جريدة مونستر العدد 5
جريدة مونستر العدد 5
جريدة مونستر العدد 5
Sie wollen auch ein ePaper? Erhöhen Sie die Reichweite Ihrer Titel.
YUMPU macht aus Druck-PDFs automatisch weboptimierte ePaper, die Google liebt.
www.munister.de 9<br />
االنتماء االجتماعي يف<br />
أملانيا عامل حاسم<br />
للنجاح يف املدرسة<br />
تؤكد دراسات »الربنامج الدويل<br />
لتقويم التامذة« )بيزا( أنَّ نجاح<br />
الطفل يف املدرسة يف أملانيا يتحدد<br />
من خال االنتامء االجتامعي<br />
واألصل العِرْقِيّ ، وأنَّ معاملة<br />
األطفال من ذوي األصول األجنبية<br />
يف صفوف املدرسة األملانية غر<br />
عادلة، كام ياقي هؤالء الفشل<br />
بسبب املتطلبات املدرسية يف<br />
الكثر من األحيان. واألخطر من<br />
ذلك، أنَّ األطفال من أصول أجنبية<br />
ممن يتفوقون يف املدرسة بالرغم<br />
من غياب املعاملة العادلة بسبب<br />
أصولهم، ياقون أيضً ا املصاعب<br />
يف نظام التعليم املدريس األملاين.<br />
وقد أظهرت دراسات ميدانية<br />
أنَّ التامذة يف أوساط املهاجرين<br />
العرب عى سبيل املثال مضطرون<br />
لتقديم أداءٍ مدريسٍّ أعى مستوىً<br />
من أقرانهم األملان لي يحصلوا<br />
عى توصية باالنتقال إىل املدارس<br />
الثانوية. إال أن هذا التمييز بني<br />
التاميذ ال ينطبق عى أطفال<br />
املهاجرين إذا كان الوالدان خريجني<br />
جامعيني. حيث أنَّ فرصة ابن أو<br />
ابنة بروفسور أو خريج جامعي يف<br />
االنتقال إىل املدارس الثانوية )مع<br />
نفس املستوى يف األداء املدريس يف<br />
الصف الرابع / السادس( تفوق<br />
بحوايل أربع أضعاف فرصة ابن<br />
أو بنت عامل. وهذا يبني بوضوح<br />
أنَّ االنتامء االجتامعي هو أحد<br />
معاير النجاح أو اإلخفاق املدريس،<br />
وأنَّ التمييز االجتامعي هو معوِّق<br />
كبر يف النظام املدريس األملاين.<br />
بيد أن التمييز الذي ياقيه أبناء<br />
وبنات املهاجرين يف التعليم ال<br />
يتجلّى يف نتائج دراسات »الربنامج<br />
الدويل لتقويم التامذة« )بيزا(<br />
وحسب، بل أيضً ا يف توصيات<br />
االنتقال من املدرسة االبتدائية<br />
إىل املدرسة الثانوية، ويف املؤهات<br />
التعليمية، والشهادات املدرسية.<br />
حيث تؤكد األرقام الواردة يف<br />
تقرير االندماج لعام 2008 أنَّ<br />
15.9% من أبناء وبنات املهاجرين<br />
يغادرون املدرسة دون الحصول<br />
عى أية شهادة مدرسية، وأنَّ 45%<br />
يركون املدرسة حاملني الشهادة<br />
املتوسطة البسيطة )هاوبت شوله(،<br />
و 36.8% الشهادة املتوسطة )ريال<br />
شوله( وفقط 10% يحصلون عى<br />
شهادة الثانوية العامة )أبيتور(.<br />
أطفال املهاجرين هم األكر تررًا<br />
من ثغرات نظام التعليم األملاين<br />
منذ إعان نتائج دراسات »الربنامج<br />
الدويل لتقويم التامذة« )بيزا(<br />
ال يوجد بلدٌ يجري فيه النقاش<br />
بهذه الكثافة حول تحسني فرص<br />
تعليم األطفال املهاجرين. ولكن<br />
إذا أخذنا حلقات النقاش الكثرة<br />
ونتائج الدراسات واألبحاث وجهود<br />
