22.07.2015 Views

أضغط هنا للتحميل - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

أضغط هنا للتحميل - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

أضغط هنا للتحميل - أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

aABCDEFG 113الفكر التربويالعربي الحديثتأليفد.‏ سعيد اسماعيل عليX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝ


acbX¹uJ« ‡ »«œü«Ë ÊuMH«Ë WUI¦K wMÞu« fK:« U¼—bB¹ W¹dNý WOUIŁ V² WKKÝصدرت السلسلة في شعبان ١٩٩٨ بإشراف أحمد مشاري العدواني ١٩٢٣ ١٩٩٠113الفكر التربويالعربي الحديثتأليفد.‏ سعيد اسماعيل عليABCDEFGu¹U1987


اواد انشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبهاولا تعبر بالضرورة عن رأي اجمللس


٥٩٥٥١٠١١٤٣١٩٧٢٤٩٢٩٩مقدمةالفصل الاولالأبعاد الحضارية لحركة الفكر التربوي العربيالفصل الثانيالاتجاه السلفيالفصل الثالثالاتجاه القومي العربيالفصل الرابعاتجاه التغريبالفصل الخامسالإقليميةالفصل السادسالاتجاه الاشتراكيوماذا..‏ بعدMMMM٣١٧الهوامش٣٤٥اؤلف في سطور


مقدمةمقدمةمن ارجح أن الذي يتصفح هذا الكتاب دون أنيقرأ هذه اقدمة قد يتصور بينه وب نفسه أناؤلف أحيانا كان ينسى موضوعه وهو ‏(الفكرالتربوي العربي الحديث ل ‏«يسرح»‏ ب أحداثالسياسة وتطورات الثقافة وحركة اجملتمع بأنظمتهومجالاته.‏والحق أن ذلك كان أمرا مقصودا من اؤلفبل إنه نهجه وفلسفته التي يؤمن بهما إانا راسخاوهي تتلخص في أن الفكر التربوي باعتباره صورةمن صور الفكر على وجه العموم إا هو وليدحركة اجملتمع في بنيته الأساسية.‏ هو إفرازهاعلى صفحاته تنعكس ظروفه الإقتصاديةوالسياسية والإجتماعية.‏ وتشكل اتجاهاتهومساراته ا تتخذه هذه الظروف من مساراتواتجاهات.‏وا يكمل هذا النهج أيضا ويتمم هذه الفلسفةالإان بأن الفكر التربوي باعتباره صورة من صورالفكر عامة ليس مجرد مرآة تعكس سلبيا ما يحيطبها إا هو يشتبك في حركة جدل وتفاعل معالظروف المحيطة به مثلما يتأثر بها فهو يؤثر فيهاكذلك بحيث يثرى بخبرة الواقع وينمو بحركةالأحداث وينير لها الطريق ويفتح أمامها الآفاق.‏لكن ذلك لا يحدث دائما بدرجة واحدة ففياجملتمعات اتخلفة يكون الفكر عادة هشا مفككا5


الفكر التربوي العربي الحديثا يحيله بالفعل إلى ما هو أقرب إلى ارآة التي تعكس سلبيا ما يحيطبها من ظروف فيعجز عن أن يقوم بدور فعال نشيط في السيطرة علىحركة الواقع وتوجيه مسارها بل يصبح أداة لتغييب الوعي وتزييفه والإبقاءعلى الحال كما هو.‏أما إذا كان اجملتمع متقدما فإن الوضع يختلف ف<strong>هنا</strong> نجد الفكر علىدرجة من الحيوية والثراء والفاعلية ا يتيح له الفرصة لأن يقوم بدوره فيالتصحيح والتوجيه ذلك لأن حركة الواقع الإجتماعي هي غذاء الفكرفإذا اكتمل هذا الغذاء ونضج بالإنتاجية ارتفعة والتقدم الموس اكتسبالفكر صحة وسلامة تشيعان فيه العافية والقوة.‏ كما أن هواءه الذي بهيتنفس فيحيا هو الدقراطية القائمة على الحوار والنقاش والنقد بعيداعن تهديد السجون واعتقلات وبعيدا عن سيف اعز وذهبه.‏من أجل هذا كان من العسير على كاتب هذه السطور أن يعزل ولو علىصفحات الورق تلك الإتجاهات وتلك اواقف الفكرية التربوية من سياقهابحجة)التخصص)‏ وأنه لا شان لنا بأمور السياسة والإجتماع والإقتصادفلها علماؤها وباحثوها..‏ إننا لا ننازع بطبيعة الحال هؤلاء اختصاصاتهملكن فهم ‏(الظاهرة التربوية)‏ أمر مرهون بالفعل دى الوعي بهذا السياقالعام.‏إن مناداة رفاعة الطهطاوي في أواسط القرن ااضي وقاسم أم فينهايته بضرورة تعليم ارأة وتحريرها لا كن أن تفهم حق الفهم إلا بربطما قيل من آراء في هذه القضية بحركة تدفق النفوذ الغربي ووراءها رؤوسالأموال الأجنبية وجنود الإحتلال ادجج بالسلاح وما رافق هذا وذاكمن تطورات وأحداث دون تفصيل وإا بإجمال ونظرة عامة كلية.‏وكيف لنا أن نفسر ذلك اد الواضح من الكتابات القومية في التربيةفي النصف الثاني من الخمسينات أو ذلك اد الواضح من الكتاباتالإشتراكية في التربية في الستينات دون أن نقدم لذلك بتلك التغييراتوالتطورات التي أحدثتها ثورة ٢٣ يوليه ١٩٥٢ وواكبتها?‏لكنني أصارح القار أنه على الرغم من الخبرة الطويلة لكاتب هذهالسطور في مجال الفكر التربوي بحثا وتدريسا وإشرافا عبر ما يقرب منربع قرن فقد خانته حساباته عند التخطيط شروع الدراسة الحالية6


مقدمةحيث وجد-في التطبيق-البون شاسعا ب ‏(الحلم)‏ و ‏(الواقع)..‏ لقد آمل أنيفعل كذا وكذا من الأمنيات والأحلام حتى إذا أخذ في البحث والقراءةوالكتابة تب له أنه ليس أمام نهر يسهل عبوره وإا أمام محيط كبير لابد من الإقتناع بعبور ‏(بعضه)‏ دون ‏(كله)..‏ هل يقول ذلك لكي يعتذر مقدماعما قد يجده القار من غياب بعض الإتجاهات أو القضايا التي تصور أنهسيجدها ‏?را.‏ لكنها الحقيقة على أي حال فضلا عما هو معروف من أنصاحب الفن ليس مطلوبا منه أن يستوفي مسائله كلها.‏ولقد كان أمامنا أن ندرس حركة الفكر التربوي العربي الحديث فيصورة شخصيات مثل الطهطاوي والحصري وطه حس ومن إليهم وهوأسلوب ‏(أسهل)‏ وأقرب إلى استيعاب القراءة السريعة والقار العام وكانلنا أيضا أن ندرسه في صورة ‏(عهود)‏ و(فترات)‏ تقام على التقسيم الزمني..‏لكننا آثرنا أن ندرسه في صورة ‏(اتجاهات)‏ و ‏(أيدلوجيات)‏ فوفق هذاالأسلوب نجد أنفسنا حقا أمام ‏(مجمعات)‏ فكرية تتيح للقار فرصة‏(الرؤية الكلية)‏ لجزئيات قد تتناثر <strong>هنا</strong> و<strong>هنا</strong>ك وإن كان هذا أشق علىالباحث وأكثر عسرا.‏ولابد من أن أصارح القار أيضا بأن أساس التصنيف إلى ‏(اتجاهات)‏قد ‏(تعدد)‏ فلم يكن واحدا وإلا فقد كان علينا-في حالة اختيار الأساسالواحد-أن نكتفي بالقول بوجود تيار ‏(سلفي)‏ وآخر ‏(تغريبي)‏ أو نقول بتيار‏(قومي)‏ في مقابل تيار ‏(إقليمي..)‏ وهكذا..‏ ولكننا آثرنا هذا ‏(التعديد)‏حتى نتيح للقار فرصة أوسع لرؤية أشمل.‏كذلك لابد أن نصارح القار أيضا بأنه اتساقا مع اثل القائل:‏‏(الع بصيرة واليد قصيرة)‏ فلابد من الاعتراف بأن كاتب هذه السطوركان على وعي تام بضرورة وجود ‏(شخصيات)‏ لها ‏(كتابات)‏ ومواقف وآراءتستحق الإشارة إليها والتنويه بها وأن تنضم إلى مثيلاتها لكن ما كل مايتمنى ارء يدركه.‏ فالكاتب مهما كان يعيش في بقعة جغرافية محدودةوقد لا تتاح له فرصة أن تتوفر لديه كافة اصادر <strong>الخاصة</strong> نطقة شاسعةكعانا العربي ببلدانهاتعددة وكتاباته اخملتلفة وخصوصا أن ‏(الخدمات العلمية)‏ و(الخدماتاكتبية)‏ لم تصل بعد إلى ما وصلت إليه في العالم اتقدم حيث لا تقف7


الفكر التربوي العربي الحديثالحدود الجغرافية عائقا في سبيل اتساع رقعة البحث والدراسة.‏على أي حال فإن ما أستطيع أن أؤكده للقار هو أنه ما من سبيلتيسر للباحث إلا وقد سلكه وما من طريق أتيح له إلا وقد اتجه إليه فإنكان <strong>هنا</strong>ك قصور فإننا نرجو اغفرة وحسب ارء أن يبذل قصارى جهدهوبالله نستع إنه نعم اولى ونعم النصير.‏8


الأبعاد الحضاريةالأبعاد الحضارية لحركة الفكرالتربوي العربي في العصرالحديث1النظام التربوي بصفة عامة والفكر التربويبصفة خاصة كجزء منه إا هو منظومة فرعيةمن نظام أكبر هو البنية الإجتماعية العامة ومنثم فباعتبار الفكر التربوي ‏(جزئية)‏ اجتماعيةكانمن الطبيعي أن يتأثر ويتفاعل مع مختلف اتغيراتالحادثة على اسرح الإجتماعي وبالتالي حتى نعياتجاهات الفكر التربوي العربي الحديث يصبححتما علينا أن نستقر في نظرة ‏(بانورامية)‏الخطوط الرئيسة للمتغيرات والأبعاد الحضاريةفي اجملتمع العربي منذ مطلع العصر الحديثوتحديدا منذ القرن السادس عشر بصفة عامةوالتاسع عشر بصفة خاصة.‏أولا:‏ تراث الماضيالفكر التربوي العربي في العصر الحديث شأنهشأن الفكر على وجه العموم كائن حي متصلالوجود لا يبدأ من نقطة الصفر وإا هو وليد9


الفكر التربوي العربي الحديثمراحل أخرى سابقة وهو-قياسا على ذلك-والد مراحل أخرى تالية ايجعل من المحتم على الباحث في أي فترة من فتراته أن يقف وقفة مهماقصرت أمام ايراث السابق عليها وسعيا وراء تتبع خيوطه العامة وليسمن السهل على الباحث أن يتحدث عن التراث الفكري العربي الإسلاميفي صورة ‏(سمات عامة)‏ ذلك لأن هذا التراث امتد عبر ثلاثة عشر قرنامن الزمان وشمل كما كبيرا من البلدان ا يجعله ‏(متنوعا)‏ و ‏(مختلفا)‏إلى درجة يصعب معها الحصر والتصنيف.‏ ومن ثم فإننا في واقع الأمرسنسوق لقارئنا عددا من السمات ك ‏(أمثلة)‏ فقط مراع بقدر الإمكان ألاتلغى هذه الأمثلة اخملتارة ذلك التباين اكاني وما يفرضه من اختلافاتوألا يقضى على هذه اساحة الزمانية الكبيرة التي توجب تغيرات لا حصرلها.‏١- اوسوعية:‏ فإذا كان من الصحيح أن تاريخنا التربوي قد شهد فكراتربويا محددا كما نرى في كتابات ابن سحنون والقابسي وابن جماعةوشهد أيضا ارسة تربوية محددة كما رأينا في ادارس النظامية إلا أنهلم يعش كنسق فكري مستقل قائم بذاته وإا اتصلت الأسباب وأقيمتالجسور بينه وب غيره من الأنساق اعرفية الأخرى.‏ ولعل التراث التربويلم يكن بدعا في ذلك فاعرفة البشرية على وجه العموم لم تكن قد وصلتإلى ذلك الحد الموس حاليا من الثراء الرهيب والتغير الذي نلهث وراءه.‏ولعل هذا هو الذي مكن كثيرا من افكرين في القرون ااضية من أنيكونوا ‏(موسوعي‏)‏ بحيث لا يقتصر الواحد منهم على أن يكون طبيبا أوفقيها أو فيلسوفاأو غير ذلك من التخصصات وإا يجمع بينها جميعا.‏بل إن منهم من لم يقف عند حد ‏(الإستيعاب)‏ و ‏(الجمع)‏وإا تجاوز ذلكإلى الإبتكار والإبداع في أكثر من فن وأكثر من علم.‏وان نظرات سريعة في بعض ما قدمه عدد من مفكرينا من إنتاج فكريتشير لنا إلى أن ‏(الفكر التربوي)‏ كان جزءا غير مستقل عن النسق الفكريالكلي:-‏فابن حزم-مثلا-كان غزير الإنتاج بحيث كن تصنيف كتاباته إلى أربعةأنواع:‏أولا-دراسات فلسفية وكلامية.‏ ثانيا-دراسات فقهية وشرعية.‏ ثالثا-‏10


الأبعاد الحضاريةدراسات تاريخية وسياسية.‏ رابعا-دراسات خلقية ونفسية.‏فها <strong>هنا</strong> نلاحظ أننا نستطيع أن نقول إن القسم الرابع هو الأقرب إلىالفكر التربوي وذلك كما نرى في كتابه ‏(طوق الحمامة في الألفة والآلاف)‏وكتابه ‏(رسالة الأخلاق والسير)‏ وهي نفسها الرسالة اعنونة ب ‏(مداواةالنفوس).‏لكن هذا لا يعني خلو الأنواع الأخرى من الآراء التربوية التي قد يأتيبعضها بشكل غير مباشر مثل كتابيه ‏(الفصل في الل والأهواء والنحل)‏و(التقريب لحد انطق وادخل فيه)‏فإذا جئنا فكر عملاق آخر مثل ‏(الغزالي)‏فسوف نجد له-كما يعرفمعظم الباحث‏-كما كبيرا من اؤلفات متنوعة الهدف مختلفة اوضوع.‏وأهم هذه الكتابات كتابه اعروف ب ‏(إحياء علوم الدين)‏ الذي يوحي عنوانهبان تصنيفه لا بد من أن يدفع بالباحث أن يضعه في ‏(العلوم الدينية).‏ بل إنهذا ما تدل عليه عناوين بعض موضوعاته مثل:‏ ‏(كتاب أسرار الطهارة)‏و(كتاب أسرار الصلاة ومهماتها)‏و)الباب الخامس في فضل الجمعة وآدابهاوسننها وشروطها)‏(٢) ... إلخ.‏لكنك تجد في نفس الكتاب موضوعات أخرى تقع في دائرة الفكرالتربوي مباشرة وذلك مثل الباب الأول ‏(في فضل العلم والتعليم والتعلموشواهده من النقل والعقل).‏ وكذلك الباب الثاني الذي عقده عن العلمالمحمود واذموم وأقسامهما وأحكامهما وفيه بيان ما هو فرض ع وماهو فرض كفاية ‏(وأيضا الباب الخامس الذي عقده)‏ في آداب اتعلم واعلم..‏وهكذا.‏لكننا نجد له كتبا أخرى مباشرة في التربية وإن كان بعضها صغيرا جدامثل رسالته ‏(أيها الولد)‏ وكتابه ‏(ميزان العمل)‏ الذي يعد مرجعا هاما يالتربية من وجهة النظر الصوفية.‏- أما أبن سينا فله كتب هامة لا توحي عناوينها عالجتها للقضاياالتربوية مثل كتابه ‏(الإشارات)‏ و ‏(الشفاء)‏ و ‏(النجاة)‏ وإن كان الأمر اؤكدهو غير ذلك فقد أفرد أبن سينا في كتابه الشفاء جزءا كبيرا لعلم النفسفتوسع في بحثه وتبسط وكان هذا الجزء هو ارجع الرئيس ذهبه في. (١)11


الفكر التربوي العربي الحديث. (٣). (٤)علم النفسوعلم النفس عند ابن سينا جزء من علم الطبيعة.‏ وهو ينقسم إلىقسم رئيس‏:‏ قسم كن أن نسميه علم النفس ايتافيزيقي وهو يشملالبحث في إثبات وجود النفس وماهيتها وهل هي مادية أو غير مادية ?وعلاقتها بالجسم وخلودها إلى غير ذلك من الأبحاث التي تخرج الآن عندائرة البحث في علم النفس.‏ والقسم الثاني كن أن نسميه علم النفسالطبيعي وهو يشمل دراسة القوى النفسية اخملتلفة.‏ وهذه إما نباتية تتعلقبالتغذية والنمو والتوليد وتهتم بها الآن علوم أخرى غير علم النفس وإماحاسة تشمل الحواس اخملتلفة الظاهرة والباطنة وإما عاقلة.‏هذا وقد نشر الأهواني عددا من رسائل مباشرة لأبن سينا في الدراساتالنفسيةبيد أن هذا الذي أسلفناه لا ينفي أن <strong>هنا</strong>ك عددا من العلماء غلب عليهالإشتغال بالتربية والتعليم وألف فيها كتابات مباشرة تعتبر عمدة في الفكرالتربوي العربي الإسلامي وإن كان معظم هذا قد في عصور متأخرةوهذا شيء طبيعي يتفق ومنطق التطور الحضاري فكلما ازدهرت الحضارةوتنوعت فروعها واستقر مقامها وطال أمدها لا بد من أن يل الباحثونإلى قدر من التخصص ولا بد من أن تظهر بعض الأعمال الدالة على ذلك.‏ولعل من الأمثلة التي كن أن نسوقها <strong>هنا</strong> (٥) كتاب ‏(آداب اتعلم‏)‏لنصير الدين الطوسي (٥٦٧- ٦٧٢ ه)‏ الذي عالج فيه موضوعات مثل:‏‏(أهمية العلم وفضله)‏ و(النية في طلب العلم)‏ و(اختيار اعلم)‏ و(أخلاقالتلميذ)‏ ‏(أخلاق اعلم).‏ومثل كتاب ‏(تذكرة السامع واتكلم في آداب العالم واتعلم)‏ لابن جماعة‎٧٣٣‎ه)‏ ويعد هذا الكتاب من أفضل كتب التربية العربية الإسلاميةلغزارة أفكاره وتنوعهاوما عليه هذه الأفكار من ‏(تقدمية)‏ مثيرة للإعجابوالدهشة.‏ وموضوعاته ‏(آداب العالم مع نفسه ومراعاة طالبه ودرسه)‏و(طريقة التدريس)‏ و(أدب العلم مع طلبته)‏ و(آداب اتعلم مع نفسه)‏و(آدابه مع شيخه).‏كما أن ل ‏(السمعاني)‏ (٥٠٦- ‎٥٦٢‎ه)‏ كتابا هاما بعنوان ‏(أدب الإملاءوالإستملاء)‏ أفاد الكثيرين في هذا الباب نظرا لاعتماد اعلم واتعلم-٦٣٩)12


الأبعاد الحضاريةعلى هذا الفن لافتقاد أدوات الطباعة.‏٢- الإجتماعيةونقصد بها <strong>هنا</strong> بيان كيف تشكلت التربية العربية الإسلامية وفقالاحتياجات الناس ومتطلباتهم في الحياة الدنيا والآخرة ففضلا عما اجتمعفي شخصية النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-من صفات أهلته كي يقودعملية إعادة صياغة شخصية الإنسان العربي ا جعله-وبحق-اربي الأولإلا أنه اعتمد كذلك في سيبل هذا على مجموعة من الأعوان كان لا بد منأن يتسلحوا ختلف اهارات التي لزمت في ذلك الوقت لأحداث التغييرالجذري في اجملتمع بصفة عامة واواطن بصفة خاصة.‏ ومجمل هذهاهارات أو الصفات هي أن يكون:‏ محاربا-عابدا-عاا.‏ وكان يطلق علىمجموعة ارب الأول اسم ‏(القراء).‏وقد كان هؤلاء القراء استنيرون-الذين بادروا بالانضمام إلى الدينالجديد متخل في بعض الحالات عن طبقتهم ‏(مصعب بن عمير-فروة بنمسبك)‏ يعيدون إلى الذهن ما يلحظ في الثورات الكبرى من ظاهرة تخليبعض اثقف عن طبقاتهم وما يربطهم إليها من مصالح وانضمامهم إلىالثورات ومكابدتهم أحوالها وعملهم اخمللص على إنجاحها.‏ ذلك بأن اثقفالحقيقي يكون عادة شخصا تقدميا يؤمن بالتطور ويعمل له ويساعدعليه ويضحي من أجله.‏ وكان الإسلام ثورة تعمل على تغيير اجملتمع وتطويرهاقتصاديا وطبقيا وسياسيا ودينيا طبقا لأنظمة وعلاقات ومباد وعقائدجاء بها الوحي الإلهي حلا لصور التردي الحادة التي كانت تعتمل في كياناجملتمع العربي خاصة والإنساني عامة حينذاك.‏ وكان سهلا على ‏(القار‏)-‏اعلم-بفضل ثقافته ومرونته العقلية وسعة أفقه أن يستجيب لهذه الثورةويهضمها ويدرك أنها السبيل السليم لإصلاح اجملتمع.‏ وس النبي عليهالصلاة والسلام في القراء هذه النزعة التقدمية والإخلاص للدين الجديدإلى جانب التفوق الثقافي فاتخذ منهم طليعة فكرية يدعون للثورة يبشرونبها ويقرئون كتابها ويلقنون تعاليمها.‏ فكيف قام هؤلاء اربون الأول بهذهاهمة (٦) .كان على الفرد إذا أسلم أن يحفظ شيئا من القرآن ويتعلم كيف يصلي13


الفكر التربوي العربي الحديثويصوم ويؤدي الزكاة ويعرف ماذا يحلّ‏ له وماذا يحرم عليه.‏ أي كان عليهأن يعدل من سلوكه في كل من اجملال الغذائي والجنسي والفكري والإجتماعيبحيث يصبح مطابقا للمقاييس التي يحددها الدين الجديد.‏ وكان النبيصلى الله عليه وسلم يتولى بنفسه هذا الجانب الهام من الثورة ويقراسلم الجدد القرآن ويعلّمهم الدين.‏ فلما زاد عدد اسلم وتباعدتأماكنهم لم يجد النبي أكفأ من القراء-اعلم-ثلونه وينوبون عنه فيارسة ذلك العمل الخطير الذي لم يكن شيئا آخر سوى إعادة بناء شخصيةالفرد العربي وإعادة تخطيط اجملتمع العربي في وقت واحد (٧) .وإن إعادة استقراء بعض الكتابات واواقف التي أكدت على أهميةالعمل وضرورته تب لنا أنه كان من أجل اجملتمع بحيث تسقط تلك الدعوىالتي يتصور فيها البعض أن العلم في التربية الإسلامية يطلب لذاته فقطومن أجل هدف أخروي فقط ولنضع أمامنا هذا النص للعامري أحدمفلسفة الإسلام في القرن الرابع الهجري في نيسابور‏«إن كل من آثر لنفسه هذه العقيدة فقد ارتكب خطأ فاحشا فإن العلممبدأ للعمل والعمل ام العلم ولا يرغب في العلوم الفاضلة إلا لأجلالأعمال الصالحة ولو جعل الله الجبلة البشرية مقصورة على تحصيلالعلم دون تقد العمل لكانت القوة العملية إما فضلا زائدا وإما تبعاعارضا ولو أنها كانت كذلك ا كان عدمها ليخل في عمارة البلاد وسياسةالعباد».‏وهكذا يتضح أن الزعم بأن تحصيل اعرفة وحده يكفي باطل وإلا اأثر ذلك على حركة العمران ونشاط السكان والواقع يشهد بخلاف ذلكفالتخلف العلمي يستلزم التخلف الحضاري لأن إصلاح اجملتمع في هذهالحالة سوف يسند إلى الجهلاء الأغبياء ومن أجل ذلك يحذر العامري منخطورة فصل العلم عن العمل فيقول:«كلا إن توهم هذا يؤدي إلى تفويضالأعمال الصالحة بأسرها إلى <strong>ذوي</strong> الجهل والغباوة ولو جعل الأمر كذلكلوجدت الطبيعة الإنسية عند إقامتها الأعمال الصالحة مستغنية عن العلومالحقيقية»‏ (٩) .ومن <strong>هنا</strong> نظر ابن خلدون إلى التعليم باعتباره ‏(صنعة)‏ من الصنائع أوكما نعبر نحن في أيامنا هذه)فنّا(من الفنون العملية التي لا كن أن يقف: (٨)14


: (١٠)الأبعاد الحضاريةالإنسان فيها عند حد العلم بل لا بدّ‏ من امارسة والتدريب حتى يكتسباهارة اطلوبة.‏ والتعليم بطبيعة الحال عندما يتجاوز مجرد العلم إلى‏(الفن)‏ و ‏(اهارة)‏ تتضح إمكاناته في التغيير والتطوير والإصلاح يقول ابنخلدون‏«التعليم للعلم من جملة الصنائع وذلك أن الحذق في العلم والتف فيهوالإستيلاء عليه إا هو بحصول ملكة في الإحاطة بادئه وقواعدهوالوقوف على مسائله واستنباط فروعه من أصوله وما لم تحصل هذهالكة لم يكن الحذق في ذلك اتناول حاصلا وهذه الكة هي غير الفهموالوعي».‏ومن أبرز الإتجاهات الإجتماعية في الفكر التربوي العربي الإسلاميتلك الفكرة التقدمية التي نادى بها ‏(القابسي)‏ عن ضرورة ‏(الإلزام)‏ فيالتعليم.‏ فالذين قصروا التعليم على طبقة معينة وحرموا أغلب الشعب مننعمة اعرفة إا كانوا ينظرون إلى مصلحة طبقتهم لينعموا بالسلطانوالثروة والجاه لأن العلم يفتق الأذهان ويبصر الإنسان بحقوقه وواجباتهويدفعه إلى اطالبة بهما.‏ وحرمان فريق من الناس التعليم هو القتل الأدبيلأنك تقبر العقول وتطمس الأذهان ولعل هذه العقول إذا زالت عنها غشاوةالجهل أن تتفتق عن الخير والحق والعمل الصالح للإنسانية ا لا يستطيعأن يفعله الأغنياءوقد عادت الدول الإسلامية إلى نوع من الأرستقراطية الحادة خصوصافي العصور اتأخرة حيث انطوت الطبقة الرفيعة على نفسها وعلت علىالعامة علوا كبيرا.‏ ولم يكن الحال كذلك في صدر الإسلام.‏ ولا تتفق هذهالنزعة مع الروح الصحيح للإسلام.‏ الدليل على هذه الأرستقراطية هواتخاذ الأمراء ومن شاكلهم من اؤدب لأبنائهم حتى لا يختلطوا بأبناءالعامة في الكتاتيب.‏ وقد أشار الجاحظ إلى ذلك في البيان والتبي عندتقسيم اعلم قسم قسما يعلم أبناء الوك والأمراء وقسما يعلم أبناءالسوقة.‏ وأشار ابن سينا في كتاب السياسة إلى هذه النزعة أيضا فلميقرها وآثر صلحة التعليم وفائدة الطفل أن يشترك مع غيره من الصبيان.‏أما القابسي فإنه خاطب الجمهور وفكر في مصلحته ونظر في فائدةأبنائه وأهمل الكلام على الأمراء والأشراف فلا نجد إشارة إلى هؤلاء. (١١)15


الفكر التربوي العربي الحديثاؤدب الذين يصحبون أولاد الوك لتعليمهم وتأديبهم. (١٢)٣- اللاإقليمية:‏‏(العقيدة الإسلامية)‏ قد شكلت المحور الأساسي الذي دار حوله الإنتاجالفكري في التراث العربي في كافة مجالاته وأشكاله طوال ما يزيد علىثلاثة عشر قرنا من القرون ااضية مثلت القرون الخمسة الأولى منها علىوجه التقريب من بعد ظهور الإسلام ذروة الإزدهار الثقافي.‏ ومن اعروفأن الإنتاج الفكري الذي شهدته هذه انطقة لم يكن جهدا قام به العربوحدهم وإا شاركهم فيه علماء ومفكرون من مختلف البلدان التي انضوتتحت لواء الإسلام ف<strong>هنا</strong>ك فرس وهنود وأتراك وأسبان..‏ إلخ ولكنه إنتاجحضارة قدح زنادها ظهور الدين الإسلامي وأتاح لها النمو والإزدهار اأقامه من نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية ومن <strong>هنا</strong> كان استخدامنافي هذا الفصل عبارة ‏(الفكر التربوي الإسلامي).‏ولعل هذا ما جعل مفكرينا ينتقلون من منطقة إلى أخرى دون حواجزوبلا قيود وأصبح فكر افكر لا يعبر بدقة عن انطقة التي ولد فيها إذقد يولد في خراسان لكنه يتعلم في بغداد وارس كسب رزقه في مصرويؤلف بعض كتبه في الشام فيجيء إنتاجه معبرا عن ‏(الحضارة)‏ التيعاش في كنفها أكثر من تعبيره عن ‏(الإقليم)‏ الذي قضى فيه فترة طويلة أوقصيرة من عمره.‏وباستقراء بسيط لحياة بعض افكرين سنجد بالفعل قلة الإرتباطالإقليمي الذي كن أن يشكل الإطار الرئيس لفكره:‏- فأبو حامد الغزالي ولد في ‏(طوس)‏ إحدى مدن خراسان وانتقل أثناءفترة طلبه العلم إلى مدرسة ‏(جرجان)‏ وبعدها ذهب إلى ‏(نيسابور)‏ وفيهاابتدأ حياة الكتابة والتأليف.‏ وخرج من نيسابور سنة ٤٧٨ ه إلى اعسكرقاصدا نظام الك وظل به حتى ولي التدريس بادرسة النظامية ببغدادسنة ٤٨٤ ه وبعد عدة سنوات تركها هائما على وجهه في إثر الحقيقة سنة٤٨٨ ه ذاهبا إلى الشام وأقام بها مدة سنت ثم رحل منها إلى بيتاقدس ثم تحرك إلى الأراضي الحجازيةفهو في كل هذه البقاع لم يكن مجرد ‏(زائر)‏ وإا ارس عمله العلمي. (١٣)16


الأبعاد الحضاريةبزواياه وأبعاده اخملتلفة بحيث يكون فكره في النهاية ملكا لكل انطقةيعسر على باحث أن يسميه ‏(فارسيا)‏ أو ‏(عراقيا)‏ أو ‏(حجازيا)‏ أو ‏(شاميا)‏وإا يسهل أن نسميه ‏(إسلاميا)ً.‏أما ابن خلدون فقد ولد بتونس سنة ٧٣٢ ه وا بدأ سن التعلم بدأبحفظ القرآن وتجويده حسب انهج الذي كان متبعا في معظم البلادالإسلامية.‏ ولم تنفرد تونس بنظام تعليمي خاص بها يكون له دوره الأساسيفي تشكيل آراء ابن خلدون.‏وعندما نسمع عن الأساتذة الذين تعلم على أيديهم سنجد أن منهم منكان من علماء الأندلس الذين رحلوا إلى بلاد اغرب بعد أن شتتهم الحوادث.‏أما الكتب التي تعلم منها وقرأها وتأثر بها فهي تصور جهد مناطقمتعددة من أرجاء العالم الإسلامي مثل:‏ اللامية في القراءات والرائية فيرسم اصحف وكلتاهما للشاطبي والتسهيل في النحو لأبن مالك وكتابالأغاني لأبي فرج الأصفهاني واعلقات وكتاب الحماسة للأعلم وطائفةمن شعر اتنبي وأبي ام ومعظم كتب الحديث وخاصة صحيح مسلموموطأ الإمام مالك وعلوم الحديث لابن الصلاح وكتاب التهذيب للبرادعيإلى غير ذلك من مصنفاتوقد رحل ابن خلدون إلى بلاد الأندلس بعد أن أقام ببلاد اغرب فترةمن الزمن حيث عينه السلطان عضوا في مجلسه العلمي بفاس سنةه وأتيح له أن يعاود الدرس والقراءة على العلماء والأدباء فيها ورحل إلىغرناطة سنةولا ننسى أن نشير كذلك إلى انتقاله إلى مصر وتدريسه في الأزهر٧٥٥-٧٨٤ ٨٠٨ ه -١٣٨٢). (١٤)٧٦٤ ه (١٥) .وفي ادرسة القمحية وتوليه القضاء في الفترة من‎١٤٠٦‎م).‏فهذا مثال آخر يب ‏(لا إقليمية)‏ مفكرينا على طول التاريخ في عصورهالإسلامية ااضية ونكتفي بهذين اثال إذ تكررا مع الجمهرة الكبرىمن افكرين كما ذكرنا.‏ولعل هذا هو ما جعل باحثا معاصرا يهب للدفاع عن ‏(العقلية العربية)‏مؤكدا أن العلماء اسلم انسوب إلى البلدان الأعجمية في اشرقالإسلامي فارس وخراسان وأذربيجان,‏ وما وراء النهر وخوارزم وبلاد17


الفكر التربوي العربي الحديثالجزيرة ليسوا جميعا من الأعاجم كما ذكر كثيرون وإا يوجد منهمأعداد كبيرة جدا يرجعون في أصولهم إلى أنساب عربية صريحة.‏ وبينهممن أنجب عددا كبيرا من العلماء والأدباء الذين انتشروا في أقطار اشرقالإسلامي وبلدانه كالبيت السمعاني والدوحة الصاعدية وآل الجوينيوالعلماء البكري والعمري والعثماني والعلوي والأموي والعباسيوالتميمي والشيباني وغيرهم من العرب الذين ينتسبون إلى اواطنالأعجمية ويضافون إليهاوقد بذل الدكتور ناجي معروف جهدا ضخما دقيقا في محاولة إثباتالأصل العرب لكثير من افكرين والعلماء والفلاسفة الذين شهدتهم الحضارةالإسلامية.‏ ولسنا في مجال <strong>هنا</strong> يسمح ناقشة هذه القضية وكل مانستطيع قوله أن ‏(العقيدة)-كما قدمنا-كانت هي ‏(الجنسية)‏ الأساسية وأنهاهي التي أتاحت الفرصة لمحو الحدود ب بلدان انطقة ‏(وعربتها)‏ لأنلغتها هي العربية.‏. (١٦)٤- الصراع الفكري والإظلام الفكري:‏لقد أدى ما ذكرنا إلى اتساع كل من الرقعت الجغرافية والزمنية للفكرالتربوي العربي وإلى أن تتسع مساحته لكم كبير من الإتجاهات والتياراتإلى درجة التناقض الشديد والإختلاف الساخن ا كان يجعل ‏(الفكرة)‏تتوارى أحيانا لتخلي الساحة ل ‏(السلاح)‏ وغذى من ذلك وشدّ‏ من أزره تلكالتناقضات الطبقية الواضحة عندما بدأت أنهار الثروة تتدفق على الدولةالإسلامية فعرف الثراء الفاحش طريقه إلى هؤلاء الذين يتولون أمر السلطةوالقيادة ومن يتصل بهم ويلتف حولهم وفي نفس الوقت عرف الفقرطريقه إلى آلاف من اسلم لم تنقذهم منه تلك النصوص العديدةالإسلامية التي تحثّ‏ على التكافل الإجتماعي وتوجب الزكاة والصدقةذلك لأن ‏«الظلم الإجتماعي»‏ و«الإستبداد السياسي»‏ عرفا أيضا الطريقإلى دهاليز القيادات وأصحاب السلطة فغابت بعض اباد والأسسالرئيسة.‏وعرف أصحاب السلطان والجاه كيف يلوون ذراع الحقائق والآراء فدفعوابالأموال إلى بعض العلماء وأصحاب الفكر الذي طوعوا لهم الرأي وفقا ا18


الفكر التربوي العربي الحديثاوحدين تقبيح علم الكلام وكراهية السلف إياه وهجرهم من ظهر عليهشيء منه ورا أدى أكثره إلى اختلال العقائد وكتبوا إلى البلاد بالتشديدفي نبذ الخوض في شيء منه وتوعد من وجد عنده شيء من كتبه.‏وفي هذا اناخ الذي سيطر فيه الفقهاء ودعوا فيه إلى نبذ التفلسفبحجة حماية الدين نجد ‏(اراكشي)‏ يصف بعض أحوال دولة اوحدينفيقول..‏ : ‏«فظهرت في البلاد مناكير كثيرة واستولى النساء على الأحوالوأسندت إليهن الأمور وصارت كل امرأة من أكابر تونة مشتملة على كلمفسد وشرير وقاطع سبيل وصاحب خمر وماخور...»‏وفي سلسلة هذه الحملات كتب ‏(جلال الدين السيوطي)‏ كتابا هاجمفيه التفلسف بعنوان ‏(صون انطق والكلام عن فني انطق والكلام)!‏ !ذهب فيه إلى أن الفلسفة جاءت إلى العالم الإسلامي عن طريق اليونانوأهل اليونان القدامى أهل كفر ووثنية.‏وكتب أبن عطاء الله السكندري كتابا بعنوان ‏(التنوير في إسقاط التدبير)‏يعتبر آية لعهود الظلام الذي ران على العقل العربي (٢٠) .ثانيا:‏ المتغيرات السياسية والإجتماعيةوإذا كان تراث ااضي لا ينتهي بانقضاء زمنه وإا يظل فاعلا فيالحاضر وخاصة في الجوانب الفكرية حيث إن هذا التراث قد انطلق منمنطلق ديني بالدرجة الأولى ا يتيح له فرصة استمرار التأثير فإنالحاضر بظروفه السياسية والإجتماعية يشكل ‏(الوعاء)‏ أو ‏(اسرح)‏ الذييتم فيه وعليه التفكير والتنظير والتوجيه التربوي.‏ إن النظام السياسيعادة تكون له السطوة الكبرى على تشكيل وتوجيه النظام التعليمي بحيثيستوجب هذا الوعي بتوجهات هذا النظام لحسن الوعي باتجاهات الفكرالتربوي.‏ واجملتمع هو استهدف بالعمل التربوي ا يوجب أيضا علىافكر التربوي أن يكون على وعي تام بالبنية الأساسية لهذا اجملتمعواحتياجاتها.‏ولعل هذه الحقائق التي أصبحت معظم ادارس والفلسفات التربويةاعاصرة تسلم بها توجب علينا محاولة استقراء بعض اتغيرات السياسيةوالإجتماعية التي شهدها اجملتمع العربي منذ القرن السادس عشر دون20


الفكر التربوي العربي الحديثفي مصلحة الصهيونية العاية حيث كانت غالبية الحكومات العربية ضعيفةأمام الإستعماروكانت الجماهير العربية بدون تنظيمات ثورية ولا قياداتواعية.‏ج-أن الإدارة الفلسطينية البريطانية كانت تساهم في تشجيع الغزووتهيئ البلاد لهذا الغزو.‏وثل الثقافة العربية أحد اواقع الإستراتيجية التي تتجه إليها السياسةالإسرائيلية في تطبيقها بدأ الإستيعاب من خلال الدوائر اتخصصة فيالشؤون العربية اوجودة في مختلف اؤسسات الإسرائيلية وذلك نظرا اتقوم به الثقافة العربية من دور بارز في حفظ مقومات الشخصية العربيةالقومية (٢٨) ‏.والثقافة العربية بهذا التحديد ثل جبهة لا بد للسياسةالإسرائيلية من اختراقها إذا أريد للأهداف الصهيونية أن ترى النور ويكونذلك الإختراق من خلال تقويض أركان هذه الثقافة ومحاصرتها ومن أهمعناصر الحصار (٢٩) :١- <strong>هنا</strong>ك حالة احتلال مباشرة بالنسبة لأرض النكبة الأولى قبل أكثرمن ثلث قرن وبالنسبة لأرض النكبة الثانية أكثر من سدس قرن (١٩٦٧)وفي الحالت استولى العدو على الأرض والحالة الثقافية فيها غير مزدهرةولا ناضجة ولا متمكنة.‏٢- <strong>هنا</strong>ك حالة احتلال شامل من قبل الطرف الغازي اغلوب ومتداخلةفيه فالإحتلال الصهيوني لا يتم عن طريق جيش بعيد عن قواعده ولكنيتم عن طريق جيش وسكان وتداخل بشري اجتماعي اقتصادي إدارييجعل الأرض المحتلة منطقة مفتوحة بكل ما في هذه الكلمة من معنىويجعل استعمرين الصهيوني في وضع أفضل كثيرا ا كان عليه وضعاستعمرين الأوروبي في ااضي.‏٣- يصاحب الغزو الثقافي أشكال أخرى من الغزو انظم غزو بشريعن طريق الإستيطان وغزو اقتصادي عن طريق إلحاق اقتصاد الضفةوالقطاع بالإقتصاد الإسرائيلي وغزو عسكري مطلق الصلاحية غير مقيدبأي اعتبار.‏٤- يصاحب الغزو الثقافي غزو نفسي عن طريق اختصاصي غيرغرباء عن ثقافة انطقة وعقلية أهلها.وكثيرون منهم يتقنون لغة الشعب24


الأبعاد الحضاريةاغلوب ويعرفون ماله وما عليه وا يجدر ذكره <strong>هنا</strong> أن الجامعة العبريةفي القدس مثلا تعد من اؤسسات التي لها باع طويل في مجال الدراساتاتعلقة بالبلاد العربية ماضيا وحاضرا.‏ كما يوجد في فلسط المحتلةمركز للدراسات استقبلية اتعلقة بفلسط والوطن العربي.‏٥- يصاحب الغزو الثقافي للأراضي المحتلة تدهور مستمر في الوضعالعربي من حولها لا يسمح بإعطاء الصمود الفلسطيني في الداخل بارقةأمل بل إنه يفاجئ اناضل وجات من الخلافات والتحزبات تصاحبهاضغوط تشتت نضالهم وتبدده.‏ ف<strong>هنا</strong>ك دائما اسلسل اتجدد للخلافاتالعربية العربية ثم العربية الفلسطينية وأخيرا الفلسطينية الفلسطينيةخارج الأرض المحتلة ا يؤدي إلى إطفاء كل جذوة أمل بالخلاص القريبمن الإحتلال وشروره.‏٤- حركات التحرير والثورة:‏فقد كان من الطبيعي لقوى الثورة العربية ألا تركن إلى تلك الحال التيصيرها إليها الإستعمار فكان أن شهدنا العديد من حركات التحرير والثورةتحرير البلدان العربية من أشكال الإستعماروالثورة على صور الظلمالإجتماعي والإستغلال الإقتصادي.‏فلما كانت إنجلترا شديدة الحرص على اجتذاب العرب إلى جانبها فينضالها ضد الأتراك ضمانا للنصر في النهاية في الحرب العاية الأولىدخلت في مفاوضات سرية مع الحس بن علي كبير الأشراف وأمير مكةونشط الإنجليز في إثارة العرب ضد الأتراك بزعمهم أن قضية الحلفاءوقضية استغلال العرب متلازمتان وساعد ذلك بالفعل على هزة الأتراكوجلوا عن انطقة العربية لا لكي يستقل العرب بل لتتلقفهم أيدي الحلفاءأنفسهم.‏وفي مصر أدركت القوى الوطنية خطر التسلل الإستعماري إليها وتتفتحالعيون على مشاهد تنطق بالظلم الصارخ والإستغلال الفادح فكان أن قاماصريون بثورتهم بقيادة أحمد عرابي عام ‎١٨٨١‎‏.وقد أدى فشل هذه الثورةإلى أن تظل سياسة اواجهة مع الإستعمارعدة سنوات هي النضالالدبلوماسي والسياسي في الخارج والكتابات واظاهرات الوطنية العزلاء25


الفكر التربوي العربي الحديثفي الداخل (٣٠) وكان قيام ثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢ إيذانا بفترة تحولتاريخي كبير لا في مصر وحدها بل في انطقة العربية كلها فبينما كانعبد الناصر يتحدث عن استقلال مصر في علاقاتها الدولية كانت الأجزاءالأخرى من الوطن العربي تستقبل كلماته بالإعتزاز والإحساس بالكرامة.‏وفي كلمته أمام أول مؤر دولي يحضره وكان في باندونج سنةأعلن باسم بلاده تعهده أن تشن بلاده الحرب بكل ما لديها من طاقاتووسائل على الإستعمار والسيطرة الأجنبية وأن تكشف الأقنعة كلها التيقد يختفي الإستعمار وراءها محاربة إياه في عرينهوشهدت الشام ثورة هامة في سنة ١٩٢٥ على الفرنسي ثم كان لهزةفرنسا في الحرب العاية الثانية أبعد الأثر في تطور سوريا ولبنان فعندماقامت الحرب العاية الثانية كان نظام الإنتداب في أوج قوته وإذا بسورياولبنان تسبقان البلاد العربية المحيطة بهما إلى الحصول على الإستقلالدون التقيد بواحدة من تلك اعاهدات غير اتكافئةكذلك تضافرت عوامل عدة ساعدت على قيام ثورة العراق الكبرى سنة١٩٢٠ فضلا عن العامل الأساسي وهو الإحتلال البريطاني.‏ وقد بلغ التحركالثوري في العراق مداه بإسقاط النظام الكي وقيام النظام الجمهوريوإسقاط حلف بغداد وذلك من خلال ثورة ١٤ يوليو عاموفي تونس نشطت الحركة الوطنية بعد انتهاء الحرب العاية الأولىفتأسست بعض الأحزاب و حاول عبد العزيز الثعالبي وهو أحد زعماءحزب تونس الفتاة عرض قضية بلاده على مؤر الصلح في فرساي سنة١٩١٩ لكن الدول لم تسمح له فاستمر هو وغيره من الوطني يواصلونكفاحهم.‏وكذلك اغرب ‏(مراكش)‏ لم تخمد فيه حركة الجهاد بل لقد تطورتإلى حرب عنيفة قام بها أهل اغرب بقيادة الأمير محمد عبد الكرالخطابي وقد أحرز انتصارات كثيرة ولم تخمد حركته إلا بعد أن تحالفتقوات فرنسا وأسبانيا عليه سنة ١٩٢٦ وزادت الحركة الوطنية قوة بتوليالسلطان محمد بن يوسف عرش اغرب لإانه بحق بلاده في الإستقلالوتقريبه الزعماء الوطني ومقاومة أساليب الإستعمار الفرنسي ما وسعته(٣٣)اقاومة.‏١٩٥٥.١٩٥٨. (٣١). (٣٢)26


الأبعاد الحضاريةأما الجزائر فقد فاقت الحركة الثورية فيها حركة جارتيها واستمرتبأقصى درجات العنف منذ أن أطلقت رصاصتها الأولى سنةنالت استقلالها سنة ١٩٦٢ وعرفت ثورتها بأنها ثورة)اليون شهيد(لكثرة ماقدمت من ضحايا على طريق النضال ضد الإستعمار.‏ولقد وجدت مجتمعات <strong>الخليج</strong> نفسها تواجه تحديا استعماريا غربياسيطر على مقدراتها فترة زمنية طويلة كما وجدت نفسها كيانات صغيرةمجزأة تعيش خلخلة سكانية في عصر التكتلات والإنفجار السكاني العايكما أنها اكتشفت أن أحداث تاريخها كانت مرتبطة بأحداث العرب فيأقطارهم وأن الأحداث التي تقع في أجزاء الوطن العربي كان لها انعكاساتهاعلى هذه انطقة إضافة إلى الترابط الإجتماعي والإمتزاج السكاني الذي ب سكان انطقة وأخوتهم العرب من الأقطار الأخرى في العقود الأربعةالأخيرة خاصة لذا كان توجه الحركة الوطنية في هذه انطقة قومياعربيا في كل مراحله ينشد الإرتباط اصيري بالأمة العربية ويعتقد أنحل مشكلاته الأساسية غير كن بدون حل مشكلات الوطن العربيالكبير (٣٤) .١٩٥٤ حتى-٥ التجزئة..‏ .هي حقيقة من حقائق الوجود العربي الحديث لا بد من الإعتراف بها لامن حيث الشرعية وإا من حيث ‏(الوجود)‏ لأن الوعي بها سوف يفسر لناالكثير من تلك الآراء التي سوف نصادفها في الفكر التربوي التي تكتسيزي الإقليمية.‏إن أخطر ما صنعه الإستعمار في الوطن العربي هو التجزئة وأخطرما نشأ عن هذه التجزئة هو الإقليمية وأخطر ما نشأ عن هذه الإقليميةهو الطبقة استفيدة من التجزئة والإقليمية على السواء.‏ ولا يجوز لنا أننتوقع من هذه الطبقة غير الدفاع عن التجزئة بانطق الإقليمي واستفيدالأول من كل هذا هو الإستعمار والإمبريالية والصهيونية لأن الإمكاناتالعربية الإستراتيجية التي كن الإستفادة منها كأسلحة مؤثرة في مواقفالدول الكبرى وموقف الولايات اتحدة الأمريكية بشكل خاص تبقى إمكاناتمعطلة ولن يستفاد منها كما أثبتت الأحداث إلاّ‏ بتغير الواقع العربي (٣٥) .27


الفكر التربوي العربي الحديثإن للقوى الإستعمارية والإمبريالية مصالح إستراتيجية في الوطن العربيتجعلها في حالة تآمر مستمر ضد الثورة العربية وحركة التحرير الوطنيوالقومي وفي حالة تأهب دائم للدفاع عن التجزئة والإقليمية ولمحاربةالوحدة العربية.‏ وعلى الرغم من أن هذه القوى معادية بطبيعتها لتحررالشعوب وتقدمها واستقلالها إلا أنها لا تدافع عن التجزئة والإقليميةدفاعا عن هذا الحكم أو ذاك وإا هي بذلك تدافع عن مصالحها في هذاالوطن ولا تتردد لحظة واحدة في تدبير الإنقلابات إذا أحست أن مصلحتهاتقتضي ذلك (٣٦) .وعلى سبيل اثال فبالقدر الذي كان فيه التعليم والثقافة ينتشرانوتزداد هجرة العرب إلى هذه انطقة للإسهام في نهضتها وارتباطها العربيكان على النقيض من ذلك تعزيز وترسيخ للإقليمية بدوافع مادية وبعمليةمقصودة تعمل على تسطيح فكر اواطن بقبول ما يطرحه الإعلام الرسميوالفئات اتخلفة في اجملتمع من فكر إقليمي مضافا إليه تسرب ذلكالفكر في مناهج التعليم لتربية الناشئة على الفكر الذي يناقض الوطنيةوالقومية في الوقت الذي يدعي فيه الوطنية فيما يطرحه أو يغلفه منأفكار لا تخدم اجملتمع بل تؤثر في مستقبل أجياله فينشأ لدينا جيلمشوش غير قادر على التمييز ب الوطنية والإقليمية في ظل التسطيحالثقافي اقصود في كثير من الأحيان (٣٧) .٦- الوحدة:‏ولم يكن ا يخالف طبائع الأمر أنه في الوقت الذي نجد فيه ‏(حقيقة)‏التجزئة وعملاءها وأنصارها أن نجد على الطرف الآخر لا ‏(حقيقة)‏الوحدة و إا ‏(مقوماتها)‏ و ‏(عناصرها)‏ وأن كانت غير مؤدية على استوىالتنفيذي إلى ‏(شكل)‏ فعال قوي وإطار إيجابي يضم الجزئيات اتعددةوافردات مختلفة الإتجاهات.‏ بل إننا لا نبعد عن الحقيقة إذا قلنا إن‏(الطبيعي)‏ هو الوحدة رغم عدم تحققها وغير الطبيعي هو التجزئة رغموجودها...‏ الأولى هي الصحة..‏ والثانية هي ارض !!ومعنى هذا أن الوحدة العربية قانون طبيعي يقوم على مقوماتومشاهدات وحقائق يثبتها التاريخ العربي والتاريخ العاي على السواء.‏28


الأبعاد الحضاريةوعلى أساس هذه الحقائق التاريخية تقوم الوحدة العربية كحقيقة كبرىتسندها كل هذه اقومات التاريخية الحقيقية ومن <strong>هنا</strong> كانت الوحدة العربيةحقيقة من حقائق التاريخ (٣٨) وإن لم تتحول إلى حقيقة ‏(سياسية)‏ منحقائق الوجود العربي اعاصر وعلى الرغم من أن الفكر القومي العربيبدأ يتبلور مع اضمحلال الإمبراطورية العثمانية وبدء الهجمة الإستعماريةالأوروبية على الوطن العربي انتشر بدرجات متفاوتة في أوساط اثقففي كل الأقطار العربية فإن هذا الفكر لم يترجم في حركة سياسية موحدةتنسق نضالها على مستوى الوطن العربي كله.‏ وقد ساعد على ذلك أن هذهالهجمة لم تتم من جانب دولة واحدة وإا شاركت فيها دول أوروبيةعديدة كما أنها لم تتم في وقت واحد ومارست كل دولة استعمارية أسلوباالعربية التي خضعت لها لفترات متباينة في إدارة شؤون اناطق يزاوهكذا فرضت ظروف النضال ضد الإستعمار في كل قطر عربي انبثاقحركات تحرر مستقلة أصبح لكل منها منطقها الخاص وديناميكيتها <strong>الخاصة</strong>وأحرزت نجاحات متفاوتة طبقا لظروف الواقع الإجتماعي الخاص بكلمنها فبينما كن بعض الأقطار العربية بقيادة البورجوازية الوطنية منالحصول على استقلالها السياسي في مراحل مبكرة انفصلت فيها مرحلتاالتحرر الإجتماعي والإقتصادي نجد أن هات ارحلت قد تداخلتا فيإطار حركات التحرر التي اندلعت في أقطار عربية أخرى بقيادة قوى ثوريةاجتماعية جديدة فحركات التحرر في الوطن العربي بدأت إذن قبل أنيقوم أول مشروع جماعي للوحدة العربية اتمثل في جامعة الدولالعربية (٣٩) .والجامعة العربية عندما قامت قامت على أكتاف عدد من الأقطارالعربية التي كانت قد حصلت على استقلالها السياسي من الناحية الشكليةفي الوقت الذي كانت فيه الأقطار العربية الأخرى لا تزال خاضعةللإستعمار.‏ لكن الواقع أن الدول اؤسسة للجامعة العربية لم تكن قداستكملت بعد كل مقومات استقلالها السياسي فقد كانت قوات الإحتلاللا تزال تابعة في معظمها وجاءت الصيغة التي قامت عليها الجامعة العربيةمكرسة للتجزئة فهي صيغة للتعاون الإختياري ب الدول الأعضاء وليستخطوة على طريق الوحدة التي تطلعت إليها الجماهير العربية كما أنها29


الفكر التربوي العربي الحديثصيغة حكومية محضة لم تفسح اجملال في أي من أجهزتها لأي ثيلشعبي وهكذا لم تكن الجامعة العربية مركزا للتفاعلات الإجتماعية فيالوطن العربي وإا كانت ولا تزال مجرد مركز للتنسيق ب السياساتالعربية الرسمية (٤٠) . لكن هذه السياسات العربية الرسمية نفسها كانت ولاتزال عرضة لتقلبات وهزات شديدة نتيجة ظروف متعددة لا مجال للحديثعنها <strong>هنا</strong>.‏وفي الحقيقة فإن تتبع مراحل تطور النظام الإقليمي العربي بالدراسةوالتحليل تبرز عدة سمات تؤكد على طبيعته كنظام متميز عن غيره منالنظم الإقليمية اعروفة في العالم الصناعي كنظام أوروبا الغربية أو فيالعالم النامي كنظام أمريكا اللاتينية والنظام الأفريقي ونظام جنوب شرقآسيا.‏ وإذا كنا قد توارثنا تلك اقولات التي أشرنا إليها في البداية عنوحدة اللغة والدين والتاريخ واصير كأهم العناصر التي تربط ب شعوبمتجاورة إلا أنها مقولات-رغم أهميتها-لم تكن كافية لتفسير ظواهر يزانطقة العربية عن غيرها من اناطق إلا في حدود اختلافها عن غيرهابشريا وجغرافيا لذلك كان من الضروري وضع إطار نظري يكفل تتبعالسمات العامة الأخرى لهذا النظام في حالة حركة ودينامية خلافا اجرى عليه الباحثون وانظرون في موضوع ‏«‏يز»‏ انطقة العربية.‏ إنالسمات الثابتة تقدم صورة ساكنة تنفع لكل العصور والأجيال قد تشفيحنينا إلى ااضي أو تغذي أحلاما في استقبل ولكنها في الحقيقة تقدمدليلا على وجود نظام له قلب وأطراف وقيادة وتفاعلات فاللغة اشتركةإذا لم تستخدم كأداة للإتصال والتفاعل عبر الحدود السياسية تصبح غيرذات موضوع وكذا التاريخ واصير إن لم يشكلا قوة ديناميكية دافعة فيانطقة تشتبك الأطراف وتتوافق أو تتصارع بشأنهما يصبحا وجهات نظرأكادية لا صلة لها بواقع تطوّر اجملتمع.‏كذلك فإنه من الأهمية كان أن تؤكد السمات العامة ككل متكامل لأنالأخذ بكل منها على حدة كمؤشر على وجود نظام متميز أو عدم وجودهيخل بالإطار النظري الذي يفترض تكامل جميع اتغيرات وتداخلها فينسيج معقد ا فيها السمات الثابتة للنظام كالتجاور واوقع الجغرافيواللغة والدين والتاريخ اشترك (٤١) .30


. (٤٢)الأبعاد الحضارية٧- النفط:‏ظلّ‏ قطاع النفط حتى منتصف الخمسينات يغلب عليه طابع ‏(الجزيرةالإقتصادية انعزلة)‏ انقطعة الصلة بغيرها من قطاعات الإنتاج المحليةمن الأقطار العربية النفطيةوأول ما كان للنفط من انعكاسات على الأوضاع الإقتصادية العربية هوالزيادة الكبيرة ا للدول النفطية العربية من وزن نسبي في الناتج المحليالإجمالي للدول العربية وهذا التزايد في الوزن النسبي قد جعل القوةالإقتصادية للدول النفطية تزداد داخل الوطن العربي واقترن هذا التطوربازدياد التباين الهيكلي ب الإقتصادات النفطية العربية من ناحيةواقتصادات الدول العربية غير النفطية من ناحية أخرى وذلك من عدةجوانب أهمها ضخامة التفاوت النسبي ب الأقطار العربية من حيثمستوى نصيب الفرد من الناتج القومي فيها وتزايد التفاوت ب مستوياتوأاط الإستهلاك ب الأقطار العربية بسبب التفاوت في ادخول وانقسامالأقطار العربية إلى مجموعت من حيث أوضاع موازين ادفوعاتوعلى الرغم ا تضمنه هذا الوضع نظريا من إمكانات للتعاون بالأقطار العربية سواء انطلاقا من مفهوم العروبة أو باعتبار أن كافة هذهالأقطار-نفطية وغير نفطية-تصنف ضمن قائمة البلدان النامية في العالمالتي ما زالت تعاني من مشاكل التخلف الإقتصادي والإجتماعي فإنالشواهد اتاحة تشير بوضوح إلى أن هذا الإنقسام قد لعب-على العكس-‏دورا كمصدر للإنقسام ب هات اجملموعت من الأقطار خاصة وقدتطابقت حدوده مع حدود انقسامات أخرى إذ يرى البعض أن النفط-بغضالنظر عن آثاره الإيجابية على الوطن العربي-قد أسهم عن طريق الإنقسامالسابق في خلق تناقضات ب الأقطار العربية وكلما اتسعت الهوّة بالأقطار العربية النفطية وغير النفطية زادت التناقضات بينهاكذلك فإن النتيجة انطقية للإتجاه نحو تزايد الإنفاق الإستهلاكيالخاص لاسيما الإنفاق على السلع الإستهلاكية اعمرة واظهرية هيالحد من قدرة اجملتمعات اصدرة للعمالة على الإدخار وتبديد جزء هاممن ادخرات التي يجنيها العاملون في الخارج في شكل سلع استهلاكيةبدلا من أن تصب في ‏«الأوعية الإدخارية»‏ اعروفة لكي توضع تحت تصرف. (٤٣). (٤٤)31


الفكر التربوي العربي الحديثاجملتمع الذي يحتاجها بشدة من أجل ويل الإستثمارات التي تتطلبهاعملية التنمية (٤٥) .وعندما تصبح التجارة هي الأساس-كما أصبح الأمر في اجملتمعاتالنفطية-وعندما توجد بجوارها نشاطات أخرى تقوم عليها يصبح منالصعب تحديد مفهوم العمل وتضطرب قيمه وتختلط ‏(بالإرتزاق ( ويكوناعنى الشائع هو الدخول في أي عمل ما دام يدرّ‏ ربحا.‏ وتصبح قيمة العملالطاغية هي الوصول للثروة بغض النظر عن قيم هذا العمل وأدوارهالإجتماعية.‏ ومن الناحية الأخرى تهبط قيمة كثير من اهن الأخرى حتىوإن كان اجملتمع في حاجة إليها.‏ ومسألة الإرتزاق هذه تشيع قيما أخرىوتدعمها أهمها ‏(الحظ)‏ و ‏(الوساطة).‏وما دام العمل والبذل والتعليم ليست سالك للصعود في كل الحالاتفمعنى ذلك إحلال الإستسهال محل الجد وهذا يتبدى لا من مجرد اسلكاليومي للبشر وإا يتجسد في الإستثمارات الشائعة في الأعمال اصرفيةواضاربات.‏ وشيوع هذا الإستسهال كما يذهب ‏(حليم بركات)‏ كمظهرسلوكي وقيمي يفضي إلى القناعة بالآنية وغياب النظرة استقبلية وقبولالحلول السهلة اطروحة الوسطية غالبا.‏ ويتدرج مثل هذا التوجه من القضاياالشخصية حتى أنه كن أن يصل إلى القضايا القومية واصيرية ليصيبهابنفس النظرة والتعامل ومن الناحية الأخرى عندما يشيع الإستسهالوتتصدر الوساطة يصبح الشخص موضوع التعاطف والعطف هوالشخص)اتمسكن ‏(لا اتحدي اواجه الجريء الشجاع ا يصاحبهلا مجرد إشاعة السلبية بل إصابة الأشخاص بالعجز وفقدان الثقة لا فيالإنسان وقدراته فقط وإا في اجملتمع ونظمه ومعاييره وقيمه (٤٦) .٩- التخلف الإقتصادي:‏من افروض أن د النظام التعليمي الإقتصاد القائم بالقوى البشريةواهارات الفنية اللازمة لحسن استغلاله وتطويره كما أن من افروض أنالقدرة الإقتصادية للمجتمع هي اع الرئيس الذي ده بكل ما هو فيحاجة إليه من ويل خملتلف مكوناته وأجهزته..‏ وهذا وذاك يؤكدان تلكالحقيقة القائلة بأنك إذا أردت أن تقف على حقيقة النظام التربوي جملتمع32


. (٤٧)الأبعاد الحضاريةما فلن يتأتى لك هذا إلا قدار علمك بوضعه الإقتصادي.‏فإذا ما حاولنا أن نقف على حقيقة الأوضاع الإقتصادية في عاناالعربي في العصور الحديثة فسوف نجد أنها في جملتها الهامة كانتتتسم ا يتسم به الإقتصاد النامي عادة.‏ وثل تجربة محمد على المحاولةالأولى في الوطن العربي لكسر ط الإقطاع العسكري العثماني وللقيامبتطور اقتصادي مستقل كان بإمكانه إحداث ثورة صناعية في انطقةولكن عدم وجود طبقات قادرة على حماية اكاسب الإقتصادية التي حققتهاالثورة الإقتصادية في عهد عمد علي مكّن من ضرب هذه التجربة استقلةفي التنمية بسهولة ويسر من قبل القوى الأوروبية اتحالفة مع السلطةالعثمانية فإخفاق النظام في تطوير الكية <strong>الخاصة</strong> مع رسملةالإقتصادوعدم نضوج حركة فلاحية أو عمالية في هذا الوقت ‏(فالكلكانوا عبارة عن عامل لدى الدولة أو محمد علي شخصيا)‏ حكم علىالتجربة بالإنهيار مع الهزة العسكرية التي مني بهاومع هزة حكم محمد علي زالت العقبة الأخيرة أمام الإمبرياليةالغربية في اختراق انطقة الذي بدأ بالتنازلات التركية وفرضت قواعدما يسمى بالتجارة الحرة ا أدّى إلى انهيار الإحتكارات الصناعية التيأقامها محمد علي وتحوّلت انطقة بالأساس إلى مورد مواد زراعية أولية.‏وتدعم النمط الإقتصادي اعروف باسم ‏(تصدير السلع الأولية)‏ دة قرنأو أكثر من الزمان حتى الستينات من القرن العشرين.‏ ويطلق البعض علىهذه الفترة فترة سيادة النظام الرأسمالي في انطقة.‏ ولكن نلاحظ أنالإستعمار الغربي لم يكسر سيطرة النسق السياسي أو ‏(سيطرة الدولة)‏على مسار النمو الإقتصادي.‏ فدخول القوى الأوروبية الرأسمالية إلى انطقةالعربية كان من امكن أن يكسر هذا الإطار لو أنها سعت لرسملة الإقتصادالعربي.‏ ولكن ‏ّت الرسملة في إطار العلاقات الإجتماعية اتخلفة اتوارثةعن النظام العثماني والنظم املوكيةأما بدءا من النصف الثاني من القرن العشرين وحتى الآن فإننا-‏إجمالا ومع التقريب-بإلقاء نظرة سريعة على خريطة توزيع القوى انتجةفي العالم العربي نجد أن أكثر من نصف الأراضي القابلة للزراعة تركز فيأربع دول عربية هي السودان واغرب والجزائر وسوريا.‏ وبإضافة العراق. (٤٨)33


الفكر التربوي العربي الحديثتصبح الدول الخمس ثل ٦٨ باائة من جملة اساحة الزراعية.‏ وكذلكالشأن في تفاوت توزيع الخدمات الأساسية والثروات اعدنية ب بلدانالعالم العربي ولعل ‏(النفط)‏ يشكل اثال الصارخ دى التوزيع اتفاوتللموارد الطبيعية فيما ب الأقطار العربية (٤٩) .ويبلغ التفاوت أشده فيما يتعلق بتوزيع القوى انتجة البشرية إذ يتضحمن دراسات توزيع السكان على مستوى العالم العربي أن ثلاث دول عربيةفقط هي مصر واغرب والعراق تضم نصف سكان انطقة العربية وأنعشر دول عربية تتركز فيها نسبة ٩١ باائة من اوارد البشرية بينما يتوزعالتسعة في اائة الباقية من جملة سكان انطقة العربية على العشر الأخرى.‏أما فيما يتعلق بطبيعة ومستوى تطور القوى انتجة فيلاحظ أن هيكلالصناعة العربية ‏(على ضعفه)‏ يتصف بغلبة الصناعات الإستهلاكية حيثمثلت ٦١ باائة مقابل ٣٩ باائة للصناعات الوسيطة والرأسمالية. (٥٠)ثالثا:‏ المؤثرات الأجنبيةلقد رو ‏ّج اؤرخون الغربيون ومن جاراهم من مؤرخي العرب الذين تتلمذواعليهم فكرة خطيرة جدا تتلخص بأن العالم العربي قبل الوجود الغربي أوقبل التحدي الغربي كان في سبات عميق حضاريا تجمد في القرونالوسطى وأن أوضاعه السياسية والإجتماعية كانت على درجة عالية منالإستقرار نتيجة لتسلط سياسي واجتماعي لفئات معينة وأنه بدأ يتحركويتساءل ويحاول التغيير إثر صدمة القوة الغربية.‏ ورغم أن هذه الفكرة مازالت مسيطرة على معظم ما يكتب عن العالم العربي إلا أن البحوثوالدراسات القليلة التي رفضت الأسس الفكرية للعصور والتاريخالإستشراقي تدل دلالة واضحة على أن حركات التغيير في العالم العربيومحاولات استئناف النشاط الفكري السياسي سبقت الوجود العسكريفي انطقة وكان للوجود الإستعماري أثر سلبي على هذه الحركات الأصيلةبحيث أنه شوهها وحول وجهتها وأهدافها وسلبها أصالتها (٥١) .ومن أوضح الأمثلة على خطأ التاريخ اشار إليه هو اوقف من الحملةالفرنسية فادرسة الإستعمارية-والتي يقع كثير من العرب تحت تأثيرهاأغلبهم بحسن نية-تجعل من الحملة الفرنسية بداية تاريخنا القومي..‏ بداية34


الأبعاد الحضاريةتحررنا من الإستعمار التركي وخروجنا من القرون الوسطى.‏ ولكن الحملةالفرنسية في واقع الأمر هي بداية غزو الإمبريالية الغربية الحديثة للشرق..‏وإذا كانت هذه حقيقة مؤكدة فإنها تتعايش مع حقيقة أخرى لا نستطيع أنننكرها وهي أن هذه الحملة كانت ‏(فرصة)‏ كبرى للوقوف على بعض منجزاتالحضارة الغربية الحديثة ا فتح الباب لعدد من مؤثراتها أن تلج إلىثقافة هذه انطقة وتترك عليها بصمات متعددة:‏مواجهة حضارية..‏ على أسنة الرماح:‏إنه ما يصعب إنكاره أن الفرنسي عندما جاءوا إلى مصر أيقظوافي اصري ذكريات قدة لغارة الأوروبي الصليبي على العالمالإسلامي واعتقدوا أنها غارة جديدة لا تلبث أن تتحطم أمام صدماتاماليك القوية كما تحطمت غاراتهم من قبل أمام قطز وبيبرس وقلاوونوما لبثوا أن أدركوا أن عهد اماليك العظام قد مضى وأن اماليك الذينيحكمونهم ليسوا إلا ظلالا لبطولة أفلت وانقضى عهدهاولا شك في أن الشعب اصري كان ثل لقائد الحملة أهم العناصرالتي ينبغي عليه أن يقيم بينه وبينها جسرا إعلاميا.‏ ولقد كانت وسيلةالإعلام الرئيسة التي استخدمها بونابرت في مخاطبة اصري والتيتبعه فيها خليفتاه من بعده هي انشورات العربية اطبوعة وكانت هذهالوسيلة جديدة على اصري فلم يعرفوا قبلها من وسائل الإعلام إلاالوسائل الشفهية التي كانت شائعة قبل اختراع الطباعة مثل انادي فيالطرق والإذاعة عن طريق ثلي السلطات أو رجال الدين من منابراساجد وفي غيرها من أماكن العبادة وخاصة في أوقات الصلوات الجامعة. (٥٣)والواقع أن الحملة لم تقض اما على تلك الوسائل التقليدية القدةوإا استعانت بها كذلك وخاصة في القرى ولقد سجل ذلك في أكثر منموضع اؤرخ اعروف عبد الرحمن الجبرتيوا يجدر ذكره أن العلماء الذين وفدوا إلى مصر مع الحملة كانواينتمون إلى هيئت منفصلت كان لكل منهما قوامها الخاص بها ولا يربطبينهما سوى صلة العلم وتضافر الجهود العلمية فحسب وما ‏(لجنة العلوم. (٥٢). (٥٤)35


الفكر التربوي العربي الحديثوالفنون)‏ و ‏(اجملمع العلمي اصري)‏ أما الأولى فكانت تلك التي تألفت فيفرنسا كجزء من الحملة الذاهبة إلى مصر وأما الثانية هيئة ‏(اجملمعالعلمي)‏ فكانت تلك التي ّ تشكيلها في مصر بعد أن دخل نابليون القاهرة.‏فقد صدر قرار من حكومة الإدارة في ١٧٩٨ يطلب إلى وزيرالداخلية أن يضع تحت تصرف نابليون بونابرت اهندس والفنان وغيرهممن أعضاء الهيئات التي تخضع لإشراف وزارة الداخلية وكذلك مختلفالأشياء التي يريدها بونابرت لحملتهوهكذا عاش العلماء في مصر عيشة دأب وبحث وتنقيب وانتشر أفرادهموجماعاتهم في طول البلاد وعرضها يفحصون ويكشفونولكن ماذا كان موقف ‏(العلماء)‏ اصري ?يقول بونابرت في مذكراته إنه لكي يسوس ‏(هؤلاء الناس-أي اصري‏-‏لا بد من وسطاء يسعون بيننا وبينهم وكان لا بد أن نقيم عليهم رؤساء وإلاأقاموا رؤساءهم بأنفسهم وقد فضل العلماء وفقهاء الشريعة لأنهم-أولا-‏كانوا كذلك-أي رؤساءهم بطبيعتهم-وثانيا-لأنهم كانوا مفسري القرآن.‏ومعروف أن أكبر العقبات تنشأ عن أفكار دينية وثالثا لأن للعلماء خلقالينا ولأنهم-دون نزاع-أكثر أهل البلاد فضيلة لا يعرفون كيف يركبون حصانا (٥٦)/ ٣ / ١٦. (٥٥)ولا قبل لهم بأي عمل حربي وقد أفدت منهم كثيرا واتّخذت منهم سبيلاللتفاهم مع الشعب (٥٧) .مسالك الثقافة الغربية إلى الفكر العربي.‏وإذا كنا نستخدم <strong>هنا</strong> مصطلح ‏(الثقافة الغربية)‏ فإننا لا نقصره كماجرت عادة كثيرين على غرب أوروبا والولايات اتحدة الأمريكية وإانقصد به أوروبا شرقها وغربها وكذلك أمريكا واضع في الإعتبار بطبيعةالحال أن غرب أوروبا والولايات اتحدة يستأثران بالكم الأكبر من الدراسةاتساقا مع حركة التاريخ-كما سنكشف عنها-التي تؤكد على أنهما مصدرا‏(التأثير)‏ الأكبر والأقدم والأخطر.‏كذلك فان حديثنا إذا كان سيتناول ‏(الفكر العربي)‏ في كليته من حيثخضوعه ؤثرات الثقافة الغربية فإن ذلك إا يعكس مسلمة رئيسة تقومعليها هذه الدراسة وهي أن الفكر التربوي إن هو إلا شريحة من هذا36


٤الأبعاد الحضاريةالفكر ‏(الأب)‏ وبالتالي فإن معظم ما خضع له هذا اصدر الرئيس خضعله بالتالي ذاك القطاع التربوي وإذا ما حدث اختلاف فإا هو فيالدرجة وفي سعة الإنتشار أو التأثر.‏ولعلنا بعد هذا نستطيع أن نجمل اسالك التي انتقلت عن طريقهااؤثرات الأجنبية الغربية إلى فكرنا العربي بصفة عامة والتربوي بصفةخاصة من الدروب الآتية والتي تتفاوت أهمية وقوة وفاعلية باختلافالزمان واكان والقوة اؤثرة والأهداف اطلوب تحقيقها عن طريقها.‏١- التبشير:‏ ونحن إذ نشدد النكير على ‏(التبشير)‏ فلأنه كان ‏(حصانطروادة)‏ للإستعمارولو كان خالصا لوجه الله والدين ما كنا نقف منه هذااوقف.‏ يقول ‏(غاردنر):‏ ‏«إن القوة التي تكمن في الإسلام هي التي تخيفأوروبا ويحاول ابشرون أن يروا العداوة ب الإسلام والغرب دينية ولكنالحقيقة لا تلبث أن تظهر في فلتات لسانهم فإذا هي سياسية»‏ (٥٨) .وكان القس ‏«زور»‏ رئيس إرسالية التبشير العربية في البحرين أولمن ابتكر فكرة عقد مؤر عام يجمع إرساليات التبشير البروتستانتيةوعقد مؤرا بالفعل في (٤ ١٩٥٦) / بالقاهرة وقد صنف هذا ابشركتابا جمع فيه بعض تقارير عن التبشير وسماه ‏(العالم الإسلامي اليوم)‏وجاء في هذا الكتاب قول سكرتير اؤر إن الخطة العدائية التي انتهجهاالشبان اسلمون اتعلمون اضطرت ابشرين في القطر اصري إلى محاولةإعادة ثقة الشبان اسلم بهم فصار هؤلاء ابشرون يلقون محاضراتفي موضوعات اجتماعية وخلقية وتاريخية لا يستطردون فيها إلى مباحثالدين رغبة في جذب قلوب اسلم إليهم.‏ وأنشؤوا بعد ذلك في القاهرةمجلة أسبوعية اسمها ‏(الشرق والغرب)‏ افتتحوا بها بابا غير ديني يبحثونفيه الشؤون الإجتماعية والتاريخية وأسسوا أيضا مكتبة لبيع الكتب بأثمانقليلة والغرض من ذلك استجلاب الزبائن ومحادثتهم في أثناء البيع.‏وقد بدأت الإرساليات التبشيرية تفد إلى بلاد الشام في القرن السابععشر وفي عام ١٨٤٧ أنشأ ابشرون البروتستانت ‏(الجمعية السورية)‏ فيبيروت لغرض نشر العلوم وترقية الفنون ب العرب.‏ وكان من أعضائهاالبارزين ناصيف اليازجي واعلم بطرس البستاني والدكتور ميخائيلمشاقة وميخائيل مدور ونعمة ثابت وأنطونيوس الأميوني ومن الأجانب37


الفكر التربوي العربي الحديثالقس عالي سميث والدكتور فاندابك والقس طومسون واستشرق منصوركرلتي والدكتور يوحنا ورثبات وتشرشل.‏ وفي عام ١٨٥٢ أصدرت هذهالجمعية مجلة تحمل أسمها وعهد إلى اعلم بطرس البستاني بتحريرها (٥٩) .وفي سنة ١٨٥٧ أنشئت الجمعية العلمية السورية على غرار الجمعيةالسورية واختلفت عنها بأنها كانت خليطا من اسلم واسيحي وظلتعاملة حتى عام ١٨٦٨ وحصلت على اعتراف الدولة العثمانية الرسمي بها. (٦٠)وشهدت الجزيرة العربية نشاطا خطيرا للإرسالية الأمريكية العربية.‏وهي إرسالية بروتستانتية قام بتشكيلها الدكتور لانسنج Lansing الذي كانوالده نفسه مبشرا في سوريا دة طويلة في النصف الأول من القرن التاسععشر ولانسنج هذا كان أستاذ اللغة العربية في معهد اللاهوت في ‏(نيوبرونسوك)‏ New Brunswick في ولاية نيوجرسي الأمريكية وبدأت الإرساليةنشاطها الفعلي سنةوأقامت الإرسالية عدة ‏(محطات)‏ أولها في البصرة بالعراق التيأصبحت في السنوات التالية مركزا وقاعدة لعملياتهم في منطقة <strong>الخليج</strong>العربي.‏ وعند استقرار أوضاع الإرسالية في البصرة رأى ابشرون أنالوقت قد حان لافتتاح محطة جديدة في <strong>الخليج</strong> ووقع اختيارهم علىالبحرين وكان ذلك سنة ١٨٩٢ واستطاعت في السنة التالية أن تنشئمستشفى ومدرسة.‏ ثم تحركت الإرسالية بعد ذلك لإقامة محطة أخرى فيمسقط تعتبر موقعا حساسا إذ كانت تسيطر على الطرف الجنوبي للخليجالعربي وكان التبشير في تلك انطقة بالذات على درجة كبيرة من الأهميةللدور التاريخي الذي لعبه العمانيون في شرق أفريقيا (٦٢) ‏.وبعد ذلك انتقلوالافتتاح مركز آخر في الكويت..‏ . إلى غير ذلك من محطات ومراكز.‏وبعد خمس وثمان سنة من النشاط اتواصل للإرسالية العربيةالأمريكية في <strong>الخليج</strong> العربي اتخذ مؤر الكنيسة الإصلاحية انعقد فيشهر مارس سنة ١٩٧٣ قرارا بوضع حد لعمل الإرسالية العربية الأمريكيةواؤسسات التابعة لها.‏ ومنذ ذلك التاريخ والإرسالية مغلقة رسميا وصارتكل واحدة من مؤسساتها تدار محليا وأصبحت علاقتها بالكنيسة الإصلاحيةمجرد علاقة أدبية (٦٣) .. (٦١)١٨٨٩38


الأبعاد الحضارية٢- دور النشر:‏ والاحظة الأساسية التي تبرز أمامنا <strong>هنا</strong> هي أن الدولالكبرى إذ تنشئ في البلاد العربية مراكز لنشر ثقافتها وعلومها فإنالطابع الغالب يكون سياسيا وإن تغلف بغلاف من الرغبة اعلنة في توسيعدائرة الثقافة وتبادل اعلومات.‏ ورا يكون من العسير علينا تتبع الأمثلةعلى ذلك ومن <strong>هنا</strong> فسوف نكتفي ثال واحد ؤسسة للنشر كان لها دورخطير في ثقافتنا اعاصرة وخاصة في مجال الفكر التربوي وذلك نظراللكم الكبير من الكتب التربوية التي نشرتها ولذلك التعاون الوثيق الذي بينها وب القيادات اسؤولة عن التعليم.‏فقد ابتدأت)‏ مؤسسة فرانكل للطباعة والنشر القاهرة-نيويورك (وهي اؤسسة التي ظلت تطالعنا يوميا بإعلاناتها عن الكتب الهامة جدا‏«كتب لا بد أن تقرأ»‏ نشاطها الثقافي بالقاهرة منذ سنة ١٩٥٣ ذلك تنفيذالاتفاقية التبادل الثقافي ب الحكومة اصرية وأمريكا وأخذت مؤسسةفرانكل بنيويورك على عاتقها تنفيذ عملية التبادل الثقافي هذه على أنتضطلع همة ‏(نقل أمهات الكتب الأمريكية)‏ إلى اللغة العربية واقترحعليها بعض اثقف ن استشارتهم هذه اؤسسة حينذاك ألا تكتفيبنقل الكتب الأمريكية فقط بل يحسن أن تنقل إلى العربية أمهات الكتبالإنسانية والعاية أيا كانت.ولكن اؤسسة كانت تعرف اما الغاية التيتعمل من أجلها وهي نشر كل ما هو أمريكي أو يعبر عن وجهة نظرهم فقطأولا وقبل كل شيء وضربت بهذه النصيحة وأمثالها عرض الحائط أوعرض البحروكان افروض أيضا أن تساعد هذه اؤسسة أيضا على نقل أمهاتالكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية ولكن ذلك لم يوضع قط موضع التنفيذالجاد لأن اقصود فقط هو التسلل إلى الثقافة العربية كهدف مرحلي منأهداف نشر هذه اؤسسة للثقافة هدف غايته البعيدة احتواء الثقافةالعربية وطبعها بطابع مع‏.‏وقد كانت اباد اعلنة وادعاة محاولة للتغلب على ما ووجهت بهاؤسسة من كشف لحقيقتها كمؤسسة تروج بيننا فكرا غير قومي فيأحسن حالاته واستطاع أن يجعل من هؤلاء الخبراء واستشارين من العلماءالعرب متحدث باسم اؤسسة بل ومدافع عنها وأن يجعل اؤسسة. (٦٤)39


الفكر التربوي العربي الحديثتتولى تنفيذ ‏«مشروع»‏ الكتب الدراسية واراجع الأمريكية اترجمة ‏«لحسابوزارة التربية والتعليم في مصر»‏ تنفيذا للتشريع الأمريكي الذي يجيزاستخدام جزء من فائض ثمن الأغذية التي تبيعها أمريكا في الأغراضالثقافية والتعليمية حتى وصل الأمر أن توزع اؤسسة على ادارس-منكتاب واحد-عدة آلاف من النسخ..‏ . باجملانوعندما يتحدث وكلاء وزارة التربية والتعليم في مصر في الفترة اشارإليها مثلا وأساتذة في معاهد اعلم وكلية التربية وكبار اديرين عنهذه اؤسسة ويحثون اعلم العرب على قراءة هذه الكتب والإستفادةمنها وعندما يشيدون بجهود هذه اؤسسة الثقافية فإا يستغلون أسوأاستغلال وأبشعه عملهم ووظائفهم الإشرافية والقيادية وسلطتهم في الدعايةؤسسة أجنبية وفي العمل على تكوين الولاء لها لدى اواطن منمرؤوسيهم وهم يساعدون بذلك على تنمية الثقة لديهم في هذه الكتبوفي ‏(الثقافة)‏ التي تقدمها ويعملون بذلك على أن ينزعوا منهم اوقفالنقدي إزاء ما يقرؤون-أي اوقف الذي ينبغي أن يعود اعلمون قراءهمعليه-وبالتالي يسلمون بصحة ما يقرؤون وتبنيه ولا يتخذون موقفا مستقلافي ثقافتهم٣- ادارس الأجنبية:‏ والكم الأكبر من ادارس الأجنبية التي أنشئتفي أرجاء العالم العربي كانت تقيمه الإرساليات التبشيرية فضلا عنالقوى السياسية اخملتلفة.‏ والحق أن الدول الغربية ما طمحت إلى الاستيلاءعلى بلد أو إقليم من قارة أفريقيا أو من الشرق عموما إلا وسبقت إليهابافتتاح ادارس ومن ثم تتخلق بأخلاقهم ليمهدوا لها طريق الإفتتاحوالإستعمار علما منها بأن مأمورية هؤلاء اعلم ليست عبارة عن بثأخلاق وعوائد وتعاليم دينية كانت أو فنية وهم إذا دخلوا قرية وظهروابهذا اظهر لا يلاقون معارضة أو انعة لأن حجتهم نشر العلم والتهذيبورفع لواء التمدن ومتى تأسست ادارس الأجنبية وفتحت أبوابها للراغباستأثر بالتعليم فيها رجالها القادمون لهذه الغايةولا نستطيع أن ننكر في أن هذه ادارس قد أخرجت عددا من الخريجالعرب الذين يتقنون اللغات الأجنبية وخاصة اللغت الإنجليزية والفرنسيةويجيدون التحدث بهما وكتابتهما.‏ غير أن هذه ادارس كانت تشكل الشباب. (٦٧). (٦٥). (٦٦)40


الأبعاد الحضاريةالعربي تشكيلا يناسب اتجاهاتها وأغراضها سواء أكانت دينية اجتماعيةأم سياسية وتوجه تفكيرهم الوجهة التي ترغب فيها.‏ فقد كانت بعضالكتب الدراسية التي تفرضها بعض هذه ادارس على تلاميذها موضوعةبطريقة استعمارية لا تتمشى مع الإتجاهات القومية العربية.‏ والثابت اوجد من كتب في مكتبات هذه ادارس أن كل نوع من أنواع التعليم يتبعدولة معينة لها مصالح خاصة في البلد العربي كان يقوم بدعاية واسعةلتلك الدولة وكانت الكتب التي تعطى لتلاميذ هذا النوع من التعليم تشملجيدا لتلك الدولة.‏ وشملت بعض الكتب أفكارا كان لها أثرها السيئ علىتلاميذ هذه ادارس فالفكرة التي كانت توجد في كتب ادارس الأجنببةفي مصر أن مصر بلد زراعي وليس بلدا صناعيا رسبت في أذهان كثيرينهي عجز مصر عن أن تنهض نهضة صناعية.‏ كذلك الأفكار الإستعماريةالتي كانت توضع في تلك الكتب لبث الفرقة ب أبناء الوطن العربي وجيدالإستعمار واستعمرين ودراسة تاريخهم بشكل جدهم ويضع ب يديالتلاميذ صورة واضحة عن تفوقهم اادي والعلمي والأدبي هذا مع إغفالتاريخ العرب وعظمة انطقة وثروتها وحضارتها الأصيلةأما من الناحية الإجتماعيةفإن تنوع التعليم-رغم أنه مرغوب فيه-وتنوعالثقافات اخملتلفة اتعددة في التعليم الأجنبي قد أثر على الأسر العربيةالتي توفد أبناءها وبناتها إلى هذه ادارس فقد نجد في انزل الواحد أنالأم ذات ثقافة أمريكية والأب ذو ثقافة عربية والابنة ذات ثقافة فرنسيةوالابن ذو ثقافة إنجليزية.‏ وعلى استوى القومي نجد <strong>هنا</strong>ك من يتشيعونللثقافة الفرنسية ومن يتشيعون للأمريكية أو الإنجليزية أو الأانيةولكل منهم تفكيره الخاص واتجاهه الخاص.‏ وبدهي أن يخفا من ذلكتعارض كل هذه الثقافات والإتجاهات والعادات في الأسرةفإذا ما أردنا الوقوف على أمثلة من الجهود الأجنبية في إنشاء ادارسفسنجد أن مدرسة عينطورة أقدم مدارس الإرساليات في لبنان إذ أنشئتعام ١٨٣٤ من قبل ابشرين العازاري‏.‏ وبعد ذلك بعام أنشأ القس وليمطومسون الأمريكي مدرسة في بيروت وأقام الدكتور كرنيليوس فاندايكمدرسة عالية في عبيه-لبنان.‏ وفي عام ١٨٤٧ أنشأ ابشرون البروتستانت‏(الكلية السورية)‏ التي كانت تدرس العلوم باللغة العربية في بداية عهدها (٧٠) .. (٦٨). (٦٩)41


الفكر التربوي العربي الحديثوبعد حوادث الفتنة الأهلية السورية سنة ١٨٦٠ أخذ ابشرون ينشئونادارس والكليات الكبرى ففي سنة ١٨٦٠ أنشأت السيدة بوين طومسون‏(الكلية الإنجيلية الأمريكانية للبنات).‏ وفي سنة ١٨٦١ أنشئت ‏(الكليةالإنجليزية للبنات).‏ وفي سنة ١٨٦٥ تأسست ادرسة البطريركية للرومالكاثوليك ثم مدرسة الثلاثة أقمار للروم الأرثوذكس في سوق الغربونقلت هذه عام ١٨٦٦ إلى بيروت وأنشأ اطران السيد يوسف الدبسمدرسة ‏(الحكمة)‏ للطائفة اارونية سنة ١٨٦٥ كما أنشأ ارسلون الأمريكان‏(الكلية الأمريكية)‏ في بيروت سنة ١٨٦٦ بفضل مساعي دانيال بلس أولرئيس للكلية وأسس الآباء اليسوعيون ‏(الكلية اليسوعية)‏ في غزير ثمنقلت إلى بيروت سنة ١٨٧٤ وكانت تنفق عليها الحكومة الفرنسيةوالتعليم ادرسي والتربية الأخلاقية اللذان يعني بهما ابشرون قدأسفرا عن نتائج خطيرة وأثمرا ثمرات ملحوظة في الأطفال واراهقعلى حد سواء.يقول القس ‏(زور)‏ الذي بذل جهودا كبيرة في نشر التعليمالأجنبي في الجزيرة العربية إنه جمع تلاميذه اسلم مرة ووضع بأيديهم كرة ثل الكرة الأرضية ثم حول عليها نورا قويا وبرهن لهم بذلكعلى أن الأمر بصيام شهر رمضان ليس آتيا من عند الله لأنه يتعذر أداءهذه الفريضة في بعض البلاد (٧٢) .وقد بدأت الخدمة التعليمية للإرسالية الأمريكية العربية في البحرينفي نفس الوقت الذي بدأت فيه الخدمة الطبية فيها وكانت أول مدرسةللتعليم الحديث على النظام الغربي أنشئت <strong>هنا</strong>ك هي ادرسة التي أقامتهاالإرسالية سنة ١٨٩٣ والتي افتتحتها السيدة س.‏ زور S.هذه ادرسة هي الأولى من نوعها في منطقة <strong>الخليج</strong> العربي وليس فيالبحرين وحدهاوكان الآباء قلق على أبنائهم خشية أن يتحولوا عن دينهم وكان انهجالتعليمي يتألف من اللغة الإنجليزية الكتاب اقدس الحساب اللغة العربيةوفي مقابلة صحفية مع السيد ناصيف وهو أحد مدرسي الإرسالية القدامىذكر أن موضوعات الدراسة كانت هكذا وأضاف إليها:‏ الحساب الجغرافياالتاريخ.‏ وحول طبيعة هذه الدراسة تحدث السيد أحمد إبراهيم أحد قدامىتلاميذ الإرسالية في البحرين فقال:‏ ‏«لقد كانت الدراسة اليومية تبدأ عادة. (٧١)Zwemer وكانت. (٧٣)42


