11.07.2015 Views

nu268-web

nu268-web

nu268-web

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

االعتدال قوة وسط نار المعركة !* رئيس التحريربن املخلصن والصادقن واألوفياء لشعبهم وأمتهم،‏ الجمال للمراء و االدّعاء ب ‏»الوطنية«‏ والوقوف صفاً‏ واحداً‏أمام التحديات األمنية والسياسية التي تعصف بالعراق،‏كا تعصف بسائر الباد االسامية.‏وال يوجد بن هؤالء من ال حيبذ التعبئة والتحشيد وشحذاهلمم ملساندة قواتنا املسلحة يف حرهبا ضد االرهاب،‏ متمثاً‏باجلاعات التكفريية القادمة من خارج احلدود،‏ بل هنالكمن هو أكثر ذكاءً‏ وحنكةً‏ ، باخراق االرهابين وانتزاع املررالذي عى اساسه يقاتلون ويذبحون ويفجرون.‏أما نقيض حالة الذكاء )...( مما يتناقض ايضاً‏ معاالعتدال،‏ فانه جيعل قواتنا املسلحة وحيدة أمام قوةعس كرية مهّه ا األول فت ح اكث ر ع دد م ن جبه اتالقتال يف العراق،‏ يف حن من املفرض أن يكوناالرهابيون أمام العراق بأكمله،‏ با فيه منعقول وحكاء وثقافة وتاريخ مرق.‏لو نسأل املنزعجن من توجيه االنتقادالبنّاء با يعزز املواقع والصفوف اماماالرهاب؛ من كان هدف هذا االرهاب طيلةالسنوات املاضية،‏ وحتى اليوم واىل إشعارآخر؟ هل كانوا غري أولئك املغدورين الذينسقطوا ضحية التاريخ واهلوية؟ ومثالنا األبرز واحليّ‏ ،الشهداء األربعة من املفرزة الطبية التابعة لوحدةالقوات اخلاصة ‏»سوات«،‏ الذين استدرجوا اىل كمن يفمدينة الفلوجة وقُتلوا بدم بارد.‏كذلك فعل ذلك االرهايب الذي أوقف الشاحناتالسورية عى الطريق الرسيع يف االرايض العراقية،‏ وقتلالسائقن عى اهلوية،‏ ثم بدأ يتبجح أمام الكامريا ويوجهرسالة اىل رئيس احلكومة،‏ وخياطبه باإلسم،‏ بانه قادر عىاحتال طريق عام بسهولة..!‏فهل هل ذا االره ايب او غ ريه،‏ او حت ى املس لحن امللثم ناملنترين يف مدن االنبار وغريها،‏ مشكلة شخصية معرئيس احلكومة العراقية؟ نعم؛ هم حياولون إهيام الرأيالعام يف العراق وخارجه،‏ بأن رئيس احلكومة نورياملالكي عدوهم األول،‏ وذلك هلدفن:‏ االول:‏ كسبالرعية ألعاهلم االرهابية واالجرامية،‏ وأهنا جزء منحترك مطلبي،‏ واالمر الثاين:‏ االبتعاد ما أمكن عن ساحةمكشوفة مع االغلبية الساحقة من الشعب العراقي الرافضللغة العنف يف استعادة احلقوق وتلبية املطالب.‏فاذا كنا نجمع عى أن املعركة مع االرهاب والطائفيةوالتمزق،‏ هي معركة العراق بأرسه،‏ ثم صدر تصويباو تسديد،‏ السيا من مرجعية دينية هلا ثقلها االجتاعيورصيدها الفكري والثقايف يف الساحة العراقية واالسامية،‏فانه ليس فقط يستوجب عى املعنين بالتصويب أن يشدّ‏ واعى األيدي ويستحسنوا الفكرة،‏ إنا يبحثوا عن املزيد،‏كا يبحث االرهابيون يف اجلانب اآلخر عمن يدعمهمويساندهم بالكلمة يف صحيفة وجملة،‏ أو بظهور عى الشاشةالصغرية،‏ هذا فضاً‏ عن الشيكات السخيّة واملعوناتاملادية،‏ فاذا كانت الكلمة الكاذبة وأموال احلرام والدجلاالعامي والسيايس وحتى الديني ممن أساهم املرجعاملدريس ب ‏»رهبان السلطة«‏ تؤدي اىل سفك الدماءوانتهاك االعراض ودمار شامل،‏ فان الكلمة الطيبةوالفكرة البناءة من شأهنا ان تنقذ البلد والشعببأكمله من فتن ظلاء و دفع نحو شفري اهلاوية.‏إن لغة االعتدال واحلكمة والعقل،‏ هيالتي ختيف االرهاب التكفريي سواءً،‏ كمفردةومفهوم،‏ أو عى شكل جماميع من امللثمناملوتورين أو املغرر هبم،‏ السباب عديدةامهها:‏ عدم قدرهتم عى الرد،‏ ألن ‏»فاقداليء ال يعطيه«.‏ فهل لدهيم احلكمة واملنطق،‏وهم ينتهجون القتل والقسوة با حدود؟ واالمراآلخر واألكثر خطورة عليهم،‏ انسجام القيم واملفاهيماالخاقية مع االنسان املطالب بحقوقه،‏ فاذا تيقنحتقيق مطالبه املروعة من خاهلا،‏ لن جيد احلاجة اىلاللجوء اىل اساليب غري اخاقية وغري انسانية تفقده رشعيةاملطالبة،‏ وهذا ما خيشاه االرهابيون القادمون من خارجاحلدود،‏ وحتديداً‏ تنظيم ‏»القاعدة«‏ ألهنم يعدون أنفسهمحاملن لواء املطالبة باحلقوق التي يدعون اهنا ‏»مضيعة«‏ يفاالنبار ومناطق اخرى.‏وما جاء يف كلمة ساحة املرجع املدريس مؤخراً،‏ ودعوت ه السياس ين يف الع راق،‏ اىل التح يّ‏ باملزي د م ن احلكم ةوتقديم املصلحة العليا للباد واعتاد الرؤى واحللول التيجتمع العراقين وال متزقهم.‏ يمثل باحلقيقة رسالة اىل منهيمه األمر وسط نريان املعارك الدائرة يف االنبار،‏ بأن خياراحل رب ولغ ة العن ف والفت ن الطائفي ة،‏ ليس ت ق در الع راقوالعراقين،‏ السيا وأهنم دخلوا مرحلة جديدة من التاريخ،‏وأمامهم فرصة عظيمة للتحول اىل ما هو أفضل وأحسن،‏عندما يطوون صفحة الثقافة الديكتاتورية اىل األبد،‏ حينئذتنطوي صفحة االرهاب التكفريي والعنف اىل األبد ايضاً.‏3


وراء األخباراالنتخابات البرلمانيةوالمطالباتالملحّ‏ ة بالمشاركةالجماهيريةيف الثالثين من شهر نيسانالقادم يستقبل العراق والعراقيون،‏ثالث جتربة النتخابات جملسالنواب،‏ مما يفترض أن تكونالساحة السياسية واالجتماعيةعلى قدر من النضج،‏ ولو مبقدارالعقد الكامل من الزمن على عمرالدميقراطية،‏ بيد ان التنافساحملموم واالرتباك يف االجراءاتوالتحركات،‏ نالحظها سيدةاملوقف،‏ وهو ما يالحظه املواطنالعراقي يومياً،‏ يف وقت يعيش هوباألساس حالة إحباط من األداءالسياسي بسبب استمرار االزماتمن كل صوب وناحية.‏فمنذ أن بدأ احلديث عناالستعدادات إلجراء االنتخاباتالربملانية،‏ وسواءً‏ على صعيدالكيانات والشخصيات الطاحمة،‏أو على صعيد االجراءات الفنيةللمفوضية العليا لالنتخابات،‏واملساعي جارية على قدم وساقلرغيب وحتفيز الناس على القدوماىل مكاتب االقتراع يف اليوم املوعود.‏فالبعض سخّ‏ ر كل شيء إلرضاءفئات معينة ممن حتتاج اىل قطعةأرض سكنية أو فرصة عمل،‏ أو ايشيء آخر،‏ فيما بادر البعض اآلخراىل إطالق مشاريع ومبادرات ذاتطابع انساني وثقايف تبعث علىالشعور بالثقة والسالمة والتماسكبين صفوف الشعب العراقي.‏ حتىبلغ احلال أن يصرح عريف حفلزواج مجاعي يف حمافظة ميسان‏)العمارة(،‏ وهو يتوجه باخلطاباىل املتزوجن اجلدد،‏ شباباً‏ وشابات،‏بأن ينتخبوا من ساهم يف هذااملشروع اخليري واالنساني..‏ وهويشير اىل تشكيل مؤسسة تتكفلشؤون املعوقن بسبب االلغام يف هذهاحملافظة،‏ وقال ان ‏»مكتب رئيسالوزراء«‏ استجاب للنداءات املتكررةبهذا الشأن و...‏ هذه التحركات،‏إن كان هلا بعض الفائدة لبعضالناس،‏ فانها تفرغ االعمال الواجباختاذها من املسؤول أزاء اجلماهر،‏من حمتواها،‏ حيث ال خيتلف اثناناليوم يف العراق،‏ على أن الكثيرالكثير من املشاريع واالعمالما تزال تنتظر التنفيذ،‏ ورمبااصبح امراً‏ مألوفاً‏ ان يسمع الناسباملشاريع واملبادرات خالل احلملةاالنتخابية،‏ سواء على صعيدجمالس احملافظات او جملسالنواب.‏ومن دون أية مؤشرات اودالالت،‏ أبدت جهات حكومية وغرحكومية يف العراق خشيتها منعزوف العراقيين من املشاركة يفاالنتخابات القادمة.‏ كأن تصدرارقام واحصائيات من استبيان اواستطالع للرأي أو غير ذلك حولاملشاركة او عدمها يف االنتخابات،‏إمنا هنالك جمسّ‏ ‏ات خاصة لدىالكيانات السياسية تستشعر بهامشاعر وتوجهات الرأي العامالعراقي،‏ وقد ثبت مبا ال يقبل الشكحالياً،‏ أن هناك تذمّ‏ ‏ر كبير وعدمارتياح من التجربة الدميقراطيةبرمتها،‏ وأن شرحية كبيرة منالناس ترى عدم جدوائية يفاملشاركة مرة اخرى يف االنتخاباتالربملانية،‏ عندما يرون االسقاطاتباجلملة وانشغال السياسينباملصاحل الفئوية والشخصية،‏ بدالً‏من املصاحل العامة.‏ وجاءت فكرة‏»البطاقة االلكرونية«،‏ كخطوةعلى طريق جتسير العالقة بيناملواطن العراقي وبين صندوقاالقراع،‏ حيث ستكون هذه البطاقةمن الناحية العملية،‏ مبنزلةاملقياس الدقيق لعدد املشاركناملدلين بأصواتهم يف صناديقاالقتراع.‏ ويف الوقت ذاته فان الفكرةترمي اىل تطمين الرأي العامبدرجة عالية من النزاهة والدقةوعدم وجود أي احتمال بالتزوير،‏وهو اشارت اليه املفوضية العليالالنتخابات،‏ على لسان املتحدثباسم املفوضية مقداد الشريفي،‏بأن مفوضية االنتخابات وضعتالعديد من اخلواص االمنية يفالبطاقة االلكرونية ملنع تزويرهااو التالعب بها او استخدامها اكثرمن مرة واحدة«.‏لكن هذا مل يكن كل شيءيف األمر..!‏ إذ مسع الناس دعواتملحّ‏ ‏ة من اطراف عديدة ليسللمشاركة يف االنتخابات،‏ وإمناالذهاب اىل املراكز املخصصةالستالم البطاقة االلكرونية هذهاملرة،‏ استعداداً‏ لليوم املوعود،‏ وهذهاشارة ثانية ومثيرة للتساؤل علىالشعور باحتمال تراجع املشاركةيف هذه االنتخابات.‏ويتسائل املراقبون واملهتمون،‏عن سبب اخلشية من عزوف الناسعن املشاركة يف االنتخابات،‏ وعدمالبحث يف اسباب هذا العزوف،‏وعدم حتذير الساسة والطاحميناىل املناصب من مغبة إطالق وعودكاذبة ثم التهرّ‏ ب من املسؤولية.‏


وراء األخبارالنجيفييبحث فيواشنطن عنحقوق المكوّنالسنّيالحظ مراقبون االهتمامامللحوظ من االدارة االمريكيةبزيارة رئيس جملس النوابالعراقي أسامة النجيفي اىلواشنطن،‏ تزامناً‏ مع املعارك الدائرةالتي تشهدها حمافظة االنبار بيناجلماعات االرهابية والتكفرية،‏وبين العشائر العراقية املسنودةعسكرياً‏ من احلكومة.‏ فقد متيّزاستقبال املسؤولن االمركيينللنجيفي بالتفاعل والتفاهم،‏كما حُ‏ ظي االخر بلقاءات متعددةمع مسؤولن كبار،‏ فاضافة اىلالرئيس االمركي باراك أوباما،‏التقى مرتين بنائبه جو بايدن،‏وزير اخلارجية جون كري،‏ كمااستقبل يف مقر اقامته بواشنطن،‏رئيس هيئة االركان املشتركة،‏اجلنرال راي اوديرنو،‏ وهو اجلنرالالذي شغل لفترة من الزمن قيادةالقوات االمريكية يف العراق.‏ويأتي الرحيب االمركيامللحوظ بالنجيفي،‏ بعد الزيارةالتي قام بها رئيس الوزراء نورياملالكي،‏ يف تشرين الثاني املاضي،‏وايضاً‏ الزيارة التي قام بها رئيسالقائمة العراقية،‏ اياد عالوي،‏ قبلشهر من ذلك،‏ مما أوجد اعتقاداً‏لدى املراقبين بأن هنالك حرصاً‏من الساسة يف بغداد،‏ وحتديداً‏املتنافسين على السلطة والنفوذيف العراق،‏ على كسب التأييداالمريكي لتحركاتهم،‏ السيماوأن العراق يتأرجح حالياً‏ بينجناح التجربة الدميقراطية يفاالنتخابات القادمة،‏ وبين التحدياألمني والعسكري يف املنطقةالغربية.‏ فقد أعقبت زيارة املالكياىل الواليات املتحدة،‏ إندالعاالشتباكات واملعارك يف االنباربعد استشهاد اللواء حممد الكرْ‏ وي،‏أحد قادة اجليش العراقي خاللمواجهات مع اجلماعات االرهابية،‏االمر الذي أطلق شرارة احلرب،‏ودفع برئيس احلكومة ألنيعطي أوامره بالتحرك صوباالنبار لالقتصاص من القتلة ثمتصفية حساباته مع ما كان يسمى‏»ساحات االعتصام«‏ واملتسببنباغالق الطريق الرئيسي اىلاالردن وسوريا،‏ وايضاً‏ بارتكابجرائم قتل عديدة حبق مدنيينوعسكرين.‏ وأتبع ذلك وصولمروحيات ومعدات عسكريةمتطورة أفادت اجليش العراقي يفتوجيه ضربات موجعة وقوية اىلأوكار االرهاب متمثالً‏ بتنظيم‏»داعش«‏ يف االنبار.‏وهذا ما دفع بعض املراقبيناىل االعتقاد جزماً‏ أن واشنطنتريد من خالل الرحيببالنجيفي،‏ إرسال إشارات اىلاملالكي بأن املروحيات واالسلحةاملتطورة التي بعثتها،‏ وايضاً‏ التأييداالمريكي وكذلك الدولي يفمعركته ضد ‏»االرهاب«،‏ ال جيبأن يكون اداة يسخرها خلدمةمصاحله اخلاصة او الفئوية يفاالنتخابات القادمة،‏ على حسابسائر الكيانات السياسية،‏ وليسأدلّ‏ على ذلك،‏ االتفاق يف وجهةالنظر بين النجيفي واالمركينبضرورة املشاركة يف اختاذالقرار وعدم االنفراد به يف بغداد،‏وهو ما ال ترضاه واشنطن بأيحال من االحوال.‏ لذا دعا الرئيساالمركي ونائبه خالل استقبالالنجيفي،‏ على ‏»احلاجة إلجراءاتسياسية وأمنية من أجل مواجهةاإلرهاب يف العراق«.‏ وذكرتاملصادر إن االثنين ناقشا اجلهودلدمج قوات العشائر رمسيا يفالوحدات العسكرية واألمنيةخالل قتاهلا ضد االرهاب.‏وحسب مصادر أخرى يفالواليات املتحدة فان النجيفي طلبمن االدارة االمريكية الضغط علىاحلكومة العراقية للتقدم حنواملزيد من املشاركة السياسيةوالتداول السلمي يف السلطة،‏وعدم إثارة حفيظة املكوّن السنيّ‏ ،وهو االمر الذي تفهمه الرئيسأوباما بشكل جيد،‏ بل ال خيفىعليه باألساس التقاطعات املوجودةيف الرؤى واملصاحل والتوجهاتبين املكونات املوجودة يف العراق،‏وحتديداً‏ املكونات الثالث:‏ الشيعي،‏والسني،‏ والكردي.‏ وهذا ما دفعالنجيفي ألن يصرح من واشنطنمطالباً‏ املالكي بأن يترك القتالضد ‏»داعش«‏ واجلماعات االرهابيةألهل االنبار ‏)السنّة(،‏ يف إشارةاىل التوقف عن أعمال القصفاجلوي ملدينة الفلوجة ومناطقاخرى من االنبار،‏ وهو ما يتناغممع رغبة وارادة أقرب حلفاء املالكييف ساحة املواجهة ‏»امحد ابو ريشة«،‏الذي دعى اىل املزيد من الصالحيةللعشائر ألن ختوض احلرب ضداالرهاب،‏ حيث ادّعى مؤخراً‏ أن لديهخطط متكاملة القتحام الفلوجةوحتريرها من ‏»داعش«‏ بشرطتوقف القصف اجلوي.‏وهنالك اعتقاد واسع يف االنبارولدى املكوّن السنيّ‏ برمته،‏ بأناملالكي يريد ان تكون العشائر أحدأذرع احلكومة لقتال االرهابيين،‏ الأن تكون جسماً‏ مستقالً‏ يتخذ قرارهبنفسه.‏ ولعل هذا جوهر ما حبثهالنجيفي يف واشنطن،‏ وهو السبباألساس يف تأخر عملية حتريرالفلوجة واستمرار األزمة واملعاناةاالنسانية يف حمافظة االنباربرمتها.‏5


وراء األخبارحملة في السعودية لترميز ‏»الشيخ النمر«‏لقيادة الحراك السياسيبدأت قوى املعارضة يفاملنطقة الشرقية من السعودية،‏بتحرك جديد يهدف اىل تكثيفالعمل املعارض اهلادف اىل تغييرالواقع السياسي يف البالد مبا حيققالعدالة واملساواة واحلرية لكل افرادالشعب السعودي،‏ السيما ابتاعمذهب اهل البيت،‏ عليهم السالم.‏فقد أطلق عدد من الناشطنيف املنطقة الشرقية محلةً‏ علىشبكة التواصل االجتماعي ‏»تويتر«‏حتت عنوان ‏»النمر عنوان املطالب«،‏مؤكدين يف محلتهم أيضا علىاستمرار احلراك الشعيب الذييطالب بتحقيق املطالبة العادلةواملشروعة التي دافع عنها آية اهللالشيخ منر باقر النمر،‏ املعتقل لدىالسلطات بسبب مواقفه املعارضة.‏وقال أحد القائمين على هذهاحلملة الشعبية إن ‏»هذه احلملةتأتي تأكيداً‏ على مواصلة اجلمهورلدعمه ونصرته آلية اهلل النمر،‏واالستمرار يف املطالبة باحلقوقاملشروعة التي كفلتها الشرائعالسماوية فضالً‏ عن القوانيناألرضية،‏ والتي نادى بها شعبالقطيف األبي،‏ وضحى من أجلهابتقديم تسعة عشر قرباناً‏ وشهيداً،‏وعدداً‏ كبيراً‏ من املعتقلين وعلىرأسهم آية اهلل الفقيه الشيخ النمر والشيخ توفيق العامر،‏ املتهمن ظلماً‏خبلية التجسس املزعومة«.‏وأشار الناشط إىل وجودتفاعل ودعم إعالمي كبير هلذهاحلملة من قبل صفحات احلراكاحلقوقي والسياسي يف القطيف،‏وصفحات دعم الثورة يف خمتلفاملناطق داخل وخارج البالد.‏وشدد الناشط السعودي وأحدالقائمن على احلملة الشعبية علىضرورة تكثيف التغريد باللغةالعربية واالجنليزية،‏ والتواجدقبل موعد احلملة بربع ساعة،‏مضيفاً‏ انه سنعلن عن احلملة قبلالبدء مبدة 10 دقائق،‏ خشية أن يتماحتالله من قبل خفافيش التويترالتابعة لوزارة الداخلية السعودية.‏يذكر أن آية اهلل الشيخ النمرال يزال معتقالً‏ لدى السلطاتالسعودية منذ 8 من حزيران عام2012، ويعاني من ظروف صحيةحرجة بعد أن أطلقت عليه القواتالسعودية أربع رصاصات أثناءحماولة اعتقاله.‏ وقد خضع لعدةعمليات جراحية إلزالة الرصاصالتي تركزت يف فخذه،‏ إال أنالسلطات السعودية ما زالت عاجزةبل غير مبالية للرصاصة الرابعةوالتي ما زالت تعتنق عظم فخدالشيخ منذ عام ونصف العام.‏ويأتي هذا التحرك اجلديد،‏لكسر حالة الركود واجلمودالسياسي،‏ يف الساحة السعوديةبشكل خاص واخلليجية بشكل عام،‏حيث يالحظ املراقبون حالة الرقّباالقليمي والدولي ما تؤول اليهالتغييرات على الساحة السورية،‏حيث اخلسارة السعودية الفادحة،‏بعد جلوس املعارضة قبالة الوفداحلكومي يف ‏)جنيف 2(، من جهة،‏والساحة اللبنانية،‏ حيث التنافسالشديد واحملموم على النفوذ بينالقوى السياسية هناك،‏ وميثلتيار ‏»‏‎14‎آذار«‏ الذراع املنفذ للسياساتالسعودية يف هذا البلد.‏ ورمبا يرىاملراقبون،‏ إنها خطوة ذكية مناملعارضة الستباق االحداث وترميزقادة العمل الرسالي يف الساحةوعدم ترك مناطق فراغ تستغلهاالسلطات احلاكمة يف تدعيمموقفها أمام الرأي العام العاملي،‏على أنها عامل االستقرار الوحيدالذي حيقق طموحات الشعبالسعودي.‏


وراء األخبارمصر..‏االحتفالبنجاحالعسكرفي تحقيقالديمقراطيةأحيا املصريون يف خمتلفمناطق البالد ذكرى ‏»ثورة 25يناير«،‏ التي أطاحت بنظام احلكمالديكتاتوري العسكري،‏ ومثلهحسني مبارك،‏ واستمر يف ادارةالبالد منذ عام 1952. وقد جاءتاالحتفاالت على مرور العام الثالثعلى اإلطاحة مببارك،‏ واالستبشاربنظام دميقراطي،‏ تعددي يف مصر،‏يف ظل موجة عنف شديدة ملتشهدها البالد يف تارخيها املعاصر،‏حيث شهدت البالد سلسلة مناعمال التفجير واالغتياالت يفالقاهرة ومناطق اخرى،‏ منهاشبه جزيرة سيناء،‏ حيث يتهماملعارضون احلكام اجلدد بدفعمصر حنو الديكتاتورية القدميةرغم الثورة وتقديم العشرات منالشهداء على طريق الدميقراطيةواحلرية.‏املعطيات االخيرة من الساحةاملصرية تشير اىل أن الفريق أولعبد الفتاح السيسي الذي ما يزالحيتفظ مبنصب وزير الدفاع،‏حتول اىل رجل املرحلة واملنقذللشعب املصري من حالة االنفالتاألمني واالضطراب السياسي منذايام حكم الرئيس املعزول حممدمرسي،‏ وما تاله من احداث عنفبين املؤيدين واملعارضين لقرارعزله واإلطاحة به.‏ وجاء االستفتاءعلى الدستور،‏ ليكون النقطةاالجيابية الثانية التي تسجلحلساب السيسي بعد قراره عزلمرسي يف الثالثين من متوز العاماملاضي.‏ واول اخلاسرين يف هذهاملعركة هم ‏»االخوان املسلمون«‏الذين انقلب عليهم االمر عندماانقلبت اجلماهير على الرئيس،‏فبعد ان حتولوا اىل تنظيم حمظوروارهابي،‏ بدأت سلسلة اعمالارهابية تهدد أمن واستقرار البالد،‏مما جعل كل أصابع االتهام تتجهاىل هذا التنظيم مبسؤوليته عنها،‏وكان آخرها التفجير االنتحاريبسيارة مفخخة استهدف مبنىمديرية أمن القاهرة،‏ مما أدى اىلمقتل أربعة على األقل وإصابة)76( آخرين.‏ وحسب املراقبين،‏ فانهنالك اطراف داخلية وخارجية،‏حتاول االحياء بأن املستقبل لنيكون يف صاحل السيسي،‏ السيمامع ورود انباء عن احتمال ترشحهالنتخابات الرئاسة.‏ فقد حولتهذه االطراف،‏ مصر اىل ساحةمواجهات عنيفة بن أنصار الرئيساملعزول وبين قوات الشرطةواجليش،‏ بل وحتى مع انصارالسيسي،‏ وبات املشهد السياسييتأرجح بين من يؤيد مرسي،‏ وبنمن يؤيد السيسي،‏ ويرفع انصارالرئيس املعزول،‏ قميص الشرعيةأمام انصار السيسي،‏ على أن االخرقام بانقالب عسكري على رئيسمنتخب،‏ بينما يقول اآلخرون:‏إن السياسات اخلاطئة التي اتبعهامرسي هي الي أدت به اىل اهلاوية،‏حيث احتشد اآلالف من املصريينيف القاهرة ومدن اخرى مطالبينبتنحي مرسي عن احلكم.‏املراقبون السياسيون،‏ يروناالستحقاق الدميقراطي يفمستقبل مصر،‏ عندما تسرعاحلكومة احلالية باجراء انتخاباتبرملانية تكون تتوجياً‏ لنجاح عمليةاالستفتاء على تعديالت يف الدستور،‏إذ ما تزال ابواب جملس الشعباملصري مقفلة امام نواب الشعب،‏بيد ان استمرار اعمال العنف يفالشارع بين جبهتن متثالن منطنمن التفكير وااليديولوجية،‏ جيعلالناس العاديين الذين ميثلون‏»االغلبية الصامتة«‏ اكثر بعداً‏ عنالتجربة الدميقراطية واالهتمامبتوفير لقمة العيش،‏ وهذا ماالحظه املراقبون يف النسبة املتدنيةمن املشاركة يف االستفتاء االخيرالذي بلغ )%40( رغم ان التصويتجاء بنسبة عالية بلغت )%98( ب‏»نعم«‏ على التعديالت يف الدستوراملصري،‏ وهو االستفتاء الثاني الذيخيوضه املصريون بعد االطاحةبنظام مبارك،‏ وجتربة النظامالدميقراطي.‏ومما يؤخذ على الدستوراجلديد،‏ الظالل الكثيفة للعسكرعليه،‏ وإعطاء صالحيات كبيرةللمؤسسة العسكرية،‏ رغمالتطمينات املوجودة من االطرافالسياسية والدينية على أنمن شأنه ان يضمن استقراروهوية مصر،‏ و"خيلق توزاناً‏ بينالسلطات التنفيذية والتشريعيةوالقضائية".‏ ومما جاء فيه،‏ مادةقانونية تعطي احلق مبحاكمةمدنيين يف حمكمة عسكرية.‏ لذايرى املراقبون إن االسراع يف إنضاجالتجربة الدميقراطية يف مصر،‏وحدها الكفيلة بوضع حد لدوامةالعنف الدموية التي يسقط فيهايومياً‏ القتلى اجلرحى يف الشوارع،‏من خالل حتديد موعد لالنتخاباتالربملانية والرئاسية،‏ وإخراج البالدمن الوصاية العسكرية،‏ وفسحاجملال امام مشاركة سياسيةواسعة وتداول سلمي للسلطة.‏7


بصائرأمن واستقرار العراق أمانةاهلل في رقاب الجميعال يجوزلكل انسان انيفجّ‏ ر املوقف بالأهداف واضحةوخطط صريحةوبال خارطةطريق* إعداد / هيأة التحريرالبد ان نعرف،‏ أن ما جنده يفالعامل من تطور متصاعد عرب التاريخليس صدفة وال عبث امنا يأتيهذا التطور بسبب وجود تطلع عنداالنسان كفرد واالنسان كمجتمعيدفعه دوماً‏ وأبداً‏ اىل االمام . فنزعةالتكامل وفطرة التطلّع اىل االمامحقيقتان ال ميكن لنا ان نوقفهماحتى بقوة النار واحلديد.‏هذا التطلع الدائم عند االنسانيدفع باجملتمع اىل ان يبحث عناإلصالح الذي هو جزء من التطلعإلن االنسان حينما يريد ان يتقدمسيجد امامه بعض العقبات،‏ وسيجدمن مينعه عن ذلك او حياول انيبعده عن ذلك،‏ ولكنه يف ما اذا جاهدوكافح وحاول سيكون هناك اصالح،‏ولكن يف بعض االيام وبعض الظروفتكون عملية االصالح صعبة اىلدرجة جتعل اجملتمع يف كبت وقمعوال جتعل هناك فرصة كافيةلإلصالح.‏* اإلصالح الدائم يغنيعن انفجار الثوراتحنن نرغب يف ان تتم عمليةاالصالح بصورة مستمرة حتىال حتدث ثورات،‏ ولكن ليس كلمانتمناه يتحقق،‏ حنن نرغب يفان نرى أمام اجملتمعات فرصللتطوير واالصالح والتطلع اىلاالمام خصوصاً‏ يف عامل اليوم،‏ حيثاصبحت البالد املتباعدة،‏ كبلد واحدبل قرية واحدة بفضل كل ما هنالكمن اسباب التواصل.‏ فحينما جند -مثالً-‏ دولة تتقدم وتصل اىل ما تصلاليه من مستويات رفيعة يف كلشيء،‏ ثم نبقى حنن متخلفين فأنناجيب أن ال نرضى ونقبل بذلك.‏ حنننرغب يف ان تتفهم الدول والسلطاتو املسؤولن عن الفكر والثقافةعن التعليم و الدين و..،‏ تطلعاتاجملتمع وال يكبتوها،‏ فاالفكار السيئةواخلرافية التي انتشرت وامتدت عربالتاريخ،‏ هذه االفكار وامثاهلا كبتتالشعوب بإسم الدين وهو منها ومنامثاهلا براء.‏* ال ثورة سليمة بال خارطة طريقاالمام احلسين،‏ عليه السالم،‏كان مثالً‏ أعلى ضد الظلم والطغيانوقد اعلنها كلمة واضحة وصرحية:‏‏»مل أخرج أشراً‏ وال بطراً‏ ولكن خرجتلطلب االصالح...«.‏ إنه املثل االعلى.‏و لكن بعد االمام احلسين،‏ عليهالسالم،‏ نشأت حركات اجتهت يفبعض مناحيها لشيىء من التطرفاو االندفاع،‏ البعض قالوا إنه،‏ عليهالسالم،‏ استشهد،‏ فلنستشهد حننكذلك،‏ وبعض احلركات كانتمتطرفة اكثر من الالزم،‏ فجاءاالمام زين العابدين،‏ سالم اهلل عليه،‏ونشر حقائق التوحيد وعلّم الناسوأدّبهم وثقفهم على انه ليس أي


بصائرحالة،‏ هي حالة ثورية صحيحة،‏وال جيوز لكل انسان ان يفجّ‏ ‏ر املوقفبال أهداف واضحة وخطط صرحيةوبال خارطة طريق،‏ وحسب فهميلدور االمام زين العابدين،‏ عليهالسالم،‏ فإن دوره الريادي كان يفهذا املنحى،‏ باالضافة - طبعاً-‏ اىلادوار ومناحي اخرى عظيمة ومهمةالختفى على أحد.‏حنن،‏ ومنذ ثالث سنوات اماموضع يُسمى ‏»الثورات العربية«‏ او‏»الربيع العربي«..‏ وبصراحة اقول:‏ أنكل امة وكل شعب خيتزل الثورةيف داخله ما دامت العوامل لذلكمتواجدة،‏ فاذا مل جيد هذا الشعبالتحول االجيابي يف حياته،‏ وملجيد ما كان يصبو اليه من احلريةوالكرامة واحلقوق والعدل،‏ فهذا اليعني ان هذه القيم متُ‏ سخ وتضمحليف داخله،‏ بل سوف تراكم وتتعاظمقوتها الداخلية ثم تنفجر يف يوم منااليام.‏ ولذا حنن يف مثل هذه احلالةعلينا ان نفكر يف خارطة طريقسليمة وحمكمة هلذه الثورات.‏* حل مشاكل العراق باحلواروالتشاور ال بالسالحاليوم؛ يف العراق هناك ايضاً‏تطلعات للشعب،‏ وإلهلنا يف اجلنوبوالوسط،‏ و أهلنا يف الشمال،‏ ويفاملنطقة الغربية وتطلعات مشروعة،‏و لكن يف بعض االحيان،‏ تأخذ هذهالتطلعات - لالسف الشديد - منحىخاطئاً‏ وسيئاً،‏ فالبعض نراهميتفقون مع األجانب ويأتون ببعضاملسلحن ويتفقون مع هذه الدولةوتلك ويهدمون بيوتهم بأيديهم..!‏قبل فترة خاطبت املنطقة الغربيةوقلت:‏ انتم اهلنا..‏ تعالوا نتحاورونتفق،‏ ال تعتقدوا أن هناك أحد يفالعامل حيبكم وينتصر لكم ويتعاونمعكم اكثر من أهلكم يف بلدكمالواحد.‏ اتركوا هذه االفكار املتشددة،‏وحنن ال نرفض او ننكر أن لكمتطلعات كما باقي ابناء الشعب،‏ وهيمن حقكم،‏ وحنن نؤمن بها،‏ ثم انناال ندّ‏ عي ان احلكم يف بلدنا هو حكماالمام علي السالم،‏ عادل وال تشوبهشائبة بكل تفاصيله،‏ وال ندعي باننانستطيع ان حنقق كل شيء جبرةقلم،‏ و كلنا يف هذا الوضع سواء،‏فالوضع السيئ حيوط بنا مجيعاً،‏و حنن ال نريد ان حنل مشاكلنابالسالح،‏ وال بالصياح وكالمالسوء عرب االبواق االعالمية،‏ مثلبعض وسائل االعالم و الفضائياتالتحريضية.‏ وقد مسعت بأذني منفضائية تتدعي املوضوعية،‏ كالمٌ‏مشين لشخص ما وهو حيرّ‏ ضاملنطقة الغربية ويقول:‏ ‏»أين أزيزرصاصكم..«؟!‏إن هذا وامثاله،‏ وهذه االقوالوالتحريضات املسيئة واخلبيثة تأتيمن أناس جيلسون يف اخلارج ويدعونالناس اىل التقاتل،‏ ثم أمل تأخذواالعربة مما جيري يف سورية..!؟ وهلتريدون لغرب العراق أن يصبح مثل‏»حلب«؟!‏ ملاذا ال تفكرون مبوضوعيةوإنصاف؟ أين العقالء؟ وقد قلتسابقاً‏ و أكرر:‏ ان املنطقة الغربيةمليئة باملعادن واخليرات مما الحيصيها إال اهلل تعاىل،‏ وهذه املنطقةمن املمكن ان تنمو بأفضل ما يكونوتعيش بافضل ما يكون.‏ ثم هناكنظام احملافظات واالقاليم،‏ ولديناالدستور فيه متسع،‏ وبطبيعة احلالرمبا ال يستجيب رئيس احلكومة أوجملس وزراء او الربملان او مؤسساتالدولة،‏ لكن يف نهاية املطاف،‏ ما دامهنالك إطار واحد وتستطيع عرب هذااالطار حتقيق اهدافك بشكل قانونيصحيح،‏ فتعال وأعمل لتحقيقهابعيداً‏ عن السالح والقتال والدمار.‏فمما يبكي أن جند يف بلدنا وشعبناتقاتل..‏ أال ينبغي ان نبكي على ماجرىو جيري؟ انتم يا أهلنا يف الفلوجةواالنبار..!‏ كم وكم قلنا لكم أبعدواعنكم أولئك احملرّ‏ ضين واملسببنللصراع والتقاتل واخلراب،‏ فهل منالصحيح واملفيد أن يهجّ‏ ر السكان منالفلوجة واالنبار نتيجة ما متارسهوتسببه تلك اجلماعات؟ وبالتأكيدإننا يف كربالء املقدسة،‏ نستقبلأهلنا هؤالء،‏ وحنن يف خدمتهم،‏وأهالً‏ بهم يف مدينة االمام احلسين،‏عليه السالم،‏ التي تستقبل كلاملسلمن من كل مكان.‏ حنن أهلكمفال تسمحوا جملموعة من املغرضينو املخربين يأتون مع ما لديهم مناسلحة،‏ منها السالح االعالمي،‏فيخربوا بلدكم،‏ حنن ال نتحملهذه املسؤولية،‏ وأنتم أيها السياسيونواملفكرون واحلكماء واالعالميون،‏فكروا مبا تقولون وتنطقون بهومعانيه،‏ وبنتائجه.‏ ختلّوا عناالثارات التحريضية،‏ الطائفية،‏واحلميات اجلاهلية،‏ وتوجهوا اىلاهلل سبحانه.‏ وهنا علينا وعليكممجيعاً‏ أن نتدبر طويالً‏ يف قول ربناتعاىل يف سورة هود،‏ حيث يقول النيبشعيب،‏ عليه السالم،‏ لقومه:‏ ‏}يَا قَوْ‏ مِ‏أَرَ‏ أَيْتُمْ‏ إِن كُنتُ‏ عَ‏ ىَ‏ َ بَيِّنَةٍ‏ مِّن رَّ‏ يبِّ‏وَ‏ رَ‏ زَ‏ قَنِي ِ منْهُ‏ رِ‏ زْ‏ قًا حَ‏ سَ‏ نًا وَ‏ مَا أُرِ‏ يدُ‏أَنْ‏ أُخَ‏ الِفَكُ‏ مْ‏ إِىلَ‏ مَا أَهنْ‏ ‏َاكُمْ‏ عَ‏ نْهُ‏ إِنْ‏أُرِ‏ يدُ‏ إِالَّ‏ اإلِصْ‏ احَ‏ مَا اسْ‏ تَطَعْتُ‏‏ِي إِالَّ‏ بِاللَِّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ تَوَ‏ كَّلْتُ‏وَ‏ مَا تَوْ‏ فِيق‏ِيبُ‏ {، مبعنى؛ أنا ال أريدوَ‏ إِلَيْهِ‏ أُناخلير لنفسي فقط،‏ وال اقول لكماتركوا هذا وذاك..‏ ثم اخالفكم وأعمل مبا أنهاكم عنه،‏ ثم إني ال أريدمن ذلك ‏»إالّ‏ اإلصالح ما أستعطت«،‏فهذا هدف عظيم،‏ أن يبحث االنسانعن اإلصالح وبالقدر املمكن،‏ وليسبالقدر املطلوب،‏ انه درس جيب أننتعلمه ونعي بصائره ملعاجلة امورناومشاكلنا.‏ال أملك إال أن أعود وأذكروأقول إلخواننا من املسؤولن مجيعاً،‏وإلهلنا يف املنطقة الغربية،‏ ويفالوسط واجلنوب،‏ ومن خالل هذااملنرب:‏ أمانة اهلل يف رقابكم..‏ انتممسؤولون عن هذه اللحظة واملرحلةالتارخيية،‏ انتم تذهبون وحنننذهب والتاريخ ال يرحم..‏ واهلل تعاىليقول:‏ ‏}وقفوهم اهنم مسؤولون{،‏فكروا بشكل موضوعي.‏ ارجعوا اىلعقولكم واىل حكمائكم،‏ احبثوا عناالهداف واملصاحل العليا للشعبوالوطن،‏ العراق به خيرات و ثرواتكثيرة وهائلة تكفي وتسع اجلميع،‏موقع جيد وشعب مسامل آمن يريدالطمأنينة والتعايش املشترك بسالموحمبة وتعاون،‏ فال متزقوا الناس،‏ابدوأ احلياة من جديد،‏ حتاوروا معبعض،‏ عندكم مؤسسات رمسيةفإجلسوا ناقشوا.‏ وأي انسان يريداالصالح يؤيده ويسدده ويوفقهاهلل إلنه تعاىل مع االصالح واحملبةوالسالم..‏ و هذه كلمتنا ودعوتناحنن أيضاً.‏ال نريد اننحل مشاكلنابالسالح،‏ والبالصياح وكالمالسوء عرباالبواق االعالمية،‏مثل بعضوسائل االعالمو الفضائياتالتحريضية9


المرجع و األمةالمرجع المدرسي :على الجيش العراقي أن يكون شجاعًاودقيقًا في توجيه ضرباته الى اإلرهابييندعا مساحة املرجع الديني آية اهللالعظمى السيد حممد تقي املُدرّسي،‏ الشعبالعراقي من كل االطياف واملناطق اىلدعم ومساندة اجليش والقوات األمنية يفالتصدي خلطر األرهاب.‏ وقال مساحته يفجانب من إحدى كلماته االسبوعية التييلقيها مبكتبه يف كربالء املقدسة امامحشد من الوفود والزائرين إننا : ‏»نشد على يداجليش العراقي وندعمه يف مواجهته للزمراإلرهابية وعليه أن يكون حازماً‏ وحامساً،‏ويف نفس الوقت أن يفرق بين اجملرمينوالضحايا من الناس املغرر بهم..‏ و علىأبناء الشعب العراقي بكل أطيافه ومناطقهأن يقفوا مع جيشهم يف عملياته العسكريةالتي يشنها ضد اإلرهاب..‏ و نأمل أن حيسماجليش املوقف مع أصول اجلرمية،‏ والتحليمبزيد من الدقة و الشجاعة يف مواجهةاإلرهاب واستخدام األساليب السلمية معاملغرر بهم إذا رجعوا اىل جادة الصواب..«.‏واضاف مساحته:‏ ‏»أننا نهيب بأبناءاملنطقة الغربية للوقوف مع جيشهمالعراقي يف مواجهة اجلماعات االرهابيةو ذلك سوف يفتح هلم الطريق حنو األمنوالسالم وبناء حمافظتهم التي عانت والتزال بسبب التنظيمات اإلرهابية«.‏ويف هذا السياق أكد مساحته على أن: ‏»الشعب العراقي اثبت وحدته برغم كل ماتعرض له من إرهاب ومتزيق خالل السنواتاملاضية ألنه شعب حيوي وعلى قدر عالٍ‏ منالوالء للدين وللوطن وسيبقى صامداً‏ وقوياً‏وال ميكن تقسيمه،‏ وقد عرب شعبنا عن نفسهوحيويته ووحدته بهذا االسلوب الرائع يفاكثر من مرة ومناسبة والسيما يف زيارةاالربعين،‏ فلييأس االعداء وليعلموا بأنهذا الشعب يبقى موحداً،‏ صامداً،‏ متحدياً‏ملن يريد ان ينال منه«.‏ واضاف مساحته يفجانب آخر من كلمته:‏ جيب ان ننظر اىلاالمور نظرة بعيدة جتعل املنطقة الغربيةآمنة مستقرة وتستطيع ان تساهم يف إعمارنفسها و العراق،‏ و ايضاً‏ يف ادارة البالدوالعباد،‏ وأي منطقة ومجاعة ومكون جيبأن يكون حاهلم حال بقية أبناء الشعب وجيبأن اليفكرنّ‏ أحداً‏ بإن عقارب الساعة ميكنترجع اىل الوراء يف العراق.‏وعلى الصعيد ذاته دعا مساحة املرجعاملُدرّسي خالل استقباله نائب رئيس جملسحمافظة كربالء املقدسة علي املالكي،‏ إىلتعبئة الشعب العراقي يف مواجهة خطراالرهاب وما يسمى بزمرة ‏»داعش«‏ والقاعدة.‏مشيراً‏ اىل أن:‏ ما يسمى بتنظيم ‏»داعش«‏االرهابي مهزوم ال حمالة،‏ ولكن هذا ال يعيأن العراق لن يناله األذى منهم،‏ فالعراقيواجه اإلرهاب سواء يف الداخل او اخلارج،‏وعلى املرجعيات والشعب أن يقدموا املزيدمن الدعم املعنوي ملواجهته ودحره،‏ ولذلكو ملواجهة اخلطر القادم عرب هذه التنظيماتاإلرهابية،‏ نهيب بالشعب مجيعه استحضارالروح الوطنية التي دافع بها أجدادهم يفثورة العشرين،‏ للدفاع عن العراق.‏واضاف مساحته:‏ ‏»كل الدالئل تقول أنداعش سيهزم شر هزمية على أيدي اجليشالعراقي الن العراق كدولة تطور كثيراً‏عما كان عليه يف السابق بعكس ما تعتقدالدول الداعمة لإلرهاب«.‏من جانب آخر أكد مساحة املرجعاملُدرّسي خالل اللقاء إن:‏ ‏»على املسؤولنيف البالد االلتفات اىل أهمية وضرورةالتخطيط والعمل لتفعيل املصانع العسكريةمن اجل تزويد اجليش العراقي بالسالحوالعتاد الكايف دون االستعانة باخلارج«.‏ كمادعا مساحته احلكومة احمللية يف كربالءاملقدسة اىل:‏ ‏»املزيد من االهتمام بالبنيةالتحتية للمحافظة ألن اإلهمال كانوالزال واضحاً‏ على مدينة كربالء املقدسةمنذ زمن النظام البائد وحتى اآلن«.‏