اإلصاح يف مختلف الواليات بعني<br />
االعتبار ناحظ أنَّ التمييز يف<br />
التعليم ما زال موجودًا. إذ مل يتم<br />
تحسني النظام املدريس ليكون أكر<br />
عدال، ومل تجلب اإلصاحات تغيرات<br />
أو تحسينات ملموسة. ذلك ألن<br />
طبيعة املدارس والتدريس وتدريب<br />
املعلمني واملعلامت واختيارهم<br />
وكتب التعليم واملناهج املدرسية<br />
إشكاليات مل تطلها النقاشات<br />
فرص التعليم هي فرص العمر<br />
ملاذا يفشل الكثر من األطفال يف النظام املدرسي األملاني؟<br />
Bildungschancen sind Lebenschancen-<br />
Wieso scheitern so viele Kinder im deutschen Schulsystem?<br />
Dieter Schütz_pixelio.de<br />
تقريبًا، بالرغم من أنها تشكل<br />
نقاط الضعف يف نظام التعليم<br />
األملاين، وأكر املتررين منها<br />
هم أطفال املهاجرين. وهكذا<br />
مل يتحقق الفصل بني القدرة<br />
عى القراءة واملنشأ االجتامعي<br />
مثاً حتى اليوم، ومل يتم تحسني<br />
مستوى استيعاب أطفال املهاجرين<br />
للنصوص يف املدارس االبتدائية.<br />
ما هي أسباب فشل الكثير<br />
من األطفال يف املدرسة؟<br />
لكن ما هي أسباب تردي األداء<br />
املدريس لدى أطفال املهاجرين و/<br />
أو لدى أطفال العائات الفقرة؟<br />
هل يتعلق هذا بالفعل فقط<br />
بالضعف اللغوي لدى أطفال<br />
املهاجرين؟ أم يتعلق بالوالدين<br />
اللذين ال يساعدان أطفالهام مبا<br />
فيه الكفاية؟ أم يتعلق بافتقار<br />
املؤسسات التعليمية لإلمكانيات<br />
أو للموارد الازمة لدعم التاميذ<br />
الضعفاء لغويًا بشكل فردي؟<br />
أم هل يتوجب علينا بالفعل<br />
البحث عن األسباب داخل<br />
نظام التعليم األملاين ذاته؟<br />
مثة كوكبة من األسباب بحسب<br />
رأي الخرباء. فهناك من جهة<br />
االفتقار إىل املهارات اللغوية<br />
)األملانية( لدى املهاجرين، ومن<br />
جهة أخرى هناك وضع العائلة<br />
االقتصادي االجتامعي وكذلك<br />
النظام املدريس متعدد الفروع.<br />
ال يستطيع الكثر من اآلباء واألمهات<br />
تقديم الدعم الكايف ألطفالهم<br />
غالبًا ما تتم اإلشارة ضمن سياق<br />
انعدام املهارات اللغوية إىل أنَّ<br />
عائات املهاجرين هم من »غر<br />
املتعلمني«، كام يجري االرتكاز<br />
عى إحصائياتٍ تشرُ إىل أوجه<br />
تشابه وضع هؤالء مع الوضع<br />
االجتامعي يف البلدان األصلية<br />
التي ينحدرون منها. ويف املقابل<br />
مل تساعد استطاعات الرأي التي<br />
تؤكد طموح األهايل بالتعليم عى<br />
إحداث أي تغير عى هذا الرأي<br />
الراسخ. أما أحد أسباب ذلك<br />
فيكمن بالتأكيد يف حقيقة أنَّ الكثر<br />
من األهايل ال يستطيعون التواصل<br />
باللغة األملانية ولذلك يصطدمون<br />
يف الحياة اليومية كثرًا بحاجز<br />
عجزهم اللغوي. كام أنهم يشعرون<br />
بعدم قدرتهم عى التعاطي مع<br />
شؤون أطفالهم يف روضة األطفال<br />
أو يف املدرسة، ألنهم ال يستطيعون<br />
إعداد أطفالهم للمدرسة بشكل<br />
مناسب، وال يستطيعون أثناء<br />
املرحلة الدراسية مساعدة أطفالهم<br />