. (٧٥)الأبعاد الحضارية/٣٦(٧٤) % الولايات اتحدة (٣٥%) العالم العربي (٦٬٣%).-/٨١/ ٤بالصلاة اسيحية وقراءة من الإنجيل.‏ والواقع أننا رغم صغر سننا كنانناقش مدرسينا في ديننا حيث إننا قد تعلمنا الدين الإسلامي في البيتوكانت القاعدة الدينية لدينا متينة فكان من الصعوبة التأثير علينا دينيا»‏ (٧٤) .وكانت الجامعة الأمريكية في بيروت وذجا فريدا فهي اركز الرئيسيللإشعاع الفكري الغربي بصفة عامة والأمريكي بصفة خاصة خاصة وأنالأغلبية الساحقة من طلبتها عرب.وسجل التاريخ حقيقة فاجعة وهي أنثلاثة أجيال من افكرين والأدباء العرب على الأقل تلقوا العلم في رحابهذه الجامعة فأثمرت فيهم أخطر ثمار الأيديولوجيا الغربية فليستمصادفة على الإطلاق أن تكون منابر ‏(الحرية الليبرالية)‏ و ‏(الإقتصادالحر ّ) و ‏(الرأسمالية الشعبية)‏ و(الأدب غير التزم)‏ و(القوميات الإقليميةالشوفينية)‏ وغيرها من الشعارات واناهج اعادية لتقدم الوطن العربيوتطوره هي انابر ادعمة بأموال ‏(فورد)‏و(روكفلر)‏ و(العلماء العرب)‏ منمثقفي الجامعة الأمريكية في لبنانو<strong>هنا</strong>ك دراسة خطيرة نشرتها مجلة ‏(ميدل إيست جورنال)‏ اجمللدج ١٩٨٢ أجراها أستاذ للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرةخلال العام ١٩٨٢ حول الإتجاهات السياسية لطلاب الجامعة الذينيلاحظ أنهم في الغالب أبناء ‏(الصفوة)‏ في مصر ونؤكد النتائج على الأثرالخطير ثل هذه الجامعة على اتجاهات الطلاب الذين يتولون في أغلبالأحوال وبحكم مواقعهم الطبقية امتازة-مناصب قيادية-‏ (٧٦) .فح سألهم أيا من الآتي تعتبره شخصيتك السياسية عنى لأيمجتمع تنتمي ?كانت إجاباتهم : مصري (٧٠٬٣%) عربي (١١%) مسلم (٩٬٦%)وح سألهم إذا أعطيت الحرية لتختار جنسيتك ما هو البلد الذيكن أن تختاره ?أجابوا:‏ مصروعندما سألهم أيا من الآتي يصف بصدق شخصية مصر السياسية ?أجابوا :x مصر قلب الأمة العربية (٥٬٨ %)x مصر جزء من الحضارة الغربية وعالم البحر اتوسط (٣٬٩%)x مصر أرض الفراعنة (٥٣٬٩%).43


الفكر التربوي العربي الحديثوعندما سألهم هل مصر تنتمي إلى العالم العربي أجاب بالرفض (٢٨٬٩%)وح سألهم هل على مصر التزامات تجاه العالم العربي أجاب باوافقة(% ٢٨٬٧)ويؤكد الباحث الأمريكي على أن عملية التغريب قد تركت آثارا بالغةعلى طبقة الإنتماء التي يز هذه النخبة وأبناءها حيث يلاحظ أنمن أبناء النخبة من طلاب الجامعة الأمريكية قد فضلوا العمل بعد التخرجخارج مصر وأن ١٣ ‏%فقط هم الذين قبلوا العمل بداخلها ولكن واصفاتوشروط محددة ! !٤- البعثات.‏ لا شك في أن إرسال طلاب من الدول العربية إلى الدولالغربية ليستمروا <strong>هنا</strong>ك سنوات عدة لا تقل عن أربع سنوات على وجهالتقريب ل ‏«التتلمذ»‏ على أيدي الأساتذة الغربي في مختلف العلوم والفنونفي معاهد أكادية مخصصة للتعليم والبحث..‏ هو في اعتقادنا-أقوىوأرسخ اسالك التي عبرت من خلالها اؤثرات الأجنبية إلى الثقافة العربية.‏وقد ابتدأ محمد علي يرسل الطلبة اصري إلى أوروبا حوالي سنة١٨١٣ وما بعدها.‏ وأول بلاد اتجه إليها فكره هو إيطاليا لدرس الفنونالعسكرية وبناء السفن وغير ذلك من الفنون.‏ أما أول بعثة علمية كبرىفقد أرسلت إلى فرنسا في يوليه سنة ١٨٢٦ وأخذ أعضاؤها ينتظمون فيسلك ادارس الفرنسية ويتلقون العلوم والفنون بإشراف اسيو جوماروعندما سافر رفاعة الطهطاوي إلى باريس رأى من حضارة الغرب ماارتفع به الغرب على سائر الأمصار فأخذ يحث ‏«ديار الإسلام على البحثعن العلوم البرانية والفنون والصنائع فإن كمال ذلك ببلاد الإفرنج أمرثابت شائع.‏ والحق أن يتبع ولعمر الله إنني مدة إقامتي بهذه البلاد فيحسرة على تعها بذلك وخلو الك الإسلام منه»‏ (٧٨) .وقد قويت شوكة الإفرنج ببراعتهم وتدبيرهم بل وعدلهم ومعرفتهم فيالحروب وتنوعهم واختراعهم فيها ولولا أن الإسلام منصور بقدرة اللهسبحانه وتعالى لكان كلا شيء بالنسبة لقوتهم وسوادهم وثروتهموبراعتهم.»‏فالرجل يؤمن بتفوق الغرب ويدرك أسباب تفوقه وبحث بني وطنهعلى تلمسه والسعي إليه.وعلى أهل العلم ‏«حث جميع الناس على الإشتغال%٦٦. (٧٧)44


الأبعاد الحضاريةبالعلوم والفنون الصنائع النافعة»‏ فأخذ يعلم ويبشر بالعلم ويدعو إليه بعدأن أدرك أن تفوق الغرب على الشرق هو في تقدمه وتفوقه في مضمارالعلوم والفنون والصنائع أو ما أسماها ‏«العلوم الحكمية»‏ (٧٩) .وتوفيق الحكيم يكتب لنا نصا هاما يصور فيه الأثر الأوروبي عليه بأنه‏(إعصار)‏ وهو تشبيه حقيقي وتصوير دقيق وهو مجرد مثال حدث لغيرهمثل ما حدث له من طلاب العلم العرب الذين ذهبوا إلى الغرب لكن ‏(روحالفنان)‏ و ‏(أسلوب الأديب)‏ مكّناه من أن يصور ويرسم بصدق تعبير.‏فهو كان يريد دراسة الدكتوراه في بداية الأمر في الحقوق فأخذيدرس الإقتصاد السياسي والتشريع الصناعي وتاريخ اذاهب الإقتصاديةمن أرسطو حتى كارل ماركس.‏ وقد جره أرسطو إلى دراسة الفلسفة اليونانيةوكارل ماركس إلى هيجل والفلسفة اليونانية.‏ وكان التركيز-فيما يقول-فيذلك الوقت على ماركس بالذات للحدث العظيم الذي شغل أوروبا وقتئذوهو ثورة روسيا واهتمام مفكري العالم بهذه التجربة الإنسانية الحية وماتحمل في طياتها من آمال (٨٠) . ثم يقول بعد تعداد لبعض الكتب التي قرأهاودرسها:‏ «.. ولكن الذي حدث في عقلي كان شيئا مخيفا فكأني فتحتنافذة في رأس هب منها إعصار هائل قلب كل شيء»...‏ويذهب إلى صديق له وبطرح سؤالا خطيرا:«أجبني حالا:‏ هل تؤمنحقا بالجنة والنار ?» ويدهش الصديق من التساؤل فيرد الحكيم:‏ ‏«إننا فيمرحلة يجب أن نطرح فيها كل شيء على العقل ليطمئن منا القلب»‏ (٨١) . ثميذكر مرة أخرى:‏‏«..ولكني كنت في بيئة تفكير ولأول مرة أشعر بشيء خطير حدث فيحياتي هذا الإنتقال السريع من عصر إلى عصر.‏ كنت كسمكة النيل الهادخرجت فجأة إلى موج تبرق فيه الأفكار وترعد وتتخذ فيه العقول صورةالخيول تركض ركضا في كل حلبة من حلبات النشاط الإنساني كل حاجزتتخطاه وكل عقبة تقفز من فوقها والركود عندها هو اوت..‏ إذن كناأمواتا ونحن لا نشعر وأحسست بالعقل يتحرك كالهر حديث العهد بالجريفرح بحركة سيقانه يشب عليها ويحاول الجري مع الخيول»‏ (٢٨) .ووسط عديد من اؤثرات نجد طه حس يقع أسير ما تخلفه الحروبمن احباطات فقد ما صادفته الحرب العاية الأولى في فرنسا فيذكر45


الفكر التربوي العربي الحديث‏«محت الحرب من نفسي كل ثقة وأزالت عنها كل يق وأهدرت فيها كلقيمة للعمل والأمل والحياة فأنا أحيا لغير شيء أو قل إني لا أحيا وإاأنتظر شيئا مجهولا»‏ (٨٣) .لكنه لا ينسى أن يزج بتلك التربية ‏(الجاهلة)‏ التي أحاطت به في طفولتهنتاج ثقافة متخلفة وبيئة متردية..«فأشعر بأن نشأتي في مصر هي التيدفعتني إلى هذا كله دفعا وفرضت هذا كله علي فرضا لأني لم أنشأ نشأةمنظمة ولم تسيطر على تربتي وتعليمي أصول مستقيمة مقررة وإا كانتحياتي مضطربة كلها أشد الإضطراب تدفعني إلى وتدفعني إلىشمال وتقف بي أحيانا ب ذلك»‏ (٨٤) .وكان للإرتباط بالثقافة الفرنسية أثره بعد عودة طه حس إلى وطنهسنة ١٩١٩ حيث ارتبط بصداقة الكثير من افكرين اعاصرين مثل ‏(أندريهجيد)‏ و(ماسينيون)‏ و(سارتر)‏ و(بول فاليري).‏ وقد حاول أن يؤرخ للأدبالفرنسي في بعض كتبه.‏ وله عديد من اقالات يدرس فيها البيئة الفرنسيةوالشعراء والفلاسفة الفرنسي ويترجم بعض القصص والرواياتالفرنسية.‏ وح ع عميدا لكلية الآداب أنشأ قسما جديدا للدراساتالفرنسية على غرار الأقسام في جامعة السوربون وأتى بكبار الأساتذةالفرنسي وشجع توجيه البعثات إلى فرنسا.‏وثل الثقافة الفرنسية عند طه حس وذجا رائعا وصورة حيةوامتدادا للثقافة اليونانية في تطور العقل البشري وأثره العظيم في كلعصر.‏ ويقف طه حس عند الثقافة الفرنسية في عصر النهضة وأولالعصر الحديث بنوع خاص لأنها كانت ‏«معتدلة وحريصة على ألا تقيداؤلف إلا قدار حرصها على أن تلائم ب ما تنتج على ما فيه منالتجديد وب ما هو قائم من النظام والتجديد»‏ لأن الأمة الفرنسية اتأثرةبالطبيعة اللاتينية واتأثرة بطبيعة هذه الحضارة حضارة البحر اتوسطقريبة في عقلها من اليونانية واللاتينيةويبدي لويس عوض إعجابا شديدا بنمط العلاقات ب الجنس الذيرآه في إنجلترا وكتب عنه باللهجة العامية زوايا ذكرياته أيام البعثة ويذكرههذا بالوضع في مصر التي ينتقد ما سماه بالكبت الجنسي الشائع ‏«جنسيةبتنخرف عقولنا وبتطفح الجلد زي الدمامل.‏ شوفوا الكبت عمل فينا أيه..‏. (٨٥)46


. (٨٧) ١٨٣٤الأبعاد الحضاريةتشوفه ف الفشر الجنسي اللي بتسمعه من أصحابك..‏ . كما أني أقدرأشوفه ف الكسل الفكري الازم لأكثر اتعلم وفي القلق اللي الكالناس وف التفكير غير انظم عند أغلب الشبان..‏ طبقة الأفندية فمصر دي مش طبقة دي مجموعة من العقد النفسية اللي مفيش أمل فيهاإلا بتوجيه جنسي جديد أساسه الحرية اعتدلة والإطلاق اللي مبني علىفهم صحيح»‏ (٨٦) .وكتابة لويس عوض مثل هذا الكتاب باللهجة العامية مظهر واضح‏(إقليمية)‏ خطيرة حاولت أن تعزل مصر عن إطارها العربي.‏٥- وسائل الإعلام:‏ في سنة ١٨١٢ اتخذ ابشرون الأمريكيون جزيرةمالطة قاعدة لنشاطهم في الشرق الأوسط وا كانت الطباعة وسيلة للدعايةلا كن الإستغناء عنها فقد قرر مجلس الإرسالية في أمريكا تأسيسمطبعة في تلك الجزيرة لتعني بنشر الكتب والكراسات للتبشير بدين اسيححسب اذهب البروتستانتي واستمرت اطبعة في عملها اثنتي عشرةسنة أخرجت خلالها ٣٥٠ ألف نسخة من كتب وكراريس ثم نقل القسمالعربي إلى بيروت سنةكان ابشرون الأمريكيون أو البروتستانت يذرعون لبنان طولا وعرضايوزعون منشوراتهم ويؤسسون ادارس لجذب الناس ومن <strong>هنا</strong> كان علىاليسوعي الكاثوليك أن يفعلوا على الأقل مثلما يفعل منافسوهم فقاموايواجهون الدعاية بالدعاية.‏ وا كانت الدعاية لا تستقيم إلا طبعة فقدأنشؤوا هم الآخرون سنة ١٨٤٨ مطبعة كانت إيذانا ببداية نهر جديد لإغراقانطقة بسيل من اطبوعات بالثقافة الغربية من خلال اتجاهاتها (٨٨) .وشهدت ارحلة التي تلت انعقاد اؤر الصهيوني الأول في بال سنة١٨٩٧ ظهور نوع من الصحف.‏ اليهودية في مصر:‏ أولهما الصهيونية التيأصدرتها الهيئات والجمعيات الصهيونية التي تكونت في مصر وكانت هذهالصحف ثابة أدوات دعائية لنشر الفكر الصهيوني باللغت العربيةوالفرنسية في اجملتمع اصري.‏ والنوع الثاني:‏ الصحف اليهودية صروكانت جميعها ذات انتماء صهيوني ولكن تفاوتت درجات هذا الإنتماءومستوى التعبير عنهوا بدأ الحس القومي العربي يستيقظ في مصر منذ الثلاثينات وأوائل. (٨٩)47


الفكر التربوي العربي الحديثالأربعينات لجأت الصهيونية إلى وسائل أخرى خفية فقد فوجئ الرأيالعام بصدور مجلة ثقافية ضمت نخبة من كبار اثقف اصري بتمويليهودي صهيوني وتحمل واجهة حضارية لا تحتمل إثارة الشكوك حولانتمائها أو هويتها الحقيقية.‏ تلك اجمللة هي ‏(الكاتب اصري)‏ التي صدرتفي أكتوبر سنة ١٩٤٥ وكان يرأس تحريرها الدكتور طه حس وقد ضمتطائفة من الكتاب الأوروبي والأمريكي إلى جانب الكتاب اصري أمثالتوفيق الحكيم ولويس عوض وسهير القلماوي وحس فوزي وفؤادصروف ونجيب الهلالي ويحيى الخشاب ويحيى حقي وشوقي ضيفومن الاحظ أن كثيرا من كتابها كانوا لا يتعاطفون بوضوح مع القضيةالعربية القومية (٩٠) .وكما حدث بالنسبة جمللة الكاتب اصري في مصر حدث نفس الشيءجمللة(حوار)‏ التي كانت تصدر في بيروت ففي العدد الصادر في / ٤ / ٢٨١٩٦٦ من جريدة ‏(النيويورك تاز)‏ الأمريكية ذكر أن هذه اجمللة التي ظلتعدة سنوات تنشر لعدد كبير من مثقفي العالم العربي اقالات والدراساتكانت لها علاقة بانظمة العاية لحرية الثقافة حيث كانت تتولى إصدارهاوأن هذه انظمة لها صلة بوكالة اخملابرات الأمريكية (٩١) .١٩٦٤ ووكان الدكتور لويس عوض قد حاول طوال سنتي ١٩٦٥ أن يدافععن ‏(حوار)‏ ح كانت الحملة مستعرة من حولها إلا أنه بعد جملة التحقيقاتالتي نشرتها النيويورك تاز حيث أثارت ضجة عاية وطيرتها وكالاتالأنباء ونشرت جريدة الأهرام تلخيصا مطولا لها في أكثر من عدد اضطرإلى أن يهاجمها هو الآخر إلى الحد الذي جعله يطالب في حديث مع مجلة/ ٨ /١٥روز اليوسف في عددها الصادر في نعها ١٩٦٦ من دخولمصر (٩٢) .وشهدت سوق بيروت سيلا من اجمللات اوجهة إلى الأطفال وصغارالشباب العربي توجههم توجيها سيئا فإذا كان <strong>أطفال</strong>نا تستهويهم مغامرات‏«سوبرمان البطل الجبار»‏ فليقرؤوا إذن مجلة ‏«سوبرمان»‏ التي تصدر عنشركة اطبوعات اصورة.‏ وإذا كان صبياننا مولع غامرات ‏«الرجلالوطواط باان»‏ فلتصدر لهم مجلة ‏«الوطواط»‏ عن نفس الشركة السابقة.‏وإذا كان شبابنا مغرما بالعميل السري ‏«جيمس بوند»‏فليقرأ بنهم اجمللة48


الأبعاد الحضاريةاتخصصة جدا ‏«الجواسيس»‏ الصادرة عن دار النشر اتحدة للتأليفوالترجمة.‏ ولن نستطيع أن نحصر عدد اجمللات ‏(اللبنانية)‏ من حيث اظهر‏(الأمريكية)‏ من حيث الجوهر اجمللات التي تسمي نفسها ‏(اغامر)‏ أو‏(الأبطال)‏ أو غير ذلك من الأسماء التي تستهوي أعمار أبنائناالغضةوتستهدف تنشئتهم على هذا اثال الذي ترسمه اخملابراتالأمريكية (٩٣) .ولعل ما أتاح لهذه اجمللات أن تظهر في صورة سيل جارف هو السوقالوطنية تكاد تخلو من مجلات جادة للأطفال.‏ومن أهم اجملالات الإعلامية السينما ومن أخطر الكتب التي تكشفعن الدور الأمريكي كتاب كتبه اخملرج كامل التلمساني بعنوان ‏(سفير أمريكابالألوان الطبيعية)‏ كان ا جاء فيه (٩٤) : ‏«أن نصف قرن من تطور صناعةالفيلم الأمريكي ثل في نفس الوقت فترة الإستعمارية الأمريكية..‏ وقدشي تطور صناعة السينما الأمريكية مع اصالح الإحتكارية..‏ فالدعايةللحرب والفتح وسيادة الجنس الأبيض واضطهاد شعوب استعمرات..‏هذه هي معالم أيديولوجيا السينما الأمريكية».‏ومن كلية التربية بالجامعة الأمريكية في القاهرة صدرت مجلة ‏(التربيةالحديثة)‏ واستمرت من سنة ١٩٢٨ إلى سنة ١٩٧٢. وطوال الفترة من سنة١٩٢٨ إلى سنة ١٩٦٦ كان يوجهها أمير بقطر ولعل بعض الأمثلة لسياسةهذا الرجل توضح لنا الدور الذي لعبته هذه اجمللة التربوية فهو قد تلقىدراستيه الإبتدائية والثانوية في كلية الأمريكان بأسيوط حيث كانت الدراسةكلها باللغة الإنجليزية ثم حصل على ااجستير والدكتوراه من جامعةكولومبيا بأمريكا وع بعد عودته في الجامعة الأمريكية في القاهرة ثمظل يترقى إلى أن أصبح عميدا لكلية التربية بهاونجد أمير بقطر يكتب في هذه اجمللة موضوعات مثيرة لم يكن الرأيالعام مهيئا ناقشتها بهذه الصورة التي أثارها لأنها كانت تتعلق بالشذوذالجنسي والإنحرافات النفسية والخلقية وكان أسلوبه يجنح إلى لقغرائز القراء ‏(مقال أبو الفتوح رضوان).‏٦- الترجمة:‏ كان التقاء الشرق بالغرب في القرن التاسع عشر سببا فيأن يدخل إلى البلاد العربية كثير من مظاهر الحضارة الأوروبية وأدواتها. (٩٥)49


الفكر التربوي العربي الحديثوهي أشياء لم يكن للعرب المحدث سابق اتصال بها ولا اطلاع عليها ولااستعمالها ومن <strong>هنا</strong> اقتضت الضرورة أن يكون لهذه الأشياء الحديثة فياعجم العربي الحديث وفي الإستعمال الشائع ألفاظ عربية أو معربة تحددمعانيها وتدل عليهاوالذي حدث في العصر العباسي حدث في البلاد العربية في القرنااضي حدث في مصر وحدث في الشام وحدث في كل وطن عربياستجدت فيه مظاهر جديدة للإختلاط بالأوروبي والنقل عنهم.‏وقد بدأت حركة الترجمة في بلاد الشام في مطلع القرن التاسع عشرولكنها اقتصرت في باد الأمر على الكتب الدينية واتخذت طابعا فردياغير منظمواعتمد محمد علي على الترجمة وسيلة أساسية في ‏(تحديث)‏ مصروكانت الدولة عندما تقرر فتح مدرسة تنقل مناهجها عن مدرسة اثلةفي الخارج وتحضر مع اناهج مجموعة من الكتب استخدمة <strong>هنا</strong>كوتكلف اترجم ترجمتها لتكون في أيدي الطلاب كخطوة أولى في سبيلإنشاء ادرسة.‏ وهكذا نشأت حركة ترجمة لم يكن هدفها ترجمة الكتابأي كتاب وإا كان هدفها ترجمة الكتب ادرسية بالذات فقد نشأتحركة ترجمة للكتب لا من حيث هي معرفة كما حدث في اجملتمع العربيفي صدر الإسلام ولكن طلبا لوسيلة تنشئ جيلا جديدا من شباب الأمةولذلك انصبت حركة الترجمة حول الكتاب ادرسيوكان محمد علي يرى أن أول واجب على أعضاء البعثات هو ترجمةكتب العلوم التي درسوها في أوروبا فكان أول عمل يسند إليهم هو إمدادهمبالكتب والتنبيه عليهم بسرعة ترجمتها.‏ كانت الحكومة تعلق على أعمالالترجمة أهمية كبرى لكي تظفر بأكبر عدد من الكتب اترجمة في أقلزمن حتى أصبحت الترجمة تشغل اوظف عن أعمالهم ثم ظهر أن بعضاترجم لم يكن لهم حظ من حذق اللغات الأجنبية والعربية والقدرة علىالتحرير والكتابة ما كّنهم من ترجمة ما عهد به إليهم ترجمة صحيحةفدعا ذلك إلى التفكير في حل يخفف عن أعضاء البعثات هذا العبءويضمن وجود طبقة من العلماء والأكفاء في الآداب العربية وفي آداباللغات الأجنبية ليضطلعوا همة تعريب الكتب الإفرنجية وليكونوا صلة. (٩٨). (٩٦). (٩٧)50


الأبعاد الحضاريةب الثقافت العربية والغربية وينهضوا بالأداة الحكومية فيما يعهد بهإليهم من اناصبوكان أن عرض رفاعة الطهطاوي على محمد علي أن يؤسس مدرسةألسن سميت عند إنشائها سنة ١٨٣٥ مدرسة اترجم ثم غير اسمهافصار مدرسة الألسن وأصبح الغرض منها تخريج مترجم‏.‏وقد بذل الطهطاوي نفسه جهودا كبيرة في ترجمة عديد من الكتبالفرنسية إلى اللغة العربية.‏واعتبر افكرون الذين ظهروا فيما بعد أن الترجمة جزء أساسي منرسالة افكر لأمته وتلاميذه ودعما لأفكاره التي ينادي بها وهي واجبعلى كل قادر عليها في عصر اليقظة والنهوض فالحضارة تراث الإنسانيةالباهر تضيف إليه كل يوم جديدا وتطوره كل يوم إلى الغاية ارجوة منكمال الحياة غير أن بعض الأ تسبق غيرها في مضمار التقدم والإرتقاءوعلى الأ التي تخلفت أن تلحق بالسابق منها في هذا اضمار والترجمةوسيلة أساسية لتحقيق هذا الغرض.‏ ورأى واحد مثل أحمد لطفي السيدأن الترجمة أنفع من التأليف في بداية النهضة فالتأليف لا بد من أنيستند إلى فكر ومعرفة وما من سبيل إليهما في مراحلهما اتقدمة فيبداية النهضة إلا عند الأ السابقة إلى الحضارة والتمدين لا أن يكونإحياء للماضي.‏ ومهما يكن في ااضي من حياة وغناء فليس <strong>هنا</strong>ك غنىعن متابعة التطور والتقدم وإلا وقف العقل البشري عند حدود القدوحده ا ينتهي به إلى الجمود (١٠١) ‏.من <strong>هنا</strong> قام مفكرنا بترجمة بعض كتبأرسطو.‏ومن أهم اترجم في أواخر القرن التاسع عشر فتحي زغلول شقيقالزعيم اعروف سعد زغلول الذي ترجم ‏(سر تطور الأ‏)‏ لجوستافلوبون و(روح الإجتماع)‏ له أيضا وأصدر ترجمة ‏(سر تقدم الإنجليزالسكسون)‏ لرون دولان وغير هذا وذاك.‏وبعد الحرب العاية الثانية وبروز الولايات اتحدة قوة عظمى تريد أنتخلف الإستعمار القد امثل في إنجلترا وفرنسا وأانيا بدأت تساعدوتغذي عملية ترجمة لعدد ضخم من الكتب الأمريكية وحظي ميدان التربيةوالتعليم بالعناية الكبرى ا هو معروف من خطورة العملية التربوية كعملية. (٩٩)51


الفكر التربوي العربي الحديثتشكيل وتكوين الإنسان وكانت مؤسسة فرانكل هي الوسيط الأساسيحيث عمدت إلى إشراك عدد كبير من قيادات تعليمية حتى تيسر لها نشرهذه الترجمات في مختلف ادارس.‏وحظي جون ديوي فيلسوف التربية الأمريكية الأول بنصيب الأسد فيالكتب التي ترجمت له إذ ترجمت كتبه:‏ ‏(الدقراطية والتربية)‏ و(الخبرةوالتربية)‏ و(ادرسة واجملتمع)‏ و(الطبيعة الإنسانية والسلوك الإنساني)‏و(البحث عن اليق( و(انطق نظرية البحث)‏ و(الفن خبرة)‏ و(الحريةوالثقافة)‏ و(تجديد في الفلسفة)‏ و(التربية في العالم الحديث).‏ فضلاعن ترجمات لبعض تلاميذه مثل ‏(كلبا تربك)‏ في ‏(ادنية اتغيرة والتربية)‏وكارلتون واشبورن ‏(التربية التقدمية)‏ واؤسس الثاني للبراجماتية ‏(الأول‏«بيرس»-وليم جيمس-ترجم له ‏(أحاديث إلى اعلم( و(البراجماتية)‏ و(إرادةالإعتقاد).‏وكانت <strong>هنا</strong>ك أيضا سلسلة باسم ‏(دراسات سيكولوجية وعلم النفسللآباء وادرس‏)‏ صدرت منها عشرات الأجزاء وسلسلة ‏(الثقافة العائلية)‏بإشراف وكيل بوزارة التربية في مصر وسلسلة ‏(بحوث تربوية في خدمةاعلم)‏ وهي ترجمة لبحوث أمريكية تصدرها إدارة معلمي الفصول بالجمعيةالقومية للتربية الأمريكية والجمعية الأمريكية للبحوث التربوية وسلسلة‏(التعليم في ضوء التجارب)‏ وسلسلة ‏(العلاقات الإنسانية)‏جرا.‏وإذا كانت هذه السلاسل تستهدف تقد اباد والأسس النفسيةوالفكرية واهنية التي يربي اعلمون أبناءنا عليها ووفقا لها فإن <strong>هنا</strong>كمجموعة أخرى من السلاسل التي تناسب كل منها قراء من سن معينةوهي تستهدف تقد اعلومات التي يتعلمها التلاميذ في ادارس الإبتدائيةوالإعدادية والثانوية وهي عادة كتب في العلوم مثل ‏(ألف باء..)‏ لتقريباعرفة إلى النشء و(كتابك الأول عن..)‏ و ‏(العلوم ابسطة)‏ وهي للمرحلةالإعدادية وسلسلة ‏(كل شيء عن..)‏ و(معالم الطريق)‏ و(حول العالم فيكتب)‏ ا يناسب ارحلة الثانوية.‏وهذه السلاسل وغيرها من الكتب والقصص التي تصدرها اؤسسةتبدي اهتماما فائق الحد بأطفالنا وما يعلم لهم وما يجب أن يعرفوه وما(١٠٢) ... وهلم52


الأبعاد الحضاريةلا يجب أن يعرفوه وتقدم لهم ذلك في أعظم إخراج وأجوده..‏ بل وتقدملهم ولشبابنا الكتب ‏(العلمية)‏ في شتى اوضوعات التي تفتقر إليها اكتبةالعربية وتشبع حاجتهم إلى اعرفة فعلا..‏ . ولكن عن طريق أمريكيوبعد نكسة ١٩٦٧ بدأ مركز الترجمة ينتقل بقوة أكبر إلى بيروت منالقاهرة وبدأت بعض كتب التربية الفرنسية تترجم إلى العربية وكذلكالأمر بالنسبة للتربية في الإتحاد السوفيتي والعالم الإشتراكي لكنها مازالتمحدودة للغاية.‏ورا ثل مجلة ‏(مستقبل التربية)‏ التي يصدرها مكتب مطبوعاتاليونسكو بالقاهرة انفذ الأساسي الآن لترجمة ‏(اقالات)‏ وهي دوريةفصلية وايزة الأساسية فيها أنها تقدم أنواعا مختلفة من الفكر التربويخارج العالم العربي وإن كان يقلل من هذا أن الترجمة مع الأسف الشديدعلى مستوى سيئ إلى حد كبير.‏. (١٠٣)53


الفكر التربوي العربي الحديث54


الإتجاه السّلفي2 الإتجاه السّلفيمفهوم السلفية:‏وردت كلمة ‏«سلف»‏ في القرآن الكر وبعضمشتقاتها في عدد من الآيات يدور معظمها حولمعنى محدد وهو أنها تشير إلى ‏«ااضي»‏ إذ يقولعز وجل:‏ ‏«فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فلهما سلف»‏ (١) ويقول:‏ ‏«ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم منالنساء إلا ما قد سلف»‏وفي اللغة نجد أن معنى ‏(سلف)‏ هو«تقدم وسبق»‏و ‏(السلف)‏ جمع ‏(سالف)‏ وهو كل من تقدمك منآبائك و<strong>ذوي</strong> قرابتك في السن أو الفضلونفس هذا اعنى يدل عليه اصطلح فيالحديث النبوي الشريف ففي سند أحمد بن حنبلعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:‏ ‏«‏‏ّا ماتتزينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالرسول الله:‏ إلحقي بسلفنا الصالح الحيز عثمانبن مظعون..»‏وهكذا تؤكد مصادر التراث على أن ‏«السلف»‏هو ااضي واتقدم...‏ وعلى أن ‏«السلفي‏»‏ همالذين يحذون حذو هذا ااضي واتقدم والسالف.‏لكن هذا التحديد لا يستطيع وحده أن يرفعالغموض عن مضمون مصطلح ‏«السلفية»‏ لأن. (٣). (٢). (٤)55


الفكر التربوي العربي الحديث‏«ااضي»‏ المحتذى سيظل غير محدد لأنه غير متحدد هو الآخر!....‏ فهلهو الكتاب والسنّة ? أم أن فيه اأثورات اروية عن الصحابة?....‏ وهل هوتلك النصوص وحدها ? أم أن فيه مذاهب التابع وتابعي التابع ??...وحتى إذا كان هذا ‏«السلف»‏ هو النصوص قرآنا وسنة فإن تفسيرهاورؤيتها قد تعددت بتعدد اناهج في ادارس الفكرية والفرق والتياراتوأيضا....‏ ففي أي ميدان تكون السلفية ? إن من افكرين من يريدونالعودة إلى فكر السلف وتطبيقاتهم في أمور الدنيا وتنظيم اجملتمعات...‏ومنهم من يقول باستحالة ذلك لتغير هذه الأمور والتطبيقات بحكم حتميةالتطور والتغير في اجملتمعات لكنهم يرون ‏«السلفية»‏ في أمور الدين وأصولهوقواعده لأنها ثوابت خالدة لا تخضع للتطور لا في الزمان ولا في اكانولأن العودة إلى أصولها الأولى تعني رفض ‏«البدع»‏ والزوائد والخرافات...‏و<strong>هنا</strong> تكون ‏«السلفية»‏ موقفا مستنيرا ومستقبليا...‏ فهي تعود في ‏«الثوابت»‏إلى الجوهر والأصل كي تنفض عنه غبار البدع والخرافات...‏ وهذا النوعمن ‏«السلفية»‏ هو الذي سموه ‏«التجديد»‏ في الفكر الديني...‏ فكل حركاتالتجديد الديني كانت ‏«سلفية»‏ لأنها في إطار لا يقبل التطور ولا التغير..‏فالعودة للأصل <strong>هنا</strong> تعني الكشف عن الطاقات الكامنة كي تفعل فعلها فيالتقدم....‏ و<strong>هنا</strong> نكون ‏«السلفية»‏ ‏«مستقبلية»‏ بكل ما وراء هذا اصطلح منمضام ! (٦) .وعلى هذا نستطيع أن يز-في تاريخنا الثقافي الحديث-ب تيارين منالسلفية:‏ (٧)١- سلفية محافظة ومنهج أصحابها:‏ الوقوف عند ظواهر النصوصالدينية وجعل اعاني استفادة من هذه الظواهر ارجع في كل أمور الدنياوأمور الدين..‏ فهي قد وقفت عند مفهوم الإسلام كدين كما كان حال هذاافهوم في عصر البداوة والبساطة للأمة العربية وقبل التطورات العلميةوالإضافات العقلية التي استدعتها صراعات الأمة الفكرية مع الل والنحلغير الإسلامية بعد عصر الفتوحات...‏ ومن ثم فإن السلفية بهذا اعنىتسقط من تراثها العلوم العقلية والفلسفية والتصور الفلسفي وتعتبر كلذلك ‏«بدعا»‏ طرأت على الإسلام كما فهمه السلف الصالح.‏٢- السلفية استنيرة وأصحابها يأخذون ‏«عقائد الدين وأصوله»‏ على. (٥)56


. (٨). (٩)الإتجاه السّلفيالنحو النقي ابرأ من الخرافات والإضافات...‏ وهي <strong>هنا</strong> ‏«سلفية»‏ تتفق معغيرها وخاصة في إزالة شبهات الشرك والوثنية والتوسل والوسائط منعقيدة التوحيد...‏ لكنها لا تقتصر في فهمها للإسلام ‏«كحضارة وتراث»‏على فهم السلف الصالح له لأن الإسلام كحضارة وعلومه العقلية والفلسفيةومذهبه في التصوف الفلسفي كل ذلك قد حدث بعد عصر السلف وهوقد حدث لأن ضرورات موضوعية قد اقتضته ومن ثم فإن هذا التيار لايسقط هذا التطور من تراث الإسلام وهو لا يعتبره ‏«بدعا»‏ سيئة لأنهيحدد إطار ‏«البدع السيئة»‏ ا يجعلها خاصة بأصول الدين وعقائدهالجوهرية...‏ ففي هذه الأصول ثبات لا ابتداع ولا تطوير مهما اختلفالزمان واكان..‏ أما في الإسلام كحضارة وعلوم فإن التطور دائموالإضافات مستمرة ومن ثم فإن الإبداع <strong>هنا</strong> حسنويعبر الأفغاني عن التيار السلفي استنير في تلك العبارات القوية التيتفيض أا وحسرة على ما وصل إليه حال العرب واسلم بينما كانالأجداد والأسلاف خلاف ذلك فينادي-بلسان السلف-أهل الخلف منمعاصريهتفتخرون بتمسكنا بأصول الدين وحسن اليق‏-والتزام الكتاب والسنةوالعمل بأحكامهما-وأنه قد استحكمت بيننا رابطة الأخوة فكنا كالبنيانارصوص-نعم هكذا كنا-أم أنتم فلم يبق من جامعة بينكم إلا العقيدة الدينية‏«وليس في الجميع»‏ مجردة عما يتبعها من الأعمال....‏تفتخرون بأنه غلب على صفاتنا ‏«التعقل»‏ والتروي وانطلاق الفكر منالأوهام والعفة والسخاء والقناعة والدماثة ول الجانب والوقاروالتواضع وعظم الهمة والصبر والحلم والشجاعة والإيثار والنجدةوالسماحة والصدق والوفاء والأمانة وسلامة الصدر من الحقد والحسدوالعفو واروءة والحمية وحب العدالة والشفقة.‏ نعم منّ‏ الله بها علينا-‏وهكذا كنا-وأنتم أيها الأحفاد!‏ ماذا غلب على أكثركم غير السفه والقحةوالبذاءة والبله والطيش والتهور والج والدناءة والجزع والحقدوالحسد والكبرياء والعجب واللجاج والسخرية والغدر والخيانة..‏ ‏«أفبهذهالأخلاق تحبون أن تتغلبوا ?... أم بهذا ترومون اللحاق بنا وقد خالفتموناسيرة وسيرا شيما وأخلاقا (١٠) « ?57


الفكر التربوي العربي الحديثوفي السنوات الأخيرة يشار إلى الدعوة ‏«السلفية»‏ أحيانا ب ‏«الظاهرةالإحيائية الإسلامية»‏ حيث شاع اصطلح في الأدب السياسي والإجتماعيالعربي لتشير إلى ظاهرة العودة إلى الإسلام باعتباره نسقا كليا يتضمنأنساقا فرعية عديدة ‏(قيمية وسياسية وقانونية واقتصادية)‏ وهذه الأنساققادرة على مواجهة متغيرات العصر بكل أاطها وتفاعلاتها باعتبارهاوذجا كاملا وأصيلا للتطور الحضاري للمجتمع العربي وأن هذه الأنساقذات الطابع الكلي والشامل ثل بهذه اثابة طرحا مضادا للإطار الحضاريالغربي الذي من خلاله نفي الثقافة الإسلامية والهوية الحضاريةللمجتمع اصري الإسلامي...‏ والواقع أن الظاهرة عل هذا النحو اطروحهي ثابة دعوى أو أطروحات سياسية أي أن هذه الإدعاءات لم يصاحبهاطرح إبداعي متكامل وأصيل لهذه الأنساق الفرعية اتعددة التي كن أنتعتبر ثابة بديل للنموذج الحضاري الغربي الذي استلهام بعض مكوناتهالنظامية...‏ وإن كان على نحو مشوه كأداة لتحديث وتغيير الواقع اصريوالعربي والإسلامي.‏ أي أن الظاهرة ليست إحيائية بافهوم الكيفي أوالإبداعي وإا هي في الواقع اصري والعربي ذات طابع كمي عنىاتخاذها شكل طرح كتابات نصوصية تراثية وعلى استوى السلوكي-الحياتيفي شكل اتخاذ أاط خاصة للملبس وللممارسات الطقوسية والعباديةعلى نحو ملحوظ...‏ أو في شكل سلوك سياسي عنى انخراط الأفراد فيجماعات دينية ذات طابع سياسي وترفع لواء العودة إلى الإسلام (١١) .دعوة ابن عبد الوهاب إلى التوحيد تمهد التربة للفكر التربويالعربي الإسلاميوتعتبر الدعوة الوهابية أول حركة تجديد في العالم العربي الحديثوهو تجديد من ذلك النوع التقليدي الذي لا يبتكر جديدا بل يحاول أنيعود بالإسلام إلى ما كان عليه في عهد السلف الصالح.‏ ومؤسس هذهالحركة التي عرفت ب ‏(الوهابية)‏ هو محمد بن عبد الوهاب (١١١٥-ه/‏ ١٧٩١ م)‏ الذي كان منذ شبابه شديد ايل إلى الإطلاع والتفقهفي الدين ثم ما لبث أن ذاع صيته لعلمه وورعه.‏ ولقد حج إلى الحجاز فيمقتبل حياته وطلب العلم في ادينة ورحل إلى كثير من البلدان اجملاورة١٢٠٦-١٧٠٣58


الإتجاه السّلفيحتى فارس ثم عاد إلى نجد حيث مسقط رأسه في العيينه في شبهالجزيرة العربيةولقد كان محمد بن عبد الوهاب ومن نحا نحوه يرون أن ضعف اسلماليوم وسقوط نفسيتهم ليس له من سبب إلا العقيدة فقد كانت العقيدةالإسلامية في أول عهدها صافية نقية من أي شرك وكانت لا إله إلا اللهمعناها السمو بالنفس عن الأحجار والأوثان وعبادة العظماء وعدم الخوفمن اوت في سبيل الحق وعدم الخوف من استنكار انكر والأمر باعروفمهما تبع ذلك من عذاب ولا قيمة للحياة إلا إذا بذلت في رفع لواء الحقودفع الظلم وهذا هو الفرق الوحيد ب العرب في الجاهلية والعرب فيالإسلام وبهذه العقيدة وحدها غزوا وفتحوا وحكموا ثم ماذا ?ثم لم يتغير شيء إلا العقيدة فتدنو من سمو التوحيد إلى حضيضالشرك فتعددت آلهتهم من حجر وشجر وأعواد خشب وقبور أولياء وركنواإلى ذلك في حياتهم العامة فالزرع ينجح لرضا ولي ويخيب لغضبه والبقرةتحيا إذا نذرت للسيد البدوي أو مثله ووت إذ لم تنذر وهكذا في الأمراضوالعلل والغنى والفقر!‏ كلها لا ترجع إلى قوان الله في الطبيعة وإاترجع إلى غضب الأرواح ورضاها.‏ ومثل هذه النفوس الضعيفة التي تذلللحجر والشجر والأرواح لا تستطيع أن تقف أمام الولاة والحكام الظاوتآمرهم عروف وتنهاهم عن منكر فذلوا للحكام والأغنياء كما ذلوا للخشبوالأحجار.‏ وما زال كل قرن ر تزداد معه الآلهة عددا وتزداد النفوس ذلةحتى وصلت الحال بالأمة الإسلامية إلى فقد سيادتها وانهيار عزتها.‏ ولايصلح آخر الإسلام إلا ا صلح به أوله فلابد من العودة إلى الحياةالإسلامية الأولى حيث التوحيد الصحيح والعزة الحقة ولا بد من هدمهذه البدع والخرافات بالل إن نجح وبالقوة إن لم ينجحلم ينظر محمد بن عبد الوهاب إلى ادنية الحديثة وموقف اسلممنها ولم يتجه في إصلاحه إلى الحياة اادية كما فعل محمد علي ‏(باشا)‏وإا اتجه إلى العقيدة وحدها والروح وحدها فعنده أن العقيدة والروحهما الأساس وهما القلب إن صلحا صلح كل شيء وإن فسدا فسد كلشيء!‏وهكذا شغل ‏(التوحيد)‏ الذي هو عماد الإسلام كل فكر ووجدان ابن. (١٣). (١٢)59


الفكر التربوي العربي الحديثعبد الوهاب فالله وحده هو خالق الكون وهو الذي يعلو على جميع العبادوالأصنام والأوثان ورجال الدين وما إلى ذلك ولهذا السبب أطلق علىنفسه وعلى أتباعه اسم ‏(اوحدين).‏ أما اسم الوهابية فقد أطلقه عليهمخصومهم واستعمله الأوروبيون ثم جرى على الألسن.‏وأثر ابن تيمية شديد الوضوح في تعاليم ابن عبد الوهاب التي تعتبرجسرا لآراء ابن تيمية مرت عليه إلى الأجيال التالية.‏ وا كانت آراء ابنتيمية قد تضمنت النقد العلمي للمذاهب الإسلامية الأخرى فإن الوهابيةتعتبر الحركة الإسلامية التي حوت بذور النقد بصفة عامة وقدمتها إلىالحركات الإسلامية الأخرى بعدها.‏وإذا كان محمد بن عبد الوهاب متميزا في ‏(حركيته)‏التي كانت ‏(نهجه)‏في العمل للدعوة السلفية فإنه في ‏(موضوع)‏ هذه الدعوة سلفي متبع غيرمبتدع لا يفتأ يلح على ما بينه متبعو السلف الصالح جيلا بعد جيلويقتفي أثر السابق بإحسان في معالجة قضايا الصفات وتوحيد الآلهيةالربوبية وعبادة الله وحده وفق ما جاء به رسوله محمد صلى الله عليهوسلم وإنكار البدع وما إلى ذلك وكتاباته من هذه الوجهة إا تؤكد على ماسبق أن قرره الطحاوي وشارح ‏(الطحاوية)‏ من بعده ثم ابن تيمية وابنالقيم وغيرهمعلى أن للشيخ طابعه في بيانه وأسلوبه...‏ إذ أن طبيعته ‏(الحركية)‏ تبدوفي كتاباته كلها...‏ تبدو في ذلك العدد الوافر من رسائله العامة و<strong>الخاصة</strong>التي توضح عقيدة السلف...‏ فالشيخ لا يهدأ ولا يفتر عن الكتابة والبيانوالبلاغ ولا يكتفي بالكتب بل يكتب الرسائل ابينة لعامة الناس.‏ ويكتبالرسائل <strong>الخاصة</strong> إلى أناس بذواتهم من اؤمن بدعوته أو إلى علماءالإسلام أو <strong>ذوي</strong> الرياسة والوجاهة أو غير اقتنع بالدعوة.‏ يب فيهاعقيدة السلف ويرد على الشبهات والإعتراضات...‏ وبعض هذه الرسالةيوضح العقيدة للعامة وتيسر عليهم معرفتها وتخاطبهم ا يفهمون ‏«فإذاقيل لك إيش الفرق ب توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية فقل:‏ توحيدالربوبية:‏ فعل الرب مثل الخلق والرزق والإحياء والإماتة وإنزال اطر وإنباتالنبات وتدبير الأمور.‏ وتوحيد الألهية:‏ فعليك أيها العبد مثل الدعاء والخوفوالرجاء والتوكل والإنابة والرغبة والرهبة والنذر والإستغاثة وغير ذلك من. (١٤)60


«. (١٥)الإتجاه السّلفيأنواع العبادةومحمد بن عبد الوهاب لا نستطيع أن نسوقه في عداد ‏(افكرينالتربوي‏)‏ وإن كنا نستطيع بكل ثقة أن نعتبره من أعظم اربي الإسلاميفي العصر الحديث ذلك أن جهده الأساسي لم يتجه إلى مناقشة آراءوقضايا ومسائل تربوية إانا منه بأن أسس التربية ومفاهيمها قائمة فيالكتاب والسنة وجهده إا هو في محاولة تشخيص هذه الأسس وافاهيمواباد في سلوك الناس وفي اجملتمع...‏ كان إذا ‏(مربيا)‏ وليس ‏(مفكرا...)‏يبني الناس ويضع الأسس العملية لبناء اجملتمع الإسلامي انشود...‏ فالتربيةعنده على هذا كانت ‏(تربية عملية)‏ وليست ‏(تربية نظرية).‏وإذا كان موقف الدولة العثمانية من الدعوة له أثر كبير في ‏(تشويه)‏سمعتها فإن استخدام أتباعها للقوة را ساعد على الإساءة إلى هذهالسمعة فما أن كان أصحاب الدعوة يستولون على بلد حتى كانت تعاليمهاتنفذ بالقوة ولا تنتظر حتى يؤمن الناس بها فلما دخلوا مكة هدموا كثيرامن القباب الأثرية كقبة السيدة خديجة وقبة مولد النبي صلى الله عليهوسلم ومولد أبي بكر وعلي وا دخلوا ادينة رفعوا بعض الحلي والزينةالتي كانت على قبر الرسول فهذه كلها أثارت غضب كثير من الناس وصدمتأحاسيسهم فمنهم من حزن على ضياع معالم التاريخ ومنهم من حزن علىالفن الإسلامي ومنهم من حزن لأن مقبرة الرسول صلى الله عليه وسلموفخامتها مظهران للعاطفة الإسلامية وقوة الدولة وهكذا اختلفت الأسبابواشتركت في الغضب.‏ والوهابيون لم يعبؤوا إلا بإزالة البدع والرجوع بالدينإلى أصلهاهتم الوهابيون بالناحية الدينية وتقوية العقيدة وبالناحية الخلقية كماصورها الدين ولذلك حيث سادوا قلت السرقة والفجور وشرب الخمروأمن الطريق وما إلى ذلك ولكنهم لم سّوا الحياة العقلية ولم يعملواعلى ترقيتها إلا في دائرة التعليم الديني ولم ينظروا إلى مشاكل ادنيةالحاضرة ومطالبها.‏ وكان كثير منهم يرون أن ماعدا قطرهم من الأقطارالإسلامية التي تنتشر فيها البدع ليست الك إسلامية وأن دارهم دارجهاد فلما تولت حكومة السعودي السلطة كان لا بد من أن تواجه هذهالظروف وتقف أمام منطق الحوادث ورأت نفسها أمام قوت لا معدى لها. (١٦)61


الفكر التربوي العربي الحديثعن مسايرتهما قوة رجال الدين في نجد اتمسك أشد التمسك بتعاليمابن عبد الوهاب واتشددين أمام كل جديد فكانوا يرون أن التلغرافواللاسلكي والسيارات والعجلات من البدع التي لا يرضى عنها الدينوقوة التيار ادني الذي يتطلب نظام الحكم فيه كثيرا من وسائل ادنيةالحديثة كما يتطلب اصانعة واداراة فاختطت لنفسها طريقا وسطاشاقا ب القوت فقد عدلت نظرها إلى الأقطار الإسلامية الأخرى وعدتهممسلم وبدأت تنشر التعليم ادني بجانب التعليم الديني وتنظم الإدارةالحكومية على شيء من النمط الحديث وتسمح للسيارات والطياراتواللاسلكي بدخول البلاد واستعمالها وما إلى ذلك وما أشقه عملا التوفيقب علماء نجد ومقتضيات الزمن وب طبائع البادية ومطالبالحضارة(‏‎١٧‎‏).‏ولا شك في أن التحالف الذي ب‏-أنصار ابن عبد الوهاب والحكمالسعودي قد ساعد الدعوة على الإنتشار والذيوع فقد أعطيت الفرصةلسائر الحجاج من مختلف البلاد الإسلامية ليتعرفوا على الدعوة الجديدةويلتقوا بأصحابها ويناقشوهم فيما يدعون إليه وكان من نتائج هذا أناعتنق بعض الحجاج اباد الوهابية وتعصبوا لها ثم حملوها معهم ودعواإليها في بلادهم بعد رجوعهم إليها فانتقلت هذه اباد الإصلاحية إلىالسودان في أفريقيا وإلى الهند وإلى سومطرة في آسيا (١٨٩).الدعوة إلى ‏(التجديد)‏ تنبت من تربة التعليم<strong>هنا</strong>ك ملاحظتان لا بد من التنبيه إليهما ونحن نتتبع الجذور الأولىلجناح ‏(التجديد)‏ في الإتجاه السلفي الأولى أن فكرة ‏(العودة إلى ااضي)‏<strong>هنا</strong> لم تطرح بوضوح وإا الذي طرح هو ‏«الإستفادة من التقدم الغربي»‏لكن هذا لا يعني إبعاد هذا الرأي عن الإتجاه السلفي ووضعه تحت مظلةالإتجاه التغريبي ذلك أن عدم طرح ‏(العودة إلى ااضي)‏ <strong>هنا</strong> سببه الأساسيهو أنه كان من ‏(اسلمات)‏ ففكر السلف إذن ظل هو الإطار المحدد للحركة.‏أما ‏«الإستفادة من التقدم الغربي»‏ فلم يكن إلا على سبيل ‏«التطعيم»‏ و‏«الإستزادة»‏ ا يبعث الحيوية والجدة في الإطار الأصلي وفي محتواهومقوماته.‏62


الإتجاه السّلفيالاحظة الثانية أن الأرض التي نبتت فيها هذه الدعوة هي أضخموأشهر معهد تعليمي في تلك الفترة وهو ‏(الأزهر)‏ وسبيل التجديد الإسلاميلم يكن إلا بطلب ‏«تعليم»‏ علوم جديدة...‏والواقع أنه لولا وجود الأزهر-على الرغم ا كان فيه من تخلف وجمودفي مواد الدراسة-لقضى على الحياة الفكرية صر قضاء مبرما فقد كانالشيوخ الذين يتخرجون فيه مبعث ذلك البصيص من النور في البلاد وكانتالكتب الأزهرية-على الرغم من عقم مناهجها وعدم جدواها-مثارا لانشغالاتذهنية وإن كانت العلوم العقلية والرياضية والطبيعية قد هجرت في الأزهراما حتى لقد تعجب الوزير أحمد باشا كور الوالي التركي على مصر سنة١١٦١ من عدم وجود العلوم الرياضية في الأزهر مع شدة رغبته في طلبهاوافكر الذي جاء ليعبر عن حاجات ارحلة الجديدة في أواخر القرنالثامن عشر وأوائل التاسع عشر هو الشيخ حسن العطار (١٧٦٦-فقد جعل ينبه الأزهري في عصره إلى واقعهم الثقافي والتعليمي ويبضرورة إدخالهم اواد امنوعة كالفلسفة والأدب والجغرافية والتاريخ والعلومالطبيعية كما يب ضرورة إقلاعهم عن أساليبهم في التدريس ووجوبالرجوع إلى الكتب الأصول وعدم الإكتفاء بالخصات واتون اتداولةويتوسل إلى ذلك بكل وسيلة.‏ يقول مبينا الفارق ب علماء عصره والعلماءالأفذاذ الذين عرفهم العالم العربي قبل عصر العطار ومحطما أكذوبةتحر الدين الإسلامي لبعض العلم‏«...من تأمل ما سطرناه وما ذكر من التصدي لتراجم الأئمة الأعلامعلى أنهم كانوا-مع رسوخ قدمهم في العلوم الشرعية والأحكام الدينية-<strong>ذوي</strong>اطلاع عظيم على غيرها من العلوم وإحاطة تامة بكلياتها وجزئياتها حتىفي كتب اخملالف في العقائد والفروع-ثم هم مع ذلك ما خلوا في تثقيفألسنتهم وترقيق طباعهم من رقائق الأشعار ولطائف المحاضرات...‏وفيما انتهى إليه الحال في زمن وقعنا فيه-علم أن نسبتنا إليهم كنسبةعامة زمانهم-فإن قصارى أمرنا النقل عنهم بدون أن نخترع شيئا من عندأنفسنا وليتنا وصلنا إلى هذه ارتبة بل اقتصرنا على النظر في كتبمحصورة ألفها اتأخرون واستمدون من كلامهم نكررها طول العمر ولاتطمح نفوسنا إلى النظر في غيرها حتى كان العالم انحصر في هذه الكتب. (١٩)(١٨٣٥: (٢٠)63


الفكر التربوي العربي الحديثفلزم من ذلك أنه إذا ورد علينا سؤال من غوامض علم الكلام تخلصنا منهبأن هذا كلام الفلاسفة ولا ننظر فيه أو مسألة أصولية قلنا لم نرها في‏(جمع الجوامع)‏ فلا أصل لها أو نكتة أدبية قلنا هذا من علوم أهل البطالة.‏وهكذا فصار العذر أقبح من الذنب..‏ وهذه نفثة مصدور.»‏وقد بدأ العطار يخرج على هذا الجمود العلمي الأزهري بتدريسه اوادامنوعة إذ بدأ يدرس الجغرافية والتاريخ في الأزهر وخارج نطاق الأزهركما كان تلميذه محمد عياد الطنطاوي يدرس الأدب في الأزهر بإيحاءالعطار وتحت إشرافه في ‏(مقامات الحريري)‏ حوالي سنة ١٨٢٧ م كما بدأتلميذه رفاعة الطهطاوي أيضا يدرس الحديث والسنة بطريق المحاضرةوبلا نص ا كان مثار إعجاب العلماء.‏ وفي الخطط التوفيقية أنالعطار«عقد مجلسا لقراء تفسير البيضاوي وقد مضت مدة على هذاالتفسير لا يقرؤه أحد فحضر أكابر اشايخ فكانوا إذا جلس للدرس تركواحلقهم وقاموا إلى درسه».‏ ولعله بذلك يكون قد بدأ ما لجأ إليه الأفغانيومحمد عبده من إعادة تفسير القرآن في ضوء الظروف اعاصرة.‏ واهمأن هذا النص يدل على أن التربة من حول العطار لم تكن مواتا اما فإنقيام زملائه الشيوخ إلى حلقته مع اشتداد معارضتهم له ونقمتهم عليهلنزعته التجديدية ولحملاته على تقصيرهم العلمي لهو أمر له دلالته كماأن وثيقة تشهد قدرة هذا العالم الفذفكان الشق الرئيسي من دعوة العطار الإصلاحية كان يتمثل في مناداتهبضرورة تطوير التعليم الأزهري من حيث اناهج ومواد الدراسة وذلكبالرجوع إلى اصادر الأصلية وبتدريس اواد امنوعة وهو ما كن أننعبر عنه بالدعوة إلى ضرورة بعث التراث العربي القد وهي دعوة حاولالعطار نفسه الإسهام في تنفيذها إذ لم يكن يكف عن البحث والتنقيب فيهذه اراجع القدة وإشراك خاصة تلاميذه في ذلك ولقد كان الأزهرأكبر اعامل العلمية في ذلك الوقت فحديث العطار عن التعليم الأزهريوقصوره حديث عن الحالة الثقافية عامة في البلاد.‏. (٢١)السنوسية تعمل للجهاد التربوي:‏أما الحركة السنوسيةفقد التفتت إلى الإصلاح برسم منهج للحياة64


. (٢٢)الإتجاه السّلفيأساسه الإسلام وعملت على إيجاد مجتمع مسلم هدفه تحرير دار الإسلام.‏وا كانت قد تركزت في بوادي برقة وصحراء ليبيا والحجاز فقد أصبحطابعها بدويا ومؤسساتها بدوية-‏عنى أنها قامت للتمشي مع حاجياتمجتمع بدوي-وقد نجم انعزال الحركة السنوسية في البادية عن تجنبهاالإحتكاك بالسلطة العثمانية التي كانت تخشى الحركات الشعبية ورغبتهافي البعد عن نفوذ الدول الأوربية-ورغم أن الحركة السنوسية قد اتسمتبطابع البادية إلا أن أهدافها لم تكن ترمي إلى إصلاح البدو فحسب بلإنها تجاوزت ذلك إلى التطلع إلى إصلاح العالم الإسلامي كله فإصلاحالبدو ليس سوى خطوة أولى يقصد منها إيجاد نواة مجتمع مسلم مجاهديخرج لتحرير دار الإسلام من سيطرة ‏(الكفار).‏ وكان ابن السنوسي يتوقعأن يسيطر الغرب على ديار الإسلام لهذا فإن حركته الإصلاحية لم تكنفي حد ذاتها سلفية محضة بل إنها كانت رد فعل مباشر ضد الخطرالأوروبيومؤسس الحركة هو محمد بن علي السنوسي الكبير (١٢٠٢-١٨٥٩) اولود في مستغا من نواحي الجزائر وقد تعلم في مازوتةبالجزائر في حداثته ثم درس بجامع القروي في فاس.‏ وأغلب الظن أنهقد استشعر بعد احتلال الجزائر الذي كان أول نجاح أصابه الإستعمارالغربي في جولته الحديثة من صراعه التاريخي ضد العرب واسلماستشعر عظم اخملاطر وشدة التحديات واستلهم فكرة ‏(ارابطة)‏ والتربصوالإعداد والإستعداد للجهاد وليس الفورة اتعجلة اتسمة بالبداوة.‏ ومن<strong>هنا</strong> كانت فكرة ‏(الزاوية)-وهي وذج جديد ‏(للرباط)‏ القد‏-التي ابتكرهاالسنوسي والتي كانت وذجا للمجتمع الجديد الذي استهدفه والإنسانالجديد الذي أراده والتي كانت واحة يحقق فيها تجربته وسط محيط قدرفضه وعزم على تغييره في ادى الطويلونحن إذا شئنا أن نستخدم لغة عصرية في وصف ‏(الزاوية)‏ والحديثعن وظائفها قلنا:‏ إنها مؤسسة الحكومة-(الطريفة)‏ ومزرعة الدولة ووذجاجملتمع الجديد اوعود....‏ تغير اسجد نجد فيها منزلا لقائدها ‏(-اقدم-‏( وللوكيل وللشيخ...‏ وفيها بيوت للضيوف وعابري السبيل وللفقراء الذينلا مأوى لهم وفيها مساكن للخدم ومخازن للمؤن واصطل ومتجر وفرن١٢٧٦ ه/‏. (٢٩)-١٧٨٧65


الفكر التربوي العربي الحديثوسوق...‏ وتحيط بهذه اباني ‏(العامة)‏ اساكن <strong>الخاصة</strong> بالقبائل التي تقومالزاوية في منطقتهم...‏ وللزاوية أرض زراعية خاصة بها وآبار جوفيةوصهاريج لحفظ اياه...‏ وأرض الزاوية وحدائقها تزرع جماعيا إذ يأتيكل من يقطن في منطقتها يوم الخميس من كل أسبوع إلى ازرعة يعملونعملا جماعيا بلا أجر...‏ أما محصول أرض ‏(الزاوية)‏ فإنه ينفق علىاحتياجات فقرائها وضيوفها غذاء وكساء وتعليما وزواجا...‏ الخ وما بقىيذهب إلى مركز الطريقة الرئيسوبهذا فقد أصبحت ‏(الزاوية)‏ مؤسسة تربوية باعنى الشامل اتكاملبحيث تستطيع أن تفخر على معاهد التعليم اتخصصة التي تقتصر علىتقد أطراف من اعرفة إلى التلاميذ بطريقة نظرية بحتة.‏ إن الزاوية <strong>هنا</strong>تقوم أيضا بواجب ‏(التعليم)‏ ومهمته لكنها بالإضافة إلى ذلك تقدم ‏(‏طا)‏متكاملا من الحياة يحياه اسلم وينشأ في كنفه...‏ إنها مركز للتعبد وللتجمعوالعمل...‏ وللتعليم !واختار السنوسي الصحراء الليبية منشطا لدعوته حيث اختار ‏(زواياه)‏وعلى رأسها زاوية جغبوب.‏ وكان السنوسي يختار مراكز زواياه في مواقع‏(استراتيجية)‏ قريبة من الآبار وطرق القوافل والأراضي الصالحة للزراعةويستفيد من مراكز الرومان وآثارهم القدة لهذا الغرض.‏ وكان يحصنالزاوية ومرافقها بسور خارجي.‏ وقد أكد السنوسي في كتابته وجوب متابعةالكتاب والسنة دون سواهما وب أنهما مقدمان على رأي كل مجتهد ونعىعلى التقليد وقد أنحى باللائمة في كتابه ‏(إيقاظ الوسنان)‏ على الذينيوجبون ‏«انحصار التقليد في الأئمة الأربعة لأنه لا واجب إلا ما أوجبه اللهورسوله»‏ على أن السنوسي مع ذلك سار على التربية الصوفية والتجمعالصوفي وقد أبان عن ‏(طريقته)‏ في كتابه ‏(السلسبيل اع في الطرائفالأربع‏).‏ ويلاحظ أنه تجنب الحديث عن كرامات الأولياء وخوارق العاداتوميزات ‏(اقدم‏)‏ من اريدين.‏ وقد قدر للزوايا السنوسية أن تضطلعبدور بطولي في مقاومة الغزو الإيطالي الذي دهم ليبيا سنةكما كان لها نشاط مشكور في الدعوة إلى الإسلام خلال الأرجاء الشاسعةامتدة من شمالي أفريقيا إلى أقاصي السودانويروي شكيب أرسلان نقلا عن ‏(سيدي أحمد الشريف)‏ حفيد السنوسي١٩١١(١٣٢٩ ه)‏. (٢٥). (٢٤)66


الإتجاه السّلفيالكبير أن عمه اهدي كان عنده خمسون بندقية خاصة به كان يتعهدهاباسح والتنظيف بيده لا يرضى أن سحها له أحد من أتباعه اعدودينبائات قصدا وعمدا ليقتدي به الناس ويحتفلوا بأمر الجهاد وعدته وعتاده.‏وكان نهار الجمعة يوما خاصا بالتمرينات الحربية حتى كنت ترى طلبةالعلم واريدين أكثرهم فرسانا ورماة لكثرة ما كان يأخذهم بهذا اران.‏كما كان يوم الخميس من كل أسبوع مخصصا عندهم للشغل بالأيديفيتركون في ذلك اليوم الدروس كلها ويشتغلون بأنواع اهن من بناء ونجارةوحدادة ونساجة وصحافة وغير ذلك لا نجد منهم ذلك اليوم إلا عاملابيده.‏ والسيد اهدي وأبوه من قبله يهتمان جد الإهتمام بالزراعة والغرستستدل على ذلك من الزوايا التي شادوها والجنان التي نسقوها بجوارهافلا تجد زاوية إلا لها بستان أو بسات (٢٦) . وكان بعض الطلبة يلتمسون منالسيد محمد السنوسي أن يعلمهم الكيمياء فيقول لهم:‏ ‏«الكيمياء تحتسكة المحراث»‏ وأحيانا يقول لهم:‏ ‏«الكيمياء هي كل اليم وعرق الجب‏».‏وكان يشوق الطلبة واريدين إلى القيام على الحرف والصناعات ويقوللهم جملا تطيب خواطرهم وتزيد رغبتهم في حرفهم حتى لا يزدروها أويظنوا أن طبقتهم هي أدنى من طبقة العلماء فكان يقول لهم:‏ ‏«يكفيكم منالدين حسن النية والقيام بالفرائض الشرعية وليس غيركم بأفضل منكم».‏وأحيانا يدمج نفسه ب أهل الحرف ويقول لهم وهو يشتغل معهم:‏ ‏«يظنأهل الأوريقات والسبيحات أنهم يسبقوننا عند الله لا والله ما يسبقوننا».‏يريد بأهل الأوريقات العلماء وبأهل السبيحات العابدين والقانت فكأنهيريد أن يقول للمحترف والصناع لا تظنوا أنكم دون العلماء والزهادمقاما جرد كونكم صناعا وعملة وكونهم هم علماء وقراء هذا ليزيدهمرغبة وشوقا ويعلم الناس حرفة الصناعة التي لا حضارة إلا بهاوالذين كانوا ينتسبون للزوايا كانوا يعرفون بالإخوان ‏«وهم من أخذوا الطريقةالسنوسية وسكوا بوردها».‏ وهؤلاء الإخوان ينقسمون إلى ثلاث طبقات:‏١- طبقة العلماء التي تقوم بإلقاء الدروس العلمية في اعهد الجغبوبيوتتكون من هذه الطبقة هيئة استشارية تعرف باسم ‏(مجلس الإخوان)‏ومقر هذه الهيئة بالقرب من الإمام السنوسي.‏٢- طبقة مشايخ الزوايا وغالبهم يكون من الطبقة الأولى.‏. (٢٧)67


الفكر التربوي العربي الحديث٣- الطبقة الإحتياطية وهي التي تتكون عادة من صغار خريجي اعهدالسنوسي ومن حفظة القرآن ومن مهاجري البلاد الإسلامية ونيتجردون عن أعمالهم <strong>الخاصة</strong> للإلتحاق بخدمة صاحب الطريقة وتقومالطبقة الثالثة بأعمال ذات بال ولها أهميتها في الحقل الإجتماعيوكان التعليم في ظل الطريقة السنوسية في الزوايا السنوسية-كما أعلنها-‏يسير على النحو التاليأولا:‏ التنفيذ العملي لأحكام الإسلام ومبادئه:‏ عن طريق تربية اريدينوالإخوان وإعداد الدعاة وتدريبهم على حمل السلاح وحياة التقشف ليكونواجنودا قادرين على الدفاع عن العقيدة كما قام هذا النظام بالتنشئة العمليةعلى التزام الفضيلة واجتناب الرذيلة.‏ حيث كانت الزوايا وما يحيط بهاحرما مقدسا لا يجرؤ أي إنسان على انتهاك حرمته أو العبث حوله إنارتكاب أي محظور فيه إلى جانب القدوة الحسنة التي يجدها اواطنونفي الزوايا واشرف عليها...‏ وكان هذا التدريب يشمل-كما أوضحنا-‏شؤون الدين كما شمل شؤون الدنيا بالدعوة لفلاحة الأرض والفروسيةوالتدرب على حمل السلاح وغيرها واشاركة في ذلك كله.‏ثانيا:‏ اتباع نظام تعليمي يسير على النحو التالي:‏١- مدارس لتحفيظ القرآن الكر وتلقي مباد الدين واللغة.‏٢- مساجد لأداء الفرائض ووعظ الناس واجتماع الإخوان للذكر وتلاوةالقرآن الكر جماعة-وهو ما يسمى بالحزب-وقراءة الأوراد دون شطح أوايل وإا بأدب وخشوع.‏٣- يلتحق الطلاب امتازون من حفظة القرآن الكر بالزوايا التي تعتبرمعاهد علم عليا مثل الزاوية البيضاء وزاوية الجغبوب ويلحق بهذه الزوايامكتبة كبيرة ينتفع بها ادرسون والطلاب.‏٤- كانت العلوم التي تدرس في هذه الزوايا تشمل العلوم الإسلامية منتفسير للقرآن الكر وحديث وفقه وأصول فقه والفرائض والتصوفوالتوحيد والنحو والصرف والبلاغة والأدب والعروض وغيرها كماكان يتم تدريب الطلاب على تعلم بعض الحرف والصناعات مثل صناعةالبارود والأسلحة.‏٥- كانت زاوية الجغبوب جامعة دينية عالية يقوم بالتدريس فيها أقدر. (٢٨): (٢٩)68


الإتجاه السّلفيالعلماء وأشهرهم.‏دروس الأفغاني العلمية النظامية واللانظاميةوا لا خلاف عليه أن دعوة جمال الدين الأفغاني الإصلاحية كانتدعوة عامة وليست خاصة بأمة من الأ ولا شعب من الشعوب فقد تركفي امالك الشرقية وما اتصل بها من الأ الأوروبية أثرا وبذر في كلأرض بذراقال برنار ميشيل:‏ ‏«أيان ذهب جمال الدين كان يترك وراءه ثورة تغليمراجلها.‏ ولسنا نعدو الحق أو نكون مبالغ إذا قررنا أن جميع الحركاتالوطنية الحرة وحركات الإنتفاض على اشاريع الأوروبية التي نشاهدهافي الشرق ترد أصولها مباشرة إلى دعوته».‏وقال لوثروب:‏ ‏«لقد عمت جهود هذا الرجل النابه البلاد الإسلاميةكلها وامالك الأوروبية ذات الصلات بها فأفغانستان وفارس وتركيا ومصروالهند اتصلت به جميعا وأحست بأثره القوي الذي هزها هزا عنيفاأما تشارلز آدمز فيحدد الهدف الذي كان الأفغاني يسعى إليه بقوله (٣٢) :‏«كانت الغاية التي يرمي إليها جمال الدين والغرض الأول في جميعجهوده التي لا تعرف الكلل ومن إثارته للنفوس وتهييجه اتواصل للناستوحيد كلمة الإسلام وجمع شمل اسلم في سائر أقطار العالم كماكانت الحال أيام الإسلام اجمليدة وعصره الذهبي وقبل أن توهن منهالفرقة والإنقسام.‏ وقد باتت أقطار اسلم غارقة في وهن الجهل واليأسفأصبحت فريسة للإعتداء الأوروبي وقد آه أن يرى الأ الإسلاميةيضعف أمرها وترث قواها وكان يعتقد أن الأ الإسلامية لو نفضت عننفسها كابوس الإحتلال الأجنبي وتحررت من تدخل الدول الأجنبية فيشؤونها وصلح حال الإسلام وتوافق مع مقتضيات الحياة في العصر الحاضرلأصبح اسلمون قادرين على تدبير أمورهم تدبيرا حسنا دون أن يعتمدواعلى الأ الأوروبية ويصطنعوا وسائلها وكان يرى أن الإسلام في جميعمسائله الجوهرية دين عام للعالم أجمع قادر ا فيه من قوة روحية علىملائمة الظروف اتغيرة في كل جيل».‏ومن حسن حظنا ونحن نتناول موقف الأفغاني حيال شعارات الجامعة«. (٣١). (٣٠)69


الفكر التربوي العربي الحديثالإسلامية أن الرجل كان حيالها شديد الحسم وبالغا حد الروعة فيالجلاء والوضوحفهو الذي يطرح القضية التي تواجه اسلم جميعا وتعترض طريقاؤمن بهذا الدين فيجعل منها أساسا قضية النضال ضد الإستعماروذلكعندما يتساءل قائلا:«أترضى ونحن اؤمنون وقد كانت لنا الكلمة العلياأن تضرب علينا الذلة واسكنة وأن يستبد في ديارنا وأموالنا من لا يذهبمذهبنا ولا يرد مشربنا ولا يحترم شريعتنا ولا يرقب فينا إلا ولا ذمة بلأكبر همه أن يسوق علينا جيوش الفناء حتى يخلي منا أوطاننا ويستخلففيها بعدنا أبناء جلدته والجالية من أمتهويبدو لنا كذلك أن تغلغل الشعور الديني في نفس الأفغاني هو الذيحمله على أن يصرح في مستهل رسالة ‏(الرد على الدهري‏)‏ كانة الدينمن كل حضارة حقيقية فيقول‏«إن الدين قوام الأ وفيه سعادتها وبه فلاحها»‏ وهذا الشعور نفسههو الذي جعله يرى أن ادنية الصحيحة هي ادنية القائمة على الدينوالعلم والأخلاق وأن التقدم اادي الذي يتجلى في إنشاء ادن الكبيرةوالأبنية الفخمة واصانع الواسعة والثروات الوافرة والتف في وسائلالقتل والتدمير كل هذا لا يصح أن يسمى ‏(مدنية)‏ وإا هو وحشية أحطمن وحشية الحيوان».‏وعندما تحدث إليه عبد القادر اغربي بلهجة شعر منها بروح التفاؤلبأحوال الآستانة عاصمة الدولة العثمانية رد عليه الأفغاني:‏‏«إننا معشر اسلم إذا لم يؤسس نهوضنا ودننا على قواعد دينناوقرآننا فلا خير فيه ولا كن التخلص من وصمة انحطاطنا وتأخرنا إلاعن هذا الطريق.‏ فقال اغربي له:‏ ولكن ألا ترى أيها السيد فرقا ب حالتنااليوم وحالتنا منذ ثلاث سنة من حيث الرقي والأخذ بأسباب العمران ايصرح لنا القول بأننا قد تقدمنا تقدما ملموسا?‏ فقال بأن ما نراه اليوم منحالة حسنة فينا هو ع التقهقر والإنحطاط.‏ ويسأل اغربي:‏ وه ? فيرد:‏- لأننا في دننا هذا مقلدون للأ الأوروبية وهو تقليد يجرنا بطبيعتهإلى الإعجاب بالأجانب والإستكانة لهم والرضا بسلطتهم علينا وبذلكتتحول صبغة الإسلام التي من شأنها رفع راية السلطة والتغلب إلى صبغة«. (٣٤). (٣٥). (٣٣)70


الفكر التربوي العربي الحديثالهيئة الجديدة هي كتب فلسفة على نحو ما يتصور الفلاسفة القدماءوفي العصور الوسطى فكانوا يعدون انطق مقدمة الفلسفة أو مدخلهاومن فروعها الإلهيات والطبيعة والفلك وما إلى ذلك.‏ويظهر لنا أن هذه الكتب لم تكن لها قيمة في ذاتها فقد كان الشيخحسن الطويل مثلا يقرأ بعض هذه الكتب في الأزهر ولم يؤثر أثره إاكانت قيمتها في أن كل فصل من فصولها أو جملة من جملها كان تكأةيستند إليها الشيخ في شرح أفكاره وآرائه والتبسط في مناحي الفكروالتطبيق على الحياة الواقعة ونظرته إلى العالم كوحدة مازجا التصوفبالفلسفة وبالهيئة وبغير ذلك وهذا هو ما أقنع الشيخ محمد عبده منالشيخ وطمأن نفسه إذ قال إنه:‏ ‏«بعد حضوره في الأزهر سن مل الدروساعتادة وصارت نفسه تطلب شيئا جديدا ويل إلى العلوم العقلية وكانالشيخ حسن الطويل تازا في الأزهر بعلم انطق فحضره عليه ولكن لميكن يشفي ما في نفسه بل كانت تتشوق دائما إلى علم غير موجود....‏وقرأ الشيخ حسن الطويل شيئا من الفلسفة ولكن لم يكن يجزم بأن اعنىكذا بل كان درسه احتمالات حتى جاء السيد جمال الدين فوجد عندهطلبته وأقصى أمنيتهما هذا الشيء الجديد الذي وجده ‏(محمد عبده)‏ عند ‏(جمال الدين)‏فاطمأن به واهتدت نفسه إليه ? هو ما عند جمال الدين من أصول كليةهي عماد الفلسفة يرجع إليها في كل ما يقرأ من صفحات الكتب وهيالحكم في صحة ما يصح وبطلان ما يبطل ثم شخصية قوية تجزم فيالحكم ولا تتردد تردد الشيخ حسن الطويل ثم ربط جزئيات الحياة العلميةوالعملية كلها برباط واحد يفتح النوافذ بعضها على بعض حتى تتألف منهاوحدة فالتصوف والفلسفة والدنيا العامة ودنيا الشخص هذه كلها لايصح أن يكون كل منها حجرة مغلقة على نفسها بل لابد من أن تتقابلوتتناغم وتؤلف دورا موسيقيا واحدا فإذا هذا صح نظر الإنسان وزالعنه كثير من الشك اؤلم والحيرة اضنية وبت فيما ينفع وما يضر ومايعمل وما يدع ووضحت أمامه الأعلام واستنارت السبلكله كان يأخذ بيد تلاميذه فيرفعهم إلى مستوى يسيطرون فيه على الكتابولا يستعبدهم الكتاب وجملعمون عن قيود الألفاظ والجمل إلى معرفة(٤٠) . وفوق هذا.« (٣٩)72


الإتجاه السّلفيالحقيقة في ذاتها ولو خالفت الألفاظ والجمل.‏ وكانت طريقته في التدريسعكس طريقة الشيخ محمد عبده كان جمال الدين يحدد موضوع الدرسفقط من الكتاب ثم يفيض في شرح اوضوع من عنده حتى يحيط به منجميع أطرافه وبعد ذلك يقرأ نص الكتاب فإذا هو واضح ظاهر ب فيهموضع الخطأ والصواب.‏ أما الشيخ محمد عبده فكان يقرأ النص أولاويتفهمه ويفهمه ثم يفيض في التعليق عليه وفي بسط اوضوع من عنده... (٤١)هذه هي مدرسته النظامية في بيته.‏أما مدرسته الثانية غير النظامية فكانت أكبر أثرا وأعم نفعا وهيالتي كان يتلقى عليه فيها زواره في بيته وعظماء الرجال عند زيارته لهمفي بيوتهم وخاصة افكرين واثقف عند تحلقهم حوله في ‏(قهوة البوستة)‏وجمهور الناس عند اجتماعهم به في اناسبات في هذه ادرسة تلقىدروسه أمثال:‏ محمود سامي البارودي وعبد السلام اويلحي وأخوه إبراهيماويلحي ومن الشباب أمثال:‏ محمد عبده وابراهيم اللقاني وسعد زغلولوعلي مظهر وسليم نقاش وأديب اسحق وغيرهموفي هذه ادرسة حوّل ‏(السيد)‏ مجرى الفكر ونقله من حال إلى حال.‏كان الفكر عبد الأرستقراطية لا هم له إلا الإشادة بالوك والأمراء والتغنيبأفعالهم وصفاتهم مهما بلغ من ظلمهم فكل حاكم سيد الوجود في زمانه.‏آت باعجزات في أعماله معصوم من الخطأ فيما يأتي به يبتز مال الناسغصبا فلا يلام على ما غصب ولكن دح على ما أنفق ويقتل من شاءفلا يسأل عمن قتل ولكن يشاد بفضله إذا عفا.‏ الفن والأدب والشعروالنثر موسيقى لطربه وبهلوان لتسليته وعبيد مسخرة لنهش أعدائهومدح أوليائه الأديب الصغير للغني الصغير والأديب الكبير مداح للأميرالكبير.‏ أتى جمال الدين فسخّر الفكر في خدمة الشعب يطالب بحقوقهويدفع الظلم عنه ويهاجم من اعتدى عليه كائنا من كان يب للناس سوءحالهم ومواضع بؤسهم ويبصرهم ن كانوا سبب فقرهم ويحرضهم علىأن يخرجوا من الظلمات إلى النور وألا يخشوا بأس الحاكم فليست قوتهإلا بهم ولا غناه إلا منهم وأن يلحوا على حقوقهم اغصوبة وسعادتهماسلوبة فخرج الناس بفكر جديد ينظر إلى الشعب أكثر ا ينظر إلى. (٤٢)73


الفكر التربوي العربي الحديثالحاكم وينشد الحرية ويخلع العبودية ويفيض في حقوق الناس وواجباتالحاكم ويجعل افكر مشرفا على الأمراء لا سائلا د يده للأغنياء (٤٣) .جهود محمد عبده لتطوير التعليم الديني:‏كن اعتبار دعوة الشيخ محمد عبده (١٨٤٩- ١٩٠٥) من الدعواتالإصلاحية الرائدة التي لم تقف عند حد الدعوة للعودة إلى الأصول الأولىللإسلام واستلهام منهج السلف الصالح وإا حاولت أن تستوعب قضاياالعصر وتصبها في قالب إسلامي يز كنها من مواجهة تحدي الحضارةالغربية لذلك فقد رفض محمد عبده الإتجاه القائل باقتصار الدعوةللتجديد والإحياء داخل الإسلام ذاته دون مراعاة أو اهتمام باؤثراتالخارجية إدراكا منه ثالبها اتمثلة في إهمال التطورات التاريخية وتغيرالظروف التي ر بها اسلمون وكذلك لكونها تجعل اجملتمع الإسلاميمنغلقا على نفسه غير مدرك لأبعاد رسالته في الدعوة الدائمة لدين اللهب شعوب الأرض..‏ وعلى الرغم من أن نظرة محمد عبده للتطور والتغيرجعلته يدعو للأخذ عن الحضارة الغربية وفق ميزان إسلامي واضح إلا أنذلك لم يكن يعني أنه كان يحمل روحا انهزامية تسلم بقوة الحضارة الغربيةوضعف الحضارة الإسلامية حيث كان يدرك أن الحضارة رصيد إنسانيضخم أسهم فيه اسلمون بنصيب وافر ولا بد من أن يواصل اسلموناستفادتهم من هذا الرصيد ويسعوا للمساهمة فيه بازيد ولا ينبغي أنيديروا أظهرهم لهذه الحضارة لا لشيء إلا لأنها لبست ثوبا غربيا.‏ كما أنالإسلام يتميز على غيره من الديانات بشموله كافة اقومات الحضاريةوهي أمور تحتاج إلى التعقل والتفكر في فهم أصوله وأنه-أي الإسلام-‏بذلك يتواءم مع متطلبات العصر ولا يتعارض مع ادنية الحديثة وأناسلم بوسعه أن يضع إطارا دينيا جملتمع عصريوفي هذا الإطار تتحدد رؤية الإمام للعودة إلى الأصول الأولى للإسلامالتي كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وما تلاه من قرون قليلةوذلك قبل ظهور ادارس اخملتلفة ودخول تيارات فكرية من أ أخرى كانالإسلام قد انتشر فيهاونوع التربية التي كان يراها ويدعو إليها الأستاذ الإمام من الأمور التي. (٤٤). (٤٥)74


الإتجاه السّلفيتستحق الدرس والتأمل والإنتباه...‏ فهي على كل مستوياتها تربية تستندإلى الدين وتنبع من تعاليمه وتتصل به بسبب وثيق وذلك لأن الرجل كانصاحب رأي يرى أن أي إصلاح للشرق والشرقي لا بد من أن يستند إلىالدين حتى يكون سهل القبول شديد الرسوخ عميق الجذور في نفوسالناس.‏وهو مع إانه بالوطن والوطنية لا يرى أن هذه الوطنية كن أن تكون‏(عقيدة)‏ تحل محل ‏(الدين)‏ في دفع عجلة الإصلاح إلى الأمام.‏ فمن ‏«ظنأن اسم الوطن ومصلحة البلاد وما شاكل ذلك من الألفاظ الطنانة يقوممقام الدين في إنهاض الهمم وسوقها إلى الغايات اطلوبة منها فقد ضلسواء السبيل (٤٦) .»وهو يزيد رأيه في دور الدين في التربية إيضاحا وتحديدا عندما يتحدثإلى الناس فيقول لهم:‏ ‏«إن مطلوبكم المحبوب هو العلم كان العلم فيكم وكانالحق معه وكان الحق فيكم وكان اجملد معه...‏ كل مفقود يفقد بفقد العلموكل موجود يوجد بوجود العلم...‏ أما العلم الذي نحس بحاجتنا إليه فيظنقوم أنه علم الصناعة وما به إصلاح مادة العمل في الزراعة والتجارة مثلا.‏وهذا ظن باطل فإنا لو رجعنا إلى ما يشكوه كل منا نجد أمرا وراء الجهلبالصناعات وما يتبعها.‏ إن الصناعة لو وجدت بأيدينا نجد فينا عجزا عنحفظها وإن انفعة قد تتهيأ لنا ثم تنفلت منا لشيء في نفوسنا فنحننشكو ضعف الهمم وتخاذل الأيدي وتفرق الأهواء والغفلة عن اصلحةالثابتة.‏ وعلوم الصناعات لا تفيدنا دفعا ا نشتكيه فمطلوبنا هو علم وراءهذه العلوم ألا وهو العلم الذي س النفس وهو علم الحياة البشرية...‏العلم المحيي للنفوس وكل أدب لها هو في الدين فما فقدناه هو التبحر فيآداب الدين وما نحس من أنفسنا طلبه هو التفقه في الدين ولا أريد أننطلب علما محفوظا ولكنا نطلب علما مرعيا ملحوظا..‏ فإذا استكملتالنفس بآدابها عرفت مقامها من الوجود وأدركت منزلة الحق في صلاحالعالم,‏ فانتصبت لنصره وأيقنت بحاجتها إلى مشاركيها في الوطن والدولةوالة...‏ولاشك في أنه إذا ما ذكر الإصلاح في الأزهر فلا بد من اقترانهبالشيخ محمد عبده لأنه صاحب الدعوة ادوية إلى إصلاحه..‏ وكان الشيخ« (٤٧)75


الفكر التربوي العربي الحديثقد بذل جهدا كبيرا أيام الخديوي توفيق في إقناع الشيخ محمد الأنبابيشيخ الجامع الأزهر بأن يوسع منهج الدراسة ويدخل بعض العلوم الحديثةولكن شيوخ الأزهر عارضوه معارضة شديدة فحاول أن يتقوى بالخديويتوفيق فلم يجد عنده أمله.‏ فلما تولى عباس الثاني حاول أن يستع بهعلى الإصلاح فرفع إليه تقريرا عن الأزهر ووسائل إصلاحه وصادفالتقرير تقبلا من الخديوي فأصدر القانون الذي ظهر في ١٧ رجب ١٣١٢ه (١٥ يناير‎١٨٩٥‎‏)‏ خصوصا بعد أن تسربت آراء محمد عبده إلى كثير منمريدي الإصلاح فترددت في الأزهر صيحات تنادي بالإصلاح صادرة عنكثير من الطلبة والأساتذة ا اضطر بعض العلماء إلى رفع عريضةللخديوي عباس يعرضون فيها سوء الحالة في الأزهر ويلتمسون وضع حدللفوضى (٤٨) .وقتضى هذا القانون ألف مجلس لإدارة الأزهر من أكابر شيوخهالذين ثلون اذاهب الأربعة ومثل الحكومة فيه الشيخ محمد عبدهوصديقه الشيخ عبد الكر سلمان.‏ وفي الوقت نفسه ع للأزهر وكيلمتشوق إلى الإصلاح هو الشيخ حسونه النواوي ثم ع شيخا للأزهر وهومن أصدقاء الشيخ محمد عبده ومن العلماء اجملددين فكان اختياره خطوةعلى طريق التنفيذ والتطبيق العملي ا يصدر من قوان الإصلاح.‏وفي مدة وكالته ومشيخته للأزهر أدخلت علوم لم تكن تدرس قبل هذهالفترة كالحساب والهندسة والجبر والجغرافية والتاريخ والخط.‏وقسمت مدة الدراسة إلى ١٢ سنة حتى أن الطالب الذي يتم دراسةمواد معينة في ثماني سنوات وينجح فيها يعطى شهادة الأهلية ومن يستمرفي الدراسة بعد ذلك أربع سنوات وينجح يحرز شهادة العاية.‏وأنشئت في سنة ١٩٠٣ مشيخة علماء الإسكندرية لتسير في التعليمعلى مقتضى هذا النظاموترتب على الدعوة الإصلاحية التي نهض بها الشيخ محمد عبده كثيرمن التغيير في النظم الأزهرية منها العناية بالشؤون الصحية فأنشئتللجامع صيدلية خاصة وع له طبيب منقطع لعلاج الطلبة باجملان.‏ومنها العناية بالحضور والغياب وتحديد مواعيد للعمل والعطلةوالإمتحان حيث لم يكن ثل هذه الجوانب نظام محدد.‏. (٤٩)76


. (٥٠)الإتجاه السّلفيومنها ترتيب أجور ثابتة للمدرس ورفعهاونظم شؤون الأزهر الإدارية فبنى مكاتب بالقرب من الجامع بها عددمن الكتاب عاونة شيخ الجامع بعد أن كان في ااضي يدير الأزهر منمنزله ويذهب إليه ادرسون والطلبة تاركا الأمور إلى كاتب خاص يبتفيها كما يشاء.‏ونظم إدارة الأوقاف المحبوسة على الأزهر فارتفع إيرادها من أربعةآلاف جنيه إلى أربعة عشر ألفا وسبعمائة وخمس جنيها.‏إن اصاعب التي وجب تذليلها لوضع هذا التغيير موضع التنفيذ أطولشرحا من وجوه الإصلاح بكل ما اقتضاه بحثها وترتيبها واضي في تنفيذقوانينها وإجراءاتها ولكن القار الذي لم يشهد ذلك العهد قد يتمثلهاأمامه كلما تذكر اوانع التي كانت تعترض هذا التغيير وتذكر القوى الظاهرةوالخفية التي كانت تدعم تلك اوانع وما تستطيع أن تثيره من زوابع القلقوالسخط في أنحاء العالم الإسلامي ا رحب فضلا عن جوانب الأزهروجوانب ادينة اصرية والقرية اصرية التي عرفنا علاقتها اتأصلةبذلك اسجد العتيق.‏من تلك اوانع منافع الشيوخ الذين رفعت أيديهم عن موارد الأوقافوامتنع عليهم جاه التصرف بكساوي التشريف ومنازل العلماء في اجملتمعوعند ولاة الأمور (٥١) .ومنها قوة الجهل اطبق والظن السيئ في عقول الدهماء الذين سمعوامن ‏(الأئمة)‏ اصدق أن القول بدوران الأرض كفر براح وأن معلم الجغرافيةمسخر من أعداء الذين ليعلم أبناء اسلم أنها كرة مستديرة دوارة فيالفضاء وأكفر منه من يعلمهم الطبيعيات...‏ لأن القول بالطبيعة إنكارلوجود الله وإثبات لوجود اخمللوقات بطبيعتها دون وجود الخلاقومنها ولعله يجمعها بحذافيرها سلطان ولي الأمر إذا أدرك بعد حأن الإصلاح قد فوت عليه سلطانه وفوت عليه الغنيمة التي كان يجنيهالنفسه ويغدق منها الأجور على خدامه وحواشيه.‏وتتجلى عظمة محمد عبده لا في تلك الآثار التي تركها في تلاميذهصر فقط ولكن فيما تركه من آثار في عدد غير قليل من البلدان العربيةوالإسلامية ويلوح أن سوريا كانت أكثر بلاد الشرق الأوسط تأثرا بالأستاذ. (٥٢)77


