong> في السنة الأولى.‏ إلا أنه من غير الواضح(Kennell et al.,١٩٧٣;Klaus et al.,١٩٧٠; Leiferet al69


الأمومةإسناد الفروق الفردية بعد السنة الأولى إلى طبيعة <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ويرى شافر (١٩٨٤,Schaffer) أن القول بأن تجربة التبادل ابكرة كنأن تفسر العلاقات الاجتماعية اللاحقة قول مفرط في التبسيط يتجاهلتأثير العوامل الأخرى التي كن أن تعدل من مسار و <strong>الطفل</strong> في فترةتالية.‏ فالترابط ب علاقات التبادل ابكرة للأم و<strong>الطفل</strong> وب ال<strong>نمو</strong>الاجتماعي عند هذا الأخير في مرحلة لاحقة كن إثباته فقط في حالةاستمرارية ظروف المحيط عند <strong>الطفل</strong>.‏التجربة السابقة للأمإن خصائص شخصية الأم تؤثر في تنظيم سلوك الأمومة في اراحلاللاحقة وفي طريقة تعاملها مع <strong>الطفل</strong> وتفاعلها معه ويعتبر ذلك علىعلاقة سار تطور <strong>الطفل</strong>;‏ فعوامل التجربة السابقة للأم تؤثر في نوعيةالعناية التي تقدمها لطفلها وهذا ما دفع بعض الباحث إلى الاعتقاد بأن<strong>الطفل</strong>ة المحرومة ستكون بدورها أما محرومة أي أن معاناتها ابكرة والقصورفي تطور شخصيتها كطفلة سيؤدي إلى القصور في دورها كأم.‏ وهذا يعنيالدخول في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها Madge) .(١٩٧٦,Rutter andإن هذا القول يبقى مجرد شعور لا يستند إلى براه قوية.‏مفهوم المرحلة الحساسةإن الإلحاح على أهمية التجربة ابكرة في ميدان التربية وعلم النفس وأثرذلك في التطور اللاحق للطفل حمل الكثير من الباحث على دراسة الاتصالابكر ب الأم و<strong>الطفل</strong> وتأثير ذلك في تطور <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما من الدراساتاعروفة في هذا ايدان دراسة كلوز وكينيل (١٩٧٦تناولت زمزت من الأمهات تختلفان في مدة الاتصال ب الأم واولود الجديدفالزمرة الأولى كان لها الفرصة الاعتيادية في الاتصال الجسدي اللمسي ب<strong>الطفل</strong>واتعارف عليها في دور الولادة <strong>بين</strong>ما أعطيت أمهات الزمرة الثانية فرصةساعة إضافية خلال الأيام الثلاثة الأولى من عمر <strong>الطفل</strong>.‏ ثم ت ملاحظةجميع الأمهات بعد شهر أثناء تغذية <strong>الطفل</strong> وناسبة زيارة طبية.‏ لقد أظهرتهذه الدراسة فروقا ب الزمرت فأبدت أمهات الزمرة الثانية سلوكا لطيفا(Klaus and Kennell والتي١٦70


سلوك الأمومة عند الرئيساتتجاه <strong>الطفل</strong> وتبادلا بصريا أكثر من أمهات الزمرة الأولى.‏لقد أشارت الاحظات اللاحقة للتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong> في عمر السنةإلى أن سلوك الأم تجاه طفلها يكون أكثر حنوا له وأكثر اهتماما به فيالزمرة التي أتيحت لها فرصة الصلات الإضافية مع <strong>الطفل</strong> بعد الولادةباقارنة مع الزمرة العادية.‏ إن تكرار هذه الاحظات في عمر السنت أكداستمرار الفروق ب الزمرت‏;‏ وفي عمر خمس سنوات أشارت هذه الدراسةإلى أن استوى الذكائي والقدرات اللغوية يكون أعلى عند الأطفال استفيدينمن فرصة أطول للاتصال مع الأم بعد الولادة.‏إن هذه النتائج حملت كلوز وكينيل على الاقتراح بأن الاتصال الإضافيب الأم وطفلها بعد الولادة كن أن يؤثر تأثيرا إيجابيا في سلوك الأمومةوكن استمرار هذا التأثير عدة سنوات فيما بعد.‏ ففي رأيهما تعتبرالساعات الأولى التي تلي الولادة مرحلة حساسة يجب أن تتوفر خلالهافرصة الاتصال ب الأم و<strong>الطفل</strong> ا كن <strong>الطفل</strong> من تطور أمثل فيمابعد فالنقص في الاتصال خلال هذه ارحلة كن أن يؤثر سلبيا في سياقالتعلق وفي روابط <strong>الطفل</strong> والأم.‏ فارحلة التي تلي الولادة تحتل أهميةخاصة في صياغة سلوك الأمومة.‏ والتجربة خلال هذه ارحلة قد تؤثرعلى ادى البعيد في <strong>العلاقة</strong> مع <strong>الطفل</strong>.‏ لقد كان لهذه الدراسة تأثيرإيجابي هام حيث لفتت الأنظار إلى الأساليب الجامدة اتبعة في دورالولادة التي لا تترك الحرية للأم في أخذ <strong>الطفل</strong> متى تشاء عندما يتمفصله عن الأم دون الإدراك بأن ذلك يؤثر تأثيرا سلبيا في تطور سلوكالأمومة.‏ إلا أن تأثير هذه التجربة على ادى البعيد بقي موضع تساؤلفالكثير من اكتشفات اللاحقة لم تؤكد وجهة نظر كلوز وكينيل فيما يتعلقبتأثير الصلات الأولى في تطور <strong>الطفل</strong> على ادى البعيد.‏لقد وجد واي (Whiten,١٩٧٧) أيضا فروقا ب زمرت من الأمهاتالأولى تستفيد من صلات إضافية بعد الولادة.‏ والثانية تتمتع بصلات‏«عادية»‏ ولكن هذه الفروق تضاءلت في عمر الشهرين.‏ وكذلك الأمر بالنسبةلدراسة ‏(كارلسون)‏ (١٩٧٨;١٩٧٩. al (Carlsson et فالفروق الاحظة بعد الولادةتلاشت بعد ستة أسابيع.‏وفي دراسة أخرى تب أن الصلات الجسدية الإضافية بعد الولادة71


الأمومةتؤثر في تكرار الحديث وسلوك الامسة اوجه إلى <strong>الطفل</strong> خلال الأيامالخمس الأولى وبعدها تقل أهمية هذا التأثير .(١٩٨٣,Eibl-Ebesfeldt) إنهن التسرع الشديد القول بالتأثير الدائم للصلات الجسدية ‏(الامسة)‏‏«الإضافية»‏ بعد الولادة-في علاقات الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ فاعتبار هذه ارحلةمرحلة حرجة في علاقات الطرف ينطوي على بعض ابالغة.‏ فبالرغم منالتأثير اباشر للاتصال الجسدي في تنمية نظام الروابط ب <strong>الطفل</strong> والأمإلا أن هذا النظام على درجة كبيرة من ارونة فإحضار الصغير بعدالانفصال يضمن تطور تعلق قوي عند الأم نحو طفلها.‏إن الفكرة القائلة بأن سلوك العضوية في استقبل سيتحدد من خلالتجربة خاصة في مرحلة معينة لا تصمد أمام اعطيات الحديثة للبحث.‏فالزعم بأن مستقبل علاقة الأم بطفلها كن أن يستشف من خلال معرفةالحوادث التي جرت خلال الساعات الأولى التي تلت الولادة هذا الزعميتعارض مع وذج علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> الذي تبلور في السنوات الأخيرة.‏فيجب النظر إلى علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> كنظام مفتوح يتفاعل داخله <strong>الطفل</strong>والأم ويتأثر تدريجيا الواحد بسلوك الآخر مع الأخذ بع الاعتبار التأثيرالخارجي في هذا النظام.‏أهمية العلاقات الأولى في حياة <strong>الطفل</strong>ما هو مدى تأثير طريقة التعامل مع <strong>الطفل</strong> في اراحل الأولى منالعمر?‏ إن افهوم اتضمن تأثير الأهل العميق على <strong>الطفل</strong> في السنواتالأولى وامتداد هذا التأثير مدى الحياة لا يزال مفهوما واسع الانتشار.‏لقد عبر واطسون (Watson,١٩٥٢) عن هذا افهوم في شيء من التطرف إذزعم بأنه يستطيع أن يجعل من اثنى عشر طفلا أطباء أو محام فنانأو تجارا شحاذين أو لصوصا وذلك بتحديد وتغيير شروط المحيط بغضالنظر عن مدى عبقرية وقدرة هؤلاء الأطفال.‏إنه من الصعب-في وقتنا الحالي-الاقتناع بدقة تحديد خصائص الأطفالعلى الشكل الذي يراه واطسون.‏ إلا أن معظم النظريات اعاصرة تتفق علىأن أصول الجنوح والانحراف ترجع إلى السنوات الأولى من حياة <strong>الطفل</strong>.‏ ولابد من الاعتراف بأن الاعتقاد السائد عند الأهل وعند الكثير من اخملتص72


سلوك الأمومة عند الرئيساتينطوي على التأثير التكويني الدائم للاتصالات الأولى للطفل مع المحيط.‏بالرغم من ذلك يرى ‏(شافر ١٩٨١) بأن هذا افهوم يستند إلى الاعتقاد لا إلىالوقائع لأن التطور البشري أكثر تعقيدا ا يحسبه ادافعون عن هذاافهوم ولا كن تحديده على هذه الدرجة من الجمود.‏ إن اعارف اعاصرةتشير إلى أن التجارب اعزولة لا تترك آثارا دائمة مهما كانت قوتها.‏ فلحسنالحظ كن للتربية أن تؤثر وتعدل في شخصية <strong>الطفل</strong> وسلوكه بالرغم منتعرضه لتجارب سلبية مؤة إذ كن التدخل للتخفيف من أثر هذه التجاربفالاعتقاد بأن الشخصية قد تثبتت بشكل نهائي لا عودة فيه في السنواتالأولى يلغي دور التربية وتأثيرها في تطور <strong>الطفل</strong>.‏ وهذا يعني أيضا أن<strong>الطفل</strong> الذي تجاوز سنواته الأولى دون مشكلات لن يتعرض للخطر فيما بعدمهما كانت التجارب التي سيتعرض لها قاسية ومهما كانت شروط المحيطلأن دعائم شخصيته قد ثبتت»‏ ‏«وتحصّن»‏ واجهة مشكلات استقبل.‏إن ابالغة في تأثير التجارب الأولى ينطوي على خطر مؤكد ويؤديإلى التقليل من أهمية التجارب اللاحقة في التأثير في و <strong>الطفل</strong> وتطوره.‏إن الجهود ابذولة ساعدة أطفال الأوساط المحرومة أثبتت هذاالخطر.‏ فتزويد هؤلاء الأطفال بجرعة من التعلم اناسب قبل ارحلةادرسية ‏(لفترة محدودة فقط)‏ بقصد تعويض ما فاتهم من و إدراكي كانمخيبا للآمال.‏ فسرعان ما تب اضمحلال هذه الجرعة وعدم تأثيرها ايثبت بأن تركيز الاهتمام على مرحلة محددة دون غيرها وعلى تجاربمعزولة لا يؤدي إلى نتيجة تذكر.‏فالتدخل يجب أن يتم بشكل متواصل ويندمج بكامل حياة الفرد كييعطي النتائج ارجوة.‏استمرارية التطورإن الاعتقاد بأهمية التجارب الأولى في تكوين شخصية <strong>الطفل</strong> يستندإلى مفهوم اراحل الحرجة أثناء ال<strong>نمو</strong> ويفترض مراحل ثابتة من التطورعند <strong>الطفل</strong> يكون خلالها شديد الحساسية والتأثر.‏ لقد تأثر ذلك إلى حدكبير فهوم ‏«الانطباع»(‏Imprinting‏)‏ عند العصافير الذي سبقت مناقشته.‏ولكن بعض البحوث أوضحت أن ‏«ارحلة الحرجة»‏ ليست ثابتة الحدود إذ73


الأمومةكن توسيعها وتعديلها حسب التجارب التي تتعرض لها الحيوانات.‏بالإضافة إلى ذلك يتعرض مفهوم ‏«ارحلة الحرجة»‏ إلى انتقاد واسع عندمايتعلق الأمر بالتطور البشري.‏ فمن اؤكد أن الفرد أكثر حساسية في بعضاراحل من تطوره لنوع مع من اؤثرات.‏ إلا أنه من الصعب عزل هذهاؤثرات أثناء تطور <strong>الطفل</strong>.‏ فاؤثرات المحددة لا تصل وحدها بل تندرجفي إطار متصل ضمن شبكة متداخلة من التأثير اتبادل.‏إن <strong>الطفل</strong> الذي يفقد والده مثلا يتعرض إلى جملة متداخلة من اؤثراتيصعب فصل الواحد عن الآخر.‏ فهذا الحدث يؤثر أيضا في حياة الأم اينعكس بدوره على علاقتها ب<strong>الطفل</strong> ومن امكن أن يترافق ذلك بصعوباتاقتصادية تدفع الأم للعمل خارج انزل ورا للبحث عن سكن أقل كلفةوتبني طريقة مختلفة عن السابق في الحياة اليومية فمن الخطأ الاعتقادبأن اشكلة التي يعاني منها <strong>الطفل</strong> تتعلق بنقطة محددة هي فقدانه لأبيهفهذا الحدث ذاته يعتبر حلقة في سلسلة طويلة.‏ إذن يجب الأخذ بعالاعتبار الحوادث اتعددة التي تبعت ذلك والتي كن أن يستمر تأثيرهاطيلة سنوات.‏ وفي دراسة أجريت في إحدى دور الحضانة في لبنان حيثيتضمن نظام التعامل مع الصغار القليل من الاهتمام من قبل الكبار إذيترك الأطفال في السرير طيلة النهار ويندر وجود الألعاب اناسبة في دارالحضانة.‏ لقد تعرض هؤلاء الأطفال نتيجة لذلك لقصور شديد في معدلالذكاء الذي كان في نهاية السنة الأولى أقل من النصف باقارنة مع الأطفالالعادي‏.‏ وبالرغم من ذلك لقد كن بعضهم من التعويض في فترة لاحقةعندما تبنيهم إذ أصبح معدل ذكائهم ٨٥ وارتفع إلى ٩٦ عند الأطفالالذين تبنيهم قبل الثانية من العمر.‏ أما بالنسبة للأطفال الذين بقوا فيدار الحضانة حتى عمر السادسة نقلهم فيما بعد إلى مؤسست مختلفتواحدة للذكور وثانية للإناث حيث كانت هذه الأخيرة استمرارا لدار الحضانةيسودها نظام قاصر وضحل.‏ لقد اتضح أن مستوى الذكاء عند الفتيات بعمر ١٣ سنة هو ٥٤. أي أن الفتيات احتفظن بالقصور طيلة مرحلة<strong>الطفولة</strong> .(Dennis,١٩٧٣) أما اؤسسة الخاصة بالذكور فيسودها نظام مغايرإذ تقدم بعض التسهيلات في مجال اللعب وتوفر اواد التربوية والرحلاتالخارجية ويكون الأطفال أكثر عرضة للمؤثرات.‏ فلقد ارتفع مستوى الذكاء١٢ و74


سلوك الأمومة عند الرئيساتعند ‏«هؤلاء الأطفال إلى ٨٠. وبذلك أمكنهم التعويض باقارنة مع ما كانعليه الحال في نهاية السنة الأولى.‏تب هذه الدراسة أنه بالرغم من الحرمان الاجتماعي والفكري خلال<strong>الطفولة</strong> الأولى كن الأطفال ‏-اتبنون وكذلك الذكور اوضوعون فيمؤسسة غنية باؤثرات - من التعويض في مراحل لاحقة عندما تغيرتشروط المحيط في مجملها.‏ فنتيجة الحرمان ابكر لم تكن غير قابلةللرجعة في اراحل اللاحقة.‏لقد أكد باحثون آخرون نتائج الدراسة السابقة خاصة دراسة كاجان ‏,وكلاينSchaffer) (Kagan and Klein, in التي أشارت إلى أن التأخر والقصور في السنةالأولى أو الثانية كن تعويضه وأن التجارب الأولى بالرغم من شدة وطأتهافي ارحلة نفسها لا تؤدي إلى اذج سلوكية ثابتة وغير قابلة للتغيير.‏إن البحث العلمي الحديث يتجه عالجة التأثير اباشر خملتلف الحوادثالتي يعيشها <strong>الطفل</strong> وأثر العلاقات اخملتلفة في وسطه الاجتماعي وخاصةطبيعة علاقته بالأم في تطور شخصيته ووها دون اللجوء للربط بحوادث <strong>الطفولة</strong> وطبيعة الشخصية عند الكبير.‏ إنه ن اجملدي أثناء دراسة<strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأم تركيز الاهتمام على تأثير كل منهما على الآخرقبل محاولة تحديد الروابط ب تجربة <strong>الطفل</strong> الرضيع وب سلوك الرجلالبالغ.‏75


الأمومة76


الأمومة وسلوك التغذية4 الأمومة وسلوك التغذيةتغذية <strong>الطفل</strong>شهدت الأبحاث اتعلقة في مسألة تغذية <strong>الطفل</strong>تزايدا كبيرا.‏ وساهمت هذه الأبحاث في اتساعمعارفنا عن طبيعة العناصر اخملتلفة وتركيبهاالبيوكيماوي وقيمتها الغذائية بالنسبة للصغيروساهم ذلك مساهمة كبيرة في تحس شروطالتغذية وفي توفير ال<strong>نمو</strong> اناسب للطفل إلا أنمعظم الأبحاث تخلص إلى ما يلي:‏ بالرغم منالتقدم الهائل في صناعة الحليب والأغذية الخاصةبالأطفال يبقى ل الأم أفضل ما كن توفيرهللطفل وأكثر غنى في تركيبه وفي ملاءمته للطفلخاصة في الأشهر الأولى.‏ فحليب الأم لا يفوق فيقيمته الغذائية الحليب الاصطناعي فحسب بلكن <strong>الطفل</strong> من اكتساب اناعة ضد العديد منأمراض <strong>الطفولة</strong>.‏إن إرضاع الصغير يعني قبل كل شيء مسألةعلاقة ب الأم و<strong>الطفل</strong> ويعني تجسيد المحبة التيتكنها الأم لطفلها ووضع هذه المحبة موضع التطبيق.‏وكل ما يشاع من أن إرضاع <strong>الطفل</strong> قد يضعف الأمجسديا ويشوّه صدرها لا يستند إلى أساس منالصحة.‏ بل على العكس فالإرضاع يزيدها نضارة77


الأمومةوإشراقا.‏ فإعطاء الثدي للوليد يعزز شعور الأم بالنجاح والتحقق ويكملدورها كأم ويبعث في نفسها السعادة والحبور ويشعرها براحة الضميروهذا ينعكس على وضعها الجسدي وتوازنها النفسي.‏فالأم ارضع يجب أن تدرك أن إعطاء الثدي في الأشهر الأولى يعتبرعلى قدر كبير من الفائدة بالنسبة للطفل وبالنسبة لها أيضا إذ يلعب دوراهاما في تدعيم العلاقات العاطفية ب الاثن ويساهم في انطلاقة جيدةبالنسبة لهما.‏ فالوضع اتمثل بأخذ <strong>الطفل</strong> بحنو وإعطائه الثدي يعتبرمصدر رضى وسرور جسدي وروحي بالنسبة للأم و<strong>الطفل</strong> معا.‏إن حليب كل نوع من الأنواع يتلاءم وو صغار هذا النوع.‏ فحليب الأمهو أكثر مناسبة للطفل إذ تتناسب مركباته وحاجات <strong>الطفل</strong> خاصة فيالأشهر الأولى.‏ فمحتويات حليب الأم من مواد دهنية وسكرية وأملاح معدنيةوفيتامينات..‏ تتلاءم اما وعضوية <strong>الطفل</strong> وتضعه في مأمن من اضطراباتعسر الهضم.‏ لأنه يتضمن عناصر سهلة للهضم ومساعدة في الدفاع عنالعضوية ضد الأمراض اخملتلفة التي تهدد <strong>الطفل</strong> لذا يعتبر حليب الأمأكثر طزاجة وأطيب مذاقا وأقل كلفة من كل أنواع الحليب.‏بالإضافة إلى ما سبق يعتبر الل رابطة فيزيولجية محسوسة ب <strong>الطفل</strong>والأم وامتدادا لحبل الولادة.‏ فعلاقة <strong>الطفل</strong> بالثدي تحل محل علاقته بحبلالولادة.‏ وخلال اراحل اخملتلفة من الحياة البشرية كان الإرضاع بواسطةالثدي ثل الطريقة الحيوية في تغذية الصغار.‏ إذ كان في ذلك الإمكانيةالوحيدة التي تسمح للطفل بالبقاء.‏ لذا فان قابلية الأم لتغذية طفلها متأصلةجدا وقدا كان من أصعب الأشياء على الأم ألاّ‏ يكون لديها الحليبالكافي لتغذية صغيرها.‏بالإضافة إلى الدور الحيوي للرضاعة في التغذية فهي تأخذ الكثيرمن اعاني الرمزية وتتشكل حولها جملة من الطقوس واعتقدات ومنها مايشير إلى أن الخصائص الوراثية غير مكتملة عند <strong>الطفل</strong> بعد الولادة ومعالحليب كن أن ينتقل إلى <strong>الطفل</strong> شيء ما من خصائص الأم لأن نقلالخصائص لا يتم فقط عن طريق ‏«الدم»‏ بل عن طريق ‏«الحليب».‏ومن هنا تأخذ ارضعة أهمية خاصة في الثقافة العربية فالأمومة لاتقتصر على الحمل والولادة بل تستمر أثناء الرضاعة.‏ إذ تعتبر الأم ارضعة78


الأمومة وسلوك التغذيةبنفس الدرجة كالأم الوالدة حتى أصبحت الرضاعة في ترتيب الاخوةالحقيقية إذ تحرم أكثر اذاهب الإسلامية زواج الأخوين في الرضاع.‏ ومنخلال الأمثال الشعبية كن إدراك أهمية حليب الأم وعلاقة ذلك بالقوةالجسدية لرجل استقبل ‏«فالبطل انقذ»‏ من يرفض الظلم ويقيم العدالةيصفه الناس بأنه قد سبق له أن ‏«شبع من حليب أمه».‏الإرضاع الاصطناعيإن إرضاع <strong>الطفل</strong> منذ ملاي السن بواسطة الثدي حتمته ضرورةالحفاظ على بقاء النوع البشري.‏ أما الآن فتلك الضرورة لم تعد ضرورة إذكنت الصناعة من إيجاد البديل.‏ ليس الهدف من هذا البحث إشعارالأمهات بالذنب وبالتقصير نتيجة عدم إرضاع أطفالهن.‏ فمن حق الأمحرية الاختيار ويجب أن يُحترم قرارها في إتباع الطريقة التي تراهامناسبة لتغذية طفلها.‏ إلا أن الأم الشابة تجهل-في معظم الأحيان الجوانبالإيجابية أو السلبية لكلا الطريقت الطبيعية والصناعية في تغذية <strong>الطفل</strong>وغالبا ما يتخذ القرار بالاستناد لأسباب ثانوية أو لنصيحة أشخاص غيرمؤهل لإسداء النصح في هذا ايدان.‏ فلا بد من اطلاع الأمهات علىنتائج البحث اتعلقة بتغذية <strong>الطفل</strong> كي يتخذ القرار بالاستناد إلى معرفةدقيقة ختلف جوانب اوضوع إلا أن ذلك ليس بالأمر السهل فتعميمالنتائج استقاة من اجملتمعات الصناعية ينطوي على بعض اخملاطر لأنظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية تختلف عنها في العالم الثالث.‏فمثلا لقد انتشرت التغذية الصناعية في اجملتمعات اتطورة دون أن تترافقبالأخطار إلاّ‏ أن الأمر مغاير لذلك في البلدان النامية إذ تعتبر الزجاجةارضعة سلاحا يتا لنسبة عالية من الأطفال وذلك للأسباب التالية:‏١- إن انخفاض الدخل في بلدان العالم الثالث يجعل من سعر الحليب بالنسبةوازنة الأسرة عبئا كبيرا فالتغذية اليومية لطفل في عمر ستة أشهر فيالولايات اتحدة الأمريكية ثل ٦٣% من أجر العامل في مصر وأفغانستان.‏ إن هذا العبء اادي يدفع الأمهات إلى تخفيض اقادير اصطلحعليها بقصد التوفير ا يؤدي إلى نقص كبير في اواد الغذائية اللازمة للطفل.‏٢- إن استخدام الزجاجة ارضعة يحتاج إلى التقيد الدقيق ببعض٥٨% في79


الأمومةالشروط الصحية كالنظافة وتطهير الزجاجة بانتظام بواسطة الغلي.‏ وليسذلك دوما بالأمر اليسير في البلدان النامية ا يجعل الزجاجة مصدراللميكروبات والأمراض.‏٣- إن توفر الإمكانات الطبية في البلدان اتطورة يسمح عالجة الكثيرمن أمراض <strong>الطفولة</strong> الناجمة عن نقص اناعة التي يوفرها حليب الأم.‏<strong>بين</strong>ما لا تسمح هذه الإمكانات بذلك في الدول النامية.‏٤- إن فضائح شركة نستلة في السنوات الأخيرة قدمت مثلا صارخاعلى أن الكثير من الشركات العاية لا تتردد في أن تطرح في أسواق العالمالثالث أنواعا رديئة من الحليب وأحيانا فاسدة وفاقدة الصلاحية.‏ فالعديدمن الشركات اللاهثة وراء الربح لا تكترث بصحة الأطفال خاصة فيالبلدان النامية.‏ لقد ب أحد الأبحاث بأن بعض هذه الشركات كنتحتى من اختراق القائم على الخدمات الطبية.‏ ففي بعض دور الولادةتعطى الأم بعض العقاقير لوقف الإدرار دون أن يؤخذ رأيها ودون أن تعلمبذلك .(Julien,1980,p.٥٥) إن الأسباب الآنفة الذكر حملت منظمة الصحةالعاية على تبني التغذية الطبيعية للأطفال وخاصة في البلدان الناميةوأوصت بعدم اللجوء إلى التغذية الصناعية ّ إلا في الحالات الصحية الخاصةوبعد مراقبة طبية.‏يجب إعلام الأم مبكرا أثناء الحمل وإطلاعها على طريقة تغذية <strong>الطفل</strong>لأن ذلك يحتاج إلى وقت من التحضير النفسي فلقد لوحظ مؤخرا فيالبلدان الصناعية تصاعد نسبة الأمهات اللواتي يرضعن بواسطة الثديفي الأوساط اتعلمة ا يوضح أهمية توعية الأم في هذا ايدان.‏يجب ألا نفهم ا تقدم رفض التغذية الاصطناعية رفضا أعمى.‏فالزجاجة ارضعة لا بد منها عندما يتعذر على الأم إرضاع طفلها لأسبابصحية أو عندما لا يكفي حليبها فلا بد من تدعيم الرضاعة الطبيعيةبواسطة الزجاجة.‏ وبعد عمر (٤ - ٦) أشهر يجب البدء بإدخال عناصرجديدة في تغذية <strong>الطفل</strong> حيث يصبح حليب الأم غير كاف ليحقق ال<strong>نمو</strong>اناسب.‏ وهناك من يرى أن الرضاعة الطبيعية يجب ألاّ‏ تتجاوز مدة ستةأشهر ‏(ارجع السابق)‏ يتوجب بعدها إدخال عناصر غذائية متنوعة تضمنللطفل وا مناسبا في مختلف مراحل تطوره.‏80


٢٠ إلىالأمومة وسلوك التغذيةالإرضاع الطبيعيإن صحة اولود الجديد وكذلك <strong>الطفل</strong> الصغير تتطلب تغذية صحيةوحماية ضد الالتهابات والهجمات ايكروبية.‏ لقد قامت الأم ارضعة بتوفيرذلك عبر قرون طويلة.‏ إلاّ‏ أن إرضاع الصغير البشري-وعلى عكس الكثيرمن الثدييات-يعتبر جزءا من السلوك اتعقم عند ارأة لذا فهو يتأثربالوسط الاجتماعي وبطريقة تحضير أم استقبل وإعلامها بكل ما يتعلقبتغذية <strong>الطفل</strong>.‏ ويتأثر سلوك الأم بتشجيع اجملتمع ومساعدته لها ونظرةالوسط الاجتماعي لدور الرضاعة والطرق البديلة التي يقدمها هذا الوسطلتدعيم الإرضاع الطبيعي أو لتحل محله.‏ إن وجود البديل للإرضاع الطبيعيلم يكن كنا قبل بداية هذا القرن.‏ فلقد كان الإرضاع بواسطة الثديعنصرا أساسيا في عملية الإنجاب والمحافظة على النوع البشري فالمحاولاتالأولى في إيجاد البديل لثدي الأم أدت إلى نتائج سلبية وغير مشجعة.‏ أمابعد الحرب العاية الثانية فقد بدأت نسبة الإرضاع الطبيعي تنخفضبالتدريج نتيجة للتقدم التقني في صناعة الحليب ونتيجة لعمل ارأة خارجانزل على نطاق واسع.‏ لقد ورد في دراسة منظمة الصحة العاية أنالإرضاع الاصطناعي يتزايد باستمرار في بلدان العالم الثالث خاصة فيالأوساط الاجتماعية ايسورة واثقفة.‏ على عكس ما هو الحال في الدولالصناعية-فهناك من ٣٠% من الأمهات يستخدمن الإرضاع بواسطةالزجاجة منذ الولادة في مدن غواتيمالا والفيليب‏.‏ <strong>بين</strong>ما تبقى هذه النسبةمنخفضة في الأوساط الريفية.‏ وتجدر الإشارة إلى أنه في السويد وهنغاريا-‏حيث تتخذ السلطات إجراءات تشجيعية للإرضاع الطبيعي-تبقى نسبة هذاالإرضاع عند مختلف الفئات الاجتماعية أعلى منها باقارنة مع الفئاتالاجتماعية التي تقطن ادن في الفيليب وغواتيمالا.‏ وتشير هذه النتائج إلىأن الإرضاع الطبيعي لا يتعارض مع التنظيم ادني الحديث اتوافق مع توعيةجدية في هذا اجملال.‏الجوانب الإيجابية والسلبية للرضاعة الطبيعيةيعتبر حليب الأم من حيث تركيبه أفضل من الحليب الاصطناعي حيثيهيئ الشروط اثلى ل<strong>نمو</strong> النسيج الدماغي وللوقاية من العديد من أمراض81


الأمومة-١<strong>الطفولة</strong> ومن السمنة.‏ كما أن مخاطر الالتهابات والتلوث بايكروبات تقل فيحالة الإرضاع الطبيعي باقارنة مع الرضاعة الاصطناعية.‏ لقد تأكدت هذهازايا في أبحاث حديثة نسبيا ولكن الفروق لم تكن دائما ذات دلالة قوية.‏أما من الناحية النفسية فإن الفرق ب الطريقت لم يتوضح بشكلقاطع حتى الآن.‏ إلاّ‏ أنه أصبح من اسلم به بأن التلامس الجسدي ب الأموطفلها-والتي تفرضها الرضاعة الطبيعية-‏كن أن يؤثر تأثيرا هاما فيتطور <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما فيما بعد.‏أما سلبيات الإرضاع الطبيعي فأهمها أنه يستوجب حضور الأم في كل رضعة.‏العوامل المؤثرة في الإرضاع الطبيعيمن أهم العوامل اؤثرة في الإرضاع الطبيعي واساعدة في اتباعه هوالوقت الفاصل ب الولادة والرضعة الأولى.‏ فالأمهات اللواتي بدأن بالإرضاعخلال إلى ١٢ ساعة التي تلي الولادة يتزايد عندهن تكرار الإرضاع ومدتهباقارنة مع الأمهات اللواتي بدأن ذلك بعد مضي ١٢ ساعة على الولادة.‏بالإضافة إلى ذلك فمان إبقاء اولود في غرفة الأم يترابط مع تزايدفي تكرار الإرضاع ومدته فحضور الصغير يعتبر ثابة اؤثر الذي ينشطالإدرار ويسهل عمل الغدد.‏ويترافق إعطاء الثدي حسب طلب اولود عند إعلانه الجوع مع إدرارأغزر ومع مص أقوى من قبل الرضيع.‏ فالأمهات اللواتي يعط الثدي عندالطلب يتابعن الإرضاع مدة زمنية أطول من اللواتي يعطينه في ساعات محددة.‏وتجدر الإشارة إلى أن خصائص أسرة الأم قد تؤثر في الإرضاع ويشاعأن الأمهات اللواتي ينتس إلى أسرة كبيرة العدد كن أن يعط الثديبنسبة أكبر من اللواتي ينتس إلى أسر صغيرة.‏ إلا أن نتائج البحث لمتؤكد هذا القول الذي يستند إلى الفكرة القائلة بأن ارأة التي تعيش فيوسط عائلي محدود العدد تفتقد الدعم والتشجيع الذي يساعدها علىتحضير نفسها همة الإرضاع.‏ وكن تحديد بعض العوامل الأخرى التيتؤثر في طريقة الإرضاع:‏استوى التربوي:‏إن النتائج اتعلقة باستوى الثقافي-التربوي للأم تختلف حسب بلد82


٢١ إلىالأمومة وسلوك التغذيةالدراسة.‏ ففي البلدان الصناعية ‏(السويد بريطانيا الولايات اتحدةالأميريكية)‏ يرتبط استوى التربوي بشكل إيجابي مع الإرضاع الطبيعيحيث ترتفع نسبة الإرضاع مع ارتفاع استوى الثقافي-التربوي للأمهات.‏<strong>بين</strong>ما يكون الأمر معكوسا في البلدان النامية إذ تقل نسبة ارضعات فيالأوساط اتعلمة.‏ توضح هذه الظاهرة أن الأنظمة التربوية في البلدانالصناعية تأخذ بع الاعتبار الأهداف الصحية وتسهم في إعداد الفردإعدادا مناسبا <strong>بين</strong>ما لا يؤخذ ذلك مأخذ الجد في البلدان النامية.‏٢- عمر الأم وترتيب <strong>الطفل</strong> بالنسبة للأخوة والأخوات:‏إنه من اعتقد بأن فعالية الإدرار تكتمل-كغيرها من الجوانب اتعلقةبالإنجاب-قبل عمر العشرين سنة وتطرح اشكلة بصورة حادة إذا علمنابأن نسبة (٧٢%) من الولادات الأولى في بعض بلدان العالم الثالث تحدثقبل أن تبلغ الأم الثامنة عشرة من العمر حيث ترتبط هذه اشكلة-إلى حدبعيد-بوضع ارأة الثقافي والاجتماعي ‏(التنير ١٩٨٣). إن الأبحاث التيتناولت هذه اشكلة تقتصر على اجملتمعات الصناعية دون غيرها ونحن لانعرف الآثار اترتبة على الإنجاب ابكر.‏ فما يسمى في الغرب شكلةأمومة اراهقات تختلف عن مشكلة الإنجاب ابكر في مجتمعاتنا.‏ إلاّ‏ أنالقاعدة اشتركة لهذه الظاهرة هي عدم نضج الأم وعدم قدرتها على ارسةأمومتها وتحمل مسؤولية مولود جديد وتربيته وإعداده بطريقة مناسبة.‏تقوم القابلة ‏(الداية)‏ المحلية بدور هام في ميدان الرضاعة الطبيعيةفهي تشرف على الولادة وتعمل على عزل الأم و<strong>الطفل</strong> معا دة تتراوح ب٤٠ يوما تلجأ خلالها الأم مع طفلها إلى الراحة والسكينة ا يوفرلهما فرصة التفاعل معا وتقوم القابلة خلال هذه الفترة بزيارة الأم يومياوتشرف على العناية ب<strong>الطفل</strong> وتقوم ساعدة الأم.‏ وتكون الداية مصدراللثقة والطمأنينة بالنسبة للأم الشابة قليلة الخبرة فهي تساعدها علىاضي قدما بدورها الأمومي وخاصة في تأسيس الرضاعة وإنجاحها‏(اصدر السابق).‏إلاّ‏ أن الأم-في حالة الإنجاب ابكر-غالبا ما تكون منفعلة لا فاعله.‏تعتمد إلى حد كبير على ذوات الخبرة والتجربة ن يحطن بها.‏ وهذا مايترك بعض الآثار السلبية وينعكس على أمومتها فهي يل إلى تقليد83


الأمومةبعض أاط السلوك الثابتة غير الائمة عند تعاملها مع الصغير إن هذهاشكلة تستلزم جهودا كبيرة على الصعيدين التربوي والتشريعي وذلكبتوعية الناشئة للجوانب السلبية للزواج والإنجاب ابكرين وسن التشريعاتوالقوان التي تحدد سن الزواج بعد بلوغ الثامنة عشرة على الأقل.‏إن الإرضاع الطبيعي للطفل الأول على درجة بالغة من الأهمية لأناحتمال الإرضاع يكون قويا جدا لدى الأم التي أرضعت طفلا سابقا(Garballo,١٩٨٠) ويقل هذا الاحتمال عند الأم التي لم ترضع طفلها السابق.‏فالتجربة ضرورية قبل الوصول إلى قمة الأداء.‏ فالأم التي لا ترضع طفلهاالأول يندر أن ترضع الأطفال الآخرين.‏٣- استوى الاقتصادي الاجتماعي:‏من اؤسف بأننا لا لك إحصاءات عن العالم العربي تتعلق بطرقتغذية <strong>الطفل</strong>.‏ ونخشى أن يكون الأمر مشابها ا هو عليه الحال في بعضبلدان العالم الثالث حيث ترتفع نسبة الإرضاع الاصطناعي في الأوساطالاجتماعية ايسورة في الفيلب وغواتيمالا وأثيوبيا مثلا.‏ وترتفع هذهالنسبة كذلك عند الأمهات اللواتي يلدن في استشفى أو في دار التوليدباقارنة مع الأمهات اللواتي يلدن في انزل.‏ويعتقد بأن انتشار الطرق الاصطناعية يعبر عن الانتماء الاجتماعيوعلى القدرة االية التي تسمح ‏«بالتمد ‏ّن»‏ واستهلاك اواد الصناعية استوردةوبالتالي ‏«الارتقاء»‏ في السلم الاجتماعي الاقتصادي.‏- ٤ الإعلام والضغط الدعائي:‏إننا نعيش في عصر الإعلام الذي يغزو أدمغة البشر صغارا وكباراصباحا ومساء.‏ وكل منا يعرف كيف تقدم الدعاية أغذية الأطفال بطرقجذابة وكيف تربط ب صورة <strong>الطفل</strong> الجميل ذي الحيوية والنشاط وبهذا النوع أو ذاك من الحليب اصنع.‏ فالدعاية تشحذ الرغبة للاستهلاكوتحمل ارء على تغيير سلوكه لأسباب غير موضوعية.‏ وتقوم الشركاتانتجة بتقد اذج ‏«مجانية»‏ من منتجاتها لدور الولادة.‏ فتبدأ الأم باستعمالنوع محدد من الحليب ‏«اجملاني»‏ في الأيام الأولى لتجد نفسها مرغمة علىشرائه فيما بعد ويصعب على الأم الشابة أن تقاوم وسائل الضغط الإعلامياتنوعة في غياب التوعية القائمة على اعرفة الحقيقية بطرق تغذية <strong>الطفل</strong>.‏84


الأمومة وسلوك التغذية- ٥ إخفاق الأم في إرضاع طفلها بشكل كاف:‏لقد <strong>بين</strong>ت إحدى الدراسات أن ٤٣% من الأمهات اللواتي يخترن إرضاع<strong>الطفل</strong> بواسطة الثدي يتوقفن عن ذلك قبل عمر (١٥) يوما وذلك بسببالفشل في تغذية الصغير كما أثبتت ذلك فرانسواز جوليان ١٩٨٠,Francoise).(Julien وترى هذه الباحثة أن أسباب الفشل تعود إلى أن دور الولادة بالرغممن فعاليتها من الناحية التقنية وتجهيزها بأحدث الوسائل والإمكاناتتفتقر إلى معرفة دقيقة بالعوامل اؤثرة في سلوك الأمومة ففصل <strong>الطفل</strong>عن الأم بعد الولادة وعزل الصغير ومنع الأم من سه يؤثر في الإدرار وفيانتظام عملية الرضاعة الطبيعية وخاصة في الأيام الأولى بعد الولادة.‏إن عزل الصغير بقصد حمايته من ايكروبات يجب أن لا يؤدي إلى منعالتبادل ب <strong>الطفل</strong> والأم وبالتالي إلى عرقلة الرضاعة الطبيعية.‏لقد كنت هذه الباحثة من جمع الكثير من الشهادات من أمهات يرغفي إرضاع أطفالهن إلاّ‏ أن جهل القائم على دور الولادة بأهمية هذهاسألة أدى إلى تعطيل هذا الدور.‏ فالكثير من اواقف الجامدة والكثيرمن النصائح اغلوطة تأخذها الأم وكأنها حقيقة وذلك لصدورها عمنيرتدي الثوب الأبيض ثوب ‏«الطب والعلم».‏إن تدارك اشكلة يجب أن يستند إلى سياسة تسهل على الأم ارضعالقيام همتها وذلك عن طريق تربية الكوادر القادرة على مساعدة الأموإعادة النظر في تأهيل الكوادر الصحية بحيث تستوعب أبعاد اشكلةوأهميتها.‏ ولا بد من سن التشريعات والقوان التي كن الأم من التفرغلأمومتها دة لا تقل عن ستة أشهر.‏ إن في تجربة السويد مثلا يجب أخذهبع الاعتبار إذ تصل نسبة الأمهات ارضعات إلى (٩٤%). ويعود الفضلفي هذه النسبة ارتفعة إلى البرنامج اكثف الذي وضعته ونفذته السلطاتالسويدية في توعية كافة القطاعات العاملة في الصحة والتربية والشؤونالاجتماعية حول أهمية الرضاعة الطبيعية.‏وفي دراسة أخرى ل سنو (١٩٧٩ al, (Snow et تب أثر تشجيع القائمعلى دور التوليد للأم في مدة الرضاعة الطبيعية.‏ فالأمهات الإنجليزياتيرضعن مدة أطول من الأمهات الأانيات ويعزى ذلك إلى أن دور التوليدالإنجليزية تشجع الرضاعة الطبيعية وهذا ما يفسر رغبة الأمهات في85


الأمومةالإرضاع دة ستة أشهر.‏ <strong>بين</strong>ما لا تتجاوز هذه ادة عدة أسابيع بالنسبةللأمهات الأانيات حيث لا تشجع دور التوليد مسألة الرضاعة الطبيعية.‏فيزيولوجية الرضاعة١- إفراز الحليب:‏إن الثدي هو غدة تفرز الحليب وعضلة قابلة للدفع نحو الخارج في آنواحد.‏ وتعتمد بداية إفراز الحليب على سياق هرموني لا يخطئ إذ يحدثهذا الإفراز تحت تأثير البرولاكت (١) .(Prolactine) وجميع النساء يفرزنالحليب بعد الولادة ولكي يحصل صعود الحليب بشكل مناسب لا بد منوضع <strong>الطفل</strong> على الثدي وحدوث ذلك يرتبط-إلى حد بعيد-بحضور <strong>الطفل</strong>وبحاجته للرضاعة وفعالية رضعاته وقوتها.‏ إن علامات الرضى التيتلاحظها الأم عند <strong>الطفل</strong> أثناء الرضاعة تشجع إفراز ازيد من الحليب.‏ويترتب على الأم أن تتخذ ابادرة وتبدأ الخطوة الأولى لتهيئ نفسهاوصغيرها للرضاعة.‏ وذلك على عكس الأمر عند الكثير من الكائنات الأخرىحيث يقوم الصغير بالبحث عن الحلمة مستعينا بالرائحة للوصول اوفقإلى الهدف فالرضاعة الناجحة تستلزم أن يتمكن الصغير من أن يجدالثدي وصه بعد الولادة مباشرة ويكون ذلك كنا عندما تتقبله الأموتوفر له الفرصة لذلك.‏ وكلما وضع <strong>الطفل</strong> مبكرا على الثدي كلما ساعدذلك في صعود الحليب وانتظام عملية الرضاعة.‏ بالإضافة إلى ذلك فإنللرضعات الأولى أهمية خاصة لكون الحليب بعد الولادة يحتوى على نسبةعالية من الكولوستروم (Colostrum) ويكون حليب الأم اصدر الوحيد لذلكوهو ذو أهمية خاصة لإحتوائه على كميات كبيرة من اركبات (Y.G.A) التيتساعد على تقوية الأمعاء وتحصينها.‏ وفي غياب هذه اركبات تكون أمعاء<strong>الطفل</strong> عرضة لاختراق الفيروسات وايكروبات ا يؤدي إلى إصاباتعديدة وإلى ظهور أعراض الربو والأكزا في بعض الأحيان.‏ ف<strong>الطفل</strong> لايتمكن من تكوين هذه اركبات عزل عن حليب الأم قبل عمر خمسة أشهر.(Julien,F.١٩٨٠,)أما بالنسبة للأم فاص ابكر للحلمات بعد الولادة يؤدي إلى تقلصاترحمية تحد من استمرار النزف.‏86


الأمومة وسلوك التغذيةإن استمرار إفراز الحليب في الأسابيع الأولى يعتمد على البرولاكتحيث يؤدي مص حلمة الثدي إلى تنشيط الأجزاء الدماغية التي تعمل علىإفراز البرولاكت الذي يساهم بدوره مساهمة أساسية في استمرار الإدراروغزارته.‏ وتحدد كمية الحليب افرزة حسب ‏«طلب»‏ <strong>الطفل</strong>.‏ فدرجة جوع<strong>الطفل</strong> تحدد فعالية رضعاته وقوتها وهذا يؤدي بالتالي إلى دفع الأم إلىالإدرار.‏ ف<strong>الطفل</strong> يساهم بإنتاج غذائه بنفسه بواسطة رضاعة الثدي.‏ فهوإذن يلعب دورا فاعلا في عملية إنتاج الحليب ولا بد من إرضاعه بتكراروانتظام لكي يستمر الإدرار.‏ إن ذلك يب مدى خطورة الفصل ب الأموطفلها في اضطراب آلية الإدرار.‏٢- دفع الحليب:‏يدفع الثدي الحليب بشكل نشيط أثناء الرضاعة.‏ وتتم إثارة هذه العمليةتحت تأثير اص من قبل <strong>الطفل</strong>.‏ إن دفع الحليب يرتبط بالعوامل النفسيةوالحسية والعاطفية التي تحيط بالأم و<strong>الطفل</strong> ‏(اصدر السابق)‏ ويتعلقذلك نعكس عصبي هرموني إذ تنشط اؤثرات الإيجابية إفراز هرمونالأوسيتوسtocine-‏)‏ Ocy) وبالتالي دفع وضخ الحليب;‏ ومن هذه اؤثراترؤية <strong>الطفل</strong> وصرخاته وسلوكه اعبر عن الجوع.‏ ولكن اؤثرات السلبيةكن أن تلعب دورا معاكسا فالألم والقلق أو الخوف من عدم توفر الحليبكن أن يؤدي إلى منع منعكس الضخ-أو الدفع-عن العمل وذلك بالرغم منالرضاعة الفعالة للطفل.‏ من هذا تبدو أهمية مساعدة الأم وطمأنتها حولقدرتها على إرضاع طفلها.‏ فهذه النقطة غالبا ما يتم تجاهلها في استشفياتالحديثة وكما تقول فرانسواز جوليان ‏(ارجع السابق)‏ إن موقف الفريقالذي يشرف على العناية في دور الولادة الحديثة يتناقض مع القواعدالأساسية لفيزيولوجية الرضاعة.‏٣- الأداء في الرضاعة:‏يرتبط مستوى الأداء في الرضاعة بشروط التغذية وبعوامل فيزيولوجيةعديدة.‏ ففي الأسابيع الأخيرة من الحمل تختزن ارأة كمية من الطاقةتعمل كاحتياطي في حالة الحرمان افاجئ من الغذاء وتكون الأم ارضعةأقدر من الأم التي لا تغذي طفلها بالثدي على التخلص من هذا اخملزونوالعودة إلى الحالة الجسدية التي سبقت الحمل.‏ إن الدهن اخملتزن يتحول87


الأمومةإلى طاقة في الحليب وكذلك تحول طاقة غذاء الأم إلى حليب بكفاءةعالية وهذا يفسر قدرة الأم على إرضاع طفلها وإشباعه رغم سوء التغذيةالتي قد تعاني منها.‏بالإضافة إلى ذلك تنخفض قدرة ارأة على الأداء مع التقدم في السنونتيجة لطول ادة الزمنية الفاصلة ب النضج عند البلوغ وقيام الغدةبوظيفتها بعد الولادة.‏ كما تؤثر التجربة في الرضاعة حيث يكون الإرضاعفي ارة الثانية والثالثة أكثر نجاحا من ارة الأولى.‏وتجدر الإشارة إلى أن الأم التي تتفاعل مع صغيرها رح وحبور تكون أكثرنجاحا في إرضاع طفلها.‏ فالثقة بالنفس والشعور بالسرور والرضى والبيئةافعمة بالتعاطف والصداقة تعزز وتشجع تطور عملية الرضاعة.‏الإخفاق في سلوك الإرضاعيجب أن يتم إعداد الأم للإرضاع في ارحلة التي تسبق الولادة.‏ وذلكساعدتها وإقناعها بتكوين اتجاه إيجابي نحو الرضاعة الطبيعية.‏ ففرصالنجاح في الإرضاع الطبيعي تتزايد عندما تكون لدى الأم رغبة حقيقيةبذلك حيث تب إحدى الدراسات أن ٧٤% من الأمهات ذات الاتجاه الإيجا<strong>بين</strong>حو الرضاعة الطبيعية يتوفر لديهن الحليب الكافي بعد خمسة أيام منالولادة وذلك مقابل ٣٥% من الأمهات اللواتي لا تلكن مثل هذا الاتجاه‏(التنير ١١٨). وتكون هذه النسبة ٢٦% ب الأمهات ذوات الاتجاهالسلبي.‏ وكن أن يرجع الإخفاق في سلوك الإرضاع إلى الأسباب التالية:‏١- تأخر الرضعة الأولى:‏ من أهم الأسباب التي كن أن تؤدي إلىالفشل في تحقيق الإرضاع تأخر الرضعة الأولى خاصة في دور الولادةالحديثة حيث ينتزع <strong>الطفل</strong> من أمه بعد الولادة إذ تعتبر الأم الشابة-من قبلالقائم على هذه الدور-جاهلة ا يتعلق بالعناية بأمر <strong>الطفل</strong>.‏ وغالبا ماتفرض عليها قواعد صارمة تتعلق بحريتها بحمل <strong>الطفل</strong> أو إرضاعه وماعليها إلاّ‏ الإذعان.‏ إن هذا الأمر على غاية من الأهمية من الناحية النفسيةإذ يفقد الأم الشابة ثقتها بنفسها وقدرتها على تأم العناية والأمن لطفلهاوهذا ما يؤثر سلبا في الإرضاع.‏ لذا يجب إعادة النظر في تأهيل القائمعلى شؤون الولادة.‏ فإنه من اللازم مساعدة الأم ودعمها في هذه ارحلة١٩٨٣ ص88


الأمومة وسلوك التغذيةالصعبة على الصعيدين الجسدي والنفسي.‏ ويجب أن تسهم هذهاساعدة في تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على ارسة دورها كأم وعدمإشعارها بانتزاع هذا الدور.‏إن تأخير إعادة <strong>الطفل</strong> إلى أمه كي ترضعه غالبا ما يؤدي إلى اضطرابالسياق الذي يسهل انطلاقة سلوك الإرضاع.‏ فلقد أوضحت دراسة الدكتوركاربالو (Carballo,١٩٨٠) بأن نسبة الإرضاع الطبيعي عند الأمهات اللواتييلدن في دور الولادة تكون منخفضة باقارنة مع الأمهات اللواتي يلدن فيانزل.‏ فالانتظار كي تتمكن الأم من تجاوز الإرهاق الناجم عن الولادة قبلإعطائها <strong>الطفل</strong> قد يلعب دورا سلبيا في سلوك الإرضاع الذي يجب تحقيقهفي أبكر وقت كن بعد الولادة.‏ومن اعروف عدم وجود الحليب في الأيام الأولى التي تلي الولادة.‏ ومنالخطأ القول للأم ‏«ليس لديك حليب»‏ فقد يؤدي ذلك إلى تلاشي سلوكالإرضاع الذي يعتبر في بداياته.‏ وتتطلب الرضعة الأولى تنسيقا كاملا بسلوك الأم وسلوك <strong>الطفل</strong> ف<strong>الطفل</strong> لديه غريزة البحث وإيجاد حلمة الثديثم مصها في الساعة الأولى التي تلي الولادة .(Odent,١٩٧٩) فلا بد إذن منتهيئة الشروط التي تسمح للأم و<strong>الطفل</strong> بتحقيق ذلك.‏٢- الإرضاع في ساعات محددة:‏ لقد أشار الكثير من اخملتص إلىسلبيات الإرضاع في ساعات ثابتة ومحددة.‏ ففي البداية وقبل أن تتمعملية صعود الحليب بشكل كامل ‏«يجب أن يكون الهدف هو تأم إفرازالحليب وتنشيطه ولتحقيق ذلك يجب عدم اتباع قاعدة جامدة.‏ فالإفرازأو الإدرار يرتفع بارتفاع عدد ارات التي يوضع فيها <strong>الطفل</strong> على الثديوبقدر ما يفرغ الثدي في كل رضعة.‏ فيجب إذن إعطاء الثدي للطفل في كلمرة يعلن عن ذلك.‏ ومن الأفضل أن تكون الرضعات قصيرة ويجب أنتتوقف عند توقف <strong>الطفل</strong> من أخذ الثدي ‏(اصدر السابق).‏فبقدر ارتفاع الامتصاص عند <strong>الطفل</strong> يرتفع الإدرار عند الأم.‏ فغددالإدرار تستجيب لطلب <strong>الطفل</strong> وحاجته.‏ وهذا افهوم غير معروف حتى فيالكثير من الأوساط الصحية العاملة في دور الولادة.‏ فمن الواجب شرحهذا السياق لكل امرأة تنتظر طفلا خاصة قبل الولادة الأولى.‏٣- وزن الرضعات وإضافة الحليب الاصطناعي:‏ لقد درجت العادة في89


