07.01.2024 Views

ماكو فضاء حر للابداع -3-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

األساليب.‏ وعلى مدى احلقب ظل قوة األداء<br />

والتنوع باألساليب من السمات التي ميّزت<br />

احلركة التشكيلية.‏<br />

ويعد معرض الرؤية اجلديدة خير دليل على<br />

هذا التنوع واجلرأة يف الطرح وبشكل مدهش.‏<br />

كما كان أيضا مدخلي إلى عالم هذه اجملموعة<br />

التي س<strong>حر</strong>تني أعمال فنانيها،‏ وأغربها أعمال<br />

صالح اجلميعي التي أثارت فضولي للدخول<br />

يف عاملها ثم فهمها وهو ما حتقق الحقا.‏ أبهر<br />

اجلميعي مشاهديه بتعبيرية أعماله التجريدية،‏<br />

وغموض تكويناتها واجلمع بني القدمي واحلديث<br />

يف املشهد الواحد،‏ ومن ثم تفردها باستخدام<br />

مواد غير تقليدية ذات ملمس على سطح القماش<br />

أبرزها صفائح األملنيوم.‏ لعل أبرز ما أكد عليه<br />

مضمون بيان الرؤية الفنية انطالق الفنان من<br />

ذاتيته،‏ مبعنى مواجهة الذات والصدق معها.‏<br />

اعتمد الفنان األسلوب التجريدي الرمزي<br />

يف طرح رؤاه.‏ يكشف التمعن يف أعماله عن<br />

أشكال توحي بأنها وجوه غائرة يف العمق<br />

تتطلع إلى املشاهد بعيون مليئة باألسى.‏<br />

ويتجلى ذلك من طريقة معاجلته لسطح اللوحة<br />

ذات التصميم التركيبي املدروس،‏ لصفائح<br />

األملنيوم ونتوءات اجلبس على قماش اللوحة.‏<br />

كما أن حدة تعامله مع املواد وتطويعها لتحقيق<br />

مشهد درامي متوتر،‏ يشد املشاهد ويزجه يف<br />

عوالم الفنان غير املرئية.‏ يف الوقت ذاته جند<br />

ثمة ما يخفف من حدة ذلك التوتر باستخدامه<br />

ألوانا محدودة وهامسة ذات طابع غنائي<br />

جميل أحيانا.‏ لعل هذا املزج ما هو إال انعكاس<br />

لشخصيته الرقيقة احلساسة،‏ واجلمع بني<br />

التعبير عن ذاته الداخلية وما ترك الزمن من<br />

آثار تشير إلى وعيه العميق بالتاريخ ماضيه<br />

وحاضره،‏ وتتمظهر يف تلك الصفات الرمزية.‏<br />

يقول اجلميعي:‏ « اللوحة عندي تراكمات<br />

ملعرفة قدمية وأحداث ومشاهدات يومية<br />

عابرة.‏ هذه املفردات تتجمع وتختزن لتكون<br />

مبثابة ‏)املادة األولية(‏ للوحة،‏ حتى يأتي حدث<br />

معني ليفجّ‏ ر هذا اخلزين بشكل غير مبرمج،‏<br />

عندها يبدأ وعي الفنان وخياله يف صياغة<br />

رؤيته.‏ إن للشاعر مفرداته كذلك الرسام،‏<br />

وكالهما يعمدان إلى الرموز والتوريات إلفراغ<br />

الرؤية الفنية«‏ ‏)عادل كامل-‏ الفن التشكيلي<br />

املعاصر يف العراق-مرحلة الستينات-‏ دار<br />

الشؤون الثقافية ‏–بغداد ‎1986‎‏-ص 129-<br />

.)130<br />

إن استخدام اجلميعي أشكال اخلرائب يف<br />

بناء سطح اللوحة ما هو إال وليد استعادة<br />

مخزون ذاكرته والعودة إلى البيئة التي نشأ<br />

فيها يف جنوب العراق.‏ تلك التي استيقظت<br />

مجددا لتعبر عن مشاعر متزج بني البهجة<br />

واألسى.كان الفنان قد نشأ يف مدينة انتشرت<br />

فيها خرائب حضارات قدمية من تاريخ<br />

بالد الرافدين،‏ الشك أنها شكّلت خزينا يف<br />

ذاكرته ما فتأ أن استيقظ مع تطور مدركاته<br />

ومفاهيمه اجلديدة.‏ ثمة نقطة جوهرية وردت<br />

يف شهادة الفنان تتعلق مبنبع اإلبداع،‏ أي<br />

الظرف الذي يستدعي حتريك اخلزين ويوقظ<br />

الذاكرة فيدفع باملبدع إلى استغالله فنيا.‏ وهذا<br />

ما كان محور أطروحة البروفيسور فرانكلني<br />

روجرز يف كتابه:‏ الشعر والرسم باالشتراك<br />

ماري روجرز،‏ الصادر يف ‎1985‎عن جامعة<br />

غرب ألباما يف الواليات املتحدة،‏ حني وجد<br />

أن ما يجمع بني إبداع كل من الفنان والشاعر،‏<br />

هو ذلك االنتباه الذي وصفه ‏»بااللتفاتة«.‏<br />

ومن اجلدير بالذكر هنا أن هذا االستنتاج<br />

ليس جديدا،‏ بل سبق أن ورد يف كتاب أسرار<br />

البالغة لعبد القادر اجلرجاني يف القرن الرابع<br />

الهجري ‏)العاشر امليالدي(،‏ وسماها ‏»اإللتفاتة<br />

220

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!