الفكر التربوي العربي الحديثالإمام فمنذ مقامه في بيروت إبان نفيه استطاع أن يجذب إليه عدداكبيرا من الأصدقاء واريدين من السوري ونذكر منهم على سبيل اثاللا الحصر نخبة من أهل الفضل والحجا كشكيب أرسلان ورشيد رضاوعبد القادر اغربي وكرد علي وجمال الدين القاسمي وعبد القادر البيطاروعبد الحميد الزهراوي ومحمد زاهد الكوثري وعبد القادر الترمانيني (٥٣) .وكان رشيد رضا من أكثر اتأثرين نشاطا وتجلى ذلك بصفة خاصةفي تلك اجمللة التي أصدرها باسم ‏(انار).‏ وكان الغرض الذي رمى إليه‏(انار)‏ في الجملة هو ع ما عملت له ‏(العروة الوثقى)‏ نشر الإصلاحاتالإجتماعية والدينية والإقتصادية وإقامة الدليل على أن الإسلام من حيثهو نظام ديني ملائم طالب العصر الحديثوقد كان للأستاذ الإمام أثر ظاهر في أفريقيا الشمالية بفضل مجلة. (٥٣)‏(انار).‏ وفي صيف سنة ١٩٠٣ أراد الإمام إبان عودته من أوروبا أن يقفبنفسه على أحوال اسلم في أفريقيا الشمالية فقام برحلة إلى الجزائروتونس وقد اكتشف <strong>هنا</strong>لك كما ذكر كاتب مقال في جريدة ‏(الطان)‏الفرنسية وجود حزب إصلاحي ينتمي إليه.‏ونستطيع أن نذكر من أنصار تجديد الإمام في الجزائر الشيخ ‏(محمد بنالخوجة)‏ وهو مؤلف كتب إسلامية عديدة وكذلك الشيخ ‏(عبد الحليم بنسماية).‏وقد كان للنقد الذي وجهه محمد عبده إلى علماء اسلم متهما إياهمبأنهم هم وحدهم اسؤولون عما وصل إليه العالم الإسلامي من ضعف وركودوقع شديد وصدى قوي في الجزائر بصفة خاصة.‏ ويرى ‏(هنري لاووست)‏ أنهذا النقد قد ساعد على تأسيس حزب العلماء اصلح بالجزائر.‏أما في مراكش فيرى لاووست أن من امكن أن ننسب إلى حركةمحمد عبده التجديدية الفضل في ‏(اشروع الجديد للإصلاحات اراكشية)‏الذي نشر في ملحق مجلة ‏(أفريقيا الفرنسية)‏ عدد يناير سنة. (٥٥) ١٩٣٨الحفاظ على الهوية الإسلامية العربية للجزائر عن طريق التعليم:‏كان من الطبيعي إزاء سياسة الإستعمار الفرنسي التي اتبعها منذ أناحتل الجزائر سنة ١٨٣٠ التي تلخصت في:‏ التنصير الفرنسة الإدماج أن78


الإتجاه السّلفييسعى الجزائريون إلى مقاومة هذه السياسة بأخرى مضادة ثلت فيالأمور الآتية١- ضرورة التمسك بدينهم وقيمهم الأخلاقية والقومية وتأسيس الهيئاتوانظمات الجزائرية التي تقف في وجه رجال التبشير الذين اعتبروا فيالجزائر كما اعتبروا في غيرها الطلائع الأولى للإستعمار الأوروبي.‏القيام بتأسيس ادارس العربية والنوادي الوطنية واساجد الإسلامية فيمختلف أنحاء الجزائر.‏ولا شك في أن هذه الوسائل وغيرها لها دورها في مقاومة سياسةالتجهيل التي اتبعها الفرنسيون تجاه تعليم أبناء الجزائر حيث كان الجزائريونفي ادارس الحكومية.‏ الفرنسية لا ثلون إلا نسبة % ١٠ فقط من جملةعدد الأطفال اتعلم فالتعليم كان إجباريا ومجانيا بالنسبة لأبناء الجاليةالأوروبية في الجزائر ولكنه غير إجباري بالنسبة لأبناء الجزائري ولاإلا في نطاق سياسة تجهيل الجزائري‏.‏ من الإلتحاق بادارس كنهمفقد كان الإستعماريون الفرنسيون يصرحون علنا بأن ‏(العدو الجاهل كنالسيطرة عليه واستغلاله بطريقة أفضل من العدو اتعلم)‏ ومن <strong>هنا</strong> عملواعلى عدم نشر التعليم الفرنسي ب الجزائري على نطاق واسع وحصرواتعليم أبناء الجزائر في أضيق نطاق كن بحيث حرموا على الجزائريتعلم لغتهم العربية وفي الوقت نفسه لم يعلموهم اللغة الفرنسية فقدكانت ادارس لا تنشأ مثلا إلا حيث توجد تجمعات أ وروبية معتبرة وتقتصرفي الأساس على أبناء الأوروبي وحدهم.‏وتعتبر فترة الثلاثينات من هذا القرن من أهم فترات التاريخ الجزائريالحديث حيث مثلت مدا وطنيا ساهمت فيه ‏(جمعية العلماء اسلمالجزائري‏)‏ التي تأسست في ١٩٣١ بعد ما بلغ عمر الإستعمارالفرنسي في الجزائر قرنا كاملا من أجل المحافظة على هوية الجزائرالعربية الإسلامية.‏ ويذكر الشيخ البشير الإبراهيمي أنه لو تأخر ظهورجمعية العلماء عشرين سنة أخرى ا وجدنا في الجزائر من يسمع صوتنا.‏وتتلخص مباد جمعية العلماء في الشعار التالي الذي سجله الشيخ عبدالحميد بن باديس في مجلة الشهاب:‏ الإسلام-العروبة-الجزائر وقد جاءفي قانونها الأساسي الذي عدل سنة ١٩٥١ في فصله الأول ما يلي:‏ ‏«تأسست-٢٥ مايو: (٥٦)79


الفكر التربوي العربي الحديثفي عاصمة الجزائر جمعية دينية علمية تهذيبية أدبية تحت اسم ‏(جمعيةالعلماء اسلم الجزائري‏)‏وتطبيقا لشعارها كما أعلنه أول رئيس لها وهو الشيخ عبد الحميد بن١٩٤٠) وقانونها الأساسي فقد ركزت عملها في ثلاثة محاور:‏أولا:‏ تطهير الدين الإسلامي من البدع والخرافات والعمل على إحيائهحسب فلسفة مدرسة التجديد الإسلامي والدفاع عنه ضد أعدائه فيالجزائر وهم.‏ ابشرون واستعمرون والعمل على تحريره من الإستعمارفي اجملالات الثلاثة التالية:‏ اساجد-الأوقاف الإسلامية-القضاء الإسلامي.‏ثانيا:‏ التعليم العربي الإسلامي.‏ثالثا:‏ الوطن الجزائري بكل تراثه الثقافي والحضاري والتاريخيوبحدوده-اعروفة لأنه محتوى الشخصية الجزائرية وهو جزء لا يتجزأمن الوطن العربي والإسلامي إذ دون المحافظة عليه وتحريره من الاحتلالفسوف يبقى الإسلام والعروبة ‏(كثقافة وحضارة ولغة)‏ كلاهما-في انطقة-‏مهدد بأعظم الأخطار.‏وقد تصدى ابن باديس في دروسه-وخاصة دروسه في تفسير القرآن-‏وفي مقالاته في الصحف ومحاضراته وخطبه لتصحيح العقيدة ودعوةاسلم إلى الرجوع للكتاب والسنة وترك ماعداهما ا تراكم على العقولوالقلوب والسلوك من بدع وضلالات ويستشهد ثل قوله تعالى:‏ ‏«ويوميعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا.‏ يا ويلتيليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكانالشيطان للإنسان خذولا (٥٨) » يقول ابن باديس:‏ ‏«فالخسران الذي وعد بهالله من يخالف الكتاب والسنة وإن كان موجها للمشرك إلا أنه من نصيبأهل البدع والضلال في اجملتمع الإسلاميويلاحظ أن جهود جمعية العلماء التعليمية قد مرت بعدة مراحل كنتقسيمها إلى اراحل التاليةالأولى:‏ منالثانية:‏ منالثالثة:‏ من‎١٩٤٤‎‏-‏ويلاحظ أن النشاط الكبير للجمعية في تكوين ادارس وإنشاء اساجد« (٥٩)«. (٥٧): (٦٠).١٩٣٩ -١٩٣١.١٩٤٤ -١٩٣٩.١٩٥٦باديس (١٨٨٩-80


.١٩٣٦الإتجاه السّلفيوإقامة النوادي الثقافية يكاد ينحصر في الفترت الأولى والثالثة لأن نشاطالجمعية في الفترة الثانية قد تجمد تقريبا بسبب ظروف الحرب العايةالثانية.‏وقد امتد نشاط الجمعية في الفترة الأولى إلى فرنسا حيث تعيشجالية جزائرية كبيرة في مختلف اناطق الصناعية الفرنسية فأسستمجموعة من النوادي الثقافية التي كانت تقوم همت في وقت واحد:‏الأولى:‏ ثقافية ودينية تتمثل في إلقاء المحاضرات التوجيهية ودروسالوعظ والإرشاد بقصد المحافظة على شخصية هؤلاء العمال الجزائريوقد اختارت الجمعية للقيام بهذه اهمة مجموعة من أع أعضائها اقتدرينبرئاسة الفضيل الورتلاني وذلك بدءا من عامأما اهمة الثانية فقد كانت تربوية تتمثل في الدروس التعليمية التيكانت تنظم لأبناء هؤلاء العمال في غير أوقات دراساتهم في ادارسالفرنسية لتلقينهم مباد القراءة والكتابة باللغة العربية ومباد الدينالإسلامي وتاريخ الإسلام حتى يرتبط هؤلاء الأطفال منذ الصغر بالحضارةالعربية الإسلامية وبوطنهم الجزائر ولا يذوبوا في الوسط الذي يعيشونفيه ولا سيما أن عددا كبيرا منهم مولود لأب جزائري وأم أوروبية ايكون خطورة كبيرة على شخصيتهم (٦١) .وقد أعاد ابن باديس في القرن العشرين إلى اسجد الإسلامي فيالجزائر مكانته الروحية والتربوية والتوجيهية التي كان يتمتع بها في العصورالأولى للإسلام يوم أن كان محلا للعبادة ومكانا للتعليم ومركزا للتوجيهالروحي ودارا لتجهيز الجيوش اجملاهدة في سبيل نشر الإسلام أو الدفاععنه في وجه أعدائه (٦٢) .الإخوان المسلمون كمدرسة لبناء الشخصية المسلمة:‏مؤسس هذه الجماعة هو حسن البنا الذي ولد في قرية المحموديةبالبحيرة في مصر سنة ١٩٠٦‎و مات مقتولا سنة١٩٤٩‎ أما الجماعة نفسهافقد تأسست سنة ١٩٢٧ في مدينة الإسماعيلية.‏ ويبدو ارتباط دعوة الإخوانبالدعوات السابقة من إانها بوحدة النظام الإسلامي وتكامله أو بدأالشمول في الفكر الإسلامي وهي اباد التي تربط الدين بالدولة وتطبق81


الفكر التربوي العربي الحديثأحكام الشريعة الإسلامية والعودة إلى القرآن والحديث دون سواهماوالإمساك عن الخوض في علم الكلام ومحاربة بدع الصوفية وتقليدالسلف الصالح.‏ وإذا كان البنا قد أضاف إليها ما فرضته عليه ظروفالعصر والبيئة إلا أنه لم يخرج في الإطار العام عن هذه القواعد وإن كانتهذه الظروف قد ميزت دعوة البنا بطابع خاص عما سبقها من دعوات كماأن البنا في دعوته قد استفاد من اشكلات التي واجهتها الدعوات السابقةالأمر الذي جعل أتباعه وغيرهم من الكتاب واؤرخ يلقبونه)بالداعية(فيوقت اكتفوا فيه بتلقيب من سبقوه كجمال الدين ومحمد عبده باجملتهدينأو اصلح وكان ذلك لأن البنا قد خلف وراءه دعوة تطبيقية نسبيا ذاتمنهج ومراحل ومباد وبرامج ووسائل ولم يكتف بعرض الأفكار فقطمثلما كان غيره.‏ (٦٣)وأوضح البنا أن رابطة العقيدة ‏«هي عندنا أقدس من رابطة الدم ورابطةالأرض»‏ ولذلك ينظر إلى سائر اسلم على أنهم ‏«هم قومنا الأقربونالذين نحن إليهم ونعمل في سبيلهم ونذود عن حماهم ونفتديهم بالنفسواال في أي أرض كانوا ومن أي سلالة انحدرواوالبنا في سبيل بيان ‏«شمولية»‏ النظرة الإخوانية يقدم توصيفا للجماعةيصعب معه أن نقول إنها سياسية أو اجتماعية أو ثقافية...‏ أو غير ذلكفهي تتجه إلى كل هذه اجملالات فهي بناء على هذا١- دعوة سلفية لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافيمن كتاب الله وسنة رسوله.‏٢- وطريقة سنية لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة اطهرة فيكل شيء وخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.‏٣- وحقيقة صوفية:‏ لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ونقاءالقلب واواظبة على العمل والإعراض عن الخلق والحب في اللهوالإرتباط على الخير.‏٤- وهيئة سياسية لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديلالنظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأ في الخارج وتربية الشعبعلى العزة والكرامة والحرص على قوميته إلى أبعد حد كن.‏٥- وجماعة رياضية لأنهم يعنون بجسومهم ويعلمون أن اؤمن القوي.« (٦٤): (٦٥)82


الإتجاه السّلفيخير من اؤمن الضعيف وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏(إن لبدنكعليك حقا)‏ وأن تكاليف الإسلام كلها لا كن أن تؤدي كاملة صحيحة إلابالجسم القوي فالصلاة والصوم والحج والزكاة لابد لها من جسم يحتملأعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ولأنهم تبعا لذلك يعنونبتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع ورا فاقت كثيرا من الأنديةاتخصصة بالرياضة البدنية وحدها.‏٦- ورابطة علمية ثقافية لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة على كلمسلم ومسلمة ولأن أندية الإخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف.‏ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح.‏٧- وشركة اقتصادية:‏ لأن الإسلام يعنى بتدبير اال وكسبه من وجههوهو الذي يقول لبنيه ‏(نعم اال الصالح للرجل الصالح)‏ ويقول:‏ ‏(من أمسىكالا من عمل يده أمسى مغفورا له).‏ ‏(إن الله يحب اؤمن المحترف).‏٨- وفكرة اجتماعية:‏ لأنهم يعنون بأدواء اجملتمع الإسلامي ويحاولونالوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها.‏‏«وهكذا نرى أن شمول معنى الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولا لكلمناحي الإصلاح ووجه نشاط الإخوان إلى كل هذه النواحي وهم فيالوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليهاجميعا ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعاوتركز نشاط الجماعة الأساسي اتعلق ببرنامج الإصلاح الإجتماعيفي مجال التعليم فالإهتمام الكبير بتجنيد ادرس والطلبة مرتبط بطبيعةالحال بالنظرة <strong>الخاصة</strong> لهات الطائفت والتي نرى أن مستقبل الثقافةفي مصر ب أيديهما.‏ على أن هذا الإهتمام لم يكن مجرد اهتمام باستقبلالقومي بل كان يشمل في طياته أيضا تأكيد الهوية واصير التاريخيوالثقافي وفي ذلك يقول سيد قطب:‏ لا كن تحقيق نهضة إسلاميةخالصة جرد تشريع أو قانون أو بإقامة نظام اجتماعي ينبني على أساسمن الفلسفة الإسلامية فتلك الخطوة ليست إلا أحد ركن يجب أن ينبنيعليهما الإسلام وتطبيقه في الحياة أما الركن الأخر فهو العمل على خلقحالة ذهنية محملة بالنظرية الإسلامية في الحياة تلك الحالة التي تعطىالإستمرار للقوى الخارجية التي تقودنا إلى هذا النمط من الحياة والتي« (٦٦)83


الفكر التربوي العربي الحديثنح الإتساق لكل التشريعات الإجتماعية والدينية وادنية.‏والوسيلة الطبيعية لخلق هذه الفلسفة هي بالتعليموكانت الجماعة مصرة على تحقيق أهدافها في مجال التعليم-على نحولا نجد له مثيلا في أي مجال آخر سوى مجال السياسة.‏ ففي سنة‎١٩٣٥‎شكلت الجماعة وفدا لزيارة وزارة اعارف ورئيس الوزراء كما أقامت حفلاتلأعضاء البران واستغلت تلك اناسبات للحديث عن الحاجة ااسة لإعادةتقد الدين في ادارس اصرية كبداية ضرورية لإعادة تأسيس ادارسعلى أسس قومية ودينية حقه.‏وفي سنة ١٩٣٨ قدم محمد حس هيكل وزير اعارف لشيخ الأزهربرنامجا لتوحيد التعليم الديني والعلماني وقد شارك الإخوان في اناقشاتالعامة التي دارت حول هذا اوضوع كما أرسلوا خطابا إلى وزير اعارفبوجهة نظرهم التي طاا عبروا عنها فيما بعد.‏ وتتلخص وجهة النظر تلكفي أن التعليم العلماني الغربي-وفقا لرأي حسن البنا-الذي يدرس بجانبالتعليم الأزهري التقليدي قد خلق الكثير من الصراعات التي تشكل خطراعلى أمة ساعية إلى البعث وأهم ما تحتاجه في سعيها هو وحدة الثقافة. (٦٨)وكان للتدريب في مدارس الجماعة أهداف عدة فالإهتمام الأساسيفي مدارس القرى ومدارس الحضر الابتدائية كان مركزا على الدينوالأخلاق على ط ‏(الكتاب)‏ التقليدي وحينما يصل إلى مستوى أعلى فيالتعليم الإبتدائي تدرس له أسس القراءة والكتابة كذلك كانت <strong>هنا</strong>ك مدارسليلية يدرس فيها البالغون من العمال والفلاح التعليم الأولى.‏ وكانت تلكادارس هي الأداة الأساسية للجماعة في برنامج محو الأمية.‏ كذلك كانفلاحو اناطق الزراعية يدرسون الإرشاد الزراعي ساعدة طلاب كليةالزراعة.‏ كما أنشأت الجماعة فصولا خاصة لعمال ادن يدرسون فيهاالأمور التي تتعلق بالنقابات والعمال ساعدة طلاب الإقتصاد وعملتعلى إنشاء فصول خاصة بالشباب الذين حرموا من التعليم نتيجة للقهرالإقتصادي فلم يعد في مقدورهم دخول سوق العملكذلك أنشأت الجماعة فصولا خاصة لتدريب الشباب على الحرفاخملتلفة والأعمال التجارية والصناعية كما أتيح ن هم في مستوى التعليم. (٦٧). (٦٩)84


الإتجاه السّلفيالإبتدائي الإلتحاق بالفصول الحرفية كذلك أنشأت الجماعة مدارس خاصةللبنات سميت دارس أمهات اؤمن‏.‏ ويعكس هذا الإسم الأفكار التيكانت وراء تنظيم الأخوات اسلمات فالأم هي اصدر الرئيس والأساسيفي تكوين شخصية طفلها ونظرته للحياة والفتيات اللاتي يفهمن دينهنيصبحن مسلمات حقيقيات يتوفر لهن التحرر الحقيقي.‏ وكانت جماعةالأخوات اسلمات هي التي د تلك ادارس بادرسات اللازماتومن أولى مشروعات الإخوان التعليمية عندما كانت بالإسماعيليةإقامة مدرسة أسموها ‏(مدرسة التهذيب)‏ تحدد منهج التعليم فيها ايأتي:‏- تصحيح تلاوة القرآن الكر وفق أحكام التجويد.‏- حفظ بعض سور من القرآن الكر‏.‏- حفظ بعض أحاديث من السنة النبوية الشريفة.‏- تصحيح العقائد والعبادات والتعرف على أسرار التشريع.‏- معرفة آداب الإسلام العامة.‏- دراسة التاريخ الإسلامي وسيرة السلف الصالح.‏- تدريب القادرين على الخطابة والدعوة تدريبا عمليا يحفظ ما كنمن:‏ النظام والنثر ومادة الدعوة ثم تكليفه بالتدريس والمحاضرة في هذاالمحيط الصغير أولا ثم في محيط أوسع منهكذلك أنشأت الجماعة في سنواتها الأولى ‏(معهد حراء الإسلامي)‏ فيالإسماعيلية كانت الدراسة فيه تنقسم إلى شعب ثلاث:‏- شعبة يتمشى منهاجها مع منهاج ادارس الأولية تجهز التلميذ للأزهرواعاهد الدينية.‏- وشعبة تتمشى مع ادارس الأولية أول النهار ومع ادارس الصناعيةآخر النهار يتوجه الطلاب في الفترة اسائية إلى ورش ومصانع أهلية كانيديرها الإخوان اسلمون وقد تعهدوا بتعليم هؤلاء الطلاب الصناعةبإشراف إدارة اعهد ورجاله وفق خطة نظام محدد.‏- وشعبة ثالثة تتمشى مع منهاج ادارس الأميرية الإبتدائية-الإعدادية-‏للتجهيز للثانويوقد حظي اعهد بالإقبال الشديد من الطلاب فكثير من دروسه كان. (٧٠). (٧١). (٧٢)85


الفكر التربوي العربي الحديثيلقى في الهواء الطلق وب خمائل الإسماعيلية وكانت اصروفات زهيدةبل زيدت نسبة اجملانية بحسب ظروف أولياء الأمور وكانت الصلة بالتلميذ وأستاذه وب ادرسة وانزل قويةووجه الإخوان جهدا كبيرا لترصد جهود أعمال ابشرين في اجملالالتعليمي في مصر وقد رفعوا مذكرة إلى الك فؤاد طالبوا فيها بأولا:‏ فرض الرقابة الشديدة على هذه ادارس واعاهد والدورالتبشيرية وعلى الطلبة والطالبات فيها إذا ثبت اشتغالها بالتبشير.‏ثانيا:‏ سحب الرخص من أي مستشفى أو مدرسة يثبت أنها تشتغلبالتبشير.‏ثالثا:‏ إبعاد كل من يثبت للحكومة أنه يعمل على إفساد العقائد وإخفاءالبن والبنات.‏رابعا:‏ الإمتناع عن معونة هذه الجمعيات بتاتا بالأرض أو باال.‏خامسا:‏ الإتصال بحضرات الوزراء افوض في مصر والخارج حتىيساعدوا الحكومة في تنفيذ خطة الحزم حفظا للأمن ومراعاة لحسنالعلائق....‏وحتى عام ١٩٤٦ كان الإخوان قد نجحوا في١- فتح عدد من ادارس لمحو الأمية وتنمية الثقافة الدينية باجملان.‏٢- مكاتب لتحفيظ القرآن الكر نهارا.‏٣- مدارس ليلية لتعليم العمال والفلاح‏.‏٤- أقسام خاصة للراسب في الإمتحانات العامة يتولى التدريس فيهاأساتذة مختصون من خريجي الجامعة.‏٥- شعب لتعليم الغلمان الذين حرموا التعليم لاشتغالهم بالصناعات.‏٦- معاهد لتعليم البن‏-معاهد حرة أي خصوصية.‏٧- مدارس أمهات اؤمن لتعليم البنات.‏٨- دور للصناعات ملحقة باعاهد يتعلم فيها الذين لا يستطيعون إامالتعليم العلمي.‏وليس <strong>هنا</strong>ك إحصاء عن عدد هذه ادارس اتنوعة ولا عدد طلابهاوأساتذتها ولكن هذه ادارس كانت تقوم إلى جانب الفروع بحيث لا يخلوفرع من مؤسسة علمية.‏ وقد ذكر أن عدد طلاب إحدى مدارس محو الأمية: (٧٤): (٧٥). (٧٣)86


الإتجاه السّلفيبلغ مائة عامل.‏ والراجح أن الإقبال على هذه ادارس كان كبيرا لا سيما ماكان منها في بيئات العمال والفلاح‏.‏ وح وضعت الحكومة منهاجاكافحة الأمية أثناء تولي العشماوي ‏(باشا)‏ وزارة اعارف سنةمن الإخوان أن يساعدوا الوزارة في تنفيذ خطتها.‏وبطبيعة الحال فليست هذه هي كل الجماعات...‏ وليست هذه هي كلالجمعيات وليس هؤلاء هم كل افكرين والدعاة الذين ترسموا خطىالسلفية...‏ ف<strong>هنا</strong>ك غيرهم لكن الإطار العام واحد والتوجه الرئيس مشتركوإن تباينت بعض الأساليب وإن اختلفت بعض الطرق..‏الجهود البحثية في التربية الإسلامية:‏واتجهت جمهرة كبيرة من الباحث العرب إلى التنقيب في اصادرالأساسية للإسلام بحثا عن موقف الإسلام من قضايا التعليم وافهوماتالتربوية اخملتلفة حتى تجمعت كتابات عديدة تربوية أصبحت تعرف بأنها‏«تربية إسلامية».‏وحتى كن التعامل مع الإنتاج الفكري في التربية الإسلامية فإنالطريق إلى ذلك هو استخدام ذلك التصنيف الذي قام به كاتب هذه السطورجملالات البحث في التربية الإسلامية مع إمكان زيادة مجال آخرين أرتناالتجربة بعد ذلك أنهما يضمّان عددا من هذه البحوث والدراسات:‏١- كتابات منهجية يحاول أصحابها من خلالها أن يحددوا افاهيمالأساسية في التعامل مع التربية الإسلامية ومنهج دراستها والأصول التييجب أن تعتمد عليها.‏ و<strong>هنا</strong> نجد للدكتور سعيد إسماعيل جهودا عدة فيهذا الشأن فمن ذلك دراسته اعنونة ب ‏(مشكلة ‏«انهج»‏ في دراسة التربيةالإسلامية)‏ التي حاول من خلالها أن يحدد منهج البحث الذي يجب أنيستخدمه الباحث <strong>هنا</strong>.‏ واستنادا إلى أن موضوع البحث يحدد منهجه فقدتبنى سعيد إسماعيل ‏(انهج الفقهي)‏ ذلك أن الإستناد إلى كتابات الفلاسفةاسلم في البحث عن موقف الإسلام من القضايا التربوية يكشف عنضعف الفكر التربوي الإسلامي حيث ثبت نقل كثير من الفلاسفة اسلممن فلاسفة اليونان بينما الإنتاج الفكري الفقهي نبت البيئة العربيةالإسلامية واشكلات التي عالجها مشكلات إسلامية صميمة وليس فيهشبهة النقل والترجمة بل هو مجال خصب للإبتكار والإبداع (٧٦) .١٩٤٦ طلب87


الفكر التربوي العربي الحديثوالدراسة الثانية لسعيد إسماعيل أيضا في هذا اجملال هي كتابه اعنونب ‏(أصول التربية الإسلامية)‏ وهي محاولة تتكامل مع الدراسة السابقة إذحاول <strong>هنا</strong> أن يحصر اصادر التي يجب أن يستند إليها الباحثون في مجالالتربية الإسلامية مرتبة حسب أولويتها فبدأ بالقرآن الكر ثم السنةالنبوية فأقوال الصحابة ثم اصالح الإجتماعية فالثقافة فالفكر الفلسفيالإسلاميأما الدكتور عبد الغني عبود فيروي كيف اتجه إلى دراسة التربيةالإسلامية عندما نشر بحثا في اجمللد الثالث من الكتاب السنوي في التربيةوعلم النفس الذي يقوم كاتب هذه السطور بإصداره منذ سنةعنوان البحث ‏(الأيديولوجيا والتربية في الإسلام)‏ وكانت العقبة الأساسيةالتي تعترض طريقه هي ‏«أنني اكتشفت أنني لا أفهم الإسلام شأني شأنالكثيرين من أبناء اسلم الذين تخرجوا في نظم التعليم العربية والإسلاميةالتي توصف ‏(بالعصرية)‏ (٧٩) .»فبدأ يدرس الإسلام من ألفه إلى يائه ‏«بادئا من الألف».‏ ثم رأى أنتكون دراسته للإسلام وفق منهج مع يستطيع به أن يفهم ‏(الإطارالأيديولوجي)‏ للإسلام ليستطيع من خلاله فهم ‏(التربية الإسلامية)‏ فيمابعد.‏ ثم رأى أن تكون دراسته بصوت مسموع فتترجم هذه الدراسة إلىشيء مكتوب يحكم به على خطاه في الدراسة أولا بأول ومن <strong>هنا</strong> كانإصداره سلسلة من الكتابات تحت عنوان ‏(الإسلام وتحديات العصر)‏ تتناولموضوعات مثل ‏(الله والإنسان اعاصر)‏ ‏(الإسلام والكون ‏(الإنسان فيالإسلام والإنسان اعاصر)..‏ وهكذا.‏وفي معرض حديثه أيضا عن ‏(انهجية)‏ يرى عبود أن معظم من كتبوافي اجملال من علماء الدين الذين خاضوا مجال التربية الإسلامية بعدكتابات كثيرة لهم في الإسلاميات ومن ثم كانت كتاباتهم في التربيةالإسلامية ‏«ككتاباتهم في غيرها من ‏(الإسلاميات)‏ كتابة كن أن توصفبأنها ‏(توضح رأي الإسلام)‏ فيما يكتب دون أن تلتزم ‏(‏نهجية)‏ الكتابةالعلمية في التربية»‏ (٨٠) . وهو مع اعترافه بأن من ب ما كتب بهذه الطريقةوعلى يد هؤلاء ‏(الإسلامي( كتابات بلغت حدا كبيرا من الروعة والدقةوالإتقان ‏«لكن معظم ما كتب فيها كان يكتب عن أي شيء إلا التربية!!‏(٧٨) ١٩٧٣ وكان. (٧٧)88


الإتجاه السّلفيأما الدكتور عبد الرحمن النقيب بعد أن يسجل ملاحظته على كثرةالأبحاث والدراسات في السنوات الأخيرة يؤكد»‏ إذا كنا نشعر أن تلكالعودة إلى دراسة تراثنا التربوي إا ثل ‏«حركة علمية»‏ في الإتجاه الصحيحلتأصيل فكرنا التربوي والنفسي وخلق تربية عربية إسلامية ‏«تتناسبوواقع أمتنا إلا أننا ندرك أن هذا الإتجاه الوليد أحوج ما يكون إلى وضعبعض اعالم والحدود التي تحدد طبيعة البحث في هذا ايدان وتضع لهبعض الأهداف وتلقي الضوء على ما يكتنفه من صعاب»‏ (٨١) .وهو من أجل هذا يسعى إلى تعريف التربية الإسلامية وخصائصها.‏والجانب الذي يهمنا <strong>هنا</strong> هو ما ذكره عن أهم مباحث التربية الإسلامية...‏فمن خلال ذلك قام بعملية ‏«تصنيف»‏ للإنتاج الفكري التربوي الإسلاميمثل:‏- دراسة فلسفة التربية الإسلامية ومثالها دراسة د.‏ عمر محمد الشيبانيعن فلسفة التربية الإسلامية.‏- دراسة التربية الإسلامية دراسة تاريخية مثل دراسة محمد أسعدطلس:‏ التربية والتعليم في الإسلام.‏- دراسة أعلام التربية وعلم النفس في الإسلام مثل دراسة محمد نبيلنوفل)للماجستير غير منشورة في تربية ع شمس)‏ عن أبي حامد الغزاليفلسفته وآراؤه في التربية والتعليم.‏- دراسة اناهج التربوية الإسلامية مثل دراسة أحمد شلبي عن ‏(تاريخاناهج الإسلامية).‏- الدراسات النفسية عند العلماء اسلم مثل دراسة عبد الكرالعثمان ‏(الدراسات النفسية عند اسلم والغزالي بوجه خاص...)‏ الخ.‏٢- كتابات أصولية وفيها يعكف الباحث على كل ما في القرآن والسنةالنبوية كي يستخرج منهما أفكارا ونظريات وآراء تتعلق ببعض القضاياوافاهيم التي يحفل بها عالم التربية والتعليم ومثال ذلك أن يقوم الباحثبدراسة مفهوم الحرية وتطبيقاته التربوية من خلال عملية استقراء وتحليلللقيم الأخلاقية كما تتبدى في السنة النبوية....‏ وهكذاويعبر محمد قطب عن تطور تفكيره إلى أن اتجه إلى بحث التربيةالإسلامية من خلال القرآن بصفة أساسية فتساءل باستنكار:‏ كيف غفلنا. (٨٢)89


الفكر التربوي العربي الحديثعن أن <strong>هنا</strong>ك منهجا إسلاميا للتربية وأن هذا انهج موجود في القرآن ?ويروي أنه ظل زمنا يقرأ القرآن دون أن يفطن إلى هذه الحقيقة:‏ ‏«لقدأحسست بطبيعة الحال أن في القرآن توجيهات تربوية كثيرة وأن لهذهالتوجيهات أثرا في النفس وأن الإنسان ح يتدبرها ويتأثر بها يصبح لهسلوك مع وتفكير مع وشعور مع هو أقرب إلى الصلاح والتقوىويصبح الإنسان أكثر شفافية وأكثر إنسانية...‏ أحسست هذا لأنه بديهيةواضحة لا تحتاج إلى تفكير.‏ ولكن <strong>هنا</strong>ك فرقا كبيرا ب هذا الإحساسابهم الذي لا يعرف الإنسان من أين ينبع على وجه التحديد وب الإدراكالواعي بأنها ليست توجيهات تربوية متناثرة تجيء باصادفة في سياقالآيات وإا هو منهج شامل متكامل كل جزئية فيه مقصودة وكل كلمةفيه بحساب (٨٣) .»وفي ضوء هذا جاء كتابه ‏(منهج التربية الإسلامية)‏ لا عنى ‏(اقرر)‏ولا عنى ‏(منهج البحث)‏ ولكنه عنى ‏(أسلوب الحياة ونهجها وطريقةالعمل).‏أما الدكتور محمد فاضل الجمالي فهو يؤكد لطلابه في الجامعةالتونسية على أن القرآن الكر هو للمسلم أعظم كتاب في فلسفة التربيةوالتعليم ‏«وفي الحقيقة أن القرآن الكر هو كنز عظيم من كنوز الثقافةالإنسانية ولا سيما الروحية منهاوهو أول ما يكون كتاب تربية وتهذيبعلى وجه العموم وكتاب تربية اجتماعية وأخلاقية وروحية على وجهالخصوص‏«فإذا كانت الفلسفة تعني بدرس بدايات الأمور ونهاياتها وبدرسالعلاقات والإرتباطات ب الإنسان وأخيه الإنسان وب الإنسان والكونوب الإنسان وخالق الكون ‏«ففلسفة القرآن الكر تشمل كل ذلك»‏ وإذاكانت التربية تعني بتنشئة الفرد ووه في الجنس البشري فحسب ‏«فالقرآنالكر يعني بتربية اوجودات كلها ا في ذلك تربية الإنسان وح نكررفي صلاتنا يوميا»‏ الحمد لله رب العا ‏«فعبارة»‏ رب العا ‏«تعني:


الإتجاه السّلفيبل مربي الخليقة كلها فالقرآن الكر يعالج نشوء الخليقة ونشوء الإنسانوطبيعة الإنسان ويؤكد على وجود النظام في الطبيعة وفي اجملتمع ويؤكدعلى ما يتطلبه كل ذلك من أهداف تربوية ولاسيما في حقل تهذيب النفسوتنظيم السلوك ‏«وفلسفة القرآن التربوية تاز بالشمول والتوحيد كماتتضمن التطور والتغير».‏و<strong>هنا</strong>ك دراسة أخرى هي في الأصل رسالة ماجستير كان قد حصلعليها الدكتور علي خليل أبو العين عن ‏(فلسفة التربية الإسلامية فيالقرآن الكري)م.‏ وفي مقدمة هذه الدراسة يشعر القار لأول وهلة أنالباحث يعالج اوضوع من منظور ‏(قومي)‏ لكنه لا يتركنا نقع في ظل هذاالظن ويبادر ليؤكد على ‏«سلفيته»‏ فهو يقولإذا كان اثل الأعلى الذي يجب أن ننسج على منواله في تربية أجيالناالعربية الإسلامية ليس فرنسيا ولا إنجليزيا ولا يابانيا ولا أمريكيا وإاهو مثل أعلى عربي ينبع من صميم حياتنا ويتصل اضينا وحاضرناومستقبلنا فإن معنى هذا أن التربية العربية الحديثة لا كن أن تكونأصيلة إلا إذا كانت موافقة لفلسفة الشعب العربي الحديث ونظرته إلىالوجود ولرأيه في قيم الإنسان وهذه الفلسفة لا تبلغ قمة كمالها إلا فيالقرآن الكر دستور هذه الأمة حيث كن اعتباره ‏(الكتاب الأم)‏ للتربيةالعربية الإسلامية»‏‏«ونظرته إلى الوجود ولرأيه في قيم الإنسان وهذهالفلسفة لا تبلغ قمة كمالها إلا في القرآن الكر دستور هذه الأمة حيثكن اعتباره ‏(الكتاب الأم)‏ للتربية العربية الإسلامية»‏ لكن الاحظ أنالباحث يعود فيما يشبه الإستدراك مشيرا بعبارة هامة إلى أن القرآن فيهذا اجملال ليس ملزما إذ يقول إن الدول العربية والإسلامية ترجع إليه‏«لتأخذ منه ما يوافق ويناسب ظروفها»‏ إذ أن هذا لا معنى له إلا أن فيهمالا يناسب أو يوافق ظروف هذه الدول وهذا اعنى يستنكره السلفيونعادة.‏٣- كتابات فلسفية:‏ وفيها يتجه الباحث إلى الأعمال الفكرية اخملتلفةلواحد أو أكثر من مفكري الإسلام مثل إبن خلدون أو الغزالي أو ابن سيناأو غيرهم لاستطلاع رأيه في إحدى القضايا وغالبا ما يتجه الباحث إلىمفكر بعينه ليدرس آراءه كلها وقد يكون المحور هو مفهوم أو اتجاه ثم: (٨٥)91


الفكر التربوي العربي الحديثيتبعه الباحث عند أكثر من مفكر (٨٦) .ومن الأعمال الرائدة في هذا اجملال دراسة الدكتور أحمد فؤاد الأهوانيعن ‏(التعليم في رأي القابسي)‏ التي أشرنا إليها من قبل وهو تلميذ الشيخمصطفى عبد الرازق أحد أعلام الفكر الإسلامي الحديث والذي تأثربالفكر الغربي فلم يقف عند حد السلفية وحدها وإا طعمها ا استفادهمن ثقافة أجنبية ولذلك نجد الأهواني يشير إلى تلك القسمة اعروفةللثقافة في عانا العربي في العصر الحديث ب من يدعون إلى العودة إلىااضي لاستلهامه ومن يدعون إلى الأخذ بالحضارة الغربية ثم يحددموقفه هو قائلا:‏‏«ونحن في حاجة إلى القد والجديد معا لأننا لا نستطيع قطع الصلةبااضي الذي لا نزال نعيش في دينه ولغته لا يزال ديننا الإسلام وكتابناالقرآن ولغتنا العربية ونحن في حاجة إلى تعليم أبنائنا اللغة العربية والقرآنالكر ويجدر بنا أن نعرف كيف كان أجدادنا منذ ألف عام يعلمونهمافقد يفيدنا ذلك في موقفنا الحاضر ويعيننا على حل مشكلة تعليم الأطفالاليوم الكتابة والقراءة والدين»....‏وقد أثبتت دراسات عديدة قام بها باحثون بعد ذلك مبالغة الأهواني فيحكمه هذا ورا كان له العذر في خلو مجال البحث في وقته من مثل هذهالدراسات.‏وإذا كانت هذه الدراسة قد قصد بها بحث التعليم عند القابسي إلا أنالباحث قد وسع من دائرة البحث فدرس عددا من القضايا التربوية فيالتربية الإسلامية من زواياها اتعددة الأصولية وانهجية والتاريخيةوالفلسفية ومن <strong>هنا</strong> كان وضعه لعنوان آخر رئيس لهذه الدراسة حيثسماها ‏(التربية في الإسلام).‏أما دراسة الدكتور عبد الرحمن النقيب عن ‏(فلسفة التربية عند ابنسينا)‏ فمن ميزاتها أن صاحبها قد حصل بها على درجة ااجستير سنة١٩٧١ بينما لم تنشر إلا سنة ا ١٩٨٤ أتاح له الفرصة أن يراجع نفسهمؤكدا أنه عندما تناول الآراء التربوية في كتابات ابن سينا أو أي مفكرآخر»‏ فليس معنى ذلك أن تلك الآراء ثل الإسلام ذاته (٨٨) ‏«فقد كانت لابنسينا مثلا آراء في الطبيعة الإنسانية وفي مصادر ‏«اعرفة الحقة»‏ زج. (٨٧)92


«... (٨٩)(٩٠)الإتجاه السّلفيفيها ب الفكر الإغريقي والنصوص الإسلامية كذلك وضع ابن سيناحدودا وقيودا لتعليم ارأة تناسب ميوله وتفكيره ‏«بينما يطلق لها الإسلامحرية العلم والتعلم».‏ ثم يبدي أمله بأن تحاول الأبحاث العلمية استقبليةفي ميدان التربية الإسلامية عندما تعرض أمثال تلك ‏«الآراء الفردية»‏ أنتناقشها على ضوء النصوص الإسلامية ‏«حتى تضع الرجل في مكانه الصحيحمن حركة تطور ‏(العقل الإسلامي)‏ على مر العصوروقد وضع الباحث في دراسته هذه جزءا خاصا ب ‏(الإتجاه الفلسفي)‏في التربية الإسلامية يزا إياه عن كل من ‏(الإتجاه الفقهي)‏ و ‏(الإتجاهالصوفي).‏ بيد أنه يقلل من شأن وقيمة هذا الإتجاه الفلسفي ويؤكد علىأنه ‏«أقل تلك ادارس تأثيرا في ميدان التربية في العالم الإسلامي منناحية التأثير العام»‏ ويعلل ذلك بأنه قد يرجع إلى طبيعة نظرة العالمالإسلامي إلى الفلسفة والفلاسفة حيث لعبت ظروف متعددة جعلت الفكرالفلسفي فكرا غريبا على ‏«الجمهور الإسلامي»‏ أو فكرا إنعزاليا محدودالتأثير....‏‏«وبعد أن يشرح هذه الظروف يزيد في قسوة حكمه على هذا الإتجاهواضعا ادرسة <strong>الخاصة</strong> به بأنها كانت ‏«أرستقراطية الفكر»‏ وأنها كانتمدرسة <strong>الخاصة</strong> فقط أو ‏(مدرسة القلة)‏ ويستع برأي على سامي النشارفي قوله:‏ بأن كتب هؤلاء الفلاسفة كانت ثل ‏«دوائر منفصلة عن تيارالفكر الفلسفي العام»‏لكنه يستدرك بقوله:‏ ‏«لكن ليس معنى هذا بأي حالمن الأحوال أن نتجاهل تلك ادرسة الفكرية إذ أنه ليس في مقدور أيباحث للحركة الفكرية في العصور الإسلامية الزاهية أن يتجاهل هذاالتيار الفلسفي أو يقلل من شأنه وخصوصا أنه تيار خصب مبدع وخلاقفي بعض نواحيه وأن إنتاجه العقلي والفكري لا يقل عن التيارين الآخرين:‏الفقهي والصوفي غزارة وأهمية»‏ (٩١) .... فيم إذن كان الحديث السابق ? هلهذا استدراك أم تراجع?‏كذلك نجد الدكتورة نادية جمال الدين حيث تنشر دراستها عن ‏(فلسفةالتربية عند إخوان الصفا)‏ بعد إجازتها للماجستير بتسع سنوات وهييز إخوان الصفا بأنهم وإن انتموا إلى دائرة الفلاسفة إلا أنهم يزواعليهم بعدم اكتفائهم بالفلسفة والإنتاج الفلسفي نهاية لاجتهادهم في مجال93


الفكر التربوي العربي الحديثاعرفة ‏«فالناظر في رسائلهم يلمح بوضوح أن التربية والتعليم جزءا لايتجزأ من بنائهم الفلسفي والركيزة الأساسية التي اعتمدوا عليها فيمحاولة ترجمة فكرهم إلى واقع فسعوا لإيجاد جماعة من الشباب عاةخيرة فاضلة ذكية مستبصرة وإعدادهم على هذه الصورة ليكونوا رجالاعامل في ‏(دولة الخير)‏ انتظرةكذلك تقارن نادية جمال الدين ب فئة الفلاسفة التي ينتمي إليهاهؤلاء وغيرهم على أساس أن الفلاسفة لم يكونوا وحدهم أصحاب الرؤوسافكرة في الأمة الإسلامية بل وجد معهم رجال الحديث والفقهاء وعلماءالكلام والأدباء واتصوفة وغيرهم ومن البديهي أن يكون لكل فئة منهؤلاء ما يزهم في جانب إنتاجهم الفكري وبالتالي ينعكس على آرائهمفي الإنسان وتربيته.‏ ومع كل هذا فإن الناظر في التراث التربوي الإسلاميعموما يستطيع أن يلمس تفوق الفقهاء في هذا اجملال وذلك لأنهم كانوايقومون بتعليم علوم الدين التي هي أقرب للعقول والقلوب وأسهل فيتناولها من غيرها وإلى جانب أن تعلمها واجب ديني على كل مسلم فقدكانت تتيح ن يتعلمها الإشتغال بالوظائف اخملتلفة ا أدّى إلى اتجاهالكثيرين إليهم ليتعلموا علومهم للإنتفاع بها في الدنيا والآخرةومثلما ذكر النقيب تشير نادية إلى ذلك التحفظ الهام وهو أن فكرإخوان الصفا لا ينبغي أن نتلقاه على أنه ثل الفكر التربوي الإسلاميخصوصا الإسلام على وجه العموم ‏«بل إنهم ثلون الفكر التربوي الخاصبهم»‏ وبعبارة أخرى ‏«إنهم ثلون طا من أاط الفكر التربوي في دائرةالفلاسفة اسلم في مجتمع مع وزمان محدد بكل ما في هذا من قوىوعوامل أدت إلى تشكيل فلسفتهم التربوية تبعا لظروفهم وواقع مجتمعهم.« (٩٤)٤- دراسات تاريخية:‏ وفيها يقوم الباحث بدراسة تطور ‏(التطبيق العملي)‏لأفكار ونظريات التربية الإسلامية عبر التاريخ إما بطول العصور الإسلاميةكما نرى عند د.‏ أحمد شلبي في ‏(تاريخ التربية الإسلامية)‏ وإما عندطائفة معينة مثل ما فعل عبد الله فياض في ‏(تاريخ التربية عند الإمامية)‏وإما من خلال مؤسسات تعليمية مثلما فعل د.‏ ناجي معروف في ‏(مدارسالشرابية)‏ وإما من خلال إقليم مع مثلما فعل د.‏ عبد الحميد عيسى في. (٩٣).« (٩٢)94


الإتجاه السّلفي‏(تاريخ التعليم في الأندلس)‏ وإما من خلال جملة اؤسسات التعليميةطوال العصور الإسلامية مثلما فعل د.‏ سعيد إسماعيل في كتابه ‏(معاهدالتربية الإسلامية).‏ولعل هذه الفئة بالذات هي التي تحظى بالإهتمام الأكبر والذيوعوالإنتشار ا يقتضينا أن نخصها بقدر أكبر من الحديث.‏وبالنسبة لدراسة الدكتور أحمد شلبي في موضوعه لدرجة الدكتوراهالتي حصل عليها من جامعة)‏ كمبردج).‏ ويب لنا شلبي في مقدمة دراستهصورة دقيقة للمصاعب واعاناة اللت يلاقيهما السائر على هذا الدربمن البحث فدراسة تاريخ التربية-كدراسة غيره من موضوعات الحضارة-‏تحتاج إلى صبر ودأب ومثابرة.‏ ويستشهد في ذلك ا قاله ‏(مونروpaul(The Educational Renaissance of Sixteen Century) في مقدمة كتابه:‏ (Monroeالنهضة التعليمية في القرن السادس عشرما ترجمته:‏ ‏«أنه ن الشاق العسيرأن يحاول الإنسان أن يحصل على معلومات دقيقة فيما يختص بالنشاطالتعليمي في العهود ااضية وخصوصا فيما يتعلق بتفاصيل عن الحياةادرسية (٩٥) «.وقد س أحمد شلبي أن ما قرره ‏(مونرو)‏ عن صعوبة الحصول علىهذه اادة فيما يتعلق بالتعليم في أوروبا ينطبق ام الإنطباق على النظمالتعليمية عند اسلم و لهذا احتاجت هذه الرسالة إلى جد متصلوكفاح طويل في سبيل إامها.‏ ويذكر شلبي أنه طاا قرأ كتبا ضخمةبعضها يقع في عدة أجزاء وكان يأمل أن يجد فيها ما يفيده في هذااوضوع ولكنه كان يخرج منها حصول ضئيل أو يخرج بلا شيء.‏ وقدأرجع السبب في ذلك إلى أن اؤرخ اسلم ركزوا جهدهم في تسجيلالنشاط السياسي والعسكري للخلفاء والوك والعظماء ولم يهتموا اهتمامايذكر بتسجيل الإصلاحات التعليميةأما الدكتور عبد الله فياض فقد حصل وضوعه أيضا عن ‏(تاريخالتربية عند الإمامية وأسلافهم من الشيعة)‏ على درجة الدكتوراه من الجامعةالأمريكية ببيروت.‏وتنطلق هذه الدراسة من مسلمة أساسية وهي أن أعدادا كبيرة منالعلماء من مختلف الطوائف واذاهب إذا كانت قد أسهمت في إرساء. (٩٦)95


الفكر التربوي العربي الحديثقواعد النظام التربوي الإسلامي وتطويره فإن من الفرق التي اهتمتبالتعليم وأسهمت في وضع أسسه وتطويره الفرقة الشيعية الإماميةولايختلف النظام التربوي عند هذه الفرقة من حيث الشكل عن النظام التربويالإسلامي العام وإا ينفرد عنه ببعض السمات الخصوصية في منهجالبحث وفي مواد بعض موضوعات الدرسوقد عرف اؤلف الشيعة الإمامية وأوضح نشأتها وتكونها وأوجزعقائدها الأساسية وألم بتاريخ أئمتها الإثنى عشر وقد قصر بحثه علىالفرقة الإمامية مستبعدا فرق الشيعة الفرعية الأخرى كالسبئية والكيسانيةوالزيدية والإسماعيلية وبذلك أتاح لنفسه مجال التعمق بدراسة موضوعهوالإحاطة بتفاصيله والغوص إلى دقائقه.‏ وقد تناول العوامل اؤثرة فيتوحيد التعليم عند الإماميةوبحث في مراكز التعليم وأمكنته وفصل القولفي اعلم على اختلاف أصنافهم ودرجاتهم والطلبة في مراحل دراستهماخملتلفة وأساليب التعليم ومناهجه وفي مصادر ويل التعليم والإنفاقعليهوالدراسة الثالثة للدكتور ناجي معروف صاحب العديد من الدراساتفي تاريخ التربية الإسلامية تاز بالإحاطة والشمول والدقة العلميةوالدراسة التي نختارها وذجا <strong>هنا</strong> هي دراسته ‏(ادارس الشرابية)‏ والتيعقد فيها عددا من الصفحات ‏(من ص ٢٠) على جانب كبير من الأهميةحيث أنها تتعلق بانهجية العلمية في دراسة معاهد التعليم الإسلامي وخاصةادارس.‏ذلك أنه لم يصل إلينا من الكتب التي تبحث في ادارس وأماكنالتعليم إلا عدد ضئيل جدا إذا ما قيس بتلك الأعداد الزاخرة التي ألفهاالعرب في الشؤون العلمية والحضارية الأخرى.‏ ولعل من أهم الأسبابالتي أدت إلى ذلك في رأي باحثنا أن هذه اؤلفات وضعت في العصورالعباسية اتأخرة ولم ض عليها الوقت الكافي لاستنساخها واطلاعالناس عليها ولأنه سرعان ما عصفت بالبلاد الإسلامية موجة اغول التيدمرت مدنا إسلامية كاملة واجتاحت أقطارا واسعة في بلاد اشرق وأتتعلى بغداد والدولة العباسية من القواعد فضاعت مئات ألوف من الكتبالخطية ومحقت دور علم وخزائن كتب لا تعد ومحيت معاهد ومدارس. (٩٧)-٩. (٩٨)96


. (٩٩)الإتجاه السّلفيمشهورة وقضي على عدد كبير من جلة العلماء والأدباءكذلك يؤكد ناجي معروف على أن الكتب التي عنيت بادارس ودورالعلم ومعاهده كانت في الأصل قليلة جدا ويفسر ذلك بأن كتب التاريخوالجغرافية التاريخية وكتب الحديث وكتب السير والتراجم والكتب التيألفت عن اساجد قد حوت الشيء الكثير عن أخبار التعليم وأماكنه وعنادرس والفقهاء واؤدب وهم الذين كانوا يعلمون الطبقة <strong>الخاصة</strong> منأبناء الخلفاء والوك والأمراء والقواد والأعيان وغيرهم من علية القوم.‏كما نوهت هذه اؤلفات بالكتاتيب وتعليم الصبيان فيها وحلقات الدرسالتي كانت في كل مسجد جامع ومن ثم فإن نظام ادارس بالشكل اتقنالذي عرف به لم يظهر في الوقت الذي ساد فيه حركة التأليف شيء منالخمول إذ لم نعد نرى سوى الهوامش والشروح والتعليقات والإختصارللكتب التي ألفت في عصر ازدهار هذه الحركةوالكتاب يبحث في حياة شخصية لامعة من شخصيات العراق في أواخرالدولة العباسية وهي شخصية أبي الفضائل شرف الدولة إقبال الشرابيوخصص معظم الفصول لدراسة ادارس التي سميت باسمه في كل منبغداد وواسط ومكة.‏والدراسة الرابعة هي دراسة د.‏ عبد الحميد عيسى عن ‏(تاريخ التعليمفي الأندلس)‏ وهي أيضا كانت أطروحة الدكتوراه التي حصل عليها صاحبهامن كلية الآداب في جامعة الأوتونوما دريد سنة ١٩٨٠ قد كان الهدف منهذه الدراسة أن يقدم الباحث صورة عن التعليم في إسبانيا الإسلاميةأي كيف كان يتم تشكيل الفرد وتثقيفه ابتداء من سني حياته الأولى حتىيصل إلى أقصى ما يطمح إليه من تعلموإذا كانت التجربة التعليمية في اشرق الإسلامي قد حظيت بعدد لابأس به من الدراسات فإن التجربة الأندلسية لم تنل من قبل جهدا مذكورا.‏ويشير الباحث إلى صعوبات عديدة واجهته أهمها كالعادة ندرة اؤلفاتالعربية الإسلامية عن التأريخ للتعليم عامة وفي الأندلس خاصة حيث لميصلنا من كتبه إلا ‏(جامع بيان العلم وفضله)‏ لابن عبد البر وبعض الإشاراتالتربوية التي كتبها إبن حزم ‏(اتوفي ٤٥٦ ه)‏ وابن العربي ‏(اتوفي ‎٥٤٣‎ه)‏وابن الخطيب ‏(اتوفي ‎٧٧٦‎ه).‏. (١٠٠). (١٠١)97


الفكر التربوي العربي الحديثوتأتي الدراسة الخامسة للدكتور سعيد اسماعيل علي عن ‏(معاهدالتربية الإسلامية)‏ لتؤكد على أنها تنطلق من تلك الحقيقة التي أصبحتمن اسلمات في الأدب التربوي الحديث وهي القائلة بأن التربية عملية‏(اجتماعية)‏ ا يحتم أن تتسم بالتكامل والشمول.‏ ولقد عهد الناس منذعصور بعيدة إلى أن تقوم ‏(ادرسة)‏ و(الجامعة)‏ بالعملية التربوية.‏ وإذا كانذلك كنا إلى حد ما في العهود القدة نظرا ا كانت عليه الحياةالإجتماعية من بساطة ونظرا ا كانت عليه الثقافة من بدائية لأنه مستحيلفي العصر الحديث بل وقبل ذلك عندما ظهرت الحضارة الإسلامية بكلما كانت عليه من ثراء ثقافي وتنوع حضاري وحيوية اجتماعية (٢٠٢) .من أجل ذلك قامت مؤسسات ومعاهد متنوعة لتشارك جميعها فيالقيام بشمولية بناء الشخصية اسلمة وفقا ا جاءت به العقيدة الإسلاميةووفقا ا اهتدت إليه عقول افكرين والفلاسفة والعلماء اسلم مناجتهادات وخبرات ووفقا ا ارتآه هؤلاء وهؤلاء من أفكار مناسبة واتجاهاتصالحة في الحضارات الأخرى السابقة ا لا يتعارض مع البنية الأساسيةللحضارة الإسلامية.‏وهذا الكتاب الذي نشير إليه جهده الأساسي موجه إلى دراسة معظماؤسسات واعاهد التي قامت بهذا العمل التربوي مثل اساجد والكتاتيبوادارس واكتبات وحوانيت الوراق والبيمارستانات والنقابات والورشومواقع العمل ومنازل العلماء والصالونات الثقافية.‏٥- دراسات متنوعة:‏ ونقصد بها تلك الكتابات التي لم تتقيد بنوع واحدمن الفئات السابقة وإا حاولت أن تجمع ب عدد منها.‏ولعل من الدراسات الرائدة في هذا الشأن تلك الدراسة التي قامت بها‏(أسماء فهمي)‏ في أوائل الأربعينات بإنجلترا اعتمدت عليها في إصداردراسة بعنوان ‏(مباد التربية الإسلامية).‏ وا يستوقفنا في نهاية مقدمةهذه الدراسة:‏ ‏«لعل عهد إحياء الوحدة العربية الحديثة هو أصلح اناسباتلدراسة أهم أسس الوحدة الإسلامية القدة التي نترسم خطاها ونستمدمن روحها ونقتدي ثلها وغاياتها ا نجده واضحا فيما ارتأته لنفسهامن مباد وغايات للتربية (١٠٣) .»وتلفت أسماء فهمي الأنظار إلى أننا إذا كنا نشيد دائما بعظمة الحضارة98


الإتجاه السّلفيالإسلامية ونعتز بفنونها ومبادئها وأبطالها وأخلاقها فنحن«نشيد ضمنابالتربية الإسلامية التي هي روح الحضارة وقوامها.»وإذا اعتبرت الحضارةالإسلامية نقطة تطور هامة في تاريخ البشرية ا ترتب عليها من تغييراتعقلية واجتماعية وسياسية باقية ‏«فكذلك ينبغي أن ينظر إلى التربيةالإسلامية (١٠٣) التي هي أساس تلك الحضارة والتي لها من الآثاروالخصائص ما يزها عن سائر أنواع التربية»‏ (١٠٤) .وقد حاولت الباحثة على صفحات دراستها علاج ما كانت عليه التربيةالإسلامية في العصور الوسطى وما سمت إليه وما قصرت دون الوصولإليه وذلك عن طريق دراسة اعاهد واباد والنظم والأساليب التربويةوبيان ما انطوت عليه من مثل وغايات كنزعتها اثالية التي تجلت في تقديرالعلم والسمو به إلى مرتبة العبادة والعناية البالغة بالدين والأخلاق وأمورالدنيا والآخرة معا ومرونتها في طرق التحصيل وعدم تقيدها بالنظماركزية الجامدة وروح الدقراطية والإخاء واساواة التي قضت علىالفروق ب الشعوب والأجناس والطبقات في ميدان التعليم كما في ميدانالدين.‏والدراسة الثانية في هذه الفئة دراسة محمد عطية الأبراشي عن‏(التربية الإسلامية وفلاسفتها).‏ ومن الاحظ على هذه الدراسة أن اللغة‏(التبشيرية)‏ تغلب عليها فهو يتحدث عن التربية الإسلامية بلهجة تفوقالحدود وتؤكد على الغلو في اديح والتغاضي عن الثغرات والعيوب فهاهو-مثلا-يكتب:‏ ‏«إن مباد التربية الحديثة التي نادينا بها في منتصفالقرن العشرين ولم تستطع الدول اتمدنة تنفيذها كلها حتى اليوم قدروعيت ونفذت في التربية الإسلامية في عصورها قبل أن تخلق التربيةالحديثة ئات السن » (١٠٥) ! ! ! ! وكذلك يذهب إلى أن ‏«للعرب واسلمكل الفضل على الغرب والغربي‏»!‏ ! ! واثير للدهشة حقا هو أن يكتب:‏‏«وقد راعيت في تأليف هذا الكتاب اثل العليا التي ينادي بها قائدنا الهمورئيسنا المحبوب جمال عبد الناصر»‏ ويعتقد ام الإعتقاد أن التربيةالإسلامية ‏«ستنال ما تستحقه من العناية في هذا العهد ايمون»‏ (١٠٦) .أما العمل الثالث فهو عدد خاص من مجلة ‏(الفكر العربي)‏ عن ‏(التربيةالإسلامية والتربية اقارنة).‏ وكان اقصود من هذا العدد الخاص أن يعرض99


الفكر التربوي العربي الحديثبعض جوانب التجربة التربوية التاريخية للجماعة الإسلامية على أرضنامن مواقع ثلاثة:‏ موقع وحدة التجربة من ناحية وموقع تجددها في الإطارالشامل لصيرورة الأمة من ناحية ثانية وموقع قدرتها على مواجهة الخارجاقتحم لرؤيتها الحضارية من ناحية أخيرة على حسب تعبير رئيس تحريراجمللةواستقر لصفحات هذا العدد سوف يجد موضوعات مثل :- أبو حنيفة وانهج التربوي الإسلامي.‏ د.‏ رضوان السيد.‏- طبيعة العلاقة ب العالم واتعلم في اذج من الفكر التربويالإسلامي.‏- نبذة عن ادرسة في اغرب حتى أواخر القرن التاسع الهجري.‏ د.‏وداد القاضي.‏- التربية عند إبن سحنون والقابسي.‏ د.‏ عبد الأمير شمس الدين.‏- النسق التربوي عند الغزالي في ضوء رسالة ‏(أيها الولد).‏ د.‏ مروانقبا-.‏ النظر في التربية عند السبكي.‏ حسن صالح.‏- الآراء التربوية عند زين الدين بن مكي القب بالشهيد الثاني.‏ د.‏مهدي فضل الله.......‏ إلى غير ذلك من موضوعات.‏بيد أن <strong>هنا</strong>ك ملاحظة أساسية يجب ألا تغيب عن الوعي وهي أنتقدنا لهذا العدد لا ينبغي أن يدفعنا إلى ‏(إدخال)‏ كتابه في زمرة السلفيسواء أكانوا محافظ أم مستنيرين فبعضهم يخرج عن هذه الدائرة وكتابتهفي هذا اجملال أشبه بكتابة ‏(استشرق( ولا ينفي هذا أن بعضا آخركن أن يدخل في الدائرة السلفية.‏. (١٠٧)100


الإتجاه القومي العربي3 الإتجاه القومي العربيالمفهوم:‏إننا-كعرب-نجد أنفسنا في هذه ارحلة منتاريخنا أمام مصطلحات نستخدمها يوميا دون أنيكون لها مدلولات واضحة محددة في أذهاننافكثيرا ما نجد اصطلح الواحد يحمل أكثر منمدلول وقد يشيع استخدام هذا اصطلح وله عدةمفاهيم تختلف ب مشرق الوطن ومغربه اماكما تختلف ب مستخدميه.‏ ولنأخذ مثلا على ذلكمصطلحات الأمة والشعب والوطنية والقوميةوالإقليمية ومصطلحات أخرى كثيرة ف<strong>هنا</strong>ك منيتحدث عن ‏«أمة»‏ عربية ومن يتحدث عن ‏«أمة»‏إسلامية ومن يتحدث عن ‏«أمة»‏ تونسية أو لبنانيةأو مصرية والجميع يستخدم مصطلح ‏«الأمة»‏ كلفهومه (١) . و<strong>هنا</strong>ك من يتحدث عن التعاونالإقليمي ومن يتحدث عن الإقليمية ويستخدممصطلح الإقليمية فهوم مختلف وقس علىذلك فالأمثلة كثيرة.‏فإذا جئنا لتحديد اصطلح الأساسي وهو‏(القومية).‏ نجد في اللغة:‏ القوم الجماعة منالرجال والنساء..‏ وقوم كل رجل شيعته وعشيرتهوقيل الجماعة من أب واحد.‏101


الفكر التربوي العربي الحديثوالفعل الثلاثي في هذه اادة:‏ قام والرباعي:‏ أقام.‏ ومن قام تأتيمعاني الثبات والإستقرار في اكان.‏ ومن ذلك اشتقات.‏ قائم وقائمةعنى الركيزة التي يقوم الشيء مرتكزا عليها.‏ والجمع.‏ قوائم-أي ركائزتثبت الشيء وتقره في اكان.‏ ومقام مصدر ميمي واسم مكان في اادةويعني أيضا الإستقرار في اكان-مقام إبراهيم مثلا.‏ وجاء في القرآنالكر‏:‏ ‏«وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا».‏أما الفعل الرباعي فلا يستخدم في غير الإرتباط باكان فأقام ومقيمومحل الإقامة وما إلى ذلك من اشتقات إا تشير إلى الإرتباط الأكيدباكان.‏ والقوم هم الجماعة التي ترتبط كان ما وتقيم فيهوإذا كان اكان هو رباط قوي يجعل من الجماعة قوما لكنه ليسالرباط الوحيد فإلى جانبه رباط قوي آخر هو اللسان عنى اللغة والذييدلنا على هذا الرباط هو القرآن الكر فقد جاء فيه:‏ ‏«وما أرسلنا منرسول إلا بلسان قومه ليب لهم»‏ أي بلغة قومه حتى يكون بيان الرسالةلهم ميسورا بحيث يفهمون اراد.‏ وجاء:‏ ‏«فإا يسرناه بلسانك»‏ وجاء:‏‏«وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا».‏وأول ذكر للفظ قومية ‏(نسبة لقوم)‏ في رسالة يحيى بن مسعدة في الردعلى الشعوبية عند الإشارة إلى موقف كسرى من النعمان قائلا ‏«ويشمخبقوميته»‏ كما يرد في رسالة ابن الدردية البلنسي في الرد على الشعوبية‏«تلك صفات قومنا العرب ذوى الأنساب والأحساب والعلوم والحلوم أولاللسن والبيان».‏ ويلاحظ <strong>هنا</strong> أثر مفهوم النسب جاء في محيط المحيط ‏(ج‎١٧٧٧‎‏)«وقوم الرجل أترباؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد».‏ويعرف قاموس علم الإجتماع لهنري فيرتشيلدكما يلي:‏‏«القومية هي جماعة من الناس تربطهم روابط واضحة من الثقافةاتجانسة.‏ والقومية الصحيحة تستمد حيويتها من شعور أفرادها بوحدةنوعهم ومن التشابه الأساسي ب تقاليدهم وطباعهم.‏ ومن مقومات القوميةتجانس الخصائص الثقافية إن لم تكن وحدتها الكاملة وكذلك تجانسالنظم الأساسية كاللغة والدين والابس ووسائل الزينة والقانون الخلقيوالنظام السياسي وط الأسرة والقيم واثل.‏ وأساس القومية هو الشعور. (٢)H.P.Fairchild القومية١ ص102


الإتجاه القومي العربيبال ‏(نحن)-أو الشعور بالإنتماء للجماعة-ويشعر الأفراد انتمون لقومية مابرابطة التعاطف فيما بينهم شعورا يختلف عما يحسون به نحو أفرادقومية أخرى ويحسون بالرغبة في أن يعيشوا معيشة مشتركة وهذاالإحساس هو الذي يجعل القومية حقيقة ويجعلها واقعية..‏ واصطلاحالقومية كن أن يدل على اجملموعة البشرية نفسها كما كن أن يدلعلى اركب الثقافي الذي يوجد بينها».‏ (٣)ويلاحظ من هذا التعريف أن القومية هي الرابطة التي تؤلف ب جماعةما وتكون منهم وحدة متميزة.‏ وبعبارة أخرى أنه متى توافرت العوامل التيتكون أمة من جماعة ما نشأت بينهم الروابط التي تكون منهم قومية.‏ونلاحظ في التعريف التشابه الشديد ب العوامل التي تكون ‏«أمة»‏ وبالعوامل التي تكون ‏«قومية»‏ وبتحليل التعريف السابق نلاحظ أن عواملالقومية هي:‏١- وحدة النوع أو تجانسه.‏٢- وحدة الثقافة وادنية أو تجانسها على الأقل.‏٣- الشعور بالإنتماء للجماعة.‏٤- الشعور بالتعاطف وبالرغبة في اعايشة.‏٥- وا كانت كل هذه العوامل لا تتوافر إلا إذا جمع الأمة وطن واحدكان من الضروري أن نضيف الوطن كعامل أساسي في تكوين القومية.‏وعلى هذا نستطيع أن نقول إن القومية تقوم على التجانس والتشابهب أفراد وجماعة وأجيالها اتعاقبة كما تقوم على التماسك الإجتماعيبينهم وعلى شعور كل الأفراد بتلك الروابط التي تربطهم وتلك اصالحالتي توحد ب نشاطهم (٤) . ويأخذ ساطع الحصري بوجهة النظر القائلةإن أس ‏(الأساس في تكوين الأمة)‏ هو وحدة اللغة.‏ واعروف أن أشهر مننادى بهذه النظرية افكر الأاني هردر Herder الذي عاش ماب‎١٧٤٢‏-‏١٨٠٣ م.‏ قال هردر:‏ إن اللغة القومية نزلة الوعاء الذي تتشكل به وتحفظفيه وتنتقل بواسطته أفكار الشعب وإن قلب الشعب ينبض في لغته.‏ويقتبس ساطع في أبحاثه أقوال هذا الفيلسوف الأاني ويؤيدها ولا سيماقوله هل لشعب ما ثروة أثمن من لغة أجداده ? في تلك اللغة تكمن كلذخائر الفكر والتقاليد والتاريخ والفلسفة والدين وفيها ينبض كل الشعب103


الفكر التربوي العربي الحديثويتحرك كل روحه (٥) .كذلك يدرس ساطع آراء وأقوال الفيلسوف الأاني الشهير فيختهالذي أخذت دراساته اهتماما خاصا باللغة واعروف أن فخته أخذ يؤكدعلى عامل اللغة في بناء القوميات خلال محاضراته في جامعة برل كماأخذ يؤكد للأان سكهم بلغتهم كسبيل إلى بعثهم أمة ناهضة تنبض فيهاروح القوة والنشاط.‏ويناقش الحصري في استفاضة بالغة دور استعمرين-يقينا منهم بأهميةاللغة-في إحلال لغاتهم محل لغات البلاد افتوحة.‏ وأبرز مثال على ذلكدور الفرنسي في الجزائر ح أحلوا اللغة الفرنسية محل اللغة العربيةفي اعاملات والتعليم والثقافة..‏ فلقد جاء في أحد التعليمات التي صدرتفي أوائل الإحتلال الفرنسي ما كتبه مسؤول فرنسي:‏ ‏«إن ايالة الجزائر لنتصبح حقيقة تلكة فرنسية إلا عندما تصبح لغتنا <strong>هنا</strong>ك قومية»‏ ثميخلص ساطع إلى القول..‏ ا كانت اللغة نزلة القلب والروح من الأمة فإنالشعوب التي تتكلم لغة واحدة تكون ذات قلب واحد وروح مشتركة ولذلكتكون أمة واحدة ويجب عليها إذا أن تكون دولة واحدة.‏واللغة التي هي الرباط الذي يربط الجماعة البشرية ويجعل منهاقوما ليست إلا الوعاء الثقافي للقوم-لا من حيث إنها الأداة التي تستقرفيها معاني الكتب اقدسة أو الأقوال اوحى بها في أذهان القوم فقطوإا من حيث إنها الشيء الذي يشتمل على التراث الثقافي الذي صنعهالسلف والأدوات الثقافية التي ارس بها اعاصرون الحياة ثم ما كنأن يضيفه إليها من يجيئون فيما بعد من الخلف.‏ ومن أجل هذا تختزناعاجم اللغوية واوسوعات ودوائر اعارف الرصيد الثقافي لكل قوم ولكلشعب ولكل أمة.‏ وما دامت اللغة التي هي الرباط تعنى الوعاء الثقافيفيجب أن نعلم أن هذا الوعاء يشتمل على كثير من الأدوات الثقافية امثلةفي اعتقدات وفي التقاليد والعادات وفي القيم الروحية والأخلاقيةوفي التاريخ الحي لكل جماعة تسمى بالقوم أو الشعب أو الأمة.‏ و<strong>هنا</strong>ملحوظة لا بد من الإشارة إليها وهي أن الأقوام قد ينتقلون من مكان إلىمكان.‏ وخاصة في حياة البداوة وهذا يعني أن القوم قد يستبدلون مكاناح من حيث اللغة-أي الثقافة-فإنهم لا يستبدلون ثقافة بثقافة أما كانFichte104


الإتجاه القومي العربيينتقلون من مكان إلى مكان وإا يحدثون تعديلا بالإضافة أو الحذفوتبقى ثقافتهم ويبقى تراثهم الثقافي قائما ومعبّرا عن شخصيتهم.‏ إنالقوم الذين تضيع ثقافتهم بانتقالهم من مكان إلى آخر يفقدون شخصيتهموعندما يأخذون بثقافة جديدة تبرز في الوجود لهم شخصية جديدة.‏ويستعمل تعبير ‏«الجنسية»‏ بجوار القومية ومعناها فيعرف عمر حمدالجنسية قائلا:‏ ‏«إنها ارتباط جماعة من الناس بلغة وتاريخ ووطن وتقاليدوعادات ومصلحة عامة»‏ ويرى أنها قدة في بني الإنسان وجدت حوجدت الجماعة.‏ ويرى أن النبي ‏(صلى الله عليه وسلم)‏ قصد إحياء الشعورالعربي وتنمية الحس العرقي في العرب.‏ ‏(افيد في ٦ تشرين الثانيوهو يدعو لتعزيز الجنسية ويرى أن النهضة تتطلب إحياء الفكرة العربيةوالنعرة القومية في نفوس أبنائنا ويسهب في ذكر الوسائل ‏(تعميم التاريخالعربي نشر الأناشيد القومية..‏ الخ)‏ويتحدث عمر فاخوري ‏(خريج الكلية العثمانية)‏ عن الجنسية العربيةويدعو لإيجاد مثال للأمة هو ‏«الجنسية»‏ ويب أن الذي يحدد الجنسية هواللغة ‏(والثقافة)‏ وفي مقال آخر يدعو لجعل ‏«ابدأ العربي غاية كمالية»‏ أو‏(أيديولوجية)‏ للعرب ‏(افيد في ٤ تشرين الثانيوجاء في افتتاحية جريدة ‏(القبلة)‏ عدد (١) ‏«أن العنصرية الآن أساستكوين الأ والشعوب والجماعات وقد كان العرب أسبق الأ إلى هذهالعنصرية».‏ كما جاء في افتتاحية العدد (٢٢ ١٩ ذي الحجة سنة‎١٣٧٤‎ ه)لمحبالدين الخطيب حديث عن الوحدة القومية متمثلة في اجتماع كلمة العربعلى أساس من وحدة اصلحة ووحدة الهدف والقيادة وفي افتتاحياتأخرى تترادف الفكرة القومية والفكرة الإسلامية ليركز بعدئذ على الفكرةالأولى.‏وإذا كان الحصري قد أكد عامل)اللغة(‏ إلا أنه أكد كذلك على أهمية(٦).(١٩١٣١٩١٣ و ٢٩ أيلول .(١٩١٣(٩)(٧)(٨)عنصر العاطفة والشعور في حديثه عن ‏«الوطنية»‏ و ‏«القومية»‏ فيقول:‏‏«إن الوطنية هي حب الوطن والقومية هي حب الأمة وا كان الوطنهو قطعة من الأرض و ‏(القومية)‏ هي ارتباط الفرد بجماعة من البشرتعرف باسم الأمة وحب الوطن يتضمن بطبيعته حب اواطن الذين ينتمونإلى ذلك الوطن كما أن حب الأمة يتضمن في الوقت نفسه حب الأرض105


الفكر التربوي العربي الحديثالتي تعيش عليها تلك الأمة».‏وأكد الرزاز أولوية عنصر الشعور في التكوين القومي فقال:‏ القوميةشعور أولا بحياة واحدة ومصير واحد ورسالة واحدة وعقلية واحدةمن خلال هذه افاهيم وغيرها للفظة القومية كن تصور مفهومالقومية على أنها ‏«‏اسك وتكتل اجتماعي ب قوم يجمعهم تكوين نفسيمشترك ينبثق عن روابط وخصائص معينة»‏ أو كما يعبّر عن ذلك أحدعلماء الإجتماع بقوله:‏‏«القومية ضرب من العاطفة الإجتماعية تقوم دعائمها على مشاركةأعضائها بعضهم بعضا في قيم معينة»‏وشعور الأفراد بكل هذه الحقائق ضروري لوجود القومية.‏ ذلك أنالأمر لا يتوقف عند حد وجود هذه العوامل بل لا بد من أن يشعر كل فردبالنتائج اترتبة عليها حتى تنشأ العاطفة وينشأ ما نص عليه التعريفالسابق من الرغبة في اعايشة وإحساس الفرد نحو شركائه في القوميةبتعاطف خاص لا يشعر به نحو جماعات أخرى لا تنتمي لهذه القومية.‏وهذا الشعور بالروابط هو ما نسميه ‏(الوعي القومي)‏ فيجب أن يبلغ أفرادالجماعة درجة معقولة من الوعي القومي تجعلهم يشعرون بكل هذه الروابطويكون فيهم الإرادة نحو اعايشة والتضحية في سبيل الصالح العام.‏ والوعيالقومي هو شعور الأفراد بالروابط الثقافية واصلحية التي تربط الجماعةوالرغبة في مراعاتها وبذل الجهد في سبيل استمرارها إلى حد التضحيةبالوقت والجهد واال والنفس أحيانا إذا وجدت ضرورة.‏ويترتب على هذا أن القومية لا كن أن تظهر فجأة ولا كن أنتفتعل ولكنها نتيجة عملية تاريخية طويلة فمعيشة الأمة في بيئتها الطبيعيةأو وطنها مدة طويلة وتفاعلها مع هذه البيئة وتفاعل أفرادها بعضهم معبعض حول مناشط البيئة واشتراكهم في حل مشكلاتها وتفاعل الأجيالاتعاقبة منها وتوارثهم تلك الأهداف والثقافة والنشاط كل هذا هو الذييعبر عنه بالعملية التاريخية وهي ضرورة لإعطاء الجماعة صفاتها اميزةوإقامة العاطفة القومية بينهم.‏وليس <strong>هنا</strong> مجال التأكيد على حقيقة موضوعية قائمة وهي أن العربيشكلون أمة واحدة لها كل مقومات الوحدة ا لم يتوافر لغيرها من الأ(١٠)(١٢)(١١)106


الإتجاه القومي العربيفي مختلف العصور.‏ ولسنا نجادل في أن هذه الأمة مازالت مجزأة بفعلتركة ثقيلة من التخلف وبفعل مؤامرة إستعمارية صهيونية إمبريالية قدةومستمرة.‏ وكون هذه الأمة العربية مجزأة لا ينفي وحدة هويتها التاريخيةوحدة هوية سكان الوطن العربي فالأمة العربية كمفهوم اجتماعي سياسيثقافي..‏ هي الصياغة التاريخية للهوية العربية خلال العصر الحديث.‏ووجود الأمة العربية وتشكلها منذ زمان رافق وتزامن مع تشكل الهويةالقومية لكن وحدة هذه الهوية اليوم مهددة بالتلاشي لتصيب التجسيدالأكثر حيوية لها أي الوحدة العربية.‏ ولسنا <strong>هنا</strong> بصدد الكلام عن أهميةوضرورة الوحدة العربية فالكتابات عن الأمة العربية والوحدة العربية منالكثرة والعمق ما يجعلنا لا نأتي بجديد إلى ما كتب واهتمامنا <strong>هنا</strong> يقتصرفي هذا الصدد على ماله علاقة سألة الهويةولا شك في أن <strong>هنا</strong>ك قومية كن الرجوع إليها والتحدث عنها ولكنبشكل نسبي وهي تحدد سوسيولوجيا بأنها مجموعة من السمات العامةالتي تهيمن نسبيا ويز شعبا أو أمة ما في مرحلة تاريخية معينة ولكنعندما نرى أن هذه السمات متأصلة في التركيب العقلي-النفسي ذاتهثابتة فيه فإن افهوم يصبح ميتافيزيقيا.‏على نقيض هذا افهوم ايتافيزيقي للهوية القومية <strong>هنا</strong>ك ما كن أننسميه بافهوم السوسيولوجي التاريخي الذي يرى أن الهوية القومية تعنيفي أحسن الحالات فقط طرق تفكير وشعور وسلوك متماثلة ومهيمنةنسبيا وتتغير مع حركة التاريخ وتحولاتها الجذرية فالهوية القومية هيهوية نسبية وتاريخية يحققها شعب ما عن طريق تفاعله الجدلي مع التاريخولا يرثها من تركيب نفسي-عقلي أو ‏(جوهر)‏ متأصل فيه.‏ إنها نتيجةاستجابات يعانيها عن طريق النشأة الإجتماعيةوليست ردا نظريا وغريزيا.‏إنه مفهوم يرى أن خصوصيات أي شعب هي نتاج عوامل التاريخ الديناميكيةكالإحتكاك الثقافي واؤسسات والصراعات الإجتماعية والسياسيةوالحروب والهجرات والإختراعات والأزمات والقيم الثقافية والتصوراتالأيديولوجية..‏ الخ.‏ هذه العوامل-وليس ‏(جوهرا فطريا)‏ أو عوامل أخرىثابتة كالجغرافية و ‏(الغرائز)‏ و(الطبيعة الإنسانية)‏ و ‏(العرق)-هي التيتحدد الهوية القومية وكذلك الثقافة أو الحضارة.‏ وا أن هذه العوامل107


الفكر التربوي العربي الحديثهي عوامل ديناميكية متحولة عبر التاريخ فإن الهوية القومية تكون هيالأخرى متغيرة ومتحولة وهذا هو افهوم العلمي الوحيد الذي كن قبوله.‏(١٣)ويقوم مبدأ الهوية على الوحدة التي لا تتجزأ لأن الهوية ذات والذات لاتتعدد بينما كن أن تكون لها صفات ففي داخل كل أمة ينقسم اجملتمعإلى طبقات وفئات في حركية مجتمعية دائمة هذه الحركية تجعل اجملتمعكله يتفق على بعض القضايا بالإجماع مثل صيانة الهوية والوطن من أيعدوان خارجي ومثل الاحتكام للعقل والعمل من أجل الرقي والعدل..‏الخ..‏ ولكن سبيل تحقيق ذلك هي محل خلاف وتجاوزات من بعض الفئاتكما أن عددا من الاختيارات السياسية والإقتصادية والثقافية وحتى الدينيةهي الأخرى محل خلاف مشروع سواء من حيث ابدأ أو الوسائل والغايات.‏و<strong>هنا</strong> تتعدد الإجتهادات فيتبع ذلك تعدد وانقسام وايز في توجهات الرأيالعام كما يخلق مثلا هويات سياسية هي بعدد التيارات السياسية الفكريةالأساسية في الساحة الوطنية.‏ هذه التيارات يعكس كل منها تصورا خاصابه للهوية القومية قد يقترب أو يبتعد عن جوهرها وتكتسب كل هويةسياسية مقدارا من اشروعية يساوي مدى تعبيرها عن الطموح الشعبيالأصيل.‏ كذلك الشأن بالنسبة لتعدد الهويات الدينية في الأمة الواحدةفاصري اسلم والقبطي اصري والفلسطيني اسلم واسيحي كل هؤلاءيشتركون في الهوية القومية العربية وإن اختلفوا في الهويات الدينية وهذاالنوع من التعدد الديني أو السياسي..‏ لا يكون خطرا بالضرورة على وحدةهوية الأمة إنه إلى حد ما يشبه تعدد اذاهب الدينية وتعدد الأحزابالسياسية في اجملتمع الواحد هذا التعدد وهذا التنوع را خدما الهويةالقومية (١٤) .تطور الاتجاه القومي العربي:‏ذهب الباحثون في نشأة الفكر القومي وتطوره مذاهب مختلفة فمنهممن رأى أن الظاهرة القومية في الوطن العربي ظاهرة مصطنعة باعتبارهامحض تقليد للنظريات والأفكار السياسية التي هيمنت على الساحة الفكريةفي الغرب في أعقاب الثورت الأمريكية والفرنسية وأن النخبة اثقفة108


الإتجاه القومي العربيتبنت هذه الدعوة بوعي أو بلا وعي دون إدراك لحقيقة الثقافة الغربيةوطبيعة التطورات السياسية في الغرب ودون إدراك لتناقض هذه الدعوةمع الأفكار واعتقدات اتأصلة في اجملتمع العربي.‏ومنهم من رأى في الدعوة القومية رد فعل على الغزو الإستعماريالغربي للوطن العربي.‏ويتفق الفريقان من الباحث على أن الدعوة للقومية العربية والفكرالذي تبنته نتاج غربي لا صلة له بالفكر السياسي الإسلامي وأن هذهالدعوة إن هي إلا محاولة للبحث عن هوية جديدة لسكان الولايات العربيةفي الدولة العثمانية بعد أن أصاب الفتك والإنحلال هذه الدولة وتعرضتولاياتها العربية للغزو العسكري الأوروبي (١٥) .ورأى فريق ثالث من الباحث أن الدعوة للقومية العربية والفكر الذيرافقها تعبير عن طموحات بعض القوى الإجتماعية اؤثرة في الشرق العربيفي مرحلة تاريخية معينة.‏ وقد ربط هذا الفريق نشأة الفكر القومي ببعضافكرين اسيحي اللبناني ثلي الطبقة الإقطاعية الذين هاجروا منلبنان إلى مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.‏ لقد نادى هؤلاءافكرون بالعلمانية ردا على دعوة الجامعة الإسلامية التي تبناها السلطانعبد الحميد الثاني وتصديا للكنيسة اارونية وتحالفها مع حركة صغارالفلاح في لبنان في أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية (١٨٤٠-وفي رأينا أن كلا من هذه الإتجاهات الثلاثة يحمل نصيبا من الصحةلكنه لا يعبر عن الحقيقة كلها لأن أصحاب كل اتجاه قد نظروا إلى القضيةمن منظور واحد.‏ وسوف يتب لنا من الدراسة التالية أن الوعي القوميعند العرب والفكر القومي الذي رافق تطور الأمة العربية كانا وليديالظروف التاريخية التي عاشتها هذه الأمة.‏ وأخذ الفكر القومي أشكالاواتجاهات متعددة بتعدد اشكلات التي واجهها وتفاعل معها محللا وناقداومقدما الحلول لها.‏لكن هذا لا يعفينا من مزيد من البحث في أسباب اختلاف التفسيراتالتي سيقت بحثا عن وقت نشوء الفكرة القومية.‏ إن السبب-في رأينا-‏مرتبط بالخلط ب حقيقة الوجود القومي وب التعبير عن هذه الحقيقةفي فكر سياسي وهو مرتبط بالخلط ب تاريخ تكون الأمة العربية وتاريخ(١٦)(١٨٦٠109


الفكر التربوي العربي الحديث(١٧)(١٩)(١٨)ظهور القومية العربية.‏١- وح نتابع الظاهرة القومية في أوروبا نجد أن نشوء القومياتاقترن باكتمال تكون الأ الأوروبية منذ القرن السابع عشر ايلادي بينمانجد في التاريخ العربي أن تكّون الأمة العربية اكتمل منذ القرن الأولالهجري-القرن الثامن ايلادي-ولكن الظاهرة القومية لم تتجل فهومهاالحديث في الوطن العربي إلا في القرن الثالث عشر الهجري-القرن التاسععشر ايلادي.‏لقد أكتمل تكون الأمة العربية في نهاية القرن الهجري الأول في ظلالعقيدة الإسلامية فأصبح للعرب مقوم اللغة الواحدة ومقوم الوطن الواحدومقوم التاريخ الواحد ومقوم العقيدة الواحدة ومقوم اصالح والتوجهاتالواحدة.‏ وعاشت الأمة العربية في كنف الدولة العربية الإسلامية مع شعوبوأ أخرى ضمن دائرة العقيدة الواحدة وقد حكمت مفاهيم هذه الدائرةاشاعر العربية والنزوع القومي العربي وحددت علاقاتها بالشعوب والأالأخرى.‏وتخلل هذه البيئة وبالتدريج مؤشرات لها دلالتها منها:‏ تعريب يتسعباستمرار في ادن جملموعات من اوالي باتخاذها العربية لغة-وخاصةبعد تعريب الدواوين-ومشاركتها في الثقافة واتجاه جماعات متزايدة منالعرب-بعد تحديد التسجيل في الديوان-إلى اهن مثل التجارة ولحد ماالزراعة وتكون طبقة من الاك الكبار وأثر ذلك على القرى وتحولاراكز العربية بالتدريج إلى حياة حضرية وإلى مراكز للدراسات العربيةالإسلامية وازدياد عدد اوالي من جهة وتغلغله في الحياة العربية منجهة أخرى.‏وقد أثار العجز العثماني الذي تبدى في أوائل القرن التاسع عشرالإنسان العربي وطرح عليه أسئلة جديدة.‏ فالدولة العثمانية تعد ‏(دولةاسلم القادرة)‏ ولا درعهم الواقي بل أمست ‏«رجلا مريضا»‏ يجلب الداءلكل من يرتبط به عاش الإنسان العربي العجز العثماني ورأى فيه عجزاعربيا-إسلاميا.‏ وقد بلغ هذا العجز أوجه عندما أصبحت ‏(دولة اسلم‏)‏ألعوبة الدول الكبرى التي قيدتها بسلاسل عديدة بطرق وأساليب متعددةاستنادا إلى ‏(الإمتيازات الأجنبية)‏ و ‏(اعاهدات)‏ بل كن القول أن110


الإتجاه القومي العربيالإستعمار الأوروبي عبر إلى البلاد العربية بواسطة الجسر التركي وقبولالسلطات العثمانية العاجزةيضاف إلى هذا عوامل أخرى أهمها:‏ شكل العلاقات العربية-التركيةإذ وجد الإنسان العربي نفسه متأخرا عن ركب الحضارة البشرية مستعمراعاجزا ومعنى ذلك تاريخيا أن ‏(الرباط الإسلامي)‏ أصبح وا<strong>هنا</strong> ‏«فقدشيئا ما»‏ لكن ذلك لم يكن نهاية اطاف إذا علمنا أن امارسات التركيةاليومية والرسمية أخذت تتسم وقف ‏«خارج-ديني».‏ أخذ الأتراك يتصرفونككتلة بشرية متميزة تفرض لغتها وقوانينها وتحتكر السلطة وتقف منالعرب موقفا متعاليا وفوقيا.‏ كان الرباط التركي-العربي أحادي البعد فيالبداية ينهض ويعتمد على الوحدة الدينية بشكل أساسي.‏ ثم جاء احتكارالسلطة وآلية تفسخ الإمبراطورية ل«تزعزع»‏ هذا الرباط الأحادي الجانبوتضيف إليه ‏«عنصرا»‏ آخر وقد أشار عبد الرحمن الكواكبي إلى هذا‏«العنصر»‏ عندما استقرأ الألفاظ التركية التي تحتقر العرب وتقف منهمموقفا متعاليا:‏ ‏(العرب الشحاذون)‏ ‏(العرب الأجلاف)‏ ‏(عربي قذر).‏وقام جماعة من اتنورين اسيحي يدرسون التاريخ من الكتب الغربيةثم يرجعون إلى التواريخ العربية ويطالعونها بنظرات مستلهمة من الكتباذكورة ويتوصلون من هذه الدراسات واطالعات إلى الحقائق التالية:‏ إنالأمة العربية من أعاظم الأ في التاريخ كان لها حضارة قبل الإسلاموصار لها حضارة أرقى من ذلك بكثير بعد الإسلام واسيحيون ساهموافي بناء الحضارة العربية قبل الإسلام وبعده وهذه الحضارة لم تكن دينيةبحتة ولذلك وجب على العرب اسيحي أن يفتخروا بالتاريخ العربيوبالحضارة العربية مثل اسلم منهم ووجب عليهم أن يتآزروا مع هؤلاءلإنهاض الأمة العربية لإعادتها إلى ما كانت عليه من العز واجملد في سالفالزمانولهذا السبب نجد أن التفكير في ‏(القومية العربية)‏ بدأ عند العرباسيحي قبل أن يبدأ عند اسلم منهم كما أن الكتاب والشعراء الذينسبقوا غيرهم في الدعوة اتحمسة إلى النهضة كانوا من العرب اسيحي‏.‏ومن الفت للنظر أن صيغة الرواد الأول في الشام كانت تكمن فيالصيغة اثالية اعروفة ‏(الجهل هو أصل جميع علل الشرق).‏ وقد أصبحت(٢١). (٢٠). (٢٢)111