الأمومةدور الولادة على وزن <strong>الطفل</strong> قبل الرضاعة وبعدها عرفة نصيبه من الحليبوالتحقق ا إذا كان قد رضع ما فيه الكفاية.‏ إن <strong>الطفل</strong> حسب رأي اخملتصيجب أن يرضع ٦ مرات في اليوم خلال الأيام الثلاثة الأولى.‏ ويجب أنيكون مقدار الرضعة في اليوم الأول (١٠ غ)‏ ويرتفع إلى (٢٠ غ)‏ في اليومالثاني ثم إلى (٣٠ غ ( في اليوم الثالث.‏ وغالبا ما يعطى حليب الزجاجة إذالم يأخذ <strong>الطفل</strong> ما ‏«يجب»‏ أخذه ويتم تحذير الأم إذا أخذ <strong>الطفل</strong> أكثر ا‏«يجب»‏ إن التطبيق الحرفي الجامد لهذا افهوم قد ينعكس سلبا علىسلوك الإرضاع الطبيعي ف<strong>الطفل</strong> قد يرغب أحيانا في أخذ بضع غراماتأكثر أو أقل ا يحدده له ‏«اخملتص»‏ ويتم تأنيب الأم إذا أخذ <strong>الطفل</strong> بعضالغرامات زيادة عما يستحق أو يتم إعطاؤه حليب الزجاجة إذا نقص عليهبعض الغرامات.‏ وإن ذلك كن أن يؤدي إلى اضطراب الإرضاع إذ تتفاوتالرغبة في الرضاعة ب طفل وآخر فلا نستطيع أن نتصّور أن <strong>الطفل</strong>الذي يزن (٤ كغ)‏ سيكتفي بنفس الكمية التي يأخذها من يزن (٢ كغ).‏فيجب التريث وارونة كي يتم السماح لسلوك الإرضاع الطبيعي بالتحققإذ ساهم هذا السلوك بالمحافظة على النوع البشري وبتغذية الصغار منذفجر الإنسانية.‏ فالتقدم العلمي والتقني يجب أن يدعم هذا السلوك ويساعدهعلى التحقق ا فيه خير الأم و<strong>الطفل</strong>..‏ فاراقبة الطبية لاستدراك الحالاتالخاصة والنادرة التي تحتاج إلى تدخل هام يجب ألاّ‏ يعرقل الانطلاقةالصحيحة لسلوك الإرضاع.‏٤- استخدام الأجهزة في سحب حليب الأم:‏ لقد تطبيق هذه ‏«التقنية»‏حديثا في بعض دور الولادة وتقوم على سحب الحليب قبل صعوده بواسطةآلة كهربائية وذلك بقصد ‏«تسهيل»‏ صعود الحليب.‏ وأحيانا بقصد التخفيفمن آلام الأم في حالة صعود الحليب.‏إن هذه العملية تلغي دور <strong>الطفل</strong> وتعطل انعكسات الطبيعية التي تؤديإلى الإرضاع وغالبا ما تؤدي إلى عكس النتيجة انتظرة.‏الملاحظات التي يجب مراعاتها في الرضاعة١- يجب حماية <strong>العلاقة</strong> ابكرة ب <strong>الطفل</strong> والأم وعدم فصلهما بعدالولادة إلاّ‏ لأسباب صحية جدية.‏ فوجود <strong>الطفل</strong> بالقرب من أمه يساهم في90


الأمومة وسلوك التغذيةإقامة التفاهم اتبادل <strong>بين</strong>هما فهو سيرضع ويعرف كيف يعلن عن جوعهفهو يرفع رأسه ويستنشف بواسطة أنفه ويحرك شفتيه وإذا لم يلبّ‏ طلبهيبدأ بالصراخ.‏ وسرعان ما تدرك الأم معنى هذه الإشارات ويبدأ الاتصالبالتعابير والرموز ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏٢- إن فعالية منعكس اص عند <strong>الطفل</strong> تكون في أوجها خلال الساعاتالأولى من حياته.‏ وتبدأ هذه الفعالية بالهبوط اعتبارا من الساعة السادسةبعد الولادة ولا تعود إلى فعاليتها السابقة قبل٣- إن <strong>الطفل</strong> الذي يبدأ بالرضاعة الطبيعية سيجد التوازن الغذائيخلال عدة أيام أو عدة أسابيع على أن يعطى الثدي عند الطلب.‏ ويجبعدم إرغامه على الرضاعة مهما كانت طريقة تغذيته وعدم إيقاظه لهذاالغرض بل يجب إعطاؤه الغذاء عندما يعلن عن ذلك.‏ فعدد الرضعاتوانتظامها يحددها <strong>الطفل</strong> بحسب حاجته لا بالاستناد إلى توقيت محدد.‏وهذا يتطلب ارونة في وقت الرضاعة مع محاولة جعل ادة الفاصلة بالرضعة والأخرى تتراوح ب الساعت والساعت ونصف على الأقل فذلكيساعد على انتظام هضم <strong>الطفل</strong> ونومه.‏ إلا أنه ليس من افيد إيقاظ<strong>الطفل</strong> حتى بعد ٦ ساعات من النوم بقصد إرضاعه.‏ فحاجة <strong>الطفل</strong>العضوية وتوقيت إعلانه عن هذه الحاجة كن أن يكون مقبولا مع محاولةالتعديل الخفيف والتدريجي امتد طيلة أسبوع بحيث تتركز معظمالرضعات في النهار.‏- ٤ إن عدد الرضعات يتغير من طفل إلى آخر ويتراوح من٤٨ ساعة .(Thirion,١٩٨٠)٤ إلى ٨٥ أورضعات في ال ٢٤ ساعة والكثير من الصغار يأخذون ٦ رضعات تقريبا.‏ إلاأن هذا كن أن يتغير من يوم إلى آخر.‏ وتتغير مدة الرضعة الواحدة عندالأطفال ويجب أن تتصف بارونة مع محاولة ديدها من (١٠ دقائق)‏ إلى(٣٠ دقيقة)‏ لعدم إرهاق الأم.‏ ويجب أن يترك تحديد كمية الحليب اأخوذةفي كل رضعة للطفل وأن تحدد الأم إعطاء الثدي الواحد أو الاثن معا فيكل رضعة وذلك حسب عمر <strong>الطفل</strong> وغزارة الإدرار.‏إن ارونة اطلوبة في عدد الرضعات اليومية ومدتها وكمية الحليباأخوذة من الثدي-لا تعني غياب اراقبة واليقظة.‏ فالطريقة الأفضل راقبةغذاء <strong>الطفل</strong> هي ملاحظة سلوكه فإذا نام بعد الرضاعة بانشراح وهدوء91


الأمومةمن ساعت إلى ثلاث ساعات كن الاطمئنان إلى أن تغذيته صحيحة.‏الصعوبات التي يمكن أن تواجهها الأم في بداية الإرضاعبالرغم من أن الإرضاع عمل طبيعي وسهل ّ إلا أنه ينطوي على بعض الصعوباتخاصة في البداية.‏ إن هذه الصعوبات قد تكون السبب في توقف الأم عن إعطاءالثدي واستبداله بالزجاجة.‏ وكن إيجاز هذه الصعوبات ا يلي:‏أولا:‏ الإخفاق في إعطاء الثدي للطفل عندما يظهر علامات الجوعوتقوم الأم بإعطائه الثدي فيرفض ذلك.‏ فقد لا يتمكن من التقاط الحلمةأو يرفض اص.‏ وأحيانا كن للطفل أن يرضع بعض اللحظات ثم يلقيبرأسه إلى الخلف بعيدا عن الثدي ويترافق ذلك بالبكاء والصراخ بعصبية.‏وفي هذه الحالة يجب عدم الإلحاح في محاولة إقناع <strong>الطفل</strong> بأخذ الثديلأن ذلك قد يؤدي إلى تعقيد الأمر لدى <strong>الطفل</strong> ولدى الأم وبالتالي إلىالإخفاق في الإرضاع.‏ وحيال هذا الوضع يجب اتخاذ الاحتياطات التالية:‏- عدم وضع أي شيء على الثدي ف<strong>الطفل</strong> مرهف الحساسية لرائحةالثدي وكنه بواسطتها التعرف على الحلمة ووجود رائحة أخرى قديؤدي إلى اضطراب هذه العملية.‏- يجب أن يكون <strong>الطفل</strong> حرا طليقا في حركاته غير مثبت في وضعجامد.‏ بل يجب دعمه رونة وحنو.‏ كما يجب أن يكون تنفس <strong>الطفل</strong> أكثرانتظاما في حالة الرضاعة الطبيعية باقارنة مع الرضاعة بواسطة الزجاجة‏(التنير- عندما لا يرغب <strong>الطفل</strong> في اص.‏ يجب عدم إرغامه على ذلك وتركهبالقرب من صدر الأم دون محاولة متابعة الإرضاع ا يؤدي إلى استكانتهوهدوئه.‏- عدم إعطائه الزجاجة في حال صعوبة الإرضاع لأن في إمكانهالحصول على حليب الزجاجة بسهولة مفرطة وتعود <strong>الطفل</strong> على ذلك قديدفعه للاستمرار في رفض حلمة الثدي.‏- يجب أن تدرك الأم أن الإخفاق في الإرضاع مرة أو عدة مرات ليسمسألة كبيرة الأهمية فمن امكن للطفل بعد فترة من الراحة والهدوء أنينجح في أخذ الثدي وما يحتاجه من الغذاء.‏ فلا بد من الانتظار بعض.(١٩٨٣92


الأمومة وسلوك التغذيةالوقت والتحلي بالهدوء والطمأنينة وعدم إظهار القلق.‏ثانيا:‏ البطء في صعود الحليب:‏ بالرغم من اص بفعالية تستمر معاناة<strong>الطفل</strong> من الجوع لأن الحليب يصعد ببطء شديد.‏ إن السبب الأساسي فيذلك غالبا ما يكون طريقة الإرضاع غير اناسبة.‏ التأخر في إعطاء الثديبعد الولادة وقلة عدد الرضعات قد يؤدي إلى هذه الأعراض وكن تلافيذلك ضاعفة عدد الرضعات;‏ وتنصح الأم بالراحة وبالشرب اتزايدوبتجنب القلق لأنه يؤثر أيضا في عرقلة فيزيولوجية الرضاعة.‏وفي حال استمرار هذه الظاهرة بعد اليوم الرابع كن إكمال الإرضاعالطبيعي باستخدام الزجاجة بعد كل رضعة بحيث كن للطفل أن يأخذ مايحتاجه.‏ وكن استخدام ذلك في مرحلة انتقالية ريثما تتزايد كمية الإدرار.‏وعندما يشبع <strong>الطفل</strong> عن طريق الإرضاع الطبيعي سيرفض بطبيعة الحالالرضاعة من الزجاجة.‏ثالثا:‏ الإرهاق الذي تعاني منه الأم:‏ تتعرض الأم لحالة من التعب خاصةإذا تعرضت لبعض التعقيدات أثناء الولادة.‏ إلا أن ذلك لا نع الإرضاعفيجب مساعدة الأم لتجاوز هذه ارحلة الصعبة وتشجيعها لاستعادة قواهاالجسدية واعنوية.‏رابعا:‏ الصعوبة في استيقاظ <strong>الطفل</strong>:‏ قد تكون الصعوبة في استيقاظ<strong>الطفل</strong> سببا في اضطراب الإرضاع وكن تجنب هذه اشكلة لأنها غيرقائمة في حال حصول <strong>الطفل</strong> على الكمية اللازمة ل<strong>نمو</strong>ه وا عاديا بالرغممن أخذه ثلاث أو أربع رضعات فقط.‏ ففي هذه الحالة يجب عدم القلقواحترام حرية <strong>الطفل</strong> في النوم والرضاعة طاا أنه يأخذ في عدد قليل منالوجبات كمية الحليب اللازمة ل<strong>نمو</strong>ه وا سليما.‏ أما في بعض الحالاتالنادرة وخاصة عند الأطفال اولودين قبل الأوان وعندما ينام <strong>الطفل</strong> بشكلمفرط ولا يستيقظ فرده ويعاني من توقف منحنى ال<strong>نمو</strong> يجب تدخلالطبيب عالجة كل حالة فردية بحيث يتمكن الصغير من ال<strong>نمو</strong> الطبيعي.‏بالإضافة إلى ذلك فردود فعل <strong>الطفل</strong> اتعلقة بالرضاعة تتطلب سلامةالجهاز العصبي الحركي فاستخدام الأم للعقاقير اخملدرة أو انومة قديضعف استجابات الصغير ؤثرات البيئة ويعرقل التعلم في اواقف الغذائيةالأولى فضعف الامتصاص الناجم عن مثل هذه العقاقير يؤدي إلى ضعف93


الأمومةاستجابة ثدي الأم للإرضاع.‏وأخيرا لا بد من اليقظة ومضاعفة الاهتمام خلال الأسبوع الأولبعد الولادة.‏ فإذا سارت الأمور بشكل مناسب في هذه الفترة تبقى إمكانيةالتعقيدات محدودة جدا بعدها وكن للإرضاع الطبيعي أن يسير دونإشكالات ا هد الطريق لانطلاقة سليمة في <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏94


تكيف الصغير وسلوك الأمومة5 تكيف الصغير وسلوك الأمومةالقدرات التكيفية عند <strong>الطفل</strong>الحديث الولادةفي ارحلة ما ب الولادة وعمر السنت يحدثالتغير النضجي الأكثر أهمية في حياة الإنسانفخلال الثمانية عشر شهرا الأولى ي<strong>نمو</strong> الدماغبسرعة لن يعرفها في استقبل et١٩٨٣) Pomerleau.(Malcuit, وتزداد أهمية مرحلة النضج السريع عندتوفر اؤثرات الكافية واتنوعة لأن تطور <strong>الطفل</strong>وتفتح شخصيته يرتبط بعوامل المحيط ااديوالاجتماعي.‏لقد كان يعتقد بأن <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة غيرقادر على استيعاب اعلومات القادمة من المحيطالخارجي وكان يعتبر محدود النشاط النفسيمتسما بالغموض وعدم الانتظام وكان يظن أن كلما في وسع <strong>الطفل</strong> أن يفعله هو أن يأكل وينامفانتظام تجاربه يضمنه له الأهل بصورة خاصةوهذا ما يحمل التنظيم والتنسيق إلى ذهنه.(Schaffer,١٩٨١) كانت هذه الأفكار نتيجة لجهلنابقدرات <strong>الطفل</strong> اخملتلفة ولعدم كننا من تقديرإمكاناته تقديرا قريبا من الواقع.‏إن الأمر يختلف كليا الآن حيث تضاعفت95


الأمومةمعارفنا عن سلوك <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة خاصة خلال العقدين ااضيا ساهم في دحض الكثير من الأفكار الخاطئة.‏ فالطرق واناهج تسمحبقياس جوانب عديدة من سلوك <strong>الطفل</strong> والتعرف على جوانب كانت مجهولةقبل سنوات.‏ إن تراكم اعارف في هذا ايدان يوضح أن مختلف جوانبحياة الصغير تخضع لتنظيم مع وأنه أكثر قدرة ا كان يعتقد.‏لقد بدأ الباحثون حديثا باكتشاف القدرات اخملتلفة للطفل الحديثالولادة خاصة القدرات اتعلقة بالتواصل ‏«والتفاهم»‏ مع العالم الخارجي.‏فبعد الولادة مباشرة يستطيع الصغير أن يستخلص الأوكسج وسكحلمة الثدي بفمه وتص الحليب بشكل صحيح ويعبر عن استيائه بإعلانالصراخ أو عن ارتياحه بانفراج أسارير الوجه.‏ ويكون <strong>الطفل</strong> جاهزا لتمارسأجهزته العضوية وظائفها اخملتلفة ويحتاج إلى بعض الوقت كي تترسخآلياته اتعلقة بالتنفس والهضم والطرح وكذلك آلياته الهرمونية التي يجبأن تتلاءم مع الوسط الجديد ويختلف وزن الوليد حسب تغذية الأم أثناءالحمل ويتأثر بعوامل وراثية وحضارية ويكون وسطيا (٣ كغ)‏ ويتناقصقليلا بعد الولادة مباشرة ليعود إلى ال<strong>نمو</strong> والارتفاع بصورة سريعة.‏ويخفق قلب الصغير على نحو أسرع رت من قلب البالغ (١٢٠/ د)‏ويتنفس ضعف تنفس الكبار.‏ ويكون تكرار التبول وحركة الأمعاء لديهأضعافها عند الراشدين.‏ وكذلك بالنسبة للحركة حيث تصل إلى أربعةأضعاف حركة الراشد نسبة إلى وزن الجسم ‏(إسماعيلإن استقرار الآليات الفيزيولوجية اخملتلفة وانتظامها في الأسابيع الأولىيؤثر تأثيرا كبيرا في معاملة <strong>الطفل</strong> من قبل القائم على رعايته خاصةالأم.‏ ويكون لانتظام النوم أهمية خاصة حيث يتطور النوم والاستيقاظبشكل سريع خلال الأسابيع الأولى ويؤثر ذلك تأثيرا عميقا في التفاعل ب<strong>الطفل</strong> والأم.‏.(١٩٨٦النوم واليقظة وعلاقة الأم بطفلهالقد اقترح بعض الباحث تصنيف حالات <strong>الطفل</strong> حسب قدرته علىالاستجابة للمؤثرات الخارجية ويل بعضهم إلى تصنيف هذه الحالاتبالاستناد إلى اتغيرات السلوكية التي كن ملاحظتها.‏ فهذه الحالات96


تكيف الصغير وسلوك الأمومةتعتبر امتدادا للنشاط الدماغي وتتمثل بأشكال مختلفة تتراوح ب النومالعميق والنشاط افرط.‏ وتنتظم هذه الحالات بواسطة آلية ‏(ميكانيزم)‏داخلية غير معروفة بشكل واضح حتى أيامنا هذه وا لا شك فيه أن هذهايكانيزم تتأثر بالشروط الخارجية.‏ وتتميز حالات <strong>الطفل</strong> اخملتلفة بانتظاممدتها وحدوثها بشكل دوري كن توقعه.‏ ويظهر هذا التصور ايزتالأساسيت لسلوك اولود وهما التلقائية والدورية.‏وتؤثر حالة <strong>الطفل</strong> ‏(نوم عميق أو انعدام النشاط أو النشاط)‏ تأثيراهاما في تحديد طريقة استجاباته ؤثرات العالم الخارجي.‏ ومن الواضحأن القدرة على تفسير حالة <strong>الطفل</strong> كن الأم من إنجاح طريقة العناية التيتقدمها له.‏ فهي تقدم اؤثر اناسب في الوقت اناسب وبالاستناد إلىقراءة وفهم حالة <strong>الطفل</strong> ودرجة يقظته.‏ إن في ذلك ما يزيد من فعاليةعملها وهد الطريق لتفهم حالات <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏ويتم انتقال <strong>الطفل</strong> من حالة إلى أخرى بشكل دوري إذ أنه من المحتملوجود نظام في القاعدة التي تظهر هذا الانتقال.‏ وينتهي هذا الانتظام إلىمركز عصبي حيث تؤدي إصابة هذا اركز إلى إلغاء الدورية أو إلى اضطرابها.‏وهناك العديد من اؤشرات التي تدعو إلى القول بأن <strong>الطفل</strong> تلكايكانيزم الداخلية انظمة لحالاته اخملتلفة خاصة حالات النوم واليقظة.‏لقد كان الاهتمام سابقا يتركز على مدة النوم إلا أن الباحث حديثايهتمون خاصة ا يحدث في الحالات اخملتلفة أثناء النوم فلقد تب الآنعدم دقة الفكرة القائلة بأن الوليد يقضي معظم الوقت (١٤-يوميا في حالة نوم حيث أوضح باملي al١٩٦٤) (Pamele,et أن معدل النومفي الأسبوع الأول هو ١٦ ساعة و ٢٠ دقيقة يوميا ينخفض إلى ١٤ ساعة و٥٠ دقيقة يوميا في الأسبوع السادس عشر.‏ وتجدر الإشارة إلى أهميةالفروق الفردية هنا.‏ إلا أنه كن القول بأن غالبية الصغار يبقون في حالةيقظة ثلث النهار حتى خلال ارحلة التي تلي الولادة.‏إن التغير الأساسي الذي يطرأ على النوم لا يتمثل في مدته فقط بل فياراحل اتعاقبة نوم ‏-يقظة وفي تورع هذه اراحل خلال ٢٤ ساعة.‏ ف<strong>الطفل</strong>الحديث الولادة يل إلى النوم اتكرر لفترات موزعة بالصدفة أثناء النهارتتخللها فترات قصيرة من اليقظة.‏ ومع التقدم في العمر تأخذ فترات النوم١٨) ساعه97


الأمومةوفترات اليقظة صيغة أكثر انتظاما حيث تبدأ بالتمدد والتورع بصورة أقلعشوائية لتحدث في الليل بصورة أساسية.‏ وتشير نتائج الدراسة السابقةإلى أنه منذ البداية يغلب نوم <strong>الطفل</strong> ليلا على نومه في النهار بشكل طفيففي الأسبوع الأول حيث ينام الصغير ٧ ساعات و ٤٥ دقيقة في النهار وساعات و ٢٠ دقيقة في الليل.‏ ثم يل مدة النوم صلحة الليل في الأسابيعالتالية فينام ٤ ساعات و ٣٥ دقيقة في النهار و ١٠ ساعات في الليلتقريبا إن انتظام اليقظة في النهار والنوم في الليل يبدأ بالتموضع بشكلواضح وهذا من أهم مظاهر التطور التي تطرأ على الوليد في اراحلالأولى من حياته ح يجعل مهمة الأهل خاصة الأم أقل صعوبة فيالتعامل مع <strong>الطفل</strong>.‏ كما يوضح هذا الانتظام تأثير الوسط الخارجي-بضغوطهاخملتلفة-على التنظيم الداخلي للطفل حديث الولادة .(Schaffer,١٩٨١)كيف كن لانتظام النوم واليقظة عند الصغير التأثير في علاقته معالوسط خاصة مع الأم?‏ إن استقرار الاستيقاظ تدريجيا في النهار وانتظامالنوم ليلا عند <strong>الطفل</strong> يهيىء للأم فرصة الخلود إلى الراحة والنوم ليلاويساعدها على استعادة انتظام اليقظة والنوم.‏ <strong>بين</strong>ما قد يؤدي اضطرابنظام النوم عند <strong>الطفل</strong> إلى ديد الفترة التي تجد الأم نفسها مضطرةللاستيقاظ ليلا بشكل متكرر ا يؤثر في طبيعة علاقتها ب<strong>الطفل</strong>فاضطراب النوم عند الأم يتصاحب غالبا بالتعب والنزق والعصبية اينعكس على طريقة تعاملها مع الصغير.‏٨درجات النوم:‏لا ثل النوم حالة متميزة ومتجانسة عند <strong>الطفل</strong> ولا عند البالغ وكذلكبالنسبة للعديد من الأنواع وكن ييز درجت من النوم الأولى نشطةوالثانية هادئة.‏ ويستند هذا التمييز إلى الحركات الجسدية خصوصاالحركات السريعة للع‏.‏ لقد تأكد هذا التمييز بواسطة اقاييسالفيزيولوجية للموجات الدماغية ولسرعة خفقان القلب وحركة الجهازالتنفسي.‏ إلا أن أهم ما يز مرحلتي النوم طبيعة حركات الع فارحلةالأولى ‏(ارحلة النشطة)‏ تترافق بحركات الع السريعة Eye) Rapid(Movement:R E M <strong>بين</strong>ما تنعدم هذه الحركات في ارحلة الثانية مرحلة98


تكيف الصغير وسلوك الأمومة(Asermns ky etالنوم الهاد (no R E (M لقد <strong>بين</strong>ت إحدى الدراسات ١٩٥٥(Kieitman, أن النوم عند <strong>الطفل</strong> بعد الولادة يتشكل من فترات مدة الواحدةمنها خمسون دقيقة ‏(تكون هذه ادة ٩٠ دقيقة عند البالغ‏)‏ ينام <strong>الطفل</strong>نوما هادئا من ٢٥ دقيقة <strong>بين</strong>ما يبدي فيما تبقى من هذه الفترةحركات جسدية عديدة كحركات الأطراف والعين‏.‏يخضع انتظام النوم عند الصغير لنظام خاص محدد وتنظمه عواملداخلية دقيقة.‏ وتتعرض عناصر فترة النوم إلى تعديل كبير خلال الأشهرالأولى.‏ فالنوم النشط يشكل نسبة (١٠٠%) عند الجن <strong>بين</strong>ما ينعدم النومالهاد‏.‏ إلا أن نسبة هذا الأخير تبدأ بالارتفاع التدريجي بعد الولادة حتىتصل إلى (٥٠%) وفي نهاية الشهر الثالث ثل هذه النسبة ضعف نسبةالنوم النشط.‏ إن مدة النوم النشط ونسبته يلان إلى الانخفاض مع تقدمالعمر.‏ فما هي وظيفة النوم النشط حيث تغلب مدته في البداية باقارنةمع مدة النوم الهاد‏?‏ يعتبر التزايد اطرد في نشاط الخلايا العصبيةوتدفق الدم في الدماغ ضرورة حيوية ل<strong>نمو</strong> الأنسجة الدماغية.‏ فالجناتمتع بالحماية داخل الرحم واولود الصغير ذو القدرة المحدودة لايتعرضان إلا للقليل من مؤثرات المحيط فيمكن للنوم النشط أن يكوننظاما فطريا للتزويد الذاتي باؤثرات يزود <strong>الطفل</strong> بالنشاط ويساعد فيتحضير الدماغ واجهة اؤثرات الحقيقية (Schaffer,١٩٨١) وهذا ما يفسرتقلص دور النوم النشط حيث تحل اؤثرات الحقيقية محل اؤثرات التيتلاحظ أثناء هذا النوع من النوم.‏إن محاولة التعرف على الحالات اخملتلفة للطفل كننا من تفهم أفضللسلوكه.‏ فالأنشطة العصبية تختلف من حالة النوم العميق إلى النشاط غيراركز فإلى حالة الإثارة والنزق.‏ إن هذه الحالات تنظمها آليات داخلية لمتعرف بشكل واف إلى اليوم فحالة الوليد تؤثر تأثيرا هاما في تحديدالطريقة التي سيستجيب وجبها ؤثرات العالم الخارجي.‏ويتوقف نجاح مهمة الأم أثناء عنايتها بالصغير وتفاعلها معه علىإداركها لحالاته وللقوان التي تنظم التغير في هذه الحالات.‏ ولساعاتحدوث تغيرات هامة في حالة الصغير.‏ فذلك يساعد على التكيف بالطرف وكن الأم من القيام بدورها بصورة أكثر فاعلية.‏٢٠ إلى99


الأمومةسلوك المص عند <strong>الطفل</strong>لعل أهم اظاهر السلوكية للصغير تأثرا بالتغير انتظم هي ظاهرةاص.‏ فاص بالنسبة للطفل هو الوسيلة الأولى للاتصال بالعالم الخارجي.‏ويبدأ هذا السلوك بالعمل عند الولادة إلا أنه بحاجة إلى بعض التدريبفهو استجابة فطرية ذات فائدة بيولوجية حيوية.‏إن تنفيذ هذا السلوك بطريقة مناسبة يتطلب سلسلة من الأفعالاتناسقة:‏ فتح الفم والتقاط الحلمة بواسطة الشفاه ثم اص فالبلع;‏ ويجبأن تكون هذه الأفعال متزامنة مع عملية التنفس بحيث تعمل بشكل بالغالحساسية لتتمكن من تشكيل نظام يتكيف مع اتغيرات المحيطة فخصائصالثدي تختلف عن الزجاجة وغزارة الحليب ليست ثابتة وكذلك درجةحرارته.‏ إذن يتوجب على الصغير امتلاك القدرة على التلاؤم مع هذهالشروط اتغيرة.‏ إن مثل هذا التنسيق موجود منذ الولادة فلو كان على الأمأن تعلم <strong>الطفل</strong> كل ذلك لكانت مهمتها شديدة الصعوبة.‏الدورية والانتظام في سلوك المصيبدو سلوك اص للوهلة الأولى سلوكا بسيطا إلا أن تحليل هذا السلوكيب أنه على درجة عالية من التعقيد إذ يتميز بتنظيم محكم لسلسلة منالأفعال اتزامنة تحدث بإيقاع مع بحيث تكون على شكل سلسلة أودفعة سريعة من اص (٥- ٢٠) مرة تتلوها برهة من التوقف تتراوح من أربعإلى خمس عشرة ثانية.‏ فهذا الإيقاع تنظمه آلية دماغية فطرية فلا تؤديأعراض التشوه الفمي لاضطرابه إلا أنه يتأثر في حالة الإصابة الدماغية.(Schaffer,١٩٨١)تظهر الدورية والانتظام في سلوك اص إذ يبقى تكرار هذا السلوكثابتا نسبيا من دفعة إلى أخرى ولا يتغير إلا بشكل طفيف من طفل إلى آخر.‏وينتظم اص غير الغذائي لدرجة كن معها توقع لحظة حدوث كلدفعة ومدتها.‏ فحسب اصاصة عندما تبدأ دفعة اص لا يؤدي إلى توقفهذا السلوك بل يتابع <strong>الطفل</strong> اص في الفراغ ا يعادل العدد اعتاد.‏ إنهذه الدرجة من الانتظام والثبات تفترض وجود ميكانيزم تضمن ضبطهذا السلوك.‏100


تكيف الصغير وسلوك الأمومةتكيف سلوك المصيتأثر سلوك اص بالرغم من انتظامه وضبطه داخليا بالعواملواؤثرات الخارجية فسرعة اص تتوافق مع طبيعة ضخ الحليب وكميتهفي الثدي ومع حجم الحلمة والحاجة لضغطها للحصول على الحليبالذي تؤثر نوعيته وخصائصه الغذائية في سلوك اص.‏ ف<strong>الطفل</strong> الحديثالولادة يستجيب بطريقت مختلفت إذا أعطي نوع من الحليب مختلفيالتركيب.‏ إلا أن الدورية لا تتضح بشكل جلي أثناء اص الغذائي الذي يتمبشكل متصل خلال بضعة دقائق وذلك قبل الانتظام على شكل موجات مناص يليها برهة توقف.‏ فمن المحتمل أن تتحكم كمية الحليب في هذهالظاهرة فعند نقل <strong>الطفل</strong> إلى الثدي الآخر يبدأ باص اتصل خلال بضعدقائق وبعدها يأخذ اص شكل سلسلة متتالية ثم يتوقف لبرهة قصيرةقبل بداية سلسلة جديدة من اص فمن الواضح أن التوقف يفرضه انخفاضالحليب.‏ وتكون مدة دفعة الرضعات الغذائية أطول منها في حالة الرضعاتغير الغذائية.‏ <strong>بين</strong>ما تكون برهة التوقف أقصر في الرضعات الغذائية باقارنةمع الرضعات غير الغذائية.‏إن ايكانيزم اركزية التي تتحكم في هذا السلوك تتأثر ؤثرات داخليةوخارجية وتتميز رونة كبيرة ا كن <strong>الطفل</strong> من تكييف سلوك اص فيظروف متغيرة فهذا السلوك ليس سلوكا جامدا كن إثارته ؤثر بسيطبل يتم ضبطه بدقة وكفاءة عاليت ليس فقط بتنظيمه الداخلي بل أيضابطريقة تزامنه مع الوظائف الفيزيولوجية الأخرى كالبلع والتنفس.‏إن عالم <strong>الطفل</strong> لا يسوده الغموض والفوضى كما كان يعتقد بل يتصفبالدقة والانتظام.‏ فالتنفيذ اناسب لسلوك اص يتطلب التنسيق والتوافقب سلوك الأم وسلوك <strong>الطفل</strong>.‏ إذ يلعب ذلك دورا هاما في زيادة فعاليةوظيفة هذا السلوك.‏ وقد يكون في تنظيم عملية اص والرضاعة بدايةالتوافق والانسجام ب الأم و<strong>الطفل</strong> فهذا الانتظام برمته وبتنوعه يجب أنيلتقي منذ الولادة بنظام استجابة الأم ويتزامن معه في مختلف اراحلالأولى من و <strong>الطفل</strong> وتطوره.‏ إن نجاح الأمومة يتوقف إلى حد بعيد علىطبيعة التزامن والانسجام والتوافق ب <strong>الطفل</strong> والأم في مختلف جوانبأنظمتها السلوكية.‏101


الأمومةتنظيم الحواس وإدراك العالم الخارجي عند<strong>الطفل</strong> الحديث الولادةلا يقتصر نشاط <strong>الطفل</strong> حديث الولادة على النوم والرضاعة فهو يتنبها يدور حوله ويتأثر بأحداث العالم الخارجي وذلك على عكس ما كانيعتقد حتى وقت قريب.‏ فهو لا يشعر فقط باحساساته الداخلية كالألموالبرد والجوع بل يشعر أيضا باؤثرات القادمة من المحيط الخارجي.‏لقد مكنتنا اناهج الجديدة للبحث من التعرف على القدرات الحسيةاخملتلفة والتي تعمل-في معظمها-منذ الولادة ولو بدرجة محدودة.‏ إلا أنالصغير يتمكن بسرعة من تلقي معلومات عديدة تتعلق بالعالم الخارجي.‏يكون <strong>الطفل</strong> خلال اليقظة قابلا للتأثر تغيرات المحيط وتكون الأمبشكل عام أهم هذه اتغيرات حيث تبقى معظم الوقت قريبة منه تسهرعلى أمنه ونظافته وتهتم بكل ما يتعلق به.‏ ويستند التبادل ب الطرف إلىعناصر حسية كنهما من التفاهم والحوار يستطيع كل منهما-تدريجيا-أنيحلل ويفهم الرموز الصادرة عن الآخر.‏التنظيم البصريبالرغم من عدم اكتمال القدرات البصرية عند الولادة إلا أنها حاضرةوتتكامل بسرعة كبيرة خلال الأسابيع الأولى فمنذ البداية تتوسع حدقةالع وتضيق للتحكم في كمية الضوء استقبلة كذلك يغمض الصغير عينهبسرعة عند اقتراب شيء ما منها بشكل مفاجئ وذلك اعتبارا من عمرالشهرين .(Schaffer,١٩٨١) ويتمكن الصغير ببصره من متابعة موضوع متحركوإن كانت فعالية هذه اتابعة محدودة في البداية إلا أنها تصبح أكثرانتظاما ف<strong>الطفل</strong> في الشهر الرابع أو الخامس من عمره كنه متابعةعيني شخص آخر بدون صعوبة.‏ويتمكن <strong>الطفل</strong> بعد الولادة من تثبيت بصره على مسافة ٢٠ سم وكل ما هوأقرب أو أبعد من هذه اسافة يبدو غير واضح.‏ إلا أن حقل الرؤية ي<strong>نمو</strong> بسرعةبحيث يصل إلى حدوده اعروفة في عالم الكبار اعتبارا من الشهر الرابع.‏لقد أشارت بعض الاحظات إلى أن <strong>الطفل</strong> يتمكن من تقليد التغيراتاعبرة لوجه الأم في الأسبوع الأول من العمر.‏ فهو يعبر عن الانبساط102


تكيف الصغير وسلوك الأمومةFieldوالسرور أو عن الغضب أو التهجم وذلك حسب تعابير وجه الأم (١٩٨٧(et al فالتقليد ابكر يفترض قدرة <strong>الطفل</strong> على رؤية وجه الأم ليتمكن منتقليدها.‏ ويحاول <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة النظر إلى مختلف الأشياء فيمحيطه وعندما يكون في حالة نشطة لا ينفك عن تأمل الأشياء التي كنأن يقع عليها بصره.‏تخضع حركات الع‏-كغيرها من النشاطات السلوكية للصغير-لانتظاممحدد وتتكرر على وتيرة معينة حيث تنظمها آلية دماغية وتتطور القدراتالبصرية لتصبح أكثر تعقيدا في مراحل لاحقة من حياة الصغير.‏ فيلاحظمنذ الولادة التزامن ب حركة العين من جهة والتناسق ب حركة العينوحركة الرأس وحركة الأعضاء التي كن <strong>الطفل</strong> من متابعة خط سيرموضوع ما متحرك من جهة ثانية ويستند هذا التناسق إلى أسس فطريةإذ كن ملاحظته منذ الولادة كما يلاحظ عند الأطفال اكفوف‏.‏ إلا أنالتجربة تزيد من فعالية هذا التناسق.‏أما التغير الأساسي الذي يطرأ على السلوك البصري فهو نسبة الوقتالذي يقضيه الصغير في حالة يقظة ويتمكن تدريجيا وبصورة نشطة مناستعمال الآليات البصرية لاختيار موضوع ما من حوله ليتفحصه بتمعنوتظهر إحدى ايزات الهامة للإحساس عند <strong>الطفل</strong> ألا وهي قدرته علىالاختيار حيث يبدأ بتفضيل ما يهمه لينظر إليه.‏إن معارفنا في هذا اجملال تعتمد على منهج التفضيل البصري الذيوضع أسسه فانتز schaffer,١٩٨١) (Fantz, In ويتضمن ذلك تقد مؤثرينبصري للطفل في نفس الوقت ثم قياس تكرار ومدة النظر إلى كل منهمافإذا نظر <strong>الطفل</strong> بانتظام إلى مؤثر دون آخر فيكون قادرا على التمييز باؤثرين وتفضيل أحدهما على الآخر.‏ إن قياس مدة تركيز النظر على كلااؤثرين تب قدرة الصغير على التمييز <strong>بين</strong>هما وعلى درجة تفضيله لهذااؤثر أو ذاك.‏لقد سمي هذا انهج بتقنية التفضيل البصري.‏ وتكمن نقطة ضعفه فيكون التفضيل البصري لا يسمح بالقول بأن <strong>الطفل</strong> يز مباشرة ب مؤثرين.‏إلا أن هذه الطريقة مكنت من اكتشاف أن <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة كن أنيعير انتباهه إلى بعض الخصائص دون غيرها.‏ فالوجه البشري وخصوصا103


الأمومةالعيون تثير اهتمام الصغير فهو من اوضوعات الشديدة الجاذبية.‏ فالصغيرفي عمر أربعة أشهر يبتسم لقناع مزود بنقطت كبيرت تشبهان العين‏.‏فهو مهيىء للتجاوب مع بعض اؤثرات الخاصة التي تصدر عن الكائنالبشري.‏ فمن الفائدة كان بالنسبة للصغير أن يكون قابلا منذ البدايةللتفاعل مع الكائنات البشرية الأخرى.‏إن <strong>الطفل</strong> في عمر ثلاثة أشهر يبتسم عندما تعرض عليه صورة أماميةلوجه بشري أكثر ا لو كانت الصورة جانبية أو إذا استبدلت بشيء آخر.‏فالصغير منذ البداية يظهر إعجابه بالوجه البشري خصوصا وجه الأم لأنهأكثر عرضة لهذا اؤثر.‏ويكون لحاسة البصر دور أساسي في تنسيق التفاعل ب الصغير والأم.‏فالبصر كن الأم ليس فقط من مراقبة الصغير بل من تنظيم التفاعلوتنسيق التبادل الكلامي واللاكلامي ب الاثن حيث إن التزامن فيعملية التفاعل هذه يعتمد على البصر بوجه خاص ويؤثر ذلك في توثيقعلاقة <strong>الطفل</strong> بالأم وفي تطور التفاعل الاجتماعي <strong>بين</strong>هما.‏إن تطور النظام البصري في الأسبوع السادس بعد الولادة كنه منتثبت بصره في عيني أمه ا يؤثر تأثيرا بالغا في التفاعل الاجتماعي بالاثن إذ تدرك الأم للمرة الأولى بأن الصغير ينظر إليها فعلا وأن الاتصالالحقيقي قد بدأ <strong>بين</strong>هما (Stern,١٩٧٧) حيث يأخذ سلوك الأم أكثر فأكثرطابعا اجتماعيا.‏وفي نهاية الشهر الثالث يتمكن الصغير ليس فقط من التواصل البصريمع الأم بل من متابعتها عندما تغادر أو تقترب أو عندما تتحرك داخل الغرفة.‏وهذا يؤدي إلى توسع إمكانية الاتصال ب <strong>الطفل</strong> والأم توسعا ملحوظا.‏الذاكرة البصرية عند الصغيرلقد أشارت بعض الدراسات إلى أن <strong>الطفل</strong> في الأسبوع الأول يتمكن منتذكر اعلومات البصرية وأنه يل إلى تفضيل اؤثرات الجديدة باقارنةمع اؤثرات التي يعتاد عليها (١٩٨٢ al, (slater et ويستبعد أن تكون عمليةالتعود ناجمة عن تغيرات في مستوى الشبكية بل كن تدخل القشرةالدماغية العليا في مراقبة اعلومات البصرية ‏(ارجع السابق).‏104


تكيف الصغير وسلوك الأمومةوفي دراسة أخرى تناولت قدرة <strong>الطفل</strong> على ييز تعبيرين من تعابيرالوجه:‏ الابتسام والعبوس و تقد هذين اؤثرين لأطفال في عمر ثلاثةأشهر.‏ لقد <strong>بين</strong>ت هذه الدراسة أن في إمكان <strong>الطفل</strong> في هذا العمر منالتمييز ب التعبيرين اذكورين ليس فقط عندما يتعلق الأمر بصورة الأموإا أيضا عندما يشاهد هذين التعبيرين لامرأة لا يعرفها Barrera١٩٨١).(and Maurer,لقد أوضحت هذه الدراسة أيضا أن <strong>الطفل</strong> ينظر إلى اؤثرات الجديدةمدة أطول ا هو عليه الحال بالنسبة للمؤثرات اعتادة.‏ إن نتائج هذهالدراسة تستدعي الاحظت التاليت‏:‏أولا:‏ إن ييز <strong>الطفل</strong> ب الابتسام والعبوس عند الأم يكون أكثر سهولةباقارنة مع امرأة غريبة.‏ إذ أن ٢٣ طفلا من كنوا ٢٤ من التمييز بالتعبيرين عند الأم <strong>بين</strong>ما لم يتمكن من ذلك عند امرأة أخرى سوى واحدوعشرين طفلا من ب ثمانية وعشرين شاركوا في التجربة.‏ثانيا:‏ إن نسبة الأطفال انسحب من التجربة بسبب بكائهم الشديدتصل إلى اثن من أربعة وعشرين عند رؤية الأم في حالة عبوس <strong>بين</strong>مايصل هذا العدد إلى ستة أطفال من ثمانية وعشرين عند رؤية نفس التعبيرعند امرأة غريبة.‏لقد تركز البحث في السنوات الأخيرة على تحديد ارحلة الزمنية التييتمكن خلالها الرضيع من التعرف على أمه وييزها عن غيرها.‏ وكان الغرضمن التجارب العديدة في هذا اجملال تحديد دور القنوات الحسية اخملتلفة فيالتفاعل اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong> لأن التعرف على الأم وييزها مسألة حيويةعند <strong>الطفل</strong> البشري إذ يؤثر في تطور الروابط الانفعالية <strong>بين</strong>ه وب الأم.‏لقد أشارت بعض الدراسات إلى أن <strong>الطفل</strong> يتعرف على أمه قبل عمرستة أشهر والكثير من الأمهات يعتقدن بأن <strong>الطفل</strong> يعرفهن ويزهن قبلعمر ثلاثة أشهر إلا أن السؤال الذي يطرح بإلحاح هو متى يتمكن <strong>الطفل</strong>من التعرف على وجه الأم بالاستناد إلى البصر?‏لقد حاول اؤلفان السابقان Maurer,١٩٨١) (Barrera and الإجابة علىهذا السؤال بعد سلسلة من التجارب.‏ لقد تب أن <strong>الطفل</strong> كنه التعرفعلى صورة الأم وييزها من غيرها في عمر ثلاثة أشهر.‏105


الأمومةالبصر والتفاعل <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأميتطلب التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم تدخل أكثر من قناة حسية وكثيرا مايلعب البصر دورا تنسيقيا في وصلات التفاعل اخملتلفة.‏ وبواسطة البصريتم تنظيم تدخل كل طرف في عملية التفاعل اتبادل فيأخذ كل دورهبالاستناد إلى التواصل البصري خاصة عندما يتعلق الأمر التبادل الصوتي.‏لقد أشارت ملاحظات سترن (Stern,١٩٧٧) إلى أن الأم تنظر بشكلتلقائي إلى <strong>الطفل</strong> أثناء التفاعل واللعب <strong>بين</strong>هما وتقضي ما يقارب من(٧٠%) من الوقت في النظر إلى طفلها وتكون مدة النظرة الواحدة اثنتوعشرين ثانية في حالة اللعب واثنتى عشرة ثانية أثناء تغذيتها <strong>الطفل</strong>فهي تقوم بدور من يصغي إلى <strong>الطفل</strong> في حالة اللعب وتنظر إليه في معظمالوقت.‏ <strong>بين</strong>ما تقوم بدور ‏«المحدث»‏ أثناء تغذيتها <strong>الطفل</strong> فهي تقلل من سلوكاناغاة وتتزامن نظراتها وهمساتها نحو <strong>الطفل</strong> بشكل لا يؤدي إلى عرقلةالتغذية.‏ وعلى هذا النحو يتمكن <strong>الطفل</strong> من اكتساب نظام الاتصال الائمعند النضج حيث يتمكن من تنظيم صلته بالآخرين.‏وفي عمر ستة أشهر يصبح <strong>الطفل</strong> قادرا على القبض على شيء ماوتفحصه نتيجة ل<strong>نمو</strong> قدرته على التنسيق ب حركة اليد والع‏.‏ وذلك علىدرجة من الأهمية حيث تتحول <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> من علاقة ثنائيةإلى علاقة ثلاثية حيث يتدرج الشيء في <strong>العلاقة</strong> ب الطرف‏.‏لقد تطرقت بعض الدراسات إلى طريقة استقرار التنسيق في التوجهالبصري ودوره في عملية التفاعل الاجتماعي ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ فالأم لاتكتفي بتوجيه النظر إلى نفس اللعبة التي ينظر إليها <strong>الطفل</strong> بل تقوم بالتعليقوالشرح والتفسير أيضا.‏ فهي التي تبدأ بتحديد نقطة التركيز البصريللصغير وتنظر هي بنفس هذا الاتجاه وتحاول أن تبقى في وضع كنهامن رؤية وجه الصغير.‏وتجدر الإشارة إلى أنه يتعذر عادة على شخص تثبيت النظر اتبادل كلفي عيني الآخر أكثر من عشر ثوان دون أن يترافق ذلك بالكلام ‏(اصدرالسابق).‏ فتبادل النظر اطول يحدث في حالات عاطفية خاصة كما هو الحالب اتحاب أو العشاق أو كما يحصل ب الأعداء:‏ فالنظر اطول يكون غالبامشحونا بصبغة عاطفية قوية إلا أن الأمر يختلف ب الأم و<strong>الطفل</strong> فبإمكانهما106


تكيف الصغير وسلوك الأمومةتبادل النظر اركز الواحد في عيني الآخر طيلة ثلاث ثانية أو أكثر.‏لقد أجمع معظم الباحث على أهمية التزامن البصري في تطور التفاعلب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ فتنسيق هذا السلوك ب الطرف يلعب دورا أساسيا فيالتفاعل <strong>بين</strong>هما.‏ ويحتل <strong>الطفل</strong> مع أمه مكانا محددا تحاول الأم من خلالهإقامة التوازن بحيث تحمي الصغير من اؤثرات البصرية الزائدة والكثيفةوتوفر له الفرصة للتعرض لهذه اؤثرات ا يتناسب وقدراته.‏التنظيم السمعييتأثر الجن بأصوات أعضاء الأم خصوصا دقات القلب.‏ وقد استخدمذلك في تهدئة <strong>الطفل</strong> الذي يعاني من اضطراب النوم فيما بعد.‏ وتشيرالاحظات اليومية إلى أن الأم عندما تحتضن طفلها تأخذه غالبا بطريقةيكون رأسه ملقى على صدرها الأيسر وكأنها-بإسماعه نبضات قلبها-تشعرهبالأمن والطمأنينة وتحمله إلى حالة من الاستكانة والهدوء.‏ لقد <strong>بين</strong>تنتائج الأبحاث الحديثة بأن <strong>الطفل</strong> شديد الحساسية للأصوات البشريةوخاصة صوت الأم وأن قدرته الحسية الصوتية تقترب من قدرة البالغ1981,p٥٨) .(Schaffer, وتب دراسة أخرى Robin,١٩٨١) (Josse et أن الأمتستخدم غالبا كلمات مبعثرة لا رابط <strong>بين</strong>ها وتعابير قصيرة ومناغاة تترافقمع العناية الجسدية للطفل خصوصا أثناء استحمامه وإلباسه.‏لقد انصب اهتمام الباحث على دراسة ارحلة ما قبل الكلامية فيالتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ وذلك بقصد تفهم السياق الذي يؤدي إلى تطورالكلام عند <strong>الطفل</strong>.‏ وفي دراسة Lewis,١٩٧٧) (Freedle and يرد <strong>الطفل</strong> علىمؤثرات الأم غالبا باناغاة والتي تثير بدورها استجابات اثلة عند الأموكن أن يكون في ذلك هيد للمحادثة اتبادلة فيما بعد.‏ وتلعب الأمدورا بارزا في إصدار اؤثرات الصوتية الكلامية.‏ ويكون غالبا اتجاه هذهاؤثرات أحادي الجانب ‏(أم طفل)‏ في السنة الأولى.‏ فهي تحاول جادةإدخال <strong>الطفل</strong> في علاقة حوار متبادل.‏المناغاة عند <strong>الطفل</strong>:‏ (Vocalization)كن ملاحظة الأصوات اتعددة عند <strong>الطفل</strong> في الأسابيع الأولى حيث107


الأمومةيبدأ بتمييزها تدريجيا ويصدر <strong>الطفل</strong> بعض اقاطع الصوتية الجزئيةالتي ستندمج لتشكل العناصر الكلامية في نهاية السنة الأولى وتجدرالإشارة إلى أن الباحث لم يتفقوا فيما إذا كان الكلام-فيما بعد-استمرارارحلة اناغاة ‏«والثغثغة»‏ أم أن هناك استقلالية لكل منهما.‏إن <strong>الطفل</strong> الرضيع يظهر سلوك اناغاة عندما يكون وحيدا أكثر ايكون عليه الحال أثناء وجود أشخاص آخرين.‏ لقد قام أندرسون ومعاونوه,.‏(Anderson et al (١٩٧٨ بدراسة سلوك اناغاة عند <strong>الطفل</strong> في عمر ثلاثةأشهر بالاستناد إلى اسافة التي تفصله عن الأم.‏ فتم تسجيل النسبةائوية الزمنية التي يقضيها <strong>الطفل</strong> في اناغاة في أربع حالات:‏١- الأم تحمل <strong>الطفل</strong>:‏ كانت نسبة اناغاة ٢) و (٩% من الوقت.‏٢- الأم قرب <strong>الطفل</strong> ولكنها لا تلمسه:‏ كانت نسبة اناغاة٣- الأم بعيدة عن <strong>الطفل</strong> ولكنها ضمن مجال رؤيته:‏ كانت هذه النسبة(٢ و .%١٩).(%١٦.(%١١٬٤)٤ ‏-الأم خارج غرفة <strong>الطفل</strong>:‏ كانت نسبة اناغاة (٫٦إن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أن وجود الأم على مسافة قريبة من<strong>الطفل</strong> كن أن يسهل إظهار سلوك اناغاة.‏ <strong>بين</strong>ما ينخفض هذا السلوكفي حال الامسة الجسدية حيث يكف <strong>الطفل</strong> عن اناغاة عندما يكون بيدي الأم.‏ إن ارتفاع نسبة اناغاة في غياب الأم تستدعي الانتباه.‏وفي دراسة أخرى تب أن الكبير يظهر استجابات اجتماعية بعد كلمناغاة يقوم بها <strong>الطفل</strong> ا يعزز هذا السلوك عنده ويشجعه على تكراره,.‏Bloom١٩٧٥) الإشارة في دراسة أخرى إلا أنه ت .(Rheingold et al١٩٥٩)Esposito, (and إلى أن السلوك الاجتماعي للكبير يلعب دور اثير لسلوكاناغاة عند <strong>الطفل</strong> أكثر منه دور اعزز.‏ ويلاحظ هذا التأثير عندما يرى<strong>الطفل</strong> عيني الكبير فقط وفي غياب ذلك يتعذر حدوث اناغاة.‏ويتضح من الدراسات السابقة أننا لا نزال نجهل الشروط المحددة التيتظهر سلوك اناغاة عند <strong>الطفل</strong>.‏ لقد أظهرت دراسة أخرى <strong>العلاقة</strong> بتطور اناغاة والتطور الإدراكي عند <strong>الطفل</strong>.‏ فعند بلوغ الصغير مرحلةمتقدمة من التطور الإدراكي كنه أن يستخدم اناغاة للحصول على شيءما(‏Golinkoff,١٩٧٩‎ .(Harding and فوصول <strong>الطفل</strong> هذا استوى من النضج108


تكيف الصغير وسلوك الأمومةاعرفي ينعكس على علاقته بالأم ويترتب على ذلك نتائج هامة تؤثر فيطبيعة الاتصال الصوتي ب الطرف‏.‏المناغاة والسلوك الصوتي عند الأمتستخدم الأم صوتها بطريقة خاصة أثناء تفاعلها مع <strong>الطفل</strong> فهي تضخمبعض اقاطع الصوتية وتكررها وتتبنى طريقة لغوية خاصة في مخاطبته<strong>الطفل</strong>ها;‏ فالطريقة التي يتبعها الكبار خصوصا الأم في مخاطبة <strong>الطفل</strong>وتوجيه الكلام إليه بالرغم من التأكد أنه لن يفهم وأنه يستحيل الحصولعلى جواب طريقة تلفت النظر فمنذ البداية يعتبر الكلام جزءا هاما منمحيط <strong>الطفل</strong> لا يتميز بالاستمرار والثبات ويتناسب مع مختلف مراحلتطور <strong>الطفل</strong> فالكلام المحيط ب<strong>الطفل</strong> يطلق بصورة عشوائية فهو غالباعلى علاقة ا يفعله <strong>الطفل</strong> ويتناسب مع درجة يقظته.‏ وتقوم الأم بإصداراناغاة ا يتناسب وقدرة <strong>الطفل</strong> على الاستقبال إذ تتخلل دفعات اناغاتبرهات من الراحة وكأن الأم تأخذ في الحسبان طاقة <strong>الطفل</strong>.‏وتجدر الإشارة إلى الفروق الفردية إذ <strong>بين</strong>ت بعض البحوث أن العواملالثقافية والاجتماعية كن أن تؤثر في الصلات الكلامية ب الأم و<strong>الطفل</strong>فالأم التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى تقضي وقتا أطول في التحدث إلى طفلهاوجها لوجه باقارنة مع الأم انتمية إلى الطبقة العاملة Tulkin,١٩٧١) (Kagan andفمن المحتمل أن تتأثر القيمة التي تعطيها الأم لهذا النوع من الاتصالبدرجة ثقافتها وبانتمائها الاجتماعي وبطبيعة عملها اليومي.‏إن قدرات <strong>الطفل</strong> على الاتصال لا تقتصر على حاستي السمع والبصرففي تفاعله مع المحيط يوظف الصغير وسائل معقدة كالحركات الجسديةوالابتسام والتقليد والرائحة......‏ الخ في تفاعله مع المحيط خصوصا مع الأم.‏سلوك الأمومة والعناية الجسدية ب<strong>الطفل</strong>يعتبر فرويد أن <strong>الطفل</strong> ر بسلسلة من اراحل يكون خلالها قابلالحساسية لنوع محدد من اؤثرات.‏ وحسب هذه النظرية تتأثر شخصيةالبالغ بطريقة إرضاء الحاجات الفيزيولوجية أثناء <strong>الطفولة</strong>.‏ وهذا ما يبرزأهمية طريقة التغذية في و <strong>الطفل</strong> وتطوره في اراحل اللاحقة إن109