المرجع و األمةفي ذكرى المولدالنبوي الشريف:‏المرجع المدرسييدعو الىاستبدال ثقافةالصراع والطائفيةبثقافة السالموالتعاونقال مساحة املرجع الديني آية اهللالعظمى السيد حممد تقي املُدرّسي إن:‏‏»التنظيمات التكفرية و اإلرهابية المتتّ‏ للدين بأية صلة،‏ وجيب أن نواجهثقافة االنتقام واالقتتال التي تتبناها هذهالتنظيمات املنحرفة،‏ بثقافة الراحم التييتعطش هلا العامل يف كل مكان«.‏ واضافمساحته يف جانب من كلمة القاها باحملفلالسنوي مبكتبه يف كربالء املقدسة مبناسبةاملولد النبوي الشريف ان:‏ ‏»على العلماء وطلبةاحلوزات العلمية يف العراق والعامل،‏ مواجهةالفكر املنحرف الذي يدعو إىل التضادواالقتتال بثقافة اإلسالم التي تدعو إىلالرمحة والتعايش..‏ ونسأل اهلل أن ال يدفعنارد الفعل للرد على هذه التنظيمات اجملرمةبذات الطرق التي يعتمدونها معنا«.‏واشار مساحته اىل أن:‏ ‏»البشرية تقدمتيف حقول شتى إال أنها تعيش واقعاً‏ مليئاً‏بالكوارث واحلروب حيث تصرف امليزانياتعلى التسلح بهدف اهلدم واحلرق حتى صارعاملنا،‏ عامل الوحوش،‏ والبقاء فيه لألقوىوليس لألصلح«.‏ و أوضح مساحته أن سببذلك يعود إىل:‏ ‏»القواعد الفكرية املنحرفةالتي يعتمد عليها العامل والي أنتجها علماءوفالسفة التضاد الذين يصورون للناس أناحلياة قائمة على أساس التضاد والتناقضوالقسوة واالنتقام والقوة«.‏ وشدد مساحتهعلى أن ‏»ما ميكنه أن جيعل العامل اليوم يفسالم وأمان هو اإلميان واحملبة والرمحةوالتعاون بين البشر ال ميزانيات التسلح،‏او االعتماد فقط على القوى األمنيةوالعسكرية«.‏واشار مساحته يف كلمته باملناسبة اىلإن ‏»إرسال األنبياء مظهر من مظاهر اإلصالحوالرمحة باخللق من قبل اهلل تبارك وتعاىل،‏ودعوتهم للناس مجيعاً‏ باالبتعاد عن العدوانوالبغي والكذب واخليانة وكل اإلعمالاملنكرة والتي تعاني منها البشرية يف وقتنااحلاضر.‏فنبينا االكرم ورسالة اإلسالم جاءترمحة للعامل بأمجعه وثقافته تواجهالثقافات املنحرفة بالقيم اإلهلية التي بينهاالنيب األكرم حممد،‏ صلى اهلل عليه وآاله،‏وآهل بيته األطهار،‏ عليهم السالم«.‏وشدد مساحته بالقول:‏ ‏»على اجلميعتقع مسؤولية كبرة يف سبيل انتزاع ثقافةاالختالف والصراع و الطائفية وتبديلهابثقافة السالم والتعاون واحملبة والوئام،‏وهذا ما فعله النيب االكرم،‏ والقرآن الكريمباجلزيرة العربية التي كانت بؤرة للفسادوالتشظّ‏ ي واختالف القبائل بأبشع صورة،‏ولكن ثقافة القرآن وحكمة واخالق نيبالرمحة،‏ غيرت حاهلم وجعلتهم أمة عزيزةمنصهرة يف بوتقة واحدة،‏ وكم حننحباجة يف عصرنا الراهن اىل العودة اىلروح االسالم،‏ واىل القيم املثلى التي جسدهاالنيب األكرم،‏ واهل بيته،‏ صلوات اهلل عليهم،‏لذا جيب ان نكون جدين يف رفع راية الدينوجوهره احلقيقي الذي يدعو اىل االصالحوإشاعة السالم واالحرام املتبادل بن البشر«.‏واضاف مساحته:‏ ‏»اقول لكل مسلمشيعي و سني:‏ ‏»إن القرآن الكريم و النيباالكرم واهل بيته،‏ صلوات اهلل عليه،‏ سفينةالنجاة و ابواب رمحة اهلل،‏ فتعالوا مجيعاً‏حنمل هذه الراية ونبث روح احملبة والسالموالتكاتف..‏ أيها اخلطباء و العلماء و احلوزاتواملراكز العلمية من شيعة وسنة..‏ عليناأن نكون دعاة خير ورمحة و سلم و صلحوحمبة كما يأمرنا ديننا و نواجه الكراهيةوالنعرات الضالة املُضلة..‏فالقبائل املتناحرة وحّ‏ دها الرسولاالعظم،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ واالمة بناهاوصاغها بسيرته وبالقرآن الكريم،‏ وعالجتشتت االمة اليوم هو الرجوع لذات السيرةوالتعاليم واملنهج القرآني الواضح واملنير«.‏11


المرجع و األمةالمرجعالمدرسييحذر مناستمراربقاء ثقافةالنظامالبائدأكد مساحة املرجع الديني آية اهللالعظمى السيد حممد تقي املُدرّسي على أن:‏‏»االسالم احلنيف يبصّ‏ ر الناس جبذورالفسادويهديهم اىل الطريق السليم القتالعها،‏ومن اعراض الفساد يف االرض حالة التمزقوالتحزبات التي تفرق الناس وتدفعهم اىلالصراع واهلدم والتخريب«.‏وأضاف مساحته يف جانب من حديثله مبكتبه يف كربالء املقدسة أمام مجعمن الوفود الزائرة واساتذة وطلبة احلوزاتالعلمية،‏ ان ‏»اهلل تعاىل خلق الناس ليتعارفواويعرفوا حبقوق بعضهم البعض،‏ أما الطغاةالذين ارادو ان حيكموا السيطرة على الناسفلم جيدوا طريقاً‏ اال اإلفساد بتمزيق الناسطائفياً‏ وخلق الصراعات..،‏ ويف كثير مناالحيان هذا الفساد العريض الذي يورثهالطاغية يستمر من بعده فيذهب الطاغيةولكن تبقى هذه الطائفيات واخلالفات منبعده.‏ وحنن اآلن يف العراق نشهد مثالً‏لذلك..‏ فما زرعه النظام البائد يف العراقمن جرثومة االختالف والصراع ال يزالينتج مثاره اخلبيثة والعالج لذلك يتمبعمل اصالحي مستمر وجدي من قبلالقادة ومؤسسات وقوى اجملتمع«،‏ مشيرا اىلان ‏»الطاغية املقبور مضى لكن ثقافته التيزرعها وجعل بها اهل العراق شيعاً،‏ التزال- مع االسف-‏ تعشعش يف النفوس والبعضحياول االستفادة من هذه الثقافة املقيتةلكي يصلوا اىل اغراضهم«،‏ منوهاً‏ اىل أن‏»هناك بعض املواد يف الدستور جيب ان يُعادالنظر فيها فنحن جيب ان نصوغه ليؤمن لنااملزيد من الوحدة والتالحم«.‏ويف هذا السياق أكد مساحته ‏»انعلى اجلميع تقع مسؤولية كبيرة يفسبيل انتزاع ثقافة االختالف والصراع والطائفية وتبديلها بثقافة السالم والتعاوناحملبة والوئام«،‏ و اوضح مساحته ‏»ان ثقافتناوتأرخينا حافل حباالت ومواقف اساسيةومنها منهج االمام علي،‏ عليه السالم،‏وتضحيته للحفاظ على االسالم وكياناألمة من التمزق،‏ وهكذا كان صلحاالمام احلسن،‏ عليه السالم،‏ حيث نستفيدوتستفيد األمة من هذه التجربة،‏ السيمايف يومنا الراهن،‏ حيث نستلهم ثقافة السالمومجع الناس حول القيم،‏ وهذه الثقافةحافظت على تعادل ووحدة االمة مناالنهيار.‏ فاألمة االسالمية عاشت لفتراتمن تأرخيها يف سلم ووئام ليس باملخابراتو القوة العسكرية التي كانت تبطش بلبثقافة القيم االميانية وحنن أحوج ما نكوناىل مثل هذه الثقافة اليوم يف العراق وباقيبالد األمة وشعوبها«.‏ واضاف مساحته:‏ ‏»كمحنن حباجة اىل العودة اىل روح االسالم واىلالقيم املثلى التي جسدها النيب وأهل بيته،‏عليهم السالم،‏ من اجل زرع اواصر احملبةوالوئام يف النفوس..!‏ ومهما كانت دواعياخلالف فإن هناك بالتالي،‏ نظام و قانون،‏وهناك دولة و دستور وقيم ودين وبالتاليجنعل من كل ذلك مرجعية يف حلاخلالفات وتكريس التفاهم والتعاون وليسالصراع والتمزق،‏ وهذه الثقافة هي الرسالةالي ملسناها وشاهدناها يف حشود املالين منابناء الشعب الذين مشوا اىل مرقد األماماحلسين،‏ عليه السالم،‏ يف هذا الربد القارصو املخاطر الي كانت تواجههم،‏ فهذه ليستثقافة احلرب والتمزق ألن االمام احلسين،‏عليه السالم،‏ باب واسع للرمحة وسفينةجناة تسع اجلميع،‏ وهذا هو اساس الدين.‏فهذه السفينة الربانية يتجه الناس حنوهامن مجيع الطوائف واالديان والطبقات إلنهاسفينة السالم والنجاة واالصالح،‏ وهذه هيثقافة االسالم والقرآن ودعوة النيب االكرم،‏صلى اهلل عليه واله.‏ هذه هي ثقافة االماماحلسين،‏ عليه السالم.‏ الذي رفض أن يبادرإعدائه بقتال يف يوم عاشوراء«.‏وختم مساحته بالتأكيد على أننا‏»نريد إلنفسنا وللعامل كله أن يعود اىل هذااالصل القرآني الذي يؤكد أن اهلل خلقالناس سواسية،‏ وجعلهم شعوباً‏ وقبائللكي يتعارفوا،‏ وليس ليتصارعوا..‏ واذا فعلناذلك فسوف نكون اقرب اىل األمن والسلمواالستقرار،‏ واقرب اىل اهلل،‏ إلنه سبحانهمع اجلماعة ونكون اقرب اىل احلضارة إلناحلضارات ال تبنى بالتمزق واالختالف«.‏


المرجع و األمةالمرجعالمدرسييدعوالمعنيينالى مواجهةاالرهاببطريقة‏»التورثنامشاكلجديدة«‏قال مساحة املرجع الديني آية اهللالعظمى السيد حممد تقي املُدرّسي ان علىالدول واملسؤولن سواء يف العراق او أيمكان يف العامل،‏ التفكير والعمل اجلدّ‏ ي علىمعاجلة وباء االرهاب وفق أسس وخططواساليب صحيحة على املستوين،‏ التكتيكيواالستراتيجي،‏ باالستعداد املسبق،‏ واآلنياملرحلي،‏ واملستقبلي.‏ موكداً‏ على أن هذهاملعاجلة جيب أن ترتكز على بعدين اساسين:‏مواجهة االرهاب ومقاتلته،‏ ومعرفة وتشخيصدوافعه واسبابه ومعاجلة جذوره.‏وأكد مساحته خالل كلمة له امامحشد من الوفود مبكتبه يف كربالء املقدسة،‏على إننا والعامل أمجع،‏ ‏»جيب أن نعمل دائماً‏على ثقافة درء السيئة باحلسنة من خاللاالستعداد والوقاية املسبقة وعدم االنتظارللبحث عن عالج بعد وقوع املشاكل واالزماتواستفحاهلا..‏ فيجب أن نفكر دائماً‏ ومسبقاوعلى كافة الصعد سياسياً‏ وأمنياً‏ واقتصادياً‏واجتماعياً‏ يف كيفية عالج املشاكل وحلهابأفضل و أجنع السبل وليس حلها بطريقةقد تورثنا مشاكل جديدة وما هو أسوءمنها«،‏ واوضح مساحته ان:‏ ‏»االستعداد املسبقواملعاجلات الصحيحة واملدروسة للمشاكلواالزمات قد حتول العدو اىل صديق،‏ وذلكحباجة اىل سعة أفق وصدر وحكمة وإنسانمتميز ومتفوق..«،‏ وتابع مساحته إن:‏ ‏»القرآنالكريم يدعونا و يوجهنا بأن ندرأ باحلسنةالسيئة،‏ وال ندعها تصيبنا و حتيط بنا بلنبادر منذ البدء بدرئها باحلسنة واملعاجلةالسليمة إلن درهم يف الوقاية خير من قنطاريف العالج ». واوضح أن :« الفرق بين من ينتهجسياسة درء السيئة،‏ باالستعداد والوقاية منهاوبالتالي عدم وقوعها واحاطتها به،‏ وبين منيعاجل السيئة بعد أن ينتظرها حتى تأتيه،‏فيعاجلها،‏ هو الفرق بين من يتقدم ويسبقومن يتأخر ويتعثر.‏ وقال مساحته يف جانبآخر من كلمته ان:‏ ‏»من أشد ما نعانيه يفالعراق هو االرهاب وعلى القوات واالجهزةاالمنية وعلى شعبنا بكل اطيافه ومناطقه أنيكونوا منتبهين ويقظن وعلى أعلى درجة مناالستعداد ملواجهته ودحره«،‏ وأكد بالقول:‏‏»يف العراق الجيب أن يكون األمن الذي تعيشههذه املنطقة او تلك،‏ مدعاة للغفلة والرهل،‏بل البد من ختطيط واستعداد مسبق ملواجهةاالرهاب إلن كل العراق مهدد وعلينا مجيعاأن النغفل،‏ ونكون يقظين ومستعدين دائما«.‏ويف اشارته اىل اسباب وجذور االرهاب قالمساحته:‏ ان:‏ ‏»الفقر واالضطهاد والقمعوالدكتاتورية والقوانين الظاملة،‏ كلها اسبابتولد االحباط الذي يعيشيه االنسان وهذااالحباط أحد االسباب الرئيسية التي تدفعبالكثرين يف دولنا وجمتمعاتنا حنو االرهابوالتطرف«.‏واوضخ مساحته ايضا أنه :« جيب توفيرما ميكن من شروط احلياة الكرمية حتى اليصاب الناس باالحباط والسخط واالنكساروحتطم النفوس.‏ وأكد مساحته أن ‏»ممايسهم يف معاجلة وباء االرهاب جذرياً‏ واحلدمن تفعيل قانون وثقافة القرآن بدرء السيئةباحلسنة من خالل بناء سياسة حكيمة ونزيهةوباحلرية والدميقراطية واحلوار والقوانينالصاحلة واقتصاد عادل يوفر الرفاه للجميع«‏ .13


حوارالسيرة الذاتيةالشيخ عبد الغني عباسفي حوار مع ‏)الهدى(:‏يتمكن المثقفمن نشر الثقافةالنهضوية عندمايكون بعيدًا عنالضغوط السياسية• ولد سماحة الشيخ عبد الغني محمد آل عباس في مدينة القطيف ، شرق السعودية.‏• مع تصاعد موجة الصحوة اإلسالمية في عقد السبعينات،‏ اختار الشيخ سبيل الهجرة،‏ قاصدًا الدراسة في الحوزات الدينية،‏فانضم في ريعان الشباب إلى حوزة اإلمام القائم العلمية،‏ ودرس فيها المقدمات تحت اشراف نخبة من األجالء األفاضل.‏• بدأ الدراسة في مرحلة ‏»السطوح«‏ على يد آية اهلل الشيخ المحمدي البامياني - دام ظله-‏ وحضر بعد ذلك أبحاث الخارجعند كل عدد من العلماء األعالم،‏ أبرزهم:‏ سماحة المرجع الديني آية اهلل العظمى السيد محمد تقي المدرسي،‏ وسماحة آية اهللالشيخ الخاقاني،‏ وسماحة آية اهلل الفقيه السيد عباس المدرسي،‏ و سماحة آية اهلل الشيخ فاضل السلطان.‏• ساهم في إدارة جملة من الحوزات الدينية،‏ مثل حوزة اإلمام القائم بالسيدة زينب عليها السالم،‏ في سوريا،‏ وايضًا فيادارة الحوزة العلمية بالقطيف.‏• اهتم الشيخ آل عباس بجملة فعاليات ونشاطات ثقافية،‏ وفيها أبدع وقدم الكثير في ميادين الكتابة والخطابةوالشأن االجتماعي والقرآني.‏ ففي الكتابة أسهم في رفد دوريات ومطبوعات عديدة منذ أواسط الثمانينات،‏ كما صدرتمؤلفات عدة منها:‏ ‏»تطلع أمة قراءة في أفكار آية اهلل المدرسي«.‏ و ‏»القرآن والشريعة«،‏ و»كيف نفهم الواقع«،‏ في مجالالخطابة،‏ خاض هذا الميدان منذ أوائل التسعينات،‏ حيث كانت باكورة خطابته في لبنان لعامين متتالين ثم ارتقى المنبرالحسيني في السيدة زينب بسوريا،‏ ثم استمر خطيبًا في بالده حتى هذه الساعة.‏ وقد تميزت خطابته بالتركيز على البصائرالقرآنية ومعالجة االتجاهات الفكرية بعد رصدها،‏ السيما في ما يتصل بالنهضة الثقافية.‏ وفي الجانب االجتماعي يسعىسماحته إلى بناء جيل صالح وتربيتهم وفق المنهج الرسالي القويم،‏ وذلك ضمن دروس متفرقة في الفقه والثقافة والدراساتالقرآنية.‏ وفي الشأن القرآني أسهم في مع نخبة من األفاضل في تأسيس ‏»مؤسسة القرآن نور«‏ عام 1423 للهجرة،‏ ضمن تصورخاص للعمل القرآني بحيث تكون متصدية إلبراز ثقافة قرآنية رسالية معمقة.‏* أجرى احلوار:‏ حممد عيل جوادالتقيناه خالل الزيارة األربعينية،‏حيث وصل مع عدد من الزائرين الكراممن املنطقة الشرقية يف السعودية،‏ فكانتالفرصة الي نستثمرها كل عام للقاء رموزالثقافة والفكر الرسالي يف العامل االسالميالذين يفدون اىل مدينة احلسين،‏ عليهالسالم،‏ ألداء مراسيم الزيارة..‏ متيز برؤيتهالشمولية والثاقبة وحديثه الدقيق الذيأصاب كبد احلقيقة يف معظم اإلجاباتالتي تضمنها هذا احلوار الذي بين يديالقارئ الكريم:‏• لنبدأ من الساحة الثقافيةوالفكرية..‏ مع وجود التعددية يفاالفكار و الرؤى واالجتهادات،‏ كيفترون السبيل إليصال الفكر والثقافةاألصيلة اىل األمة؟- بسم الله الرحمن الرحيمقبل أن نتحدث عن آليات وطرقوأساليب وصول الفكر اىل األمة،‏ ينبغيأن نتحدث عن مصانع األفكار التي ميكن


حوارمشكلتنا مع الذين يستنبطون الثقافة الدينية من منطلقاتعلمانية،‏ أنهم يعيشون يف جوٍ‏ علماين،‏ فيتأثرون به على حساب النصّ‏الديني15بواسطتها توجيه األمة يف مسارات واجتاهاتمعينة.‏ ويبدو لي حتديداً،‏ أننا حباجة يفهذه األزمنة اىل الركيز والتأكيد علىالثقافة النهضوية لألمة،‏ ذلك ألن األمةبقيت لفترة طويلة من الزمن،‏ أسيرةجلملة من الثقافات واالفكار السلبية،‏ سواءكان منشأ هذه االفكار،‏ استنباطناً‏ لالفكارالدينية،‏ او بسبب أدوات دخيلة من خارجاالطار االسالمي.‏ مبعنى أننا كلما نظرنااىل ثقافة سلبية يف األمة،‏ علينا ان نبحثعن مصادرها.‏مثالنا يف ذلك؛ الثورة الفرنسية..‏ فقدوجد الثائرون آنذاك مجلةً‏ من االفكارالسلبية املنتشرة يف اجملتمع الفرنسي،‏وكانت هذه االفكار مبنزلة العقبة والكابحأمام مسيرة الثورة الفرنسية.‏ فبدأ الثوريونبالبحث عن مصادر هذه الثقافة السلبية،‏وتوصلوا اىل ان مصادرها تنبع من السلطةالقائمة.‏فإذن؛ رمبا ال تكون هنالك قطيعة بينالسياسة وبين الثقافة،‏ إمنا يف كثير مناالحيان نالحظ ان السياسة توجه الثقافة.‏من هنا نقول:‏ علينا التأكيد على الثقافةالنهضوية يف األمة،‏ وتراثنا الديني مليءبهذه اجلذور التي تدعو األمة اىل النهضة.‏يكفي تارخينا أن نعود اىل عهد الرسولاألكرم،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ وكيفمتكن أن حيوّل ذلك اجملتمع الصحراوي،‏اىل جمتمع علمي وحضاري ومتقدم..‏ إنهاالثقافة النهضوية لإلسالم،‏ التي رفعت منشأن هذا اجملتمع وهذه األمة لرتقي مراتبأعلى من حضارة الروم غرباً،‏ وحضارةفارس شرقاً.‏ وال شك أن هذه هي مسؤوليةالعلماء واملفكرين واملثقفين والربويين،‏وعموم الناطقين بهذه الثقافة،‏ سواءٌ‏ منخطباء وكتاب وفقهاء،‏ عليهم أن خيرجوامن شرنقة األطر الضيقة،‏ وتوجيه األمةوتزريقها بثقافة نهضوية حتى تصل اىلحياة العزّ‏ ة والكرامة والسعادة.‏• من املاحظ يف الساحة،‏ وجودتقاطع بن ما هو سيايس وما هوثقايف.‏ فكيف يمكن احلفاظ عى مكانةالثقافة من التأثّر باألجواء السياسيةومن حماوالت جتيريه وتوظيفه؟- األمر كما ذكرمت حتديداً..‏ هنالكاشكالية واقعية وحقيقية،‏ أال وهي التداخلبين السياسة والثقافة،‏ لكن يف ظنيّ‏ ، اذاوجدنا هيمنة للسياسة على الثقافة،‏ أووجدنا الثقافة مؤجرة أو مستأجرة - كمانالحظ يف كثير من االحيان السبابخمتلفة-،‏ علينا أن ننحو منحى االستقاللالثقايف.‏ واذا مل يكن املثقف أسراً‏ للسلطة،‏ أوحتى للشهوة،‏ او لقوى الضغط االجتماعي،‏آنئذٍ‏ يتمكن من أداء رسالته بأصالتهاوطيبتها ونقائها.‏ويف قصة الكليم موسى،‏ عليه السالم،‏مع فرعون،‏ نالحظ مثة جتليات و أبعاداً‏واضحة يف السياسة والثقافة واالقتصادوالربية،‏ بل هي مجاع من أبعاد خمتلفة،‏يذكرها اهلل تعاىل يف القرآن الكريم،‏إمنا السبب يف أنها غنية باملعاني والعربوالدالالت.‏ تقول اآلية الكرمية:‏ ‏}فَاسْ‏ تَخَ‏ فَّ‏قَوْ‏ مَهُ‏ فَأَطَاعُ‏ وهُ..{‏ ‏)سورة الزخرف /54(.فاذا وجدنا انسياقاً‏ من اجملتمع للسلطةالقائمة،‏ امنا له سبب،‏ وهو االستخفافالذي ميارسه النظام احلاكم،‏ ومثال ذلك‏»فرعون«.‏ لذااعتقد أناملثقف جيبأن يكون فارغالبال من مجيعهذه الضغوط.‏والشك هنا؛ أنهسيدفع ضريبةهذا االستقالل الثقايف،‏ من هنا جند أن دعاةاالستقالل الثقايف يكونوا دائماً‏ حمطّ‏ النظر،‏ألنهم حمصنون من الضغوط االجتماعيةوالسياسية.‏ ويف قصة ‏»فرعون«‏ نالحظ هذهالقضية؛ ‏}مَا أُرِ‏ يكُ‏ مْ‏ إِالَّ‏ مَا أَرَ‏ ى وَ‏ مَا{،‏مبعنى أنه يريد أن يكون هو مصدر الثقافة.‏وعليه؛ يف ظنيّ‏ ، املطلوب أن يلتصقاملثقف بنصّ‏ ‏ه..‏ نعم؛ هنالك جدلية بينالنصّ‏ والواقع،‏ لكن بامكان املثقف أن يسيريف مسار ال خيالف النصّ‏ وال الواقع..‏ وهذاحيتاج اىل دقّة يف التفكير يف استنباطالثقافة.‏ حنن يف بعض االحيان نالحظأن توجهاً‏ ثقافياً‏ يَستغرق يف جمال حبيثينسى الواقع،‏ ومثالنا يف ذلك،‏ االجتاهاتالصوفية،‏ أو االجتاهات الي ال تؤمن باجلهادوال بالتحرك،‏ أو تلك التي تعيش حالةاليأس لسبب أو آلخر.‏ آنئذٍ‏ يسعون لقراءاتمغلوطة من التاريخ االسالمي،‏ واذا حبثنايف جذور هذهالقراءات


حوارمصالح الدول الكربى،‏ لها دور يف تعجيل التغيريالسياسي،‏ قبل الثقايف،‏ وهذا إن دلّ‏ على شيء،‏ فانه يدلعلى ضعفنا وليس قوتهماملغلوطة،‏ جند مناشئها نفسانية،‏ وليستعلمية وصناعية دقيقة.‏ وهذه حتديداً،‏مشكلتنا مع الذين يستنبطون الثقافةالدينية ولكنهم متأثرون باألجواء العلمانية.‏لذا نالحظ شخصاً‏ يعيش يف جوٍ‏ علماني،‏فيتأثر به على حساب نصّ‏ ه الديني.‏ أظن؛ انالطريقة الفضلى حلل هذه االشكالية،‏ هوالتعامل مع النصّ‏ الديي بطريقة منسجمةمع الواقع.‏يف هذا اإلطار ايضاً،‏ نالحظ أن مفردة‏»املأ«‏ وردت )17( مرة يف القرآن الكريم،‏مرتان منها كان هلما دور اجيابي،‏ وهيحتديداً‏ يف قصة بلقيس ، ويف قصة يوسف،‏بينما يف )15( مرة كان هلا تأثير سليب علىاملصلحين،‏ وعلى الذين يدعون اىل الثقافةاملستقلة،‏ وهذه هي جتسيد لقوى الضغطاالجتماعي،‏ وتتبعها قوى الضغط املاليواالقتصادي ، كما تتبعها قوى الضغطالسياسي.‏ لذا أظن،‏ اننا حباجة - يف كثيرمن االحيان-‏ اىل فصل الثقافة عن القوىاملؤثرة،‏ ولكن هذا ال يعني فصلها عن الواقع،‏فاملثقف عليه أن يالحظ الواقع مالحظةً‏دقيقة،‏ وعينه األخرى على النصّ‏ الديني،‏لكن من دون الوقوع يف املؤثرات املختلفة.‏من هنا تتجسد خطورة هيمنة السياسة علىالثقافة،‏ ألنها تؤدي اىل حالة من اللبس بناحلق والباطل،‏ وبن االبيض واالسود.‏ فكلماكان املثقف بعيداً‏ عن هذه الضغوط ، متكنمن استنباط واستيحاء مجلة من الثقافاتاحلقيقية التي تؤدي اىل نهضة االمة.‏• هنالك ظاهرة التوجه نحو املعلومةوالفكرة الرسيعة باالستفادة من وسائلاالتصال املجانية،‏ واالعتاد الكلّ‏ عليهايف بناء الفكر والثقافة،‏ وعدم التوجهاىل مصادرها وهي الكتاب..‏ ما هياالسباب،‏ واالقراحات للتوجه نحواملطالعة ؟- يبدو لي أن اهلدف من املطالعة،‏ هوالتأمل.‏ ورمبا تكون القراءة،‏ أجلى وأعلىمصاديق التأمل.‏ تالحظون أن االنسان اذاقرأ سطراً‏ او مجلة او فكرة،‏ سيتأمل فيهامن خمتلف االبعاد،‏ وهذا ما نالحظه يفاستحباب قراءة القرآن الكريم،‏ حيث إناالنسان عندما يقرأ آيات الذكر احلكيم،‏يتأمل حروفها و اعرابها وكناياتها واحلالةالبالغية فيها،‏ وهذا رمبا يدفعه الستنباطمجلة من االفكار.‏ وكما تفضلتم؛ رمبا الجند هذا يف املعلومة السريعة،‏ ألن الباحثنعن املعلومة السريعة،‏ رمبا ال يلحظونجانب التأمل والتفكر إلعمال العقل الذييكون مبقدار أقل يف املعلومة السريعة،‏ منهيف حالة املطالعة .هنا يبدو لي أننا أمام أمرين:‏ االول:‏الدعوة اجلادّة اىل الكتاب،‏ واالمر الثاني:‏االستفادة من التقنية احلديثة يف جمالاملطالعة.‏ فعندما كنّا اطفاالً،‏ رمبا كانبامكاننا يف اليوم استقبال معلومة واحدة،‏بينما اليوم أوالدنا رمبا يأخذون مليونمعلومة يف هذا اليوم الواحد.‏ السؤال هنا؛كيف لنا أن نوجه املعلومة؟ فهذا هو بيتالقصيد..‏أظن؛ اننا كمتدينين نعيش هذهاألزمنة الراهنة،‏ ينبغي ان نعتمد علىالوجبات السريعة.‏ الوجبات الغذائيةالسريعة تسبب أذى للبدن،‏ بينما الوجباتالسريعة يف الثقافة رمبا تفتح ابواباً..‏مثال ذلك؛ لو أننا أعددنا قصاصة ورقيةحبجم الكفّ‏ تضم فكرة معينة،‏ ثم وزعناهاعلى الزائرين املشاة بين النجف األشرفوكربالء املقدسة،‏ كان أسهل وأيسرللقراءة من كتاب بصفحات عديدة.‏ ثمعلينا أن نتذكر أن التحول االنساني،‏ أحياناً‏يكون يف حلظة أو التفاتة خاطفة.‏ فحتىلو كانت هذه الوجبات السريعة ذات أثرسليب على إعمال العقل،‏ بيد ان بامكاننااالستفادة من هذه الطريقة،‏ باعداد وجباتثقافية خمتزلة وسريعة.‏ مثال ذلك برنامج‏»واتساب«‏ على اهلاتف احملمول،‏ بامكانه أنيؤدي دور القصاصة الورقية التي حتملفكرة سريعة.‏ من هنا؛ أجد أننا مطالبونبتبسيط الثقافة،‏ وعملية التبسيط هذه،‏حباجة اىل قدرة خاصة ، ألن تبسيط االفكارتنفعنا يف نشر الثقافة الرسالية.‏• ماذا عن آلية هذا التبسيط ساحةالشيخ؟- رمبا تكون اآلليات تبحث يف اوقاتها،‏امنا املهم واملطلوب،‏ تبسيط الثقافة اىلجزئيات عديدة،‏ ونغتنم الفرصة لنشرها.‏وهذه رمبا تكون وظيفة الكاتب،‏ فبدالً‏ منأن يكتب كتاباً‏ من مائة صفحة،‏ ليكتبكتاباً‏ من عشر صفحات.‏ ثم ال ننسى أناالقبال على القراءة قليل باألساس يف بالدنا،‏فاذا كان احلال هكذا،‏ من الصعب علينا انندعو القارئ لقراءة فكرة معينة.‏نعم؛ هنالك يف بعض االحيان خطابوإصدار للمتخصصين،‏ وهذا له أجواؤهوحمافله اخلاصة،‏ كما هو احلال يفاالوساط االكادميية،‏ حيث يكون الطالباجلامعي مطالباً‏ بأن يعتمد يف دراستهاجلامعية على املصادر العلمية املكتوبةوليست على مواقع النت،‏ وأن يكون للمصدرتاريخ الطبعة،‏ ومكان النشر وغر ذلك.‏ بينمايف التوجيه االجتماعي والثقايف ، علينااغتنام فرصة الوجبات السريعة اليصالالفكرة اىل املخاطب العام بالطرق املختلفة.‏• جربت شعوب املنطقة التغيريالسيايس،‏ فخرجت من نفق الديكتاتوريةلتدخل نفق الفوىض السياسية والثقافيةمعاً.‏ مر وتونس مثاالً.‏ ما السبيلباعتقادكم إلبعاد الثقافة عن التقلباتالسياسية وحماوالت التوظيف والتجيري؟- اذا نظرنا اىل االوضاع التي آل اليهوطننا االسالمي،‏ نصل اىل النتيجة التيذكرمتوها..‏ لكن باعتقادي املشكلة ليستيف التحوالت السياسية الظاهرية.‏ ألنالتحوالت التي جرت يف بعض جمتمعاتنا،‏كانت باحلقيقة خارج السياق الصحيح.‏مبعنى أننا حباجة أوالً؛ اىل حتوالتوانعطافات ثقافية،‏ حتى يُصار اىل إجيادحتوالت سياسية ثابتة وراسخة يف نهاية


حواراملطاف.‏ بينما اذا اختزلنا املراحل،‏ فحتى لوحققنا التحوالت السياسية،‏ فانه لن يفلحيف توفر األمن واالستقرار يف اجملتمع.‏ وهذاما الحظناه يف تونس ومصر،‏ بينما وجدناهبالعكس متاماً‏ يف ايران.‏ ففي هذا البلد كانالتغيير ثقافياً‏ بدايةً‏ ، ثم اجته لالنعطافةالسياسية،‏ لذا نالحظ التحوالت السياسيةيف السياق الصحيح.‏ أما اذا سبق التحولالثقايف،‏ التحول السياسي،‏ أظن أن التحولاالخير سيكون حباجة اىل زمن طويلملزامنة التحول الثقايف.‏ وهذا ال يقتصر علىاحلالة الثقافية،‏ إمنا ينسحب على سائرجوانب احلياة.‏من هنا؛ يف ظنيّ‏ أن علينا السير يفجمتمعاتنا ضمن املسار املرحلي حتى تكونالنتائج ثابتة.‏ من هنا؛ ال ميكن أن يكونخيارنا؛ التحول السياسي مع وجود الفوضىواالنفالت األمني وغرها،‏ ألن هذا التحولال ينفع اجملتمع.‏ وملعاجلة هذه االشكالية،‏علينا أن جنعل التغير جوهرياً،‏ ومن العمق،‏بأن نبي بنية حتتية،‏ ثم نتدرج حنو األعلى،‏حتى نصل اىل التغيير السياسي.‏لكن مشكلتنا اليوم - باحلقيقة-‏ هيأن مصاحل الدول الكربى والضغوط املوجودةخارج ارادتنا،‏ رمبا يكون هلا التأثير السليب،‏انه مؤشرايجابي وحسن،‏بأن ال يكوناملرتبون يفاحلوزات العلميةالوحيدين الذينيكتبون ويؤلفون،‏إمنا تكون ساحةالتأليف واالبداعللجميعوهذا إن دلّ‏ على شيء،‏ فانه يدل على ضعفناوليس قوتهم.‏ مبعنى أن العوامل اخلارجيةباتت اليوم مؤثرة على واقعنا وجمتمعنا.‏بينما حنن ابناء البلد واجملتمع،‏ عاجزونحتى عن إجياد حتوالت يف مستوياتناالطبيعية قبل أن نصل اىل التحوالت الكبرة.‏• جمتمعاتن ا االس امية تطم ح لأم نواالستقرار والعيش الكريم.‏ ما هيالرامج التفاعلية عى الصعيد االجتاعيوالثقايف التي من شأهنا مجع شملاملجتمع ، وتعطي أفقاً‏ ملستقبل واعد،‏ولنا يف املشاريع والرامج املوجودةعندكم يف املنطقة الرقية مثاالً؟- من حسنات مجلة من املشاريعاملوجودة يف املنطقة الشرقية من السعوديةحالياً،‏ أنها نابعة من الواقع ذاته،‏ ألن رمبايقيم االنسان مشروعاً،‏ لكن ال يتناسبمع الواقع االجتماعي.‏ لذا جند طلبةالعلم واالخوة العاملين يف املنطقة يسعونالبتكار وتقديم برامج تتناسب واملرحلةالتي يعيشونها.‏ وهنالك توجه اىل الفعالياتاالجتماعية بشكلها األعم،‏ من تغطيةحاجات الفقراء واملساكن،‏ وايضاً‏ العملالثقايف،‏ ضمن مشاريع خمتلفة،‏ يف مقدمتهااملشروع القرآني،‏ حبيث ال أظن،‏ منطقة أومدينة عندنا ختلو من مشروع قرآني،‏ سواءً‏على صعيد التالوة والتجويد،‏ أو على صعيدالثقافة والفكر والتدبّر.‏هنا جتدر اإلشارة اىل أن حركة الكتاب،‏تشهد نهوضاً‏ ملحوظاً‏ يف بالدنا،‏ مبعنى أنلدينا الشاب يكتب واملرأة تكتب.‏ وال أخفيك؛أن الفترة السابقة،‏ كان طالب العلم همرواد احلركة الثقافية يف السعودية،‏ بينمااليوم جند شرحية من املثقفين واملثقفاتوالشباب املؤمن واملتدين يكتب ويؤلف يفشتى اجملاالت األدبية والثقافية والفكرية،‏وهذا مؤشر اجيابي وحسن،‏ بأن ال يكوناملربون يف احلوزات العلمية الوحيدينالذين يكتبون ويؤلفون،‏ إمنا تكون ساحةالتأليف واالبداع للجميع،‏ ألن احلركةالثقافية باألساس تنبئ عن إعمال يف الفكروالعقل،‏ وتتطور شيئاً‏ فشيئاً،‏ وهذا أمرطيب،‏ إذ تتعزز الثقافة يف اجملتمع،‏ بابعادهااملتعددة،‏ من ثقافة اجتماعية أو اقتصادية اوحتى نفسية وسلوكية،‏ اىل جانب الثقافةالدينية البحتة.‏• ما هو السبيل باعتقادكم إلذابةاجلليد عن العاقة بن احلوزة واجلامعة،‏وجعله ا عاق ة تكاملي ة؟- هذا السؤال؛ مما جيب التأمل فيه ملياً،‏نظراً‏ اىل وجود العالقة املتوترة واملتشنجةبين احلوزة العلمية واجلامعة خالل العقوداملاضية.‏بدايةً‏ ؛ حنن ندعو طلبة احلوزة العلميةاىل مزيد من الثقافة،‏ كما ندعو طلبةاجلامعة اىل مزيد من املرونة،‏ ذلك أناحلركة هي باألساس،‏ تكاملية،‏ نعم؛ رمبايغرق طالب العلم أحياناً،‏ يف مجلة مرئياتهبعيداً‏ عن الواقع،‏ ورمبا ايضاً،‏ يغرق املثقف يفمجلة من مرئياته على حساب الدين.‏ وهذهمعادلة طبيعية،‏ فكل انسان يتجه باإلكثاريف باب،‏ يكون ذلك على حساب باب آخر.‏وهنا؛ ال أريد أن أحنو بالالئمة على احلوزاتالدينية وعلمائها،‏ وال على اجلامعات،‏ إمنامن خالل القبول باآلخر،‏ ميكننا الوصولاىل حالة مجعية بين األمرين،‏ مهما كانتالتعقيدات،‏ لذا أظنّ‏ ، أن النصّ‏ الديي،‏ جيبأن يكون هو احلَ‏ كَ‏ ‏م،‏ وعليه؛ أدعو أخواننااملثقفين واجلامعيين،‏ اىل تتبع احلالة17


حوارالصناعية يف النصوص الدينية.‏ رمبا أنتكمثقف تتعامل بطريقة معينة مع الفكروالثقافة،‏ لكن ال يصحّ‏ أن نغفل عن املكوّنالديني للثقافة والفكر.‏ واذا راجعنا عهداملأمون العباسي وحركة الرمجة التيشجع عليها،‏ جند أنها شكلت خطراً‏ كبيراً‏على الثقافة الدينية آنذاك.‏• ماذا تقصدون باحلالة الصناعية؟- املقصود؛ أن هنالك حالة منطقيةوأصولية مقبولة للتعامل مع النصوصالدينية،‏ فال يصحّ‏ ان نتعامل مع النصوصالدينية خبالف هذه احلالة.‏ فاذا كانتلدينا دالئل وقرائن ، جاز لنا االستناد اليها.‏وهذا النقاش دائر على الصعيد السياسيايضاً،‏ فحينما نتحدث عن ‏»والية الفقيه«،‏أو ‏»شورى الفقهاء«،‏ نسأل عن وجود النصّ‏احملدد أو الشكل السياسي هلذه املسألة..؟ وهلهناك شكل سياسي - ديي أم ال..؟ أم أن هنالكمجلة من املبادئ يف السياسة.‏ وللعلم هنا؛فان الفقهاء يعتمدون على احلالة الصناعيةيف املسائل الفقهية.‏ مبعنى أن الفقيه اليتوصل اىل نتيجة،‏ إال بعد االستناد اىل حالةمعينة داخل النصّ‏ ، رمبا تكون حالة بالغيةأو عرفية،‏ أو استفاد من كلمة معينة يفالنصّ‏ بطريقة معينة.‏ لذا أظنّ‏ أننا مجيعاً‏ ،السيما مثقفو زماننا اليوم،‏ عليهم ان يبحثواعن احلالة الصناعية الفقهية،‏ وكيف ميكناخلطر األكرب،‏يف التوصل اىلنتيجة أو تشريعمن نصّ‏ ديني،‏على ‏»االستحسان«‏أو ‏»املزاج«‏ أو‏»املناسبة«‏ التي اليوجد لها حمدداتو ضوابطان يتوصل االنسان،‏ وإن كان غير متدين أوطالب علم،‏ اىل نتيجة من نصّ‏ ديني.‏ أما اذاصار األمر مدار االستحسان واملزاج واملناسبةالتي ال يوجد هلا حمددات وضوابط،‏ أظنّ‏انه هو اخلطر األكرب.‏ وإذن؛ على احلوزةواجلامعة ان يتحاكما اىل طبيعة النصّ‏الديني - الصناعي،‏ فاذا كنت امتلك حالةصناعية بواسطتها توصلت اىل نتيجة،‏فذاك أمرٌ‏ مقبول،‏ ويف غير ذلك،‏ وحتى اذاكان طالب علم،‏ لكنه توصل اىل نتيجةبطريقة غر صناعية،‏ إمنا بطريقة ‏»ظنّية«‏أو ‏»حدسية«‏ مثالً..‏ هنا ال تكون النتيجةقطعية،‏ وال أكون ملزماً‏ باتباعه ، وهذا ماجيب على االخوة املثقفن تفهّ‏ م هذه احلالة.‏مبعنى؛ ان الضغوط االجتماعية وغرها،‏ الميكن ان تكون سبباً‏ تدفع الفقيه لتشريعمعن .• اذا اتفقنا عى وجود التنوع يفالرؤى واالفكار يف الساحة الثقافية،‏هل ترون من دور لعامل الدين يف توحيدالصفوف و تعزيز أوارص املجتمع؟- لإلجابة على هذا السؤال،‏ البد أن نقرحبقيقة وجود النسبية يف زماننا احلاضر..‏مبعنى أني ال أمتكن من اجلزم أني على حق،‏واآلخرين على باطل،‏ كما القول املشهور:‏‏»إني على حق،‏ وحيتمل أن يكون قولي علىخطأ،‏ وأنك على خطأ،‏ وحيتمل أن تكون علىقولك على صواب«.‏ وقبل احلديث عن القبولبوجود التعددية يف االجتهادات،‏ جيدر بياإلشارة اىل ضرورة البحث عن االجتهاداتاملقبولة واملتوافقة مع احلسّ‏ الصناعيالفقهي،‏ ذلك انه رمبا تكون بعض املسبقاتواخللفيات التي يتمتع بها الفقيه أو املثقف،‏سبباً‏ للوصول اىل النتائج،‏ حتى وإن كانتخاطئة.‏ لذا حنن نقبل باالجتهاد الذي يتوفرعلى مؤيدات من الواقع.‏ من هنا تأتي الدعوة- باحلقيقة-‏ اىل االهتمام بالقرآن الكريم،‏حتى يُصار اىل صناعة ما يشبه ‏»القاعدة«.‏فمن يقرأ القرآن الكريم ويتأمل فيه مراراً،‏رمبا تصنع له هذه القراءة قاعدة،‏ متكنه منأن يستحسن أو ال يستحسن.‏ وأظنّ‏ أن هذهالطريقة أفضل بكثير من أن يرك االنسانالقرآن ثم يستحسن،‏ ألن يف احلالة االوىل،‏يستحسن االنسان ضمن املسار القرآنيوالديني،‏ بينما اآلخر،‏ رمبا ال يكون له مسارحمدد.‏مع وجود هذا التعدد والتنوع يف االجتهاد،‏نصرّ‏ على أن عامل الدين،‏ جيب أن يكونعامل مجع ال عامل فرقة،‏ فاذا تصدّ‏ ى عاملدين ليكون عامل مجع يف منطقته أو بلدهأو أمته،‏ يكون قد أدى وظيفته احلقيقية.‏اما اذا انسلخ عامل الدين من وظيفة اجلمع،‏فانه سيكون مكرساً‏ لعامل الفرقة والتحزّبوالعصبية،‏ وهذا ميثل أكرب املخاطر التيتهدد جمتمعاتنا اليوم.‏ وهذا إن دلّ‏ علىشيء،‏ فانه يدل على أن الذين يسعونلتكريس الفرقة واخلالف ، ال ينظرون اىلاملصاحل العامة لألمة،‏ بينما نالحظ يف سيرةوحياة االنبياء والرسل أنهم كانوا يدعوناىل اجلمع ال التفرقة،‏ كما نالحظ،‏ أن بنرسول اهلل،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ كان هنالكالرومي واحلبشي والفارسي وغره،‏ كذلكاحلال عند األئمة املعصومين،‏ الذين احتوواكل التوجهات،‏ التي رمبا كانت مغايرة،‏لكن النهم كانوا يسعون اىل اجلمع،‏ متكنوامن استيعاب اجملتمع بأكمله،‏ وهذا ما جيبأن يقتدي به علماؤنا اليوم.‏• شكراً‏ ساحة الشيخ عى هذهاالجابات الدقيقة،‏ واتاحتكم الفرصةهلذا احلوار.‏- جزاكم اهلل خيراً،‏ وأرجو ان تكونكل كلمة تكتبونها يف هذه الصفحات،‏تكون يف ميزان أعمالكم.‏