الفكر التربوي العربي الحديثهذه العبارة تقليدية بالنسبة للكتاب العرب في القرن التاسع عشر فقدأكدوا على أن الجهل يؤدي إلى انحطاط الأخلاق والإان وأنه يكمن فيأساس الخور الروحي والسياسي والإجتماعي ويساعد على انتشار روحالجبرية والشعور باليأس وخمول الفكر وانعدام الهمة.‏ وكان التنوير والثقافةالأوروبية في رأي الرواد هما الوسيلة الوحيدة للنضال من أجل تحريرالعقول من نير التقاليد التي كانت تكرس ط الحياة الإقطاعي والتيكانت تعوق التقدم.‏ وقد حددت هذه الصيغة للمسألة ط أعمالهم فقدانشغل بطرس البستاني وناصيف اليازجي وأنصارهما بفن التدريس انشغالاحماسيا وافتتح البستاني ‏(ادرسة الوطنية الأولى في سنة ١٨٦٣ في بيروت)‏فكان حدثا كبيرا في حياة سوريا الإجتماعية وكان التدريس <strong>هنا</strong> موضوعاعلى ط حديث ودرست العلوم الطبيعية إلى جانب العلوم الفيلولوجيةويصدر في ذلك الوقت عدد ملحوظ من الكتب والأجرومات الدراسيةوتحظى مسائل اللغة العربية باهتمام خاص٢- وفي مرحلة ما بعد الحرب الأهلية وثورة صغار الفلاح في جبللبنان نزح العديد من الأسر الإقطاعية اسيحية إلى مصر كما هاجرالبعض إلى أوروبا وخاصة فرنسا.‏ وكان التزام هذه الفئة بانهج العلمانيفي التفكير وسيلة فعالة لإعلان معارضتها الشديدة لفكرة الجامعة الإسلاميةالتي كان السلطان عبد الحميد يقوم بتشجيعها.‏ وعلى ح كان الأثر الذيتركه اثقفون اللبنانيون وتيارهم الفكري على اجملتمعات العربية ضعيفاكانت <strong>هنا</strong>ك باقابل مجموعة أخرى من افكرين العرب ارس ضغطافكريا وسياسيا عظيم الفعالية وكان من أبرز عناصر هذه النخبة اثقفةأعلام النهضة العربية في مطلع القرن العشرين من أمثال عبد الرحمنالكواكبي والشيخ عمد رشيد رضا وعدد لا يستهان به من رجالات بلادالشام الذين شاركوا في الدعوة للثورة العربية الكبرى أثناء الحرب العايةالأولى.‏ ولم يكن بروز هذه الفئة على اسرح السياسي حدثا مفاجئا وإاحصل نتيجة تطور تدريجي في بنية اجملتمعات العربية خلال النصف الثانيمن القرن التاسع عشرومن الشخصيات التي أهملها كثيرون في تاريخ الفكر القومي العربينجيب عازوري الذي ولد غالبا سنة ١٨١٠ في قرية بجنوب لبنان وتوفي. (٢٣). (٢٤)112


الإتجاه القومي العربيبالقاهرة سنة ١٩١٦. ويجري الإقتباس من كتاباته حسب الأصول في أغلبالكتب التي تتناول بواكير القومية العربية.‏ وفي الأغلب الأعم تستخدمالفقرات والعبارات نفسها ويشار إليها عادة بصدد موقفه ضد الخلافة أوالإمبراطورية العثمانية وفي العادة أيضا جنبا إلى جنب مع عبد الرحمنالكواكبي وعلى نحو يكاد يشبه التزام طقس من الطقوس ومع هذا يظلالرجل نفسه في الظل بشكل أو بآخرومن الاحظ ظهور عدد من الجمعيات بعضها كان سريا شكلت ‏(مشتلا)‏هاما للأفكار القومية.‏ وفي يونيه سنة ١٩١٣ انعقد في باريس أول مؤرعربي مثلي الأحزاب والروابط والجمعيات القومية.‏ ويفيد البيان الذيوجهه منظمو اؤر إلى ثلي الجماعات القومية:‏ ‏«إن اهمة الرئيسةللمؤر تكمن في مناقشة التدابير التي ينبغي اتخاذها من أجل حمايةأرضنا..‏ . من أطماع الأجانب وإنقاذها من الإستبداد والنير وتصريفشؤوننا الداخلية على أساس اللامركزية والحيلولة دون انحطاط بلادناواحتلالها من قبل الغرباء...»‏ وكان على جدول أعمال اؤر وفقا للبيانأن يتضمن اسائل التالية:‏ ١- الحياة القومية والنضال ضد الإحتلال.‏حقوق العرب من الإمبراطورية العثمانية.‏ ٣- ضرورة إدخال إصلاح علىأساس اللامركزية.‏ ٤- النزوح عن سوريا والهجرة إلى سوريا.‏واتخذ اؤر قرارات هامة بالنسبة للحركة القومية العربية تب أنهكان بعيدا عن الطائفية.‏ وقد صرح عبد الحميد الزهراوي (١٨٥٥-رئيس اؤر راسل ‏(الطان)‏ الفرنسية:‏ ‏«إن اؤر لا يتميز بطابع دينيوكل اسائل اطروحة في اؤر تندرج في أطر محددة وهي مناقشةمشكلاتنا السياسية والإجتماعية ولذا ترى <strong>هنا</strong> مسلم ومسيحي سواء-٢(١٩١٦. (٢٥)بسواء»‏ (٢٦) .ولم يعد الإهتمام الرئيسي للكتاب القومي بعد سنة ١٩١٩ أن يثبتوا أنالعرب أمة وإا تركز الجهد حول تحديد اقصود بالقومية العربية.‏ وكانتالصعوبة أمامهم هي في وضع مفهوم يجب واقع التجزئة الذي بدأت ملامحهتتشكل بقرارات التقسيم اخملتلفة اعروفة وكان الخوف هو أنه بترسيخقيام الأقطار العربية واستقلاليتها من الناحية السياسية تفقد أي دعوةناشئة ووليدة عن القومية العربية مغزاها ومصداقيتها وتنحسر لتعبر113


الفكر التربوي العربي الحديثفقط عن معاني ‏(العروبية)‏ أو الرابطة العربية وهي نوع من الشعور التضامنيب دول قائمة وراسخة.‏ولقد شهدت فترة الثلاثينات والأربعينات ظهور عدد من افكرين الذيننشروا كثيرا من مؤلفاتهم تتحدث معظمها عن عناصر القومية العربيةأكثر ا توضح مفهوما قاطعا للقومية العربية مثل كتاب الوعي القوميلقسطنط زريق سنة ١٩٣٨ أراء وأحاديث في الوطنية والقومية لساطعالحصري سنة ١٩٤٤ وكتاب قضية العرب لعلي ناصر الدين سنةوانصرف مفهوم القومية عناه العام في هذه الكتابات ما عدا كتابالحصري الذي كان أكثر تحديدا إلى اعاني الآتية:‏ ‏«أن العرب أمة واحدةعلى اختلاف أقطارهم ومذاهبهم وأن كون العرب أمة واحدة يقتضي قيامدولة واحدة وموحدة وأن عوامل التفرقة مصطنعة والدعوات الإقليميةمشبوهة ولا تثبت للنقد العلميوإذا كان تعريب مصر ثقافيا قد بدأ منذ دخولها تحت اظلة الإسلاميةعلى يد عمرو بن العاص إلا أن تعريبها سياسيا قد تأخر عن مثيله في بلاداشرق.‏ يقول الباحث البريطاني (٢٨) ‏(باتريك سيل)‏ ‏«كان الإسلام إحدىالوسائط التي حملت مصر نحو علاقات أوثق مع شقيقاتها الدول العربيةحيث شعرت بحريتها في اتباع سياسة خارجية أكثر استقلالا بعد أنأبرمت معاهدة ١٩٣٦ مع بريطانيا.‏ وكان التقارب مع العرب آنئذ واحدا منعدد من اسالك البديلة اتعددة انفتحة أمامها.‏ ف<strong>هنا</strong>ك من لم يعتبر مصرأدنى مرتبة من أمة أوروبية مكتملة أما مستقبلها ففي الغرب أكثر ا هوفي الشرق و<strong>هنا</strong>ك من اتجه بنظره للجنوب لا إلى السودان فقط بل إلىاتحاد وادي النيل ا فيه الحبشة وإرتريا وأوغندة وهي مدرسة للفكر زادمن انتعاشها وازدهارها هزة الإيطالي سنة ١٩٤١ كما أراد بعضهمالآخر أن تغدو حلقة وصل ب الشرق والغرب ودافع آخرون عن قيادتهاللشرق أمام استعمرين واادي‏.‏ أما الأكثر أهمية من هؤلاء جميعا فهمالداعون إلى الوحدة الإسلامية وهم يتفاوتون ب مؤيدين اما للخلافةالإسلامية وب مؤمن حذرين بتضامن من اسلم‏..‏ فالشعب بكافةفئاته آمن بأن دور مصر في العالم هو دور إسلامي.‏ وهذا ما فصل مصرعن البعض وربطها بآخرين.‏ إن الإسلام كان في عظام اصري كما كان.١٩٤٦. (٢٧)114


الإتجاه القومي العربيفي لب مقاومتهم للغرب.‏ إن هذه العاطفة ح ترجمت إلى سياسة خارجيةعنت تضامن جميع الفئات الإسلامية اضطهدة وح قصف الفرنسيوندمشق سنة ١٩٢٥ وسحق الإيطاليون برقة سنة ١٩٣٠ كانت احتجاجاتاصري ومعارضتهم دفاعا عن الإسلام وليس باسم القومية العربية.‏٣- لكن <strong>هنا</strong>ك بعدا آخر لا ينبغي أن تغفل عنه ع الباحث فعندمامنيت الأماني العربية بفشل كبير بعد الحرب العاية الأولى لجأ العرب إلىميدان آخر يكافحون فيه ذلك هو اللسان والقلم وتركزت جهودهم في دورالطبع وفي الصحافة اصرية بعد أن أصبحت مصر ملجأ لكثير من زعماءالعرب الذين فروا إليها واتخذوها مستقرا ومقاما مثل:‏ عبد الرحمنشهبندر وذلك عدا من كان يقيم فيها من قبل مثل محمد رشيد رضاومحب الدين الخطيب والكاظمي الشاعر العراقي ومن كان يلم بها زائراأو مسافرا مثل الزهاوي والرصافي.‏ ولا نكاد نجد شاعرا أو كاتبا منشعراء العرب وكتابهم إلا وجدنا بعض آثاره منشورة في الصحف اصريةفي هذه الفترةوقد صادف تركيز جهود زعماء الحركة العربية في مصر هوى في نفسالك فؤاد الذي كان يطمع في الخلافة وقتذاك.‏ ولكن الناس-مفكرينوعامتهم-ظلوا يخلطون ب الجامعة العربية والجامعة الشرقية من ناحيةوبينها وب الجامعة الإسلامية من ناحية أخرى.‏ وهذا الخلط هو الذيدعا محمد لطفي جمعة إلى أن يتساءل في مستهل رده على استفتاء مجلةالهلال الذي وجهته إلى جماعة من الكتاب وافكرين سنة ١٩٢٢ عن النهضةالعربية وتآلف أقطارها فيقول (٣٠) : ‏«هل اقصود الأقطار العربية باعنىالصحيح ? أي بلاد العرب بحجازها ونجدها ونها وحضر موتها ? أمالبلاد التي فتحها العرب في صدر الإسلام وبقيت إلى الآن سائرة علىأنظمة العرب ? أم البلاد التي يتكلم أهلها اللغة العربية بغض النظر عنتابعيتهم ودينهم ? أم البلاد التي تدين بالإسلام وتخضع للمدنية العربيةبحكم لغة القرآن ?».ومع نهاية الحرب العاية الثانية دخلت اسألة الفلسطينية في نسيجالحياة السياسية للشعب اصري (٣١) وصار الجانب العربي للسياساتاصرية من مجالات الصراع السياسي ب القوى اخملتلفة.‏ وأدخل كل من. (٢٩)115


الفكر التربوي العربي الحديث/ ٢٩. (٣٣). (٣٢)/ ٥هذه القوى الشؤون العربية ضمن جوانب سياسته ونشاطه كل حسب أهدافهوأسلوبه فصارت جزءا لصيقا من مكونات السياسات اصرية.‏ إن لهذاالإهتمام عدة مداخل:‏ تضامن الشعب ضد الإستعمار ولكن التضامن يتميز<strong>هنا</strong> بخصوصية تتعلق بوحدة الأرض واللغة والتاريخ فضلا عن الكفاحاشترك وجامع الدين الإسلامي الذي يربط ب الغالبية في كل من هذهالبلاد ولكن الجامع <strong>هنا</strong> جامع مخصوص باعتبار ما يضاف إليه من اشتراكفي اللغة والأرض وغيرها.‏ وادخل الثالث هو الإقتناع بالقومية العربيةواهم أن كل هذه اداخل كانت تلتقي على دلالة رئيسة وهي أن القوميةاصرية لم تعد صالحة في ذاتها وفي صيغتها اعزولة الضيقة لم تعدصالحة كوعاء لحركة التحرير اصرية نفسها.‏ وأن سبيل الحفاظ علىمصر هو الإنتماء لكيان أعم يكفل تحررها وتقدمها وتساهم هي في تحررهوتقدمهولم تكن مصر متشجعة لإنشاء جامعة الدول العربية بعد التصريحالذي أشار فيه إلى ذلك مستر ‏(إيدن)‏ وزير الخارجية البريطانية في١٩٤١ بسبب ظروف الحرب على الحدود اصرية الليبية وسوء الأحوالالإقتصادية وانقسام قادة الرأي العام بخصوص موقفهم من بريطانياوانتهت اناقشات بتأليف جامعة الدول العربية من البلاد العربية استقلةالتي تقبل الإنضمام إليها ويكون لهذه الجامعة مجلس يسمى مجلس جامعةالدول العربية ثل فيه الدول اشتركة في الجامعة على قدم اساواة.‏ وتوقيع البروتركول في ١٩٤٤ بالإسكندرية وفيتوقيع ايثاق بقصر الزعفران بالقاهرة ١٩٤٥ /٣ / ٢٢. (٣٤)/ ١٠ / ١٨وكانت حرب فلسط ١٩٤٨ هي بداية الإحتكاك الحقيقي ب اصرياتطوع ورجال الجيش من جهة وب عرب فلسط وغيرهم من جهةأخرى.‏ وكانت الصلة تزداد وثوقا مع أخطار الحرب وتضحياتها.‏ واكتشفالضباط اصريون أن عدم انتصارهم على القوات الصهيونية يعود أساساإلى تهتك النظام الكي في مصر ولعل هذه الحقيقة التي اكتشفها الضباطخلال القتال هي التي ركزت أنظارهم على الخطر الجاثم في القاهرةوهي التي دفعتهم إلى تنظيم صفوفهم في حركة ‏(الضباط الأحرار)‏ التيقامت بثورة ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٢ بقيادة جمال عبد الناصر. (٣٥)116


الإتجاه القومي العربيولم يتردد قادة الثورة عن تأييدهم الصريح لحركات التحرر الوطني فيالبلاد العربية.‏ وكانت إذاعة ‏(صوت العرب)‏ قد افتتحت يومعلى مدى نصف ساعة في اليوم ثم زادت حتى أصبحت ٢٢ ساعة فياليوم وكان ذلك مجرد رمز واحد من رموز عديدة تعبر عن مدى الإهتمامبالعرب وتبنيا لفكرة القومية العربية.‏ وقامت ثورة يوليو بالحرب خارجالحدود في معركتها ضد الأحلاف العسكرية وبذلت الجهد الكبير فينضال شعب الجزائر للتحرر من الإستعمار الفرنسي وكذلك في جنوباليمن و<strong>الخليج</strong> وشاع الإحساس بتأثير الثورة اصرية في كل مكان منالعالم العربي من خلال الآمال التي أضرمتها واخملاوف التي أثارتهاوإذا كانت قمة العمل القومي العربي لثورة يوليو قد بلغ أوجه بالوحدةاصرية السورية سنة ١٩٥٨ إلا أن حركة الإنفصال التي حدثت سنةأدت إلى نتائج خطيرة بالنسبة سار الحركة القومية العربية وأصبح انظوراصري لقضية الوحدة هو جوهر الجدل والحوار ب مختلف شرائح الحركةالقومية منذ ذلك التاريخ وأوضح رد الفعل أن الحركة القومية العربية قددخلت منذ ذلك التاريخ في مرحلة العمل القطري.‏وجاءت نكسة ١٩٦٧ لا لتعمل فقط على تجميد حركة القومية العربيةعند هذا ‏(انعطف القطري)‏ وإا لتضيف تحديات جديدة أمام النظموالشعوب العربية تركزت حول التخلص من آثار العدوان الإسرائيلي واستعادةالحقوق الفلسطينية.‏ وكانت فلسفة التضامن العربي هي إفراز طبيعيسار العلاقات العربية الائمة لظروف ودوافع ما بعد ١٩٦٧ على استوىالإقليمي ‏(العربي العاي)‏ وهي فلسفة تتمشى في روحها مع انعطفالقطري (٣٧) .١٩٥٣/ ٧ / ٤. (٣٦)١٩٦١التوجيه القومي العربي للتربية:‏إذا كان الفكر القومي قد تبدى في كتابات افكرين العرب منذ أوائلالقرن التاسع عشر على استوى الثقافي العام فإنه على استوى التربويقد تأخر عن ذلك إلى حد ما في دائرتها اتخصصة المحددة التي نسميهاب(التعليم)‏ لكنها عناها العام من حيث هي عملية و في جوانب الشخصيةفي الإتجاه ارغوب فيه اجتماعيا قد واكبت إلى حد كبير تطور الفكر117


الفكر التربوي العربي الحديثالقومي.‏ وحتى لا تتعدد بنا اسالك وتتشعب فسوف نحدد دائرة بحثنا <strong>هنا</strong>فيما تلا الحرب العاية الثانية في الدائرة التعليمية اتخصصة.‏ومن <strong>هنا</strong> فإذا أردنا تتبع التوجيه القومي العربي للتربية وجب أن نتساءل:‏إذا كانت القومية العربية حقيقة من حقائق التاريخ وضرورة من مقتضياتالعالم اعاصر فأين توجد هذه القومية العربية ? أو أين يجب أن توجه ?إنها توجد من غير شك في الدساتير واعاهدات والإتفاقيات والقوانوالخطب والأحاديث واقالات والإذاعات.‏ ولكن هذه جميعا لا تكفي.‏ وماأضيع الإتجاهات القومية والخطط الإجتماعية والنظم السياسيةوالإقتصادية التي تعتمد فقط على ما يكتب وما يقال وما يسن من قوان‏.‏إن هذه جميعا تخبر اواطن بالإتجاهات والخطط ولكنها لا تضمنسلوك هؤلاء اواطن قتضى هذه الإتجاهات والخطط ومن ثم فهي لاتضمن أن تصبح هذه الإتجاهات حقائق في حياة الأمة وإن ضمنت أنتكون معلومات في عقول اواطن‏.‏القومية العربية كأي اتجاه قومي أو اجتماعي آخر يجب أن تكون فيعقول اواطن جميعا فردا فردا وفي قلوبهم وأعصابهم يجب أن توجدالقومية العربية إذا أردناها حقيقة واقعة وسلوكا مؤثرا فكرة في عقل كلمواطن عربي أو عاطفة في قلبه وعادة في أعصابه ودافعا في عزتهومثلا أعلى في فلسفته يلتزمها ويضحي في سبيلها ويذود عنها بأقوىالإان وهو العملومن <strong>هنا</strong> فقد كتب ‏(القوصي)‏ مؤكدا على أن ‏«السبيل إلى تربية القوميةالعربية لا يكون جرد التحدث عنها وإا يكون مارستها ارسةفعلية فإذا كانت القومية العربية هي حب قوم العرب وحب أمجادهموحب حياتهم فإن السلوك الذي يصدر عن اعلم والجو الذي يهيئهاعلمون للتلاميذ يجب أن يكون سلوكا يكمن خلفه الإان بالقومية ويجبأن يكون جوا يشيع فيه هذا الإان.‏ وإننا نريد من اعلم ومن الكتبومن اناهج ومن الجو ادرسي نريد من كل هذا أن يشيع فيه جو القوميةالعربية كما يشيع من حولنا الهواء الذي نتنفسه وااء الذي نشربهوطالب ‏(أبو قمرة)‏ بأن يقوم التعليم العالي في الوطن العربي بدوررئيسي في المحافظة على الأصالة على أساس أن الأمة العربية عرفت. (٣٩). (٣٨)118


. (٤٠)الإتجاه القومي العربيماضيا زاخرا بالإنجازات جعلها فريدة ب أ العصر.‏ وبسبب استنادالحركات الإصلاحية كافة في مطلع هذا القرن إلى التراث وإحيائه علىأنه جذع الأمة اشترك فقد تباينت منه اواقف واختلفت الإتجاهات.‏ وإذاكان الرأي قد اتفق على أنه لا بد من الإختيار والتمييز في التراث فإن دورالتعليم العالي يكون برجاله ادرس أو الباحث ومؤسساته الجامعية أواخملتصة في وضع أسس التوازن انشود وتبيان وسائل ومناهج ومحتوياتالإختيار اطلوبوإلى جانب هذا أوجب ‏(أبو قمرة)‏ على التعليم العالي العربي أن يبحثعن الاءمة ب الأهداف اعلنة للتربية العربية والأهداف اضمنة فيهاإذ الاحظ أن الأهداف اعلنة تكاد تكون واحدة لأنها تستقي مصادرها منالإنتماء إلى الإسلام والتراث العربي بينما الأهداف الضمنية قطرية ضيقةولعل من أهم الوسائل إلى تحقيق ذلك تصور ‏«أساس مشترك»‏ من اعرفةيقدم للتلاميذ والطلاب في استويات الإبتدائية والثانوية والعالية كافةليكون ‏«القاسم اشترك»‏ في تحقيق الذات العربيةوعندما تولى ساطع الحصري مسؤولية التعليم في العراق ثم في سورياوضع في مستهل التوجيهات التعليمية أن الغرض الأصلي من تدريس التاريخفي ادارس-مع اختلاف مراحلها ا في ذلك ارحلة الثانوية-هو تقويةالشعور الوطني والقومي في أفئدة التلاميذ.‏كذلك رأى أن تعليم التاريخ بصورة علمية بحتة وبنظرة موضوعيةذاتية مطلقة مجردة من جميع أنواع التأثيرات الذاتية والقومية إذا كانكنا في ادارس العالية فهو متعسر جدا في ادارس الثانوية ومتعذرمطلقا في ادارس الإبتدائية فهو يرى أن اعلم لا يستطيع أن يدرس إلاجزءا صغيرا من التاريخ ولا يستطيع أن يتوسع إلا في قسم قليل منالوقائع والأبحاث وبديهي أن الإنتخاب يتضمن بطبيعته التأثير الذاتيوالترتيب القصدي..‏ . وما دام الإنتخاب ضروريا فمن الطبيعي أن يأخذالإتجاه الذي تقتضيه التربية الوطنية والقومية ولاسيما أنه لا توجد بأيدي اعلم واسطة تربوية أثمن وأنجع من دروس التاريخ لإاء العواطفالوطنية والقومية وتربيتهاونظرا للدور الذي يحتله تدريس التاريخ من حيث التوجيه القومي قدم. (٤١). (٤٢)119


الفكر التربوي العربي الحديثأبو الفتوح رضوان عددا من اقترحات التي كنه من ذلك (٤٣) .١- أن اواطن العربي في حاجة إلى أن يفهم مقومات الحياة في الجزءالذي يسكنه من الوطن العربي ومن ثم يجب ألا يكون منهج التاريخ أيمنهج بل يجب أن يتركز أولا على وطن التلميذ.‏٢- واواطن العربي في العصر الحديث لا يعيش في وطن منعزل وإايعيش أو يجب أن يعيش في وطن عربي متحد اصالح متحد الأمانيمتحد الأهداف متحد اجملهود.‏ ويجب أن يفهم أنه لا حياة له ولا لوطنه إلابهذه الوحدة وهذا التضامن.‏ ومن ثم يجب أن يوضع تاريخ الوطن العربيالمحلي على أساس واسع واضح من تاريخ العرب والإسلام بحيث تبرز أمامالتلميذ حقيقة العلاقات واصالح السياسية والإقتصادية والحضارية منذأقدم العصور.‏٣- واواطن العربي لا يعيش في عالم عربي ولا في عالم للعرب فيهالغلبة كما كان يعيش أجداده منذ بضعة قرون وإا يعيش في عالم منقسمعلى نفسه تسوده فكرة الإستعمار والإحتكار ومن ثم يجب أن يحتوي منهجالتاريخ للمدرسة الثانوية كثيرا من حوادث التاريخ العاي.‏ ولكن يجب أنيتوافر <strong>هنا</strong> شرطان:‏أ-ألا ينفرد التاريخ العاي أو الأوروبي قررات مستقلة برمتها كما هوالغالب بل أن يأتي في سياق دراسة تاريخ الوطن العربي كعنصر موضحومساعد حتى تتضح العلاقات والتأثيرات والتبادل الثقافي والأطماع.‏ب-أن يعالج هذا التاريخ الغربي لا على ط ما تعالجه ‏(الكتب الأوروبية)‏بل من وجهة نظر عربية بحيث تبرز السياسات والأهداف ويتضح مغزىالحوادث ويكون التاريخ العربي أداة لفهم اوقف العربي الحاضر.‏٤- اواطن العربي يعيش في فكرة التخلف التي أوهمته بها الدعاياتالإستعمارية أو في فكرة الرجعية التي توحي بها بعض التقاليد العربيةومن ثم يجب أن تعني مناهج التاريخ في ادرسة الثانوية العربية بتاريخالحضارة أكثر من عنايتها بتاريخ الحكام وسرد الحوادث وبذلك يعرفاواطن أنه من صناع الحضارة.‏ فقد بدأ أجداده الحضارة الإنسانية علىضفاف النيل ودجلة والفرات وسواحل البحر الأبيض وأن أجدادا آخرينله رفعوا من شأن هذه الحضارة في دمشق وبغداد والقاهرة والقيروان120


. (٤٤). (٤٥)الإتجاه القومي العربيوقرطبة وأن أجداده أساتذة الغرب فينجاب عنه الشعور بالتخلف.‏ ثم إنتاريخ الحضارة يوضح له عوامل الهزة والنصر في ايادين الإجتماعيةوالإقتصادية ويبرز له أهمية العلوم الطبيعية في التغلب على مشكلاتالبيئة وأهمية النظم الدقراطية والشورية في التغلب على مشكلاتالإجتماع فيتحرر فكره وتنجاب الرجعية عنه٥- وفي تاريخ الحضارة لا بد من أن نعرض لتاريخ العلوم والأدبوالفن و<strong>هنا</strong> يجب أن تبرز-إبرازا كبيرا-الأسماء العربية الضخمة في هذهايادين فلا نساير كتب الإفرنج في تعظيم علمائهم وأدبائهم وفنانيهموجعلهم البداية والنهاية في التقدم العلمي والأدبي والفني ولعلنا لا نبالغإذا قلنا إن تلاميذنا العرب يتعلمون في مدارسنا العربية عن روسو أضعافما يتعلمون عن ابن خلدون وعن باستير أكثر ا يتعلمون عن ابن الهيثميجب أن يبرز الأبطال العرب في كل ايادين وتسلط عليهم الأضواء..‏ إلخ.‏وفي اؤر الثقافي العربي الأول الذي انعقد في بيت مري بلبنان سنة١٩٤٧ جاءت أول إشارة-على استوى الجماعي العربي-تطالب الدول العربيةبتوجيه مناهجها توجيها قوميا وجاء ذلك بصفة خاصة بالنسبة للدراساتالإجتماعية حيث أكدت على أن ‏«تشمل هذه الدراسات من اسائلالإجتماعية والإقتصادية في الوطن المحلي وفي البلدان العربية ما يقويالروح القومية كما تشمل دراسة الأخلاق ونظم الحكم عامة ونظم الحكمفي البلاد العربية بصفة خاصةلكن اؤر ترك تفاصيل اناهج الدراسية وطرق التدريس إلىاخملتص في كل دولة مكتفيا بوضع الأسس العامة التي رآها ضروريةلضمان القدر اشترك الذي يحقق ما تهدف إليه التربية الوطنية فيالبلاد العربيةومن الاحظ على هذه التوجيهات حرصها على التمسك بالعمل القطريوالشخصية القطرية في إطار من ‏(التعاون العربي)‏ و ‏(التضامن العربي)‏ولا غرابة في حقيقة ذلك في هذه الفترة ابكرة لأن الدول الأولى التيتكونت منها الجامعة كانت كيانات سياسية جديدة نالت استقلالها حديثاإذا استثنينا مصر ومن <strong>هنا</strong> يجيء خوفها من ‏«الذوبان»‏ في إطار مشروعقومي لم تكن هويته قد تحددت بدقة ولم تكن أقدامه-فضلا عن أقدام. (٤٦)121


الفكر التربوي العربي الحديثهذه الدول نفسها-قد ترسخت بعد.‏ولا بد من أن نذكر القار بأن اؤرات التي درجت جامعة الدولالعربية على عقدها في الفترة الأولى من عملها كانت تعقد باسم ‏(اؤرالثقافي..‏ .. ‏.)ومن ثم لم تقتصر أهدافها وسياساتها على العمل التعليميعناه اتخصص بل امتدت لتشمل السياسة الثقافية التي تشكل انطلقالفكري للعمل التعليمي واوجه لهأما ما جاء في اؤر الثقافي الأول خاصا بكيفية توجيه التاريخ توجيهاقوميا فهو لا يخرج كثيرا عما سبق أن أوردناه لكننا نلاحظ مرة أخرىذلك الحذر بالنسبة-للقدر اشترك-إذ نجد نصوصا تتيح-عند التطبيق-‏لبعض الدول أن تتحلل منها ومثال ذلك ما جاء مختصا بالعهد العثمانيإذ نجد..‏ ‏«أما الجزء الواقع ب الفتح العثماني والنهضة العربية الحديثةفيدخل ضمن انهج الخاص الذي تضعه الهيئات اشرفة على التعليم فيكل دولة عربية ويترك توزيع هذا انهج على الفرق للهيئات اشرفة علىالتعليم في كل دولة منها»‏كذلك يجيء نص آخر أخطر وهو ‏«أن يدرس تاريخ الشعوب العربية بعدسقوط بغداد على أساس تاريخ الدولة الخاص مع الإشارة إلى تاريخ الدولالعربية الأخرى وبيان ما بينها من علاقاتففي رأينا أن مثل هذه التوجيهات كانت تكريسا للقطرية.‏والجديد الذي نجده في هذا اؤر هو تلك ‏(الوسائل)‏ التي اقترحهادعما للروح العربية مثال ذلكأ-تأسيس الجمعيات التاريخية من وقت لآخر في عواصم البلاد العربية.‏ب-تنظيم رحلات الأساتذة والطلبة ب البلاد العربية.‏ج-عقد مؤرات دورية للدراسات التاريخية من وقت لآخر في عواصمالدول العربية.‏د-الإهتمام بالحفائر الأثرية وإنشاء اتاحف التاريخية من وقت لآخرفي عواصم البلاد العربية.‏ه-العناية بالتقاليد المحلية والأزياء <strong>الخاصة</strong> والأغاني الشعبية معتهذيبها وما يتفق مع ادنية الحديثة والروح العربية.-‏و-العمل على تخليد ذكرى عظماء الشرق العربي وأحداثه التاريخية. (٤٩). (٤٧). (٥٠). (٤٨)122


الإتجاه القومي العربيبطرق مختلفة كإقامة التماثيل وإطلاق أسمائهم على الشوارع وايادينوتسمية كراسي الأستاذية في الجامعات بأسماء النابغ منهم في مجالالبحث العلمي إلى غير ذلك من الوسائل التي تبرز اثل العليا التي ينبغيأن يتجه نحوها شباب العرب فيعتزون يراثهم الإجتماعي ويشعرون نحوهؤلاء العظماء بالجميل فيعملون على المحافظة على هذا التراث بل علىالإستزادة منه.‏ولإكمال صورة الدراسات الإجتماعية نجد اهتماما واضحا ب ‏(جغرافيةالعالم العربي)‏ وذلك أيضا في اؤر الثقافي الأول:‏ ‏«يوصي اؤر بضرورةالعناية بدراسة جغرافية الأقطار العربية عامة إلى جانب جغرافية الوطنالخاص وإبراز الروابط البشرية والإقتصادية ب هذه الأقطار»‏ (٥١) .كذلك دعا هذا اؤر الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية بأن تتخذما يلزم من إجراء لإعداد أطالس وخرائط جغرافية للبلاد العربية تتناسبمع مراحل التعليم الابتدائي والثانوي والعالي وأن تسهل كل دول الجامعةالجهات التي يرغب في دراستها زيارة الجغرافي يشاء من الباحث نوأن نضع تحت تصرفه ما يعينه على واجبه العلمي.‏ونظرا إلى أن <strong>هنا</strong>ك حاجة ماسة إلى مؤلف مفصل يتناول جغرافيةالبلاد العربية جمعاء يكون ثابة مرجع جغرافي يحوي آخر ما وصل إليهالعلم فقد طالب اؤر الجامعة أن تتولى ذلك (٥٢) .العمل التربوي الوحدوي:‏إذا كنا في الصفحات القليلة ااضية حاولنا أن نكشف عن الفكرةالقومية في ‏«العقل التربوي»‏ على استوى العربي العام فإننا نحاول فيالصفحات التالية أن نبحث عن دور التعليم من الناحية التشريعية فيتوحيد الأمة العربية وذلك من خلال الجهود التي بذلت من أجل إيجادالوحدة الثقافية التي هي تجسيد حقيقي للفكرة القومية.‏إن مفعول الأدب والثقافة هو مقارنة ااضي بالحاضر بكل ما يصاحبذلك من مقارنة توقظ الضمير وهو نقل الأفكار التي أدت إلى التجديد فيااضي وهي أفكار اثل العليا والإصلاح الإجتماعي الجذري تلك هيالعلاقة اباشرة ب ظهور الوعي القومي وبعث التراث العربي.‏ صحيح أن123


الفكر التربوي العربي الحديثالعلاقة ب هذه اسألة وفي عموم مسائل البحث الإجتماعي هي علاقةمتقابلة يكون كل طرف فيها سببا ونتيجة في الوقت نفسه إلا أن حقائقالتاريخ والتحليل انطقي يتفقان اما على أن ظهور الوعي القومي كانفي الأساس نتيجة لتجديد الثقافة العربية وآدابها.‏ ومن علاقة من هذاالنوع تتضح مكانة التعليموعن طريق التعليم نستطيع-كما يؤكد سعدون حمادي-‏رس الإانبفكرة الوحدة.‏ فللتربية موقعها الأصيل في الإطار السياسي للمجتمع.‏ومن أهم العوامل التي تؤثر في طبيعة النظام التربوي من حيث البنيوالأهداف والمحتوى العامل السياسي فالتربية سلاح فعال في تجسيدالأهداف السياسية للسلطة إلى واقع عملي وإلى ارسات فعلية.‏ ومكانةالتربية وأهميتها في التوجيه السياسي من أهم الأمور التي دفعت سلطاتالإحتلال الأجنبي في الوطن العربي إلى السيطرة على إدارة التربية ورسمسياستها ا لا يتعارض مع مصالحها فاتجهت إلى تجزئة الوطن العربيوبث روح التعصب الإقليمي ب أبنائه وعملت على الحيلولة دون تحقيقوحدتهوإذا كان الإستعمار أو الإحتلال الأجنبي للوطن العربي قد زرع بذورالتفرقة والتجزئة ب أقاليمه وكانت لذلك انعكاساته على النظم التربويةفإن بعض آثار ذلك باقية فالعلاقات السياسية ب الأقطار العربية لهاانعكاساتها على مستوى التقارب والتباعد ب سياسات هذه الدولوالتنظيمات اتبعة فيها.‏ وهكذا نجد-فيما يلاحظ بحق مسارع الراوي.‏ أنهكلما كانت العلاقة السياسية جيدة ب بلدين وجدنا التقارب والتوحيدوالتكامل تنعكس على السياسة التربوية وبنية النظام التعليمي فيهماوالذي يستقر كتابات وأعمال ساطع الحصري يستطيع أن يلمسكيف كانت قضية الوحدة الثقافية تلح عليه كثيرا فقد بذل كل ما في جهدهلتخليص الثقافة العربية من كل شوائب غريبة عليها وإن مبعث اهتمامهبالأمور الثقافية أنه كان يؤمن بان الوحدة الثقافية هي السبيل للوحدةالعربية.‏ وليس معنى توحيد الثقافة عنده هو حمل الناس على أن يتعلمواأشياء اثلة أو تعويدهم التفكير على ط مع وإا يعني تنسيق أفكارالناس وعواطفهم تنسيقا يؤدي إلى توليد وحدة معنوية سامية..‏ ويشبّه. (٥٥). (٥٣). (٥٤)124


. (٥٦)الإتجاه القومي العربيساطع الثقافة بالوحدة اوسيقية التي تتكون من توافق وتلاحق عشراتالأصوات والأنعام الصادرة عن عشرات الآلات اتنوعة فهو يرى أن وحدةالثقافة هي وحدة مركبة عالية تتولّد من ازج الكثير من الأمور اخملتلفةاتنوعةوآمن الحصري بأن سبيل الثقافة اشتركة هو العمل في اقام الأولعلى تخليص التعليم في البلاد العربية من تبعيته لنظم التعليم ‏(الأجنبية)‏ذلك أنه ليس <strong>هنا</strong>ك نظام تعليمي قائم بذاته وإا هذا النظام التعليميجزء من مجموعة النظم الإجتماعية <strong>الخاصة</strong> بتلك البيئة وهو يعمل فيهاويؤثر فيها ويتأثر بها ولهذا لا ينبغي للتعليم في البلاد العربية أن يكونمقتبسا من غيره من النظم التعليمية.‏ لذلك يندد ساطع بالفروق ب مددالدراسة وموادها في مدارس البلاد العربية وعنده أن هذه الفروق الكبيرةلم تكن وليدة الحاجات التي شعر بها أبناء الأقطار اذكورة من تلقاء أنفسهموالقرارات التي اتخذوها بعد إمعان النظر في منافع البلاد حض إرادتهمبل هي وليدة الظروف السياسية التي سيطرت على مقدرات الأقطار العربيةوصنيعة الأيدي الأجنبية التي وجهت سياسة التعليم ومرد هذه الإصلاحاتإلى اختلاف الظروف السياسية.‏ وكان من الطبيعي أن ينبري افكرونالعرب إلى البحث عن الوسائل التي تضمن توثيق الصلات الثقافيةولعل أول جهد رسمي بذل على طريق الوحدة الثقافية هو تلك اعاهدةالتي عقدت في شهر نوفمبر سنة١٩٤٥‎ باسم ‏(اعاهدة الثقافية ب دولالجامعة العربية)‏ وبفحص هذه اعاهدة نتب أنها كانت ترمي إلى تحقغرض‏:‏١- تعريف أبناء الدول العربية بعضهم ببعض وتوضيح الفكرة عن الأمةالعربية في أذهانهم وتعبئة شعورهم حولها.‏٢- تنشيط الحركة الفكرية في البلاد العربية وتطوير الثقافة العربيةبتغذيتها كتسبات العلم الحديث ومخترعات الحضارة العاية.‏ وإذا يحثناعن وسائل تحقيق الهدف الأول في اعاهدة وجدنا أن منها:‏أ-تبادل ادرس والطلاب ب اعاهد العلمية لدول الجامعة ‏(اادتان.(٣٬٢ب-تشجيع الرحلات الثقافية والكشفية والرياضية ب البلاد العربية. (٥٧)(٥٨)125


الفكر التربوي العربي الحديث.(٤.(٥وعقد اجتماعات ثقافية ودراسية للطلبة ‏(اادة /ج-تبادل إنشاء اعاهد العلمية والتعليمية ‏(اادة /د-التعاون على إحياء التراث الفكري والفني العربي والمحافظة عليهونشره وتيسيره للطالب ‏(اادة /ه-توحيد اصطلحات العلمية بواسطة اجملامع واؤرات واللجاناشتركة وبالنشرات التي تنشرها هذه الهيئات والعمل على الوصول باللغةالعربية إلى تأدية جميع أغراض التفكير والعلم الحديث وجعلها لغة الدراسةفي جميع اواد في كل مراحل التعليم في البلاد العربية ‏(اادة /و-توثيق الصلات ب دور الكتب واتاحف العلمية والتاريخية والفنيةفي البلاد ا لعربية ‏(اادة /ز-توثيق الصلات وتسهيل التعاون ب العلماء والأدباء ورجال الصحافةواهن الحرة وأهل الفن والتمثيل واوسيقى والسينما والإذاعة وذلك بتنظيمزيارات لهم من بلد إلى آخر وتشجيع عقد اؤرات الثقافية والعلميةوالتعليمية..‏ إلخ ‏(اادة /ح-أن تدخل دول الجامعة في مناهجها التعليمية من تاريخ البلاد العربيةوجغرافيتها وأدبها ما يكفي لتكوين فكرة واضحة عن حياة هذه البلادوخصائصها وتعمل على إنشاء مكتبة عربية للتلميذ ‏(اادة /١٢).ويلاحظ أن هذه اعاهدة لم تهدف إلى توحيد نظم التعليم ومناهجهفي البلاد العربية وغاية ما في الأمر أن اادة الثالثة نصت على العملعلى تعادل مراحل التعليم وشهاداته بها لتسهيل تبادل الطلاب وأن اادةالثانية عشرة نصت على إدخال قدر مشترك من تاريخ البلاد العربيةوجغرافيتها وأدبها في اناهج يكفي لتكوين فكرة واضحة عن حياة هذهالبلاد وحضارتها كما رأينا.‏وتنفيذا للنص الأخير عالج اؤر الثقافي العربي الأول الذي عقدفي لبنان سنة ١٩٤٧ موضوع القدر اشترك في مناهج هذه اواد وأصدرفي ذلك قرارات مفيدة استعنا بها في الجزء السابق لا تقتصر علىالنواحي التي تساعد على تكوين الفكرة عن البلاد العربية بل يهتم كذلكبالنواحي التي تقوي شعور الحب والولاء لها والاعتزاز بها في نفوسالتلاميذ.‏.(٩.(٦.(١٠.(١١126


٩ ٥٧الإتجاه القومي العربيأما الإتفاق الذي عقد في سنة ١ ب مصر وسوريا والأردن (٥٩) فتب مقدمته أنه اتفاق تحدوه الرغبة في تنشئة مواطن عربي يعمل منأجل وطن عربي واحد ويقدّر مسؤولياته والتزاماته حيال النضال العربياشترك لعزة الأمة العربية ومجدها وأنه يرمي إلى تقوية التعاون وتنسيقالجهود في سبيل تحقيق هذه الغاية وبعض وسائل التعاون التي نص عليهافي صلب الإتفاق وفي الحق رقم (١) تشبه ما ورد في معاهدة سنةولكن الإتفاق ذهب إلى مدى أبعد منها فيما يتعلق بشؤون التعليم وهي التيتشغل الجانب الأكبر من الإهتمام فيه فتنص اادة الثالثة منه على وضعبرنامج لتبادل اعونة الفنية والخبراء ب وزارات التربية والتعليم في البلاداتعاقدة ا يحقق ‏«تكافل النهضة العلمية والتربوية والثقافية في مختلفمراحل التعليم العام والفني والجامعي والعالي»‏ ويتضح في بقية موادالإتفاق وبقية ملاحقه اتجاه إلى توحيد مراحل التعليم وخطط الدراسةأو العناصر الأساسية للمناهج في جميع اواد ونظم الإمتحانات وسائرالتشريعات والأنظمة <strong>الخاصة</strong> بالتربية والتعليم والثقافة.‏وأمام هذا يقف إسماعيل القباني افكر التربوي اصري الذي شغلمنصب وزير التربية والتعليم في أوائل ثورة ١٩٥٢ ليثير عددا من علاماتاستفهام تثير إجابته عليها ثائرة ساطع الحصري (٦٠) وينتهي القباني إلىالقول بأنه ‏«لا يجوز توحيد اناهج أو الطرق أو الكتب حيث تختلف البيئاتاختلافا جوهريا»‏ (٦١) . ثم يعود للتأكيد على وجود فروق كبيرة ب البيئاتفي الأقاليم العربية بل في الإقليم الواحد منها جغرافيا واقتصادياوتاريخياوليس معنى هذا التنوع أن التلميذ الذي يعيش في بيئة صحراوية لا يدرسشيئا عب السفن والحياة الساحلية أو عن الجبال وحياة أهلها أو عنالبترول وصناعته أو أن التلميذ العراقي لا يدرس شيئا عن الفراعنةوالتلميذ اصري لا يدرس شيئا الأشوري ولكن معناه أن هذه اوضوعاتلا تدرس على صورة واحدة في الجهات اخملتلفة وذلك لأن تسلسلاوضوعات في خبرة التلاميذ والحيز الذي يشغله كل موضوع منها مناهتمامهم يختلفان باختلاف البيئة التي يعيشون فيها فاهتمام التلميذبالبيئة القريبة يسبق اهتمامه بالبعيدة وميوله أكثر ارتباطا بها وإدراكالبيئة المحيطة بها أسهل عليه من إدراك البيئة غير اباشرة ولذلك فمن١٩٤٥127


الفكر التربوي العربي الحديثالطبيعي أن يختلف اختيار اوضوعات لكل مرحلة وكل فرقة دراسيةوتختلف طريقة تناولها وادى الذي يذهب إليه التلميذ في دراستها منإقليم إلى إقليم ومن جهة إلى جهة ومتى اختلفت تفاصيل دراسة كلموضوع ومداها وطريقة تناولها فمن الواجب أن تختلف الكتب التي تدرسفيها.‏وإذا كان حديث القباني هذا صحيحا من الناحية ‏(النفسية)‏ إلا أنه ليسمكتملا من الناحية الإجتماعية وخطير من الناحية السياسية إنه صحيحعلى أساس أن نبدأ بالبيئة القريبة والمحلية حيث التباين والاختلاف لكنلا بد من التصعيد مع مراحل التعليم لنصل إلى كل ما هو عام ومشترك فيالوطن العربي.‏ إن حديثه را يكون صحيحا بالنسبة للسنوات القليلةالأولى في التعليم لكنه غير صحيح في أواخر ارحلة الإبتدائية فضلا عناتوسطة والثانوية.‏كذلك كن أن يكون صحيحا بالنسبة للدراسات الاجتماعية وحدهاأما بقية العلوم واواد فليس شرطا أن نسير على القاعدة التي تشير إليها.‏وإذا كان التلميذ يهتم أكثر ا هو قريب منه وبالجزء اباشر كحقيقةنفسية إلا أن الحقيقة الاجتماعية تتطلب ألا نخضع كمرب لهذه الحقيقةونقف عندها إذ إن واجبنا يتطلب تطويرها إلى ما هو في صالح الجماعة.‏وحتى لا يتهم بأنه بهذا يشجع على ‏(الإقليمية)‏ و(القطرية)‏ يؤكد علىأن الولاء للوطن الصغير لا يتنافى مع الولاء للوطن الأكبر ‏«بل هو شرطلتكوينه وعامل مهم من عوامل تقويته».‏أما الحصري فيرى على العكس من ذلك أن تنوع البيئات الطبيعيةيكسب الأمة بيئة طبيعية متكاملة تعزز مكانتها الإقتصادية وتقوي منوحدتها الثقافية ويشبه الحصري الإختلافات البيئية واناخية والعلميةوالإجتماعية التي توجد عادة في اجملتمعات البشرية بعمل الأنسجة العضويةاخملتلفة واتنوعة التي يتكون منها الكائن الحي أو جسم الإنسان كما يرىأن رقي هذه الكائنات الحية يقاس دى أجهزتها وأنسجتها وما تؤديههذه الأجهزة من أفعال وظيفية وفسيولوجية مختلفة وأنها بهذا تعبّر عنقوة وحدتها العضوية من جراء التناسق ب أفعالها اخملتلفةوتبلغ الصياغة الفكرية لفلسفة وطرق التوحيد الثقافي ب الدول العربية. (٦٢)128


الإتجاه القومي العربيالذروة يثاق الوحدة الثقافية العربية الذي ووفق عليه في مؤر وزراءالتربية والتعليم ببغداد في ٢٩ فبراير سنةوبلور ايثاق هدف التربية والتعليم بأنه:‏‏«تنشئة جيل عربي واع مستنير مؤمن بالله مخلص للوطن العربي يثقبنفسه وبأمته ويدرك رسالته القومية والإنسانية ويستمسك باد الحقوالخير والجمال ويستهدف اثل العليا الإنسانية في السلوك الفرديوالجماعي.‏جيل يهيئ لأفراده أن تنمو شخصياتهم بجوانبها اخملتلفة ولكوا إرادةالنضال اشترك وأسباب القوة والعمل الإيجابي متسلح بالعلم والخلقكي يسهموا في تطوير اجملتمع العربي والسير به قدما في معارج التطوروالرقي وفي تثبيت مكانة الأمة العربية اجمليدة وتأم حقها في الحريةوالأمن والحياة الكرة.‏وتعمل الدول الأعضاء على رسم الفلسفة التربوية العربية التي تنهضبهذا الهدف العام وعلى تعي أهداف التربية في جميع مراحل الدراسةوإبرازها في مجال العمل والتنفيذ ا يحقق ما تعقده الأمة العربية علىتربية شبابها من آمال (٦٤).وتدور معظم مواد ايثاق على الوسائل اخملتلفة للتوحيد الثقافي فيصورة أكثر تقدما من اعاهدات والإتفاقيات السابقة لكن أهم ما جاءفيها حقا كان هو اوافقة على تطوير الأجهزة الثقافية بجامعة الدولالعربية ‏(الإدارة والثقافية ومعهد اخملطوطات ومعهد الدراسات العربيةالعالية)‏ إلى منظمة واحدة تشملها جميعا في نطاق جامعة الدول العربيةتسمى ‏(انظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)‏وانعقد أول مؤر للمعلم العرب في الإسكندرية سنةتوصل هذا اؤر إلى توصيات تناولت التعبئة الروحية والخلقية للمواطنالعربي واناهج والكتب ادرسية والتربية القومية وتكوين الرأي العامالعربي وتوجيهه.‏وتوالت بعد ذلك مؤرات أخرى للإتحاد بعد ذلك.‏ ورا كان أهم هذهاؤرات اؤر السابع الذي عقد بالكويت في مارس ١٩٧١ حيث بحثفيه اعلمون العرب أسس التربية العربية وتكوين شخصية اواطن وتوصل١٩٥٦ وقد. (٦٣) ١٩٦٤. (٦٥)129


الفكر التربوي العربي الحديثهذا اؤر إلى توصيات حددت معالم الأسس التاريخية والتراث العربيالتربوي والأسس الفلسفية والإجتماعية والقومية لتربية اواطن العربيوكذلك الأسس النفسية لتكوينه وتكوين شخصيته كما تناول اؤر الأهدافالعربية لتربية اواطن وتوجيههم توجيها قوميا وتقدميا وقد أعطى اؤراهتماما خاصا لتحديد مسؤوليات اعلم القومية في ارحلة الراهنة. (٦٦)والحقيقة أن ارحلة التي قطعها الإتحاد في مجال عقد اؤراتالعامة وإقامة الحلقات الدراسية والندوات الفكرية لم يعد كافيا لتحقيقآمال اخمللص والتوصل ا تتوقعه الأمة العربية من الإتحاد ولذلك نرىأن الإتحاد كان ينبغي أن يخطو خطوة عملية بالتعاون مع انظمة العربيةللتربية والثقافة والعلوم واتحاد الجامعات العربية في تكوين الهياكل والبنىالتحتية اللازمة لتطوير الأنظمة العربية التعليمية في الوطن العربيوالإسهام في إنشاء معهد لرفع استوى اهني-أو الكفاية اهنية-للمعلميقوم بتأهيل اعلم وتدريبهم أثناء الخدمة على أن يعني باستحدثاتالتربوية وبإجراء البحوث.‏ومن الاحظ أن إجراء البحوث التربوية من الأمور التي لم يولها الإتحادعنايته فلديه من الأموال ما كن أن يخصص بعضها نح دراسية تخصصلبحث مشكلات تربوية معينة كما كن أن يخصص جزء آخر لإجراءبحوث مشتركة مع كليات التربية والكليات اعنية الأخرى.‏كذلك فقد تأسس ‏(اتحاد الجامعات العربية)‏ عام ١٩٦٥ وكان اجتماعرؤساء الجامعات العربية الأعضاء في الإتحاد دوريا مرت في السنة لحضورمجلس الاتحاد خطوة حميدة على طريق التعاون والتعرف وتبادل وجهاتالنظر والخبرات ب الرؤساء فضلا عن شعور كل رئيس جامعة بالإنتماءإلى محيط أوسع وبأنه جزء من كل موحد هو اتحاد الجامعات العربية.‏ أمااؤر العام الذي يحضره من كل جامعة عربية وفد يكون من خمسةأعضاء فهو مظاهرة علمية لبحث اشكلات اتصلة بأهداف الجامعاتالعربية ورسالتها كما حدث في اؤر الثاني الذي تناول ضرورة ربطالجامعات العربية باجملتمع العربي والإسهام في تطويره وتحديثهولقد خطا الاتحاد خطوة عملية على طريق التعاون بتأليفه اللجان. (٦٧)130


. (٦٨). (٦٩). (٧٠)الإتجاه القومي العربياخملتصة لوضع مفردات انهج والكتاب ارجع وضوع اجملتمع العربيكموضوع القضية الفلسطينية ثم طلب من الجامعات تدريسها في كلياتهاالإنسانية والعلمية كافة.‏ كما أن الإجتماعات اتكررة لعمداء الكليات اتناظرةفي الجامعات العربية فتحت اجملال أمام القيادات الإدارية)العمداء(للمباحثةوالنقاش في الأمور التي تجابههم سواء أكانت مشاكل إدارية أم فنية أمتدريسية أم طلابية وقد التوصل في هذه الإجتماعات إلى توصياتعالجت الواقع الذي تعيشه هذه الكلياتوقد ناقش اؤر الرابع لوزراء التربية انعقد في صنعاء في ديسمبر١٩٧٢ الحاجة إلى وضع استراتيجية لتطوير التربية في البلاد العربيةواتخذ قرارات بتشكيل لجنة تناط بها تلك اهمة.‏ وقد اعتمدت اللجنة فياجتماعها الأول / أبريل سنة ١٩٧٣ انهجية التي رأت أنها تلائم مهمتهامتابعة في ذلك قرار مؤر وزراء التربية بشأنها ومستوفية من تفصيلاتهاما يحقق الدقة واوضوعية والشمول والتكامل وجميعها من مطالب انهجالعلميوقد كان من ب انطلقات الرئيسة في هذه انهجية كما يتم تطبيقهاعلى التربية العربية في سياق مجتمعها ب ماضيه وحاضره وآفاق مستقبلهتأكيد على الإسلام عقيدة ونظاما واعتباره قوام الحياة السليمة للإنسانواجملتمع وللإنسانية عامة وتأكيد على أن العرب أمة واحدة لها اقوماتالقومية مجتمعة ما يعني نظيره ب الأ وعلى رأس تلك اقومات وحدةالوطن والعقيدة ووحدة اللغة والثقافة ووحدة التاريخ والنضال ووحدةالشعور والإرادة ووحدة اصالح واصير لا يسعها أن تظل عزل عنغيرها في اجملتمع الدولي ولا عن الحضارة اعاصرة بل هي جديرة بتلكاقومات أن تكون لها مساهمة غنية فيها وأن التربية وهي نظام تتفاعلأجزاؤه بعضها مع بعض كما تتفاعل بجملتها مع الأنظمة الأخرى فيمجتمعها وهي في ذلك إا تستند إلى العلم الحديث والفكر الإنسانيالسليموعند صياغة التقرير الخاص باستراتيجية تطوير التربية العربية نلاحظبروز ‏(ابدأ القومي)‏ في التربية كإحدى ركائزها الأساسية ويشمل بدلالاته (٧١) .131


الفكر التربوي العربي الحديث- أن التربية ذات وظيفة اجتماعية تتفاعل مع مجتمعها تأثرا به وتأثيرافيه وتعمل على خيره وتقدمه.‏- أن التربية ذات انتماء قومي تتأثر بالخصائص الحضارية القومية فيمجتمعها وعليها أن تتمثلها وتستوعبها في خير صورها وأن تعمل علىتطورها فتعمق الوعي بها وباساهمة في تحقيق أهدافها يصدق ذلكخاصة على التربية العربية.‏أن من أهداف التربية ووظائفها إعداد اواطن التزم نحو مجتمعهاتمثل بشخصيته القومية في نقائها وصفائها العامل على الوفاء طالبها.‏- أن الولاء للمجتمعات المحلية وللمجتمعات ‏(القطرية)‏ إا يكون علىخيرها لأنه إذا كان في إطار ولاء قومي شامل فلا تنشأ التناقضات بينهماوإا يتكاملان في وحدة قائمة على التنوع.‏- أن العمل التربوي ذو أبعاد قومية وإا يكون على خير حالاته منالكفاية والجدوى حينما يقوم على أساس جهود قومية شاملة تعتمد علىالتعاون والتكافل.‏- أن تفاعل الشعوب بعضها مع بعض وتعاونها في سبيل السلام القائمعلى العدل لا يعني ذوبان قومياتها و إضعافها بل يعني تعزيزها وإتاحةفرص أرحب أمامها للنمو والإسهام في تطوير الحضارة الإنسانية الك من خصائص يزة وقدرات خلاقة.‏ وللتربية دور كبير في تحقيقمتضمنات هذا التفاعل في شخصية اواطن فهو إذ يلتزم بأهداف أمتهومصالحها يعي مطالب الإنسانية واصالح اشتركة وفي تأكيد الجوانبالإنسانية في القومية فكرا وتطبيقا ما يحقق ذلك.‏وإذا أردنا تقوا للعديد من الأنشطة والإنجازات التي قامت بها الأجهزةالثقافية في جامعة الدول العربية فلا شك في أن ثمارها الحقيقية لاكن قياس أثرها بشكل مباشر ولكنها مع ذلك لا كن إنكارها علىاستوى الفكري.‏ ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى أنه كان من ب هذهالإنجازات تلك الفرص الثمينة التي أتاحتها اجتماعات ولقاءات اؤراتالثقافية ووزراء التربية العرب والحلقات الدراسية للمسؤول في مواقعالعمل في وزارات التربية واتخصص في علوم التربية فقد في هذهالإجتماعات واللقاءات تبادل للخبرات وعرض لوجهات النظر والآراء132


الإتجاه القومي العربياخملتلفة حول اشاكل اطروحة للمناقشة كما كانت هذه اللقاءات مجالاتناول فيه افكرون العرب مشكلاتهم التربوية في جو يتسم بالصراحةويتعامل فيه اجملتمعون بالحوار الحر والنقاش الهادفولا يفوتنا أن نقرر في هذا السياق أن الدراسات والبحوث التي قدمتإلى الحلقات واؤرات ثم القرارات والتوصيات التي خضت عنها هذهالحلقات واؤرات تعتبر من أهم اراجع التربوية للباحث في مشكلاتالتربية بالأقطار العربية.‏والحقيقة أن الأجهزة الثقافية في جامعة الدول العربية قد قامت بجهدواضح في التناول الجدي شكلات التربية في الأقطار العربية ا كان لهآثار ملموسة في تجويد التربية وتجديدها في الوطن العربي والتقريب بالأنظمة التعليمية في الأقطار العربية إلا أن مردودات نشاطات انظمة لمتكن ستوى الآمال انشودة والأهداف ارسومة في اواثيق من توحيدوتكامل في القضايا الأساسية كينا للوحدة الفكرية ب أجزاء الوطنالعربي كأساس للوحدة العربية الشاملة ثم إن نتائج هذه الإنجازات لمتساير الإتجاهات اتضمنة في التوصيات التي صدرت بل إن كثيرا منالتوصيات بقي بعيدا عن حيّز التنفيذ ولعل السبب الرئيس هو أن مهمةانظمة هي التنسيق ب الأقطار العربية أما اتخاذ القرارات السياسيةفي اعتماد السياسة التربوية ووضع الخطط التي تخدم مضمون الوحدةالعربية فهي من صنع الحكومات العربية.‏ولقد حان الوقت واتسع اجملال بهذه الأجهزة الثقافية إلى أن ترتفع إلىمستوى كن أن تنطلق منه إلى ما يحقق آمال الأمة العربية بتخطي تقليدالوقوف عند حد إصدار التوصيات ومتجاوزة القناعة ظهر قوميةالقرارات إلى التركيز على طريقة التنفيذ (٧٣) ..(٧٢تعريب التعليم:‏يستخدم تعبير(تعريب التعليم)‏ <strong>هنا</strong> للدلالة على معني متصل‏:‏اعنى الأول:‏ هو جعل لغة التعليم اللغة العربية بدلا من الأجنبية واحتواءمادة التعليم على اعارف الوطنية والثقافة القومية وإحلال العناصر العربيةمحل العناصر الأجنبية في إدارة التعليم والإشراف عليه والتدريس فيه كل133


الفكر التربوي العربي الحديثهذا بقصد جعل ادارس واعاهد التي تنتظم أبناء العرب في أرض العربأوعية ثقافية عربية أصيلة يتخلق داخلها اواطن العربي السليموتعريب التعليم بهذا اعنى يصح أن نطلق عليه شعار ‏«التعليم للعرببالعرب من أجل استمرار ثقافة العرب».‏وقضية التعريب على هذا الأساس لا ثل مشكلة في الوطن العربي فيالوقت الحاضر إلا في اغرب العربي ذلك أن الإستعمار الفرنسي دأبطول مدة إقامته على ‏(فرنسة)‏ تلك الأقطار ولم يتركها إلا منذ ما يقربمن ربع قرن لتواجه هذه اشكلة.‏أما اعنى الثاني لتعريب التعليم فهو إعادة النظر في التعليم بالأقطارالعربية وذلك من حيث اباد والنظريات التي يقوم عليها والأهدافوالسياسات التي توجهه والنظم والأشكال التي يتجسدها والمحتوىوالأساليب والعلاقات التي يتضمنها وذلك بقصد تكييفه و ‏«أقلمته»‏ علىنحو يجعله أشد اتصالا بالأرض العربية والثقافة العربية اتطورة وأقدرعلى سد احتياجات الأمة العربية والإسهام في حل مشكلاتها والنهوضبها وتحقيق آمالها العظيمة في الوحدة والحرية والكفاية والعدل.‏وتعريب التعليم باعنى الأخير كن أن يصدق عليه شعار ‏«تعلم العربمن أجل تجديد ثقافة العرب ونهضة أمة العرب».‏ وقضية تعريب التعليموفق هذا الشعار وهذا اعنى ثل مشكلة أكثر البلاد العربية إن لم يكنكلها تقريبا.‏ ذلك أن الأمة العربية و قد حصلت أكثر شعوبها على استقلالهاوسعت إلى النهوض والتقدم تعيش الآن مرحلة تحول خطير س صميمكيانها الفكري والعقائدي والواقعي ويحدوها الآمال في أن تسترد مكانهاالريادي ب الأ‏.‏ وهي إذ تسعى لتحديد نفسها على هذا النحو تعلقأهمية كبرى على هذا التعليم بحكم أصوله التاريخية وطبيعته اوروثةيحمل في واقعه كثيرا من رواسب ااضي بجموده وطبقيته وإقطاعهواستغلاله واستبداده واستعماره.‏ومن <strong>هنا</strong> كانت الحاجة ملحة إلى إعادة دراسته وإعادة تنظيمه وتوجيههثوريا ليصبح أقدر على ك كل عربي من القدرة على إعادة تشكيلالحياة وتحقيق آمال الأمة العربية.‏ وهذا يعطي معنى جديدا للتعريب.‏وواضح من هذين اعني لتعريب التعليم أن كليهما يكمل أحدهما. (٧٤)134


الإتجاه القومي العربيالآخر فالأول ينصب على شكل التعليم وأدواته وضمانات كونه عربياوالثاني ينصب على جوهر التعليم وكيفية جعله قوة فعالة في تطوير الحياةالعربية وخلق ثقافة عربية جديدة.‏ وكلا اعني يتضمن عملية هدم وعمليةبناء في آن واحد.‏ فتعريب التعليم باعنى الأول يتضمن محو اللسان الإفرنجيكلغة للتعليم وتطهير اادة التعليمية من الأفكار الأجنبية اغرضة والتخلصمن السيطرة البشرية الأجنبية على التعليم وهو في نفس الوقت يتضمنإحلال اللغة العربية وتنميتها في ادارس وجعلها مستودع اعارف الوطنيةالسليمة التي نلقنها لأبنائنا وإعداد العدد اللازم من ادرس واشرفوالإداري العرب.‏ وتعريب التعليم باعنى الثاني يستلزم قلع ما علق بتعليمنامن أدران ااضي وا فرض عليه من ألوان المحاكاة والتقليد والتبعيةللغير وهذا مقابل تحديد فلسفة تربوية عربية ينبني عليها نظام تعليميعربي تتحقق به آمال الأمة العربيةوتعريب التعليم بهذين اعني وثيق الصلة باسألة العربية الكبرى التيتتضمن تحرير أرض العرب ورد لسان العرب للعرب والسعي الدائب لتحقيقوحدة العرب ثم هو وثيق الصلة باشكلة الثقافية العربية الكبرى وهيالمحافظة على ثقافة العرب ونقلها من طور الجمود النسبي الذي لازمهامنذ أواخر العصور الوسطى والتقليد الحرفي الذي تسلط على بعضأبنائها منذ القرن التاسع عشر إلى طور الحركة والإنطلاق الذي يؤديبالأمة العربية إلى احتلال مكانها في الريادة الخلاقة وسط أ العصرالحديث.‏ولا شك في أننا قد أفضنا في اعنى الثاني للتعريب في الصفحاتالسابقة ولذا فإننا سنقتصر في الصفحات التالية على تناوله باعنىالأول.‏ولكن ما مبررات هذا الإهتمام باللغة العربية كمظهر من مظاهر التعبيرعن الإتجاه القومي في التعليم ?الحق أن اللغة ثل عاملا وعنصرا جوهري في ‏(الوجود القومي)‏فغالبا ما تصبح الحدود اللغوية على بقعة جغرافية معينة هي الحدودالسياسية للأمة وكثيرا ما تنشب الحروب ب مجموعات بشرية أو أبسبب محاولات تبذلها أمة معينة لضم مجموعة لغوية تشترك مع الأمة. (٧٥)135


الفكر التربوي العربي الحديثبروابط لغوية غالبا ما يتعاطف الأفراد الذين تضمهم أمة لا ينتسبون إليهالغويا مع أمة أخرى تربطهم بها روابط لغوية وقد تسعى جماعات متباينةلغويا في دولة واحدة إلى الإنفصال بقصد بناء دولة مستقلة أو إقامة حكمذاتي في ظل الدولة الواحدة كما تسعى الجماعات اللغوية اتشابهة لغوياأو التي توحدها لغة واحدة إلى دولة قومية واحدة على الرغم من تعددالحكومات التي تحكم هذه الجماعات واختلاف عقائدها السياسيةوتنظيماتها الإجتماعية والإقتصادية والسياسيةكذلك فمن اؤكد أن اللغة هي وعاء الفكر وأساس الصلة ب ااضيوالحاضر واعبرة عن تجارب الأمة في التاريخ واصورة خبرا بالصورةاللغوية الأوجة اخملتلفة للإنجازات الحضارية فهي ليست مجرد جزء لايتجزأ من الوجود القومي بل هي في الوقت نفسه الوسيلة الوحيدة عرفةالوجود القومي وأبعاده وأسسه ومنطلقاته كما تخبرنا عن البعدين التاريخيوالحضاري وعن حالة الوجود القومي وتطوره وتقدمه وحيويته في التفاعلداخلا ب عناصره اخملتلفة وخارجا مع عناصر أخرى تنتمي إلى وجودقومي آخر.‏ وتنفرد اللغة من ب عناصر الوجود القومي بأهمية كبرى فهيوإن كانت جزءا لا يتجزأ منه إلا أنها الوسيلة الوحيدة امكنة التي تسجلنشاط الإنسان وإبداعاته وإنجازاته الحضارية اخملتلفة.‏ واللغة بصورة عامةذات أهمية لكل الأنشطة البشرية فكل إنسان عضو في جماعة اجتماعيةأو أكثر يتعامل مع أفرادها ويشارك في فعالياتها وبذلك لا بد من استعمالاللغة كوسيلة للإتصال.‏إن نظرة إلى نظم التربية الإسلامية خلال العصور اخملتلفة في مراكزهاانبئة من شرق العالم الإسلامي إلى اغرب والأندلس لتكشف عن عظمهذه الرابطة اللغوية التي جعلت من معارف تلك الأقطار الشائعة تراثاواحدا متميز السمات والخصائص تتماسك حلقاته وتتعاون مدارسه وينتقلعلماؤه ومثقفوه كيف شاءوا من مدينة إلى مدينة ومن جامعة إلى جامعةويتجادلون ويتناظرون ويتبادلون الكتب والدراسات ويتولون مناصب القضاءوالإفتاء والتدريس والإدارة في البلاد التي يرحلون إليها ويقيمون فيها لايحول دون الإفادة منهم اختلاف نسب أو بعد دار.‏ وما يقال عن العلماءوالدارس يصدق على الأدباء واثقف والرحال والحجاج والتجار. (٧٦)136


. (٧٧)الإتجاه القومي العربيوغيرهم فكل بلد من بلاد العربية وطن لكل متكلم بها وتيارات العلموالأدب والثقافة والفن غادية رائحة في محيط ذلك العالم العربي الإسلاميالزاخروحينما شاءت عوامل التطور التاريخي أن تتحدد معالم اجملتمع الناطقبالعربية داخل إطارها الذي نعرفه اليوم من <strong>الخليج</strong> العربي إلى المحيطالأطلسي وأن تحل اللغات المحلية محل العربية فيما وراء ذلك من أقطارالعالم الإسلامي وأن تغرب شمس الحضارة العربية والإسلامية عنالأندلس وأن تضعف شوكة العرب ا سيطر على أقطارهم من سلطانأجنبي بقيت اللغة الفصحى تؤدي دورها الضروري في ناحيت هامت‏:‏الأولى حفظ التراث العربي الإسلامي باستمرار دراسته في الجامعاتالإسلامية في بلاد العروبة حتى تبعثه وتجدده يد العروبة مرة أخرى فينهضتها الحديثة والثانية تعهّد الشعور بالعروبة في صدر أبنائها وحراسةوحدتهم من أن تعبث بها دسائس الغزو والإستعمار وحفظ شخصيتهمالعربية من أن تتلاشى أمام أي لون من ألوان السيطرة الأجنبية حتى يجيءاليوم الذي يستيقظ فيه العرب ويتحررون من سلطان الدخيل ويستعيدونثقتهم بأنفسهم ويعودون إلى عناصر وحدتهم.‏ومن الاحظ لأول وهلة أن حركة التعريب التي تجمدت في عصورالإنحطاط بسبب توقف الإجتهاد اللغوي وانحسار العربية وانغلاقها فيقوالب محنطة عادت إلى النشاط من جديد حاا بدأت العربية تتجدد فيالقرن.‏ التاسع عشر ومنذ أن فشلت عملية التتريك التي استهدفت أول مااستهدفت القضاء على التعامل بالعربية سياسيا داخل الدولة العثمانية.‏وكان القرن ااضي ثل مرحلة انتقالية مورست خلالها الترجمة الأدبيةالثقافية من اللغت اسيطرت في الأقطار العربية نعني الفرنسيةوالإنجليزية اللت رافقتا ودعمتا الحضور الأجنبي والقهر اسلط علىالإمكانات الناشئة للنهضة العربية اتحفزة وذلك بقصد شل انطلاقتهاالحقيقية.‏ وكان السبق إلى الترجمة الشعرية والروائية واسرحية ظاهرةطغت على الأدب العربي الحديث فوقع إغفال النقل العلمي إلى ح لفائدةالتعريب الحضاري الشامل ردا على التتريك وأتاح ذلك فرصا متجددةلكي يتمكن الأديب والفنان العربي من الخلق والإبداع (٧٨) .137


الفكر التربوي العربي الحديثوكما كان التعريب في مواجهة مع التتريك تعريب الآداب والفنونالغربية وإلزامية التعليم الثانوي في مصر منذ مطلع القرن العشرينوتعريب كلية الطب في سورية منذ سنة ١٩١٩ مسبوقة بتعريب مدرسةالطب في مصر (١٨٢٦- ‎١٨٨٧‎‏)منذ عصر محمد علي كذلك كان التعريبالعلمي ردا على ظهور الغرب ظهر اتفوق علميا وتقنيا وهو الذي غزاالأقطار العربية فاهيمه الحضارية.‏ ولنلاحظ أن هذه اؤسسات تحققتفي جو متعسف من التتريك الذي لم يفرد العربية إلا ببعض ايادين التقليديةمحتكرا لنفسه التعليم وتكوين الأجيال باللغة التركية ذلك أن الوعي العلميالعربي تجسم منذ أن أسس مجمع دمشق سنة١٩١٩‎ و بعده مجمع القاهرةسنة ١٩٣٢ وتب أن الفاعلية العلمية انتقلة إلى العربية لن ترسخ إلابتطوير هذه اللغة وتدريسها بروح العصر ضمن مؤسسات علمية كدارالعلوم في مصر وجمعية العلماء في الجزائر وجمعية ابن خلدون فيتونس فصار الإرتباط واضحا ب التطور العلمي والتطور اللغوي التعليمي.‏ومصطفى الشهابي الذي رأس مجمع دمشق لاحظ أن اقررات في تدريسالطب مثلا تقدم بالعربية لكن الإختلاف يبدأ عند التنفيذ كأن تقدمالدروس الجاهزة بالفصحى والشروح ارتجلة بالعامية وحتى باللغة الأجنبيةفهل ترتب على ذلك انخفاض في مستوى اعرفة التي يكتسبها الطلاب ?كان الإقتناع الوارد الشائع أن الأساليب البالية التي تلقن بها العربية فياؤسسات التعليمية التقليدية ‏(طريقة الحفظ الشروح واتون)‏ سبب مانعلانتشار العلوم بالعربية.‏ وكان الأزهر مثالا حيا على عزوف الطلاب عناكتساب العربية بطرائق رديئة علق عليها ابن خلدون منذ القرن الرابععشروعلى الرغم من محاولات التحس التي ظهرت خلال القرن التاسععشر فقد بقى التعليم اللغوي العربي شفويا نظريا لا يستند إلى التدريباتوالتمارين اللغوية)تحرير بعد تعليم تركيب الجمل ( فاقتصر الطلاب علىحفظ خلاصات غامضة ليها عليهم اشايخ.‏ وقد تشعبت اعلومات اللغويةوالتبست عليهم بسبب ما يضاف إليها من شروح نحوية وبلاغية وغيرهامن استطرادات ويقابل هذا انهج السيء ما تقوم به اللغات الأجنبية منتشويقات لجلب اتعلم إلى تقبل اعلومات اللغوية بأساليب واضحة محفزة. (٧٩)138


الإتجاه القومي العربيترسخ القواعد في الأذهان بعد فهمها وإمكان استعمالها فورا حتى قيل إنالتعليم اللغوي الحديث اكتسى أغراضا نفعية عاجلة ذلك أن الدول الأخرىدأبت على تحبيب لغاتها وابتكرت لهذا الغرض أساليب تعليم جيدة فيح أن العربية لم تتحرك عالجة ما يعوقها ويقف في سبيل تطورها.‏ وقدأوضح ذلك علي الجارم في اؤر الثقافي العربي الأول قائلا:‏ ‏«كره الطلابالعربية وأرغموا على تعلمها إرغاما».‏ ذلك أن هذه اللغة بالإضافة إلى عقمأساليبها ما انفكت تنقل الأفكار القدة وتلقن بطريقة بالية لا تستجيبلرغائب الطلاب الذين انكبوا على مطالعة التآليف الأجنبية مفضلالإنفصال عن روائع الأدب العربي حتى أنه وجد تعريب مواز سايرة هذاالتيار ثل في العمل على نقل القصص الغربية بأحداثها وأبطالها وإقحامهافي محيط عربي بتعريب أسماء الأمكنة والأشخاصوالحقيقة أن النهضة العربية الحالية أثرت إلى درجة كبيرة على معجمافردات العربية.‏ وإننا نلحظ تحولا ضخما في العربية اكتوبة الآن عبراجمللات والكتب نستشف منه تقبلا رحبا للمفاهيم الحديثة الغربية الأصلوفي هذا دلالة على قابلية للتطور وتفنيد لكل فكرة عن عجز العربية عنمواكبة العصر.‏ وقد وصل الأمر في هذا الإحتضان إلى درجة أن العارفبالعربية القدة قد لا يفهم هذه العربية الجديدة.‏ ومن <strong>هنا</strong> نجد إلى حدما-قطعا للإستمرارية التاريخية التي تجعل العربي يفهم القرآن وأحدثما يصدر في دور النشر في آن واحد.‏وما تجدر ملاحظته أنه لا توجد لغة متخلفة من حيث الأساس وإا<strong>هنا</strong>ك شعب متخلف وآخر متحضر.‏ والشعوب اتخلفة تعكس نفسها علىلغتها فتضعف وتنهار.‏ وبالعكس كانت اللغة الصينية قبل ثورةالص لغة متخلفة وهانحن نجدها الآن قد تحولت إلى لغة حية يستخدمهاالصينيون في التعليم والبحث العلمي والشيء نفسه يقال بالنسبة للغةاليابانيةإن اللغة العربية قد جمدت وتخلفت عندما ابتعد العرب عن العلموتخلفوا حضاريا وفكريا وعندما كانوا عاكف على العلم غائص فيأعماقه تطورت اللغة العربية وفرضت نفسها على جميع البقاع اتحضرةوأصبحت معرفتها من الشروط الأساسية اطلوبة في الأوروبي اثقف.‏١٩٤٩ في. (٨٠). (٨١)139


الفكر التربوي العربي الحديثوأن حركة الترجمة عن العربية التي بدأت منذ القرن الثاني عشر ايلاديكانت أحد اعابر الرئيسة التي نقلت الحضارة العربية الإسلامية إلى الغربالأوروبي ومنطلقا للنهضة الأوروبية الحديثة بعد ذلك في القرن الخامسعشر.‏وانطلاقا ا تقدم لا يقبل سلطان الشاوي الإدعاء الذي يروج لهالإستعمار وأعداء الأمة من أن اللغة العربية متخلفة وقاصرة عن مواكبةالتطور العلمي الحديث بحجة افتقارها للمصطلحات العلمية الواضحةوالشاملة لفروع اعرفة العلمية اخملتلفة للأسباب التالية (٨٢) .- إن التراث العلمي العربي حافل صطلحات العلوم اخملتلفة وهذهاصطلحات ح تفرز وتنظم في جداول حسب مواضيعها بإمكانها أنتزود الدارس والباحث بكثير من الألفاظ التي يتلمسها للدلالة على معانجديدة عليه.‏ وتاز هذه الألفاظ على غيرها بأنها اكتسبت عبر تاريخاستعمالها في البيئة العربية دلالات وإيحاءات لا كن أن تكون لألفاظأخرى علاوة على أنها استخدمت في ظل حضارة وقيم عربية وطرائقعريقة في الحياة.‏- إن جهود اجملامع العلمية العربية والترجمة والتأليف في بعض الجامعاتالعربية قد أثمرت معاجم علمية تضمنت ألوفا من اصطلحات في مختلففروع اعرفة وتطبيقاتها.‏ وبالرغم من أن اعاجم اذكورة ليست جامعةللمصطلحات العلمية الحديث كافة إلا أنها تكون أساسا قويا ومنطلقالبدء حركة تعريب للعلوم فيما إذا صدق الإان بالتعريب.‏- لا كن للمصطلح العلمي أن يحيا بدون الإستعمال فالعمل العلميومصطلحه يسيران معا ولا يسبق أحدهما الأخر.‏ والتعريب عملية متحركةتنمو عبر امارسة التي تساعد على إيجاد اصطلحات العربية تدريجياوتستع صطلحات أجنبية إذا اقتضى الأمر ولكنها ترمي في النهايةإلى تحقيق التعريب الكامل عن طريق التشذيب والتنسيق اتواصل.‏لكن ما الجهود التي بذلت عن طريق اجملامع العربية والإتحادات والهيئاتاللسانية العربية التي تهتم باللغة العربية في العالم اعاصر ?إن مكتب تنسيق التعريب انبثق عن مؤر التعريب الأول الذي انعقدبالرباط في شهر أبريل سنة ١٩٦١ هو الذي وجد من أجل تنسيق جهود140


الإتجاه القومي العربيالأقطار العربية في ميدان التعريب تحت إشراف جامعة الدول العربية.‏ويهدف مكتب تنسيق التعريب إلى اساهمة في الجهود التي تبذل فيالوطن العربي للعناية بقضايا اللغة العربية ومواكبتها للعصر واستجابتهاطالبه وتتبع ما تنتهي إليه بحوث اجملامع اللغوية والعلماء ونشاط الأدباءواترجم وجمع ذلك كله وتنسيقه وتصنيفه هيدا لعرضه على مؤراتالتعريب حيث نجد في اؤر الثاني أنه اهتم بتوحيد مصطلحات التعليمالعلمي ‏(الكيمياء الجيولوجيا الرياضيات النبات الحيوان الفيزياء).‏ كماوحد اؤر الثالث اعاجم التي تهم التعليم العام وهي:‏ الجغرافية التاريخالفلسفة الفلك الرياضيات الصحة الإحصاء وأما الرابع فقد درسمشروعات معاجم التعليم اهني والتقني والتعليم العالي:‏ ‏(الطباعة ايكانيكاالتجارة المحاسبة النجارة الكهرباء الهندسة اعيارية النفطياتالجيولوجيا الحاسبات الإلكترونية).‏ ويقوم اكتب تابعة تنفيذ هذه اعاجمبالإتصال استمر بوزراء التربية والتعليم في الأقطار العربية وكافة الجهاتالتي يعنيها الأمر قصد الإلتزام باصطلحات الواردة في هذه اعاجم منقبل ادرس والكتاب واشتغل بالإعلام في كل أنحاء الوطن العربيوكما أشرنا من قبل فقد واجهت الجزائر وضعا لم ير بلد عربي مثلهفي الخطورة نوعية ودرجة ومن <strong>هنا</strong> فمنذ أن حصلت على استقلالها سنة١٩٦٢ انصب الإهتمام على تعريب التعليم ثم الإدارة في مرحلة تالية.‏ وكانتالنظرة إلى ادرسة في الجزائر ثابة الخلية التي تعد الأجيال الفتيةينبغي تأهيلها تأهيلا سليما بلغتها القومية وتغليب تلك اللغة وفرضها علىالواقع الإجتماعي.‏ لكن الوضع التربوي كان عسيرا جدا في بداية الإستقلالفصارت اواجهة مع اللغة الفرنسية في معركة التعريب شاقة فبدأتالإنطلاقة من لا شيء تقريبا.ورغم ذلك اتخذت القرارات الثورية الراميةإلى تطوير اللغة العربية من مرحلة تلقينية كلغة وطنية فحسب إلى مرحلةتعليم سائر اواد بهاوقد بدأ فعلا وجه ادرسة الإبتدائية الجزائرية يتغير منذ حلول اوسمالدراسي ١٩٩٣ فشرع بتعليم العربية في جميع أصناف ادارس عدلسبع ساعات في الأسبوع فكان ذلك خطوة حاسمة أولى ستتلوها خطواتكبرى رغم ما حصل من عجز فادح في اعلم‏.‏. (٨٣). (٨٤)/ ٦٢141


الفكر التربوي العربي الحديثقامت الجمهورية العربية اتحدة بدور كبير في سد جزء رئيس فيهوكذلك العجز في الإطارات اسيرة لشؤون التعليم وندرة الكتب ادرسية.‏ويستحيل علينا <strong>هنا</strong> استعراض تفاصيل عملية التعريب في الجزائر ومااعترض سبيلها من عقبات ‏(مدروسة)‏ أولت وجبها قوان التعريب حسبأهواء معينة أقامها أصحاب النفوذ اتشبعون بالثقافة الفرنسية وقد اعتبرواالعربية دون الفرنسية في التعليم وفي الإدارة فكان ذلك تعبيرا عما يجريفي خلد طبقة معينة تريد بسبب تكاسلها وبسبب ارتباطاتها أن تستمر فيتقليد مستعمريها إلى أجل غير محدود فجاء الرد على هذه ‏(النخبة)‏شديدا:‏ كن أن يقال-:لهذه الطوائف المحافظة التي شي على تخطيطاتما قبل الإستقلال-إن التعريب ليس اختيارا سياسيا من ب اختيارات متعددةولكنه فرض طبيعي فرضه واقعنا الإجتماعي.‏142


إتجاه التغريب4 إتجاه التغريبمعناه:‏منذ أكثر من قرن ونصف قرن كانت نقطةالبداية هي الشرارة التي انقدحت عند التقاء الثقافةالعربية بعد بيات شتوي دام نحو ثلاثمائة عامبالثقافة الأوروبية الحديثة وعندئذ اضطربتصفوفنا وانقسمنا مجموعات شتى كل منها يرىالخطأ فيما تراه الأخرى صوابا وهي مجموعاتلا تزال إلى يومنا هذا-بعد ما يزيد على قرن ونصفقرن-مشتتة الفكر متفرقة الرأي تتباين-وهيمتجاورة-تباين الألوان في طيف الشمسفمنهم من يقبل الغرب كله وتراثنا العربي كلهويحسب أن الجمع بينهما في تجاور أمر كنكما صنع العقاد ومنهم من يقبل الغرب كله وبعضالتراث العربي دون بعض كما صنع طه حسومنهم من يقبل التراث كله وبعض الثقافة الغربيةدون بعض كما صنع محمد عبده في قبوله العلومالحديثة ومنهم من يتحفظ في قبول التراث وفيقبول الغرب معا عنى أن يجري التعديل فيكليهما كما صنع أحمد أم ومنهم من يكاد يرفضالجانب معا فلا هو قد تعلم شيئا من التراثالعربي ليعرفه ولا هو يرضى بقبول الثقافة الغربية. (١)143


الفكر التربوي العربي الحديثكما هي خشية أن يقال إنه متنكر لأصوله وأمثال هؤلاء تراهم اليوم بكثرة. (٢)خليط متباين الخطوط كما ترى وهو خليط يدل على أننا لم نفق بعدمن هول الصدمة التي اصطدم بها الفكر العربي بالفكر الغربي الحديثولا عجب-إذن-أن ضي على بدء نهضتنا الحديثة أكثر من قرن ونصفقرن دون أن يكون ب أيدينا الصيغة الثقافية الجديدة التي نطمئن إليها.‏ونتج عن غياب هذه الصيغة أن أصبحت ردود أفعالنا لفروع الفكر الوافدإلينا من الغرب ردودا تختلف باختلاف اوضوع ومع ذلك فنحن في كلموضوع على حدة لا نلتقي جميعا على رأي واحد وحتى أكثر هذه اوضوعاتقبولا وهو العلم الحديث يادينه اخملتلفة فنحن إلى اليوم مختلفون تجاههمن عدة وجوه مختلفون في أمر تعريبه فمنا من يأخذ بالتعريب الكامللكل ايادين لكي نصب ثقافة العصر في لغة عربية فيجوز عندئذ للعربيأن يقول إنه يعيش عصره حقا.‏ ومنا من يريد أن يقصر التعريب علىميادين دون أخرى فلا بأس عند هؤلاء أن تظل موضوعات كالطب وبعضالعلوم الأخرى في لغة أوروبية-اللغة الإنجليزية بصفة خاصة-بحجة أن تلكالعلوم سريعة التغير ويتعذر على التعريب أن يلاحقهاونحن <strong>هنا</strong> نحب أن نفرق ب مصطلحي ‏(التغريب)‏ و ‏(التحديث)‏فالتغريب هو ذلك الإتجاه الذي يعبر فيه أصحابه عن ضرورة جعل ‏(الغرب)‏الحضاري هو ‏«انبع»‏ الرئيس الذي يجب أن تعب منه الثقافة العربيةاعاصرة ولا نبع سواه ونضيف إلى هؤلاء أيضا شريحة أخرى قريبة لاترى مانعا من السماح بهامش صغير يستفاد فيه من ‏«التراث العربيالإسلامي»‏ عن طريق عملية انتقاء ونقد تخضع للمنهج العلمي دون ماخوف من محافظ أو تقليدي‏.‏أما ‏(التحديث)‏ فهو اتجاه يعبر فيه أصحابه عن قبول التراث العربيالإسلامي كله مع تطعيمه ببعض العناصر انتقاة من الحضارة الغربية أوقبولهما معا مع إجراء تعديل وتحليل ونقد في كليهما من حيث العناصراخملتارة.‏وعملية ‏(التغريب)‏ لم تبدأ في أول الأمر إلا كعملية ‏«تحديث»‏ إلا أنبعضا من مفكرينا قد سار بهذا التحديث أشواطا بعيدة بحيث تحولت إلى. (٣)144


إتجاه التغريب‏(تغريب)‏ واضح مع استمرار البعض الآخر في السير على منهج التحديث.‏ولعل ما يبرهن لنا على ذلك أن الحملة الفرنسية على مصر وإن شكلتهزة عسكرية ماليك مصر كانت من القصر كما كان أثرها الإقتصاديمن الضعف بحيث لم تنجح في إضعاف ثقة اصري بنفسه أو ثقة اسلمفي سلامة عقيدته.‏ واستمر اصريون يعتقدون بأن دينهم هو أكثر الأديانكمالا وبأن لغتهم مقدسة لأنها لغة القرآن وظلت ذاكرتهم تعي أمجادالعرب وانتصارات وفتوحات اسلم الأوائل.‏ تقول عفاف لطفي السيد :‏«لقد رأى العلماء اصريون ‏(لدى الفرنسي‏)‏ كثيرا ا يثير إعجابهم إلاأنهم لم يجدوا إلا القليل ا يريدون تقليده أو تعلمه بل وحتى إعجابهمكان يقترن من ح لآخر بالشعور بالإحتقار كلما رأوا فشل بعض تجاربالفرنسي‏.‏ لقد كان الحاجز الذي يكوّنه الإسلام والشعور بالتفوق اتولدعن الإعتقاد فيه من الصلابة بحيث لم يكن ليحطمه هذا الإحتكاك قصيرالأمد»‏ (٤) .لقد عمل محمد علي دون شك على إدخال بعض عناصر الحضارةالأوروبية إلى البلاد الخاضعة لحكمه فأرسل البعثات الدراسية إلى أوروباواستقدم الخبراء من أوروبا لتحديث جيشه وصناعاته ولكن تلك الجهودكانت ‏«تحديثا»‏ أما ما جرى في عهد خلفائه أو في البلاد العربية الأخرىفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين فقد كان‏(تغريبا).‏ لقد كان الأوروبيون القادمون إلى مصر في عهد محمد عليأشخاصا يتميزون بوجه عام بدرجة عالية من الخبرة والكفاءة استقدمهممحمد علي لإصلاح نظام الري أو التعليم أو لإدخال فنون الحرب أو الصناعةالحديثة بعكس القادم من بعده من مغامرين أو مضارب أو مراب أوسماسرة.‏ وكثير ن استقدمهم محمد علي من أجانب اتخذوا مصر موطنالهم ولم يكونوا يعودون إلى أوروبا إلا اما واتحدت مصلحتهم الشخصيةصلحة مصر وحاكمها ولم يريدوا ولا استطاعوا أن يعيشوا عزل عنأهل البلد ولا حولوا بعض أحياء القاهرة أو الإسكندرية إلى ‏(أحياء أوروبية)‏بل عاشوا مثلما يعيش أهل البلاد يسكنون مثل مساكنهم ويلبسون لباسهمويأكلون مثل ما يأكلون.‏ أما البعثات الدراسية التي أرسلها محمد علي إلىأوروبا فقد خضعت لإشراف صارم حتى أنه ا التمس بعض أفرادها أن145


