07.03.2016 Views

AlHadaf Magazine - March 2016

AlHadaf Magazine - Issue 28 - March 2016

AlHadaf Magazine - Issue 28 - March 2016

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ّ<br />

‏أنسامٌ‏ من<br />

خمائلِ‏ ‏لأدبِ‏<br />

مرافعةٌ‏ شِ‏ عريّةٌ‏ ممتازةٌ...‏ ولكنْ‏ !<br />

جهاد طاهر بكفلوين د.‏<br />

ُ<br />

تعرّضتِ‏ املرأةُ‏ العربيّةُ‏ خاللَ‏ مراحلِ‏ التّاريخِ‏ الطّ‏ ويلةِ‏ ملحاوالت تشويهٍ‏<br />

كبريٍ‏ سعت إىل النّيلَ‏ من سمعتِها ومكانتِها،‏ وقد وقفتْ‏ أقالمٌ‏ غربيّةٌ‏<br />

كثريةٌ‏ وراءَ‏ محاوالتِ‏ التشويهِ،‏ وأهدرَ‏ أصحابُ‏ هذه األقالمِ‏ ورَقاً‏ كثرياً‏<br />

جمً‏ جمّّ‏ عىس أن يُكتَبَ‏ النّجاحُ‏ ملحاوالتِهم.‏ وورِقاً‏<br />

مل يدّخرْ‏ هؤالءِ‏ النّفرُ‏ املتجنّون املفتئتون وسيلةً‏ إالّ‏ الذوا بها متمسّ‏ كني بحبالِها،‏<br />

واشتطّ‏ خيالُهمُ‏ املريضُ‏ يف تصويرِ‏ املرأةِ‏ العربيّةِ‏ تصويراً‏ يبتعدُ‏ عن الحقيقةِ‏<br />

ابتعادَ‏ األرضِ‏ عن السّ‏ امء.‏<br />

زعمَ‏ هؤالءِ‏ أنّ‏ املرأةَ‏ كانتْ‏ يف مجتمعِنا العريبِّ‏ سقطَ‏ متاعٍ‏ ، سقطَ‏ تْ‏ قيمتُها يف<br />

الرّجلِ‏ ، الذي نظرَ‏ إليها بازدراءٍ،‏ ومل يبالِ‏ بها،‏ بل ربّ‏ ربا عاملَها بقسوةٍ‏ ال عيني<br />

متتُّ‏ إىل اإلنسانيّةِ‏ بأوهى صلةٍ.‏<br />

هؤالءِ‏ املفرتون الكاذبون الذين عرضوا بضاعةَ‏ الكذبِ‏ يف سوقِ‏ النّفاقِ‏ مل<br />

يقرؤوا تاريخَ‏ نا العريبَّ‏ الذي يزخرُ‏ بتلك القصصِ‏ ؛ التي تشريُ‏ إىل مكانةِ‏ وسموِّ‏<br />

املرأة يف حياةِ‏ آبائِنا وأجدادِنا،‏ نسوا أو تناسوا أنّ‏ املرأةَ‏ العربيّةَ‏ كانتْ‏ تحظى<br />

ساميةٍ‏ لدى بني قومِها.‏ بنزلةٍ‏<br />

كانت الزوجةَ‏ التي تستشارُ‏ يف كثريٍ‏ من شؤونِ‏ الحياةِ،‏ وكانت األختَ‏ التي<br />

توايس أخاها،‏ واألمّ‏ التي تحسنُ‏ تربيةَ‏ أبنائِها،‏ وتنشّ‏ ئهم عىل مكارمِ‏ األخالقِ‏ ،<br />

وكان صوتُها مسموعاً‏ يف كلّ‏ صغريةٍ‏ وكبريةٍ‏ من أمور الحياةِ.‏<br />

ونسوقُ‏ مثاالً‏ عىل ما نقولُ‏ ؛ تلك الحادثة التي جرتْ‏ مع الشاعرة الخنساء<br />

متارض بنت عمروٍ‏ بن الشّ‏ يدِ؛ التي رفضت الزواجَ‏ من دريد بن الصمّ‏ ةِ،‏ وكان<br />

فارساً‏ مشهوراً‏ وسيّداً‏ مهيبَ‏ الجانبِ‏ من ساداتِ‏ العربِ‏ .<br />

وتحدّثُنا كتبُ‏ األدب أنّ‏ دريداً‏ كان قبل قتلِ‏ معاوية أخي الخنساء قد رآها،‏<br />

وكانتْ‏ عىل قدْ‏ رٍ‏ كبريٍ‏ من الجاملِ‏ ، فتعلّقَ‏ قلبُه بها،‏ ورأى أنّ‏ السّ‏ بيل الوحيدَ‏<br />

ليظفرَ‏ بجاملِها يكمن يف الزواج منها،‏ فتقدّمَ‏ إليها طالباً‏ يدَها،‏ وسبقتْ‏ عمليّةَ‏<br />

التقدّمِ‏ أبياتٌ‏ خرجتْ‏ من فؤادِهِ‏ املتيّمِ‏ ؛ يبثُّ‏ فيها الخنساءَ‏ ما يلقى من برحاءِ‏<br />