رأيلكي نقتلع اإلرهاب من الجذور* الشيخ حممد حسن احلبيبتشهد الساحة اإلسامية موجات متنوعة وشديدةمن العنف واالحراب الداخي،‏ وقد أضاف إىل مانعاين منه لوناً‏ جديداً‏ من املشاكل واألزمات الداخلية،‏خصوصاً‏ وأنه التصق بصبغة اإلسام تارة،‏ وبالصبغةاملذهبية أخرى،‏ فالقتل وسفك دماء األبرياء واالعتداءعى كل مقدس وانتهاك حرمة بيوت الل،‏ وهدم البيوتالتي أذن الل أن تُرفع ويذكر فيها اسمه،‏ كل ذلك باسماإلسام وحتت ذريعة مقاومة املحتل وقواته الغازية،‏والتمك ن لقي ام دول ة التوحي د،‏ ب ل حت ى تفج ري املنائ رالتي يرتفع منها صوت التوحيد تكون هدفاً‏ مروعاً‏حتت تلك الذرائع.‏ونتيجة لذلك فقد عملت جهات رسمية وأخرىشعبية عى التصدي هلذه الظاهرة بطرق خمتلفة،‏ األبرزفيه ا املعاجل ات األمني ة،‏ تليه ا معاجل ات خجول ة محل تاسم املعاجلات الثقافية،‏ وهي يف الواقع ذات طابعوعظي أريد له تسجيل بعض املواقف املؤيدة للدولةوطريقتها يف معاجلاهتا األمنية.‏والذي يظهر من كل هذه اجلهود املبذولة بافيها املعاجلات األمنية أهنا تعاين من قصور أو تقصريشديدين،‏ أو أهنا يف أحسن األحوال والفروض مل حتققأهدافها،‏ وذلك ألهنا مثل كثري من األمراض،‏ إذا ملتعالج من اجلذور فإهنا ستعاود الظهور وربا أكثرمن سالف أيامها،‏ وهذا ما حصل فعاً..!‏ لذا ينبغيأن يستنفر عقاء األمة من العلاء واملفكرين واملثقفن،‏وإىل جانبهم الساسة وصُ‏ نَّاع القرار ملناقشة هذا املرضوالوقوف عى أسبابه وحتديد مصادر تغذيته والبيئاتاحلاضنة له،‏ وطرق معاجلته.‏من وجهة نظر الدين،‏ فان هذه املشكلة مل تكنبعيدة عن دائرة الضوء يف معاجلة اإلسام للمشاكلالتي حتيط ببني البر،‏ فمنذ األيام األوىل وقفاإلسام موقفاً‏ حازماً‏ ضد ظاهرة اإلفساد يف األرض‏)اإلرهاب(،‏ وقد ظهر ذلك املوقف احلازم يف حكمالقرآن الكريم عى املفسدين بالقتل،‏ أو الصلب بعدالقتل للعرة والعظة،‏ أو الصلب حتى املوت ‏)عىاختاف األقوال(،‏ أو قطع أيدي املفسدين وأرجلهممن خاف وإبقائهم حتى املوت أو النفي وهو أهوهنم،‏وجع ل أم ر التخ ري يف ه ذه العقوب ات للحاك م الع ادل.‏قال تعاىل:‏ ‏}إِنَّاَ‏ جَ‏ زَ‏ اء الَّذِ‏ ينَ‏ حيُ‏ ‏َارِ‏ بُونَ‏ اللَ‏ وَ‏ رَ‏ سُ‏ ولَهُ‏وَ‏ يَسْ‏ عَوْ‏ نَ‏ يفِ‏ األَرْ‏ ضِ‏ فَسَ‏ ادًا أَن يُقَ‏ تَّلُ واْ‏ أَوْ‏ يُصَ‏ لَّبُ واْ‏ أَوْ‏ تُقَ‏ طَّ عَ‏أَيْدِ‏ هيِمْ‏ وَ‏ أَرْ‏ جُ‏ لُهُ‏ م مِّنْ‏ خِ‏ افٍ‏ أَوْ‏ يُنفَوْ‏ اْ‏ مِ‏ نَ‏ األَرْ‏ ضِ‏ ذَلِكَ‏هلَ‏ ‏ُمْ‏ خِ‏ زْ‏ يٌ‏ يفِ‏ الدُّ‏ نْيَا وَ‏ هلَ‏ ‏ُمْ‏ يفِ‏ ِ اآلخرَ‏ ِ ة عَ‏ ذَ‏ ابٌ‏ عَ‏ ظِيمٌ‏ }‏)سورة املائدة /33(.وبعيداً‏ عن إشباع غريزة االنتقام لدى احلاكم،‏ كانال بد من حر دائرة املفسدين من خال تقديم األدلةالدامغة ضدهم وإال عُ‏ دَّ‏ احلاكم يف عداد املفسدين.‏وحينا تشيع حالة اإلفساد يف األرض وتصل إىل مستوىالظاهرة فإن االكتفاء هبذا النوع من العاج لن جيدينفعاً‏ لذا ال بد أن يكون إىل جانبها معاجلات فكريةوثقافية،‏ عى أن تسبقها مراجعات لبعض األفكارالتي تُسهم بطريقة أو بأخرى يف تفريخ أو تغذية هذهالظاهرة.‏ منها:‏أوالً:‏ العاقة بن الدين السياسيةمن املفرض أن تكون العاقة بن الدين والسياسةهي عاقة القائد بمقوده والتابع بمتبوعه،‏ فالدينأوالً‏ وأخرياً‏ هو احلاكم واملهيمن عى السلطة السياسةوشؤوهنا،‏ واألخرية ما هي إال أداة إلقامة شعائرهوتطبيق رشيعته يف كافة نواحي احلياة.‏ونظراً‏ للقراءات املتعددة يف فهم الدين واختافالرؤى يف تفسري نصوص الريعة،‏ فقد تم تقديماإلسام إىل العامة بأشكال متنوعة ويف بعض الصوريكون التناقض بينها واضحاً‏ وجليًّا،‏ وبغض النظر عنأثر العوامل الغريبة يف بلورة هذا الرأي أو ذاك،‏ إال أنهذا احلال فتحت املجال أمام ذوي املطامع واألهواءم ن الداخ ل،‏ ب ل ويف بع ض األحي ان م ن خ ارج دائ رةاملسلمن؛ لتوظيف الدين ألغراض سياسية،‏ ليقدمواتصوراً‏ خاصاً‏ يرر وجودهم كدول أو كحركاتوأحزاب،‏ ويضفي عليهم الرعية املستندة إىل الريعة.‏ثانياً:‏ الكفر واإلسامونتيجة للقراءات املتعددة يف فهم الدين ونصوصه،‏تنوعت املذاهب الفقهية والعقدية عند املسلمن،‏ وراحكل واحد منهم جيتهد يف حتديد الضوابط التي مَنْ‏ تقيَّدوالتزم هبا دخل يف عداد املوحدين وجرت عليه أحكاماإلسام.‏ فهناك رأي ينتهي إىل القول بكفر املسلمنمجيعاً‏ إال من ارتى عقيدهتم وقبل قوهلم.‏ومن الواضح البنِّ‏ أن بقاء هذا التباين بنالنظرتن يزيد من تنامي ظاهرة اإلرهاب ويوسع مندائرهتا أكثر مما عليه اليوم،‏ خصوصاً‏ وأن هذا التباينمل يبقَ‏ حبيس املجامع العلمية وغرف البحث واملناظرة،‏بل تعدى ذلك إىل املواجهة الشاملة،‏ فمن يقول بكفراآلخر وارتداده يبيح لنفسه استخدام كل الوسائلاإلعامية والربوية وغريها يف سبيل التعبئة والتجييشوصوالً‏ إىل االستالة والتأثري أو االستئصال.‏ثالثاً:‏ املقاومةاملقاومة حق مروع كفلته مجيع الديانات الساويةوالقوان ن الوضعي ة،‏ ف ا يمك ن ألح د أن يع رض ع ىمقاوم إذا وجَّ‏ ه سهامه ضد املغتصب واملحتل،‏ والأعتقد أن أحداً‏ يمكن له أن يناقش يف مروعيته يفأي مكان فا دام هناك قوة احتال وغصب فوجوداملقاوم ة م ن األم ور الطبيعي ة.‏ ولك ن النق اش يكم ن يفجدوائية املقاومة املسلحة،‏ وحدود املقاومة ولوهنا.‏هذه النقاط يمكن أن يكون االتفاق عليها طريقاً‏هنتدي من خاله إىل أسباب اإلرهاب واالحراب،‏والسبيل للخروج من هذا الكابوس الذي مل يوفر أحداً‏إال وأصابه بنريانه حتى من بذر بذوره وأمده باملالواالمكانات السياسية واالعامية.‏ فهل نفكر ونتفاكرفنهتدي إىل اقتاع اإلرهاب من جذوره،‏ أم ماذا؟--------------* عامل دين من السعودية19


‏قضية الشهر‏األمة..‏ والوصول الى المرجعية القيادية* الشیخ عبداحلسن الفرايتإن للرسل العظام كلمة واحدة،‏ جاؤواليبلّغوها للناس،‏ مهما فصل بينهم الزمنواختلفت االوضاع الي البستهم،‏ إنها:‏ ‏»ال إلهاال أنا«.‏ هذا يف جمال العقيدة،‏ كما يف قولهتعاىل:‏ ‏}وما أرسلنا من قبلك من رسولإال نوحي إليه أنه ال إله اال أنا{‏ ‏)سورةاالنبياء/‏ 25(، و يف جمال الشريعة،‏ كما يفقوله تعاىل:‏ ‏}إن ه ذه امتك م أم ة واح دةوانا ربكم فاعبدون{‏ ‏)سورة االنبياء/‏ 92(.إن ‏»ال إله اال اهلل«،‏ فلسفة يف العقل،‏وانسجام يف الفطرة وشعور يف الوجدان،‏ و‏»فأعبدون«..‏ هي الفاعلية يف النفس باحلبواخلضوع،‏ و حركة يف االركان واجلوارحبالركوع والسجود،‏ وانها منهج يف احلياةيتبعه البشر فيسعدون.‏اآلية الكرمية،‏ تذكرنا حبقيقةما أكربها..!‏ وما أغفلنا عنها وهي؛ ما داماإلله واحداً‏ فالبد أن تكون السيادة واحدة،‏والعبادة واحدة،‏ والطاعة واحدة،‏ فال جيوزاخلضوع لسيادة،‏ وال إتباع أحد،‏ وال طاعةنظام مل ينزل به اهلل من سلطان..‏ وهذا ماتصرّ‏ ح به اآلية األوىل.‏ويف اآلية الثانية تكون االمة االسالميةأمة واحدة،‏ ووحدتها نابعة من وحدة إجتاههاالفكري والعملي.‏ فاهلل هو ربّ‏ هذه االمة،‏فيه يعتقدون الفكر وإياه يعبدون يف العمل.‏ثم يستحيل أن يأذن اهلل بانضواء البشر حتتلواء سواه،‏ كما تفيده اآلية الكرمية:‏ ‏}وماأمروا إالّ‏ ليعبدوا اهلل خملصن له الدين{،‏أي ان خيلصوا له الدين والطاعة،‏ ويوحدوهيف السيادة.‏ ومبعنى أن الذي خيضع لدينمن جانب،‏ ولغره من جانب آخر،‏ مل خيلصالدين،‏ بل خلطه بغره.‏هذه املبادئ الي يقرها االسالم ويؤكدعليها،‏ تشمل ناحيتن من حياة االنسان علىاالرض:‏االوىل:‏ ناحية احلكم.‏الثانية:‏ ناحية احلاكم.‏فاذا كانت الوالية هلل،‏ واذا كانتالسيادة القانونية،‏ واحلاكمية املطلقة لهسبحانه،‏ مل جيز للبشر - الذي ال ميلكوالية على نفسه وال سيادة وال حاكمية-‏أن يشرع ‏»قانوناً«،‏ أو ينصب نفسه ‏»ولياً«‏ إالبإذن اهلل الولي والسيد احلقيقي،‏ واحلاكماملطلق الوحيد،كما ال جيوز له ان يتخذ‏»حكماً«‏ أو ينتخب ‏»حاكماً«‏ مل يأمر به اهلل،‏اذ أنّ‏ املسلم البد أن يشعر يف نفسه بعبوديةخالصة هلل تعاىل شاملة جلميع ابعاد حياته،‏حميطة بكل جوانبها،‏ وما التشريع والسيادةإال بعض أبعاد احلياة فال بدّ‏ أن خيضعلسيادة اهلل ايضاً.‏ومن هنا يتحتم إتباع الرسول،‏ ألن إتباعالرسول هو اتباع الرسالة،‏ وحتقيق سيادةالدين التي هي سيادة اهلل وحاكميته،‏ واىلهذا يشير القرآن قائالً:‏ ‏}من يطع الرسولفقد أطاع اهلل{‏ ‏)سورة النساء/‏ 12(، كماان إتباع الرسالة ال ميكن االّ‏ باتباع الرسول،‏إذ هما رافدان من نبع واحد ال ميكن انيفرقا،‏ فهما مظهران لطاعة اهلل وعبادتهواخلضوع حلاكميته.‏وبعد الرسول األكرم،‏ تبقى جمموعةمن سننه،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ وتضاف اىلالرسالة املوحى بها،‏ فتُسمّ‏ ى بالشريعة،‏وجيب على املسلم أن يتبعها،‏ ألنها شريعةاهلل،‏ وال حيق ألحد أن يعصيها اذ انه


‏قضية الشهر‏أخّ‏ ر اهلل تعاىل الظهور،‏ ليؤسس دولة احلق والعدل حينما تفشل كلالنظم املبتدعة،‏ وبعد أن يدرك ويقتنع الناس يف العامل بأسره،‏ بعقمهاوفشلها،‏ حينئذ يتطلّ‏ عون تلقائيًا اىل املنقذ21يسمّ‏ ى آنذاك مشركاً‏ يف عبادة اهلل،‏ مدعياً‏سيادة اخرى مع سيادة اهلل الذي له السيادةواحلاكمية وحده.‏وهكذا احلال يف االمام،‏ الذي ميثّلالشريعة النه أعطى علمها كامالً‏ وحتملأعباءها،‏ فال حيق ألحد أن يتخذ إماماً‏ مليأمر او مل يأذن اهلل تعاىل باتباعه،‏ وإال كانشركاً‏ باهلل تعاىل يرفضه منطق التوحيداخلالص،‏ )1( يقول القرآن الكريم:‏ ‏}وربكخيلق ما يشاء وخيتار ما كان هلماخلَ‏ رة{‏ ‏)سورة القصص/‏ 68(.وملا كان اخللق هلل ، مل يكن هلمان خيتاروا ألنفسهم ما داموا خملوقينومربوبين له تعاىل،‏ بل اهلل خيتار هلم..‏ ويفاحلديث:‏ ‏»إن االمامة أجل قدراً‏ وأعظم شأناً‏وأعلى مكاناً‏ وأمنع جانباً‏ وأبعد غوراً‏ من أن)2(يبلغها الناس بعقوهلم او ينالوها بآرائهم«.‏من هنا يعتقد املسلمون الذينتلقوا تعاليم االسالم عن طرق أهل بيتهاملعصومين عليهم السالم،‏ بان الذي ميثلقمة هرم االمة والدولة االسالمية هو رسولاهلل ‏،صلى اهلل عليه وآله،‏ ومن بعده األئمةاملعصومون االثنا عشر الذين عينهم الرسولالكريم بامسائهم واحداً‏ بعد اآلخر.‏* املعصوم يمهّ‏ د للقيادة املرجعيةوقد سنحت فرصة ممارسة قيادةالدولة االسالمية مضافاً‏ اىل دور االمامةبعد الرسول الكريم ‏،صلى اهلل عليه وآله،‏ألمير املؤمنين علي بن ابي طالب ‏،عليهالسالم،‏ مدة مخس سنن ولولده احلسنبن علي ‏،عليهما السالم،‏ سنة واحدة بعده،‏اما االئمة املعصومون اآلخرون،‏ سالماهلل عليهم امجعين،‏ فلم تتوفر هلم هذهالفرصة،‏ وهم ‏)عليهم السالم(‏ - حبسب ماتتمتع به قيادتهم من خصائص-‏ ال يكرهونالناس على اتباعهم بالقوة،‏ بل يقنعوناألمة مبشروعهم فاذا اقتنعت بقيادتهممارسوها،‏ و إال مارسوا دورهم االجيابي املبيعلى احلوار واالقناع،‏ هذا كله مضافاً‏ اىلمواصلة دورهم االستراتيجي،‏ االهلي وهودور االمامة والوالية االهلية على الناس.‏وملا اقتضت املشيئة االهلية خفاء االمامالثاني عشر بعنوانه ال بشخصه،‏ و إال فانّهموجود بين الناس ويعيش كما يعيشون،‏لكن ال يعرفونه بشخصه.‏ مبعنى أن اهللسبحانه،‏ أخّ‏ ‏ره ليؤسس دولة احلق والعدلحينما تفشل كل النظم املبتدعة،‏ وبعدأن يدرك ويقتنع الناس يف العامل بأسره،‏بعقمها وفشلها،‏ حينئذ يتطلّعون تلقائياً‏اىل املنقذ العظيم،‏ هلذا مهّ‏ ‏د األئمة،‏ عليهمالسالم،‏ الذين سبقوا االمام الثاني عشر،‏بالتثقيف والتوعية وبيان املربرات واالسباب، حلالة إنقطاع االمام عن مجاهيره لفترةمن الزمن،‏ وتعين وكالء له،‏ حتى اصبحتاألمة قادرة على التعايش مع هذه احلالة،‏فوقعت غيبة االمام الثاني عشر،‏ بعد انوضح ‏،عليه السالم،‏ ألتباعه معامل الطريق،‏فلم يعين له خلفاء حمدَّ‏ دين باالسم وامناوضع شروطاً‏ فمن انطبقت هذه الشروطعليه،‏ كان هو النائب عن االمام املعصوم،‏وعلى االمة ان تتبعه كما تتبع االماماملعصوم - بفارق ان املعصوم معصوم منأي خطأ ولكن النائب له قد حتدث منه زلةما - لذا قرنت االحاديث الشريفة طاعةاملرجعية الدينية اجلامعة للشروط،‏ بطاعةاالمام،‏ عجل اهلل فرجه الشريف،‏ كما يقولاحلديث الشريف:‏ ‏»اما احلوادث الواقعةفارجعوا بها اىل رواة احاديثنا فإنهم حجتيعليكم وانا حجة اهلل عليكم«،‏ واحلديثاآلخر عنه،‏ عجل اهلل فرجه،:‏ ‏»من كان منالفقهاء صائناً‏ لنفسه حافظاً‏ لدينه خمالفاً‏هلواه مطيعاً‏ ألمر مواله فللعوام ان يقلدوه«.‏فنفهم ان من هذه الشروط،‏ بلوغ أعلىالدرجات العلمية املعروفة ب«االجتهاد«،‏وحصول القدرة على التوصل اىل احلكمالشرعي من مصادر التشريع االصلية.‏والشرط اآلخر؛ هو الدرجة العاليةمن ضبط مجاح النفس وكبح شهواتهاوالعمل اجلاد على حتلّيها بفضائل االخالقوتهذيبها من الرذائل اخللقية التي تنايفانسانية االنسان ونهت عنها الشرائع االهليةاملقدسة،‏ فيقول احلديث عن املعصوم ‏،عليهالسالم،:‏ ‏»من طلب علماً‏ ليصرف وجوه الناساليه فليتبوأ مقعده من نار جهنم«.‏وكذلك؛ اخلربة بشؤون احلياةوتفاصيلها وما يكتنف األمة من احداثوحتديات،‏ ويستعن باخلرباء يف خمتلفاالختصاصات،‏ اذا مل يكن حميطاً‏ بها باملقداراملطلوب.‏وتقوم هيئة من العلماء القادرين علىالتحقق من توفر هذه الشروط يف اجملتهدلتعترف له باملرجعية،‏ وتدعو الناس اىلتقليده والرجوع اليه يف االحكام الشرعية.‏* دور إنساين بنّاءوبالتأكيد؛ فان وظيفة الفقيه التنحصر بالفتوى وبيان االحكام الشرعية،‏إمنا له وظيفتان أُخريان:‏1- القضاء بن الناس وفض اخلصومات.‏2- تدبر شؤون االمة ووالية أمرها.‏ومن خصائص رسالة املرجعية الدينيةايضاً:‏1- اعتماد سياسة احلوار إلقناعاآلخرين،‏ وهذا هو مبدأ قرآني أصيل،‏ لقولهتعاىل:‏ ‏}ال إك راه يف الدي ن{‏ وقوله:‏ ‏}ادعُ‏اىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنةوجادهلم بالتي هي أحسن{‏ ‏)سورةالنحل/‏ 125(.2- العاملية:‏ وتتمثل يف حتسس آالموهموم البشر مجيعاً،‏ ألن قلبها مملوءبالرمحة وحب اخلير لكل الناس تأسّ‏ ‏ياً‏بالنيب ‏،صلى اهلل عليه وآله،‏ الذي خاطبهاهلل تبارك وتعاىل:‏ ‏}وما أرسلناك إالرمحة للعاملن{‏ ‏)سورة االنبياء/‏ 107(، ومنكالم امير املؤمنين علي بن ابي طالب‏،عليه السالم،‏ اىل مالك االشتر ملا والهمصر:‏ ‏»..واشعر قلبك الرمحة للرعية فانهمصنفان،‏ امّ‏ ‏ا أخ لك يف الدين او نظير لك يفاخللق«‏ )3( فتجد املرجعية الدينية حاضرةبتعليقاتها ومواقفها يف إعصار ‏»تسونامي«‏ يفجنوب شرق آسيا - مثالً-‏ وايضاً‏ يف إعصار‏»كاترينا«‏ يف الواليات املتحدة،‏ وغرها منالكوارث الطبيعية.‏ وايضاً‏ ما يتعلق باالزماتالعاملية،‏ مثل أزمة الديون وانهيار املصارفبسبب تعاطي الفوائد اجملحفة ‏)الربا(،‏


‏قضية الشهر‏حينما أعطت الشريعة هذا الدور الواسع للفقيه،‏ فانها مل تعط لهكشخص حتى يستكرث عليه،‏ إمنا للطابع القانوين الذي ميثله،‏ مبعنى أنهميثل،قانون االسالم،‏وكذلك احلضور بالرأي واملوقف والبيانو إصدار املواقف يف احلروب االهلية يفافريقيا،‏ وما يعيشه العامل املسيحي منتقاطع مع العامل االسالمي.‏هذا ناهيك عن حضور املرجعية الدينيةيف دعم ومساندة قضايا املسلمن،‏ مثل إصدارالبيانات واملواقف يف زيارة عاشوراء و أربعناالمام احلسين ‏،عليه السالم،‏ والدعوةللتغيير والبناء الذاتي،‏ وإعمار البالد،‏باالستلهام من ثورة ابي االحرار احلسين بنعلي ‏،عليه السالم،‏ وكذلك توحيد املواقفيف موسم احلج،‏ والدفاع عن قضايا الشعوباملظلومة املضطهدة،‏ مثل قضية فلسطنولبنان والبحرين،‏ ودعم قضايا املرأة التيحتاول بعض اجلهات العلمانية،‏ استغالهلاواملتاجرة بها،‏ من خالل رفع شعارات احلريةوحق العمل وغرها،‏ مبا يؤدي اىل املساسبكرامتها وعفتها.‏ وهنالك أيضاً؛ التصدّ‏ يلثقافة التكفير و إلغاء اآلخر بفضح كهنةالسالطن و ابواق الشياطن من ادعياءالفتوى.‏3- الشمولية:‏ أي شعورها باملسؤوليةأزاء كل القضايا التي متر بها االنسانيةالنها متثل الشريعة والقانون،‏ كونالشريعة االسالمية غطت كل شؤوناحلياة بالنصوص املباشرة،‏ و وضعت القواعدالتي يُستنبط منها احلكم واحلل واملوقفأزاء خمتلف القضايا،‏ ولذا؛ حينما أعطتالشريعة هذا الدور الواسع للفقيه،‏ فانهامل تعط له كشخص حتى يستكثر عليه،‏إمنا للطابع القانوني الذي ميثله،‏ مبعنىأنه ميثل ‏»قانون االسالم«،‏ متاماً؛ كالقاضييف احملاكم املوجودة حالياً،‏ حيث ال سلطةللحكومة وال لغرها عليه - كما هواملفترض-‏ وينفذ قراره على اجلميع،‏ وهذهاهليمنة ليست له كشخص،‏ وامنا للقانونالذي حيكم به.‏وانطالقاً‏ من هذه املسؤولية جنداملرجعية،‏ تسلط الضوء وتتابع ظواهروحاالت عديدة يف العامل،‏ من انتشار األوبئةو مشاكل البيئة واالنفجار السكاني،‏واملخدرات والتدخن واالمراض النفسية يفالعامل وغرها.‏4- املبدأية ونزاهة االساليب؛ فهيتؤمن ان الغاية مقدسة،‏ فال بد ان تكونالوسيلة والواسطة ايضاً‏ مقدسة،‏ وبعبارةاخرى ضرورة مراعاة التقوى يف االهدافواالساليب،‏ وال تؤمن بالنظرية السائدة‏»الغاية تربر الوسيلة«،‏ وال جتعل القيمةالعليا يف اعماهلا ومشاريعها وسياستهاللمصاحل،‏ إمنا للمبادئ وحسب،‏ وان كلمصلحة تتعارض مع املبادئ فهي مفسدة.‏5- الشفافية يف التعاطي مع اجلماهيروعدم اتباع سياسة اخلداع والتجهيلوالتضليل ألنها،‏ فال ختشى احداً،‏ ألنهاال تريد مكسباً‏ لنفسها امنا تريد اخليرلآلخرين.‏6- احلرص على إعمار احلياة والدعوةإلقامة النظام املتحضر للمجتمع واحملافظةعلى الدولة واملؤسسات التي حتفظ النظاماالجتماعي العام،‏ وتعتقد ان الشريعةاملباركة هي االصل والسابق لبناء اجملتمعاملدني املتحضر ومؤسساته ومنظماته.‏ )4( .وتأسيساً‏ على ذلك،‏ وعلى صعيدالعراق مثالً،‏ كان للمرجعية الدينية دوراجيابي وبناء يف منع انهيار اجملتمع وعدمانزالقه يف احلرب الطائفية واحلفاظ علىاملال العام.‏ مع الدعوة احلقيقية للمشاركةالشعبية يف بناء الوطن واملشاركة يفاالنتخابات وانتخاب النزيه والكفؤ،‏ ال سيمايف قضية صياغة الدستور العراقي الذيأقرّ‏ يف البند الثاني،‏ بضرورة عدم تعارضتشريع القوانين مع شريعة السماء )5( ، مماحدا مبمثلي الشعب لذكر دور املرجعيةالدينية يف ديباجة الدستور العراقي،‏ وهذاشكل جناحاً‏ للمرجعية الدينية،‏ الي وصفهاالدكتور حمسن عبد احلميد ب ‏»املعجزة«،‏خالل زيارته ملراجع العراق عندما كانرئيساً‏ دورياً‏ جمللس احلكم.‏وتكفي الزيارة املليونية،‏ السيما يفزيارة االربعين،‏ و توجه املاليين مشياً‏ علىاالقدام صوب مرقد أبي االحرار االماماحلسين ‏،عليه السالم،‏ من كل بقاع العامل،‏لتكون مؤشراً‏ متقدماً‏ لنجاح املرجعيةالدينية،‏ عرب حوزاتها وخطبائها بإيصالصوت احلسين ونهضته اىل كل بقاع واصقاع االرض.‏أما دور املرجعية يف قيادة سوح احلقوالوغى ضد الباطل عرب التايخ القديمواحلديث،‏ فيطول فيه املقام،‏ كمشاركةالسيد حممد اجملاهد - احد علماء كربالء- يف احلرب ضد الروس أثر هجومهمعلى ايران،‏ وكذلك فتوى حتريم التبغ يفايران من قبل املرجع الديني السيد حممدحسن الشرازي،‏ ضد شركة ‏»اهلند الشرقيةالربيطانية«،‏ وكذلك ثورة العشرينبقيادة املرجع الديني الشيخ حممد تقياحلائري الشيرازي.‏ وما بعده شيخ الشريعةاالصفهاني.‏ وايضاً‏ دور الشيخ اآلخونداخلراساني يف ‏»ثورة الدستور«‏ بقيادة الشيخفضل اهلل النوري،‏ والثورة الوطنية بقيادةالسيد ابن القاسم الكاشاني والدكتورحممد مصدق.‏-------------------1/ القيادة االسامية - جواد كاظم ص‎31‎2/ كتاب الكايف/‏ ج‎1‎‏/‏ ص‎154‎3/ هنج الباغة/‏ عهد مالك االشر.‏4/ دور املرجعية الدينية يف االمة االسامية- موقع الصادقن5/ وهبذا الصدد أقام مكتب املرجعاملدريس أكثر من )14( مؤمتراً‏ يف حمافظات عراقيةخمتلفة با فيها كرباء املقدسة،‏ والعاصمة بغداد،‏بخصوص صياغة الدستور العراقي وقد أدارهوحره قانونيون عراقيون،‏ مما شكل عاماً‏حمفزاً‏ لاستلهام من القيم االهلية واالنسانية،‏والسيا من عهد مالك االشر ‏)ريض الل عنه(‏عند كتابة الكثري من بنود الدستور العراقي،‏ناهيك عن االتصاالت اخلاصة باللجنة املختصةللتأكيد عى تضمن الريعة كوهنا مصدراً‏أساساً‏ يف الدستور.‏


مشاريعنا الدينية والعمل المؤسسي* أنور عزّ‏ الدينإن اإلنتقال من العمل الفردي إىل العمل املؤسي يف املجالالتطوّ‏ عي الديني يعدّ‏ حتوّ‏ الً‏ نوعياً‏ يف مساراته وتكامليته،‏ استجابةملتطلبات الواقع الذي حيتاج إىل كثافة يف اإلمكانيات وتوحيدللجهود ورص الصفوف،‏ يف سبيل إنجاز املهام املوكلة للمؤسسةالدينية يف املجتمع.‏إال أهن ا ال ينبغ ي أن تق ف عن د ه ذا احل د م ن ط ور التق دّ‏ م،‏وإنا عليها أن تستوعب الروط اإلدارية التي تقوم عليها فكرةاملؤسسة لكي تؤيت فاعليتها بقوة املؤسسة ال بقوّ‏ ة الفرد.‏فمن الفجوات التي تعاين منها أغلب اجلمعيات واملراكزواحلوزات املهتمة بالشأن الديني هي أهنا مل تول اجلانب اإلداريأمهية بقدر اجلوانب األخرى،‏ برغم أن ما يميّز العمل الفرديعن املؤسّ‏ ي هو النظام اإلداري الذي تعتمد عليه،‏ ليكون جمرىوهنجاً‏ لكافة اجلهود،‏ حمققاً‏ بذلك قوّ‏ ة العمل املؤسي.‏إن الفكر اإلسامي ال خيلو من األسس األولية التييعتمد عليها التفكري املؤسي،‏ مثل قيمة التعاون،‏ والتنافس،‏والتخصص،‏ والتشاور،‏ والتنظيم،‏ واالتقان،‏ وما إىل ذلك منقيم،‏ إإل أن املؤسسة الدينية مازالت بعيدة عن هذه القيم العظيمة،‏وإن قربت منها بعض التجمعات الدينية،‏ فإهنا مازالت تطبقهاع ى املس توى الف ردي ال املس توى اجلمع ي واملؤسّ‏ ي،‏ أي أهن ا التضعها يف قالب املؤسسة وخلدمة املؤسسة،‏ وال جتد هلا نظاماً‏يرب ط بينه ا لتش كل خلي ة تكاملي ة،‏ لتصب ح كل قيم ة فيه ا تدع ماألخرى،‏ ولذلك فإن هذه القيم تفقد بريقها وتفقد تأثريها يفالواق ع بالش كل املطل وب ويبق ى تأثريه ا حم دوداً‏ وضيّق اً،‏ فكأنن اقمنا بإنشاء هياكل مؤسّ‏ سية حتركها الروح والفكرة الفردية،‏وه ذا إن ا يقت ل الفاعلي ةهلذه املؤسسة.‏ومن أجلحتقيق النجاح يفمشاريع املؤسسةالدينية بشكلعام،‏ سواءكانت ذاتمهامثقافيةأو اجتاعي ة أو خريي ة ، ينبغ ي أن يع اد النظ ر يف طريق ة س ري ه ذهاملؤسسات من الناحية اإلدارية،‏ و معرفة مدى إحكامها وتفعيلهالقيم الدين يف القالب املؤسي،‏ وإال فنحن أمام خطر السقوط أوالفشل يف حتقيق أي منجزات حقيقية عى أرض الواقع.‏هنالك خطوات جديرة باالهتام،‏ منها أن تقوم املؤسسةالدينية بإعداد الكادر اإلداري وفقاً‏ للمتطلبات اجلديدة التيفرضها واقع املؤسسة،‏ عر وقفة تعيد تركيب القيم الدينية منجدي د يف قال ب املؤسس ة،‏ و ال ض ري يف أن تتوق ف ه ذه الكيان اتعن العمل لفرة من الزمن،‏ عى ان تعاود نشاطها بعد أن أجرتعملية تنمية الكفاءات اإلدارية وإعداد النظام اإلداري املتاسكال ذي يضم ن الفاعلي ة يف األداء واإلس تمرارية يف العم ل ك ا ه ياخلصائ ص األساس ية لفك رة املؤسس ة.‏ألن من األسباب التي أدّت إىل هذه النتيجة احلالية هياملبادرة يف تأسيس كيانات دينية عى أساس مروع فردي وليسمجاعي،‏ و مبارشة العمل فيها بذات النهج و بنفس الطاقاتالقديمة،‏ فصارت املؤسسة الدينية جمرد ملتقى ملجموعة منالكفاءات،‏ يزداد نشاطها عندما يزداد عدد الفكاءات املنتميةهلا،‏ ويقل النشاط بقلّتها.‏ونح دّ‏ د هن ا؛ نق اط عملي ة يمك ن أن تس اهم يف ه ذا التح وّ‏ لهي كالتايل:‏1- صياغة نظام إداري فاعل جيمع الكفاءات،‏ و يربط بينهابالنظم اإلدارية املعروفة ‏)التخطيط،‏ التنظيم،‏ التوظيف،‏ التوجيهوالرقابة واملحاسبة(.‏2- تأهيل الكفاءات إدارياً‏ لكافة العاملن،‏ فجميع العاملنبمختلف ختصصاهتم بحاجة إىل مهارات إدارية خلدمة املنحىالذي يسريون فيه.‏ وهذا يتم من خال دورات ختصصيةتعليمية وتأهيلية تزيد من الكفاءة واملهارة يف العمل ضمنقواعد علمية.‏3- التخصّ‏ ص وفقاً‏ ملتطلبات العمل من مجيع النواحياإلدارية البحتة،‏ و املالية وغريها،‏ وعدم اإلكتفاء بالكفاءاتالفكرية والعلمية يف املجال الديني.‏4- دراسة نواقص املؤسسة،‏ وفقاً‏للمطالبات اجلديدة هلا كمؤسسة،‏ الكنشاط فردي،‏ والعمل عى معاجلتهاجذرياً،‏ وليس بطريقة الطوارئ.‏ولذل ك ف إن م ن املق رح ع ىأغلب املؤسسات الدينية أن تأخذاسراحة عمل،‏ ومعاجلة كافةالفجوات بشكل جدّ‏ ي،‏ لكييكون اإلنطاق للعمل بصورةأفضل وأكثر جدوائية ليؤيت ثارهلنطاق أوسع و للمحافظة عىاستدامته ونائه.‏23


‏قضية الشهر‏األنبار .. طريق الى الحرب أم البناء؟* حسن حممد عيلكل أمة أو شعب ناهض يعيش أزماتومشاكل،‏ ويريد احلل مبا يضمن حقوقهوحيقق طموحاته وتطلعاته،‏ البد أن يبحثعن األسباب أوالً؛ قبل التفكير يف احللولواملكاسب،‏ ألن يف هذه احلالة سيكون يفدوامة األزمة،‏ فهو يعيش أزمة حقوق،‏ ثمخيوض أزمة احلصول على هذه احلقوق يفالوقت نفسه.‏مبعنى انه سيعيش دوامة العنف يفداخله ومع اجلهات الرمسية واحلكوميةخارج حميطه.‏فالعراق اليوم يعيش أزمة جديدةوعلى درجة كبيرة من اخلطورة،‏ تتداخلفيها أبعاد اجتماعية وسياسية وحتىتارخيية،‏ وهي من سلسلة أزمات تعصفبالعراق منذ تاريخ )2003-4-9(. هي حربشوارع بين مجاعات ارهابية يتشكل عمودهاالفقري من تنظيم ما يعرف ب ‏»داعش«‏وارهابيين حمريف القتل والذبح قادمن منخارج العراق،‏ وبين مجاعات أخرى تقودهاالعشائر العراقية تساندها احلكومة باملالوالسالح،‏ بهدف إعادة السيطرة على مدنحمافظة االنبار.‏ بيد أن خلفية هذه احلربتستبطن أسباب وعوامل نشوء هذه احلرب،‏هي باحلقيقة تنسحب على عديد االزماتواملشاكل املوجودة يف العراق:‏العامل األول:‏ النظرة الطائفيةعندما يتحدث الساسة بشكل خاصعن ‏»الوطن«‏ كمفردة ومفهوم،‏ يعنون بهاألرض الواحدة التي حتمل على ترابهامجاهير الشعب،‏ بغض النظر عن تنوعهماإلثني ‏)القومي او الطائفي او العرقي(،‏وتوجهاتهم الفكرية والثقافية.‏ مبعنىأن التقسيمات االدارية يف العراق علىشكل حمافظات،‏ كما هو احلال يف مجيعاحناء العامل،‏ ال يفصل الناس بعضهم عنبعض،‏ إمنا املقصود احلدود االدارية التيتنظم عمل كل حمافظة حسب حاجاتاجملتمع فيها.‏ وإذن؛ فكربالء املقدسة،‏ليست للكربالئيين،‏ كما ان االنبار ليستلالنباريين،‏ وهكذا سائر احملافظات.‏ بينماالسائد يف العراق،‏ وبعد التاريخ املذكور،‏ هووجود ثالث ‏»كانتونات«‏ مقسمة بشكل غرمعلن وغر مكتوب،‏ اجتماعياً‏ وحتى سياسياً،‏فاضافة اىل ‏»اقليم كردستان«‏ ويضم ثالثحمافظات،‏ فان املناطق ذات االغلبية السنّيةهي االخرى تشكل كانتوناً‏ يضم حمافظاتاالنبار واملوصل وصالح الدين.‏ فال جندعراقياً‏ يتجول يف غير مدينته وخارجحميط انتمائه.‏ وهذا الذي مهّ‏ ‏د وأسس ملابات يعرف ب«احملاصصة السياسية«،‏ فلومل يكن التمهيد الثقايف واالجتماعي وحتىالنفسي لظاهرة التمييز الطائفي،‏ ملا كانباستطاعة السياسين ان يثبتوا هذه الوصمةعلى العراق.‏العامل الثاني:‏ جدلية األمن واحلريةعندما سقط نظام صدام،‏ وزالتالديكتاتورية احلزبية وشبح الرعب واالرهابوالكبت،‏ برزت هنالك ارادتان داخل الشعبالعراقي؛ االوىل للضحايا ممثلين بالشيعةواالكراد،‏ الذين استبشروا باحلرية،‏واالرادة الثانية كانت للموالين - اىل حدما-‏ اىل النظام البائد،‏ ممثلين بالطائفةالسنية،‏ حيث طالبوا باألمن والسالم،‏ وهذاما حصل وحتقق لألثنن،‏ ومل يشهد العراق،‏يف االيام االوىل من سقوط صدام،‏ وحتىمرور حوالي عامين،‏ أي حاالت انتقام بيناجلانبن،‏ أو مناوشات او اشتباكات مسلحةكالي تشهدها الكثر من بالد العامل.‏ وهذهنقطة مضيئة حتسب للشعب العراقي،‏