الأمومةاستراتيجية الأم فيما يتعلق بالتغذية والعناية الجسدية‏-كإعطاء <strong>الطفل</strong>الثدي أو تغذيته بواسطة الزجاجة وعمر الفطام وطريقة تعليم <strong>الطفل</strong>كيف يكون نظيفا وقادرا على مراقبة طرح الفضلات الجسدية-يلعب دوراهاما في تكوين الشخصية.‏لا لك هذه النظرية البراه المحددة إذ استند فرويد إلى ذكرياتمرضاه من الكبار .(١٩٨١,Schaffer) لذا يجب الأخذ بهذه الاحظات معالكثير من الحذر واعتبارها فرضيات يجب التحقق من صحتها بواسطةالبحث انهجي.‏ لقد حاول العديد من علماء النفس التحقق من هذهالفرضيات مثلا:‏ هل <strong>الطفل</strong> الذي يتغذى بواسطة الثدي تاز عن <strong>الطفل</strong>الذي يتغذى بواسطة الزجاجة?‏ وهل إرضاع <strong>الطفل</strong> عندما يطلب أفضل منإرضاعه في ساعات محددة?‏ وهل يؤثر الفطام ابكر في حياة <strong>الطفل</strong> علىادى البعيد?‏لقد عمل الباحثون منذ وقت طويل للإجابة على هذه الأسئلة وكن أننخلص إلى ما يلي:‏ لا شيء يسمح-على ضوء معارفنا الحالية-بإثبات أن طريقةمحددة في إرضاء حاجات <strong>الطفل</strong> أو العناية به ستؤدي حتما إلى تأثيراتنفسية ثابتة في مراحل لاحقة ‏(ارجع السابق)‏ فهناك-ولا شك-أسباب وعواملأخرى أكثر عمقا وتعقيدا من تلك التي تتعلق بالرضاعة أو الفطام وتؤثر فيو <strong>الطفل</strong> وتطوره وتجعل منه رجلا على هذا النحو أو ذاك.‏اذا هذا الإخفاق?‏ إن عدم قدرة البحث على إيجاد الأجوبة اؤكدة علىالتساؤلات السابقة كن تفسيرها في صعوبة إيجاد انهج الذي يسمحبذلك.‏ فالبحث الذي تد ليشمل مراحل طويلة لا بد أن يصطدم بجملةمن اشكلات اعقدة.‏ فلكي كن التحقق من تأثير التجربة ابكرة-كطريقةالرضاعة-في سلوك الرجل البالغ لا بد من الأخذ بع الاعتبار الحوادثالتي حصلت أثناء ارحلة الواقعة ب الحدث‏.‏ وإنه ن الصعوبة كانمراقبة كل العوامل اؤثرة خلال فترة طويلة تشمل سنوات عديدة من حياةالفرد.‏ وبالرغم من عدم وضوح تأثير طرق العناية الجسدية ب<strong>الطفل</strong> فيمراحل متأخرة من العمر فإنه من اؤكد تأثيرها اباشر والآني في سلوك<strong>الطفل</strong> الصغير.‏ بالإضافة إلى ذلك فالتطور السريع لتكيف الأم و<strong>الطفل</strong>الحديث الولادة يجعل من الخطأ تعميم اعلومات التي جمعها في مرحلة110


تكيف الصغير وسلوك الأمومة<strong>الطفولة</strong> ابكرة.‏ ولا بد من الأخذ بع الاعتبار أن الأم تلجأ إلى استخدامطريقة خاصة جدا في تعاملها مع الصغير وقد تبدع مصطلحاتها الخاصةفي مخاطبته ا يجعل فهم ما يدور ب الاثن على درجة كبيرة منالصعوبة بالنسبة للملاحظ.‏ففي رأينا أن اسألة الجوهرية لا تكون في شكل الطريقة التي تتبعهاالأم في تعاملها مع <strong>الطفل</strong> وإا في طبيعة <strong>العلاقة</strong> اتبادلة <strong>بين</strong>هما.‏ لقدأشارت دراسة السلوك الغذائي للطفل في مراحل لاحقة (١٨-٢٤ شهرا)‏ إلىأن <strong>الطفل</strong> الذي يبدي صعوبات في سلوك التغذية-كقلة الشهية ورفضالكثير من العناصر الغذائية-يثير غضب الأم التي تحاول أن ‏«تساعده»‏وتعطيه الغذاء بنفسها.‏ ويأتي تدخل الأم في وقت ينزع فيه <strong>الطفل</strong> إلىالاستقلالية وتأكيد الذات فيعارض تدخلها ويرفض ‏«مساعدتها»;‏ وغالباما يكون هذا السياق مصدرا للتبادل العدائي ب الطرف .(Kontar,١٩٨٧)كن للأم أن تطمئن إلى أن قرارها بإعطاء الثدي أو الزجاجة للرضيعلن يكون على درجة من الخطورة بحيث يؤثر في تحديد شخصية رجلاستقبل فليس هناك ما يثبت بأن لهذا الأمر في حد ذاته تأثيرا عميقافي تكون الشخصية.‏ فمهما كانت ايزات الجسدية للرضاعة فلن يترافقذلك بظاهرة نفسية معينة.‏ وعلى هذا القياس كن أن يكون الأمر بالنسبةللجوانب الأخرى للعناية الجسدية في <strong>الطفولة</strong> ابكرة.‏ فإذا كانت الشخصيةقد تثبتت بشكل لا عودة فيه من خلال تطبيق هذه الطريقة أو تلك فيالتعامل مع <strong>الطفل</strong> فالفرد يبقى إلى الأبد تحت رحمة تجاربه السابقة.‏ إلاأنه من اؤكد بأن الأمور لا تجري على هذا انوال.‏ حيث يبدو أن الطبيعةقد نظمت الأشياء بشكل أكثر مرونة وأكثر تسامحا ا اعتقده فرويد.‏موقف الأم من العناية الجسدية ب<strong>الطفل</strong>إن العناية الجسدية ب<strong>الطفل</strong> تأخذ معناها في إطار عام وفي موقف الأمتجاه <strong>الطفل</strong>.‏ فالأكثر أهمية من الفطام ابكر بحد ذاته هو الدافع الذيحمل الأم على اتخاذ هذا القرار.‏ هل هي التقاليد الثقافية الاجتماعية?‏ أمالرغبة في تسريع الاستقلالية عند <strong>الطفل</strong>?‏ هل تتعامل الأم مع <strong>الطفل</strong>بتسامح ومحبة أم بقسوة وعنف?‏ ما طبيعة العلاقات السائدة في الوسط111


الأمومةالعائلي?‏ هل هي علاقات ودية حارة?‏ أم علاقات يسودها التوتر وعدمالانسجام?‏ إن العوامل اؤثرة في شخصية <strong>الطفل</strong> هي تلك التي تحددطبيعة الوسط حيث يقضي <strong>الطفل</strong> سنواته الأولى.‏ فطريقة العناية الجسديةنفسها كن أن تتبع من قبل أم يقظة وعاطفية أو من قبل أم غير مباليةوعدائية ونفس الطريقة كن استخدامها في وسط عائلي مناسب ومتسامحأو في وسط جامد ومتسلط وكن استخدامها أيضا في جو من الكراهيةوالتوتر أو في جو من المحبة والألفة.‏ را يكمن هنا التأثير الحاسم فيتكون شخصية <strong>الطفل</strong>.‏ لقد حاول العديد من الباحث الربط ب موقفالأهل تجاه <strong>الطفل</strong> وب خصائص شخصيته فيما بعد.‏ لقد جمع سيرز٣٧٩ أم تتعرض للطرقالتربوية التي اتبعنها في مختلف مراحل و <strong>الطفل</strong> منذ الولادة وحتى عمرخمس سنوات خاصة فيما يتعلق بطرق التغذية والفطام وتطبيق النظافة وموقفالأم تجاه مختلف جوانب سلوك <strong>الطفل</strong> خاصة السلوك العدواني.‏ وتتناول أيضاطريقة الأم في تلق <strong>الطفل</strong> قواعد الانتظام أو ما يسمى بقواعد ‏«تأديب»‏<strong>الطفل</strong>.‏ وكذلك مشاعر الأم أثناء الحمل ومدى تلاؤمها مع الحياة الزوجية.‏ثم تتالت الأبحاث اتعلقة باسائل اطروحة سابقا ا سمح بتحديدبعض الخصائص التي يز سلوك الأهل - خاصة الأم-‏ نحو <strong>الطفل</strong> منأهم هذه الخصائص.‏١- العاطفة أو البرود ويستند هذا التصنيف إلى درجة العاطفة والحبورالتي تظهرها الأم نحو <strong>الطفل</strong> ومدى تقبلها لاعتماده عليها في الكثير منالأشياء.‏٢- ابالغة في التسامح أو القسوة ويتمثل ذلك في درجة تسامح الأمتجاه سلوك <strong>الطفل</strong> ومدى تأكيدها على ‏«الطرق الجيدة»‏ في قواعد الأكلوالشرب والجلوس...‏ ومدى إلحاحها على <strong>الطفل</strong> في الطاعة واستخدامهاللعقوبة الجسدية.‏ وفي أبحاث أخرى أدت إجابات الأهل إلى إظهار بعدينأساسي في تربية <strong>الطفل</strong>:‏يتراوح البعد الأول ب المحبة والعدوانية <strong>بين</strong>ما يتراوح البعد الثاني باراقبة والاستقلالية.‏ إذ أمكن تصنيف طرق التعامل مع <strong>الطفل</strong> حسبالخصائص اذكورة.‏وزملاؤه-(‏schaffer,١٩٨١‎ (Sears et al. In استبيانات ل112


تكيف الصغير وسلوك الأمومةتبرز الصعوبة في هذا انهج عند محاولة الربط ب خصائص الأهلمن جهة وب سلوك <strong>الطفل</strong> من جهة أخرى.‏ لقد حاول سيرز ومعاونوهوصف هذه <strong>العلاقة</strong> إذ تب مثلا أن الاضطراب الأكثر أهمية ينتج عناستخدام القسوة في تعليم الصغير ‏«النظافة»‏ أي مراقبة طرح البراز والبولويتداخل هذا مع عوامل البرودة العاطفية عند الأم تجاه <strong>الطفل</strong>.‏ ف<strong>الطفل</strong>الذي يشعر بأنه غير مقبول لدى أهله يبدي سلوك الاعتماد على الغيربدرجة أكثر من غيره.‏لقد أشار هذا البحث أيضا إلى أن العدوانية القوية عند <strong>الطفل</strong> ترتبطوقف يتميز بالتسامح ابالغ فيه واترافق من وقت إلى آخر بالعقوباتالشديدة.‏أصبحت هذه الاحظات مقبولة بشكل عام.‏ إلا أن تأكيد ذلك يتطلبالحصول على نفس النتائج لدى إعادة البحث وهذا لم يتحقق عندماحاولت ‏(ماريان رادك يارو)‏ ومعاونوها التأكد من ذلك .(١٩٨١,Schaffer)إن الترابط ب الطرق استخدمة من قبل الأهل وتطور شخصية <strong>الطفل</strong>ليس على درجة من الوضوح كما كان يعتقد.‏ فمن الصعب توقع شخصية <strong>الطفل</strong>بالاستناد إلى الطرق اتبعة من قبل الأهل خاصة الأم ‏(اصدر السابق).‏وكن تلخيص الصعوبات التي تنطوي عليها الأبحاث السابقة علىالنحو التالي:‏١- الهامش ب ما يقال وما يفعل.‏ فإنه من الصعب أن يحصل الباحثعلى معلومات موضوعية عن سلوك الأم ومشاعرها حيث يل الإجابةعلى الاستبيانات والاستثمارات إلى التقيد بالقيم الاجتماعية اتعارف عليهاوتبدو متأثرة بذلك إلى حد بعيد.‏ فاقارنة ب نتائج الاستبيان والاحظةاباشرة للسلوك توضح الفرق ب الطريقت‏.‏٢- إن بعض الترابط ب طريقة الأم تجاه <strong>الطفل</strong> وخصائص شخصيةهذا الأخير لا يعني وجود علاقة سببية ب الأمرين.‏ وبالرغم من ذلك يلالكثير من الباحث إلى اعتبار سلوك الأم سببا في سلوك <strong>الطفل</strong> وينسىأن التأثير في هذه <strong>العلاقة</strong> يكون ذا × اتجاه لا اتجاه واحد أي أن سلوك<strong>الطفل</strong> أيضا يؤثر في سلوك الأم.‏٣- إن قياس الطرق استخدمة في التعامل مع <strong>الطفل</strong> يتم غالبا بصورة113


الأمومةإجمالية وتقريبية.‏فوصف الأم بأنها مفرطة في التسامح لا يأخذ بع الاعتبار أن هذاالتسامح كن أن يتغير في سلوك آخر.‏ فيمكن للأم أن تكون متسامحةنحو تصرفات <strong>الطفل</strong> اتعلقة باللعب <strong>بين</strong>ما تكون شديدة القسوة عندمايتعلق الأمر بتناول الطعام.‏ وكن أيضا أن يتغير موقف الأم حسب مراحلال<strong>نمو</strong> اخملتلفة فالأم اتسامحة مع الصغير في عمر سنت كن أن تكونقاسية معه في عمر ثلاث سنوات.‏تب هذه الاحظات أن تأثير الطرائق اتبعة من قبل الأهل-خاصةالأم-في تطور <strong>الطفل</strong> ليس ذات تأثير آلي.‏ ف<strong>العلاقة</strong> ب الطرف علاقةدينامية معقدة تتأثر وتتفاعل ختلف عوامل المحيط.‏الاشراط في سلوك الأمومةلقد أشارت بعض الدراسات إلى أهمية الاشراط في تطور علاقة الأمبطفلها.‏ فاؤثرات الصادرة عن <strong>الطفل</strong> كالأصوات أو الحركات اللاإراديةتأخذ تدريجيا معاني محددة بالنسبة للأم وتثير في نفسها عواطف المحبةوكثيرا ما يرتبط سلوك الأمومة تجاه <strong>الطفل</strong> بهذه اؤثرات والحركات الصادرةعنه.‏ فاؤثر المحايد في بداية الأمر-كصوت <strong>الطفل</strong> وملابسه-يصبح مؤثرااشراطيا فيما بعد حيث يثير مشاعر المحبة وسلوك الأمومة.‏ وعلى هذاالنحو فالاشارات الصادرة عن <strong>الطفل</strong> أو ارتبطة به تثير عواطف الأمومة;‏وبذلك يصبح <strong>الطفل</strong> قادرا وبالتدريج على إثارة محبة الأم نحوه بالذات دونغيره فهو قادر على إصدار اؤثرات الإشراطية وغير الإشراطية <strong>بين</strong>ماقد لا يتمكن من ذلك طفل آخر.‏ولعله من افيد التطرق إلى الحادثة التالية حيث حصل الخطأ فيتحديد هوية طفل حديثي الولادة في أحد استشفيات حيث أعطي كلمنهما إلى أم غير أمه وبعد أسبوع اكتشاف الخطأ فما كان منإحدى الأمهات إلا أن عبرت عن عدم رغبتها في إعادة طفلها وذلك لتعلقهاب<strong>الطفل</strong> الذي قامت برعايته دة أسبوع Herbert,١٩٨٣) .(Sluckin andإن الإشراط التقليدي البافلوفي واحد من سياقات التعلم التي كن أنتتدخل في تعزيز الروابط ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ فالإشراط الفاعل أو الوسيلي114


تكيف الصغير وسلوك الأمومةقد يلعب دورا هاما في تقوية <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأم واستقرارهما.‏ ويحدثهذا الإشراط عندما يتبع فعل ما دون غيره عزز إيجابي ‏(مكافأة)‏ فالفعلاكافأ يتعزز ويصبح أكثر تكرارا وأكثر استقرارا.‏وفي علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> تقوم الأم بفعل كل ما تعتقد أن فيه خير <strong>الطفل</strong>ومنفعته ويعتبر ذلك معززا لسلوك الأم.‏ فتغذية <strong>الطفل</strong> وحمايته ونظافته..‏كل هذه النشاطات تبعث الرضى والحبور في نفس الأم وفي هذا تعزيزلسلوكها ا يوثق <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>ها وب <strong>الطفل</strong>.‏ وعلى العكس فالإخفاق فيإرضاء <strong>الطفل</strong> كثيرا ما يقود إلى رفضه وعدم تقبله.‏وتجدر الإشارة إلى التأثير الثقافي في تشجيع سلوك الأمومة حيثتلجأ الأم الشابة إلى تقليد أمها في التعامل مع الصغير أو إلى ملاحظةمن لها تجربة سابقة في سلوك الأمومة.‏ وهذا ما يؤدي إلى استقرار جملةمن السلوك والعادات للتعامل مع <strong>الطفل</strong> في بيئة اجتماعية-اقتصادية معينة.‏ويقترح هارلو أن محبة الأم ت<strong>نمو</strong> وتتطور في الأشهر الأولى من حياة<strong>الطفل</strong>.‏ <strong>بين</strong>ما يرى بعض الأيتولوجي أن التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم يستقربصورة مبكرة.‏إن التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم على درجة كبيرة من التعقيد بحيث يجعلهذه <strong>العلاقة</strong> وحيدة من نوعها ومتميزة عن غيرها في طريقة تطورهاووها.‏115


الأمومةالباب الثانيالتفاعل <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والحاضن116


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم6 التفاعل <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأمبنية <strong>العلاقة</strong> المتبادلة <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأمتهدف هذه الدراسة إلى وصف بنية التفاعلالاجتماعي ب <strong>الطفل</strong> والأم وتحديد العناصر التيتشكل هذه البنية.‏ فكل فعل أو حركة لأحد الطرفيقع ضمن جملة مترابطة تشكل وحدة سلوكيةمتكاملة ومتوافقة مع أفعال الطرف الآخر.‏ويعتبر التزامن ب العناصر السلوكية للطرفاشارك في عملية التفاعل الاجتماعي على درجةكبيرة من الأهمية.‏ فاستمرار التفاعل اتبادل يتوقفإلى حد كبير على التزامن ب سلوك اعني فيهذا التفاعل.‏ ويتفاوت تأثير العناصر السلوكيةلكل من الطرف في سلوك الطرف الآخر حيثيكون بعضها محدود التأثير <strong>بين</strong>ما يكون بعضهاالآخر على درجة كبيرة من الفعل والتأثير في سلوكالآخر.‏ وكن عزل هذه العناصر السلوكيةوتحديدها بشكل منهجي من خلال الاحظةالعلمية وذلك بتسجيل الأنشطة السلوكية اخملتلفةبتزامنها وتوافقها ومعرفة كيفية حدوث هذاالتزامن وهذا التوافق.‏ فالتقدم التقني في مجالتسجيل السلوك يسمح بتحليل دقيق خملتلفالعناصر التي تشكل وحدات سلوكية متماسكة117


الأمومةوكن أيضا من معرفة توقيت حدوث كل عنصر من هذه العناصر ودورهفي الوحدة السلوكية.‏ تستخدم معظم الأدبيات اتعلقة بالتفاعل ب <strong>الطفل</strong>والأم للقياس الكمي لعناصر السلوك اتبادلة كالتكرار وادة الزمنية.‏ وفينهاية الاحظة يعتبر القياس الكمي للمدى الذي وصل إليه كل فرد مشاركفي التفاعل ويعتبر-حسب هذه الطريقة-كل نشاط قياسه ثابة مؤشرلبعض القدرات التي يتمتع بها الفرد.‏ إن مسألة التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong>على درجة كبيرة من التعقيد ا يحتم إجراء تحليل وصفي تعدادي متنوعالوجوه خملتلف جوانب السلوك التي تظهر أثناء هذا التفاعل (Collis,١٩٧٩)عند عينة واسعة بهدف القيام بجرد كامل للعناصر السلوكية التي يظهرهاأفراد نوع محدد من الأنواع وهذا ما يسمى في الأيتولوجيا التقليديةبالايتوغرام .(Ethogram) ويقترح اؤلف السابق بناء مقياس(‏Dyadogram‏)‏يتضمن العناصر السلوكية للأم و<strong>الطفل</strong> ويأخذ في الحسبان التنظيم اتبادلللسلوك أثناء تفاعلهما.‏العناصر الأساسية للتفاعل <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأميكون <strong>الطفل</strong>-كما لاحظنا سابقا-مزودا ا كنه من تكييف سلوكه معسلوك الأم والتي تقوم بإصدار التعابير الائمة لاهتمامات <strong>الطفل</strong>.‏ إن بنيةالاتصال <strong>بين</strong>هما على درجة كبيرة من الغنى والتنوع فالأم تظهر العناصرالسلوكية اخملتلفة بطريقة تثير اهتمام الصغير الذي يقوم بدوره بالاستجابةبطريقة ما عند تعرضه ؤثرات الأم.‏التفاعل الصوتييعتبر الترابط ب الكلام والقناة السمعية الصوتية على درجة من الأهميةفي التفاعل الاجتماعي ب البشر.‏ فأثناء التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم-كما هوالحال بالنسبة للمحادثة ب الراشدين-يأخذ كل طرف دوره في مرحلةمحددة ويترك اجملال للطرف الآخر في مرحلة أخرى.‏ لقد بيّنت دراسةستيرن وزملائه أن التبادل الصوتي ب <strong>الطفل</strong> والأم يحدث بتناسق محددبحيث يأخذ كل منهما دوره تاركا الفرصة للآخر وأن الأم تأخذ غالباابادرة في هذا التبادل خاصة عندما يقوم <strong>الطفل</strong> بإصدار نشاط صوتي.‏118


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمويتوضح ذلك مع تقدم <strong>الطفل</strong> في العمر حيث يقوم <strong>الطفل</strong> باتخاذ ابادرةتابعة النشاط الصوتي عندما تطول برهة توقف الأم عن هذا النشاط.‏ولقد أشار كوندون (Condon,١٩٧٩) في دراسته للتزامن السلوكي عند <strong>الطفل</strong>لدى تعرضه ؤثر صوتي إلى أن جسد <strong>الطفل</strong> الذي يعاني من صعوبات فيالتعلم يضطرب بطريقة مختلفة عن <strong>الطفل</strong> العادي.‏ وتبدو حركة <strong>الطفل</strong> اعوّقمتزامنة مع الصوت كما هو الحال عند <strong>الطفل</strong> العادي إلا أنها تحدث متأخرةبالنسبة للمؤثر كما لو كان الأمر يتعلق بفيلم تتحرك صوره متأخرة عن الصوت.‏لقد كرر هذا الباحث التجربة على أطفال يعانون من مشكلات دماغيةمختلفة وتوصل إلى فرضيت أساسيت‏:‏١- يحصل الاضطراب الجسدي-الانفعالي بعد تعرض الأطفال اعوقؤثر صوتي إلا أن ادة الفاصلة ب اؤثر والاستجابة تكون أطول عندهؤلاء الأطفال باقارنة مع الأطفال العادي‏.‏٢- تأخذ الاضطرابات ارضية صيغة استجابة متعددة لكل مؤثر صوتيوتبدو على شكل اهتزازات متتابعة تحدث بعد فاصل زمني محدد منالتعرض للمؤثر.‏ تشير هذه النتائج إلى أن العناصر الانفعالية الجسديةالتي تتبع مؤثر صوتي تختلف عند <strong>الطفل</strong> اعوق عقليا باقارنة مع <strong>الطفل</strong>العادي.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي يعاني من صعوبات في التعلم يعاني أيضا من صعوباتفي تزامن الحركة مع الصوت.لقد أوضح هذا اؤلف أن <strong>الطفل</strong> يتفاعل معالصوت الكلامي بعد عشرين دقيقة من الولادة.‏ وأن ذلك يلعب دورا هاما فيسياق تطور <strong>الطفل</strong> وتشربه سمات الوسط الثقافي الذي يكبر فيه.‏ ويشبههذا اؤلف ذلك بإيقاع راقص جميل حيث يلعب هذا التزامن دورا أساسيا فيإقامة العلاقات مع العالم الخارجي خاصة ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ وفي دراسة لنا(١٩٨٧,Kontar) لأطفال تتراوح أعمارهم ب الشهر الثامن عشر والشهر الرابعوالعشرين تب أن <strong>الطفل</strong> والأم يقضيان نصف مدة الاحظة-أثناء تناول<strong>الطفل</strong> لوجبة العشاء-في تبادل صوتي كلامي.وغالبا ما تأخذ الأم ابادرة فيهذا السلوك (٦٢%).التفاعل البصري:‏إن قيام <strong>الطفل</strong> بتوجيه بصره نحو الأم يدفعها إلى تركيز بصرها نحوه119


الأمومةوالعكس صحيح أيضا فتوجيه بصر الأم نحو <strong>الطفل</strong> يدفع هذا الأخيرلإظهار نفس السلوك ومبادلة الأم النشاط البصري.‏ لقد اعتبر الباحثونأن التفاعل البصري ب <strong>الطفل</strong> والأم لا يقتصر على تبادل النظرات بليتعدى ذلك إلى قيام كلا الطرف بنشاط بصري مشترك يتوجه نحو شيءما في المحيط ويقارن هذا النشاط بالنشاط البصري اتبادل فالتزامنب بصر الأم وإشارة أصبعها إلى شيء محدد (Pointing) في غاية الأهميةفي تطور التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏وغالبا ما يتزامن النشاط البصري مع النشاط الصوتي.‏ ف<strong>الطفل</strong> فيعمر السنت كنه التنسيق ب نظراته إلى الأم ونشاطه الصوتي منالثغثغة واناغاة,(‏(Schaffer,١٩٧٧‎ <strong>بين</strong>ما يتعذر ذلك عند <strong>الطفل</strong> في عمرالسنة .(Collis,١٩٧٩)وبالرغم من التأثير اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong> في هذا السلوك فإنهيختلف من مرحلة إلى أخرى من مراحل و <strong>الطفل</strong>.‏ ففي السنة الأولى منالعمر تنظر الأم إلى الصغير أكثر اينظر هو إليها:‏ Stern,١٩٧٤) (Schaffer,١٩٧٧ ويستمر ذلك أثناء السنةالثانية (Kontar,١٩٨٧) إذ تنظر الأم إلى <strong>الطفل</strong> أكثر ا ينظر هو إليها.‏وكن تفسير ذلك بأن الأم تحاول إبقاء <strong>الطفل</strong> تحت مراقبتها.‏ لقد <strong>بين</strong>تالدراسة التي قام بها اؤلف (Kontar,١٩٨٧) والتي تنطوي على ملاحظة الأمو<strong>الطفل</strong> أثناء تناوله وجبة العشاء بأن الأم تتوجه ببصرها إلى الصغيرإحدى وست مرة خلال ثلاث دقيقة <strong>بين</strong>ما يفعل الصغير ذلك خمسعشرة مرة وتستمر الأم بالنظر إلى <strong>الطفل</strong> خلال % ٣١ من مدة الاحظة<strong>بين</strong>ما ينظر <strong>الطفل</strong> إلى الأم ٧٫٤% من هذه ادة.‏ ويصل التبادل البصري بالاثن إلى ١٥٬٥% من مدة الاحظة التي تستمر ثلاث دقيقة.‏إن نتائج هذه الدراسة تنطوي على ملاحظت اثنت‏:‏١- إن الأم أثناء تفاعلها مع <strong>الطفل</strong> تقوم بدور هام في النشاط البصري.‏٢- يحتل التواصل البصري اتبادل ب <strong>الطفل</strong> والأم أهمية خاصة إذثل أكثر من ١٥% من الوقت الكامل للملاحظة.‏وكن تلخيص العناصر الأساسية التي تلعب دورا هاما في التفاعلالاجتماعي ا يلي:‏120


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم١- توقيت الفعل أو الحركة أو الإشارة الصادرة عن اشارك في التفاعل.‏٢- اشتراك الاثن في نشاط موحد ‏(عندما تفعل الأم الشيء نفسهك<strong>الطفل</strong> أو العكس).‏٣- تبادل الأدوار وذلك عندما يتعاقب فعل أحد الأطراف وفعل الطرفالآخر أو حركته أو إشاراته حيث يصبح أحدهما نشطا <strong>بين</strong>ما يتوقف نشاطالآخر ويتكرر تبادل الأدوار أثناء التفاعل.‏ فتبادل الأدوار هذا ب الأمو<strong>الطفل</strong> خاصة أثناء الرضاعة يشبه إلى حد بعيد الحوار حيث تحاولالأم من خلاله أن تكيف سلوكها حسب الإيقاع الطبيعي لسلوك <strong>الطفل</strong>وترى كاي (Kaye,١٩٧٧) بأن الأم تنفذ من خلال هذا الإيقاع لتحمل <strong>الطفل</strong>على تبادل الأدوار.‏ وبالرغم من تقدم البحث وتراكم النتائج اتعلقة بالتفاعلب الصغير والأم إلاّ‏ أن فهمنا لبنية هذا التفاعل لا يزال أوليا ولا بد منقطع خطوات كبيرة عرفة <strong>الطفولة</strong> معرفة حقة.‏التفاعل اللمسيفي معظم الثقافات التي لم تتأثر تأثرا كبيرا بالحضارة الحديثة يتمالاتصال اللمسي ب <strong>الطفل</strong> والأم على نطاق واسع دون قيودا اجتماعية.‏فالطرق التي تتبعها هذه اجملتمعات توفر للطفل فرص الاتصال الجسديوترضى حاجاته دون عقبات من حيث تعريضه للمؤثرات وإرضاعه بطريقةطبيعية.‏ وتنوه عند الحاجة ويجعل ذلك من <strong>الطفل</strong> أكثر يقظة وتنبهاللعالم الخارجي.‏ ف<strong>الطفل</strong> يستريح وينام على جسد الأم حسب رغبته وحاجته.‏وعندما يكبر يقوم أطفال أكبر منه بحمله واصطحابه.‏ وت<strong>نمو</strong> هذه <strong>العلاقة</strong>بالاستناد إلى التجاذب اتبادل ب الصغار والأطفال الأكبر عمرا وعندمايشعر <strong>الطفل</strong> بحدث غير متوقع في محيطه سرعان ما يبحث عن التلاصقالجسدي وكأنه يطلب الحماية من الأم أو من شخص آخر.‏وكن للطفل أن يرضع في أي وقت حيث يكون ثدي الأم مكشوفا.‏ويتمتع <strong>الطفل</strong> بحرية واسعة في سحب الثدي والإمساك به ومداعبته.‏وتتغير هذه <strong>العلاقة</strong> من ثقافة إلى أخرى.‏ ففي اجملتمعات الصناعيةتقل الفرص التي كن <strong>الطفل</strong> من الاتصال اللمسي بالأم.‏ خصوصا عندمايتجاوز السنة الأولى من العمر وعندما يتمكن من الجلوس واشي حيث121


الأمومةيتم وضعه في كرسي خاص ليتناول وجبته وينام منذ الولادة في سريرهالخاص دون أن يتمكن من ملامسة الأم.‏ ففي دراسة للمؤلف (Kontar,١٩٨٧)تب أن <strong>الطفل</strong> اعتبارا من عمر الثمانية عشر شهرا يتناول طعامه دون أنيتمكن من الاتصال اللمسي بالأم بالرغم من قصر اسافة الفاصلة <strong>بين</strong>همافالأم في اجملتمعات الصناعية الغربية لا تسهل هذا النوع من الاتصال بلتعمل على قمعه على عكس ما يلاحظ في اجملتمعات العربية التقليديةوفي مجتمعات كثيرة حيث تكون الأم جاهزة في كل وقت للتبادل اللمسيمع <strong>الطفل</strong>.‏التفاعل الشمييبدو أن تأثير الرائحة في التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> قد أثار اهتمامالباحث حديثا.‏ لقد قام ماكفارل Farlane,١٩٧٥) (Mac بجملة من التجاربلدراسة هذه الظاهرة.‏ تتضمن إحدى تجارب هذا اؤلف وضع قطعتقماشيت في محاذاة رأس <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة تحمل إحداها رائحةالأم ‏(رائحة إفرازات الثدي أو الغدد اجملاورة له)‏ <strong>بين</strong>ما تحمل الثانية رائحةمحايدة أو رائحة أم أخرى لقد أظهر الصغير استجابات مختلفة باختلافمصدر رائحة الأم.‏إنه يتجه بحركاته إلى مصدر رائحة الأم باقارنة مع رائحة محايدةويتابع تفضيل رائحة الأم باقارنة مع رائحة أم أخرى.‏ لقد اعتبر هذاالباحث حركة الرأس باتجاه مصدر الرائحة كمؤشر لتفضيل <strong>الطفل</strong> وييزهلرائحة ثدي الأم.‏لقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أن ييز <strong>الطفل</strong> للرائحة يلاحظاعتبارا من اليوم السادس بعد الولادة.‏ ويصبح تفضيل <strong>الطفل</strong> لرائحة الأمأكثر وضوحا في اليوم الثامن عشر.‏لقد تأكدت هذه النتائج وتحددت بعد سلسلة الأبحاث التي قام بها بنواشال Schaal,١٩٨٤,١٩٨٨) (Benoist حيث أجرى هذا الباحث تجاربه في أحدىدور الولادة دينة بيزانسون ‏(فرنسا)‏ وقام بتعليق القطع القماشية حاذاةالوجه أثناء تعريض <strong>الطفل</strong> ؤثرات مختلفة.‏ لقد اعتبر هذا الباحث النشاطالحركي للرأس والأطراف العليا كمؤشر على ييز <strong>الطفل</strong> لرائحة الأم.‏122


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمويرى هذا اؤلف أن رائحة الأم تلعب دورا مهدئا للطفل عندما يكونفي حالة توتر أو بكاء.‏ إن ييز <strong>الطفل</strong> لرائحة الأم في مرحلة مبكرة يتركالطريق مفتوحا أمام الافتراض القائل بأن الاتصال الشمي يلعب دورا هامافي التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏ فظهور علامات الرضى والانبساط عند تعرض<strong>الطفل</strong> لرائحة الأم يؤثر في استجابات الحنو والعطف التي تظهرها الأمبدورها تجاهه.‏ وفي سلسلة أخرى من التجارب أوضح هذا اؤلف أن الأمأيضا كنها التعرف على رائحة <strong>الطفل</strong> في مرحلة مبكرة بعد الولادة ‏(مناليوم الأول حتى عمر عشرة أيام).‏ لقد وضع قطعة قماشية على جسد<strong>الطفل</strong> دة تتراوح ب اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشرين ساعة بهدفتحميلها رائحة <strong>الطفل</strong>.‏ وبعدها تعرض هذه القطعة القماشية مع قطعتأخري تخلوان من أية رائحة على الأم بعد عصب عينيها.‏ لقد أوضحتهذه التجارب أن الأم تتعرف على رائحة <strong>الطفل</strong> وأن اؤثرات الحسية التيتتبع الولادة-كالامسة الجسدية-‏كن أن تؤثر في قدرة الأم على التعرفعلى رائحة طفلها.‏ لقد وزعت الأمهات في ثلاث زمر بالاستناد إلى مدةالامسة الجسدية:‏١- زمرة عادية تتراوح مدة وضع <strong>الطفل</strong> على جسد الأم من عشر دقائقإلى خمسة عشر دقيقة بعد الولادة.‏٢- زمرة ثانية تكون مدة وضع <strong>الطفل</strong> على جسد الأم ب ثلاث إلىأربع دقيقة وقد تشجيع الوليد على الرضاعة الطبيعية وأخذ الثدي.‏٣- زمرة ثالثة محرومة من الامسة الجسدية بسبب التحذير أو التدخلالجراحي.‏لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن نسبة التعرف على رائحة <strong>الطفل</strong> تكونأعلى بكثير عند الأمهات اللواتي أتيحت لهن الفرصة للتبادل اللمسي دةطويلة مع الوليد باقارنة مع الأمهات اللواتي لم يتمكن من ذلك أو باقارنةمع أمهات الزمرة العادية.‏ Kontar,١٩٨٥) .(Schaal andالحركات الجسديةيكون الصغير منذ الولادة مزودا بآليات تجعله على درجة من الحساسيةبحيث كنه الاتصال مع الآخرين والتعبير بطرق مختلفة وتشكل الحركات123


الأمومةالجسدية عنصرا هاما من عناصر سلوك الاتصال إذ كن الصغير منالتواصل والتفاعل مع محيطه.‏ وتأخذ هذه الحركات أشكالا متعددة وكنأن تتسق في صيغة معقدة ضمن سياق اتصالي محدد.‏وللوضع الجسدي أهمية خاصة في التواصل ب الأفراد وكذلك للمسافةالفاصلة ب شخص وآخر حيث تؤثر في عملية التفاعل الاجتماعي.‏ ولعل درجةاليقظة أو الانتباه أكثر العوامل أهمية في هذا التفاعل إذ تتأثر بذلك القدرةعلى تلقي الإشارات والرموز وتحليلها وإصدار الإشارات والاستجابات اناسبة.‏فتوافق النظر والتعبير الوجهي ووضع الجذع والحركات البدنية اخملتلفةيعبر عن درجة الانتباه وقابلية العضوية على تلقي الإشارات الصادرة عن الآخر.‏سنحاول في هذه الدراسة إلقاء الضوء على دور الحركات الجسدية-‏خصوصا التعبير الوجهي والتقليد-في تطور التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> وفيالسياق الذي يجعل لهذه الحركات معاني اتصالية بالنسبة لهما.‏التعبير الوجهي:‏ Expression) (Facialيرى داروين أن بقاء الأنواع الاجتماعية العليا يعتمد إلى حد بعيد علىقابليتها على الاتصال من جهة وعلى قدرة أعضائها اخملتلفة التي كنهامن اجملابهة أو الهرب من جهة أخرى.‏ فالسؤال الذي شغل الباحث هوكيف يتمكن الإنسان من اكتساب التعابير الخاصة التي تحتل مكانا هاما فيسلوك الاتصال ب أفراد النوع?‏ وهل هذه التعابير فطرية متأثرة بسياقالتطور مثلها مثل الأعضاء الجسدية اتعددة?‏ أم هي متصلة?‏إن التعابير الوجهية-كقاعدة لانفعالات اللذة والكدر والغضب والخوفوالفرح والحزن والاشمئزاز أو الرفض-حاضرة عند الولادة وتظهر بشكلجلي خلال الأشهر الأولى وتتأثر قليلا بالحياة الاجتماعية.‏لقد أظهرت الأبحاث الحديثة عددا كبيرا من التعابير الوجهية عند <strong>الطفل</strong>الحديث الولادة حيث تكون قريبة من مثيلتها عند الكبار.‏ إلاّ‏ أن ظهور هذهالتعابير ليس مرفقا عند اولود بنفسه اعاني التي تحملها عند الكبار.‏وتتميز التعابير الوجهية عند الصغير بدرجة عالية من النضج العصبي-‏العضلي.‏ وتندمج حركة العضل الوجهي بشكل جزئي في بعض الاستجاباتلتأخذ دلالة اجتماعية فيما بعد.‏124


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأموكن ملاحظة الفروق الفردية ب الصغار منذ الولادة عند التأمل فيالتعابير الوجهية ابكرة.‏ فدرجة الاندماج العضلي.‏ العصبي لتقاسيم الوجهتؤثر منذ البداية في طبيعة الإشارات والرموز اخملتلفة والتي ستلعبدورا حيويا في سلوك الاتصال عند <strong>الطفل</strong> وفي قدرته على التفاعل معمحيطه الاجتماعي.‏ ويؤثر ذلك أيضا في الاستجابة للمؤثرات الاجتماعيةالتي سيتلقاها <strong>الطفل</strong> إذ أن اللمح ابكر لشخصيته بالاستناد إلى طبيعةتعابيره الوجهية.‏الابتسامالأول ملاحظة سلوك الابتسام عند الصغير في الأسبوع كنأثناء النوم الحالم ‏(في مرحلة النوم النشط حيث تتسارع حركات الع (R(E.M. وأثناء الوسن (١) ومن النادر ملاحظة الابتسام أثناء اليقظة.‏ ويتميزسلوك الابتسام في هذه ارحلة بالتنوع فمنه ما يكون سريعا وآخر يدومبعض الوقت ويلاحظ دد جانبي الفم أثناء الابتسام وأحيانا يتمدد جانبواحد فقط ولا يبدو سلوك الابتسام على علاقة مع أحداث العالم الخارجيفي هذه ارحلة فهو يعكس الإثارات العصبية-الفيزيولوجية إذ يرتبط بنشاطالدماغ الذاتي ويسمى بالابتسام الانعكاسي.‏أما بالنسبة للابتسام ارتبط بالحوادث الخارجية فيلاحظ بعد عمرستة أسابيع (Stern,١٩٧٧) إذ كن إثارة هذا السلوك ؤثرات خارجيةفالوجه الإنساني والبصر والصوت والدغدغة تعتبر من أكثر اثيرات لسلوكالابتسام ويكمن هذا التطور اهم في أن الابتسام يأخذ طابعا اجتماعيامع الاحتفاظ بخصائصه اورفولوجية الأصلية فخلال الشهر الثاني منالعمر يصبح الابتسام إشارة اجتماعية فعلية .(Trevarthen,١٩٧٩) وبعد عمرثلاثة أشهر يشهد هذا السلوك تطورا جديدا إذ يصبح وسيلة هامة لإثارةاستجابة ما كابتسامة الأم أو نشاط صوتي ف<strong>الطفل</strong> يصدر سلوك الابتسامللتأثير في محيطة الاجتماعي.‏ وبعد عمر أربعة أشهر يصبح الابتسام أكثرتنسيقا ورقة وقدرة ويصبح التعبير الوجهي ارافق للابتسام أكثر تعقيدا.‏تتزامن مراحل تطور سلوك الابتسام مع تقدم مواز في قدرات <strong>الطفل</strong>الحسية والإدراكية حيث يسمح و هذه القدرات بظهور الابتسام في125


الأمومةشروط مختلفة كاستجابة ؤثرات متنوعة.‏يظهر سلوك الابتسام عند الأطفال اكفوف منذ الولادة ا يعطيوزنا كبيرا لحجة القائل بفطرية هذا السلوك.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي لم يسبق لهمشاهدة الابتسام كنه إظهار هذا السلوك دون تعلم مسبق ويتشابه هذاالسلوك عند الأطفال ابصرين واكفوف حتى الشهر السادس من العمر.‏إلا أنه يبدأ بالضعف ‏-كغيره من التعابير الوجهية ‏-عند الأطفال اكفوفبعد الشهر السادس.‏ فالابتسام عند اكفوف أقل جاذبية وإشراقا منالابتسام عند ابصرين.‏ فهذا السلوك ‏-بالرغم من فطريته-يحتاج إلى مؤثراتالمحيط وإلى تعزيزات مقابلة كي يأخذ أبعاده كاملة ويتحقق بشكل أمثل.‏يبدأ الابتسام على شكل منعكس فطري بسيط ثم يأخذ أبعادااجتماعية إذ يصبح وسيلة سلوكية هامة في الاتصال ب <strong>الطفل</strong> والعالمالخارجي ثم يندمج سلوك الابتسام في أشكال متعددة من التعابير الوجهيةبشكل منسق ومنسجم ثم يأخذ بالتعقيد خلال مراحل و <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏وخلافا للابتسام فالضحك لا يظهر في اراحل الأولى بعد الولادة بلفي مرحلة لاحقة.‏ ففي عمر ستة أشهر كن إثارة الضحك كاستجابةؤثرات خارجية حسية كالامسة أو الدغدغة.‏ وبعدها كن للمثيراتالسمعية أو البصرية إثارة هذا السلوك.‏الكدريتكون سلوك الكدر من سلسلة معقدة من التعابير الوجهية تبدأ عادةبالعبوس ثم التجهم الأكثر عمقا اتمثل في عقد الحاجب وإغلاق العينجزئيا ثم ميلان زاوية الفم إلى أسفل.‏ وتترافق هذه التعابير بالصراخ فيحالة البكاء حيث تكون الحالة القصوى التي تظهر الكدر وعدم الرضىعند الصغير.‏تتغير تعابير الكدر ور في مراحل عدة من التطور شأنها شأن سلوكالابتسام.‏ فهي جملة من الانعكاسات اوجودة منذ الولادة وتتصف بالشموليةحيث ت ملاحظتها عند الأطفال من عروق وأقوام مختلفة.‏وكن إثارة هذا السلوك في شروط خارجية محددة حيث تصبحتعابير الكدر والعبوس والبكاء وسائل سلوكية وتستخدم هذه التعابير منفصلة126


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمأو مركبة في جملة معقدة كوسيلة اتصال اجتماعي تسمح للطفل بضبظتفاعله مع الأم.‏لقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن <strong>الطفل</strong> يتمكن من إظهار التعابيرالوجهية الستة الأساسية التي تعتبر الركيزة البيولوجية للانفعالات التالية:‏السرور والغضب والخوف وافاجأة أو الدهشة والحزن والاشمئزاز.‏وتجدر الإشارة إلى أن التعابير الوجهية اخملتلفة والبصر تندمج فيوحدات سلوكية اتصالية يتعلم <strong>الطفل</strong> تنسيق هذه الوحدات في الأشهرالأولى من العمر.‏ وبالرغم من وجود هذه الوحدات عند الولادة إلا أنهاتتأثر في سياق التعلم والتجربة.‏ فالتعبير الانفعالي ينبثق ويتموضع خلالتطور الفرد ويأخذ دورا تكيفيا أثناء و <strong>الطفل</strong> خصوصا فيما يتعلقبسلوك الاتصال ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏وتتمتع هذه الوحدات السلوكية بوظيفة هامة في الاتصال ب <strong>الطفل</strong>والمحيط إذ تتصرّف الأم بالاستناد إلى التعابير الصادرة عن الصغير.‏يتب ا سبق الدور النشط للطفل إذ كنه التأثير في من حولهخصوصا الأم منذ الأسابيع الأولى.‏ فالكثير من استجابات الأم تتأثر بالتعابيروالإشارات الصادرة عن الصغير.‏ إن ملاحظة سلوك الأم عندما يبكي طفلهامثلا تب مدى تأثير ذلك في تصرفات الأم حيث تبني استراتيجيتها السلوكيةبالاستناد إلى هذا اؤثر الصادر عن الصغير فهي تحاول معرفة اذايبكي?‏ هل هو جائع?‏ هل يشعر بعدم الرضى بسبب ملابسه الرطبة?‏ فهيتأخذه وتداعبه وتلامسه بحنو حتى يهدأ انفعاله.‏ أما إذا ابتسم <strong>الطفل</strong>فتستجيب الأم غالبا بالابتسام واناغاة واللعب الذي قد يستمر وقتا طويلا.‏وتوضح هذه الأمثلة أن <strong>الطفل</strong> ليس كائنا منفعلا يكتفي لاحظة مايجرى حوله فحسب بل يلعب دورا نشطا في تطور علاقته مع الأم.‏التقليدلقد أشار زازو ١٩٨٦,Zazzo,١٩٤٥) (In Nadel إلى أنه قد لاحظ صدفةطفله البالغ من العمر خمس وعشرين يوما د لسانه كاستجابة على مداللسان من قبل زازو نفسه تكرر ذلك عدة مرات متتابعة استجابة اأصدره زازو نفسه.‏127


الأمومةلقد كرر هذا الباحث التجربة عندما بلغ <strong>الطفل</strong> سبعة وثلاث يوماوحصل على نفس النتائج السابقة وبعدها أصبح مجرد حضور زازو نفسهأمام <strong>الطفل</strong> يثبر عند هذا الأخير مدّ‏ اللسان.‏ و التحقق من هذه التجربةفيما بعد حيث تب أن <strong>الطفل</strong> كنه أن يقلد بعض الحركات في مرحلةمبكرة من العمر.‏ وتتبع استجابة الصغير دائما سباقا محددا إذ يقومبتثبيت نظر على حركة اللسان انتظمة للمجرب ثم يحرك فمه ويخرجلسانه مرة أو عدة مرات متتابعة.‏وتجدر الإشارة إلى أن <strong>الطفل</strong> يتوقف عن النظر إلى اجملرب عندما يبدأبتحريك فمه ولسانه كما لو أن إطلاق الحركة وتنفيذها يستوجب توقفالتثبيت الحسي.‏تتعارض النتائج السابقة مع وجهة نظر ‏(بياجيه)‏ القائلة بأنه من غيرامكن ملاحظة سلوك التقليد في الشهر الأول من العمر.‏ إذ يز مرحلةمن عمر شهر إلى عمر خمسة أشهر حيث يظهر سلوك التقليد تدبشكل محدود ومتفرق على هامش بعض انعكسات كاص والصراخ وبترديدال<strong>نمو</strong>ذج بشكل أولى.‏ واعتبارا من الشهر السادس كن ملاحظة التقليدباعنى الدقيق وفي مرحلة لاحقة تد حتى عمر السنة كن ملاحظةالتقليد لنماذج جديدة.‏ ويظهر <strong>الطفل</strong> سلوك التقليد بحضور ال<strong>نمو</strong>ذج ‏(التقليداباشر)‏ في عمر أحد عشر أو أثنى عشر شهرا أما في الشهر الخامسعشر فإن سلوك التقليد يتطور تطورا هاما حيث يتميز بصفت أساسيت‏:‏١- يتمكن <strong>الطفل</strong> من تقليد وذج جديد بشكل صحيح وعلى الفور.‏٢- يتمكن <strong>الطفل</strong> أيضا من التقليد بعد غياب ال<strong>نمو</strong>ذج ‏(التقليد اؤجل).‏التقليد المبكرقام بياجيه لاحظة طفله الصغير في دار الولادة في مواقيت مختلفة:‏في عمر ١٢ ساعة و ٣ أيام و ٤ أيام و ٦ أيام.‏ لقد <strong>بين</strong>ت هذه الاحظات أنبكاء <strong>الطفل</strong> اجملاور وتأوه ونواح بياجبه افتعل يثير بكاء الصغير لقدخلص هذا الباحث إلى القول بأن البكاء يتميز بخصوصية تثير بكاء <strong>الطفل</strong>الحديث الولادة حيث أنه يبدي استجابة لهذا اثير دون غيره من اثيراتالصوتية .(Nadel,١٩٨٦,p.٣٠) ولم يتطرق بياجية إلى افتراض التقليد عند128


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمملاحظة ذلك.‏لقد تعاقبت الأبحاث اتعلقة بظاهرة التقليد في السنوات الأخيرةوأشارت بعض الاحظات إلى أن <strong>الطفل</strong> ب عمر ٢١ يوما كنه تقليدالتعابير الوجهية وبعض حركات اليد إذ كنه إنتاج حركات على أجزاءغير مرئية من جسده Moore,١٩٧٧) .(Meltzoff et لقد ناقش هذان الباحثاننتائجهما بالاستناد إلى الفرضية التي تعتبر قابلية التقليد قابلية فطريةإلاّ‏ أن ذلك قوبل بانتقادات عنيفة (Nadel,١٩٨٦) وقام باحثون آخرون بإعادةالتجارب الآنفة الذكر وخلصوا إلى القول بعدم وجود عناصر حاسمة تؤكدسلوك التقليد بعد الولادة.‏ونخلص ا سبق إلى الاحظات التالية:‏١- را كان التعارض في نتائج الأبحاث اتعلقة بسلوك التقليد نتيجةلصعوبة تعريف هذا السلوك.‏ فالتشابه ب تعبيرين أو حركت لا يعنيبالضرورة تقليدا.‏٢- يستند انطلاق سلوك التقليد أثناء مراحل تطور <strong>الطفل</strong> إلى قواعدعصبية بيولوجية مختلفة وكن إثارة سلوك التقليد بواسطة مؤثرات بصرية.‏فاعلومات البصرية وحدها قد تكفي لإثارة هذا السلوك.‏٣- تشير بحوث متعددة إلى وجود قدرات لإظهار سلوك التقليد فيالأشهر الأولى وتختفي هذه القدرات في عمر (٣- ٤) أشهر لتظهر بعدهامن جديد.‏ ويختلف سلوك التقليد اللاحق عن سابقة باستناده إلى معاييرتتعلق ا يعنيه اؤثر بالنسبة للطفل فلم يعد هذا السلوك عبارة عنمنعكسات بسيطة بل يتم انتخابه حسب اعاني التي يحملها اؤثر.‏ فاؤثراتالأهم بالنسبة للطفل هي تلك الصادرة عن اقرب خصوصا الأم حيثتأخذ اؤثرات الصادرة عن ‏«ال<strong>نمو</strong>ذج»‏ ‏(سلوك الأم)‏ صيغة عاطفية.‏بالرغم من أن بعض النتائج الحديثة تعزز الفرضية القائلة بوجود سلوكالتقليد في الأشهر الأولى أثناء التبادل الاجتماعي ب <strong>الطفل</strong> والأم إلاّ‏ أنذلك لا يزال يفتقر إلى دراسات منهجية ومنتظمة.‏٤ ‏-يكون سلوك التقليد ب الأم وطفلها في الأشهر الأولى غالبا من فعلالأم إذ يحدث التقليد على دفعات متكررة بهدف التعليم فالأم تريد أن تعلم<strong>الطفل</strong> شيئا ما بواسطة التقليد اتكرر لأن تكرار فعل ما أو حركة ما يؤدي١٢ و129


