23.12.2015 Views

المراة الجديدة

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الواجب على املرأة لنفسها<br />

ومطلقات وأرامل،‏ ويراهن في املدرسة وفي البيت،‏ وفي الغيط وفي الدكان،‏ وفي الأماكن<br />

الصناعية ويقف على سلوكهن مع أزواجهن وأولادهن وأقاربهن والأجانب،‏ ثم يعرف<br />

البلاد التي للنساء فيها شأن غري ما لنسائنا في بلادنا،‏ وكيف أنهن يستعملن حقوقهن<br />

والنتائج التي ترتبت على هذا الاستعمال،‏ ويقف على حالة املرأة في الأزمان الخالية<br />

والتقلبات التي طرأت عليها.‏<br />

ذلك عمل ليس بالسهل؛ لأنه يحتاج إلى معلومات جمة ومشاهدات كثرية.‏<br />

فإذا توفر له ذلك كله،‏ لم يتيسر له أن يحكم في املسألة حكما قاطعا؛ لأنه يعلم أن<br />

رأيه قائم على مقدمات ظنية،‏ فلا تكون نتائجها إلا تقريبية؛ لذلك تراه دائما على طريق<br />

البحث لا يركن إلى ما وصل إليه جهده،‏ إلا ليضعه قاعدة لعمل مؤقت،‏ ولا يأنف من<br />

تعديل رأيه بحسب ما يقتضيه الحال ويظهره العمل.‏<br />

والأمر بالعكس عند صاحب النظرية الخيالية،‏ فهو يعتقد أن قضيته تشبه قضية<br />

حسابية فهي لا تخطئ أبدا،‏ مع أنها مؤلفة مع معان عامة مهمة لا يستقر الذهن<br />

فيها على شيء محدود — مثل ضعف املرأة،‏ وقوة الرجل،‏ وتقسيم املعيشة إلى داخلية<br />

وخارجية وهكذا — هذه املعاني تملأ عقله؛ ولكونها مجردة عن الوقائع واملشاهدات<br />

فهي في الحقيقة ألفاظ يكون عنها قاعدة عامة صالحة لكل زمان ومكان.‏<br />

فهو لا ينظر إلى الأشخاص الحقيقيني،‏ ولا يرى نفسه محتاجًا إلى أن ينظر إليهم،‏<br />

ولا أن يبحث في أحوالهم،‏ ولا يخطر بباله أن للمادة الإنسانية صورة غري الشكل الخيالي<br />

الذي ملك عقله؛ لذلك لا يهتم بأن يرى تلك املادة في صورة امرأة راعية أو زراعية أو<br />

صانعة أو تاجرة ولا يبحث أن كانت غنية أو فقرية،‏ عائشة وحدها أو في عائلة،‏ ساكنة<br />

في املدن أو القرى أو البادية.‏<br />

هذه الصورة العديدة املختلفة لا تنفذ إلى مداركه،‏ ولا تقر فيها؛ لأن جميع نوافذها<br />

قد سُ‏ دت بحسم النظرية التي احتلت عقله من أوله إلى آخره،‏ حتى لم يبق فيه مكان<br />

لشيء آخر.‏<br />

فهو أن كتب أو تكلم لا يكتب ولا يتكلم عن امرأة حية ذات لحم ودم وإحساس<br />

ووجدان،‏ وإنما يكتب ويتكلم عن املرأة التي في ذهنه.‏<br />

وهي امرأة شابة سنها بني العشرين والثلاثني،‏ جميلة املنظر رقيقة الطبع،‏ شهوية<br />

املزاج،‏ تكفي إشارة منها لكي تنال ما تشتهيه نفسها؛ لأنها ذات ثروة عظيمة،‏ أو لأن لها<br />

بعلاً‏ وافر الثروة ولا يبخل عليها بشيء،‏ أما أخلاقها فانحطاط النفس،‏ وامليل إلى الكذب،‏<br />

49

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!