في كل مكان
1TsOjdS
1TsOjdS
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ف<br />
ف<br />
ف<br />
مستقبليات<br />
خيال علمي<br />
الروح الحارسة لل<strong>مكان</strong><br />
<strong>مكان</strong> يتفاعل معك<br />
ILLUSTRATION BY JACEY<br />
<br />
NATURE.COM<br />
تابع المستقبليات:<br />
@NatureFutures<br />
go.nature.com/mtoodm<br />
إس. آر. ألجرنون<br />
<strong>في</strong> البداية، حسبتُ وَ قْع ال أ قدام خارج خيمتي رعدً ا.<br />
ضغطتُ وسادتي على أذني، وحوَّلت اهتمامي إلى<br />
بيانات المسح الجيولوجي على هات<strong>في</strong>. فبعد<br />
قضاء أسبوعين على هذا الكوكب المنعزل، لم<br />
أحصل حتى على نصف ما كنت أحتاج إليه من<br />
بيانات. كنت قد رتبتُ لزيارتي بحيث تتزامن<br />
مع اصطفاف أقمار الكوكب الثالثة على خط<br />
واحد، وهو يكفل وفقًا لرأي الدكتور <strong>في</strong>لدمان<br />
غالفًا جويًّا مضطربًا، ويوفر الفرصة المثلى<br />
لختبار فرضيَّتي القائلة إن التكوينات البلورية<br />
الموجودة على سطح الكوكب ناتجة عن عواصف<br />
الكوكب الباهرة.<br />
لم يخبرني أحد أن هذا الشهر هو شهر التآزر<br />
لدى أهالي القرية. كانت القرية بكاملها تضج بصخب<br />
تحوُّل اليرقات إلى حشرات كاملة. وتسببت ال أ حوال<br />
الجوية <strong>في</strong> انقطاع اتصالي بمركز التصالت المدارية؛<br />
وبالتالي لم أتمكن حتى من الرصد باستخدام ال أ قمار<br />
الصناعية. وال أ سوأ من هذا <strong>كل</strong>ه أن ال أ هالي الذين كان<br />
من المفترَض بهم أن يساعدوني على حمل المعدّ ات<br />
إلى الجبل، نأوا بأنفسهم عني، حتى عندما ضاعفتُ<br />
لهم الثمن. قالوا لي: »ل نستطيع مساعدتك. عاصفة<br />
ال أ رواح تهب. ابنة الملِ كة تنادينا«.<br />
قولوا هذا للَّجنة التي ستناقش أطروحتي.<br />
وبما أنه لم يتبقَّ لي إل بضعة أيام أخرى على سطح<br />
الكوكب، عثرتُ لنفسي على خيمة، وانطلقتُ قاصدً ا<br />
الجبال بنفسي. لم أستطع حمل المجموعة الكاملة من<br />
أجهزة المسح، لكنني استطعتُ تدبُّر ال أ مر باستخدام<br />
التطبيقات المثبتة على هات<strong>في</strong>، على أمل أن أقوم بتنقية<br />
البيانات <strong>في</strong>ما بعد.<br />
كان البرق خارج الخيمة يضرب قريبًا منها، إلى درجة<br />
أنه كان يلقي بظالل الموت وأشالء الموتى على جدران<br />
خيمتي. شُ قَّت بقايا ساق نسيج الخيمة، واخترقت كيس<br />
النوم الخاص بي. تلوَّ يتُ محرِّرًا نفسي، وألقيت هات<strong>في</strong><br />
<strong>في</strong> كيس قمامة، وأخذت أركض، وكان هناك كائن يشبه<br />
الحشرة يركض معي، فكنت كَمَ ن يركض مع الثيران، إلى<br />
أن وصلتُ إلى صخور على جانب الطريق.<br />
قلتُ <strong>في</strong> نفسي: »كان ذلك وشيكًا«. وتذكرت طُرْفة<br />