الأمومةإلى تثبيت انتباه <strong>الطفل</strong> وبصره (Field,١٩٧٧) كما كن لهذا التكرار أنيؤدي إلى استجابة <strong>الطفل</strong> (Stern,١٩٧٧) وإلى إطالة مدة التفاعل <strong>بين</strong>ه وبالأم.‏ كما يبدو تكرار التقليد وسيلة هامة لتحقيق الشروط الضرورية لتعليم<strong>الطفل</strong> ارسة هذا السلوك.‏ وبذلك يكون التقليد وسيلة تعليمية تربويةبالإضافة إلى كونه وسيلة اتصال.‏ وغالبا ما يثير سلوك التقليد عند الأمالابتسام ومناغاة الفرح عند الصغير في عمر ثلاثة أشهر.‏ وعندما تلحظالأم سلوك التقليد عند طفلها في الشهر السادس من عمره تقريبا تستجيبغالبا بالابتسام والقبلات.‏ ويكون هذا السلوك ثابة قاعدة لإقامة الاتصالب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ فعندما تختار الأم بعض حركات <strong>الطفل</strong> أو أصواته أو تعابيرهلتقليدها وترددها وتضخمها في بعض الأحيان فهي تدخل الرتابة والانتظاموالتوقع في علاقتها بطفلها وتأخذ ابادرة لإقامة التبادل <strong>بين</strong>ها و<strong>بين</strong>ه.‏هو بالذات الصغير إلى تقليد الحركات والأفعال التي تلكها يل ٥-حيث تؤخذ هذه الأفعال والحركات من قبل الأم لتعيد إنتاجها كي تظهرهاللطفل بطريقة خاصة.‏ فتقليد الأم للصغير يكون أكثر من مجرد مرآةتعكس سلوك <strong>الطفل</strong> بل تحاول الأم عبر ذلك أن تأخذ <strong>الطفل</strong> من عاهالخاص لتتوجه به في اتجاه مختلف.‏ فهي تقلد الصغير أحيانا لتبدل سلوكهإما عن طريق ابالغة في إعادة إظهار السلوك اقلد أو عن طريق حذفالكثير من عناصر هذا السلوك كي يتلاشى.‏ فمثلا عندما يبدأ <strong>الطفل</strong>بالبكاء تجيب الأم ببكاء سريع يدوم بعض اللحظات قبل أن تنتقل الأم إلىبسط أساريرها وحمل <strong>الطفل</strong> على التوقف عن البكاء.‏ وكذلك عندما تريدالأم إطعام طفلها الذي لا يبدي رغبة في ذلك فهي تدخل في تفاعل معهوتظهر سلوك الابتسام والتقليد لتحمله على فتح فمه.‏وتجدر الإشارة إلى أن التقليد عند الصغير البالغ أربعة أسابيع يظهردون أن يركز انتباهه على ال<strong>نمو</strong>ذج <strong>بين</strong>ما يختلف الأمر في عمر شهرين أوثلاثة أشهر حيث يظهر سلوك التقليد بعد مرحلة من تركيز الانتباه علىالحركة أو الفعل اقلد.‏ فمشاركة <strong>الطفل</strong> وتركيز انتباهه يصبح نشاطانفسيا حقيقيا .(Trevarthen,١٩٧٧)يرتفع سلوك التقليد تدريجيا عند <strong>الطفل</strong> خصوصا في النصف الثاني منعامه الأولى حيث لا يحتل هذا السلوك أهمية خاصة في التفاعل ب الأم130


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمو<strong>الطفل</strong>.‏ ا يضفي على هذا السلوك صفة التبادلية.‏إلاّ‏ أن الدور الأهم في سلوك التقليد يبقى دور الأم.‏ ففي دراسة حديثةللمؤلف ‏(قنطار .(١٩٨٩;١٩٨٧,Kontar تتعلق بالسلوك اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong>في النصف الثاني من عامه الثاني أشارت هذه الدراسة إلى أن الأم تلعبدورا رئيسيا في سلوك التقليد فمتوسط تكرار هذا السلوك في مدةيكون ٤٬٩ عند الأم و ٢ عند <strong>الطفل</strong>.‏ لقد أوضحت نتائج هذه الدراسة أيضاالتأثير اتبادل ب سلوك الأم وسلوك <strong>الطفل</strong>.‏ فتوزيع الأمهات في زمرت‏:‏زمرة مرتفعة التقليد وثانية قليلته يب أن تكرار التقليد عند أطفالهنيتناسب مع تكرار التقليد عند الأمهات.‏فالأمهات اللواتي يقلدن أطفالهن بكثرة يقوم الأطفال بدورهم بتقليدهنكثيرا.‏ <strong>بين</strong>ما يكون سلوك التقليد قليلا عند أطفال الأمهات قليلات التقليد.‏ويكون الفرق ب الزمرت فرقا ذا دلالة من الناحية الإحصائية.‏ويتأثر سلوك التقليد عند الأم بنفس السلوك عند <strong>الطفل</strong> حيث أوضحتالدراسة السابقة أن أمهات الأطفال ذوي السلوك ارتفع يقلدن أطفالهنأكثر ا تفعله أمهات الأطفال ذوي السلوك انخفض ويكون الفرق ذادلالة أيضا.‏تب هذه الدراسة أن الأم في حالة التفاعل التلقائي مع <strong>الطفل</strong> حتى عمرالسنت وفي ظروف الحياة اليومية تلعب دورا هاما في إظهار سلوك التقليدبالرغم من التأثير اتبادل ب سلوك التقليد عند الأم ونظيره عند <strong>الطفل</strong>.‏وتجدر الإشارة إلى أن سلوك التقليد عند <strong>الطفل</strong> يرتفع ارتفاعا هامانحو الأتراب في النصف الأول من عامه الثالث ‏(اصدر السابق)‏ فهليترافق هذا الارتفاع بارتفاع اثل نحو الأم?‏ أم أن تطور هذا السلوكيرتبط بالتفاعل مع الأتراب?‏ في وقتنا الحاضر تصعب الإجابة على هذينالسؤال لتعذر الدراسات انهجية لسلوك التقاليد أثناء التفاعل ب الأمو<strong>الطفل</strong>.‏ فمن غير اعروف في أية مرحلة من مراحل العمر يكون تكرارهذا السلوك عند <strong>الطفل</strong> مساويا لنظيره عند الأم.‏٣٠ دقيقةدور الصغير في سلوك الأمفي علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> يصعب أحيانا تحديد السبب وتحديد النتيجة131


الأمومةحيث يتعذر معرفة فيما إذا كانت معاملة <strong>الطفل</strong> على هذا النحو دون ذاكقد أثارها <strong>الطفل</strong> نفسه في مراحل مختلفة من عمره أم أن الأم قد تبنّتهذه الطريقة في تعاملها مع <strong>الطفل</strong> وفرضتها.‏ ّ إلا أن القول بالتعديل التدريجياتبادل في سلوك الطرف أثناء و <strong>الطفل</strong> يبقى أقرب إلى الحقيقة.‏فالتغيرات في تطور <strong>الطفل</strong> تعدّل في سلوك الأم الذي يؤثر بدوره في<strong>الطفل</strong> فهو مزود منذ الولادة بصيغ متعددة من التنظيم النفسي بحيثيتمكن من دفع الآخر للتصرف نحوه بطريقة معينة فخصائص الصغيرتؤثر إلى حد بعيد في طبيعة <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>ه وب الأم.‏ إلا أن ذلك يجب ألايدفعنا إلى إغفال تأثير الأم وفعاليتها فهي تضفي على علاقتها مع الصغيرمعاييرها وآمالها وحاجاتها الشخصية.‏لقد سيطرت ودة طويلة بعض الأفكار الخاطئة اتعلقة بقدرات <strong>الطفل</strong>في الأسابيع الأولى فكان من اعتقد بأنه محدود القدرة النفسية والجسديةوغير قادر على تلقي اعلومات من الوسط الخارجي وهو كائن غامضغير منتظم.‏ فالتجربة التي ينظمها الأهل قادرة وحدها أن تحمل هذاالكائن على الانتظام فكل ما يستطيعه هو أن يأكل وينام.‏ إلاّ‏ أن تقدماعارف اتعلقة ب<strong>الطفل</strong> الحديث الولادة وتوسعها قد غير من هذه الأفكاروعدل تعديلا أساسيا النظرة إلى الوليد وطرق التعامل معه فلقد أثبتتبحوث عديدة بأن <strong>الطفل</strong> منذ الولادة يلعب دورا نشطا في صياغة <strong>العلاقة</strong>مع الأم.‏ وبدأ الباحثون الآن الأخذ بع الاعتبار التأثير اتبادل ب الأمو<strong>الطفل</strong> في تحديد <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما.‏وكن لخصائص <strong>الطفل</strong> أن تعدل مسار <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>ه وب أمه مثلالعمر والجنس وقدرة <strong>الطفل</strong> على الاستجابة للمؤثرات الحسية البصريةوالسمعية الصادرة عن الأم.‏ وتؤثر هذه الخصائص في موقف الأم تجاه<strong>الطفل</strong> ف<strong>الطفل</strong> الصعب يشعر أمه بالقهر والإحباط ويعزز لديها مشاعرالعجز والإخفاق وعدم القدرة على ارسة دورها al.١٩٧٩) .(Lamb etويتعلم <strong>الطفل</strong> من خلال تجربته طرق التأثير في سلوك الأم.‏ حيث يؤديالتبديل الذي يطرأ على سلوك <strong>الطفل</strong> في مراحل تطوره اخملتلفة إلى التأثيرفي سلوك الأم تجاهه ومن اعتقد أن استجابة الأم ؤثرات <strong>الطفل</strong> وإرضاءحاجاته في الوقت اناسب وبالقوة اناسبة يعزز لدى الصغير قدرته على132


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمالتأثير في المحيط بواسطة سلوكه.‏يعتبر البحث اعاصر الصغير طرفا هاما في <strong>العلاقة</strong> مع الأم فهو مزودبالقدرات اللازمة للاتصال مع الآخرين خاصة الحاضن فعدم تكامل هذهالقدرات وعدم نضجها لا يعني غيابها.‏ فالوسائل الاجتماعية للطفل وحواسهاخملتلفة وقدراته الحركية تقوده إلى الدخول في الدخول في علاقاتاجتماعية متبادلة.‏ ويظهر التفاعل الاجتماعي في الأشهر الستة الأولى أناهتمام <strong>الطفل</strong> يتركز على اؤثرات الصادرة عن الأم.‏إلا أنه بالرغم من إشارة الكثير من الدراسات إلى تأثير <strong>الطفل</strong> فيسلوك الأهل خصوصا في سلوك الأم إلا أننا لا نعرف بدقة <strong>العلاقة</strong> بخصائص <strong>الطفل</strong> ومدى تأثيرها في سلوك الأهل.‏يؤثر مزاج <strong>الطفل</strong> في قدرته على التكيف والتلاؤم مع الظروف المحيطةبه فالطريقة التي يظهر <strong>الطفل</strong> سلوكه بها ‏(ازاج)‏ إما أن تكون جامدةهشة وإما أن تتصف بارونة حيث يتمكن <strong>الطفل</strong> من تعديل سلوكه في ظلبعض الظروف.‏ ويلعب ذلك دورا هاما في درجة السهولة أو الصعوبة التيكن أن تتطلبها تربية <strong>الطفل</strong>.‏وعندما يعتقد الأهل أن تربية طفلهم تتميز بالسهولة غالبا ما يتميزونهم أنفسهم بدرجة كبيرة من الصبر والقدرة العالية على بذل الجهود فيتنشئة <strong>الطفل</strong>.‏ كذلك تؤثر الحالة الصحية للطفل في سلوك الأهل وفيكفاءتهم.‏ ف<strong>الطفل</strong> الصحيح جسديا يخفف الكثير من معاناة الأهل ويجعلمن السهل على الأبوين التحلي بالصبر ويعزز شعور الأمل والتفاؤل عندهماوكل هذا بدوره يسهم في دفع طاقاتهم وجهودهم ابذولة في التنشئة.‏ومن الخصائص الهامة التي تؤثر في صياغة سلوك الأهل عمر <strong>الطفل</strong>وجنسه فغالبا ما تختلف معاملة الصغير عن الكبير إذ يبذل الأهل طاقاتأكبر في تعاملهم مع الأصغر ويكون رحلة ال<strong>نمو</strong> التي ر بها <strong>الطفل</strong> ولترتيبهب الأخوة والأخوات تأثير كبير في سلوك الأهل.‏ ويلاحظ لدى شعوب مختلفةدور الأب المحدود في تربية البنات وندرة تدخله في شؤون الرضيع <strong>بين</strong>مايتزايد شعوره بأنه معنى بشؤون <strong>الطفل</strong> عندما بكبر قليلا خاصة إذا كانذكرا.‏ ومن الجدير بالذكر أن الأهل ذوي الكفاءة العالية ينجبون أطفالا منالسهل تربيتهم والعكس بالعكس وا لا شك فيه أن التأثر والتأثير ب133


الأمومةالأهل وأطفالهم يكون في اتجاه اثن فإذا كان من الصحيح أن <strong>الطفل</strong>ينتج تطوره ووه بنفسه فالأهل ينتجون بأنفسهم سلوكهم كأهل.‏وبالرغم من أهمية دور الصغير في صياغة <strong>العلاقة</strong> مع الأم إلاّ‏ أن دور الأميكون أكثر إيجابية في تحديد هذه <strong>العلاقة</strong> (,١٩٧٩ (Kaye وذلك للأسباب التالية:‏١- تتمتع الأم رونة كبيرة وتأخذ في الحسبان برنامجها اليومي وتتمكنمن توقع طريقة التعبير السلوكي عند <strong>الطفل</strong> وطريقة نشاطاته اخملتلفة.‏٢- تقوم الأم غالبا بدفع <strong>الطفل</strong> في طريق تطوري بحيث توفر له فرصال<strong>نمو</strong> التدريجي.‏٣- تتمتع الأم بقدرة عالية على تغيير تعابيرها وتكييفها حسب وضعالصغير وعلى توفير الفرص للتقليد اتبادل.‏- ٤ تتميز الأم أيضا بقدرتها على إيجاد اعنى البديل من خلال استجاباتهااتنوعة باقارنة مع استجابات <strong>الطفل</strong> المحدودة وتتميز أيضا بقدرتها علىالإبداع والتنويع في سلوكها أثناء تفاعلها مع <strong>الطفل</strong>.‏وكن للصغير أن يكيف سلوكه بالاستناد إلى تعابير الأم وهو يستجيبإلى أنواع عديدة من الإشارات البشرية إذ تبرهن هذه الاستجابات علىإدراك الصغير للأشخاص;‏ فقدرة <strong>الطفل</strong> على التقليد في مراحل مبكرةوإعادة صياغة سلوك ما وتكييف عناصره وإخراجه على شكل تعبيرعفوي كن <strong>الطفل</strong> من تطوير قدراته الاتصالية مع الأم في اراحل الأولى.(Trevarthen ويبدي الصغير في عمر شهرين إلى ثلاثة أشهر صيغةمعقدة من التفاهم اتبادل مع الأم وينظم ذلك بشكل طبيعي وعفوي.‏ فهويظهر تعابير متنوعة بعضها على درجة عالية من الانفعالية ويحاول أنيلعب دورا فاعلا في توجيه التبادل مع الآخرين ‏(ارجع السابق).‏إن التحليل التقليدي لعلاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> يركز على التأثير من جانبواحد أي من جانب الأم في تطور هذه <strong>العلاقة</strong>.‏ إلا أن البحوث الحديثةيل إلى الأخذ بع الاعتبار التأثير اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong> في دراسةهذه <strong>العلاقة</strong> حيث يسهم كلاهما في التبادل القائم في سياق معقد من١٩٧٩,)التفاعل ١٩٧٩) Kontar, Rosenblum١٩٨٧, .(Lewis andوخلال السنة الثانية من العمر يتميز سلوك الأم و<strong>الطفل</strong> بالترابط ذيالدلالة عندما يتعلق الأمر بسلوك النداء والتقليد والألفة ‏(اداعبة التقبيل134


التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأمالعطاء الابتسام...)‏ فسلوك الواحد يؤثر في سلوك الآخر ويرتبط به إلىحد كبير .(Kontar,١٩٨٧) وهذا ما يدعم قول ميد وهاان (,١٩٦٥له عند بداية لعبه وتستجيب الأم عندما يبتسم طفلها ‏«تبتسم Hayman):ف<strong>الطفل</strong> يعلم العالم بأن هناك مكانا كن داخله للناس أن يتبادلوا التفاهموالأمزجة والطباع».‏وتتوسع القدرات الحسية والإدراكية للطفل خلال عامه الثاني وت<strong>نمو</strong>قدرته على فهم حوادث العالم المحيط به ا يستتبع تعديلا في سلوكالتعلق وفي <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأم;‏ فهو في هذه ارحلة يلعب دورا نشطافي التبادل مع الأم.‏ وعند تحليل العناصر السلوكية اتبادلة ب الأم و<strong>الطفل</strong>في عامه الثاني تب تساوي تكرار سلوك الإصدارات والنداءات والاستجابةلذلك عند الطرف‏.‏ وبشكل التفاعل السلبي الذي ينطوي على انع والقمعوالأمر والتهديد والعدوان (١٠%) من مجمل مدة التفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong>(Kontar, ويكون <strong>الطفل</strong> غالبا صاحب ابادرة في هذا السلوك <strong>بين</strong>ماتلعب الأم دورا أكثر أهمية في سلوك الألفة ‏(الابتسام الضحك اداعبةالتقبيل الهدية ٩. وأوضحت الدراسة السابقة أن الأم تلعب دورا نشطا فيسلوك التقليد إذ تبدي (٧١ %) من هذا السلوك <strong>بين</strong>ما يبدي <strong>الطفل</strong> (٢٩%)فقط.‏ وكذلك يكون دور الأم أكثر أهمية من دور <strong>الطفل</strong> في اتخاذ ابادرةللتبادل الصوتي الكلامي.‏ويتب التأثير اتبادل في التفاعل ب الطرف عند دراسة سلوكالابتسام وسلوك التقليد.‏ فالأطفال اتميزون بتكرار عال لهذين النوعمن السلوك لهم أمهات يتميزن أيضا بتكرار عال لهذين السلوك‏.‏ وإذا التحليل باتجاه آخر يتب أن الأمهات اللواتي يتميزن بتكرار عال لسلوكالابتسام ولسلوك التقليد يل أطفالهن أيضا إلى إظهار تكرار عال لهذينالسلوك ‏(اصدر السابق).‏تظهر هذه النتائج أهمية الدور الذي يلعبه <strong>الطفل</strong> في سلوك الأم والتأثيراتبادل ب الطرف بحيث يكون من الصعب القول بأن دور هذا الطرفهو أكثر أهمية من دور الطرف الآخر وهذا يبرز أهمية التبادلية في عمليةالتفاعل القائمة ب <strong>الطفل</strong> والأم وأهمية اقارنة ب مختلف الجوانبالسلوكية لدى الطرف‏.‏ ا يسمح بالتعرف على الدور الذي يلعبه كلMead and١٩٨٧)135


الأمومةمنهما في مختلف مراحل تطور <strong>الطفل</strong>.‏ ففي مرحلة ما قد يل <strong>الطفل</strong> إلىتبني سلوك الابتسام أو قد يل إلى اعتماد التقليد.‏ وفي مرحلة أخرى قديفضل وسائل أخرى في تفاعله مع الأم فالدراسة التطورية خملتلف جوانبالسلوك كننا من الإجابة على الأسئلة اتعلقة بدور <strong>الطفل</strong> واستراتيجيتهاتبعة في عملية الاتصال في مختلف مراحل تطوره.‏تعتقد غالبية الأمهات أن <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة يصبح شخصا واقعياعندما يبدأ الابتسام ويتفق معظم الباحث على أن أهمية دور الابتسامتكمن في إقامة الروابط ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ فتكون نسبة الأطفال اتميزينبعلاقة آمنة مع الأم عالية ب الأطفال الذين يتكرر عندهم سلوك الابتسام.‏إن (٨٦%) من الأطفال الذين يظهرون تكرارا مرتفعا للابتسام يتمتعون بعلاقةآمنة مستقرة مع الأم.‏ <strong>بين</strong>ما تكون هذه النسبة (٤٠%) عند الأطفال الذينيظهرون تكرارا منخفضا للابتسام.‏وكن أن يكون للابتسام وظيفة أخرى في <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong>وظيفة تهدئة وتلطيف وخفض للتوتر والتهديد.‏ ففي ملاحظة للمؤلف ‏(اصدرالسابق)‏ تب أن زمرة الأمهات التي تلجأ غالبا إلى سلوك التهديد لها أطفاليتكرر عندهم سلوك الابتسام.‏ فيمكن أن يكون ذلك بقصد التهدئة وتخفيفالتوتر.‏ ف<strong>الطفل</strong> يظهر غالبا سلوك الابتسام ليواجه تهديدات الأم ويتبنىاستراتيجية كنه الحد من عدوانيتها.‏ فإظهار سلوك الابتسام أمام تهديدالأم يؤدي غالبا إلى تقن هذا السلوك ووقفه وعدم تحوله إلى عدوان.‏إن التنسيق اتبادل ب <strong>الطفل</strong> والأم وتزامن تدخلهما في قضية التفاعلعلى درجة كبيرة من الأهمية.‏ فتنسيق اؤثرات التي يصدرها كل طرفوتزامنها بالنسبة ؤثرات الطرف الآخر يجعل السلوك اتبادل ب الأمو<strong>الطفل</strong> أكثر فعالية.‏ فبالرغم من أهمية الدور الذي يلعبه كل طرف فيصياغة التفاعل <strong>بين</strong>هما إلا أن التزامن والتنسيق ب سلوك الطرف يعطيهذا الدور أهميته وفعاليته.‏136


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلالأمومة في الأسرة العربيةوكفاءة الأهل7الأسرة العربيةبالرغم من يز العلاقات الأسرية في انطقةالعربية بالثبات والاستقرار منذ عدة قرون إلا أنهذه العلاقات تشهد تغيرا سريعا في وقتناالحاضر.‏ إن مظاهر ا<strong>لتنمية</strong> الاقتصادية وتسارعالهجرة من الريف إلى ادينة وتعاظم دور وسائلالاتصال الحديثة أدى إلى تغير أساسي في البنيةالاجتماعية والاقتصادية التي ارتكزت عليها الأسرةالعربية منذ قرون طويلة.‏ ولا بد أن تنعكس هذهالتغيرات على تنشئة <strong>الطفل</strong> وعلاقته بالأسرة وعلىطريقة التعامل معه.‏لقد أكدت الأدبيات التي تطرقت للأسرة العربيةخاصة ‏(إبراهيم ١٩٨٥) على السمات التالية:‏١- الأسرة العربية أسرة تدة حيث يتقاسماسكن الواحد أجيال قرابية متعاقبة تربطها شبكةمعقدة من العلاقات.‏٢- تتميز الأسرة العربية بهرمية السلطة الأبويةحيث تبدأ بأكبر الذكور سنا وتتدرج إلى أسفل حيثأصغر الإناث عمرا.‏137


الأمومة٣- تتسم الأسرة العربية بالتضامن والتماسك فهي وحدة عضويةاقتصادية ودفاعية وهي أيضا وحدة تكافل نفسي واجتماعي تضمنلأفرادها الأمان.‏٤- الأسرة العربية أسرة تقليدية محافظة حيث تؤكد على استمراريةالقيم والأعراف والطقوس الدينية وعلى اعتبارات السمعة والشرف وتأكيدالولاء الأسري.‏وعند الإشارة إلى هذه السمات لا بد من الأخذ بع الاعتبار التفاوتمن قطر عربي إلى قطر آخر والفروق الأيكولوجية ‏(البيئية)‏ من الباديةإلى ادينة والفروق الطبقية ب الطبقات الشعبية والطبقة صاحبة الامتياز.‏٥- التسامح افرط في <strong>الطفولة</strong> ابكرة ا يشعر <strong>الطفل</strong> بالأمنوالطمأنينة.‏ وتتغير معاملة الأسرة تدريجيا وتصبح أقل تسامحا بعد سنالسادسة.‏ فمن الامح الأساسية للأسرة العربية التغير الحاد ب <strong>الطفولة</strong>الأولى التي تحظى بالحرية والتسامح وب <strong>الطفولة</strong> اتأخرة واراهقة التيتعاني من التسلط والتحكم والتوجيه.‏لقد أصابت التغيرات الحديثة اتتالية في ملامح الأسرة العربية الطبقاتالوسطى بشكل خاص حيث تتجه بها نحو وذج الأسرة النووية (١) ففيدراسة لإدريس عزام (١٩٨٥) تب أن الأسرة الأردنية الحضرية-مثلا-لم تعديل إلى الروابط القوية مع الأقارب وأن الأسرة النووية تأخذ أهميتهاعلى حساب الأسرة بافهوم الواسع الشامل للأهل والأقارب ‏(أسرة التوجيهأو الأسرة امتدة).‏لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن البعد السيكولوجي لأسرة التوجيه قدبدأ بالتلاشي.‏ فلم تعد أسرة التوجيه جماعة مرجعية بالنسبة للأسرة الزواجية‏«النووية»‏ اؤلفة من الزوج والأولاد.‏ وهذا ما يفقد العلاقات الترابطية معالأقارب أبعادها اادية واعنوية.‏ ويل الأسرة النووية الحضرية الحديثةإلى الاستقلالية والاكتفاء ب<strong>العلاقة</strong> الشكلية مع هؤلاء الأقارب.‏إن هذا التعديل في العلاقات والروابط الاجتماعية سينعكس بلا شكعلى <strong>العلاقة</strong> داخل الأسرة النووية وبالتالي على علاقة <strong>الطفل</strong> بالأم والأبوالأخوة والأخوات.‏من هنا تأخذ مسألة تطوير البحث العلمي في هذا اجملال أهمية خاصة.‏138


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلفلا بد للبحث من السير بخطا حثيثة كي يتمكن من رصد هذه التغيرات.‏فالأسرة هي اؤسسة التربوية الأولى التي كنها أن توفر للطفل الأمنوالطمأنينة.‏ فالتنشئة الأسرية اتسامحة القائمة على المحبة والدوقراطيةتؤدي إلى تعزيز شعور <strong>الطفل</strong> بالأمن والثقة بالعالم.‏ تحتل طريقة معاملةالوالدين لأطفالهما مكانة هامة في تكوين شخصية الأبناء.‏ فتنشئة <strong>الطفل</strong>في جو من الحنان والمحبة والتسامح يفعل فعله الكبير في تنمية ثقتهبنفسه وقدرته على مواجهة شروط الحياة السمحة والقاسية على السواء.‏<strong>بين</strong>ما يؤدي التعامل مع <strong>الطفل</strong> بنفور وكراهية إلى الشقاء والتعاسة ويدفع<strong>الطفل</strong> إلى النظر نحو العالم نظرة متشائمة.‏المرأة ‏-الأم في الأسرة العربيةإن اجملال الوحيد للمرأة في عالم الرجال هو مجال الأمومة.‏ فارأة فياجملتمعات العربية تتحدد بأمومتها التي تعتبر القاعدة الأساسية لاستقرارارأة في عائلتها الجديدة ‏(عائلة الزوج).‏ وتشعر ارأة التي تضع ذكرابالاعتداد والرضى ساهمتها في ‏«شرف العائلة ورفعتها»‏ وتحظى بنظامغذائي خاص بعد الولادة على الأقل لا تحظى به تلك التي تلد بنتا (١٩٨٥.(Lacoste-du Jardin,ويتميز سلوك الأمومة بالتقارب الجسدي ب الأم و<strong>الطفل</strong> والذي يعتبرامتدادا لحالة الحمل.‏ فيتم اللقاء والتوحد الجسدي ب الطرف خصوصاأثناء الرضاعة التي قد تستمر طيلة سنت‏.‏ وتخاطب الأم <strong>الطفل</strong> وتغني لهوتلامسه بحنو.‏ فالاتصال شبه الدائم ب الأم و<strong>الطفل</strong> يسهم في إقامةعلاقة قوية <strong>بين</strong>هما ويسرع الإيقاظ الحسي للطفل.‏وتفرط الأم في احتضان <strong>الطفل</strong> ويلاحظ ندرة استخدام العربة الخاصةب<strong>الطفل</strong> حيث تقوم الأم بحمله في أغلب الأحيان ا ينعكس على طبيعةالاتصال ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏تبدأ الأم دخول الحياة الاجتماعية العامة بفضل أمومتها وفي حالإرمالها (٢) كن أن تلعب دورا اجتماعيا هاما خصوصا إذا كانت أما لذكرأو لعدة ذكور فالأمومة تكسب ارأة احتراما وتقديرا في عالم الرجال;‏ففي مجتمعاتنا يرتبط استقرار ارأة العائلي والاجتماعي وحتى النفسي139


الأمومةبقدرتها على الإنجاب.‏ويقتصر دور الأمومة على الأم فقط في البنية الاجتماعية العربية فلاتزال مشاركة الرجل محدودة جدا في هذا اجملال باقارنة مع اجملتمعاتالصناعية حيث بدأ الرجل مشاركة سلوك الأمومة واساهمة أكثر فأكثرفي تنشئة الأطفال وفي القيام بدور نشط للعناية بهم.‏وظيفة الأسرةإن الوظيفة الأساسية للأسرة هي توفير الأمن والطمأنينة للطفلورعايته في جو من الحنان والمحبة إذ يعتبر ذلك من الشروط الأساسيةالتي يحتاج إليها <strong>الطفل</strong> كي يتمتع بشخصية متوازنة قادرة على الإنتاجوالعطاء.‏ فمن حق <strong>الطفل</strong> أن يكبر في جو مفعم بالمحبة وفي أسرة يحكمعلاقاتها التفاهم والثقة.‏وتقوم الأسرة بوظيفة حيوية إذ تلقن <strong>الطفل</strong> العناصر الأساسية لثقافةالجماعة ولغتها وقيمها وتقاليدها ومعتقداتها ا يهيئ <strong>الطفل</strong> للحياةالاجتماعية وكنه من السلوك بطريقة متوافقة مع الجماعة ومن التكيفمع الوسط الذي يعيش فيه.‏ فالتنشئة الاجتماعية عملية تربوية تقوم علىالتفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأسرة.‏وتختلف طريقة التنشئة حيث تنهج بعض الأسر نهجا قائما على الحواراتبادل مع <strong>الطفل</strong> وأخذ مشاعره وآرائه بع الاعتبار والإصغاء إليهبحيث يتمكن من التعبير عن ذاته بحرية.‏ فالطريقة القائمة على الدقراطيةوالتسامح هد السبيل لإقامة علاقة أسرية صحية متماسكة يكون <strong>الطفل</strong>طرفا فاعلا فيها ا كنه من ال<strong>نمو</strong> والتفتح وتنمية الاستقلالية والاعتمادعلى الذات وتعزيز الثقة بالنفس.‏ فذلك لا يعني الخضوع لرغبات <strong>الطفل</strong>والانقياد لأهوائه بل يعني مشاركته القرار الذي يتعلق به.‏وتنهج بعض الأسر نهجا مغايرا للطريقة السابقة نهج يقوم علىالاستبداد والتسلط ويستند إلى القمع والقسوة.‏ ويؤدي هذا النهج إلىتوجيه <strong>الطفل</strong> وقبوله ما يفرض عليه وقتل روح ابادرة والاستقلالية فيذاته أو إلى ثورة <strong>الطفل</strong> ورده ومعارضته استمرة لكل ما تريد الأسرةمنه أن يفعله يترك هذا النهج في التنشئة آثارا سلبية في شخصية <strong>الطفل</strong>140


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلوقد تستمر هذه آثارا على ادى البعيد.‏ فلقد أشارت دراسة الريحاني(١٩٨٥) إلى أهمية أساليب التربية في تعزيز شعور اراهق بالأمن أواضطراب هذا الشعور.‏ كما تؤثر أساليب التنشئة في قدرة اراهق علىالتكيف وعلى صحتهم النفسية.‏في دراسة للأسرة والإبداع أشار سعد الدين إبراهيم (١٩٨٥) إلى أنهناك تنوعا هائلا في الأوساط الأسرية والاجتماعية التي أنجبت كبارالعلماء وابدع فبعد نشأ في أسر ميسورة <strong>بين</strong>ما نشأ آخرون في أسرفقيرة وبعضه كان في مواقع السلطة والوجاهة <strong>بين</strong>ما تعرض آخرون لتعسفالسلطة وبطشها.‏ فهذا التنوع في الظروف التي عاشها ابدعون يحملعلى الظن بصعوبة تحديد الشروط اللازمة للإبداع.‏وتشير نتائج البحوث اخملتلفة إلى أهمية الشعور بالاطمئنان في اراحلابكرة من حياة <strong>الطفل</strong> ليتمكن من الصمود في مواجهة اثبطات والسلبياتفي مراحل لاحقة من العمر.‏ فالتعامل مع <strong>الطفل</strong> بإيجابية ومحبة واحترامفرديته يساهم في تفتح شخصيته وتنمية قدراته الإبداعية.‏وتؤكد هذه الدراسة أهمية الأسرة في حياة <strong>الطفل</strong> وفي إيقاظ الإبداعلديه إذ ترتفع القدرات الإبداعية لدى الأطفال عندما تتيح لهم الأسرةفرصة التعبير عن أفكار جديدة وتشجعهم على القيام بأعمال غير مألوفةن هم في عمرهم وتوفر لهم فرص القراءة واناقشة وطرح الأسئلة.‏ إننانشارك السيد سعد الدين إبراهيم الرأي عندما يخلص إلى القول ‏«إنالتنشئة الاجتماعية في الأسرة العربية بالرغم من أنها توفر بعض اقوماتالضرورية للإبداع إلا أنها تجمد أو تدمر معظم اقومات الأخرى».‏ واشكلةالصعبة هنا اجتماع ‏«سمتي التسلطية والتقليدية المحافظة وتفاعلها معا.‏وبذلك تعتبر الأسرة العربية وذجا مصغرا للمجتمع ذاته ويعتبراجملتمع وذجا مكبرا للأسرة.‏ فمؤسسات اجملتمع الأخرى-وخاصة ادرسةوالدولة-تغذي وتدعم ما بدأته الأسرة مع أبنائها في مرحلة <strong>الطفولة</strong> اتأخرة.‏والأسرة بدورها تتلقى قيمها ومعاييرها من مؤسسات اجملتمع وخاصةمن اؤسسة الدينية المحافظة واؤسسة الاقتصادية شبه الإقطاعية أوالريعية ومؤسسة الدولة التسلطية.‏ فهذه اؤسسات تتوقع من الكبارالامتثال والطاعة وإلا فالحرمان والقمع والعذاب في الدنيا أو الآخرة أو141


الأمومةفيهما معا ‏(ارجع السابق ٨١).را كانت وظيفة الأسرة الأهم والأخطر هي وضع اجملتمعات العربيةخارج هذه الحلقة افرغة من التخلف والتمزق والتبعية.‏ را كان علىالتربية أن تنجز هذه اهمة الصعبة التي فشلت اؤسسات الأخرى فيإنجازها.‏ فإذا توقفت الأسرة عن توجيه الأفراد وتطبيعهم وتهيئتهم ‏«للتكيف»‏أو ‏«التلاؤم»‏ مع شروط الواقع اتخلف خارج انزل فإنها سوف تسهم فيالقضاء على رموز التخلف.‏ ورا لم تتهيأ إلى الآن الشروط اناسبة التيكن الأسرة من إنجاز هذه اهمة الخطرة.‏تحقق الأسرة في تنشئتها أغراض الكبار من أربابها ومن أرباب اؤسساتالاجتماعية الأخرى في المحافظة على السلطة والاحترام والهيبة.‏ فالأسرةالتي تخرج عن ذلك تعرض أفرادها للإحباط ورا للهلاك.‏ فهي إذن تزوّدأفرادها بآليات الحماية الذاتية للمحافظة على الاستمرار والبقاء فالأسرةحلقة في سلسلة اجتماعية معقدة إلا أنها أكثر تأثيرا على الفرد فياراحل التكوينية الأولى وأكثر حرصا على أمنه.‏ فإذا كان الإبداع ينطويعلى خطر اوت-لأنه يفترض الاختلاف مع ما هو شائع-فمن الطبيعي أنتعمل الأسرة على تجنيب أفرادها هذا الخطر.‏وكن النظر إلى استقبل بشيء من التفاؤل لأن التغيير يتناول قطاعاتكبيرة من الأسرة العربية.‏ إلا أنه يجب الأخذ بع الاعتبار بأن التغييرالصحيح يحتاج إلى الحرية.‏التنشئة في الأسرة العربيةإن الولادة مناسبة سعيدة تحتفل بها الأسرة خصوصا إذا كان <strong>الطفل</strong>ذكرا حيث تكتسب الأم مكانة هامة بالنسبة للزوج وبقية الأقارب بعدالولادة الأولى.‏ ويكاد يكون أسلوب ثنشئة الأطفال تكرارا لأسلوب الجيلالسابق ‏(إبراهيم ١٩٨٥). فالأم تستقي معلوماتها في العناية ب<strong>الطفل</strong> منقريباتها ونادرا ما تستشير مربيا أو طبيبا أو كتابا.‏ويعيش الصغير ملتصقا بأمه وغالبا ما يتغذى من ثدييها ويحظىبدفء جسدي وعاطفي.‏ ولا يخضع نومه وتغذيته لجدول مسبق فذلكيرتبط بحاجات <strong>الطفل</strong> ورغباته ويتسم بارونة والتلقائية ويستمر هذا142


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلالأسلوب التسامحي إلى سن الرابعة أو الخامسة.‏ ف<strong>الطفل</strong> يأكل وينام ويلعبحينما يرغب.‏ وهو يستقطب اهتمام الكبار وحنانهم وتدليلهم.‏ إلا أن الأمريختلف بعد ذلك حيث يبدأ الأهل مطالبة <strong>الطفل</strong> بالطاعة ويزجر سلوكهعندما يتعارض مع قواعد ‏«التهذيب»‏ ويلعب الأب دورا حاسما في ارسةالسلطة التي تراقب وتقمع بصرامة وقسوة بعض الأحيان.‏ ويشارك الذكورالكبار من الأقارب الأب في تسلطهم على الصغار بقصد ‏«تهذيبهم».‏ وفيهذه ارحلة يبدأ الفصل ب الأولاد والبنات.‏ ويطالب <strong>الطفل</strong> بأداء بعضالأعمال التي تتدرج في الصعوبة مع تدرجهم في العمر.‏فبقدر ما تتسم <strong>الطفولة</strong> ابكرة بدرجة عالية من التسامحية وارحوالحيوية واليقظة تتسم <strong>الطفولة</strong> اتأخرة بدرجة عالية من التوجيه والتحكموالقمع ا يطبع <strong>الطفل</strong>-الشاب بالخجل والتشاؤم والتردد.‏لقد تباينت الآراء عند تقييم التنشئة في الأسرة العربية.‏ فمنهم من يرىبأن <strong>الطفولة</strong>-خصوصا في الريف-هي طفولة دافئة يحيطها الحب والحنانوتتميز بالحرية والانطلاق.‏ وأن العائلة العربية تتصف باودة والتكافلوالأخوة.‏ <strong>بين</strong>ما يرى آخرون أن نظام العائلة العربية بالرغم من مزاياه الإيجابيةفي التكافل والقائم على احترام الكبار إلا أنه يقوم على الخلاف والتنافرأكثر ا يقوم على الوئام والتعاون.‏ كما أن العلاقات الأسرية تتميز بالغيرةوالحسد أكثر من يزها بالمحبة والتسامح.‏ وينمي الأهل كذلك روح الغيرةفي نفوس الأطفال عند التمييز <strong>بين</strong>هم ولو بدرجة محدودة.‏ ف<strong>الطفل</strong> شديدالحساسية لكل كلمة تنطوي على تفضيل أحد أخوته أو أخواته.‏وبالرغم من أن الأسرة امتدة تهيئ للطفل اذج متعددة للتفاعل وفرصأكبر للعطف والتعاون منها في حالة الأسرة النووية إلا أن الأسرة امتدةالتي تعيش فيها أجيال مختلفة من حيث العمر ومن حيث درجة القرابةتشهد الكثير من الصراعات ويسودها عدم الشعور بالأمن والاطمئنان.‏بالإضافة إلى ذلك تتسم التنشئة في الثقافة العربية بالتسلط والقمعالذي ارس من قبل الأب الرازح هو نفسه تحت نير التسلط والديكتاتوريةالتي تد إلى أبعد من الأسرة لتشمل الحياة الاجتماعية ختلف جوانبها.‏ويكون ط هذه التسلطية واحدا في جميع الأقطار العربية بالرغم مناختلاف ثقافاتها الفرعية ‏(إسماعيل ١٩٨٦). فالتنشئة الاجتماعية للطفل143


الأمومةتقوم على تطبيعه للانصياع لإرادة الكبار وذلك عن طريق التسلط أو عنطريق الرعاية ابالغ فيها.‏ فقيمة الفرد تتحدد بعوامل السن أو الجنس لاا يفعله أو ا ارسه من مسؤوليات ومن نشاطات ا يخلق شخصياتجامدة متسلطة تفرض جوا من الاستبداد والانصياع والسلبية.‏إن اعتماد أسلوب العقاب الجسدي خاصة في أوساط الطبقات الدنياكوسيلة من وسائل التنشئة والتهديد بالحرمان من العطف والمحبة يهدفإلى ترويض <strong>الطفل</strong> وتعويده ‏«الطاعة والأدب».‏ينطوي الاتجاه الاستبدادي في التنشئة على مخاطر جسيمة إذ يثبتالخوف في نفس <strong>الطفل</strong> ويعرضه للعقاب الجسدي والنفسي ويعيق ال<strong>نمو</strong>النفسي-الاجتماعي للطفل بصورة سوية.‏ ففي ذلك خطر ليس فقط علىالفرد وو شخصيته بل أيضا على اجملتمع بأسره ونجد من الواجب أننضم صوتنا إلى أصوات الكتاب وافكرين الذين نبهوا إلى خطورة هذاالاتجاه على مستقبل الأمة العربية ومصير أجيالها.‏يتلقى <strong>الطفل</strong> اديح عندما يكون ‏«مطيعا ومؤدبا»‏ ويعزز سلوكه هذا بطرقمختلفة في البيت أو ادرسة أو خارجهما.‏ وتكون الفتاة أكثر تعرضا للقمعحيث تشعر الفتيات بالحرج من الغرباء ويبدين اهتماما محدودا في النشاطالاجتماعي ويشعرن بحالات من الخجل والعصبية في اواقف الاجتماعية.‏إن التطور السوي للشخصية والتفتح اناسب لقدرات <strong>الطفل</strong> وإمكاناتهيستوجب استبعاد الخوف والتسلط ووجوب اعتماد الأهل لاستراتيجيةتقوم على توفير الأمن والطمأنينة وعلى تعزيز الحوار مع <strong>الطفل</strong> وتفهمتصرفاته ‏«غير اؤدبة».‏ولا بد من إعادة النظر في قصص الأطفال بحيث تخلو من العدوانوكذلك الأمر بالنسبة لبرامج التلفزيون.‏ فاشاهد اليئة بالخوف والرعبوفصول العنف والعدوان مضرة جدا للأطفال.‏ فاختيار القصص والبرامجالتلفزيونية يتطلب عناية دقيقة ويجب أن يتولى ذلك لجنة متخصصة.‏ ومنالجدير بالذكر أن الكثير من الكتابات التي تناولت الأسرة العربية تنطويعلى الانطباعات الشخصية والتعميمات الناقصة ا يستدعي دفع البحثالعلمي بحيث يتناول بالدراسة انهجية مختلف الأوساط الاجتماعية بدويةكانت أم حضرية ومحاولة توضيح الفروق في التنشئة ب مختلف الفئات144


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلوالطبقات الاجتماعية.‏العوامل المؤثرة في كفاءة الأهلتتمثل كفاءة الأهل في طريقة تربيتهم للطفل بحيث يتمكن من تنميةشخصيته واكتساب القدرات اللازمة للتفاعل اناسب مع محيطهالايكولوجي-الاجتماعي خلال اراحل اخملتلفة من الحياة:‏ مراحل <strong>الطفولة</strong>واراهقة والبلوغ.‏ وتعتبر قدرة <strong>الطفل</strong> على التكيف مع وسطه عنصرا أساسياكن أن يحدد نجاح الأهل أو إخفاقهم في تنشئة <strong>الطفل</strong>.‏إننا لك القليل من البحوث والدراسات اتعلقة بسلوك الأهل.‏ وبالرغممن محاولات النظرية الفرويدية التي أدت إلى توفر بعض اعطيات اتعلقةبدور الأهل وأثرهم في و شخصية <strong>الطفل</strong> تبقى البحوث العلمية محدودةفي هذا اجملال وهذا ما يفسر اهتمام الباحث الأمريكي في دراسةسلوك الأهل وفي كفاءة الأهل competence) .(Parental توضح الاحظاتاتعلقة ب<strong>الطفولة</strong> الأولى أن القدرات اعرفية ‏-والدوافع ت<strong>نمو</strong> بتأثير الانتباهوالحنو والاستجابة غير المحدودة للحاضن أو الأم وقدرتها على أن تكونمصدرا للمؤثرات اخملتلفة التي تلزم الصغير أثناء وه وتسهم في تفتحمختلف جوانب شخصيته وإيقاظها.‏ ففي حالات الولادة قبل الأوان تبأن الأم ارضع البية لحاجات الصغير والراضية عن طفلها كما هو ‏(غيرمكتمل النضج)‏ تتميز بقدرة عالية من التعاون والتفاعل مع صغيرها وتساهمفي تنمية مشاعر الأمن والطمأنينة في التعلق <strong>بين</strong>هما al.١٩٨١) .(Belsky etويؤدي استوى ارتفع من التنشئة والاهتمام من قبل الأهل إلى تعزيزقدرات الصغير أثناء <strong>الطفولة</strong> خلال ارحلة قبل ادرسية وذلك بتفاعلهمع الأقران ومع الكبار بطريقة ودية تتسم بالتعاون وكذلك الأمر بالنسبةللقدرة على استخدام الوسائل اتوفرة ونضج القدرة على التفاعل معالمحيط الاجتماعي واادي.‏ فذلك يرتبط إلى حد كبير ستوى التنشئةوبدرجة اهتمام الأهل ب<strong>الطفل</strong> ورعايتهم له.‏يحاول الأهل اتسمون بالتحكم والتسلط صياغة ومراقبة سلوك <strong>الطفل</strong>وقياسه في حالة محددة-كحالة التأزم أو الطاعة لسلطة الأهل ويلونإلى اتخاذ إجراءات تأديبية عند دخولهم في خصومة مع <strong>الطفل</strong> <strong>بين</strong>ما يخق145


الأمومةالأهل افرطون في التسامح بأن يصبحوا عاملا نشطا في صياغة سلوك<strong>الطفل</strong> أو في تعديل هذا السلوك في استقبل.‏ فهم يقبلون سلوك <strong>الطفل</strong>دون تحفظ ا يحمل أطفالهم أن يوجهوا أنفسهم بأنفسهم.‏ وغالبا مايستخدم الأهل كفاءتهم وسلطتهم وذلك لقناعتهم بحاجة <strong>الطفل</strong> إلى الاهتمامواراقبة.‏ فهذه الطريقة في التنشئة كن أن تشجع التبادل ب الأهلو<strong>الطفل</strong>.‏ كما تعبر هذه الطريقة عن إقرار الأهل سؤوليتهم العميقة تجاهالصغير وذلك مارسة تأثيرهم عليه.‏وتؤثر طبيعة سلوك الأهل في تطور <strong>الطفل</strong> فمراجعة الأدبيات اتعلقةفي هذا ايدان تب الترابط ب عناصر سلوك الأهل وط تصرف <strong>الطفل</strong>ا يحمل على الاعتقاد بأن سلوك الأهل يفسر الكثير من الفروق الفرديةب الأطفال.‏درجة حساسية الأهلإن تحديد الكفاءة العالية في تطبيق سلوك الأبوة أو الأمومة أو مايسمى بسلوك الأهل يعتمد على درجة الحساسية (sensitivity) التي يتمتعبها الأهل للوصول بقدرات الصغير إلى تطور أمثل وتهيئة اؤثرات والفرصل<strong>نمو</strong>ه الانفعالي والسلوكي والاجتماعي والعقلي وشعوره بالأمن والطمأنينةوتعني هذه الحساسية القدرة على فهم الصغير بحركاته وإشاراته وحاجاتهوتقد الإجابة اناسبة في الوقت اناسب.‏ كما تعني أيضا متابعة تزويدهبالعطف والحنان في السنوات الأولى خاصة ومتابعة ذلك بها يتناسبوعمر <strong>الطفل</strong> ويتوجب على الأهل توجيه سلوك أطفالهم ونشاطاتهمالأساسية دون عرقلة تطور استقلاليتهم ومهاراتهم الذاتية.‏ وثل تطورالتغير في سلوك الأهل استجابة لتطور العضوية البشرية.‏ فعندما يتمكنالصغير من تنظيم سلوكه بنفسه يجب على الأهل تقد الدعم اللازملبزوغ هذه القدرة.‏ إن سلوك الأهل اناسب يجب أن يحمل <strong>الطفل</strong> من نظاماراقبة افتوحة إلى نظام ارسة الضوابط والقواعد التي تنبع من ذاته.‏وعندما يكبر <strong>الطفل</strong> يكون مدعما من الناحية النفسية ومزودا بها يلزمواجهة اراحل الانتقالية من <strong>الطفولة</strong> إلى اراهقة فالبلوغ.‏لقد اقترح بعض الباحث الأمريكي وذجا لكفاءة الأهل يستند إلى146


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلعنصرين رئيسي‏:‏ الحساسية نحو <strong>الطفل</strong> والإحاطة بشؤونه.‏ ويتحدد هذانالعنصران بالصبر والثبات في محاولة تفهم عالم <strong>الطفل</strong> والاعتراف بحاجاتهلل<strong>نمو</strong> والتطور وبالقدرة على التحمل كون القيام بدور الأهل يتطلب طاقاتكبيرة وا يساعد الأهل في بذل الجهود الكبيرة الأمل الواعد الذي يعلقهالأهل على <strong>الطفل</strong> حيث يحملهم ذلك على التضحيات الجمة أثناء قيامهم بدورهم.‏دور <strong>الطفل</strong> في سلوك الأهلتستند الدراسات الحديثة اتعلقة بسلوك الأهل إلى تصور هام يبرزدور <strong>الطفل</strong> في سلوك الأهل حتى ذهب بعضهم إلى القول بأن <strong>الطفل</strong> يحدثتطوره بنفسه.‏ إلا أننا لك القليل من النتائج اتعلقة بدور الصغير وتأثيرهوفي سلوك الأهل تجاهه وإن كان معظم هذه البحوث يل إلى القولبأهمية ردة فعل <strong>الطفل</strong> تجاه الأهل في صياغة سلوكهم نحوه وتأثير الفروقالفردية ب الأطفال في سلوك الأهل تأثيرا هاما ويتعلم <strong>الطفل</strong> من خلالالتجربة التأثير في سلوك الأهل وهذا ما يعزز لديه الشعور بالقدرة علىالتأثير في المحيط بشكل عام.‏ وا لا شك فيه أن التأثر والتأثير بالأهل وأطفالهم يكون في اتجاه اثن ف<strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأهل علاقةتتسم بالتبادل.‏ ويكون <strong>الطفل</strong> نشطا في هذا التبادل.‏العلاقات الزوجية وسلوك الأهلتؤثر طبيعة العلاقات الزوجية القائمة ب الأم والأب في سلوكهماكأهل.‏ وهنا يبرز دور الأب الذي لا يقل أهمية عن دور الأم إلا أن ارسةهذا الدور تنعكس بصورة غير مباشرة على <strong>الطفل</strong> وذلك من خلال علاقةالأب بالأم ا يستوجب اعتبار النظام الأسري كلا متكاملا تتداخلعناصره وتتفاعل باستمرار فالتوتر والتأزم اتكرر في العلاقات الزوجيةيرتبط ستوى منخفض من الكفاءة في أوضاع <strong>الطفل</strong> من قبل الأمب والتفاهم <strong>بين</strong>ما يرتبط التناغم في العلاقات الزوجية .(Pederson,١٩٨٢)الزوج بتدخل الأب في شئون <strong>الطفل</strong> والعناية به فكلما ساد التفاهموالصداقة هذه العلاقات ازداد اهتمام الأب ومشاركته في العناية بالرضيع.‏يلجأ غالبا الأهل ذوو اشكلات الزوجية الحادة إلى استخدام متكرر147


الأمومةللعقوبات الجسدية ونادرا ما يعتمدون الحوار انطقي مع <strong>الطفل</strong> فياستراتيجيتهم التربوية.‏ وكثيرا ما تؤثر العلاقات الزوجية اتوترة في ارتفاعنسبة جنوح السلوك عند اراهق‏.‏ فسلوك الأهل يؤثر جمله في تطوّر<strong>الطفل</strong> ويتوجب عند دراسة هذا التأثير الأخذ بع الاعتبار طبيعة <strong>العلاقة</strong>الزوجية القائمة ب الأب والأم.‏بالإضافة إلى ذلك يكون للدعم الاجتماعي بأشكاله انظمة أو العفويةدرجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للأهل ويترك أثره الكبير في علاقتهمب<strong>الطفل</strong> ويساعدهم على مواجهة الأحداث ازعجة واؤة.‏إن نشاط اؤسسات الاجتماعية من أجل مساعدة الأسرة وتقد الدعموالعون خصوصا في الظروف الصعبة كن أن يوفر في عمليات الإنفاقعلى ادى البعيد في ايادين الأخرى الاجتماعية منها والصحية.‏إن سلوك الأهل هو أحد الأبعاد الوظيفية للإنسان ويتأثر كغيرهبالخصائص الفردية وبالتاريخ النمائي للفرد وكذلك بالحالة النفسية الراهنة.‏فطفولة الأهل تؤثر في سلوكهم اللاحق كأهل كما يتب من نتائج دراساتالأطفال اعامل بقسوة فعدم كفاءة الأهل تنتقل من جيل إلى جيلإلا أن هذه النتائج تستند إلى دراسة بعض الحالات السريرية (Belsky,١٩٨٠)فيجب الحذر وعدم محاولة تعميمها على الحالات العادية.‏ كذلك بالنسبةلدراسة أصول العنف والعدوانية إذ تشير إلى وجود ارتباط ب مراحلالتطور ابكرة عند الأم وسلوكها اللاحق نحو طفلها.‏تؤثر التجربة ابكرة في طاقات الفرد وقدرته على توظيف هذه الطاقاتفي دوره كأب أو كأم.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي يرفضه أهله-باقارنة مع <strong>الطفل</strong> اتمتعبقبول الأهل ورضاهم-يكون أكثر عدوانية وعنفا ويضطرب من الناحيةالانفعالية وفي تقديره لذاته ويحمل وجهة نظر سلبية عن العالم.‏ وسيكونأكثر قابلية لأن يرفض أطفاله عندما يصبح راشدا باقارنة مع الأهلالذين سبق لهم وتعوا بقبول الأهل ورضاهم:‏إلا أن اسألة التي تبقى بحاجة إلى إيضاح هي الإجابة على السؤالالتالي:‏ في أية مرحلة من مراحل التطور الفردي يكون تأثير هذه التجربةأو تلك تأثيرا ذا دلالة في سلوك الأبوة?‏إن النتائج السابقة بالرغم من محدودية آثارها وكونها تتعلق بأبحاث148


