05.03.2024 Views

ماكو فضاء حر للابداع -1-2024

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

يف صيف 1969، وبعد االنتهاء من قراءة<br />

نصوصي القصصية القصيرة،‏ أشار عليّ‏<br />

الشاعر الراحل توفيق صائغ بنشرها يف امللحق<br />

الثقايف جلريدة النهار،‏ وأوصاني بالذهاب إلى<br />

مكاتبهم والسؤال عن وضّ‏ اح فارس املصمم<br />

الغرافيكي للملحق من أجل تقدميي إلى<br />

الشاعر أنسي احلاج،‏ رئيس حترير الصفحة.‏<br />

وزاد قائال وضّ‏ اح فنان عراقي رائع جدا<br />

وموهوب،‏ ثم ضحك وحكى لي عن واحدة من<br />

قصصه الطريفة.‏<br />

ما زلت أذكر تلك اللحظة التي استقبلني فيها<br />

وضاح بود وانفتاح بلهجة بغدادية خالصة<br />

أزال فيها خجلي وترددي.‏ وضع ذراعه على<br />

كتفي ومضى بي إلى مكتب الشاعر أنسي<br />

احلاج رئيس حترير امللحق الثقايف:‏ ‏»هذه<br />

شاعرة وأديبة عراقية«،‏ هكذا قدمني بكل ثقة.‏<br />

استقبلني الشاعر الكبير بتواضعه اجلميل<br />

وأدبه اجلم،‏ وتبادل املزاح مع وضاح.‏ ثم بدأ<br />

يقلب أوراقي ويبدي بني حني وآخر عالمات<br />

الرضى.‏ اختار نصّ‏ ني وقال:‏ ‏»سأنشرهما<br />

تباعا«،‏ وذلك ما حصل على الرغم من أن<br />

اسمي لم يكن معروفا يف الوسط اللبناني الذي<br />

شاعت فيه آنذاك أسماء الشعراء والفنانني<br />

العراقيني من رواد احلداثة قد مأل إبداعهم<br />

<strong>فضاء</strong> بيروت،‏ عاصمة الثقافة العربية بامتياز.‏<br />

ال أدعي أن بإمكاني أن أويف حق هذه<br />

الشخصية الغنية.‏ لذلك آثرت أن يقتصر<br />

حديثي على ما خبرته من خالل العالقة<br />

اجلميلة التي جمعت بني وضاح ورافع،‏ عالقة<br />

سادها اإلعجاب املتبادل والتفاهم والتسامح<br />

على مدى عقود وإن تعرضت بعض الوقت<br />

لسوء فهم انتهى بكل الرضا.‏<br />

« وضاح فارس شخصية معروفة يف الوسط<br />

الفني اللبناني والعربي،‏ ترك أثرا كبيرا يف<br />

وضاح فارس كما عّرفته<br />

مي مظفر<br />

عالم الفن والثقافة.‏ عرف بجاذبيته الكبيرة<br />

وشخصيته االستثنائية.‏ لم يكن فقط مؤثرا يف<br />

املشهد الثقايف اللبناني والعربي،‏ وإمنا ترك<br />

بصمته يف الساحة العاملية أيضا«‏ .<br />

ولد وضاح فارس يف حلب 1940 ألب عراقي<br />

وأم حلبية من أصول شركسية.‏ أمضى عددا<br />

من سنوات طفولته يف بغداد قبل أن ينتقل<br />

والده إلى بيروت للعمل يف السفارة العراقية.‏<br />

بعد انقالب متوز 1958 آثرت العائلة االستقرار<br />

يف مدينة احلرية واالنفتاح،‏ ليترعرع فيها<br />

وضاح مع أخيه وأخته األصغر سنا.‏ اختار<br />

وضاح يف البداية دراسة فنون العمارة يف<br />

إنكلترا 1959، وبعد عامني ( 1961( اختار<br />

التخصص الفنون الغرافيكية التطبيقية األقرب<br />

إلى نفسه،‏ وعاد يف 1963 ليستقر بيروت.‏<br />

إلى جانب تخصصه يف التصميم الغرافيكي<br />