الفكر التربوي العربي الحديث. (٥)(٦)يسمح لهم بالتجول في أنحاء فرنسا للتعرف على ط الحياة الفرنسيةرفض محمد علي طلبهمعلى أنه مع تقدم القرن أصاب العرب بالتدريج شعور باذلة وفقدانالثقة بأنفسهم ودينهم ساعد على ذلك خضوع البلاد العربية واحدة بعدأخرى للإحتلال وزيادة عدد الأوروبي اقيم في البلاد العربية زيادةكبيرة مع تعهم بامتيازات لا تستند إلا إلى كونهم أوروبي وإلى حمايةالقناصلأسانيد التغريب:‏لعل أخطر الأسانيد التي استند إليها دعاة التغريب في مصر هي القولبأن مصر-عقلا وحضارة وتركيبا-جزء من التكوين الحضاري الأوروبيومن ثم فلا حرج <strong>هنا</strong>ك ولا تردد في الأخذ بكل ما أنجزته هذه الحضارة.‏من أهم هذه الدعوات ما جاء في مقالات سلامة موسى التي نشرتفي خلال سنتي ١٩٢٦٬١٩٢٥ ونشرت في كتاب بعنوان ‏(اليوم والغد)‏ سنة١٩٢٧ بعد إضافة مقال إليها.‏ يقول اؤلف في مقدمة كتابه‏«كلما ازددت خبرة وتجربة وثقافة توضحت أمامي أغراضي في الأدبكما أزاوله فهي تتلخص في أنه يجب علينا أن نخرج من آسيا وأن نلتحقبأوروبا فإني كلما زادت معرفتي بالشرق زادت كراهيتي له وشعوري بأنهغريب عني وكلما زادت معرفتي بأوروبا زاد حبي لها وتعلقي بها وزادشعوري بأنها مني وأنا منها.‏ هذا هو مذهبي الذي أعمل له طول حياتيسرا وجهرة فأنا كافر بالشرق مؤمن بالغرب».‏وهو يرى أنه قد آن الأوان لكي ‏«نعتاد الأوروبي ونلبس لباسهم ونأكلطعامهم ونصطنع أساليبهم في الحكومة والعائلة والإجتماع والصناعةوالزراعة»‏ بل هو ينكر على مصر شرقيتها ويزعم أن هذا الإسم إاجاءنا ‏«من أننا كنا تابع للدولة الرومانية الشرقية انفصلت عن الدولةالرومانية الغربية»‏ (٨) . وحقيقة الأمر عنده أننا غربيون ‏(فقد عشنا نحوألف سنة ونحن جزء من الدولة الرومانية ثم نحن في هيئة الوجه أوروبيون..‏والشعب الأول الذي سكن مصر لا يختلف البتة عن الشعب الذي كان يسكنأوروبا قبل ٤٠٠ سنة)‏ بل ضي في غلوه محاولا عقد صلات من القرابةب لغة مصر القدة وب اللغة الإنجليزية فيذهب إلى أن ‏(ب اصرية: (٧)146


١٣٠٠ سنة)‏ (١٠) .إتجاه التغريبالقدة والإنجليزية الراهنة مئات الألفاظ اشتركة لفظا ومعنى)‏ وأنحقيقة الأزهر أنه جامعة أوروبية أسسها رجل أوروبي هو جوهر ‏«الصقلي»‏. (٩)وتبلغ جرأة سلامة موسى حدا تجعله يذهب إلى الهجوم الشديد علىما يتصل بالدين ‏(ها نحن أولاء نجد أنفسنا الآن مترددين ب الشرقوالغرب لنا حكومة منظمة على الأساليب الأوروبية ولكن في وسط الحكومةأجساما شرقية مثل وزارة الأوقاف والمحاكم الشرعية تؤخر تقدم البلادولنا جامعة تبعث بيننا ثقافة العالم اتمدين ولكن كلية جامعة الأزهر تقفإلى جانبها تبثّ‏ بيننا ثقافة القرون اظلمة ولنا أفندية قد تفرنجوا لهمبيوت نظيفة ويقرؤون كتبا سليمة ولكن إلى جانبهم شيوخا لا يزالون يلبسونالجبب والقفاط ولا يتورعون من التوضؤ على قوارع الطرق في الأريافولا يزالون يسمون الأقباط واليهود ‏«كفارا»‏ كما كان يسميهم عمر بن الخطابقبلوعندما يؤرخ سلامة موسى لحياته يقرر أنه كان يشعر إزاء ما كانيقرؤه من نظريات غربية ‏(أن <strong>هنا</strong>ك آفاقا مغلقة يجب أن يكون همي واهتماميفي حياتي أن أفتحها)‏ وذلك بعد أن استقر عنده أن ‏(جهلي عميق وأنيفي مصر أعيش في حياة ذهنية صحراوية تقفر من التفكير الخصب)‏ولذلك قرر وهو في التاسعة عشرة من عمره أن يترك مصر ويرحل إلىأوروبا ‏(كي أبحث عن الحياة وأربي نفسي وأولد من جديد)‏ ويزيد علىذلك قوله ‏(أحست كأني أريد أن أنسى عن ظهر قلب كل ما سبق أنتعلمت وأن أمسح لوحة ذهني كي أنقش فيها اعارف التي أختارها بنفسي)‏. (١١)وعندما ذهب إلى باريس سنة ١٩٠٨ صدمه-كعادة معظم العرب الذينسافروا إلى أوروبا-وضع ارأة <strong>هنا</strong>ك:‏ ‏(كنت في مصر قبلالحجاب وأرتضي شعائره ولا أجد غرابة أو عيبا في التلميذات الصغيراتيدخلن ادرسة السنية الإبتدائية وعلى وجوههن براقع بيض.‏ وكنت أجدالفصل ب الجنس شيئا مألوفا والبيت في مصر خدر كامل ونساؤنامخدرات كاملات لكنه ا وجد اجملتمع الباريسي واختلط به ورأى فيهارأة الباريسية على حريتها وصراحتها وطلاقتها ‏(شعرت أن أفقا جديدا١٩٠٨ أعرف147


الفكر التربوي العربي الحديث(١٢)يتفتح أمامي)‏أما الدكتور طه حس فهو يحدد اشكلة أولا أمامه كما يلي:‏هل العقل اصري شرقي التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياءأم هل هو غربي التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياء?‏النتيجة التي يريد الخروج منها هي ‏(أن العقل اصري منذ عصورهالأولى عقل إن تأثر بشيء فإا يتأثر بالبحر الأبيض اتوسط وإن تبادلانافع على اختلافها فإا يتبادلها مع شعوب البحر الأبيض اتوسط)‏ويؤكد طه حس جازما بأن وحدة الدين ووحدة اللغة لا تبرران الوحدةالسياسية يقول ذلك بطبيعة الحال ليواجه قول كثيرين بأن مصر تشتركمع شعوب الشرق الأوسط في الدين واللغة ولا تشترك مع شعوب الجانبالأوروبي من البحر اتوسط يقول:‏ ‏(ومن المحقق أن تطور الحياة قد قضىمنذ عهد بعيد بأن وحدة الدين ووحدة اللغة لا تصلحان أساسا للوحدةالسياسية ولا قواما لتكوين الدول)‏وبعد أن يؤكد على صلة مصر وعضويتها في حضارة البحر اتوسطيتقدم الخطوة الخطيرة وهي ربطها بالحضارة الأوروبية ‏(فلا ينبغي أنيفهم اصري أن بينه وب الأوروبي فرقا عقليا قويا أو ضعيفا ولا ينبغيأن يفهم اصري أن الشرق الذي ذكره ‏(كيبلنج)‏ في بيته اشهور ‏(الشرقشرق والغرب غرب ولن يلتقيا)‏ يصدق عليه أو على وطنه العزيز ولا ينبغيأن يفهم اصري أن الكلمة التي قالها إسماعيل وجعل بها مصر جزءا منأوروبا قد كانت فنا من فنون التمدح أو لونا من ألوان افاخرة وإا كانتمصر دائما جزءا من أوروبا في كل ما يتصل بالحياة العقلية والثقافيةعلى اختلاف فروعها وألوانها)‏ويسوق طه حس عددا من مظاهر الحياة في مصر كي يؤكد على أننانسير على انهج الأوروبي في الابس والطرق الحديدية والتلغرافوالتليفون وطرائق الطعام وآدابه ووسائله بحيث نستطيع أن نقول ‏«إن مقياسرقي الأفراد والجماعات في الحياة اادية مهما تختلف الطبقات عندناإا هو حظنا من الأخذ بأسباب الحياة اادية الأوروبية»‏ (١٧) .والتعليم عندنا على أي نحو قد أقمنا صروحه ووضعنا مناهجه وبرامجهمنذ القرن ااضي ? ‏«على النحو الأوروبي الخالص ما في ذلك شك ولا(١٤)(١٣)(١٥). (١٦)148


. (١٨)إتجاه التغريبنزاع في أن نكون أبناءنا في مدارسنا الأولية والثانوية والعالية تكوينا أوروبيالا تشوبه شائبة فلو أن عقول آبائنا وأجدادنا كانت شرقية مخالفة فيجوهرها وطبيعتها للعقل الأوروبي فقد وضعنا في رؤوس أبنائنا عقولاأوروبية في جوهرها وطبيعتها وفي مذاهب تفكيرها وأنحاء حكمها علىالأشياء»‏وقد كان طبيعيا أن تثير آراء طه حس العديد من افكرين العربالآخرين ومن <strong>هنا</strong> نجد ساطع الحصري يتصدى ناقشة ‏(مستقبل الثقافةفي مصر).‏ إنه يؤيد قول طه حس بأنه لا فرق ب العقل اصري والعقلالأوروبي لكنه يستنكر قوله بألا فروق <strong>هنا</strong>ك ثقافية ب الشعوب التينشأت حول البحر اتوسط.‏ ‏«فمهما آمنت بالقضية الأولى إانا عميقافلا كنني أن أسلم بالقضية الثانية أبدا..‏ وأعتقد اعتقادا جازما أن إنكاروجود ‏«الفرق الثقافي»‏ ب الشعوب التي نشأت حول بحر الروم لا يختلفعن إنكار وجود الشمس في رابعة النهار»‏ (١٩) . بيد أن ساطع الحصري <strong>هنا</strong>يكتفي بالإستنكار دون أن يقدم الدليل الذي ينقض رأي طه حس اكتفاءبالإحساس العام الذي يلمسه كل إنسان حقا.‏ وهو يسير على نفس انطقتعليقا على رأي طه حس بأن ليس بيننا وب الأوروبي فرق في الجوهرولا في الطبع ولا في ازاج.‏كذلك ناقش ساطع الحصري سلامة موسى في انتقاده جهود ‏(الرابطةالشرقية)‏ حيث كتب يقول:‏ ‏(مثل هذه الجهود توهم الناس بأننا شرقيونوالواقع عكس ذلك فإننا نحن السوري والعراقي من حيث الدم سلالاتآرية أي غربية لا ت بأي صلة إلى الصيني والياباني‏).‏ وعلى الرغم منإقرار الحصري بعدم جدوى الرابطة الشرقية لإانه بالرابطة القومية إلاأنه يستهجن الإستناد إلى ‏(العرقية)‏ في مثل هذه الأبحاث ‏(فهل كل الأالغربية ‏«آرية»?‏ وهل جميع الأ الشرقية ‏«غير آرية»?‏ كلا!‏ فإن في أوروباعدة أ غير آرية مثل الهنغار والفنلندي والأستوني كما أن في آسياعددا غير قليل من الأ الآرية:‏ كالفرس والأفغان والهنود)‏وكان وذج اليابان بالذات مثيرا للكثيرين فهي دولة ‏(شرقية)‏ كانتعلى درجة كبيرة من التخلف لكنها استطاعت أن تطور نفسها إلى هذهالدرجة اذهلة.‏ من <strong>هنا</strong> يبدي توفيق الحكيم دهشته أن تستطيع اليابان. (٢٠)149


الفكر التربوي العربي الحديثذلك وهي تفصلها عن أوروبا قارات واسعة ومحيطات شاسعة ‏«في حأننا في مصر نقعد مواجه لأوروبا على الشاطئ الآخر من هذه البحيرةاسماة بالبحر الأبيض اتوسط.‏ ولولا هذه البحيرة أو البحر الصغير لكنامعها وكانت معنا قطعة واحدة».‏ ويخلص الحكيم إلى النتيجة الهامة:‏ نحنإذن أولى من غيرنا بأن نعرف كل ما يدور داخل العقل اتحرك بالأعاجيبأمامنا على الشاطئ الآخر»‏ (٢١) .وإذا كان طه حس وسلامة موسى قد أقاما دعواهما استنادا إلى‏(التماثل ب العقل اصري والعقل الأوروبي)‏ فقد كان <strong>هنا</strong>ك مبرر آخر كانهو الأكثر ظهورا في كتابات افكرين والأكثر وجاهة وهو يستند إلى‏(الجدوى)‏ و(الفائدة)‏ و(العلم)‏ فمن ذلك مثلا ما يذكره زكي نجيب محمودمن أنه لاحظ أثناء بعثته إلى إنجلترا أن السر وراء تقدم الإنجليز يكمن فياصطناعهم ‏(انهج الإستقرائي)‏ بينما نحن ما زلنا نسير على انهجالإستنباطي ويقصد بالإستنباطي منهجا يقيم الإستدلال على قضايا يفرضفيها الصواب وكثيرا ما تستقي تلك القضايا ا قاله الأقدمون.‏ وواضحأن النتائج التي تبنى على مقدمات ظنية تكون بدورها نتائج ظنية.‏ ويقصدبانهج الإستقرائي منهجا يستقر وقائع التجربة كما تشاهدها الحواسمشاهدة علمية.‏ فبالرغم من كونها نتائج احتمالية الصدق لا تبلغ حداليق الرياضي ‏(وهذا شأن قوان العلوم الطبيعية كلها)‏ إلا أنها تجيءمستقاة من الواقع ومنصبّة على الواقع وليست كنتائج الحالة السابقةتجيء من ‏(كلام)‏ وتنصّب على ‏(كلام)‏والنتيجة ? النتيجة هي ضرورة اصطناع انهج الإستقرائي الذي تسيرعليه النهضة الأوروبية.‏ ويزيد على هذا بأنه عندما عاد إلى مصر فيخريف عام ١٩٤٧ كان قد آمن ب ‏(وجوب الأخذ بروح الثقافة الأوروبيةاعاصرة)‏ويسوق زكي نجيب اعترافا خطيرا بأنه ح دعا إلى الأخذ بثقافةالغرب-والغرب في رأيه هو ‏«العصر»‏ لأنه هو صانع حضارة عصرنا-«كنتفي تلك الدعوة على كثير من التطرف لأنني عندئذ نظرت إلى الأمر منجانب واحد هو جانب ‏«العصرية»‏ التي لابد منها في إنسان اليوم لكننيأهملت الجانب الآخر الذي لا بد منه كذلك حفاظا من أي إنسان معاصر. (٢٢). (٢٣)150


. (٢٤). (٢٥). (٢٦)إتجاه التغريبعلى هويته <strong>الخاصة</strong> التي صنعها تاريخه فجاءت نظرتي إلى ‏«الثقافة»‏انشودة نظرة مبتورة تثبت جانبا وتهمل جانبا آخر»‏وأمام حشد كبير من مثقفي ومفكري العرب في مؤر هام بالكويتعقد في أبريل سنة ١٩٧٤ يقف زكي نجيب ليعلن بكل وضوح:‏ ‏«إما أن نعيشعصرنا بكل ما يقتضيه من أخلاق وإما أن نكون قادرين على تحريرهبحيث نعيد صياغته على مثالنا أما أن نتمرد عليه ثم نعجز عن تحوير أيشيء فيه فذلك حكم على أنفسنا وت حضاري»‏وإذا كان القول بوجوب أن نعيش حضارة العصر قولا عاما ا يستدعيالتساؤل عمن ثل هذه الحضارة?‏ فإن زكي نجيب لا يتركنا نعاني غموضاوقف وهو الرجل الذي حرص دائما على ‏(الوضوح)‏ فهو يقول بصراحة‏«إنه لعزيز على نفسي أن أقولها صريحة وإنه كذلك لعزيز على نفوسكم أنتسمعوها لكنه حق لا منجاة لنا عن مواجهته وهو أن وذج القياس إاهو الحياة العصرية كما تعاش اليوم في بعض أجزاء أوروبا وأمريكا فقدشاء الله أن يكون <strong>هنا</strong>ك اليوم ينبوع الحضارة كما كان ينبوعها في أرضناذات يوم»‏وزكي نجيب يبرر تطلعه إلى الحضارة الغربية لاتصافها بثلاث:‏ العلميةوالتقنية والنفعية ويتساءل الدكتور سهيل إدريس مستنكرا:‏ اذا يحصرنازكي نجيب ب اختيارين ? فإذا لم تعجبنا هذه الصفات لكونها غريبة علىثقافتنا اوروثة:‏ إما أن نلوي عنق العصر حتى نرى الدنيا بأعيننا وإما أنننسحب من العصر إلى حيث شئنا أن يكون الإختفاء إلى ستر الظلام ? إنأمامنا اختيارات أخرى اختيارات كثيرة ب العلمنة وحدها ‏«بافهوم الضيق»‏الذي طرحه زكي نجيب وب الإنسحاب من العصر.‏ ‏«إن أمامنا على الأقلاختيارا ثالثا هو تبني العلمنة فهوم واسع متطور يأخذ من الحضارةالقائمة أوروبية أمريكية كانت أم شرقية اشتراكية ويأخذ من التراث يحييمنه قيما كانت في أساس الحضارة العربية السابقة.‏ ما دام الدكتور زكينجيب محمود يقرّ‏ بوجود مثل هذه الحضارة ويطور معطيات حضاريةجديدة يستغلها لصالحه في استبقاء شخصيتها القومية وكينونتنا الإنسانيةالتي بها نستطيع أن نسهم بالحضارة القائمة إن لم نستطع خلق حضارةإنسانية جديدة»‏ (٢٧) .151


الفكر التربوي العربي الحديثأما الدكتور فؤاد زكريا فهو إذ يدعو إلى النهل من الثقافة الغربية بكلما نستطيع فإا يقيم دعواه على أساس يتشابه إلى حد ما مع ذلك الذيقال به طه حس وإن لم يغل غلوه فهو يستقر بعضا من وقائع التاريخليب من خلالها أن قد كان <strong>هنا</strong>ك دائما ط متكرر من الإتصال الحضاريب الشرق الأوسط وب الغرب ا فيه من أخذ وعطاء متعاقب يثبتلنا أن للعلاقة ب هذين الإقليم طابعا خاصا فريدا يندر أن نجد لهنظيرا في حالات الإتصال الحضاري الأخرى.‏ ويؤكد أن <strong>هنا</strong>ك أدلة ‏«لا شكفيها»‏ على أن ما وصل إليه الغرب في مرحلته الراهنة من تقدم إا كاننتيجة لتضافر حضارات الشرق الأوسط معه في العصور القدة والوسطىوأوائل العصور الحديثة (٢٨) .والنتيجة التي يخرج بها من هذا هي:‏ «.. فإذا كان الغرب في ارحلةالراهنة من تاريخ العالم متفوقا على غيره من الحضارات تفوقا لا شكفيه وإذا كان اثقفون انتمون إلى حضارات متعددة يجدون حرجا فيالأخذ عن حضارة غريبة اما عنهم كالحضارة الغربية فينبغي أن يخفهذا الحرج إلى حد بعيد عند اثقف انتم إلى الحضارة العربية وحضارةالشرق الأوسط بوجه عام إذ إنهم ح يأخذون اليوم عن الغرب فهم إايهتدون من جديد إلى كثير من العناصر التي سبق لبلادهم أن قدمتهاللغرب وإن تكن مصوغة في شكل جديد»‏ (٢٩) .تعليم العلوم الحديثة:‏وإذا ما أردنا أن نفتش عن آثار ‏(التغريب)‏ على الفكر التربوي العربيفسوف نجد علامة إيجابية لابد أن تتصدر غيرها ألا وهي جذب الإهتمامنحو تعليم العلوم الحديثة واستنفار الهمم والجهود في الأخذ من الغرببقدر الطاقة.‏وعندما قرعت الحملة الفرنسية أبواب مصر والشام كان اسرح بصفةعامة لا يسمع على خشبته صوت لهذه العلوم لكن هذا لا يجعلنا نغضالطرف عن ‏(أضواء خافتة)‏ حدثنا عنها الجبرتي عندما أشار إلى أن والدهالشيخ حسن الجبرتي كان متمكنا من علوم الفلك وكذلك ما ذكره عنالعالم ااهر الشيخ مصطفى الخياط ‏(اتوفى سنة ١٢٠٣ ه).‏ وكان العلماء152


. (٣٠). (٣١)إتجاه التغريبفي ذلك العصر لا يكتفون طالعة مصنفات الفلك بل يذهبون خطوة أبعدفي التطبيق العملي.‏ فقد كان للشيخ أبي عبد الله التاودي عالم اغربولدان أحضرهما معه إلى مصر ثم تركهما فترة من الزمن في رعايةالشيخ حسن الجبرتي والد مؤرخنا وكانا رفيق لعبد الرحمن اؤرخومعهم الشيخ أحمد السوسي وسالم القيرواني ويحدثنا اؤرخ عن ذكرياتهمعهم قائلا:‏ ‏(فكنا نطالع معهم سوية ونسهر غالب الليل نراعي اطالعواغارب ورات الكواكب بالسطح حذاء خيط اساترة ونراجع الشيخ-‏يريد والده الجبرتي الكبير-فيما يشكل علينا فهمه)‏لكن الاحظ أن مثل هذه الإهتمامات ‏(العلمية)‏ لم تقم على ‏(انهجالعلمي)‏ اعروف بأصوله وقواعده لافتقادهم إمكانات التجريب ووسائلهفوقفت عند حد الخبرة العملية ودقة النظر والاحظة الشخصية غيراضبوطة علميا.‏ وقد اتصل العطار بالفرنسي إبان الحملة الفرنسيةليعلم أحدهم اللغة العربية فكان يستفيد منهم الفنون استعملة في بلادهمفيما يقول علي مبارك وقد أشار العطار نفسه إلى ذلك في مقامته إن جازأن نعتبرها مصدرا وإن غضضنا الطرف عن فكرة أنه ساقها على لسانراو صديق يقول في موضع منها معددا الكتب التي رآها عند الفرنسي‏:‏‏«وكلها في العلوم الرياضية والأدبية وأطلعوني على آلات فلكية وهندسية».‏وإلى جانب صلة العطار بالفرنسي في مكتباتهم ومصانعهم فقد كانللعطار ولع بقراءة الكتب اترجمة عن اللغات الأوروبية خاصة في علميالتاريخ والجغرافية حتى اشتهر عنه ذلكوالشيخ العطار لم يقتصر في دعوته على مجرد التبشير بأفكارهالإصلاحية وإا أردف القول بالعمل فإلى جانب تدريسه وتأليفه فيالعلوم العربية نجده يكتب في انطق والفلك والطب والطبيعة والكيمياءوالهندسة.‏ يتضح لنا ذلك من قائمة مطبوعاته ومن إشاراته إلى إعجابها رأى عند الفرنسي وخاصة تحويلهم علومهم إلى عمل.‏ وفضلا عنذلك فإن استعراض قائمة مطبوعات بولاق حتى سنة ١٨٣٥ تدل على أنعددا وافرا من اطبوعات في جميع اواد اذكورة قد طبع بل إن العطاركان يتردد على ارصد الذي أنشأه الفرنسيون كما ‏(كان يرسم بيده ازاولالنهارية والليلية).‏ وقد حفلت شروح الرجل وحواشيه على الكتب اخملتلفة153


الفكر التربوي العربي الحديثبتعليقات في كافة العلوم الطبيعية والإجتماعية والإنسانية (٣٢) .وعندما أدرك محمد علي حاجة اجملتمع اصري إلى التغيير كانتاشكلة التي برزت أمامه هي اصدر الذي سيستمد منه عناصر التغييروعوامله:‏ هل كن الإعتماد على ثقافة البلاد في التغيير وخلق الجيلالذي سيقوم بالتغيير?‏ لقد علمنا من مواضع أخرى سابقة مبلغ ما كانتعليه هذه الثقافة من جمود وما كانت تعانيه من افتقار شديد إلى علومالعصر ومناهجه (٣٣) . ولم يكن الكتاب والجامع ينفعان في خلق الجيلاطلوب لإحداث التغيير فقد مضى عليهما زهاء ستة قرون ولم ينتجا-‏بوضعهما الذي صارا عليه-هذا النوع من الناس ولم تكن كتب اللغة والدينتكفي لتكوين تلك اهارات فقد قرأتها الأجيال اتعاقبة قرونا دون أنتكتسبها بل لقد كان الإقتصار على هذه الكتب من وسائل جمود الفكرومن ثم من وسائل جمود اجملتمع.‏وتحول زعماء البلاد بذلك من الفلسفة الإجتماعية إلى الفلسفة التربويةوجعلوا مدخلهم إلى القوة اادية عن طريق القوة الفكرية وجعلوا وسيلتهمإلى ذلك معاهد العلم الحديث وكتبه بدلا من العادة والتقليد وترتب علىذلك إنشاء نظام تعليم حديث لا تكون دراسة الدين فيه غاية لذاتها بلوسيلة إلى الإان والعقيدة التي لا تصد عن هذه الحياة وإا تكون قوةدافعة تتضمن النجاح فيها ولا تكون دراسة اللغة في ذاتها بل وسيلة إلىاعرفة الحقة بعلوم الكون وعلوم الحياة بنظام يجمع إلى اللغة والديندراسات أخرى في العلوم الحديثة وفي الصناعة تكون قادرة على خلق ذلكالجيل القوي الذي يستطيع أن يبني اجملتمع الحديثوكان لاتجاه محمد علي إلى إيفاد البعثات سنة ١٨٠٩ و‎١٨١٣‎ إلى إيطاليامغزى لا تخفى دلالته إذ إنه يشير إلى الجهة التي صوب محمد عليأنظاره نحوها لينقل عنها ثقافة الغرب إلى مصر.كما أن لهذا الإتجاهابكر صوب إيطاليا دلالة أخرى تقيم الحجة على أن الباشا لم يكن مدفوعاإلى التزود من الثقافة الغربية وإيفاد البعوث إلى أوروبا بوحي من الفرنسي. (٣٥)ومن أهم البعثات التي أرسلت بعد ذلك البعثة التي أرسلت إلى فرنساسنة ١٨٢٦. ويذكر كلوت بك أن مديرها حصل بعد مضي سنة أوسنت من. (٣٤)154


. (٢٦)إتجاه التغريبتكوينها على نتائج جليلة ومزايا نافعة بتهيئته أحد عشر طالبا من أولئكالشبان لدرس أساليب الإدارة العسكرية وادنية والسياسية وثمانية لتعلمفن البحر والهندسة العسكرية وادفعية واثن لاستقصاء علوم الطبوالجراحة وخمسة لدرس الزراعة واعادن والتاريخ الطبيعي وأربعةلتحصيل العلوم الكيميائية وأربعة مارسة فن الإيدروليك وصب اعادنوثلاثة باشرة الحفر في اعادن والطباعة وواحد لإتقان فن الترجمةوآخر لإجادة فن العمارةوالذي يستقر ‏(أنواع)‏ ادارس التي أقامها محمد علي في مصر سوفيجد أن معظمها يدور حول علوم العصر وفنونهوفي مقدمة الطهطاوي لكتابه ‏(تخليص الإبريز)‏ يب لنا الأسباب التيأدت به إلى السفر إلى فرنسا ‏(التي هي ديار كفر وعناد).‏ يتب لنا منقراءتها مدى الحماس الذي كان يشتعل به قلب الطهطاوي لتعلم العلومالحديثة والإستعانة بالغرب في ذلك لأن البلدان الغربية ‏«قد بلغت أقصىمراتب البراعة في العلوم الطبيعية والرياضية وما وراء الطبيعة أصولهاوفروعها»‏ وهو لكي يشرك الآخرين من جماهير اسلم في مثل الحماس-‏يذهب إلى أن ما عرفته البلاد الإسلامية من دن وعمران في عهدالخلفاء ‏«يرجع إلى أن الخلفاء كانوا يعينون العلماء وأرباب الفنون وغيرهم».‏ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ‏«إن منهم من كان يشتغل بها بنفسه»‏ (٣٨)ويشير الطهطاوي إلى الحديث القائل ‏(الحكمة ضالة اؤمن يطلبها ولوفي أهل الشرك وكذلك اطلبوا العلم ولو في الص‏).‏ ومن اعلوم أن أهلالص وثنيون وإذن فلا بد من السفر لطلب العلم وخاصة من تلك البلدانالتي قطعت شوطا طويلا في مضمار التقدم العلمي لا سيما ‏(وأن هذهالعلوم الحكمية العملية التي يظهر الآن أنها أجنبية هي علوم إسلامية نقلهاالأجانب إلى لغاتهم من الكتب العربية ولم تزل كتبها إلى الآن في خزائنملوك الإسلام كالذخيرة بل ما زال يتشبث بقراءتها ودراستها من أهلأوروبا حكماء الأزمنة الأخيرة (٣٩) .أما محمد علي فقد أكّد على أن العلوم الحديثة هي الوسيلة التي لاوسيلة بعدها في الحصول على القوة والقوة هي التي تحمي الدولة وتقومبها ومن ثم يجد فيها الدين حماية وطاقة يقول ‏(إنه لا دين إلا بدولة ولا. (٣٧)155


الفكر التربوي العربي الحديثدولة إلا بصولة ولا صولة إلاّ‏ بقوة ولا قوة إلا بثروة وليس للدولة تجارةوصناعة وإا ثروتها بثروة أهاليها ولا كن ثروة الأهالي إلا بنشر العلومفيما بينهم حتى يتبينوا طرائق الإكتساب)‏وقد يتصور البعض أن ذلك ليس دليلا على مناداة محمد عبده بالعلومالحديثة لكننا لو تابعنا النص فسوت نجد أنه يتحدث عن آلات الحربالحديثة ومن اعروف أن مثل تلك الآلات لا تتأتى بالأشعار والدعواتوبيارق الصوفية وحكايات ألف ليلة وليلة ‏(وقد ولّت أزمنة كان التحاربفيها بالأخشاب والنبال والسهام وخزف الجبال وما أشبه ذلك ا كانكن استحصاله بزهيد القيم وحضرنا زمان نضطر فيه إلى اراكبادرعة ومدافع ‏(اتراليوز)‏ و(اكروب)‏ وبنادق الإبرة وغير ذلك منالأسلحة التي تجددت وستجدد فيما بعد ثم يقول:‏ ‏(وكيف نتمكن من حفظملتنا ودولتنا وديننا من شرر هذه النيران بدون أن يكون عندنا ما اثلهاإن لم نقل ما يزيد عنها وهل كن استحصالها بالخرز والخزف أونص الحديث الشريف ورد في س ابن ماجه هو ‏«الكلمة الحكمة ضالةاؤمن حيث ما وجدها فهو أحق بها».‏ ‏[اصحح].‏بداني الحرف ? كلا..‏ بل لا بد من أن تؤتى البيوت من أبوابها وتطلباسببات من أسبابها فلا بد من البحث عن وجوه الإكتساب من وجهالصواب والإستضاءة بنور اعرفة)‏أما بلاد الشام والعراق وغيرهما من أقطار آسيا العربية التي كانتجزءا من الدولة العثمانية فقد تخلفت عن مصر في التعرف على انجزاتالعلمية الغربية وإنشاء ادارس واعاهد التي تدرس العلوم العصرية فالطبفي الدولة العثمانية لم يخرج على نظام الطب التجريبي بل اقتصرت علىالحشائش واعادن اركبة.‏ واعتقدت جماهير العامة بالتعاويذ والحجبكعلاج فعال للأمراض وخاصة الأمراض العصابية والنفسية واعتبرت الكيآخر الدواء عندما لا تجدي الرسائل والأدوية الأخرى (٤٢) .وبدأ الطب الحديث يدخل الدولة العثمانية حينما أنشئ ‏(مكتب طبيعسكري شاهاني سنة ١٨٢٦) في الأستانة في عهد السلطان محمود الثانيفكان ثابة أول كلية للطب في الدولة العثمانية وكان معظم الأساتذة منالأوروبي والفرنسي منهم بشكل خاص.‏ أما مدرسة الطب في دمشق. (٤٠). (٤١)156


إتجاه التغريبفقد أنشئت سنة ١٩٠١ وكانت على مثال مدرسة الطب في الآستانة منحيث تنظيمها والدراسة فيهاولحقت بها فيما بعد مدرسة للصيدلة وبلغعدد طلبة ادرست سنة ١٩١٤ نحو مائة طالب وكانت تدرس باللغة التركية. (٤٣)غير أن ادارس التبشيرية في آسيا العربية سبقت ادارس الرسميةالعثمانية فقد أنشئت مدرسة الطب والصيدلة كجزء من الكلية السوريةالإنجيلية ‏(الجامعة الأمريكية)‏ في بيروت سنة ١٨٦٧ وبدأت التدريس بالعربيةحتى سنة ١٨٨٧ ثم أصبح بعد ذلك باللغة الإنجليزية.‏ وكانت دراسة الطبفيها لأربع سنوات.‏ وقد بدأت ادرسة بأربعة عشر طالبا ولم يتجاوز عددالطلبة الخمس حتى سنة ١٨٩٩ ثم زاد تدريجيا حتى بلغ مائة وعشرينطالبا سنة ١٩٠٩. أما عدد خريجي ادرسة ب ١٨٧١ و‎١٩٠٧‎ فلم يزد عنخريجا من بلاد الشام (٧٥) خريجا من مصر وثلاثة من العراق و‎٦٤‎ منبقية ولايات الدولة العثمانية (٤٤) .وأنشئت كلية للطب والصيدلة في بيروت سنة بادرة ١٨٨٣ من الآباءاليسوعي كجزء من جامعة القديس يوسف.‏ وكانت في بداية الأمر نحدبلوما في الطب بعد دراسة ثلاث سنوات ثم أصبحت سنوات التدريسأربعا اعتبارا من سنة١٨٨٧‎ وأصبحت اللجنة الفاحصة تأتي من فرنسا منأجل امتحان الدكتوراه في الطب منذ سنة١٨٩٥‎وبذلك غدت شهادة الكليةمعادلة لشهادة الطب التي نحها الجامعات الفرنسية (٤٥) .ويذكر جرجي زيدان من أساتذة ادرسة الكلية الأمريكية في بيروتالذين اشتغلوا بنقل العلوم العصرية / الدكتور كرنيليوس فانديك (١٨١٨-١٨٩٥) ألّف في الجبر واقابلة والهندسة واثلثات وسلك البحار والطبيعياتوالجغرافية قبل إنشاء ادرسة فلما أنشئت عينوه أستاذا فيها يعلم الكيمياءوالفلك والظواهر الجوية والباثولوجيا وكان يؤلف هذه الكتب للتلاميذ١٥٤. (٤٦)وكذلك الدكتور يوحنا ورتبات ‏(توفي سنة ١٩٠٨) كان مبشرا أتقن الطبوع أستاذا في ادرسة الكلية لتعليم التشريح والفسيولوجيا فألف فيهماوفي غيرهما كتبا مفيدة.‏وأسعد الشدودي ‏(توفي سنة ١٩٠٦) تولى تدريس الرياضيات في ادرسة157


الفكر التربوي العربي الحديثاذكورة ثم تولى تدريس العلوم الطبيعية فألف ‏(العروس البديعة في علمالطبيعة)..‏ وغير هذا وذاك من العلماءولشبلي شميل كلام مطول عن أهمية دراسة وتدريس العلوم الطبيعيةوخاصة في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه ‏(فلسفة النشوء والإرتقاء)‏ فهويذهب إلى أن ‏(العلوم الطبيعية هي أم العلوم الحقيقية ويقتضي أن تكون أمالعلوم البشرية كافة وأن تقدم على كل شيء وأن تدخل في تعليم كل شيءوإذا علمنا أن دائرة معارف الإنسان الطبيعية لم تتسع بعض الشيء (٤٨)وأن قوى الطبيعة لم تربط بعضها ببعض بعض الربط إلا في القرن ااضيورأيت ارتقاء الإنسان السريع خصوصا في الربع الأخير منه ‏(فبدت لكأهمية العلوم الطبيعية).‏وعندما درست العلوم الطبيعية في ادارس الإبتدائية سميت في مصر‏(مشاهد الطبيعة والأشياء).‏ وقد حرصت وزارة ‏(اعارف)‏ أن ترسم علميهذه اادة بعضا من اباد والقواعد التي ينبغي أن يسير عليه تدريسهانذكر منها (٤٩) :١- يجب استحضار الشيء نفسه في الفصل أثناء الدرس كلما استطاعاعلم إلى ذلك سبيلا نباتا كان أو حيوانا أو معدنا.‏ فإن كان الشيء ا لاكن استحضاره بالفرقة وجب حث الأطفال على التأمل فيه في غيرأوقات ادرسة.‏ وعلى كل حال فادار في هذه الدروس على اعتماد الأطفالفي اكتساب معلوماتهم على أنفسهم لا على الكتب أو ما يقوله اعلم.‏وللصور والنماذج أثرها في تكميل ملاحظات الأطفال.‏ ولكن ينبغي ألاتعتبر ثابة بديل كاف عن الشيء نفسه وخير للطفل أن يصف ما رآهبنفسه في حيوان مثلا خارج ادرسة من أن يصف صورة ذلك الحيوان.‏٢- يجب أن يستعان بدروس التأمل في مشاهد الطبيعة على تربيةالأطفال على الاحظة والتفكير والتعبير عن أفكارهم.‏ أما مجرد تلقينهماعلومات كيفما كانت فليس له من شأن سوى انزلة الثانية.‏٣- لا ينبغي الإقتصار في إعداد الدروس على اعلومات اعروفة فيالكتب بل يجب أن تبنى كل الدروس على ما يلاحظه التلاميذ أو اعلمشخصيا.‏ أما إذا كان ما يتعلمه التلاميذ مقصورا على ما يطالعونه فيالكتب أو ما يكتب لهم على السبورة فإن الدروس لا تكون حقيقة بالإسم. (٤٧)158


إتجاه التغريبالذي وضع لها بالرغم من الفائدة العلمية التي تكون للمعلومات ذاتها.‏٤- ليس من الضروري إعطاء الدروس بالترتيب الوارد نهج الدراسةبل يجب توخي أنسب الأوقات لاستحضار النماذج اللازمة وإعطاء الدروسفي تلك الأوقات.‏٥- في دراسة النبات والحيوان يجب البدء بالأجزاء والصفات والعاداتالتي يهتم بها الأطفال أكثر من غيرها ويؤجل للنهاية ما يصعب عليهمملاحظته وفهمه.‏ ويجب الإقلال من مجرد التلق ومساعدة الأطفالبالأسئلة الائمة على أن يستكشفوا بأنفسهم الحقائق اخملتصة وضوعالدرس وتكتب عناصر الدرس اهمة على السبورة مع اجتناب الجملاطولة.‏والحق إن المحلل ليدهش لهذا استوى العميق من النظر التربوي السليمفي هذه الفترة وإن كنا نعلم أيضا من استقراء التاريخ التعليمي أن ‏(الواقعالتعليمي)‏ لم يكن على نفس الدرجة من العمق والإحاطة والعلمية.‏ولعل أهم مظهر للإقبال على تعلم العلوم الحديثة وتعليمها هو الجهودالتي بذلت لإدخالها معقل التعليم الديني في مصر وهو الأزهر ذلك أنالراغب في إصلاح التعليم وتجديده فكروا في حيلة تعفيهم من تهمةالتهجم على حرمة اسجد وتقاليد الدين فاتفقوا على استفتاء شيخ الأزهرومفتي الديار اصرية في مسألة العلوم التي يجوز تدريسها ولا تعتبرالعناية بها في أماكن العبادة مخالفة للتقاليد الإسلامية وكلفوا عاا تونسيافاضلا هو الأستاذ محمد بيرم أشهر علماء الزيتونة في عصره-أن يتوجهبهذا الإستفتاء إلى الشيخ محمد الأنبابي شيخ الجامع يومذاك (١٣٠٥ ه-‏١٨٨٧ م)‏ فكتب إليه بعد هيد وجيز (٥٠)«... ما قولكم رضي الله عنكم:‏ هل يجوز تعلم اسلم للعلوم الرياضيةمثل الهندسة والحساب والهيئة والطبيعيات وتركيب الأجزاء اعبر عنهابالكيمياء وغيرها من سائر اعارف لا سيما ما يتبنى عليه منها من زيادةالقوة في الأمة ا تجاري به الأ اعاصرة لها في كل ما يشمله الأمربالإستعداد?‏ بل هل يجب بعض تلك العلوم على طائفة من الأمة عنى أنيكون واجبا وجوبا كفائيا على نحو من التفصيل الذي ذكره فيها الإمامحجة الإسلام الغزالي في إحياء العلوم ونقله علماء الحنفية أيضا وأقرّوه159


الفكر التربوي العربي الحديثوإذا كان الحكم فيها كذلك فهل يجوز قراءتها مثل ما تجوز قراءة العلومالآلية من نحو وغيره الرائجة الآن بالجامع الأزهر وجامع الزيتونة والقروير..‏أفيدوا الجواب».‏وكان جواب الشيخ الأنبابي متحفظا في فتواهوقد ساء ذلك كثيرا من الكتاب وافكرين حيث إن هذه الفتوى لم تؤدإلى الغرض منها وإن كان العقاد قد نظر إليها بتفاؤل إذ يرى أنها فتحتالباب فيما أباحته للتفرقة ب طريقة وطريقة وغاية وغاية.‏ ولا سيما فيانطق والطبيعيات فلا يشق على اعارض في تدريس علم منها أن يؤجلتدريسه على الأقل إلى أن يثبت خلوص الكتاب اقرر من الشوائب امنوعةوابتعاد مدرسه عن مذهب الفلاسفة أو مذهب انجم ولا يصعب علىاعترض أن يحسب الأنباء عن مواعيد الكسوف والخسوف والقرانات الفلكيةالمحققة افتيانا على الغيب لجواز الخطأ فيها على الناظر كما جاء فيالفتوى.‏وتلك كانت النية منذ أن صدرت الفتوى اضطرارا بهذا التحفظ والتقييدفإن الشيخ قد أصدرها وهو ينوي تعطيل برنامج الإصلاح بأمثال هذهالحجج التي لا تعيي أحدا يريدها بعد السير في خطوات التنفيذ العملية. (٥٢)وللدكتور أحمد زكي العالم الكيميائي والأديب الذي رأس تحرير مجلةالعربي الكويتية نقدا استطاع فيه أن ‏(يعري)‏ واقع تعليم العلوم الطبيعية إذليست اسألة مسألة مطالبة بها ومدح لها وتقريظ ولكن اسألة الأهمهي أن تكون في وضعية نتمكن عندها من أن نفيد بها فتتحول بالفعل إلىطاقة تقدم وتطوير.‏ويتجه نقد الدكتور أحمد زكي إلى واقع العلوم الطبيعية في تعليمنا منجوانب ثلاثة (٥٣) :أولها يتصل بالكم وهو قسمة الزمن ب العلوم الطبيعية والعلومالإنسانية.‏ وثانيها يتصل بالكيف وهو أن تدريس العلوم لم يؤبه لوسائلهباقدار الذي يتناسب مع خطره في الحياة الحاضرة.‏ وثالثهما:‏ أن دراسةالعلوم تنتهي اليوم (١٩٤٥) في العادة عندما انتهت إليه دراستها منذ عقود.‏أما عن قسمة الزمن ب العلوم وغيرها من الدراسات فهي التي يسميها. (٥١)160


إتجاه التغريبمجمع اللغة بالقسمة الضيزى ولهذا أسباب:‏ منها أن التقليد جرى منقد بذلك ومنها أن حاجات الحياة التي تستجد لا تحس في ادارس ولاترن أصداؤها ب جدران اعاهد إلا بعد فترات تقصر وتطول تبعا لنصيبالأ من اليقظة وتوثبها للحياة ومنها أن وزارة ‏(اعارف)‏ حتى الأمسغير البعيد كان يسيطر عليها ذلك النفر الذي يسمونه خريج الآداب وكانيرى أن مسألة توزيع الزمن على الدراسات تتعلق قبل كل شيء بكرامةأربابها ولقد حضر أحمد زكي لجانا من تلك اللجان التي ترسم فيهاالخطط وعرف كيف يساجل فيها رب التاريخ رب الطبيعة وكيف يناهضصاحب الجغرافية صاحب الكيمياء فكانت كأحسن ما تكون الأسواق مزايدةعلى بضاعة.‏أما أن تدريس العلوم لا يعنى به عناية تتناسب مع أخطارها فيستدلعليه إجمالا من زيارة اعامل.‏ فاعامل محاضن العلم وهي محاضن العلماءوافروض ألا نرى درسا في العلم يلقى في غير معمل.‏ ومعامل ادارس فيتلك الفترة لا يسر كثيرها سواء منها ما كان حكوميا وما كان أهليا.‏ وهيمعامل خلقت لإيضاح حد أدنى من حقائق تجوز بالطالب باب الإمتحانسواء اتضحت له كلها أو لم تتضح.‏ ولم يكن فيها شيء يوقظ في الطالبحب العلم بل حتى التحمس له والنبوغ فيه.‏وتدخل اعامل سنة١٩١٥‎وتدخلها سنة١٩٤٥‎ فلا ترى في الذي ترىفرقا هذا على فرض استكمال اعمل أداة ومادة وهذا يؤدي بنا إلى ثالثما يأخذه أحمد زكي على تربية هذه الفترة من حيث هي رسالة العلم إلىالناس.‏ والأمر الثالث هو أن دراسة العلوم تنتهي سنة‎١٩٤٥‎ عندما انتهتإليها قبل ذلك بعقود.‏تعلم اللغات الأجنبية والتعليم بها:‏الفرق ب تعلم اللغات الأجنبية والتعليم بها هو الفرق ب ‏(التحديث)‏و ‏(التغريب)‏ إذ إن أحدا لا يستطيع أن يجادل في أهمية وضرورة تعلموتعليم اللغات الأجنبية فهذا هو سبيل رئيس للإطلاع على جوانب الحضارةالغربية والإستفادة منها سواء عن طريق الكتب أو الزيارات أو غير هذاوذاك من وسائل الإتصال وسبل التفاعل الحضاري.‏ لكن الإنتقال من هذه161


الفكر التربوي العربي الحديثالخطوة إلى جعل اللغة الأجنبية هي اللغة التي يتعلم بها التلاميذ كل أومعظم اقررات الدراسية فهذا سبيل خطير ‏«يخلع»‏ اواطن من تربتهالثقافية ليجعله نبتا ثقافيا أجنبيا.‏وكانت اللغة الأجنبية التي حظيت ببداية اهتمام محمد علي هي اللغةالإيطالية والسبب في ذلك أن اهتمام الإنجليز صر في ذلك الوقت كانلا يزال في بدايته فلم يعنوا بنشر ثقافتهم ب أهلها ولم تكن لهم فيهاجالية كبيرة ولكن الأمر كان على عكس ذلك بالنسبة لفرنسا فقد كانتالروابط بينها وب مصر لا تزال قائمة على الرغم من جلاء الفرنسيعنها.‏وأتيح لمحمد علي نفسه أن يتصل بالفرنسي عندما اشترك في بعضاعارك التي أسفرت في النهاية عن طردهم.‏ ولم يكف الفرنسيون عنالسعي وخاصة منذ حوادث سنة ١٨٠٧ عن توطيد علاقاتهم معه ولكنه آثرإرجاء العمل على توثيق هذه العلاقات إذ إنه لم يكن قد مضى على انتهاءالإحتلال الفرنسي سوى سنوات معدودات.‏ أما إيطاليا فكانت تربط بينهاوب مصر في ذلك الح روابط وثيقة ترجع إلى ماض بعيد فكان طبيعياوالحال كذلك أن تصبح الإيطالية أولى اللغات الأجنبية التي يقرر محمدعلي تدريسها في مدارسه وتترجم إليها الكتب من سائر اللغاتولكن ذلك كله تغير فيما بعد خاصة بعد انهيار الإمبراطورية الأولىفي فرنسا ونزوح كثير من الفرنسي إلى مصر والتحاق كثير منهم بخدمةمحمد علي ا جعل من فرنسا اصدر الرئيس في مد اجملتمع اصريبعناصر التغير الثقافي اخملتلفة وكان لذلك أثره في أن تحتل اللغة الفرنسيةمكانا بارزا في مواد التعليم اصري.‏ولعل في إنشاء مدرسة ‏(الألسن)‏ برهانا قويا في إدراك أهمية اللغاتوتعلمها.‏ وقد تعرض اشروع والذي عرف ب ‏(تقرير قومسيون اعارف)‏سنة ناقشة ١٨٨٠ قضية تعليم اللغات الأجنبية وشملت مناقشاته الآراءالآتية <strong>الخاصة</strong> بكل لغة من اللغات التي كانت تعلم في ذلك الوقت نذكرمنها (٥٥) -:- اللغة الفرنسية:‏ كان يتعلمها ما لا يقل عن ثلثي عدد التلاميذ الذينيتعلمون لغة أجنبية ومع ذلك فقد كان تدريسها يحتاج إلى الكثير من. (٥٤)162


إتجاه التغريبالإصلاح وكان ذلك يرجع إلى أن ادرس الأوروبي لا يعرفون عادة اللغةالعربية ولذلك كان يصعب عليهم كثيرا أن يشرحوا دروسهم لتلاميذهم.‏أما ادرسون الوطنيون فقد كانوا ضعافا ونطقهم رديء ولم تكن الكتبالصالحة كذلك متوفرة.‏- اللغة الإنجليزية:‏ كانت تدرس في ست مدارس ابتدائية وادرسةالتجهيزية بالقاهرة وفي ادارس الخصوصية ‏(نوع من التعليم الفني فوقاتوسط)‏ الآتية.‏ اهند سخانة-اساحة-العمليات-الطب-الألسن.‏ وكانمدرسو هذه اللغة في الفرقة الأولى أكفاء على وجه العموم وكان تعليمهايسير سيرا حسنا- اللغة الأانية:‏ كانت تعلم في مدرستي القاهرة والإسكندرية الإبتدائيتوفي مدرست كان ينفق عليهما ديوان الأوقاف وكان طبيعيا أن يتابعتلاميذ هذه ادارس دراسة هذه اللغة في ادرسة التجهيزية وفي ادارسالخصوصية.‏ وكان الأهالي يأسفون أشد الأسف إذا ألحق أبناؤهم بادارسالتي تعلم فيها اللغة الأانية ويبادر التلاميذ ما أمكنهم إلى التماس إعفائهممن تعلم هذه اللغة أو على الأقل الأذن لهم بالجمع بينها وب اللغة الإنجليزيةأو الفرنسية ذلك أن مصالح الدولة كانت قلما تسنح فيها الفرص لاستخداماللغة الأانية كتابة أو قراءة ولم تعد تستخدم قط في التجارة أو الصناعةوالحياة <strong>الخاصة</strong>.‏وقد جرى نقاش طويل بعد ذلك:‏ فهل تدرس اللغة الأجنبية في ارحلةالإبتدائية أم بعد ذلك ? وإذا درست في ارحلة الإبتدائية فهل تبدأ فيالسنة الأولى?‏ أم الثانية?‏ أم الثالثة?‏ ويجيب طه حس في هذه القضيةإجابة حاسمة وهي ‏(أن اللغة الأجنبية لا ينبغي أن تدرس في هذا القسم-‏ارحلة-من التعليم العام لا في السنة الأولى ولا في الثانية ولا في الثالثةولا في الرابعة وإا يجب أن يخلص هذا القسم من أقسام التعليم كماخلص التعليم الأولى للثقافة الوطنية الخالصة إذا أردنا أن تخلص نفسالصبي لوطنه وأن تشتد الصلة بينها وب هذا الوطن)‏فطه حس رغم حماسه اعروف للحضارة الغربية يريد تخليص ارحلةالإبتدائية من اللغة الأجنبية ليفرغ الطالب للغته العربية والثقافة الوطنية.‏وبالإضافة إلى ذلك فهو يشير إلى أن انشغال الطالب في هذه ارحلة. (٥٦)163


الفكر التربوي العربي الحديثباللغة الأجنبية يستغرق من جهده ومن ذهنه ما يجعله لا يعطي لغته العربيةإلا القليل فيكون تحصيله فيها ضعيفا ثم إن ‏(التباعد ب لغتنا العربيةواللغات الأوروبية التي نريد أن نتعلمها خليق أن يحملنا على ألا ندخلالإضطراب والإختلاط على الصبي أثناء تعلمه لغته الوطنية الصعبة بتعليمهلغة أجنبية بعيدة عنها أشد البعد مخالفة لها أشد الخلاف قبل أن يتمكنمن هذه اللغة الوطنية إلى حد ما).‏ وما لا يقل عن ذلك أهمية ‏(ألا نسرعبإقحام اللغة الأجنبية على نفس الصبي وملكاته وذوقه قبل أن تتقدم نفسهوملكاته وذوقه في النضج إلى حد معقول حتى لا تفنى شخصيته اللغويةوالأدبية الناشئة في هذه اللغة الأجنبية وحتى لا يضطرب عليه الأمراضطرابا ينتج أقبح الآثار في حياته الثقافية ح تتقدم به السن وحيحتاج إلى أن يعبر عما في نفسه ويفهم ما يعبر به غيره وح يدعو إليهلغته العربية فلا تواتيه ولا تستجيب له لأن الإلف لم يتحقق بينه وبينها أناءالصبا ولأنه شغل عنها وأكره على ألا نحها من نفسه إلا جزءا يسيرا)‏. (٥٧)فإذا ما انتقلنا إلى اراسل التعليمية التالية فكم لغة أجنبية يجب علىالطالب أن يتعلمها?‏ يطرح طه حس هذا التساؤل ثم يجيب بأن لغتناالعربية ‏(لا تزال بعيدة كل البعد عن أن تنهض بحاجات الثقافة الحديثةوالتعليم الحديث وهي الآن أغنى منها في أول هذا القرن ولكن فقرها لايزال شديدا ولعله يبلغ من الشدة أن يكون مخزيا للشعوب التي تتكلمهاوالتي تزعم لنفسها الحضارة واجملد وتطمح إلى ما تطمح إليه من العزةوالإستقلال)‏وهو يرتب على هذا نتيجة هامة وهي شدة احتياجنا للغات الأجنبية.‏ولكن اللغات الأجنبية ليست مقصورة على الإنجليزية والفرنسية كما أنالعلم والفن والأدب والفلسفة وكل مواد الثقافة اعروفة ليست مقصورةعلى الإنجليز والفرنسي بل <strong>هنا</strong>ك لغات أوروبية حية ليست أقل رقياوامتيازا من هات اللغت‏.‏ و<strong>هنا</strong>ك أ أوروبية راقية ليست أقل تفوقاوامتيازا في الثقافة واعرفة من هات الأمت‏.‏و<strong>هنا</strong> يقترح طه حس أن تضاف الأانية والإيطالية في ادارس الثانويةإلى الإنجليزية والفرنسية وأن يخير التلاميذ أو الأسر ب هذه اللغات. (٥٨)164


. (٦١)إتجاه التغريبالأربع يختارون منها لغة أو لغت على أن تكون إحداهما أصلية والأخرىإضافية.‏ ويستند طه حس في ذلك إلى أننا ‏(إذا فرضنا على أجيالناالناشئة ثقافة بعينها صنعناهم على مثال أصحاب هذه الثقافة فجعلناهممعرض للفناء فيهم والإنقياد لهم على ح أننا إذا أبحنا لهم الثقافاتالكبرى التي تقتسم العالم وتتنازعه وتتعاون على تحضيره أحللنا شيئا منالتوازن في حياتنا العقلية نفسها وكان هذا التوازن نفسه سبيلا إلى أنتبرز شخصيتنا قوية تازة لا تستطيع أن تفنى في هذه الأمة ولا في تلكولا تستطيع أن تنقاد لهذا الشعب أو ذاك وهذا أنفع لحياتنا العقلية نفسها)‏. (٥٩)ولم يكن هذا الذي نادى به طه حس ا لا يوافق عليه أحد لكنالرأي الذي ساقه وأثار كثيرين هو مناداته بضرورة تعليم اليونانيةواللاتينية (٦٠) .والسؤال الذي يطرح نفسه <strong>هنا</strong>:‏ كيف السبيل إلى تعليم هات اللغتفي ادارس العامة ونحن نشكو من ثقل اناهج والبرامج ? يجيب طهحس‏.‏ ‏(لا أريد أن أفرض اللاتينية واليونانية على التلاميذ كافة وإاأريد أن أبيحهما ن أرادهما ليس غير.‏ وأن أشجع بعض التلاميذ علىاختيارهما ا يتاح لي من ألوان التشجيع.‏ وأريد في الوقت نفسه أن أعفيالذي يختارهما من إحدى اللغت الحيت في أثناء اختلافه إلى ادارسالعامة)‏وقد حظيت هذه القضية باهتمام بالغ من ساطع الحصري وخاصة منانظور القومي ولذلك فهو يبدي ملاحظة ذكية هامة وهي أن هذه اسألةلم توضع على بساط البحث في محافل اعارف والتربية في سائر الأقطارالعربية غير أن إثارتها ومناقشتها في مصر بهذه الصورة ا يحمل المحافلاذكورة أيضا على التفكير في أمرها لتكوين رأي صريح فيها واتخاذ قرارمعقول في شأنهاوالسبيل الذي سلكه الحصري في مناقشة هذه القضية هو درسها أولامن وجوهها الأوروبية البحتة درسا صحيحا مجردا عن فكرة قبلية معملاحظة العوامل التاريخية التي أثرت عليها في ااضي واذاهب الفكريةالتي تحوم حولها في الحاضر.‏ ثم يتلو ذلك الإقدام على التفكير في اسألة. (٦٢)165


الفكر التربوي العربي الحديثمن وجهة أحوال بلادنا وحاجات أمتنا مع الإستنارة بالإختبارات التي تكونتوالآراء التي تبلورت حولها في أوروبا.‏كذلك فقد أراد الحصري أن يسجل عددا من الحقائق الهامةأ-أن تعليم اللغة العربية يستنفد من أوقات وجهود أبنائها أكثر منالأوقات والجهود التي تتطلبها اللغات الأخرى من أبناء الناطق بها وذلكلزيادة تعقيد قواعد العربية من جهة وللنقائص السائدة على أساليبتدوينها من جهة أخرى.‏ب-أن حاجة أبناء العربية إلى تعلم اللغات الحية أشد من حاجة الأالأوروبية الراقية إلى تعلم تلك ‏(اللغات)‏ وذلك لفقر خزانة الكتب العربيةفي اؤلفات العلمية والأدبية.‏ج-أن تعلم اللغات الأوروبية الحية يتطلب من الناطق بالضاد جهوداأكبر من الجهود التي يتطلبها من سائر الطلاب الأوروبي وذلك لاختلافالحروف من جهة وتباعد الأصول والقواعد والأساليب من جهة أخرى.‏‏(ولهذه الأسباب إذا جاز للأوروبي أن يسرقوا قسما من أوقات بعضأبنائهم في سبيل اللغة اللاتينية-بأمل الحصول على بعض الفوائد ولو كانتضئيلة-فلا يجوز لنا نحن أن نقتدي بهم في هذا الباب.‏وإذا جاز للأوروبي أن يخيروا أولادهم ب دراسة اللغات ايتة ودراسةاللغات الحية فلا يجوز لنا نحن أن نفكر في مثل هذا التخيير)‏وقد قدمت رابطة التربية الحديثة في مصر بحثا في عام ‎١٩٤٥‎حولتعليم اللغات الأجنبية كررت فيه إلى حد ما نفس الفكرة التي قال بها طهحس من حيث ضرر تعليمها بارحلة الأولى لكنها أضافت إلى أسانيدهأسانيد أخرى تستند إلى دراسات نفسية وتربوية.‏ وينبغي قبل الإشارة إلىهذه الدراسات التنويه بأن اللغة الأجنبية كانت تدرس في مصر قبل سنة١٩٢٨ من بدء السنة الأولى الإبتدائية ثم أصبحت سنة ١٩٤٢ من بدء السنةالثانية وفي سنة‎١٩٤٥‎ تقرر أن يبدأ بها من السنة الثالثة الإبتدائية.‏ينقل بحث الرابطة قول الدكتور ‏(وست)‏ في كتابهForeign Language ‏«أنه ليس لدى الطفل اتوسط من القدرة ولا من الغرضما كنه من تعلم لغة أجنبية تعلما مفيدا من غير أن يضحي بلغته القوميةويضعفها كما أنه ليست به حاجة إلى ذلك.‏ فإذا ما نجح في تعلم اللغة: (٦٣). (٦٤)Learning to Read a166


. (٦٦). (٦٥)إتجاه التغريبالأجنبية كان نجاحه هذا على حساب اللغة القومية وكان نجاحه هذا ذانتيجة مفيدة في استطاعته فقط أن يقرأ اللغة الأجنبية ويفهمها وهذهالنتيجة كان من استطاع أن يصل إليها في زمن أقل ومن غير أي تضحيةبلغته القومية»‏وقال في مكان آخر:‏ ‏«إن القدرة على القراءة قدرة عامة تشمل اللغةالقومية والأجنبية معا لأن تحس القدرة على القراءة في لغة ينتقل أثرهويظهر في لغة أخرى.‏ وإذا كان التمرين على قراءة اللغة الأجنبية يظهر أثرهفي إجادة القراءة باللغة القومية وسرعتها فمما لا جدال فيه أن التمرينعلى القراءة في اللغة القومية وإحسانها يحسن من القراءة في اللغة الأجنبيةفإذا كان من الضروري أن تتكون عند الطفل قدرة على القراءة بالتمرينواداومة كان الأولى أن يبدأ باللغة القومية».‏وأول ما بدأ التفكير في إلغاء التعليم باللغة العربية في مصر وجعلهبالإنجليزية أو الفرنسية كان في سنة ١٨٨٨ أي بعد أن أستتب الأمرللإحتلال الإنجليزي بست سنواتوإمعانا في تعميم التعليم باللغات الأجنبية صدر قرار بأن يكون استخداماللغة العربية في امتحان الشهادة الثانوية ‏(اختياريا)‏ ا أثار ثائرة عدد منالوطني الغيورين في اللجنة العلمية الإدارية اسؤولة عن رسم سياسةالتعليم في أواخر القرن التاسع عشر فطالب ‏(إبراهيم مصطفى)‏ بتعديللائحة الإمتحان بحيث تقتضي أن تكون الإجابة باللغة العربية إلزامية بالنسبةللتلاميذ التابع للحكومة وأما غيرهم فلهم أن يجيبوا باللغة التي يختارونها.‏وعارض الأعضاء الأجانب في ذلك بطبيعة الحال.‏ وا كانت لهم الغلبة فيهذا الرأي فقد نفذ ما رأوه وقد برر ‏(دنلوب)‏ مهندس سياسة الإحتلالالتعليمية التعليم باللغات الأجنبية بعدة مبررات نذكر منها١- تعذر إيجاد الكتب الفنية العصرية في اللغة العربية هذا في الوقتالذي تنمو فيه العلوم في أوروبا بسرعة تعتبر معها الكتب الفنية بعد إنجازطبعها بقليل من الزمن غير حديثة مهما بلغت هذه الكتب من الكمال.‏ فإذاقيل إنه يتسنى للحكومة أن تتغلب على هذه الصعوبة بإيجاد التراجم العربيةلكل اؤلفات اهمة فإن دنلوب يدفع ذلك الإفتراض بأن التراجم مهمابلغت من الإتقان لا كن أن تكون مطابقة للأصل اما وزيادة على ذلك: (٦٧)167


الفكر التربوي العربي الحديثفإن فقر اللغة العربية في الإصطلاحات الفنية وجمود تراكيبها-فيما-يرىمع تعقيد عباراتها كل ذلك يحول دون صيرورة هذه اللغة صالحة لتأديةالأغراض الفنية.‏ وعلى فرض إمكان إيجاد اترجم الأكفاءوتذليل الصعابالتي تلاقي في سبيل الحصول على الإذن من اؤلف الأصلي بترجمةكتبهم فإن التراجم تستدعي من النفقات ما يحول دون اقتنائها فضلا عنأنها را لحقت بالكتب القدة قبل أن تظهر في عالم اطبوعات.‏٢- التعليم العالي لا يكتفي فيه بتحصيل ما تشتمل عليه الكتب اقررةللمدارس الصالحة ذلك أنه مهما بلغت درجة ترجمتها فإنها لا تعتبر إلاأساسا وبابا ضمار العلوم إذ يجب معها الإطلاع على غيرها فإذا تخرجالطالب وجب عليه أن يكون دائما على بينة ا يستجد من الأعمال والأفكارالتي تنشر في الجرائد واطبوعات العلمية الحديثة وا كان من استحيلوجود كتب فنية عالية في اللغة العربية فهي أجدر ألا يوجد بها جرائدعلمية على مثال النشرات الأوروبية ومن <strong>هنا</strong> يتضح أنه لأجل أن يكونالتعليم في مدارس الطب والحقوق واهندس واعلم ‏(وإن كانت الأخيرةلا يحتاج فيها إلى اللغات بدرجة ادارس الثلاث الأولى)‏ تحتم على الطالبالذي يصل إلى درجة التعليم العالي أن يكون له إام كاف بإحدى اللغتالإنجليزية أو الفرنسية.‏ فإذا أضعفنا من أهمية التعليم باللغة الأوروبية فيادارس الثانوية تسرب الفساد إلى ادارس العليا وقلت مكانة التعليمفيها.‏٣- أصبح كثير من الآباء يرسلون أولادهم إلى ادارس الجامعية والكلياتالفنية في أوروبا لإام تعليمهم فيها ولا شك في أن هذا يستدعي تحصيلإحدى اللغت‏:‏ الإنجليزية أو الفرنسية بدرجة عالية من الكفاءة.‏أو الفرنسية الإنجليزية يزيد في أهمية تعلم إحدى اللغت ا ٤-النمو الحديث الذي جعل اجملتمع يدخل في مضمار التجارة ويشتبك فيميدان الصناعة عن طريق تأسيس اصارف االية لإنشاء الشركات ورواجالأعمال التجارية ولا يتيسر للطلاب العمل بهذه اؤسسات إلا إذا أعدواأعدادا أوروبيا خصوصا في اللغة حتى كنهم الدخول في غمار هذااعترك وإلا باءوا بالخيبة وفاز بالغنيمة الطلاب الذين يتلقون العلم فيمدارس الإرساليات واعاهد الأجنبية لشدة عنايتها بالتعليم باللغة الأجنبية.‏168


إتجاه التغريبولم يقتصر هذا الاتجاه على ثلي الاحتلال بل سار في نفس التيارعدد من اصري والسوري كان منهم أصحاب مناصب خطيرة وكبيرةيستطيعون من خلالها أن يقوموا بالتأثير اللازم لإنفاذ آرائهم مسايرة للسلطةالأجنبية فمن ذلك ما سبق أن أوردناه من رأي لعلي مبارك.‏ أما يعقوبآرت الذي تولى قيادة التعليم في إحدى الفترات فقد ذهب إلى أنه يتععلينا إذا أردنا تعلم العلوم في أوروبا أن نتعلم إحدى لغاتها العلمية ولاالإعتماد في سبيل الحصول على ذلك الهدف على ترجمة كتب الغربي كنإلى لغتنا العربية ‏«إن الديار اصرية ليست متسعة الأطراف وسكانهاقليلون وليس فيهم للآن من يفقه ضرورة التحلي بتلك الآداب والإستفادةبها إلا النزر اليسير ومن ثم لم تتوافر لدينا الوسائل اادية وازايا االيةالحاملة ل<strong>ذوي</strong> الأهلية من اترجم على حسن القيام بهذا العملوكان من الطبيعي أن تناصر ‏(اقتطف)‏ بحكم ميولها الإستعمارية ذلكالإتجاه وتردد نفس الحجج وابررات وتضيف على ذلك قولها بأن الشرقيلا يحتاج إلى التوسع في اللغات الأجنبية لكي يفهم لغة كتبها العلمية إذ إنلغة اؤلفات العلمية وخصوصا الكتب التعليمية أبسط من لغة كل ما يؤلفسواها بحيث يتيسر للذين يفهمون كتب القراءة البسيطة في تلك اللغاتفهم كتب التعليم بلا جهد كثير (٦٩) .وفاقت جهود فرنسا في فرض التعليم بلغتها في بلاد اغرب جهودإنجلترا فقد اشتهرت سياستها التعليمية بأنها أكدت على ‏(الفرنسة)‏ التيلم تقتصر على فرض اللغة الفرنسية كلغة تعليم فحسب بل فرضت ‏(الثقافةالفرنسية)‏ بكل عناصرها ومكوناتها على مختلف مجالات الحياة.‏ وقد جاءفي أحد التعليمات التي صدرت في أوائل أيام الإحتلال الفرنسي للجزائرعقب الشروع في تنظيم إدارة التعليم ما يلي:‏‏«إن أيالة الجزائر لن تصبح حقيقة ‏«‏لكة فرنسية»‏ ‏«إلا عندما تصبحلغتنا <strong>هنا</strong>ك لغة قومية.‏ والعمل الجبار الذي يترتب علينا إنجازه هو السعيوراء نشر اللغة الفرنسية ب الأهالي-بالتدريج-إلى أن تقوم مقام اللغةالعربية الدارجة بينهم الآنولم تكن اسألة محصورة في ‏(الفرنسة)-كلغة تعليم-ولكنها كأداة أساسيةلعملية محو وإزالة شخصية وطنية وثقافة قومية ودمجها في ثقافة وقومية. (٦٨).« (٧٠)169


الفكر التربوي العربي الحديثأخرى.‏ولعل عمق التأثير الفرنسي يفسر تلك الصعوبات البالغة التي تقابلعملية التعريب في الجزائر بالذات حيث استطاع الفرنسيون أن يتركوا فيالبلاد ما يسمى ب ‏(جماعة النخبة)‏ حملت الثقافة الفرنسية وتحمست لهاولاستمرار لغتها كلغة تعليم وقادت جهودا عديدة قاومة عملية التعريب. (٧١)وباقابل نجد كل الحركات الوطنية ذات الإتجاه القومي السليم فيمرحلة الدراسة جعلت على رأس مطالبها من الإحتلال نشر التعليم باللغةالعربية والإعتراف باللغة العربية كلغة رسمية في الإدارة والتعليم والسماحبتعليمها بدون عرقلة ومضايقة في مدارس التعليم العربي ‏(الحر).‏ ومنذلك مثلا أن حركة ‏(نجم شمال أفريقيا)‏ جعلت في مقدمة مطالبها فيمؤرها الذي عقدته في باريس سنة ١٩٣٣ مطلبا هذا نصه:‏ ‏(فرض التعليمالإجباري باللغة العربية وفسح اجملال للطلاب لدخول ادارس على جميعاستويات وجعل اللغة العربية لغة رسمية في ‏(الدوائر الحكومية)‏ (٧٢) .وفي ليبيا-عندما سقطت في يد الإيطالي الفاشست-نجد أن اللغةالوحيدة التي كانت تحظى باعترافهم هي اللغة الإيطالية في اعاملاتالرسمية وفي علاقات الناس بالسلطات الحاكمة ولذلك كان على الليبيتعلم اللغة الإيطالية وعدم استعمال اللغة العربية حتى في وجود غيرالإيطالي‏.‏ وكانت مخالفة هذه السياسة الإستعمارية تؤدي إلى التنكيلباخملالف كما حدث أن أودع السجن كثير من اواطن الليبي وجدوايقرؤون كتبا أدبية ودروسا دينية وغيرهم وجدوا يقرؤون كتبا صطفىلطفي انفلوطيومن إجراءات الإيطالي عندما وجدوا الليبي يهربون إلى مصر لتعلمالدين واللغة العربية أن وضع القنصل الإيطالي في القاهرة رقابة على كلليبي يفد إلى البلاد بحيث لا يكون له نشاط آخر غير التعليم الديني فيالجامع الأزهر.‏وفي تقرير ضخم عن التعليم في كل من مصر والعراق وسوريا ولبنانوالأردن أعده مجلس التعليم الأمريكي عن طريق كل من الدكتور ‏(ماثيوز)‏أستاذ التربية بجامعة بنسلفانيا والدكتور متى عقراوي ادير العام للتعليم! ! (٧٣)170


إتجاه التغريبالعالي بالعراق عقب الحرب العاية الثانية نجد تسجيلا باوقع اتقدمالذي احتلته اللغات الأجنبية في العالم العربي ‏«وقد شهدت بغداد في سنة١٩١٧ غلمانا أمي يتكلمون الإنجليزية لاختلاطهم بالجنود في الشوارعكما حدث مثل ذلك في شوارع القاهرة(‏‎٧٤‎‏)».‏كذلك يلاحظ التقرير أنه كان لإنشاء عدد كبير من ادارس الأجنبيةفي مصر وسوريا وفلسط أثر عظيم في انتشار هذه اللغات إذ كان منأهم أغراض هذه ادارس أن تقوم بتدريس لغة بلادها وتحتم على طلابهاأن يتكلموها بطلاقة وأن يبلغوا في كتابتها مستوى عاليا من الإتقان.‏ وقدفازت ادارس الفرنسية على الأرجح بأكبر نصيب من النجاح في هذااضمار ونتج عن ذلك أن عددا كبيرا من طلبة ادارس الأجنبية أصبحأسهل عليه أن يفكر ويتكلم ويكتب باللغة الأجنبية منه بلغته العربية.‏واوقف كان متباينا ب سوريا ولبنان في تعليم اللغة الأجنبية ففيلبنان كانت مدارسها الحكومية والأهلية على السواء تبدأ بتدريس اللغةالأجنبية من مرحلة الرياض أما سوريا فقد ألغت اللغات الأجنبية منجميع مدارسها الأولية.‏وإذا كانت مصر وفلسط‏-قبل النكبة-والأردن وسوريا والعراق قد ألغيتفيها اللغة الأجنبية كلغة تعليم إلا أن معظم ادارس الأجنبية وبعض ادارسالأهلية ظلت لغة الدراسة فيها أجنبية لا عربية لا سيما في ارحلة الثانوية.‏وفي لبنان فإن الدراسة في معاهدها الإبتدائية والثانوية كانت في الأصلباللغة الفرنسية بيد أنها أفسحت اجملال في النظام الأخير-سنة ١٩٤٥-إلى اللغة العربية مع ترك بعض اواد تدرس باللغة الأجنبية.‏ أما التعليمالعالي فكان يتبع فيه النظامان.‏ فادارس الطبية والفنية حتى الحكوميةمنها فيما عدا الجامعة السورية كانت تجعل لغة الدراسة فيها الإنجليزيةأو الفرنسية في ح أن غيرها من ادارس تتخذ العربية لغتها وإن كانتقد درست بعض اواد بلغة أجنبية (٧٥) .تعليم المرأة:‏حقيقة أن الشريعة الإسلامية قد فرقت ب الرجل وارأة في بعضالحقوق مثل حق الإرث ومسألة الشهادة على الديون واواثيق-إلا أنها171


الفكر التربوي العربي الحديثأعطت ارأة حقها كاملا في اجملتمع الإسلامي وحققت لها العدالة فياعاملة بعد أن رفع عنها القرآن الكر لأول مرة لعنة الخطيئة الأبديةووصمة الجسد ارذول فكل من الزوج قد وسوس له الشيطان واستحقالغفران بالندم والتوبة-غير أن مركز ارأة من الناحية القانونية كان شيئاومركزها العملي في الحياة اليومية كان شيئا آخرونحن نستطيع دون تفصيل أن نستدعي إلى الأذهان صورة ارأةالعربية في القرن التاسع عشر (٧٧) فهي اجتماعيا كانت معزولة عن اجملتمعوتقبع خلف جدران الحر وكما يقول قاسم أم‏:‏ فإنه ‏«ليس ب الأمهاتإلا عدد قليل جدا يعرف القراءة والكتابة وليس واحدة لها إام ولو سطحياقدمات أي علم من العلوم أو فن من الفنون وهي فوق ذلك جاهلة بكلأحوال الدنيا ولا تدري شيئا من اعاملات والتجارة ولا من نظم وقوانالبلاد التي تسكنها فضلا عن الإام بأي شيء من أحوال البلاد الأخرىوهي مع رفيقاتها من النساء عالم مستقل بذاته لا يجمعه بعالم الرجال فكرأو عمل وأمة داخل الأمة لها أخلاقها وعوائدها ومعتقداتها.‏وكان حظ ارأة من التعليم محدودا للغاية في بداية القرن التاسععشر ومحصورا في بنات الأسر ‏(الراقية)‏ وانتشرت بينهن عادة استخداممعلمات أجنبيات لتهذيب بناتهن وتثقيف عقولهن وكانت العائلة الحاكمة-‏بطبيعة الحال-في مقدمة هذه الأسر غير أنه نشأت في عهد محمد عليبعض ادارس <strong>الخاصة</strong> بالبنات أسستها الإرساليات اسيحية والطوائفغير الإسلامية والجاليات الغربية-وكان بعض البنات اسلمات يؤمها-لكنالرأي العام الإسلامي لم يكن راضيا عنها بل إن الكثيرين منهم كانوايأنفون من إرسال بناتهم إليها خملالفة ذلك للعادات اتبعة.‏ وجاء إنشاء أولمدرسة خاصة بالبنات في مصر على يد مسز ليدز زوجة أحد ابشرينالإنجليز إذ أقامت سنة ١٨٣٥ أول مدرسة إفرنجية للبنات بتشجيع منتلميذتها ‏(الخا‏)‏ بنت محمد علي الكبرى زوجة محرم بك أمير الأسطولاصري ومحافظ الإسكندرية ضمت بنات الأسرة وعددا من الجواري. (٧٨)وعندما وطئت أقدام رفاعة الطهطاوي أرض فرنسا لأول مرة سنةالفرنسية كان أول ما استوقف نظره الحرية التي تتمتع بها ارأة ١٨٢٦. (٧٦)172


. (٨٠). (٧٩)إتجاه التغريبووضعها امتاز في اجملتمع الفرنسي بالنسبة إلى ما ألفه الطهطاوي منتقاليد بلاده.‏ وكان أول مظهر من مظاهر هذه الحرية هو الشعور الذيسبق أن لاحظه الجبرتي في فساد الفرنسي فقد رأى الجبرتي في سفورالنساء واختلاطهن جتمع الرجال الذين رآهم أيام الحملة الفرنسيةومشاركتهن في الحياة العامة مظهرا من مظاهر الإنحطاط الخلقي الذييستوجب التنديد.‏ وأما الطهطاوي فقد أتاحت له ظروفه أن يقيم سنواتفي هذا اجملتمع السافر ويدرسه عن كثب ولذا جاءت أحكامه مختلفة عنأحكام الجبرتيوالقضية التي كانت مطروحة على أوسع نطاق في الطبقت العلياوالوسطى هي:‏ إلى أي مدى كن للتشبه بالأوروبي أن يتجاوز الأخذ الديهم من علوم متقدمة ومهارات تكنولوجية إلى الأخذ ا لديهم من قيمومعتقدات وقواعد في السلوك ولا سيما فيما يتصل بالإناث ? ويبدو منكلام الطهطاوي أن اواطن العادي كان يجيب بالرفض الرفض اسبب أوالرفض الإنفعالي وأنه كان يربط ب تحرير ارأة ومساواتها بالرجل وبالفساد الخلقي وانهيار الكيان الإجتماعي.‏ نفهم هذا منه لأن دعوةالطهطاوي بأن ‏(وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أوسترهن بل منشأ ذلك:‏ التربية الجيدة أو الخسيسة)‏ هي ثابة رد علىاعتراض قائم في أذهان الناسويصل الطهطاوي إلى لب اشكلة ومبعث اوقف اعارض لتعليم البناتفيقول:‏ إن ‏(العقلية الجاهلية)‏ التي ما زالت قائمة لدى هؤلاء الخصوم هيمبعث معارضتهم هذه وموقفهم هذا...‏ فالعادات البدائية اوروثة والتقاليدغير اتحضرة هي السبب...‏ وإن الناس لو جربوا عادات غير تلك العاداتلاعتادوها كما هم معتادون اليوم اوقف اناهض لتقدم ارأة وتعليمها.‏يقول الطهطاوي:‏ ‏«وليس مرجع التشديد في حرمان البنات من الكتابة إلاالتغالي في ‏(الغيرة)‏ عليهن من إبراز محمود صفاتهن أيام كانت في ميدانالرجال تبعا للعوائد المحلية اشوبة بجمعية جاهلية ‏(أي مجتمع جاهلي)‏ولو جرب خلاف هذه العادة لصحت التجربةوانطلاقا من هذا اوقف طالب الطهطاوي ‏«بصرف الهمة إلى تعليمالبنات والصبيان معا لحسن معاشرة الأزواج...‏ لأن هذا ا يزيدهن أدبا«. (٨١)173


الفكر التربوي العربي الحديثوعقلا ويجعلهن باعارف أهلا».‏ولم يقف طموحه وسعيه عند اطالبة بتعليم ارأة القراءة والكتابةوالحساب ونحو ذلك بل تحدث عن تعليمها وتعلمها ‏(اعارف والآداب)‏عموما ‏«فليست اعارف والآداب في النساء إلا محامد كالرجال».‏ وإذا كان‏«تعلم الأدب حسنا في الرجال»‏ فإن رفاعة يرى أنه ‏«يحسن الأدب فيالنساء زيادة ا فيهن من الرقة الطبيعية والمحاسن اعنوية فنسبة ذكاءارأة الطبيعي إلى أخلاقها وعوائدها كنسبة لطافتها وظرافتها إلى أعضائهاالظاهرة فهي بالأدب جميلة حسا ومعنى (٨٢) ».وكانت دعوة علي مبارك لتعليم ارأة ورأيه فيها وموضعها من الحياةالعامة من الدعوات والآراء التي كان فيها مستقبليا واسع الأفق فهو يدعولتعليم ارأة ولا يفرض عليها الحجاب الصارم الذي كان يعرفه عصره بليدعو إلى الإختلاط اهذب بينها وب الرجل.‏ وعلي مبارك يلقي هذهالدعوة على لسان استشرق الإنجليزي ثم يتركها للتأمل والتدبر والإقتناع.‏وكانت الأوضاع التي يجد فيها علي مبارك نفسه وقواعد اجملتمع الصارمةوسطوة اتخلف من رجال الدين لا تبيح له أن يتجاوز هذا الحد منالعرض والتعريف ولكننا نحس-وهو ينطق السائح الإنجليزي بهذه الدعوة-‏أنه يؤمن بها ويتمنى أن يشاركه بنو وطنه هذا الإانوساق علي مبارك رأيه في تعليم ارأة عندما قال:‏ ‏«إن من حقها أنتتبحر في العلم إلى غايته»‏ ثم أضاف:‏ ‏«إن الحياة الزوجية شركة يتعاونانفيها على العيش بالعمل والكسب»‏ فقرر بهذا حق ارأة في التعليم ثم فيالعمل الذي تقدر عليه ولكنه قدم عليه عملها الأصيل ووظيفتها الأساسيةوهي رعايتها أسرتها وتربية أولادهها وتنشئتهم ثم جعل لها الأمر الأعلىفي توجيه زوجها وإرشاده.‏ ففي محاورة طويلة تستوعب ‏(اسامرة الخامسة)‏نراها تخوض معه مناقشة دقيقة عن العمل والسعي لكسب الرزق يغلبفيها رأيها في أن ‏(السعة والغنى)‏ ليسا قاصرين على ‏(أهل الجهل)‏ وإن‏(الفقر والقلة)‏ ليسا وقفا على ‏(أهل العلم والفضل)‏ وإا السعة والقلةهما على قدر العمل والسعي لكسب الرزق.‏ وبعد أن تحثه على السعيوالعمل ابتغاء الرزق والكسب تقول له:‏ ‏«فإن اجتهدت في ذلك وسعيت ولمتصل-فاعلم أن الذي تعلمته غير ما كان يلزم أن تتعلمه أو أن هذا البلد. (٨٣)174


إتجاه التغريبغير البلد الذي ينبغي لك أن تقيم فيه-فإما أن تغير الفن أو تغير البلد-‏وغير ذلك لا أقولوإذا كان كل من الطهطاوي وعلي مبارك قد طرق هذه القضية إلا أنالعمل الفكري الكامل الخاص بها وحدها ذلك الكتاب الذي أصدره قاسمأم سنة ١٨٩٩ بعنوان ‏(تحرير ارأة)‏ طالب فيه بتعليم ارأة ورفع الحجابعنها.‏ وكان ظهور هذا الكتاب حادثا بل حادثا خطيرا اضطربت له آراءالهيئات الدينية واضطرب له كثير من اثقف وأبدى الخديوي عباسسخطه على الكتاب وعلى مؤلفه حتى لقد أمر بأن لا يدخل قاسم أمقصر عابدين على ما كان له من رفعة اركز في القضاء ومع ما كان يتمتعبه ب زملائه من كرامة واحترام.‏ وقد نشر هذا الكتاب تباعا أول ما نشرفي جريدة اؤيد فكان لنشره دوي اضطرب له صاحب اؤيد واضطر معهأن يفسح أعمدة الجريدة للطاعن على الكتاب وصاحبه أشد اطاعن(٨٥). يقول هيكل:‏ ‏«على أن الآراء التي حواها الكتاب أثارت من تطلعالشباب ما جعلهم يفكرون في الأم جديا يرى أكثرهم فيه مروقا من الدينوهيدا للإلحاد ويرى بعضهم أنه حق وأنه الوسيلة الوحيدة لخلق شعبحر يدرك الحياة إدراكا صحيحا كما أنه من العدل ألا تحرم ارأة من نورالحياة ومن نور العلم الذي يزيدها تقديرا وإدراكا صحيحاويروي أنور الجندي نقلا عن داود بركات ‏(الأهرام فيحقيقة الدوافع لصدور كتاب تحرير ارأة وجملة القول في هذا:‏ إن قاسمأم ح قرأ كتاب الدوق ‏(داركور)‏ ‏«اصريون»‏ ورد عليه بكتاب باللغةالفرنسية فند فيها اتهاماته فوصف هذا الكتاب بأنه لم يكن في صفالنهضة النسائية فقد رفع من شأن الحجاب وعده دليلا على كمال ارأةكما ندد بالداعيات إلى السفور.‏ وقد رأت فيه الأميرة نازلي فاضل تعريضابها.‏ وقد أشير على جريدة اقطم أن تكتب ست مقالات تفند فيها أخطاءقاسم أم في هذا الإتجاه ودفاعه عن الحجاب واستنكاره اختلاطالجنس وكانت هذه الأميرة تفتح صالون بيتها لعدد من رجال اجملتمعارموق في ‏«ندوات ثقافية»‏ وأوقفت الحملة بعد اتفاق الشيخ محمدعبده وسعد زغلول مع قاسم أم على فصول هذا الكتاب ويقال إن محمدعبده كان له دور في مراجعتها.‏ يدل على هذا ما أورده لطفي السيد أنه.« (٨٦)(١٩٢٨ / ٥ / ٤.« (٨٤)175


الفكر التربوي العربي الحديثاجتمع في جنيف بالشيخ محمد عبده وقاسم أم وسعد زغلول وأنقاسم أخذ يتلو على الشيخ فقرات من الكتاب وصفت بأنها تنم عن أسلوبالشيخ محمد عبده نفسهوتساءل قاسم أم في كتابه الثاني ‏(ارأة الجديدة):‏ على أي دليلعلمي يستند الرجال لاستعباد النساء ? وبأي حق جاز لهم أن يحرموهن منحريتهن ? لنفرض جدلا أن عقل ارأة أقل من عقل الرجل فهل نقصانالعقل في شخص يبيح أن يجرد من حريته ? أما يوجد ب أفراد الرجالاختلاف في العقل أكبر من الإختلاف اوجود ب النساء والرجال ? ألايوجد ب نسائنا العربيات من هن أكبر عقلا وأكمل خلقا من أزواجهن أوآبائهن أو أبنائهن ? ‏«لا يصح أن يكون اختلاف العقول سببا لتجريد الإنسانمن حريته بل الذي يجر إليه الإختلاف إا هو أن يعلو فكر على فكرفيقوده بقوة الإقناع أو تسود إرادة على إرادة بقوة الإستمالة حتى تسخرهاعلى طوع منها»‏وإذا كانت حقوق ارأة ومسألة الحجاب قد استأثرتا بكثير من الهجوموالنقد فإن حقها في التعليم لم يستطع أحد أو لم يجرؤ أحد على أنيعارضه فيه إلا في بعض الأحوال النادرة ومن <strong>هنا</strong> كان اعتراف معظمافكرين منذ أوائل القرن التاسع عشر بضرورة تعليم ارأة.‏ أما ابرراتالتي ساقها افكرون لإظهار هذه الضرورة فيمكن أن نذكر بعضا منهافيما يلي١- أهمية ارأة بالنسبة للرجل فهي شريكته ومعينته ورفيقة حياتهومكملته وهي ما برحت منذ بدء العالم وستبقى إلى نهايته غير مفترقةعن الرجل وهذا الإتحاد التام بينهما جعل لكل منهما تأثيرا عظيما علىالآخر ‏«فإذا اتضح كل ذلك سلمتم بأن الحاجة إلى تعليم ارأة أشد كثيرامن الحاجة إلى تعليم الرجل»‏ حيث أن تأثير ارأة على الرجل أشد منتأثيره عليها وكأن ارأة استعاضت عن ضعف بنيتها إزاء الرجل بقوةعواطفها وشدة شعورها (٩٠) .٢- أوجب الله تعلم العلم على كل مسلم ومسلمة كما أوجب على أمهاتاؤمن أن يعلمن الناس ذكورهم وإناثهم (٩١) ‏(واذكرن ما يتلى في بيوتكنمن آيات الله والحكمة)‏ فكان الرجل يأتي إليهن ويستفتيهن ويتلقى ما. (٨٧). (٨٨): (٨٩)176


. (٩٢)إتجاه التغريبيلقينه من أحكام الله ومكارم الأخلاق.‏ وبذلك أخذت عقول الرجال ترجعإلى رشدها وتعلم ألا دخل لاختلاف الصنف أو الشعوب أو الأ فيالتفاضل فقد جعل الله التفاضل ب الكائنات تابعا ا بينها من الفضلوازايا.‏ ومن ذا الذي يستطيع أن يعتقد فضل بدوي عقله أخلى من أرضالبادية على امرأة وصلت الليالي بالأيام في طلب العلم حتى تثقف عقلهاوتهذبت نفسها قال تعالى ‏(هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)‏وقال ‏(هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور)‏ ?٣- الإصلاح الأخلاقي:‏ يتصور كثير من الرجال-كما بينا-أن تعليم ارأةوعفتها لا يجتمعان حيث إنها ناقصة العقل شديدة الحيلة وبالتالي فإنتعليمها يؤدي إلى ازدياد براعتها في الإحتيال والخدعة والإسترسال معالشهوة وليس <strong>هنا</strong>ك ما هو أبعد عن الحقيقة من ذلك فإن التعليم-خصوصاإذا كان مصحوبا بتهذيب الأخلاق-يرفع ارأة ويرد إليها مرتبتها واعتبارهاويكمل عقلها ويتيح لها القدرة على التأمل والتبصر في أعمالها.‏ «....وارأة اتعلمة تخشى عواقب الأمور أكثر ا تخشاه الجاهلة ولا تقدربسهولة على فعل ما يضر بحسن سمعتها بخلاف الجاهلة فإن من أخلاقهاالطيش والخفة»‏٤- تغيرت ظروف اجملتمع العربي فيجب أن تتغير منزلة ارأة وتتعلم.‏لقد كانت حياة العرب قدا يكثر فيها القتال والحرب بحيث اعتمدوا فيأرزاقهم على ما يخرجون به من هذه الحروب من غنائم وحياة مثل هذه لاكن للمرأة أن يكون لها فيها شأن كبير.‏ أما الآن فقد تبدلت الأحوالسياسيا واقتصاديا واجتماعيا بحيث نشأت حاجات ومطالب بجب علىارأة الوفاء بها.‏ وتحليل هذه الحاجات واطالب يظهرنا على أنها لا تقومإلا بالتعليم٥- تعليم ارأة يؤدي إلى النهوض الإجتماعي.‏ فقد جاء في افتتاحيةالعدد الأول من مجلة الجامعة أن الغرض منها هو صلاح اجملتمع أدبياوسياسيا وعلقت أمر تحقيق هذا على الإصلاح التربوي الذي تلعب فيهارأة الدور اهم واهمة العظمى ‏(أتطلبون هيئة أدبية فاضلة ? ربوا ارأةلتربي أبناءها تربية فاضلة فيكون منهم هيئة اجتماعية فاضلة.‏ أتطلبونهيئة سياسية فاضلة ? ربوا ارأة لتضع لكم في نفوس الأمة ذلك الأساس. (٩٣)177