‏قضية الشهر‏احلل املوضعي والرتقيعي لن يزيد البلد إال أزمات متتاليةقابلة لالنفجار،‏ فبدالً‏ من ان يكون املستقبل الندالع هكذاأزمات ، ليكن واعدًا باملشاريع التنموية واالنسانية التي تنتزعفتيل االزمات اىل االبدملا حيمله من متاسك وأصالة يف هويتهوحضارته التي جتعله حمصناً‏ من التمزقواالقتتال األهلي.‏ لكن املشكلة وقعت حينفقد اجلانبان أو الشرحيتان االجتماعيتاناحلرية واألمن،‏ اللتان متثالن الزمة أكيدةللتطور والنمو والبدء حبياة جديدة واعدة.‏كما لو أن هنالك أطرافاً‏ ذات مصاحل خبيثةيف العراق،‏ ال تريد األمن واحلرية معاً‏ لكلالعراقيين،‏ سنّة وشيعة وأكراداً..‏ وعندماحصلت التجزئة يف احلقوق،‏ حصلتالتجزئة على اخلارطة ايضاً،‏ فشهدنا كيفأن هذا حيرُ‏ م ذاك،‏ نعمة احلرية وحيوله اىلأسير للماضي املقيت،‏ وذاك حيرُ‏ م هذا نعمةاألمان واالستقرار.‏العامل الثالث:‏ فقدان مشاريع التنميةهذا العامل يتأثر بالعاملين اآلنفين،‏لكن يف كل االحوال،‏ فان العراق ميتلكمؤهالت النمو والتطور والتقدم،‏ وهذاليس كالماً‏ للمجاملة واإلطراء،‏ إمنا هيحقيقة يقرها باحثون يف شؤون االقتصادوالتنمية،‏ فالعراق ميتلك ثروات هائلة اىلجانب قدرات انسانية كبيرة،‏ حيث العقولاملبدعة املعروفة يف املنطقة،‏ والنسبة اجليدةمن الشباب املتدفق حيوية بن تعداد سكانه،‏هذا اىل جانب نعمة املياه واالراضي اخلصبةعلى مساحة واسعة.‏ وجتاهل كل هذهالفرص الذهبية وبقاء العراق مع مرورعشر سنوات كاملة،‏ يعيش ويأكل مناملنتوجات املستوردة،‏ وما يستتبع ذلك منانتشار حالة البطالة والتضخم والتخلف،‏من شأنه زيادة حالة االنهزامية وعدم الثقةبالنفس،‏ واستفحال العقد النفسية والشعوربالضياع والالهدفية يف احلياة.‏ وهذهوغرها،‏ تذكي نار العنف واالضطراباتالسياسية واالجتماعية.‏وعندما نتحدث عن تغيير جذريوشامل يف االبعاد كافة يف بؤرة األزمةالراهنة يف العراق،‏ علينا االلتفات اىل فرصالنمو الكبيرة املوجود يف باطن األرضاملتأزمة حالياً،‏ حيث متتلك حمافظة االنبارثروات طبيعية غنية،‏ فحسب املدير العاملشركة املسح اجليولوجي ‏»خلدون البصام«‏فان االنبار تعد من إغنى مناطق العراقيف جمال الثروة املعدنية الالفلزية،‏ ويفمقدمتها،‏ الفوسفات و الكربيت،‏ بل هنالكحديث من خرباء على وجود كميات منالذهب اخلام يف باطن الصحراء االنبارية.‏فبعد كل هذا،‏ هل باالمكان توقع حلعسكري هلذه األزمة؟لو نظرنا اىل جتارب شعوب تعيش ضمنبلد واحد،‏ وهي تتنوع اىل عديد الطوائفواألعراق واملذاهب،‏ مثل اهلند الي تضم عدداً‏كبيراً‏ من الديانات واملذاهب،‏ وهنالك اتباعومؤمنون،‏ ورمبا تكون بعض هذه املذاهبمثيرة لالستغراب وحتى االستهجان،‏ لكناجلميع حيظون باالعتراف من اآلخر،‏ فالأحد يتجاوز على حقوق وعقائد أحد،‏ وهذاما يسمى ب ‏»التعايش السلمي«.‏ وهذا حتديداً‏ما حيتاجه العراق بأسره قبل أي شيء آخر،‏الن احلل املوضعي والرقيعي لن يزيد البلدإال أزمات متتالية قابلة لالنفجار،‏ فبدالً‏من ان يكون املستقبل الندالع هكذا أزمات ،ليكن واعداً‏ باملشاريع التنموية واالنسانيةالتي تنتزع فتيل االزمات اىل االبد.‏فاضافة اىل املشاريع االقتصادية التيكثر احلديث عنها واملطالبة بها،‏ هنالكمشاريع ذات طابع ثقايف وانساني،‏ من شأنهان يغير مسيرة حياة سكان االنبار وسائراحملافظات العراقية.‏ هذه املشاريع ينبغيأن تنطلق من احلوزات العلمية وحتديداً‏من علماء الدين واخلطباء والفضالء.‏ ولعلحتريك عجلة التأليف والنشر واملطالعة،‏من الطرق املختصرة للوصول بالشعبالعراقي اىل بر األمان.‏ وحتى ال جنانبالواقع،‏ هنالك فعاليات ونشاطات يف الساحة،‏لكن حنتاج اىل املزيد مثل معارض كتبيف اكثر من مدينة،‏ والتشجيع على نشروتبادل املؤلفات واالصدارات وفتح مكتباتعامة لتبادل املعرفة والثقافة.‏ اضافة اىلفعاليات اجتماعية ودينية وثقافية،‏ السيمايف مناسبات بهيجة،‏ مثل املولد النبويالشريف واالعياد االسالمية وغرها،‏ ما منشأنه ان يبعث الروح األخوية ويعزز الشعوربالثقة واالطمئنان لدى اجلميع.‏وللحقيقة نقول:‏ أن أزيز الرصاصودخان القنابل هو الذي حيجب اليوم عنالكثير من العراقيين،‏ رؤية آفاق املستقبل،‏فكل شيء بالقتال والصراع والثأر..‏ كما لوأن العراق يفتقد لإلرث احلضاري العظيمالذي تركه النيب األكرم وأهل بيته،‏عليهم السالم.‏ ويفتقد قيم واهداف النهضةاحلسينية.‏ نعم؛ البد من احلزم والقوةلتحكيم القانون وتعزيز األمن والسلماألهلي،‏ ويف املقولة املعروفة حكمة:‏ ‏»من أمنالعقاب أساء التصرف«.‏ بيد أن هذه اللغةجيب أن تكون يف حدودها املعينة واهدافهاالواضحة،‏ وملن توجه..؟ بينما تأخذ لغةاملنطق واحلوار والسلم،‏ مكانها األوسع يفالساحة.‏ وهذا لن يتحقق إال بتضافر اجلهودواجتماع العقول احلكيمة من اجلانبن،‏ ليسعلى أساس غالب ومغلوب،‏ إمنا على أساس‏»العدل«‏ و ‏»اإلنصاف«‏ وهذا ما ال خيتلف عليهأحد مهما كان.‏ ومن خالله تظهر النوايااحلسنة واجلادّة يف البناء واإلعمار وإصالحكل فاسد ومفسد يف هذا البلد .لغة املنطق واحلوار والسلم،‏ حتقق جناحها بتظافراجلهود واجتماع العقول احلكيمة من اجلانبني،‏ ليس علىأساس غالب ومغلوب،‏ إمنا على أساس ‏»العدل«‏ و ‏»اإلنصاف25


من هدى القرآنٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺاهلل يوم القيامة مشرقا وجهه،‏ ضاحكا سنه،‏)1(قريرا عينه،‏ حتى يدخل اجلنة ».هذه الأسئلة طرحناها،‏فوجدنا اإجابتها يفموسوعة تفسري‏»من هدى القراآن«‏لسماحة املرجع الدينياآية الله العظمى السيدحممد تقي املُ‏ درّ‏ ‏سي‏»دام ظله الرشيف«‏وتعميماً‏ للفائدة ننرش،‏يف كل عدد،‏جمموعة من الأسئلةمع اأجوبتها املستوحاةمن املوسوعةاملذكورة مبارشةسورة العصر* إعداد:‏ السيد جواد الرضوي- أين نزلت سورة العصر املباركة؟ ومتى؟ و كم هو عدد آياتها؟ و ما هو ترتيبهاالنزولي،‏ و ترتيبها يف القرآن الكريم؟نزلت سورة العصر املباركة يف مكةاملكرمة بعد سورة االنشراح املباركة؛ عددآياتها ( 3 (. ترتيبها النزولي ( 12 (، و ترتيبها يفالقرآن الكريم ( 103 .)* فضل السورة- ما فضل هذه السورة املباركة؟• فضل هذه السورة املباركة كثر؛ فقدورد عن أبي عبد اهلل الصادق،‏ عليه السالم،‏ انهقال:‏‏"من قرأ"‏ ‏}و العر{‏ يف نوافله،‏ بعثه* االطار العام- ما هو االطار العام هلذه السورةاملباركة؟• لكي يتبصر االنسان واقع الزمن،‏ وكيف يهدم عمره حلظة بلحظة؛ ثم لكييعرف مباذا يقاوم خسرانه،‏ جاءت سورةالعصر املباركة عصارة لبصائر الذكر يفهذا املوضوع األساسي،‏ الذي لو وعاه االنسان،‏وعى حقيقة عمره،‏ و حقائق العامل احمليط به.‏قَ‏ سَ‏ ‏مَ‏ اً‏ بالزمن،‏ انك [ - أيها االنسان - ] لوالاالميان يف خسران،‏ و كل حلظة ال اميان فيهاوال عمل صاحل [ فيها ] جزء ضائع من كيانك؛و لكن االنسان يف غفلة عن هذا العدو اخلطر؛بيد ان املؤمنين يذكر بعضهم بعضاً،‏ و يوصيبعضهم بعضا.‏* عر الرسالة و العدالة- استهلّت السورة املباركة بالقَ‏ سَ‏ مبالعر يف قوله تعاىل:‏ ‏}و العر{؛ فااملراد بالعر؛ هل هو الفرة املسائية؛مثاً؟• يزعم االنسان انه كلما طال عمره،‏كرب و زاد؛ بينما احلقيقة عكس ذلك متاماً؛فكلما مضى من عمره شطر،‏ اقرب منه أجله،‏و تناقص رأمسال حياته،‏ و نقص ما تبقىمنه؛ فزيادة املرء - إذاً‏ - يف دنياه نقصان،‏ و هوكبائع الثلج يف يوم قائض يفقد رأمساله كلحلظة.‏ هكذا حيلف القرآن بالعصر و يقول :‏}و العر{.‏


من هدى القرآنلو عرف االنسانانه يف خُ‏ سر،‏ ألصلحنفسه،‏ و ملا ضيّ‏ ع منعمره شيئًاالعمل الصالحيحوّ‏ ل اخلسارة يفاالنسان فالحًا و أمالً‏وحول املراد بالعصر؛ فقد قال ابن عباس:‏أنه قسم بالدهر،‏ و يبدو لي - و الكالم للمرجعاملدرسي،‏ دام ظله - ان أقرب العصور هو عصرأنت فيه،‏ و أشرفها عصر الرسالة حيث انبعثالنيب،‏ صلى اهلل عليه و آله،‏ به،‏ و عصر العدالةحين يقوم االمام احلجة القائم،‏ عجل اهللتعاىل فرجه الشريف،‏ به.‏و قال بعضهم:‏ امنا مسُ‏ ‏ي الزمن بالعصر،‏النه يعتصر االنسان كما يعصر املرء غسيله،‏و ان القَ‏ سَ‏ ‏م بالدهر امنا كان بلحاظ عصرهلالنسان.‏ و أنى كان؛ فان احللف به يتناسبو املوضوع التالي:‏ أي خسارة االنسان لعمره،‏أوليس الزمن هو سبب اخلسارة؟* معنى اخلرسان- يف قوله تعاىل:‏ ‏}إِنَّ‏ اإلْ‏ ‏ِنْسَ‏ انَ‏ لَفِ‏ يخُ‏ رسٍْ‏ {، و هو جواب القَ‏ سَ‏ م،‏ كيف نفهممعنى خرسان االنسان؟• لو عرف االنسان كيف تتبدل خالياجسده،‏ و كيف يستهلك كل يوم اآلفاخلاليا من خمه دون ان يستعيض عنهاشيئا،‏ و كيف تتسارع ما حوله من أشياء يفسبيل الفناء،‏ حتى البيت الذي يسكنه يستهلكبسرعة ال يتصورها؛ و لو عرف االنسان انعمره - بالقياس اىل عمر االرض التي يعيشاليوم عليها ثم ينام يف رمحها - يكاد ال يكونشيئا مذكورا،‏ و انه أقصر من نسيم يهبعليه يف يوم قائض،‏ و أسرع من سحابة يف يومعاصف؛ بل انه كالربق اخلاطف،‏ او كخيالعابر؛ و لو عرف ان كل حلظة من عمره،‏ تُعدمسؤولية كبيرة،‏ فإما هي خطوة اىل اجلنةأو سقطة يف النار؛ لو عرف ذلك كله ألصلحنفسه،‏ وملا ضيع نفسه،‏ وملا ضيع من عمرهشيئا؛ النه يف خسارة لوال االميان.‏ واخلسرحييط باالنسان كما حتيط باالنسان الدار،‏ وأية خسارة أعظم من ان يفقد كل يوم جزءاً‏من عمره و جزءاً‏ من رأمساله،‏ من ثم جزءاً‏من ذاته.‏ أليست ذاته ممتدة على أيام حياته،‏فاذا مضى يوم فقد انقضى بعض ذاته ؟ يقولاالمام علي،‏ عليه السالم:‏‏"من كانت مطيته الليل و النهار،‏ يُسار به)2(و ان كان واقفا"‏* سالح العمل الصالح- استثنى قوله تعاىل:‏ ‏}االَّ‏ الَّذِ‏ ينَ‏ آَمَنُواوَ‏ عَ‏ ِ ملُوا الصَّ‏ احلِ‏ ‏َاتِ‏ } ، املؤمنن و العاملنللصاحلات،‏ كيف تم استثناء هاتنالفئتن من اخلرسان العام لانسان؟• حينما يعي املؤمن هذه احلقيقة التيذكرناها،‏ يبادر بالعمل الصاحل حتى يستوعبكل حلظة و كل حملة و كل سعرة حياتيةمن حياته مبا حيول اخلسارة فالحاً‏ و أمال؛فان أتعبه الكفاح من أجل العيش،‏ استراحاىل الصالة ليتزود منها احليوية..‏ وإذا أرهقعضالتَهُ‏ اجلُ‏ هدٌ‏ البدَ‏ ني،‏ اشغل لسانه بالشكر،‏ وقلبه بالفكر،‏ و نفسه باحلب و الشوق اىل لقاءربه.‏ و قد ترى أعضاءه غارقة يف جهد بدنييفلح االرض،‏ أو يسعى على مناكبها طلباً‏للرزق،‏ أو يسخِّ‏ ر ما فيها لتوفير العيش و يفذات الوقت جتد قلبه يف ذكر اهلل و التدبر يفآياته،‏ و لسانه يلهج حبب اهلل.‏إن االنسان متعدد األبعاد،‏ واسع النشاط،‏عريض الطموح،‏ سامي اهلمة؛ ألنه قد وعىحقيقة الزمن،‏ و تزود بسالح حتديه عربالعمل الصاحل.‏* التوايص..‏ و التوايص- الدعوة إىل التوايص واضحة يفقوله تعاىل:‏ ‏}وَ‏ تَوَ‏ اصَ‏ وْ‏ ا بِاحلْ‏ ‏َقِّ‏ وَ‏ تَوَ‏ اصَ‏ وْ‏ ابِالصَّ‏ رْ‏ ِ {، فهل هذه الدعوة من باباألمر باملعروف و النهي عن املنكر؟• إن تيار الزمن،‏ و شهوات النفس،‏ و عاداتاجملتمع تضغط على املؤمنن باجتاه الغفلة والكسل،‏ فكيف يعاجلون هذه الظاهرة؟ امنابتكوين بيئة رشيدة حتيط بهم،‏ و ال تدعهمخيلدون اىل الراحة و الكسل.‏ أوتدري كيف؟بتطبيق التواصي.‏ان الكبير يوصي الصغير،‏ و الصغير -بدوره - يوصي الكبير،‏ و العامل يوصي اجلاهلو اجلاهل - ايضا - يوصي العامل..‏ و هذا املبدأيتسع لفريضة ‏"األمر باملعروف و النهي عناملنكر"،‏ كما يتسع لواجب الدعوة اىل اهلل،‏و تبليغ رساالته،‏ و إرشاد اجلاهل..‏ و يتسعللمزيد.‏ذلك ان التواصي:‏ ومضة روح،‏ و إشراقةأمل،‏ و عتاب لطيف؛ إنه يصنع جواً‏ اميانياً‏يساعدك على ممارسة واجباتك..‏ أنه يوجهحس التوافق االجتماعي يف اإلجتاه الصحيح.‏* إرشاد العلامء- يف اآلية املباركة،‏ ملاذا جاءتالتوصية باحلق قبل التوصية بالصر؟• ان معرفة احلق حباجة اىل مساعدةالصاحلين؛ فهم يرشدونك اليه،‏ و يرفعونالغموض الذي تسببه دعايات الضالين.‏ وإذاتناقضت املذاهب،‏ و اختلفت اآلراء،‏ و تشابهتعليك األفكار،‏ هناك البد من إرشاد العلماءالصاحلين و املؤمنين الواعين و تواصيهمباحلق.‏ فإذا عرفت احلق،‏ كان الوقوف اىلجانبه و الدفاع عنه و االستقامة عليه حباجةاىل صرب عظيم،‏ يتواصى به املؤمنون حتى الينهار بعضهم أمام شدائد الزمن.‏------------------)1( تفسري نور الثقلن،‏ ج‎5‎‏،‏ ص‎666‎‏.‏)2( هنج الباغة،‏ الكلمة 31، ص‎400‎‏.‏27


اضاءات تدبريةالتدبّر الموضوعي .. أصالةفي فهم الدين والحياةحوىالقرآن على آياتحمكمات هنّ‏ أمّ‏الكتاب،‏ واضحات،‏باهرات،‏ ويفاملقابل احتوىالقرآن الكرميعلى آيات أخر،‏كانت متشابهةيف معناها علىمن جهلها،‏ وقدأمر اهلل سبحانهبرد املتشابه مناآليات اىل حمكمهالكيال يلتبس األمرعلى االنسانإن دراسة آيات الكتاب الكريم،‏تتم عرب طريقتين أساسيتن:‏- االوىل : التدبّر املوضعي.‏ويكون يف السورة القرآنية بدءاً‏من أوهلا واستمراراً‏ مع السياق الواردفيها حتى انتهاء السورة.‏ ويسمى هذاالنوع من التدبر عند علماء املنهجبالتدبر ال ‏»سياقي - املوضعي«،‏ وميتازهذا النوع من التدبر باستكشافالعالقات اخلفيّة بين املواضيعاملبحوثة يف اآليات الكرمية.‏ذلك أن اآليات الواردة يف السورةالواحدة تروم معاجلة مشكلة ما،‏ويتم هذا العالج عرب جمموعة مناحللول املختلفة التي قد ال تبدو انهامرابطة يف الوهلة االوىل،‏ ولكناكتشاف العالقات بين اآليات منخالل معرفة هدف السورة وسياقهايزيل هذا االشكال.‏- مثال عىل ذلك:‏قد جيد تالي القرآن الكريم،‏صعوبة يف فهم العالقة بين إنزالعقوبة اجللد على الزاني والزانية يفسورة النور،‏ وبن احلديث عن الرجالالذين ال تلهيهم جتارةٌ‏ وال بيعٌ‏ عنذكر اهلل سبحانه.‏ومبعرفة هدف السورة،‏ الذييتمثل ببناء البيت اإلمياني،‏ يتيسرفهم تلك العالقة،‏ حيث ان سبيل بناءذلك البيت يقتضي القيام باجراءاتصارمة لكل ما يهدد هذا الكيان،‏ بدءاً‏من الزنا والقذف ومروراً‏ باإلفك ونزعة إشاعة الفحشاء يف اجملتمع،‏ وانتهاءً‏ بالنظر اىل االجانب بريبة،‏ اوابداء الزينة لغير االقارب وغير ذلك.‏هذا مضافاً‏ اىل القيام ببناء ذلك البيتالرفيع عرب بيان ما يقوّمه من قيموخلقيات وسلوكيات.‏- الثانية:‏ التدبر املوضوعيتتم هذه الطريقة عرب دراسةموضوعٍ‏ حمدد يف حقل من احلقولاملختلفة عرب اآليات الشريفة،‏ويهدف املتدبر من ذلك استظهارالرؤية القرآنية الكاملة جتاه هذااملوضوع،‏ ذلك أن القرآن الكريم يبحثجانباً‏ من كل موضوع حسب احلاجةاليه يف سياق اآليات التي تعاجلقضية ما،‏ يف حين يبحث اجلوانباالخرى منه يف آيات أخرى،‏ ومجيعهذه البحوث يشكل الصورة الكاملةللموضوع برؤية قرآنية،‏ ومن هنافان املفسر او ‏»املتدبر«‏ يف هذا النمطمن امناط التفسير سوف ال يلتزمبالسياق القرآني للسورة الكرميةاو الرتيب الوارد يف القرآن الكريمللسور املباركة،‏ بل سيكون جهدهمنصباً‏ بدراسة املوضوع أنّى كان.‏وهناك تعاريف خمتلفة هلذاالنمط من التفسير،‏ تصب اكثرهايف املعنى املذكور،‏ مثالً‏ يقول صاحبكتاب ‏»التفسير املوضوعي التأصيلوالتمثيل«:‏‏»هو عملية منهجية تتجه اآلياتالقرآنية،‏ من حيث موضوعها،‏ الموضعها،‏ بغية الكشف عن املوضوعاتالتي عرض هلا القرآن الكريم،‏


اضاءات تدبريةْوتصنيفها حتت ما يناسبها منجماالت،‏ وافرادها يف كتابات تربز مافيها من دالالت وهدايات".‏* تاريخ التدبّر املوضوعيان معظم التفاسير التي اختذتالقرآن الكريم منطلقاً‏ لفهم احلياةوالدين،‏ التزمت النمط االول منأمناط التفسير او ‏»التدبر«‏ حيثكانت تدرس اآلية حسب سياقهاالوارد يف املصحف الشريف،‏ ومل يعهداملسلمون تفسيراً‏ موضوعياً‏ للقرآنالكريم،‏ ولذلك فقد يتصور انه منطٌ‏مستحدث ليس له أصلٌ‏ او جذر.‏ومن هنا فالبد لنا ان نذكراملراحل التي مرّ‏ ت به هذا النمط منأمناط التدبر يف القرآن الكريم.‏أوالً:‏ املحكم واملتشابهلقد حوى كتاب ربنا على آياتحمكمات هنّ‏ أمّ‏ الكتاب،‏ واضحات،‏باهرات،‏ ظاهرات،‏ ويف املقابل احتوىالقرآن الكريم على آيات أخر،‏ كانتمتشابهة يف معناها على من جهلها،‏وقد أمر اهلل سبحانه برد املتشابهمن اآليات اىل حمكمها لكيال يلتبساألمر على االنسان.‏ان عملية رد املتشابه اىل احملكمهي مبنزلة عمل موضوعي،‏ اذ اليلتزم املتدبر سياق اآليات،‏ امنا يعتمدعلى عموم القرآن الكريم لرفع تشابهاآلية الكرمية.‏ثانياً:‏ الدعوة القرآنيةلقد دعا القرآن الكريم يف غيرموضع،‏ بالرجوع اىل آيات أُخر منسور أخرى،‏ بغية فهم املراد من اآليةالكرمية،‏ وانكشاف احلكم بشكل تام،‏فمثالً‏ قال اهلل سبحانه:‏ ‏}يا أَهيُّ‏ ‏َاالَّذينَ‏ آمَنُوا أَوْ‏ فُوا بِالْعُقُ‏ ودِ‏ أُحلَكُ‏ مْ‏ هبَ‏ يمَ‏ ةُ‏ األْ‏ ‏َنْعامِ‏ إِالَّ‏ ما يُتْىعَ‏ لَيْكُ‏ مْ‏ غَ‏ ريْ‏ َ حمُ‏ ِ يِّ‏ الصَّ‏ ِ يْد وَ‏ أَنْتُمْ‏حُ‏ رُ‏ مٌ‏ إِنَّ‏ اللََّ‏ حيَ‏ ‏ْكُ‏ مُ‏ ما يُريد{‏ ‏)سورةاملائدة /1(.فعبارة ‏}إال م ا يت ى عليك م{‏تلفّ‏ ها الغموض،‏ لو تركت وشأنها،‏فأنّى لتالي القرآن ان يعرف ما حرّ‏ معليه عرب هذه الكلمة .لذا فان العبارة هذه تدعو القارئالن يرجع اىل آيات أخرى ذكر فيها‏}ما يتى عليه{‏ من احملرمات،‏وهذه اآليات هي التالية:‏‏}قُ لْ‏ ال أَجِ‏ دُ‏ يف م ا أُوحِ‏ يَ‏ إِيلَ‏ َّحمُ‏ ‏َرَّ‏ ماً‏ عَ‏ ى طاعِمٍ‏ يَطْعَمُ‏ هُ‏ إِالَّ‏ أَنْ‏يَكُ‏ ونَ‏ مَيْتَةً‏ أَوْ‏ دَماً‏ مَسْ‏ فُوحاً‏ أَوْ‏ حلَ‏ ‏ْمَ‏خِ‏ نزيرٍ‏ فَإِنَّهُ‏ رِ‏ جْ‏ سٌ‏ أَوْ‏ فِسْ‏ قاً‏ أُهِ‏ لَّ‏ِ اللَِّ‏ بِ هِ‏ فَمَ‏ نِ‏ اضْ‏ طُ رَّ‏ غَ‏ ريْ‏ َ ب اغٍ‏لِغَ ريْ‏وَ‏ ال عادٍ‏ فَإِنَّ‏ رَ‏ بَّكَ‏ غَ‏ فُورٌ‏ رَ‏ حيم{‏)سورة االنعام /145(.‏}إِنَّا حَ‏ رَّ‏ مَ‏ عَ‏ لَيْكُ‏ مُ‏ املَْيْتَةَ‏ وَ‏الدَّ‏ مَ‏ وَ‏ حلَ‏ ‏ْمَ‏ اخلِْ‏ نْزيرِ‏ وَ‏ ما ِ أُه لَّ‏ بِهِ‏ِ اللَِّ‏ فَمَ‏ نِ‏ اضْ‏ طُرَّ‏ غَ‏ ريْ‏ َ باغٍ‏ وَ‏لِغَريْ‏ال عادٍ‏ فَا إِثْمَ‏ عَ‏ ِ لَيْه إِنَّ‏ اللََّ‏ غَ‏ فُورٌ‏رَ‏ حيم{‏ ‏)سورة البقرة /173(.‏}حُ‏ رِّ‏ مَتْ‏ عَ‏ لَيْكُ‏ مُ‏ املَْيْتَةُ‏ وَ‏ الدَّ‏ مُ‏‏ِغَ ريْ‏وَ‏ حلَ‏ ‏ْ مُ‏ اخلِْ‏ نْزي رِ‏ وَ‏ م ا أُهِ‏ لَّ‏ لبِ هِ‏ وَ‏ املُْنْخَ‏ نِقَ‏ ةُ‏ وَ‏ املَْوْ‏ قُ وذَةُ‏ وَ‏ املُْتَ‏ ‏َدِّيَ ةُ‏وَ‏ النَّطيحَ‏ ةُ‏ وَ‏ ما أَكَلَ‏ السَّ‏ بُعُ‏ إِالَّ‏ ماذَكَّيْتُمْ‏ وَ‏ ما ذُبِحَ‏ عَ‏ ىَ‏ النُّصُ‏ بِ‏ِ اللَِّ‏‏ِكُ‏ مْ‏وَ‏ أَنْ‏ تَسْ‏ تَقْ‏ سِ‏ مُ‏ وا بِاألْ‏ ‏َزْ‏ المِ‏ ذل‏ِسَ‏ الَّذينَ‏ كَفَرُ‏ وافِسْ‏ قٌ‏ الْيَوْ‏ مَ‏ يَئِ م نْ‏ دينِكُ‏ مْ‏ فَا ختَ‏ ‏ْشَ‏ وْ‏ هُ‏ مْ‏ وَ‏ اخْ‏ شَ‏ وْ‏ نِ‏الْيَوْ‏ مَ‏ أَكْمَ‏ لْتُ‏ لَكُ‏ مْ‏ دينَكُ‏ مْ‏ وَ‏أَمتْ‏ ‏َمْ‏ تُ‏ عَ‏ لَيْكُ‏ مْ‏ نِعْمَ‏ تي وَ‏ رَ‏ ضيتُ‏لَكُ‏ مُ‏ اإلْ‏ ‏ِسْ‏ امَ‏ ديناً‏ فَمَ‏ نِ‏ اضْ‏ طُرَّ‏ يفٍ إلِ ‏ِثْمٍ‏ فَإِنَّ‏ اللََّ‏‏ِفخمَ‏ ‏ْمَ‏ صَ‏ ةٍ‏ غَ‏ ريْ‏ َ مُتَجانغَ‏ فُورٌ‏ رَ‏ حيم{‏ ‏ ‏)سورة املائدة /3(.ثالثاً:‏ القرآن والقيام بالعرضاملوضوعيقد جيد املتدبر يف القرآن أنجمموعة من اآليات او سورة كاملة،‏تتحدث عن موضوع واحد،‏ مثلسورة الواقعة،‏ حيث متحور حديثهاحول تقسيم الناس اىل ثالثة اقسام:‏‏}وكنتم ازواجاً‏ ثاثة * فاصحابامليمنة ما اصحاب امليمنة *واصحاب املشئمة ما اصحاباملشئمة * والسابقون السابقون *اولئك املقربون{.‏رابعاً:‏ اهل البيت عليهمالسالم،‏ و اإلستلهام من القرآنلقد زخرت النصوص الشريفةعن العترة الطاهرة،‏ بوصايا وحقائقمستلهمة من القرآن الكريم،‏ حيثتذكر احلكمة او الوصية،‏ ثم تذيّلبآية من آيات الكتاب الكريم الذييعد معيناً‏ هلذه النصوص املباركة،‏فمثالً‏ جند يف وصية النيب،‏ صلىاهلل عليه وآله،‏ البن مسعود قوله : ‏»يَاابْ‏ ‏نَ‏ مَ‏ سْ‏ ‏عُ‏ ودٍ‏ الَ‏ تَتَكَ‏ لَّمْ بِالْ‏ عِ‏ لْمِ‏ إِالَّ‏ بِشَ‏ ‏يْءٍ‏مسَ‏ ِ عْ‏ تَهُ‏ وَ‏ رَ‏ أَيْ‏ تَهُ‏ فَ‏ ‏إِنَّ‏ اهللََّ‏ تَعَ‏ ‏اىلَ‏ يَقُ‏ ‏ولُ‏ِلْمٌ‏‏}وَ‏ ال تَقْ‏ فُ‏ ما لَيْسَ‏ لَكَ‏ بِهِ‏ عإِنَّ‏ السَّ‏ مْ‏ عَ‏ وَ‏ الْبَرَ‏ َ وَ‏ الْفُؤادَ‏ كُلُّ‏أُولئِكَ‏ كانَ‏ عَ‏ نْهُ‏ مَسْ‏ ؤُ‏ الً‏ ‏{،وَ‏ قَ‏ ‏الَ‏}سَ‏ تُكْ‏ تَبُ‏ شَ‏ هادَهتُ‏ ‏ُمْ‏ وَ‏ يُسْ‏ ئَلُونَ‏ {وَ‏ قَ‏ ‏الَ}‏ إِذْ‏ يَتَلَقَّ‏ ى املُْتَلَقِّ‏ يانِ‏ عَ‏ نِ‏‏ِيدٌ‏ ماالْيَمِ‏ نِ‏ وَ‏ عَ‏ نِ‏ الشِّ‏ الِ‏ قَع‏ِيبٌ‏يَلْفِ‏ ظُ‏ ِ منْ‏ قَوْ‏ لٍ‏ إِالَّ‏ لَدَ‏ ِ يْه رَ‏ ق‏ِيدٌ‏ } وَ‏ قَ‏ ‏الَ‏ ‏}وَ‏ نَحْ‏ نُ‏ أَقْرَ‏ بُ‏ إِلَيْهِ‏عَ‏ تمِ‏ نْ‏ حَ‏ بْلِ‏ الْوَ‏ رِ‏ يد{«‏ )1( .وهكذا فعل امير املؤمنين عليهالسالم،‏ حيث قسّ‏ ‏م الكفر اىل مخسةاقسام حسبما ورد يف القرآن الكريم،‏فقال عليه السالم:‏‏»وَ‏ أَمَّ‏ ‏ا الْ‏ كُفْ‏ ‏رُ‏ املَْذْ‏ كُ‏ ‏ورُ‏ يفِ‏ كِ‏ تَابِ‏اهللَِّ‏ تَعَ‏ ‏اىلَ‏ فَ‏ خَ‏ مْ‏ سَ‏ ‏ةُ‏ وُجُ‏ ‏وهٍ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ‏ا كُ‏ فْ‏ ‏رُ‏اجلْ‏ ُ حُ‏ ودِ‏ وَ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ا كُ‏ فْ‏ رٌ‏ فَ‏ قَ‏ طْ‏ وَ‏ اجلْ‏ ُ حُ‏ ودُ‏يَنْ‏ قَ‏ سِ‏ ‏مُ‏ عَ‏ لَى وَ‏ جْ‏ هَ‏ ‏ينْ‏ ِ وَ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ‏ا كُ‏ فْ‏ ‏رُ‏الترَّ‏ كِ‏ ملَِا أَمَ‏ ‏رَ‏ اهللَُّ‏ تَعَ‏ ‏اىلَ‏ بِهِ‏ وَ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ‏اكُ‏ فْ‏ ‏رُ‏ الْ‏ ‏ربََاءَةِ‏ وَ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ‏ا كُ‏ فْ‏ ‏رُ‏ النِّعَ‏ ‏مِ‏ ...«.خامساً:‏ استلهام العلامءاعتمد العلماء الطريقة‏»املوضوعية«‏ يف نصوص الروايات،‏حيث قسموها حسب مواضيعها،‏وخصوصاً‏ النصوص التي وردت يفاملسائل الفقهية،‏ جبعل النصوصحسب ابوابها الفقهية،‏ وهكذا قاموا،‏بتقسيم اآليات حسب مواضيعها،‏فقام الفقهاء بدراسة آيات االحكام،‏كما قام علماء العقيدة بدراسةاآليات التي ختص االصول العقدية.‏وبعد هذه املرحلة بدأ هذاالنمط بالنضوج وانتشرت التطبيقاتالعملية،‏ فازدادت التأليفات يف هذااجلانب،‏ رغم قلة التأليفات يفاجلانب التنظيري هلذا النمط منأمناط دراسة الكتاب الكريم،‏ وميكنناان نشير اىل موسوعي ‏»حبار االنوار«،‏للعالمة اجمللسي،‏ و ‏»التشريعاالسالمي«‏ للمرجع املدرسي،‏كتطبيقات عملية لعملية التدبراملوضوعي يف القرآن الكريم،‏ فرغمان االول هو موسوعة روائية،‏ إال انالعالمة اجمللسي قد جعل يف بدايةكل باب من ابواب كتابه جمموعةمن اآليات القرآنية املرتبطةباملوضوع،‏ اما املوسوعة الثانية فقدخصصت سبعة اجزاء منه،‏ للتدبراملوضوعي يف القرآن الكريم حول قيماهلدى واالميان والعلم.‏---------------1- مكارم األخالق - ص 455اعتمدالعلماء الطريقة‏"املوضوعية"‏يف نصوصالروايات،‏ حيثقسموها حسبمواضيعها،‏وخصوصًاالنصوصالتي وردتيف املسائلالفقهيةِ لَّتْ‏29


اضاءات تدبريةلو وجدنا- مثالً‏ - وردةبديعة املنظرزاكية العرف،‏قلنا:‏ ‏»سبحان اهللاللطيف«،‏ أو ليسيتصف باللطفودقة الصنع!‏ أمالو الحظنا االهدافالعديدة التيصنعت من اجلهاالوردة من تنظيفاجلو و إشاعةالعبق الهتدينا اىلحكمة بارئهاسُ‏ بل قرآنية لمعرفة اإلنسان ربه* زكي النارصليس اهلل تعاىل،‏ يف تذكرةالقرآن وتوجيهه،‏ وجوداً‏ وال موجوداً،‏وامنا هو حق قيوم،‏ فالوجود رغم انهاسم مقدس من أمساء اهلل احلسنى،‏و رغم انه نور يظهر حقائق الكون،‏ورغم انه خيتلف عن املوجودات،‏رغم ذلك كله،‏ فهو ليس بإله.‏وال اهلل سبحانه بوجود،‏ امناالوجود خلق من خلقه،‏ يتصرف فيهكيفما يشاء يعطيه لشيء فينقلبظاهرا خملوقاً.‏إن اقرب الوسائل ملعرفة انالوجود خملوق،‏ امنا هو التصرففيه وإعطاؤه مرة لشيء ثم سحبهمنه،‏ فهو إذن؛ حقيقة يديرها مالكهااهلل القدير،‏ واملوجودات ليست بإلههي األخرى،‏ بل النجم والشجريسجدان هلل،‏ والشمس والقمرجيريان بتدبر اهلل واالرض خاشعةبأمره،‏ وأبسط االدلة على ذلك أنمعامل الضعف بارزة يف االشياء،‏ والولن تكون هي اهلل القدير سبحانه.‏* الفلسفة..‏ مشكلة وليست حلان املبدأ الفلسفي الذي يقسمالوجود اىل ممكن وواجب،‏ ويتصورأن القسم االول هو اخلليقة،‏والقسم الثاني هو اخلالق،‏ مرفوضيف القرآن الكريم،‏ إذ ان اهلل ليسبوجود وال اخلليقة بوجود،‏ إمناالوجود نور مملوك هلل وموهوبللخليقة،‏ فكيف ميكن ان يشتركاخللق مع اهلل يف قائمة واحدةنسميها الوجود،‏ بينما هي ثالثقوائم:‏ اهلل،‏ الوجود،‏ اخللق؟!‏فاملبدأ الصويف الذي يزعمأن اهلل هو ذات املوجودات،‏ وكذلكاملبدأ املادي الذي حيسب اخلالئقهي ذات السيطرة الذاتية علىنفسها،‏ فهي الرب وال إله سواها،‏إن هذين املبدأين مرفوضان أيضاً،‏ذلك أن اهلل أمسى من خملوقاته،‏وأجل وأعلى من ملكوته،‏ فهو خلومن خلقه،‏ وخلقه خلو منه،‏ وبينهوبين خلقه تباين من الصفاتوال اشتراك إال يف األلفاظ التي ملتوضع اال يف حدود إمكانيات اخللقانفسهم.‏إن احلد الفاصل بين اهلل وبيناخللق التباين املطلق بينهما،‏ فكلماجيوز يف اخللق يستحيل يف اخلالقوهكذا العكس.‏وبهذا التباين نكشف أننا النقدر على حتديد اهلل وال علىاكتشاف صفاته،‏ ألننا نعيش يفمناخ املخلوقين وال نعهد صفةإال بقدر ما هي ظاهرة يف خملوقما،‏ فصفة القدرة مثالً‏ نعرفها يفاإلنسان ويف التيار ويف العاصفةوالكهرباء والذرة،‏ صحيح أنهاصفة قدرة إال أنها مثبتة حسبمعرفتنا يف املخلوق،‏ فال ميكننا بطبيعة التباين بن اخللق واخلالق قياسها على اهلل،‏ وهكذا صفة العلموامللك وغرها.‏ولكننا مع ذلك نستطيعأن نعرف ثبوت ما هو أمسى منصفات القدرة والعلم وامللكاملتوافرة يف املخلوقات بثبوت ماهوأمسى منها وأكرب يف اخلالق الذيغرز يف خلقه هذه الصفات املثلى،‏وقد نسمي ذلك االمر االمسىواالكرب من صفات املخلوقينب ‏»القدرة الالحمدودة«‏ و ‏»العلمالتام«‏ و ‏»امللك الدائم«،‏ إال أنها التعني بهذه التسمية اجياد عالقةبين قدرة اخللق وقدرة اخلالقحتى تكونا سواء،‏ أو بين علماخللق وعلم اخلالق،‏ أو مشيئةاخللق ومشيئة اخلالق،‏ وهكذا..‏ إذال عالقة بينهما إال عالقة املقابلةالشديدة االنعكاس،‏ بل امنا نريد


اضاءات تدبريةِ ريٌ‏ }بهذه التسمية اجياد عالقة بينلفظ ولفظ،‏ حتى نعرف اشارةما اىل ذلك األمر األمسى الثابتللخالق.‏من هنا كان اثبات أية صفةهلل ال يعدو أن يكون اشارة يف أطارالفهم الذي منلكه اىل صفاتهوأمسائه دون أن يكون حتديداً‏ هللأو جعله يف اطار املخلوقين وسحبصفاتهم عليه سبحانه.‏* التسبيح جيعلنا أمام اهلل تعاىلوأفضل صفة نطلقها على اهللهي صفة حمورية،‏ تدور بن النفيواالثبات،‏ النفي لقطع أية صلةتشابه بينه وبين خلقه،‏ واالثباتلالميان بأنه أمسى من خلقه وأكرب،‏ فهو القادر غير مقدور،‏واملالك غير مملوك،‏ والعليم والمعلوم،‏ ولرسيخ هاتن احلقيقتن؛حقيقة ثبوت اهلل وصفاته املثلىمن جهة،‏ ونفي الصفات املعروفةيف املخلوقين عنه،‏ لرسيخ ذلكيف نفوس البشر التي تعودت علىمعرفة اخللق،‏ كان البد منالتقديس والتسبيح والتنزيةبكلمة ‏»سبحان اهلل«،‏ الي كثرت يفالقرآن و عُ‏ ‏دت ركيزة االذكار يفالصالة.‏إن التسبيح جيعلنا فجأةأمام اهلل،‏ فهو ينفي عن أذهاننااملخلوقن فيظهر اخلالق،‏ وألنه منجهة ثانية حيل عقدة مستعصيةمن نفس البشر،‏ وهي العادةعلى حتديد االشياء،‏ ألن النفسالبشرية خملوقة،‏ فمن طبيعتهاالتحديد،‏ فعندما تقف أمام اهللوتعجز عن التحديد،‏ تتورط يفالشبهات العقيمة وتريد أن ختضعاهلل ملقاييس اخللق فتضل ضالالً‏بعيداً،‏ وهنا تأتي كلمة ‏»سبحاناهلل«،‏ لتنقذ البشر مرة واحدة منورطته الكبيرة،‏ وتقول له:‏ إنكأمام خالق املخلوقات حيث تعجزااللفاظ وتنهار احلدود وتنحسراملعارف البشرية الساذجة.‏من هنا ال جند صفة عجز اوذل او صغار يف املخلوق إال وتهديناالفطرة اىل تعالي اهلل عنها علواً‏كبيراً،‏ وال نرى فعالً‏ حمدوداً‏منظماً‏ بتدبير حكيم إال ونهتديبه اىل اهلل،‏ وكلما وجدنا الفعلمن الدقة واحلكمة والفائدةاهتدينا اىل نوع من صفات اهللوأمسائه احلسنى،‏ فلو وجدنا مثالوردة بديعة املنظر زاكية العرف،‏قلنا:‏ ‏»سبحان اهلل اللطيف«،‏ أو ليسيتصف باللطف ودقة الصنع!‏أما لو الحظنا االهداف العديدةالتي صنعت من اجلها الوردةمن تنظيف اجلو واشاعة العبقالهتدينا اىل حكمة بارئها،‏ اماإذا تصورنا الفوائد الصحية التيتصيب االنسان من الوردة عرفنا انخالقها رحيم بعباده.‏إن آيات القرآن الكريمتذكرنا مرة بعد اخرى بنوعاالفعال التي تشهد على صفات اهللتعاىل،‏ وقد تسبق التذكرة بالفعلالتذكرة بالصفة التي نهتديبسببها اليها،‏ وها حنن نستمع اىلالقرآن يذكرنا بصفات اهلل يفقوله تعاىل:‏ ‏}ذَلِكَ‏ بِأَنَّ‏ اللََّ‏ يُولِجُ‏اللَّيْلَ‏ يفِ‏ النَّهَ‏ ارِ‏ وَ‏ يُولِجُ‏ النَّهَ‏ ارَ‏يفِ‏ اللَّيْلِ‏ وَ‏ أَنَّ‏ اللََّ‏ سَ‏ مِيعٌ‏ بَص، ‏)سورة احلج /61(، وقوله تعاىل:‏‏}ذَلِكَ‏ بِأَنَّ‏ اللََّ‏ هُ‏ وَ‏ احلْ‏ ‏َقُّ‏ وَ‏ أَنَّ‏ مَايَدْ‏ عُ‏ ونَ‏ مِنْ‏ دُون ِ ‏ِه الْبَاطِلُ‏ وَ‏ أَنَّ‏ اللََّ‏هُ‏ وَا لْ‏ عَ‏ ي ‏ُِّا لْ‏ كَ‏ بِ‏ ريُ‏ } ، ‏)سورة لقمانْ تَرَ‏ أَنَّ‏ اللََّ‏/30(، وقوله تعاىل:‏ ‏}أَملَ‏أَنْزَ‏ لَ‏ مِ‏ نَ‏ السَّ‏ اَ‏ ِ ء مَاءً‏ فَتُصْ‏ بِحُ‏األْ‏ ‏َرْ‏ ضُ‏ خمُ‏ ‏ْرَ‏ َّ ةً‏ إِنَّ‏ اللََّ‏ لَطِيفٌ‏خَ‏ بِريٌ‏ } ‏)سورة احلج /63(.فاملنهج القرآني يكرسبيانه ملعرفة املخلوق والنظر اليهومالحظة جوانب احلاجة فيه،‏ علىأن ذلك معرب اىل اهلل تعاىل،‏ وهذاهو الطابع الذي مييز احلضارةالقرآنية عن جاهليات الفلسفةاالغريقية التي تعمقت يف ذات اهللبعيداً‏ عن النظر اىل آياته فضلّتضالالً‏ بعيداً.‏يقول تعاىل:‏ ‏}الَ‏ تُدْ‏ رِ‏ كُهُ‏األْ‏ ‏َبْصَ‏ ارُ‏ وَ‏ هُ‏ وَ‏ يُدْ‏ رِ‏ كُ‏ األْ‏ ‏َبْصَ‏ ارَ‏وَ‏ هُ‏ وَ‏ اللَّطِيفُ‏ اخلْ‏ ‏َبِريُ‏ } ‏)سورةاالنعام /103(.ومن حكمة اهلل التامة تنبثقنظرة القرآن اىل هدفية حياةاالنسان،‏ فليست احلياة عبثاً‏ وهلواً‏اراد بها اهلل سبحانه اللعب او اراد بهاتنكيالً،‏ امنا خلق االنسان وقدره،‏وبن له السبل ويسرها لكي خيضعللتقدير فيفلح،‏ اما اذا اختار العكسفانه سيهوي اىل مكان سحيق،‏ ففيالدنيا سيشتري ضنكاً‏ يف العيشوقارعة وراء قارعة،‏ اما يف اآلخرةفسيجزي اهلل الذين آمنوا جناتجتري من حتتها االنهار خالدينفيها ابداً.‏ان هدفية احلياة تهدينا اىلضرورة احلساب،‏ فإن لم جنديف الدنيا حسابا دقيقاً‏ وحامساً‏لالنسان،‏ نتطلع اىل اآلخرة التيسيحاسب فيها الكافر حسابا عسراً،‏ويلقى جزاءه موفوراً،‏ فمعرفةاليوم اآلخر نابعة من معرفة اهللوبالذات من معرفة صفي احلكمةوالقدرة فيه،‏ اذ احلكمة هي التيتهدينا اىل ضرورة اآلخرة والقدرةاىل امكانها.‏ومعاجلة القرآن للقيامةآتية من هاتين الزاويتين،‏ وكلماكملت فيه معرفة صفتي احلكمةوالقدرة كلما زادت معرفتهبالساعة ودقة حسابها.‏وميكن ان جند جتسيداً‏هلذه الفكرة يف اآليات املباركات:‏‏}وَ‏ مَا خَ‏ لَقْ‏ تُ‏ اجلِْ‏ نَّ‏ وَ‏ اإلْ‏ ‏ِنْسَ‏إِالَّ‏ لِيَعْبُدُ‏ ون{‏ ‏)سورة الذاريات/‏56( وقوله تعاىل:‏ { أَ‏ فَ‏ حَ‏ سِ‏ بْ‏ تُ‏ مْ‏ أَ‏ نَّ‏ اَ‏خَ‏ لَقْ‏ نَاكُمْ‏ عَ‏ بَثًا وَ‏ أَنَّكُ‏ مْ‏ إِلَيْنَا الَ‏تُ‏ رْ‏ جَ‏ عُ‏ ونَ‏ } ‏)سورة املؤمنون/‏ 115(،فهناك غاية من اخللق هي العبادةوالتسليم لسنن الكون وشرائعاحلياة التي جعلها اهلل سبحانه،‏وليست الغاية اللعب الذي خيتلفجذرياً‏ عما نالحظه يف الكونمن آثار احلكمة وآيات اهلدف،‏ انمسيرة احلياة تدل على انها احلق،‏وان الباطل ال حول له فيه،‏ فليسهناك ما يدعو اىل تصور ان اللعبهو غاية احلق،‏ ألن اللعب هو غايةاحلياة،‏ إذ اللعب نوع من الباطلالذي يدمغه اهلل ويدعه زاهقاً.‏التسبيحيجعلنا فجأةأمام اهلل،‏ فهوينفي عن أذهاننااملخلوقنيفيظهر اخلالق،‏وألنه من جهةثانية يحل عقدةمستعصية مننفس البشر،‏وهي العادة علىحتديد االشياء31