الأمومة في الأسرة العربية وكفاءة الأهلإكلينيكية ‏(سريرية)‏ لحالات متطرفة فهي تفتح أمام البحث طرقا جديدةعلى درجة كبيرة من الأهمية:‏١- ما هي <strong>العلاقة</strong> ب اضطراب الأطفال وسلوكهم كأهل في استقبل?‏٢- وما هي <strong>العلاقة</strong> ب الخصائص الشخصية والقدرات والطاقاتالذاتية للفرد وب سلوكه كأب أو كأم.‏لقد حاولت بعض الدراسات الإجابة على السؤال السابق ومنها ماأشار إلى وجود علاقة ب اضطراب <strong>الطفولة</strong> وبعض خصائص الحياةالأسرية كعدم التفاهم ب الأبوين والانفصال <strong>بين</strong>هما ورفضهما للطفل.‏ويرى بعض الباحث أن من أهم الخصائص الثابتة في تاريخ الأسرةالتي تسيء معاملة الصغير انتقال ظاهرة القسوة وإساءة معاملة <strong>الطفل</strong> منجيل إلى جيل ومن أهم العوامل اؤثرة في سلوك الأهل تجربتهم السابقةمع أهلهم.‏ فالتجربة التي تتميز باللطافة وشعور <strong>الطفل</strong> بأنه موضع الاهتمامواساعدة تبقى حاضرة في الذهن ومؤثرة في السلوك عندما يصبح<strong>الطفل</strong> بدوره أبا أو أما al;١٩٨٣) ..(Sluckin, etأما بالنسبة للكبير ‏(السيكوباتي)‏ الذي يعاني من الاضطرابات النفسية وغيرالقادر على إقامة علاقات مع الكبار سوى علاقات سطحية استغلالية وعدائيةيظهر هذا الكبير علاقات مشابهة مع الأطفال في حال كونه أبا أو أما.‏تأثير العوامل الاجتماعية في سلوك الأهليتأثر سلوك الأهلية ‏(الأمومة والأبوة)‏ بشروط البيئة والثقافة واعتقداتالسائدة والقيم الأخلاقية.‏ حيث توجه هذه العوامل سلوك الناس في حياتهماليومية.‏ فسلوك الأهل-خصوصا سلوك الأم نحو <strong>الطفل</strong>-يتأثر بالعواملالخارجة عن نطاق الأسرة وأهمها:‏- الخصائص اهنية لعمل الأب أو الأم.‏ فالآباء الراضون عن عملهم همأكثر نجاحا من غيرهم بدورهم كآباء.‏ ويلون إلى اتباع استراتيجية الحواروالدوقراطية مع <strong>الطفل</strong> بدلا من استخدام العقاب الجسدي.‏ وكذلكبالنسبة للأم العاملة حيث تختلف عن الأم غير العاملة في طموحاتها وفيآمالها التي يكون <strong>الطفل</strong> موضعا لتحقيقها.‏ واختلاف الأساليب اتبعة منقبل الأهل يؤدي إلى فروق ائية عند الأطفال.‏149


الأمومة- تقوم الأسرة بدورها في ظل علاقات اجتماعية محددة وقيم ومعتقداتوتقاليد سائدة.‏ وكن فهم سياق تأثر الأسرة ن حولها.‏ فالأشخاصاقربون منهم مساعدتها وتقد الدعم اادي واعنوي لها عن طريق محبتهاواحترامها وتقديرها.‏ وهذا يلعب دورا إيجابيا في علاقتها بصغيرها وعنايتهابه.‏ ونخلص ا سبق إلى أن سلوك الأهلية يتحدد ويتأثر بالقدراتوالإمكانات الشخصية للفرد وبخصائص <strong>الطفل</strong> وباصادر اتوفرة فيالمحيط إيجابية مساندة أم سلبية محبطة.‏ فكل هذه العوامل تؤثر مجتمعةفي صياغة سلوك الأهل الذي يحمل كنظام بكامل بتأثر بالعناصر السالفةالذكر.‏ فإذا أصاب الخلل أحد هذه العناصر تأثرت العناصر الأخرى.‏ وتشيرأدبيات البحث في هذا اجملال إلى أن أهم هذه العناصر طاقات الأهلوكفاءتهم.‏ فالخلل الذي يصيب خصائص <strong>الطفل</strong> مثلا كن تعويضه إذاتع الأهل بكفاءة مناسبة al.١٩٨٤) .(Belsky et ف<strong>الطفل</strong> الذي يولد قبلالآوان كنه التطور تطورا عاديا في الطبقات الوسطى حيث تجتمع كفاءةالأهل وشروط المحيط الإيجابية الداعمة <strong>بين</strong>ما يختلف الأمر ثل هذا<strong>الطفل</strong> في الطبقات الدنيا إذ قد تتسبب الولادة قبل الآوان في طرقمشكلات مستعصية.‏يتب ا سبق أن سلوك الأهل عامة وموقف الأم تجاه صغيرها خصوصاكن أن يتأثر بعوامل عديدة وقد تتداخل هذه العوامل وتتعارض فيتأثيرها حيث أن مصادر التأثير ليست متساوية في دعمها وفي درجةحاجتها من قبل الأهل.‏ فارتفاع كفاءة الأهل يرتبط إلى حد بعيد بالدعمالعاطفي وباساعدة الفعالة وبإقرار الجماعة لهذه الكفاءة وتشجيعها.‏150


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>8 سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>دور الأم في تعلم اللغةمرحلة ما قبل الكلامغالبا ما يتوقف <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة عنالبكاء عندما يسمع صوت الأم وكذلك تتوقف الأمعن فعل أي شيء عندما تسمع صوت طفلها.‏ فكأن<strong>الطفل</strong> والأم لكان القابلية لسماع بعضهما البعضوإصغاء الواحد منهما إلى الآخر.‏منذ الأيام الأولى يحدث التبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong>وجها لوجه ويشترك الاثنان في تفاعل معقد.‏فالصغير يحرك وجهه وشفتيه وجذعه وذراعيهباتجاه الأم التي تتلقى هذه الإشارات والحركاتبدورها وتتوجه نحوه بالإصدارات الصوتيةوالحركات الإشارية.‏وتبدأ الأم بالحديث إلى <strong>الطفل</strong> بحنو واهتماموتتغير صيغة هذا الكلام وتصبح أكثر انتظاماوموسيقية وتتميز بالتكرار وبنبرة خاصة وهذا مايعرف بالكلام إلى <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة.‏وتصبح الأم أكثر نشاطا وتظهر اللعب وحركاتإيقاعية محددة وتبالغ في حركات رأسها وجسدهاوتحاول ملامسة <strong>الطفل</strong> حبة وحنان.‏ وعندما تلعبمع الصغير بهذه الطريقة تحاول أن تستخدم أصواتا151


الأمومةبلا معنى وتغني بصوت عال مقاطع غنائية لا معنى لها .(Trevarthen,١٩٧٩)ويرى تريفارتن أنه من المحتمل خضوع الكلام اوجه للطفل الصغير إلىقواعد تعبيرية لا شعورية يتم استدعاؤها بطريقة آلية وهي مبنية بحيثيكون فهمها محدودا.‏ ويرفض الاعتقاد السائد الذي يعتبر هذه الخصائصتعبيرا عن التبسيط ويرى فيها صيغة خاصة من التواصل ب الأم و<strong>الطفل</strong>.‏يبدو هذا التكيف الآلي لسلوك الأم وكأنه يهدف إلى التقاط احساساتالصغير وقدراته الاتصالية.‏ ويعتبر حديث الأم اتزامن مع حركات جسديةخاصة صيغة من التكيف مع القدرات اعرفية والتعلمية واعلوماتية للطفلودعما قويا للتطورات اعرفية الأولية عنده (١٩٧٧ويوافق الكثير من الباحث على أن الاتصال اللاكلامي (١) ‏(بواسطةالإشارات الجسدية:‏ التقليد التعابير الوجهية الابتسام الكدر العبوسالإصدارات الصوتية)‏ يعتبر نقطة انطلاق هامة في تطور الاتصال الكلاميفي مراحل لاحقة من العمر.‏يشبه البعض هذا التبادل بتطور اللغة عند <strong>الطفل</strong> ورا كان ارحلةالتي هد لاكتساب اللغة الكلامية فالسياق الإبداعي الذي يؤدي إلىالتفاهم والتفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> يشكل حجر الزاوية في تطور <strong>الطفل</strong>اعرفي واللغوي وإدراكه اعني (١٩٧٧كيف يبدأ <strong>الطفل</strong> بإدراك اعنى?‏ وكيف يستخدم ذلك في تخاطبه معالآخرين?‏ لكي نتمكن من الإجابة على هذين السؤال لا بد من دراسةمنهجية لتطور اللغة في مختلف مراحل و <strong>الطفل</strong> وتطور قدرته على بناءنظام لغوي واستخدامه في تفاعله مع الآخرين.‏لقد اكتسب النوع البشري القدرة على تعلم اللغة عبر التطور فالكائنالبشري تطور كمخلوق لغوي.‏ ويعتمد هذا السياق الذي ينتقل من جيل إلىجيل في تطوره على تفاعل <strong>الطفل</strong> مع الأم.‏يتمكن جميع البالغ الطبيعي من الكلام ويظهرون درجة معقدة منالتعابير الوجهية وحركات الأيدي التي تتزامن مع الكلام فالتعبير البشرييستند إلى قاعدة فطرية مشتركة ب جميع البشر مهما اختلفت عروقهموثقافاتهم.‏ فالكلام يندمج مع التعابير الانفعالية الخاصة باللغات اخملتلفةويبدو النشاط الحركي ارافق للكلام أكثر وضوحا في بعض اللغات.‏.(Papousek and Papousek,.(Trevarthen,152


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>ويعتبر الابتسام من ايزات الاجتماعية للنوع البشري اكتسبة أثناءالتطور ويظهر هذا السلوك بفعالية كبيرة في الشهر الثاني من العمركإشارة للسرور وللاستعداد للتواصل.‏فالابتسام وثغثغات الفرح التي يبديها الصغير تثير اهتمام الأم إذ تكونشديدة الحساسية للجهود التي يبديها <strong>الطفل</strong> عندما يبتسم ويحرك شفتيهفهي تفسر ذلك كمحاولة منه للكلام (١٩٧٧ويحاول الصغير إجابة الأم بأصوات محددة وبطريقة متناسقة مع أسئلتهااتكررة التي تطرحها بإيقاع موسيقي مع وتتخللها برهة زمنية ‏«مخصصة»‏لاستجابة الصغير.‏ ويتميز الاتصال ما قبل الكلامي عند <strong>الطفل</strong> بتغير هامفي عناصر التفاعل مع المحيط أثناء السنة الأولى من العمر.‏ ويصعبتفسير تطور اللغة عند <strong>الطفل</strong> بالاستناد إلى سياق الاتصال غير الكلامي.‏فاللغة باعنى الدقيق كن أن تكون نظاما منفصلا يبدأ بالتطور في مراحللاحقة تتناسق وتتزامن مع وسائل الاتصال اللاكلامي.‏ولا تزال مسألة <strong>العلاقة</strong> ب تطور الاتصال اللاكلامي وتطور اللغة مثارجدل في أوساط الباحث‏.‏ فمنهم من يرى أن الأم تحضر <strong>الطفل</strong> في السنةالأولى لتطوير عناصر أساسية ضرورية لتعلم اللغة وهذا ما يفضي إلىالقول بأن الأهل يعلمون اللغة و<strong>الطفل</strong> لك القابلية والاستعداد لذلك.‏ف<strong>الطفل</strong> في عامه الثاني يكون قد حضر من خلال تفاعله مع الحاضنالأولي لتعلم قواعد اللغة والتعلم بشكل عام ضمن ظروف مثلى.‏وكن الافتراض أن العناصر الأساسية لتعلم اللغة ت<strong>نمو</strong> وتتطور بصورةمنهجية من خلال السلوك اتبادل ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ إلا أنه لم يتم التحققمن صحة هذه الفرضية كما لم يتم نفيها.‏ فالتحقق من هذه الفرضية يجبأن يتم من خلال دراسة الفروق الفردية للتفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏أظهرت دراسة ريكس (١٩٧٩ (Ricks, للاتصال الصوتي عند <strong>الطفل</strong> فيارحلة قبل الكلامية أن الصغير ب (١٢ و ١٨ شهرا)‏ ينطق ببعض الكلمات‏«ماما»‏ ‏«دادا»‏‏«بابا»‏ دون أن تتعلق بشيء واقعي فهو يقلد هذه الكلمات عندنطقها من قبل الكبار.‏ وفي مرحلة لاحقة تظهر مجموعة أخرى من الكلامكإجابة على أحداث محددة.‏لقد أشارت هذه الدراسة إلى أن تقليد الكلمات من قبل <strong>الطفل</strong> العادي.(Trevarthen,153


الأمومةيعتمد على قدرته على الإمساك عناها.‏ فعندما يتلفظ الصغير بكلمةيصغي لها ويكررها أكثر ا لو كانت صادرة عن الأهل أو الآخرين.‏ ف<strong>الطفل</strong>في خطواته الأولى على طريق اكتساب اللغة يصغي للمضمون أو للمعنىوبعدها فقط تؤثر خصائص الصوت في استجابته.‏ تتوجه الأم بالكلام إلىالصغير معتبرة إياه قادرا على المحادثة فهي عندما تتحدث إلى طفلهاتعامله كما تعامل الآخرين القادرين على التحدث بنفس اللغة (١٩٧٩ ;Snow.(et al ويلاحظ هذا السلوك في بعض اجملتمعات والزمر الثقافية دونغيرها عندما تعتقد الأم أن <strong>الطفل</strong> كائن مستقل يجب الاتصال معه.‏ <strong>بين</strong>مالا يلاحظ ذلك في اجملتمعات التي يسودها الاعتقاد أن <strong>الطفل</strong> هو امتدادللأم-كما هو الحال في الثقافة اليابانية-وبالتالي ليس من الضروري مخاطبتهوالحال هذه ككائن مستقل ‏(ارجع السابق).‏كما أشارت الدراسة السابقة إلى اعتقاد الأم أن الأصوات الصادرة عنالصغير على عدة أنواع لكل منها معنى خاص.‏ وهي تشعر أن <strong>الطفل</strong> في الشهرالسادس يفهم بعض خصائص كلام الكبار خاصة عندما تتكرر الجملة بنبرةمعينة.‏ كما تعتقد الأم أنه يتعذر على <strong>الطفل</strong> فهم عبارة تتضمن أكثر من كلمت‏.‏تظهر الأم التعبير الكلامي أثناء حوادث وفرص محددة قد تتعلق بسلوك<strong>الطفل</strong> أو بسلوك الأم.‏ إلا أن الكلام يظهر أيضا دون أن يكون على صلةبذلك وإا يكون عبارة عن تبادل ولعب دون سبب واضح.‏ ويترافق هذااللعب أحيانا بالغناء في إيقاع خاص وتعرف هذه الظاهرة عند مختلفالشعوب حيث تغني الأم أغنيات خاصة ب<strong>الطفل</strong> الصغير.‏ وتكون هذهالأغنيات معروفة غالبا من قبل الجماعة الثقافية التي تنتمي لها الأم.‏ إلاأنها تبدع أحيانا أغنياتها الخاصة وتلحن عبارات عادية تتعلق هامهااخملتلفة أثناء عنايتها ب<strong>الطفل</strong>.‏وفي دراسة للمؤلف تب أن التبادل الكلامي يحتل مكانا بارزا فيالتفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> (١٨- ٢٤ شهرا)‏ أثناء تناول هذا الأخير وجبةالعشاء.‏ كما أوضحت هذه الدراسة أهمية هذه الوضعية في تعزيز تعلماللغة وتطورها عند <strong>الطفل</strong> حيث تقوم الأم بتصحيح أخطاء <strong>الطفل</strong> وتشجيعهعندما يتكلم بصورة صحيحة (,١٩٨٧وتجدر الإشارة إلى أن الأم التي ترضع <strong>الطفل</strong> عند طلبه تجد من الفرص.(Kontar154


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>للتفاعل معه والحديث إليه أكثر من الأم التي ترضع وفق برنامج محدد.‏وذلك نظرا لوضعية <strong>الطفل</strong> ودرجة يقظته ففي حالة طلبه الرضاعة يكونعلى درجة من اليقظة ومن القابلية لتلقي اؤثرات الخارجية أفضل بكثيرا لو إيقاظه من أجل الرضاعة وفق برنامج محدد مسبقا.‏ويعتبر اللعب واستخدام الأشياء على درجة كبيرة من الأهمية في توفيرالفرص للمؤثرات الكلامية خصوصا إذا ترافق اللعب بازاح والحبور حيثيعطي <strong>الطفل</strong> الفرصة ليفعل شيئا ما يتناسب وسلوك الأم أو حديثها وهذاما يشعر الأم بأنها في حالة اتصال حقيقي مع <strong>الطفل</strong>.‏إن تنظيم كلام الأم ‏(بطريقة كن الصغير من التنبؤ بالحوادث التيترتبط بحديث الأم)‏ يساعد <strong>الطفل</strong> على تنظيم عاه وإدراك الترابط بهذه الحوادث وييز النشاطات اخملتلفة وتوقع حوادث استقبل.‏ إلا أنالإصدارات الصوتية للأم تكون قليلة الحدوث في بعض الثقافات ايحملنا على الحذر قبل القول بأن تعلم اللغة الطبيعي عند <strong>الطفل</strong> يتطلبحديث الأم ويستوجب لعبها معه وتعليقها على الحوادث والألعاب ومعاملتهكقرين في المحادثة.‏لقد تركز اهتمام الباحث على دراسة تطور التبادل اللغوي الكلامي بالأم و<strong>الطفل</strong>.‏ حيث كنا نجهل-إلى وقت قريب-اللغة ‏«اللاكلامية»‏ التي تسبقمرحلة الكلام وسياق تطورها ب الأم و<strong>الطفل</strong> وأثرها في تعلم اللغة الكلاميةفي اراحل اللاحقة من تطور <strong>الطفل</strong>.‏ إلا أن هذه اسألة بدأت حديثا تجذباهتمام الباحث حيث تعاقبت البحوث التي تدرس ‏«اللغة الجسدية»‏ أو‏«اللغة اللاكلامية»‏ أو ما يسمى ‏«باللغة قبل الكلامية»‏ ففي دراسة سلوكالإشارة إلى شيء ما بواسطة أصبع اليد (Pointing) أوضحت دراسة مورفيومسر Messer,١٩٧٧) (Murphy and أنه من اهم لكل من الطرف أن يُريالطرف الآخر ما كن أن يثير اهتمامه في المحيط الخارجي ويترافق هذاالسلوك باتابعة البصرية لاتجاه إشارة الأصبع ويصعب على الصغير أنيفصل بصره عن يد الأم عند إشارتها لشيء ما قبل أن يبلغ السنة من العمر.‏فبدلا من النظر إلى الاتجاه اشار إليه يتثبت بصر <strong>الطفل</strong> نحو يد الأم.‏ وفيأبحاث أخرى تب أن <strong>الطفل</strong> يتمكن من فهم هذا السلوك عند بلوغه الشهرالتاسع.‏ وتقوم الأم عادة باستخدام سلوك إشارة الإصبع بعد أن يبلغ طفلها155


الأمومةسنة من العمر <strong>بين</strong>ما يظهره <strong>الطفل</strong> في عمرة ثمانية عشر شهرا.‏لقد أوضحت الدراسة السابقة اعتقاد الأم بأن إشارة الإصبع وحدها لاتكفي فلا بد من مرافقتها بسلوك آخر ‏(بصري أو سمعي)‏ ليتمكن <strong>الطفل</strong> فيعمر تسعة الأشهر من فهمها.‏ فشروع الأم بالتأشير نحو شيء ما يتزامن معالنظر إليه ثم توجيه البصر نحو <strong>الطفل</strong> لتقدير تأثير السلوك الإرشادي ويترافقهذا السلوك بالتعبير الكلامي للأم الذي يختلف باختلاف عمر <strong>الطفل</strong> فالأمتستخدم لغة أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بطفل في الشهر الرابع عشر <strong>بين</strong>مايل إلى التبسيط وإلى تأكيد الطلب بصيغة الأمر عندما تتجه نحو طفل فيالشهر التاسع.‏ وذلك لزيادة فعالية توجيهاتها.‏ فالأم تستخدم السلوك الإشاريلتوجيه انتباه الصغير نحو شيء ما ولإقامة التفاعل اتبادل معه.‏وتجدر الإشارة إلى أنه خلال السنة الأولى من العمر يصبح التبادل ذامعنى محدد بالنسبة للأم وبالنسبة للطفل ويتميز هذا التبادل بالإعادة والتكراروتتوقف الأم عادة عن تكرار سلوك ما عندما يتوقف <strong>الطفل</strong> عن النظر إليها.‏ويتمكن الصغير في عامه الأول قبل الكلام من الدخول في علاقاتاجتماعية مع البالغ وينفي تدريجيا مهارات للتواصل مع الآخرين.‏ وتأخذحركاته وأفعاله معاني محددة.‏ إلا أن نفس الحركة قد تأخذ معني مختلفباختلاف الشروط التي تحدث ضمنها.‏ما الذي يتعلمه <strong>الطفل</strong> كي ينتقل من مرحلة ما قبل الكلام إلى مرحلةاستعمال اللغة?‏ يعتمد تطوّر اللغة-إلى حد كبير-على ما اكتسبه الصغير منمفاهيم ومعان في ارحلة السابقة للكلام وعلى تجربته في استعمال كلمةأو عبارة أو في مجال دلالات الألفاظ وإيقاعها الصوتي.‏ فذلك هد السبيللانبثاق اللغة التي تكتسب تدريجيا من خلال التجربة اليومية التي يعيشها<strong>الطفل</strong> ١٩٧٧) .(Bruner,ولك <strong>الطفل</strong> منذ البداية القدرة على النداء وطلب اساعدة وتشتقهذه القدرة من العناصر الفطرية للتعبير عن الضيق الذي يدفع الكبارللتدخل.‏ فالكثير من الأمهات يزعمن بأن لديهن القدرة على ييز عدةأنواع من نداءات الصغير في شهره الثالث أو الرابع وذلك استنادا إلىالإيقاع الخاص بكل نداء ‏(ارجع السابق.)‏ويتم اكتساب اللغة في إطار من الحوار واللعب حيث يتهيأ اناخ للتقدم156


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>في ذلك.‏ فالتفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> يتراجع في الحالات الجدية إلى الطلبوالرد على الطلب أما في حالة اللعب فيتقدم التفاعل باطراد ا يوفرالفرصة للتعرض ؤثرات لغوية هامة في تطور اكتساب اللغة عند <strong>الطفل</strong>.‏تصدر الأم اؤثرات الصوتية ا يتناسب ومراحل تطور <strong>الطفل</strong>.‏ و<strong>الطفل</strong>أيضا يأخذ دوره في ذلك وكن ملاحظة فترات قصيرة من التداخل فيالإصدار الصوتي للأم و<strong>الطفل</strong>.‏ إلا أن تنظيم تبادل الأدوار <strong>بين</strong>هما يعود إلىمبادرة الأم فهي التي تهيئ الفرصة للطفل كي يظهر كفاءته ويعبر عن ذاتهوهي التي تتدخل لتملأ الفراغ أثناء توقفه عن الثغثغة واناغاة (١٩٧٧وكن أن نخلص إلى القول بالتكامل والاستمرارية ب مرحلة اللغةاللاكلامية ومرحلة اللغة الكلامية;‏ واستخدام <strong>الطفل</strong> والأم للعناصر الإشاريةوالصوتية في تفاعلهما وتنسيق العناصر الكلامية وغير الكلامية وتزامنهافي <strong>العلاقة</strong> اتبادلة ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏.(Schaffer,الأم وال<strong>نمو</strong> المعرفي عند <strong>الطفل</strong>إن تأثير الأم في التطور اعرفي للطفل غير معروف بشكل جيد حتىأيامنا هذه.‏ فنحن لا نزال نجهل تأثير الحرمان من الأمومة اناسبة علىال<strong>نمو</strong> اعرفي عند <strong>الطفل</strong>.‏ فلا بد من تطوير الأبحاث امتدة كي نتمكن منفهم أفضل للعلاقة ب سلوك الأمومة وب التطور اعرفي للطفل خصوصافي ارحلة قبل ادرسية.‏تبدأ الأم منذ الأسابيع الأولى من حياة <strong>الطفل</strong> بالحديث عن انتظامدوراته اتعلقة بالنوم والجوع والتغذية:‏ متى سينام?‏ وكم من الوقت سيستغرقنومه?‏ وكم من الحليب سيأخذ في هذه الوجبة?‏ ومتى سيأخذها?‏ وكيفكن تفسير بكائه في هذه الفترة من اليوم?‏ تطرح الأم هذه الأسئلة فيمحاولة لفهم <strong>الطفل</strong> فهي بحاجة لترى الانتظام في سلوكه ولتشعر بالقدرةعلى تفهمه ولا تكتفي الأم بأن تكون قادرة على توقع حالات <strong>الطفل</strong> اخملتلفةالتي ر بها خلال اليوم وإا تريد أن تكون مشاركة في تنظيم هذهالحالات..‏ وأن تسهم في تكييف حالاته اخملتلفة ا يتناسب وبرنامجهادون أن يؤدي ذلك إلى اضطراب <strong>الطفل</strong> (١٩٧٧وتشعر الأم بالقدرة على الفعل عندما تؤثر في تعديل مسار حالات <strong>الطفل</strong>.(Kaye,157


الأمومةوتشعر بالألم والإحباط عندما تخفق في ذلك.‏ وتبدأ الأم أثناء الرضاعة-مثلابتفسير توقف <strong>الطفل</strong> عن اص من برهة إلى أخرى كإشارة لضعف قدرتهعلى الرضاعة وترى في ذلك فرصة لإصدار اؤثرات.‏ فالأم و<strong>الطفل</strong> لكانبرامج متنوعة إذ يستجيب <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة بجملة من انعكسات فيحالات الجوع أو الألم أو البرد.‏ ويصبح بالتدريج قادرا على توقع سلسلةالحوادث التي تؤدي إلى إظهار هذه انعكسات فهو يتأثر بالتجربة الانتقاليةمن حالة الجوع إلى حالة الشبع ومن حالة البرد إلى حالة الدفء.‏تؤثر وظائف التكيف اخملتلفة عند <strong>الطفل</strong> في تطور سلوكه.‏ ويعتبر الحصولعلى الغذاء من أهم هذه الوظائف تأثيرا في الوسط الاجتماعي وهذايحمل نتائج تطوريّة.‏ فانتظام سلوك <strong>الطفل</strong> كن أن يفرض تنظيما ما فيمحيطه.‏ فلم يكن عدم النضج-الذي يتميز به <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة-صدفةبل را كان من أهم مصادر قوته إذ يضمن درجة من الانتظام والتوقع فيمايتعلق بسلوكه وبحالاته اخملتلفة حيث تستخدم الأم قدرتها على التنبؤ بالبنيةالزمنية لسلوك طفلها وذلك لبناء القاعدة الأساسية للتفاعل اتبادل القائمعلى الفعل ورد الفعل عبر التمايز اتبادل للاستجابات اخملتلفة.‏ويقوم الترابط القوي ب أفراد النوع البشري على الاتصال والتعاونحيث تنتقل كمية هائلة من اعارف عبر التفاعل والتخاطب.‏ وهذا يحتم أنتلك <strong>الطفل</strong> الحديث الولادة القدرة على تعليم أهله كيف كن أن يتفاعلوامعه.‏ وعندما يأخذ كل دوره في عملية التفاعل يكون في ذلك هيد للحواراللغوي استقبلي ف<strong>الطفل</strong> والأم يتعلمان أن يأخذ كل دوره وأن يقرأ إشاراتالطرف الآخر فيما يتعلق ببداية دوره ونهايته.‏ فهما يتعلمان قراءة نية الآخروتفسير عواطفه وإشاراته اخملتلفة.‏إن تكرار الأم ؤثر ما من شأنه أن يشد انتباه الصغير وينشط تعابيره.(Fogel, أما تكرار <strong>الطفل</strong> لحركة ما فيدفع الأم للتحقق منتأثيرها ومن قدرتها على توقع ماذا سيفعله <strong>الطفل</strong>.‏ ويعتقد هذا اؤلف أنهدف الطرف ليس الاستجابة أو إثارة سلوك ما بقدر ما هو المحافظة علىمستوى مع من اليقظة أو لإرضاء حاجة ما.‏ ويثير تكرار الأم لحركة مااهتمام الصغير ا يدفعه للنظر إليها وكن للأم-مع كل عرض جديدلنفس اؤثر مع بعض التغيرات-أن ترفع من احتمال الحصول على استجابةالوجهية (١٩٧٧158


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>من قبل <strong>الطفل</strong> ‏(اصدر السابق).‏ وتجدر الإشارة إلى أهمية أن تلك<strong>الطفل</strong> حرية التوجه ببصره نحو الأم أو امتناعه عن ذلك.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي لاتسمح له أمه بتوجيه بصره نحوها أم بعيدا عنها يل إلى قضاء وقتأقل بالنظر إليها باقارنة مع <strong>الطفل</strong> الذي يتمتع بحرية التوجه ببصرهحيثما شاء .(Stern,١٩٧٤) لقد أشارت البحوث السابقة إلى <strong>العلاقة</strong> بدرجة انتباه <strong>الطفل</strong> وب مستوى التفاعل ‏(طفل-أم)‏ فتنوع التفاعل واستمرارهيرتبط إلى حد بعيد بدرجة انتباه <strong>الطفل</strong> ويقظته.‏ وتتميز البنية السلوكيةللأم وصغيرها بتبادل اؤثرات بانتظام والذي يتمثل ختلف الحركاتوالأفعال التعبيرية والتواصلية كالثغثغات اخملتلفة والعرض الوجهي التعبيريوالتبادل البصري.‏ وتكون هذه اؤثرات على درجة عالية من التنظيم.‏ فالأمتستخدم مثلا اؤثر اللمسي حسب إيقاع محدد يتشابه بإيقاع الجمل الصوتيةالتي تطلقها باتجاه الصغير (١٩٧٧فالأم من خلال لعبها مع <strong>الطفل</strong> تقوم بتنظيم سلوكها وتعديل استراتيجيتهاوالتغير والصيغة يتناسب وحالة طفلها من حيث التكرار والشدة اوالزمن.‏ وذلك لتضمن إيقاظ اهتمام الصغير وتركيز انتباهه.‏ف<strong>الطفل</strong> منذ الولادة يعيش في إطار اجتماعي ويصعب عليه البقاءوالاستمرار خارج هذا الإطار.‏ فيثبت سلوكه ويتبدل من خلال فعل الآخرأو من خلال حضوره.‏ فالتفاعل الاجتماعي على درجة بالغة من الأهميةبالنسبة للطفل فهو ضرورة بيولوجية تحتمها متطلبات ال<strong>نمو</strong> الجسديوالتطور العقلي-اعرفي.‏وتوفر الأم للطفل أول فرصة للتعرض للوجود البشري وللاتصالبالآخرين فمن خلال سلوك الأمومة يتمكن الصغير بواسطة حواسه-‏كالسمع والبصر-من تكوين صورة عامة للوجه الإنساني وللانفعالاتاخملتلفة التي تظهر في التعبير الوجهي ويتعلم <strong>الطفل</strong> مع الأم كيف كنأن يصبح الابتسام أو الثغثغة حدثا اجتماعيا.‏ ويبدأ <strong>الطفل</strong> مع الأم بتشكيلروابط التعلق ويكتسب من خلال تجربته معها مدى تأثير سلوكهالاجتماعي وكيف ينظم بنفسه حالات اليقظة وحالات العاطفة.‏ فسلوكالأمومة يهيئ للطفل-من خلال الأقنية الحسية اخملتلفة-تجربته الأوليةفي سياق الاتصال البشري.‏.(Stern et al,159


الأمومةالأمومة ومشكلات <strong>الطفولة</strong>الأمومة والاستقلال الذاتي عند <strong>الطفل</strong>إن مهمة الأسرة هي أن تحمل <strong>الطفل</strong> شيئا فشيئا إلى الاستقلال وتهدفإلى تشجيع الاستقلالية عنده ا يتناسب واراحل اخملتلفة من مراحلال<strong>نمو</strong> حتى يتمكن من الاعتماد على النفس ومن خوض غمار الحياة دوناتكال على الغير.‏ إلا أنه بعد مرحلة من الاتحاد الكامل ب الأم و<strong>الطفل</strong>يصعب على هذا الأخير تحقيق الذات وتنمية الاستقلالية الفردية.‏ ولاتسهّل نزعة الأم إلى التملك تطور قدرة الصغير في الاعتماد على نفسه.‏وفي أحيان كثيرة وبعد بلوغ الثالثة من العمر يصعب على <strong>الطفل</strong> التحررمن أمومة أمه بالرغم من مشاركته لأترابه في ألعاب متعددة ا يؤديإلى تجمد التطور بسبب الأم التي تبالغ في حمايتها للصغير وتضخم منأمومتها;‏ فالأمومة القوية والإفراط في احتضان <strong>الطفل</strong> وحمايته أكثر ايجب ظاهرة واسعة الانتشار في اجملتمعات العربية خاصة إذا كان <strong>الطفل</strong>ذكرا.‏ فمحاصرة <strong>الطفل</strong> داخل دائرة محبة الأم اطلقة لا يسهل انطلاقتهلإقامة علاقات حميمة أخرى ويعرقل تحقيق الذات وتنمية الاستقلاليةوالثقة بالنفس.‏الآثار السلبية للحماية المبالغ فيهاقدم الباحثون عدة فرضيات لتفسير الأسباب التي تجعل طفلا أكثراعتمادا على الآخرين دون غيره من الأطفال وكذلك لشرح الأسباب التيتجعل هذا <strong>الطفل</strong> يشعر بالغم والكرب عند الانفعال عن الأم.‏ من هذهالفرضيات ما يؤكد على الجانب الداخلي ويزعم أن بعض الأطفال ترتفععندهم أكثر من غيرهم الحاجيات الجنسية ‏«الليبيدو».‏ وبالتالي فهم بحاجةأكثر من غيرهم إلى اكافأة والعطاء والاهتمام (٣١٥.,1973). p وفي إطار نظرية التحليل النفسي أيضا هناك من يقول إن دافعاوت يكون أكثر تطورا عند بعض الأطفال باقارنة مع غيرهم ويبرز هذاالدافع ويعلن عن ذاته بالقلق والكرب والهبوط والخوف من اوت.‏لقد تعرضت هذه الفرضيات للكثير من الانتقاد ا حمل بعض أنصارنظرية التحليل النفسي على إبراز أهمية دور المحيط في تفسير ظاهرةFreud, In Bowlby;160


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>الاعتماد على الغير والتأثر افرط عند الانفصال عن الأم.‏ وحاول هؤلاءتقد فرضيات جديدة لتفسير اظاهر السابقة من هذه الفرضيات:‏١- إن الولادة الصعبة والصدمة القوية التي يتعرض لها اولود فيالأسابيع الأولى نتيجة التغير افاجئ ب الوسط السابق ‏(بطن الأم)‏ والوسطالجديد كن أن يصعّد من ردود فعل القلق ويؤدي إلى تطوير استجاباتمبالغ فيها واجهة ‏«الأخطار»‏ الخارجية في مراحل الحياة اللاحقة.‏٢- يكون بعض الأطفال موضوعا للدلال ابالغ فيه ‏(الإفراط في إرضاءحاجات الليبيدو)‏ من قبل الأهل ا يدفعهم للمطالبة بازيد وعند تعذرذلك يشعرون باعاناة القاسية.‏- ٣ يكون بعض الأطفال مفرطي الحساسية لاحتمال الانفصال أوالحرمان من المحبة من خلال تجربتهم الفعلية بالانفصال أو نتيجة التهديدبالتخلي عنهم.‏ولا تزال الفرضية الثانية تحظى وافقة العديد من أنصار نظريةالتحليل النفسي.‏ فابالغة في تدليل <strong>الطفل</strong> تجعله كثير اطالب وشديداعاناة عند عدم تحقق هذه اطالب.‏لقد سبق لفرويد أن شجع الأمهات على تقبيل الصغير ومداعبته بحنوولكنه حذر من ابالغة في ذلك.‏ فالحنان ابالغ فيه قد يوقظ أحاسيس<strong>الطفل</strong> بشكل مبكر ويجعل من الصعب إرضاء حاجته للمحبة فيما بعد.‏وبالرغم من شعبية هذه الفرضية إلا أنه لا يوجد ما يثبت أن التعلق القلقهو نتيجة المحبة ابالغ فيها من قبل الأهل.‏لقد أشار ماكورد ورفاقه (١٩٦٢ (McCord et al في دراستهم جملموعة منالصبيان اعتمدين على الآخرين بشكل مفرط إلى يّز علاقاتهم مع الأمبالقلق ويعرب غالبية هؤلاء عن الشعور بالدونية والخوف الذي لا مبرر لهفهم يعانون من رفض ولا مبالاة من قبل الأهل ومن مقارنة مجحفة <strong>بين</strong>هموب أخوتهم وهم دوما في الجانب السلبي <strong>بين</strong>ما يكون الأخ أو الأختموضوع اقارنة في الجانب الإيجابي.‏ ولقد لاحظ هؤلاء الباحثون أنالعلاقات العائلية لهؤلاء الأطفال تتسم باشاجرة والخلاف.‏وفي دراسة أخرى (١٩٥٧ al, (Sear et تب أن الأمهات اللواتي يظهرنالنزق ونفاد الصبر وقلة الانتباه نحو <strong>الطفل</strong> يل أطفالهن إلى الاعتماد161


الأمومةعلى الغير وإلى قلة إظهار السلوك اعبر من الاستقلالية.‏ وكذلك <strong>بين</strong>تهذه الدراسة وجود علاقة ترابطية ب اعتماد الأطفال على الآخرين وباستخدام الأهل لطريقة الحرمان من المحبة كإجراء تأديبي ولجوئهم إلىتهديد <strong>الطفل</strong> بالتخلي عنه.‏ تشير هذه النتائج اتعددة إلى أن ميل <strong>الطفل</strong>إلى الاعتماد افرط على الآخرين وضعف قدرته على الاستقلالية لا ينتجعن محبة زائدة أو مبالغ فيها من قبل الأهل وإا يكون ذلك نتيجة لعلاقةمضطربة مع الأهل خصوصا مع الأم.‏ فالعامل الأهم الذي يحدد استقلالية<strong>الطفل</strong> وتطور قدرته في الاعتماد على الذات يكمن في طبيعة <strong>العلاقة</strong>القائمة ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي يعاني من الحرمان ومن قلة الحنانوالمحبة يكون شديد الاعتماد على الآخرين بخاصة على الأم.‏ فهو يطلبالكثير كما لو أنه يريد بذلك البرهنة على مدى استجابة الأم ومدى تفهمهاله وبذلك يريد أن يجذب انتباهها واهتمامها وغالبا ما يضيق صدرها بهويزداد نزقها وهكذا يستقر الاثنان في حلقة مفرغة وفي علاقة قلقةمضطربة.‏ وتجدر الإشارة إلى أن الأم-اربية هي التي تأخذ بيد <strong>الطفل</strong>رويدا رويدا بتدريبه على القيام ببعض اهام كأن يأكل وحيدا دون مساعدةأو أن يتمكن من وضع ملابسه أو القيام بأية مهمة أخرى تتناسب وعمرهوتشجعه وتقدره في كل مرة ينجح في عمل ما فهي بذلك تزيد من مهاراتهوخبراته وتساعده على الاستقلال والشعور بالثقة بالنفس أما الأم التيتنفذ كل شيء ولا تترك للطفل لا الوقت ولا الفرصة للقيام همة مافإنها تشعره بالإحباط وعدم القدرة على الفعل وفقدان الثقة بالنفسوبالتالي الاعتماد على الآخرين.‏الأمومة وتطور الخوف سند <strong>الطفل</strong>يستجيب غالبا <strong>الطفل</strong> الناشئ في عائلة مستقرة بالحزن والقلق عندانفصاله عن الأم.‏ <strong>بين</strong>ما يستجيب بالغضب والهيجان <strong>الطفل</strong> الذي يكبر فيوسط عائلي مضطرب وفي معظم الأحيان يكون هذا الأخير قد عاشمرارة الانفصال عن الأم مرات متكررة.‏ ويرى بعض الباحث أن مظاهرالخوف افرط (Phobia) التي يعاني منها <strong>الطفل</strong> تكون نتيجة لاضطرابالتعلق <strong>بين</strong>ه وب الأم (١٩٧٣ .(Bowiby, ويظهر هذا الخوف في حالات متعددة:‏162


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>الخوف في الظلمة أو الخوف من الحيوانات أو الخوف من وقوع مكروهللأم....‏ إلا أن مظاهر الخوف التي تناولها البحث أكثر من سواها هيالخوف من الذهاب إلى ادرسة ورفض <strong>الطفل</strong> الالتحاق بصفة.‏ ويتصفالأطفال الرافضون الذهاب إلى ادرسة بالتهذيب والقلق وعدم القدرةعلى التعبير عن الذات.‏ وتترافق هذه اظاهر ببعض الاضطرابات العضويةالوظيفية كفقدان الشهية للطعام والشعور بالرغبة في التقيؤ أو بآلامالبطن أو الغثيان.‏ وتتسم غالبا العلاقات السائدة ب الأبوين لدى الأطفالالرافض للمدرسة بالاضطراب واشاجرة.‏ وهذا ما حمل بعض الباحثعلى الربط ب علاقة <strong>الطفل</strong> بالأم وب اضطراب الاتصال لديه مع العالمالخارجي حيث يتمثل هذا الاضطراب في عدم قدرة <strong>الطفل</strong> على التكيفمع الظروف الجديدة فالتغير الناشئ عن الالتحاق بالصف مثلا يدفع إلىالخوف والقلق من مواجهة حالة جديدة.‏ وفي معظم الأحيان يكون الخوفافرط عند <strong>الطفل</strong> نتيجة تجربته اعاشة ونتيجة تراكم الأحداث التي قدتدفعه في مرحلة ما إلى حالات من الخوف والقلق الشديدين.‏ويتبلور الشعور بالخوف الشديد عند <strong>الطفل</strong> نتيجة للتفاعل ب الحوادثالواقعية التي يعيشها <strong>الطفل</strong> كحالة مرض الأم مثلا وسع أوضاعها الصحية-‏ب التهديد بوقوع حوادث معينة كالتهديد بالطلاق والانفصال ب الأبوينمثلا.‏ لقد أشارت دراسة الوسط العائلي لهؤلاء الأطفال إلى أنه غالبا مايعاني أحد الأبوين من مشكلات العصاب وذلك يظهر الترابط ب طبيعةالعلاقات الأسرية وتطور مشكلة الخوف افرط عند <strong>الطفل</strong>.‏وهذا ما يدحض مزاعم بعض أنصار نظرية التحليل النفسي القائلة بأنالخوف الشديد لدى <strong>الطفل</strong> هو نتيجة الإفراط والتسامح والتدليل من قبلالوسط العائلي ف<strong>الطفل</strong> يرفض أن يكبر ويرغب في البقاء صغيرا متعلقابأمه;‏ وقد أظهرت الأبحاث الحديثة التي تعرضت للوسط العائلي لهؤلاءالأطفال وللعلاقات الأسرية السائدة خطأ هذه الأحكام عندما أشارت إلىتأثير التعلق القلق في تطور الخوف عند <strong>الطفل</strong> ‏(ارجع السابق).‏الأمومة وسلوك الاستبداد والقسوة تجاه <strong>الطفل</strong>كن ملاحظة غياب <strong>العلاقة</strong> العاطفية أو ركاكتها ب <strong>الطفل</strong> والأم عند163


الأمومةالأطفال اعامل بقسوة وصلف.‏ لقد كانت الفرضية السائدة لتفسير قسوةالأم نحو <strong>الطفل</strong> هي الولادة اعقدة التي تستدعي فصل <strong>الطفل</strong> عن الأم إلاأن الأبحاث الحديثة لم تؤكد هذه الفرضية.‏ فالانفصال في الأيام الأولىليس السبب الأساسي في اضطراب <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما و<strong>العلاقة</strong> ب الأمرينليست علاقة سببية بسيطة فبالرغم من أهمية الأيام الأولى التي تليالولادة في تطور علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> إلا أن ذلك لا يكفي لتحديد طبيعةهذه <strong>العلاقة</strong> في مراحل لاحقة فقد يكون الانفصال متداخلا مع عواملأخرى كالقلق وعدم نضج الأهل والأزمات الحادة في حياة الأسرة فالتعلقليس وليد اللحظات التي تلي الولادة فهو يتطور تدريجيا ب الطرفوتبدأ الروابط <strong>بين</strong>هما بالاستقرار خلال الأشهر الأولى التي تلي الولادة.‏وهذا ما يدعو إلى النظر للتعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم جمله وبتطوره فيمختلف مراحل حياة <strong>الطفل</strong>.‏وبالرغم من انفصال الأم عن <strong>الطفل</strong> في حال الولادة ابكرة ‏(قبل الآوان)‏لأسباب طبية تتمكن الأم في شروط مناسبة بعد اجتماعها ب<strong>الطفل</strong> أن تقومبدورها على الوجه الأكمل وأن تجعل روابط التعلق <strong>بين</strong>هما على درجة منالقوة والتماسك كما هو الحال بالنسبة للأم التي تلد في الوقت اناسب.‏ويل الكثير من اشتغل في الشؤون الاجتماعية إلى القول بأنمعاملة <strong>الطفل</strong> بقسوة غالبا ما تكون نتيجة حالة مرضية عند الأهل خاصةعند الأم وكذلك نتيجة لشروط الوسط العائلي الذي يعيش ضمنه <strong>الطفل</strong>.‏وقد يلعب <strong>الطفل</strong> دورا كبيرا في تطور علاقته اأساوية.‏ فبالرغم من التأثيرالكبير الذي ارسه الأم في صياغة سلوك طفلها وفي تطور التعلق <strong>بين</strong>هاو<strong>بين</strong>ه فهو بدوره يؤثر في صياغة سلوكها.‏ وكن ملاحظة الصعوبة أحيانابالنسبة للأم ليس فقط في تربية <strong>الطفل</strong> بل أيضا في محبته.‏ ف<strong>الطفل</strong>‏«اشكل»‏ أو <strong>الطفل</strong> ‏«الصعب»‏ يساهم في إحباط سلوك الأمومة ويدفع الأمإلى عدم تقبله وعدم محبته ويكون سلوكه مصدرا للتوتر والاضطراب ايضع الأم في حالة من الغموض لعدم قدرتها على الاستجابة اناسبةتطلباته ويشعرها بالفشل والإخفاق في القيام بدورها.‏إن العقوبة والقسوة في التعامل مع <strong>الطفل</strong> تعرقل وه السوي وتؤديإلى عكس ما ينتظر منها.‏ كما يجب عدم اللجوء إلى التهديد لأن عدم تنفيذ164


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>ذلك يضعف موقف الأهل.‏ فاستخدام العقاب على درجة كبيرة من الصعوبةوهذا ما يفسر اختلاف الباحث في هذا اجملال;‏ فمنهم من يرى أن الحدمن تعبير <strong>الطفل</strong> الحر يضر بصحته النفسية <strong>بين</strong>ما يرى آخرون أنه يتوجبعلى كل فرد أن يتعلم ضبط سلوكه ومشاعره.‏ إلا أن القسوة في معاملة<strong>الطفل</strong> مدانة علميا وأخلاقيا.‏إن مسألة انضباط <strong>الطفل</strong> وتعليمه أن يسلك وفوق قواعد تحدد ما هومقبول وما هو غير مقبول مسألة هامة بالنسبة للأهل خاصة بالنسبةللأم و<strong>الطفل</strong> يظهر الاستجابات اناسبة نحو الأشخاص الذين يحبهم.‏وتؤثر طبيعة علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> في مدى تقيده بالقواعد والقوان التيتحددها له فالاهتمام ب<strong>الطفل</strong> ومحبته يعزز الثقة اتبادلة ب الأطفالوالأهل.‏ وموافقة الأهل ورضاهم يعزز ظهور سلوك ما عند <strong>الطفل</strong>.‏ <strong>بين</strong>مانع ظهوره رفض الأهل واستنكارهم لهذا السلوك.‏ إن الضبط والدقة فيردود أفعال الأهل واختيار الوقت اناسب لذلك يلعب دورا هاما في ضبط<strong>الطفل</strong> وتعليمه كيفية التصرف بطريقة مقبولة اجتماعيا.‏الأمومة و<strong>الطفل</strong> المعوقتعتبر الأسرة من أهم اؤسسات التي تنقل الثقافة السائدة إلى الصغيروتعده للحياة الاجتماعية فالسياق الذي يتم عبره إعداد <strong>الطفل</strong> ليصبح عضوافي الجماعة يتأثر بالصعوبات التي تعاني منها الأسرة وخصوصا الأم.‏إن ولادة طفل يعاني من الإعاقة الجسدية أو العقلية قد يعدل تعديلاجذريا حياة الأسرة.‏ ولا يكفي تشجيع الأهل على اساهمة الفعالة فيتربية <strong>الطفل</strong> اعوق فالأسرة تحتاج إلى الدعم الكبير واجهة هذه اشكلةوذلك بتحضيرها وإعدادها للتدخل اناسب ساعدة طفلها اعوق وتربيتهداخل إطار الأسرة.‏ويسهم التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم والعلاقات الثنائية ب الصغير وأفرادأسرته إسهاما فعالا في عمل النظام الشامل الذي يسمح للصغير بالانتقالمن <strong>الطفولة</strong> إلى الرشد.‏ فوجود عضو جديد والتغيرات التي تحصل عبرالوقت تؤثر في العلاقات السائدة وفي التفاعل القائم ب مختلف أفرادالأسرة;‏ ف<strong>الطفل</strong> اعوق يؤثر في حياة الأسرة ويتفاوت هذا التأثير بحسب165


الأمومةدرجة الإعاقة الجسدية أو العقلية التي يعاني منها وبقدرة الأسرة علىتقبل هذه الإعاقة وطريقة تحضيرها لذلك.‏إن التقدم الهائل في ميدان الفحص السريري يسمح الآن باكتشافمعظم حالات التشوه والإعاقة أثناء فترة الحمل.‏ وكذلك أصبح في الإمكانمعرفة أسباب غالبية هذه.‏ لحالات وتجنبها وإن لم يتسع اجملال هنا ناقشةهذه اشكلة فلا بد من تحذير ارأة الحامل من تناول العقاقير دوناستشارة طبية وخطورة تناول اواد الكحولية أو اخملدرة.‏ وتجدر الإشارةإلى أهمية اراقبة الطبية أثناء الحمل حيث يسمح ذلك تابعة تطورالجن وبالاكتشاف ابكر لأية أعراض مرضية ا يعطي الفرصة للعاملفي ايادين الصحية والاجتماعية للتدخل بشكل فعال قبل فوات الأوان.‏وكذلك تتمكن الأسرة من إدراك اشكلة ختلف جوانبها ومواجهتها م<strong>نمو</strong>اقع أفضل وبشكل مبكر.‏تتفاوت ردة فعل الأسرة بشكل عام والأم بشكل خاص أمام ولادة طفلمعاق ويتأثر ذلك بعوامل عديدة تحدد مدى الضغط الذي تعاني منه الأسرةفإما أن تبدي قدرتها على مواجهة هذا الحدث واستيعابه أو أن يؤدي ذلكإلى شل فاعليتها واضطراب وظيفتها وبنيتها ويتأثر شعور الأسرة بالضغطواعاناة كما تتأثر قدرتها على مواجهة مشكلة ولادة طفل معاق بالخصائصالفردية لأعضاء الأسرة وكذلك بالخصائص التنظيمية والبنيوية وبطبيعةالعلاقات القائمة ب أفرادها.‏الخصائص الفردية لأعضاء الأسرةغالبا ما تؤثر الخصائص الفردية لأعضاء الأسرة في تحديد مقدارالضغوط واعاناة وشعور الأسرة بهذه الضغوط.‏ ويتأثر ذلك بدرجة الإعاقةالتي يعاني منها <strong>الطفل</strong> وبنوع اشكلة وبطريقة إحساس الأهل بهذه اشكلةوتعتبر درجة اعتماد <strong>الطفل</strong> على الأهل ودرجة إعاقته الجسدية وخصائصهامن أهم العوامل التي تشعر الأسرة بالضغط (Stress) واعاناة (١٩٨٤كما تؤثر الخصائص الفردية للأم-كمستوى الذكاء ودرجة التحصيلالدراسي والإمكانات اللغوية-في مقدار الضغوط التي تعاني منها الأسرة-‏وكذلك الأمر بالنسبة لتاريخ التجربة اعاشة من قبل الأهل وقدراتهم النفسية.‏.(Beckman,166


