المراة الجديدة
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
املرأة <strong>الجديدة</strong><br />
ألا يوجد بني نسائنا املصريات من هن أكبر عقلا وأكمل أخلاقًا من أزواجهن أو آبائهن أو<br />
أبنائهن؟<br />
لا يصح أن يكون اختلاف العقول سببًا لتجريد الإنسان عن حريته بل الذي يجر<br />
إليه الاختلاف إنما هو أن يعلو فكر على فكر فيقوده بقوة الإقناع أو تسود إرادة على إرادة<br />
بقوة الاستمالة؛ حتى تسخرها على طوع منها.<br />
ما قررته الشريعة الإسلامية من حقوق املرأة — وقد أشرنا إليه في ما تقدم —<br />
يقودنا إلى أن هذه السلطة الأدبية هي التي ترمي إليها الآية الشريفة التي ذكرت أن<br />
الرجال قوامون على النساء، وقد نحت الشرائع الأوربية هذا النحو فخولت للرجل مثل هذه<br />
السلطة على زوجته وسمتها: سلطة الزوجية، ومع ذلك فكل إنسان يرى النساء الغريبات<br />
متمتعات بحريتهن.<br />
ولنفرض جدلا — أيضً ا — أن حجاب النساء وسيلة لصيانتهن عن الفساد، فهل<br />
يكفي ذلك لحرمانهن من حريتهن؟<br />
إذا كانت معاملة الرجال للنساء جالبة للفساد، فلماذا تُداس حرية املرأة وتحترم<br />
حرية الرجل؟ هل يختلف نظر العدل بالنسبة إلى الرجل واملرأة، وهل يوجد حقان: حق<br />
للرجال وحق للنساء؟ أليس كل ذي اختيار موكولاً إلى اختياره يتصرف به كيف يشاء<br />
متى لم يخرج في عمله عما حدده له الشرع والقانون؟<br />
نرى أن مسئولية املرأة في هذه الدنيا، وفي الآخرة، لا تقل أمام الشرع عن مسئولية<br />
الرجل، ونرى أن القوانني لا تعافيها من العقوبات إذا ارتكبت جريمة، ولا تقضي بتخفيف<br />
عقوبتها، بل نرى أن الرأي العام جسم مسئوليتها، حتى جعلها أشد من مسئولية الرجل،<br />
فإذا استهوى رجل عمره أربعون سنة بنتا عمرها خمس عشرة سنة، وانتهز فرصة<br />
ضعفها وفسق بها، يحكم الرأي العام أن هذه البنت الصغرية هي التي فقدت شرفها،<br />
ويهمل شأن الرجل كأنه لم يأت منكرا! أليس ذلك لأن الشرع والرأي العام يعترفان أن<br />
املرأة مسئولة عن أعمالها؟ فإن كانت مسئولة بهذه الدرجة أليس ذلك لأن الشرع والرأي<br />
العام يعترفان أيضا بأنها حرة مختارة؟<br />
لا أظن أن عقلا يقبل أن تعتبر املرأة إنسانًا كامل العقل والحرية من جهة استحقاقها<br />
لعقوبة الشنق إذا قتلت، ثم تعتبر إنها ناقصة العقل، بحيث تحرم من حريتها في شئون<br />
الحياة العادية!<br />
اعتقاد الرجل أن امرأته إذا منحت حريتها تسيء استعمالها لا يبيح له حرمانها<br />
منها؛ لأنه لا يباح لإنسان أن يتعدى على آخر بسلب حريته والسيطرة على إرادته بحجة<br />
34