عى استيعاب ما يتعلمونه يف<br />
حال مواجهتهم صعوبات يف فهم<br />
هذه املواد. لذا نجد أنه ليس<br />
من النادر أن يفشل األطفال يف<br />
الصفوف األوىل يف املدرسة االبتدائية<br />
بسبب املتطلبات املدرسية.<br />
ينطلق نظام التعليم لدينا<br />
من وجود قدرات معينة<br />
يف األرسة، لكنها غر متوفرة<br />
لدى الكثر من العائات<br />
يف خضم »البحث عن األسباب« ال<br />
ميكن تجاهل نقطتني أبدً ا. النقطة<br />
األوىل تتعلق بالوضع االقتصادي<br />
االجتامعي للكثر من العائات<br />
القادمة من العامل العريب. وهناك<br />
عدد غر قليل من األرس لديه<br />
مشاكل يف التكيّف مع الثقافة<br />
الجديدة يف أملانيا ويف بناء مستقبل<br />
»جديد« يف »الغربة«. وال يجب<br />
االستهانة بصعوبات الحصول عى<br />
فرص عمل عى وجه الخصوص،<br />
وبصعوبات تخطي العوائق التي<br />
تواجه تعديل الشهادات املدرسية<br />
والجامعية أو املهنية واالعراف بها.<br />
وهناك حاالت صعبة للغاية تُثقِل<br />
من الناحية االقتصادية االجتامعية<br />
بحيث تهيمن عى حياة األشخاص<br />
املعنيني اليومية وعى وضعهم<br />
النفي. والعائات التي لديها<br />
أطفال تواجه بخاصةٍ الصعوبات،<br />
ألن نظام التعليم األملاين يشرط<br />
وجود قدرات يف األرسة غر موجودة<br />
لديها يف الواقع، لكنها رضورية<br />
»لنجاح أطفالها يف املدرسة«. ذلك<br />
ألن التمتع مبعرفة دقيقة عن<br />
مؤسسات التعليم وأسلوب عمل<br />
وأداء النظام الدرايس مهم جدً ا يف<br />
أملانيا. وللحصول عى هذه املعرفة<br />
ال بد لألهايل من النشاط واملشاركة<br />
يف الحياة املدرسية، واالستفادة<br />
من اجتامعات أولياء األمور يف<br />
املدرسة، ومن األوقات املخصصة<br />
لحديث الوالدين مع املدرسني<br />
وما إىل ذلك، وال بدَّ لهم من<br />
إقامة عاقات واتصاالت بأولياء<br />
األمور اآلخرين، ال تتوقف عند<br />
حدود »جالياتهم«. بهذه الطريقة<br />
فقط ميكنهم اإلطاع عى العروض<br />
املتوفرة ألطفالهم، والحصول أيضً ا<br />
عى معلومات تخص القضايا<br />
املدرسية، وتلقي املشورة وتبادل<br />
األفكار مع أولياء األمور اآلخرين.<br />
النظام الدرايس يُسهِّل التمييز<br />
تجاه الكثر من األطفال<br />
ومن ناحية أخرى يظهر عجز<br />
هيكي يف النظام الدرايس له<br />
تأثر كبر عى مستقبل كل طفل.<br />
حيث تعد مراحل االنتقال من<br />
مدرسة ألخرى والفصل املبكر<br />
بني الفروع املدرسية من نقاط<br />
هذا العجز، األمر الذي يؤثر<br />
بشكل حاسم عى تطور مسار<br />
التعليم. وقد أثبتت األبحاث أن<br />
»منطق االختيار الذي يقوم عليه<br />
النظام الدرايس األملاين متعدد<br />
املسارات يساعد عى التمييز<br />
املؤسي ضد أطفال املهاجرين«<br />
ورمبا يوضِّ ح هذا ضعف أداء<br />
التاميذ من أبناء وبنات العائات<br />
املهاجرة. وقد استطاع الباحثان<br />
غوموال ورادتكه من إثبات هذا<br />
خاصة يف فرات االنتقال من<br />
مرحلة تعلم إىل أخرى. )جوموال<br />
/رادتكه: التمييز املؤسي. إنتاج<br />