سمعتُها <strong>في</strong> محاضرة <strong>في</strong> علم آثار الكائنات الفضائية<br />
للدكتور سوتو: »على أطراف الكون تدوسك الحشرات<br />
بأقدامها«.<br />
انتشل الكائن الشبيه بالحشرة الذي دمَّ ر خيمتي <br />
ساقه، وشق طريقه بين الزحام نحوي.<br />
قال لي: »تقبَّلْ اعتذاري. أرجو أل أكون قد أصبتك«.<br />
أجبته: »مجرد خدش، أو اثنين«.<br />
فرد قائالً : »ل بد أن تنضم إلى الموكب. صائد<br />
ال أ رواح سيجد روحً ا تش<strong>في</strong> جروحك«.<br />
أجبتُ وأنا أنفض الغبار عني: »أفضِّ ل أن أجرب<br />
حظي <strong>في</strong> عيادة الميناء الفضائي الطبية«.<br />
قال الكائن الشبيه بالحشرة، وهو يعود أدراجه، لكي<br />
ينضم إلى الموكب: »الموانئ الفضائية تأتي وتذهب،<br />
أما ال أ رواح، فستكون دائمً ا معنا. صحبتك السالمة«.<br />
تسلقتُ صاعدً ا التل، وأخذتُ أراقب العاصفة. وبعد<br />
أن تحررتُ من أصداء وَ قْع ال أ قدام المشتِّتة لالنتباه<br />
تحتي، لحظتُ أن معظم أشعة البرق يتقوس <strong>في</strong><br />
اتجاه حافة جبلية بالقرب منِّي. سِ رْتُ بخطوات متثاقلة<br />
إلى قمة الحافة، فتَبَيَّن لي أنها حافة فوهة، أَحْ دَ ثَها<br />
اصطدام. وكان البرق قد ضرب الصخور؛ وأذابها؛ تاركًا<br />
إياها مشوهة وزلقة.<br />
التقطتُ صورًا فوتوغرا<strong>في</strong>ة لسطح الفوهة. كَوَّنَتْ<br />
ثالث ضربات أخرى من البرق شبكةً من الخطوط<br />
الإشعاعية، تراءت لي عبر جفوني المغمضة. شعرتُ<br />
بوخز <strong>في</strong> جلدي، وبِطَنِ ين <strong>في</strong> أُذُني. تَجَ مَّ ع البرق، أو<br />
تراكم على نحوٍ ما داخل الفوهة، فقلت <strong>في</strong> نفسي:<br />
»لماذا ينجذب البرق نحو ال أ رض المنخفضة. أثمة شيء<br />
يجذبه نحوها؟«.<br />
لعلي أتمكَّن <strong>في</strong> نهاية المطاف من إعداد أطروحة<br />
قَيِّمة، وسط هراء صائد ال أ رواح هذا.<br />
وجهتُ هات<strong>في</strong> تجاه البقعة المتوهجة <strong>في</strong> مجال<br />
رؤيتي، وخَ طَوْتُ إلى ال أ مام. كان المنحدَ ر أشد انحدارًا<br />
مما ظننتُ ، لكنني تابَعْ تُ تقدُّ مي. كنتُ هادئًا إلى حد<br />
مخيف. ورغم أن <strong>كل</strong> ما تلقَّيته من تدريب كان يخبرني<br />
بأن عليَّ أن أبتعد، إل أن الفوهة كانت تسحب طاقتي<br />
إلى داخلها. وبعد نحو عشر ضربات برق أخرى، استدرتُ<br />
ل أ عود من حيث أتيت.<br />
زلَّت قدمي <strong>في</strong> الوحل،<br />
وسقطتُ على إحدى ركبتي،<br />
وأخذتُ ألوِّح <strong>في</strong> الهواء<br />
بيدي. وبمجرد أن وقفتُ<br />
على قدمي، وجدتُ خيوطًا أشبه بخيوط العنكبوت تتعلق<br />
بكَفِّي وأطراف أصابعي.<br />
ضرب البرق مرة أخرى. توهجَ تْ الخيوط. تقلَّصَ تْ<br />
<strong>كل</strong> عضلة <strong>في</strong> جسمي، وانقلبتُ على ظهري. وبعد<br />