مجتمعأطفالنا صنّاع المستقبلاالزمةالكربى التييعاين منها جيلنااملعاصر هوالفراغ العاطفيالناشئ اساسًامن انشغال اآلباءواالمهات بشؤوناحلياة،‏ وتهيئةمستلزماتالعيشاليومي* الشيخ فارس اجلبوريقضت االرادة االهلية أن يكوناالنسان حراً‏ خمتاراً.‏ وهذه االرادةمنّة عظيمة من اهلل تعاىل،‏ فكاناالنسان حراً‏ وقادراً‏ على انتخابطريقه،‏ ال عبداً‏ من طبعه ان يساقبالعصا الغليظة.‏ ومن هذا املنطلقينبغي التأكيد املرة بعد االخرىعلى أن للربية والتعليم دوراً‏أساساً‏ يف وجود وحركة االنسان.‏أما وضع أو سنّ‏ العقوبات ورسمالقوانين الرادعة،‏ وتوجيه اجملتمععرب الوسائل االخرى،‏ فهذه كلهاامور وحيثيات تأتي يف الدرجةالثانية.‏ وهاتان احلقيقتان تقوداننااىل القول بان قائد االنسان هو عقله،‏وهو الذي يهديه ويرسم له طريقهالصحيح وان قوانين العقوبات البدوان ختتص بالشواذ والنوادر منالناس ممن مل يطلهم التعليم.‏* األم .. دور أساسيف صياغة الشخصيةلعل املتدبر يف قول رسولاهلل،‏ صلى اهلل عليه وآله:‏ ‏»الشقيمن شقي يف بطن امه...«،‏ ‏)الكايف،‏ج‎8‎ص‎81‎‏(.‏ يفهم ان السعادة والشقاءامنا يكتبان على االنسان وهو ملا يزلجنيناً‏ يف بطن أمه.‏ وها هي اهلندسةالوراثية اليوم تؤكد لنا العالقةبين حال االنسان بعد والدته وبينما مير به يف طور التكوين يف رحمأمه.‏من هنا ميكن القول:‏ اذا اردتجمتمعاً‏ صاحلاً‏ فاحبث عن أمصاحلة،‏ واذا رأيت جمتمعاً‏ فاسداً،‏فاعلم ان جذور هذا الفساد متتدومتتد اىل ان تصل اىل بعضاألمهات.‏ فاالم ليست مدرسةفحسب،‏ بل هي حياة.‏ فحينما يولداالنسان من أم طيبة تراه يكونذا خصال وسجايا طيبة،‏ أما لوكانت أمه غير صاحلة فغالبا مايكون الولد معقداً،‏ مييل اىل الشروالفساد.‏ ففي فترة احلمل هناكمثة مسؤولية على األم تتمثل يفضرورة االهتمام حبالتها الدينية،‏مثل االلتزام بالفرائض العبادية،‏وحضور اجملالس الدينية،‏ والتزودبالثقافة االسالمية واالنسانيةاالصيلة،‏ مبا يعود عليها وعلىوليدها فيما بعد بالفائدة الكربى،‏بدالً‏ من تضييع الوقت يف جمالساللهو ومشاهدة واستماع ما ال حتمدعقباه.‏* الطفل ابو الرجل!‏وبعد ان يولد الطفل ويبدأبالرضاعة والنمو يكون أشداستقباالً‏ ملتغيرات احلياة،‏ من ذلكالشاب اجلامعي اجلالس حتتكرسي استاذ جامعي قدير.‏ النالوليد مثل الصفحة البيضاءاجلاهزة الستقبال خطوط الكتابةيف حين ان طالب اجلامعة قدأوشكت قناعاته على االكتمال.‏ولذلك كان ملرحلة الطفولة املبكرةأثرها الكبر على مستقبله.‏ حتى انعلماء الربية قالوا:‏ ‏»ان الطفل ابوالرجل«!‏ ملا حلقبة الطفولة منتاثير بالغ على صياغة الشخصيةيف الكرب.‏ ثم ان الطفل بعد الوالدة


مجتمعيكون حباجة اىل:‏1- تغذيته بالعاطفة واحلنانفينبغي على الوالدين تزريقاحلب للطفل،‏ حتى ال يشعر فيمابعد بعقدة نقص العاطفة؛ لتفاديحصول أي فراغ او هوة يف هذا اجملال.‏واذا ما حدث ذلك - والعياذ باهلل-‏فعلينا توقع الشذوذ والالعقالنيةيف مواقفه وتصرفاته.‏ فحالة احلبواحلنان،‏ جيب أن يتلقاها الطفل يففرة الرضاعة،‏ ولعل االزمة الكربىالتي يعاني منها جيلنا املعاصر هوالفراغ العاطفي الناشئ اساساً‏ منانشغال اآلباء واالمهات بشؤوناحلياة،‏ وتهيئة مستلزمات العيشاليومي،‏ ونسيانهم أهمية احلاجةالعاطفية؛ ولذلك نرى الروحاالنهزامية تسيطر على تصرفاتكثير من االوالد.‏ وبالتالي ظهورجيل متزلزل االرادة،‏ فاقد للثقةبنفسه،‏ ال يعرف للشجاعة واالقداممعنى.‏2- حتسيسهِ‏ بالكرامةواالحترامينبغي لالوالد ان يولدواعلى الكرامة التي اختص اهلل بهااالنسان،‏ اذ يقول تعاىل:‏ ‏}لَقَ‏ دْ‏كَرَّ‏ مْنَا بَنِي آَدَمَ‏ وَ‏ محَ‏ ‏َلْنَاهُ‏ مْ‏ يفِ‏ الْرَ‏ ِّوَ‏ الْبَحْ‏ رِ‏ وَ‏ رَ‏ زَ‏ قْنَاهُ‏ مْ‏ ِ م نَ‏ الطَّيِّبَاتِ‏‏َّنْ‏ خَ‏ لَقْ‏ نَا‏ِريٍ‏ ممِ‏وَ‏ فَضَّ‏ لْنَاهُ‏ مْ‏ عَ‏ ىَ‏ كَثتَفْضِ‏ يلً‏ } ‏)سورة االسراء ،70( . فمنأشد ضروريات الربية ان يتحسسالطفل بالكرامة بشكل شديد؛ النمن دون هذا التحسس فان الطفللن يعِ‏ ي معنى احلرمة؛ وحينما يكربيكون زوجاً‏ او مديراً‏ او عامالً،‏ أو أيمكان يتبوأه يف اجملتمع،‏ لن جيداحلاجة الحترام حرمات اآلخرين،‏ال يعرف معنى الكرامة واحلرمةلنفسه.‏وحينما نتدبر يف اآليةالكرمية:‏ ‏}وَ‏ قَالَ‏ الَّذِ‏ ي اشْ‏ رَ‏ ‏َاهُ‏ ممِ‏ رْ‏ َ ِ ال مْرَ‏ أَت ِ ‏ِه أَكْرِ‏ ِ مي مَثْوَ‏ اهُ‏ عَ‏ سَ‏ ىأَنْ‏ يَنْفَعَنَا أَوْ‏ نَتَّخِ‏ ذَ‏ هُ‏ وَ‏ لَدً‏ ا{‏ ‏)سورةيوسف ،21(. جند ان املنعطفاخلطير يف حياة النيب يوسف،‏ عليهالسالم،‏ قد بدأ من زاوية الكرامةالتي أكد عزيز مصر على إمرأتهيف ان توليها إياه.‏ وهكذا اذا اردناان يبلغ اوالدنا مبلغاً‏ حسناً،‏ وشأناً‏رفيعاً‏ يف اجملتمع،‏ فلنبدأ من نقطةالكرامة ونشعرهم بها،‏ فال حنطمشخصيتهم بالكالم الالذع وتوجيهاالهانات.‏ والرسالة موجهة بالدرجةاالوىل اىل األم الصاحلة التي تريدالصالح والرشاد لولدها.‏ فالكرامةمتثل قاعدة االنطالق حنو النموالصحيح،‏ والنظر اىل االشياءواالمور من الزاوية االجيابية.‏ان احترام الطفل اليعني أبداً‏اخلضوع لرغباته،‏ كما يتصورالكثير من اآلباء واألمهات،‏ بل البدان جنعل من هذا االحرام وسيلة واداة لربيته.‏ وهذا يستدعي التحدثمعهم بصراحة وعفوية مثيلة ملاحيملونه من براءة وعفوية.‏ وهذاميكّن الطفل من أن يتوجه يف الكرب،‏اىل األبوين الستشارتهم وااللتزامبوصاياهم واألخذ بنصائحهم.‏3- تكريس احترام حقوقاآلخرينيف بعض البلدان التي تهتمشعوبها اهتماماً‏ بالغاً‏ باحلقوقالعامة ترى ان األم هناك تؤكدلولدها على ضرورة رعاية احلقوقالعامة،‏ كمقاعد القطارات مثالباعتبارها من االموال العامة،‏أو االستفادة الصحيحة من املاءوالكهرباء،‏ ووسائل النقل العامة،‏وأي شيء آخر له عالقة باجلانباالجتماعي.‏ مثل هذه الربيةجتعل من الطفل مواطناً‏ صاحلاً‏يف الغد القريب،‏ مواطناً‏ ال يفكر يفمصاحله الذاتية فقط،‏ بل يضع يفسلّم أولوياته مصاحل االخرين،‏ فاليفكر يف ان يكون هو دون غيره،‏او يتكالب على احتالل املناصبوحيازة االشياء،‏ ومصادرة اآلراء،‏والغاء دور االخرين.‏ وهي من أسوأما ميكن ان يربى عليه الطفل.‏* الرتبية بن املايض واحلارضيشيع يف جمتمعنا اليومأسلوبان من الربية«‏ يتجسد االوليف ان بعض الوالدين حياولونان جيعلوا أوالدهم نسخة ثانيةمنهم،‏ وكأنهم يريدون ان يتكرروابأوالدهم!‏ والنوع الثاني يتجسد يفاصرار الوالدين على تسليم أوالدهماىل الشارع واجملتمع ليتعلمواما يشاؤون،‏ مطلقين هلم العنانوكأنهم ال ميتّون اليهم بصلة.‏ومن الطبيعي ان يكون لكل نوعأسبابه ومربراته ومن ثم نتائجه.‏فالنوع االول؛ يبدو انه نابعمن تكرس االنانية يف شخصيةالوالد حيث ال يعرف من احلياة إالنفسه؛ فهو يرى ما يفعله صحيحاً‏وما يركه خطأ،‏ جاهالً‏ أنه كائنمعرض كما غيره للخطأ.‏ وهذانابع من كون الوالد ذا شخصيةمتكربة على من،‏ وما حوله منحركة وحياة؛ فهو جاهل بضرورةإيالء الثقة مبن يستحقونهالكي يوفر الفرصة امام اوالده يفحماكاة االخرين.‏ كما انه جاهلبطبيعة االنسان املتغيرة بتغيرالزمن.‏ فاهلل سبحانه وتعاىل حينماخلق يف االنسان حب او غريزة تقليداآلخرين مبن فيهم اآلباء،‏ فقدخلق فيهم رغبة اخرى وهي رغبةالتحدي واالقتحام،‏ واثبات جدارةالذات.‏ إال ان اصرار الوالدين علىاسلوب االستنساخ - إن صح التعبر-‏يعد إصراراً‏ على حماربة الفطرةاالنسانية التي جعلها اهلل تعاىلمتنوعة االشكال.‏ فحركة الزمنحركة متغيرة وكل جيل يأتي يفزمن جديد وظرف جديد يفرضعليه التأقلم مع ذلك الزمن وهلذهاحلقيقة اشار امير املؤمنين،‏ عليهالسالم،‏ بقوله:‏ ‏»التقسروا اوالدكمعلى آدابكم فانهم خملوقون لزمانغير زمانكم«‏ ‏)تصنيف نهج البالغة‏/لبيب بيضون،‏‎644‎‏(.‏أما النوع الثاني:‏ والذي يتمثليف اطالق العنان لالوالد فهو اآلخرباطل،‏ وال يعود بغر الضرر عليهم؛ذلك الن رمي االبناء يف مهب الريحسيما العاتية منها يعني قطعالعالقة والرابطة املقدسة بن اآلباءوذرياتهم.‏ وهو جتاهل فاضح حلقاالوالد على آبائهم،‏ اذ انهم حباجةاىل من يأخذ بأيديهم،‏ وجينبهمعندمايكون االنسانحريصًا علىتخريج ابناءصاحلني اىلاملجتمع،‏ فانهبحاجة ألن يتقنفنون الرتبيةوالتعليمِ نْ‏33


مجتمعدخولالوالدين يفتفاصيل حياةاوالدهم اكرثمن احلد الالزم،‏يسلب منهمقابلية التفكريواالعتمادااليجابي علىالذاتالكثير من السقطات التي هم يفغنى عنها.‏ بل ان كثيرا من اشكالاالحنراف يؤدي باالوالد اىل نقطةال رجعة عنها.‏أما اخليار الثالث،‏ فهي تربيةاالوالد وفق اخلطوط العريضةللحياة،‏ ومن ثم منحهم الفرصةللسير وفق تلك اخلطوط.‏ وبتعبرآخر ضرورة وعي الوالدين ألهميةتربية اوالدهم على خالصةالتجارب البشرية،‏ ومن ثم وضعهمعلى سكة التطبيق لالستفادة منتلك التجارب و احلِ‏ كم.‏ اما دخولالوالدين يف تفاصيل حياة اوالدهماكثر من احلد الالزم ، يسلب منهمقابلية التفكير واالعتماد االجيابيعلى الذات.‏ وها هي الدراساتيف علم النفس،‏ ترى ان االفراطوالتفريط يف صالحية الوالدينيف الربية عامالً‏ من عوامل تدميراالوالد.‏ فراهم يف مرحلة يتبعوناوالدهم خطوة خبطوة حتى يرىاالوالد انفسهم حماصرين خالهلامن كل جانب،‏ ويف مرحلة اخرىيرون انفسهم ضائعين دومنا ملجأيأويهم من املخاطر.‏ إذن؛ فالصحيحيف االمر هو احلكمة والتعقلواخليار الوسط يف قضية الربية.‏ان االوالد حباجة اىل منيدهلم على الطريق فحسب،‏وليس اىل من يأخذ بأيديهم اىلالنهاية،‏ وال جيدربنا ان ننسىاحلقيقةالقائلةبا ن‏»كل وقوف يسبقه تعثر او سقوط«،‏فالطفل ال يلتذ يف الوقوف ما مليسبق ذلك عثرات وسقطات.‏فبدالً‏ من ان حترضهحتريضاً‏ مباشراً‏ على ان يكون جدياً‏يف حياته،‏ حاول ان تزرع روح اجلدوالنشاط والتحدي يف عمق نفسيةأبنائك؛ وذلك عن طريق الثقة بهموحتسيسهم بانك تثق بهم.‏* العقالنية منهجاً‏ للرتبيةفمن الضروري ان نغذيابناءنا املبادئ واالعتقادات باسلوبعقالني وليس على شكل شحناتعاطفية فحسب،‏ اذ املعتقدات البدوان تكون هلا جذورها العقليةواملنهجية الواضحة،‏ ومبا أن للطفلوجداناً‏ وفطرة وله عين صغيرةوايضاً‏ أُذن صغيرة،‏ وله عقل صغرولكنه يتناسب مع حجمه،‏ فان علىالوالدين تغذيته باملبادئ والقيممن خالل الفطرة والوجدان،‏ دوناخلرافات واالساطر.‏ فالطفلله قدرة على االستيعاب،‏ ولكنباسلوبه اخلاص.‏ ومسؤوليةالوالدين ان يربوا اوالدهم ضمناملنهجية العقلية لتكون مبثابةالقاعدة الرصينة يف الربيةالدينية.‏ ومبا ان كتاب اهلل كتابحي وناطق،‏ ويتحدث اىل قارئهبقدر عقله؛ علينا ان نقرب االطفالمن آيات القرآن الكريم،‏ ومفاهيمهابالطريقة املناسبة لكل واحد منهم،‏الن يف ذلك الضمانة الوحيدةليعيشوا اجواء القرآن الكريم.‏وما نقصد به من االسلوبالعقلي واملنهجي هو االبتعادعن اخلرافة والعاطفةالبحتة لدى نشراالفكار والقيم،‏ مع مراعاة االسلوباملتدرج الذي يشد الطفل اىل كتابربه.‏ ولعل استشارة املتخصصن يفجمال تعليم القرآن خير معين يفالتنقل بالطفل يف اجواء كتاب اهللتعاىل،‏ حيث تكون البداية بعمليةالتحفيظ،‏ ثم التفسير املناسبلعقلية الطفل،‏ ثم تعليم االحكامواملسائل الشرعية.‏* تعلّم اسس الرتبيةعندما يكون االنسان حريصاً‏على ختريج ابناء صاحلين اىلاجملتمع،‏ فانه حباجة ألن يتقنفنون الربية والتعليم.‏ فالقضيةلن تكون بالسهولة التي يتصورهاالبعض،‏ وأن الطفل يكرب ويدرجعلى األمور الصاحلة ضمن االجواءالسائدة وبصورة عفوية وطبيعية..!‏فمن يرغب يف رعاية وردة يفحديقة منزله،‏ تراه يسأل هذااخلبير وذاك او انه يقرأ على االقلما يرشده اىل طريقة رعاية تلكالوردة،‏ ولكن هل ان طفله أقل شأناً‏من وردة؟!‏ وهل انه اليستحق مزيدامن االهتمام؟!‏وهنا جتدر االشارة اىلضرورة إعادة النظر يف قواعدواساليب تثقيف اوالدنا،‏ وهم آباءوأمهات املستقبل.‏ فمن املهم وضعبرامج منظمة ومستمرة ملن بلغمرحلة الزواج؛ لتعليمهم أصولالربية الدينية،‏ واالدارة املنزلية،‏فجهلهم باصول الربية جيعلأوالدهم عرضة دائمة للوقوع يفاسر املشاكل النفسية والفكرية،‏وبالتالي سيكونون شركاءمباشرين يف كل ما يرتكبونه منأخطاء وذنوب طيلة حياتهم.‏والبد لكل زوجينشابن ان يدخالدورة تعليمية قبلالزواج،‏ تبين لهمامعنى الزواج وهدفه،‏وكيفية ضمانالسعادة هلموالبنائهم.‏


بناء الشباب ضمانة المستقبل* نزار حيدرإن الشباب هم عاد التغيري والنهوض يف كل املجتمعات،‏ملا يتمتع به من قدرة عى استيعاب التجديد والتفاعل معالعرن ة والتعاي ش م ع املتغ ريات،‏ وإمكاني ات ذهني ة واس عة،‏وشجاعة وجَ‏ لَد،‏ ما يؤهله لضان مستقبل افضل.‏لذا نجد للشباب يف الغرب كل الفرص ليتعلم ويبحثويشرك يف الشأن العام ويعمل ويتطور،‏ اما يف البلداناملتخلفة،‏ ومنها العراق اليوم،‏ فان الشباب هو الرحيةالضائعة،‏ ففرص التعليم والتطور والبحث والعمل واملشاركةيف الشأن العام وفرص السامة البدنية والعقلية مغلقة أمامهبشكل مهول.‏ لذا ينبغي عى الشباب،‏ انتزاع الدور انتزاعاً،‏من خال االعتاد عى النفس يف خلق الفرص وبمختلفأشكاهلا.‏صحيح انه ألمر صعب للغاية ولكن ربا يكون الطريقالوحيد للوصول اىل القمة.‏وما يؤسف له،‏ هو انه وبعد مرور عقد من الزمن عىالتغيري،‏ جيد الشباب نفسه،‏ مرة اخرى،‏ امام حتدي االعتادعى الذات يف انتزاع الدور،‏ فيا كان ينتظر من الدولة العراقيةاجلديدة،‏ وبمختلف مؤسساهتا،‏ ان حتتظنه ليتمكن من النهوضبنفسه بأقل اخلسائر والتضحيات،‏ وبأرسع وقت ممكن.‏وتتضاعف املسؤولية اذا عرفنا أن النسبة األكر من املجتمعالعراقي هم الشباب،‏ ما يعني ان بقاء هذه الرحية با أفقوال أمل وال دور،‏ يعني ان املجتمع بكامله سيكون كذلك،‏ باأي أفق واضح ومستقبل معلوم.‏ كذلك،‏ ستتضاعف املسؤوليةاذا علمنا بان نصف رشحية الشباب،‏ هم من اإلناث،‏ والايتتتضاعف معاناهتن يف املجتمع،‏ اما بسبب الثقافة الذكوريةاحلاكمة او العادات والتقاليد البالية او ما أشبه.‏فكيف يمكن النهوض بالشباب؟ان عى جيل الشباب ان يبني نفسه ذاتياً‏ من خال القراءةواملطالعة وطلب العلم وتثقيف الذات،‏ فالشاب املتعلمواملثقف ال خيدعه الدجالون بآية او رواية او خطاب او حديثاو ش عار زائ ف او زي متش ابه او فت وى.‏أتذكّر عندما كنّا شباباً،‏ مل خيل بيتا من بيوتنا من مكتبةفيها خمتلف انواع الكتب اىل جانب الدوريات واملجاتالبحثية واملتخصصة،‏ ولقد كنّا نتبارى ونتباهى أينا يقرأ اكثر،‏اما اليوم فان ما يؤسف له حقاً‏ هو غياب الكتاب واملكتبةعن بيوت الناس خاصة الشباب،‏ وإذا ما وُ‏ جدت مكتبة عندشاب او يف منزل فستجد اهنا حتتوي عى كتب تفسري االحاموالقصص املبتذلة والتافهة وكتب االستخارة والتعويذة وغريذلك من هذه الكتب السطحية التي يمنّي هبا الشاب نفسهبحلم سعيد او أمل بعيد.‏كا ان الشباب اقترت اهتاماهتم عى الساع فقط،‏ يفأغلب األحيان،‏ او تراه منشغا بالتواصل مع من يعرف ومنال يع رف ع ى مواق ع التواص ل االجتاع ي،‏ وياليته م يتبادل وناملعلومة املفيدة مثا او يناقشون رأياً‏ نافعاً‏او يتحاورون بأدب ويناقشون قضية مهمةختص املجتمع او رشحيتهم حتديدا او حياولونح ل مش كلة م ن مش اكل املجتم ع،‏ إن ا اهتامه ممنصب عى القيل والقال وتبادل الكثري مناخلزعبات او األكاذيب والشائعات التي لو دقق هبااملرء قليا لوجدها شائعات ليس هلا أدنى حظ منالصحة،‏ الغرض منها تدمري املجتمع وإشاعة األكاذيبالت ي تش غل ب ال الن اس ب ا نتيج ة.‏هذا عى صعيد الثقافة والفكر واملطالعة،‏ اما عىالصعيد التعليمي،‏ فلقد كانت املسرية املليونية التي شهدهاالع راق بمناس بة أربعيني ة س يد الش هداء االم ام احلس ن،‏ علي هالسام،‏ فرصة ذهبية اللتقي و اتعرف عى اآلالف من الشباببعمر الورد،‏ الكتشف اهنم أميون ال يقرؤون وال يكتبون،‏ اواهن م بال كاد يعرف ون كي ف يق رأون أس اءهم.‏هذه الظاهرة التي جتتاح العراق اليوم،‏ بمثابة القنبلةاملوقوتة،‏ اذا ما انفجرت يف املجتمع فستدمره وتأيت عى بنيانهم ن القواع د.‏ان انشغال السياسين،‏ الذين يديرون البلد،‏ بمشاكلهمورصاعاهتم وهم يبحثون عن امتيازاهتم األنانية،‏ اىل جانبانش غال بع ض املثقف ن والكت اب والباحث ن وأصح اب الفك روالقلم،‏ كذلك،‏ باهتاماهتم اخلاصة،‏ التي أبعدهتم عن حتملمسؤولياهتم التارخيية يف تربية وتعليم املجتمع،‏ فضا عناهنيار العملية التعليمية،‏ األولية منها والعالية،‏ والذي يتجسد،‏االهنيار،‏ يف صفوف الدروس اخلصوصية وإقرار األدوار الثاثةيف املراحل املنتهية وتريع قوانن اإلكال بثاث مواد تعليميةوالزحف وغري ذلك،‏ كل ذلك تسبب بإشاعة ظاهرة األميةوعزوف الشباب عن التعليم وطلب العلم.‏لذا جيب االنتباه اىل هذه الظاهرة قبل ان تستفحل بدرجةكبرية،‏ فيضيع الشباب هنائيا.‏ وجيب ان تعود املدارسواجلامعات واملعاهد،‏ كا كانت،‏ مصدر إشعاع لنورالعلم واملعرفة.‏و ما يؤسف له هو ان الكثري من مصادر التغذيةالثقافي ة والتعليمي ة والربوي ة س طحية و إنش ائية،‏ فيه اكل يشء إال العلم والثقافة واملعرفة،‏ كا ان بعضهايغذي املجتمع بثقافة التواكل والتخلف وعبادةالشخصية وصناعة الطاغوت واملوت،‏ من خالاعتاد ثقافات االحام والقصص اخلرافيةوالتوافه من القضايا البعيدة عن واقعاملجتمع،‏ خاصة جيل الشباب.‏فعى جيل الشباب ان ينتبه اىل مايُراد له ومنه.‏ انه مطلوب منه ان يبقىجاهاً‏ وأمياً‏ ومتخلفاً‏ ليسهل قياده.‏---------------* كاتب واعالمي مقيم يف امريكا


مجتمعالعمل المؤسساتي ضرورة حياتية}ٍنبقىعاجزون عنأن نتقدمخطوة واحدةإن مل نخرج منزنزانة أنفسناكأفراد لندخليف رحابالتجمعات،‏ونعيش حياةاملؤسسات،‏ال حياةاألشخاص* باقر ياسنإذا كانت هناك ميزة يتميزبها عصرنا احلديث يف جمال العملواالنتاج،‏ فإنها ‏»املؤسسات«.‏ فجميعالبحوث والدراسات التي تبحث يفتطوير اجملتمعات وحتضّ‏ رها،‏ تسلطالضوء على كيفية جتاوز عصرالفرد إىل عصر املؤسسة،‏ واحلالةالفردية إىل احلالة االجتماعية.‏إن كلمة ‏»احلضارة«‏ و«املدنية«،‏وما يراد منها من دالالت ومصاديق،‏تؤدي كلها معنى حضور اإلنسانواجتماعه وتفاعله ، بل إننا عندمانريد أن نعرّ‏ ف اإلنسان تعريفاً‏ مييزهعن سائر األحياء،‏ فال مناص لنا منالقول:‏ أنه كائن اجتماعي سياسي،‏وقد ظهر هذا التعريف مؤخراً‏ يفمؤلفات املفكرين والعلماء.‏وعندما بين القرآن الكريمالصفة االساسية لالنسان فانه ركزعلى صفة البيان والعلم وذلك يفاآلية الكرمية التي كانت باكورةوحي اهلل تعاىل اىل النيب األكرم،‏صلى اهلل عليه وآله،‏ ‏}اقْرَ‏ أْ‏ بِاسْ‏ مِ‏رَ‏ بِّكَ‏ الَّذِ‏ ي خَ‏ لَقَ‏ * خَ‏ لَقَ‏ اإلْ‏ ‏ِنْسَ‏ انَ‏مِ‏ نْ‏ عَ‏ لَقٍ‏ * اقْرَ‏ أْ‏ وَ‏ رَ‏ بُّكَ‏ األْ‏ ‏َكْرَ‏ مُ‏ *الَّذِ‏ ي عَ‏ لَّمَ‏ بِالْقَ‏ لَمِ‏ * عَ‏ لَّمَ‏ اإلْ‏ ‏ِنْسَ‏ انَ‏ْ يَعْلَمْ‏ ‏{)سورة العلق /5-1(.مَا ملَ‏ويف سورة الرمحان التي تتجلىفيها رمحة اهلل عزوجل نقرأ قولهتعاىل:‏ ‏}الرَّ‏ محْ‏ ‏َنُ‏ * عَ‏ لَّمَ‏ الْقُ‏ رْ‏ آَنَ‏ *خَ‏ لَقَ‏ اإلْ‏ ‏ِنْسَ‏ انَ‏ * عَ‏ لَّمَ‏ هُ‏ الْبَيَانَ‏ }‏)الرمحن/‏ -1 .)4ويف سورة القلم تطالعنا اآلياتالكرمية:‏ ‏}ن وَ‏ الْقَ‏ لَمِ‏ وَ‏ مَا يَسْ‏ طُرُ‏ ونَ‏* مَا أَنتَ‏ بِنِعْمَ‏ ِ ة رَ‏ بِّكَ‏ بِمَ‏ جْ‏ نُون‏)سورة القلم/‏‎1‎‎2‎‏(.‏فلماذا كان القلم أداة العلم،‏والبيان وسيلته،‏ وملاذا كان العلموالبيان ميزة اإلنسان؟اجلواب:‏ ألن العلم والبيانيتوليان مسؤولية نقل اخلربة منإنسان إىل آخر،‏ ومن جيل إىل جيل،‏يف حن إن هذه القدرة معدومة متاماً‏لدى سائر الكائنات احليّة،‏ ولذلكفإنها متوقفة عند حد معين منالفهم واملعرفة.‏فالبيان وسيلة لنقل التجربةمن إنسان إىل آخر،‏ والسمة األساسيةله هي مسة احلضور،‏ فاإلنسانكائن حيّ‏ متحضّ‏ ‏ر،‏ اجتماعي،‏ مبيّ‏ناطق،‏ ولكن الناس مع ذلك خيتلفونيف مستويات حتضّ‏ رهم،‏ فهناك بعضاحلضارات متقدمة،‏ وهناكحضاراتمتوسطة يف التقدم،‏ يف حن أن هناكحضارات بدائية متخلّفة.‏إن القيمة التي نقيس بهااحلضارة وحنكم على ضوئها بأنهامتقدمة،‏ أو متوسطة،‏ أو متخلفة،‏هي مدى ‏»احلضور«‏ فيها؛ فنحن قدحنضر عند بعضنا حضوراً‏ مادياً‏حبتاً،‏ كما جتتمع أعواد الثقاب إىلبعضها يف العلبة،‏ ولكن عندما نفتقدلسمة املعنوية فمن الطبيعي ان نفقدالسمة احلضارية.‏ولذلك فإننا ال نستطيع أننسمّ‏ ي علبة أعواد الثقاب حبضارةالثقاب،‏ ألن احلضور يف هذه احلالة


مجتمع* 2/ مؤسسة املسجدهو حضور مادي صرف وليسحضوراً‏ معنوياً.‏واآلن؛ فإن من الوسائل التييستطيع بها العلماء معرفة مدىحتضّ‏ ‏ر شعب،‏ هي مفردات اللغة الييتعامل بها،‏ فهناك بعض الشعوبالبدائية ال متتلك مفردات لغويةكثيرة،‏ فاجلمل عندها بسيطةالركيب،‏ ألن أفرادها ال يتمتعونخبربة كبرة لكي حيتاجوا إىل نقلهاإىل بعضهم البعض،‏ فنقل اخلربةحباجة إىل البيان،‏ والبيان حباجةإىل تطوير للفهم،‏ ولذلك جند أنمعلوماتهم بسيطة،‏ وحضارتهمحمدودة رغم أنهم يعيشون سوية.‏إن احلضارة روح،‏ وتفاعلمعنوي يؤدي إىل التعاون،‏ وحنن إذاأردنا أن نبني احلضارة اإلسالميةفعلينا أن نعود إىل اجلذور،‏ وإىلالفكرة األساسية يف احلضارة،‏ وإىلاحملتوى فيها،‏ ونفكر يف الطريقةالتي جنعل بها حضورنا إىل بعضناالبعض حضوراً‏ معنوياً‏ فاعالً‏ وقادراً‏على صنع الواقع املتقدم،‏ وإجياداألرضية املشتركة للعمل.‏حنن نبقى عاجزين عن أننتقدم خطوة واحدة إن مل خنرجمن زنزانة أنفسنا كأفراد لندخليف رحاب التجمعات،‏ ونعيش حياةاملؤسسات،‏ ال حياة األشخاص،‏ وأنحنذر من أن تكون رموزنا،‏ حتملطابعاً‏ شخصياً‏ مستنداً‏ إىل أفرادمعينين فإن ذهبت،‏ يتوجب علينا أننبنيها من جديد من ألفها إىل يائها.‏على سبيل املثال؛ فإن املؤسسةاملرجعية التي متتلك تارخياً‏ عريقاً‏ميتد إىل أكثر من ألف سنة،‏ هياملؤسسة الشرعية الوحيدة التيتستطيع أن تنوب عن اإلمام احلجةاملنتظر،‏ عجل اهللَّ‏ فرجه،‏ يف عصرالغيبة،‏ ورغم ذلك ال يوجد حتىاآلن كتاب مت تأليفه حول جتربةاملؤسسة املرجعية خالل ألف عام مناخلربات واجلهاد،‏ والعطاء العلميواحلضاري يف خمتلف األمور.‏إن السبب يف ذلك أن املؤسساتمل يكن هلا وجود يف ذلك العصر،‏ولذلك فإن التاريخ مل يكتب،‏ وملتنتقل اخلربات والتجارب إال منخالل األلسن واألفواه.‏ ويف مثل هذهاحلالة تسود مجيع جماالت حياتنا.‏فنحن نعيش أفراداً‏ ومل نستطع بعدأن نعي ضرورة ظهور املؤسسات يفحياتنا.‏والسؤال املهم املطروح يف هذااجملال:‏ كيف حنوّل جمتمعنا منجمتمع اآلحاد إىل جمتمع اجلمعواحلضارة؟لإلجابة على هذا السؤال املهمالبد من تسليط الضوء على مسألةاساسية،‏ وهي أننا منتلك مؤسساتاجتماعية غير فاعلة البد أن نبعثفيها الروح واحليوية والنشاط لكيتصبح بذلكمؤسسات فاعلة.‏ وحننيف هذا اجملال حباجة إىل مؤسساتجديدة تستطيع أن جتاري العصرالذي نعيشه،‏ ومن أجل حتقيق هذااهلدف علينا أن نقوم بوظيفتين؛األوىل هي بعث الروح يف املؤسساتالقائمة،‏ والثانية بناء مؤسساتجديدة حسب مقتضيات العصر.‏وميكن االشارة اىل هذه املؤسسات مبايلي:‏* /1 األرسةوهي من أوىل وأهم املؤسساتالتي جيب أن نعمل على إحيائها،‏وبعث الروح فيها،‏ فلألسف الشديد،‏التفاعل واحلضور غير قائمين يفأسرنا،‏ فهناك الكثير من احلواجزواالختالفات بين أفراد األسرةالواحدة؛ فالصراحة،‏ والتعاون،‏والروح اجلماعية املشتركة،‏ كلهاصفات تفتقر إليها الغالبية العظمىمن أسرنا،‏ وهذهحاالت سلبية جيبأن نبادر إىل معاجلتها.‏فمن الظواهر املشهودة يف هذااجملال،‏ أن األبناء يعملون - ومبجردوفاة أبيهم-‏ على هدم احملل التجاريأو نوع احلرفة الي كابد األبوبذلاجلهود املضنية يف العمل بها وإنشائها،‏يف حين أنهم يف احلقيقة جيمعهممصير مشترك،‏ وحياة واحدة.‏ وهذهالظاهرة إن دلّت على شيء،‏ فإمناتدل على أن الروح اجلماعية مفقودةمتاماً‏ يف أسرنا.‏إننا - كمسلمن-‏ مكلّفونبإعادة الروح إىل أسرنا،‏ لكي تعودالروح إىل املؤسسات والكياناتاألخرى يف اجملتمع.‏ومن املؤسسات االجتماعيةاألخرى التي جيب أن نصبّ‏ اهتمامناعليها هي مؤسسة ‏»املسجد«.‏ فالتجمعالذي حيضر يف مسجد من املساجدينبغي أن يكون جمليئهم فائدة،‏ وأنيعرف كل واحد منهم السبب الذيجاء منأجله إىل املسجد،‏ وأن يتعرّ‏ فعلى روّاد املسجد،‏ وينشئ عالقاتاجتماعية معهم،‏ ويسعى من أجلأن يشترك مع اآلخرين يف تأسيسصندوق مشترك للتعاون،‏ والقيامباألنشطة االجتماعية والسياسية.‏إن املسجد يُعد - بعد األسرة-‏اللبنة احلضارية األوىل يف األمة،‏ فهوليس حمالً‏ ألداء العبادات وحسب،‏بل مكاناً‏ رمبا يصلح ألن متارسفيه الكثير من األنشطة يف خمتلفجماالت احلياة.‏* 3/ مؤسسة البلديةاملؤسسة االجتماعية الثالثة اليينبغي االهتمام بها هي مؤسسة ‏»احليّ‏ «،فاإلسالم يأمرنا بأن نهتم جبرانناليكوّن الواحد منا هو وجرانه مؤسسةاجتماعية فاعلة ونشطة،‏ كأن تقاماالجتماعات واجللسات الدورية بينسكاناحليّ‏ الواحد،‏ أو أن يكون هلمتنظيم بلدي إلدارة شؤون حملّتهملكي ال يضطرّ‏ وا إىل ترقّب القوانيناإلدارية حتى حتلمشاكلهم،‏ فمناملفروض أن نكون حنن املبادرينإىل القيام بهذه األعمال،‏ فعلى أهلاحمللة الواحدة أن جيتمعوا فيما بينهمليحدّ‏ دوا احتياجات حملتهم مثلبناء مسجد،‏ أو تأسيس مستوصف،‏أو صندوق للقرض احلسن،‏ أو حتىاحملافظة على نظافة احلي السكي،‏ بلوالعمل على ضمان احلالة الصحية،‏باحلؤول دون انتشار احلشراتواألوبئة وغرها - إن وجدت -.هنا،‏ رمبا يقول البعض،‏ إنهكذا اعمال من اختصاص اجلهاتاحلكومية،‏ السيما املسائل الصحية اواخلدمية،‏ بيد أن املبادرة من األهاليمتثل خطوة عملية تعود عليهم بالنفعوالفائدة أوالً،‏ ثم إنها ستكون عاملحثّ‏ وحتريض للجهات احلكوميةألداء واجبها أزاء الناس.‏التجمعالذي يحضريف املساجدينبغي أن يكونملجيئهم فائدة،‏وأن يعرف كلالواحد منهمالسبب الذيجاء منأجله إىلاملسجد،‏ وأنيتعرّ‏ ف علىروّ‏ اد املسجد،‏ويعمل لإلسهاممع اآلخرين يفتأسيس مشاريعصحية وخدميةوثقافية37


