المراة الجديدة
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
املرأة <strong>الجديدة</strong><br />
تمثل في نظرهم املرأة من حيث هي، وما دروا أن الرجال يختلفون في أخلاقهم<br />
ومزاياهم إلى ما لا نهاية له، على حسب الزمان واملكان وطرق التربية، وأن املرأة<br />
تختلف خلائقها وآدابها على نحو ما يختلف به الرجال.<br />
هذا الاختلاف الذي يعرض في حياة النساء الأدبية ينشأ غالبًا من اختلاف العادات.<br />
أول شيء يطلبه الرجال عندنا من املرأة هو أن تكون عفيفة، ولهم الحق في أن يطلبوا<br />
منها أن تكون متحلية بهذه الفضيلة، ولكنهم بذلوا ما في وسعهم ملحو هذه الفضيلة،<br />
وجعلها من املستحيلات؛ وذلك لأن نظام املعيشة عندنا يبعث في املرأة شدة امليل إلى<br />
الشهوات؛ فإن سجن املرأة والتضييق عليها في وسائل الرياضة، يعرضانها دائما لضعف<br />
الأعصاب، ومتى ضعفت الأعصاب اختل التوازن في القوى الأدبية، هذه حقيقة يلزم أن<br />
يعترف بها كل إنسان، فإن من الحقائق الثابتة أن الجسم إذا كان قويًا وكان القلب<br />
يرسل الدم إلى جميع خلايا الجسم تشعر نفس الإنسان بقوتها، فكما لا تنهزم عند ملاقاة<br />
املصاعب واملتاعب املادية، فهي لا تضعف عن مقاومة الأهواء والنزعات الرديئة، ومن<br />
املشاهد أن التعب الشديد واملرض املضعف يعقبهما فتور في الجسم وانحلال في القوى<br />
يؤثران في الإرادة وفي العزيمة، فكما إذا حاول الجسم نهوضً ا لا يكاد يستطيعه فيسترسل<br />
مع امليل إلى الراحة كذلك تشعر النفس بعجزها عن ضبط أهوائها ومقاومة كل ميل<br />
تقتضي مدافعته جهدًا ومشقة.<br />
لا شك أن قوة البنية وسلامة الأعصاب هما من أهم أعوان الإنسان على ضبط نفسه.<br />
وإن ضعف البنية واعتلال الأعصاب هما من أهم الأسباب التي تجعل الإنسان آلة تلعب<br />
بها الشهوات والأهواء.<br />
فإن كانت في حاجة إلى الاستشهاد برأي بعض العلماء على ما نقول فإني أنقل ما<br />
قاله رجل أجاد درس علم التربية وهو الدكتور فلوري.<br />
قال في كتابه املسمى (جسم وروح الولد): «إن آلة العقل هي املخ، فكل انحراف<br />
يعرض في الصحة البدنية يؤثر فيه، فإذا استوفينا شروط صحة الجسم، أمكننا أن نحصل<br />
سلامة الإرادة وقوة الحكم، ونحسن في أخلاق املرء وآدابه».<br />
فالنساء املسجونات يحسبن قبل كل شيء نساء مريضات؛ ولهذا فهن أشد تعرضً ا<br />
ملطاوعة شهواتهن من النساء اللواتي يتمتعن بحريتهن!<br />
فإذا اقترن الحجاب بالبطالة، ولا يمكن انفكاك الحجاب عنها, تبعها قتل كل فضيلة<br />
في نفس املرأة.<br />
36