أن ارتطمَ تْ رأسي بال أ رض؛ أَدْخَ لَنِ ي ال أ لم <strong>في</strong> حالة<br />
من الدوار والغثيان. وبمجرد سقوطي، تجمَّ عَ تْ<br />
الخيوط، لتصنع شرنقةً أحاطتني، بدت وكأنها<br />
قفص »فاراداي« فضي متال أ لئ.<br />
وحين صحوتُ ، وجدتُ نفسي <strong>في</strong> قاع<br />
الفوهة، متدليًا من شبكة تربطني بها الخيوط<br />
التي غطت أرضية الفوهة. كانت أشبه بالخيوط<br />
التي تحمل الدمى المتحركة. كانت الشرنقة<br />
تطوِّق ساقي، وذراعي، وأصابعي، كالًّ على حدة،<br />
وبالتالي لم تكن تعوق حركتي.<br />
ضرب البرق. توهجت خيوط الشبكة الكثيفة فوق<br />
رأسي، إذ سرى <strong>في</strong>ها التيار.<br />
ترامَ ى إلى سمعي صوت هسهسة، فاستدرتُ<br />
ل أ رى شكالً عنكبوتيًّا له 12 قدمً ا، يلُوح من كوَّة بين<br />
الظالل. لدى اقترابه مِ نِّي، ضممتُ ذراعي بإحكام إلى<br />
صدري، <strong>في</strong> وضع يشبه وضع الفرعون الميت. ثم<br />
شُ دَّ تْ الخيوط التي تربطني بالشبكة بشدة، رافعةً<br />
إيّايَ عن ال أ رض.<br />
قلتُ ، شاعرًا بالمتنان، ل أ ن الشرنقة كانت قد<br />
سمحت لي بالت<strong>كل</strong>ّم: »ل بد أنك صائد ال أ رواح«.<br />
قال صائد ال أ رواح: »عندما يصل ال آ خرون، افعلْ<br />
ما آمُ رُكَ به، ول تنبس ببنت شفة«. ضاقت الشرنقة<br />
على رقبتي، ثم ارتخت. أضاف صائد ال أ رواح:<br />
»سأعرفُ .. إذا حاولتَ خِ داعي«.<br />
تفحَّ ص صائد ال أ رواح الشبكة التي كانت تحمل<br />
المئات من ال آ لت المحطمة، والعشرات من الهيا<strong>كل</strong><br />
العظمية غير البشرية.<br />
لَفَظَتْ الشبكةُ التي كانت تحيط بي روبوتًا<br />
طبيًّا منبعجً ا ملوثًا بالدماء، أخذ يتدحرج نحوي.<br />
قال صائد ال أ رواح: »يمكنك استخدام هذا، أليس<br />
كذلك؟«.<br />
أومأتُ بالإ يجاب، إذ يتعلم جميع الباحثين<br />
الميدانيين استخدامه <strong>في</strong> إطار تدريباتهم.<br />
بدا صائد ال أ رواح راضيًا، وانطلق مسرعًا إلى الكوَّة.<br />
توقَّف البرق، وسمعتُ صوتًا مهيبًا، تتردد أصداؤه <strong>في</strong><br />
الغرفة: »مَ جِّ دُ وا جميعً ا صائد ال أ رواح. هَ لُمُّ وا بجلب<br />
المصابين والعجزة«.<br />
قلتُ <strong>في</strong> نفسي إنهم سيُخْ لُون سبيلي بمجرد رحيل<br />
الموكب، لكن <strong>كل</strong>مات الكائن الشبيه بالحشرة ظلت<br />
تتردد <strong>في</strong> رأسي: »الموانئ الفضائية تأتي وتذهب،<br />
أما ال أ رواح، فستكون دائمً ا معنا«. ■<br />
إس. آر. ألجرنون درَس الكتابة أ الدبية، وعلم<br />
الحياء، وعلوم أخرى ي جامعة كارولينا الشمالية<br />
أ<br />
ي تشابل هيل، ويعيش حاليًّا ي سنغافورة.<br />
| 96 مايو | 2016 الطبعة العربية تُطبع المجلة بدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية<br />
© 2015 Macmillan Publishers Limited. All rights reserved