العدد الثامن - النسخة الإماراتية
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
إسم القسم<br />
«فك الارتباط»..<br />
واقع حتمي أم لا؟<br />
عادةً ما تتبع دولة معينة سياسة مالية أو سياسة نقدية تتناسب مع ظروفها المحلية، وتخدم تطلعاتها<br />
وأهدافها الاقتصادية. ولكن عندما تكون عملتها المحلية مرتبطة بعملة دولة أخرى يكون الوضع مختلف؛ مما<br />
يستوجب الدراسة الدقيقة لكل الجوانب قبل اتخاذ قرار «فك الارتباط». فاليوم أصبح تناغم السياستين المالية<br />
والنقدية ضرورة حتمية، وغيابه يكون سبب في تشتت مجهودات الدولة؛ وبالتالي ضعف الاقتصاد.<br />
بدايةً ، قد تكون هناك نتائج إيجابية لاتخاذ دولة معينة قرار بربط عملتها بعملة دولة أخرى، على سبيل المثال، ربط<br />
العملة المحلية بعملة دولة أخرى مثل الدولار امريكي، أو اليورو يسهل امر للشركات والمستثمرين من حيث<br />
إمكانية التنبؤ.<br />
بالفعل؛ أحد أهم مخاطر الاستثمار بعد سلطة القانون هو مخاطر العملة؛ فالمستثمر قد يربح بالعملة المحلية<br />
لكن عند تحويله هذه ارباح للخارج قد يواجه تغيير في قيمة تلك العملة المحلية - إيجابي أو سلبي. لذلك ثبات<br />
العملة المحلية عند سعر معين مقارنة بعملة أخرى عادةً ما يعضد ثقة المستثمرين بالاستثمار في دول العالم<br />
اخرى.<br />
على الجانب اخر، هناك بالتأكيد نتائج سلبية لربط العملة المحلية بعملة دولة أخرى:<br />
أولاً، يتسبب ذلك في عدم استقلالية الدولة من حيث السياسة النقدية، ومن حيث رفع أو خفض معدلات الفائدة؛<br />
ومن ثم تتأثر مرونة السياسة المالية للدولة، وقد يتسبب ذلك أيض في استنزاف موارد الدولة من الاحتياطي<br />
اجنبي؛ نتيجة محاولات الدولة في الحفاظ على قيمة عملتها حيث يضطر البنك المركزي إلى شراء العملة<br />
المحلية مقابل بيع العملة اجنبية لتحقيق التوازن بين العملتين.<br />
ثاني، التزام الدولة بربط عملتها بعملة أخرى قد يجعلها مضطرة لاتخاذ قرارات اقتصادية لا تساعد على تحقيق<br />
أهدافها المحلية، مثل رفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحجيم معدلات التضخم، وخلق فرص العمل.<br />
بينما نجد دولاً مختلفة لا تزال تربط عملتها بالدولار امريكي مثل هونج كونج، أو باليورو مثل: الدنمارك، ونجد دول<br />
الخليج تتصدر عناوين اخبار بموضوع «فك الارتباط»؛ نتيجة انخفاض أسعار النفط وما يتبعه ذلك من انخفاض<br />
للموارد السيادية من العملة اجنبية. ولا يزال المضاربون في سوق العملات يراهنون من حين خر على قُ رب<br />
عملية «فك الارتباط»! لكن إذا ما نظرنا للموضوع بصورة أكثر شمولية فسنجد أن مثل هذا القرار - وإن كان محتملاً<br />
في أي وقت - غير وارد حالي. فدول الخليج تمتلك القدرة المالية التي تمكنها من تخطي هذه المرحلة ومع اتجاه<br />
هذه الدول لتنويع مصادر دخلها بعيد عن النفط ستتمكن في المستقبل من تجنب أي هزة اقتصادية إذا ما<br />
استمرت أسعار النفط في الانخفاض. لكن في رأيي الشخصي، قد تضطر دول الخليج آجلاً إلى تغيير سياساتها<br />
النقدية نوع ما؛ ن ربط العملة بالدولار امريكي لن يخدم سياساتها المالية فيما بعد، وقد تتجه إلى ربط عملاتها<br />
بسلة عملات بدلاً من عملة واحدة. ولعل َّ تجربة دولة الكويت بفك ارتباط الدينار الكويتي بالدولار امريكي، وربطه<br />
بسلة عملات قد تكون خير برهان على هذا الاتجاه.<br />
بقلم/عمرو حسين الفي، CFA<br />
<strong>العدد</strong> <strong>الثامن</strong> | يونيو 2016<br />
82