اإلثنني 25 جامدى األول 1436 ه - 16 مارس 2015 م<br />
الفرق العرقي يف املدرسة، 2009(.<br />
ال ميكن االنطاق بحسب الدراسة<br />
من وجود »متييز متعمّد من قبل<br />
أعضاء هيئات التعليم«، حتى<br />
يف ظل عدم حصول أبناء وبنات<br />
املهاجرين املتفوقني عى توصية<br />
االنتقال إىل املدرسة الثانوية<br />
إال نادرًا. إذ يعتقد الكثر من<br />
املدرسني أن مدرسة هاوبت شوله<br />
أو ريال شوله ( وقد تحولت إىل<br />
مدرسة زيكوندار شوله يف برلني<br />
منذ العام الدرايس 12/2011(<br />
توفر إمكانيات أفضل لدعم<br />
األطفال املنحدرين من أصول<br />
أجنبية. هذه الحجة تستخدم<br />
حاليًا أيضً ا يف بعض املدارس<br />
االبتدائية لتربير وجود صفوف<br />
لألملان و »صفوف لألجانب«!<br />
ما الذي ميكن أن يفعله<br />
الوالدان؟<br />
»للمدرسة« قيمة أساسية بالنسبة<br />
لألطفال. فهي ال تقدم املعرفة<br />
فقط، إمنا ترسخ لدى الطفل<br />
مواقف حياتية كام تتشكل<br />
شخصيته يف مرحلة التعليم<br />
املدريس، ويكتسب األطفال<br />
االنطباعات األوىل يف التعامل مع<br />
أقرانهم من التاميذ ومع املعلمني<br />
واملعلامت ومع محيطهم املبارش.<br />
أما إذا تعرضوا للتمييز يف حياتهم<br />
املدرسية اليومية ومل يحصلوا<br />
عى املساعدة من والديهم، فقد<br />
يؤثر ذلك بشكلٍ سلبيٍ عى<br />
»مسارهم التعليمي«. لذا من<br />
املهم أن يتعلم األهايل القادمون<br />
من الباد العربية اللغة األملانية،<br />
لي يستطيعوا مساعدة أطفالهم<br />
يف التغلب عى الصعوبات<br />
املدرسية، ولي يستطيعوا التجاوب<br />
مع املدرسة والتفاعل معها مبا<br />
تقتضيه مصلحة أطفالهم يف حال<br />
حدوث مشاكل ما يف املدرسة. أما<br />
أطفال العائات التي ال تتحدث<br />
باألملانية بخاصة داخل األرسة فا<br />
بدَّ لهم من الذهاب إىل روضة<br />
األطفال يف وقت مبكر لي ال<br />
يتعرضوا للتمييز من الصف األول.<br />
وباإلضافة إىل ذلك، ال بدَّ للوالدين<br />
من أن يعرفا أنَّ مشاركتهام مهمة<br />
جدً ا ورضورية ضمن النظام<br />
الدرايس األملاين، وذلك يك يُسمِعا<br />
صوتهام ويكون لهام حضور ولي<br />
يَضطلعا عى التغرُّ ات يف النظام<br />
الدرايس وعى إمكانيات الدعم<br />
املتوفرة وعى أهمية االنتقال<br />
بني املراحل والفروع املدرسية.<br />
عى األهايل أن ينشطوا<br />
إذا أخذنا بعني االعتبار، أنَّ األطفال<br />
املنحدرين من أصول أجنبية<br />
يحصلون عى التوصية باالنتقال إىل<br />
املدرسة الثانوية بشكل أقل من<br />
أقرانهم، وأن النشأة االجتامعية<br />
العائلية وكذلك قدرة األرسة عى<br />
مساندة الطفل لها وزن كبر<br />
فيام يخص التوصيات باالنتقال،<br />
عندها علينا أن نقول إنه ال<br />
ميكن مواجهة التمييز يف شؤون<br />
التعليم يف املدارس، إال من خال<br />
مشاركة ونشاط الوالدين يف الحياة<br />
املدرسية. إذ لن ميكن مواجهة<br />
النواقص واألحوال السيئة والقضاء<br />
عى التمييز إال من خال تدخل<br />
األهايل بشكلٍ مبادر وقوي.<br />
بقلم الدكتورة ليى أطرش يونس