الفكر التربوي العربي الحديثالوطيد الذي كنكم أن تبنوا عليه بعد ذلك الفضائل السياسية (٩٤) .٦- التعليم يساعد ارأة على القيام بوظيفتها الإجتماعية.‏ فلقد أظهرتالوقائع أن كثيرا من النساء لا يجد من الرجال من يعوله كالبنت التي تفقدأقرباءها ولم تتزوج وارأة اطلقة والأرملة التي يتوفى زوجها والوالدةالتي ليس لها أولاد ذكور أو لها أولاد قصر كل هؤلاء يحتجن إلى التعليمليتمكن من القيام ا يسد حاجتهن وحاجات أولادهن إن كان لهن أولاد.‏إن النساء يضعن أختامهن على حساب أو مستند أو عقد يجهلن موضوعهأو قيمته وأهميته لعدم إدراكهن كل ما يحتوي عليه أو عدم كفاءتهن لفهمما أودعن فتجرد الواحدة منهن من حقوقها الثابتة بتزوير أو غش أواختلاس يرتكبه زوجها أو أحد أقاربها أو وكيلها.‏ فهل يقع ذلك عندما تكونارأة متعلمة?‏وكانت بعض اجمللات تغذي حركة تعليم ارأة بأسلوبها الخاص مثلاستفتاءات مجلة الهلال التي كانت تعرض فيها سلسلة من ردود مشاهيرالكتاب وافكرين الذين تختارهم اختيارا خاصا يحقق ما تقصد إليه منتوجيه واستفتاؤها عن زواج الشرقي بالغربيات الذي وجهته إلى الشيخمصطفى عبد الرازق والآنسة مي ومنصور فهمي وغيرهم ونشرتإجاباتهم في عددين متتال وهذه هي الأسئلة التي تضمنها ذلك الإستفتاء: (٩٦)١- هل زواج الشرقي بالغربيات مفيد أو مضر?‏‏(أ)‏ من الوجهة الجنسية.‏ ‏(ب)‏ الإجتماعية.‏‏(د)‏ الأخلاقية.‏‏(ج)‏ الوطنية.‏٢- إذا تزوج مسلم شرقي أجنبية مسيحية فهل يحسن أن تعيش بدينهاوعاداتها أم يرغمها زوجها على تغييرها بالدين الإسلامي والعادات الشرقيةولا سيما الحجاب ?٣- هل من فائدة للعالم الإسلامي والعمل على وحدته في التزاوج باصري والترك والأفغان والفرس واغاربة?‏اسلم والأجانب اسلم اصري يكثر التزاوج ب اذا ٤-استوطن في مصر ولا نرى أثرا كبيرا لذلك ب أقباط مصر ‏(اسيحي‏)‏وغيرهم من اسيحي غير اصري اقيم في مصر?‏. (٩٥)178


إتجاه التغريبوهذا هو استفتاء آخر عن ‏(ارأة الشرقية)‏ شغلت الصحيفة به شهورامتتالية وهو مكون من سؤال١- ماذا يحسن أن تستبقي من أخلاقها التقليدية?‏٢- ماذا يحسن أن تقتبس من شقيقاتها الغربيات ?وهذا هو مقال أمريكي جريء للدكتور أمير بقطر عن ‏(التعليم اخملتلطوأثره في توجيه العواطف ب الجنس‏)‏ (٩٨) ... إلى آخر ما <strong>هنا</strong>لك منموضوعات غريبة قد ينكر القراء بعض ما فيها أول الأمر ورا انصرفواعنها فلم يقرؤوها ثم تستدرجهم جدة ما يدور حولها من نقاش تابعتهاثم يألفونها على توالي الأيام وقد تطمئن نفوسهم إلى بعض ما كانواينكرونه منها في أول الأمر.‏شغلت الصحف ثل هذه اوضوعات ودار حولها جدل كثير صورفيه المحافظون في معظم الأحيان بصورة الرجعي اتزمت ضيق الأفقالذي يريد أن يحرم الحياة من مباهجها ليردها إلى كآبة الصحراء وإلىظلام الأدغال وتتبع الشباب هذا اعارك وكان بطبيعة ظروفه وتكوينهوسنه وثقافته أميل إلى قبول آراء دعاة الحضارة الغربية والنفور من آراءالمحافظولعل أخطر حادث في تعليم ارأة هو التحاقها بالجامعة في مصر سنة١٩٢٥ ويروي أحمد لطفي السيد أول مدير للجامعة أن الجامعة قد قبلتبعض الطالبات في أول الأمر(سرا)‏ فقد حدث أن طلب إليه بعض عمداءالكليات في أول سنة لافتتاح جامعة فؤاد-بعد أن أصبحت حكومية سنة١٩٢٥ وهي جامعة القاهرة الآن-أن تقبل الجامعة البنات الحائزات علىالبكالوريا-الثانوية العامة-‏ فأسر إليهم في ذلك الح أن هذه اسألةشائكة وأنه يشك في رضى الحكومة عنها.‏ ‏«وعلى ذلك قررنا فيما بيننا أننقبل البنات الحائزات على البكالوريا من غير أن تثار هذه اسألة فيالصحف أو في الخطب حتى نضع الرأي العام والحكومة معا أمام الأمرالواقع وقد نجحنا في ذلكوبعد أن ساروا في هذا النهج عشر سنوات حدث ما كانوا يتوقعونهفقد قامت ضجة تنكر عليهم هذا الإختلاط فلم يأبهوا لها.‏ ‏«لأننا علىيق من أن التطور الإجتماعي معنا وأن التطور لا غالب له ومعنا العدل: (٩٧).« (١٠٠). (٩٩)179


الفكر التربوي العربي الحديثالذي يسوي ب الأخ وأخته في أن يحصل كلاهما على أسباب كماله الخاصعلى السواء ومعنا منفعة الأمة من هيد الأسباب لتكوين العائلة اصريةعلى وجه يأتلف مع أطماعنا في الإرتقاء القومي».‏وإذا كان تعليم البنات قد عرف طريقه إلى التنفيذ منذ أواخر القرنالتاسع عشر في كثير من البلاد العربية الأخرى إلا أنه تأخر جدا بالنسبةللمملكة العربية السعودية نظرا للمقاومة العنيفة للمبدأ والفكرة خشية أنيؤدي إلى الإختلاط بالرجال.‏ والحق أن هذا التعليم ما كان ليبدأ عام ١٩٦٠لولا إصرار ‏(الأمير)‏ فيصل بن عبد العزيز حينما كان وليا للعهد إذ جاءهنفر من الأهالي يطلبون إليه إغلاق ادرسة التي فتحت في بلدتهم بحجةأن أهل البلدة جميعا لا يريدون لبناتهم أن يتعلمن.‏ وناقش الأمير الإعتراضاتالتي سمعها واستخدم فصاحته ليقنع اعترض بأن تعليم البنات خيروأن كل الضمانات متوفرة في ادارس التي أنشأتها الدولة لتبقى الفتاةالسعودية التي تتعلم محافظة على دينها وأخلاقها إذ صممت لها مناهجخاصة تلئ بالثقافة الدينية وأشرفت على ادارس إدارة مستقلة بتعليمالبنات يديرها رجال دين.‏لكنهم تشبثوا وقفهم وأصر الأمير على اضي في الطريق وقال:‏ إنالدولة لن تغلق ادرسة التي فتحتها للبنات أبدا حتى ولو لم تأت إليها فتاةواحدة لتتعلم وقال للمعترض‏:‏ إن الدولة تفتح ادرسة تنفيذا لواجبهاتجاه اجملتمع لكنها لا لك إكراهكم على إرسال بناتكم إليها وما دام<strong>هنا</strong>ك احتمال بأن تأتي ولو فتاة واحدة في يوم من الأيام لتتعلم في هذهادرسة فإن ادرسة يجب أن تكون موفورة مسبقا باعلمات وأن تحميالدولة بقاءها ا لها من سلطة (١٠١) .ولم ض وقت قصير حتى أخذت البنات يتسابقن على التعليم.‏ومعاهد التعليم ليست وحدها التي تتحمل كامل اسؤولية عن تعليمالبنات ف<strong>هنا</strong>ك ما يسمى ب ‏(مؤسسات التعليم اللانظامي)‏ وفي مقدمتهاوسائل الإعلام مثل الصحافة.‏ وفي دراسة قامت بها د.‏ عواطف عبد الرحمنلتحليل مضمون صفحات ارأة في كل من جريدتي الوطن الكويتية والإتحاد‏(أبو ظبي)‏ وكل من مجلة أسرتي ‏(الكويت)‏ وزهرة <strong>الخليج</strong> ‏(أب وظبي)‏واواقف ‏(البحرين)‏ وذلك خلال سنة ١٩٨٠ خرجت بعدد من النتائج ونذكر180


(١٠٢)إتجاه التغريبمنها:‏١- تقدم لنا الصحف <strong>الخليج</strong>ية ارأة في مواقعها الإجتماعية والتقليديةكزوجة وأم وربة بيت ثم كطالبة وأخيرا كموظفة.‏ وقد أدى ذلك إلى تركيزهاعلى قضايا الزواج والطلاق وقوان الأحوال الشخصية وحقوق اطلقاتأكثر ا لا يقاس من الإهتمام بقضايا ومشكلات ارأة <strong>الخليج</strong>ية في مواقعالإنتاج والعمل واشاركة السياسية والثقافية والإجتماعية.‏٢- تتخذ بعض الصحف <strong>الخليج</strong>ية التي خضعت للدراسة موقفا معاديالعمل ارأة بل تحرض على اطالبة بضرورة عودة ارأة إلى البيت ومنعهامن العمل.‏٣- تتوجه الصحف <strong>الخليج</strong>ية في مجملها إلى نساء ادن اتعلماتسواء ربات البيوت أو اوظفات والطالبات وتبدي تجاهلا واضحا إزاءقضايا ومشكلات نساء البادية اللاتي يشكلن أكثر القطاعات النسائيةتخلفا وفقرا وأمية في منطقة <strong>الخليج</strong>.‏٤- تهتم اجمللات النسائية في <strong>الخليج</strong> بالتركيز على النماذج الغربيةللمرأة كما تروج للقيم الإستهلاكية الغربية من خلال اواد الإعلاميةوالإعلانات التي تنشرها عن الأزياء واكياج والأثاث الغربي كرمز للعصريةوالتحضر.‏وفي الندوة <strong>الخاصة</strong> بقضية ارأة التي عقدها مركز دراسات الوحدةالعربية يلاحظ ‏(هشام نشابه)‏ أن التعليم العالي في غالبية الدول العربية لايزال تطغى فيه أعداد الذكور على أعداد الإناث وهو لا يرد ذلك عارضةأصيلة لاستمرار تعليم الإناث في هذه ارحلة بقدر ما هو ناتج عن تقصيرمؤسسات التعليم العالي من جهة عن استيعاب جميع اتقدم للدراسةالجامعية ولتدني عدد الإناث عن عدد الذكور في مراحل التعليم الثانويةمن جهة أخرى.‏ ولو أن إقبال الإناث على التعليم في مراحل ما قبل الجامعةكان معادلا لعدد الذكور لتكون ضغط اجتماعي كاف للتوسع في التعليمالعالي بحيث يستوعب أعدادا متوازية من الجنسوكان من الضروري أن يكون لجامعة الدول العربية دور في تلك الحركةالساعية بالنهوض بارأة وخاصة عن طريق التعليم فلقد تأكد أمام اسؤولفي هذه انظمة أن تحقيق الإصلاح الشامل شكلات اجملتمع العربي. (١٠٣)181


الفكر التربوي العربي الحديثالإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية يتوقف-في أحد جوانبه-إلىحد كبير على إسهام ارأة بدورها الفعال في تحمل مسؤولياتها في هذاالشأن فأنشأت الأمانة العامة للجامعة ‏(إدارة التنمية الإجتماعية)‏ لجنةارأة العربية لدراسة ومتابعة شؤون ارأة في الدول العربية ورفع مستواهابجميع الوسائل اخملتلفة وللعمل على تأم تعها بحقوق مساوية لحقوقالرجال في اجملالات السياسية وادنية والإجتماعية والإقتصادية والثقافيةومكافحة التمييز الذي تفرضه عليها بعض القوان ونوعية الرأي العامفي الوطن العربي وتوجيه الإهتمامات القومية نحو القضاء على الثغراتوامارسات القائمة على فكرة نقص ارأة وهي الفكرة التي أسيء طرحهاواستغلت استغلالا بشعاوفي إطار الإهتمام العاي بقضايا ارأة الذي ثل في تخصيص عام١٩٧٥ لطرح هذه القضايا قام اركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار فيالعالم العربي بعقد الندوات اتصلة باوضوع وأصدر عددين من مجلتهاتخصصة ‏(آراء)‏ تضمنا عددا كبيرا من الأبحاث اهمة التي ساهم فيهاأساتذة تربية واجتماع وإعلام وخبراء ومختص ودارت كلها حول ‏(تعليمارأة)‏ وخاصة من حيث دوره في التنمية.‏ ومن الأسئلة اهمة التي طرحتضمن هذه الدراسات:‏ هذا السؤال هل ينبغي أن يختلف تعليم ارأة عنتعليم الرجل ?يجيب صاحب الدراسة على التساؤل الذي طرحه بأن أنواع التعليمالتي ينبغي أن تتصدى لها ارأة كن أن تكون هي نفسها التي يتصدى لهاالرجل عندما يتفقان في مرحلة العمر والبيئة والوظيفة الإجتماعية أوالدور الإجتماعي والإحتياجات الإجتماعية والإقتصادية وطبيعة العملالذي يقومان به أو يعدان له ولكنها تختلف عندما يحدث تغاير في أي منهذه الأمور السابقة.‏ ويخلص الباحث من ذلك إلى أن التعليم-كل التعليم-‏في عانا العربي محتاج إلى مراجعة حتى تتوفر فيه النوعيات واناهجوالبرامج التي تتيح للفرد أن يحقق احتياجاته ووظائفه الإجتماعية ويقومبدوره في تنمية اجملتمع وتطويرهوحتى كن أن نحقق توفير التعليم اناسب للمرأة والمحقق لأهدافالتنمية الشاملة لابد من وضع الخطط التربوية التي تنسق ب جميع أنواع. (١٠٥). (١٠٤)182


إتجاه التغريبالتعليم النظامي وغير النظامي وغير انتظم ‏«وليكن تعليمنا النظامي مهماقصرت مدته مشبعا لحاجات الإنسان ذكرا كان أم أنثى مهيئا إياه للإستمرارفي التعليم والإان بأنه وسيلته لإشباع رغباته وتأدية وظائفه الإجتماعيةعلى الوجه الأكمل ويتعاون في ذلك مع التعليم النظامي التعليم غير انتظمعن طريق الأسرة وخاصة في مرحلة ما قبل ادرسة للأطفال وهكذايسلمان ارء إلى الآفاق الرحبة للتعليم غير النظامي الذي يسعى إليهالفرد سواء أكانت برامج منظمة ذات نوعية معينة للكبار أو كانت مصادرللمعرفة والثقافة وأدوات لتعليم الكبار يلجأ إليها ليعلم نفسه بنفسه منخلالها (١٠٦) .تكنولوجيا التعليم:‏را كان هذا اجملال أكثر من غيره تشبعا باتجاه التغريب وأقل اجملالاتإثارة للمقاومة واعارضة لظن الكثيرين بعدم مصادمته للقيم اتوارثة.‏ بلإننا كثيرا ما نسمع من مهاجمي التحديث والتغريب أنه لا بأس من الإستعانةب ‏(تكنولوجيا الغرب اتقدمة).‏ لكن من غير اقبول تبني اتجاهاته وقيمهونظمه الإجتماعية وما يندرج في هذا الباب من أمور إنسانية ومعنوية.‏وإذا كان واحد من علماء التربية العرب قد كتب منذ ما يقرب من عشرسنوات منبها إلى أن التحدي الأول والأكبر الذي يواجه البلدان العربية فيأواخر القرن العشرين وأمام مشارف القرن الواحد والعشرين هو تجاوزهوة التخلف الكبيرة واتعاظمة بينها وب البلدان اتقدمة (١٠٧) إلا أن هذاالقول إا هو صياغة لفظية جديدة قولة تكرر ورودها على ألسنة الكثيرينمنذ أوائل القرن التاسع عشر حتى أصبح سماعها أمرا يبعث على السأموالل.‏ ومن اخملزي حقا أن الخطوات الفعالة نحو تجاوز هذه الهوة مازالتتتعثر وتسير ببطء وعلى استحياء.‏ويؤكد ‏(نوفل)‏ على أن الثورة العلمية التكنولوجية ليست مجرد مرادفللتقدم العلمي وتطور الصناعة وأساليب الإنتاج بصفة عامة بل يعني بهامرحلة تاريخية محددة من مراحل التطور الإجتماعي وقد بدأت هذهارحلة تاريخيا مع الخمسينيات من هذا القرن.‏ وتسمى هذه الثورة ب‏(العلمية التكنولوجية)‏ لأنها ولأول مرة في تاريخ البشرية تربط العالم183


الفكر التربوي العربي الحديثبالصناعة.‏ ففي ااضي كان التقدم العلمي غير مرتبط بالتطبيق وكاناستخدام نتائج الكشوف العلمية يتأخر سنوات طويلة أو قرونا.‏ أما فيإطار هذه الثورة فإن التفاعل ب العلم والصناعة يتم مباشرة وبسرعةبحيث يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر به إلى الحد الذي أصبح فيه العلمتكنولوجيا وأصبحت فيه الصناعة علميةويضع نوفل عددا من التغيرات اهمة التي أحدثتها هذه الثورة أمامارب العرب حتى كن أن نحدد موقفنا تجاه هذه الآثار١- ترتب على التقدم العلمي حدوث تغيرات في أولويات ‏(أو مكانة)‏العلوم الطبيعية فبينما أثرت نهجها ومفاهيمها ومبادئها في العلوم الأخرىاحتلت الفيزياء مكانها مع التقدم العلمي في القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين وأثرت بدورها في مجموعة من العلوم.‏ أما في ظل الثورةالعلمية التكنولوجية اعاصرة.‏ فإن مكان الصدارة ب العلوم الطبيعية قدأصبح يحتله لا علم واحد بل مجموعة متكاملة من العلوم مكونة من الفيزياءوالكيمياء والبيولوجيا والسيبرناطيقا والرياضيات.‏٢- يلاحظ وجود اتجاه قوي نحو التكامل والتوحيد ب العلوم.‏ كانالإتجاه في ااضي يسير نحو التفريق أو التمييز ب العلوم-ولا يزال هذاموجودا لكن التقارب والتفاعل ب العلوم اخملتلفة وإقامة الجسور بينهاأصبح الآن اتجاها علميا قويا ويتم هذا عن طريق ظهور علوم جديدةمستقلة تجمع ب عدد من العلوم كما يتم عن طريق التفاعل ب العلوماخملتلفة.‏٣- ولعل أهم تغيير طرأ على طبيعة العلم في إطار الثورة التكنولوجيةاعاصرة هو تحول العلم إلى قوة إنتاجية.‏ وترتبط هذه العملية بتطورالصناعة والإنتاج الآلي الضخم وبتطور اجملتمع.‏ فالإنتاج الآلي الضخمهو الذي جعل العلم يدخل ميدان الإنتاج مباشرة وجعل العلم يصبح عاملامستقلا في الإنتاج.‏ كما بدأت الصناعة تطرح على العلم مشكلات إنتاجمحددة تتطلب حلولا لها.‏ ولا يقتصر تحول العلم إلى قوة إنتاجية علىمجرد تطبيق الإكتشافات العلمية في الإنتاج أو حل مشكلاته بل تدأيضا إلى معالجة أساليب الإنتاج بطريقة علمية ‏(التنظيم العلمي للعمل)‏كذلك تنظيم وإدارة عملية الإنتاج بأسلوب علمي ‏(الإدارة العلمية)‏ وكلا. (١٠٩). (١٠٨)184


إتجاه التغريبهذين العلم يقوم على أساس مجموعة من العلوم الإنسانية مثل الإقتصادوعلم النفس وعلم الإجتماع وقوان العمل.....‏ الخوطبيعي أن يكون لهذا الفهم لطبيعة الثورة العلمية والتكنولوجية انعكاساتهعلى التعليم فالتعليم-كما يؤكد عبد الدائم-لا يستطيع أن يحيا في معزلعن روح هذه الثورة وأساليبها.‏ وإذا كان التعليم هو سبيل تجاوز التخلف فيبلادنا وسواها فأنه لن يكون كذلك إلا إذا حقق في ذاته وداخله أولا الثورةالعلمية والتكنولوجية التي يسعى إلى تفجيرها وإلا إذا امتلك أساليبهاوتقنياتها.‏وا يجعل هذه القضية أكثر إلحاحا في عانا العربي أن اؤسساتالإقتصادية والصناعية والإنتاجية اخملتلفة في البلدان اتقدمة تعوض آليحد بعيد عن تخلف التعليم والنظام التربي ‏«أما عندنا فالداء مزدوج مادامتمؤسسات اجملتمع الأخرى بعيدة عن تلك الثورة العلمية التكنولوجية»‏ومثل هذا الإستخدام الأمثل للإمكانات في التعليم وسواه لا يتحقق إلاعن طريق اصطناع أساليب وتقنيات جديدة.‏ومن اهم أن نفرق <strong>هنا</strong> ب مصطلح هما:‏ ‏(تكنولوجيا التعليم)‏ و‏(التكنولوجيا التعليمية)‏ فالثاني يعني أن ندخل أجهزة ووسائل آلية فيالنظام التعليمي تأخذ شكل طعم محلي محدود نجريه على نقطة منمعينة من البنية العضوية التعليمية القائمة.‏ أما ‏(تكنولوجيا التعليم)‏ فتعنيأن نفيد من التقنيات الجديدة-سواء كانت آلية أو بنيوية-لكي نغير البنيةالعضوية للتعليم بكامله ولكي نزيد من جملة نتاج النظام التعليمي.‏والجمهرة الكبرى-كما سيتب لنا-من الإنتاج العلمي لأساتذة التربية فيالعالم العربي في مجال تكنولوجيا التعليم مترجم ومن الكتابات الأولىذلك الكتاب الذي ظهر عام ١٩٥٩ بالقاهرة بعنوان ‏(الوسائل التعليمية)‏للدكتور مصطفى بدران وزملائه حيث نلاحظ وقوفه عند هذه الحدودالأولية التي تجعل اسألة هي ‏(وسائل)‏ للتعليم.‏أما الكتاب الآخر فهو ‏(وسائل التعليم والإعلام)‏ للدكتور فتح الباب عبدالحليم و د.‏ إبراهيم حفظ الله.‏ ويتناول هذا الكتاب وسائل التعليم والإعلاموهو بهذا الوضع يجد نفسه أمام مجال كبير واسع مبهم في بعض الأحيانويرجع ذلك إلى مراحل التطور التي مرت بها وسائل الإعلام والتعليم كما. (١١١). (١١٠)185


الفكر التربوي العربي الحديثيرجع إلى حد كبير-إلى افارقة الزمنية التي فصلت ب تعرف الناس فياجملتمع على هذه الوسائل ووعيهم بكيانها استقل وتأثيرها في الناس عنطريق التعليم أو بالإعلام وب هذا كله وظهور نظرية متكاملة أو علم قائمبذاته ينظم الأسس التي تستخدم على أساسها هذه الوسائل كما يبللعامل في مجالها كيفية الوقوف على آثارها وإجراء البحوث اتصلة بهاحتى أصبح لذلك العلم فيما بعد أقساما خاصة مستقلة في الجامعاتودور العلموقد كادت سمة استخدام العدد والآلات تطغى على تكنولوجيا التعليملولا أن ظهر مفكرون انتقلوا بهذا العلم الشاب خطير الأثر من هذه ارحلةإلى مرحلة التفكير في الإستراتيجيات حيث يكون التعليم شاملا للمتعلموطريقة التعليم بل عملية التربية كلها وحيث لا تصبح طريقة العرض أوالإستقبال هي المحور الأساسي لعملية التعليم.‏وفي هذا الإطار تأتي ترجمة الكتاب الذي ألفه ‏(ديريك رونتري)‏إلى اللغة العربية حول دور تكنولوجيا التربية في تطوير انهج Rowntreeفهو كتاب لا يتناول الوسائل اعينة السمعية والبصرية كما اعتاد بعضالناس أن يسميها في مراحل العلم الأولى ولا يدعو لاستخدام التلفازومكنات التعليم والحاسبات الألكترونية ولا يروج لها باعتبارها أحدثالعدد واكنات التكنولوجية في ميدان التربية وإا يقصد أن يوضح مفهوماوهو مفهوم تكنولوجيا التعليم الذي طاا طمس واختلط بهذه اكناتواستخدامها على أنها هي (١١٣) .ولقد تجاوز الفكر التربوي العربي ارحلة التي كنا نتصور فيها أن‏(انهج)‏ Curriculum عبارة عن الخبرات والأنشطة التعليمية التي يكتسبهاأو ارسها التلميذ في ادرسة فقط فقد اتسع هذا افهوم-فيما يقول د.‏حس الطوبجي-ليشمل البيت واجملتمع ا فيه من مؤسسات مختلفة-‏تعليمية وثقافية واقتصادية وغيرها-تؤثر بلا شك على كيفية تحقيق الأهدافالتعليمية وأداء التلميذ وأاط السلوك والقيم والإتجاهات التي يكتسبها.‏وكان للتطور التكنولوجي وما قدمه من مستحدثات تعليمية أثر كبير فيتطوير مفهوم انهج ادرسي وامارسات التعليمية اصاحبة له كما أنتطور وسائل الإتصال بأنواعها اخملتلفة الفردية والجماهيرية أثّر علىDarek. (١١٢)186


إتجاه التغريبمحتويات اناهج الدراسية وطرق التدريس ووسائله الأمر الذي أصبحيحتم ضرورة اعتبار مثل هذه اتغيرات عند تصميم اناهج الدراسيةلتحقيق تعلم أفضل وأكفأ.‏ وكن أن ننظر إلى انهج أو اقرر الدراسيأو الكتاب ادرسي على أنه محاولة لتصميم Design بيئة اتعلم والتحكمفيها حتى كن أن يتم التعلم وتتحقق الأهداف انشودة أو يتم ذلك عنطريق تحديد محتوى اادة الدراسية وترتيب عناصرها والتحكم في أساليبالعمل ومستوى النجاح واختيار اواد التعليمية وطريقة التدريس والتقو‏.‏(١١٤)وللدكتور مصباح الحاج عيسى عضو هيئة تدريس كلية التربية بجامعةالكويت نشاط بارز في ترجمة عدد من الكتب الأجنبية اهمة في تكنولوجياالتعليم منها على سبيل اثال ذلك الكتاب الخاص راكز مصادر التعلموإدارة التقنيات التربوية.‏ فما هي الفكرة الأساسية التي يقدمها <strong>هنا</strong>?‏إن النظار وادرس يسألون أسئلة دقيقة فاحصة مثل:‏كيف تستطيع ادارس أن تعطي تعلما أحسن ?كيف كن أن نزيد الكفاءات الفردية للمدرس إلى حدها الأقصى ?كيف كن تحس نظام ادرسة?‏كيف كن تفريد التعليم ?كيف كن تحس التعلم ? (١١٥) .وفي محاولة القفز من النظرية إلى التطبيق قدمت أفكار جديدةفالبرامج غير اتدرجةوالدراسة استقلة independent Study والجدولة ارنة وتطوير البرامجالعلاجية <strong>الخاصة</strong>.‏ جميعها وجهت نحو تفريد التعليم.‏ وكل من هذه البرامجيتطلب أن يستخدم الطالب مواد تعليمية أكثر من تلك التي استعملت فيادارس بصورة تقليدية.‏ إن تأسيس مخزن للمعلوماتinformation لم يعد كافيا بعد واليوم يلزم مختبر للمواد التعليمية لكلمدرسة وفي مثل هذا اخملتبر تجد مجالا واسعا من اعلومات اخملتلفةوحيزا ‏(مكانا)‏ وتجهيزات لعمل الطلبة حتى يتمكنوا من العمل بصورة فرديةفي مجموعات صغيرة يطلق على مثل هذا اخملتبر الذي يتوفر فيه الكثيرمن التسهيلات التعليمية ركز وسائل الإتصال التعليمية أو ركز مصادروالفصول متغيرة الحجوم non graded programsStore house of187


الفكر التربوي العربي الحديثالتعلم.‏وقد دأبت اليونسكو خلال عدة سنوات مضت على مساعدة الدولالأعضاء على تحس طرائق التدريس ومواده استنادا إلى أساس علميأوسع مدى مستفيدة على وجه الخصوص من معطيات علم النفس التعليمي.‏وظهر هذا عن طريق سلسلة من الإجتماعات والحلقات التدريبية الإقليميةانظمة من قبل اليونسكو واكرسة للطرق والأساليب الفنية الجديدة.‏وفي أوائل السبعينات بدأ مشروعان إقليميان تجريبيان لتطوير تطبيقاتالتعليم ابرمج في إصلاح انهج ادرسي.‏ ونفذ أحد هذين اشروع فيأربعة أقطار من أقطار وسط أفريقيا التي تتحدث الفرنسية.‏ وقبل البدءبهذين اشروع أشار اجتماع الخبراء في فارنا-بلغاريا من‎١٩‎‏-‏‎٢٩‎إلى الحاجة إلى كتاب يوجه بصفة خاصة إلى ادرس وارب اسؤولعن إعدادهم يتناول تقو التعليم ابرمج من حيث النظرية والتطبيقولإعداد هذا الكتاب كلفت اليونسكو ‏(جري بوكزتاريحمل الاجريجية الجامعية والذي كان مسؤولا عن التعليم ابرمج فيمركز البحث والتدريب التربوي في مدرسة اعلم العليا في سنت كلودsaint Claud بفرنسا والذي أدار حلقة برازفيل سنة ١٩٦٩ أن يقوم بهذهاهمة.‏ومن <strong>هنا</strong> أتت أهمية نقل هذا الكتاب إلى اللغة العربية...‏ ويقصد منهذا الكتاب أن يكون مرشدا للمعلم الذين يرغبون في التعرف علىالتعليم ابرمج ولكنه في نفس الوقت مكرس لأولئك الإداري أو ارباسؤول عن إعداد اعلم الذين يرغبون في استخدام وتطوير هذهالطريقة من طرائق التدريس (١١).ويرى ‏(د.‏ قورة)‏ أن التعليم ابرمج ‏(أو الآلي)‏ سوف يحل مشكلت هامتفي البلدان العربية أولاهما:‏ النقص الكبير في اعلم وثانيهما:‏ ضعفنوعية اعلم اوجودة لا من حيث الأداء الفني فحسب بل من حيث إامهبالحقائق وافاهيم التي يقوم بتدريسها وغربها بشتى الطرائق في عقولاتعلم‏.‏ فهو يعرف القليل في مادته ا يعجزه عن أن يجيب على سؤالذكي لتلميذ نجيب بل ويتبرع بنقل خاطئ للمعلومات إلى اواقف التدريسيةلأنه لا يعرف غير ذلك ‏«وإنك لتعجب إذا دخلت على بعض مدرسي اللغة/٨/١٩٦٨. (١١٦)(Jerry Pocztar الذي188


إتجاه التغريبالعربية مثلا فلا تجد لسانه ينطق بالصواب إلا اما ويتعثر في كتابهفيملأ السبورة أخطاء لغوية وإملائية ونحوية ولا يتورع أن يخطئ صوابتلاميذه في كراساتهم وهو في ذلك معذور بجهله والتلاميذ الأبرياء يأخذونمنه القضايا مسلمة فيشبون على الخطأ ويعتادونه ثم يلقنونه ن يتأثربهم أبنا كان أو تلميذا أو جارا أو مستمعا ذياع أو مشاهدا لتلفاز أوقارئا لكتاب أو مقال أو غير ذلك.‏ وليس الحال في ايادين الدراسيةالأخرى بأحسن منه في ميدان اللغة العربية فالجميع في هذا الهم سواءونلمس آثاره واضحة جلية في أبنائنا وشبابنا».‏ (١١٨)وقد يكمن الحل السريع لهذا في التعليم ابرمج إذا قام عليه الخبراءفي ايادين اخملتلفة والعارفون قوماته وأبعاده فهو بهذا التصور لا يتيحالفرصة أمام التلميذ ليتشرب مثل هذه الأخطاء من معلمه لأن معلمه هوالبرنامج ذلك الأم كل الأمانة الصادق كل الصدق ابرأ من الأخطاءوالتلميذ يتابعه خطوة خطوة يحذو حذوه بالدقة الدقيقة وبلا انحراف.‏وقد كسب الفكر التربوي العربي كسبا كبيرا عندما أنشئ بالكويت‏«اركز العربي للتقنيات التربوية»‏ التابع للمنظمة العربية للثقافة والعلوم إذأنه ا لاشك فيه أن ما قام ويقوم به هذا اركز من شأنه أن يوفر مادةعلمية ثرية تزود علماء وخبراء وأساتذة التربية العرب بالكثير في مجالتكنولوجيا التعليم.‏وقد تضمن برنامج التدريب للمركز في دورته لعامي ‎١٩٧٨‎و‎١٩٧٩‎ ستندوات وحلقات دراسية خصص منها ثلاث ندوات لدراسة برنامج التقنياتالتربوية إحداها عقدت في دمشق في الفترة منلدراسة التقنيات التربوية في معاهد اعلم واعلمات في البلاد العربيةوالثانية عقدت في بغداد في الفترة ماب‎١٧‏-‏برنامج التقنيات التربوية في كليات التربية بالجامعات العربية والثالثة١٩٧٨ / ١٢ /٢٣-١٨٢٢ مارس ١٩٧٩ لدراسة/١٧/٥-١٢عقدت بالرياض في الفترة من ١٩٧٩ لدراسة تطوير برامجإعداد اعلم العربي في مجال التقنيات التربوية (١١٩) .وا كانت الندوات الثلاث تعالج موضوعا واحدا هو برنامج التقنياتالتربوية وتطويره على مستويات مختلفة تهدف جميعها إلى إعداد اعلمالعربي اتخصص في التقنيات أو الذي يتقن مهارات التعليم فقد أولت189


الفكر التربوي العربي الحديثاهتمامها إلى دراسة واقع التقنيات التربوية في الكليات واعاهد واراكزاسؤولة عن إعداد اعلم أو اتخصص.‏ هذا الواقع الذي يشير إلى جملةمن اشكلات تتلخص فيما يلي:‏- الحاجة إلى زيادة وضوح افهوم الحديث للتقنيات التربوية إذ مازالتالتقنيات تفهم غالبا على أنها مجرد أدوات أو آلات أو أجهزة أو مواد.‏- ندرة الأساتذة اتخصص في مجالات التقنيات التربوية اخملتلفةسواء في مجال التدريس أو التصميم أو الإنتاج أو الإستخدام أو البحث.‏- قلة عدد الساعات اعتمدة أو اخملصصة في مجال التقنيات التربويةا لا يساعد على تأهيل أو إعداد معلم قادرين على استخدام التقنياتالتربوية بعد تخرجهم أو إعداد متخصص يعملون في مراكز التقنياتالتربوية اتخصصة.‏- النقص في اواد والأجهزة التعليمية ا لا يتيح لجميع أساتذة الأقساماخملتلفة في كليات التربية أو معاهد اعلم واعلمات استخدامهاالإستخدام الأمثل.‏- عدم توافر التجهيزات اادية الكافية في قاعات الدروس التي تساعدادرس على استخدام التقنيات التربوية بسهولة ويسر.‏- عدم وجود برنامج متكامل للتقنيات التربوية في كليات التربية أومعاهد اعلم واعلمات أو مراكز التدريب والتأهيل <strong>الخاصة</strong> بإعداداعلم يعمل على تطوير امارسات التربوية داخل الكليات أو اعاهدوخارجها.‏- قلة اخملصصات االية بصفة عامة ا لا يتيح لكليات التربية تطويرمراكز أو أقسام التقنيات التربوية التابعة لها.‏وفي ضؤ هذا الواقع خرجت الندوات الثلاث بعدد من الإتجاهاتوانطلقات ثم التوصيات التي تهدف إلى تطوير برامج التقنيات التربويةفي جميع اؤسسات التربوية اسؤولة عن إعداد اتخصص أو اعلمالعربي.‏وإذا كان هذا هو وضع ‏(التكنولوجيا)‏ داخل النظام التربوي فماذا كانالوضع بالنسبة إلى اجملتمع الكبير?‏ ليست مهمتنا في مجالنا الحالي أننب أثر التربية على التقدم العلمي والتكنولوجي في اجملتمع وإا غرضنا190


إتجاه التغريبأن نتناول العكس من ذلك وهو أثر التقدم العلمي التكنولوجي على التربيةوالتعليم.‏ وإذا كان هذا قد اتضح من خلال ما كشفنا عنه بصدد ‏(تكنولوجياالتعليم)‏ إلا إن هذا لا ينبغي بالتالي أن ينسينا محاولة الإجابة على التساؤلالذي طرحناه في البداية لأنه لابد من مؤثر على معظم إن لم يكن كل مايدخل في مكونات النظام التربوي وعلى رأسها بطبيعة الحال ‏(تكنولوجياالتعليم).‏لقد تناوبت الإبداع التكنولوجي ثلاثة مراكز رئيسة هي الشرق الأوسطوالشرق الأقصى ومن زمن وجيز أوروبا حيث تراكم العلم والتقنية والفكرالإنساني بعد جزر أصاب منابعها بالجفاف.‏ وا وعى العالم الأهميةاللامحدودة للعلم والفكر بدا يحاول انتزاع ما تيسر من كنوز اعرفة اخملزونةفي أدمغة الغرب ومكتباته ومصانعه وجامعاته فنجحت في ذلك بعضالبلدان كاليابان والإتحاد السوفيتي بينما اعترضت باقي العالم عقباتتصاعدت من قاعه يكدس عليها الغرب ما بوسعه من عراقيل بعد أنساوره الخوف من شعوب قد لا ترحمه ا افتعل فيها إذا هي كنت منمشاركته في القدرة على الخلق والإفناء بينما يأبى في الوقت ذاته أنيستسلم لانكماش فكري واقتصادي ليهما عليه مخاوفه لا بل يعجزفي الإمتناع عن العطاء انصياعا ا تفرضه عليه القيم التي مكنته مناعرفة فهو يستلب بيد ما يهب بالأخرى ولأن القوى الواهبة هي فيالواقع غير السالبة ينشأ عن هذا التضارب القيمي للغرب موقف ملتبسيؤجل إاء العالم الثالث دون أن يتمكن من منعه اماولكن كن اعتبار وضع يد العالم الثالث تدريجيا وفي زمن ما علىكنوز اعرفة والعلم كحتمية تاريخية لعوامل معينة حتى لو استمر الغربفي احتجاز طاقات العالم الثالث أو مانع وعاند وراوغ فلا خشية علىالعالم أن يبقى مشطورا إلى أجل غير محدود ب جاهل وعالم ومقتدرومغلوب على أمره:‏ إن اشكلة <strong>هنا</strong> هي مشكلة الوقت اللازم لتراكم اعلوماتفما قد يكون حسابها بالنسبة للعالم العربي ?وفي سبيل إجابة موضوعية منتظرة بعد قرن من البحث والتجربة فيالوطن العربي يجب وضع مسألة التكنولوجيا اتوخاة في إطار الأهدافالأبعد والأشمل وبتعبير أوضح في إطار الإفتراضات التي تتضمنها بوعي. (١٢٠)191


الفكر التربوي العربي الحديثأو بلا وعي مذاهب السياسة الحديثة اتوافقة في النهاية مع هذا افهومالواسع التفسيري الديناميكي الذي نقترحه للحضارة وهو إقامة بيئة إنسانيةنوعية تقتضي أولا وضع يد الإنسان على مصيره والسيطرة على شطريوسطه:‏ بيئة جغرافية يتمكن منها بواسطة التكنولوجيا وبيئة اجتماعيةتتطلب تنظيما عقلانيا يشبع الحاجات الإنسانية الأساسية من فكر وعاطفةوأخلاق ثم يجب ملاحظة أمرين:‏ أولهما أن الفشل في تنظيم إحدى هاتالبيئت يودي بعد فترة إلى فقدان السلطة على الأخرى وثانيهما أن بلوغدرجة معينة من هذه السيادة قد يكون:‏- إما بالارتقاء إلى مستوى مناسب في التنظيم الإجتماعي يسمح بعدزمن وجيز بتنظيم البيئة الجغرافية بدورها وإشباع الحاجات الإنسانيةاخملتلفة بواسطة التكنولوجيا ‏(كما حصل بالنسبة للإسلام سابقا)‏ وللاتحادالسوفيتي في عصرنا هذا شرط أن تتوافر إمكانات لهذه السيطرةالجغرافية تتوافق واستوى الحاضر للتكنولوجيا لا كما حصل بالنسبةللبيئات الصحراوية التي لم تكن قادرة على الإستفادة من الإنجازاتالتكنولوجية الإسلامية فعاد مستواها الإجتماعي تدريجيا إلى حاله وإنامتازت على ما كانت عليه في الجاهلية لكنها بقيت عبئا على العالمالعربي الذي لا يزال يرزح تحت ثقله.‏- وإما بتدرج متوازن للسيطرة على شطري البيئة في وقت واحد ‏(كماكان التطور الأوربي)‏ قد تساعد عليه ظروف استثنائية جغرافية ‏(شبيهةبالتي سنحت لرواد أمريكا الشمالية)‏ أو تكنولوجية شبيهة بالتي سمحتلنشوء اليابان الحديث كحافز للتقدم الإقتصادي-الإجتماعي ولكنالإستفادة من هذه الإمكانات التكنولوجية والجغرافية مشروطة بحد أدنىمن التنظيم الإجتماعيوعلى ضؤ هذا الحد الأدنى كن مراجعة التاريخ في سبيل تقديرالزمن اللازم لإعادتنا إلى مراتب معقولة في سلم الحضارة.‏. (١٢١)التجديد التربوي:‏صحيح أن الإنسان قد يسعد بالجديد ويطلبه لكن الأمر قد يختلفبالنسبة لطرائق التفكير والسلوك فها <strong>هنا</strong> يجد الإنسان نفسه غير راغب192


إتجاه التغريبفي تغيير ما ألفه.‏ وإذا كان هذا الأمر يصدق على الإنسان الفرد فهويصدق عشرات ارات إذا كان الأمر يتصل باجملتمع وقضاياه وقد بدا هذاجليا بالنسبة للقضايا التربوية التي كانت تتعرض لرياح التغيير بفعل العواملالداخلية وبدرجة أكبر بفعل مؤثرات الثقافة الغربية الوافدة.‏ومن أجل هذا فإن البعض من دعاة التجديد في الفكر التربوي العربيكانوا يحرصون على ألا تنطلق الرغبة في الجديد لذاته وإا بالإستنادإلى مبررات ودواع تجعل منها مسألة ‏(ضرورة)‏ لامحيص عنها وقضية‏(وجود)‏ يجب التأكيد عليها.‏فإذا ما استعدنا إلى الذاكرة تلك اسلمة التي تقضي بأن التعليم ‏(صناعةاجتماعية)‏ تتم من خلالها إعادة صياغة الإنسان في صورة يتم فيها التوافقب ما يرغب فيه الفرد ويقدر عليه وب ما يطلبه اجملتمع ويتيحه اتضحلنا بالتالي أن الدواعي وابررات التي استند إليها تجديد التعليم عبرتعنها سلسلة التغيرات الكبرى والتحديات الرئيسة التي شكلت علاماتأساسية على طريق التطور الإجتماعي.‏ !إن حقيقة التغيير السريع الدائم هو النتيجة الكبرى التي خض عنهاعانا اعاصر إذ إن التغيير أصبح يحدث بسرعة يستحيل معها إغفالهبل إن النظرة بعيدة ادى تؤكد بشدة هذا الإتجاه ولهذا كان على التربيةأن تواجه استقبل غير اعلوم مواجهة واعية وأن تعمل بجد واجتهادلتهيئة رجال الغد لكي ينهضوا باسؤوليات في مجتمعات لم تظهر بعد.‏والتجديد التربوي يشتمل على مكونات ثلاثة وهي:‏ الجدة والتغييروالإصلاح وهذه العناصر متكاملة في طبيعتها عنى أن أيا منها لا تستطيعفردها أن تحدث التجديد ولا تكون لها قيمتها للتنمية التربوية بصفةعامة فالجدة في حد ذاتها لا تبرر التجديد لأن كل فكرة أو طريقة أوارسة جديدة لا تعتبر بالضرورة تجديدا كذلك التغيير ليس هو الآخرفي حد ذاته كافيا لتبرير التجديد نظرا لأنه ليس كل تغيير مرغوبا فيهوقد تتغير امارسات التربوية والطرق التعليمية فيكون التغيير إلى الأسوأوينبغي أن تكون معايير الجدة والتغيير ونتائجها إصلاحا للنظم التعليميةيتراوح ب الإصلاح التدريجي والإصلاح الجذري.‏أما دعوات التجديد فقد حاولت أن تطرق اجملالات الآتية:‏193


الفكر التربوي العربي الحديث- تغييرات تحدث في البناء والتنظيم التعليمي في اراحل اخملتلفة‏(زيادة معدلات النظري والعملي...‏ في الإستيعاب في توزيع الفرصالتعليمية اواءمة مع اجملتمع المحيط بالنظام التعليمي..‏ الخ)‏- إعادة تنظيم المحتوى التعليمي القائم أو تقد محتوى جديد.‏- إدخال وسائل تعليمية جديدة.‏إدخال طرق جديدة كالتفاعل ب التلاميذ وادرس واستخدام طريقةتدريس الفريق.‏- إحداث تغييرات في نظم الإمتحانات.‏- خفض تكلفة الوحدة وإدخال طرق جديدة لتمويل التعليم.‏وقد بلغ الإهتمام بالتجديد التربوي حدا جعل منه ‏(أي التجديد)‏ علماأصبحت له موضوعاته ومنهجه وأهدافه وصار من أهم هذه الأهداف أنيعمل على تشجيع إدخال التجديدات التي لا تتسم بالجدة وحسب بلتنطوي على التغيير وتؤدي إلى الإصلاح.‏ وأصبح من الضروري لهذا العلمأن يكون في خدمة التخطيط التربوي وأن يضع الأدوات والتقنيات الائمةوأن يصحح الأخطاء الشائعة حول التجديدات ويستبعد ‏(الفقاعاتالتجديدية)‏ ويضع نهجا ناقدا لنقل التجديدات وتقليدها ويسعى إلىتحديد الشروط اثلى لإدخال التجديدات في النظم اركزية واللامركزيةويحقق التناسق ب التغيير والإستمرارية كذلك فإن من أهداف هذا العلمأن يسعى إلى خفض تكلفة التجديدات التربوية وأن يتحقق من أن التجديدالتربوي لا يغدو غاية في حد ذاته وكل هذا معناه أن التجديد التربوي لايكون أمرا مرغوبا فيه ما لم يدخل التحس بصورة أو بأخرى على ماكان معمولا به قبل إدخال ذلك التجديدوقد تركز اهتمام اليونسكو على التجديد التربوي منذ عام١٩٧٠ عندما٧) أعتبر. (١٢٢)أصدر اؤر العام في دورته السادسة عشرة توجيها خاصا (٢١ وفيه ‏«أنه نظرا تطلبات التنمية التي تتخذ أشكالا مختلفة فإن عمل اليونسكوينبغي أن يسهم في التجديد التربوي الذي من شأنه أن يع على تقدمالأفراد واجملتمعات....»‏وأصبح هذا التجديد أحد ‏(الأفكار الحاكمة)‏ في-١٩٧٣-١٩٧١برنامج قطاع التربية لعامي ١٩٧٢. وفي برنامج اليونسكو لعامي١٩٧٤ بدأ هذا الإهتمام يعبر عن نفسه-من باب اشروعات الرائدة-في194


إتجاه التغريبإنشاء مركز أسيوي للتجديد التربوي من أجل التنمية وذلك ‏«بنية تشجيعوتنشيط هذا التجديد عن طريق شبكة من اؤسسات الوطنية في انطقة»‏. (١٢٣)ويعود اهتمام اليونسكو بالتجديد التربوي في البلدان العربية إلى مطلععام ١٩٧٣ عندما أنشأت انظمة مكتبها الإقليمي للتربية في بيروت وجعلتأحد مهامه الرئيسة ‏«تقد مشورات فنية إلى الدول العربية الأعضاءحسب طلبها ومساعدتها في الجهود التي تبذلها من أجل تجديد نظمهاالتعليمية».وفي سنة ١٩٧٥ بدأت اليونسكو خطوة أخرى فقامت عن طريقمكتبها الإقليمي باستطلاع رأي الدول العربية حول إقامة برنامج لتجديدالتربية من أجل التنمية في انطقة أسوة ا هو قائم في آسيا وحصلتعلى رد إيجابي باوافقة من أغلبية هذه الدول كما اطلعت مكتب ‏«البرنامجالإائي للأ اتحدة»‏ على اشروع فأبدى استعداده للإسهام فيه.‏بعد ذلك أعدت سكرتارية اليونسكو وثيقة عن البرنامج تضمنت تصوراأوليا له من حيث جهازه ومحتواه وأاط نشاطه وذلك بقدر ما سمحت بهرؤية الواقع لعرضها على اجتماع كبار اسؤول عن التعليم في الدولالعربية الذي انعقد-بناء على طلب اليونسكو-في القاهرة في ادة من٢٤ أكتوبر ثم أعدت سكرتارية اليونسكو وثيقة أخرى عن البرنامج مستفيدةمن نتائج اجتماع القاهرة وبعد مشاورات مع انظمة العربية للتربية والثقافةوالعلوم التي عنيت بإنشاء شبكة للبحوث التربوية في انطقة.‏ وكان قصدالوثيقة هذه ارة أن تكون ورقة عمل في اوضوع للعرض على اؤرالإقليمي الرابع لوزراء التربية والوزراء اسؤول عن التخطيط الإقتصاديفي الدول العربية ‏(أبوظبي‎٧‎‏-‏ ١٤ نوفمبر / تشرين الثانيومن أجل متابعة توصية اؤر <strong>الخاصة</strong> بالقضية وإسهاما في دفعبرنامج التجديد التربوي في البلاد العربية على طريق التنفيذ نظمتاليونسكو ‏(سنة ١٩٧٨) سلسلة من الزيارات ايدانية لأكثرية الدول العربيةمن أجل استقراء الواقع والتعرف من خلال الحوار مع اسؤول عنالتعليم فيه على الإمكانات والنشاطات واشكلات والآمال اتعلقة بالتجديدالتربوي وذلك للتوصل إلى رؤية أو تصور للبرنامج من حيث شكله ومحتواهواستراتيجية تنميته وكيفية البدء فيه.‏ وقد عرض هذا التصور-من باب-١٨. (١٢٤)(١٩٧٧195


الفكر التربوي العربي الحديثاختبار سلامته وملاءمته للمنطقة العربية-على مجموعة من الخبراء العربوثل عن بعض انظمات والصناديق الدولية والعربية اعنية ‏(الحمماتتونس-أكتوبر / تشرين الأولكذلك عقد الإجتماع الأول للمجموعات الفنية لبرنامج التجديد التربويمن أجل التنمية في الدول العربية الذي دعا إليه مكتب اليونسكو الإقليمي١٩٧٩ والذي حضرهللتربية في القاهرة في ادة مناثنان وعشرون خبيرا عربيا ودوليا وذلك (١) للنظر في مجالات التجديدالتربوي الذي سبق الإتفاق عليها في اجتماع تونس وتحليلها وتحديدمحاور الإهتمام أو الأولويات داخلها و ‏(ب)‏ الخروج في ضوء هذا النظروالتحليل شروع خطة عمل للبرنامج خلال السنواتاستطاعت اجملموعات الفنية من خلال الدراسة واناقشة والحوار بأعضائها طوال أيام الإجتماع أن تضع بالفعل مشروع خطة مفصلة للبرنامج-‏من حيث محتواه-ضمنته تقريرها الختامي.‏ وأصبح هذا التقرير إحدىوثائق الإجتماع الإستشاري الإقليمي الأول الذي عقد في الدوحة/‏ قطر٢٦ أبريل نيسان ١٩٧٩ وأسفرت مناقشته من جديد على مستوىالإجتماع الإستشاري الأول عن إدخال بعض التعديلات والتنقيحاتوالإضافات عليه ليصير-وفق اقتراح الإجتماع-مرجعا وإطارا عاما لخطةعمل اؤسسات ارتبطة بالبرنامج خلال السنوات القادمة (١٢٥) .-١٩٧٩ .١٩٨٢ وقد٢٢ مارس / آذار.(١٩٧٨-١٨-٢١196


الإقليمية5 الإقليميةنقصد بها ذلك الإتجاه الذي انطلق أصحابهمن الكتاب وافكرين يؤكدون على ‏«خصوصية»‏الشعب الذي ينتمون إليه في نطاق حيز جغرافيمع مثل دعاة ‏(الفرعونية)‏ و(الفينيقية)‏ وما شابهذلك من دعوات قد تستند إلى خواص تاريخيةمعينة أو عرفية أو جغرافية...‏ إلخ.‏والإتجاهات الإقليمية التي سنستعرضها تختلفقوة وضعفا باختلاف العهود التاريخية وتختلفمن حيث التأثير باختلاف الوزن الذي ثله.‏ ورايكون بعض منها قد حمله أناس من أهل البلد لكنرا يكون بعض آخر قد حمل عليه البلد نفسهبفعل قوة خارجية وكان ابشرون بهذه الدعوةمتأثرين تأثرا واضحا بالتفكير الأوروبي كما يبدومن خطبهم وكتاباتهم.‏ وقد نشأت هذه الفكرةالجديدة نتيجة للتوسع الإستعماري الذي تلااكتشاف مساحات واسعة جديدة لم سها يد فيأمريكا وأواسط أفريقيا وأصبحت ميدانا للتنافسالإستعماري ب الدول الأوروبية وكانت حربأمريكا في سبيل استقلالها والثورة الفرنسية منبعدها في مختتم القرن الثامن عشر هي نقطةالبداية لهذه الحركة التي اتخذت شكلا عنيفا197


الفكر التربوي العربي الحديثوأصبحت العقيدة التي تدين بها الشعوب الأوروبية الصغيرة في النصفالثاني من القرن التاسع عشر فقد رفضت هذه الدول أن تربط نفسهابعجلة وزارات الخارجية في الدول الكبرى التي تنطوي تحتها لتسوقها إلىالحروب ح تشاء وتحملها تبعتها من دماء ومن أموال.‏ (١) .نشأت مجموعات من الكتل البشرية تقوم كل كتلة منها على أساسالإعتقاد بأنها شعب واحد وكان ذلك نتيجة للتقسيم الصناعي الذي قسمتفيه الجماعات البشرية في دول أوروبا الصغرى حسبما رأت الإمبراطورياتالكبرى أنه محقق صالحها.‏ وتعصبت كل مجموعة من هذه اجملموعاتلفكرة الوطن والقومية واندفعت في حماس عاطفي بالغ لتحقيقه والدفاععن كيانه واستنقاذه من الدائرة الكبيرة التي كانت تنطوي تحتها مطالبةبحقها في الإستقلال الكامل بتدبر شؤون نفسها داخل حدود ذلك الوطنوكان الكتاب والشعراء والصحف والدعاة يغذون فكرة القومية الجديدةالتي تستند إلى ما غرسته الثورة الفرنسية في النفوس من تعاليمالدقراطية وما نشرته من الدعوة إلى الحرية التي أيقظت الشعور القوميوروح التمرد في الشعوب التي أصبح التغني جد الوطن والتضحية فيسبيله هو الأغنية الرومانسية المحببة التي ترددها الجماعات ويترونبها ترهم بالتراتيل الدينية وارتفعت قيمة التضحية بالجهد واال وبالروحفي سبيل مجد هذا الوطن الذي اتجهت إليه عواطف الناس وكأا هومعبود جديد هداهم إليه نبي جديد (٢) .ويستخدم مصطلح الطابع القومي للشخصية بوجه عام لوصف السماتالدائمة للشخصية وأساليب الحياة اتفردة التي توجد سائدة لدى سكانبعض اجملتمعات.‏ وهذا السلوك ينظر إليه أحيانا على مستوى مجرد عنىاعتباره سلوكا ثقافيا وبغير رده بالضرورة إلى اذج مختلفة من الشخصية.‏كما كن أن ينظر إليه باعتباره ينهض على أساس ميكانيزمات ‏(آليات)‏نفسية محددة يز شعبا معينا بالذات (٣) .ويرى ‏(كارسلون)‏ أن تحليلات الطابع القومي للشخصية استخدمت غالبالأغراض سياسية قومية لتمجيد شعب من الشعوب.‏ وفي مثل هذه الحالةيكرس الباحث جهده لتصوير فضائل هذا الشعب باقارنة مع باقي الشعوب.‏وقد استخدمت أيضا هذه الدراسات كوسيلة لاستنهاض همم الأ حتى198


الإقليميةتقدم على اتخاذ قرارات سياسية عنيفة وتوكيد ذاتها.‏ وبالرغم من أنالباحث في هذه الحالة قد يضع يده على بعض سلبيات شعبه إلا أنه غالباما يخفف من وزنها وفي نفس الوقت يقلل من الصفات الإيجابية للشعوبالأخرى.‏ واوضوعية <strong>هنا</strong> عقوبتها اتهام الباحث أو الكاتب بالإفتقار إلىالوطنية والإنحياز إلى جيد الشعوب الأخرى (٤) .ولعل أهم الدعوات والإتجاهات الإقليمية في عانا العربي الحديثهي:‏الدعوة إلى ‏(المصرية)‏شهادة وجود:‏هي كتابات خمس من كتابات مفكري مصر تؤكد كلها على وجود الطابعالخاص اميز صر في صيغ مختلفة ولدوافع قد تتعدد وفي ضوء ظروفمتفاوتة.‏أقدم هذه الشهادات ذلك الجزء الذي أورده عباس محمود العقاد فيكتابه الضخم عن سعد زغلول حيث عنون هذا الجزء ب ‏(الطبيعة اصرية).‏ومن الواضح ن يقرأ هذا الجزء أنه يتسق مع نهج العقاد في تبنيه نهجالتحليل النفسي لا باعنى الفرويدي وإا عنى الإستناد إلى عدد منالسمات النفسية و(الطبيعة النفسية <strong>الخاصة</strong>)‏ سواء بالنسبة للفرد أوللمجتمع.‏ ومن <strong>هنا</strong> فإذا كانت ‏(طبيعة اصري)‏ فيما يشهد العقاد هيموضع دراسات كثيرة:‏ جنسية ونفسية واجتماعية وسياسية إلا أنه يسجلأسفه لأن كثيرا منها يقوم على الإشاعة والغرض وقليلا منها على التحقيقوالإنصاف.‏‏«وليس ذلك لغموض أو تعقيد فيها فإن هذه الطبيعة واضحة سهلةليس في الأ العريقة كافة-فيما نعتقد-أمة أوضح منها وأسلس ولكنهاقد احتجبت طويلا ا أحاط بها من أقاويل الأ انافسة لها أو اوتورةوقد طال عهد مصر راس انافس والجيران اوتورين وطال إعراضهاعما يصفونها به ويفترونه عليها حتى وقر في الأذهان وأصبح التعرض لهبالتفنيد والتصحيح كالتعرض للحقائق اقررة والوقائع اكررة تبدو عليه199


الفكر التربوي العربي الحديثشبهة الغرض والمحاباة من حيث لا تبدو على تلك الأقاويل افتراه»‏ (٥) .أما الدكتور حس فوزي فيشير في مقدمة كتابه الشهير ‏(سندبادمصري)‏ إلى أنه منذ زمن طويل كان يطمع في وضع كتاب على هامشتاريخ مصر يصور فيه الحياة اصرية منذ نشأتها صورة صادقة ا اختلجتبه نفسه منذ تيقظ فيه الشعور والإدراك سواء أمام النيل وفوق واديهالخصيب أو في عرض البحر مقبلا من البحر الأحمر بعد رحلة طويلةبالمحيط الهندي عابرا قناة السويس إلى بحرنا الأبيض أو جوابا علىسطح بحيرات الدلتا الواسعة أو متنقلا ب بحيرة قارون ومحافظة الفيومأو مخترقا الصحراء إلى الواحات النائية أو مختليا بآثار أجداده فياتاحف في مصر وفي الخارج أو مرتادا أطلال بلاده القائمة ب الشلالوالدلتا أطلال العصر القد والحقبة اليونانية الرومانية وآثار العهدالقبطي والعصور الإسلامية.‏ وقد أحس في هذه التجارب ‏«بالوحدة الكامنةخلف كل تلك الحضارات اتعاقبة.‏ في السراء والبأساء والوحدة القوميةاتماسكة التي جعلتني أشعر بأنني ابن أعرق الشعوب طرا.‏ تلمست تلكالوحدة فعرفتها في حقيقتها الإنسانية عرفتها في اصري فردا وشعبامهما تعدد حكامه وتداولته الإحن والأرزاء»‏ (٦) .وبأسلوب الشاعر والأديب وبقلب العاشق يتيه الدكتور حس مؤنسإعجابا وفخرا صر حتى لتدفعه هذه اشاعر إلى أن يكتب»‏ (٧) .‏«في البدء كانت مصر..‏ قبل الزمان ولدت وقبل التاريخ وجدت <strong>هنا</strong>بدأ كل شيء:‏ الزراعة واعمار والكتابة والورق والهندسة والقانونوالنظام والحكومة».‏قرون تجري في أثر قرون عوالم تولد ثم وت ومصر <strong>هنا</strong> في مكانهاتبني وتنشئ وتعمر وتكتب وترسم وتنشد وتصلي وتتألق وتتوهج وتخبوثم تتألق وتتوهج.‏<strong>هنا</strong> عاش رسل وأنبياء وحواريون.‏ لم يذكر الله سبحانه في كتابه العزيزبلدا باسمه إلا مصر.‏وبنفس الروح وعلى نفس النهج إلى حد ما تكتب الدكتورة نعمات أحمدفؤاد كتابها ‏(شخصية مصر فنجدها توجه إهداء الكتاب إلى:‏‏«مصر...‏ التي يدمي جرحها قلبي.‏ ويضيء تاريخها دربي.‏ ويشرف200


الإقليميةباسمها إسمي.‏ مصرية من مصر وصر وإلى مصر».‏وهي تنهي سطورها التي تصدر بها الكتاب بتوقيع اسمها مسبوقا بهذهالكلمات:‏‏«وحسب هذا الكتاب أن يكون دعوة ودعاء..‏ لأكرم وطن..‏ صرالخالدة»‏ (٨) .وإذا كان الدكتور جمال حمدان قد استطاع وسوعته الضخمة عن‏(شخصية مصر جلداتها الأربعة أن يترك بصمات واضحة على تاريخالفكر العربي على وجه العموم والفكر اصري على وجه الخصوص جعلتهيبز غيره ويحتل-بغير اختلاف فيما نظن-مكانة إلى جوار ابن خلدون إلاأنه قد انطلق من موقع مختلف عمن كتب في هذا اوضوع ينبئنا بذلكهذا النقد العنيف الذي وجهه في مقدمة كتابه للنمط السائد في الكتابةعن شخصية مصر ‏«فنحن معجبون بأنفسنا أكثر ا ينبغي وإلى درجةتتجاوز الكبرياء الصحي إلى الكبر ارضي.‏ ونحن نتلذذ مارسة عبادةالذات في نرجسية تتجاوز العزة الوطنية اتزنة ‏(السمحاء إلى النعرةالشوفينية الساذجة البلهاء أو الهوجاء»‏ (٩) .ولهذا يصف مفكرنا كتابه الضخم بأنه ليس كتابا ن يحبون أو يرجونخداع النفس أو الغير ‏«ليس هذا كتابا في النرجسية أو عبادة الذات الوطنيةولا هو محاولة شوفينية للتمجيد ليس قطعة من ‏«الغزل العلمي»‏ ولا هوموسوعة في ‏«فضائل مصر»‏ ليس دفاعا بالحق والباطل عن مصر ولا هوهجوم عليها أيضا وإا هو تشريح علمي موضوعي يقرن المحاسن بالأضدادعلى حد سواء ويشخص نقاط الضعف والقوة سواء بسواء وبغير هذا لايكون النقد الذاتي بل ولا يكون العلم.‏ فليس في العلم ‏(شعب مختار)‏ ولا‏(أرض موعودة)‏ (١٠) .رابطة ‏(الوطنية)‏ المصرية:‏حتى الربع الأول من القرن التاسع عشر على وجه التقريب لم يعرفالشرق العربي رابطة يتحدث عنها الناس وجامعة ب أهله سوى رابطة ‏(الة)‏التي كانت تعني يومئذ رابطة الدين..‏ ولم تكن الرابطة ‏(الوطنية)‏ أو ‏(القومية)-‏الجنسية-قد برزت بعد بل إن اللغة اتداولة يومئذ لم تكن تستخدم هذه201


الفكر التربوي العربي الحديثاصطلحات وكان التنظيمان الحرفي والطائفي اللذان سادا طوال العصرالإقطاعي الشكل اعبر بدقة عن التفكك ب أبناء البلد الواحد وادينة الواحدةفضلا عن الإقليم كما كان نظام ‏«الالتزام»‏ في الأرض الزراعية وهو الذي سادقرونا عدة حتى ألغاه محمد علي بعد سنوات من حكمه.‏ كان هذا النظاميكرس التفكك ويحول دون قيام رابطة ‏(وطنية)‏ حقيقية ب أبناء البلاد (١١) .ويعتبر رفاعة الطهطاوي أول مفكر مصري في العصر الحديث نعثرلديه على البدايات الجنينية لفكرة الوطنية اصرية.‏ ذلك أننا إذا اعتبرناالوطنية هي حب الوطن والشعور بارتباط عاطفي نحوه فإن رفاعة يكتبوهو في باريس بيتا من الشعر يقول فيه:‏لئن طلقت باريس ثلاثافما هذا لغير وصال مصروهو يتحدث عن مصر باعتبارها أفضل البلاد ‏«أما في بلاد أفريقيةفإنها تشتمل على أعظم البلاد...‏ فكيف لا ومصر التي هي من أعظمالبلاد وأعمرها وهي أيضا عش الأولياء والصلحاء والعلماء»‏ (١٢) .ورغم أن رفاعة لم يحاول أن يقدم لنا تعريفا فهوم الوطن في تخليصالإبريز إلا أننا نجده بعد ذلك بأكثر من أربع عاما (١٨٧٤) يتصدى لهذهالعملية في صحيفة ‏(روضة ادارس اصرية)..‏ ويحاول أن يقدم تعريفاللوطن وللوطنية..‏ فهو يرى أن الوطن هو عش الإنسان الذي فيه درج ومنهخرج وجمع أسرته ومقطع سرته وهو البلد الذي نشأته وتربته وغذاؤههواؤه ورباه فسيحة وحلت عنه التمائم.‏ومقومات الوطن عند الطهطاوي هي أن يكون أبناء الوطن دائما متحدينفي اللسان.‏ وفي الدخول تحت ‏(استرعاء ملك واحد والإنقياد إلى شريعةواحدة وسياسة واحدة)‏ (١٣) .وليست الوطنية عند علي مبارك تعصبا ضيق الأفق لإقليم من الأقاليمأو وطن من الأوطان حتى ولو كان هذا الوطن هو مصر التي أخلص لهاالحب وإا الوطنية عنده موقف يصدر صاحبه عن عشق للحضارة فيندفععاشقا وطنها ومهدها حتى ليعشق كل مواطن الحضارة للدور الذي مثلتهفي تهذيب النوع البشري وترقيته وتحضره.‏ ومن <strong>هنا</strong> كانت الوطنية عندهكما ثلت في حبه صر موقفا حضاريا ونزعة متحضرة لا تعصبا ضيق202


الإقليميةالأفق لإقليم من الأقاليم (١٤) .هذا اوقف الحضاري يعبر عنه ويجسده:‏ العطاء..‏ عطاء اواطن لوطنهمهما اختلفت وتعددت صور هذا العطاء لأنها قد نبعت من العطاء عطاءالوطن غير المحدود للذين أقلتهم أرضه وأظلتهم سماؤه وهم اواطنونيقول علي مبارك مؤكدا على أن التعليم ورفعة شأنه والسعي في طلبههو أجلّ‏ دين في عنق اواطن نحو وطنه:‏ج...ومن أعظم ما نرى أنفسنا مدين له مطالب من جهته مغمورينبحقوقه اقدسة هذا الوطن الجليل الذي نشأنا به وعشنا فوق أرضهوتحت سمائه ونعشنا بهوانه وروينا ائه واغتذينا بنباته وحيوانه وانتفعنابسائر أجزائه وهو في كل آن دنا ويفيدنا ويعطينا ويزيدنا كما كانصنيعه مع آبائنا وأجدادنا السابق وكذلك يكون شأنه مع أبنائنا وأحفادنااللاحق فلزمنا أن نقدره حق قدره ونأتي على آخر جهدنا واستطاعتنافي منفعته وخيره ولا شيء أنفع له وأجلب للخير والبركة من تعليم أبنائهوبث اعارف والفنون النافعة فيهم حتى يعرفوا حقوقه ويكونوا يدا واحدةفي نفعه وخدمته وإيصاله إلى غاية ما كن أن يصل إليه من الغبطةوالسعادة والرفعة وعلو اكانة وبذلك تزداد خيراته وبركاته عليهم وعلىنسلهم وعقبهم وخلفهم من بعدهم (١٥) .ثم انشغل الناس ا كان من فشل الثورة العرابية واحتلال مصر ففترتدعوة ‏(الوطنية)‏ زمنا وركدت ريحها وقد دهى الناس ذلك الخطب الجديدفامتلأت قلوبهم رهبة من السياسة وهيبة من الإشتغال بها ومن مثلمصير عرابي وصحبه وقد أصبح الأمر كله بيد الإنجليز.‏ولم يزل الناس في دهشتهم حتى أفاقوا على صوت انادين الذينينبهونهم من غفلتهم في أوائل القرن العشرين.‏ وكان قادة الحركة الجديدةطائفة من الشباب اثقف اختلفوا في مناهجهم وأساليبهم فمنهم مناتخذ الدين والتعلق بالرابطة الإسلامية سبيلا إلى ذلك ومنهم من نهجنهجا جديدا جريئا فنادى بالرابطة اصرية محاربا فكرة الرابطة الدينيةوالرابطة العثمانية وكان الفريق الأول-‏ثلا في الحزب الوطني وعلىرأسه زعيمه الشاب مصطفى كامل-يتحدث عن الوطن والوطنية حديثاعاطفيا ويتغنى به كما يتغنى العاشق عشوقه محاولا أن يغزو قلوب203


الفكر التربوي العربي الحديثاصري بهذا الحب الجديد (١٦)وكان الفريق الآخر-‏ثلا في حزب الأمة أو في شبابه اثقف بتعبيرأدق-يتحدث عن الوطن حديث العقل واصلحة فهو لا يستهدف إثارة الناسولكنه يحاول إقناعهم وهو لا يتغنى بالوطن المحبوب ولكنه يتحدث عنالنفع اادي واصلحة اشتركة التي تجمع ب ساكنيه.‏ وكلا الفريق كانمتأثرا تأثرا واضحا بالتفكير الأوروبي.‏وتدوي كلمات مصطفى كامل:‏‏«بلادي..‏ بلادي..‏ لك حبي وفؤادي..‏ لك حياتي ووجودي..‏ لك دميونفسي..‏ لك عقلي ولساني..‏ لك لبي وحناني..‏ فأنت.‏ أنت الحياة ولاحياة إلا بك يا مصر!»‏ويزيد على ذلك فيقول:‏‏«إني لو لم أولد مصريا...‏ لوددت أن أكون مصريا»..‏وهكذا تنطلق العبارات مفعمة بالحب والعشق للوطن فيجتذب إليهالألوف من الشباب خاصة.‏ وإذا كان البعض قد عاب على مصطفى كاملهذا الأسلوب العاطفي الرومانسي ابالغ فيه إلا أنه كان ضروريا فيارحلة التي ظهر فيها..‏ ليوقظ في الناس الحمية ضد احتلال بغيضمسلح بأعتى أسلحة العصر مدجج بالجبروت والقهر ولكي يبعث الأملفي القلوب بعد أن خيم عليها يأس رهيب.‏وسرت دعوة ‏(الوطنية اصرية)‏ التي أشعلها مصطفى كامل في مجالاتالفكر اخملتلفة وعلى سبيل اثال أصدر علي الغاياتي ديوان شعر سماه‏(وطنيتي)‏ واشترك في تقده إلى القراء محمد فريد وعبد العزيز جاويشوقد صودر الكتاب عند ظهوره في يوليه سنة ١٩١٠ وأحيل مؤلفه وكاتبامقدمته إلى محكمة الجنايات متهم بتجنيد الجرائم والتحريض علىارتكابها وإهانة هيئات الحكومة.‏ وقد قدم الغاياتي لديوانه قدمة طويلةعن واجب الشعراء في بث الروح الوطنية والغيرة القومية ومحاربة الظلموالإستبداد وعن حاجة مصر إلى نشيد وطني (١٧) .مصر للمصريين:‏وإذا كنا قد بينا البدايات الأولى لظهور فكرة ‏(الوطنية)-أي الرابطة204


الإقليميةالقائمة على أساس سياسي مدني جغرافي-‏ إلا أننا نجد فكرة أخرى ذاتصلة وثيقة بها لكنها تتقدم عليها خطوة أو خطوات تلك هي فكرة أن تكون‏(مصر للمصري‏)‏ فقد يظهر الوعي ب ‏(الوطنية)‏ لكن يظل الأمر ملتبسابانضواء ‏(الوطن)‏ تحت لواء آخر سياسي أو ديني أما ها <strong>هنا</strong> فنجد الوعيبالإستقلال وب ‏(الهوية <strong>الخاصة</strong>).‏ ولا يلزم عن ذلك ألا تجيء الفكرة الثانيةإلا بعد ظهور الأولى إذ يظل الإحتمال بتقارب النشأة بل والإختلاط أحيانا.‏ولا نستطيع إزاء فكرة ‏(مصر للمصري‏)‏ إلا أن نبرز ‏(التربة)‏ الحقيقيةلظهورها وهي بداية الإهتمام بالإعتماد على أهل البلاد في تسيير دفةالعمل في قطاعات متعددة بعضها كانوا معزول عنه فترات طويلة منالزمان وكان ذلك في عهد محمد علي وكذلك كان ضمن هذه ‏(التربة)‏بداية نشأة طبقة الأعيان أو البورجوازية اصرية (١٨) .ومن <strong>هنا</strong> نجد بدايات ظهور عنصري ‏(اصلحة)‏ و(الإستقلال)‏ في فكرة‏(الوطنية)‏ ومن <strong>هنا</strong> نجد سليم النقاش يذهب إلى أن الوطنية لا توجد إلافي الوطن استقل الذي لا تتحكم فيه دولة أخرى.‏ ولا يتجاهل سليم أثراصلحة اشتركة والتاريخ اشترك والثقافة اتمثلة في وحدة العاداتوالتقاليد في تكوين الشعور الوطني فهو يرى أن الوطني هو الذي ‏(يحرصعلى مصلحة بلاده)‏ وهو من ‏(ولد وتربى ب أهليها وشب على عوائدهاوشاب على مألوفاتها فصار جزءا من كل..‏ يألم ا يأون منه ويرضى ايرضونه)‏ وهو يعتقد أن ‏(الرابطة الوطنية تتغلب على ما عداها من الروابطوخاصة الرابطة الطبقية فالعظيم والحقير والصغير والكبير والرئيسوارؤوس كل منهم وطني يسعى في خدمة بلاده صلحت بذلك بلاد غيرهأو فسدت فليس من همه إلا ما يحفظ لوطنه ناموسه ويخلد ذكر دولتهويؤيد سطوة حكومته (١٩) .ولعلنا لا نبعد كثيرا عن الحقيقة إذا قلنا إن ‏(الجمعية الوطنية)‏ التيأعلنت عن نفسها في أوائل أبريل ١٨٧٩ والتي وضعت ما عرف باللائحةالوطنية كانت ثابة الإعلان الرسمي عن تكوين تلك الجبهة الوطنية التيضمت عناصر البورجوازية الريفية والحضرية ‏(الأعيان والتجار)‏والأرستقراطية التركية ‏(الذوات)‏ ورجال الدين ‏(العالم والبطريركوالحاخام)‏ وضباط الجيش أو بعبارة أخرى كانت تضم القوى الإجتماعية205


الفكر التربوي العربي الحديثالتي أصابها الضرر من وراء السياسة التي تبلورت من خلال التدخل الأجنبيفراحت تتجمع بصورة مرحلية لتحمي مصالحها مستفيدة من حاجةالخديوي إلى مساندتها لتحصل لنفسها أو ليحصل القطاع الوطني منها‏(الأعيان والتجار)‏ لنفسه على حقه في أن يكون له صوت مسموع فيتقرير أمور البلاد الذي يضمه دستور يقيد السلطة الأرستقراطية ايلخصه شعار ‏(مصر للمصري‏)‏ (٢٠) .ويبرز أحمد لطفي السيد كأبرز ‏(فيلسوف)‏ للإتجاه الجديد وخاصةذلك الجناح الفكري للبورجوازية اصرية.‏ ومن <strong>هنا</strong> فهو يؤكد على أن حلاسألة اصرية أو استقلال مصر إذا كان أمرا أوروبيا محضا كما قاللورد كرومر ‏«فلا شك عندي في أن جميع الأعمال التحضيرية التي تؤديحتما إلى الإستقلال هي بيد اصري ومن أعمالهم الذاتية التي لا دخللأوروبا فيها..‏ اصريون هم الذين يقومون بتعليم أنفسهم وترقية أحوالهمالإجتماعية والإقتصادية والسياسية ثم لا يكون من عمل أوروبا بعد إلاالإعتراف لهم بالإستقلال»‏ (٢١) .وعندما تثور بعض الهمسات التي تخفت حينا وتعلو حينا آخر منالأخوة الشوام الذين هاجروا إلى مصر يدعوهم مفكرنا إلى الإندماج في‏(الجماعة اصرية)‏ ويرتبطوا ب ‏(الجامعة اصرية)‏ بدلا من أن يظلوا ك‏(أجانب):‏ ‏«ليس الوطن مقولا على أرض محدودة مجردة في الذهن عنكتلة من السكان متجانسة متشابهة أفرادها في كثير من الشخصياتولكن الوطن مقول على الأرض المحدودة مقترنة في الذهن وفي الخارجبكتلة السكان القائم عليها على سبيل القرار اشترك في انافعاتضامن في السراء والضراء الشاعرين بهذا التضامن».‏إن الذين جاءوا إلى مصر واستوطنوها غير سكانها الأصلي قد برهنواعلى اختيارهم لها وطنا كما برهنوا على كفاءتهم للحياة العملية وذكائهموقدرتهم على نفع هذه البلاد.‏ وبعيد عن الحكمة ألا نعمل نحن الأكثرية كلما في استطاعتنا للانتفاع بكفاءة هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم أجانبوضمهم إلينا ضما حقيقيا صريحا (٢٢) .ويسير طه حس على درب أستاذه فيذهب إلى أن ‏«الوطنية هي الجامعةالوحيدة اشتقة من الطبقة الواقعة تحت الحس وأن غيرها من الجامعات206


الإقليميةليس له ما لها من ظهور الأصل وثبوته ومن وضوحه وصراحته»‏ ويقولأيضا في هذه الفترة ابكرة من حياته:‏ ‏«إذا كانت مصر قطعة من الأرضفلا شك في أني خلقت منها أو اغتذيت بهوائها ومائها وثرائها واستعنتبحرارتها وضيائها على النشوء والنمو وعلى الحياة الصالحة والبقاء الحميد.‏فمن هذه الأرض وجوها يتألف جسمي وتتكون أخلاق نفسي»‏ (٢٣) .الصبغة الفرعونية:‏وكان الإهتمام ببعث اجملد اصري القد أحد الطاقات الهامة لإذكاءروح الوطنية اصرية وخاصة أن التنقيب في آثار مصر والوصول إلىمدلولات الكتابة الهيروغليفية قد كشف عن صفحة باهرة من تاريخناالطويل ومن اراكز الفكرية التي عملت على الإهتمام بالحضارة اصريةالفرعونية ‏(مدرسة اللسان اصري القد‏)‏ التي أنشئت بهدف تعليم اللغةالهيروغليفية وآدابها.‏ وامتدادا لنشاط هذه ادرسة وتعميما لفائدة هذاالنشاط فتحت مجلة ‏(روضة ادارس اصرية)‏ صفحاتها لطلبة هذه ادرسةومدرسيها لنشر مباحثهم فنشرت في أحد ملاحقها دروسا في قواعداللغة الهيروغليفية كما نشرت العديد من اقالات للمستر هنري بروكشناظر ادرسة ولعدد من تلامذتها تضمنت ترجمة لبعض النصوصالفرعونية في الآداب والوصايا (٢٤) .ويشيد علي مبارك بفضل الحضارة اصرية القدة على الحضارةالإنسانية وفي معرض إشادته باصري القدماء لا ينسى أن يؤكد فيفخر على أن كثيرا من اعارف اقتناة في تلك الأزمنة ‏«لم يكن الوصولإليها إلى الآن والحجة على ذلك بينة فإن كثيرا منها مطوي تحت طياتالأرض بيننا وبينه حجاب و طاا حاول الإطلاع عليه بالجهد والجهيد ذووالألباب والبحث في استخراجه..‏ وفي كل وقت تظهر منه إلى حيز الوجودلأرباب اعارف طرائق وحقائق وهذا منذ أن تيسر الوقوف على معرفةقراءة القلم اعروف عند أهله بالقلم اقدس القد ‏(الهيروغليفية).‏ فهوأعدل شاهد لقدماء اصري بعلو درجة التمدن القد وأنهم كانوا فيتلك الأحقاب أحكم من سواهم من الل وأعظم اتساعا في مجال التمدنعمن عداهم من الدول»‏ (٢٥) .207


الفكر التربوي العربي الحديثوصاحب هذه الدعوة شعر الشعراء وبدت طلائع هذا الإتجاه في شعرمحمود سامي البارودي الذي ذهب يقول:‏ (٢٦)سل الجيزة الفيحاء عن هرمي مصرلعلك تدري غيب ما لم تكن تدريبناءان ردا صولة الدهر عنهماومن عجب أن يغلبا صولة الدهرثم جاء شوقي من بعده فتوسع في هذا الإتجاه الجديد حتى أصبحشاعره الفذ فحق له أن يقول في القصيدة التي وجهها إلى روزفلت عقبزيارته صر سنةوأنا المحتفى بتاريخ مصرمن يصن مجد قومه صان عرضاثم يوجه الخطاب لروزفلت قائلا:‏ (٢٧)إخلع النعل واخفض الطرف واخشعلا تحاول من آية الدهر غضاقف بتلك القصور في اليم غرقىسكا بعضها من الذعر بعضامشرفات على الزوال وكانتمشرفات على الكواكب نهضاأما توفيق الحكيم فهو يخرج أخطر أعماله التي أسماها ‏(عودة الروح)‏تجده يؤكد في سطورها على أن ‏(الفرعونية)‏ لم تكن عهدا تاريخيا جاءومضى ولكنه تغلغل في كيان اصري وأصبح يعايشه حتى القرن العشرين.‏يقول على لسان أحد الأبطال-وهو فرنسي-موجها الحديث إلى بطل آخر-‏مفتس ري إنجليزي:‏ (٢٨)‏«لا تظن يا مستر بلاك أن هذه الآلاف من السن التي هي ماضيمصر قد انطوت كالحلم ولم تترك أثرا في هؤلاء الأحفاد..‏ أين إذن قانونالوراثة الذي يصدق حتى على الجماد ?.. ولئن كانت الأرض والجبال إنهي إلا وراثة عن طبقة فلماذا لا يكون ذلك في الشعوب القدة التي لمتتحرك من أرضها ولم يتغير شيء من جوها أو طبيعتها !».وعند الدكتور هيكل نجد الشخصية اصرية تتمثل في استقراء جوستاف:١٩١٠208


الإقليميةلوبون الذي يذهب إلى أن ‏(مصر الفرعونية حية في مصر العربية باقيةفي مصر الحاضرة «.. وذلك أن هيكل يؤكد على تلك الصلات النفسيةالتي تربط الشعوب اضيها كما تربطها بتقاليدها ومأثوراتها القدةومن ينكر تلك الصلات التي تربط مصر القدة صر الحديثة-كما يذهبهيكل-لا يعدو ظاهر الحقيقة»‏ فإن الحقيقة العميقة التي تشعر بها أنتويثبتها العلم هي أن بينك وب أجدادك اتصالا وثيقا لا سبيل لإنكاره وإنجهله الناس وإن جهلته أنت فهذا الدم الذي كان يجري في عروقهم يجريفي عروقك وهذه الإنفعالات النفسية التي كانت تدفعهم في حياتهم هيالتي تدفعك في حياتك وأنت محكوم عليك طائعا أوكارها أن تخضع بحكمقانون الوراثة ا أورثوك إياه.‏وتأسيسا على هذا دعا سلامة موسى إلى ضرورة الإهتمام بدراسة التاريخالفرعوني وتدريسه للطلاب..‏ ‏«فنحن من جهة السلالة مصريون واللغة بينناوب عصر الفراعنة لم تنقطع فهي لا تزال حية في الكنائس والسياسةوالإجتماع والفنون جميعا نعود في الأصول إلى مصر القدة فالذين يعتقدونأن درس الفراعنة لا يفيدنا كثيرا لأن الصلة قد انقطعت بيننا وبينهم مخطئونولهذا أيضا لا بد من أن نفتح أع الطلبة بقدر ما كن لعظمة مصر الفرعونيةوفضلها على العالم في مختلف نواحي ادنية»‏ (٢٩)وإذا كان للكشوف الأثرية والإتصال بالغرب أثرهما عل تأكيد هذه النزعةفإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن عامل آخرين أولهما:‏ تشجيع الإستعمارنفسه ذلك أن هذه النغمة الفرعونية كانت تعني بالنسبة له التقليل منشأن)الروح الدينية(التي كان يعدها خطرا جسيما عليه لأنها تؤلف ب ملايمن البشر كان معظمهم يقع تحت دائرة نفوذه واستغلاله وبالإضافة إلى ذلكفإنه يصرف أنظار اصري عن ‏(العروبة)‏ التي تشكل هي أيضا مصدر خطرمحتمل ضد الوجود الإستعماري.‏أما ثانيهما:‏ فقد كان يعود إلى حماس الأقباط وجهودهم كما سنبينه فيمايلي:‏الدفع القبطي:‏ويذكر جورج يونج في كتابه ‏(مصر(عند حديثه عن الأقباط واسلم209


الفكر التربوي العربي الحديثأنه لا يوجد في مصر تفرقة طائفية ضد الأقباط تفرقة من تلك التيتعاني منها الأقليات الضعيفة في أوروبا وأن الكتاتيب مفتوحة للأقباطالذين كنهم أن يتلقوا فيها تعاليم دينهم وأنه في الأقاليم التي تزيد فيهانسبة السكان من الأقباط تع الحكومة ادارس القبطية إعانات لها أثرها.‏وقال إنه عندما لا يتمكن الأقباط من الوصول إلى اجملالس النيابية المحليةكمجالس اديريات يع فيها عدد منهم وأنه منذ قرون لم يحدث اضطهادلهم كما ذكر أن تاريخ الأقباط يكشف عن أنهم عانوا ضيما من أهلديانتهم اسيحي الأرثوذكس أو الكاثوليك أكثر ا عانوا من أهل وطنهماسلم وأنه من اثير للفضول أن يلاحظ أن العلاقة ب العنصرينتظهر أوثق ما تكون في اناسبات الدينية إذ يبني الأقباط مساجد اسلمكما يعيد اسلمون بناء الكنائس القبطية ويشترك الشيوخ والقسس فيالإحتفالات الدينية وما بقي من مظاهر الديانات القدة مثل عبادة النيلويذهب اسلمون والأقباط إلى زيارة الأضرحة ذاتها للأولياء والقديسالمحلي ويتناقلون الأقاصيص ذاتها ووجهات النظر ذاتها عن الحياة(‏‎٣٠‎‏)‏وتجلت روح التضامن في مجال التعليم في صور أخرى مثال ذلك مانجده في قرارات مجلس شورى النواب في عهد الخديوي إسماعيل <strong>الخاصة</strong>بإنشاء ادارس اركزية في اديريات فقد ذكر في تقرير القومسيون)لجنةالتعليم كانت تسمى قومسيون اعارف ‏(بشأن الدخول في تلك ادارسيكون ‏«من عموم الناس بالرغبة من دون استثنى)‏ استثناء ‏(إسلام وقبطغني وفقير ومن حيث أولاد الإسلام والأقباط يلزم تعليمهم أولا ما يخصكل واحد منهم فيلزم تخصيص محل لأولاد الأقباط واستحضار من يلزممن القسس من طرف البطريرك لتعليمهم ما يلزم ابتداء من الديانة أماتعليمهم العلوم السايرةيكون عموما أي إسلام وأقباط مع بعضهم حيثجميعهم أولاد الوطن»‏ (٣١)إلا أن الإستعمار استطاع أن يدرك فاعلية التعليم في تدعيم الوحدةالوطنية وأن هذه الوحدة تيسر جمع الجهود للكفاح في سبيل الإستقلالومن ثم عمل على أن يستغل بعض <strong>ذوي</strong> النفوس الضعيفة لترويج الأفكاراسمومة حول تعليم الدين.‏ وساعد على هذا تكثيف الدعاية العثمانيةللجامعة الإسلامية حيث رأى الأقباط فيها إطارا قد يجور على مصالحهم.‏210


٢ / ٢٠الإقليميةوأخذت-ولأول مرة في التاريخ اصري-بوادر شقاق تتراكم شيئا فشيئا حتىانفجرت قتل رئيس الوزراء بطرس غالي في ١٩١٠. فقد عقدمؤر قبطي بعد ذلك سنة ١٩١١ وعقد اسلمون ‏(اؤر اصري)‏ فينفس العام وسرت نغمة في الصحف القبطية تتحدث عن الأقباط وكأنهمأمة مستقلة لها كيان منفصل عن مصر وتقول إنهم سلالة الفراعنة وأصحابالبلاد وإنهم هم اصريون الخلص (٣٣) .وأكد كتاب أقباط على أن الفرعونية جنس مستقل حافظ على نقائهرغم الغزوات اتعاقبة صر ويجسد هذا الجنس الآن الأقباط ‏«فالقبطإسم لجيل من الناس لا لدين من الأديان:‏ أو ذهب من اذاهب..‏ وأهلمصر هم القبط سواء كانوا نصارى أو مسلم أو يهودا...‏ ‏«وهذا أيضا ماأكد عليه مرقص سميكة سنة ١٩٢٦» فلفظ قبطي معناها مصري ولذلكفجميعكم ‏(أقباط)‏ بعضكم أقباط مسلمون والبعض الآخر مسيحيون وكلكممتناسلون من اصري القدماء»‏ (٣٤) .وكتب سلامة موسى يقول إنه التفت في كفاحه السياسي إلى بعثالنخوة الوطنية عن سبيل الإكبار من شأن الفراعنة (٣٥) . ثم يقول.‏ «...ولست أشك في أني جن انكببت على دراسة الفراعنة إا كنت انبعث بروحديني قوي»‏ (٣٦) .ومن <strong>هنا</strong> فإذا كان طه حس قد طالب بالإهتمام بدراسة اليونانيةواللاتينية دارسنا وجامعتنا لنتوسل بهما للنهل من مصادر الثقافة الغربيةالحديثة فإن إحياء القومية اصرية توسل بنفس الوسيلة فطالب البعضبالإهتمام بدراسة اللغة القبطية إحياء لثقافتنا التليدة.‏وعرف الجميع من خلال أزمة ١٩١١ أن الخطر لن يقتصر على عنصردون آخر وأخذ صوت العقل يتغلب ويعبر أحد الكتاب الأقباط عن ذلكبقوله:‏ ‏«إن طبيعة بلادنا السمحة الحلوة وأرضها السهلة ونيلنا انتظموشمسنا الساطعةوإحساسنا بارتباط مصالحنا وتداخلها كل هذه عواملتوصي بالوحدة بل وترغمنا على أن نشعر أننا شعب واحد بل جسم واحدوما يضر عضوا يضر بالعضو الآخر وأنه سرعان ما تتحد الأعضاء علىطرد الجرثومة الغريبة»‏ (٣٧) .وقد بلغت هذه الوحدة الوطنية ذروتها في ثورة ١٩١٩ في السبعينات211