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>فشعور الأهل بالضغوط واعاناة يرتبط بالعوامل السابقة.‏ إلا أن هذا الترابطليس آليا أو مباشرا حيث لم يتوضح ذلك في جميع البحوث التي تطرقت إلىهذه اشكلة ا يحمل على القول بأن الخصائص الفردية لأعضاء الأسرةتأخذ أهميتها ضمن أبعاد أخرى للنظام الاجتماعي ‏(ارجع السابق).‏التنظيم الأسري:‏تتأثر درجة الضغوط التي تعاني منها الأسرة بطريقة تنظيمها وببنيتها.‏فمقارنة زمرة من الأمهات اللواتي يعشن وحيدات مع زمرة ثانية تعيش فيهاالأم والأب معا تب هذه اقارنة أن الأم أقدر على مواجهة مشكلة <strong>الطفل</strong>اعاق عندما تعيش مع الأب.‏ إلا أن وجود الأب بحد ذاته لا يكفي للتخفيفمن معاناة الأسرة بل لا بد له من اشاركة الجدية وتحمل اسؤولية فيمختلف شؤون الأسرة وتقد اساعدة للأم ليمكنه التخفيف من وطأةالضغوط الناجمة عن مشكلة <strong>الطفل</strong> اعاق.‏كما كن أن يؤثر عدد الأطفال في طبيعة الإحساس شكلة <strong>الطفل</strong>اعاق.‏ حيث ترتفع نسبة الهبوط العصبي عند الأمهات بعد الولادة الأولى<strong>بين</strong>ما ترتفع نسبة النزق والتوتر عند الأمهات في الولادات اللاحقة فيارحلة التي تسبق الولادة ‏(ارجع السابق).‏ويجب أن تؤخذ نتائج هذه الدراسات مع كثير من الحذر نظرا للتفاوتالبنيوي ب الأسرة الغربية-حيث أجريت هذه البحوث-والأسرة العربيةكما يختلف تعريف الضغط من دراسة إلى أخرى.‏<strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong> أفراد الأسرةتؤثر <strong>العلاقة</strong> القائمة ب أفراد الأسرة في طبيعة الضغوط التي تعانيمنها هذه الأخيرة.‏ وتتمثل هذه <strong>العلاقة</strong> في التفاعل القائم ب أعضاء الأسرةمن جهة وفي الدور الذي يقوم به كل فرد من أفرادها من جهة أخرى.‏لقد خلصت معظم الدراسات اتعلقة بالتفاعل ب الأهل-خاصة الأم-‏و<strong>الطفل</strong> إلى القول بأن عملية التفاعل ب الأم الحاضنة و<strong>الطفل</strong> هي عبارةعن سياق متبادل ب طرف يساهم كلاهما مساهمة فعالة في هذاالسياق فغياب التبادل كن أن يطيب في الصميم <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong>167


الأمومةوالحاضن فعلى سبيل اثال يحدث التعلق ب <strong>الطفل</strong> الذي يولد مكفوفاوالأم متأخرا غالبا باقارنة مع الأطفال العادي (١٩٧٧أوضح هذا اؤلف أن <strong>الطفل</strong> اكفوف لا يستعمل نفس الوسائل الاتصاليةاللاكلامية التي يستعملها <strong>الطفل</strong> العادي كالابتسام والتواصل البصريفاللمس يسهل حدوث التعلق في حالة فقدان البصر.‏ وكن لاضطرابالاتصال على هذا النحو أن يشكل مصدرا للضغط واعاناة بالنسبة لأهل<strong>الطفل</strong> اعاق.‏ فالأم تشعر بالغضب والخيبة والإحباط عندما تعجز عنتهدئة بكاء طفلها الذي يعاني من إصابة دماغية مثلا.‏ويؤثر مصدر الضغط على النظام الأسري جمله.‏ ولا يقتصر ذلكعلى التأثير اباشر بل كن أن يكون تأثيرا غير مباشر فإذا اعتقد بعضالأهل أنه كن تجنيب الأطفال نتائج الخلافات الزوجية الحادة وذلكبجعلهم في مأمن عن هذه الخلافات.‏ إلا أن ما يحدث هو أن النظامالأسري جمله يعاني من الاضطراب في حالة الخلافات الزوجية الحادةويتأثر الأطفال بذلك.‏ إلا أن تأثرهم قد يحدث بصورة غير مباشرة.‏وتجدر الإشارة إلى أن اعاناة والضغوط ترتبط بالدور الذي يلعبه الفردداخل النظام الأسري.‏ فمعاناة الأخت الكبيرة أو الأخ الأكبر تكون أكثر وطأةمن معاناة الصغار وذلك لتحمل الأبناء الكبار اسؤولية في نظام الأسرة.‏وخلاصة القول:‏ تؤثر الخصائص البنيوية للأسرة تأثيرا هاما في مقدارالضغوط التي تتعرض لها الأسرة وفي طبيعة هذه الضغوط إلا أن <strong>العلاقة</strong>ب هذه الخصائص والضغوط اخملتلفة قد لا تكون علاقة مباشرة.‏ وكنبالتالي للشروط الخارجية أن تؤثر في مقدار اعاناة ونوعها.‏ فمن الضروريالأخذ بع الاعتبار شروط المحيط التي تسمح للأسرة بالعمل والتطور.‏.(Fraiberg, لقدعوامل المحيطرا كان العامل الاقتصادي من أهم العوامل التي تؤثر في اعاناةوالضغوط التي تعيشها الأسرة.‏ ويتمثل الوضع الاجتماعي الاقتصاديبالوظيفة التي يشغلها الأهل والدخل السنوي ومستوى التحصيل الدراسي.‏فعدم توفر الحاجات اادية الأساسية وغياب التأم الطبي يؤدي إلىمضاعفة معاناة الأسرة عند تعرضها شكلة ما خاصة عندما يتعلق الأمر168


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>بولادة طفل معاق.‏ فالوضع الاجتماعي-الاقتصادي للأسرة يؤثر في طريقةقيامها بوظيفتها.‏ إذ توضح معظم البحوث الحديثة أهمية الترابط بالحالة الاقتصادية-الاجتماعية وقدرة الأسرة وكفاءتها.‏ إن ارتفاع حدةالضغوط واعاناة عند الأسرة تؤدي إلى معاملة <strong>الطفل</strong> بتعسف وقسوة أوإلى ابالغة في تجاهله وعدم الاهتمام بشؤونه.‏ فالفئات الاجتماعية الفقيرةتكون أكثر عرضة من غيرها للضغوط واعاناة وأقل مقاومة للمشكلاتالإضافية التي تطرحها ولادة طفل معاق.‏ كن للأسرة أن تتلقى دعما منجهات مختلفة خاصة عند معاناتها من مشكلة ما.‏ فتدخل الأصدقاءومساعدة الجيران والأقارب يلعب دورا هاما في تعزيز قدرة الأسرة علىاستيعاب اشكلة ومواجهتها بطريقة مناسبة ويخفف ذلك من مقدار اعاناةالتي تعيشها الأسرة.‏ إلا أن الدعم الأهم يجب أن تقوم به الجهات الاجتماعيةاخملتصة ويجب أن يأخذ شكلا منهجيا منظما كن الأسرة من مواجهةمشكلة ولادة طفل معاق.‏التعلق <strong>بين</strong> الأم و<strong>الطفل</strong> المعاقإذا كانت الأم غير مدركة شكلة <strong>الطفل</strong> كن أن تتطور علاقتها به علىنحو اعتيادي وكن أن تستمر هكذا.‏ وفي حال معرفة الأم بحقيقة اشكلةعند الولادة ستشعر بأنها أصيبت في الصميم.‏ والسؤال الذي يطرح نفسهالآن هل سي<strong>نمو</strong> حبها للصغير بشكل اعتيادي أم لا.‏ إن ردة الفعل الأولىلدى الأم عادة تكون الصدمة والشعور بالقلق.‏ وتتمكن بعض الأمهات منتجاوز الأزمة التي تلي ذلك ويظهرن سلوك الأمومة نحو طفلهن اعوقبشكل مقبول.‏إن نجاح التواصل ب <strong>الطفل</strong> والأم يعتمد على سلوك الطرف‏;‏ فالإعاقةالتي يعاني منها <strong>الطفل</strong> قد تجعله في وضع لا كنه من الإحساس باؤثراتالتي تصدرها الأم أو إدراكها.‏ ا ينعكس سلبا على التفاعل القائم <strong>بين</strong>هما.‏ف<strong>الطفل</strong> اعوق ينتج بنفسه محيطا فقيرا باؤثرات وأقل مناسبة لتطورهباقارنة مع <strong>الطفل</strong> العادي.‏ تتدخل الأم أكثر في تفاعلها مع <strong>الطفل</strong> اعاق(Jones, ١٩٧٧) مع <strong>الطفل</strong> العادي باقارنة (The Downs Syndrome Child)ويرجع هذا التدخل الحوظ إلى اعتقاد الأم بأن طفلها يتميز بالسلبية169


الأمومةوعليها أن تكون أكثر تدخلا وتوجيها.‏ ف<strong>العلاقة</strong> ب الاثن تتسم بهيمنةالأم أكثر منها باتكالية <strong>الطفل</strong> وبالرغم من استخدام هؤلاء الأطفال للأصواتوالثغثغات اتشابهة مع الأطفال العادي‏.‏ إلا أن ذلك يحدث غالبا في إطارغير مناسب للحوار الصوتي.‏ كما أن إصداراتهم الصوتية تكون أطول وأكثرتكرارا في مدة زمنية محددة باقارنة مع الأطفال العادي‏.‏ إنه ن الصعبتقدير الآثار اترتبة على ولادة طفل معاق بالنسبة لتطور التعلق ب الأمو<strong>الطفل</strong>.‏ إلا أنه من اعتقد أن التعلق بطفل معاق كن أن يحدث بشكلللطفل الطبيعي.‏ لقد اعتبر الإخفاق في إقامة روابط التعلق ب اثل<strong>الطفل</strong> والأم مسؤولا عن حوادث رفض <strong>الطفل</strong> من قبل الأم ومعاملته بصلفوقسوة وعن حالة <strong>الطفل</strong> الذي يعاني من الانطوائية (autism) والذي يبديعدم الاهتمام نحو الأم وسلبية تامة في علاقته بها.‏ وبعكس <strong>الطفل</strong> العاديفهو لا يعامل أمه كشخص له خصوصيته وفي وقت متأخر يكون غير قادرعلى إقامة الروابط الاجتماعية ويعاني من قصور واضح في التطور اللغوي.‏لقد اعتقد الكثير من الباحث أن الإخفاق في إقامة الروابط ب <strong>الطفل</strong>والأم سبب في انطوائية <strong>الطفل</strong> فالأم لم تدرك خطورة رفضها للطفل منذالبداية.‏ إلا أن التوجه الحديث للباحث يخالف ذلك فسلوك الأهل يتأثربسلوك <strong>الطفل</strong> وما هو إلا نتيجة لذلك حيث يكون <strong>الطفل</strong> في حالة الانطوائيةغير قادر على إقامة الروابط مع الكبار بشكل عام ولا حتى مع الأم.‏فاشكلة ليست إذن في قصور سلوك الأمومة وإا في قصور إمكانات<strong>الطفل</strong> وضعف قدراته على التواصل والتفاعل مع المحيط.‏ لقد آن الآوانللتوقف عن توجيه الاتهام إلى الأمهات كيفما اتفق حيث اعتاد البعضاعتبار اضطراب الروابط ب الأم و<strong>الطفل</strong> سببا في انطوائية <strong>الطفل</strong> أو فيقصور وه الجسدي أو في الاضطرابات الغددية العصبية وهرموناتال<strong>نمو</strong>.‏ ولا بد من تعميق البحث في مجمل الشروط التي تؤثر في حالة<strong>الطفل</strong> وعدم اللجوء إلى تفسيرات مفرطة في السهولة فاضطراب التعلقب <strong>الطفل</strong> والأم قد يكون نتيجة لحالة معينة يعاني منها <strong>الطفل</strong>.‏الفطام وأثره في علاقة <strong>الطفل</strong> والأميطرح الفطام مشكلة أو جملة مشكلات على الأم.‏ ولكن اشكلة الأكثر170


سلوك الأمومة وتطور <strong>الطفل</strong>حدة وأثرا هي تلك التي يشكلها الفطام بالنسبة للطفل فبعد آلاف الرضعاتاترافقة بالذكريات الجميلة وبالأمن والطمأنينة ليس من السهل على<strong>الطفل</strong> أن يقبل بفقد الثدي الذي يعتبر مصدر الغذاء ويرتبط بالكثير منالذكريات الحلوة والأحلام الجميلة الهادئة.‏ فالتغذية من ثدي الأم تشكلتجربة غنية بالنسبة للصغير ولكي تنتهي هذه التجربة بنجاح يترتب علىالأم أن تدرك أهمية الفطام وأن لا تدع ذلك لمحض الصدفة.‏إن إدخال عناصر جديدة إلى غذاء <strong>الطفل</strong> وتعويده تدريجيا على تناولالعناصر الجامدة وتدعيم الإرضاع بوجبات أخرى هد الطريق لانجاحالفطام فاختيار الوقت اناسب ورعاية <strong>الطفل</strong> وإحاطته بجو من المحبةتشكل عناصر هامة في إنجاح الفطام.‏ وقد يستحسن الاستمرار في إعطاءالثدي عند اساء فقط كمرحلة انتقالية لبعض الوقت حيث يتوجب أنيتوقف ذلك بشكل كامل.‏وقد يرفض <strong>الطفل</strong> الغذاء أو يفقد الشهية بسبب الفطام ويظهر نزقاوعصبية.‏ ففي جميع الحالات يجب عدم إرغامه على الطعام فلا بد منالتحلي بالصبر والانتظار بعض الوقت لعودة الأشياء إلى طبيعتها.‏ويعتبر الفطام مرحلة دقيقة بالنسبة للأم وللطفل في آن معا.‏ لذا يجبأن يحدث ذلك بالتدريج وأن يتم التحضير بعناية لهذا انعطف الخطرويعتبر ظهور الأسنان الإشارة المحسوسة بأن <strong>الطفل</strong> أصبح قادرا على تناولالأطعمة الجامدة حيث يتوجب على الأم التنويع التدريجي في تغذية <strong>الطفل</strong>.‏ويجب الحذر والانتباه من توقيت الفطام أثناء ظهور الأسنان لأن<strong>الطفل</strong> يتعرض لخطرين في نفس الوقت فقد يؤدي التغير افاجئ فينوعية الطعام إلى اضطرابات هضمية وإلى إسهال شديد ويتزامن ظهورالأسنان مع آلام حادة قد تضعف العضوية بشكل عام.‏ لذا ننصح الأمهاتبتأجيل الفطام بعض الوقت بعد ظهور الأسنان.‏ويحتاج موضوع التغذية إلى بحث منفرد ومعالجة مفصلة حول الكميةوالنوعية اناسبة خملتلف مراحل و <strong>الطفل</strong> (٢) . فالأطباء العرب اخملتصونبصحة الأطفال مدعوون لدراسة هذا اوضوع مع الأخذ بع الاعتبارالعناصر الغذائية اتوفرة في البيئة المحلية.‏ ا يعزز الأمن الغذائي العربيويحد من استهلاك الأغذية المحفوظة واستوردة.‏ وهذا يستدعي حملات171


الأمومةمن التوعية حول القيمة الغذائية للمواد اتوفرة وحول الطرق الصحية فيتحضير وإعداد غذاء <strong>الطفل</strong> ا يضمن له وا سليما.‏إن اثل الذي كن تقده في هذا اجملال مادة الجزر;‏ فبالرغم من توفرالجزر في معظم الأقطار العربية بأسعار رخيصة نسبيا يندر أن يدخل فيتحضير الأطباق اطبوخة الخاصة بالصغار أو الكبار.‏ <strong>بين</strong>ما يعتبر الجزرمادة غذائية هامة خاصة للأطفال في العديد من الدول الأوروبية.‏172


الانفصال9 الانفصالالانفصال <strong>بين</strong> الأم و<strong>الطفل</strong> واضطراب التعلقإن معاناة الصغير الذي يفقد أمه تترك أثراعميقا في النفس وتثير مشاعر الحزن والشفقةومن الصعب أن يبقى ارء محايدا إزاء طفل ترغمهالظروف على الانفصال عن أمه.‏وبالرغم من مأساوية هذا الحدث وخطورتهوتأثيره البالغ في و <strong>الطفل</strong> وتطوره فانه لم يشكلموضوعا للبحث والدراسة إلا في العقود الأخيرة.‏إن الدراسات اتعلقة بسلوك <strong>الطفل</strong> بعد فصلهعن الأم لأسباب مختلفة-بالرغم من تنوع شروط هذهالدراسات-تخلص إلى شيء مشترك يثير الدهشةهو أن <strong>الطفل</strong> افصول عن أمه يظهر ردود فعلمحددة وذلك بعد بلوغه الشهر السادس من العمر.‏وتستند اعطيات اخملتلفة لتلك الدراسات علىملاحظة سلوك <strong>الطفل</strong> خلال السنة الثانية أو السنةالثالثة من العمر في ظروف متنوعة منها مثلا مايتعلق بوضع <strong>الطفل</strong> في استشفى بعيدا عن محيطهالأصلي وعن أمه وعن كل اقرب له.‏ فهو يتلقىالعلاج في محيط جديد من قبل أشخاص لايعرفهم.‏ ويصنف بولبي (٤٩. p ,١٩٦٩ (Bowlby, سلوك<strong>الطفل</strong> بعد انفصاله عن أمه في مراحل ثلاث:‏173


الأمومة١- مرحلة الاحتجاج.‏٢- مرحلة فقدان الأمل.‏٣- مرحلة تلاشي التعلق.‏لقد استند هذا اؤلف على نتائج الاحظات ايدانية لأطفال تتراوحأعمارهم ما ب عشرة أشهر وثلاث شهرا والذين يفصلون للمرة الأولىعن أمهاتهم اللواتي تربطهن بهم علاقة أمن وطمأنينة attached) .(Securelyلكن هذه اراحل كن أن تتداخل وكن للطفل أن يبقى مدة طويلةفي حالة انتقالية من مرحلة إلى أخرى.‏تبدأ ارحلة الأولى بعد الانفصال مباشرة أو تتأخر عنه بعض الوقتوكن أن تدوم من عدة ساعات إلى أسبوع أو أكثر.‏ يظهر خلالها <strong>الطفل</strong>ضيقه الشديد لفقدانه أمه ويبحث بكل الوسائل لاستعادتها مستخدما كلطاقاته.‏ إنه يبكي ويصرخ ويلقي بنفسه في كل الاتجاهات.‏ ويرفض كل منيقترب منه ويروي ‏«بولبي»‏ بأن <strong>الطفل</strong> يتشبث أحيانا بإحدى امرضاتفاقدا الأمل.‏أما ارحلة التي تلي مرحلة الاحتجاج فهي مرحلة فقدان الأمل ف<strong>الطفل</strong>يظهر القلق لغياب الأم ويفقد الأمل تدريجيا في إيجادها.‏ ويتميز سلوكهفي هذه ارحلة بانخفاض الحركات النشطة وهو يبكي برتابة أو بشكلمتقطع وتغلب عليه الانطوائية وقلة النشاط وتندر متطلباته ن يحيطبه ويبدو في حالة حداد عميقة.‏ وتتميز هذه ارحلة بالهدوء ا يدفع إلىظن خاطئ بأن كربة <strong>الطفل</strong> يل إلى الانخفاض.‏في ارحلة الثالثة كن ملاحظة اهتمام <strong>الطفل</strong> ا حوله فهو لا يرفضامرضات ويتقبل الطعام والعلاج ويل شيئا فشيئا إلى التبادل الاجتماعيوإلى الابتسام وتقبل الألعاب.‏ وا يثير الدهشة أن عودة الأم لزيارته تظهرغياب سلوك التعلق لديه.‏ ف<strong>الطفل</strong> لا يكترث شاهدة الأم ويبقى بعيدا وكأنهلا يعرفها من قبل ويبدو فاقد الاهتمام بها وكأن عودتها لا تعنيه.‏إن استمرار <strong>الطفل</strong> في استشفى أو في مؤسسة رعاية الأطفال يعرضهللتعلق العابر بعدد من امرضات اللواتي يغادرن جميعا ا يؤدي إلىتكرار تجربته الأصلية بفقد أمه.‏ ا يحمله على الاقتناع بأن الأمومةوكذلك الصلات مع الآخرين ليس لها معنى بالنسبة له.‏ فبعد عدة تجارب174


الانفصالانفعالية متتابعة فقد فيها من أولاهم الثقة والمحبة ينتهي بالتوقف الكاملعن التعلق ‏(اصدر السابق).‏ إن <strong>الطفل</strong> الذي يصل إلى هذه ارحلة يصبحأكثر فأكثر متمركزا حول ذاته لا يظهر أفعاله أو عاطفته لدى تغير اشرفعليه ويظهر عدم الاكتراث عند زيارة أهله ا يشعرهم بالحزن.‏ فبالرغممن أن <strong>الطفل</strong> يبدو فرحا متكيفا مع وسطه إلا أن ذلك ليس إلا مظهراسطحيا ف<strong>الطفل</strong> لا يبدي عاطفته لأي كان.‏إن درجة ردة فعل <strong>الطفل</strong> بعد ابتعاد الأم تتأثر بعدة عوامل:‏ فعزلهوحيدا في محيط غريب لا يعرفه يزيد من حدة ردود فعله <strong>بين</strong>ما كنالتقليل من ذلك بصورة فعالة في حالة حضور أخ أو أخت له أو تحديدشخص بعينه يحل محل أمه ويهتم ب<strong>الطفل</strong> بصفة دائمة ومنتظمة خاصة إذاكان هذا الشخص معروفا من قبل <strong>الطفل</strong> بحضور الأم.‏ ففي ذلك تجنيبللكثير من ردود الفعل العنيفة وتخفيف عاناة <strong>الطفل</strong> في حالة الانفصال.‏ولعل مدة الانفصال من أهم العوامل التي ترتبط بالاضطراب الذييعاني منه <strong>الطفل</strong>.‏وبالرغم من تأثير غرابة المحيط في سلوك <strong>الطفل</strong> إلا أن العامل الأساسيالذي يؤدي إلى اضطراب هذا السلوك هو غياب الأم.‏ لقد ت ملاحظةأطفال في محيطهم اعتاد بعد غياب الأم و<strong>بين</strong>ت هذه الاحظة أن غياب الأمهو العامل الحاسم في ظهور الاضطرابات السلوكية التي سبق الحديث عنها.‏فاتغير الأكثر أهمية عند <strong>الطفل</strong> هو حضور أو غياب الأم فوجوده في وسطغريب بحضورها لا يؤدي إلى اضطراب ملحوظ في سلوكه.‏ ويتناسب الاضطرابفي سلوك <strong>الطفل</strong> مع طبيعة <strong>العلاقة</strong> التي تربطه بالأم.‏ ف<strong>الطفل</strong> الذي تربطهبالأم علاقة حميمة يعلن احتجاجه عند غيابها <strong>بين</strong>ما لا يكترث بذلك كثيرا<strong>الطفل</strong> الذي تكون علاقته بالأم غير مرضية ‏(اصدر السابق ص ٥٧).الانفصال عند الأنواعإن ملاحظة الأنواع اخملتلفة في شروط الحياة العادية تب مدىالاضطراب الذي يطرأ على سلوك الصغير عند انفصاله عن الأم.‏فالانفصال عن الأم يثير الخوف والقلق ويبعث على الاضطراب والشعوربالضيق عند مختلف الأنواع كالثدييات والطيور.‏ إن صغار البط والأوز175


الأمومةوالدجاج والحجل وغيرها من الطيور تبدي ردود فعل خاصة عند عزلهاعن الأم وتغني غناء خاصا ‏«غناء اناداة»‏ لتنادي الأم عند غيابها وكذلكالأمر بالنسبة للخراف والقطط الصغيرة.‏ إذ تقوم الخراف بثغاء خاص كماتصدر صغار القطط مواء محددا عند فصلها عن الأم.‏إن التغير في سلوك الصغير بعد عزله عن الأم كن ملاحظته فيالحياة اليومية عند مختلف الأنواع وخصوصا الأنواع الأكثر تقدما في سلمالتطور كالقردة والشمبانزي حيث يلاحظ ردود فعل قوية عند الصغيرأثناء فصله عن الأم وتشبثه بها عند لقائه لها من جديد.‏لقد لاحظ بولوينغ (,١٩٦٣ .(Bolwing أن صغير القرد الذي أشرف علىتربيته منذ الولادة لا يبدي أي خوف عند مشاهدة اجملرب طاا هو بالقربمن الأم ولكن عندما يترك وحيدا يبدأ بإظهار الهلع والارتباك وإصدارالصراخ محاولا الهرب ليلوذ بأي شخص قريب منه ولكن هذا الصغيريبدأ بسرعة بإظهار تعلقه باجملرب الذي يوليه العناية وحتى عمر ثلاثةأشهر ونصف يبدو قلقه واضطرابه إذا لم يكن رافقته.‏ وفي عمر أربعةأشهر يبدأ باستطلاع المحيط مبتعدا شيئا فشيئا عن صاحبه ا حملهذا الأخير على وضعه في قفص برفقة قرود عدة لبضع ساعات فياليوم إلا أن ‏«بولوينغ»‏ لاحظ ارتباك هذا الصغير وصراخه وشعوره بالشدةوالضيق محاولا التشبث به دافعا بباب القفص بقوة.‏ وعندما أخرجه منالقفص هرع متشبثا به.‏وفي الأيام التالية بدأ يرفض البقاء بعيدا عن ‏«بولوينغ»‏ ويستيقظ أثناءالليل ليتشبث بصاحبه مظهرا علامات الرعب والخوف عندما يحاول إبعادهعنه.‏ لقد أوردت كاتي هايز (,١٩٦٩متشابهة تتعلق بالشمبانزي التي ‏«تبنتها»‏ وهي في عمر أربعة أشهر حيثظلت هذه الصغيرة تتشبث بأمها الجديدة معظم الوقت وتحتج بشدة عندابتعادها عنها.‏إن الاحظات السابقة لا تب التشابه ب سلوك التعلق عند صغار‏(الرئيسات)‏ (١) وب <strong>الطفل</strong> البشري فحسب بل أيضا تب التشابه بصورة واضحةلردود الفعل اتعلقة بالانفصال.‏ إن تعذر فصل <strong>الطفل</strong> عن أمه أكثر من عدةدقائق دفع الكثيرين إلى التجريب على صغار القردة فكان الانفصال غالبا(Cathy Hayez, 1951 In Bowlby ملاحظات176


الانفصالحدثا شديد الوطأة على الأم وعلى الصغير وعلى اجملرب وعلى القردة اجملاورين.‏فالأم تبدي مقاومة عنيفة تجاه اجملرب الذي يحاول فصل الصغير عنهاوتعمل جاهدة على حمايته والصغير بدوره يتشبث بالأم معلنا صراخه العنيف.‏وعند الانفصال تقوم الأم بالسير ذهابا وإيابا داخل الغرفة دون توقفوتهاجم الباب بعنف وتقطع الفواصل الحديدية محاولة الخروج <strong>بين</strong>ما يتابعالصغير صراخه طيلة فترة الانفصال وعندما يعاد إلى الأم بعد خمسدقائق يركض الواحد تجاه الآخر ويتشبثان بعضهما ببعض بحنو لا حدود لهوتبدو علامات السعادة والسرور على الأم ويتسم كل شيء بالهدوء والسلام.‏وعند فصل صغير القردة فترة أطول تد إلى عدة أيام أو عدة أسابيعلاحظ اجملربون اضطرابا حادا في سلوك الصغير خاصة في اليوم الأولمن الانفصال.‏ وبعدها ر رحلة من الهدوء قد تد إلى أسبوع وأكثر إذيبدي القليل من النشاط واللعب ويبقى في حالة انطواء.‏ ثم يظهر الحيوانالاهتمام ا حوله تدريجيا فيكتشف محيطه ويبدأ بالتواصل الاجتماعيمع أترابه ثم يبدأ بعدها اللعب إلا أنه يلاحظ استمرار الهبوط العاموالذي تتخلله مراحل يكون فيها الصغير أكثر نشاطا وتستمر هذه الأعراضأكثر من شهر.‏آثار الانفصال على المدى البعيدلا تقتصر آثار الانفصال على التغيرات السلوكية اباشرة التي تلي فصل<strong>الطفل</strong> عن أمه بل تستمر إلى وقت طويل.‏ إذ تشير الدراسة التجريبية علىصغار القردة إلى أن أعراض الانفصال ‏(كالانطوائية والهبوط والانقباض)‏تبدو على الصغار الذين فصلوا عن الأم دة ستة أيام في الأشهر الأولى منالعمر وتستمر هذه اظاهر السلوكية بعد أشهر طويلة من الاجتماع بالأم;‏فالفروق السلوكية تبدو واضحة عند اقارنة ب زمرة عادية لم تفصل عنالأم وزمرة تجريبية سبق وأن فصلت عن الأم مرة واحدة ودة ستة أيام.‏وتكون هذه الفروق أكثر حدة عند وجود كلا الزمرت في وسط غريبوجديد كل الجدة.‏ وتزداد أهمية الفروق اذكورة عند مقارنة الزمرة العاديةبزمرة تجريبية أخرى تعرضت للانفصال عن الأم مرت في الأشهر الأولىمن العمر علما بأن هذه اقارنة ت بعد الانفصال عن الأم بوقت طويل177


الأمومةأي في الشهر الثاني عشر وفي الشهر الثلاث من العمر.‏الفروق الفرديةكن ملاحظة الكثير من الفروق الفردية في ردود فعل الصغار بعدالانفصال عن الأم.‏ والجنس يلعب دورا هاما حيث يبدو أن الذكر أكثر تأثرامن الأنثى.‏ ويتأثر السلوك بعد الانفصال بطبيعة <strong>العلاقة</strong> التي تربط الصغيربالأم.‏ وكذلك تلعب ظروف المحيط دورا هاما في زيادة حدة الانفصال.‏فالصغير الذي ينقل إلى قفص جديد يبدي درجة أعلى من القلق والخوفعند انفصاله فيما لو قورن بآخر بقي في نفس القفص بعد نقل الأم.‏لقد أوضح ‏«بولبي»‏ بأن اكتشفات اتعلقة بالرئيسات لا تدع مجالاللشك في التشابه في ردود الفعل الاحظة عند هذه الأنواع وتلك التيكن ملاحظتها عند <strong>الطفل</strong> البشري في حالة الانفصال عن الأم.‏الانفصال واضطراب التعلقإن الانقطاع ابكر في الروابط الحميمة مع شخص ما لا يؤدي إلىاضطراب الطور العاطفي فحسب بل قد يترافق باضطرابات جسدية صحية.‏إن التطور التكنولوجي الحديث قد مكن الباحث من قياس التغيراتالفيزيولوجية والكيميا-عصبية في حالة الانفصال عن شخص محبField١٩٨٥) .(Reite and لقد أشار بعض الباحث إلى الترابط ب الانفصالوالهبوط العصبي إذ يلاحظ أن <strong>الطفل</strong> بعد انفصاله عن أمه أو في حالةالأمومة غير الكافية وغير اناسبة قد يظهر عليه أعراض الهبوط العصبي.‏لقد تركز انتباه الباحث على هذه اشكلة أثناء الحرب العاية الثانيةوما خلفتها من مآس بالنسبة للعديد من الأطفال الذين اضطروا للانفصالعن أمهاتهم.‏ لقد أصبح واضحا دور التغيرات الكيميما-عصبية الدماغيةفي تحديد حالة الضيق والشدة بعد الانفصال.‏إن تحليل العوامل العاطفية الاجتماعية وسياق التعلق يحتاج إلى أننأخذ بع الاعتبار جانب أساسي‏:‏ الجانب السلوكي والجانب البيولوجي.‏وذلك يحتاج إلى ازيد من التطور في ميدان السيكوبيولوجيا كي نتمكنمن تفهم أفضل لأنظمة الدماغ التي تؤثر في سلوك التعلق والانفصال.‏178


الانفصالالأم والمربية في حياة <strong>الطفل</strong>الانفصال <strong>بين</strong> الأم و<strong>الطفل</strong> أثناء النهار:‏كانت مشكلة الانفصال ب الأم وطفلها موضوعا لدراسات عديدة تتعلقب<strong>نمو</strong> <strong>الطفل</strong> وبتطور <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> وتتعلق معظم هذه الدراساتبحالات الاتصال الطويلة نسبيا والتي تتراوح من أسبوع إلى عدة أشهر.‏ أمابالنسبة لحالات الاتصال الأكثر حدوثا وهي الانفصال اليومي ب ارأةالعاملة خارج انزل وطفلها فلم تستأثر باهتمام الباحث‏.‏ ويصعب تحديدالفترة اناسبة والتي كن للأم أن تلتحق بعملها بعد الولادة.‏ فإجازة الأمومةتحددها عوامل اقتصادية دون النظر إلى نتائج الانفصال اليومي ب <strong>الطفل</strong>والأم وتأثير ذلك على <strong>العلاقة</strong> ب الاثن‏.‏ فبرازلتون مثلا يقترح على الأمعدم العودة إلى العمل قبل نهاية الشهر الرابع بعد الولادة وينصح بأنالفترة الأمثل للعودة هي أن تكون أجازة الأمومة من ٦ أشهر إلىوهنا يجب الأخذ بع الاعتبار نتائج الدراسات العديدة التي <strong>بين</strong>ت أنمظاهر سلوك التعلق عند <strong>الطفل</strong> تظهر في عمر (٨ - ٩) أشهر وأن الانفصالقبل ذلك قد يؤدي إلى اضطراب روابط التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏وفي رأينا أن الانفصال قبل عمر السنة لا بد وأن يعود بالآثار السلبية علىالأم و<strong>الطفل</strong> فالانتظار حتى مرحلة اشي عند <strong>الطفل</strong> كن أن يخفف من آثارالانفصال السلبية ويقوي روابط التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong> خاصة وأن اشييعزز مشاعر الاستقلالية عند <strong>الطفل</strong> وقدرته على التحرك واكتشاف المحيطفالانفصال التدريجي والمحدود وارافق باليقظة والانتباه كن أن يعود بأقلالأضرار على الأم على <strong>الطفل</strong> عند اضطرار الأم إلى مغادرة الوسط العائلييوميا بسبب العمل ووضع <strong>الطفل</strong> في كنف اربية أو دار الحضانة.‏إن الجهل في التاريخ الطبيعي لسلوك التعلق بالإضافة إلى دوافعأيديولوجية وحماسية دفع بعض العلماء إلى القول بضرورة أن يصبح <strong>الطفل</strong>ناضجا ومستقلا بصورة مبكرة ا أدى إلى تطبيق مضر ب<strong>الطفل</strong> وبتطورهوذلك بالحاقه بدور الحضانة في وقت مبكر.‏١٢ شهرا.‏<strong>الطفل</strong> في كنف المربيةفي بحوث أخرى تب أن <strong>الطفل</strong> الذي ينفصل عن الأم عند عملها نهارا179


الأمومةخارج انزل خلال السنة الثانية من العمر يتأثر بطبيعة العناية التي يتلقاهافي غياب الأم.‏ إن الأطفال الذين يكونون في رعاية أشخاص متغيرين يبدونأكثر قلقا واضطرابا وأقل شعورا بالأمن من الأطفال الذين يكونون في كنفامرأة ثانية وذلك في السنوات اللاحقة.‏ إن ذلك يظهر أهمية الثباتوالاستقرار في حياة <strong>الطفل</strong> في السنوات الأولى وحاجته لإقامة علاقاتالثقة التي تتصف بالثبات والاستمرار مع من يقوم على شؤونه فالأطفالالذين يعانون من نظام مضطرب وغير متوقع يشعرون بفقدان الأمل وسرعانما يفقدون التعلق ولا يظهرون اهتمامهم بالآخرين ولا ثقتهم بهم.‏ وغالبا مايتميز سلوكهم بالعدوانية وعدم الطاعة والعناد افرط.‏إن ملاحظة دوتش (١٩٦٩ Bowlby, (Deutsch, in تب أن <strong>الطفل</strong> الذي سبقأن وضع في كنف مربية بسبب عمل الأم خلال النهار أظهر قلقا واضطراباعند تغير هذه اربية ومجيء مربية أخرى كي تهتم بشؤونه عندما بلغالسنت من العمر فبالرغم من بقائه في البيت ومن استمرار الانتظام فيعودة الأم في اساء ففي يوم مغادرة اربية الأولى بكى كثيرا بشكل غيرمعتاد ولم ينم وبقي بجانب الأم.‏ وفي اليوم التالي رفض الغذاء الذي قدمتهاربية الجديدة وفقد السيطرة على وظائف الطرح ‏(التبول والتبرز).‏تأثير دار الحضانة في تطور <strong>الطفل</strong>إن البحوث اتعلقة بتطور <strong>الطفل</strong> اترعرع في دار الحضانة نهارا تعتبرقليلة نسبيا وتندر هذه البحوث عندما يتعلق الأمر ب<strong>الطفل</strong> اوكل إلى مربيةخاصة تقوم على شؤونه داخل الوسط العائلي أو خارجه.‏ ثمة جملة منالأسئلة لا تزال مطروحة وعلى الباحث الإجابة عليها:‏ ما هو تأثير اربيةفي تطور <strong>الطفل</strong>?‏ وهل تحل محل الأم?‏ وهل تتنازل الأم عن دورها عندوجود اربية?‏ إن الإجابة الدقيقة على هذه الأسئلة تتطلب جملة من البحوثايدانية..‏ إلا أن دراسات عديدة تؤكد على ضرورة الاستقرار والثبات فيالقائم على شؤون <strong>الطفل</strong> وعدم تغيير اربية بشكل متتابع.‏ أما تأثير دورالحضانة Care) (Day على تطور <strong>الطفل</strong> فقد كان موضوعا لبعض الدراساتإلا أننا لا نعثر على دراسة وافية تقارن عينة مناسبة من الأطفال تذهب إلىدار الحضانة بانتظام مع عينة أخرى ربيت في الوسط العائلي إلا أن دراسة180


الانفصالجولدن وبيرنس (١٩٧٦ Birns, (Golden and تشير إلى أن دار الحضانة تؤثرتأثيرا إيجابيا في تطور وو الأطفال القادم من وسط فقير وتحد منمخاطر التدهور عند الأطفال اقترب من حالات خطرة بعد عمر الشهرا.‏ إن دار الحضانة ذات النوعية الجيدة كن أن تخفف من الآثاراتعلقة بالمحيط الذي يشكل خطرا على تطور قدرات <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏ لقدتأكدت هذه النتائج في دراسة رامي وسميث:‏ (١٩٧٦لقد قام هذان الباحثان بدراسة ثلاث عينات:‏الأولى:‏ زمرة تجريبية تنتمي إلى محيط فقير مضطرب High-Risk) (Environment وضعها في دار حضانة خاصة لإغناء قدراتها اعرفيةوتنتمي الزمرة الثانية إلى نفس المحيط ولكنها بقيت في الوسط العائليدون الالتحاق بدار الحضانة <strong>بين</strong>ما تنتمي الزمرة الثالثة إلى محيط أكثريسرا وغنى وبقيت في كنف الأسرة.‏ إن القدرات العقلية فيما بو ١٨ شهرا تدهورت عند أطفال الزمرة الثانية من (١٠٤ إلى ٨٦) <strong>بين</strong>ما بقيتثابتة عند أطفال الزمرة التجريبية ب عمر ستة الأشهر والثمانية عشرةشهرا بالإضافة إلى ذلك تب أن ال<strong>نمو</strong> الحركي كان أفضل عند أطفال دارالحضانة باقارنة مع أطفال الزمرة الثانية.‏ فاقارنة ب أطفال دار الحضانةوأطفال الزمرة الثالثة انتمية إلى وسط غني لم تظهر فروق دلالية.‏إن دار الحضانة تخفف من حدة التدهور في قدرات أطفال الطبقاتالمحرومة.‏ وفي دراسة لاحقة تأكد استمرار هذا الاتجاه عند الأطفال في عمرالثالثة.‏ إن الفروق كن أن تظهر في سلوك الأطفال أيضا حيث أن أطفال دارالحضانة أكثر تعاونا وأقل تخوفا من أقرانهم.‏ يستخلص من هذه الدراساتأن دار الحضانة كن أن تخفف من آثار الوسط العائلي الفقير وتعوض بعضالحرمان الذي يعانيه الصغير وتهيئ له فرصا أفضل للتفتح وال<strong>نمو</strong>ّ.‏وتجدر الإشارة إلى أهمية الأخذ بع الاعتبار خصائص دار الحضانةوتوفر اكان اعد خصيصا للأطفال الذي كنهم من الراحة واللعب وتطويرقدراتهم الحركية ويوفر لهم اؤثرات والألعاب التربوية وتقوم عليه مربياتمؤهلات لهذا الغرض.‏ يفتح وو قدرات <strong>الطفل</strong> اخملتلفة يرتبط إلى حدكبير بخصائص دار الحضانة وما توفره من إمكانات ضرورية لتطور <strong>الطفل</strong>تطورا مناسبا.‏١٨.(Ramey and Smith,٦ أشهر181


الأمومةإن وضع <strong>الطفل</strong> في دار الحضانة أثناء النهار يجب ألاّ‏ يؤدي إلى إضعافدور الأم وتلاشي اهتمامها ب<strong>الطفل</strong> حيث تعتقد الأم أحيانا بأن هناك منيقوم بدورها تجاه <strong>الطفل</strong> وبأن شؤونه لم تعد تعنيها بشكل جوهري.‏ يجبتجنيب هذا الخطأ فدور الحضانة يجب أن يكون مكملا لدور الأسرة وفيحالة اضطرار الأم للعمل خارج البيت.‏ فمن استحسن أن يوضع <strong>الطفل</strong>لساعات محدودة في دار الحضانة لا طيلة النهار.‏ وفي هذه الحالة يستفيد<strong>الطفل</strong> من تجربة جديدة غنية مع الاحتفاظ بتماسك <strong>العلاقة</strong> الأسرية.‏وهذا ما يسمح للأم بأن تعيش أمومتها وتحقق ذاتها وتوفق ب الأمومةوالحياة اهنية بكل ما ينطوي عليه ذلك من الشعور بالرضى والسعادة.‏إن ردود الفعل الاحظة عند الأطفال ب سنت وثلاث سنوات يلإلى الانخفاض بعد الأسبوع الأول من اصطحابهم إلى الحضانة وانفصالهمعن أمهاتهم باستثناء عدد قليل منهم حيث يستمر في إظهار اضطراباتسلوكية قوية قد تستمر عدة أسابيع.‏وفي بحث لنا يتعلق بدراسة التغيرات الفيزيولوجية التي كن أن ترافقالاضطرابات السلوكية بعد انفصال <strong>الطفل</strong> عن وسطه العائلي ووضعه فيدار الحضانة تب أن <strong>الطفل</strong> ب (٢- ٣) سنوات قد يتأثر من الناحية الغذائيةنتيجة هذا التغير.‏ يبدو أن بعض وظائف الاستقلاب تؤثر في قلة الشهيةعند <strong>الطفل</strong> حيث أن كمية الطعام اتناولة من قبله لا يل إلى الاستقرارإلا في الأسبوع الثاني من وجوده في دار الحضانة.‏ (١٩٨١إن مقارنة أطفال الطبقة ايسورة تب أن العينة التي سبق أن التحقتبدار الحضانة لا تختلف في تطورها عن تلك التي بقيت في الوسط العائليSteinberg, (Belhar, In Belsky and <strong>بين</strong>ما تب في بحث لاحق أن مظاهرالخوف والضيق أقل لدى أطفال الحضانة منها عند أطفال الوسط العائليعند انفصالهم عن الأم.‏ إلا أن أبحاثا أخرى عارضت ذلك ا ‏(دفع بلسكي)‏وشتاينبرغ إلى القول بأن الدراسات اقارنة ب الأطفال التحق بدارالحضانة وب أطفال الوسط العائلي أدت إلى نتائج متناقضة عند مقارنةتعلق <strong>الطفل</strong> بالأم.‏ أما مقارنة ال<strong>نمو</strong> الاجتماعي فقد أظهرت هذه الأبحاثميل أطفال الحضانة إلى الاستقلالية عن الأم لدى لقائهم بأطفال آخرينوذلك باقارنة مع أطفال الوسط العائلي.‏ إلا أنه لا يوجد فروق ب هات.(Kontar,١٩٧٨)182


الانفصالالعينت عند مقارنة طبيعة علاقاتهم بالأتراب ولا بد من الإشارة إلى ندرةالدراسات التي تتناول تأثير الحضانة على الأسرة وعلاقتها ب<strong>الطفل</strong> بالرغممن التوسع السريع في إقامة هذه الدور.‏ إن تطوير البحث والدراسة فيهذا اجملال يعتبر ضرورة أساسية خاصة في اجملتمع العربي لتفهم آثارالحضانة على تطور <strong>الطفل</strong> وعلاقاته بالأسرة في اراحل ابكرة من العمر.‏لقد أوضحت العديد من الدراسات في البلدان الصناعية الآثار الإيجابيةلدور الحضانة على و <strong>الطفل</strong> وتطوره وتهيئة الفرصة له للتفاعل معالأتراب ‏(انظر الفصل العاشر)‏ إذ يندر توفر ذلك خارج دور الحضانة والتيتستقبل الأطفال عادة اعتبارا من عمر ثلاثة أشهر حتى السنة الثالثة.‏ إلاأنه لا بد من الحذر عند تفسير نتائج الأبحاث الغربية فما يناسب الغربلا يناسب بالضرورة مجتمعاتنا وإن كان لا بد من الاستناد إلى الحقائق ذاتالصفة الشمولية مع الأخذ بع الاعتبار الخصائص اميزة للمجتمعاتالعربية ولتفهم آثار هذه التجربة التربوية التي يعيشها <strong>الطفل</strong> العربي فيمرحلة مبكرة من العمر لا بد من تطوير وتعميق البحث في الوطن العربي.‏الانفصال الطويل <strong>بين</strong> الأم وطفلهافي تقريره إلى منظمة الصحة العاية قام ‏«بولبي»‏ بصياغة ابدأ القائلبأن التوازن العقلي للطفل يرتبط بضرورة تعه بعلاقة حميمة ومستقرةوثابتة مع أمه أو مع ارأة التي تحل محلها بشكل دائم علاقة كن الطرفمن العيش بسعادة ورضى.‏ لقد قدم هذا اؤلف براه عدة تب أناضطراب الشخصية والعصاب تكونان غالبا نتيجة الحرمان من عناية الأمأو نتيجة لعلاقة متقطعة زمنيا وغير دائمة ب <strong>الطفل</strong> والأم.‏إنه ن الثابت حاليا أن انقطاع <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> يعود بالنتائجالسلبية على هذا الأخير.‏ وأنه أصبح من المحتم على علم النفس ارضيبأن يولي أهمية بالغة لردات الفعل الناجمة عن فقدان وجه الأمومة وما قديتركه ذلك من علاقات القلق والعصاب والاضطراب العاطفي وعدم القدرةعلى إقامة علاقات عاطفية عميقة ودائمة.‏ إلا أن هناك عوامل متعددةكن أن تتداخل مع حدث الانفصال ب <strong>الطفل</strong> والأم ومن أهمها العواملالصحية والتغيير افاجئ في الوسط الخارجي وغرابته وطبيعة العناية183


الأمومةالتي يلقاها <strong>الطفل</strong> من قبل من يحل محل الأم وطبيعة علاقة <strong>الطفل</strong> نيهتم به قبل الانفصال وبعده.‏ إن هذه العوامل قد تعزز من خطورة الانفصالأو قد تخفف من آثاره ولكن العامل الحاسم والأكثر تأثيرا في الحالةالعاطفية للطفل هو غياب الأم.‏التعلق القلقإن <strong>الطفل</strong> بعد مرحلة من الانفصال عن الأم يبدو أكثر قلقا بعد عودتهإلى الأم ا كان عليه قبل الانفصال خاصة إذا تولى أمره شخص غريبأثناء الانفصال.‏ ولكن كن ملاحظة فروق فردية إذ كن للطفل أنيستعيد الثقة ن حوله خاصة الأم <strong>بين</strong>ما لا يكون ذلك كنا لطفل آخر.‏ثمة عوامل عديدة قد تلعب دورا هاما في هذا اجملال إلا أن اسألة الأكثرقابلية للجدل هي تأثير الانفصال على ادى البعيد في حياة <strong>الطفل</strong>.‏ لقدأشارت بعض الدراسات إلى اختلاف ب زمرت من اراهق سبق لأفرادواحدة منهما أن انفصلوا عن وسطهم العائلي لدخولهم استشفى مرت أوأكثر دة تزيد على أسبوع في كل مرة.‏ لقد تب أنه في عمر اراهقة يكونايل إلى عدم الاستقرار وإلى الجنوح عند أفراد هذه الزمرة أكثر حدوثامنه عند أطفال الزمرة الأخرى التي لم يفصل أفرادها عن وسطهم العائلي‏«بولبي صففي رأي بولبي:‏ أن حالات القلق والهبوط العصبي وبعض الحالات ارضيةعند الكبار كن أن تكون على ما يبدو مرتبطة بحالات تلاشي التعلق وفقدانالأمل أثناء <strong>الطفولة</strong> إن تأثر هذا اؤلف بنظرية التحليل النفسي دفعه إلىابالغة افرطة في تأثير اضطراب التعلق أثناء <strong>الطفولة</strong> طيلة الحياة وكأنهاستبدل ‏«الليبدو الفرويدي»‏ بالتعلق لتفسير اضطرابات الشخصية.‏إننا نتفق مع هذا اؤلف في أهمية استقرار <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> والأم‏(أو من يحل محلها)‏ في تطور <strong>الطفل</strong> وتكامله من الناحية الانفعالية والعاطفيةوتفتح شخصيته في عالم من الثقة والطمأنينة والأمن.‏ ولكننا نختلف معهفي إعادة كل قلق أو اضطراب في سن الكبر إلى اضطراب <strong>العلاقة</strong> ب<strong>الطفل</strong> والأم قبل عشرات السن‏.‏إنه من الصعب-في رأينا-إيجاد <strong>العلاقة</strong> السببية ب ما يحدث للمرء في.(Bowlby,١٩٧٣) .«٢٩184


الانفصالسن الأربعينات وما سبق أن أصابه في عمر سنت فلا بد للباحث منإلقاء الضوء على الظروف الحالية المحيطة بالفرد التي دفعت بالشخصيةإلى ردود فعل محددة مع أخذ الخبرات السابقة برمتها ككل متكامل بعالاعتبار.‏ إنه ن اؤكد أن غالبية الأطفال الذين أصيبوا في علاقتهم بالأمقد كنوا-ولحسن الحظ-من تجاوز هذا الحدث اؤلم وافرط في قسوتهومن التطور وال<strong>نمو</strong> بشكل عادي.‏ إن قدرة الصغير على تضميد الجراح لايستهان بها فالعفوية النامية تتمتع بدرجة عالية من ارونة والتكيف.‏إن ملاحظة سلوك الأطفال أثناء مغادرة الأم تب مدى التشابه في ردةفعل هؤلاء تجاه هذا الحدث.‏ إن القاعدة التي تحكم هذا السلوك تكونالبكاء والصراخ والاحتجاج وأحيانا محاولة اللحاق بالأم.‏ويتابع <strong>الطفل</strong> إعلان البكاء وإظهار الحزن من ح إلى آخر أثناء النهارويكون البكاء ردة الفعل الأساسية بعد الانفصال عن الأم خاصة في الأيامالثلاثة الأولى.‏ وبالرغم من انخفاض تكرار البكاء في الأيام التالية إلا أنهيحدث بصورة متفرقة حتى اليوم العاشر وتظهر أزمات البكاء لدى زيارةالأب أو أحد الأقارب له وفي بعض الحالات يستمر <strong>الطفل</strong> في ‏«البحث»‏ عنالأم ومناداتها.‏ وغالبا ما يرفض الصغير محاولات اربية في مراضاتهوالعناية به وبالرغم من استمرار مقاومة محاولات اربية بحث <strong>الطفل</strong> عنالحماية وعن بعض العاطفة عندها.‏ وفي الأسبوع الثاني يبدأ بتفضيلمربية دون غيرها وعند دخول شخص ما لا يعرفه الأطفال كن ملاحظةمدى الفزع حيث يهرع بعضهم نحو اربية ليتشبث بها.‏لقد أورد بولبي بعض الاحظات اتعلقة بهؤلاء الأطفال حيث فقدسبعة أطفال من أصل ثمانية مراقبة وظائف الطرح ‏(التبول والتبرز)‏ بعدانفصالهم عن الأم.‏ ويشير هذا اؤلف إلى أن الفروق الفردية ب هؤلاءالأطفال كانت على صعيد الحركة والنشاط فبعضهم يل إلى اللعب والحركةاتواصلة <strong>بين</strong>ما يبقى بعضهم الآخر في حالة من العزلة والخمول وعلىوشك أن يبدأوا بالبكاء.‏إن ملاحظة سلوك هؤلاء الأطفال بعد لقائهم بالأم عند عودتها بعدعدة أسابيع من الغياب تب تلاشي سلوك التعلق عند هؤلاء إذ يبدو <strong>الطفل</strong>وكأنه لا يعرف أمه من قبل فيدير ظهره مبتعدا وأحيانا يجهش بالبكاء185


الأمومةوبعضهم يتردد ب البكاء وعدم الاكتراث.‏ إن تلاشي التعلق قد يستمربضعة أيام ويرتبط ذلك دة الانفصال فكلما كانت ادة قصيرة كلمااستعاد <strong>الطفل</strong> علاقات المحبة وبدأ بالتشبث بالأم وبالتفاعل معها.‏ إنالانفصال اطول واتكرر ب الأم و<strong>الطفل</strong> خلال السنوات الثلاث الأولىكن أن يؤدي إلى تلاشي سلوك التعلق عند <strong>الطفل</strong> بصورة نهائية.‏ أما فيحالات الانفصال القصير فيمكن لهذا السلوك أن يعود إلى مجراه الطبيعيخلال ساعات أو خلال أيام قليلة.‏إن <strong>الطفل</strong> يطرح على الأم مشكلات جدية بعد العودة إلى الوسط العائليوذلك يعتمد إلى حد كبير على طبيعة علاقتها به وقدرتها على تطمينهوإعادة بناء الثقة والتعامل معه بشكل يتناسب ومدى الاضطراب الذي سبقأن عانى منه أثناء انفصالهما.‏ إن <strong>الطفل</strong> يعاني من الخوف والقلق يتجددبتجربة الانفصال والعودة إلى كنف أناس لا يعرفهم في وسط غريب عليهفلا بد من تطمينه بأن ذلك لن يتكرر وحمله تدريجيا على إعادة ثقته نحوله وخاصة الأم.‏ما هي الشروط التي كن أن تخفف من وطأة الانفصال?‏ إن مرافقة<strong>الطفل</strong> لأخ أو لأخت أثناء الاتصال قد يخفف الكثير من ردود فعله عندمغادرة الأم وتشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال ارافق لأخ أو لأختعند دخولهم دار الحضانة وانفصالهم عن الأم يعانون أمور أقل من غيرهموتكون ردود فعلهم أقل شدة وتكرارا باقارنة مع هؤلاء القادم وحدهمدون معرفة أحد في الوسط الجديد (١٩٦٦وكن للطفل أن يصطحب شيئا مفضلا لديه من انزل إلى الوسط الجديدوقد يخفف ذلك من قسوة هذا الحدث.‏وتجدر الإشارة أيضا إلى أهمية سلوك الأمومة لدى الشخص الجديدالذي يأخذ على عاتقه رعاية <strong>الطفل</strong> والاهتمام بشؤونه بعد انفصاله عنأمه.‏ فالأطفال اوكلون إلى جدة أو عمة أو خالة تحسن معاملتهم وتربطهابهم علاقة اودة يعانون بصورة أقل من وطأة الانفصال ويكون الاضطرابعندهم في حده الأدنى.‏ إن مدة الاضطراب التي يعاني منها <strong>الطفل</strong> بعداتصاله عن الأم ترتبط إلى حد كبير طبيعة السلوك التي تظهره نحوه تلكالتي ستحل محل الأم.‏ إن قدرتها على التكيف مع <strong>الطفل</strong> وأخذه بالحسنى.(Heinicke and Westheimer,186


