Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
رحلة المنصات البحرية ذاتية الدفع..<br />
بين زوارق الرفع إلى حفارات آبار البترول<br />
بقلم المهندس محمد زيتون<br />
الرئيس والمدير التنفيذي لشركة<br />
زيتون جرين للمالحة<br />
يف اآلونة األخيرة، انتقلت أعداد كبير من المنصات البحرية ذاتية<br />
الدفع من أجزاء مختلفة من العالم نحو الشرق األوسط. بدأ ذلك عندما<br />
انهارت أسعار النفط عام 2013، ووجد أصحاب تلك المنصات متعددة<br />
االستخدام يف أجزاء مختلفة من العالم أنفسهم أمام خيارات أقل بشكل<br />
كبير إليجاد فرص لتوظيف منصاتهم. وظل الشرق األوسط بصيص<br />
األمل الوحيد وسط حالة الكآبة شبه العالمية يف األسواق. ويكمن<br />
السبب يف استمرار أداء أفضل ألسواق الشرق األوسط مقارنة بالمناطق<br />
األخرى هو أنه، وبفضل القيادة الحكيمة التي تمتلكها دول المنطقة،<br />
وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط، واصلت شركات النفط الوطنية<br />
العمل بنفس الوتيرة المعتادة، ولم تصب بالذعر المايل الذي عصف<br />
بالقطاع النفطي يف بقية أنحاء العالم. لقد ساعدت هذه االستراتيجية<br />
الهادئة على تجنب الذعر الذي ال داعي له، وبمجرد أن هدأت موجة<br />
الذعر العالمية، قررت شركات النفط الوطنية يف المنطقة أن تعلق<br />
مشاريعها وبالتايل تتحكم يف اإلنفاق. وبفضل هذه المعالجة الحكيمة<br />
ألزمة النفط العالمية من قبل القيادات يف الشرق األوسط، وخاصة يف<br />
دولة اإلمارات، كان تحقق النتيجة المرجوة.<br />
لمواجهة التحدي المتمثل يف إدارة العمليات بميزانيات تتضاءل<br />
باستمرار يف ظل انخفاض أسعار النفط، المصحوب باألزمة المالية<br />
العالمية، بدأت شركات النفط الكبرى - وخاصة شركات النفط الوطنية<br />
يف المنطقة - بدراسة بدائل فعالة من حيث التكلفة مقابل الطريقة<br />
التقليدية لتشغيل العمليات اإلنتاجية. وهنا عادت إىل الواجهة أهمية<br />
المنصات ذاتية الدفع! السيما تلك التي تمتاز باستخداماتها المتعدّدة<br />
الفعّ الة والرشيقة يف التحرك لالستجابة المثلى لمطالب شركات النفط<br />
التي تبحث عن أسعار تنافسية وخصومات عالية.<br />
وهنا بدأت شركات النفط تدرك أموراً لم تكن معروفة من قبل، وهو<br />
أنه من بين األعداد المتزايدة للمنصات البحرية، ال تعتبر جميعها<br />
متشابهة. فبعضها ال يعدوا عن كونها "زوارق رفع" أما األخرى فتمثل<br />
حفّارات متنقلة آلبار البترول، وتبدو هذه الوحدات من الخارج متشابهة<br />
لكنها يف جوهرها تختلف اختالفات كلية. وعلى الرغم من أن منصات<br />
الحفر البحرية كان يتم بناؤها يف السابق بذات مواصفات قوارب الرفع،<br />
إال أن مواصفات بناؤها اليوم يختلف اختالفاً جذرياً عن النماذج القديمة.<br />
التغيير يفرض فوارق يف األسعار<br />
جاءت البداية يف التغيير عام 1985 عندما ضرب العاصفة االستوائية<br />
"جوان" خليج المكسيك. وبينما استمرت العاصفة أليام، متسببة يف<br />
تدمير جميع المنصات البحرية يف الخليج، فإن ضعف متانة قوارب<br />
اإلنقاذ تسبب يف إثارة ضجة كبرى بين دول المنطقة. ففي حين نجح<br />
الكثير منها بالوصول إىل مكان آمن، إال أن عدداً كبيراً آخر غرق يف البحر.<br />
هذه الخسارة العالية يف األرواح والممتلكات أجبرت السلطات على<br />
اتخاذ إجراءات وقائية. ووجدت الصناعة نفسها مدفوعة نحو إنفاق كبير<br />
وفق المواصفات والمعايير الجديدة لبناء المنصات البحرية بشكل لم<br />
تكن مستعدة له. وكانت المهمة صعبة. وتحركت كافة األطراف المعنية<br />
يف محاولة التأثير على الجهات المشرعة للوائح التنظيمية للمواصفات<br />
والمعايير ألن أحداً لم يكن مستعداً للتغيير الذي طرأ يف مواصفات<br />
البناء للمنصات البحرية.<br />
األوضاع الحالية<br />
اليوم، يبدو الوضع يف العالم أفضل حاالً على صعيد مواصفات<br />
الجودة يف بناء منصات الحفر البحرية، لكن من المستغرب أنه ال يزال<br />
هناك عدد كبير من قوارب الرفع القديمة تعمل، والمؤسف أن شركات<br />
النفط التي تستأجر تلك المنصات ال تزال غير مدركة إىل حد كبير للفرق<br />
بين "زوارق الرفع" و "منصات حفر آبار البترول" المبنية حسب<br />
المتطلبات القياسية لهذا الغرض.<br />
فقوارب اإلنقاذ يف زوارق الرفع ال تتوافق مع المعايير القياسية<br />
العالمية، ويتذرع الجميع بأن هذه القوارب تستخدم بشكل محدود<br />
لحاالت الهرب أثناء العواصف الجوية، والتي ال تعتبر بتلك القوة يف<br />
منطقة الشرق األوسط مقارنة بمناطق أخرى من العالم، ولكن ال يمكننا<br />
أن نقبل أن نتعامل مع تلك القوارب، السيما وأن العديد منها أثبت<br />
أنها غير مالئمة لالستعمال يف حاالت الطقس غير المستقرة.<br />
ماذا يخبئ المستقبل للصناعة؟<br />
إن اإلجابة على هذا السؤال تمثل مهمة شاقة، فطالما شهدت<br />
الصناعة هبوطاً سرعان ما يتبعه ارتفاع، إال أن الهبوط هذه المرة قد<br />
امتد لفترة أطول من المعتاد أنهكت كبريات شركات إنتاج النفط،<br />
وجعلها تتخذ إجراءات قاسية من أجل خفض النفقات التشغيلية<br />
للمحافظة على هوامش مقبولة من األرباح، وأصبح من المألوف جداً<br />
يف سوق خدمات النفط والغاز أن شركات اإلنتاج باتت تضغط للحصول<br />
على أسعار تنافسية من مزودي الخدمات بالكاد تسد الرمق.<br />
MARASINEWS.COM 77