الفكر التربوي العربي الحديثكتب الدكتور ميلاد حنا مثيرا إلى وجود طريق ب الأقباط تشده فكرةالقومية اصرية والإنتماء الفرعوني.‏ ويرى في الإرتباط مع العرب مصلحةمصر باعتبار أن الدول العربية وأمريكا تدافع عما أسماه تشرشل ‏(حضارتنااسيحية)‏ ويرى هذا الإتجاه أن البعد عن العرب فيه ضعف للإسلاموبالتالي عدم سيطرة التيار الديني الذي يخشاه الأقباط ويرقبون حركتهفي حذر وترقب ومن <strong>هنا</strong> كان هذا التيار يتعاطف مع ما يسمى ‏(السلام معإسرائيل)‏ ويرى فيه أيضا قبولا بدأ التعدد في الأديان ومن ثم يسمحبنشاط وتواجد التيار الديني اسيحي ونلمس جميعا كيف تتم الإستفادةمن هذا التيار في امارسة اليومية للحركة السياسية (٣٨) .مصرية توفيقية:‏لكن <strong>هنا</strong> تيار يشيع ب كثيرين في السنوات الأخيرة ينظر إلى ‏(اصرية)‏كوعاء يضم كافة العناصر التي امتزجت وتفاعلت بالتاريخ اصري منذأقدم العصور كالفرعونية واسيحية والإسلام والعروبة والغرب ولعل منأصدق ما يعبر عن ذلك تلك اقدمة اهمة وتأتي أهميتها من أن كاتبها هو‏(جمال عبد الناصر كتبها سنة ١٩٥٦ لكتاب حس مؤنس ‏(مصر ورسالتها)‏فهذه اقدمة يتغنى فيها عبد الناصر صر على أساس أنها في سلسلةحلقات تاريخها الطويل قد جمعت عصارة مختلف الثقافات والحضاراتالعظمى التي شهدها العالم (٣٩) .فهو يستعرض الحقبة الفرعونية فيجد أن من مصر انبثق إشعاع التوحيدعلى يد أخناتون وتقدم على يديها فن البناء والهندسة والطب والآدابوالفنون.‏ ومصر ‏«هي التي احتضنت اسيحية منذ أن بزغت وحفظت لهاروحها وطابعها»‏ ومصر هي ‏«التي اعتنقت الإسلام وذادت عنه وحافظتعليه واحتضنت تراثه وظهر فيها عباقرة كان لهم شأن في الفقه الإسلاميوالفنون الإسلامية»‏ (٤٠) .وفي أوائل السبعينات كتب كاتب هذه السطور (٤١) في فصل هيديلكتاب كان يدرسه دة سنوات عدة آلاف من طلاب كليات التربية فيمصر حول اعاني السابقة يقول إن العادة قد جرت في وطننا العربي فيالسنوات الأخيرة على اتهام كل من يؤكد على خصائص خاصة ببلده212


الإقليميةوالإشادة بها بصفة مستمرة واتخاذها محورا للحديث والدراسة على أنهمن دعاة الإقليمية ‏«وهي تهمة لا شك في أن كل عربي لا بد من أن يتبرأمنها»‏ وهو يؤكد على اختلاف ‏«اصرية»‏ التي جعلها محورا لكتابه عن تلكالتي تصدها أحمد لطفي السيد وطه حس وسلامة موسى.‏ إن دعوةهؤلاء قد ارتبطت بالفرعونية في أغلب الأحوال ولم تكن تضع في حسبانهابالفعل وحدة العرب ‏«أما نحن فعندما ندعو إلى الإعتزاز بشخصية مصرفإن هذا معناه أننا نعتز بكل مكونات هذه الشخصية وتطلعاتها»‏ تلك اكوناتوالتطلعات التي راح بعددها:‏- ‏«ولهذا فنحن نفخر بالثقافة الفرعونية لأنها كانت البداية الأولى فيتكوين هذه الشخصية.»‏- ‏«ونعتز بالثقافة اسيحية ‏(حيث)..‏ كانت أرض أولى البقاع التياحتضنتها وازدهرت فيها وأينعت واستطاعت أن تترك بصماتها علىالشخصية اصرية».‏- ‏«ونباهي بالثقافة العربية الإسلامية حيث كنت من التغلغل فيشخصيتنا وأصبحت الآن هي اعلم الأساسي في ثقافتنا وروحها تسريفي كل ما نفكر فيه الآن ونقوله ونأمله ونتناوله.»‏- ‏«ونحني رؤوسنا إعجابا بالثقافة الغربية الحديثة لأن الشخصيةاصرية عندما بدأت التعرف عليها والأخذ بأسبابها استطاعت أن تقفعلى قدميها وتنفض عنها غبار عصور جمدت فيها وتوقفت..»‏ونطق علمي جاد يؤكد جمال حمدان على أن الأحداث اؤسفة التيشهدتها الساحة العربية في السنوات الأخيرة قد أثبتت خطر تبسيط الأموروتسطيح العلاقة اركبة ب الوطنية والقومية أو الإستخفاف بأي منهما.‏فقد ثبت أن أكبر خطر كن أن يهدد القومية الصحية الصحيحة بعدخطر الوطنية الضيقة الشوفينية انحرفة اغلقة إا هو اغالاة في ترجيحالقومية والإسراف الكاسح في تغليبها على الوطنية إلى حد محو الأخيرةأو تآكلها وتهرئها إذ إن رد الفعل اضاد أدى إلى التشبث ارضي الذي لايقل تشنجا وتعصبا بالوطنية ‏«وقد خلق هذا كله في العقل العربي أو اللاوعيالعربي نوعا من الإزدواجية والتضاد ب الوطنية والقومية حيث لا إزدواجيةولا تناقض بالتأكيد وإا ثنائية متكاملة أو قطبان تصل مدرج واحد»(‏ ٤٢) .213


الفكر التربوي العربي الحديثالأصداء التربوية ل ‏(المصرية):‏١- التاريخ الوطني:‏ را كان تدريس التاريخ أبرز اجملالات التي تظهر-‏أو لا تظهر فيها النزعة القومية أو الوطنية أو غير هذه وتلك فهو بحكمطبيعته يتصل بجانب الولاء والإنتماء والوعي السياسي والحس القوميوالعاطفة الوطنية.‏وإذا استقرأنا التعليم اصري في عهد محمد علي فسوف نجد اتساقامع مدى الوعي الوطني اصري.‏ إن دراسة التاريخ كانت قليلة نادرة علىوجه العموم ولا تب لنا الوثائق إلا كتاب تاريخ القدماء لرفاعة الطهطاويوهو كتاب مترجم في تاريخ اصري القدامى ولم يكن إلا في مدرسةثانوية واحدة هي مدرسة قصر العيني التجهيزية.‏أما ما كان يدرس في مدرسة الألسن فقد كان كله تاريخ أ أجنبيةودول أجنبية وسير أبطال أجانب (٤٣) .ومن الاحظ كذلك أن التوجيه كان أجنبيا بصفة عامة فقد أتى هذاالتوجيه من جانب فرنسا فقد كان الأساتذة الفرنسيون الذين يعملون فيمصرهم الذين يختارون الكتب التي تقرأ وكان وكلاء محمد علي في باريسوهم فرنسيون كاسيو جومارهم الذين يشترون الكتب ويرسلونها أو كانالتوجيه تركيا بسبب تبعية مصر لتركيا (٤٤) .وفي عصر إسماعيل نجد تناقضا ب صورة التعليم على الورق وصورتهفي الواقع فقد كانت صورة الورق ثل عقل علي مبارك الإصلاحي الواقعيوكانت صورة الواقع التعليمي ثل عجز الدولة أو تلكؤها أو ضعف إانهابالتعليم أو مظهرية إسماعيل التي أراد أن يواجه بها الرأي العام الأوروبيويكسب عطفه وتأييده.‏ومن الاحظ على تدريس التاريخ في هذا العهد أن فكرة كون التاريخمادة لازمة لتربية اواطن لم تكن واضحة إطلاقا وإا كان ينظر إليهكمادة ثقافية ينطبق عليه القانون الثقافي البورجوازي العام وهو أن اعرفةينالها أبناء اقتدرين والحكام صقلا لعقولهم وييزا لهم عن عامة أبناءالشعب دون أن يكون لها وظيفة محدودة في الأعداد للمواطنة ولذلك قررالتاريخ على تلاميذ ادارس الإبتدائية التي تنشأ في البنادر واراكز أيالذين ينتظر أن يواصلوا التعليم ليلتحقوا بصفوف الحكام أو إلى معسكر214


الإقليميةاتعطل بالوراثة أما ادارس الإبتدائية التي كانت في القرى فلم يكنالتاريخ من مواد الدراسة بها لأنها مدارس عامة اواطن (٤٥) .فإذا جئنا إلى محتوى مادة التاريخ فسوف نجد أن اقرر في الفرقالأربع بالتعليم الثانوي كان تد من تاريخ مصر القدة إلى الفتح العثمانيثم تقف الدراسة عند هذا الحد.‏ ففي السنة الأولى يدرس التلاميذ تاريخمصر القدة حتى الفتح الفارسي ثم تاريخ البابلي والآشوري والفرسواليهود والفينيقي وفي السنة الثانية تاريخ الإغريق حتى الإسكندر اقدونيوتاريخ البطالسة والرومان وفي السنة الثالثة تاريخ الإمبراطورية الرومانيةوغزوات القبائل اتبربرة ثم تاريخ العرب قبل الإسلام وبعده حتى فتحالأندلس ثم لمحة في تاريخ أوروبا حتى موقعة تور.‏ ثم تاريخ العباسي فيآسيا والأموي في الأندلس وهارون الرشيد وشاران وفتح العرب لصقليةوفي السنة الرابعة تاريخ مصر في عهد الخلافة ثم تاريخ الطولونيوالإخشيدي والفاطمي والأيوبي واماليك حتى الفتح العثماني (٤٦) .أما في عهد الإحتلال البريطاني (١٨٨٢- ١٩٢٣) فقد كان التاريخ كلهسياسيا أجملت مقرراته كل أنواع التطور الأخرى.‏ وا كانت هذه اقرراتمنصبة على تاريخ أوروبا فقد كان أبرز ما فيها هو سطوة الدول الإستعماريةوعظمتها وتقدمها في نواحي الحرب والحكم والتوسع لا غير.‏ كما كانتاريخ حكام لا شعوب فأبرز ما فيه الوك والقواد والفاتحون فهو تاريخموجه نحو تأليه الوك وعبادتهم وقد كانت مادة التاريخ تسمى في برامجالدراسة باسم ‏(التاريخ الوكي)‏ (٤٧) .وكان تاريخا عاما موضع للتاريخ القومي فيه إلا على هوامش ويكفيأن نعرف أننا لا نصادف دراسة ولا مقررا في تاريخ العرب والإسلام في أيمنهج من اناهج التي كانت توضع سنويا كما لا نجد مقررا في تاريخ مصر.‏وشوهت صورة أبطال الوطنية في مصر فقد جاء في أحد الكتب عنأحمد شوقي وزملائه (٤٨) : ‏«كانوا سقيمي الأفكار غير سليمي البواطن لأننياتهم كانت منصرفة إلى الحصول على مآربهم الشخصية ومنافعهمالخصوصية والإستيلاء على مناصب الحكومة الخطيرة لإداراتها وهم لايحسنون عملا ولا يستطيعون أمرا فكانوا بذلك متقارب لأغراضهممتظاهرين باظاهر الوطنية تصنعا فلم يستقم سيرهم».‏215


الفكر التربوي العربي الحديثوفي فترة الإستقلال الجزئي (١٩٢٣- ١٩٥٢) نلاحظ على مقررات التاريخما يلي:‏ (٤٩)- أنها تاريخ سياسي متساوق من تاريخ الشرق القد إلى تاريخ الإغريقوالرومان.‏ ثم تاريخ العصور الوسطى في الشرق والغرب أو في الغربفقط ثم تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ثم تاريخ أوروبا في العصورالحديثة إلى أول القرن التاسع عشر ثم تاريخ أوروبا في القرن التاسععشر ثم يختتم انهج قرر في تاريخ مصر الحديث من العصر العثمانيإلى الحاضر.‏ وهذا هو النمط العام الذي استمر طول هذه الفترة معإضافة مقرر في تاريخ الإسلام إما مستقلا وإما مع تاريخ أوروبا فيالعصور الوسطى في مقرر واحد لسنة واحدة.‏- ومعنى هذا أن التاريخ العربي والإسلامي قد أهمل إهمالا تاما إلىآخر الفترة.‏- ظل التاريخ الأوروبي غالبا على انهج فلم يخصص للتاريخ الوطنيوهو تاريخ مصر الحديث إلا نصف مقرر إذ أضيف إليه في نفس اقرر‏(سنة ١٩٢٥) تاريخ تقدم النفوذ الأوروبي ! ! وجعل هذا اقرر في السنةالخامسة من قسم الآداب ومعنى هذا أن قطاعا من التلاميذ كان يتخرجفي ادارس الثانوية في القسم العلمي دون أن يعرفوا شيئا عن تاريخوطنهم ! وقد عدل هذا بعد ذلك.‏أما بالنسبة لهذه اناهج بعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ فإننا نلاحظ أنه قدأصبح تاريخا قوميا فهو تاريخ مصر والعالم العربي على طول الخطوليس معنى هذا اختفاء التاريخ العام بل إنه ذاب في ثنايا التاريخ القومي (٥٠) .وبالإضافة إلى ذلك فقد أبرز دور الشعب في صنع تاريخه مع إظهارالجانب الحضاري للأمة العربية.‏وكن القول إن مقرر تاريخ العالم العربي في العصر الحديث منهججديد كل الجدة ثم إنه حل محل تاريخ أوروبا في القرن التاسع عشر فيالفرقة النهائية.‏ وكم كان مخجلا حقا أن يدرس التلميذ فلاسفة الحرية منالفرنسي كروسو وفولتير ومنتسكيو ولا يعرف شيئا عن فلاسفة الحريةمن العرب كرفاعة الطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي ولطفي السيد وكمكان من اخملجل أن يدرس التلميذ قصة الوحدة في أانيا وإيطاليا ولا216


الإقليميةيدرس قصة الوحدة العربية ! وكم كان من اخملجل أن يدرس التلاميذ والحركة القومية في الدول الأوروبية ولا يدرس الحركة القومية العربية.‏ومن الاحظ في كل الفترات أنه لم تكن <strong>هنا</strong>ك مواكبة حقيقية بحركة الفكر التربوي وب واقع مناهج التعليم التي كانت تعكس الفكرالرسمي وذلك باعتبارها تعبر عن الجانب المحافظ بينما يعبر الفكرالتربوي اتداول في كتابات افكرين عن طموحات وآمال هؤلاء..‏ هذا فيماقبل ١٩٥٢ أما بعدها فقد انعكست الآية فالدولة تحدد اتجاهها والكتاب-‏غالبا-يعزفون وراءها ! !.٢- التربية الوطنية:‏ وليست التربية الوطنية نتاج الإتجاه ‏(الوطني)‏ وحدهفقد تأثرت كذلك باتجاه التغريب كما تأثرت من غير شك بالإتجاه القوميلكننا إذا أردنا أن نقارن من حيث درجة التأثير فسوف نجد أنها في اجملالالوطني أكثر ارتباطا به ويكفي اسمها الواضح خير دليل على ذلك.‏وقد اهتم د.‏ أبو الفتوح رضوان بشرح العروة الوثقى التي ب ‏(التربية)‏و(الوطن)‏ (٥١) .فالوطن هو بقعة الأرض التي تعيش عليها الجماعة وتتوارثها أجيالهااتعاقبة عصرا بعد عصر تستمد منه مقومات حياتها اادية وتتخذ منهمسرحا لهذه الحياة وبدونه تفقد شجرة الجماعة التربة التي هي مضربجذورها وأهم مقومات وجودها ووها وقوتها وبقائها فالجماعة والوطنلا يستقيم طرف أي منهما بدون الآخر بل لا يوجد بدونه.‏والذي يربط الوطن بالجماعة هي الثقافة أو ادنية التي كونتها الجماعةأثناء حياتها ونشاطها على الوطن بكل مقوماته وخصائصه.‏ وموضوع التربيةهو هذه الثقافة وهذه ادنية التي هي أصل الخيرات من ميول واتجاهاتومعارف وسلوك وقيم التي تنقلها التربية من جيل إلى جيل حتى تطّرد حياةالجماعة على أرض الوطن.‏وإذا انتقلنا من التربية على وجه العموم إلى التربية على وجه الخصوصاتضحت لنا طبيعة مادة التربية الوطنية في ادارس فهي جانب التربيةالذي يحدث شعور العضوية في الجماعة حتى تتسق حياتهما لفائدتهماجميعا أو هي الجانب من التربية الذي يشعر الفرد بصفة اواطنة ويحققهافيه ثم يؤكد صفة اواطنة إلى أن تستحيل إلى صفة الوطنية (٥٢) .217


الفكر التربوي العربي الحديثوانه ما يدعو إلى التقدير حقا أن يظهر الوعي بهذه ‏(اادة)‏ في وقتمبكر للغاية فقد ذكرها الطهطاوي عندما كتب يقول:‏ (٥٣)فقد جرت العادة في البلاد اتمدنة بتعليم الصبيان القرآن الشريففي البلاد الإسلامية وكتب الأديان في غيرها قبل تعليم الصنائع وهذا لاباس به في حد ذاته ومع ذلك فمبادىء العلوم الكية ‏(يقصد ادنية)‏السياسية هي قوة حاكمة عمومية وفروعها في امالك والقرى بالنسبةلأبناء الأهالي مع أن تعليمها أيضا لهم ا يناسب اصلحة العمومية فمااانع من أن يكون في كل دائرة بلدية معلم يقرأ للصبيان بعد تعليم تعاليمالقرآن الشريف والعقائد مبادىء العربية ومبادىء الأمور السياسية والإداريةويوقفهم على نتائجها وهو فهم أسرار انافع العمومية التي تعود علىالجمعية ‏(يقصد اجملتمع)‏ وعلى سائر الرعية من حسن الإدارة والسياسةوالرعاية في مقابلة ما تعطيه الرعية من الأموال والرجال للحكومة.‏ومن الجدير بالاحظة أن ‏(التربية الوطنية)‏ لم تدخل مناهج التعليماصري إلا بعد الاستقلال الجزئي وصدور الدستور (١٩٢٢-ذلك في عام ١٩٢٥ في التعليم الابتدائي وكذلك في التعليم الثانوي وصدرأول كتاب فيها للمدارس الثانوية عام ١٩٢٩ بعنوان ‏(كتاب التربية الوطنيةللمدارس الثانوية).‏ وعندما أعيد سنة ١٩٣٧ لم يختلف كثيرا في مادته عنالكتاب السابق وان كان قد بدا أضخم وأوسع وقرر كتاب آخر على ادارسالابتدائية والتحضيرية لواحد من الذين اشتركوا في تأليف الكتاب اقررفي ادارس الثانوية لا يختلف كثيرا من حيث اوضوعات عن الأول إلا منحيث الكم.‏وعلى الرغم من التغيرات اتعددة إلا أن الهدف من تدريس التربيةالوطنية ظل كما هو طوال سنوات ما قبل ثورة ١٩٥٢ من حيث تزويد الطالببصورة وافية عن اجملتمع الذي يعيش فيه ونظمه وقوانينه بحيث يكونعارفا لحقوقه مقررا لواجباته كذلك طبع الناشئ على الوطنية الحقةوإذكاء عاطفته بطلب الخير العام بحيث يشعر أوفى الشعور بأنه جزء منوطنه لا انفصال له عنه فدرس التربية الوطنية يرمى في الغاية إلى تكوينالوطني استنير الكفء للاشتراك في الحياة الكرة العاملةالدائب النزوعإلى تحس الواقع وإيتاء الخير (٥٤) .١٩٢٣) وكان218


الإقليميةأما في ارحلة الثانوية فقد تناولت موضوعات أكثر شمولا لكنهاظلت محصورة في النطاق الوطني اصري فقد تعرضت ل ‏(الأمة والعناصرالتي تتكون منها-الدولة والحكومة وأنواع الحكومات النظام الحكومي فيمصر-الدستور اصري-الإدارة المحلية-حقوق اصري وواجباته)‏ (٥٥) .وهكذا نلاحظ أن ‏(التربية الوطنية)‏ وإن كانت قد دخلت برامج الدراسةفي مصر في فجر عصر الاستقلال وعلى يد ناس من الوطني إلا أنهانفذت في عصر لم يكن قد تخلص بعد من استبداد الحكام وضغطالاستعمار ومن ثم لم تدخل هذه اادة الوطنية بخلوص فيه ولا كان منمصلحة أصحاب السلطات أن تؤثر حقيقة في تكوين اواطن فاكتفىفيها بأضعف الإان وهو اقررات والكتب والحفظ والامتحان أي أنهقصد بها معرفة الواقع القومي والاجتماعي لا تغييره.‏وبعد قيام ثورة ١٩٥٢ أصبحت تدرس في الصف الخامس والسادسفي التعليم الابتدائي لكنها ظلت في الدائرة المحلية + الدائرة الوطنيةاصرية.‏لكن بعد عقد الوحدة الثقافية ب مصر وسوريا والأردن سنةامتدت إلى الصف الثالث والرابع وخصص منهج الصف السادس كلهللقومية العربية ومشكلات الوطن العربي (٥٦) .أما بالنسبة للتعليم الثانوي فيلاحظ ظهور مادة جديدة للصف الأولالثانوي باسم ‏(اجملتمع اصري)‏ ودارت معظم موضوعات ما ظل اسمه‏(تربية وطنية)‏ التي أصبحت في ارحلة الإعدادية أيضا وحتى سنةحول موضوعات محلية ووطنية مصرية.‏أما بعد اتفاقية الوحدة الثقافية ب مصر وسوريا والأردنبدأت الجرعة العربية تزيد بل إنه بدءا من سنة ١٩٦١ يتقرر علىجميع صفوف التعليم الثانوي مادة باسم ‏(اجملتمع العربي)‏ ويتحول اسمالتربية الوطنية في التعليم الإعدادي إلى ‏(التربية القومية)‏ إشارة إلىعنايته لا بالوطنية اصرية وإا ب ‏(القومية العربية).‏٣- مسؤولية التعليم ب ‏(الدولة)‏ و(الشعب):‏ فقد كانت كل الدلائل تشيرإلى ذلك التحول الضخم في بناء مصر في أوائل القرن التاسع عشر حيثصيرورتها دولة عسكرية ومن خصائص هذا النوع من الدول أنه يتطلب-‏١٩٥٦١٩٥٦١٩٥٦ فقد/ ١٩٦٠219


الفكر التربوي العربي الحديثكنتيجة منطقية وحتمية-أن تبسط الدولة يدها على موارد الثروة اخملتلفةفي البلاد سواء أكانت هذه الثروة مادية أم بشرية حتى كن أن توجهها فيخدمة الأهداف العسكرية ومن <strong>هنا</strong> وجدنا سياسة ‏(الإحتكار)‏ تطبع السياسةالإقتصادية في البلاد وا كان ذلك يتطلب جهازا بشريا معينا فقد كانمن الضروري أن تبسط الدولة يدها على التعليم كمصدر للثروة البشريةاللازمة للبناء الجديد.‏وهكذا-ولأول مرة-أصبح التعليم في مصر تحت سيطرة الدولة بعد أنظل طوال العهود السابقة جهدا شعبيا خالصا بيد أنه للحق وللتاريخ ينبغيالإشارة إلى أن كلا من التعليم الديني والأجنبي كان خارج هذه السيطرة (٥٧) .لكننا نلاحظ في الفترة التالية وخاصة في عصر إسماعيل بروز عاملأساسي أولهما:‏ تزايد الوعي الوطني وخاصة من حيث الطلب الشعبيللمشاركة السياسية وثانيهما التعثر االي لوقوع الدولة في ‏(جب)‏ الديونالأجنبية وعجزها بالتالي عن الإنفاق على التعليم ونتيجة لهذين العاملبدأت تظهر رغبة واضحة-من كلا الطرف‏-في ألا تقوم الحكومة وحدهاهمة التعليم بل لا بد من أن يتحمل ‏(الأهالي)‏ نصيبهم في ذلك.‏وإذا كانت ‏(الكتاتيب)‏ جهدا شعبيا محضا إلا أن علي مبارك قد أكدعلى ‏«أنها صارت الآن من قبيل العظام الرميمة عدة التنظيم سقيمةالتعليم أهملها الولاة والحكام حتى تهدم أساسها لعدم الإتقان والإحكامفصار بقاء الحال فيها من المحال (٥٨) وكان اقتراحه هو أن د الدولةهيمنتها وإشرافها إلى هذه الكتاتيب ‏(الأهلية).‏وواكب اد الوطني الكبير للثورة العرابية ظهور أضخم مشروع لتطويرالتعليم في مصر الحديثة الذي عرف شروع قومسيون اعارف سنة١٨٨٠ والذي قام على فلسفة مؤداها أن إصلاح التعليم عامة لا يتم بانتشار‏«دائرة اعارف ب جميع أهالي الديار اصرية وسريانها بالتدريج حتىتصل إلى أهالي الأرياف لكي توجد عند ذرياتهم استجدة احتياجا إلىالتعليم وإحساسا ا لهم من الحقوق الوطنية وما عليهم من الواجبات فيحق أنفسهم وحق عائلاتهم وحق الحكومة»‏ (٥٩) .وحتى لا يوضع الأمر على كاهل الحكومة وحدها شدد أصحابه علىأنه ‏«يجب على جميع أرباب الوظائف ايرية على اختلاف طوائفهم ورتبهم220


الإقليميةومصالح كل منهم أن يعظوا الناس ويحوثهم على ضرورة انتشار اعارفبينهم ومساعدة تلك ادارس بالرغبة فيها وايل الكلي إليها ولا كنالوصول إلى إام نوال هذا اشروع إلا بواسطة اجتماع جميع القوىاتعددة مهما كانت ضعيفة بانفراده»‏ (٦٠) .وإذ يبطش الإحتلال الإنجليزي صر ويضيق من فرص التعليم بفرضاصروفات الباهظة والتقتير في الإنفاق عليه يتنبه زعماء الحركة الوطنيةوافكرون أنه لا بد من الإعتماد على الذات في نشر التعليم.‏ وبرز واضحاالدور الخطير الذي كن للتعليم أن يلعبه في بث الوعي الوطني (٦١) .وعندما سأل محرر جريدة ‏(الإكلير)‏ الباريسية مصطفى كامل في عدد٢٩ يوليو سنة ١٩٠١: هل اصريون يائسون الآن من مستقبل بلادهم بعدحادثة فاشودة?‏أجاب:‏ ‏«كلا لم نيأس ولن نيأس أبدا من مستقبل الوطن العزيز فإننانعلم علم اليق أن مصر مقبرة للأ الطاغية....‏ ولكننا إذا كنا غيريائس من مستقبل بلادنا فإننا يائسون كل اليأس من أي تعضيد يأتينامن أوروبا وأصبحنا نوجه همتنا ونشاطنا لتعليم الأمة وتربيتها بإنشاءادارس في أنحائها حيث ينشأ أبناء الشعب على أشرف مباد الوطنيةوالشهامة ويتعلمون من الصغر تاريخ العظمة السالفة ويربون على الثقةباستقبل والإان بأن لبلادهم في الأيام التالية مستقبلا ومقاما عاليا»‏ (٦٢) .وأشار أحمد لطفي السيد إلى ملاحظة هامة وهي أنه يرى أن كل منيطلب الإستقلال إما متعلم وإما شبه متعلم ومن ثم فإنه كلما كان الشعبمتعلما أدى ذلك إلى كثرة انادين بالإستقلال (٦٣) وقاسم أم يؤكد علىأكثر من هذا فيذكر أن مسألة التربية عندنا هي ‏«أم اسائل وأن كل مسألةغيرها مهما كانت أهميتها داخلة فيها (٦٤) ».ومن أجل ذلك تسابق الأفراد وتسابقت الهيئات والأحزاب لنشر التعليممن هذا انظور ‏(الوطني)‏ فنجد سنة ‎١٨٨٥‎‏(جمعية التعليم اصرية)‏ لتعليمالشبان اصري مجانا الرياضة والطبيعيات والقانون وبعض الأصولالصحية (٦٥) .ومثال ذلك أيضا ‏(الجمعية الخيرية اصرية الإسلامية)‏ سنةمن مؤسسيها الشيخ محمد عبده وقاسم أم‏.‏١٨٩٢ كان221


الفكر التربوي العربي الحديثكذلك ظهرت جمعية باسم ‏(جمعية العروة الوثقى)‏ بالإسكندرية.‏وقاد الحزب الوطني بزعامة ‏(مصطفى كامل)‏ جهودا رائعة في مجالالتعليم كسلاح ناجح في الحركة الوطنية حتى قبل تأليفه رسميا.‏ وفي سنة١٨٩٨ أبدى مصطفى كامل رغبته في إنشاء مدرسة خاصة ليتلقى فيهاالطلبة اباد الدينية لتثبت فيهم الروح الوطنية في غير تعصب.‏ وفيحفل توزيع الجوائز على النابغ في ادرسة في ١٩٠٢ ٢/ ٢٧/ وقف مصطفىكامل ليحدد فلسفة العمل بادرسة فأكد على أنه مادامت مصر تحتاجإلى رجال متحدي الكلمة مثقفي الرأي عارف بتاريخها معتبرين بعبرحوادثها ناهض بها مجدين في سبيل إسعادها فإن أهداف هذه ادرسةلن تنحصر في تربية موظف أو إعداد طلاب للشهادات وإا مهمتهاالأولى ‏«تخريج رجال خلائقهم محبة الوطن والتمسك بالفضيلة والإرتباطبعضهم ببعض والتفاني في خدمة هذه البلاد ترمي إلى تكوين نفوسعالية تأبى الضيم والذل وتهوى الشرف واجملد وترى الحياة بغير عزالأوطان وسعدها حياة شقاء وبلاء»‏ (٦٦) .٤- قيام جامعة أهلية:‏ ولقد كان واضحا أن افتقاد اجملتمع اصريالقيادات الواعية افكرة لكل قطاع من قطاعات العمل مهما كانت الأسبابالأخرى هو العامل الرئيس الذي مكن لقوى الإحتكار والإستعمار والرجعيةمن أن تطبق بأنيابها على مقدرات البلاد وتص عصارات جهدها وخيراتهاتاركة لأبنائها الفتات بل إن النكسة التي تعرض لها الشعب اصري نتيجةهزة وفشل الثورة العرابية كان يرجع وبصفة جوهرية إلى ما يزت بهقياداتها من سذاجة وقلة علم وندرة خبرة ولم ينفعها ما توافر لديها منالعزم والتصميم والنية الطيبة والوطنية اخمللصة فكل هذه الأمور علىالرغم هن أهميتها وضرورتها تكون بلا قيمة إن لم تتسلح بالعلم والدرايةوحسن القيادة والقدرة على التوجيه والحساسية الإجتماعية والفهم الشاملالدقيق.‏ وقد شعر عدد من اثقف بهذه الحقيقة ووعوها بوضوح فعملوابأقصى ما يستطيعون من جهد على أن يعوضوا البلاد هذا النقص عنطريق إنشاء جامعة تعد فيها هذه القيادات بعيدا عن تلك ادارس العلياالتي جعل منها الإحتلال وأعوانه من الحكام الذيول مجرد معامل تفرخلدواوين الحكومة حاجتها من استخدم بحيث كانوا ‏(أشياء)‏ قبل أن222


يكونوا ‏(مواطن‏)‏ (٦٧) .الإقليميةوكان قيام الجامعة فعلا سنة ١٩٠٨ دليلا واضحا على أن الحركة الوطنيةبدأت تدرك أن الإستقلال ليس هو مجرد عدم الإرتباط السياسيوالإقتصادي والعسكري بإنجلترا وإا هو أولا وقبل كل شيء استقلاليفكري وثقافي وأن اعركة ب الشعب والإحتلال لا يقتصر السلاح فيهاعلى ادفع والبارود فالفكرة والحقيقة الفلسفية والنظرية العلمية أمضىمن الأسلحة التقليدية ولا بد منها حتى يتم الإنتصار ويتم التحرر.‏ ومن<strong>هنا</strong> كان ضيق الإحتلال وعلى رأسه كرومر بهذا اشروع ومحاولتهالإستخفاف به وتثبيط همة القائم به ومحاولته صرف الأنظار عنهبالتلويح بحاجة مصر إلى محو الأمية عن طريق نشر الكتاتيب أكثر منالتعليم العالي (٦٨) .وكان من الضروري للجامعة أن تقوم على فلسفة معينة.‏ ولم تكن هذهالفلسفة صورة للتركيب الإقتصادي والإجتماعي صر بقدر ما كانت صورةللإطار الفكري الذي كان يتحرك فيه القائمون عليها فلا بد من ملاحظةشخصيات مؤسسيها من الرأسمالي الوطني الذين لا يقلقهم البحث عنلقمة العيش اتوفرة لديهم بأكثر ا يحتاجون ومن ثم فإن الترفع عنالعمل وتوجيه التعليم وجهة نظرية يجعله حلية وشرفا وأمرا مرغوبا فيه.‏كذلك فإن عددا من مؤسسي الجامعة كانوا من افكرين الليبرالي الذينانتقدوا النظرة الوظيفية للعلم وارتباطه باجملتمع.‏ ومن <strong>هنا</strong> فقد أكدتلجنة الجامعة على أنها تريد بها أن تجعل الناس على اختلاف طبقاتهميقبلون على طلب العلم جملرد العلم ‏«حتى يرتقي مستوى الأمة في أقربوقت بارتقاء مستوى العلم»‏ (٦٩) .إن هذا الأمر إن كان جائزا في البلاد التي قطعت شوطا كبيرا فيمضمار التقدم فلم كن كذلك في بلد لا يزال يحبو على الطريق ومعذلك فقد جعل القائمون على أمر الجامعة ا هو قائم بالبلدان الأوروبيةاتعددة هاديا لهم في عملهم دون إدراك ما تقتضيه مسافة التخلفالحضارية من اختلاف في الفلسفة والتطبيق فقررت اللجنة تدريس علومالأدب عند الفرنسي والإنجليز.‏ أما الدروس الأخرى فقد قامت علىنفس الفلسفة وهي تاريخ الفنون وخصائص مصر أيام الفراعنة التي وصفتها223


الفكر التربوي العربي الحديثاللجنة بأنها ‏(أيام الجاهلية)‏ وكذلك الحضارة الإسلامية.‏وعندما تحصل البلاد على الإستقلال نجد هذه الجامعة ‏(الأهلية)‏تتحول إلى جامعة ‏(حكومية)‏ سنة ١٩٢٥ ويبدأ ابتعادها شيئا فشيئا عنتعليم العلم للعلم وتقترب أكثر فأكثر نحو الإرتباط باجملتمع اصري وقضاياهومشكلاته حتى تصبح هذه الوظيفة الإجتماعية نصا هاما ينص عليه قانونتنظيمها تلك الوظيفة التي تأكدت أكثر بعد ثورة ١٩٥٢.في لبنانيجيء اختيارنا للبنان دون غيره من بلدان اشرق العربي را لأنه كاناسرح الرئيس لبعض الدعوات الإقليمية بل إنه قد ذاق مرارة ‏(الطائفية)‏التي تعبر عن الوجه القبيح للإقليمية...‏ ذاقها دما وقتلا وذبحا وتشريدابينما نجد بلدانا مثل سوريا بالدرجة الأولى فالعراق والأردن إذا كانواقعها السياسي قد أبقاها كيانا سياسيا مستقلا فالنزعة القومية والتوجهالوحدوي يطغى على آمالها وفلسفتها بدرجة لا كن أن تخطئها عباحث.‏سياسيا وفكريا:‏عندما نشبت الثورة العربية اشترك فيها وفي الإنتصار لها عديد مناسيحي اللبناني وساهموا في تنظيمها وا تقلصت السيطرة العثمانيةعن بلاد الشام إثر الحرب العاية الأولى ظهر الإنقسام الطائفي منجديد إذ خشي اوارنة أن يغرقوا في ‏(لجة الحكومة البدوية الحجازية)‏فانكمشوا وراحت كثرة زعمائهم تطالب وعلى رأسها رجال الإكليروس اارونيباستقلال لبنان تحت حماية فرنسا.‏ وقد انضم إلى هذا التيار الإنعزالياتوجس نفر من <strong>ذوي</strong> الأغراض من اسلم السني والشيعة والدروزفكانت الفرقة ب اللبناني وكان هذا الشعور العميق بالجفاء وهذا الإتهاماشترك بخيانة لبنان ‏(هؤلاء لأنهم يرغبون في الوحدة مع سوريا وأولئكلأنهم يريدون بقاء الإحتلال والحماية الأجنبية في البلاد (٧٠) .والحق أن جميع حركات اعارضة اللبنانية التي قامت ضد مفاسدالحكم والإدارة انصرمة لم تنجح في توحيد النضال السياسي والإجتماعي224


الإقليميةاللبناني وصهره في بوتقة وطنية مدنية خالصة ويرجع سبب ذلك إلىالفكرة الطائفية التي كانت ‏(وما زالت)‏ تسيطر على طوائف الجبل والتيتغذيها التحزبات والظروف المحلية كما يرجع أيضا إلى تحول أكثر الزعاماتالإقطاعية القدة إلى زعامات طائفية تسعى إلى ثيل الطائفة التيتنتسب إليها وكان لرجال الدين خاصة في اناطق اسيحية أثر في إاءهذا الشعور الطائفي الذي يحفز الغيرة على الطائفة ومصالحها فحسبوالتوسل بها ووظائفها في القضاء واصالح اخملتلفة.‏وبديهي أن التمسك بالطائفية على هذا الوجه من شأنه أن يحفز‏(الطائفية)‏ لدى الفريق الآخر ‏(الإسلامي)‏ كلما حاول هذا الفريق أن يتناساهافي غمرة الدعوة للقومية العربية التي انبثقت من دمشق آنذاك ونعلمالباقي منذ ذهاب بطريرك اوارنة إلى باريس والتماسه بسط حمايةفرنسا على الجبل (٧١) .وبدأ في ‏(لبنان الكبير بعد فرض الإنتداب سنة ١٩٢٠ عهد جديد تفاقمتفيه شرور الإنقسام الطائفي وازدادت بروزا وتشعبا عندما وزعت مناصبالإدارة العليا ب الطوائف اخملتلفة من موارنة وسنة ودروز وكاثوليك وشيعةوأرثوذكس وعندما وجه الإحتلال كل همه إلى استرضاء ‏(حزبه)‏ في البلادفانكمش اسلمون ولم يشاركوا في وظائف الإدارة اللبنانية العليا حتىمنتصف الثلاثينات وقد حصل رور الزمن هذا ازج الخاطئ ب النزعةاللبنانية واسيحية أو اصلحة اسيحية من جهة وب العروبة والإسلامأو اصلحة الإسلامية من جهة أخرى.‏ ولا حاجة إلى القول أن الإحتلالكان يبرز هذا ‏(الوهم)‏ يستنفر العصبية الطائفية والزعامات الزمنية والدينيةالتي تستوحي سياستها في الغالب من ‏(القنصلية)‏ الأجنبية ذات الغرضحتى أصبح لبنان والحالة هذه أشبه باتحاد فدرالي طائفي منه بدولةمدنية حديثة بحيث باءت جميع محاولات الوطني اخمللص بالفشل فيسعيهم لإرساء قواعد ‏(الدولة اللبنانية)‏ باعنى الصحيح.‏ إذ ما فتئ الزعماءوالسياسيون أو معظمهم يتسابقون مع رجال الدين في سبيل النفوذ الطائفيكل باسم طائفته د أجل رئاسته أو لتقوية سيطرته الإقتصاديةوالإجتماعية (٧٢) .وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الحرب العاية الأولى وفي اناخ225


الفكر التربوي العربي الحديثالسياسي اثقل بالإحتمالات للعقد الأخير من الإمبراطورية العثمانية نشرفي باريس كتاب بقلم م.‏ جوبلان حول اسألة اللبنانية وهو عمل ضخميقع في ٥٥٠ صفحة ويحمل سمات أطروحة للدكتوراه.‏ ويبدأ ‏(جوبلان)‏باستعراض موسع للتطور التاريخي لسورية ولبنان من العصر القد حتىحملات محمد علي فيما يقارب % ٤٠ من الكتاب ثم ينتقل إلى الإهتمامبالشؤون الداخلية العاصفة لجبل لبنان من ١٨٤١ حتى ثورة جمعية تركياالفتاة مع الإشارة إلى الدور الأوروبي في اسألة اللبنانية (٧٣) .وبينما يحلل اؤلف التاريخ اتقلب تصرفية جبل لبنان فإنه يقترحكذلك إصلاحات بعيدة ادى منها مزيد من الحكم الذاتي ومزيد مناؤسسات الدقراطية وحل جذري سألة الأرض التي بحيازة الأديرةاخملتلفة والأهم من كل ذلك إضافة الأقاليم الواقعة على الحدود الشماليةوالشرقية والجنوبية بالإضافة إلى مدينة بيروت:‏ بالنتيجة مضاعفة مساحتهاوأكثر.‏ ونظر إلى اشروع كإعادة تكوين ‏(لبنان العصر الزاهرgrande epoque لبنان فخر الدين والأمير بشير بحدوده الطبيعية كما رسمتفي خرائط الأركان لسنة ١٨٦١ للحملة الفرنسية إلى سورية مثل هذهالتغييرات البعيدة ادى ستتحقق تحت رعاية الدول الأوروبية الكبرى معالإحتفاظ بدور خاص لفرنسا.‏ وبذل جوبلان الجهد في إرجاء الكتاببأسره لتوكيد أهمية الحكم الذاتي والخصوصية في التجربة التاريخيةاللبنانية.‏وقد كشف النقاب عن هوية جوبلان بعد أحد عشر عاما ففي أغسطسنشرت صحيفة بيروتية مهمة لم تعش طويلا هي-لاحظ الإسم-‏La ١٩١٩Revue Phenicienne ‏(اجمللة الفينيقية)‏ مقالا بعنوان:‏etude de politique economique et de statistique deseriptive اسألة اللبنانية:‏دراسة سياسية واقتصادية وإحصاء وصفي...‏ وفيه أعلن الكاتب بولص‏(أوبول)‏ نجيم للملأ أن جوبلان ليس إلا هو نفسه ودعا الكاتب مرة أخرىشأنه في سنة ١٩٠٨ لإنشاء ‏(لبنان العصر الزاهر)‏ لكنه في هذه اهمةسماه على وجه التعي ‏(لبنان الكبير وهو مصطلح استعمله في اقالمرت وبالحرف البارز في ارت‏.‏ واقال الذي يحمل اسم جونيه بتاريخ١٩١٩ را يؤلف هو ومقال ألبرت نقاش اعنون بLe Liban de laLa Question de LibanNotre ovenir/ ٧ / ١٠226


الإقليميةeconomique ‏(مستقبلنا الإقتصادي)‏ انشور كذلك في هذه الصحيفة نفسهاشيئا من أقدم الإشارات اكتوبة والعلنية للبنان الكبير (٧٤) .التعليم الطائفي:‏وكان التعليم بطبيعة الحال ايدان الرئيس لبذر ازيد من بذور الطائفيةوالإقليمية وكانت ادارس الأهلية اللبنانية في سنة ١٩٤٦ تكون أكبرمجموعة من معاهد التعليم في البلاد إذ بلغ عددها ٩٦٣ مدرسة وكانتتضم ٧١ تلميذا ‏(أي % ٦٠٬٣ من مجموع ادارس ومجموع التلاميذ).‏ وقد شهدت الفترة التي تلت الحرب العاية الأولى تقدماعظيما في ادارس الأهلية فيما يختص بعددها فقد انتشرت في ادنالكبرى انتشارها في الصغرى وكن تقسيمها من حيث الإدارة التابعة لهاإلى ثلاثة أقسام:‏١- ادارس اذهبية وهي أكبر مجموعة من ادارس الأهلية وتديرهاالطوائف الدينية اخملتلفة طمعا في ضم أبنائها تحت ألويتها.‏٢- ادارس التابعة للجان والجمعيات لأغراض سياسية أو تعليمية بحتة.‏٣- ادارس التابعة للأفراد والكثير منها قد أنشأها أصحابها لأغراضتجارية جملرد الربح.‏وطبقا للإحصائيات الحكومية تقسم ادارس كلها تقريبا بحسب تبعيتهاالدينية كما نتب في إحصاء ١٩٤٢ حيث يب لنا أن أكبر مجموعة منهذه ادارس والتلاميذ هي اارونية فقد بلغ عددها ٤٠٦ مدارس وبلغعدد تلاميذها ٢١ تلميذا تليها اليونانية الأرثوذكسية ١٨٦ مدرسة و١٠ تلميذا فاليونانية الكاثوليكية ١٤٨ مدرسة و ٨ تلميذا أماالإسلامية فالرابعة فيما يتعلق بعدد مدارسها ال ١٢٢ مدرسة ولكنها الثانيةفيما يتعلق بعدد تلاميذها ١٥ تلميذا وتليها ادارس الأرمنية-‏الأرثوذكسية والبروتستانتية-وعددها ٥٠ مدرسة وتضم ٨٬٢١٣ تلميذا وتليهامدارس الدروز وعددها ٢٦ مدرسة ويؤمهاوادارس الأهلية في مجموعها لا ثل فلسفة خاصة من فلسفاتالتربية ولا تحاول التجريب في مناهج جديدة من مناهج التربية أو طرقها.‏وإذا كان <strong>هنا</strong>ك مدرسة تحاول أن تشق لها طريقا جديدا في هذا ايدان% ٤٩ ٬٤ من/ ٤٥٬٥٩٣١ ٬٥٤٥ تلميذا (٧٥) ./٤١٬٧٥٩٬٣١٥٬٥٢٤٬٨٦٤227


الفكر التربوي العربي الحديثفإنها تكون نادرة الوجود وعلى النقيض من ذلك تحذو ادارس الأهلية فيالتربية حذو ادارس الفرنسية أو تنسج على منوال الأمريكية أو البريطانية.‏على أن هذه الأقوال كن استدراكها من اعتبارين:‏ الأول أن كل طائفة-‏كما أشرنا-تحاول أن تجذب إليها أبناء الطائفة وبناتها خوفا من التحاقهمدارس سواها من الطوائف وينطبق هذا القول على الأخص على اليونانالأرثوذكس والكاثوليك كما ينطبق على بعض ادارس الأهلية الإسلاميةالتي كان الغرض من إنشائها منع الأطفال اسلم من دخول مدارسالإرساليات اسيحية حيث قد يتلقون دروسا في ديانة أخرى غير ديانتهموإجباريا أحيانا وحيث لا تتاح لهم الفرصة لدراسة دينهم.‏ وفي بعضادارس الطائفية يرسل التلاميذ إلى كنائس تلك الطوائف للمساهمة فيالخدمة الدينية وبذلك يلمون بطقوسها وترانيمها.‏ وفي عدد كبير منادارس الكاثوليكية للكهنة اليد العليا في إدارتها مديروها من الكهنةومديراتها من الراهبات وهكذا اشرفون على النظام ومديرو الدراساتوالقائمون بالتدريس.‏ ولا ينطبق هذا القول على ادارس اليونانيةالأرثوذكسية مع شدة ارتباطها بالكنيسة (٧٦) .والإعتبار الثاني:‏ هو النزعة الجديدة التي ينادي بها بعض اللبنانيوهي أن ثقافتهم ينبغي أن تتجه إلى طريق ما يسمونه ‏(ثقافة البحر الأبيضاتوسط).‏ وزعم الداعون بهذه النزعة أن لبنان كان على الدوام قنطرة بالشرق والغرب وأنه طاا تأثر بكل من الثقافت الشرقية والغربية علىالسواء.‏ وسواء في العصر الفينيقي أو العصر الإغريقي الروماني أو العصرالصليبي كانت علاقة لبنان على الدوام بغيرها من بلدان البحر الأبيضاتوسط متأثرة بالثقافة انبثق ضوءها من عاها.‏ وا كانت لبنان منالجهة الأخرى متصلة بالتربية الشرقية مأهولة بسلالات من أصول ساميةفإنه لم يسعها إلا أن تتأثر كذلك بالثقافة الشرقية وبهذه اثابة يبدو أنمعنى ‏(ثقافة البحر الأبيض اتوسط)‏ ثقافة العرب الشرقية وما سلفها منالثقافات السامية الأخرى بجانب الثقافة الغربية الحديثة ولا سيما الثقافةالفرنسية الكاثوليكية وما سلفها من الثقافة الإغريقية الرومانية.‏ وزعمأصحاب هذه النزعة كذلك-وهم من محبي الثقافة الفرنسية الكاثوليكيةالذين لم يهضموا اما مساهمة لبنان في الحلف العربي-أن لبنان ينبغي228


الإقليميةألا يجنح كثيرا إلى الشرق جنوحا يفقد به كيانه وسط الأكثرية الإسلاميةالعربية وفي ‏(الأيديولوجيا)‏ الإسلامية العربية وإا على النقيض من ذلكينبغي أن يحرص على الإتصال اتصالا وثيقا بالغرب وعلى الأخص الغربالكاثوليكي اسيحي حتى تكون الثقافة فيه متزنة جامعة.‏ (٧٧)وكان من الطبيعي أن يحظى هذا الإتجاه بالنقد من الإتجاه القوميفذهبوا إلى أن ما يسمى ب ‏(ثقافة البحر الأبيض اتوسط)‏ ما هو إلاحجاب رقيق يخفون وراءه رغبتهم في تخليد الأثر الكاثوليكي الفرنسيوالتربية الكاثوليكية الفرنسية في لبنان.‏ومن أشهر ادارس اارونية في لبنان كلية الحكمة أسسها في بيروتسنة ١٨٧٦ الأب يوسف الدبس رئيس أساقفة بيروت ومن علماء عصره.‏وقياداتها كلها كانت من الكهنة وبعض الراهبات وكان بها اثنا عشر مراقباأيضا من الكهنة.‏ وهذا اعهد تبع في إدارته رئيس أساقفة بيروت ااروني.‏وقد تخرج منها عدد كبير من رجال لبنان البارزين منهم كتاب وشعراءوصحافيون ورجال دين.‏ وقد كانت في الأصل مدرسة للاهوت وكلية ثمأصبحت كلية فقط للدراسة العلمانية وقد انتقلت مدرسة اللاهوت إلىمكان آخر.‏ وقد كان أولو الشأن في هذه الكلية من زعماء حركة ‏(ثقافةالبحر الأبيض اتوسط)‏ وهم الذين تولوا الزعامة في إنشاء الحلف الثقافيللتربية الحرة.‏ وهذا الحلف جمعية يتألف أعضاؤها من مديري ادارسالأهلية الإبتدائية والثانوية.‏ ومن منشئيها (٧٨) .وعلى النقيض من كلية الحكمة كانت <strong>هنا</strong>ك كلية اقاصد الإسلاميةالخيرية للبن في بيروت التي تأسست في الربع الأخير من القرن التاسععشر تحت إشراف الحكومة العثمانية.‏ لقد كان اتجاه هذه ادرسة وفروعهاأن ليس <strong>هنا</strong>ك ثمة ما يسمى ثقافة لبنانية وإا <strong>هنا</strong>ك ثقافة عربية أوثقافة عاية.‏ وكانوا يعتقدون أن اللغة العربية ينبغي أن تكون لغة الدراسةوالتعبير ويطعنون في الرأي الذي نادى بجعل الفرنسية لغة التعبير باللبناني والعرب.‏ واللغة الأجنبية في نظرهم ينبغي أن تكون وسيلة للوقوفعلى الفكر الغربي أما التعبير عن الفكر في ذاته-غربيا كان أو شرقيا-‏فيجب أن يكون بالعربية (٧٩) .وكانوا يتفقون على أن موقف اللغات الأجنبية في لبنان يختلف عنه في229


الفكر التربوي العربي الحديثسائر الأقطار العربية إذ أن أغلبية السكان أهل حضر فضلا عن أنشطرا كبيرا من القرى اللبنانية مصايف يقصدها الناس من الخارج لهذااتجهت أنظار اللبناني إلى تعليم أبنائهم وبناتهم اللغات الأجنبية لأن البيئةتحتم ذلك.‏ بيد أن هذا ليس معناه إهمال اللغة العربية بأي حال من الأحوالأو اتخاذ اللغات الأجنبية وسيلة للتعبير وأوجبوا أن يكون تدريس اواد كلهبالعربية مع العناية في الوقت ذاته بتعليم اللغات الأجنبية.‏التربية الوطنية:‏جاء في تقرير رسمي عن التعليم في لبنان أن قدم في اؤر الثقافيالعربي الرابع عام ١٩٥٩ ما يؤكد ما سبق أن ذكرناه وهد للقضية الحالية (٨٠) .‏...لم يكن للمدارس الرسمية...‏ الأثر الفعال في بناء الوطن وكان الأثروالتأثير للمدارس <strong>الخاصة</strong> وهذه كانت شيعا وطوائف متعددة الألوانمتنافرة الإتجاهات تسيطر عليها من حيث الوسائل والإمكانيات مدارسالإرساليات الأجنبية ولو حاولنا استخراج طابع عام لهذا الشتيت من معاهدالتعليم لوجدنا أن النزعة الطائفية وتكريسها هما العامل اشترك والصبغةالغالبة.‏ وبيان ذلك أن لبنان منذ عهد القائمقامية واتصرفية فرض عليهالنظام الطائفي وترتيب علاقاته الإجتماعية على هذا.‏ الأساس.‏ وحلالإنتداب فغذى هذه النعرة وأذكاها ليتمكن من السيطرة بسهولة وفوقهذا كله فإن مدارس الإرساليات التي سيطرت على التعليم كانت ذاتطابع ديني يستجيب لنزوات الطائفية».‏وا كان عسيرا على التربية الوطنية أن تعبر عن معناها وتؤدي رسالتهاإلا في بلد حاز على استقلاله ومارس سيادته وأحس بأصالته لذلك لميكن <strong>هنا</strong>ك مادة باعنى الصحيح لتدريس التربية الوطنية قبل الإستقلالفي لبنان فالسلطة الفعلية كانت في يد الفرنسي ولم يكن ا يتفقوطبائع الأمور أن يفكر هؤلاء في بعث الشعور القومي وإعداد اواطنالذي يعي بشخصيته يستفيق إلى مضمون حضارته فيرفض الإستكانةوالإئتمار ويناضل في سبيل سيادته وتحقيق إمكاناته الحضارية.‏كان <strong>هنا</strong>ك ما يسمى بالتربية الأخلاقية وادنية وكانت فرنسا-عن طريقمفتشيها التعليمي‏-هي التي تضع أصول مناهج التعليم في لبنان وكان230


الإقليميةمنهاج الدروس في وزارة التربية ترجمة حرفية في أغلب الأحيان للمناهجالفرنسية مع بعض التفاصيل <strong>الخاصة</strong> بلبنان.‏ وهذه اادة كانت تعتبر مادةثانوية لا أهمية لها لأن الطالب لم يكن مسؤولا عنها في الإمتحانات الرسميةولم يكن عليها رقابة من نوع آخر(‏ ٨١) .وفي هذا الجو وعلى هذه الصورة كانت التربية الوطنية تدرس فيادارس و<strong>هنا</strong> لا بد لنا من الإشارة إلى شخصية الأستاذ في عرض هذهاعلومات على التلاميذ فاادة بحد ذاتها لم تكن ذات أهمية أساسيةفهي مادة ثانوية لا يسأل عنها في الإمتحانات الرسمية لذلك.‏ فالأستاذأن يتصرف في تعليمها بحسب شخصيته.‏ ونقصد بشخصية الأستاذ كننوازعه وميوله اتأثرة بطائفته وبانتسابه إلى ذلك السياسي أو ذاك وباعهدالذي يدرس فيه ولون هذا اعهد وبثقافته <strong>الخاصة</strong> ونظراته للحياة وقدارشعوره الوطني ونوعية هذا الشعور إلى ما <strong>هنا</strong>لك من عوامل تتآلف لتطبعشخصية الأستاذ بطابعها (٨٢) .فلما حصل لبنان على الإستقلال لاحظنا أن الوزارة اسؤولة عن التربيةوالتعليم فيها تسمى ب ‏(وزارة التربية الوطنية)!‏ ! ! إن هذا قد يوحي ببدايةالإهتمام بهذا النوع من أنواع التربية خاصة إذا قرأنا في مقدمة انهجالذي قرّر ونشر سنة ١٩٤٦ ما نصه.‏ ‏«وأما روح التعليم وهدف التربية فلايجوز الإغضاء عن تباين الغايات فيها ونحن في أمة تحتاج إلى جميعالجهود اخمللصة في صهر عناصرها وتوحيد نزعاتها للتحرر النهائي منكل قيد»‏ ونقرأ أيضا أن نفس الوزارة تشير إلى التنشئة الوطنية انوطة بهافتقول:‏ ‏«وعليه كان من هم الوزارة أن تنشئ في اللبناني مواطنا بصيراوعضوا في اجملتمع عارفا عاملا و لهذا عنيت عناية بالغة بالتنشئة الوطنيةوالبدنية والتربية الأخلاقية والإجتماعية وبإطلاع اللبناني على مناقبهالتاريخية دون ما تبجح ولا تزيد فيعتبر اضيه ويفهم حاضره ويتحفزستقبله ثم يعرف علاقاته بإخوانه في الدول العربية فيقدر مركزه منهمويقوم بواجباته نحوهم على حب وإخلاص و يعززهما قيامهم نحوهبالواجبات نفسها (٨٣) .»وبالرغم من هذا الإهتمام ‏(اكتوب رسميا)‏ في مقدمة اناهج فإنالتربية الوطنية ظلت تعاني من ‏«تنازع»‏ و ‏«تفتت»‏ و ‏«طائفية»‏ للأسباب231


الفكر التربوي العربي الحديثالتالية:‏ (٨٤)١- لم تطلب مادة التربية الوطنية في امتحانات الشهادات الرسمية.‏الإبتدائية والبكالوريا بفرعيها ولكنها كانت تطلب في الإمتحان الشفويللشهادة التكميلية ‏(بريفه)‏ بصورة ثانوية.‏ ولهذا السبب أهميته لأن الطلابفي ادارس <strong>الخاصة</strong> أكثر منه في ادارس الرسمية.‏ والواقع أن وزارةالوطنية لم تكن تتدخل في شؤون ادارس <strong>الخاصة</strong> ولم تستطع بالتالي أنتفرض توجيهاتها انهجية إلا عن طريق الإمتحانات الرسمية.‏٢- ادارس <strong>الخاصة</strong> ا فيها من بعثات أجنبية لم تكن تهتم في غالبهابتدريس مادة التربية الوطنية وإذا درستها فإا تطرح عليها لونا خاصايتعلق بنزعة ادرسة واتجاهها ومن <strong>هنا</strong> كان التربية الوطنية لا تؤدي غرضهاالصحيح فرأينا الطلاب يختلفون في نظرتهم للناحية القومية و يختلفونفي شعورهم ومواقفهم من القضايا التي تعرض لوطنهم.‏٣- انتشار ادارس ذات الطابع التجاري.‏ فالإقبال على ادارس كانيزداد سنة عن سنة.‏ ومشكلة الأباء في بداية كل عام دراسي هي العثور علىمكان لأطفالهم في ادارس الإبتدائية خاصة لهذا عمد بعض الأساتذة أومن لهم علاقة بالتعليم إلى افتتاح مدارس خاصة يبتغون الربح من ورائهاقبل كل شيء.‏ ومعيار نجاح ادرسة والإقبال عليها هو في عدد الناجحفي الإمتحانات الرسمية لذلك كان هم هذه ادرسة التركيز على اوادالأساسية اطلوبة في الإمتحانات الرسمية و إهمال اواد الثانوية أو التيلا تطلب في هذه الإمتحانات إهمالا كليا.‏فإذا ما جئنا إلى ادارس الرسمية فسوف نجد أنها تسعى بقدر الإمكانإلى الإبتعاد عن الإتجاهات اتضاربة والنزعات اخملتلفة وتحاول أن تكونحيادية ب كافة التيارات اتمثلة في نزعات ادارس <strong>الخاصة</strong> ووزارةالتربية لم تكن تقبل الأساتذة الحزبي أو الذين يقومون بنشاط حزبيولكن ذلك لم يكف أيضا إذ لوحظ أن حياد الأستاذ التابع لوزارة التربية إذاطبق فعليا فإنه كان يتجه إلى.‏ السلبية في الغالب.‏ فأمام التيارات اخملتلفةيعمد الأستاذ الحيادي إلى ‏(التقية)‏ الوطنية فيرضى بذلك الجميع ولكنهلا يقوم بعمل إيجابي في حقل التربية الوطنية (٨٥) .ومن ناحية ثانية فإن حاجة وزارة التربية للمعلم الإبتدائي خصوصا232


الإقليميةكانت تدفعها إلى تعي أساتذة لم يتخرجوا من داري اعلم الإبتدائيةوالعالية وهؤلاء الأساتذة قد حصلوا على ‏(الشهادة التكميلية)‏ وتأثرواختلف التيارات لانتسابهم إلى مدارس مختلفة.‏فالتربية الوطنية كانت مرهونة بهذه اثابة بالأستاذ وبجو ادرسة التييدرس فيها وحتى لو أن ادرسة كانت رسمية ما كانت لتتأثر بجو البلدة أوانطقة التي توجد فيها وكن القول إن تدريس التربية الوطنية كان غيرمنتج ضمن هذه الظروف.‏طائفية..‏ وإقليمية..‏ لصالح من ؟في اؤر الوطني للتعليم والثقافة الذي انعقد في ٢٠ سبتمبربدعوة من جبهة الأحزاب والهيئات والشخصيات الوطنية والتقدمية تصدىاجملتمعون جململ أزمة التعليم في لبنان ختلف تشعباتها وأهمها:‏ عدماستيعاب ادارس القائمة لعدد يتضخم باستمرار من اللبناني في سنالدراسة-ارتفاع الأقساط تجارة الكتب-البرامج وتعديلاتها-النقص فيادارس الثانوية الرسمية-انخفاض مستوى التعليم والتجهيز ادرسي-مشكلةالبكالوريا-غياب الثقافة الوطنية-مشاكل الجامعة اللبنانية.‏ومن الاحظ أن هذا اؤر قد انعقد بعد ثلاثة شهور على وجهالتقريب من كارثة ١٩٦٧ حيث أخذ كل مجتمع من اجملتمعات العربيةيبحث في ذاته عن الأسباب التي جعلته يشهد مثل هذه الكارثة وخاصةتلك اجملتمعات التي اشتركت في الحرب ا اصطلح على تسميته بدولاواجهة.‏ و إذا كانت لبنان لم تشترك رغم أنها من دول اواجهة لكنأصابعها-بحكم اوقع-كان لا بد من أن تطولها النيران..‏ وبالتالي فقد كانطبيعيا أن يكون التعليم من ب تلك اجملالات التي يدور حولها التفكيروالبحث من جانب‏:‏ أولهما دوره كسبب في التخلف..‏ وثانيهما دوره كوسيلةلتجاوز التخلف والأخذ بأسباب القوة.‏وبعد عام من هذا اؤر أصدرت مجلة ‏(الطريق)‏ التي كان يديرها‏(حس مروه)‏ عددا خاصا دارت معظم بحوثه عن مناهج التعليم الجديدةفي ارحلة الثانوية في لبنان وبحكم التوجه ااركسي للمجلة نجد تفسيراخاصا يرى أزمة التعليم اللبناني لا تكمن فيما اصطلح على تسميته ب١٩٦٧٥ يونيو233


الفكر التربوي العربي الحديث‏(الطائفية)‏ وإا فيما كان يظلله من ‏(طبقية)‏ كان من مصلحتها أن تكرسهذه الطائفية وعلى ذلك لا تكون الطائفية ‏(سببا)‏ للأزمة وإا هي ‏(نتيجة)‏لها لأن السبب الحقيقي هو ‏(الخلل الطبقي)‏ و(سيطرة البورجوازية)‏اللبنانية على مقررات الأمور و لأن مصالح هذه البورجوازية تتناقض معاصالح الوطنية والشعبية العامة وتتوافق مع مصالح القوى الإستعماريةفإنها عملت على ربط الطائفية بالتوجهات الغربية عامة وكذلك بالقوىاهيمنة من دول الغرب مثل فرنسا وأمريكا بصفة خاصة (٨٦) .يقول ‏(جوزيف زعرور)‏ في مقال له في جريدة الأوريان إن الخط العامللمنهج الثانوي سنة ١٩٦٦ هو اللبننة ومسايرة العصر.‏ فماذا يقصد بهذا?‏اللبننة كما يقول زعرور يجب أن تتم في إطار من الحرية ‏«يحترمالفوارق»‏ ثم يقول «.. الإختلافات الثقافية موجودة ويجب أن تبقى»‏ ويعني بالفوارق ‏«الشرق اتصوف والغرب الإنساني والتكتيكي»‏ هذه الصيغةالتي كانت تنادي بها جماعة ‏(ثقافة البحر الأبيض اتوسط)‏ لتوحي بالتمييزب روحانية الشرق ومادية الغرب كستار لفكرة تقول بأن الشرق ينتجسوى الروحانيات وبأن ‏(التفوق اللبناني)‏ ناتج عن ارتباطه بحضارة الغرباادية.‏ إن هذا التفكير-فيما يؤكد يوسف شاكر هو الشكل الإيديولوجيللطائفية وللميثاق الوطني والهدف منه هو إقناع اللبناني بالإختلاففيما بينهم وتصوير هذا الإختلاف وكأنه مبرر لوجود لبنان وتحمل هذهالفلسفة في طياتها ‏(اؤامرة)‏ على وجود لبنان ككيان إذا ما تناقض هذاالوجود مع ‏«الحرية»‏ التي تحتكرها طغمة (٠٠ ٢) من العائلات.‏ إن هذهالفلسفة ثل استمرارا لفلسفة التعليم في ظل الإنتداب واستمرارا للتفكيرالذي يرفض اعتبار الإستقلال ثورة بل مجرد تغيير في الشكل ‏«‏كنناالقول <strong>هنا</strong> إن ثورة الإستقلال أجهضت إذ عجزت عن إعادة الإنسان اللبنانيإلى ذاته بعد أن عمل الإستعمار على سلخه عن لبنانيته وعروبته.‏ لقد تركلنا الإنتداب الفرنسي نظاما تعليميا هدفه تكوين إنسان غريب عن وطنهفي وطنه لأنه لا لك التصرف قدراته ولا بثمار عمله إنسان لا يهتزلانتهاك سيادة وطنه.‏ وذلك ضمن فلسفة تعليمية مازالت هي هي.‏ فلسفةترسخ وتبرر الغربة الثقافية والفكرية عن الواقع الوطني لتترك الإنساناللبناني مصلولا ذراع إلى الشرق و ذراع إلى الغرب إنسانا زقا ضائعا234


الإقليميةب فسيفساء من الثقافات تكرس الفسيفساء الطائفية اصطنعة ولايعرف من الحضارات التي يسمح له عرفتها سوى القشور إنسانا لايصلح إلا ليكون موظفا طيعا ي جهاز الدولة وفي الشركات الأجنبية,‏ (٨٧) .ويتناول باحث آخر هو الدكتور مهدي عامل مقارنة كمية ب مادتيالفلسفة العربية والفلسفة العامة فيجد أن منهج‎١٩٦٦‎ قد خصص إحدىعشرة ساعة أسبوعية للفلسفة العامة وست ساعات للفلسفة العربية بينماكان انهج القد يخص تسع ساعات للمادة الأولى مقابل سبع ساعاتللمادة الثانية (٨٨) .والسؤال هو:‏ اذا خصت الفلسفة الغربية بأهمية بالغة تفوق بكثيرأهمية دراسة الفكر العربي إن اقارنة ‏(الكمية)‏ فرضت علينا طرح هذاالسؤال.‏ والجواب عليه كما ينب<strong>هنا</strong> ‏(مهدي عامل)‏ نجده في توزيع الساعاتالأسبوعية ب اادت وفي ضآلة منهج الفلسفة العربية وسعة انهجالآخر إن مجرد العلاقة الكمية ب اادت توحي إلى الطالب بشكل عنيفبل تفرض عليه أن يتوجه بفكره نحو الفكر الغربي وخاصة في شكلهالبورجوازي ولا يعبر الفكر العربي من الإهتمام إلا قدرا يسيرا هو حياءتجاه ذاته أكثر منه معرفة بها.‏ وفي هذا تقو مسبق محدد للفكرين لاكن فهم علاقة اادت في انهج إن كمّا أو كيفا إلا بفهمه.‏ وهذاالتقو أساس انهج.‏ إنه يفترض أن الفكر الغربي وحده هو الذي يطرحويعالج مشكلات الإنسان اعاصر.‏ وهذا يعني أن مشكلات الإنسان اعاصرواحدة متماثلة فلا وجود شكلات خاصة بالإنسان العربي عليه أن يطرحهاو يعالجها.‏ (٨٩) .إن منطلق هذا التفكير تقو خاص للفكر العربي وهو أنه لا ارتباط لهإطلاقا شكلات حياتنا اعاصرة ما دام قد أخذ كتراث لا كحياة حضاريةتب للطالب اذا اختلف افكرون في القول أو اثلوا أو اذا اختلفتاشكلات أو اثلت وبالتالي الفلاسفة عن الوحدة الفكرية البنيويةوالتاريخية التي تربط بينهم وتقطعهم عن الواقع الإجتماعي الذي كانموضوعا لفكرهم.‏ وهكذا تضيع في ذهن الطالب الوحدة العميقة للفكرالعربي وأصالة نشأته وتطوره وتكامله.‏ فإذا كنا في حاضرنا نعاني مشكلاتالإنسان اعاصر فلا سبيل اضي الفكر أن يعالج حاضر الإنسان وهذا235


الفكر التربوي العربي الحديثمن شأنه أن يجعل الخيار اطروح هو الفكر الغربي في فلسفته وبالتاليينقطع العربي اللبناني عن هويته العربية (٩٠) .تدريس التاريخ والجغرافية يكرس الإقليمية:‏وفي منهاج الجغرافية الذي ظهر عام,‏ ١٩٦٦ نجد أنه بالنسبة للسنةالثانية-البكالوريا-القسم الأولي يتضمن ٣ أقسام رئيسة هي:‏١- دراسة عامة عن حوض البحر الأبيض اتوسط.‏٢- جغرافية لبنان مفصلة.‏٣- التطور الإقتصادي في كل من الدول العربية التالية...»‏ (٩١) .طبعا لا يكفي هذا التقسيم للإشارة إلى الإتجاه الخطر الكامن وراءهولكن انهاج يضع تحت القسم الأول فقرة تتناول التفاعل الإقتصادي ببلدان حوض البحر الأبيض اتوسط بينما تقتصر دراسة اقتصاديات الدولالعربية على كل من الدول منفصلة وفي ذلك اتجاهان خطران الأول فيالنظر إلى اقتصاديات البلدان العربية كأجزاء منفصلة دون أن يشير انهاجحتى إلى مجرد وجود تفاعل ب هذه الإقتصاديات بينما هو يفرد فقرةعن التفاعل الإقتصادي ب بلدان حوض البحر الأبيض اتوسط ولسنافي حاجة إلى كبير عناء لفضح اعتباطية ولا علمية بل لا واقعية هذاالتقسيم فمن يسمع حتى الإذاعة فقط هذا إذا لم يقرأ الصحف يعرفكيف توزعت بلدان حوض البحر الأبيض اتوسط ب كتل اقتصادية مختلفةلأسباب تاريخية وجغرافية معا فالسوق الأوروبية اشتركة ليست ظاهرةمنعزلة عن تطور اقتصاديات بعض الدول الأوروبية واستقلال بلدان شماليأفريقية العربية حدث لا يجوز تجاهل نتائجه على صعيد تطور هذه الدولالإقتصادي على أنه لا كن فهم كيف تدرس اقتصاديات الدول العربيةو<strong>هنا</strong> يتضح الإتجاه الثاني ولا يطلب من الأستاذ في لبنان أن يعرف تلامذتهأن طريقا برية كن أن تصل ب بيروت-دمشق--بغداد أو ب بيروتودمشق-عمان أو حتى ب بيروت-دمشق-الكويت وأن هذه الطريق لا تستخدمفقط لانتقال الأشخاص.‏كما لا كن فهم عزل لبنان عن التفاعل الإقتصادي ب لبنان وبلدانحوض البحر الأبيض اتوسط باعتباره أحد هذه البلدان بينما لا يفترض236


الإقليميةدراسة التفاعل الإقتصادي ب لبنان ومحيطه الطبيعي جغرافيا وتاريخياعلى السواء (٩٢) .وبالنسبة نهج التاريخ نجد أنه حاول الفصل بشكل مصطنع ب تاريخلبنان اعاصر وتاريخ العرب اعاصر ليس فقط عن طريق تقسيم انهجبهذا الشكل بل حتى بتغيير بعض الحقائق التاريخية.‏ ففي تاريخ لبناناعاصر نلاحظ اراحل الآتية:‏‏«لبنان:‏ أثر الحرب العاية الأولى-ارحلة الإنتقالية-إعلان دولة لبنانالكبير ا لحكم العسكري الفرنسي-الثورات اللبنانية-الدستور والجمهورية-‏الأحزاب اللبنانية-لبنان في الحرب العاية الثانية-احتلال الحلفاء للبنان-‏إعلان الإستقلال...‏ الحرب الفلسطينية...»‏بينما في تاريخ العرب اعاصر:‏‏«العرب والدولة العثمانية منذ أواخر القرن التاسع عشر حركة التتريكواعارضة العربية-فتح قناة السويس..‏ الثورة العربية الكبرى-الإنتدابالفرنسي-الثورات السورية وإعلان الجمهورية..‏ حتى قيام املكة العراقية..».‏إن في ذلك-كما يؤكد سمير حسن-فصلا متعمدا وخطيرا ومغايراللحقائق التاريخية في آن معا فالحكم العسكري الفرنسي في لبنان لم يكنسوى جزء من نظام الإنتداب والإنتداب الفرنسي عرفه لبنان وسوريا معاخلال حقبة تاريخية واحدة اما كما عرفت فلسط والعراق الإنتدابالإنجليزي الذي لم يذكره انهاج رغم ذكر الحرب الفلسطينية وقبل ذلكقيام املكة العراقية..«لم يعد من الجائز أن يبقى تاريخنا عرضة للتشويهوحتى التزوير كما لم يعد كنا إخفاء الرأس في الرمال.‏ إن شعور كلمواطن بالإنتماء إلى وطنه يبدأ على مقاعد الدراسة ويقوي ا نستطيع أننقدمه للتلميذ من حقائق يدرك منطقها وقوانينها فلا تبقى مجرد أحداثمتعاقبة منفصلة..»‏ (٨٣) .وفي عام ١٩٨١ قام الباحث اللبناني / عبد الفتاح حسن عمار بدراسةحصل بها على درجة ااجستير تحت إشرافنا قام فيها بتحليل محتوى عددمن الكتب اقررة في ادارس اللبنانية في مجالي التاريخ والجغرافية فيارحلة الثانوية وهي كتب (٩٤) .١- شفيق جحا وآخرون:‏ حضارات العالم في العصور القدة والوسطى237


الفكر التربوي العربي الحديثالجزء التاسع للسنة الأولى ‏(بيروت-دار العلم للملاي د.‏ ت).‏٢- شفيق جحا وآخرون:‏ لبنان والعالم في العصر الحديث جالثانية ‏(بيروت دار العلم للملاي٣- شفيق جحا وآخرون:‏ تاريخ العالم اعاصر جوالرياضيات والعلوم الإختبارية ‏(بيروت دار العلم للملايهذا في التاريخ أما في الجغرافية فقد كانت الكتب موضوع التحليلهي:‏١- جان صدقة وآخرون:‏ الجغرافية في الصفوف الثانوية ج‏(بدران للطباعة والنشر د.‏ ت).‏٢- جان صدقة وآخرون:‏ الجغرافية في الصفوف الثانوية-جبدران وشركاه د.‏ ت).‏٣- علي فاعور:‏ الجغرافية البشرية والإقتصادية إقتصاديات الدولالكبرى.‏ السنة الثالثة ‏(بيروت)‏ مكتبة حبيبوأبرز الباحث عددا من النصوص التي تؤكد على الإنقسامية والطائفيةمنها على سبيل اثال ما جاء في كتاب التاريخ للسنة الثانية ‏(صنصه:‏‏«وقد اعترف ايثاق بالطائفية طابعا يطبع لبنان ويزه عن غيره.‏وبالرغم من أن لدى اللبناني استعدادا فطريا للمحبة والتسامح ورحابةالصدر فإن ايثاق يتركه الطائفية عنصرا من عناصر كيانه ترك فيهسببا يبعد شعبه عن التلاحم والإتحاد فظل ميثاقا للوفاق الوطني لاميثاقا للوحدة التامة..»‏وقد أحصى الباحث تكرار الكلمات التي استخدمتها مادة التاريخ لتدلبها على ظاهرة الإنقسامية الدينية في لبنان فوجد تفوقا كبيرا لصالحالتكرارات <strong>الخاصة</strong> بالطائفة اسيحية على التكرارات <strong>الخاصة</strong> بالطائفيةالإسلامية حيث توزع مجموع التكرارات الدينية على النحو التالي:‏ (٩٦)- تكرارات دينية عامة:‏- تكرارات خاصة بالطائفة القبطية:‏- تكرارات خاصة بالطائفة الإسلامية:‏وكذلك يشير الكتاب إلى أنه ‏«قد أسهم الأرمن في ازدهار لبنان وتقدمه١٠ للسنة١١ لفروع-الفلسفة.(١٩٧٦بيروت ١بيروت ٢٨٣) ما. (٩٥) ١٩٧٧٣٠٦.(١٩٧٣٤٦238


.١الإقليميةا يزوا به من نشاط وإنتاج»‏ ‏(ص ٤٦) ويسمى اسلم في ص(‏ ٨٠)‏(المحمدي‏)‏ مع ما يعنيه هذا من تجاوز واضح حيث أن مثل هذا الوصفيبرز الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كأي مصلح اجتماعي جاء بتعاليموأفكار وضعية تحتمل الأخذ والرد (٩٧) .وبالنسبة لتكرار كلمة لبنان في السياقات الإنتمائية الثلاثة:‏ القطرياتوسطي ‏(تسمية لحوض البحر الأبيض)‏ العربي وجد الباحث النتائجالتالية:‏ (٩٨)- تتفوق التكرارات القطرية على التكرارات اتوسطية وتتفوق هذهعلى التكرارات العربية.‏- تؤكد مادة الجغرافية على الروابط الحضارية والثقافية ب لبنانوبلدان البحر الأبيض وتبرز دور لبنان على أنه قنطرة ثقافية ب هذهالبلدان وب معطيات الثقافة الخارجية مثل القول:‏ ‏«في نطاق اتوسطازجت الحضارات التي أبدعها سكانه وتقاربت في معطياتها ونتائجهاحتى كاد البعض يرى فيها حضارة متوسطية واحدة ذات وجوه متعددة»‏وذلك في ص ١٩ من الكتاب ادرسي ج- لم يرد في اواد الإجتماعية أي تكرار انتمائي يصف لبنان بأنه بلدعربي واقتصرت هذه اواد على إيراد التكرارات الإنتمائية العربية فيمعرض حديثها عن الدول العربية بصفة عامة وبالإجمال كن القول إنتكرارات مادة التاريخ التي ورد بعضها في مناسبات قومية أكثر إائية منتكرارات مادة الجغرافية التي لم ترد إلا في مناسبات اقتصادية.‏باستثناء ما يتعلق بتأكيد رسمية اللغة العربية في لبنان لم نجد في اوادالإجتماعية أي إشارة إلى الروابط الثقافية التي تربط لبنان بالوطن العربيإلا هذه العبارة التي نقرأها في مادة الجغرافية...‏ «.. غير أن جميع هذهالشعوب بلغاتها وعناصرها اخملتلفة ما لبثت حتى تأثرت د الحضارةالعربية التي صهرتها وكونت منها شعب لبنان الحالي»‏ نفس الكتاب ص ٨٢.الدعوة الإقليمية في جنوب السودانلعل أول من تتبادر إليهم الأذهان في حركة البدء بنشر الثقافة العربيةفي السودان هم هؤلاء العرب النازحون الذين رحلوا إلى السودان في أزمان239


الفكر التربوي العربي الحديثمختلفة طلبا لخصوبة ارعى وجريا وراء الرزق فنزلوا في اناطق الصالحةللسكنى في الشمال وأقاموا ب الزنوج في الإقليم الجنوبي حيث مناطقاستنقعات.‏ وفدوا إلى السودان من الباب الشرقي حيث طريق البحرالأحمر ومن الباب الشمالي الأوسط الذي يفضي إلى مجرى النيل ومنالباب الشمالي الغربي وهو الطريق الليلي وحدث اندماج وتداخل أحياناوانفصال وتنازع أحيانا أخرى كما حدث بينها وب الحامي والزنوجامتزاج دموي باصاهرة.‏ وكان لذلك كله أثر في ترتيب الأنساب وتعديلها (٩٩) .وإذا كانت دعوة اهدي تصنف بأنها ضمن الحركات السلفية الدينيةفإن ذلك لا يجعلنا نغفل عن طابعها ‏(الوطني)‏ أو القومي السوداني.‏ يقولعابدين:‏ ‏«لعل من أهم ما رسمه اهدي لهذا اجملتمع الديني الكبير أن يخلقفي نفوس أبنائه التشبث بالقومية وأن يشعر كل سوداني بأن له مع إخوانهكيانا مستقلا لا كن أن يتحقق إلا إذا بالغ في الإعتزاز بدينه وجنسهوتراثه القومي»‏ (١٠٠) . فالثقافة التي جاء بها الحكم التركي تعتبر ‏«دخيلة فينظره-أي اهدي-والغرب عنده دخيل حتى ينخرط في سلك من القوميةالسودانية»‏ فيعتنق الإسلام إن كان غير مسلم أو يدخل في صفوف الأنصارإن كان مسلما وسرعان ما سرت الروح القومية إلى نفوس الناس فوجدواأن حركة اهدي فيها رفعة لشأنهم وكانوا يفخرون بأنه واحد منهم فترقبواالوقت الذي يطرد فيه الأتراك من البلاد ويتفرد بالحكم.‏ولعل اتجاه اهدي إلى تبسيط الحياة كان يرمي به إلى هدف قومي فوقهدفه الأول.‏ ذلك أنه رأى أن البيئات السودانية كالبيئات العربية فيجزيرة العرب وكالبيئات البربرية اغربية في شمال أفريقية كلها بيئاتبسيطة لم تكن تتحمل أعباء الحضارات اعقدة.‏ ولهذه البيئات تراث ورثمن العرب والسكان الأصلي من قد وأصبح يتمثل خاصة في اللغةالعربية والدين الإسلامي والجنس العربي واستعرب فإذا سمح لحضاراتغريبة بالتسرب إلى هذه البيئات فقد تعرض البلاد ومقوماتها للفساد‏«وبذلك يكون اهدى قد هدف إلى تثبيت دعائم القومية في اجملتمعالسوداني»‏ (١٠١) .ومن كلية غوردون تخرج عدد من السوداني أخذوا على عاتقهم مكافحةالحزبية والتحرر من قيودها والتكتل جبهة وطنية تعمل صلحة البلاد240


الإقليميةوكان من آثار ذلك أن حلّت روح التسامح ب الصفوة اثقفة محل العصبيةوالتحيز فضربوا بسهم في توحيد مصائرهم متحررين من وصمة العصبيةوراء الحزبية وربقة التحيز.‏ وكان من تقاليد الطلبة أن ينتمي الطالب إلىالقبيلة إذا سئل عن جنسه ولكن تلك اسألة البغيضة مشكلة القبائل قدحاربها الطلاب تحقيقا لفكرة التكتل القومي قال بعض الخريج‏:‏‏(حاربناها في دفاتر الكلية الرسمية يوم أن طلب منا أن نقيد أجناسنافأحصيناها فوجدنا فصلا واحدا به ثلاثون طالبا عدد قبائلهم بلغ اثنتوعشرين قبيلة فكانت فضيحة أعقبتها صيحة وثورة دوت بعدها في الفصلكلمة واحدة ‏«سوداني»)‏ (١٠٢)ويتضح من ذلك أن الوعي الذي غمر الطلاب والخريج في الجيلااضي في أول القرن العشرين كان متجها إلى التكتل القومي وقد فلسفواهذا فيما أسموه ب ‏(الكينونة الذاتية)‏ غير أن القومية التي دعا إليها هؤلاءكانت في الغالب هي القومية السياسية أي جمع صفوفهم تحت هدفواحد ويدافع شعور واحد حتى يصبحوا قوة ضد التدخل السياسي.‏ أما منالناحية الثقافية فيخبرنا أحد رواد هذه الدعوة بأن تراث الإنسانية الفكريتراث مشترك ولا تعرف دنيا الفكر التناحر والتنافر والدسائس التي تسردعالم السياسة والإقتصاد.‏ وقد أكد البعض في أكثر من موضع على أهميةالثقافة الغربية والعربية التي استقوها من اصري والإنجليز وغيرهمغير أنهم فيما يبدو كانوا يدعون إلى تنظيم هذه اعرفة الجديدة وتوجيههابحيث تتمشى مع ‏«اقومات الأساسية للبلاد»‏ (١٠٣) .وإذا كانت ثمة عقبات قد واجهت عمليات السيطرة الأمبريالية لأوروباعلى القارة الأفريقية خلال العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر ومطلعالقرن التالي فإن الإسلام والعروبة كانا العقبة الرئيسة من هذه العقبات (١٠٤) .ولا شك في أن الإستعماري الأوروبي قد فهموا هذه الحقيقة ووعوهاومن ثم فقد كانوا حريص على محاصرة الإسلام والعروبة ومنعهما منالإنتشار في اناطق التي لم ينتشرا فيها بعد.‏ وقد تجسدت السياسةالبريطانية لوقف التقدم العربي الإسلامي نحو جنوب السودان فيما عرف‏«بالسياسة الجنوبية».‏وقد اعتمد تنفيذ هذه السياسة على مجموعة من الخطط كن أن241


الفكر التربوي العربي الحديثنرتبها على النحو الآتي (١٠٥)١- إضعاف الوجود الشمالي في الجنوب ختلف الوسائل.‏ وكانت وسيلةهذا الإضعاف منح العرب اسلم من الشمالي من دخول الجنوب ختلفالطرق ثم تصفية الوجود الشمالي في الجنوب.‏وقد وصل الأمر بالسياسة البريطانية في هذا الصدد إلى إصدار قوان‏(اناطق اغلقة)‏ مستهدفة من ذلك إغلاق البقاع الجنوبية أمام الشماليوجاء وقت أصبح فيه أسهل على السوداني العربي أن يتنقل في سائر أنحاءالعالم من أن يتنقل في أرجاء بلاده.‏٢- إضعاف الثقافة العربية ومنع انتشار الإسلام في الجنوب ختلفالطرق سواء بإحلال الإنجليزية محل العربية كلغة عامةبتشجيع انتشار اللغات المحلية ومحاولة تحويلها إلى لغات مكتوبة ومقروءةمن خلال وضع قواعد نحوية لها..‏ اهم ألا تكون العربية لغة حديث أوكتابة أو استخدام في ادارس أو اصالح الحكومية.‏أما منع انتشار الإسلام فقد تكفلت به الإرساليات التبشيرية التي أطلقتلها حرية العمل الديني في الجنوب على عكس الشمال حيث قيدت هذهالحرية يادين التعليم والخدمات الصحية.‏ وعلى هات الركيزت تحركتالسياسة البريطانية في جنوب السودان في الفترة ما ب عاميFranca, Lingua أو١٨٩٩ و.١٩٥٦وفي منتصف عام ١٩٢٩ قام اللورد لويد اندوب السامي البريطاني فيالقاهرة وصاحب أكبر سمعة استعمارية بعد اللورد كرومر قام بجولة فيالسودان وعاد إلى القاهرة ليكتب في ١٩ يونيو مذكرة سرية عما أسماه‏(مشكلة السياسة التعليمية في جنوب السودان).‏ ووضع لويد في نهايةتقريره اثير الخطة التي يرى اتباعها لتحقيق اطلوب من صبغ جنوبالسودان بصبغة ثقافية مختلفة عن شماله.‏وفي ٢٥ يناير سنة ١٩٣٠ في مذكرة سرية وجهها السكرتير الإداريلحكومة السودان إلى مديري اديريات الجنوبية ومديري اصالح فيالخرطوم.‏ تضمنت اذكرة الإجراءات التنفيذية للسياسة التي اتفق عليهامختلف الأطراف في الخرطوم والقاهرة ولندن (١٠٧) .ولكي تتحقق هذه السياسة كان لا بد للتعليم من أن يقوم بدوره ومن ثم. (١٠٦)242


الإقليميةفإن الهيكل العام لنظام التعليم في جنوب السودان قد قام على الأسسالتالية:‏ (١٠٨)أولا:‏ أن تتولى الإرساليات العملية التعليمية بالشكل الذي تقرر.‏ وكانت<strong>هنا</strong>ك مصلحة مشتركة ب ابشرين والسلطات البريطانية في طرد الوجودالعربي الإسلامي من الجنوب..‏ وبالنسبة للمبشرين فهذا يتيح لهم تنفيذهدفهم الرئيسي بنشر اسيحية في تلك اناطق الزنجية دون مقاومة منجانب العرب اسلم وبالنسبة للوجود الإمبريالي فهو يخلص انطقة منعناصر التمرد وإزعاجها.‏ثانيا:‏ أن تتم هذه العملية تحت إشراف دقيق من جانب حكومة السودانسواء من خلال سلطاتها الإدارية ثلة في حكام اديريات ومأموري اراكزمن البريطاني أو من خلال أجهزة الإشراف التابعة لإدارة اعارف فيالخرطوم والتي كانت توالي كتابة تقاريرها إلى هذه الإدارة وتتلقى منهاتعليماتها وهي تعليمات تتوخى بالدرجة الأولى تنفيذ السياسة العليا بصياغةالجنوب صياغة ثقافية مختلفة عن الشمال.‏ولم تكن ‏(سلطة الحكومة)‏ فقط هي السبيل إلى فرض هذا الإشرافبل كان <strong>هنا</strong>ك ‏(اعونة السنوية)‏ التي نحها إدارة اعارف دارس الإرسالياتوبالرغم من أنه ليس لدينا معلومات كافية عن الصورة التي كانت تبذل بهاتلك اعونات بيد أن كل الدلائل تشير إلى أنها كانت تستخدم بالحبس أوبانح بالتقتير أو بالسخاء على ضوء التقارير التي كان يقدمها ثلوالحكومة عن كل مدرسة وهي تقارير كانت تسجل قبل أي شيء مدى نجاحتلك ادارس في تنفيذ اطلوب منها لتحقيق السياسة ارسومة.‏ثالثا:‏ أن يصحب هذا التوافق في الهدف والإشراف من جانب الحكومةالإتفاق على خطة معينة ب الجانب‏.‏وقد هذا الإتفاق من خلال مؤرات دورية ظاهرها رسم سياسةتعليمية لأبناء جنوب السودان وجوهرها صياغة ثقافة هؤلاء بشكل ‏(لاعربي).‏وفي عام ١٩٢٩- ح بدأ التخطيط بجد لسياسة فصل الجنوب عنالشمال-كانت <strong>هنا</strong>ك أربع إرساليات تبشيرية تعمل في اديريات الجنوييةهي جمعية إرسالية الكنيسة Church Missionary Society والإرسالية الإيطالية243


