المراة الجديدة
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
الواجب على المرأة لنفسها<br />
أول ما يستوقف نظر الشرقي الذي يحل في مدينة من مدن أوربا هو املركز املهم الذي<br />
تشغله املرأة فيها، ويظهر له من أول وهله أن التقسيم املصطلح عليه في بلادنا بني<br />
العيشة الداخلية والعيشة الخارجية. هذا التقسيم الذي يحول بني اشتراك الصنفني في<br />
جميع أطوار الحياة ومظاهرها، ليس من القواعد املعترف بصحتها في تلك البلاد.<br />
فإذا ترك أوربا وجال في أرض أمريكا، شخص بصره مندهشً ا من املنظر العجيب<br />
الذي يراه، واستولى الاستغراب على عقله إلى درجة الاضطراب، فيجد أن تقسيمه الغريب قد<br />
اضمحل حتى كاد يكون معدومًا، ويرى النساء يشتغلن بأشغال الرجال، والرجال يعملن<br />
أعمال النساء بلا فرق، ويسمع أهل أمريكا يتهمون سكان أوربا بأنهم سكان ظاملون<br />
نساءَهم، مجحفون حقوقهم، كما يرمي الأوربيون رجال الشرق باستعمال الاستبداد مع<br />
نسائهم!<br />
هذا املنظر يراه الشرقي ويستغربه في أول الأمر ثم ينساه، ولا يفكر فيه بعد ذلك،<br />
فيعيش بجانب الغربيني وهو لا يعرف شيئا من أحوالهم، وإن أتى ذكرها عفوا في بعض<br />
الجرائد أو الكتب، فلا يحرك ذلك في نفسه أدنى شوق للوقوف على معرفة حقيقتها<br />
واستطلاع ما خفي منها.<br />
ذلك لأنه وقر في نفسه أن عاداته هي أحسن العادات، وأن كل ما خلاها ليس جديرًا<br />
بالتفاته واهتمامه.<br />
لكن طالب الحقيقة الذي تعود على طريقة الانتقاد العلمي لا يحكم في الحوادث<br />
الاجتماعية على هذا الضرب من التساهل.