ثقافة رساليةالتطور و االرتقاء واستحقاقات المرحلة* كاظم السعيدالتغيير احلضاري وهداية االنساناىل طريق اهلدى والصواب ليس كالماً‏يقال،‏ وعمالً‏ هيناً،‏ فهو مسيرة حتكمهاسنة إهلية وهي الصراع بين اخلير والشرواحلق والباطل،‏ وقد جسد القرآن الكريمهذا الصراع بأروع ما يكون يف بيان سيرةاالنبياء،‏ عليهم السالم،‏ خالل مهمة تبليغهمرساالت اهلل يف جمتمعاتهم،‏ ومل يكن لنيباو رسول من قبل الباري عزوجل ان تفرشله االرض بالورود،‏ بل نقيض ذلك،‏ حيثكانت تزرع يف طريقهم االشواك والعقباتالكأداء ويواجهون املوت بأقسى انواعهبسبب الطبيعة االنسانية التي تتشكل منهااجملتمعات؛ لذا فان اجملتمع الذي يريد انيلحق هذه املسيرة احلضارية البد ان يشهدثالث مراحل:‏- 1 مرحلة الرواد الذين يفجرونطاقاتهم االميانية،‏ ويبثون يف روح اجملتمعالثقة بالنفس،‏ والتوكل على اهلل،‏ وهؤالءهم االنبياء الذين يذكرنا اهلل - تعاىل - بهمليبين لنا صفاتهم االنسانية،‏ ومنها الصفةالتي يشير اليها قوله - سبحانه - : ‏}إذاتُتْى عليْهمْ‏ ءاياتُ‏ الرّ‏ محْ‏ ن خرُّ‏ وا سُ‏ جّ‏ داً‏وبُكيّاً{‏ ‏)سورة مريم /58(.‎2‎ مرحلة اجليل الذي يرث الكتاب،‏واحلضارة،‏ وال يلتزم بهما بشكل عملي كماكان الرواد يلتزمون بهما؛ فاالميان موجودلديه،‏ ولكنه ليس اميان التحدي،‏ إمنا إميانالتربير.‏ كما ان الطقوس والشعائر الدينيةقائمة بين أوساطه،‏ ولكنها حموّرة.‏ ويشيرتعاىل،‏ اىل هذه املرحلة يف قوله:‏ ‏}فخل فمن بعْدهمْ‏ خلْفٌ‏ أضاعُ‏ وا الصّ‏ اةواتّبعُوا الشّ‏ هوات فسوْ‏ ف يلْقوْ‏ ن غيّاً{‏‏)سورة مريم /59(.أولئك الرجال الذين خيلقون اجملتمعالالأبالي،‏ والالمسؤول،‏ واجملتمع القشريالفارغ،‏ ولكنهم يرتبطون جبيل الرواد بشكلظاهري.‏3- مرحلة أولئك الرجال الذينخيالفون الواقع الفاسد ويتوبون الى اهللويتحملون مسؤوليتهم الشرعية.‏ واىلهؤالء يشير تعاىل،‏ يف قوله:‏ { إالّ‏ من تابوءامن وعمل صاحلاً‏ فاُوْ‏ لئك يدْ‏ خُ‏ لُوناجلْ‏ نّة وال يُظْلمُ‏ ون شيْئ اً{‏ ‏)سورة مريم)60/ان هذه املراحل الثالث:‏ مرحلة القيادة،‏ومرحلة عدم الشعور باملسؤولية،‏ ومرحلةالتوبة و العودة اىل صفاء ونقاء الرسالة،‏تنطبق على كل جمتمع.‏ فقد جتد يفاجملتمع الواحد أناساً‏ حيتلون دور الرواد،‏ وآخرين يتمثل فيهم الدور الثاني؛ دور أولئكالذين ال يأخذون من الكتاب سوى رمسه،‏ومن الدين إال امسه،‏ ومن الطقوس إالقشورها وظاهرها،‏ كما وجند اىل جانبهمالتائبين الذين حياولون العودة اىل املصادراالوىل ملبادئهم.‏أي اننا نعيش اليوم يف جمتمع مزدوجالشخصية،‏ جمتمع جند فيه ذلك الشابالثائر الصادق يف اميانه والذي ال جتد بينهوبين قلبه حجاباً‏ من نفاق،‏ وال بين قولهوعمله حجابا من التربير،‏ فنجده اذا وعدوفى،‏ واذا قال صدق،‏ واذا عمل اتقن.‏ يف حنجند اىل جانب هذه الفئة من املؤمنن،‏ فريقايدّ‏ عون االميان ولكنهم يكذبون يف ادعائهمهذا.‏ ويصلّون ولكنهم ال يؤدون تلك الصالةالتي امر بها اهلل - عز وجل ‏-؛ فيصلون صالةفارغة،‏ ال تنهى عن الفحشاء واملنكر يف


ثقافة رساليةنحن مهددون يف حياتنا بالنفاق من خالل إفراغ الصالة من حمتواها.‏فااللتزام بالدين يُ‏ عد أمرًا صعبًا،‏ ولكن من السهل ان يستسلم االنسان لالهواءوالنفاق واالزدواجيةسلو كهم .واىل جانب هاتين اجملموعتين،‏ جتدشخصيات قيادية رائدة تستطيع ان تتحملاملسؤولية،‏ وتقود سفينة االمة اىل شاطئالنجاة،‏ وهذا هو جيل األولياء الذي جيسددور االنبياء.‏وبطبيعة احلال فان القليل منّا خيتاران يكون ولياً‏ من اولياء اهلل - تعاىل-‏ فهذااالختيار هو طموح عال حباجة اىل جهودجبارة رغم ان من حق االنسان املسلم انيتمنى بأن يكون يف مصاف الصديقينواحلواريين كأبي ذر الغفاري،‏ وسلماناحملمدي،‏ ومالك االشر،‏ وحبيب بن مظاهر..‏وغرهم من اولئك الصديقن الذين كانواعلى أقل مرتبة من املعصومين،‏ عليهمالسالم.‏ان اهلل - عز وجل - ال يغلق أبواب السموواالرتقاء يف وجه االنسان،‏ ومل خيلقه حبيثال ميكنه ان يصل اىل هذه املراتب العالية،‏ فانباستطاعته ان يصل اىل املستويات االميانيةالرفيعة من خالل التوكل على اهلل - جلتقدرته -، وتربية روح الطموح والتطلع يفنفسه،‏ فاذا حدد اهلدف،‏ وصل اىل ما يريد،‏واهلل-‏ سبحانه وتعاىل-‏ سيؤيده بالتوفيقوالنصر،‏ شريطة ان تبدأ اخلطوة االوىل مناالنسان نفسه كما يشير اىل ذلك - تعاىل -يف قوله:‏ ‏}ويزيدُ‏ اللُّ‏ الّذين اهْ‏ تدوْ‏ ا هُ‏ دىً‏والْباقياتُ‏ الصّ‏ احلاتُ‏ خريْ‏ ٌ عند ربّكثواباً‏ وخريْ‏ ٌ مّردّاً{‏ ‏)سورة مريم /76(. أيان االهتداء يبدأ من ذات االنسان ثم يزيدهاهلل هدى،‏ فاخلطوة االوىل البد ان تكونمن االنسان،‏ ثم تأتي اخلطوات االخرى مناهلل - عز وجل -، فان مل يستطع الوصول اىلاملستوى السابق،‏ ليكن على االقل من الذينيقول عنهم القرآن الكريم:‏ ‏}إالّ‏ من تابوءام ن وعم ل صاحل اً{.‏اما اذا كان االنسان يعيش يف جمتمعالالمباالة ثم مل يتربأ من صفاتهم واعماهلموتربيراتهم،‏ فان هذا االنسان البد ان حيشرمع هذا اجملتمع،‏ ويُعد منه.‏ ولننظر يف هذااجملال اىل دقة القرآن الكريم يف التعبير،‏فهو حيدثنا عن االنبياء؛ أولئك الذين أنعمعليهم من ذرية آدم،‏ ثم حيدثنا عن جيلعدم الشعور باملسؤولية قائال:‏ ‏}فخلفمن بعْدهمْ‏ خلْفٌ‏ أضاعُ‏ وا الصّ‏ اة {،ثم يقول بعد ذلك:}‏ إالّ‏ من تاب وءامنوعمل صاحلاً{،‏ وبعبارة اخرى فاناالنسان عندما يولد يف اجملتمع الالمسؤولوالالأبالي واجملتمع املنطوي على ذاتهوالتربيري فانه حيشر مع هذا اجملتمع،‏ وانسيئات وخطايا هذا اجملتمع سوف تالحقه،‏وسيكون مسؤوالً‏ عنها اال اذا تاب،‏ والتوبةتعني االنفصال،‏ أي ان جيعل االنسان بينهوبين هذا اجملتمع سداً،‏ وحاجزا.‏فاالنسان الذي يتوب،‏ هو املؤمن،‏ يقولتعاىل:‏ ‏}إالّ‏ من تاب{‏ ، الن هذا االنسانمؤمن يف ظاهره؛ فهو يصلي ويصوم ولكناميانه اميان سطحي،‏ ولذلك البد ان يتوباوال ويكفر باالميان القشري،‏ والشهوات اليحولت الدين اىل جمموعة مراسيم وطقوسوتقاليد مفرغة من احملتوى.‏وفقهاؤنا يؤكدون يف رسائلهم العمليةعلى ان االنسان املسلم اذا أخذ اميانه من بابالتقليد فانه سوف ال يقبل منه،‏ فال ميكنلالنسان ان يقلّد أحداً‏ يف اصول الدين،‏ فالبدله ان يفهم ضرورات الدين وال بأس ان يقلديف سائر االمور.‏ولألسف،‏ الكثير منّا ما يزال اميانهتقليديا،‏ فهو يقدس التقليد اكثر منتقديسه للدين نفسه،‏ فاجلزء االكرب منافكارنا جتده خمتلطاً‏ بالتربير واختالقاالعذار،‏ ولذلك فان القرآن الكريم جاءليزيل من نفوسنا هذه احلالة التربيرية،‏فيبين ان االنسان مسؤول عن نفسه،‏ واناي عذر ال ميكن ان ينفعه،‏ ويرفع عنه هذهاملسؤولية:‏ ‏}بل اإلنسانُ‏ عى نفْسه بصريةٌ‏* ولوْ‏ ألْقى معاذيرهُ{‏ ‏)سورة القيامة /14-)15وهكذا فان الدين هو اداة االرادة،‏ واداةالعقل يف مقاومة شهوات النفس،‏ واكتشافما فيها من احنرافات،‏ أما الدين الذي يصبحجزءاً‏ من النفس املليئة بالشهوات،‏ والدينالذي يكرس السلبيات يف نفس االنسان،‏والدين الذي ال يستطيع االنسان ان خيتاراحلق على الباطل،‏ ال قيمة له..‏ انه دينالالمسؤولية والتربيرية.‏ويف مقابل ذلك يستعيد الدين قيمته اذاما حذفنا من انفسنا صفة التربير،‏ فيصبحمقياساً‏ ومالكاً‏ ميكن االعتماد عليهما،‏ وازاءهذه املبادرة سيدخلنا اهلل - تعاىل - اجلنةدون ان نظلم شيئا،‏ فكل شيء مبقدار عنده،‏وال تتصور انه،‏ تعاىل،‏ من املمكن ان ينسىموقفا صغيرا من مواقف التحدي كانقد بدر منك،‏ فاذا كنت - على سبيل املثال- مشتركا يف جلسة ودية،‏ فرأيت ان احداملشتركن يف هذه اجللسة انربى ليغتابصديقا غائبا،‏ ثم وقفت لتدافع عنه،‏ فانهذا هو موقف حتد و إن بدا بسيطاً،‏ ولكنهالميكن ان ينسى عند اهلل - سبحانه وتعاىل-:‏‏}وما كان ربُّك نسيّاً{‏ ‏)سورة مريم/64(، فاعمال االنسان مقدرة وحمسوبة،‏وحمفوظة يف كتاب ال يضل وال ينسى.‏ان امامنا مشاكل وصعوبات تتطلبمنا الصرب،‏ وحنن مهددون يف حياتنا بالنفاقمن خالل إفراغ الصالة من حمتواها.‏فااللتزام بالدين يُعد أمراً‏ صعباً،‏ ولكن منالسهل ان يستسلم االنسان لالهواء والنفاقواالزدواجية،‏ فاذا تركنا اهلل - تعاىل -أوكلنا اىل انفسنا،‏ ومنع عنا عصمته،‏فنهبط اىل ادنى املستويات حيث جاذبيةاالرض والشهوات.‏وبالطبع،‏ ال اريد ان اقول هنا ان االنسانيستطيع خالل حلظة واحدة ان يتخلصمن كل رواسب اجملتمع الفاسد؛ اجملتمعالذي يدعي االسالم ولكنه يترك الواجبات،‏ويترك اجلهاد،‏ وخيضع للطغاة،‏ فمنالصعب ان يتخلص االنسان من آثار مثلهذا اجملتمع،‏ ولكن علينا ان جنعل مسيرتنايف جهة التخلص من التربير،‏ وعدم الشعورباملسؤولية.‏39


ثقافة رسالية* كريم املوسوياهلدف األول واألمسى من بعث رساالتاهلل،‏ هو هداية اإلنسان وإخراجه من ظلماتاجلهل واهلوى إىل نور العلم والتقوى.‏وبالرغم من وجود هدف آخر هلا يتمثل يفحتكيم سلطان اهلل يف األرض،‏ وهو الذيأشار إليه ربنا سبحانه:‏ ‏}وَ‏ مَا أَرْ‏ سَ‏ لْنَا مِ‏ نْ‏رَ‏ سُ‏ ولٍ‏ إِالَّ‏ لِيُطَاعَ‏ ِ بِإِذْن اللَِّ{‏ ‏)سورة النساء.)64/إال ان هذا اهلدف يأتي يف الدرجةالثانية،‏ سواءً‏ من ناحية األهمية أو الزمنية،‏ذلك ألن اهلدف األول واألمسى واألعظم هوهداية اإلنسان وتهيئته للدخول يف جناتعدن،‏ وبتحقيق هذا اهلدف تتحقق سائراألهداف والغايات،‏ وبعد ان يهتدي الناسإىل رساالت اهلل وخيرجون من زنزاناتاهلوى واجلهل إىل نور العلم،‏ تبدأ املساعيإلقامة حكم اهلل يف األرض.‏وحسب هذا الرتيب املتقدم ينبغيدراسة رساالت اهلل مجيعاً‏ وتاريخ رسالةنبينا األكرم،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ بصورةخاصة،‏ حتى نستطيع عرب هذا املنهج معرفةهدف الرسول األكرم واألئمة املعصومين.‏الذين ركزوا يف حياتهم على جانبين:‏‎1‎ هداية الناس.‏‎2‎ حتقيق حكم اهلل تعاىل،‏ - تولي أمرالدولة واحلكم-.‏* البناء الذايت واالجتامعيومبراجعة سريعة لسيرة الرسولاألكرم واألئمة املعصومين،‏ نكتشفاألولوية واألهمية التي كانوا يولونهاللهداية والتغيير واإلصالح،‏ قبل الوصولاىل احلكم والسلطة،‏ وكانت هذه األولويةجلية يف قبول الرسول األكرم،‏ دخول أبيسفيان واملنافقن وسائر أقطاب املعارضة يفاإلسالم ظاهراً،‏ مع توجيههم بشتى الوسائلاملمكنة كتأليف قلوبهم عرب العطاءاتالسخية واخللق العظيم الذي يتمتع بهالرسول األكرم،‏ ليدخلوا يف اإلسالمويكيفوا أنفسهم مع احلضارة اإلسالميةاجلديدة.‏ان تغيير جمتمع جاهلي موغل يفالظلم والفحشاء واملنكر،‏ وبعيد عن قيمالسماء،‏ ال ميكن عرب مرحلة بسيطة منالزمن.‏فهل من املعقول أن يتغير اجملتمعاجلاهلي من أقصاه إىل أقصاه منذ نزول‏»سورة املائدة«،‏ إىل حين وفاة رسول اهلل،‏ويهجر اجلاهلية بكل أصنافها ليلتحق بنوراإلسالم الوضاء؟ لذا فان من أكرب األخطاءالتي وقع فيها بعض املؤرخين هو القولبعصمة كل من التحق بالرسول األكرم،‏صلى اهلل عليه وآله.‏ واحلقيقة أن أولئكاملؤرخين أنفسهم ال يعتقدون بعصمةالرسول،‏ فيلحقون األصحاب بالعصمة


ثقافة رساليةويربرون كل ما جرى بعد رسول اهلل منخالفات وصراعات وحروب طاحنة مبسألةاجتهاد الصحابة ويؤمنون بأن الثواب من اهللعزوجل لكل من اجتهد سواء أخطأ أم أصاب!‏إن هذا غير معقول.‏ ألن اهلل سبحانهوتعاىل جعل رساالته جارية على سننه،‏ ومنأهم هذه السنن اختيار اإلنسان وحريته يفانتخاب طريقه يف احلياة.‏لقد قبل الرسول األكرم إسالم بنيأمية وأقطاب املعارضة من قريش وأغدقعليهم األموال لكي حيصل بدءاً‏ علىالشروط املوضوعية الي متهد لنشر رساالتاهلل،‏ وحتى ختضع كافة القوى السياسيةاحلاكمة يف اجلزيرة العربية بصورةمؤقتة،‏ ولكي ال تقف هذه القوى حجر عثرةأمام انتشار نور اإلسالم وهداية البشر.‏ ثمترك باقي هذه املسؤولية على كاهل أهلالبيت،‏ عليهم السالم،‏ عرب التأكيد علىدورهم،‏ يف أحاديث مجة فهم سفن النجاةوالقرآن الناطق.‏ويف طليعة هذه األحاديث،‏ ‏»حديثالغدير«‏ الذي يُعد اطاراً‏ عاماً‏ لكل األحاديثحيث قال الرسول األكرم:‏ ‏»من كنت موالهفهذا علي مواله«.‏مما يدل على ان مسؤولية سائر األئمةاملعصومين هي ترسيخ دعائم اإلسالم يفاجملتمع،‏ وبعد ان كانت مسؤولية الرسولاالكرم نشر اإلسالم وترسيخ قواعدهوإقامة حكم اهلل ولو ظاهراً،‏ تبدأ مسيرةالربية والتعليم والتزكية املستمرة علىكاهل األئمة املعصومين،‏ عرب حماربةالنفاق ومقارعة الشجرة امللعونة يف القرآن‏»بني أمية«‏ ومواجهة الشبكة املراميةاالطراف املتجذرة يف أرض اجلزيرة العربيةالتي كونتها القوى املختلفة كبني أميةومن يتحالف معها،‏ والي كونت مع بعضهانظام مصاحل يف اجملتمع اجلاهلي وحماربةسائر هذه اجلذور العفنة القتالعها منأرض اجلزيرة العربية.‏واجه أئمة آل بيت رسول اهلل،‏ كل هذهاالنشدادات اجلاهلية بأدوار خمتلفة،‏ وقدجنحوا يف ذلك الكمال رسالة اهلل،‏ حيثمل يكن عبثا ان تنزل آية إكمال الدين بعدغدير خم،‏ امنا جاءت تأكيداً‏ هلذه الفكرةحيث قال عزوجل:‏ ‏}الْيَ وْ‏ مَ‏ أَكْمَ‏ لْ تُ‏ لَكُ‏ مْ‏‏ِي وَ‏ رَ‏ ض‏ِعْمَ‏ تدِينَكُ‏ مْ‏ وَ‏ أَمتْ‏ ‏َمْ‏ تُ‏ عَ‏ لَيْكُ‏ مْ‏ نلَكُ‏ مُ‏ اإلْ‏ ‏ِسْ‏ اَ‏ مَ‏ دِينً ا{‏ ‏)سورة املائدة/‏ 3(.ان من يعتقد بفشل حكم اإلمام عليبعدما أقام حكما دام مخس سنوات،‏ عليهان يتذكر ان اإلمام علياً‏ كان يؤدي دوراً‏رسالياً‏ هاماً‏ يف اجملتمع االسالمي،‏ وهواالستمرارية يف رساالت اهلل اىل البشر،‏ حيثجاءت رسالة اإلسالم مهيمنة ومكملة لسائررساالت اهلل يف األرض،‏ وهي أزالة احلجبعن فكر االنسان،‏ وإضاءة نور الوعي والعلمواملعرفة يف حياته،‏ ليكون حراً،‏ مسؤوالً،‏وانساناً‏ ناجحاً.‏ كما ان عليه ان يتذكرالروايات املستفيضة التي وردت يف فضائلاإلمام،‏ عليه السالم،‏ وحاشا هلل وحاشالرسوله ان يورد كل هذه الفضائل عبثا.‏واملسألة الرئيسية التي ينبغي اننأخذها بعين االعتبار،‏ ان دور االمام عليمل يكن دائما اجللوس على كرسي احلكم،‏ألن الدور الذي يؤديه مبلغ رسالة،‏ خيتلفعن دور احلاكم،‏ والدور األول واألهم لكلاألنبياء والصديقن والشهداء والصاحلن هوتبليغ رساالت اهلل،‏ وعدم اخللط بن أنفسهموبين رساالت اهلل،‏ بالرغم من أنهم جسدوارساالت اهلل،‏ ولكن حين وجد اإلمام عليمصلحة الرساالت اإلهلية واألمة االسالميةيف تنحّ‏ يه عن احلكم فعل ذلك،‏ ولو انه مليفعل ذلك وتشبث بالكرسي ومحل الناسعلى طاعته بالسيف بعد رسول اهلل عرباملطالبة باحلكم بصورة عنيفة وحادة،‏لتوصل الناس اىل قناعة مفادها ان االمامعلي بن أبي طالب حاكم وسلطان،‏ ليسعلى سواد األمة بل حتى على أصحاب رسولاهلل.‏وإلزالة هذه الشبهة،‏ رأى اإلمام علي انيتنحى عن احلكم،‏ الن االمة ملّا تنضج.‏ وهويستطيع تأدية الدور الرسالي األساس خارجاحلكم.‏ ثم بقي اإلمام على هذه احلالة إىلان تكاثف طلب اجلماهير إىل منط احلكمالذي يؤمن به اإلمام.‏ وقد جاء الطلب منأصحاب رسول اهلل،‏ ومن الذين كانوايرون يف أنفسهم أندادا لإلمام بل أحق منهباخلالفة..‏ ومع ذلك حن عصفت رياح الفنتباملسلمن وقتل اخلليفة الثالث،‏ وكادتسفينة األمة تغرق يف حبر الفنت،‏ وجد جُ‏ لأصحاب رسول اهلل،‏ أن ربان هذه السفينةوقائد الركب يتجلّى يف اإلمام علي،‏ عليهالسالم،‏ وهلذا جتد أكثر من )2000( شخصٍ‏من أصحاب رسول اهلل،‏ ينضوون حتت لواءأخضر يف صفين،‏ ويدافعون عن اإلمام علي،‏وعن رساالت اهلل ضد بني أمية،‏ وكانبينهم )79( صحابياً‏ ممن اشتركوا يفمن يعتقد بفشل حكماإلمام علي بعدما أقام حكمادام خمس سنوات،‏ عليه انيتذكر ان اإلمام عليًا كان يؤديدورًا رساليًا هامًا يف املجتمعاالسالمي،‏ وهو االستمراريةيف رساالت اهلل اىل البشر41ِ يتُ‏


ثقافة رساليةأوجدت واقعة كربالءمنعطفًا خطريًا يف مسريةالعمل برسالة اإلسالم،‏ومن هذا املوقف نستشفاملفارقة الهامة بني صاحبالرسالة الذي يتنازل عنكرسي احلكم ويهادن منيعارضه ويعرض نفسهللشهادة،‏ وبني السلطانمعركة بدر،‏ و)‏‎700‎‏(‏ شخصٍ‏ اشتركوا يفبيعة الشجرة والذين رضي اهلل عنهم،‏اكثر أصحاب الرسول األكرم،‏ دافعوا عناإلمام علي،‏ حن أحسوا بأن الشجرة امللعونةيف القرآن والي قاومت الرسالة منذ أول يومبعثت لتقاوم الرسالة من جديد،‏ ليس دفاعاعن شخص اإلمام،‏ إمنا عن حرمة اإلسالم،‏وانربوا يف الدفاع بكل قوة حين عرفوا بأناإلمام ال يعمل لطلب احلكم.‏* ثمن التغير واإلصالحنفس املسيرة التي مضى فيها اإلمامعلي،‏ يواكبها اإلمام احلسن،‏ عليهما السالم،‏حيث نراه يهادن إن صح التعبير معاوية،‏مع الشروط املذكورة يف التاريخ،‏ منها إعادةاحلكم مستقبالً‏ إىل اخللفاء الشرعين،‏ مععلم االمام،‏ خبيانة معاوية،‏ وعدم التزامهبالشروط واملواثيق،‏ ولكنه يريد إيصالالرسالة اىل املسلمن إىل ان جهازاً،‏ كجهازمعاوية ال ميكن ان حيكم باسم اإلسالم..‏ولو كان اإلمام احلسن حيارب معاويةالشتبه عليهم بأن اإلمام طالب سلطان كمامعاوية،‏ وبتعبر آخر حيارب ألجل الشخصال ألجل الرسالة.‏ ألن احلكم ليس إال وسيلةلتحقيق هدف امسى.‏واإلمام احلسين يبقى يف مكة املكرمةعدة أشهر،‏ وال يتوجه إىل العراق حتى تصله)12000( رسالة بعضها حتمل توقيع وجوهبارزة يف اجملتمع،‏ واملثير أن هذه الوجوهحتولت اىل وجوه عسكرية يف مقدمة جيشابن سعد لقتال اإلمام احلسن،‏ عليه السالم،‏يف كربالء.‏ لذا كان انتظار اإلمام،‏ فرة منالزمن قبل االنطالق اىل العراق،‏ حتى نضوجفكرة الدفاع عن رسالة اإلسالم،‏ رغم علمهبأن مصيره هو الشهادة.‏ وقد صرح بذلك يفأول حديث له يف مكة املكرمة حن قال:‏ ‏»خطاملوت على ولد آدم خمط القالدة على جيدالفتاة،‏ وما أوهلي إىل أساليف اشتياق يعقوبإىل يوسف،‏ وكأني بأوصالي تقطعهاعسالن الفلوات بين النواويس وكربالء«.‏ذهب احلسين إىل العراق،‏ ألنه صاحبرسالة،‏ وهذه الرسالة التي يكمل بها رسالةجده رسول اهلل،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ لنتتحقق اال بإراقة دمه وشهادة إخوته وأبنائهوأوالد أخيه وخيرة أصحابه وممن بقي منأصحاب رسول اهلل،‏ إضافة إىل سيب نسائه.‏وهنا تكمن نقطة االختالف بيناحلركة الرسالية واحلركة السياسية،‏فمن غير املعقول ان يضع صاحب الربنامجالسياسي أو اخلطة االستراتيجية،‏ علىأساس املوت ‏)الشهادة(.‏ بينما جند صاحبالرسالة ميشي إىل املوت خبطى ثابتة ويضعالشهادة غاية مسيرته.‏ وهكذا كان اإلماممصباحاً‏ للهدى وسفينة للنجاة.‏ ومن هناأيضا بقيت هناك مهمة علينا حنن املسلمنوهي ختليد ذكرى أبي عبد اهلل احلسين،‏عليه السالم،‏ ألنه صاحب رسالة وليسصاحب طموح سياسي،‏ وهو ثائر استشهد يفكربالء،‏ وحتول إىل مسيرة رسالية.‏لقد أوجدت واقعة كربالء منعطفاً‏خطيراً‏ يف مسيرة العمل برسالة اإلسالم،‏ومن هذا املوقف نستشف املفارقة اهلامة بنصاحب الرسالة الذي يتنازل عن كرسياحلكم ويهادن من يعارضه ويعرض نفسهللشهادة مضحياً‏ بها يف سبيل بقاء الرسالة احملور وبين السلطان،‏ كما ان هذا هوالفارق الرئيسي بين احلركات االسالمية- الرسالية،‏ وبين احلركات السياسية غيرالدينية.‏ فصاحب احلركة اإلسالمية،‏يفترض أن يكون الوريث الشرعي خلالفةالنيب األكرم،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ يبحثدوماً‏ عن الرسالة،‏ ويدور معها حيثما دارت.‏وال يفكر يف املناصب لنفسه أبدا.‏ وهلذاجتد ان أبناء احلركة االسالمية يرفضونالتحزب.‏ هم قد يعملون يف أحزاب أوتنظيمات إسالمية،‏ لكنهم يرفضون التحزبعلى حساب قيمهم ودينهم ورسالتهم،‏ واليكونون كما قال عنهم اهلل:‏ ‏}مِ‏ نَ‏ ِ الَّذي نَ‏فَرَّ‏ قُوا دِينَهُ‏ مْ‏ وَ‏ كَانُوا ِ شيَعًا كُلُّ‏ ِ ح زْ‏ بٍ‏ بِاَ‏‏ِمْ‏ فَرِ‏ حُ‏ ونَ‏ {، ‏)سورة الروم /32(، بللَدَ‏ هيْ‏‏ِيبِنَ‏ إِلَيْهِ‏يكونون كما قال عنهم تعاىل:‏ ‏}مُنوَ‏ اتَّقُ‏ وهُ‏ وَ‏ أَقِيمُ‏ وا الصَّ‏ اَ‏ ةَ‏ وَ‏ الَ‏ تَكُ‏ ونُ وا ِ م نَ‏املُْشْ‏ ِ كِنَ‏ ‏{)سورة الروم /31(.أي ان احملور هو العودة إىل اهلل،‏ فكلماأبعدتهم االهواء عن حمور التوحيد جذبتهماملعرفة إليه مرة أخرى..‏ فيعودون إليهوينطلقون منه.‏


هذه املقولة اخلالدة لإلمام احلسن،‏ عليه السام،‏ التييصف فيها حالة املجتمع االسامي يف عره,‏ حيث وصلتاألمور اىل مرحلة الردّي,‏ كون غالبية املجتمع العريب آنذاك ملتكن تؤمِ‏ ن إياناً‏ حقيقياً‏ بمبادئ االسام الذي ساوى بن العبدوسيّده ونبذ الطائفية والعنرية عندما أكدّ‏ عى ‏»إنَّ‏ اكرمكمعند الل أتقاكم«.‏لقد كانت النزعة القبلية والقانون القبي،‏ سائدين يف املجتمعاالسامي،‏ خاصّ‏ ة إذا علمنا بأنّ‏ ‏»الرِ‏ دَّة«‏ سيطرت،‏ بعد مؤامرةالسقيفة،‏ حيث انتر االسام القبي ذو النزعة اجلاهليةعى االسام النبوي الذي كان متمثاً‏ بخط االمام عي،‏عليه السام،‏ وأهل بيته األطهار وأصحابه األخيارالذين كانوا يمثلون األقلية الصادقة واملؤمنة واملناضلة,‏التي طلّقت الدُ‏ نيا ومآرهبا املتهافتة،‏ ولذاهتا الفانية،‏وتوجهت بإيثارٍ‏ مُنقطع النظري لبارئها,‏ جماهدةً‏ مناجل إعاء راية االسام يف كُلِّ‏ بقاع األرض.‏إذن؛ املشكلة الكبرية التي كان يعيشها املجتمعاإلسامي منذُ‏ عر الرسالة االسامية واىل الوقتاحلارض،‏ هي مشكلة اإليان احلقيقي.‏ فعندما يؤمنشخص ما أو جمتمعٌ‏ ما،‏ بمنظومةٍ‏ من القيم الساوية،‏فإنّهُ‏ يعمل املستحيل بكل قوة واخاص للحفاظ عليهاونرها يف كُلّ‏ بقعةٍ‏ يستطيع الوصول اليها.‏‏ِلمٍ‏ ونورٍ‏ وحضارةٍ‏ إنسانيةٍ‏إن الدين االسامي،‏ دينُ‏ عدينُ‏ عَ‏ ملٍ‏ وحمبةٍ‏ ٍ وتعاون وتراحمٍ‏ وتكافلٍ‏ إجتاعي.‏ فهوالذي استطاعَ‏ ان حيفظ للمجتمع االسامي كرامته عِندماانتر يف اجلزيرة العربية،‏ يف عهد الرسالة وما بعدها،‏ حيثزماناندفع املخلصون للجهاد يف سبيل الل،‏ لكننا نرى يف كُلِّ‏ ٍومكان،‏ تدهور احلالة االيانية،‏ عندما يتسلط عى رقاب الناسحاكم ظامل مُستبد ال يعمل بدستور االسام وينر القتلوالرعب من اجل تثبيت سلطته الفاسدة،‏ وكذلك يعمل عىاشاعة التحريف والتزييف البعيد عن القيم االسامية وكُلّ‏القيم الساوية،‏ ومن املؤكد تعرض املجتمع للتأثر من هؤالءاحلكام،‏ ألن غالبية املجتمعات يسودها الفقر واجلهل اللذانيؤديان رسيعاً‏ اىل انتشار األمراض االجتاعية التي تكرس واقعالتجزئة والتناحر.‏لقد شخّ‏ ص االمام احلسن،‏ عليه السام،‏ هذه احلالة يف ظلاحلكم األموي الذي اغتصب السلطة الرعية،‏ ونر الرعبوالقتل واالستبداد مما أدّى اىل اهنيار التاسك يف جمتمع حديثباالسام،‏ أيّ‏ إنّ‏ املبادئ االسامية مل تكن مرسخة بعد يفقلوب وضائر الغالبية العظمى من املجتمع،‏ لذلك كان املؤمنونيمثلون األقلية التي تعرضت اىل االضطهاد،‏ مِ‏ نْ‏ إبعادوتقتيل.‏ وإالّ‏ لو كانت الغالبية مؤمنة النحازت اىل اإلمام عيعليه السام،‏ واىل االمام احلسن،‏ يف كرباء ألهنم يعرفون مَنهو االمام عي،‏ عليه السام،‏ وما هي مكانتهُ‏ احلقيقية عند اللورسوله،‏ وكذلك مَن هو االمام احلسن،‏ لكن املعرفة يشءواإليان يشء آخر.‏ لذلك خافوا من بطش بني أمية،‏ وفضلّواحياة الذُ‏ لّ‏ الفانية عى حياة الكرامة اخلالدة.‏وما أشبه اليوم بالبارِ‏ حة.‏ ففي عر املستكرينواملستبدين الذين سعوا بكلّ‏ إمكانياهتم املادية وبكُ‏ لِّ‏أساليبهم اخلبيثة،‏ اىل نر ثقافة وسلوك معادين للديناالسامي العظيم ولكُ‏ لّ‏ االديان الساوية االخرى،‏ألهنم يعرفون جيداً‏ مدى تأثري العامل الديني يفاملجتمع.‏خاصة إذا توفرت قيادات إسامية جهاديةخمُ‏ لصة لقيم الساء،‏ قادرة عى التصديواملواجهة وتغيري املعادلة لصالح االسام.‏إن مقولة االمام احلسن عليه السام تنطبق متاماً‏عى جمتمعنا املعارص.‏ولنرك املجامات جانباً‏ ونشخّ‏ ص بدقة أسبابختلّف جمتمعاتنا االسامية التي انتر فيها الفساداألخاقي واملادي وأصبح القتل أمراً‏ مألوفاً،‏ وأصبحاالرهاب الذي هيدف اىل تدمري وجود االنسان،‏ وكأنّهُ‏ مناملسلّات التي اليمكن القضاء عليها.‏ يقول االمام عي،‏ عليهالسام:‏ ‏»كيفا تكونوا،‏ يُولّ‏ عليكم«.‏ إذن تنهض احلكوماتمن رَ‏ حِ‏ م جمتمعاهتا،‏ فتكون إنعكاساً‏ هلا،‏ أي إن البيئةاالجتاعية هي التي حتدد نوعية النظام السيايس.‏ لذلك ومنخال هذا املنر االسامي األصيل - اهلُدى-‏ ندعو خملصن اىلأن يكون دور حوزاتنا العلمية أكثر فاعلية وأكثر تأثرياً‏ ونرفضالتوجُّ‏ ه الذي يُريد إبعاد الدين عن السياسة.‏ٍ وهتميش* رضا اخلفاجي43


ثقافة رساليةالشعر الحسيني في مواجهةسالح التغييب األموي والعباسي* حممد طاهر حممدلقد محل أهل البيت،‏ عليهم السالم،‏ يفقضيتهم،‏ اإلسالم بكل قيمه ومبادئه السماويةفكانوا روحه املتجددة يف كل زمان ومكان،‏فأذكوا النفوس خبُ‏ لقهم السامي املستمد مناخللق العظيم لرسول اهلل،‏ صلى اهلل عليهوآله،‏ وهذا ما أهلم الناس روح التحدي والتغيروالثورة على الواقع الفاسد.‏ وكان يف الطليعة،‏الشعراء،‏ الذين كانوا خالل فرات طويلة منتارخينا،‏ مبنزلة الوسيلة اإلعالمية الوحيدة.‏لذا قلّما جتد شاعراً‏ مل تستوقفه قضيةأهل البيت،‏ عليهم السالم،‏ وخاصة قضيةالثورة احلسينية وتلك الراية احلمراء الي مازالت ترفرف على أفق هذه املدينة,‏ وهي ترمزإىل ذروة العطاء البشري وتشكّل صلة نابضة,‏حية تروي للعصور قصة ملحمتها اخلالدة.‏فبدأت رحلة الشعراء مع هذه القضيةوالتي مل تتوقف يف أقسى الظروف وأبشعهاوأشدها إرهاباً‏ ورعباً،‏ ولن تتوقف مادامتالقلوب تنبض باحلياة,‏ وما دامت دروس هذهالقضية تزخر بالعطاء.‏لقد استقطبت هذه القضية قمم الشعرالعربي على مدى أدواره وقرونه فراحواينهلون من مبادئ أهل البيت،‏ عليهم السالم،‏ومواقفهم،‏ عظمة اإلباء وعظمة اخلُ‏ لق،‏فصارت هذه القضية عرقاً‏ ينبض فيهم يفكل زمان ومكان،‏ فصدحوا بها حتى يف زمناحلكومات الي حاربت اسم ‏»احلسين«‏ أشد منحربها أعداءها.‏ورغم سياسة البطش والتنكيل التياستعملها األمويون والعباسيون ضد شعراءاحلقيقة،‏ إال أن ذكر أهل البيت،‏ عليهمالسالم،‏ مل ينقطع عن أفواههم فنجد منيقول:‏ ‏»إني أمحل خشبي هذه على كتفيعشرين عاماً‏ ال أجد من يصلبني عليها«.‏ كماال جتد املسلمن يدخلون مدينة حتى يتفجرعلى لسان شعرائهم ذكر أهل البيت،‏ كمافعل شعراء األندلس،‏ وتابعهم على نهجهمالشعراء الفاطميون واحلمدانيون والبويهيون.‏ومن روّاد هذه املسرة األبدية:‏ السيد احلمري‏)سيد الشعراء(,‏ وديك اجلن ‏)شاعر الشام(,‏وسبط ابن التعاويذي ‏)شاعر العراق(,‏ وابنهانئ األندلسي ‏)متنيب األندلس(,‏ والشريفالرضي ‏)أشعر الطالبيين(,‏ وأبو متام,‏ ودعبلاخلزاعي,‏ والكثر من األمساء الي تربعت علىعرش الشعر.‏لقد كانت حصيلة هذه املسيرة منالتحدي،‏ عرب أربعة عشر قرناً،‏ كبيرة جداً،‏تتضاءل عندها حصيلة املالحم الكربى منالشعر،‏ و التزال تلك احلصيلة مستمرة ومعوجود التفاعل الكبير من لدن شعراء أفذاذيف عهود متوالية،‏ وإشارة املصادر التارخييةاىل وجود قصائد ودواوين شعر كثيرة حبقأهل البيت،‏ عليهم السالم،‏ إال أن سياسةالقمع والتنكيل من احلكام ألهل البيت،‏ عليهمالسالم،‏ وألتباعهم،‏ مشلت الشعر واألدب،‏كونه الوسيلة األسرع واألكثر تأثيراً‏ علىالشارع،‏ االمر الذي تسبب يف ضياع الكثير،‏الكثير من القصائد الوالئية،‏ وما وصلنا منشعر،‏ ميثل النزر اليسير قياساً‏ إىل ما قيل.‏فعبارة:‏ ‏»إن كثيراً‏ من شعره قد ضاع«،‏و ‏»ضاع أغلب شعره«،‏ و«مل يبق من شعرهإال القليل وأغلبه قد ضاع«،‏ تترد كثيراً‏ يفمقدمات احملققين عندما ينربون لتحقيق


ثقافة رساليةخلف الكميت بن زيد األسدي،‏ خمسة آالف ومائتني وتسعةوثمانني بيتًا،‏ كما ذكر أبو الفرج األصفهاين والطربي،‏ ولكن شعره اآلن اليساوي ربع هذا العددديوان ألحد شعراء كربالء.‏ فالسيد احلمريمثالً‏ وهو شاعر أهل البيت كان ‏»ممن ال يدركشعره لكثرته«،‏ كما وُصِ‏ ‏ف حتى قال أحدمعاصريه:‏‏»مجعت للسيد ألفي قصيدة وظننتأنه ما بقي عليّ‏ شيء،‏ فكنت ال أزال أرى منينشدني ما ليس عندي فكتبت حتى ضجرتثم تركت«.‏ولكنك تتفاجأ حينما تقارن بين هذاالقول وبين ديوانه املطبوع والذي ال حيتويسوى قصائد ومقطوعات معدودة.‏ وكذلكاحلال مع دعبل اخلزاعي الذي قال عنهاجلاحظ:‏ ‏»إن دعبالً‏ قال الشعر مدة ستن سنةما ذر شارق إال قال شعرا«.‏ وقياساً‏ على هذاالقول فإنه ينبغي أن يكون ديوان دعبل أكربمن ديوانه املطبوع،‏ رمبا أكثر من مئة مرةإلنه:‏ ‏»قال الشعر وهو صيب«،‏ وعاش 98 سنة و‏»مل ينقطع عن الشعر طيلة حياته«،‏ ولوال أنقصيدته التائية املشهورة كان قد أنشدها عنداإلمام الرضا،‏ عليه السالم،‏ وتناقلتها األفواه ملاسلمت من يد االغتيال.‏وتستمر عملية اإلبادة الشعرية،‏فالكميت بن زيد األسدي ميوت خملّفاً‏ مخسةآالف ومائتن وتسعة ومثانن بيتاً،‏ كما ذكرأبو الفرج األصفهاني والطربي ولكن شعرهاآلن ال يساوي ربع هذا العدد.‏ كما ضاع أوأُضيع الكثير من شعر ‏»التوابين«،‏ ‏»وكان مماقيل يف ذلك قول أعشى همدان«،‏ كما ذكرالطربي وكان يسمى شعر ‏»املكتّمات«.‏وتتناسل تلك اليد ‏)األمينة..(!‏ علىالتراث األدبي،‏ ومتتد وتتضح بصماتها يفديوان ‏»ديك اجلن احلمصي«،‏ فهذا الشاعرالذي قصده دعبل اخلزاعي إىل بلده ونعتهب ‏»أشعر اجلن واإلنس«،‏ ومل خيفِ‏ أبو نؤاسانبهاره بشعره،‏ فقصده هو أيضاً‏ ليقول له:‏‏»فتنت أهل العراق بشعرك«،‏ بقي شعره )1110(سنة،‏ متناثراً‏ يف بطون الكتب حتى تصدّ‏ ىعبد املعين امللوحي،‏ وحمي الدين الدرويشاحلمصيان،‏ جلمعه عام 1960 ولكن هذيناألستاذين قطعا كل صلة للشاعر مع أهلالبيت،‏ عليهم السالم،‏ حتى ليخيل إىل القارئأن هذا الشاعر مل يدرك اإلسالم،‏ فلم يذكرابيتاً‏ واحداً‏ للشاعر فيهم،‏ رغم انه من شعرائهمحتى انربى الدكتور أمحد مطلوب واألستاذعبد اهلل اجلبوري،‏ لصون هذه األمانة فجمعاما بقي من شعر ديك اجلن يف حق أهل البيت،‏باعتمادهما على نسخة خطية بيد الشيخحممد السماوي بلغت )39( قصيدة يف )278(بيتاً‏ بعثها إليهما الشيخ حممد علي اليعقوبي.‏هكذا تلعب األهواء والعصبية دورها يفضياع تراثنا األدبي،‏ وهؤالء الشعراء الذينذكرناهم هم منوذج للكثر من الشعراء الذينضاع شعرهم أو باألحرى أُضيع بسبب انتمائهمملدرسة كربالء،‏ فشعر القضية احلسينية،‏كان يرعب السلطة الظاملة فحورب الشعراءوطوردوا ومنهم من مل يسلم حتى يف قربه ف‏»تتبعوه رميما«،‏ كما جرى ملنصور النمري،‏عندما أمر هارون العباسي بقطع لسانه وقتلهوقطع رأسه ملا مسع عنه أنه رثى احلسينفأخربوه بأنه قد مات فأمر بنبش قربه!!‏وهذا ما يعطي صورة واضحةللممارسات اهلمجية التي كانت السلطةالعباسية متارسها للحد من هذا الشعر ودفنهوجند يف بيت صفوان التجييب األندلسيصورة واضحة عن تلك احلرب الي شُ‏ ‏نت علىاسم كربالء يف تلك الفترةفيا كربال والكرب لي متملّكُ‏ليكفيكِ‏ مني أن ذكركِ‏ مهلكُ‏كما مل يسلم الشعر األندلسي من هذاالضياع أو التضييع فما كان يفوت السلطةتضييعه ودفنه،‏ يتكفل املؤرخون بإضاعته،‏ونكتفي من ذلك مبا جاء يف مقال الدكتورعبد اللطيف السعداني املغربي حتت عنوان‏»حركات التشيّع يف املغرب ومظاهره«،‏ يفجملة اهلادي ‎1392‎ه حيث يقول:‏‏»..ونتلمس هذه احلركة فيما بعد عصرمبدع هذه القصيدة احلسينية فنعثر على أثرآخر للفكر الشيعي حيث نلتقي بأحد أدباءاألندلس يف النصف األول من القرن السابعاهلجري هو القاضي أبو حممد بن عبد اهللالقضاعي البلنسي املقتول يف 20 حمرم سنة658 ه ونقف على اسم كتابين من مؤلفاتهالعديدة موضوعهما هو رثاء سيدنا احلسين،‏أوهلما ‏»اللجين يف رثاء احلسين«.‏ وال يعرفاليوم أثر هلذا الكتاب غر امسه.‏ وثانيهما:‏ ‏»دررالسمط يف أخبار السبط«،‏ وكان كل ما بقيمن هذا الكتاب هو ما نقله املُقري يف كتابه‏»نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب«.‏ وقداعترف املقري بأنه أغفل نقل بعض الفقراتمن الكتاب مما يشم منه رائحة التشيع ثمإنه اكتفى بنقل جزء من الباقي فقط«.‏ إىلهنا انتهى كالم السعداوي ونترك التعليقللقارئ.‏وهناك من الشعراء من اختفى امسه معشعره فقد ذكر الطربي:‏ ‏»ان عبد اهلل بن عمروالبدّ‏ ي من أشجع الناس وأشعرهم وأشدهمحباً‏ لعلي«،‏ ولكن هل جتد هلذا الشاعر املتفرّ‏ دبين الشعراء والفارس الشجاع بيتاً‏ واحداً؟وكم من أمثال هذا الشاعر الفارس قدأضاعهم التاريخ؟ !ولكن ما كان هلل ينمو فباملقابل كانتهناك أيد أمينة على هذا الشعر فنقلت إليناهذا التراث العظيم الذي هو جزء من شعرهذه القضية.‏ فكانت هناك قائمة طويلة منالشعراء من خمتلف العصور نهلوا منها.‏وينبغي اإلشارة إىل أن الكثير من األبياتالتي جاء فيها ذكر أهل البيت،‏ عليهم السالم،‏وخاصة الشعر احلسيي مل تذكر املصادر اسمقائلها وهي من األبيات واملقطوعات الكثيرةالتي أخفى قائلها امسه يف أوقات عصيبة كانفيها الشاعر الذي يتعرض لقضية أهل البيت،‏يعرض نفسه وأهله للقتل لكن كل ذلك ملمينعه عن اإلفصاح عما تغلغل يف نفسه منحرقة وأمل فتنطلق أبياته وتتناقلها الناس واليدرون ملن هي.‏وقد عُ‏ رف هذا الشعر يف ذلك الوقت بشعر‏»اهلواتف«،‏ وهو ما نسب إىل اجلن وغرهم،‏وكذلك شعر ‏»اجلداريات«،‏ وهو الشعر الذيكان يكتبه الشاعر على جدران األماكن اليأعدت لإلستراحة يف السفر،‏ فيمر بها الناسويقرؤونها وتتناقل على األلسن وقد اشتهربذلك الشاعر ‏»ابن مفرّ‏ غ احلمري«‏ الذي كانيهجو األمويين يف شعره.‏45