الفكر التربوي العربي الحديثالكاثوليكية ltalian Catholic Church وإرسالية السودان اتحدة Sudan UnitedMission ثم الإرسالية الأمريكية The American Mission وكانت هذه الإرسالياتتشرف على ثلاث مدارس وسطى تضم ١٧٩ تلميذا و ٣٠ مدرسة أولية تضم١٩٠٧ تلميذا.‏ (١٠٩) .ويتحدث التقرير السنوي عن التعليم عما أسماه الإنجليز مدارس الشجرةSchools, Tree أو ادارس الخارجيةبلغ عدد تلاميذها سبعة آلاف وقد أقيمت هذه ادارس في القرى وكانيدير كلا منها مدرس من أبناء القرية نفسها ويتعلم فيها الرجال والصبيانفقط.‏ ولم تكن <strong>هنا</strong>ك سن محددة للإلتحاق بهذا النوع من ادارس كما أنساعات الدراسة فيها لم تحدد غير أن هذه الساعات كانت تتراوح ب٤ ساعات يوميا تنظم على شكل لا يخل بنظام الحياة في القرية كانالطلاب يتلقون بالإضافة للقراءة والكتابة والحساب بعض العلوم التي تفيدهمفي حياتهم كدروس في الزراعة مثلا.‏ وكان هذا النوع من أخطر الأنواعالتي نفذت فيها السياسة الإنجليزية نحو إفقاد أبناء الجنوب أي سمةعربية أو إسلامية (١١٠)ولعل أخطر الوسائل كانت في التعليم باللغات المحلية والإنجليزية.‏ ففيعام ١٩٣٤ انعقد اؤر الثاني من مؤرات التعليم في الجنوب في جوباأي بعد ست سنوات من اؤر الأول الذي عقد في الرجاف عاموكان هذا العام (١٩٣٤) مثمرا للغاية في دفع سياسة التعليم باللغات المحليةفبالإضافة إلى كتب القراءة والحساب والجغرافية والتاريخ والطبيعة.‏ أخذتالدراسات التي أعدها رجال الإرساليات لقواعد ونحو اللغات الجنويية فيالظهور.‏ وأهمية هذه الدراسات فيما نحن بصدده أنها تؤصل لغات الجنوببكل ما يترتب على ذلك من طرد أي تأثيرات عربية حيث لم تعد <strong>هنا</strong>كحاجة إليها فقد أصبحت اللهجات والرطانات المحلية لغات مستكملة القوامبفضل جهود ابشرين (١١١) .وبعد رحيل الإستعمار البريطاني عام ١٩٥٦ سعت الحكومة اركزية فيالخرطوم إلى السيطرة على التعليم وكانت أكبر العقبات هي حركات التمردالتي ما فتئت تبرز من ح لآخر.‏ وكان لابد للحكومة اركزية من أن تسعىإلى تعريب التعليم في الجنوب إلا أن مثل هذه الحركة لم تأخذ في الإعتبارOut Schools والتي بلغت ٢٦٣ مدرسة٣١٩٢٨244


الإقليميةأوضاع الجنوب من ناحية استخدام مدخل اللغات المحلية بالحرف العربيوصياغة انهج والكتاب ليعكسا طبيعة الجنوب وثقافته في إطار الوحدةالوطنية استهدفة.‏ وكان من إفرازات الحرب الأهلية بروز عدد من اتعلمخارج الإقليم باللغة الإنجليزية شكلوا إضافة هامة ن تعلموا باللغةالإنجليزية أيام الإستعمار البريطاني وقد مثلت هاتان اجملموعتان غالبيةالقيادة السياسية والإدارية التي آلت إليها السلطة في الإقليم بعد تطبيقالحكم المحلي.‏وقد انعكس هذا الوضع في اتفاقية السلام ‏(أديس أبابانصت الإتفاقية على أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرئيسة في الجنوبوأنه يجوز استخدام اللغات المحلية حينما تكون <strong>هنا</strong>ك ضرورة عملية وكانتحركة تعريب التعليم أثناء الحرب بإغفالها أهمية اللغات المحلية مدخلالتعليم العربية وبتطبيق انهج والكتاب القومي-الذي لا يعكس خصوصيةالجنوب-من أبرز ما استهدفه هجوم دعاة تعزيز التعليم باللغة الإنجليزيةفي الجنوب ودعاة الإنفصال أيضا (١١٢) .وقد ظهرت خطورة هذا في نقاش مجلس الشعب الإقليمي وقرارهبشأن اللغات عام ١٩٧٤ حيث قرر اجمللس أن تكون اللغة الإنجليزية لغةالتعليم في اؤسسات التربوية الجنوبية اعتبارا من العام الدراسي١٩٧٥ إلا أن اجمللس التنفيذي الأعلى للإقليم الجنوبي قد أبدى تفهماعميقا لقضية اللغات وإدراك مكانة اللغة العربية في الجنوب أولا ومكانتهافي السودان ككل في إطار الوحدة الوطنية انشودة فكان قراره بشأن١٩٧٢) حيث/ ٧٤/ ١١ / ٨‏«سياسة لغة التربية»‏ في ١٩٧٥ متأثرا بهذه اعطيات ويعكستوازنا مؤقتا في الإتجاهات السائدة في الحكومة الإقليمية والحكومةاركزية وملخص القرار هو:‏ (١١٣)أ-في حالة ادارس الريفية.‏١- اللغة المحلية هي لغة التعليم في السنت الأولى والثانية وتقدم اللغةالعربية والإنجليزية مشافهة.‏٢- اللغة المحلية هي لغة التعليم في السنت الثالثة والرابعة وتزدادكثافة اللغة العربية والإنجليزية.‏٣- اللغة العربية هي لغة التعليم في السنت الخامسة والسادسة ويستمر245


الفكر التربوي العربي الحديثتكثيف اللغة الإنجليزية.‏ب-في حالة ادارس الحضرية:‏١- اللغة العربية هي لغة التعليم في السنت الأولى والثانية وتقدم اللغةالإنجليزية مشافهة.‏٢- اللغة العربية هي لغة التعليم في السنت الثالثة والرابعة وتقدماللغة الإنجليزية كتابة.‏٣- اللغة العربية هي لغة التعليم في السنت الخامسة والسادسة ويزيدتكثيف اللغة الإنجليزية.‏ج-في كل ادارس اتوسطة:‏ اللغة العربية هي لغة التعليم ويستمرتكثيف اللغة الإنجليزية.‏د-في كل ادارس الثانوية وما فوقها:‏اللغة الإنجليزية هي لغة التعليم وتدرس اللغة العربية مع آدابها كمادةدراسية (١١٤) .ولابد لنا في هذا اقام من أن نبحث عن وضع ‏(التربية الوطنية)‏ فيالسودان الذي يواجه هذا الوضع في جنوبه وليس في أيدينا بهذا الصددإلا تقرير وفد جمهورية السودان الذي قدم للإدارة الثقافية بجامعة الدولالعربية عن هذا اوضوع في اراحل التعليمية العامة (١١٥)ويذكر التقرير أن التربية الوطنية قد ظهرت كمادة دراسية في مدارسالسودان أول ما ظهرت في معهد لتدريب اعلم ‏(بخت الرضا).‏ وكان ذلكفي أخريات الثلاثينات.‏ كان ذلك في أول الأمر تجربة فلما اقتنع القائمونبأمر اعهد بنجاح التجربة عملوا على نشرها وإدخال مادة التربية الوطنيةفي ارحلة الإبتدائية وهي مرحلتان:‏ مرحلة مدتها أربع سنوات يدخلهاالأطفال من السابعة ويفرغون منها في الحادية عشرة ومرحلة تليها منالثانية عشرة وينتهي منها في الخامسة عشرة.‏ ففي ادارس الأولية أولىمراحل السلم التعليمي(‏‎٧‎‏-‏ ١١) حيث لا يزال الأطفال أحداثا أدخلت اادةضمن دروس الجغرافية المحلية وضمن دروس التاريخ الطبيعي وضمندروس اوسوعات ‏(واشروعات)‏ وضمن نظام الجمعيات ابسط.‏ولكن ظروف التوسع التعليمي أدت إلى استخدام مدرس من غيراؤهل في ادارس الأولية فلم يستطع هؤلاء ادرسون الإحتفاظ باستوى246


الإقليميةالذي وصلته مادة التربية الوطنية في الفترة ما ب عامي ١٩٤٠ و ١٩٤٨وأصبح تدريسها شكليا.‏وفي ادارس الوسطى وهي ادارس التي تسبق ارحلة الثانوية أدخلتالتربية الوطنية عن طريق الجمعيات ادرسية وعن طريق النشاط ادرسيالخارجي ووضعت اناهج والكتب للمدرس والتلاميذ ورصدت لهااعتمادات مالية ودرب ادرسون على تدريسها والإشراف عليها وبعثتوزارة اعارف السودانية بعض أساتذة ادارس الوسطى خارج السودان إلىإنجلترا خاصة للتخصص في التربية الوطنية لتدريسها عند عودتهم وللعملعلى ترقيتها وتعميمها في جميع ادارس (١١٦) .ثم تدخلت ظروف التوسع التعليمي في هذه ارحلة أيضا وأصبح عددالأساتذة في هذه اادة أقل كثيرا من ادارس التي فتحت وأصبح تعميمتدريس اادة في كل ادارس أمرا مستحيلا.‏ وا كان تلاميذ ادارسالوسطى السودانية يجلسون لامتحان مسابقة مركزي واحد لغرض الدخولللمدارس الثانوية وا كانت اناهج واقررات موحدة أصبحت الحماسةللمادة تقل تدريجيا.‏أما في ادارس الثانوية ومعظمها مدارس أكادية فقد بذلت جهودفي الفترة ما ب عامي ١٩٤٣ لإدخال التربية الوطنية عن طريقدروس ‏(الإقتصاد)‏ وعن طريق الجمعيات ادرسية وعن طريق النشاطالخارجي.‏وخلص التقرير إلى أن مادة التربية الوطنية كمادة دراسية ‏(عامكانت تجد مكانها في برامج ادارس الأولية أما في ادارس الوسطى فقدتوقفت قبل هذا بخمس سنوات وتدرس عرضا في دروس التاريخ ودروسالأدب العربي والجغرافية وغيرها.‏ أما في ادارس الثانوية فأصبحت التربيةالوطنية من اواد اقرر تدريسها.‏ونلاحظ في منهج ارحلة الأولية أن التركيز إا هو على ‏(البيئة المحليةللتلاميذ)‏ وعلى ‏(كثير من بيئات السودان)‏ وضرورة أن تشمل دروس التاريخدراسة بعض الشخصيات الوطنية والشخصيات ‏(العاية)‏ وعلى ‏(تاريخ(١٩٥٩١٩٣٠ والسودان الحديث)‏ وفي أدب اللغة العربية ‏(أناشيد وطنية)‏ فضلا عن بعضالأغراض الخلقية (١١٧) .247


الفكر التربوي العربي الحديث248


الإتجاه الإشتراكي6 الإتجاه الإشتراكيأولا-نشأته وتطورهالإرهاصات الأولى:‏تدل الدراسة التحليلية لتطور الأفكار السياسيةوالإجتماعية على أن ظهور فكرة جديدة لا يتم فيفراغ ولا ينشأ عزل عن تطور الأوضاعالإقتصادية والإجتماعية ولا عن الوضع الثقافيالعام وطبيعة النخبة اتعلمة واتجاهاتها فياجملتمع.‏ ورغم أنه من اؤكد أن افكرينالإشتراكي الأوائل قد تعرفوا على فكرة الإشتراكيةعبر احتكاكهم باؤلفات الغربية اتعلقة بهذااوضوع فإن بروز هذه الفكرة من منظور التطورالثقافي العربي تأثر بعامل أساسي أولهما:‏ دورالسان سيموني في مصر خلال عصر محمد عليوثانيهما:‏ الوعي اتزايد بضرورة الحاجة إلىالإصلاح والعدل الإجتماعي اللذين عبر عنهماالشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه مناهج الألباب.‏ (١)ففي سعيه لإقامة الدولة الحديثة التي أرادإنشاءها اجتذب محمد علي عناصر وجماعاتأوروبية مختلفة قدمت إلى مصر وكان من بهؤلاء السان سيموني‏-أتباع سان سيمون-الذينلعبوا دورا هاما فعملوا كأطباء ومهندس ومعلم249


الفكر التربوي العربي الحديثوساعدوا في بناء القناطر وإعادة تنظيم الري ويبدو أن آراءهم فيما يتعلقبدور الدولة والإقتصاد اخملطط والتنمية الصناعية تطابقت مع آراء محمدعلي.‏ لقد تصورت هذه اجملموعة من ‏(ابشرين الإشتراكي‏)‏ أنه من خلالالإستقلال العلمي وارد مصر بواسطة التصنيع كن تطبيق ابادالإشتراكية لسان سيمون وتصوروا أنفسهم كعنصر تحديثي في اجملتمعاصري.‏ (٢)ولكن ما هي قنوات الإتصال المحتملة ثل هذه التأثيرات الأيديولوجية?‏نحن لا لك دليلا على أنهم استخدموا وظائفهم كمدرس مثلا للدعايةلأفكارهم ولكن مع ذلك لا كن تجاهل أنهم عملوا في اتصال يومي مععدد من كبار اتعلم اصري‏.‏ فمن الواضح مثلا أن أدهم بك الذي كانأحد الشخصيات الرئيسة في حركة الإحياء التعليمي خلال فترة محمدعلي كان متأثرا بأفكارهم.‏ (٣) ومنذ عهد قريب بدأ اعتبار الطهطاوي أولمن بذر بذور الفكر الإشتراكي في انطقة العربية.‏ والجدير بالذكر أنالعديد من الدراسات لم تجد فيه سوى باعث النهضة الثقافية في البلادبيد أن الأمر يتطلب مزيدا من الدراسة والتحليل.‏ حينئذ يتبدى لنا كتاب‏(مناهج الألباب)‏ في صورة مختلفة.‏ وأن نقطة الإنطلاق في هذا الكتابهي اعتبار أن أساس ‏(إتقان الحضارة والرخاء)‏ هو أساس خلقي-دينيواقتصادي في ذات الوقت.‏ وقد اقتصر الكتاب على هذا العامل الثاني ‏(أيدراسة انافع العمومية التي تعود بالثروة والغنى وتنعيم البال على عمومالجمعية وتبعدها عن الحالة الأولية الطبيعية).‏ هذا وإن الحديث عنالإقتصاد في مصر التي أمام عينيه يعني بالنسبة للطهطاوي الإهتمامبالرخاء الزراعي في البلاد وبالتالي بطبيعة السلطة الحكومية ووضعالدولة.‏ (٤)ويتحدث الطهطاوي عن استغلال الفلاح بواسطة أرستقراطية الأرضفيقول.‏ ‏«إن الاك في العادة يتمتعون باتحصل من العمل ولا يدفعوننظير العمل الجسيم إلا اقدار اليسير الذي لا يكافئ العمل فما يصل إلىالعمال نظير عملهم في ازارع أو إلى أصحاب الآلات في نظير اصطناعهملها هو شيء قليل بالنسبة للمقدار الجسيم العائد إلى الاك»‏ (٥) .وعندما يتساءل الطهطاوي مقارنا:‏ أيهما منبع الثروة والغنى:‏ الأرض أم250


الإتجاه الإشتراكيعمل الإنسان وجهده ? ينحاز إلى الثاني على أساس أنه ‏«لا كن إيجادالخصب في الأرض إلا بدوام الشغل واستمرار العمل وإلا لبقيت مجدبةإذا انقطع الشغل عنها.‏ فإن الشغل يعطي قيمة لجميع الأشياء التي ليستمتقدمة بدونه»‏ (٦)وإذا تركنا الطهطاوي فسوف نجد أن دراسة التاريخ الحديث للبلدانالعربية تب أن حياة الجماهير الشعبية ومشكلات العلاقات الإجتماعيةلم تلق عناية جدية من جانب القادة الإجتماعي وافكرين العرب ولمينتبه إلى بؤس الإنسان البسيط غير بعضهم.‏ إلا أن افكرين العرب وهميولون انتباههم إلى الشخصية الإنسانية ووضعها في اجملتمع لم يكن بوسعهمأن روا مر الكرام بافارقات غير العادية ليس فقط في اساواة الحقوقيةبل في اساواة الإجتماعية ب الناس.‏ فقد وجهوا النظر إلى احتواء حالةالجماهير الفلاحية اعدمة وعامة سكان ادن من صغار التجار واوظفوغيرهم.‏ وا أن الدوائر التقدمية ب الأوساط الإجتماعية العربية لمتكن ترى في أفقر فئات السكان سوى معذب فقد رأت واجبها الأخلاقيوالإجتماعي يتمثل في الرأفة باستذل واهان‏.‏ وكقاعدة فقد كانتهذه الأوساط تبحث عن اخملرج في الأعمال الخيرية.‏ (٧)ولم يكن أنصار العدالة الإجتماعية في الشرق العربي كلهم أو جلهميسعون إلى تخفيف محسوس إلى هذا الحد أو ذاك للتفاوت الإجتماعي.‏وكانت الوصفات اتعلقة بالوصول بالعلاقات الإنسانية إلى حد الكمال بلاخملططات الطوباوية أحيانا لنظام اجتماعي ‏(أمثل)‏ كانت تعكس النزعةالإنسانية للمفكرين العرب التي تشكلت بفضل تفاعل مؤثرات الحركةالتحررية في العالم العربي والأفكار التنويرية والتقاليد الإنسانية في الثقافةالعربية والعاية.‏ إن هذا اخملطط ثل هذا الهيكل الإجتماعي الذي لا يدعمجالا للمفارقات الحادة لتفاوت الكية ب الناس غالبا ما كان يقضي بأنتتولى الدولة تنظيم التعاون ب السكان من أجل الصالح العام.‏ فقد كانالقادة التقدميون العرب ذوو الأفكار اتحررة يحلمون بالرفاهية الشاملة.‏وفي هذا السياق حاول الكتاب العرب الإثبات أن من اللازم والواجبوامكن تغيير الظروف اادية عيشة الناس والقضاء على التفاوتالإجتماعي على أساس علاقات إنتاجية بورجوازية.‏ وكانوا يريدون العثور251


الفكر التربوي العربي الحديثعلى حل للمتناقضات الأزلية ب الأغنياء والفقراء في أطر إصلاحيةليبرالية (٨) .و<strong>هنا</strong> نجد واحدا مثل شبلي شميل يبرز بؤس الفقراء ويندد باستغلمن الأغنياء فيكتب في مجلة البصير سنة ‎١٨٩٩‎‏:«رأيت الفاعل يشتغل فيالحر والعرق يتصبب من بدنه كالقطر ليطعم سواه من جناه ولا يناله منذلك إلا نزر يسير لا يفي بحاجة زوجته العارية ولا يخمد صوت أولادهالجياع فيطوون الليل على الطوي ملتف على أنفسهم وبعضهم على بعضضاغط معدهم بأيديهم ليخففوا ما يعانونه من ألم الجوع وليس لهم مايتدفؤون به من البرد غير حر أنفاسهم ‏«رأيت الغني الشبعان يبلع الجملولا يتستر والفقير الجائع يتلصص لسرقة رغيف من الخبز الأسمر والقانونيكافئ ذاك برفع القبعات ويعاقب هذا بالسجن سنوات....»...‏ «... رأيتمعالم الظلم تشاد فوق الناس تحت لواء العدل ودعوى الهداية والعايةتسري عليهم تحت قلانس اكر وعمائم الجهل....»‏ (٩) .وينشر شبلي شميل مقالا في جريدة اؤيد سنة ١٩٠٨ ردا على خطابمن سليم سركيس يؤكد فيه على أن ‏(الإشتراكية)‏ ليست وصمة تتطلب منهأن يدافع عن اتهام الناس له بأنه يدعو إليها:‏ ‏«وما الإشتراكية كما يرميهاخصومها بأضغاث أحلام ولا أصحابها ظلام طغاة فهي لا تركب طالبهام الخيال وتحلق بالإنسان إلى جنات النعيم ولا تكبله بحبال الخيالوتزجه في قعر الجحيم بل تريد أن هد له سبل السعادة على هذه الأرضفتسترد له الفردوس الضائع تسترده من أيدي مردة الإجتماع وأبالستهفتخفض من كبرياء وترفع من نفوس وتقرب ب صولجان الك وعصاالراعي حتى يتم التكافل بينهما»‏ (١٠) .وكان ذلك إشارة إلى مقال كان قد سبق نشره في جريدة الأخبار بعنوان‏(الإشتراكيون)‏ في نفس العام يذهب فيه إلى أن لائميهم ومتهميهم مجموعةمن الناقم عليهم قبل هذا أن يبحثوا عن الأسباب التي تؤدي إلى القلقالإجتماعي والتذمر.‏ (١١)وكان للحركة العمالية دور واضح في نشر الأفكار الإشتراكية في مصرنتيجة لظهور الشركات واصالح الإستعمارية لأصحاب العمل بسبب تناقضاصالح بينهم.‏ ولقد تناولت الصحف هذه الظاهرة بالنشر والتعليق فكتبت252


الإتجاه الإشتراكيجريدة ‏(اللواء)‏ بتاريخ أول يوليو سنة ١٩١١ تحت عنوان ‏(الإشتراكية فيمصر)‏ مقالا ذهبت فيه إلى أن ‏«اصري كان لا يعرف شيئا عن الإشتراكيةقبل عهد الخديوي إسماعيل...‏ إلا أن التطور الإجتماعي أدى إلى ظهورالإشتراكية».‏ وإذا كان الوضع الدولي صر لم يكن يسمح بإدخالها في نظامالحكم إلا أن ‏«الإشتراكية من حيث تعاليمها الإجتماعية فإننا في مقدمةمن يدعو إليها ويب لها لأننا نرى فيها الضمانة لحفظ التوازن ب غنيناالجاهل اتكبر وفقيرنا اجملد البائس».‏ (١٤) وقد استخدم سلامة موسىكلمة ‏«الإشتراكية»‏ لأول مرة في مقال نشره في مجلة ‏(اقتطف).‏ وكان يرىأنه اضطر إلى استخدام هذه الكلمة ‏«لأن الكتاب لا يرضون الوشاية ومنذذلك الوقت جعل فكرة الإشتراكية قضية ورسالة وجوده»‏ لأن الحاضر يومئإلى استقبل إاءة واضحة نراها بالع وأحيانا نسمعها بالأذن:‏ ‏«هيالإشتراكية التي سوف تعم الدنيا كلها».‏ ولم تكن هذه الفكرة عنده معقدةمحددة بل تناولها بدقة مبتعدا إلى حد ما عن الخلافات اذهبية فلميكن دوجماطيقيا.‏ والدارس لطبيعة هذه الفكرة عنده لا بد من أن يضعأمامه اعتبارين الأول:‏ ثقافة سلامة موسى وتأثره بالفكر الإشتراكي فيقرر:‏‏«الإشتراكية والتطور هذان افتاحان أو البذرتان لثقافتي وكنني أن أردكل ما أنزع إليه من تجديد في العمران أو الأدب أو الدين إليهما»‏ و ‏«لكننظرية التطور ثم نظرية الإشتراكية زيادة على ما حملتني كل منهما علىالدرس حملتني أيضا على الآمال البعيدة بل أحيانا الآمال اسرفة فيمستقبل الإنسان القريب بالإشتراكية.‏ (١٤)والإعتبار الثاني هو إدراكه طبيعة التكوين الطبقي الرهيب وطبيعةالعلاقات شبه الإقطاعية التي جعلت الأمة اصرية أمت‏:‏ أمة فقيرة وأمةغنية أمة محرومة وأمة تعة ويقرر أننا انقسمنا إلى فئت‏:‏ فئة غنيةتكتظ معدتها باأكولات الدسمة وأخرى فقيرة ترمق العيش ترميقا».‏وبعد ذلك ينشر سلامة كتيبه ‏(الإشتراكية)‏ سنة ١٩١٣ على إثر قراءتهرأس اال في اتحف البريطاني ويأخذ بعد ذلك في نشر العديد مناقالات عن الإشتراكية في اجمللات والصحف التي حررها أو حرر فيها(١٥) وإن مال إلى التأثر الواضح بالفابية.‏ وهو يتساءل في هذا الكتاب:‏ كيفالسبيل إلى الإشتراكية في مصر?‏ ويجيب بلسان الفابي الإنجليز:‏ بتربية253


الفكر التربوي العربي الحديثالشعب تربية نيابية دقراطية ونشر الثقافة الإشتراكية والتدرج فيإحراز اكاسب من الحكومة.‏ والتربية الدقراطية تتطلب من القرية...‏أن تلغي نظام ‏(العمودية)‏ ويحل محلها مجلس منتخب من سكان القريةالراشدين ذكورا وإناثا ويتولى هذا اجمللس عملية تأجير الأراضي ‏«ويصرفوارداته على مصلحة القرية من تعليم وبناء مساكن وإصلاح طرق وإضاءةشوارع وغير ذلك»‏ كما يوفر للفلاح أحدث منجزات العلم في الزراعة.‏‏«بحكم القطر كله مجلس نيابي ينظر في سياسة البلاد الخارجية ويديراصالح الكبرى كالسكك الحديدية ويشرف على أعمال اجملالس المحليةوالتعليم العام...‏ الخ».‏ والإصلاحات ‏(الإشتراكية)‏ هي التعليم اجملاني فياراحل الأولى ورعاية الشيخوخة والحيلولة دون البطالة وتعويض العمالعما يصيبهم أثناء العمل.‏ (١٦)وفي نفس العام الذي نشر فيه سلامة موسى كتيبه سنةمصطفى حسن انصوري كتابه ‏(تاريخ اذاهب الإشتراكية)‏ الذي كانحصيلة للإطلاع الواسع على تطور الفكر الإشتراكي في بريطانيا وفرنساوالفهم العميق للأصول الفلسفية لهذا الفكر.‏ والكتاب لا يتوقف عند هذاالحد بل يطرح قضية مستقبل الإشتراكية في مصر و<strong>هنا</strong> يقرر انصوريحقيقة هامة تتصل فهوم تعدد الطرق إلى الإشتراكية فيقول ‏«من الخطأأن نتصور أن للإشتراكية مباد ثابتة غير قابلة للتعديل أو التحوير وأندعاتها يظهرون ظهر واحد ورأي واحد في جميع الأ وإن كانوا متفقفي الغرض الذي يريدون الوصول إليه ولكنهم يختلفون في الطرق اؤديةإلى ذلك الغرض باختلاف شكل الحكومات والنظام الإجتماعي فيبلادهم».‏ (١٧) .ومن اهم جدا أن نعلم أن انصوري هذا كان أحد رجال التعليم.‏ وإذاكان سلامة موسى قد سافر إلى إنجلترا وقابل برنارد شو وانضم إلىالفابي وعاد ليبشر بآرائهم الإصلاحية...‏ فإن ‏(نقولا حداد)‏ قد سافر إلىأمريكا واستقر في نيويورك واتصل بواحد من قادة الفكر الإشتراكي <strong>هنا</strong>ك.‏وفي سنة ١٩١٠ أسس نقولا بالإشتراك مع أم الريحاني وأنطون فرحجمعية عربية اشتراكية في نيويورك وقد أصدرت هذه الجمعية مجلةأسمتها ‏(الجامعة)‏ لتبشر بآرائها.‏ ويعود نقولا حداد إلى القاهرة ليمارس١٩١٣ نشر254


الإتجاه الإشتراكينضاله من أجل الإشتراكية مستعينا بسعة اطلاعه وبتمرسه في النضالالعملي في مجتمع رأسمالي متقدم يعادي الإشتراكية عداء شديدا.‏ والأهميةالقصوى لكتابات نقولا حداد أنها تنقلنا من مرحلة الحماس الفكري إلىمرحلة الفهم العلمي الأصيل والقدرة على الشرح انطقي والكفاية العاليةفي الجدل وفي إفحام اعترض أو انتقدين.‏ (١٨)وهو يكتب مقالا في مجلة الهلال سنة ١٩١٨ بعنوان ‏(الإشتراكية ماتطلبه وما لا تطلبه)‏ ردا على بعض هؤلاء الذين تصدوا للهجوم علىالإشتراكية.‏كذلك كتب كتابا صدر سنة ١٩٢٠ بعنوان ‏(الإشتراكية)‏ أصدرته إدارةمجلة الهلال...‏ ولا بد من أن تتصدى مجلة كالهلال وهي مجلة معروفةوقفها المحافظ لإصدار كتاب كهذا هو خير دليل على القوة التي كسبهاالفكر الإشتراكي في السنوات الأخيرة.‏وتتصدر الكتاب كلمة من إدارة الهلال فيها اعتذار...‏ وتحمل ب طياتهامغزى فهي تقول ‏«قد أصبح للإشتراكية شأن عظيم في حياة الشعوبالغربية ولا سيما بعد الحرب العظمى فجدير بقراء العربية أن يطلعوا علىحقيقة هذا اذهب وقضاياه ومراميه.‏ إلى غير ذلك من اباحث الخطيرةالدائرة على إصلاح اجملتمع العمراني.‏ وا كانت اللغة العربية مفتقدة إلىكتاب في هذا اوضوع طلبنا إلى الكاتب الإجتماعي نقولا أفندي الحدادوضع مؤلف موجز لسد هذا النقص.‏ (١٩)التنظيم الحزبي:‏وهكذا تسير الأفكار اشبعة بالروح الإشتراكية عبر منافذ الرأي اتاحةوهي الصحف واجمللات والكتب حتى إذا انتهت الحرب العاية الأولى ومرعامان إذا بنا نواجه تطورا جديدا يبدأ بظهور ‏«تنظيم حزبي»يتبنى الفكرالإشتراكي في صوره وأجنحته اتعددة ومن التنظيمات الحزبية ما كانيعمل في دائرة العلن والوضوح ومنها ما كان يعمل سرا وتحت سطحالأرض وخاصة التنظيمات التي جنحت إلى الإشتراكية ااركسية واختلفتالأمر بطبيعة الحال باختلاف اجملتمعات العربية.‏ولم يكن تشكيل حزب باسم الحزب الإشتراكي اصري في منتصف255


الفكر التربوي العربي الحديثأغسطس ١٩٢١ حدثا مفاجئا بل كان محصلة لعديد من التحركات وألوانالنشاط الفكري والسياسي والنقابي التي سبقته بسنوات طويلة.‏ لقد كانهذا الحدث-بحق-الوعاء الذي التقت فيه روافد متباينة من النشاط الفكريوالنضالي كان من أهمها نشاط فريق من اثقف في مصر العائدين منالبعثات في الخارج ثم تجمعات اهاجرين الأجانب وخاصة اللاجئالسياسي منهم في الإسكندرية.‏ (٢٠)وكان من أبرز قياداته:‏ سلامة موسى محمد عبد الله عثمان محمودحسني العرابي علي العناني فضلا عن جوزيف روزينتال.‏ ولسنا نعرفالكثير عن هذا الحزب أو اتجاهاته الفكرية ولكن الأنباء اترددة عنه تؤكدعلى انعطافه إلى التطرف في موقفه من النظرية الإشتراكية الأمر الذييدعونا إلى القول بأنه حمل في داخله فكرا فوضويا.‏ (٢١)وخلال الفترة التالية استمرت اقالات بطبيعة الحال.‏ ويهمنا <strong>هنا</strong> الإشارةإلى ذلك اقال العنيف الذي كتبه محمود حسني العرابي في مجلة ‏(الحياةالجديدة)‏ العدد الصادر في ٢٩ يناير سنة ١٩٢٨ هجوما على الأزهر إلىدرجة جعلته يدعو إلى تحويله ‏«إلى كلية لاهوت كما هو الحال في جمهوريتيتركيا وأانيا وغيرهما فيدخل الراغب بعد أن يتثقف في ادارس الثانويةويدرس <strong>هنا</strong>ك تاريخ الديانات وآراء الفلاسفة واجملددين ويتعلم اللغاتالقدة فيخرج لنا منها مفكرون أحرار ومسلمون فاهمون ويهود واعونونصارى غير متعصب‏...‏ فنحن في عصر تدين فيه الإنسانية بالعقلوالعلم وحدهما.»‏ (٣٢)ويزيد على ذلك فيسخر من تسميته ‏(بالشريف)?‏ وكلمة ‏(هيئة كبارالعلماء)‏ والزي اكون من ‏(العمامة والقفطان)...‏ ‏«والأزهريون جيش كبيرلو وجه به إلى عمل منتج في أعمال الدولة لخطت البلاد خطوة واسعة إلىالأمام».‏ وينظر إلى الإصلاحات التي تدخل الأزهر على أنها تقويه وتدعمهولكن علاج الترقيع ‏«علاج خطر والذين يرون فيه الخير وهم في الواقع وإنحسنت نيتهم يلعبون بالنار».‏ (٢٢)ولعل مثل هذه الأفكار ‏(الإستفزازية)‏ كان من شأنها أن تدفع اعسكراقابل إلى التقدم والهجوم بنفس درجة العنف فمن ذلك كتيب صغيرنشره إسماعيل مظهر يهاجم فيها اباد الإشتراكية اسمه ‏(الإشتراكية256


الإتجاه الإشتراكيتعوق ارتقاء النوع الإنساني)‏ (٢٤) ينتهي من مقدماته إلى نتيجة هامة وهي‏«أن الإشتراكية ووليدتها الشيوعية لا يستطاع أن يكون لهما قسط عمليفي نظام الإجتماع إلا إذا وفقنا ب ما تدعوان إليه وب س هذا الكون».‏وفي عام واحد-هو عام ١٩٣٣- أصدر عصام الدين حفني ناصف ثلاثةكتيبات هي ‏(حركة العمال والإشتراكية الدقراطية)‏ و(اسألة الإشتراكية)‏و(مباد الإشتراكية).‏ وكتيب ‏(اسألة الإشتراكية عبارة عن أسئلة وأجوبة).‏مثل:‏س:‏ ما هي الإشتراكية?‏ج:‏ الإشتراكية هي اشتراك جماعة من الناس في إنتاج البضائع التييرونها لازمه لهم وذلك بدلا من قيام فرد أو شركة تجارية مفردة بالإنتاج (٢٥) .ولقد كان عصام من أوائل اثقف اصري الذين أدركوا أن قضيةشعب مصر لا تنفصل عن قضية الأمة العربية ولكن لا من انظور القوميبل ‏(الأمي).‏ وهكذا حرص على أن يقيم علاقات وثيقة ب كثير من القوىالوطنية والتقدمية في لبنان وسوريا والعراق فنشر عددا من اقالات فيمجلة الحديث اللبنانية التي كان يصدرها سامي الكيالي وهو يصفها بأنهامجلة تجديدية...‏ وكذلك نشر مقالات في ‏(الإخاء الوطني)‏ العراقية و‏(القبس البيروتية).‏ وقد كانت كتبه تسهم في نشر الوعي العلمي والإشتراكيفي عديد من البلاد العربية.‏ (٢٦)وشهدت الأربعينات تنظيمات ماركسية متعددة في مصر ا جعل الحركةااركسية تتسم بالإنقسام والتفتت بعضها كان يضم أفرادا معدودين.‏واشتدت قوة الدولة في محاربة هذه التنظيمات ومطاردة أصحابها واعتقالهما جعلهم يوغلون في ‏(السرية)‏ وكافة الأساليب غير العلنية.‏ وكان هذا منشأنه أن يبذر بذور التشكك ب بعض الأفراد تجاه آخرين خوفا من العمالةوالتجسس.‏وإذا كان كل من الإنقسام والإعتقال قد أضعف هذه الجماعات إلا أنأكثر ما زاد في هذا الضعف هو موقفها من قضية فلسط وقبولها فكرةالتقسيم وإن أدت الهزة العسكرية إلى أن تستقطب اشكلات الداخليةأنظار الناس فتجد هذه الجماعات الفرصة الائمة للتنديد بالأوضاعالإجتماعية والإقتصادية والسياسية والتبشير بالإشتراكية.‏257


الفكر التربوي العربي الحديثثم كان لوجود العناصر الأجنبية قيادة بعض التنظيمات أثره في نفورالكثير من اصري عنها.‏ (٢٧) ولأن القوان لم تكن تسمح بأي تنظيماتعلنية مارس ااركسيون في مصر نشاطهم من خلال مجموعة من الأنديةوالروابط الثقافية مثل:‏ (٢٨)- الفن والحرية حيث تجمعت نواة من الفنان التشكيلي واثقفوالشعراء بزعامة جورج حن‏.‏- جماعة البحوث ومعظمها من الأجانب قررت هذه الجماعة أن تقومبإعداد دراسات عن الواقع اصري والفلاح وكان هدفها الأساسي هو‏«تعريف الأوروبي بأوضاع اجملتمع اصري.‏- جماعة الشباب للثقافة الشعبية تستهدف محو الأمية ب العمالوالفلاح‏.‏ (٢٩)- لجنة نشر الثقافة الحديثة سنة ١٩٤٥ تجمع في دارها بشارع قصرالعيني العشرات من اثقف اصري ليستمعوا إلى محاضرات ذات محتوىماركسي وعت فيها أسماء:‏ عبد الرحمن الشرقاوي ونعمان عاشور و د.‏إبراهيم سعد الدين.‏ (٣٠)- دار الأبحاث العلمية ولعلها أشهر الأندية والروابط العلمية.‏ ذكرشهدي عطية أحد أركانها أن الهدف منها كان القيام بالأبحاث العلميةوتطبيقها على اجملتمع وقد أسهمت في تربية ط خاص من الكوادرااركسية.‏وقد شهد العام الدراسي ١٩٤٦ عملا ماركسيا نشطا في صفوفالطلاب وكانت جماعة ‏(ايسكرا)‏ أوسع انظمات نشاطا في هذا اجملالوتداخلت منظمة أخرى ب صفوف طلاب الأزهر وكلية الفنون الجميلةوفي صفوف الطلاب السوداني‏.‏ وتكاثرت أعداد الطلاب انتمية لعلومالقاهرة وعلوم الإسكندرية وطب القاهرة والإسكندرية والحقوق والتجارةبجامعة القاهرة.‏ وبلغ النشاط ذروته بتجميع عدد من القوى الوطنية والعماليةفيما عرف ب ‏(اللجنة الوطنية للطلبة والعمال)‏ أحدثت دويا كبيرا في فبرايرسنةوفي عام ١٩٤٩ غير حزب مصر الفتاة بزعامة أحمد حس اسمه إلى‏(الحزب الإشتراكي)‏ وكان تغيير شعاره من ‏(الله.‏ الوطن.‏ الك)‏ إلى:‏ ‏(الله-‏/ ٤٥(٣١) ٫١٩٤٦258


الإتجاه الإشتراكيالشعب)‏ يعني سعى الحزب للإنحياز للطبقات الشعبية وقبوله مبدأ الصراعالطبقي والتمييز داخل الوطن ب الطبقات الشعبية وب غيرها من الطبقاتاستغلة.‏وقد حظي ‏(التعليم)‏ بقسط وافر من اهتمام أحمد حس في شرحبرنامجه فأكد على أن العلم ‏«هو الظاهرة الوحيدة التي تدلنا على أنالبشر يتطورون من أدنى إلى أرقى وأن الإنسانية تسير في طريق ينتهيإلى العلم الكامل»‏ (٣٢) . ويحرص أحمد حس على ربط كل مبدأ من ابادالتي يدعو إليها بنصوص من القرآن الكر والسنة النبوية ا يؤكد علىارتباط الإشتراكية عنده بالدين على عكس التنظيمات ااركسية.‏وإذا كان التعليم لازما في كل نظام دقراطي مرة ‏«فهو لازم مائة مرةفي ظل نظام اشتراكي تنص القاعدة الأساسية للمجتمع فيه»‏ لكل حسبقدرته ولكل حسب كفاءته.‏ ‏«فالتعليم لازم لتحقيق العدالة واساواة فيالتوزيع للأفراد ما دام هذا التوزيع يستند إلى الكفاءة ولا شيء غيرها».‏ (٣٣)في سوريا ولبنان أسس حزب ماركسي سنة ١٩٢٢ وكان يعمل علىنطاق الدولت وينسب تأسيسه إلى أحد اصري استوطن في البلادوهو ‏(فؤاد الشمالي).‏ وقد حاول أن يتجه مباشرة إلى العمل في البيئاتالعمالية وهي بيئات محدودة في سوريا شأنها في ذلك شأن جميع الأقطارالتي لم تتطور صناعيا.‏ وقد التحق بالحزب كثير من الأرمن والأوروبياستوطن سوريا ولبنان.‏ وفي ظروف غامضة انتقلت زعامة الحركةااركسية إلى خالد بكداش سنة ١٩٣٣ وكان لا يزال طالبا بالجامعة الأمريكيةوكانت صلات التبعية التي تربط الحزب بقرينه في فرنسا واضحة.‏ (٣٤)وبعد استقلال كل من سوريا ولبنان تكونت لجنة مركزية لكل منهماوعلا نفوذ الحزب في سوريا علوا كبيرا في الخمسينات حيث إنه كانالحزب العلني الوحيد في العالم العربي وكان له نائب في البران.‏وروى صلاح الدين البيطار أنه هو وميشيل عفلق عندما كانا يطلبانالعلم في باريس في أول الثلاثينات:‏ ‏«كانت لنا لقاءات مع الطلاب العربالتونسي واغاربة والجزائري واللبناني والفلسطيني‏».‏ وفي فرنسا‏«كنا نتابع أدبيات الحزب الإشتراكي ونحضر اجتماعاته الشعبية»‏ ومعذلك فلم تستهوهم نظرياته فقد كانت فكرة ‏(الوحدة العربية)‏ هي التي259


الفكر التربوي العربي الحديثتطغى عليها ‏«عدنا ونحن نحمل فكرت لم نتخل عنهما من وقتها إلى الآنهما فكرتا الوحدة والتحديث».‏ (٣٥)واستخدم كل من عفلق والبيطار وظيفتهما كمدرس من مدرسي ادارسالتجهيزية لبث آرائهما ب تلاميذ هذه ادارس التي كانت ثل حينذاك‏(منذ عام ١٩٣٥) أعلى مراحل التعليم إذ لم تؤسس جامعة دمشق إلا بعدالحرب العاية الثانية.‏ وكان صدور مجلة ‏(الطليعة)‏ بداية ظهور تيار فكريجديد ‏«يعني الإفتراق ا نفكر ونكتب عن الفكر التقليدي وشق طريق نهجفكري جديد يكون أساسا لخلق عقلية عقائدية...‏ وكانت قاعدة الحركةالوطنية في سوريا كما كانت في كل بلد عربي في العالم الثالث هيالطلاب.»‏ (٣٦)وكان الإتجاه هو نوع أشبه ب ‏(الإحياء)‏ أو ‏(البعث).‏ وأخذت حركة البعثالعربي تتحول إلى شبه حزب سياسي منذ أن صدر أول منشور عن الحركةسنة ١٩٤١ ثم تأسست اللجنة اركزية للحزب في سنة ١٩٤٧. وفي الخمسيناتاتخذ الحزب خطوة هامة وفريدة من نوعها في العالم العربي فقرر أنيعمل على استوى القومي الشامل فأسس فروعا في العراق والأردنولبنان.‏ (٣٧)وفي عام ١٩٥٠. خرج أكرم الحوراني السياسي السوري المحترف بحزبأسماه العربي الإشتراكي احتلت فيه اباد الإشتراكية مكانا أبرز اكانت عليه في برنامج حزب البعث ثم دمج الحزبان سنة ١٩٥٢ تحت اسم‏(حزب البعث العربي الإشتراكي).‏ولقد دخل عفلق الإشتراكية عن طريق ابدأ القومي فذكر أنه بحثفي القوميات الأوروبية فوجدها تستهدف التوسع.‏ أما الأمة العربية فإنهاتنحو بخصائصها الفريدة منحى اشتراكيا بل إن الإشتراكية لا قومية فيأوروبا لأن الرأسمالية التوسعية تجعل نفسها قرينة للروح القومية.‏ (٣٨)ومر العراق بنفس التجربة التي شهدتها معظم الدول النامية وهي أناليسار بدأ في مرحلته الأولى كحركة فكرية عمادها اثقفون وعلى أكتافهؤلاء اثقف قام أول حزب كن وصفه باليساري وهو حزب الأهاليسنة ١٩٣٣. على أن ما يسمى يسارا في الثلاثينات كن أن يصبح ينا أووسطا في عصرنا الحاضر.‏ فاسألة نسبية تختلف باختلاف التقدم الذي260


الإتجاه الإشتراكيأحرزه العراق في الحقل السياسي والإجتماعي.‏ (٣٩)ومن الاحظ أن ااركسية كانت أكثر انتشارا ب الأقليات الطائفيةوالعنصرية فمثلا راجت في العراق ب الآشوري والأكراد وكان ذلك منأسباب ضعفها لأن هدف اعتناقها لا يكون الإان باباد ااركسية بقدرما هو تعبير عن سخط الأقلية على استئثار الأغلبية بالحكم.‏ وا كانت هذهالأغلبية تتمثل في الإسلام السني فقد اعتقدت الأقليات أن تدمير الركائزالدينية سيفسح أمامها مجال مشاركة أعظم في إدارة البلاد فما يعنيهممن ااركسية هو نزعتها الدولية اللادينية أكثر من لب العقيدة الإشتراكية.‏ (٤٠)ويعد تكوين الجبهة الوطنية السرية سنة ١٩٥٧ مرحلة جديدة في تاريخالحركة الوطنية بصفة عامة واليسار بصفة خاصة في العراق إذ برز لأولمرة حزب البعث في العراق الذي كان على تنافر مع التجمع ااركسي فيجبهة واحدة مع أحزاب أخرى.‏وفي بيروت وفي صباح يوم الجمعة ١٩٧٢ انعقدت أولى جلساتاؤر الثالث للحزب ااركسي اللبناني ‏(عقد اؤر الأول عامظروف العلنية والثاني في ١٩٦٨ في ظروف السرية)‏ وكان لانعقاد اؤربشكل علني وفي فندق كبير ببيروت أصداؤه الواضحة خاصة وأنه أولمؤر عقد بعد أن أجيزت علانيته رسميا في أغسطس سنةأن فرضت عليه السرية دة١٩٤٤ في١٩٧٠ وبعد/ ١ / ٧٢٥ سنة (٤١) .نظم سياسية تتبنى الإتجاه الإشتراكي:‏وإذا كان الإتجاه الإشتراكي قد بدأ-في روافده اتعددة-أفكارا تبث من<strong>هنا</strong> و<strong>هنا</strong>ك على صفحات الورق سرا وعلانية ثم تحول-بالإضافة إلى ذلك-‏إلى تنظيمات حزبية في بعض الدول العربية تعمل من خلال قنوات شرعيةأحيانا على بث أفكارها فإنها منذ أول الستينات بدأت تشكل ‏«نهجا»‏رسميا تتبناه بعض النظم العربية وكان في مقدمة هذه النظم نظام ثورة٢٣ يوليو سنةومن العسير تحديد فكر متكامل للثورة عند قيامها فهي لم لكعندئذ أي نظرية فكرية محددة.‏ وإا ملكت مجموعة من الأهداف العامةاجملردة من أي مضمون اجتماعي محدد وذلك ما أكده ميثاق ١٩٦٢ حينما.١٩٥٢261


الفكر التربوي العربي الحديثقال:‏ ‏«إن هذه اباد الستة لم تكن نظرية عمل ثوري كاملة ولكنها كانتفي تلك الظروف ثل عمق هذه الإرادة الثورية»‏ (٤٢) .وكشفت معارك الصراع السياسي الداخلي إلى جانب معارك الثورة معالإستعمار العاي بالإضافة إلى الهجوم استمر من قبل الإعلام الغربيوالرجعية العربية على النظام الناصري عن حاجة هذا النظام لأيديولوجيةأكثر اسكا في مواجهة الأيديولوجيات اعادية.‏ وجاءت معركة السويسفي أبعادها الوطنية والقومية فصهرت الفكر الثوري في فلسفة الثورة فيصيغة ‏(الفكر الإشتراكي التعاوني)‏ مع سمات الفكر القومي الذي أثرتأثيرا بالغا على الفكر الناصري في أعقاب معركة السويس وحركة الإنفتاحعلى القوى الوحدوية في العالم العربي فانتشرت في هذه ارحلة (١٩٥٦-١٩٦١) أفكار الإشتراكية الدقراطية التعاونية وبدأ اثقفون في مصروالعالم العربي يعرضون للإتجاهات الإشتراكية في الدول الغربية عقبالثورة الصناعية ابتداء من أفكار فورييه وأوين وانتهاء بأفكار الفابيوالكينزي مع إشارات للفكر ااركسي وعدم ملاءمته بطبيعة التجربةاصرية والواقع الإسلامي العربي ويجيئون بأمثلة عن الوحدة الأانيةوللوحدة الإيطالية وما إلى ذلك (٤٣) .ومن تشخيص مشكلات اجملتمع كما قامت به الثورة انبثقت الإشتراكيةمفهوما كطريق أمثل للتنمية في فكر الثورة منذ النصف الثاني منالخمسينات ومع عام ١٩٦١ تحول الأمر من خيار إلى حتمية ومع أن الثورةمنذ شهورها الأولى قد اتخذت إجراءات تعتبر ‏(إشتراكية)‏ في مضمونهاإلا أنها دأبت على تجريب بدائل أخرى موازية ولكن تعثر هذه البدائل أوقلة عائدها جعل الثورة تراجع وتقوم ومع كل مراجعة تقوية كانت تجدنفسها مدفوعة بقوة أكبر نحو الطريق الإشتراكي إلى أن تبلور فكرهايقينا بحتمية الحل الإشتراكي كما جاء في ايثاق.‏وقد أكد عبد الناصر على أن السعي نحو اساواة الإجتماعية لا يعنيالسعي لتحقيق اساواة ب الأفراد فالإشتراكية تسعى إلى تحقيق الفرصةاتكافئة لكل فرد ولكنها لا تسعى إلى تحقيق اساواة ب الأفراد الذينهم بطبيعتهم غير متساوين في إمكاناتهم وجهودهم(‏‎٢٢‎ يوليه عاموعندما طرح عبد الناصر ‏(الإشتراكية)‏ كمنهج للحياة في اجملتمع اندفع. (٤٤) (١٩٦١262


الإتجاه الإشتراكيكثير من الكتاب ينظرون ويفلسفون هذا الطرح من كل وجهة نظره فجميعالكتاب غير ااركسي اجتهدوا في إثبات مجموعة من الخصائص التيتجعل من الاشتراكية ‏(عربية)‏ تختلف كثيرا عن الاشتراكية ااركسية أماالكتاب ااركسيون فقد حرصوا على التأكيد على أن التعدد في الاشتراكيةأمر غير وارد.‏ فالاشتراكية واحدة وإا قد تتعدد طرق إليها والتطبيقاتفإذا ما تساءلنا عن سمات هذه الاشتراكية الواحدة فسوف نجد أنها فيمنظورهم هي الاشتراكية العلمية وهو اصطلح الذي حرصوا علىاستخدامه دون اصطلح الأصلي وهو ‏(ااركسية)‏ حتى يتجنبوا حرجااجتماعيا وسياسيا كن أن يسببه هذا لثورة يوليو التي كان قادتها حريصعلى نفن اتهامات خصوم الاشتراكية في العالم العربي إياهم بأنهم يروجونللشيوعية.‏ومن <strong>هنا</strong> يندد الدكتور فؤاد مرسي بتصور عدد من الكتاب الاشتراكيةمنهما إياهم بالتشهير بااركسية تحت زعم أن لنا تصورا قوميا خاصاللاشتراكية ويضرب أمثلة ب (٤٥) :- حس فوزي النجار يكتب:‏ ‏«الاشتراكية العربية ط جديد من أاطالفكر الاشتراكي إلا أنها لا تسلم باادية الجدلية وتقوم على تفسير جديدللتاريخ».‏- صلاح مخيمر يقول:«نحن ح ننظر إلى ميثاق العمل الوطنيلنستخلص <strong>هنا</strong> و<strong>هنا</strong>ك ما عساه أن تكون نظريتنا العلمية في التطور وموقفنامن الحتمية اطلقة والنسبية الاجتماعية فإننا نجد أنفسنا في البدايةموزع ب الحتمية والنسبية وب العلّية الواحدة لاتجاه والعلّية الشبكيةبتأثيراتها اتبادلة وتفاعلاته النسبية».‏- طعيمة الجرف يقول:«نحن ننكر ااركسية من أساسها باعتبارها فلسفةمادية بحتة».‏واتفاقا مع فؤاد مرسي يؤكد أحمد عباس صالح على أن أحدا مناشتغل بعلم السياسة لم ينسب مدرسة من ادارس الاشتراكية إلى بلدأو إلى قومية وأنه من الجائز القول باشتراكية فابية أو دقراطيته لكن لايجوز القول باشتراكية روسية أو صينية ‏«إذن فالاشتراكية هي النظامالاجتماعي الذي يستغل فيه الإنسان إنسانا آخر.‏ وبهذا اعنى نستطيع أن263


الفكر التربوي العربي الحديثنقول إن الاشتراكية واحدة»‏ (٤٦) .وحتى نتخلص من هذا التشتت الفكري دعا محمود ام العالم إلى‏(وحدة فكرية)‏ دون أن يعني بذلك ‏(واحدية فكرية):‏ ‏«هي دعوة إلى عقليةجديدة تسود نظرتنا إلى حقائق الحياة من حولنا وتحدد سلوكنا منها لانقضي بها فحسب على رواسب الفكر القد فينا بل نقضي بها كذلكعلى ما نعانيه من تشتت فكري وزق في سلوكنا الاجتماعي ونحدد بهاملامحنا القومية والثورية الأصيلة»‏ (٤٧) .وعلى نفس النهج طالب د.‏ فؤاد مرسي بنظرية شاملة وبعد أن يسوقالحجج على ضرورة وأهمية هذه النظرية الشاملة يصرح بأن ‏(الاشتراكيةالعلمية)‏ هي النظرية الشاملة اطلوبة ‏«إنها نظرية شاملة تضع ابادىءالأساسية الأكثر عمومية والقوان الأساسية الأكثر عمومية لتطور اجملتمع-‏وبصفة خاصة لحركة اجملتمع من الرأسمالية إلى الاشتراكية التي لا نهايةداها ومن ثم نترك ما بقى لخبرات الشعوب (٤٨) .وشهد عام ١٩٥٨ مدا ضخما في ‏(اكتساح)‏ الاتجاه الاشتراكي بعضالنظم السياسية العربية حيث ت الوحدة ب النظام الناصري الاشتراكيوالنظام السوري بقيادة حزب البعث في فبراير وفي يوليو قامت ثورةالعراق التي لعب فيها بعث العراق دورا هاما تطور أمره فيما بعد وأصبحوالحزب الحاكم.‏ لكن الاحظ هو أن الاجراءات الاشتراكية التي اتخذتفي عهد الوحدة في سوريا كانت من أسباب الانفصال.‏ ذلك أن القراراتالتي اتخذها عبد الناصر في سوريا بالسيطرة النقد الأجنبي وبتنظيمالاستيراد وبالإصلاح الزراعي مست مصالح فئات اجتماعية جعلتها تقفموقفا سلبيا من الوحدة قبلولقد كان لثورة يوليو آثارها اعروفة في بعض اناطق والدول العربيةوخاصة في جوانبها الإشتراكية.‏ وتتضح تأثيرات ‏(ايثاق)‏ على فكر الجبهةالقومية في اليمن الجنوبي فعلا في أكثر من صياغة وأكثر من ميدان.‏ فإذاكان ايثاق يتحدث عن ‏«أبرز اتغيرات التي طرأت منذ نهاية الحرب العايةالثانية والتي يتفاعلها مع الإرادة الثورية الوطنية لم يعد أسلوب اصالحةمع الإستعمار ومساومته هو طريق الحرية»‏ والتي كان من أعظمها ظهوراعسكر الإشتراكي ‏«كقوة كبيرة يتزايد وزنها اادي واعنوي يوما بعد يوم. (٤٩) ١٩٦١264


الإتجاه الإشتراكيفي مواجهة اعسكر الرأسمالي»‏ فإن برنامج التنظيم السياسي-الجبهةالقومية-يتحدث عن نفس اقولة بصيغة مشابهة تؤكد على أن ‏«انتصارالإشتراكية في العديد من أنحاء العالم قد وفر شرطا عايا جديدا لتطويرنضال الشعوب في مختلف القارات ضد الرأسمالية والإستعمار العايبشتى أشكاله ونحو تقدم هذه الشعوب وتطورها في اتجاه إنهاء استغلالالإنسان للإنسان».‏وقد عبرت جريدة صوت العمال العدنية في عدد ١٩٧١ / ١٠ / ٣ عناكانة التاريخية لعبد الناصر وعن الدور الريادي الذي مثلته التجربة الثوريةالناصرية ب تجارب حركات التحرر الوطني والإجتماعي العربية والعايةبتأكيدها على أنه أول من وجه ضربة للإقطاع في الوطن العربي وأول منبدأ يتوجه نحو الإشتراكية ويوثق العلاقات مع دول اعسكر الإشتراكي(‏‎٥٠‎‏).‏وفي عام ١٩٧٢ في سوريا إعلان ‏(ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية)‏التي جمعت مختلف القوى الإشتراكية مع حزب البعث الحاكم بحيث تكونتمن:‏ حزب البعث العربي الإشتراكي وحزب الإتحاد الإشتراكي العربيوالحزب الشيوعي السوري وتنظيم الوحدوي الإشتراكي وحركةالإشتراكي العرب (٥١) .وجاء ضمن برنامج الجبهة ‏«رسم خطط التثقيف القومي الإشتراكيوقيادة التوجيه السياسي العام ا يؤمن خلق رأي عام موحد ويسهم فيتكوين اواطن ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ونضاليا ليكون اواطن العربيالقومي الإشتراكي اهيأ ماديا ومعنويا لتحمل أعباء النضال من أجل معركةالتحرير وبناء اجملتمع العربي الإشتراكي اوحد».‏وبالنسبة للطلاب جاء في ايثاق:‏ ‏«أن الطلاب وهم جيل استقبلالذي يتكون باعرفة والتوجيه بحاجة ماسة لأن يحاطوا بأحسن الشروطالتي تهيئ لوحدة إرادتهم واتجاهاتهم ولتحقيق ذلك لا بد أن ينتهي التنافسالحزبي عليهم ولذلك أيضا فإن الجبهة ترى في وحدة هذا القطاع نقطةالإنطلاق نحو وحدة قاعدة العمل السياسي ووحدة أداة الثورة.‏لهذا كله ولتحاشي قيام أي نوع من أنواع التنازع ب الطلبة في ظلالجبهة ومن أجل خلق الجو الإيجابي الائم لوحدة التوجيه وبالتاليوحدة القاعدة والأداة فإن أطراف الجبهة من غير البعث تتعهد أن تعمل265


الفكر التربوي العربي الحديثعلى وقف نشاطاتها التنظيمية والتوجيهية في هذا القطاع بادئة بإيقافامتدادها والتنسيب لها»‏ (٥٢) .وبعد أن تولى حزب البعث حكم العراق في ١٧ يوليو سنةالوقت أصدر ‏«ميثاقا»‏ وصف فيه النظام القائم بأنه ‏«خطوة مرحلية علىطريق تحقيق النظام الدقراطي الإشتراكي العربي اوحد»‏ وكذلك أكدايثاق على أهمية ‏«النضال الحازم الواعي ضد الأفكار والنظريات والأساليبالتي تروج للطائفية السوفيتية والعنصرية والشعوبية والإقليمية وروح الإنهزاموالليبرالية وتخدم الإمبريالي وركائزهم من إقطاعي وبورجوازي وكلأعداء الثورة وما يتفرع عنها وما تفرزه في كل مرحلة وتنقية اؤسساتالإعلامية والثقافية والفنية منها ومن العناصر التي تؤمن بها وتروج لهابأشكال مباشرة وغير مباشرة (٥٣) .ومن الوقائع الهامة التي شهدتها الجزائر عام ١٩٧٦ تلك اناقشاتالواسعة التي دارت حول اشروع التمهيدي للميثاق الوطني الذي طرحه‏(هواري بومدين)‏ في السادس والعشرين من أبريل ذلك العام.‏واختيار ايثاق للإشتراكية لا يأتي بطريقة تعسفية ولا عن طريقالإستيراد ولكنه يأتي عن قناعة عبر عنها بقوله:‏ ‏«إن الرفض اباشرللإستعمار يفضي إلى رفض الرأسمالية فعندما تدرك الجماهير بأن كلامن الإستعمار والرأسمالية مرتبطا بالآخر أشد الإرتباط وأن أحدهما ماهو إلا انعكاس للآخر عندئذ تنشأ الظروف التي تجعل الوعي الوطنييتحول إلى وعي اشتراكي»‏ (٥٤) .ومعاناة الجزائر من الإستعمار الإستيطاني دة ١٣٢ عاما لها تاريخمعروف ومشهود.‏ ويوضح ايثاق ذلك بقوله إن الرأسمالية-مهما كانت مزاياهاني مرحلة توسعها-ظلت قائمة على أساس استغلال الإنسان للإنسان..‏بينما يكمن تفوق الإشتراكية على الأنظمة الإجتماعية السابقة في جمعهاب أحدث اكاسب العلمية والتقنية العصرية وب مباد التنظيم الإجتماعياتميز زيد من العقلانية والعدالة الإنسانية (٥٥) .ومنذ سنوات الثورة الأولى حرص الرئيس الليبي معمر القذافي علىتأكيد الطابع الإشتراكي لليبيا وأنشأ ‏(الإتحاد الإشتراكي)‏ فهو يخطب فيالجماهير:‏ ‏«إن الله لم يخلقنا لنعيش مرضى أو فقراء أو جهلاء لقد فرضوا١٩٦٨ ببعض266


الإتجاه الإشتراكيعلينا الفقر وفرضوا علينا الجهل وارض والله لا يرضى لنا هذا بل فضلهذه الأمة على بقية الأ وجعلها خير أمة أخرجت للناس هذه معاركتحتاج للجهد الطويل والعمل اتواصل ولكي ندخلها ونحن متحدون يجبأن ندخلها ونحن مسلحون بالوعي والإان..‏ ندخلها ونحن منظمون فيالإتحاد الإشتراكي»‏ (٥٦) .بل إن اسم ليبيا قد أصبح مقترنا باسم الإشتراكية.‏وفي معرض تقوه لحركة الإشتراكية في العالم العربي أشار لطفيالخولي إلى أن الإنتقال السريع من اواقع الوطنية التحررية إلى اواقعالإجتماعية ذات الآفاق الإشتراكية قد وقع-نتيجة اعدل السريع لحركةدفعة واحدة وفي تلاحم شديد أي دون فترة زمنية فاصلة بدرجة كافيةب ارحلت تتيح للبورجوازية المحلية أن تنمو وتوطد نظامها الرأسماليوأحيانا في ظروف ضعف وهزال ساحق للبورجوازية كما هو الحال فيالجزائر بل إن هذا الإنتقال قد على الرغم من عدم وصول الطبقةالعاملة-كما وكيفا-إلى مستوى اجتماعي وسياسي مؤثر تأثيرا جذريا فيعلاقات القوى في اجملتمعات العربية من ناحية فضلا عن سيادة العلاقاتالقبلية والإقطاعية من ناحية ثانية ومن ناحية ثالثة فإن الإنتقال وقعبقيادة عناصر واشتراك قوى لو قومت تجريديا باقاييس التقليدية اتعدت النطاق الوطني إلى النطاق الإشتراكي وهذا كله يقطع بأن ابادالإشتراكية في الواقع العربي-نتيجة أوضاع التخلف والإستغلال البشعوتحول الإشتراكية إلى ظاهرة عاية غيرت من موازين القوى الدولية وشمولحركة التحرر والثورة التكنولوجية-لم تعد الغذاء الفكري للطبقة العاملةفحسب بل أيضا وفي نفس الوقت غذاء فئات واسعة من الجماهير الشعبيةومن <strong>هنا</strong> تعددت انابع الإجتماعية وبالتالي الفكرية للقوى التقدمية فيالوطن العربي وهو الأمر الذي فجر من ناحية طاقات ثورية هائلة قادرةعلى الحركة الفعالة والصمود البطولي وإن كان من ناحية أخرى قد تولدعنه بالضرورة نوع من الضباب الفكري وعدم وضوح الرؤية وبذر عواملالحذر والشك ب هذه القوى بعضها وبعض التي راحت تتكلم من مواقعاجتماعية مختلفة لغة واحدة بصفة عامة وإن تنوعت أصولها الفلسفية.‏وكان لا مفر من مرور وقت وخوض تجارب مريرة والتعلم بثمن غال من267


الفكر التربوي العربي الحديثدروس الأحداث قبل أن يبدأ الضباب في الإنقشاع والرؤية في الوضوحوالشك والحذر في التبدد (٥٧) .ومنذ السبعينات بدأ الإتحاد الإشتراكي يتلقى هجمات شديدة وخاصةبعد غياب نظام عبد الناصر وحدوث هزة ١٩٦٧ واتباع مصر لسياسةالإنفتاح الإقتصادي وقد صو ‏ّر هذا للبعض أن يتصور ‏(اضمحلالا)‏ للإتجاهمؤكدين أنه-كي يطيل عمره في البلدان الإشتراكية-قد بدأ يستعير منالرأسمالية بعض أساليبها وأفكارها.‏ ويرفض أحمد بهاء الدين ‏(حجية)‏هذه الدعوى مؤكدا أن العكس هو الصحيح:‏ (٥٨)- فكل أنواع الخدمات والضمانات الإجتماعية التي تعرفها دول الغرب..‏كالعلاج اجملاني والتأم الصحي والحد الأدنى للأجور والتأمينات ضدالبطالة والعجز والشيخوخة...‏ كل هذه النظم جاءت وليدة للفكرالإشتراكي ويضطر اجملتمع الرأسمالي إلى تقبلها يوما بعد يوم كطريقةلتخفيف الضغط عليه أو كاستسلام في بعض اواقع لحماية مواقعأخرى أهم.‏- وإذا كان النظام الرأسمالي يرفض التخطيط لأنه يرى ‏(انافسة)‏هي المحرك الأساسي للسوق إلا أنه بدأ يشعر بالحاجة إليه إزاء ارتفاعتكاليف أنواع الإنتاج اتقدمة وظهور قوى دولية أخرى منافسة وعجزالوفرة الإنتاجية في حد ذاتها في حل مشكلة رفع مستوى اعيشة العاموتحقيق اساواة.‏ هكذا بدأت بلاد في غرب أوروبا مثل إنجلترا وفرنساتأخذ على استحياء بفكرة التخطيط.‏- والأهم من هذا أو ذاك:‏ قضية الكية العامة لوسائل الإنتاج والتوزيعالأساسية:‏ وما أكثر ما نجد اجملتمع الرأسمالي اليوم يتقبل-طائعا أو مضطرا-‏فكرة الكية العامة في بعض وسائل الإنتاج الأساسية.‏ ولا يهم <strong>هنا</strong> أناجملتمع الرأسمالي يصل إلى هذه النتيجة عن غير الطريق الأيديولوجيفإذا كان اجملتمع الرأسمالي يضطر إليها من باب الواقعية فاذاهب الفكريةإا تستمد جذورها من الواقع.‏ وفي السنوات الأخيرة منذ نهاية الحربالعاية حتى الآن اتجه كثير من دول أوروبا إلى تأميم صناعات أساسيةفمعظم البنوك اركزية وشركات الطيران والبترول والفحم بصورة أو بأخرىأصبحت في يد مؤسسات عامة.‏268


الإتجاه الإشتراكيثانيا:‏ المظاهر التربوية للإتجاه الإشتراكيالمفهوم الإشتراكي للتربية:‏عند استقراء بعض الأمثلة ‏«للتصور الإشتراكي»‏ للتربية في عانا العربيفسوف نجد أمامنا اذج أربعة الأول:‏ كتابات لا يعرف لأصحابها تاريخاشتراكي وإا كتبوا ما كتبوه في إطار سياسة تبنتها الدولة في فترةمعينة ولم يكن لهم أن يقولوا بغير ذلك.‏ وهذا النوع من الكتابات أشبهبالثوب الفضفاض يتسع للعديد من اعاني.‏ والثاني:‏ كتابات بعض معروفبالنزعة الإشتراكية وخاصة صورتها ااركسية عند شرائح من أصحابهذه الفئة.‏ والثالث كتابات حرص أصحابها على أن تنبع حاملة خصوصيةاجملتمع العربي شكلاته وظروفه والرابع:‏ كتابات قصد بها أصحابها‏«تثقيف»‏ الجماهير العربية برأي قادة اشتراكي في معنى التربية.‏فمن النوع الأول نجد الدكتور محمد جمال صقر يؤكد على أن ‏«التربيةالإشتراكية في تصورنا يتحتم أن تهدف إلى تنمية الحياة الإجتماعية بقصدتحقيق الإنتقال من التجانس غير انظم الذي كانت تفرضه التربية التقليديةإلى ‏«التنوع انسق»-على حد تعبير هربرت سبنسر-‏ أو تهيئة الفرد وإعدادهلكي يتكيف مع الحياة في اجملتمع الجديد وتوعيته بالإتجاهات الجديدةلهذا اجملتمع نحو التطور كما ينبغي أن تسير التربية بالأفكار نحو إدراكالغايات العليا الإجتماعية وإثارة الرغبة والعزم والتصميم والإصرارلتحقيقها بقدر ما تسمح به إمكانات كل فرد منهم.‏ وبهذا تعمل التربية علىتكوين وتنمية الوحدة العضوية للحياة الإجتماعية وتعد الفرد للمزيد منالإستقلال الذاتي»‏ (٥٩) .فمن الواضح <strong>هنا</strong>-وبصريح النص نفسه-إا يعكس اتجاها لأصحابفلسفة التطور وعلى رأسهم ‏«سبنسر».‏أما الدكتور إبراهيم مطاوع فهو يؤكد:‏ ‏«أن اجملتمع الإشتراكي هو مجتمعاستقبل».‏ ويستنتج بالتالي أن ‏«الإنسان الإشتراكي هو إنسان استقبل»‏ومن ثم يوجب على التربية أن تتجه بكل طاقاتها لإعداد الإنسان الجديد.‏‏«وكل جهد نبذله في توجيه الأجيال الصاعدة من خلال مفاهيم اجملتمعالإشتراكي هو جهد في سبيل تأكيد حرية الإنسان وفاعلية الإنسان فيصنع مستقبله»‏ (٦٠) .269


الفكر التربوي العربي الحديثومن النموذج الثاني نستطيع أن نجد كتابات الدكتور حامد عمار فهويبصر ما تتسم به الإشتراكية من ‏«النظرة الكلية»‏ ا يجعل منها صورةكاملة للإنسان وحياته ونوع اجملتمع الذي يعيش فيه سواء ثل ذلك فيالظروف اوضوعية القائمة في هذا اجملتمع أو في علاقات الطبقاتالإجتماعية بعضها ببعض ثم في علاقات هذا اجملتمع بغيره من اجملتمعاتومن ثم كان التأكيد على هذا الإتجاه في تحصيل اعارف واكتساب الأفكاروتحليل اشكلات وتكوين الرأي وإصدار الحكم-من أهم اسائل الرئيسةفي التصورات الإشتراكية»‏ (٦١) .كذلك يبرز الدكتور عمار جانبا آخر لا يقل عن ذلك أهمية في مفهومالإشتراكية ألا وهو جانب اشاركة الواسعة العميقة ذلك أن من اقتضياتالتربوية للمجتمع الإشتراكي تكوين اواطن الذي يشارك مشاركة فعالةبعقله وقلبه ويده في شؤون مجتمعه.‏ وهذا يعني ‏«أن تدور العمليات التربويةحول اكتساب الإتجاهات والخبرات التي تتيح الفرصة للمشاركة الإجتماعيةفي اتساعها وعمقها بحيث تصبح مقوما هاما من مقومات الدراسةوالتحصيل والتشكيل يعنى الطالب بدروسه ومسؤولياته كطالب كما يعنىوهكذا تجاه قريته أو حيه تجاه فصله وصفه وسؤوليات سؤولياتهوبذلك تنتقل دوافع اشاركة من استوى الخاص إلى استوى العام كماتنتقل من العمل الفردي إلى اشاركة في العمل الجمعي (٦٢) .ومن انطلق ااركسي يقارن الدكتور شبل بدران ب اتجاه كبيرينبصدد العلاقة ب التربية واجملتمع.‏ الأول يقول:‏ إن التربية بحكم استقلالهاالنسبي تنتج علاقات اجتماعية جديدة والثاني يقول:‏ إن التربية تعيد إنتاجعلاقات الإنتاج القائمة.‏ وإذا كان الكاتب يحاول ألا تبدو صياغته موضحةلاختياره للقول الثاني إلا أن ذلك تنم عنه عبارته التي يقول فيها ‏«وعلى أيحال يبدو وكأن التربية مرتبطة بشدة بواقع العلاقات الإقتصاديةوالإجتماعية السائدة خارجها».‏ ومن امكن أن يتساءل القائل:‏ أي ارتباط<strong>هنا</strong>:‏ هل هو تأثر أم تأثير?‏ الإجابة على هذا هي أنها علاقة تأثر وليستأثير.‏ يوضح ذلك ويؤكده قول الكاتب بعد ذلك:‏ ‏«إن التربية باعتبارها فيالتحليل الأخير وسيلة من وسائل تشكيل الوعي الإجتماعي للفرد والجماعةتبقى ظاهرة فوقية تجد أسبابها العميقة في البنى التحتية للمجتمع»‏270


الإتجاه الإشتراكيويسوق الكاتب دعما لقوله هذا قولة كارل ماركس:‏ ‏«إن وعي الناس لايحدد وجودهم بل على العكس من ذلك فإن وجود الناس الإجتماعي هوالذي يحدد وعيهم»‏ (٦٣) .وأمام اؤر الفكري الأول لاتحاد التربوي العرب في بغداد عامالنموذج الثالث-ساق الرئيس العراقي صدام حس قياسا هاما انتهى منهإلى نتيجة أكثر أهمية فالنظريات التي ذكرت في التربية في اؤر ‏«إاانطلقت من فلسفة وارتبطت بأهداف».‏ والفلسفة عبر تكونها اتصلت بواقعوكوناته الرئيسة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لذلك الواقع.‏ ومنثم ‏«فإن الخصائص الوطنية والقومية..‏ لا بد من أن تدخل كعنصر حاسمفي تقرير الفلسفة وفي تقرير الأهداف الإستراتيجية ارتبطة بالفلسفةوبالتالي في تقرير الطريقة التربوية ضمن جيل الشباب أو في أي ميدانآخر من ميادين الحياة»‏ (٦٤)وعلى ذلك فالتربية في الإطار الإشتراكي لا ينبغي أن تتصف بالعمومبحجة عموم الإشتراكية.‏ واستشهد صدام ا حدث في الإتحاد السوفييتيالذي لم يطبق ااركسية كما وضعها ماركس حرفيا حيث أنها اتصلتبالواقع واكونات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية للمجتمع الأوروبيوإا طبقت تحت ‏«لواء اللينينية»‏ و<strong>هنا</strong> تكمن الخصوصية اضافة بإطاروطني وقومي مؤثر.‏ ويتضح <strong>هنا</strong> انظور البعثي للإشتراكية من حيث الحرصعلى إكسابها الطابع القومي العربي (٦٥) .والنموذج الرابع يذكر الدكتور محمد نبيل نوفل-راويا-رأى كل من ماركسوأنجلز من أن التربية ‏«هي التي تحدد درجة و الناس واتجاههم وإنكانت هي ذاتها تتوقف على كثير من الظروف الإجتماعية:‏ قوى الإنتاج-‏توزيع العمل-مصالح الطبقات والعلاقات بينها-استوى الثقافي والعلمي».‏ومن ثم فإن التربية بهذا كن أن تكون عامل تقدم كما يكون العلم قوةثورية ‏«ولكن التربية تكون أحيانا عاملا معوقا وضارا وذلك عندما تقع فييد الطبقة الحاكمة استغلة»‏ (٦٦) .-١٩٧٥التعليم كسلاح طبقي:‏كان التعليم-ولا يزال-طوال نهضتنا الحديثة من معاركنا السياسية وجانبا271


الفكر التربوي العربي الحديثهاما من جوانب كفاحنا الوطني الدقراطي فلقد اتخذه الشعب دائماسلاحا من أسلحة مواجهته للمحتل واستغل كما اتخذه أداة هدةللتغيرين الإجتماعي والسياسي.‏ وفي الطرف الآخر كان أعداء الشعبيجعلون من التعليم حكرا عليهم وعلى أبنائهم ووسيلة لسيطرتهم السياسيةوالفكرية والإقتصادية ويضعون السدود والقيود أمام الأغلبية الشعبية كيلا تصل إلى حقها في مواقع العمل والإنتاج والحكم.‏ لقد كان التعليم طوالتاريخنا الحديث سلاحا طبقيا بصورة واضحة (٦٧) .وقد تباينت الزوايا والجوانب التي تناول التربويون العرب منها هذهالقضية وتبدأ أولا بتلك الكتابات التي حاولت أن تكشف عن الأسس النظريةلها وهي كما سنرى تعتمد اعتمادا كليا على آراء افكرين الإشتراكي فيالخارج سواء في العالم الإشتراكي أو في العالم الغربي.‏فالدكتور نبيل نوفل يبرز رأي ماركس وأنجلز في قولهما:‏ بأن أهدافالتربية ووظائفها ومحتواها وطرقها تختلف باختلاف العصور التاريخيةوباختلاف الطبقات الإجتماعية في العصر الواحد.‏ وفي اجملتمع البورجوازيتكون التربية وسيلة وسلاحا في يد الطبقات استغلة لإرهاب واستغلالالطبقات العاملة ولا تعطيها من اال إلا ما تقيم به حياتها وهي كذلك لاتعطيها من التعليم إلا ما يحقق لها مصالحها-صالح البورجوازية ‏«إن التعليمفي اجملتمع البورجوازي امتياز للطبقات القادرة وحدها فهي التي تستطيعدفع نفقات التعليم وبالتالي التمتع يزاته.‏ وهي أيضا التي تستطيع أنتفرغ أبناءها لعملية التعليم التي تستغرق سنوات طويلة وهو أمر لا تستطيعهالطبقات العاملة في اجملتمع البورجوازي بحكم فقرها وبحكم اضطرارهاإلى دفع الأطفال للعمل في سن مبكرة بل لو إلى الإعتماد على عمل هؤلاءالأطفال»‏ (٦٨) .ويستع الدكتور جميل إبراهيم برأي ‏(بورديو)‏ في نقده لنظام التعليمفي الدول الرأسمالية ‏«إن نظام التعليم ينحو إلى إعطاء الأفضلية الإضافيةأبناء الأوساط ايسورة لأن نظام القيم الضمنية التي يفترضها وينقلهاوالتراث التربوي الذي يشترطه ويستمر في تكريسه حتى مضمون الثقافةوشكلها التي يبثها ويعرضها هي أكثر ما تكون التصاقا بالقيم والتقاليدوالثقافة السائدة لدى الطبقات ايسورة (٦٩) .272


الإتجاه الإشتراكيكذلك يترجم الدكتور جورج كتورة جزءا عن كتاب Christopher Jencko311. and Mary J. Bane: Schools and lnequalrty, P.P 320- أبرز فيه جملة منالحقائق تدور حول القول بأن السبب الأساسي الذي يجعل من البعض أكثرغنى من البعض الآخر لا يعود لاكتساب هذا البعض قدرات عقلية مرتفعةوأن الفقر ليس حالة وراثية وأن الأطفال يتأثرون ا يجري في البيت أكثرمن تأثرهم ا يجري في ادرسة (٧٠) .وعندما يستعرض يوسف شاكر أوضاع التعليم اللبناني في عهد الإنتدابالفرنسي في النصف الأول من الأربعينات وذلك من خلال الإحصاءاتوالأرقام يخرج بالنتائج التالية (٧١) .١- مدى الحرمان من التعليم الذي كان ارسه الإنتداب على الطبقاتالشعبية التي لا تستطيع دفع أقساط ادارس <strong>الخاصة</strong> والأجنبية.‏٢- حصر التعليم الثانوي بنسبة قليلة من البورجوازية اتوسطة ايسورةالقادرة على إرسال أبنائها إلى ادارس <strong>الخاصة</strong> والأجنبية في غياب التعليمالثانوي الرسمي.‏٣- حصر التعليم العالي بنسبة ضئيلة جدا من اللبناني ثل البورجوازيةالكبيرة وبقايا الإقطاع ولا تتعدى % ١ من الشعب اللبناني أي تلك الطبقةالتي اصطلح على تسميتها بطبقة ال ٢٠٠ عائلة في هذه التصفية كانالتعليم الثانوي يلعب دور ‏(الغربال)‏ الطبقي ليس عن طريق حصره بادارسالأجنبية و<strong>الخاصة</strong> فقط بل بتطبيق منهج التعليم الثانوي الفرنسي أيضاحيث تدرس اواد باللغة الفرنسية ولا يستطيع متابعة التعليم فيه سوىأبناء البورجوازية اتفرنجة الذين يتكلمون اللغة الفرنسية في انزل.‏ وكتبأحد الكتاب اصري ااركسي في مجلة ‏(التطور)‏ التي كانت تصدرهاجماعة الفن والحرية في عدد يناير سنة ١٩٤٠ يندد بالوضع الطبقي للتعليمفي مصر مؤكدا أن تسعة أعشار فتيان وفتيات مصر لا يسمح لهم بنصيبفي التعليم ‏«إذا استثنينا هذا الهزل الذي يعلم في اكاتب الإلزامية ولايصيب ذلك إلا أقلية من أبناء الفقراء.‏ هذا بينما تفتح أبواب التعليم علىمصراعيها أمام أبناء الطبقت الغنية واتوسطة-سواء منهم الأذكياء أوالأغبياء-ما داموا يدفعون مصروفات هذا التعليم.‏ ونحن نخدع أنفسناعندما نقول إن الأغنياء يدفعون مصروفات تعليم أبنائهم فمن اعلوم أولا273


الفكر التربوي العربي الحديثأن هذه اصروفات لا تصل إلى نصف ما يتكلفه الطالب فعلا أما النصفالآخر فإن الأمة هي التي تدفعه وإذا ذكرنا الأمة فقد ذكرنا ذلك الرجلالبائس-الذي هو مصدر كل ثروة مصر-نعني الفلاح ومن اعلوم ثانيا أنثروة الأغنياء في مصر ليست نتيجة مجهودهم استقل..‏ فلماذا لا نعلنالحق ونقول إن الفقراء هم الذين ينفقون على تعليم أبناء الأغنياء»‏ ? (٧٢) .وينبه الدكتور نجيب إسكندر إلى أثر ‏(الطبقة)‏ في تربية الأطفال.‏ فبينماقد يتعرض الطفل في الطبقة الوسطى لتعطيل النمو الإجتماعي نحوالإستقلال والتحرر ويظل عاجزا عن تصريف أموره بثقة في مستقبلهفإن الطفل في الطبقات الدنيا كثيرا ما يحرم من حقوق الطفولة فيمرحلة مبكرة من حياته بل قد تعتمد الأسرة عليه من الناحية الإقتصاديةفيخرج إلى مجال العمل قبل أن يبلغ ارحلة اناسبة لهذا.‏ ويتحمل أعباءأكثر ا يطيق بالنسبة لإمكانات وه السليم بطبيعة الحال (٧٣) .ويكشف لويس عوض عن زيف الدعوى بربط الأعداد التي يجب أنتقبل عاهد التعليم بالوظائف اطلوبة مبينا أنها تهدف إلى حجب التعليمعن الفئات الفقيرة وذلك فيما قبل ثورة يوليو وقد اتفقت رغبة كل من كبارالاك في الريف والرأسمالية استغلة في ادن على ذلك.‏ فالأولى عملتعلى تثبيت العلاقات الإجتماعية والإقتصادية في الريف على أساس عزلاليد العاملة الريفية عن أي مؤثرات وفي مقدمتها التعليم قد تخرجها عنإطارها اتوارث.‏ والرأسمالية استغلة في ادن وخاصة الصناعية منهاكانت ذات مصلحة مباشرة في نشر التعليم الأولى والإبتدائي ب الطبقاتالشعبية ادنية والريفية أولا لأن العامل الأمي أقل صلاحية للتدريب علىالإنتاج الصناعي وادني عامة من العامل اتعلم وثانيا لتشجيع هجرةالفلاح إلى ادينة سعيا وراء آفاق أوسع ا يوفر للصناعة من الأيديالعاملة في حدود زيادة العرض على الطالب بحيث يحصل الإقتصاد ادنيعلى أرخص أيد عاملة كنة ولكن ا لا يخلق حالة واسعة من البطالةكن أن تهدد أمن النظام في مجموعه.‏ ولكن ا كان الإقتصاد الرأسمالياصري محدودا في مجموعه فسرعان ما بلغ درجة التشبع العمالي اطلوبوانتهى الأمر بتجميد التعليم العام عند منسوب مع عنى آخر نظرالضآلة حجم الصناعة والإقتصاد ادني بوجه عام فيما قبل ١٩٥٢ سرعان274


الإتجاه الإشتراكيما التقت مصلحة كبار الاك مع مصلحة الرأسمالية استغلة في عدمالتوسع في حجم التعليم العام خشية إيجاد فائض كبير من اتعلم عنطاقة التشغيل في البلاد كن أن يترتب عليه انتشار السخط الإجتماعي (٧٤) .ويتهم الدكتور محمد أحمد الغنام التعليم في جملة البلاد العربية أنه‏«إا يهادن الفقر ويتعايش معه موليا ظهره له بدلا من أن يتصدى لمحاربتهباواجهة اباشرة والشاملة ويضيق الخناق عليه توطئة لقطع دابره بالناس ويدلل على ذلك ا يلي»‏ (٧٥) .أولا:‏ أن جميع الفقراء«الكبار»‏ منسيون بوجه عام في واقع السياساتالتعليمية.‏ صحيح أنه صدرت بشأن تعليمهم قوان وصممت خطط لمحوأميتهم في مدى خمس سنوات أو عشر أو يزيد لكن ما يقدم لهم بالفعلمن برامج لمحو أميتهم في كثير من البلاد ما زال هامشيا في صورة التعليموفي معظم الأحوال فإن هذه البرامج إذا حصل بعضهم عليها لا ثلجزءا من خطة شاملة لمحاربة الفقر أو لا تزودهم بسلاح يعينهم علىمحاربة الفقر فيهم ومن حولهم.‏ثانيا:‏ أن نسبة لا يستهان بها من الأطفال ‏(وكانوا يقدرون عام-١٩٧٦على سبيل اثال-‏ا يزيد على % ٤٠ من مجموع الأطفال سن ٦- ١١) كانواخارج التعليم الإبتدائي في جملة البلدان النامية.‏ وهذه النسبة ثل فيمجموعها أبناء الفقراء.‏ وحتى إذا فتحت ادارس الإبتدائية أبوابها علىمصاريعها لجميع الأطفال كما هو حاصل في جميع البلدان بالفعل فلسوفيظل عدد كبير من أبناء الفقراء عاجزا بفقره عن دخول ادرسة.‏ثالثا:‏ كذلك فإن نسبة لا يستهان بها من أبناء الفقراء ما تكاد تلتحقبادرسة حتى ترسب أو تتسرب لأن الفقر مرة أخرى يحول بينها وبالإستمرار في التعليم بنجاح.‏رابعا:‏ إن أبناء الفقراء أو أشباه الفقراء الذين يركبون التعليم ويتمكنونلسبب أو لآخر من الإستمرار فيه بنجاح حتى التخرج هم في النهاية قلةوهذه القلة بركوبها التعليم حتى نهايته أو نهاية مرحلة متقدمة فيه لاتخفف من وطأة الفقر أو رصيده بقدر ما تنجو هي منه دون أن لك فيمواجهته شيئا سوى بعض رذاذ دخلها قد ترسله إلى <strong>ذوي</strong>ها أو بعض عوائدمهاراتها وإنتاجها قد تتساقط من القطاع الحديث حيث يعمل أفرادها إلى275


الفكر التربوي العربي الحديثمواقع الفقر في القطاع التقليدي.‏ولكن يثبت انحياز التعليم في مصر للطبقات القادرة أشار الدكتورسعيد إسماعيل إلى نتائج إحدى الدراسات التي أجريت للوقوف على أثرالظروف الإجتماعية والإقتصادية على مدى استيعاب الأطفال الزم فيمدارس التعليم الأساسي وذلك في محافظتي القاهرة والفيوم حيث اتضحانخفاض نسبة الإستيعاب في اناطق الريفية عنها في الحضرية (٧٦) .وتفسير ذلك ليس عسيرا حيث أكدت دراسة علمية أخرى أجريت سنة١٩٧٦ في إحدى اناطق الريفية عن أسباب انصراف التلاميذ عن التعليمالإبتدائي فلقد وجه الباحث سؤالا إلى الطفل:‏ ‏«ليه مارحتش ادرسةخالص»‏ ? وفي سؤال آخر:‏ ‏«أنت بتشتغل إيه دلوقت ?» فقد كان يشير إلىالسبب بعبارة عامة ‏«عشان أشتغل مع أبويا في الغيط»‏ بينما كان بعضهميذكر العمل الذي يحتاج إليه الأب فيه مثل:‏ ‏«عشان أشيل ورا الحمارعشان أسرح بالبها‏»‏ (٧٧) .وقد أعد اركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي ورقةللمؤر الرابع لوزراء التربية والوزراء اسؤول عن التخطيط الإقتصاديفي الدول العربية عن ‏(استراتيجية لتعليم الفئات المحرومة في إطاردقراطية التعليم)‏ بنيت على أساس أن الإهتمام بدقراطية التعليم إايعني ضمان تحقيقها فهومها الحقيقي الواسع الذي يؤمن لكل فردصغيرا كان أو كبيرا حدا أدنى من التعليم يسمح له بالتهيؤ للحياة وارسةدوره كمواطن منتج وتحقيق ذاته كفرد كما يفترض ذلك أن يكون هذا الحدالأدنى مشتركا ب الجميع وذلك حتى لا يوجد داخل اجملتمع الواحدمجموعات محرومة من حقها الطبيعي في الحصول على فرصة متكافئةمن التعليم مع غيرها كما يفترض هذا ابدأ-أيضا-أن يكون التعليم متوائمامع خصائص الجماعات اخملتلفة من حيث اهتماماتها وحوافزها ايستوحي توافر قدر كاف من التنوع في برامج هذا التعليم مع الإتفاق علىالحد الأدنى الأساسي منه الواجب تقده إلى جميع اواطن بلااستثناء (٧٨) .ولا شك في أن ما يفوق هذا أو ذاك ما أكد عليه الدكتور الغنام منحيث أهمية التكافؤ في الظروف الإجتماعية والإقتصادية ذلك أن تكافؤ276


الإتجاه الإشتراكيالفرص التعليمية <strong>هنا</strong> ليس معناه مجرد فتح أبواب التعليم على مصاريعهاباجملان لجميع أفراد الشعب دون اعتبار لأحوال هؤلاء الأفراد الأسريةاتباينة وبصرف النظر عما هم عليه سلفا من فروق-صارخة-في استوىالإقتصادي والإجتماعي وإا معناه أنه في الوقت الذي تفتح فيه أبوابالتعليم على مصاريعها باجملان لجميع الأفراد يكون هؤلاء الأفراد متكافئولو قدار في ظروفهم الإجتماعية والإقتصادية وتكون هذه الظروفبالحد الذي لا يسمح بضياع فرصة التعليم على أحد أو تهديدها أو التأثيرفيها بسوء (٧٩) .التعليم الخاص:‏واتساقا مع منطق الإتجاه الإشتراكي وفلسفته كان من الطبيعي أنيحرص العديد من مفكريه على الهجوم الشديد على فكرة تخصيص تعليمصروفات عالية رفيع استوى في الخدمة التعليمية بحكم توفر التمويلالخاص له على أساس أنه بطبيعة الحال سوف يستقطب أبناء الأرستقراطيةولن يقدر عليه أبناء الفقراء الذين لم يجدوا أمامهم إلا ادارس الحكوميةاجملانية التي يقل فيها مستوى الخدمة التعليمية.‏و<strong>هنا</strong> نجد واحدا ينتقد بعنف إسماعيل القباني متهما إياه بأنه كانيشجع على تدعيم التعليم الخاص مساعدا بذلك الطبقات الأرستقراطيةعلى تحقيق حكمها فلقد دعا القباني إلى توحيد التعليم الأولي والإبتدائيمنذ العشرينات في نوع واحد من ادارس الإبتدائية ولكنه أراد أن يطمئنهذه الطبقات صاحبة الإمتيازات مؤكدا لها أنه لا انع في أن تخصصمدارس لأبنائهم تفرض عليها مصروفات مرتفعة لتكون سدا منيعا لا يسمحبتسرب أبناء الشعب إليها.‏ ويدعم الكاتب رأيه هذا بنص ينقله عن القبانيدون أن يحدد اصدر الذي نقل منه وهكذا فعل في دراسته التي نشيرإليها كلها قال القباني:