الحبِّ‏ ولوعته فقالَ‏ :<br />

فَإِنَّ‏ وُقوفَكُ‏ م حَ‏ سْ‏ بِي وَقِفوا<br />

يّوا ‏ُتاضِ‏ رَ‏ وَاربَعوا صَ‏ حبِي حَ‏<br />

أَخُ‏ ناسُ‏ ! قَد هَ‏ امَ‏ الفُؤادُ‏ بِكُ‏ م وَأَصابَهُ‏ تَبَلٌ‏ مِنَ‏ الحُ‏ بِّ‏<br />

املتيّمُ‏ هذينِ‏ البيتنيِ‏ ظانّاً‏ أنّهام سيكونان الرّسولَ‏ الذي يتكفّلُ‏ بإخراجِ‏ ‏ِج<br />

أرسلَ‏<br />

املوافقةِ‏ عىل الزواجِ‏ من فمِ‏ الخنساء أو الخناس كام ناداها يف شِ‏ عرِهِ،‏ لكنّ‏<br />

الرَسولَ‏ مل ينجحْ‏ يف املهمّ‏ ةِ‏ التي كلِّفَ‏ بها،‏ ومل تتقبّلِ‏ الخنساءُ‏ أوراقَ‏ اعتامدِهِ‏<br />

سفرياً‏ معتمَداً‏ لديها ألسبابٍ‏ عدّةٍ،‏ يأيت يف مقدّمتها كربُ‏ سنّ‏ املوفِد،‏ فابيضاضُ‏<br />

شَ‏ عرِ‏ الرأسِ‏ عيبٌ‏ ال يخفى عىل لبيبةٍ‏ ذكيةٍ‏ كالخنساءِ:‏<br />

الكِبُ؟!‏ شافعي وذنويب عندَها الكِبََ‏<br />

مَنْ‏<br />

املَشيبَ‏ لذنبٌ‏ ليسَ‏ يُغتَفَرُ‏ إنّ‏<br />

لكنّ‏ الرّفضَ‏ األوّيلَ‏ من قبلِها مل يغلقْ‏ بابَ‏ األملِ‏ أمامَ‏ دريد؛ فام كانَ‏ منهُ‏ إالّ‏<br />

أن أعادَ‏ الكرّةَ‏ ، وخطبها من أخيها معاوية،‏ ولكنّها رفضت الزواج منهُ‏ غريَ‏<br />

جازعةٍ‏ وال هائبةٍ،‏ وعندما استفرسَ‏ أهلُها عن سببِ‏ رفضِ‏ ها رجالً‏ كانت النّساءُ‏<br />

يرينَهُ‏ فارسَ‏ األحالمِ‏ الذي ميتطي الرّيحَ‏ جواداً،‏ ليطريَ‏ بهنَّ‏ إىل عالَمٍ‏ ال يشبهُ‏<br />

العالَمَ‏ الذي يعشْ‏ نَ‏ فيه؛ مل ترتدّد الخنساءُ‏ يف املجاهرةِ‏ بالسّ‏ ببِ‏ الذي وقفَ‏<br />

عقبةً‏ كأداءَ‏ يف طريق هذا الزّواجِ‏ سادّاً‏ عليه املنافذّ‏ كلَّها،‏ وأوضحتْ‏ لهنَّ‏ أنّها<br />

ال ترغبُ‏ يف االقرتانِ‏ بدريد ألنه كان يكربُها سِ‏ ناًّ‏ ، ناهيكَ‏ عن أنّهُ‏ مل يكنْ‏ من<br />

الكرماء املشهورين ؛ والكرَمُ‏ خصلةٌ‏ محمودةٌ‏ يف الرّجل،‏ تسرتُ‏ عيوبَهُ‏ كلَّها:‏<br />

محةِ‏ كلُّ‏ عيبٍ‏<br />

ى بالسّ‏ يُغطّ‏<br />

وكم عيبٍ‏ يغطّ‏ يهِ‏ السّ‏ خاءُ‏<br />

يضافُ‏ إىل ذلك سببٌ‏ آخرُ‏ يضافُ‏ إىل ذينكَ‏ السّ‏ ببنيِ؛ هو أنّ‏ الفتاة يف ذلك<br />

وربا يف كلِّ‏ زمانٍ‏ كانتْ‏ تتخوّفُ‏ من الزواج من خارجِ‏ مجتمعِها،‏ ، بل وربّ‏<br />

الزمانِ‏<br />

ألنّها تعلمُ‏ أنّ‏ كرامة الغريبةِ‏ لن تكونَ‏ ككرامةِ‏ ابنةِ‏ املجتمعِ‏ نفْسِ‏ ه،‏ ومن هذا<br />

املنطلَقِ‏ أحبّت الخنساءُ‏ أن تتزوّج يف قومِها،‏ ومل يرقِ‏ األمرُ‏ ألخيها معاوية<br />

الذي كان مينّي نفْسَ‏ هُ‏ بأن يكون فارسُ‏ العربِ‏ دريد صِ‏ هْراً‏ لهُ،‏ فحاولَ‏ أن<br />

يجربَها عىل دريد فأبتْ‏ بشدّةٍ،‏ وقالتْ‏ يف ذلك:‏<br />

أتُكرِهني هُ‏ بلْتَ‏ عىل دريدٍ‏<br />

بيك<br />

حب<br />

اللهِ‏ ينكِحُ‏ ني معاذَ‏<br />

وقد أحرِمْتُ‏ سيّدَ‏ آلِ‏ بدر<br />

من جُ‏ شم بنِ‏ بكرِ‏ ‏ِر بِ‏<br />

الشّ‏ ‏ّش قصريُ‏<br />

أنسام من<br />

خمائل األدب<br />

68

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!