ِِِِِِِاسوة حسنة‏ِنْ‏ بَعْدِ‏‏}وَ‏ لَقَدْ‏ كَتَبْنَا يفِ‏ الزَّ‏ بُورِ‏ م‏ِبَادِيَ‏ الصَّ‏ احلِ‏الذِّ‏ كْرِ‏ أَنَّ‏ األْ‏ ‏َرْ‏ ضَ‏ يَرِ‏ ثُهَ‏ ا ع* إِنَّ‏ يفِ‏ هَ‏ ذَ‏ ا لَبَالَ‏ غً‏ ا لِقَوْ‏ مٍ‏ عَ‏ ابِدِ‏ ينَ‏ } ‏)سورةاالنبياء/‏ - 105 .)106قيام اإلمام املهدي،‏ عجل اهلل فرجهالشريف،‏ وحتريره للبشرية من الظلمواالضطهاد وإقامته حلكومة العدل واحلريةوالتقدم،‏ هو مما أتفق عليه املسلمون بعد أنأكدت عليه آيات قرآنية عديدة وأحاديثنبوية شريفة معروفة ومشهورة.‏ بل إنمعظم أصحاب الديانات األخرى يؤمنونبقدوم املخلّص الذي يأتي يف آخر الزمانلينصر احلق على الباطل نصراً‏ عاملياً‏ عظيماً.‏ُ ونَ‏* اجلانب العاملي ملرشوع التغير املهدويقيام اإلمام املهدي ليس مشروعاً‏ تغيراً‏إصالحياً‏ فحسب،‏ بل هو خالصة املشروعاإلهلي احلضاري األعظم يف احلياة البشريةطوال مسارها التارخيي الطويل.‏ وهومشروع اإلصالح الشامل والسليم للوضعالعاملي بأكمله ثقافياً‏ واجتماعياً‏ واقتصادياً‏ونفسياً‏ وسياسياً.‏ وهو حترير تام وكاملللبشرية من ضغط وظلم الطغاة والقوىالدولية املتجربة،‏ ومن ظلم وتأثر الثقافاتاملادية والعلمانية والسفسطائية والفلسفيةالعبثية وكل األطروحات البشرية اخلاطئةيف مجيع األبعاد احلياتية.‏ وهذا التغييرالعاملي العظيم الذي سيقوده اإلمام املهديلن يكون بقوة السالح إال يف جمال إزالةحكم الطغاة الظاملين املعاندين،‏ بل التغييرالشامل إمنا هو بقوة املنطق والعلم وبوعيوتفاعل مجاهيري عاملي لن يُرى مثله منقبل يف تاريخ البشرية.‏ أنه التحول األكرباىل عهد حكومة العدالة العاملية الشاملةلكل بقاع العامل،‏ ضمن استرتيجية كربىيقودها اإلمام املهدي،‏ عليه السالم،‏ عنوانها:‏‏»ميأل األرض قسطاً‏ وعدالً‏ بعد ان ملئت ظلماً‏وجورا«.‏ مع مالحظة أن مصطلح ‏»ميأل«‏ الذيجاء يف احلديث الشريف،‏ يشمل كافة املواقعيف األرض مكانياً‏ وزمنياً‏ وإدارياً‏ ولكل شرائحاجملتمع يف خمتلف اجلوانب واحمليطات.‏فالعدل سيشمل احمليط األسري واجملتمعيوالبيئي والطبيعي،‏ وسيكون السمة بارزةواحلقيقة املطبقة الواضحة املعامل،‏ يف كلموقع و مكان و زمان،‏ جغرافياً‏ أو إدارياً.‏* دعاء الندبة وديعة اإلماميُعد دعاء ‏»الندبة«‏ الشريف،‏ من األدعيةاهلامة يف زمن غياب اإلمام املهدي،‏ عليهالسالم،‏ كونه حيمل خارطة العالقةمع اإلمام الغائب،‏ وما يتطلب أن يوفرهاملنتظرون الصادقون يف أنفسهم ويف الواقعاخلارجي.‏ وتكمن أهمية هذا الدعاء أنهصادر من اإلمام املهدي نفسه،‏ عجل اهللفرجه الشريف،‏ وإن أشارت بعض األحاديثاىل صدوره أيضاً‏ من اإلمام الصادق،‏ عليهالسالم،‏ وهذا ال يضير بل يؤكد ذاتاألهمية.‏ ويتضمن الدعاء تعريفاً‏ واسعاً‏باإلمام املهدي ودوره القادم.‏وقد جاء استحباب قراءة هذا الدعاءيف األعياد اإلسالمية األربعة:‏ ‏)عيد الفطر،‏وعيد األضحى،‏ وعيد الغدير،‏ ويوم اجلمعة(،‏ونالحظ أن الركيز على قراءته هو يف أياماألفراح من جهة،‏ ومبعدل أسبوعي يف يوماجلمعة الذي تذكر الروايات أنه اليومالذي سيعلن اإلمام قيام نهضته الكربى فيه.‏ولعل هذا اإلهتمام بقراءته إمنا هو لألهدافالتالية:‏١- فهم شخصية اإلمام،‏ عجل اهللفرجه الشريف،‏ وأنه وراث األنبياء واألولياءالصاحلين،‏ وهو مشروع التغيير اإلهليالعظيم القادم إلنقاذ البشر،‏ واملتمثل يفنهضته املباركة القادمة.‏ حيث يستعرضالدعاء،‏ مسيرة األنبياء من آدم،‏ عليه السالم،‏وإنتهاءً‏ باملصطفى حممد،‏ صلى اهلل عليهوآله وسلم،‏ وتسليم مقاليد الوالية واخلالفةمن بعده اىل اإلمام علي أمير املؤمنن،‏ عليهالسالم،‏ وموقعية هذا اإلمام العظيم،‏ ثمينطلق الدعاء بإيضاح إمتداد اإلمام املهديووراثته لكل من سبقه من آل حممد،‏ صلواتاهلل وسالمه عليهم،‏ بل إنه عين الدينوعنوانه الكامل.‏٢- إبداء خمزون العاطفة والتأثرمبصائب أهل البيت املؤملة وحتويلها اىلشعائر مجاهرية إعالمية واسعة حتملرسالة للعامل عن عظيم مصائبهم وحقيقةمكانتهم العليا،‏ وأهداف حركتهم املاضيةواحلاضرة واملستقبلية.‏ وهنا يستعرضالدعاء بعضاً‏ مما حلّ‏ بأهل البيت عليهمالسالم،‏ وما جيب على األمة أن تعمله إلحياءمصائبهم على نطاق واسع.‏٣- تركيز وتعميق الرابطة القلبية،‏‏)احلب والعشق لإلمام ولقدومه(‏ والرابطةالتنظيمية والسلوكية بن اإلمام وشيعته.‏* البحث عن اإلمام والتأثر حلالهمن ضمن مقاطع هذا الدعاء املؤثروالضروري يف زمن الغيبة،‏ هو هذا املقطعالقادم،‏ والذي يهدف اىل خلق عالقة تفاعلوإرتباط مقدس ومرهف باإلمام املهديعليه السالم:‏‏»لَيْتَ‏ شِ‏ عْرِ‏ ي أَيْنَ‏ اسْ‏ تَقَرَّ‏ تْ‏ بِكَ‏النَّوَ‏ ى،‏ بَلْ‏ أَيُّ‏ أَرْ‏ ضٍ‏ تُقِلُّكَ‏ أَوْ‏ ثَرَ‏ ى،‏ِ هَ‏ ا أَمْ‏ ذِي طُوً‏ ى.‏ عَ‏ زِ‏ يزٌ‏أَبِرَ‏ ضْ‏ وَ‏ ى أَمْ‏ غَ‏ يْ‏عَ‏ يلَ‏ َّ أَنْ‏ أَرَ‏ ى اخلَْ‏ لْقَ‏ وَ‏ الَ‏ تُرَ‏ ى،‏ وَ‏ الَ‏ أَسْ‏ مَ‏ عَ‏لَكَ‏ حَ‏ سِ‏ يساً‏ وَ‏ الَ‏ نَجْ‏ وَ‏ ى،‏ عَ‏ زِ‏ يزٌ‏ عَ‏ يلَ‏ َّ أَنْ‏َ الْبَلْ وَ‏ ى،‏ وَ‏ الَ‏ يَنَالَ كَ‏ مِنِّ يتُ‏ ‏ِي طَ‏ بِ كَ‏ دُوينِ‏ضَ‏ جِ‏ يجٌ‏ وَ‏ الَ‏ شَ‏ كْوَ‏ ى«.‏ويف الدعاء،‏ هنالك املقام الرفيع لإلماموافتداؤه بالنفس:‏ْ خيَ‏ ‏ْلُ‏ مِنَّا،‏‏»بِنَفْي أَنْتَ‏ مِنْ‏ مُ‏ غَيَّبٍ‏ ملَ‏بِنَفْي أَنْتَ‏ مِنْ‏ نَازِ‏ حٍ‏ مَ‏ ا نَزَ‏ حَ‏ عَ‏ نَّا،‏‏ِنْ‏‏ِقٍ‏ يَتَمَ‏ نَّى مبِنَفْي أَنْتَ‏ أُمْ‏ نِيَّةُ‏ شَ‏ ائمُ‏ ؤْ‏ مِنٍ‏ وَ‏ مُ‏ ؤْ‏ م ٍ ‏ِنَة ذَكَرَ‏ ا فَحَ‏ نَّا،‏ بِنَفْي أَنْتَ‏‏ِزٍّ‏ الَ‏ يُسَ‏ امَ‏ ى،‏ بِنَفْي أَنْتَ‏ مِنْ‏‏ِيدمِنْ‏ عَ‏ ق‏ِنْ‏ تِالَ‏ دِ‏أَثِيلِ‏ مَ‏ ٍ ‏ْد الَ‏ جيُ‏ ‏َازَ‏ ى،‏ بِنَفْي أَنْتَ‏ م‏ِنْ‏ نَصِ‏ يفِ‏نِعَمٍ‏ الَ‏ تُضَ‏ اهَ‏ ى،‏ بِنَفْي أَنْتَ‏ مشَ‏ َ فٍ‏ الَ‏ يُسَ‏ اوَ‏ ى«.‏ِ عوديعة اإلمام المهدي - عجل اهلل فرجه-‏لدى أحبته وأنصاره* السيد جعفر العلوي* عشق اإلمام‏»إِىلَ‏ مَ‏ تَى أَحَ‏ ارُ‏ فِيكَ‏ يَا مَ‏ وْ‏ الَ‏ يَ‏ ، وَ‏


اسوة حسنة‏ِيكَ‏ وَ‏ أَيَّ‏إِىلَ‏ مَ‏ تَى وَ‏ أَيَّ‏ خِ‏ طَابٍ‏ ِ أَص فُ‏ فنَجْ‏ وَ‏ ى،‏ عَ‏ زِ‏ يزٌ‏ عَ‏ يلَ‏ َّ أَنْ‏ أُجَ‏ ابَ‏ دُونَكَ‏ وَ‏أُنَاغَ‏ ى،‏ عَ‏ زِ‏ يزٌ‏ عَ‏ يلَ‏ َّ أَنْ‏ أَبْكِيَكَ‏ وَ‏ خيَ‏ ‏ْذُ‏ لَكَ‏الْوَ‏ رَ‏ ى،‏ عَ‏ زِ‏ يزٌ‏ عَ‏ يلَ‏ َّ أَنْ‏ جيَ‏ ‏ْرِ‏ يَ‏ عَ‏ لَيْكَ‏ دُونَ‏ ‏ُمْ‏مَ‏ ا جَ‏ رَ‏ ى..«.‏* تصور حلظات اللقاء باإلمام:‏‏»مَ‏ تَى نَرِ‏ دُ‏ مَ‏ نَاهِ‏ لَكَ‏ الرَّ‏ وِ‏ يَّةَ‏ فَنَرْ‏ وَ‏ ى،‏مَ‏ تَى نَنْتَفِعُ مِنْ‏ عَ‏ ذْ‏ بِ‏ مَ‏ ائِكَ‏ فَقَدْ‏ طَالَ‏‏ِرَّ‏الصَّ‏ دَ‏ ى،‏ مَ‏ تَى نُغَادِيكَ‏ وَ‏ نُرَ‏ اوِ‏ حُ‏ كَ‏ فَنُقمِنْهَ‏ ا عَ‏ يْناً،‏ مَ‏ تَى تَرَ‏ انَا وَ‏ نَرَ‏ اكَ‏ وَ‏ قَدْ‏ نَرشَ‏ ْ تَ‏لِوَ‏ اءَ‏ النَّرْ‏ ِ تُرَ‏ ى،‏ أَتَرَ‏ انَا نَحُ‏ فُّ‏ بِكَ‏ وَ‏أَنْتَ‏ تَؤُ‏ مُّ‏ املَْأَ‏ َ وَ‏ قَدْ‏ مَ‏ أَ‏ ‏ْتَ‏ األْ‏ ‏َرْ‏ ضَ‏ عَ‏ دْ‏ الً‏ ،وَ‏ أَذَقْتَ‏ أَعْ‏ دَ‏ اءَكَ‏ هَ‏ وَ‏ اناً‏ وَ‏ عِقَاباً،‏ وَ‏ أَبَرْ‏ تَ‏الْعُتَاةَ‏ وَ‏ جَ‏ حَ‏ دَ‏ ةَ‏ احلَْ‏ قِّ‏ ، وَ‏ قَطَعْتَ‏ دَابِرَ‏املُْتَكَ‏ بِّ‏ ِ ينَ‏ ، وَ‏ اجْ‏ تَثَثْتَ‏ أُصُ‏ ولَ‏ الظَّاملِِنَ‏ ، وَ‏نَحْ‏ نُ‏ نَقُولُ‏ احلَْ‏ مْ‏ دُ‏ هللَِِّ‏ رَ‏ بِّ‏ الْعَاملَِنَ‏ »* بعض واجباتنا جتاه اإلمام املهديجاء يف هذا الدعاء املبارك،‏ ما يدل علىبرنامج عمل،‏ وهو ما أشارت له هذه الفقرةمن الدعاء:‏‏»وَ‏ صِ‏ لِ‏ اللَّهُ‏ مَّ‏ بَيْنَنَا وَ‏ بَيْنَهُ‏ وُ‏ صْ‏ لَةً‏‏َّنْ‏تُؤَ‏ دِّي إِىلَ‏ مُ‏ رَ‏ ِ افَقَة سَ‏ لَفِهِ،‏ وَ‏ اجْ‏ عَلْنَا مِ‏يَأْخُ‏ ذُ‏ بِحُ‏ جْ‏ زَ‏ تِ‏ ‏ِمْ‏ ، وَ‏ يَمْ‏ كُثُ‏ يفِ‏ ظِلِّهِ‏ مْ‏ ،ِ، وَ‏ ِ اال جْ‏ تِهَ‏ ادِ‏وَ‏ أَعِنَّا عَ‏ ىلَ‏ تَأْد ِ ‏ِيَة حُ‏ قُوقِه‏ِه‏ِنَابِ‏ عَ‏ نْ‏ مَ‏ عْصِ، وَ‏ ِ اال جْ‏ تيفِ‏ طَاعَ‏ تِههذه الفقرة اهلامة من الدعاء تدعو اىلاالرتباط باإلمام املهدي عرب اإلرتباط بسلفه.‏وسلف اإلمام املهدي،‏ إما أن يكونوا هم األئمةاألطهار الذين سبقوه من وقت صدور هذاالدعاء الشريف،‏ من اإلمام الصادق علىرواية،‏ وذا أمر مؤكد ومسلّمٌ‏ به،‏ بضرورةاإلرتباط بأئمة أهل البيت،‏ عليهم السالم،‏وإما أن يكون سلف املهدي يف عصر الغيبة،‏وهم العلماء املخلصين والعاملن وفق منهجاإلمام املهدي،‏ يف تغيير وإصالح األمة،‏كونهم سلفه املُمهدين له من حيث اإلعدادلقيامه املقدس والعظيم.‏إال أن األهم بعد اليقين بقدومه املباركبإذن اهلل،‏ هو ما أعددنا لقدومه،‏ وأين موقعنامن هذا القدوم،‏ هل هو العلم واالستبشار،‏أم هو كذلك باإلضافة اىل العمل اجلادواملخلص يف أنفسنا وعلى أرض الواقع.‏ويف احلديث الشريف:‏ ‏»خير أعمال أمتيانتظار الفرج«.‏ واحلديث هنا يتحدث عنخير األعمال،‏ مما يدل على أن املقصودهو االنتظار اإلجيابي بالعمل وليس فقطبالقلب والتمنيات.‏ لذا جند هنالك عدةواجبات أزاء إمامنا الغائب - عجل اهلل فرجه-:‏1- املداومة على قراءة هذا الدعاء،‏باخلصوص صبيحة كل مجعة بشكلمجعي أو حبضور عائلي أو يف حضور عدةعوائل مع بعض.‏ مع قراءة زيارة ‏»آل ياسين«‏ليلة اجلمعة.‏2- االرتقاء اىل مستوى االرتباط بهذاالدعاء اهلام،‏ فاألولوية هي يف املواظبة علىقراءته كل مجعة،‏ ثم حماولة فهم مضامنومعاني الدعاء بشكل عام،‏ وهنا نوصيبقراءة كتاب ‏»تأمالت يف آيات الظهور-‏ دعاءالندبة«‏ لسماحة الشيخ فوزي آل سيف.‏ ويفاملقام الثالث؛ التفاعل احلقيقي مع الدعاءتأثراً‏ وبكاءً،‏ واملقام األرفع واألهم هو العملمبضامين ما جاء يف هذا الدعاء الشريف.‏3- تربية أنفسنا على األخالق الفاضلةوتقوى اهلل والورع عن حمارمه،‏ فقد جاءيف احلديث عن أبي عبد اهلل الصادق،‏ عليهالسالم:‏ ‏»من سرّ‏ ه أن يكون من أصحاب القائمفلينتظِ‏ ‏ر،‏ وليعمل بالورع وحماسن األخالقوهو منتظِ‏ ر،‏ فإن مات وقام القائم بعده كانله من األجر مثل أجر من أدركه،‏ فجدّ‏ واوانتظروا هنيئاً‏ لكم أيتها العصابة املرحومة«.‏4- اإلعداد البدني والفني على فنونومعارف القتال،‏ فعن أبي بصير كما جاءيف ‏»غيبة النعماني«،‏ قال أبو عبد اهلل،‏ عليهالسالم:‏ ‏»ليُعدَّ‏ ن أحدُ‏ كم خلروج القائم ولوسهماً،‏ فإنّ‏ اهلل إذا علم ذلك من نيّته رجوتألن ينسئ يف عمره حتّى يدركه،‏ ويكون منأعوانه وأنصاره«.‏5- إطاعة اهلل يف كل شيء،‏ فهذا مايريده منا املهدي،‏ عجل اهلل فرجه الشريف،‏فعن اإلمام الصادق،‏ عليه السالم،‏ قال:‏ ‏»ياأبا بصير طوبى لشيعة قائمنا املنتظرينلظهوره يف غيبته،‏ واملطيعين له يف ظهوره،‏أولئك أولياء اهلل الذين ال خوف عليهم والهم حيزنون«.‏ ويف دعاء الندبة:‏ ‏»اللهم...‏ِ، وَ‏ ِ اال جْ‏ تِهَ‏ ادِ‏وأَعِنَّا عَ‏ ىلَ‏ تَأْد ِ ‏ِيَة حُ‏ قُوقِه‏ِه‏ِنَابِ‏ عَ‏ نْ‏ مَ‏ عْصِ، وَ‏ ِ اال جْ‏ تيفِ‏ طَاعَ‏ تِهوَ‏ امْ‏ نُنْ‏ عَ‏ لَيْنَا بِرِ‏ ضَ‏ اهُ،‏ وَ‏ هَ‏ بْ‏ لَنَا رَ‏ أْفَتَهُ‏وَ‏ رَ‏ محْ‏ ‏َتَهُ‏ وَ‏ دُعَ‏ اءَ‏ هُ‏ وَ‏ خَ‏ رْ‏ َ هُ‏ «.،ِِ إِلَيْه ِ يَتقيام اإلمام املهدي - عجل اهلل فرجه-‏ هو حترير كاملللبشرية من ظلم الطغاة وضغط القوى الدولية املتجربة،‏ ومنتأثري الثقافات املادية والعلمانية والفلسفية،‏ وكل األطروحاتالبشرية اخلاطئة.»ِِ إِلَيْه ِ يَت47


اسوة حسنةإضاءات من نهج البالغةسياسة علي ‏»عليه السالم«‏روح اإلسالم* حممد الصفاربقدر ما أزاحت الثورة الشعبية العارمةعلى سياسة عثمان من أعباء أثقلت كاهلاألمة اإلسالمية،‏ وآالم أقرحت صدوراملسلمن،‏ فإنها أيضاً‏ فتحت جبهات قادهاالنفعيون واإلنتهازيون ضد أمير املؤمنين،‏عليه السالم،‏ من بطانة عثمان وأوليائهالذين فقدوا يف ليلة وضحاها كل ماميلكون.‏فقد كان للتحوّل اجلذري السياسيالذي أحدثته هذه الثورة أثر كبير يفالتحوّل االجتماعي واالقتصادي لدى هؤالءالذين تعوّدوا على حياة الترف والقصورواملناصب على حساب الفقراء واملعدمينمن املسلمن مما دفعهم إىل العداوة وشناحلرب على أمير املؤمنين،‏ عليه السالم،‏بدعوى هم يعرفون بطالنها قبل غرهم،‏وهي مطالبتهم بدم عثمان ألن منهم مناشترك بدمه كطلحة والزبير وعائشةالتي كانت حترّ‏ ض الناس على قتله،‏ وطاملاارتفع صوتها يف املدينة:‏ ‏»اقتلوا نعثالً‏ فقدكفر«.‏ وهم يعلمون ان علياً،‏ عليه السالم،‏كان أبرأ الناس من دم عثمان،‏ رغم أنهكان من اجملاهرين بالرأي املضاد القويضده،‏ وأيّد ما أراده الثوار من اإلصالح لكنهمل حيُ‏ ض على قتله.‏لقد جرت على أثر هذه الدعوى منالدماء ما مل جتر بقدرها يف حروب البسوسوداحس والغرباء.‏ ويف احلقيقة أن هؤالءالثالثة مل يكن اشتراكهم يف قتل عثمان،‏محيةً‏ للمسلمن وغضباً‏ على سياستهاجلائرة،‏ وإمنا اشترك طلحة والزبير يفقتله خوفاً‏ من أن يطاهلما غضب الثوارألنهما كانا من بطانة عثمان واملنتفعينمن سياسته،‏ هذا أوالً‏ وثانياً‏ انهما اشتركايف قتله بعد أن بلغت الثورة مداها وأهلبتغضبها ومل تطق كظم آالمها فدعتهمانفساهما اللتان جبلتا على النفعية إىلاالنتفاع من حمصّ‏ لة هذه الثورة.‏أما دافع عائشة فكان مادياً‏ أيضاً،‏ ألنعثمان منعها عطاءها استناداً‏ إىل احلديثاملوضوع الذي منع به أبوها،‏ فاطمة حقها يففدك وهو:‏ ‏»حنن معاشر األنبياء ال نورث«.‏هذه هي اجلبهة األوىل التي اتّضحتأغراضها من شن احلرب على دولة أميراملؤمنين،‏ عليه السالم،‏ أما اجلبهة الثانيةفهم والة عثمان وأهل بيته وبطانته الذينوصفهم أمير املؤمنين،‏ عليه السالم بقوله:‏‏)ثم قام معه بنوا أبيه خيضمون مال اهللخضم اإلبل نبتة الربيع(.‏* ثورة عيل ‏)ع(!‏بعد أن بويع أمر املؤمنن،‏ عليه السالم،‏للخالفة،‏ فان أول ما فعله،‏ عليه السالم،‏إحداث ثورة شاملة ضد األوضاع اإلجتماعيةوالسياسية،‏ واجراء تغير جذري لنظام قائمعلى اإلثرة،‏ فأعلن عزل والة عثمان،‏ ويفمقدمتهم معاوية،‏ عن الشام،‏ واسترجاعالقطائع واألموال و إزالة التمايز الطبقيالذي رفع من ال يستحق وخفض من اليستحق،‏ فدعا اىل استرداد احلقوق إىلأصحابها بقوله:‏‏»والذي بعث حممداً‏ باحلق أنه ال بد أنيعود أسفلكم أعالكم وأعالكم أسفلكموليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرنسباقون كانوا سبقوا«.‏


اسوة حسنةكان إقرار علي،‏ عليه السالم،‏ مبدأ املساواة يف العطاء،‏ يعد من قراراتهالثورية،‏ ألنه كان يعني انقالبًا اجتماعيًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من دالالت،‏وهو العودة إىل النظام األصيل يف اإلسالم الذي ألغى الفوارق الطبقيةأما يف ميدان العطاء فقد أحدث تغييراً‏ثورياً‏ آخر،‏ متثل يف مبدأ املساواة يف العطاءبصرف النظر عن اإلنتماء القبلي والعرقيوهو املبدأ الذي كان معموالً‏ به يف عهدرسول اهلل،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏ والذي ألغاهعمر،‏ وجعل بدله التمايز باإلنتماء القبليوالعرقي،‏ وبلغ هذا التمايز الطبقي حداً‏بشعاً‏ يف عهد عثمان وكان السبب يف الثورةواالنقالب اجلماهيري عليه.‏لذا ميكن القول:‏ إن إقرار اإلمام،‏عليه السالم،‏ مبدأ املساواة يف العطاء،‏ يُعدانقالباً‏ اجتماعياً‏ بكل ما تعنيه هذه الكلمةمن دالالت،‏ وهو الذي عاد باجملتمع واألمةإىل النظام األصيل يف اإلسالم الذي ألغىالفوارق الطبقية.‏ وهذه السياسة كانتكفيلة بإنهاء جوع الفقير وسد حاجةاحملروم الذي سببه احتكار األغنياء للثروة،‏فقد أعلن،‏ عليه السالم:‏‏»إن اهلل فرض يف أموال األغنياء أقواتالفقراء فما جاع فقير إال مبا متع به غني«.‏كما كان له موقف حاسم وحازم مناألمالك واألموال التي اقتطعها عثمان ألهلبيته وأعوانه ووالته فأعلن،‏ عليه السالم،‏ردها إىل ملكية الدولة وحوزة بيت املال:‏‏»أال إن كل قطيعة أقطعها عثمانوكل مال أعطاه من مال اهلل فهو مردوديف بيت املال،‏ فإن احلق القديم ال يبطلهشيء ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق يفالبلدان لرددته إىل حاله،‏ فإن يف العدل سعةومن ضاق عنه العدل فاجلور عليه أضيق«.‏هذا املبدأ،‏ مل يرق حلاشية عثمانوأقاربه الذين كان بيت املال حتت أيديهم،‏وهم مروان بن احلكم وسعيد بن العاصوالوليد بن عقبة وأمثاهلم،‏ فتكلم عنهمالوليد وطلب من أمير املؤمنين من مجلةكالمه أن يضع عنهم ما أصابوه من األموالالطائلة من بيت املال يف عهد عثمان فقال،‏عليه السالم هلم:‏‏»ليس لي أن أضع حق اهلل عنكم وال عنغركم«.‏ثم أخذ مسحاته ومكتله ليعمل يفحفر بئر وهو يردد اآلية الكرمية:‏ ‏»تلك الداراآلخرة جنعلها للذين ال يريدون علوا يفاألرض وال فسادا والعاقبة للمتقين«.‏ويف اليوم الثاني أعطى،‏ عليه السالم،‏لكل من حضر دون استثناء ثالثة دنانيروأخذ هو،‏ عليه السالم،‏ ثالثة دنانير ايضاً،‏فقال سهل بن حنيف:‏ يا أمير املؤمنين..‏ هذاغالمي باألمس وقد أعتقته اليوم فقال،‏عليه السالم:‏‏»نعطيه كما نعطيك«‏كان،‏ عليه السالم،‏ يعرف أنهذه املبادئ السياسية يف إزالة الفوارقاإلجتماعية،‏ ستجابه مبعارضة األغنياءالذين اختذوا انتماءاتهم القبلية وقرابتهممن عثمان سبيالً‏ الحتكار الثروات واألموال،‏فبدأت حماوالتهم إلستعادة مكانتهم،‏ ومنألف أمرا شق عليه فراقه،‏ فشق عليهم ذلكوأنكروه،‏ حتى صاح الزبير يف جمتمعاملدينة معلناً‏ بداية شرارة التمرد:‏ هذا جزاؤنامن علي..!‏ قمنا له يف أمر عثمان حتى قتل،‏فلما بلغ منا ما أراد جعل فوقنا من كنافوقه..!‏لقد أوضح الزبير بقوله هذا كوامنهوبلغ به طمعه أن صار يتحدث باألباطيلفهو مل يستأذن علياً‏ يف اشتراكه بقتلعثمان ومل يكرهه أمير املؤمنن على بيعته،‏كما مل يكره غيره ممن مل يبايعوه لكناألموال التي كان جينيها من عثمان والتيفقدها اآلن أفقدته صوابه فنسي أو تناسىسياسة رسول اهلل،‏ يف األموال التي أعادهاأمير املؤمنين بعد أكثر من عشرين سنة،‏وشارك الزبير،‏ طلحة يف مترّ‏ ده إىل احلدالذي بلغ بهما إىل نقض البيعة و إعالناحلرب حتت ستار الطلب بدم عثمان.‏أما علي،‏ فلم يكن الزبير وطلحةوغرهما من الذين أشرب يف قلوبهم حباملال وكثرة العطاء يثنونه عن عزمه يفتطبيق شريعة اإلسالم احلقّ‏ ‏ة وانتهاج نهجرسول اهلل يف املساواة فأعلن موقفه أمام كلاملعارضين:‏‏»أتأمرونني أن أطلب النصر باجلورفيمن وليت عليه واهلل ال آمر به لو كان املاللي لسويت بينهم فكيف وأن املال مال اهلل«.‏فاتسعت جبهة املعارضة من قبل بطانةعثمان وأوليائه ليعلنوا احلرب،‏ فكما حاربعلي،‏ عليه السالم،‏ كفار قريش،‏ إلرساءدعائم االسالم،‏ فقد محل السيف للدفاع عنمبادئ اإلسالم وتطبيق شريعته،‏ فتجسد يفسياسته روح اإلسالم التي تنكّر هلا املنافقونفنقضوا البيعة وفارقوا الطاعة وشقواالصفوف بعصا اخلالف،‏ لكن علياً‏ مل يثنهعن موقفه املبدئي شن احلروب عليه وبقيمتمسكاً‏ به.‏‏»مالي ولقريش واهلل لقد قاتلتهمكافرين وألقاتلنهم مفتونين وإنيلصاحبهم باألمس كما أنا صاحبهم اليوم«.‏* القلّة يف طريق احلقوتتسع رقعة املعارضة يف األمصاروتتسلل فلول املنهزمين من حرب اجلملمع غرهم من األغنياء وبقية األمصار إىلالشام لينضموا إىل جبهة معاوية ولكن علياً‏القائل:‏ ‏»ال تستوحشوا طريق احلق لقلةسالكيه«،‏ مل يكن ليضيره انضمام هؤالءإىل معسكر الباطل ورغم تأزّم الظروففإنه كان مطمئناً‏ وهو حيارب،‏ حرب احلقوينتصر للعدالة بالعدل فيكتب إىل عاملهعلى املدينة سهل بن حنيف:‏‏»أما بعد فقد بلغني أن رجاالً‏ ممن قبلكيتسللّون إىل معاوية فال تأسف على مايفوتك من عددهم ويذهب عنك من مددهمفإمنا هم أهل دنيا هم مقبلون عليها قدعرفوا العدل ورأوه وعلموا أن الناس عندنايف احلق أسوة فهربوا إىل اإلثرة فبعداً‏ هلموسحقاً«.‏وعندما بلغه أن عامله على أردشيرمصقلة بن هبرة الشيباني يفضّ‏ ل أهله علىغرهم يف العطاء كتب إليه:‏‏»بلغني عنك أمراً‏ إن كنت فعلته فقدأسخطت إهلك وأغضبت إمامك إن حقمن قبلك وقبلنا من املسلمن يف قسمة هذاالفيء سواء«.‏49


اسوة حسنةكما حارب علي،‏عليه السالم،‏ كفار قريش،‏إلرساء دعائم االسالم،‏فقد حمل السيف للدفاععن مبادئ اإلسالم وتطبيقشريعتهكما يكتب إىل األسود بن قطيبةصاحب جند حلوان:‏‏»أما بعد فإن الوالي إذا اختلف هواه منعهذلك كثيراً‏ من العدل فليكن أمر الناسعندك يف احلق سواء فإنه ليس يف اجلورعوض عن العدل«.‏ويوصي األشتر يف عهده التارخيياخلالد عندما واله مصر من ضمن وصاياه:‏‏»وإياك واإلستئثار مبا الناس فيه أسوة فعماقليل تنكشف عنك أغطية األمور وينتصفمنك للمظلوم«.‏ويأتي إليه عقيل بن أبي طالب وقدافتقر أشد الفقر وتغيرت وجوه أوالده مناجلوع ليطلب من أخيه صاعاً‏ من القمحفيصف لنا أمير املؤمنين هذا املوقف يفخطبته فيقول :‏»واهلل ألن أبيت على حسك السعدانمسهداً‏ أو أجر يف األغالل مصفّ‏ ‏داً‏ أحب إليمن أن ألقى اهلل ورسوله يوم القيامة ظاملاً‏لبعض العباد وغاصباً‏ لشيء من احلطاموكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إىل البلىقفوهلا ويطول يف الثرى حلوهلا واهلل لقدرأيت عقيالً‏ وقد أملق حتى استماحي منبركم صاعاً‏ ورأيت صبيانه شعث الشعورغرب األلوان من فقرهم كأمنا سودتوجوههم بالعظلم وعاودني مؤكداً‏ وكررعليّ‏ القول مردداً‏ فأصغيت إليه مسعي فظنأني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً‏ طريقيفأمحيت له حديدة ثم أدنيتها من جسمهليعترب بها فضج ضجيج ذي دنف من أملهاوكاد أن حيترق من ميسمها فقلت لهثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدةأمحاها إنسانها للعبه وجترني إىل نارسجرها جبارها لغضبه أتئن من األذى والأئن من لظى«.‏ويأتي إليه األشعث بن قيس بهدية،‏ هييف احلقيقة رشوة أراد منها حتقيق غرضدنيوي كان يف نفس األشعث اإلنتهازيةفقال،‏ عليه السالم:‏‏»وأعجب من ذلك طارق طرقنا مبلفوفةيف وعائها،‏ ومعجونة شنئتها،‏ كأمناعجنت بريق حية أو قيئها فقلت:‏ أصِ‏ لة أمزكاة أم صدقة ؟ فذلك حمرم علينا أهلالبيت..‏ فقال:‏ ال ذا وال ذاك،‏ ولكنها هدية.‏فقلت هبلتك اهلبول..!‏ أعن دين اهلل أتيتنيلتخدعني؟ أخمتبط أنت أم ذو جنّة؟ أمتهجر؟ واهلل لو أعطيت األقاليم السبعة مباحتت أفالكها على أن أعصي اهلل يف منلةأسلبها جلب شعرة ما فعلته وإن دنياكمعندي ألهون من ورقة يف فم جرادةتقضمها.‏ ما لعلي ولنعيم يُفنى ولذة ال تبقىنعوذ باهلل من سبات العقل وقبح الزلل وبهنستعن(.‏ويأتي إليه عبد اهلل بن زمعة وهو منشيعته يطلب منه ماالً‏ فقال له:‏‏»إن هذا املال ليس لي وال لك،‏ وإمناهو فيء للمسلمن وجلب أسيافهم،‏ فإنشركتهم يف حربهم كان لك مثل حظهموإال فجناة أيديهم ال تكون لغير أفواههم«.‏ويقول من خطبة له:‏‏»من استهان باألمانة ورتع يف اخليانةومل ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحل بنفسهالذل واخلزي يف الدنيا وهو يف اآلخرة أذلوأخزى وإن أعظم اخليانة خيانة األمةوأفظع الغش غش األئمة«.‏وخيطب يف الناس فيقول من بعضخطبته:‏ ‏»و أللفيتم دنياكم هذه أزهد عنديمن عفطة عنز«.‏ويدخل،‏ عليه السالم،‏ بيت املال يفالبصرة بعد انتصاره يف حرب اجلمل،‏ فنظرإىل كثرة ما فيه من الذهب واألموالوالنفائس فقال:‏‏»غري غري«‏ مراراً..‏وعند خروجه من البصرة قال:‏‏»ما تنقمون مي وأشار إىل قميصه واهللانه من غزل أهلي.‏ ما تنقمون مني يا أهلالبصرة وأشار إىل صرة يف يده فيها نفقتهواهلل ما هي إال من غلتي يف املدينة وإنخرجت عنكم بأكثر مما ترون فأنا عند اهللمن اخلائنين«.‏ومن خطبة له،‏ عليه السالم:‏‏)أال وإن إمامكم قد اكتفى من دنياهبطمريه ومن طعمه بقرصيه،‏ أال وإنكمال تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورعواجتهاد وعفة وسداد،‏ فواهلل ما كنزت مندنياكم ترباً‏ وال ادخرت من غنائمها وفراً‏وال أعددت لبالي ثوبي طمراً‏ وال حزت منأرضها شرباً‏ وال أخذت منه إال كقوت أتاندبرة وهلي يف عيي أوهى من عفصة مقرة«.‏‏»هيهات أن يغلبي هواي ويقودني جشعيإىل ختر األطعمة ولعل باحلجاز أو اليمامةمن ال طمع له يف القرص وال عهد له بالشبعأو أبيت مبطاناً‏ وحولي بطون غرثى وأكبادحرى أو أكون كما قال القائل:‏وحسبكَ‏ داءً‏ أن تبيتَ‏ ببطنةٍ‏ وحولكَ‏أكبادٌ‏ حتنُّ‏ إىل القدِّ‏أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أميراملؤمنين،‏ وال أشاركهم يف مكاره الدهر أوأكون أسوة هلم يف جشوبة العيش.‏ فماخلقت ليشغلي أكل الطيبات كالبهيمةاملربوطة همها علفها...«‏‏»إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربكقد انسللت من خمالبك وأفلت من حبائلك«.‏‏»اعزبي عني فوا اهلل ال أذل فتستذلّييوال أسلس لك فتقوديني«.‏هذه هي سياسة احلق والعدل والنبل..‏سياسة علي بن أبي طالب،‏ عليه السالم،‏وهذه هي نفحة من نفحات نهج البالغةوقبساً‏ من هديه الذي حاد عنه املسلمونفتاهوا بغياهب الظلم وابتلوا بوالة اجلوروحكام الضالل.‏