كان فوتوغرافيا بارعا،‏ وناقدا حداثيا ومؤرخ<br />

فن.‏ دفعته ميوله القومية إلى االهتمام<br />

باحلركة الفنية العربية التي استقبلتها بيروت<br />

بكل ترحاب.‏ بدأ حياته العملية مصمما يف<br />

دور النشر والصحافة،‏ لكن طموحه األوسع<br />

وضيق صدره بااللتزام الوظيفي قاده إلى<br />

الت<strong>حر</strong>ر منه،‏ والتفرغ للعمل الفني،‏ وكان له<br />

دور فعّال يف الترويج للفنانني العرب،‏ وتعاونه<br />

مع شاعر احلداثة الرائد يوسف اخلال.‏ يف<br />

مطلع السبعينات أقام قاعة عرض بيروت<br />

مع صديقه املقرب الفنان سيزار منّ‏ ور باسم<br />

غاليري كونتاكت.‏ لم تقتصر تلك القاعة على<br />

عرض األعمال الفنية ألبرز الفنانني العرب،‏<br />

وإمنا غدت منبرا ثقافيا متنوعا استضاف<br />

شخصيات ثقافية كبيرة يف طليعتهم الشاعر<br />

يوسف اخلال وهيلني اخلال إلى جانب<br />

القراءات الشعرية واحلفالت املوسيقية<br />

اخملتلفة.‏ بعد سنوات قليلة دفعته الظروف<br />

الصعبة التي حلت بلبنان إلى مغادرة مدينته<br />

األثيرة وليستقر يف باريس،‏ أسس فيها قاعة<br />

فارس Faris Gallery ليصبح أول مالك قاعة<br />

يشارك بعرض أعمال فنانني عرب يف املعرض<br />

العاملي للفنون املعاصرة FIAC يف باريس<br />

.)Foire Internationale D’Art Contemporain (<br />

ومن ثم يف سويسرا ،Art Basel وفتح بابا<br />

لنشرها على الساحة العاملية.‏<br />

ثم شاءت الظروف أن جتمعنا وتزيدنا قربا<br />

فيما بعد من خالل صداقته احلميمة مع<br />

رافع الناصري امتدت حتى لقائي األخير به<br />

يف بيروت 2017. أما لقاؤنا األول برفقة رافع<br />

فيعود إلى صيف 1974، حني كنا يف طريقنا<br />

إلى سالزبورغ.‏ فعلى الرغم من ضيق الوقت،‏<br />

أصر رافع على لقائه،‏ ألن بيروت عنده تعني<br />

وضاح فارس.‏ نشأت عالقتهما عندما نشط<br />

الفنانون العراقيون بعرض أعمالهم يف بيروت<br />

منذ منتصف الستينات،‏ واستُقبلوا بترحاب<br />

بدءا من گاليري ون Gallery One القاعة<br />

التي أسسها الشاعر الكبير يوسف اخلال<br />

وزوجته هيلني.‏ وكان وضاح فارس بحضوره<br />

البارز يف الوسط الثقايف اللبناني يف طليعة<br />

املتحمسني واملروجني لتجاربهم التي أبهرته،‏<br />

وجنمت عنها صداقات شخصية.‏<br />

كثرت زيارات وضاح لبغداد ونشطت لقاءاته<br />

مع مثقفيها يف مطلع السبعينات من القرن<br />

املاضي،‏ مع ازدهار النشاطات الفنية العربية<br />

يف بغداد وتنظيم معارض متالحقة بدءا<br />

من ‏»جماعة البعد الواحد«‏ 1971، ومعرض<br />

الواسطي األول 1972 الذي عقبه تأسيس<br />

احتاد الفنانني العرب وإقامة البينالي العربي<br />

األول يف 1974، لتصبح بغداد أوسع ساحة<br />

لنشاط الفنانني العرب وتعارفهم.‏ غالبا ما<br />

كان يصاحب تلك اللقاءات ندوات ومحاضرات<br />

202

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!