الانفصالوطمأنته وإظهار السلوك اناسب قد يختصر على <strong>الطفل</strong> مدة الاضطرابويحد من مخاوف <strong>الطفل</strong> ويخفف من قلقه عند وجوده في رعاية شخصيعرفه خاصة إذا أبدى هذا الشخص المحبة والحنو تجاهه.‏إن مشاعر الضيق والشدة الناتجة عن الانفصال كن تخفيفها عند<strong>الطفل</strong> إذا التحضير لهذا الحدث ‏(عند دخول الأم استشفى أو حدوثولادة جديدة)‏ وبالتالي كن تجنيب <strong>الطفل</strong> ردات الفعل العنيفة من الاحتجاجوفقدان الأمل وبالتالي تلاشي التعلق بالأم نتيجة الاتصال افاجئ والتغييرالكبير الذي يفوق قدرة <strong>الطفل</strong> على اواجهة.‏ فتحضير <strong>الطفل</strong> وتعريفهبالأم ارضعة التي ستتولى شؤونه أثناء غياب الأم وكذلك الخصائصالسلوكية للأم ارضعة كن أن يساعد <strong>الطفل</strong> على تجاوز الاتصال ومتابعةال<strong>نمو</strong> والتطور بشكل مقبول بأقل الخسائر.‏ إلا أن ذلك لا يعني أنه كنإلغاء مخاطر الانفصال فالانفصال ينطوي على الكثير من اخملاطر في<strong>الطفولة</strong> الأولى فيجب العمل على تجنبه.‏ لقد أشارت مجموعة من البحوثإلى أن غياب الأم كن أن يتفاعل مع عوامل أخرى كجدة المحيط وغرابتهونقص العناية ب<strong>الطفل</strong> وعدم توفر الأم ارضعة اناسبة ا يؤدي إلىالحزن العميق والشعور بالضيق والشدة عند الصغير في عمر السنت‏.‏فغياب الأم يبقى العامل الأساسي في تحديد اظاهر الانفعالية وسلوكالاحتجاج عند <strong>الطفل</strong>.‏إن الأم من خلال ملاحظتها اليومية تدرك أن <strong>الطفل</strong> القادر على اشيوالحركة يذهب بثقة وشجاعة بعيدا عنها لاكتشاف العالم من حوله.‏ وعلىالعكس في غيابها فهو يظهر خوفا شديدا في مواجهة أي طارىء وتبدوعليه علامات القلق والاضطراب ا لا كنه من متابعة نشاط الاستكشاف.‏ففي حال شعور <strong>الطفل</strong> بأن أمه على وشك مغادرة اكان أو أنها سبق وأنغابت عنه يبدأ على الفور بتوظيف كل طاقاته كي يتمسك بها أو يبحثعنها ويتملكه الخوف والقلق حتى يجدها.‏إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو اذا يشعر <strong>الطفل</strong> بالضيق والشدةفي حالة غياب الأم?‏ فماذا يخشى أثناء غيابها?‏في أدب التحليل النفسي كن العثور على جملة نظريات للإجابة علىهذا السؤال إلا أن هذه النظريات تسلم بأن غياب الأم لا كن أن يكون187


الأمومةبحد ذاته السبب الحقيقي ظاهر الخوف والضيق عند <strong>الطفل</strong> ‏(بولبي(Ainsworth, Bell and Stayton,«١٩٧٣» ص .(٥٥-١-٢-٣-٤لقد شرعت أنسوورث ومعاونوها (١٩٧٤في دراسة سلوك التعلق عند عدة زمر من الأطفال في أعمار متدرجة حيثقامت بدراسة زمرة في عمر تسعة أشهر ولكن تركزت دراستها على الأطفالفي عمر السنة ووضعت طريقة تجريبية محددة لدراسة سلوك التعلقأصبحت فيما بعد منهجا مهما اعتمده الكثير من الباحث وأكدوا مصداقيته.‏تستند طريقة ‏«انسوورث»‏ على ملاحظة سلوك <strong>الطفل</strong> في شروطتجريبية كن التحكم بها فلقد وضعت ثلاثة مقاعد متباعدة في غرفةصغيرة بحيث تتمكن الأم من الجلوس على أحدها وتخصص اقعد اقابللامرأة غريبة <strong>بين</strong>ما توضع ألعاب جذابة على اقعد الثالث في طرفالغرفة.‏ إن الغرض من هذه الوضعية التجريبية هو إيقاظ فضول <strong>الطفل</strong>بجدتها وجاذبيتها دون تخويفه بغرابة المحيط.‏ فدخول ارأة الغريبة يتمبطريقة تدريجية بحيث لا يثير خوف <strong>الطفل</strong>.‏ تتضمن التجربة ثمانيمراحل متتابعة كن حدوثها في الحياة اليومية.‏ إن الأم مثلها مثل ارأةالغريبة تحاط علما بالدور الذي يجب أن تلعبه وتتعاقب مراحل التجربةعلى الشكل التالي:‏في ارحلة الأولى:‏ يقوم أحد الاحظ باستقبال الأم وطفلهاواصطحابهما إلى غرفة التجربة ويبتعد الاحظ بعد ذلك.‏في ارحلة الثانية:‏ والتي تستمر ثلاث دقائق تقوم الأم بوضع <strong>الطفل</strong>ب مقعدها واقعد اعد للمرأة الغريبة ويتوجب على الأم عدم التدخلفي نشاطات <strong>الطفل</strong> إلا إذا ألحّ‏ هو على ذلك.‏في بداية ارحلة الثالثة:‏ والتي تدوم ثلاث دقائق أيضا.‏ تدخل ارأةالغريبة وتجلس في مقعدها بهدوء دة دقيقة وبعدها تتحدث مع الأم دةدقيقة أيضا ثم تقترب بهدوء من <strong>الطفل</strong> وتقدم له لعبة.‏ في تلك الأثناء تبقىالأم جالسة في مقعدها.‏في بداية ارحلة الرابعة:‏ تغادر الأم الغرفة تاركة حقيبتها اليدويةعلى الكرسي دون أن تلفت نظر <strong>الطفل</strong>.‏ وتبقى ارأة الغريبة دون نشاط إذاتابع <strong>الطفل</strong> اللعب وتحاول ترغيبه إذا توقف وتهدئته إذا بدأ بإظهار القلق188


-٥-٦-٧-٨الانفصالوالخوف.‏ تستمر هذه ارحلة ثلاث دقائق وتختصر في حالة إظهار <strong>الطفل</strong>لسلوك الضيق والشدة.‏في بداية ارحلة الخامسة:‏ تخرج ارأة الغريبة حاا تدخل الأم إلىالغرفة وتتوقف قليلا عرفة ردة فعل <strong>الطفل</strong> العفوية بعد عودتها وبعدهايكون لها الحرية في التعامل مع <strong>الطفل</strong> فبإمكانها تهدئته إذا كان ضروريا أوترغيبه في الألعاب اوجودة..‏ ثم عليها أن تغادر الغرفة وتتوقف قليلا عندالعتبة لتقول له إلى اللقاء.‏في ارحلة السادسة:‏ يبقى <strong>الطفل</strong> وحيدا في الغرفة ويستمر ذلكثلاث دقائق إلا في حالة ظهور الضيق والخوف عند <strong>الطفل</strong> بصورة حادة.‏في ارحلة السابعة:‏ تعود ارأة الغريبة لتأخذ مكانها في الغرفة دونتدخل في نشاط <strong>الطفل</strong>.‏في ارحلة الثامنة:‏ تعود الأم إلى الغرفة.‏- يقوم الاحظون طيلة اراحل السابقة بتسجيل سلوك <strong>الطفل</strong> والأموارأة الغريبة عبر مرآة خاصة تسمح للملاحظ بالرؤية <strong>بين</strong>ما يتعذر ذلكعلى من هو موضوع الاحظة.‏لقد قام هؤلاء الباحثون بدراسة (٥٦) طفلا في عمر السنة وتركزاهتمامهم على مقياس أساسي‏:‏ التكرار والقوة Intensity) .(Frequency and١- تكرار السلوك خلال كل مرحلة من اراحل السابقة حيث تحديدهبعدد واحد لكل لحظة مؤلفة من (١٥) ثانية يظهر خلالها سلوك ما.‏ فالرقميكون ب صفر واثنى عشر لكل مرحلة مؤلفة من ثلاث دقائق.‏٢- قوة (Intensity) السلوك والآخذ بع الاعتبار الصفة والطريقة التييظهر بها سلوك ما.‏إن أهم ما يخلص إليه هذا البحث هو أن سلوك <strong>الطفل</strong> يتغير بشكلأساسي أثناء غياب الأم في ارحلت الثانية والرابعة باقارنة مع مراحلحضورها.‏ ف<strong>الطفل</strong> يعلن علامات القلق والخوف والضيق عند غياب الأم<strong>بين</strong>ما ضي باستطلاع المحيط والاهتمام بالألعاب طيلة وجود الأم ‏(ارحلةالثانية)‏ ملقيا ببصره تجاهها من ح إلى آخر سبعة أطفال فقط مناجملموع بقوا حيث وضعوا دون نشاط يذكر وعند دخول ارأة الغريبة أثناءوجود الأم و<strong>الطفل</strong> معا لوحظ بأن عددا كبيرا من الأطفال يقترب من الأم189


الأمومةويبدأ بتفحص القادمة الغريبة وينخفض تكرار اللعب واستطلاع المحيطإلى ما يقارب النصف.‏وفي ارحلة الرابعة أثناء غياب الأم وبقاء <strong>الطفل</strong> بحضور ارأة الغريبةيل معظم الأطفال إلى البحث عن الأم واتباعها عندما يشعرون بذهابهاويترافق ذلك بالبكاء.‏ وعند عودة الأم يقوم معظم الأطفال حاولة الاقترابمنها وبعضهم يتشبث بها ويتوقف البكاء بشكل تام إلا أنه يصعب إرضاءوتهدئة القليل ن سبق أن أبدوا ردة فعل شديدة عند غياب الأم.‏وعند مغادرة الأم من جديد ‏(ارحلة السادسة)‏ تاركة <strong>الطفل</strong> وحدهيبدي معظم الأطفال بكائهم وبحثهم عن الأم بشكل أكثر قوة من ارةالسابقة ‏(ارحلة الرابعة).‏وتجدر الإشارة إلى أهمية الفروق الفردية الاحظة في ردود فعل الأطفالوالتي ترتبط غالبا بطبيعة التفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأم خلال السنة السابقة.‏إلا أنه بالرغم من ذلك تتميز ردود فعل الأطفال بعد مغادرة الأم بخصائصمشتركة من أهمها انخفاض النشاط اتعلق باللعب وباكتشاف المحيط وتوقفهبشكل كامل في بعض الأحيان وكذلك يبدو الحزن والبكاء على الغالبيةالعظمى من الأطفال ويتميز سلوكهم أيضا بالقلق والخوف والشعور بالضيقعند مغادرة الأم بالرغم من بقاء الشروط الأخرى ‏(الألعاب والأشياء)‏ ثابتةفي محيط <strong>الطفل</strong>.‏ إن طريقة ‏«أنسوورث»‏ ومعاونيها في دراسة سلوك التعلقاستخدمت على نطاق واسع من قبل الباحث‏.‏ وتناولت هذه الدراساتأطفالا في أعمار مختلفة وكن الإشارة إلى نتائج (١٩٧٣ لقد تب أنه بالرغم من أن سلوك التعلق يستمر في الظهور بصورة نشطةفي ام العام الثاني من العمر إلاّ‏ أن النظام الذي يحكمه قد تغير.‏ ف<strong>الطفل</strong>في عمر السنت يبقي على مسافة <strong>بين</strong>ه وب الأم أكبر ا هو الحال فيعمر السنة ويكون أقل ترددا في الاقتراب من شخص غريب غير معروفمن قبل <strong>الطفل</strong>.‏ ويشعر <strong>الطفل</strong> في عمر السنت بالأمن والطمأنينة جملردوجوده بالقرب من الأم أو رؤيتها <strong>بين</strong>ما يل <strong>الطفل</strong> في عمر السنة إلىالاقتراب من الأم لدرجة الامسة الجسدية.‏ بالإضافة إلى ذلك يكوناحتجاج <strong>الطفل</strong> أقل حرارة عند مغادرة الأم في عمر السنت منه في عمرالسنة يخلص هذا اؤلف إلى القول بأن <strong>الطفل</strong> في عمر السنت تلك(Lee eal. In Bowlby,190


الانفصالاستراتيجية معرفية للاتصال بالأم أكثر تطورا ا هي عليه الحال فيعمر السنة.‏ ف<strong>الطفل</strong> يستخدم في عمر السنت وسائل الاتصال البصريوالكلامي ‏(اناغاة)‏ وقدرته على التمثيل العقلي بصورة أكثر فعالية من عمرالسنة.‏ ا ينعكس على سلوك التعلق إذ يصبح أكثر تنظيما حيث تكونوسائل المحافظة على جوار الأم أكثر فعالية منه في عمر السنة.‏أما في عمر ثلاث سنوات فالتغير في سلوك <strong>الطفل</strong> في الحالةالتجريبية كن أن يكون نتيجة تطور القدرة اعرفية الإدراكية عنده إذيصبح الاتصال عن بعد أكثر فأكثر تطورا ب الأم و<strong>الطفل</strong> ويصبح هذاالأخير أقدر على الفهم بأن مغادرة الأم ستكون مؤقتة وهي ستعود بعدقليل.‏ ا يؤدي إلى انخفاض ملموس في ردود فعل <strong>الطفل</strong> في عمر ثلاثسنوات عند مغادرة الأم باقارنة مع عمر السنت إذ يندر حصول البكاء أوالذهاب باتجاه الباب للحاق بالأم.‏متى تبدأ ردود الفعل الخاصة بالانفصال عن الأم؟إنه ن الصعب التحديد الدقيق للعمر الذي يظهر به <strong>الطفل</strong> ردود فعلخاصة عند انفصاله عن الأم.‏ إذ يتعذر التفسير الصحيح لذلك قبل عمرسبعة أشهر.‏ ويجمع الباحثون بأن ذلك يظهر بوضوح خلال النصف الثانيمن السنة الأولى.‏ ويستند هذا التفسير إلى نظرية ‏«بياجيه»‏ القائلة بأنالصغير يصبح قادرا على تصور اوضوع كشيء موجود مستقل عنه فيإطار سببي ومكاني.‏ ويل أبحاث أخرى إلى التأكيد على أن قدرة <strong>الطفل</strong>على إدراك الشخص ت<strong>نمو</strong> بصورة أسرع منها عندما يتعلق الأمر بالشيء(Bell ويتعذر ذلك قبل عمر تسعة أشهر.‏ إن معطيات البحثالحديثة تؤكد أن الصيغة الخاصة بردة فعل <strong>الطفل</strong> عند انفصاله عن الأمعند وجوده في وسط غريب وبحضور شخص لا يعرفه من قبل تبقى ثابتةنسبيا حتى عمر ثلاث سنوات حيث تبدأ بعدها بالانخفاض التدريجي.‏الجامد (,١٩٧٠ما هي دواعي الخوف عند <strong>الطفل</strong>؟يتفق الباحثون على أن القلق والخوف يتولد لدى الصغير أو لدى البالغعند ابتعاده عن وجه يحبه ويتعلق به خصوصا إذا وجد في وسط مجهول191


الأمومةمع أناس لا يعرفهم فسلوك الصغير في هذه الظروف يتجه إلى اللحاقن يحب والفرار من الوسط الغريب.‏هناك عوامل كثيرة كن أن تثير الخوف لدى الصغير.‏ فوجود <strong>الطفل</strong>وحيدا في كنف مجهول وتعرضه لحركة أو لضجة مفاجئة يبعث الخوفوالرعب في نفسه كذلك الاقتراب افاجئ منه أو وجوده في أماكن شاهقة كلهذه العوامل كن أن تشعر <strong>الطفل</strong> بالخوف وأحيانا بالألم والرعب إلا أن أثرهذه العوامل كن أن يختلف في شدته من شخص إلى آخر ومن حالة إلىأخرى.‏ فما قد يثير الخوف اليوم قد يكون أقل تأثيرا بعد أيام والعكس بالعكس.‏إن ردة الفعل على وضع خطر كن العضوية من تجنب الخطر وبالتالييلعب دورا هاما في بقاء النوع.‏ فحضور شخص قوي الألفة أو غيابه يؤديإلى ردة فعل تختلف في شدتها باقارنة مع حضور شخص عادي أو غيابهلا تربطنا به علاقة قوية.‏إن الدراسات اتعلقة بهذا الجانب تعتبر قليلة نسبيا وتعتمد في معظمهاعلى سؤال الأم عن العوامل التي تسبب الخوف عند <strong>الطفل</strong>.‏إلا أن بولبي يعرض دراسة (١٩٧٣توضح مدى التعارض ب وجهات نظر الأمهات حول حالات الخوف والخوفالحقيقي الذي يصيب الأطفال.‏فالحالات التي تشعر <strong>الطفل</strong> بالخوف والرعب قد ر دون انتباه الأم.‏إن <strong>الطفل</strong> يشعر بالخوف من الضياع والاختطاف ومن اجملهول ومنالحرب ومن ارض ومن اوت.‏ <strong>بين</strong>ما أكد (٤٢%) إلى (٥٧%) من الأمهاتبأن <strong>الطفل</strong> لا يخاف من هذه الحالات.‏ فالاحظة اباشرة للأطفال تكفلمعرفة العوامل الحقيقية التي تشعرهم بالخوف.‏ إن تعرض الصغير فيالأشهر الأولى ؤثرات خارجية معينة كالضجيج افاجئ وحالة عدم الارتياحيدفعه إلى البكاء والتوتر العضلي.‏ وبعد الشهر الرابع حيث يبدأ الصغيربتمييز الوجه الغريب من الوجه األوف عندها يظهر التحسب لدى رؤيةوجه غريب.‏ وب الشهرين السابع والتاسع يظهر <strong>الطفل</strong> علامات الخوفلدى مشاهدته إنسانا مجهولا أو شيئا غريبا.‏ فحضور رفيق مألوف يحدمن آثار الخوف والقلق ووجود <strong>الطفل</strong> بالقرب من الأم يخفف إلى حد بعيدمن ردود فعله على مؤثرات قد تثير الخوف والذعر أثناء غيابها.‏ إن وجود(Lapouse and Monk, 1959 in Bowlby,192


الانفصال<strong>الطفل</strong> بجوار الأم يخفض من مخاوفه ويؤدي إلى تلاشي مظاهر الخوفوالقلق عند اقتراب شخص غريب منه مثلا.‏إن النوع البشري-كالكثير من الأنواع-قد اكتسب خلال التطور استجاباتمحددة وهي ما يسمى بالخوف عن تعرضه ؤثرات تنذر بالخطر.‏ لقدأصبحت هذه الاستجابات عبر التطور جزءا من التراث الغريزي عند الإنسانإذ تسهم في مساعدة العضوية على مواجهة الظروف الجديدة.‏وبالتالي تلعب هذه الاستجابات دورا هاما في المحافظة على بقاء النوعفوجود <strong>الطفل</strong> في وسط مجهول يحمل علامات الخطر والتهديد فهو بحدذاته لا يشكل خطرا ما وإا يشير إلى حدوث الخطر.‏ فوجود <strong>الطفل</strong> بعيداعن الوسط األوف يعرضه لهجمات الأنواع اعادية وهكذا-تعلم <strong>الطفل</strong>عبر ملاي السن أن يهرع باتجاه الأم أو باتجاه من تربطه بهم بعضالصلات عند تعرضه للخطر حيث أصبحت هذه الاستجابات غريزة متوارثةقد تتأثر بالتعلم والاكتساب إلى حد كبير.‏إن الأمن بالنسبة للرئيسات يتطلب منها أن تبقى في زمر.‏ فالانفصالعن الزمرة أو الابتعاد عنها ينطوي على مخاطر كبيرة.‏ وبالنسبة للأفرادالضعفاء تؤدي العزلة غالبا إلى اوت حيث يكون هؤلاء فريسة سهلة للأنواعاعادية.‏ إن ردة الفعل على حالة الخوف من الوقوع فريسة عند الإنسانكن ملاحظتها بالرغم من غياب الظروف اوضوعية التي تبررها فيعصرنا الحال إلا أن ذلك قد يتوضع في بيولوجية النوع خلال ملايالسن ومن غير امكن إلغاؤه في فترة قصيرة فالتطور البيولوجي يتمبشكل بطيء على عكس ما هو الحال فيما يتعلق بالتعلم والاكتساب.‏إن الأنظمة الداخلية التي تتحكم بسلوك التعلق وبسلوك الخوف تحافظعلى إبقاء الفرد في وضع من التوازن في محيطه.‏فمن وجهة نظر بولبي تلك الفرد الإمكانية لتطوير أنظمة بيولوجيةحساسة لنوع محدد من اثيرات كنه من تحقيق التوازن كلما تعرضللخلل بحيث تنشط هذه الأنظمة حتى تعود العضوية ضمن حدود التوازن.‏إن ردة الفعل اتمثلة بالخوف عندما يتعذر على <strong>الطفل</strong> الاتصال بالأم والتيأصبحت عبر التطور جزءا أساسيا من انظومة السلوكية عند الإنسانتلعب ردة الفعل هذه دورا هاما في تكيف <strong>الطفل</strong> مع المحيط.‏ وكذلك في193


الأمومةالمحافظة على بقاء النوع.‏ إن انفصال <strong>الطفل</strong> عن الأم يؤدي إلى ردود فعلمتشابهة عند جميع الأطفال مهما اختلفت أوساطهم ومجتمعاتهم.‏ فحضورحليف موضع الثقة يؤدي إلى الشعور بالأمن وإلى انخفاض مظاهر الخوففي مختلف الظروف اؤدية لذلك.‏ وعلى العكس فالعزلة والوحدة تؤديإلى تصاعد الخوف في مختلف الظروف.‏ف<strong>الطفل</strong> الذي يشعر بأن لا شيء نعه من اللجوء إلى الأم ‏(الوجه الذييتعلق به)‏ عندما يرغب وكلما اقتضت الظروف ذلك وأن الأم تقبل ذلك برحابةصدر يكون أكثر أمنا وأقل خوفا من طفل آخر لا تلك الثقة بحضور الأمواستعدادها نحوه.‏ إن تشكل هذه الثقة يتم عبر اراحل اخملتلفة من تطور<strong>الطفل</strong> ويتعزز من خلال التجربة التي يعيشها <strong>الطفل</strong> مع الأم بشكل يومي.‏إن <strong>الطفل</strong> الذي ترعرع في وسط مقبول وفي كنف والدين محب ووجددوما من يأخذ بيديه ويضمن له الأمن والطمأنينة خاصة في الظروفالصعبة ستتعزز الثقة بنفسه عندما يكبر والقناعة بأنه سيجد دوما منيساعده في الحالات الصعبة.‏ فالثقة القوية تنسحب على العالم الخارجيوتنعكس على طبيعة علاقة هذا البالغ بالعالم من حوله.‏194


الأمومة في غياب الأم10 الأمومة في غياب الأمسلوك التعلق <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والآخرينإن مفهوم الرابطة العاطفية الوحيدة ب الأمو<strong>الطفل</strong> مفهوم رومانسي وجذاب من حيث بساطتهالبيولوجية.‏ إلا أن التطور العاطفي للطفل لا يتحددفقط بعلاقته بالأم بل لا بد من الأخذ بع الاعتبارالعلاقات ابكرة الأخرى التي يقيمها <strong>الطفل</strong> فيوسطه.‏ حيث يكون ذلك على درجة كبيرة منالأهمية لتفهم أفضل لتطور <strong>الطفل</strong> ووه (١٩٧٧.(Weinraub, Brooks and Lewis,لقد بدأ اهتمام الباحث يتركز حديثا علىالعلاقات الأخرى التي يقيمها <strong>الطفل</strong> بالإضافة إلىعلاقته بالأم خصوصا علاقة <strong>الطفل</strong> بالأب.‏ وبالأخوةوالأخوات وعلاقته بالأقران في دور الحضانة أوفي الروضة وذلك في ارحلة ما قبل ادرسية.‏أوضحت بعض الدراسات الحديثة أهميةالتفاعل ب <strong>الطفل</strong> والأقران في اراحل ابكرةمن العمر وتأثير ذلك على علاقة <strong>الطفل</strong> بأهلهal,١٩٨٢) ١٩٧٩; Rubensten et (Vandell, وأشارتدراسات أخرى إلى أهمية مفهوم التعلق الثانوي‏(التعلق بالأقران أو بالأخوة والأخوات أو بالأب...‏الخ)‏ في دراسة تطور <strong>الطفل</strong> وفي تحديد العلاقات195


الأمومةالتي كن أن تؤثر في هذا التطور.‏ إن مفهوم التعلق الثانوي يتعارض معنظرية التعلق التقليدية ويعزز القطيعة مع النظرية الفرويدية التي ترى فيكل أنواع التعلق البشري اشتقاقا من <strong>العلاقة</strong> بالأم.‏ فالتعلق برفيق اللعبيؤكد استقلالية التعلق عن موضوع ‏«الليبدو»‏ وعن الدوافع الأخرى.‏سنحاول في هذا الفصل مناقشة تعلق <strong>الطفل</strong> بالأب وبالاخوة أوالأخوات والتعلق ب <strong>الطفل</strong> والأتراب.‏أولا:‏ التعلق <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأببالرغم من أن الأم تحتل مركزا هاما في تطور السلوك عند <strong>الطفل</strong> إلاأن الأب كن أن يسهم أيضا في ذلك وخصوصا مع تزايد اهتمام الآباءاضطرد لشؤون <strong>الطفل</strong>.‏لقد بدأ الأب في اجملتمعات الصناعية باشاركة الفعالة في تربية <strong>الطفل</strong>منذ الولادة إذ تزداد نسبة الآباء الذين يحضرون ولادة صغارهم وأصبحغياب الأب أثناء الولادة إشارة إلى قلة اهتمامه ب<strong>الطفل</strong>.‏ إلا أن اشاركةالفعالة أثناء الولادة لا تعبر عن حقيقة ما سيكون عليه سلوك الأب فيمرحلة لاحقة.‏ ويتفاوت اهتمام الأب بشؤون الصغير من مجتمع إلى آخرويتأثر هذا الاهتمام تأثرا بالغا بالثقافة الاجتماعية السائدة وبالعاداتوالتقاليد والأعراف.‏ وعزل عن التأثير الثقافي لا يختلف الرجل عنارأة من حيث شعوره واستجاباته نحو <strong>الطفل</strong> حديث الولادة Sluckin١٩٨٣).(et al فالتعلق مسألة درجة وليس مسألة أن يكون أو لا يكون ويعتمد إلىحد كبير على مدة اجتماع <strong>الطفل</strong> والكبير واعتماد كل منهما على الآخر.‏وتعلق الأب ب<strong>الطفل</strong> لا يختلف عن تعلق الأم من حيث نوعه وطبيعته.‏ إلا أنهيكون أقل حدة وقوة منه عند الأم ‏(اصدر السابق).‏إن التوسع في الاتصال ب الأب و<strong>الطفل</strong> في الثقافت الغربية والعربيةهو أقل منه ب الأم و<strong>الطفل</strong> وبذلك تكون فرص التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأممحدودة لا تقوى وتتعاظم كما هو الحال بالنسبة للأم.‏وتقل الدراسات اتعلقة بالأبوة عن تلك اتعلقة بالأمومة حيث يتركزاهتمام الباحث‏-الذين غالبا ما اعتبروا سلوك الأهل يعني بالدرجة الأولىسلوك الأم-على دور الأم إذ يقتصر دور الأب في رأي الكثيرين على دعم196


الأمومة في غياب الأمالأم وتعزيز علاقتها بالصغار.‏ أما اليوم فالضغوط الاجتماعية تدفع الآباءكي يكونوا أكثر اهتماما بالصغار وعناية بهم وتتطلب منهم مشاركة الأم فيالاهتمام بشؤون <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏ وهذا ما شجع الباحث حديثا على الشروعبالدراسات التي تتناول علاقة الصغير بالأب ودوره في تطور <strong>الطفل</strong>.‏الأب والعناية في شؤون الصغيريتعاظم دور الأب أكثر فأكثر في تنشئة <strong>الطفل</strong> وتطوره وتشهد معظماجملتمعات خصوصا اجملتمعات الصناعية تبدلا هاما في هذا اجملالحيث يشارك الأب مشاركة فعالة في رعاية <strong>الطفل</strong>.‏ ويرى لامب (Lamb) أنالأب هو اساهم انسي في تطور <strong>الطفل</strong> حيث تبدلت افاهيم الآن فالأبيشعر أكثر فأكثر بأنه معني في شؤون <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏ وبالرغم من قلةتدخل الأب في شؤون <strong>الطفل</strong> اخملتلفة.‏ ومن قلة تدخله في شؤون <strong>الطفل</strong>اليومية كالتغذية والنظافة باقارنة مع الأم إلا أنه يلعب دورا مهما في تطور<strong>الطفل</strong> ووه وتجدر الإشارة إلى التغير في مساهمة الأب في العنايةبشؤون <strong>الطفل</strong> ومشاركة الأم في اهام اتعلقة بنظافته وتغذيته واستحمامهوالاستيقاظ ليلا من أجله.‏ لقد تزايدت في العقدين الأخيرين نسبة الآباءالذين يتقاسمون مع الأم هذه الأعباء al,١٩٨٢) .(Lewis et وهناك العديد منالآباء الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في الاهتمام بشؤون <strong>الطفل</strong> وشؤونالأم في ارحلة التي تلي الولادة.‏ ويؤثر هذا التغير في سلوك الأب نحوالصغير على القيم والعادات التي سيلقنها الأب لأبنائه وفي التكوين النفسيللطفل وفي الاستراتيجية التربوية التي سيتبعها الأب مع أطفاله.‏ إلا أنهمن الخطأ الاعتقاد أن الرجل اتخذ قرارا واعيا بتحمل مسؤولية أكبر فيمايتعلق بتربية <strong>الطفل</strong> ورعايته في اراحل الأولى من حياته فلا بد من بحثالعوامل التي دفعت بالأب ليساهم أكثر من ذي قبل في العناية بشؤونالصغير.‏العوامل المؤثرة في سلوك الأب نحو <strong>الطفل</strong>١- بنية الأسرة:‏إن التطور في بنية الأسرة واستبعاد الأقارب ‏(الجدات والعمات والخالات)‏197


الأمومةمن حياتها أكثر فأكثر وعمل ارأة خارج انزل حمل الرجل على مساعدةالأم ومشاركتها اهام التي كانت من شأنها وحدها فيما قبل.‏ ويترافقالتزايد استمر في نسبة الأمهات العاملات في مختلف أنحاء العالم معتحولات في العلاقات الاجتماعية والعائلية حيث لم يعد في الإمكان تكليفالجدة أو الخالة أو أحد أفراد العائلة الآخرين برعاية <strong>الطفل</strong> والاهتمام بهأثناء عمل الأم.‏لقد حملت هذه الأسباب الكثير من الأزواج-خصوصا في اجملتمعاتالصناعية اتطورة-على اشاركة الفعالة في رعاية <strong>الطفل</strong> أثناء غياب الأموتوفيق ظروف العمل بحيث يتواجد أحد الزوج بالقرب من <strong>الطفل</strong> بصورةدائمة.‏ إلا أن نسبة الآباء الذين يختارون البقاء في البيت أثناء عمل الأم لاتزال نسبة قليلة.‏وتجدر الإشارة إلى أن التغير في التقاليد الاجتماعية اتعلقة برعاية<strong>الطفل</strong> في اجملتمعات الصناعية قد تدعم بتعديل تناول التشريح الذيينظم العلاقات الأسرية حيث يتساوى الزوجان في الحقوق وتتزايد نسبةالآباء اطلق الذين يقومون على شؤون <strong>الطفل</strong>.‏ وكن للرجل في بعضاجملتمعات أن يحصل على إجازة أمومة بعد ولادة <strong>الطفل</strong> الثالث.‏ومن العوامل التي قد تدفع الأب للمشاركة أكثر فأكثر في رعاية <strong>الطفل</strong>الولادة خارج البيت في استشفى فعند عودة الأم إلى البيت يشعر الأببضرورة أن يقوم ببعض اهام التي كان يقوم بها الآخرون في دار الولادة وأنيهيئ الفرصة للأم كي تخلد إلى الراحة وتتمكن من استعادة حيويتها ونشاطها.‏وتهتم ارأة اعاصرة أكثر فأكثر في مدى تدخل الأب في سياق التكوينالاجتماعي للطفل وتشكو سلبيته في هذا اجملال وترى بعضهن أن دورالأب غير محدد بشكل صحيح وعدم مشاركته يعبر عن رغبة الرجال فيإبقاء ارأة في مكانها التقليدي ويكون غالبا عدم قيام الزوج بالدوراناسب مصدرا للمواجهة <strong>بين</strong>هما.‏ إلا أن التمييز ب دور الرجل ودور ارأةلا يخضع لرغبات أحد الطرف‏.‏ فكلاهما يلتزم بنظام القيم السائدة التيتحددها الجماعة الثقافية التي تنتمي إليها الأسرة.‏٢- تجربة الأب مع أهله:‏تعتبر تجربة الأب مع أهله خاصة مع والده على درجة كبيرة من الأهمية198


الأمومة في غياب الأممن حيث التأثير في سلوكه الخاص كأب.‏ فالأب الذي يسئ معاملة أطفالهويعاملهم بصلف غالبا ما يكون بدوره طفلا قد اسيئت معاملته من قبلوالده وعومل بقسوة وصلف.‏ ومن المحتمل أن تنتقل بعض النماذج السلوكيةمن جيل إلى جيل حيث يل الأب إلى تقليد سلوك والده كما يل اعلمإلى تقليد سلوك معلمه بصورة إرادية أو لا إرادية إلا أن الثقافة قد تؤثرتأثيرا عميقا في تعديل هذه النماذج السلوكية وتجعلها أكثر مرونة وقدرةعلى التكيف مع الشروط استجدة في المحيط.‏تأثير الأب في سلوك <strong>الطفل</strong>:‏لقد أوضحت الاحظات الحديثة أن الأب يقوم بحمل الصغير خلالالأشهر الخمسة الأولى من عمره.‏ فالآباء يحملون أبناءهم دة طويلة.‏فالوضعيات اخملتلفة أثناء حمل <strong>الطفل</strong> تؤدي وظائف متعددة فالأب يتصرفبشكل مختلف حسب طريقة حمله للصغير.‏ وكذلك تؤثر وضعية الصغيرأثناء حمله في سلوكه عامة وفي قدرته على توجيه انتباهه إلى الأب.‏ وتهيئوضعية الحمل أفضل الفرص للتفاعل اتبادل خصوصا عندما يكونالطرفان وجها لوجه ا كنهما من التبادل البصري والتعبير الوجهي.‏ويكون الأب عندها مصدرا للمؤثرات بالنسبة للطفل الذي يكون على درجةمن الحساسية لهذه اؤثرات.‏إن طريقة الحمل حيث يكون الأب و<strong>الطفل</strong> وجها لوجه تسمح بتطور<strong>العلاقة</strong> ب الطرف‏.‏ <strong>بين</strong>ما ترتبط الحالات الأخرى لحمل <strong>الطفل</strong> بتهدئتهعندما يكون غاضبا أو باكيا وبرعايته والقيام على شؤونه وكينه منالتفاعل مع الآخرين.‏لقد أوضحت دراسة وايت ورفاقه Woollet١٩٨١) (White and أن (٧٥%)من الآباء يحملون الصغير ب الذراع قبل عمر شهرين.‏ وترتفع هذهالنسبة إلى (٩٦%) عندما يبلغ <strong>الطفل</strong> شهره الخامس.‏ فالآباء يحملون <strong>الطفل</strong>بعد الولادة وينظرون إليه ويتحدثون عنه إلا أن السلوك النشط كالامسةوالابتسام والحديث إلى <strong>الطفل</strong> يكون أقل ظهورا.‏لا تكمن أهمية سلوك الأب في مشاركة الأم مسؤولية <strong>الطفل</strong> فقط بلفي التغير الانفعالي والنفسي الذي يعيشه الأب في علاقته ب<strong>الطفل</strong>.‏199


الأمومةويرى بعض الباحث al,١٩٧٩) (Pederson et أن تأثير الأب يجب أن يفهمفي إطار الوحدة الأسرية.‏ فالأب يؤثر في تطور <strong>الطفل</strong> بطريقت‏:‏- طريقة مباشرة وذلك من خلال تفاعله اباشر وتجربته اميزة مع<strong>الطفل</strong> حيث كنه أن يعزز تطور <strong>الطفل</strong> من خلال سلوكه نحوه.‏- طريقة غير مباشرة وذلك من خلال علاقته بالأم فالزوج كنه أنيوفر للزوجة-الأم دعما انفعاليا عاطفيا وذلك ينعكس على علاقة الأمب<strong>الطفل</strong>.‏ وكن أيضا للتفاعل ب الزوج وطبيعة <strong>العلاقة</strong> <strong>بين</strong>هما أن تؤثرفي سلوك الأب نحو <strong>الطفل</strong>.‏وتكون ادة الزمنية التي يقضيها الأب في البيت على درجة كبيرة منالأهمية وغالبا ما يحدث التفاعل ب عدة أفراد بنفس الوقت الأب-<strong>الطفل</strong>-‏الأم وهذا ما يحد من التفاعل الثنائي ب <strong>الطفل</strong> والأب.‏ فالأب يقسم وقتهب الزوجة و<strong>الطفل</strong> <strong>بين</strong>ما تخصص الأم معظم وقتها للتفاعل الثنائي مع<strong>الطفل</strong> أثناء النهار.‏ وكن أن يكون انخفاض الاتصال اتبادل ب الأبو<strong>الطفل</strong> نتيجة للاتصال ب الزوج والزوجة حيث يغلب ذلك عندما يجتمعالأب و<strong>الطفل</strong> والأم.‏كيف كن للتفاعل ب شخص الأم و<strong>الطفل</strong> أن يتأثر بشخص ثالث-‏الأب-?‏ هل كن للأب أن يدفع الأم للكف عن إظهار بعض أنواع السلوك?‏أو أن يسهل بعضها الآخر?‏وهل كن لتأثير الأب أن يعدل في خصائص سلوك الأم?‏لقد أشارت الدراسة السابقة إلى أن حضور الأب يؤدي إلى خفضالتفاعل ب الأم و<strong>الطفل</strong> وإلى خفض الإصدارات الصوتية اوجهة للطفل.‏وقد يؤثر التنافس ب الوالدين فيما يتعلق بشؤون <strong>الطفل</strong> في تفاعل كلمنهما مع <strong>الطفل</strong> وفي إثارة الخلافات الزوجية نتيجة لانعدام الخبرة فيطرق التعامل مع الصغير.‏إن ندرة البحوث اتعلقة بدور الأب يجعل الإجابة على الأسئلة السابقةعملية صعبة وتنطوي على بعض اضاربة.‏ إلا أنه كن القول أن الأبأيضا يحتاج إلى الدعم العاطفي-الانفعالي ليتمكن من الاستمرار في علاقتهب<strong>الطفل</strong> ومن ارسة سلوك الأبوة.‏ فمعظم البحوث تتناول التعلق ب الأمو<strong>الطفل</strong> في سياق ثنائي ولا تتناول هذه اشكلة في إطارها الأسري اتكامل.‏200


الأمومة في غياب الأمإن النتيجة التي كن استخلاصها هي أن مشاركة الأب في اراحلاخملتلفة من حياة <strong>الطفل</strong> تؤثر تأثيرا هاما في تطوره خصوصا في <strong>الطفولة</strong>اتوسطة.‏ إذ كن للأب أن يقوم بدوره في تشجيع الإنجاز ادرسي للطفلوفي وقايته من الانحراف وتجنيبه الجنوح.‏ فمشاركة الأب عامل هام فينجاح <strong>الطفل</strong>.‏ ويتركز اهتمام الأب بشكل خاص على الوضع ادرسيللأطفال.‏ فاتابعة من قبل الأهل تؤدي إلى تحسن الإنجاز ادرسي.‏ وعلىالعكس من ذلك فعدم اهتمام الأهل بشؤون ادرسة يرتبط بقلة النجاحوبتدهور استوى الدراسي للأطفال.‏ ويكون الإنجاز ادرسي على علاقةبإرادة الأب ومدى تعاونه مع اعلم.‏ولا بد من التنويه إلى أن طبيعة عمل الأب تؤثر تأثيرا بالغا في درجةاهتمامه بالأطفال.‏ فالأب الذي يصل إلى البيت بعد يوم من العمل ارهقلا لك الطاقة كي يقوم بدوره.‏ وكذلك الأب الذي ارس مهنة صعبةتستنفد معظم وقته وإمكاناته لا يستطيع أن يهتم بشؤون أطفاله ويتابعأوضاعهم بشكل صحيح.‏ويلاحظ أن الصغير الذي يتمتع بعلاقات إيجابية مع الأب يظهر قلقاكبيرا عند انفصاله عنه في حال الطلاق (١٩٨٠ورا كان موقف الأم من غياب الأب أكثر أهمية من غياب الأب بحد ذاته.‏فالنتيجة ادرسية اتواضعة عند الأطفال ترتبط وقف الأم السلبي منغياب زوجها.‏ إن <strong>الطفل</strong> الذي يفقد أباه بسبب اوت يأسف طيلة حياتهلحرمانه من وجود الأب.‏واهتمام الأب بشؤون <strong>الطفل</strong> على علاقة بالتفاعل الذي يدور ب مختلفأفراد الأسرة ويؤثر في جو انزل حيث تكون الأسرة أكثر اسكا وأكثرتعاونا عندما يبدي الأب مشاركته واهتمامه بشؤون الأطفال.‏ وكل ذلكيشيع نظرة بناءة للعالم ويصعد من اهتمامات الأسرة وآمالها ويحد مناحتمال ظهور السلوك انحرف أو من سلوك الجرة.‏ ويبرز دور الأب فيالتمايز الجنسي عند الأطفال وفي فرض النظام في إطار الأسرة.‏١- دور الأب في التمايز الجنسي عند الأطفال:‏يتحدد اكتساب <strong>الطفل</strong> للسمات السلوكية التي تتناسب مع جنسه منخلال التنشئة الاجتماعية حيث يكتسب الصبي صفات الذكورة وتكتسب(Wallerstein and Kelly,201


الأمومةالبنت صفات الأنوثة.‏وتؤثر العوامل الثقافية تأثيرا كبيرا في تحديد الدور الجنسي فالفروقالقائمة ب الجنس تحددها الثقافة السائدة وذلك عبر السلوك الذييتبناه الأهل نحو أطفالهم من الجنس إذ يتم تعزيز السلوك اناسبللجنس من قبل الأهل.‏ حيث ينتظر من الصبي أن يكون أكثر نشاطا وأكثرقدرة على التنافس وأكثر استقلالية واعتمادا على الذات وتؤثر الثقافةالسائدة في جعل البنت على درجة أقل من الرجل في الصفات السابقةوتعزز لديها الهدوء والرقة والحنان وسلوك الطاعة والانصياع وتحضيرهاللعمل انزلي.‏ويرى أصحاب نظرية التحليل النفسي أن الأب يأخذ أهمية خاصة فيالتمايز الجنسي عند الأطفال وفي ظهور اشكلة الأوديبية ويلح أنصارهذه النظرية على أهمية دور الأم حيث يقتصر دور الأب على التأثير غيراباشر وذلك من خلال علاقته بالأم ودعمه لها إذ تكون معنية بصورةدائمة وعميقة في تطور <strong>الطفل</strong>.‏ إلا أن هذه النظرية كانت موضعا للانتقادفي السنوات الأخيرة حيث بدأ الاهتمام بدور الأب في حياة الأسرة وأثرهفي التطور الانفعالي والعقلي للأطفال.‏ويتفق الباحثون الآن على أن غياب الأب عن انزل يؤثر في سلوك<strong>الطفل</strong> وخصوصا في سلوك الصبي.‏ كما يؤثر الأب تأثيرا هاما في التمايزالجنسي ب البنات والصبيان.‏ويتصرف الأهل بطريقة مختلفة باختلاف جنس <strong>الطفل</strong>.‏ فتختلف العناصرالسلوكية التي يبديها الأب أو الأم نحو <strong>الطفل</strong> إذا كان هذا الأخير ذكرا أمأنثى ويتم تعزيز سلوك الصغار بطريقة مختلفة باختلاف جنسهم.‏ فهذهالفروق السلوكية والفروق في اعاملة تدفع بالجنس إلى توجه نفسي مختلفحيث يشجع الأهل السلوك اناسب للجنس ويتجاهلون السلوك غير اناسبأو يعاقبونه.‏ فالآباء يشجعون البنات على أن تكن جذابات ويتصرفن بشكلحسن كما يقوم الأب بتعزيز سلوك الأنوثة عند البنات.‏ <strong>بين</strong>ما يشجع الصبيانعلى حب الاطلاع وعلى الاعتماد على الذات وإظهار سلوك الرجولة.‏ ويكونسلوك الأب أكثر ليونة تجاه الصبي <strong>بين</strong>ما يضع القيود الكثيرة على البنت(١٩٧٧ Daglish, (Smith and ويتكلم الأب أكثر ويلعب أكثر مع الصبي باقارنة202


١٨ شهرا.‏ ١٩٧٧) Frankel, .(Weinraub andالأمومة في غياب الأممع البنت في عمر الويهتم الأب والأم بتوفير فرص متكافئة أمام أولادهم من صبيان أوبنات.‏ إلا أنهما يزان ب ألعاب الجنس ونشاطاتهما.‏ ويشجع الآباءالبنت على طلب اساعدة <strong>بين</strong>ما يقومون بتأنيب الصبي عند استخدامهلألعاب البنت (١٩٨٢ Guire, .(Mc كما تتأثر مشاركة الأب في العناية ب<strong>الطفل</strong>بجنس هذا <strong>الطفل</strong> إذ يولي الصبيان اهتماما أكثر من البنات.‏إلا أن الثقافة التقليدية بدأت تتراجع أمام التغيير الذي أدى إلى تعديلفي موقف الأهل من التمايز الجنسي واتجاههم نحو التقليل من الفروقب الجنس فتزايد النساء اللواتي يتابعن الدراسة في مختلفالاختصاصات وارسة مهن متعددة وازدياد عدد العاملات خارج انزلفي الوقت الذي يرتفع فيه عدد الرجال اشارك في الأعمال انزلية كلهذا ينعكس على طرق التنشئة إذ يتأثر الأطفال بهذا الاتجاه الذي يقللمن الفروق ب الجنس‏.‏ فالتحول الذي يعيشه اجملتمع العربي الآن هوتحول في صالح اساواة ب الجنس ‏(اسماعيل٢- الأب وفرض النظام:‏تتصف صورة الأب في اجملتمعات العربية بالقمع والتسلط وكأن وظيفتهتقتصر على الردع والتأديب.‏ وتشجع الثقافة السائدة هذا التوجه التسلطيللأب الذي يبالغ في اللجوء إلى العنف والقسوة كي لي إرادته على جميعأفراد الأسرة.‏ وغالبا ما يقوم الأب بالمحافظة على ‏«الانضباط»‏ والنظامداخل الأسرة وينفذ العقوبة ن لا يخضع لإرادته من الأطفال.‏ وكثيرا ماتهدد الأم <strong>الطفل</strong> بعصا الأب الغليظة إلا أن هذه الصيغة تكون فقط للتهديدولضمان طاعة <strong>الطفل</strong> دون أن تؤثر الأم على صورتها كمصدر للعاطفةوالمحبة إذ تترك مسألة فرض ‏«النظام والانضباط»‏ لتحكيم الأب.‏إن مبالغة الأب في استخدام سلطته وتبنيه العنف الجسدي واعنويفي التعامل مع الأطفال ينطوي على أخطار جسيمة.‏ فلقد أشارت دراسةماكوير (١٩٨٢ (Mc Guire إلى أن الكثير من مشكلات انحراف الأحداثوتوجههم نحو الجرة يرتبط بالطريقة التأديبية التي يستخدمها الأهلفتعرض اراهق للقمع والضرب قد يعزز عندهم هذا التوجه.‏ويأخذ دور الأب أهمية خاصة في تطور جنوح الأحداث حيث أشارت.(١٩٨٦203


الأمومةبعض الدراسات إلى أن أبا <strong>الطفل</strong> الجانح يكون متجاهلا وأقل تدخلا فيشؤون طفله باقارنة مع أب <strong>الطفل</strong> العادي.‏ويكون الرجل غالبا معجبا بوالده ومتأثرا بقيمه الأخلاقية وبشجاعته.‏وهذا ما يؤهل الأب وقع اسؤولية ولإشاعة العدالة والحزم في الأسرة.‏ويكتمل دور الأب عندما يتصف بالمحبة والحنان.‏ فهيمنة الأب وقوة شخصيتهارافقة شاعر المحبة والعطف تنمي عند الأطفال الذكور الضوابط الذاتيةالتي تثير حساسيتهم وسخطهم عند تجاوز القواعد الأخلاقية السائدة.‏يكون للأب إذن دور هام في الأسرة وفي التنشئة فهو ارجع الأخيرويجب أن يكون في موقع كنه من مواجهة كل مشكلات الأسرة.‏ وبقدر ماتتسع ثقافته ومعارفه بقدر ما ينعكس ذلك على أطفاله وعلى قدرته فيمساعدتهم تربويا ودراسيا وفي الإجابة على تساؤلاتهم وكينهم من التكيففي عالم متغير.‏ فالأطفال بحاجة إلى التوجيه واساعدة لتذليل اصاعبوحملهم تدريجيا إلى النضج والاستقلال الذاتي.‏ثانيا:‏ التعلق <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأخوة والأخواتكيف كن للتفاعل ب الأخوة والأخوات أن يؤثر في مسار تطور <strong>الطفل</strong>?‏وهل يختلف <strong>الطفل</strong> الوحيد عن طفل ذي أخوة وأخوات?‏ وهل يؤدي هذاالاختلاف إلى علاقة خاصة مع الأهل?‏لقد حاولت بعض الدراسات الغربية الإجابة على الأسئلة السابقة.‏ إلاأن يز الأسرة العربية بتعدد الأطفال باقارنة مع الأسرة الأوربية أوالأمريكية يجب أن يحملنا على الحذر عند الأخذ بنتائج البحوث الغربيةنظرا لخصوصية الأسرة العربية في هذا اجملال.‏يتمتع <strong>الطفل</strong> الأول بعلاقة خاصة مع الأهل ويتحمل مسؤوليات متعددةفي إطار الأسرة ويتأثر ب<strong>العلاقة</strong> مع أخوته الصغار.‏ فاستجابات <strong>الطفل</strong> ؤثراتطفل آخر تختلف اختلافا كبيرا باقارنة مع استجاباته ؤثرات البالغ‏.‏ويتميز التفاعل اتبادل ب الأخوة بخصائصه العاطفية.‏ فإما أن يكونمتسما بحرارة المحبة والعطف ا يشعر الأخوة بالفرح والحبور أثناءالاتصال.‏ وإما أن يشوب هذا الاتصال الخلاف واشاجرة حول الألعابوالأشياء drick,١٩٧٩) .(Dunn and Ken و ترتفع نسبة التفاعل الإيجابي ب204


الأمومة في غياب الأمالأخوة عندما يعبر <strong>الطفل</strong> الكبير عن حسن استضافة أخيه الأصغر ويبديالاهتمام به ويساعده على اكتشاف الأشياء من حوله.‏ وعلى العكس منذلك ترتفع نسبة التفاعل السلبي عندما يبدي الكبير سلوكا عدائيا نحوالأم بعد ولادة أخ أو أخت.‏إن التبادل ب الأخوة والتفاعل الذي كن أن يحصل <strong>بين</strong>هم في أي وقتكونهم يعيشون تحت سقف واحد كن لهذا التفاعل أن يلعب دورا هامافي سياق التطور الاجتماعي للطفل.‏ إلا أن البحوث التي تعتمد على الاحظةاباشرة للسلوك تعتبر نادرة حتى وقتنا الحالي.‏وتعتبر <strong>العلاقة</strong> ب الأخوة والأخوات على درجة كبيرة من الأهمية إذ توفرللصغير الفرصة للتفاعل مع أخ أكبر متمتع بقدرات أكثر تطورا.‏ فالأخ الأكبريقوم بدور اعلم بالنسبة لأخيه الأصغر ويساعده في التكيف وفي تطويرقدراته اخملتلفة.‏ ويقوم الأخ الأكبر بالدور الرئيسي في عملية التفاعل فهوالذي يوجه النشاطات اخملتلفة ويقودها (١٩٨٢ (Brody et.,al ويعلم أخاه الكثيرمن الألعاب واهارات.‏ إلا أن معظم هذه النشاطات تتوقف عند حضور صديقللأخ الأكبر حيث يتركز الاهتمام على هذا القادم الجديد ‏(اصدر السابق).‏وتتغير طبيعة <strong>العلاقة</strong> ب <strong>الطفل</strong> الأكبر وشقيقه الأصغر أو شقيقتهتبعا راحل التطور إذ يتمكن معظم الأطفال ب الثالثة والخامسة منعمرهم من أن يكونوا مصدرا للأمن والطمأنينة بالنسبة للأخ الأصغر (١٠-٢٤) شهرا في حال غياب الأم (,١٩٨٤يلعبوا دورا هاما في إعادة تنظيم التعلق ب الأم و<strong>الطفل</strong> عندما لا يتسمهذا التعلق بالأمن.‏وتجدر الإشارة إلى أهمية تقليد الصغار لأخوتهم الكبار حيث تأخذ هذهالظاهرة أهمية بالغة في سياق تطور الصغير واندماجه في الحياة الاجتماعية.‏إن الظاهرة الأكثر أهمية هي قدرة الأخوة الكبار على العناية بشؤونالأخ الأصغر ورعايته والسهر على متطلباته اخملتلفة كالتغذية والنظافةوالرعاية الطبية..‏ وتوفير الأمن والطمأنينة له.‏ وتعرف هذه الظاهرة علىنطاق واسع في اجملتمعات العربية إذ يقوم الأخوة الكبار بدور هام ويتحملونمسؤوليات كبيرة نحو الأخوة أو الأخوات الأصغر سنا وكثيرا ما يكونالتعلق ب هؤلاء على درجة من القوة بحيث يتشابه والتعلق مع الوالدين.‏.(Stewart and Morvin كما كنهم أن205