ِ* كريم املوسويعاقة احلركة اإلسامية بالسلطة السياسة يف بلداننا،‏وسمت بالشائكة أو املأزومة،‏ أو امللتبسة،‏ واملحصلة؛ تبقى أحدالعقد املستعصية عى احلل مع كثري من العقد التي تثقل بادنااإلسامية مما يؤخر من تقدمها وانطاقتها يف ركب احلضارة.‏إن كثرياً‏ من أزماتنا املستعصية - ومنها هذا املوضوع-‏ هيأزمات عندما تسكن يف بادنا،‏ لكنها يف الباد املتحرة،‏ نراهاتذوب وال تعد أزمة،‏ وهذا بسبب حالة التخلف واالستبداداملستحكم عندنا.‏وكثري مما يُعاب عى التشيّع يف عامل التخلف واالنحطاط،‏ما لو وزنته يف عامل التحر لكان من مفاخر التشيّع،‏ و مدعاةالفتخار الشيعة،‏ منها النظام اإلداري أو ما يسمى باملرجعيةالدينية.‏ومثال ذلك ما يثريه البعض من التشكيك بوالء الشيعةلبلداهنم،‏ او احتجاجهم عى الشيعة بالعمل السيايس والثقايفيف باد األكثرية السنيّة،‏ فخطر يل أن لو تم نقل هذا التصورواالعتقاد،‏ اىل مؤسسات املجتمع املدين يف الدول املتحرة،‏لكان رد الفعل آالف عامات التعجب واالستنكار ألهناختالف أوليات احلقوق املدنية لإلنسان،‏ ألهنم بالتأكيديتحدثون عن التعاطف الفكري دون السيايس،‏ولو عنوا بالوالء السيايس فريجع السؤال عليهم:‏ومل َ تبحث فئة عريضة من املجتمع عن الوالءاخلارجي؟ أليس بسبب خطأ النظام السيايسالداخي وظلمه،‏ وبالتايل هو أحق باللوم والعتبوالتشنيع؟الفكر الشيعي ‏-إمجاالً-‏ أكثر تقنيناً‏ وأكثرالتباساً،‏ يف آن،‏ مقارنة بالفكر السني،‏ فالفكر السنّي،‏كونه مذهباً‏ إسامياً‏ نشأ يف قصور اخلافة،‏ وبالتحصيلكانت السلطة ‏-واستمرت-‏ حتت شعار ‏»ويل األمر«،‏املفروض الطاعة وله األسبقية يف التنفيذ يف حالالتعارض انطاقاً‏ من اقران طاعته بطاعة الل والرسول،‏و استناداً‏ اىل قول البارئ - عز وجل-:‏ ‏}يا أَيُّ‏ ‏َا الَّذِ‏ ينَ‏ آَمَ‏ نُوا‏ِنْكُمْ‏ {، أما الفكرأَطِيعُوا اهللََّ‏ وَ‏ أَطِيعُوا الرَّ‏ سُ‏ ولَ‏ وَ‏ أُولِ‏ األْ‏ ‏َمْ‏ رِ‏ مالشيعي املحكوم باإلمامة،‏ ذو املواصفات الكاملة،‏ فقد بدأتأزمته مع السلطة يف الساعة األوىل ملواراة الرسول األكرم،‏صى الل عليه وآله،‏ الراب،‏ ألنه أصبح يف صف املعارضةحينا طالب باحلكم للمعصوم،‏ وانطلقت من هناك تسمية‏»الروافض«،‏ وغريها عليهم.‏إن معيار الوالء يف بلداننا ملتبس،‏ والسبب أن السلطةالسياسية - وقل احلاكم-‏ هو األصل وليس الوطن،‏ وخيُ‏ ترالوطن يف فرد واحد أو عائلة،‏ وبالتايل عند احلديث عن الوالءفاملطلوب الوالء للرئيس أو امللك،‏ ومطالب املواطن بالتعزيةإذا رحل األول وكتابة التريكات للثاين إذا جلس عى الكريس.‏وعندما يتم فصل الوطن عن احلاكم - وهي رضورة قاطعة-‏يكون حب األوطان والعمل من أجلها والتضحية يف سبيلهاوالدفاع عنها إياناً،‏ ومطالبة البعض الشيعة يف الذوبان يفبلداهنم مقبولة إذا كان القصد الوطن وليس النظام السيايسبكل سوءاته.‏هذه النظرية تأصلت يف الفكر السني ومل تعد طارئة أوحمكومة بعنوان ‏»الرورة«،‏ أو‏»االضطرار«‏ كا يف الفقه الشيعي،‏ وإال باذا نفرس السكوتاملريع وعدم التحرك أمام االستبداد والديكتاتورية طيلة العقوداملاضية،‏ حتى جتمدت حركة التنمية يف بلداننا وسقطت يفوحل التخلف واحلرمان؟إن تركيب نظرية ‏»ويل األمر«‏ عى احلاكم هي أكثر النظرياتالتي تغلغلت يف الفكر اإلسامي ختلفاً‏ وخطورة،‏ ألهنا نظريللدكتاتوريات مبسوطة اليد،‏ وقد شلّت احلياة السياسية يفوطننا اإلسامي عقوداً‏ من الزمن،‏ ونقلته من أزمة إىل أخرى،‏يف جو من الراعات واالنقابات،‏ واحلل يكون بنسفالنظرية التي تقول أن احلاكم هو ‏»ويل األمر«،‏ وأخطرمنها نظرية تسمية احلاكم ‏»أمري املؤمنن«،‏ مادام قدتربع عى العرش بأي طريق كان،‏ دون موازين عقائيةورشوط الكفاءة والدين والتي خيترها الل يف كتابهالعزيز ب ‏»التقوى«‏ يف قوله تعاىل ‏}إن أكرمكمعند اهلل أتقاكم{،‏ كا تأطرت يف الفكر الشيعييف نظام ‏»املرجعية«،‏ ويكون التعامل مع احلاكمحتت عنوان ‏»احلكومة«،‏ كا ورد تفصيله يف الفقهاإلسامي دون إلزام الوالء والعبودية والبنوّ‏ ة.‏فاحلكومات تأيت لتكون سلطة تنفيذية ليسإال،‏ وليس أي عنوان أكر من هذا،‏ وهلا مهمة حمدودةبزمن،‏ فإن نجحت يف مهمتها تبقى،‏ وإال فعليها الرحيللتحل حملها من هي خري منها وأكثر قدرة عى خدمة هذااملجتمع،‏ فا أسهل رحيل احلكومات يف الدول املتقدمة،‏وما أعقدها من مسألة يف دولنا.‏ بل قد يقف البلد عىأطراف أقدامه يف حال رحيل الرئيس،‏ واألمة كلها تعيشالقلق واالضطراب،‏ فبعض بادنا من أجل تغيري احلاكمجيب أن يتعبأ حلف عسكري ضخم مثل ‏»ناتو«‏ إلزاحةشخص مثل ‏»القذايف«‏ عن السلطة.‏أليس السبب يف هذا هو هذه النظرية األموية املشؤومة؟وإال فادام احلاكم هو ويل األمر فهل نلوم املتصارعن عىالعرش - اخلليج مثاالً-‏ وهم يفكرون ليل هنار يف الطريقة التييصلون فيها اىل قمة السلطة،‏ حتى وإن سالت يف الطريق أهنارمن الدماء.‏51


اسوة حسنةالقاسم - عليه السالم-‏مرقد شامخ و رمزللصبر والتحديمتكن مبفرده أن يستعيد ما سلبه الغزاة من احليبعد ان قاتلهم وشتت جمعهم،‏ إذ وقعت احلادثة بغيابرجال احلي واستنجاد النسوة بالقاسم،‏ عليه السالم* إعداد / أمد عيل الربيعيمن أبواب احلوائج املعروفة واملشهورة،‏ومن الرجال الذين صدقوا وعدهم هللتعاىل،‏ ومضوا على سيرة آبائهم،‏ حاملينراية ‏»ال إله اال اهلل حممد رسول اهلل عليولي اهلل«،‏ متأسّ‏ ‏ين مبصاب جدهم احلسين،‏عليه السالم،‏ انه السيد اجلليل سليل العرةالطاهرة،‏ القاسم بن االمام موسى بن جعفر،‏عليهما السالم،‏ االخ الشقيق لالمام الرضا،‏عليهم افضل الصالة والسالم.‏ ويف هذااحليّز،‏ حناول ان نلقي نظرة عن حياة االمامالقاسم،‏ عليه السالم،‏ واملدينة التي مسُ‏ يتبامسه،‏ والتي اصبحت من املدن املهمة يفحاضرة العراق العراق.‏ولد اإلمام القاسم عام ‎150‎ه يف املدينىةاملنورة.‏ عاصر خالل حياته الشريفة أربعةمن خلفاء بني العباس وهم املنصور،‏ املهدي،‏اهلادي و الرشيد،‏ وأُمّ‏ ‏ه،‏ أُمّ‏ ولد ، تكنّى بأُمّ‏البنين .* ‏»خرج منها خائفاً‏ يرتقّب«‏وملا كان العتاة،‏ من بني العباس،‏معروفين ببطشهم وشدة وطأتهم علىرجال البيت العلوي،‏ وألنهم ضاقوا ذرعاً‏بوجود اإلمام ملا ميثل من امتداد للنبوةومعدن للحكمة ومنهل للعلم وأبوة ورمحةللمؤمنين،‏ فقد تعقبوا العلويين للتخلصمنهم بأية طريقة كانت،‏ مما دفع األئمة،‏عليهم السالم،‏ التباع نهج التخفّ‏ ي والتمويهباالستعانة بأبنائهم غير املعصومين منالذين يرادفونهم علماً‏ وتقوى إلخفاءاإلمام املعصوم،‏ حفاظاً‏ على الوجود الكونيبرمته،‏ بناءً‏ على احلديث الشريف عن اإلمامالصادق،‏ عليه السالم:‏ ‏»لوال وجود اإلماملساخت األرض بأهلها«،‏ وهكذا فقد انتشرأوالد اإلمام الكاظم،‏ عليه السالم،‏ يف بقاعاألرض للتمويه على شخص اإلمام الرضا،‏عليه السالم،‏ ويف مقدمتهم اإلمام القاسم،‏عليه السالم،‏ املعروف بغزارة علمه ورجاحةحلمه وشدة ورعه إضافة لكونه األخ الشقيقالوحيد لإلمام الرضا عليه السالم منالذكور.‏هاجر اإلمام القاسم عليه السالم منمدينة جده املصطفى،‏ صلى اهلل عليه وآله،‏صوب العراق مع القوافل التجارية التيفارقها عند مشارف الكوفة ليسير مبحاذاةنهر الفرات قاطعاً‏ املسافات الطوال،‏ تاركاً‏كل قرية أو مدينة مير بها حتى وصل إىلمنطقة ‏»سورى«،‏ إذ وجد بنتن تستقيان املاء،‏فقالت إحداهن لألخرى:‏ ‏»ال وحق صاحببيعة الغدير..‏ ما كان األمر كذا وكذا...«!‏فسره مساع هذا القسم،‏ وتقدم باستحياءليسأل التي أقسمت:‏‏»من تعنين بصاحب بيعة الغدير«؟فأجابته:‏انه سيدي وموالي أمير املؤمنين عليبن أبي طالب،‏ عليه أفضل الصالة والسالم.‏عندها أطمأن قلبه وهفت نفسه ألهلهذا احلي الذي يسمى ‏»بامخرا«،‏ نسبة اىلكثرة مخار الطين،‏ وهو التراب املخلوطباملاء والتبن املستخدم يف البناء وامللج.‏طلب القاسم،‏ عليه السالم،‏ من البنتصاحبة القسم ان تدله على مضيف رئيساحلي،‏ فاستجابت لطلبه قائلة:‏ ‏»إن رئيساحلي هو أبي..«،‏ والذي رحب به،‏ وأحسنضيافته،‏ وانتظر القاسم،‏ عليه السالم،‏ حتىمضت ثالثة أيام فبادره بقوله:‏يا عم..!‏ ما عبد اهلل بأفضل من العمل،‏


اسوة حسنةأنكر القوم على تزويجه ألنهم مل يعرفوا له حسبًاونسبًا،‏ لكن والد الفتاة مل يكرتث العرتاضهم فمضى يفقراره بتزويج القاسم من إحدى بناته،‏ ملا رأى فيه من أخالقرفيعة و ورع وتقوىفهال وجدت لي عمالً‏ يكون لي مغنماً؟ فقدطاب لي العيش بين ظهرانيكم.‏أبدى الشيخ استعداده الستضافةالقاسم،‏ عليه السالم،‏ مدى عمره،‏ إال انهأمام إصراره،‏ عليه السالم،‏ طلب إليه أنخيتار عمالً‏ بنفسه،‏ عندها اختار أن يكونساقياً‏ للماء،‏ ملا يف سقاية املاء من أجر عظيم،‏وملا للماء من أهمية يف احلياة.‏ فجذب اإلمامالقاسم،‏ عليه السالم،‏ بورعه وتقواه وعبادتهوعلمه أنظار اهل احلي ويف مقدمتهمرئيسهم الذي يوليه اهتماماً‏ بالغاً،‏ وكانكلما تفقده ليالً‏ وجده صافاً‏ قدميه قائماً‏قاعداً،‏ راكعاً‏ ساجداً،‏ ونوره ساطع اىل عنانالسماء،‏ ثم انه ميضي نهاره صائماً‏ غالباأليام ، لذا استقر يف نفسه أن يزوجه إحدىبناته،‏ فعرض األمر على قومه فأنكروا عليهذلك ألنهم مل يعرفوا له حسباً‏ ونسباً،‏ إذ إنالقاسم،‏ عليه السالم،‏ مل يعرفهم بنفسهسوى انه ‏»الغريب«،‏ ومل يوقفهم على نسبهالشريف خمافة بطش السلطة الغامشة.‏فلم يكترث الشيخ العتراض قومه فمضىيف مشيئته ليعرض أمر الزواج على القاسم،‏عليه السالم،‏ فاستجاب،‏ عليه السالم،‏لعرض الشيخ مفضالً‏ البنت صاحبة القسمالتي دلته على مضيف أبيها يوم قدومهاحلي،‏ وبهذا تشبه قصة االمام القاسم،‏ عليهالسالم،‏ قصة نيب اهلل موسى،‏ عليه السالم،‏يف خروجه متخفياً‏ اىل األرض التي كانفيها نيب اهلل شعيب،‏ عليه السالم،‏ ولقائهالبنتين عند سقاية املاء،‏ والداللة على البيتثم الزواج من إحداهن .* الشجاعة اىل جانب األخالقجتتمع الروايات تقريباً‏ على عدم وجودعقب للقاسم،‏ عليه السالم،‏ من الذكورفيما تشير أخرى إىل انه أعقب بنتاً‏ امسها‏»فاطمة«.‏ظهرت من االمام القاسم،‏ عليه السالم،‏كرامات وصفات مل جتتمع لشخص خاللوجوده يف احلي،‏ فقد وفرت مياههم،‏ وزادتحماصيلهم،‏ وبورك يف جمهودهم،‏ إضافةإىل ما متتع به،‏ عليه السالم،‏ من حسنمشائل وطيب معشر ومسو أخالق وغزارةعلم أفاضت على أهل احلي .وخالل وجوده يف تلك البلدة،‏ سجّ‏ لالقاسم،‏ موقفاً‏ شجاعاً‏ أثبت أصالتهوجذوره العلوية الي تدفعه ملناصرة املظلومومقارعة الظامل.‏ فقد حصل أن تعرضاحلي الذي يسكنه اىل حماولة غزو وسلبونهب من قبل لصوص وقطاع طرق،‏ ومتكنمبفرده أن يستعيد ما سلبه الغزاة من احليبعد ان قاتلهم وشتت مجعهم،‏ إذ وقعتاحلادثة بغياب رجال احلي واستنجاد النسوةبالقاسم،‏ عليه السالم،‏ الذي تبع الغزاةواسترجع ما بأيديهم لتقص النساء ما حدثللرجال عند عودتهم وما كان من شجاعتهوخنوته فاكربوا مقامه وأجلّوا شخصهأكثرمرض القاسم مرضاً‏ شديداً‏ فأحضرعمه وأخذ يوصيه بوصاياه،‏ وقال:‏ اذا أنا متفادفني يف حجرتي هذه وأجعل على قربيعلماً‏ خضراً،‏ هذه الكلمة أثارت الرجل،‏ فقاليف نفسه:‏ آن األوان ألن ختربني؛ من أنت؟فقال:‏ يا عم اذا كنت تسأل عن حسيبونسيب،‏ أنا القاسم ابن موسى بن جعفر،‏عليهما السالم،‏ فجعل الرجل يضرب رأسهوهو يقول«‏ وا حيائي من أبيك االمام موسىبن جعفر..!‏فأوصاه بابنته،‏ اذا صار موسم احلجحتج أنت وزوجتي وتأخذ طفلتي معكوتصل اىل املدينة انشاء اهلل ورسم له املوقعملنزل أهله وقال ان يف تلك الدار أمي فأنزلابنتي فستدرج وتعرف طريقها.‏تويف القاسم،‏ عليه السالم،‏ هناكمظلوماً‏ غريباً،‏ وقد نفّ‏ ذ عمّ‏ ‏ه الوصية،‏ وبنىعلى قربه قبّة،‏ ونصب عليها علماً‏ أخضراً.‏وتشير املصادر التارخيية أن وفاته،‏ عليهالسالم كانت يف أوائل شهر ذي احلجةعام 190 للهجرة،‏ أي يف نهاية خالفة هارونالعباسي،‏ وسافر عمّ‏ ‏ه ألداء مناسك احلج،‏وأخذ حفيدته معه ‏)ابنة القاسم(،‏ ومنهناك لينفذ وصية القاسم،‏ عليه السالم،‏بأن يوصل ابنته اىل أهله يف املدينة.‏ وكانتطوال الليل وطوال الطريق،‏ تأن وحتنوتتذكر أباها،‏ فلما دخل املدينة وتوجهاىل دور بني هاشم،‏ وصل اىل باب دار عالية،‏فسأل:‏ ملن هذه الدار؟ قالوا:‏ هذه دار ختصأوالد و ذراري رسول اهلل،‏ صلى اهلل عليهوآله،‏ ولكن ما فيها إالّ‏ أرامل وأطفال،‏ فبعد53


اسوة حسنةأن طرق الباب،‏ فُ‏ تحت له،‏ عندها أنزلالطفلة،‏ فأخذت تدرج وتدلف اىل داخلالدار،‏ فاجتمعن النساء حوهلا،‏ فجاءت أمالقاسم،‏ عليه السالم،‏ وجعلت تتطلع اىلمشائلها وعلمت من خالل مشائلها،‏ أنها ابنةولدها القاسم.‏ وهكذا تتكرر حادثة أخرىمن تاريخ االنبياء مع هذا السيد الزكيوالولي الصاحل.‏ فكما استشعر نيب اهلل يعقوبريح ابنه يوسف من قميصه،‏ استشعرت أمالقاسم،‏ ريح ابنها من خالل ابنته.‏أصبح بعد ذلك قرب القاسم مزاراً‏ حيكيمعاناة هذا السيد املظلوم،‏ وقد ظهرت يفقربه الكثر من الكرامات دونها بعض الكتابيف مؤلف خمتصر،‏ ويف هذا االطار هناكقصيدة مجيلة للخطيب الشيخ حممد علياليعقوبي وكانت له حاجة وقضيت بربكةالسيد املظلوم،‏ القاسم بن االمام موسى بنجعفر،‏ والقصيدة طويلة:‏يا سعد دع ذكر االوىل قد أغضبواأمحد يف عرتته ملا مىضفيا بنفي وبأهيل أفتديسليل موسى وأخ املوال الرضاالقاسم الندب الذي يف وجههسنا النبي والويص قد أضاذاك الذي فيه ويف آبائهمجيع حاجات البايا تقتىضمل أنسه يف كل حي خائفاً‏مل ير إال شانئاً‏ ومبغضاً‏حتى قىض ما بن قومما دروا انه ابن فاطم واملرتىض* مدينة القاسم والروضة املقدسةناحية القاسم من النواحي املهمةوتتبع يف التقسيمات االدراية اىل حمافظةبابل،‏ وتقع يف منتصف الطريق بين مدينةالديوانية واحللة،‏ حيدها مشاالً‏ قرية‏»املعيميرة«‏ وشرقاً‏ ناحية ‏»املدحتية«،‏ وغرباً‏ناحية ‏»الكفل«،‏ ويبلغ عدد نفوسها )200( الفنسمة.‏ سكن مدينة القاسم يف أواخر العهدالعثماني أسر قليلة ثم توسعت يف العهدامللكي،‏ واخذت بالتوسع يف العهد اجلمهوريحتى وصلت اىل ما هي عليه يف الوقتاحلاضر.‏أما عن عمارة املرقد الشريف،‏ فقد مرّ‏مبراحل متعددة يذكرها الباحث حممدعلي حمي الدين،‏ حيث يذكر اىل اناملصادر التارخيية مل تشر اىل تأريخ العمارةاالوىل للقرب الشريف،‏ وال نعلم عن طرازهاوطريق بنائها ، أما العمارة الثانية فكانتيف القرن الرابع اهلجري،‏ وامتد بقاؤهاحتى القرن اخلامس اهلجري ‎447-334‎ه يفالعهد البويهي،‏ وهي العمارة الي أشار اليهاالعالمة جواد شرب.‏اما العمارة الثالثة فقد كانت عمارةالقرن السادس،‏ وبقيت حتى القرن السابع، ذلك أن مشهد القاسم،‏ عليه السالم،‏ كانمشيداً‏ قبل العهد الصفوي،‏ وقد أقامتحوله جمموعة من االسر العلوية،‏ لعلهامن بقايا اهل ‏»بامخرا«‏ والعمارة الرابعة يفالقرن التاسع امليالدي،‏ يف العهد الصفويسنة ‎914‎ه ويصف لنا الشيخ حممد حرزالدين،‏ العمارة التي وقف عليها سنة ‎1325‎هويعود عهدها اىل اواخر القرن الثالث عشراهلجري فيقول:‏ كان ملرقده الشريف حرماً‏مسيك الدعائم ضخم البناء متوسط السعةواالساطن اىل جنبه رواق للزائرين عليهقبه بيضاء،‏ وكان فوق قربه شباكاً‏ خشبياً‏أثري الصنع.‏ ويف عصرنا احلاضر،‏ وحتديداً‏يف سنة ‎1325‎ه تصدى العامل اجلليل السيدحممد،‏ جنل العامل اجلليل السيد مهديالقزويني،‏ إلصالح احلرم و إنشاء شباكجديد مكسو بالفضة ببذل من الشيخ خزعلالكعيب امر والية ‏»عربستان«‏ ويف سنة 1341 ه/1922 م بني حول املرقد صحن واسع كبرفيه الغرف وامامها أواوين لتكون مأوىللزائرين والوفود،‏ وكان بناؤها من اموالمجعتها القبائل اجملاورة للمرقد لغرضسد الغرامات امللقاة عليهم من السلطةاحلاكمة بعد فشل ثورة العشرين،‏ ملا عدلتالسلطة عن اخذها أمجع رأيهم على صرفهايف بناء هذا الصحن الكبر للمرقد الشريف.‏ويف سنة 1341 ه/‏‎1949‎م كُ‏ سيت القبةالبيضاء بالقاشاني االزرق بسعي من احلجةالشيخ قاسم حمي،‏ الذي كان وكيالً‏للسيد ابي احلسن االصفهاني يف املدينة،‏وقد سعى حينها اىل شراء ماكينة لتوليدالكهرباء خاصة باملرقد الشريف ، واىل اعمالاخرى ختدم احلرم املطهر وزائريه .ويف سنة 1380 ه / ‎1960‎م أمر املرجعالديني الراحل السيد حمسن احلكيم -قدسر سره-‏ بتأسيس مكتبة عامة يفالصحن الشريف وهي أول فرع من فروعمكتبته العامة يف النجف االشرف،‏ وكانوكيله يف املدينة السيد حممد تقي اجلالليالذي بسعيه شيدت حسينية كبيرة يفاجلانب الغربي الشمالي من الصحن ومتايضا حتويل ما بقي من خان الوقف اجملاورللصحن،‏ اىل حوزة دينية لرواد العلموالفضيلة،‏ فازدهرت يف عهده ، وكثر فيهاطالب العلوم الدينية،‏ لكن جاء اليوم الذيتطبق فيه السلطة البعثية الغامشة على هذاالنشاط احلضاري والعلمي،‏ وتعتقل السيداجلاللي ثم حتكم عليه باالعدام،‏ مما أسفرعن اغالق احلوزة ، وتفرق طلبتها.‏ويف أواسط التسعينات كانت هناكجهود لبعض االخيار لتطوير الصحنواملرقد الشريف،‏ منهم احلاج حسين عبودوكاظم عمّ‏ اش الذين قاموا جبمع التربعاتواالشراف على اعمال البناء ، وتوسع العملتوسعاً‏ كبيراً،‏ وبنيت قبة كبيرة كُ‏ سيتبالذهب .ويبقى االمام القاسم مالذاً‏ آمنا تهوىاليه قلوب املؤمنن،‏ فهو سليل لعرة طاهرة.‏كيف ال..‏ وهو حبق خر خلف ألطهر سلف،‏و هو الذي قال فيه االمام الرضا عليه السالم:‏‏»من مل يستطيع زيارتي،‏ فليزر أخي القاسم«.‏


اسوة حسنةالمزارات الشيعية .. العِ‏ برة والعَ‏ برة* عيل جوادتنتر يف أرجاء العامل االسامي مزارات ومشاهد متثلحلقات مضيئة من تارخينا،‏ حيث ختتزل يف مكان واحد،‏املواجهة املحتدمة بن احلق والباطل،‏ وبن الفضائل والرذائل.‏وعندما نجد القلوب هتفو اىل هذه األماكن،‏ نعرف أن االنتصارواضح للحق والفضيلة،‏ لذا فان الزائر الذي حيمل مشكلة أرسيةواجتاعية تضيّق عليه صدره وتعكّ‏ ر مزاجه،‏ جيد أنه يقف أمامحلول عديدة بفضل تلك القيم واملفاهيم التي تضمها تلكاملشاهد.‏ كذلك اذا كان يعاين مشكلة مع النظام احلاكم،‏ فانه جيدنفسه منتراً،‏ النه - ببساطة - مظلوم وليس ظاملاً.‏ هذا فضاً‏عن احلاجات املستعصية التي يعجز عنها الطبيب واملحاميوحتى املال احياناً،‏ فتكون بعض هذهاملزارات بمنزلة املاذ األخري للكثريمن املحبن واملؤمنن لقضاء حوائجهموحتقيق أمانيهم.‏وعندما نجول بنظرنا عى اخلارطة،‏نجد أن باداً‏ بعيدة جداً‏ عن العراقوايران،‏ تضم مراقد ألوالد رسول اللصى الل عليه وآله،‏ او ألولياء صاحلن،‏من املقربن لأئمة املعصومن،‏ عليهمالسام،‏ مثال ذلك ‏»يب يب حكيمة«‏ يفمجهورية اذربيجان،‏ وهي شقيقة السيدة‏»فاطمة املعصومة«‏ ابنة االمام الكاظم،‏عليه السام،‏ او مرقد ‏»مالك األشر«‏يف االردن،‏ او املزارات واملشاهد املقدسةاملوجودة يف سوريا ولبنان.‏ كلها تؤرش عى قضايا عادلة ماتهؤالء دوهنا،‏ مما يشجي النفوس ويعتر القلوب ويستدرالدموع.‏ واذا كنّا عى هذه احلالة فيا مى من الزمن،‏ حيثنستذكر تلك املواقف البطولية واملاحم التي سطروها أماماالعداء،‏ قبل أن يقضوا نحبهم يف مواجهة غري متكافئة،‏ فنحناليوم يف وضع آخر عندما نزورهم ونستذكرهم،‏ فقد تضاعفاألسى مرات عديدة،‏ السباب أمهها؛ ظهور امتداد حلقبة الظلموالطغيان واالنحراف األموي والعبايس متمثاً‏ يف اجلاعاتالتكفريية واالرهابية الدموية،‏ التي جتد هذه املزارات بمنزلةاملنطلق الذي تصدر منه رشارة االنفجار يف وجوههم،‏ لذاحياولون إبعاد الناس عنها بمختلف االساليب،‏ سواءً‏ بالرهيبأو النسف والتدمري،‏ او نر االكاذيب والتشكيكات حوهلا.‏مع عدم معارضتنا أليجتميل وتوسعة للمراقدواملزارات املقدسة بحيثتخدم الزائر وجتعله مكتفيًامن الناحية اخلدمية،‏ لكنيجب أن ال ننسى أننا أمامدروس وعرب تاريخية،‏ تفيدحلاضرنا ومستقبلناوالسبب اآلخر يعود الينا نحن،‏ وليس الغرباء من خارجالبيت الشيعي.‏ هو عدم االهتام واجلدّ‏ ية هبذه املزارات،‏ بلعدم إدراك امهيتها و ابعادها احلضارية يف حياة األمة.‏ ولعلاألخطر يف األمر ان يتصور البعض أن الصحيح لديه هو حرهذه املزارات يف إطار ‏»السياحة الدينية«،‏ فإن كانت ثمة فائدةترجتى - حسب هذا التصور-‏ فهي يف حتويلها اىل مناطق جذبسياحي،‏ كأن تشيّد حوهلا احلدائق الغنّاء،‏ واملطاعم والفنادقواملسابح وحتى صاالت االحتفال...!‏ ثم يكون املرقد وسطهذا الصخب السياحي،‏ مثل حتفة تارخيية مجيلة،‏ تصلح اللتقاطالصور التذكارية!‏ومع عدم معارضتنا ألي جتميل وتوسعة للمراقد واملزاراتاملقدسة بحيث ختدم الزائر وجتعله مكتفياً‏ من الناحية اخلدمية،‏لكن جيب أن ال ننسى أننا امام دروسوعر تارخيية،‏ تفيد حلارضنا ومستقبلنا،‏فاملراقد التي حتمل قصصاً‏ وحكاياتشجيّة ومثرية،‏ مثل قصة ‏»أوالد مسلم«،‏أو قصة ‏»سعيد بن جبري«،‏ أو قصة ‏»حجرابن عدي«،‏ أو قصص أوالد األئمةاملعصومن املنترة مراقدهم يف ايرانوالعراق،‏ ال جيب أن تنحر يف هذااالطار الضيق والعاطفي،‏ إنا متتد يفالعقول واالذهان،‏ ليتدبر يف أمرها الزائر،‏ويسأل نفسه عن السبب الذي دفعهؤالء ألن يواجهوا الظلم والطغيان،‏وربا البعض منهم،‏ مات ومل يواجهالسلطة بشكل مبارش،‏ مثل ‏»عبد العظيماحلسني«‏ املدفون يف منطقة ‏»ري«‏ جنوب طهران،‏ فا الذي أتى بهمن املدينة اىل ايران،‏ ليستقر يف ‏»ري«،‏ وحسب املصادر التارخيية،‏فان هذا السيد اجلليل،‏ مل يمض سوى أربعن يوماً‏ يف ‏»ري«‏ قبلأن توافيه املنية ويدفن هناك.‏هذه املعلومات والتفاصيل لن تنتظم إال بوجود موسوعةمعرفية متكاملة عن املزارات الشيعية يف العامل أمجع،‏ ترف عليهمؤسسة عاملية تأخذ عى عاتقها تدوين وتنظيم ثم نر سرية حياةهؤالء األولياء الصاحلن بن اوساط األمة،‏ بل والعامل بأرسه،‏وذلك باالستفادة من أحدث الوسائل الفنية والتقنية،‏ ليعرفالعامل أن هنالك أناساً‏ ضحوا براحتهم و بأمواهلم وحياهتممن اجل أن يبقى اآلخرون بعيدين عن التضليل واالنحرافواجلهل.‏55


قراءة في كتاب:‏المنتقى من تفسيرمن هدى القرآنإعداد / هيأة التحريرصدر حديثاً‏ عن دار احلجة البيضاءيف بريوت كتاب ‏»املنتقى من تفسريمن هدى القرآن«،‏ ملؤلفه ساحة آية اللالعظم ى الس يد حمم د تق ي امل دريس - دامظله-،‏ والواقع يف ستة أجزاء من القطعالكبري.‏يف البدء،‏ تطل عى القارئ الكريمواملتصفح للجزء االول من هذا املنتقىالتفسريي،‏ مقدمة،‏ خطها يراع ساحةاملؤلف،‏ وهو حيلق بكلاته الطيبة يفاآلفاق البعيدة آليات الل قائاً:‏ ‏»القرآننور يف القلب،‏ وهدى عى الدرب،‏وسلطان ملن اعتمده،‏ وأمان ملن جلأ إليه،‏وصاح ملن إنتهجه،‏ وفاح ملن عملبه،‏ و وسيلة قربى من رب العاملن«.‏ثم يضع ساحته ملساته الطيبة لتعريةثقافة ‏»اهلجر«‏ القرآين من قبل أغلباملس لمن،‏ بالق ول:‏ ‏»وعندم ا هج ر أغل باملسلمن بصائر القرآن وحقائقه،‏ رانتقلوهبم،‏ واحتجبت عقوهلم،‏ وخارتعزائمهم،‏ وأحاط السبات بحضارهتم،‏وكان حظهم األكدى من الدنياواآلخرة«،‏ اال ان ساحته يستدرك منوهاً:‏‏»وإن هم شاؤوا النهضة بعد هذا الرقادالطويل،‏ واللحاق بركب التقدم يف احلياة،‏فا عليهم االّ‏ العودة اىل القرآن الكريملكي يتدبروا فيه،‏ و:‏أوالً:‏ يوقظوا به ضائرهم،‏ ويشحذوابآياته عزائمهم،‏ ويستنهضوا ببصائرهتطلعاهتم.‏ثانياً:‏ ثم يستثريوا عقوهلم ويستنريوابمناهجه سبل التفكر السليم.‏ثالثاً:‏ وليجعلوا من أحكامه حموروحدهتم ومرجع خافاهتم،‏ ويتخذوامن رشائعه أنظمة حياهتم،‏ ومن وصاياهمناهج أخاقهم،‏ ومن حكمه وعره روحجمتمعهم«.‏ثم يبن ساحته دواعي ‏»املنتقى«‏هذا بالقول:‏ ‏»وعندما وفقني الرب قبلحوايل عقدين من الزمن بالتدبر يف القرآنالكريم،‏ وأفاض سبحانه عيَّ‏ من بصائرهما سطرته يف موسوعة ‏»من هدى القرآن«‏وأستقبل برحاب من قبل املؤمنن،‏ دعاينالبعض إلختصاره با ال يرّ‏ بجوهر مافيه،‏ فقام بذلك بعض األخوة،‏ وها هوقد هتيأ للطباعة بفضل الل أوالً‏ ثم بجهوداألخوة الكرام«.‏اما قصته ‏»املنتقى«‏ وفكرة والدتهامليمونة،‏ يتحدث عنها ‏»مركز العر«‏للثقافة والنر يف بريوت،‏ والذي كانله الدور الكبري يف حتقيق هذا التفسرياجلديد،‏ قائاً:‏ انرى العلاء واملفكرونيكتب ون التفاس ري تل و التفاس ري م ن أج لتقريب القرآن اىل األذهان،‏ وقد رأىالبعض رضورة اجيازها لتتاح ألكررشحية ممكنة من القراء،‏ ومن مجلة هذهاملوسوعات التفسريية،‏ تفسري ‏»من هدىالقرآن«.‏ثم يوضح املركز قائاً:‏ عندها رحنانبحث عن طرق أخرى لاختصار،‏وقد قُدِّ‏ مت عدة مقرحات يف هذااخلصوص،‏ وقد اتفق اجلميع عىاقراح حيفظ التفسري من اإلخالبمحتواه ويصونه من االختزال،‏ وذلكباالبق اء ع ى أص ل التفس ري امل دوّ‏ ن حت تعنوان ‏»بينات من اآليات«،‏ من دون‏»بحوث متهيدية«‏ يف مقدمة التفسري،‏ اذيمكن للقارئ الكريم اذا أراد الرجوعإليها أن يطالع كتاب ‏»بحوث يف القرآنالكري م«،‏ للس يد املؤل ف،‏ ك ا وق د ألغين ا‏»اإلطار العام«‏ لكل سورة عن هذاالتفسري،‏ ونرجع القارئ اذا اراد االطّاععى حمتواه اىل كتاب ‏»مقاصد سورالق رآن الكري م«،‏ للس يد املؤل ف،‏ ك ا ت مإلغاء ‏»فضل السورة«،‏ اذ يمكن للقارئالكريم الوقوف عليها يف كثري من الكتباحلديثية والتفسريية.‏ومل يفت ساحة السيد املرجعاملدريس ان هيدي ثواب هذا ‏»املنتقى«‏ اىلروح زوجت ه الراحل ة ‏»أم صال ح«‏ - رمحه االل-‏ كا فعل يف موسوعة التفسري األوىل-‏حيث يقول ساحته:‏ ‏»أهدي ثواب كتايبهذا اىل روح زوجتي الوفية ‏»أم صالح«‏التي إختطفتها املنية يف شباهبا،‏ تقديراً‏ملساعدهتا إياي عى صعوبات احلياة،‏واسأل الل العي القدير أن يتغمدها برمحتهالواسعة«.‏‏»املنتقى«..‏ جدير بانتقائه من قبلرجال العلم واملعرفة وطاب التأملوالتدبر يف كتاب الل العزيز،‏ السيا وانهحافل با يقارب ال)‏‎500‎‏(‏ صفحة يف كلجزء من اجزائه الستة،‏ بالبصائر والرؤىالتغيريية يف مسرية هنضة األمة واعادةصياغة شخصية ابنائها من جديد.‏


بأقال مكمما بعد الزيارات المليونية* عيل دايش اخلفاجي - كربالء املقدسةالكثري من الزيارات املليونية يف كرباء املقدسة،‏نستقبلها واألخرى نودعها،‏ لكن ما الواجب علينا جتاهالتي نودعها وكأهنا متر مر السحاب؟ وما علينا جتاهالتي تُقبل علينا وهي حمملة بالدروس والعر ؟هناك الكثري من الذين حيُ‏ يون هذه الزيارات املليونية،‏والقليل ممن يستغلها عى أحسن وجه ممكن.‏ ولكنكيف متكن هؤالء من االستفادة الصحيحة منها؟ ثممل اذا يك ون هنال ك القلي ل مم ن متك ن منه ا؟ان سبب عدم استفادة البعض من هذه الزياراتاملليونية،‏ يعود اىل عدم وجود الفهم املتكامل،‏ وعدماإلحاطة بمراسيم الزيارة،‏ وايضاً‏ املقصود بالزيارة،‏فيبقون متمسكن بالظواهر والقشور،‏ تاركن املحتوىمما جيعلهم ال يفهمون معناها بشكل صحيح،‏ وتراهميس تقبلوهنا بش كل روتين ي،‏ ال حياول ون االس تفادة منه ا يفتغيري ما بأنفسهم وايضاً‏ جمتمعهم.‏بينا يكمن رس أولئك القلّة املستفيدين،‏ يف فهمهموتقييمه م الصحي ح ملس ألة الزي ارة ملرق د االم ام احلس ن،‏عليه السام،‏ فراهم حييطون هبا - الزيارة املليونية -إحاطة كاملة،‏ ويفهموهنا فهاً‏ متكاماً،‏ ويعرفوهنا كايعرفون انفسهم،‏ وتراهم يستعدون هلا استعداداً‏ نفسياً‏ومادياً،‏ ويعدون هلا برناجماً‏ خاصاً،‏ لذا تراهم يقفونبقوة أمام كل احلواجز التي تريد ان حتجبهم عنها بكلما أوتوا من قوة قيم ومفاهيم من مدرسة االمام،‏ عليهالسام.‏ان الزيارات املليونية التي تشهدها كرباء املقدسة،‏يف مناسبات عديدة،‏ متثل حمطات تزود النفوس بشحناتاياني ة ومعنوي ة،‏ م ن ح ب وعط اء وك رم وج ود وعطفوحنان،‏ كا أهنا تروض النفوس وتنقي القلوب منالش وائب العالق ة.‏ ه ذه الدرج ة العالي ة م ن التفاع ل م عالزيارات املليونية،‏ حتتاج ملن يمثلها وجيسدها يف املجتمع،‏وخري من يكون هم طلبة العلوم الدينية،‏ ألن هؤالءيمثلون قاعدة الثقافة والوعي الديني يف املجتمع،‏ ولوالهذه القاعدة كيف يمكن ان نطالب بمعرفة قيمة الزيارةومنزل ة صاحبه ا.‏من هنا،‏ ينبغي عى طلبة احلوزات العلمية،‏ انينروا الثقافة احلسينية و يبثوا الوعي بن الناس،‏ ويقووادوافع الناس و يزيدوهم وعياً‏ هبذه الشعائر لتتضح هلمبالشكل الصحيح،‏ ويتمكنوا من املواصلة معها بروحيةعالية.‏أما طلبة املدارس واجلامعات،‏ فهم ليسوا بعيدينعن هذا الدور الريادي،‏ فعليهم أن يعززوا وجودهم يفهكذا مناسبات حسينية ودينية من شأهنا ان تعزز الروحااليانية يف نفوسهم،‏ لنأخذ مثاً‏ زيارة النصف منشعبان،‏ وزيارة ‏»عرفة«،‏ فاهنا مليئة باملعارف والقيماالخاقية واالنسانية،‏ التي حتصن االنسان عن التيهوالضال بن االفكار الوافدة والزائفة.‏وال ينسى اصدقاؤنا الطلبة،‏ أن الدراسة االكاديميةلن تكون كافية يف إغناء االنسان باملعارف و االفكاراألصيلة.‏ لذا عليهم ان يكثفوا تواجدهم يف أوساطاقراهنم من طلبة العلوم الدينية،‏ لاستفادة مما توصلواالي ه م ن حقائ ق ومع ارف م ن معايش تهم للثقاف ة الديني ةواحلسينية،‏ فاخلط احلسيني الواضح الذي يكون ممتلئاً‏بالنور واهلداية ال يكون فيه جمال للجهل والظام،‏ حينهايفهم الطالب ما عليه من واجبات جتاه نفسه وجتاه ابناءجمتمعه من خال مشاركته الفاعلة يف هذه الزياراتاملليونية.‏من هنا؛ فان أصدقاءنا الطلبة مدعوون الستقبالمواسم الزيارات املليونية يف كرباء املقدسة،‏ وربا كلليل ة مجع ة،‏ تك ون فيه ا القل وب واهل ة ومتوجه ة ص وباملرقد الريف،‏ و هييئوا انفسهم لاستفادة من هذهالنفحات الروحانية،‏ فهي فرص متر علينا كالسحاب،‏جيب ان نقتنصها ال أن نضع الروط واحلواجز أماماملشاركة والتفاعل،‏ ألن الطاقة التي نأخذها من هذهاالجواء تساعدنا عى مواجهة املستقبل با فيهمن عراقيل،‏ وبكل جدارة.‏ واألهمم ن ذل ك،‏ تطبي ق ال دروس والع رالتي نستلهمها من هذه الزيارة،‏يف حياتنا اليومية وكذلكيف مسريتناالعلمية.‏57


* حسن احلسنيالحرب دمار..‏ والحوار إعمارالشك أن االمم املتحرة والشعوب املتقدمة تبني سلّم جمدهاوجمد ابنائها عر قنوات احلوار والتفاهم،‏ ذلك ألن احلوار يرسللآلخر رسالة االحرام والتقدير،‏ وهو االساس يف زرع الثقة املتبادلةومن ثم حتقيق املطالب.اما اللجوء اىل خيار التشنّج والشحن النفيوالعاطفي والذي يرافقه التحقري واالساءة،‏ بل اىل ‏»إلغاء«‏ اآلخر،‏كوجود عر كلات غري الئقة وغري مهذبة،‏ يُعد هذا اخليار بمثابةاطاق رصاصة الرمحة عى الذات اوال وأخريا.‏إن ما حصل من أحداث مؤسفة يف املناطق الغربية من العراقوخال عام كامل؛ من رفع الفتات ونصب خيام و زرع بؤر ساخنةوقد رافقها - مع االسف-‏ نيل من عقيدة شعب مقتدر وبطوالتمرفة و قتل أبرياء من محاة الوطن يف ساحات سُ‏ ميت ب ‏»ساحاتاالعتصام«..‏ وغريها من ترفات غري مهذبة،‏ أفقدت ‏»رشعية«‏ ماقيل أن هناك مطالب تُعد رشعية..!‏ ينبغي االستجابة اليها،‏ و زرعتيف نفوس العراقين أطناناً‏ من اوراق وملفات الشك يف رشعية وحسن نية القائمن عى هذه االعتصامات.‏املواطن العراقي يتساءل:‏ ان الكثري من املطالبات حتققت ومنهااالفراج عن املعتقلن واملعتقات بالشبهة،‏ وتشكلت جلان هبذااخلصوص،‏ إال انه - كا يبدو-‏ كلا استجابت احلكومة ملطلب تمتصعيد ورفع سقف مطالب جديدة ومنها ما ينايف الدستور،‏ كإلغاءقانون اجتثاث البعث الذي صوت عليه نواب الشعب..!‏إن رفع هذه املطالب املخالفة للدستور،‏ وما رافقه من استضافةرموز القاعدة ونعت مذهب االكثرية الساحقة بعبارات مشينة،‏ معماحظة ان تكاليف اليوم الواحد ملروف هذه الساحات قدرت بائةمليون دينار عراقي.‏ أثارت شكوكاً‏ لدى كافة االوساط بأن اصحابالساحات هم مجاعة مستفيدة ومغرضة والهيمها مستقبل وبناء هذاالبلد،‏ مما حدا باملسؤولن حلسم املوقف وحتذير وجهاء وعشائر املنطقةالغربية لفض االعتصامات التي كلفت الدولة مبالغ كبرية حلايتها،‏ناهيك بأن بلداناً‏ بدأت تلمح بوقوفها خلف هذه الساحات،‏ منها ماأعلنه ضابط املخابرات السعودي السابق والداعية ‏»حممد العريفي«‏بالقول:‏ ‏»ان الغاء االعتصامات يف االنبار يعد كارثة«.‏و رغم حكمة ترف قطعات اجليش والرطة يف االنباروتوافقها مع وجهاء العشائر،‏ تفاجأ العراقيون بحجم املؤامرة بعدعمليات فضّ‏ الساحات باحتال جماميع مرتبطة با يسمى دولةاالسام يف العراق والشام ‏)داعش(‏ مدن مهمة كالفلوجة والرمادي.‏ان ما حصل ينبغي ان يكون درساً‏ لكل العراقين وبكافةمكوناهتم؛ بأن اعداء العراق اجلديد ال يروق هلم استقرار العراقوأمنه وتقدمه،‏ بل يتخوفون بأن يرجع هذا البلد املهم اىل احلظريةالدولية واالسامية والعربية وبامتياز،‏ وأهم من ذلك خشية االعداءان يكون العراق نموذجاً‏ حيتذى به من قبل ابناء املنطقة عى صعيدالتحول السيايس واالحتكام اىل صناديق االقراع،‏ السيا أن يقوداتباع مذهب اهل البيت،‏ عليهم السام،‏ هذا التحول الثقايفوالسيايس يف عموم املنطقة.‏ان العراقين السبيل هلم إال اللجوء اىل احلوار حلل أزماهتمومشاكلهم الداخلية،‏ وال يمكن ألي دولة مها قربت او بعدت انتكون أحنّ‏ وأحرص من العراقين عى أنفسهم وبلدهم.‏ ويبقى عىابناء املنطقة الغربية ان يشمروا عن ساعد اجلدّ‏ لطرد االرهاب واقتاعجذوره وحواضنه من أرضهم واىل األبد،‏ و يبدأوا مشوار املطالبةاجلادة وعر قنوات ممثليهم بالرملان و احلكومة إلعار مناطقهموتقدمها نحو األفضل،‏ باالستفادة من كل الفرص املتاحة من زراعةوصناعة وغريها.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!