05.03.2024 Views

ماكو فضاء حر للابداع -1-2024

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

من منتجات الالشعور،‏ حتى مت النظر إليه يف<br />

النهاية على أنه أحد قادة نزعة ‏»العودة إلى<br />

التشكيل«‏ املعروفة بال)‏Transavanguardia‏(‏<br />

يف إيطاليا و«التعبيرية اجلديدة«‏ يف الواليات<br />

املتحدة،‏ والتي نشأت كرد فعل على التيارات<br />

املفاهيمية السائدة آنذاك يف الفن البصري.‏<br />

وأحسب أن هناك ايضاً‏ قرابة فيما يتعلق<br />

باألنساق التكوينية بني كليمنتي وأرداش،‏ حيث<br />

يشتركان يف الولع بإحداث حتويرات منظورية<br />

يف رسم األشكال البشرية.‏ وهي حتويرات<br />

تعكس وتعزز اجلانب الوجداني والعاطفي<br />

املفعم بالقلق والتوتر.‏<br />

ولكن،‏ كيف يدفع املنظور احملور يف أعمال<br />

أرداش كاكافيان إلى تغيير عاداتنا يف إدراك<br />

املشهد بصرياً؟ فنحن جند أنفسنا داخل<br />

أحياز مشحونة مبناخات مرتبكة وغير واقعية،‏<br />

وبسبب تلك التغييرات التي يحدثها الرسام يف<br />

احلجوم املتباينة لألشياء وعالقاتها ببعضها،‏<br />

واختالف مستويات السطوح والنسب فيما<br />

بينها،‏ وهي ما يوحي بسمات ملكان مقلق ومثير<br />

للريبة والشك.‏ ولعل ما يستعرض ذلك بشكل<br />

جلي،‏ هو لوحته املعنونة ب«امرأة خلف الساللم<br />

الذهبية«،‏ حيث تلتوي الساللم املرسومة يف<br />

اللوحة بشكل غير منتظم،‏ ويتعمد الفنان أن<br />

يرسم خطوة القدم اخللفية للمرأة بطريقة<br />

جتعلها كما لو كانت ماتزال تطأ األفق البعيد<br />

للمشهد،‏ يف الوقت الذي جند فيه أن جسدها<br />

يتقدم إلى األمام باجتاهنا.‏ وتتخذ الساللم<br />

الذهبية اللون موقعها وكأنها من صلب <strong>فضاء</strong><br />

سماوي قريب جدا.‏ وميكن بالتالي أن نصف<br />

هذا العمل الفني - من جهة سمات املنظور<br />

- أنه يحتوي على عدة مستويات،‏ ليست<br />

مشروطة بسياقات املنظور الواقعية.‏<br />

يف مشهد آخر للوحة أخرى نالحظ هذه املرة<br />

أن الشخص املرسوم يظهر أسفل مستوى<br />

النظر،‏ ويتعمد الفنان إلى ترقيق قدميه<br />

وتضخيم اجلزء العلوي من جسمه لترسيخ<br />

هذا النمط من املنظور الذي اختاره.‏ وهي ذات<br />

املعاجلة املنظورية التي يتقاسم حلولها مع عمل<br />

لفرانسيسكو كليمنتي كما يف الصورة املرفقة<br />

مع النص.‏<br />

يف لوحة املرأة وإناء الزهور األرجوانية،‏ وضع<br />

الرسام مقدمة جسد املرأة يف مواجهتنا،‏ للحد<br />

الذي جعل رأسها وعنقها يخرجان من حدود<br />

الصورة.‏ أننا هنا إزاء استخدام الرسام ملقطع<br />

قد يبدو مستفزا للنظر بسبب تلك الصياغة<br />

املقطعية للجسد.‏ وتذكرنا هذه املعاجلة بنفس<br />

الطريقة التي ينتهجها بيير بونار يف عدد من<br />

لوحاته.‏<br />

وثمة شعور بانعكاس عدد من صور شخصياته<br />

يف مرايا مشوهة،‏ ففي احدى أعماله يظهر<br />

صبي قادم من اجلهة اليمنى للصورة،‏ وكأنه<br />

خرج لتوه من مرآة مشوهة،‏ دمغته مبالمح<br />

شكل محور،‏ ونرى ذلك الصبي يسارع<br />

بخطواته يف مشهد ملتهب بلون أحمر قرمزي<br />

يصاحبه لون بنفسجي.‏ وثمة رأس أفعى<br />

متوارية خلف حاجز من ساللم غامقة اللون.‏<br />

ومتنح هذه املعاجلات لطقس اللوحة املزيد<br />

من الدراماتيكية.‏ خصوصا حني يسير الصبي<br />

ورأسه احملور يبدو مسحوباً‏ باجتاه لهيب تلك<br />

السماء العريضة،‏ التي تبدو كما لو أنها تصب<br />

شالالت من السنة النار على خط األفق.‏ ولم<br />

يقتصر األمر على هذا الصبي فقط،‏ بل عدة<br />

شخصيات يف لوحات أرداش،‏ حني يظهرون<br />

وكأن السماء واآلفاق جتذبهم إليها أو تبتلعهم.‏<br />

وهناك أشجار وأغصان وجمادات تن<strong>حر</strong>ف<br />

باجتاهات غير مألوفة نحو األفق،‏ أو تتشظى<br />

هائمة يف <strong>فضاء</strong> السماوات الواسعة.‏<br />

شخوص لوحات أرداش تظهر معزولة<br />

ومنفصلة،‏ تنخرط يف أفعال غالباً‏ ما ال يكون<br />

لها معنى واضح،‏ اال اذا استعنا باالحالم<br />

وتداعياتها.‏ فهل كان أرداش سوريالياً‏ ايضاً؟<br />

خصوصاً‏ حني تتواجد شخصياته يف أماكن<br />

غامضة عصية على التصنيف وتفلت من<br />

املواضيع املألوفة يف السياقات الواقعية.‏<br />

وهل كان ذلك الطفل الناظر إلى األعلى<br />

واملشبك اليدين يف إحدى لوحاته هو أرداش<br />

الطفل نفسه؟ حيث يقف على أرض ال تبدو<br />

مرحبة مبن يطؤها بسبب ميالنها املقلق<br />

وما يتوسطها من صدع كبير اتخذ لنفسه<br />

شكل فجوة مرعبة،‏ واسعة،‏ وطويلة،‏ يتفرع<br />

منها شق آخر يف األفق،‏ يترك الفنان خليال<br />

وحدس املشاهد تقدير سعته وطوله ومعناه.‏<br />

ولقد لعبت طريقة الرسام يف عرض الشق<br />

يف الصورة هذه،‏ دوراً‏ عزز شعورنا باملسطح<br />

األرضي كشيء مثير للفزع والرهبة،‏ فهل<br />

حدث هذا يا ترى بسبب اختالل يف النشاط<br />

التكتوني أو االنزالقات األرضية،‏ أم نتيجة<br />

جفاف شديد وتقلص التربة العظيم الهول؟ ال<br />

اعتقد ان هذا ما كان يدور يف ذهن الرسام<br />

أرداش كاكاكفيان.‏ املرأة الرمادية املنحنية،‏<br />

زيت على القماش<br />

45

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!