الأمومةإن تعميق البحث ودراسة هذه الظاهرة على درجة كبيرة من الأهميةوذلك لتحديد الدور التربوي الذي يقوم به الأخوة الكبار نحو الأخوة الصغارفي الأسرة العربية وتتميز <strong>العلاقة</strong> ب الأخوة الكبار الذين يقتربون منسن البلوغ والأخوة الصغار في طفولتهم ابكرة تتميز بعواطف المحبة والحنووتؤثر بلا شك تأثيرا عميقا في مسار تطور <strong>الطفل</strong>.‏إن دراسة علاقة الأخوة والأخوات في <strong>الطفولة</strong> ابكرة وتأكيد بعضالباحث على الجوانب السلبية في اجملتمعات الغربية يجب ألا يحملنا علىإغفال أهمية هذه <strong>العلاقة</strong> وتأثيرها في تطور <strong>الطفل</strong>.‏وعلى الرغم من الجوانب الإيجابية العديدة لعلاقة <strong>الطفل</strong> بالأخوةوالأخوات يؤكد بعض الباحث على الجوانب السلبية لهذه <strong>العلاقة</strong> كالنزاعوالتنافس والعدوان.‏ ففي رأي فيلسون (١٩٨ (Felson, يتميز التفاعل بالأخوة والأخوات في اجملتمع الأمريكي بارتفاع تكرار العدوان الذي يلإلى الانخفاض مع العمر.‏ وتغلب الغيرة والتنافس على علاقات الأخوةوالأخوات.‏ وتنشأ هذه العدوانية غالبا نتيجة الخلافات الحادة حول الألعابوالأشياء.‏ فالتفاعل السلبي في علاقة الأخوة والأخوات يفوق التفاعل السلبيفي علاقة <strong>الطفل</strong> بالوالدين.‏ وتتأثر علاقة <strong>الطفل</strong> بالأم عند ولادة أخ جديدويلخص هايند (Hinde) ذلك ا يلي:‏كن لولادة طفل جديد أن تؤثر في ادة الزمنية التي تكون فيها الأممستعدة للتفاعل مع <strong>الطفل</strong> الأكبر.‏ إذ تنخفض عادة ادة التي تقضيها الأمفي حالة انتباه ولعب مشترك مع <strong>الطفل</strong> الأكبر.‏تترافق ولادة طفل جديد مع انخفاض في تكرار مبادرة الأم لإقامةالتبادل واللعب اشترك.‏ وكذلك تنخفض في عبارات المحادثة اتبادلة عداتلك اتعلقة بالأمر وانع وكن أن يكون التغير في سلوك الأم نتيجةللتعب الذي يلحق بها بعد الولادة.‏- يتغير سلوك <strong>الطفل</strong> عند ولادة أخ أو أخت حيث يتفاعل مع الأم بطريقةمختلفة فيرتفع تكرار سلوكه السلبي ‏(العدوان البكاء الرفض)‏ ومتطلباتهاخملتلفة ويتزامن ذلك مع ارتفاع في نسبة اشكلات اطروحة اتعلقةبالنوم والتغذية والنظافة.‏- وكن ملاحظة تغير إيجابي في سلوك <strong>الطفل</strong> الأكبر إذ يأخذ206


.(Salk;,الأمومة في غياب الأممسؤوليات أهم من ذي قبل في اتخاذ ابادرة ويبدأ بتناول الطعام فردهويتجه شيئا فشيئا نحو الاستقلالية.‏ وهذه التبدلات تدعو إلى القول بأن<strong>الطفل</strong> الأول-على خلاف <strong>الطفل</strong> الوحيد-يكون صورة عن نفسه متأثرة تأثيرابالغا بهذه التجربة الجديدة.‏ فالتغير في بنية الأسرة يترافق مع تغير فيمحيط <strong>الطفل</strong> الأول حيث يسهم ذلك في تعديل سلوكي لديه.‏ وا لا شكفيه أن علاقة الأم ب<strong>الطفل</strong> تتأثر بولادة أخ أو أخت حيث تتغير العناصرالسلوكية لهذه <strong>العلاقة</strong>.‏ فالأم أثناء تفاعلها مع القادم الجديد تثير غيرة<strong>الطفل</strong> الأكبر ا يدفعه إلى تغيير نشاطه ليلفت انتباه الأم ويثير اهتمامها.‏وهذا ما يفسر ارتفاع تكرار انع الذي تصدره الأم نحوه.‏ ويدرك معظمالأهل اشكلات التي تسببها ولادة طفل جديد عند الولد الأكبر ويتساءلونعن كيفية التصرف إزاء الغيرة والتحاسد ب الأخوة.‏ ولا يتم معالجة الغيرةوالتحاسد عن طريق تحقيق اساواة اطلقة ب الكبار والصغار بل عنطريق الاهتمام الحقيقي بالكبير وإشعاره بأنه محبوب ولازال يتلقى الاهتماموالرعاية بعد ولادة أخ أو أخت وأن المحبة لكل منهما مختلفة بسبب مناختلافهما وهذا ما كن الأم من التعامل مع كل منهما بطريقة مختلفةدون إثارة التحاسد والغيرة.‏ فاهم أن يدرك <strong>الطفل</strong> أن الأم لا تتصرف علىهذا النحو لأنها يز أو تفضل أحدهما على الآخر بل لأن كليهما يختلفعن الآخر ‏(سالك‎١٩٨٧ وتجدر الإشارة إلى أهمية تهيئة <strong>الطفل</strong>الكبير لاستقبال القادم الجديد أثناء فترة الحمل والإجابة بصدق ووضوحعلى الأسئلة اتعلقة بكيفية بداية الحياة وكيفية و الجن وكيفية ولادته‏(اصدر السابق).‏ ولا بد من أن يعرف <strong>الطفل</strong> احتمال غياب الأم عن البيتأثناء الولادة كي يتمكن الطبيب وامرضات من الإشراف على الوليد وتتمكنالأم من الاستراحة بعض الوقت.‏ وعلى الأهل اتباع الصدق والصراحة فيعلاقتهم ب<strong>الطفل</strong> وأن يتفهموا مشاعر الشك واعارضة لديه إزاء القادمالجديد.‏ وتزداد مهمة الأهل صعوبة في إقناع الصغير إذا كان عمره يقل عنثلاث سنوات لصعوبة إدراك اشكلة وتفهمها.‏ وهو بحاجة إلى والديه ولايزال يعتمد اعتمادا كبيرا عليهما.‏ وفي جميع الحالات يجب أن يطمئن <strong>الطفل</strong>على أنه موضع اهتمام وأنه محبوب وأنه جزء مهم من الأسرة التي كبرتبقدوم <strong>الطفل</strong> الجديد.‏207


الأمومةإن يز الأسرة العربية واختلاف بنيتها باقارنة مع الأسرة الغربيةيجعل من افيد إجراء الدراسات اقارنة وتعميق البحث الذي يتناول علاقةالأخوة أو الأخوات:‏ حيث يلاحظ أحيانا قيام الكبار بدور الأهل بالنسبةللصغار عندما تكون الفروق كبيرة في أعمارهم وقد تكون روابط التعلق<strong>بين</strong>هم على درجة من التشابه مع تلك التي تقوم ب <strong>الطفل</strong> وذويه.‏ثالثا:‏ التعلق <strong>بين</strong> <strong>الطفل</strong> والأترابتطور الاتصال <strong>بين</strong> الأترابلقد درج الباحثون على تقسيم حياة <strong>الطفل</strong> إلى مراحل تتسم كل منهاببعض السمات حيث قال العالم الفرنسي هنري فالون مثلا راحل التطورالانفعالي-الاجتماعي عند <strong>الطفل</strong> كما قال بياجيه راحل التطور اعرفي-‏الإدراكي وكذلك فعل فرويد عندما تحدث عن مراحل مختلفة في تطورالليبيدو.‏ وفيما يتعلق بتطور سلوك الاتصال والتفاعل الاجتماعي عند<strong>الطفل</strong> تحدث بعض الباحث عن مراحل مختلفة في تطور قدرات <strong>الطفل</strong>Lucas, (Mueller and ثلاثفي هذا اجملال.‏ فلقد ميز ميلر ولوكاس (١٩٧٥مراحل في تطور سلوك الاتصال عند <strong>الطفل</strong> تحدد قدرته على التفاعل معالآخرين خاصة مع الأتراب.‏تتميز ارحلة الأولى بعدم تناسق سلوك الاتصال عند <strong>الطفل</strong> فهو يقومبإصدارات متقطعة لا رابط منطقي <strong>بين</strong>ها ويطلب استخدام البصر علىأقنية الاتصال الأخرى.‏ ولا يتمكن الأطفال أثناء هذه ارحلة التي تستمرحتى نهاية السنة الأولى من تنسيق سلوك الاتصال فيما <strong>بين</strong>هم لذلكيتعذر اندماج هذه الإصدارات السلوكية في وحدات اتصالية تفاعلية.‏ ويكونسلوك الصغار في هذه ارحلة متركزا حول الأشياء.‏ أما في ارحلة الثانيةفيحل الأقران محل الأشياء حيث ينشط <strong>الطفل</strong> في البحث عن الاحتكاكمع الأقران ويقوم بتوجيه سلوكه نحو الأقران بشكل واضح أثناء عامهالثاني.‏ وهذا ما حمل هذين الباحث على تسمية هذه ارحلة رحلةالتفاعل الاجتماعي الحقيقي وتتميز ارحلة الثالثة بقدرة الأطفال علىالتفاعل اتبادل وتنسيق سلوكهم في عملية تفاعلية متكاملة وتبرز في هذهارحلة الوحدات التفاعلية اعقدة.‏ وفي ملاحظات فينز (١٩٧١ (Vincz,208


الأمومة في غياب الأمالتي أجراها في دار الحضانة والتي تناولت سلوك الأطفال ب الشهرالسادس والشهر السادس عشر من العمر <strong>بين</strong>ت هذه الاحظات أن <strong>الطفل</strong>الاستعداد للتفاعل مع الأقران منذ الشهر السادس.‏ فالاحتكاك ب لكالأطفال يترافق بتوجيه البصر والضحك والابتسام فالصغير يبحث عنقرينه ويتبعه ويلامسه ويتوجه نحوه بالعديد من العناصر السلوكية.‏ ويندرظهور السلوك العدائي عند <strong>الطفل</strong> قبل مرحلة اشي ا حمل هذا الباحثعلى القول بأن اتعة والألفة تغلب على <strong>العلاقة</strong> ابكرة ب <strong>الطفل</strong> وأترابه.‏ولقد تعززت وجهة النظر هذه وتأكدث في بحوث لاحقة (١٩٨٩دراسة <strong>الطفل</strong> خلال عامه الثاني وملاحظة سلوكه بحضور الأم أثناء اجتماعهبطفل لا يعرفه من قبل وذلك أثناء اللعب في قاعة أعدت خصيصا لهذاالغرض تب أن <strong>الطفل</strong> يلتفت قليلا نحو الأم وكأنه لا يأبه كثيرا بحضورها.‏<strong>بين</strong>ما يتركز نشاطه نحو <strong>الطفل</strong> ونحو الأشياء اوجودة في المحيط (١٩٨٠.(Fenson-and-Ramsay,١٩٧٥ Eckerman et al ويتمكن الأطفال في هذه ارحلةمن العمر من دمج الأشياء والألعاب في عملية التفاعل القائمة <strong>بين</strong>هم وفينهاية السنة الثانية من العمر يهيمن اللعب الاجتماعي على نشاط <strong>الطفل</strong>مع الأقران.‏ ويعود تزايد أهمية اللعب الاجتماعي في هذه ارحلة إلى تطورقدرات <strong>الطفل</strong> على التقليد Ramsay,١٩٨٠) (Fenson and حيث يتمكن <strong>الطفل</strong>بواسطة التقليد من إظهار وحدات سلوكية معقدة ومن تطوير التفاعلاتبادل مع الأقران بحيث يصبح أكثر أهمية من ذي قبل.‏لقد تعاقبت-حديثا-البحوث والدراسات التي تتناول علاقة <strong>الطفل</strong> بالأترابوكانت نتائج هذه البحوث-في معظمها-تخلص إلى القول بالدور الإيجابيللأقران في حياة <strong>الطفل</strong> وإلى أهمية التفاعل معهم.‏ وذهب بعضها إلىاعتبار التفاعل مع الأقران ضروريا لتطور <strong>الطفل</strong> تطورا سويا (١٩٧٥إن توفر فرص لقاء الأقران بالنسبة للأطفال الصغار كنهم من إظهارسلوكهم في إطار تفاعلي يؤدي إلى التأثير اتبادل فيما <strong>بين</strong>هم وإلى سرعةتطور السلوك الاجتماعي عندهم.‏.(Kontar, إن.(Hartup,تطور التعلق <strong>بين</strong> الأترابيل الأطفال عادة إلى تفضيل طفل دون غيره عند استقرار العلاقات209


الأمومةضمن مجموعة معينة في دار الحضانة أو الروضة.‏ ف<strong>الطفل</strong> يختار طفلاآخر أو أكثر ليلعب معه ويتفاعل وإياه بشكل متميز.‏وكن ملاحظة هذا ايل إلى إقامة علاقات يزة بالنسبة للطفل منذعامه الثاني (١٩٨٤ .(Espinoza, وتظهر صدقات حقيقية قوية ب طفل فيالرابعة والخامسة من العمر إلا أن ملاحظاتنا الشخصية لسلوك الأطفالفي دور الحضانة تب ظهور هذه الصداقات في مرحلة مبكرة أثناء العامالثالث من العمر.‏وتتميز هذه العلاقات ب الأطفال بالألفة واودة والاستقرار فقد تدومبضعة أشهر أو حتى بضع سنوات.‏ ويصبح من الصعب على <strong>الطفل</strong> أنينفصل عن صديقه وفي حال حدوث ذلك كن ملاحظة بعض الاضطراباتالسلوكية والفيزيولوجية عند <strong>الطفل</strong> مثل خفقان القلب واضطراب النوموالشهية للطعام (١٩٨٥ .(Field, وكن للطفل أن يشعر بالأمن والطمأنينةعند حضور صديق له من أقرانه.‏ إذ يخفف حضور هذا الصديق منمظاهر القلق والضيق عند <strong>الطفل</strong> أثناء تعرضه وقف صعب.‏ ولقد تالإشارة إلى حالات مشابهة من التعلق عند الرئيسات غير البشرية (Primates)إذ يتمكن الصغار من إقامة علاقات قوية مع الأقران تحل محل العلاقاتمع الكبار (١٩٦٩ .(Harlow, ومن الجدير بالذكر أنه قد سبق لفرويد ودانDann, (Freud and ملاحظة علاقات قوية تقوم ب ستة أطفال حرموامن علاقة والديّة مع الكبار حيث أرغمتهم الحرب الكونية الثانية علىالانفصال عن ذويهم والعيش معا في إحدى اؤسسات الخيرية.‏ إن التعلقب هؤلاء الأطفال أصبح على درجة كبيرة من القوة إذ لوحظت اضطراباتعميقة عندهم بعد فصلهم عن بعضهم كما لوحظ تأثرهم العميق الذيثل بطلبهم استمر العودة شاهدة الأقران.‏ ويشبه الباحثون هذه الأعراضبتلك التي كن ملاحظته بعد فصل <strong>الطفل</strong> عن أمه ويرى بعض الباحثأن التعلق ب <strong>الطفل</strong> وأقرانه يصبح الحدث الأكثر أهمية وايزة الأساسية(Kontar ;١٩٨٧,١٩٥١)للطفولة اتوسطة (١٩٧٥ .(Hartup, وفي دراسة لنا (١٩٨٩قمنا لاحظة ثلاث طفلا وطفلة ب عمر الستة عشر شهرا وثلاثشهرا وذلك في دار الحضانة أثناء النشاط اشترك مع الأتراب.‏ وتنفيذ الاحظة ادعمة بالوسائل لتسجيل الصورة والصوت عدل مرة أو210


الأمومة في غياب الأممرت في الشهر لكل طفل.‏ وقد أمكن ملاحظة ثمانية عشر طفلا من هؤلاءفي الوسط العائلي بحضور الأم.‏ وهذا ما جعل اقارنة ب نظام سلوكي‏(ب <strong>الطفل</strong> والأم وب <strong>الطفل</strong> والأتراب)‏ كنة لقد أكدت هذه الدراسةأهمية الاستقرار بالنسبة للطفل في زمرة ثابتة من الأتراب كما أشارت إلىتطور هام في سلوك <strong>الطفل</strong> بعد بلوغه السنة الثانية من العمر حيث يتمكنمن الدخول في تفاعل متبادل يتطلب تنسيقا معقدا <strong>بين</strong>ه وب الآخرين.‏ويتميز <strong>الطفل</strong> في هذه ارحلة بتطور قدرته على الاتصال التعددي أيالتفاعل مع عدة أتراب في الوقت نفسه حيث يندمج سلوكه مع سلوكالآخرين في وحدة متكاملة ومعقدة.‏ ويتطلب هذا النوع من الاتصال تنسيقاعاليا وتزامنا ب مختلف الأفعال السلوكية لعدة أطفال في الوقت نفسهقنطار‎١٩٨٩‏).‏ Kontar et Soussegnan ١٩٨٧,)ولقد <strong>بين</strong>ت اقارنة ب نظامي السلوك السابق‏:‏ <strong>الطفل</strong> وأترابه و<strong>الطفل</strong>وأمه ما يلي:‏١- يكون السلوك الودي للطفل تجاه الأم أكثر تكرارا منه تجاه الأترابباستثناء سلوكي التقليد والابتسام.‏٢- يوجد علاقة ترابط ب بعض جوانب السلوك الودي للأم نحو <strong>الطفل</strong>وللطفل نحو الأقران.‏٣- يتصف <strong>الطفل</strong> الذي يعبر غالبا بسلوك عدائي تجاه أمه بقلة اشاركةفي علاقات تبادلية غير عدائية مع أترابه.‏وبالرغم من أن نتائج هذه الدراسة توضح الترابط ب بعض جوانبالسلوك اتبادل ب الأم و<strong>الطفل</strong> من جهة وب <strong>الطفل</strong> وأترابه من جهةثانية إلا أنه يلاحظ غياب الترابط بالنسبة لغالبية الجوانب السلوكيةاقارنة في الحالت‏.‏توضح هذه الدراسة أن نظام الاتصال ب <strong>الطفل</strong> وأترابه يتمتع بدرجةكبيرة من الاستقلالية في ضوابطه ووظائفه.‏ فهو ليس نظاما مشتقا مننظام التواصل ب <strong>الطفل</strong> والأم كما يزعم أصحاب نظرية التحليل النفسيأو أنصار نظرية التعلق فالتأثير اتبادل ب النظام ليس عملية آلية بلعلى درجة عالية من ارونة والدينامية.‏ وتؤكد هذه الدراسة أهمية الأقرانفي حياة <strong>الطفل</strong> وفي و سلوك الاتصال الذي كنه من إقامة علاقات211


الأمومةالألفة معهم.‏ فالتجربة ابكرة مع الأتراب خارج الوسط العائلي كن أنتؤثر تأثيرا مهما في و <strong>الطفل</strong> وتطوره وأن تحقق للطفل فرصة ملائمة<strong>لتنمية</strong> بعض الجوانب السلوكية لديه.‏ ف<strong>الطفل</strong> في علاقاته مع الأترابيتعرض ؤثرات مختلفة ولتجارب متميزة يتعذر توفرها مع الكبار.‏212


خاةخاةلقد أردنا أن تكون هذه الدراسة مقدمةلدراسات أخرى تتناول موضوع الأمومة و<strong>الطفولة</strong>بالبحث اعمق وبالحوار افتوح لذا يتعذر علينااختتامها.‏ فليس القصد من هذه الدراسة إعطاءالأمهات جرعة جاهزة لتأهيلهن للتعامل مع اولودالجديد وإا كانت محاولة لتفهم سياق <strong>العلاقة</strong>ب <strong>الطفل</strong> والأم والتنبه لأهميتها والتعلم منها.‏إن موضوع الأمومة على درجة بالغة منالخطورة لأنه يتعلق بالقدرة على إعداد <strong>الطفولة</strong>الأولى ركيزة كل عمل تربوي ويتعلق أيضا بالكفاءةفي تنظيم مستقبل الأجيال القادمة.‏ ويشكل تحديدخصائص سلوك الأمومة خطوة أولية وضروريةلتفهم تطور <strong>الطفل</strong> ولتفهم مختلف العوامل اؤثرةفي تكون شخصيته.‏ وفي ذلك فائدة خاصة ليسفقط للأطفال والأهل وإا أيضا لجميع اهتمسائل التربية وعلم النفس.‏ فما أروع قول الشاعرالعربي:‏الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراقلقد سبق أن أشرنا في أكثر من مكان إلى أهميةدراسة الأمومة في اجملتمعات العربية وإلى أهميةتعميق البحث في هذا ايدان وها نحن نرى قيامباحث إسرائيلي بدراسة العناية باولود الجديدعند قبائل البدو في صحراء النقب (١) ..!!! فماذايريد الصهاينة من هذه الدراسة?‏ إنهم ولا شكيرمون إلى أهداف عدة منها:‏213


الأمومة١- تأكيد الغياب العربي عن ميدان البحث العلمي.‏ فالإسرائيلي‏«اتحضر»‏ يقوم بدراسة السلوك والعادات عند هؤلاء البدو اما كما يفعلالأوربيون والأمريكيون عندما يدرسون الهنود الحمر والقبائل ‏«البدائية»‏في القارة الأفريقية أو في جزر المحيط الهادي.‏٢- تأكيد مقولتهم الدعائية في اعتبار كل العرب قبائل بدوية راحلة;‏فالوجود العربي لا يتخطى حدود الصحراء.‏إننا نرى من واجبنا أن نختتم هذه الدراسة بتوجيه نداء إلى أولي الأمرفي مجتمعاتنا بوضع الوسائل الكفيلة في متناول الباحث العرب كي يتمكنوامن القيام بعملهم وأن لا يتركوا للأعداء أن يزوروا تقاليدنا وتراثنا كمازوروا التاريخ والجغرافية.‏214


اراجعالمراجعأ-المراجع العربيةإبراهيم سعد الدين (١٩٨٥) الأسرة واجملتمع والإبداع في الوطن العربي استقبل العربي.٨٦ -٦٢ (٧)إسماعيل محمد عماد الدين (١٩٨٦) الأطفال مرآة اجملتمع.‏ ‏«سلسلة عالم اعرفة»‏ اجمللسالوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت ‏(العددالتنير علي (١٩٨٣) الرضاعة الطبيعية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.‏الريحاني سليمان (١٩٨٥) أثر ط التنشئة الأسرية في الشعور بالأمن دراسات العلوم.(٩٩التربوية (١١) -١٩٩ .٢١٩سالك لي ‏(ترجمة فاخر عاقل)‏ (١٩٨٧) التهيؤ للوالدية دمشق:‏ دار طلاس.‏عثمان سنية النقاش (١٩٧٤) دليل ارأة العربية بيروت:‏ دار العلم للملاي‏.‏عزام إدريس (١٩٨٥) أثر الحراك الاجتماعي الصاعد على العلاقات القرابية ب الأسرةالزواجية وأسرة التوجيه.‏ دراسات (١١)قنطار فايز (١٩٨٩) دراسة متلازمة لنظامي الاتصال عند <strong>الطفل</strong> قبل الثالثة من العمر:‏الاتصال ب <strong>الطفل</strong> والأم وب <strong>الطفل</strong> والأتراب مجلة العلوم الاجتماعية (٢).٣١٣References-٣١١.٢٤٣-٢٢١ب ‏-المراجع الأجنبيةAinsworth M., ١٩٦٧. Infancy in Uganda, Baltimore: John Hopkim. University Press.Ainsworth M., Bell S. and Stayton D., ١٩٧١. Individual differences in strange situation behaviourof one-year-olds. In H.R. Schaf fer (Ed.), The Origins of human social relations, New York: Academic,١٩٧١.Anderson B.J., Vietzer P.M. and Dobeck P.R., ١٩٧٨,. Interpersonal Distance and vocal behavior inthe mother infant dyad. Infant Behavior and Development. ١, ٣٨١- ٣٩١.Barrera M.E. and Maurer D., ١٩٨١, Infant perception of natural and. distorted arrangement of aschematic face, Child Development, ٥٢٬١٩٦ -٢٠٢.Bateson P.G., ١٩٦٦, The characteristics and context of imprinting, BioL Rev.,٤١١٧٧ -٢٢٠.Beckman P.J.,١٩٨٤, A transactional view of stress in families of, handicapped children,. In LewisM. (Ed), Beyond the dyad. New York; Plenum Press.Bell, S.M., ١٩٧٠, The development of the concept of object as related to infant-mother attachment,Child Development,٤١,٢٩١-٣١١.Belsky J.,١٩٨٠, child maltreatment: an ecological integration. American Psychologist,١٥٬٣٢٠-215


الأمومة٣٣٥.Belsky J., and Most R. K., ١٩٨١; From exploration to play: a cross. sectional study of infant freeplay behavior. Dev. Psychology ٥ ٦٣٠-٦٣٩.Belsky J. and Rovine M.,١٩٨٨, Nonmaternal care in the first year of,. life and the security of infantparentattachment, Child Dev. ٥٩ ,١٥٧-١٦٧.Belsky J. and Steinberg L. D., ١٩٧٨, The effects of day-care: a critical review. Child Dev,٤٩٬٩٢٩-٩٤٩.Belsky J., Robins E. and Gamble W., ١٩٨٤, The determinants of pa rental competence, In Lewis M.(Ed), Beyond the dyad, New. York: Plenum Press.Bloom K. and Esposito A., ١٩٧٥, Social conditioning and its proper. control procedures., Journalof Experimental Child Psychology,١٩٬٢٠٩-٢٢٢.Bowlby J., ١٩٦٩, L‘attachment, 1, Paris: PUF,Bowlby J., ١٩٧٣, La separation,٢, Paris: PUF.Bolwing N.,١٩٦٣, Bringing up a young monkey, Behaviour.٢١٫٣٠٠-٣٣٠.Brazelton TB., ١٩٨١, Ecoutez votre enfant, Paris; Payot.Brody G.H., Stoneman Z. and MacKinnon C.E., ١٩٨٢, Role asym metries in interactions amongschool-aged children, their younger siblings and their friends, Child Development,٥٣١٣٦٤ -١٣٧٠٫Bruner J.S., ١٩٧٧, Early social interaction and language acquisition in. H.R. Schaffer (Ed.): Studyin mother-infant interaction. London; Academic Press.Campan R., ١٩٨٠, L‘animal et son anivers, Toulouse: Privat.Carballo M, 1980, Situation actuélle dans le monde (etude de l,O MS) in Herbinet E (Ed.): Damouret de Iait, Paris: Stock.Care K.D. and Capelli M.D.,١٩٨١, Mother reactions to their newborn: infants, J. of AmericanAcademy of Child Psychiatry.٢٠٬١٦-٣١٫Carlsson, S.G. Fagerberg H. Horenman G., Hwang CP., Larsson K Rodholm, M.G. and Schaller,J., ١٩٧٨, Effects of amount of. contact between mother and child on the mother behavior. DevelopmentalPsychobio,١١٬١٤٣-١٥٠.Carlsson, S.G., Fagerberg H. Horeman G., Hwang C.P., Larsson K., Rodholm M., and Schaller J.,١٩٧٩, Effects of various amounts of. contact between mother and child on the nursing behavior. Infantbehavior and development,٢٬٢٠٩-٢١٤.Collis G.M., ١٩٧٩, Describing the structure of social interaction, In Bullowa M (Ed.): Before Speech,London: Cambridge University Press, pp.١١١-١٣٠.Collis G.M.,١٩٨٢, Beyond dyadic interaction, Bullein of the British, Psychological Society, ٣٥,A٨٢.Condon W.S.. ١٩٧٩, Neonatal entrainment and enculturation, In BulIowa M.(Ed).: Before Speech,the beginning of inter personal communication, London: Cambridge University Press. pp. ١٣١-١٤٨.Dawkins R., ١٩٧٦, The selfish gene. Oxford: Oxford University. Press.216


اراجعDennis W., ١٩٧٣, Children of the Creche. New York: Appleton Century CroftsDunn J.B. and Richard M.P.M., ١٩٧٧, Observations on the developing relationship between motherand baby in the neonatal period In. Schaffer H.R. (Ed.) Studies in Mother infant interaction. London:Academic Press.Dunn and Kendrick C., ١٩٧٩, Interaction between young siblings in the contexi of the familyrelationships. ln Lewis M. and Ro. senblum (Eds). The child and its family. New York: Plenum.١٤٣-١٦٨. pp.Easterbrooks, M.A., and Lamb M.E., ١٩٧٩, The relationship between quality of infant-motherattachment and infant competence in initial encounters with peers. Child Development.٥٠٫٣٨٠ -٣٨٧.Eckerman C., Whatley J., and Kutz S.L., ١٩٧٥, Growth of social play with peers during the secondyear of life. Developmental Psychology١٬٤٢-٤٩.Eibl-Eibesfeldt I., ١٩٨٣, Patterns of parent-child interaction in a cross cultural perspective. InOliverio A. and Zappella M. (Eds): The. behavior of human infants, P.P.C.Elmer E. and Gregg G.S., ١٩٦٧, Developmental characteristics of abused children,Pediatrics,٤٠٬٥٩٦-٦٠٢Espinoza O., ١٩٨٤, Les relation sociales entre pairs a la creche, re-Ed¡ciprocite, stabilite, relationspreferentielles, Psychologie ducation,٣٬٥٧-٧٨.Felson B.R., ١٩٨٣, Agression and violence between siblings. Social Psychology Quarterly,٤٦٬٢٧١-٢٨٥.Fenson L. and Ramsey D.S., 1980, Decentration and integration of the-childs play in the secondyear. Child Development. ٥١٬١٧١-١٧٨.Field T., ١٩٧٧, Effects of early separation, interactive dificits and ex perimental manipulation oninfant-mother face-to-face interact Child Development, ٤٨٬٧٦٣-٧٧١.Field T, ١٩٨٥, Attachment as Psychobiological attunement: being on. the same wavelength. InReite M. and Field T. (Eds): the psychobiology of attachment and separation. New York: AcademicPress, pp.,٤١٥-٤٥٤.Fogel A., ١٩٧٧, Temporal organization in mother-infant face to face interaction, In Schaffer H.R.(Ed.): Studies in mother-infant. interaction, London: Academic Press.Fox R., ١٩٦٧, Kinship and marriage, Harmondsworth Penguin Books.Fraiberg S.H., ١٩٧٧, Insights from the blind, New York: Basic. Books.Freedle R. and Lewis M., ١٩٧٧, Prelinguistic conversation. In Lewis M. and Rosenblum L.A.(EDS): Interaction conversation and the development of language. New York: Wiley.Freud A. and Dann S., ١٩٥١, An experiment in group upbringing. Psy- choanalytic Study Child,٦٬١٢٧-١٦٨.Golden M. and Birns B., ١٩٧٦, Social class and infant intelleigence. In, Lewis M. (Ed.), Origins ofintelligence. New York: Plenum.217


الأمومةGoldfoot D.A., ١٩٧٧, Rearing conditions which support or inhibit later sexual potential of laboratoryborn rhesus monkeys: Hypotheses and diagonistic behaviors, Animal Science, ٢٧٬٥٤٨-٥٥٦.Goodall J., ١٩٦٥, Chimpanzees of the gombe Stream Reserve. In De Vore I, (Ed.) Primate behavior,New York: Holt, Rinehart and. Winston.Harding C.G. and Golinkoff R.M., ١٩٧٩, Social game in infancy. In Sutton Smith B.. (Ed), Playand learning. New York: Gardner. Press.Harlow H.F., ١٩٦١, The development of affectional patterns in infant. monkeys. In Foss B. M.(Ed.). Determinants of infant be. havior Vol. ١, London: Methuen; New York; Wiley.Harlow H.F., and Harlow M.K., ١٩٦٥, The affectional systems, In-Schrier Harlow H.F. and StollnitzF (Eds): Behavior of non. human primates. New York and London: Academic Press.Harlow H.F., ١٩٦٩, Age mate or peer affectional system. In Lehrman D.S, Hinde R.A. and Shaw(Eds). Advances in the study of. behavior, vol. ٢, New York: Academic Press.Harlow H.F. and Mears C., ١٩٧٩, The human model: Primate per. spectives. Washington DCWinston.Hartup W.W, ١٩٧٥, The origin of friendships, In Lewis M. and Ro: senblum L.A. (Eds) Friendshipand peer relations, London Wilye pp. ١١-٢٦.Heinicke C. and Westheimer, ١٩٦٦, ١, Brief Separations. New York. International UniversitiesPress.Herbinet E., (Ed.)١٩٨٠, Damour et de Iait, Paris: Stock.Jones O. H.M., ١٩٧٧, Mother-child communication with pre-linguistic. (. Downs Syndrome andnormal infant, In Schaffer H.R.(Ed.) studies in mother-infant interaction, London: Academic. Press.Josse D. & Robin M., ١٩٨١, Quest ce que tu dis a maman? ou le lan, guage des parents adresse alenfant de la naissance a ١٠ mois Enfance,٣٬١٠٩-١٣٢.Julien F., ١٩٨٠, Pourquoi les femmes n‘ont-elles plus de lait? In Her. binet (Ed.), Damour et de Iait,Paris: Stock.Kagan J. and Tulkin S., ١٩٧١, Social class differences in child rearing. during the first year. InSchaffer H.R. (Ed.) The origins of hu. man Social relations. London: Academic Press.Kaye K., ١٩٧٧, toward the origin of dialogue. In Schaffer H.R. (Ed) Studies, in Mother infantinteraction. London: Academic. Press.Kennell J.H., Chesler D., Wolfe H., and Klaus M.H., ١٩٧٣, Nesting in the human mother aftermother-infant separation. Pediatric Research, ٧-٢٦٩.Kierchshofer R., ١٩٧٩, Gorillazucht in zoologischen garten und forsh nungsstationen. Zoologischegarten, ٣٨٬٧٣-٩٦.Klaus M.H. and Kennell J.H., Plumb N. and Zuehlke S.١٩٧٠ Human. Maternal behavior at the firstcontact with her young. Pediatrics, ٤٦٬١٧٨-١٩٢.Klaus M.H. and Kennell J.H., ١٩٧٦; Maternal-Infant bonding. St. Louis: Mosby.Kling A., ١٩٧٢, Effects of amygdalectomy on social affective be havior in nonhuman primates. In218


اراجعEleftheriou B.E. (Ed.), The Neurobiology of the amygdale. New York:L Planum. pp, ٥١٥-٥٣٦.- Klopfer P.H., ١٩٧١, Mother love: what turns it on, American Scientist ٥٩٬٤٠٤-٤٠٧.Kontar F., ١٩٨١, Approche du comportement alimentaire et des These+ comportements decommunication du jeune enfant, de doctorat en Neurobiologie et biologie du comportement. Universitede Besancon.Kontar F., ١٩٨٦, Study of communication behaviour in children; peer. and and mother-toddlerinteraction. Clearinghouse on Elementary and Early Childhood Education, Microfilm ED ٢٧٥- ٤١٨.Kontar F., ١٩٨٧, Etude concomitante de Deux systémes de corn munication du jeune enfant: lesysteme mere-enfant et le systéme enfant-enfant. Doctorat és Sciences Naturelles, Uni.. versite deBesancon.Kontar F., ١٩٨٩, Cocomitant study of two communication systems. in toddler mother-toddler andtoddler-toddler systems-paper presented at the Tenth Biennial Meetings of the Inter National Societyfor the Study of Behavioural Development. ISSBD(, Finland: Jyvaskyla ٩-١٣ July)Kontar F. et Soussignan R., ١٩٨٧, Les systémes dinteraction du jeune. enfant avec ses pairs: leséchanges dyadiques et polyadiques Biology of Behaviour,١٢٬٤٥-٥٩.Lacoste-duJardin, ١٩٨٥, Des mere contre les femmes, Paris: La de couverte.Lamb M.E., Chase-Lansdale L. and Tresch Owen M., ١٩٧٩, The changing American family and itsimplications for infant social development: the Sample Case of Maternal Employment, In. Lewis M.& Rosenblum L. (Ed.), The child and its family New York and London: Plenum Press PP.٢٦٧-٢٩١.Leifer A.D., Leiderman P.H., Barnett C.R. and Williams J.A., ١٩٧٢.effects of mother-infant separation on maternal attachment behavior, Child Development, ٤٣٬١٢٠٣-١٢١٨.Lewis M., & Rosenhlum L., ١٩٧٩, The child and its family, Ne.. York and London: Plenum Press.Lewis C., Newson E. and Newson J., ١٩٨٢, Father participation through childhood and its relationshipwith career aspiratiom: and delinquency, In Beail N. & McGuire J. (Eds), Fathers Psychologicalperspectives, London: Junction Books. pp.١٧٤ -١٩٣.Lorenz K., ١٩٣٥, Der Kumpan in der Umwelt des Vogels. Journal of Ornithologe ٨٣٬١٣٧-٢١٢.Macfarlane A.J., ١٩٧٥, Olfaction in the development of social preferences in the human neonate.Ciba Found. Symp.,٣٣٬١٠٣-١١٧.McCord J. McCord W. and Thurber E., 1962, Some effects of paternal absence on male children.Journal of abnormal and social psychology, ٦٤٬٣٦١-٣٦٩.McGuire J., ١٩٨٢, Gender specific differences in early childhood: the, impact of the father, In BeailN. & McGuire J. (Eds), Fathers. London: Junction Books.Mead M. & Hayman K., ١٩٦٥, The family. London: Macmillan.Meltzoff A.N. & Moore M.H., ١٩٧٧, Imitation of facial and manual gestures by human neonates.Science, ١٩٨٬٧٥-٧٨.Mueller E. & Lucas I., ١٩٧٥, A developmental analysis of peer inters action among playgroup219


الأمومةtoddlers, In Lewis M. & Rosenbluni-L. A. (Eds): Friendship and peer relations. New York: Wiley. pp.٢٢٣-٢٥٧.Murphy C.M. & Messer D.J. ١٩٧٧, Mothers infants and pointing; a. study of gesture. In SchafferH.R. (Ed.): Studies in mother infant interaction New York and London: Academic Press. pp. ٣٢٥-٣٥٤.- Myers H.J., ١٩٨٤, Mother-Infant bonding: the status of this critical period Hypothesis.Developmental Review,٤٬ ٢٤٠-٢٧٤.Nadel J., 1986, Imitation et communication entre jeunes enfants. Paris: PUFNadler R.D., ١٩٨٤, Biological contributions to the maternal behavior of the great apes. In Lewis M.(Ed.): Beyond the dyad, New York and London, Plenum Press. pp.١٠٩-١٢٨.Newson J., ١٩٧٩, The growth of shared understanding between infant and caregiver In Bullowa M.(Ed.): Before Speech, London Cambridge University Press. pp. ٢٠٧-٢٢٢.Odent M., ١٩٨٠, La premiiere tetee, In Herbinet E., Damour et de. Iait, Paris: Stock.Papousek H. and Papousek M., ١٩٧٧, Mothering and the cognitive er H. R head start: Psychobiologicalconsiderations, In Schaf-(Ed.), Studies in mother-infant interaction. New York: AcademicPress.Parmelee A.H. Wenner W.H. and Schultz H.R., ١٩٦٤, Infant sleep pat. terns from birth to sixteenweeks of age. Journal of Pediatrics, ٦٥٬ ٥٧٦-٥٨٢.Pastor D.L.,١٩٨١,The quality of mother-infant attachment and its re. lationship to toddlers initialsociability with peer. Development Psychology.١٧, ٣٢٦-٣٣٥.Pederson F., ١٩٨٢, Mother, father and infant as an interactive system. In Belsky J., (Ed.), In thebeginning: readings on infancy New York: Columbia University Press., ٣, pp. ٣٢٦-٣٣٥.Pederson F.,Yarrow L.J., Anderson B.J.and Cain R.L.١٩٧٩Con ceptualization of father influencesin the infancy period. In Lewis M. & Rosenblum L. (Eds),: The child and its family New York:Plenum Press. pp. ٤٥-٦٦.Plooij F., ١٩٧٩, How wild chimpanzee babies trigger the onset of mother-infant play and what themother makes of it, In Bullova M. (Ed).: Before Speech, London: Cambridge University Press. pp.٢٢٣-٢٤٣.Poindrou, P. & Neindre P., ١٩٨٠, Endocrine and sensory regulation of..Maternal behavior in theewe. In Rosenbiaty J.S., Hinde R.A-n the study of be Beer C. and Busnel M-C (Eds): Advance. haviorVol II. New York: Academic Press.Pomerleau A. & Malcuit G.,١٩٨٣, Lenfant et son. environnement, Bruxelles: Mardaga.Ramey U. and Smith B., ١٩٧٦, Assessing the intellectual con sequences of early intervention withhigh risk infants. American Journal of Mental deficiency, ٨١٬٣١٨ -٣٢٤.Reite M. & Field T. (Eds), ١٩٨٥, The psychobiology of attachment. and separation, AcademicPress.Rheingold H., Gewirtz J0L. and Ross, H.W., ١٩٥٩, Social condi tioning of vocalizations in the220


اراجعinfant. Journal of comparative and Physiological Psychology, ٥٢٬٦٨ -٧٣.- Ricks D., ١٩٧٩, Making sense of experience to make sensible sounds In Bullowa M. (Ed.): BeforeSpeech, The beginning of inter personal communication, London: Cambridge University Press. pp.٢٤٥ -٢٨٨.Rogers C. & Devenport R. K., ١٩٧٠, Chimpanzee maternal behavior, In Burne G.H. (Ed.) TheChimpanzee, Basel: Karger.Rubensten J.L. Hawes C. and Pederson F.A., ١٩٨٢, Second order ef fects of peers on mother-toddlerinteraction. Infant Behavior and Development,5, 185-194.Russell M.J.,١٩٧٦, Human olfactory communication, Nature, ٢٦٠٬٥٢٠- ٥٢٢.Rutter M. & Madge N., ١٩٧٦, Cycles of disadvantage, London. Heinemann.Sade D.S., ١٩٦٥, Some aspects of parent-offspring and sibling re-lations a group of rhesus monkeys,with discussion of grooming American Journal of Physical Anthropology, ٢٣٬١-١٨.Schaffer H.R., ١٩٧٧, Mothering, London: Open Books/Fontana, Harvard University Press.(Traductionfrancaise: Le comportement maternel Bruxelles: Mardaga,١٩٨١.).Schaffer H.R., ١٩٨٤, The Child’s entry into a social world, London: Academic Press.Schaffer H.R. & Emerson P.E. ١٩٦٤, The development of social attachments in infancy, Monographsof social research in child development, ٢٩, Serial n ٩٤.Schaal B., Montagnor, H., Hertling E., Bolzoni D., Boyese A. and Quichon R., ١٩٨٠, Les stimulationolfactives dans les relation entre lenfant et la mere, Reprod. Nutr. Develop.,٢٠:٨٤٣-٨٥٨ L.Schaal B., ١٩٨٤, Ontogénese des communications olfactives entre la mere et le nouveau-nee,Approche par lEthologie experimentale, Doctora Dessertation, Universite de Franche, Comte, Besancon.Schaal B., ١٩٨٨, Review: Olfaction in infants and children: developmental and functionalperspectives, Chemical Senses, Vol.١٣, n٢, pp.١٤٥-١٩٠.Schaal B., & Kontar F., ١٩٨٦, The development of the mothers abil-ity to identify her infants odour:effects of individual and ex-periential variables. ٣rd World Congress of Infant Psy. chiatry and AlliedDisciplines-Sweden: Stockholm.Sears R., Maccoby E., and Levin H., ١٩٥٧, Pattern of chiId rearing. Evanston, III: Row Peterson.Shipley W.U., ١٩٦٣, The demonstration in the domestic guinea pig of. a process resembling classicalimprinting. Animal Behaviour, ١١٤٧٠-٤٧٤٫- Slater A., Morison V. & Rose D., ١٩٨٢, Visual memory at birth, British Journal ofPsychology,٧٣٬٥١٩-٥٢٥.Sluckin W., Herbert M. & Sluckin A., ١٩٨٣, Maternal bonding, Oxford: Blackwell.- Sluckin W. & Herbert M., ١٩٨٦, Parental behaviour, Oxford: Blackwell.. Sluckin W., ١٩٨٦, Human mother to infant bonds, In Sluckin W.& Herbert M (Eds). Oxford:Blackwell, pp.٢٠٨-٢٢٧.Smith PK and Daglish L., ١٩٧٧, sex differences in parent and infant behaviour in the home, ChildDevelopment, ٤٨٬١٢٥٠-١٢٥٤.221


الأمومةSnow C;E., ١٩٧٢, Mothers speech to children learning language Child Development, ٤٣٬٥٤٩-٥٥٥.Snow C., De Blauw A. & Van Roosmalen G., ١٩٧٩, Talking and play-ing with babies: the role ofideologies of child-rearing, In Bul lowa M. (Ed.): Before speech, London: Cambridge UniversityPress,pp. ٢٩٦-٢٨٨.Stern D., ١٩٧٤, Mother and infant at play, In Lewis M. and Ro senblum L. (Eds); The origins ofbehaviour, Vol. I, New York: Wiley pp. ١٨٧-٢١٣.Stern D., ١٩٧٧, The first relationship: Infant and mother, London. Fontana/Open Books.Stern D., Beebe B., Jaffe J. & Bennett S.L. ١٩٧٧, The infant‘s stim-ulus world during socialinteraction: a study of caregiver be haviours with particular reference to repetition and timing. InSchaffer R.H.: Studies in mother-infant interaction, Lon. don: Academic Press.Stewart RB. & Marvin R.S., ١٩٨٤, Sibling relations: the role of con-ceptual perspective-taking inthe ontogeny of sibling caregiving, child Development, ٥٥٬ ١٣٢٢-١٣٣٢.Suomi S.J. & Harlow H.F., ١٩٧٧, production and alleviation of de-pressive behavior in rhesusmonkeys. In Maser J.D. & Sellig man MEP (Eds): Psychopathology: experimental model San Francisco:Freeman, pp. ١٣١-١٧٣.Thirion, M.Th., ١٩٨٠, Allaiter simplement en ١٩٨٠ .. Cest Possible In Herbinet E. (Ed.): Damour etde Iait,. Paris: Stock, pp. ١٣٣-١٥٩.Thompson R.A. & Lamb M., ١٩٨٤, Infants, mothers, families and strangers In Lewis M. (Ed.):Beyond the dyad, New York and London: Plenum Press. pp. ١٩٥-٢٢١.Tobias P.V., ١٩٦٥, Early man in East Africa, Science, ١٤٩, n. ٣٦٤٩٬ ٢٢-٣٣.Trevarthen C.,١٩٧٤, The Psychobiology of speech development, In-Lenneberg E.H. (Ed.): Languageand Brain, Developmental aspects Neurosciences, Research Program Bulletin,١٢٬٥٧٠ -٥٨٥.Trevarthen C., ١٩٧٧, Descriptive analyses of infant communicative-behaviour, In Schaffer H.R.,Studies in mother-infant interaction, London, New York: Academic Press, pp. ٢٢٧-٢٧٠.Trevarthen C., ١٩٧٩, Communication and cooperation in early in. fancy: a description of primaryintersubjectivity. In Bullowa M (Ed.): Before Speech, Cambridge: Cambridge University Press,pp.٣٢١-٣٤٧.Vandell D.L., ١٩٧٩, Effects of a playgroup experience on mother son. ٤, and father-son interaction.Developmental Psychology.٣٧٩ -٣٨٥.Vaughn B., Egeland B., Sroufe L.A. and Waters E. ١٩٧٢ individual differences in infant-motherattachment at twelve and eighteen months: stability and change in families under stress. ChildDevelopment, ٥٠٬٩٧١-٩٧٥.Vincze M. ١٩٧١, The social contacts of infant and young children rearing together. Early ChildDevelopment and Care,١٬٩٩ -١٠٩Wadsworth J., Taylor B., Osborn A., and Butler N., ١٩٨٤, leenage mothering child development atfive years. Journal of Child Psychology and Psychiatry,٢٥٬٣٠٥-٣١٣.222


اراجعWallerstein J.S. & Kelly J.B., ١٩٨٠, Surviving the breakup: How Children Actually Cope withdivorce, New York,: Basic Book.Waters E. ١٩٧٨, The reliability and stability of individual differences in infant-mother attachment.Child Development .,٤٩٬٤٨٣- ٤٩٤.Waters E., Wippman, J. and Sroufe L.A., ١٩٧٩, Attachment, positive-effect and competence in thepeer group: two studies in construct validation ChiId Development, ٥٠٬٨٢١-٨٢٩.Watson J.B., ١٩٢٥, Behaviorism, New York: Peoples Publishing. Company.Weinraub M. Brooks J. and Lewis M., ١٩٧٧, The social network: a reconsideration of the conceptof attachment. Human Development, ٢٠٬٣١- ٤٧.Weinraub M. and Frankel J.,١٩٧٧, Sex differences in parent-infant interaction during free play,separation and departure. Child Development, ٤٨٬١٢٤٠-١٢٤٩.White D.G. & Woollet E. A., ١٩٨١, The family at birth, paper pre sented to the British PsychologicalSociety, London: December.Whiten A., ١٩٧٧, Assessing the effects of prenatal events on the mother-infant relationship, InSchaffer H.R. (ED.): Studies in mother-infant interaction; London: Academic Press. pp. ٤٠٣- ٤٤٥.Wigeers M., Riksenwalteraven J.M.A. and Van Lieshoub C; FL M. ١٩٨٥, Early caregiver infantinteraction and children‘s expression of emotion. Eight Biennal meetings of the ISSBD.. France:Tours.Wilson E.O., ١٩٧٥, Sociobiology, the new synthesis. Cambridge. Mass, the Belkmap press.Yarrow M.R. & Scott P.M., ١٩٧٢, Imitation of nurturant and Non urturant models. Journal ofPersonality and Social Psychology, ٢٣٬٢٥٩-٢٧٠.223


الأمومة224


النقد الاجتماعيالهوامش(1)- parenthoodمدخلأي كل ما يفعله الوالدان من أجل الأطفالالفصل الأول(١) طير من الحوائم.‏(٢) اخملتصون في دراسة السلوك عند الأنواع اخملتلفة بواسطة ملاحظة هذه الأنواع في وسطهاالطبيعي اعتاد.‏الفصل الثاني(١) ‏(كل ما يفعله الأهل ‏(الأب والأم)‏ كن أجل الأطفال).‏الفصل الثالثرتبة من الثدييات (1) Primatesالفصل الرابع(١) هرمون يفرزه الدماغ.‏الفصل السادس(١) الخمول القريب من النعاسالفصل السابع(١) الأسرة اؤلفة من الأب والأم والأطفال(٢) فقدان الزوجالفصل الثامن(١) الاتصال اللاكلامي Non-Verbal Communication(٢) راجع دليل ارأة العربية-سنية النقاش عثمان-دار العلم للملاي‏-بيروت-‏‎١٩٧٤‎‏.‏225


الأمومةالفصل التاسع(١) الرئيسات (: Primates) رتبة من الثديات.‏الخاتمة* Fourth World Congress on Infant Psychiatry and Allied Disciplines, Lugano Switzerland, September٢٠-٢٤٬١٩٨٩ (Abstracts, p. ٧٤).226


اؤلف في سطور:‏د.‏ فايز نايف قنطار× من مواليد ‏«داما»‏ بسوريا عام ١٩٥٠ دكتوراة في بيولوجيا السلوك منجامعة بيزانسون بفرنسا عام× معيد في قسم علم النفس الفيزيولوجي والتجريبي-‏ جامعة دمشق‏«كلية التربية»‏ (١٩٧٥-١٩٨١ م).‏× أستاذ مساعد بقسم اخملبر الفيزيولوجي بجامعة بيزانسون بفرنسا.‏× له عدة أبحاث ومقالات منشورة حول تطور سلوك الاتصالعند <strong>الطفل</strong>.‏× عضو في عدة منظمات وهيئات دولية.‏× شارك في العديد من الندوات واؤرات العلمية والدولية.‏.١٩٨١الكتابالقادمبنية الثورات العلميةتأليف:‏ توماس س.‏ كونترجمة:‏ شوقي جلال227


deما دور الأم?‏ وما سلوك الأمومة?‏ وما وظائف هذا السلوك?‏ ومامدى تأثير الأم في طفلها?‏في سياق الإجابة على هذه الأسئلة يحلل الكتاب <strong>العلاقة</strong> ب<strong>الطفل</strong> والأم ويحدد العوامل اخملتلفة التي تتداخل وتسهم في صياغةمسار هذه <strong>العلاقة</strong> محللا سلوك الأمومة لدى بعض أنواع منالكائنات.‏ كما يتناول تطور <strong>العلاقة</strong> ب الأم و<strong>الطفل</strong> حيث يعالجالعلاقات الأولى <strong>بين</strong>هما ويناقش نظرية التعلق القائلة بأن التوازنالعقلي للطفل يرتبط بضرورة تعه بعلاقة حميمة ومستقرة مع أمهثم يعرض لتطور التعلق ب <strong>الطفل</strong> والأم في السنوات الأولى وأثرذلك في ال<strong>نمو</strong> النفسي والاجتماعي.‏ ويؤكد الكتاب أيضا الدور النشطالذي يلعبه <strong>الطفل</strong> في حياة الأم وسلوكها خلافا لوجهة النظر القائلةبأن الصغير كائن غامض غير قادر على التأثير فيمن حوله.‏ كمايعالج الكتاب مسألة الانفصال ب <strong>الطفل</strong> والأم والآثار اترتبة علىفقدان الأم ونتائج <strong>العلاقة</strong> انقطعة زمنيا ب <strong>الطفل</strong> وأمه.‏ وأخيرايتناول الكتاب بالتحليل قضية الأمومة في الأسرة العربية وأهميتهافي البيئة الاجتماعية ودورها في استقرار ارأة في أسرتها الجديدةبعد الزواج والسمات اميزة للعلاقة ب <strong>الطفل</strong> والأم في الأسرةالعربية.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!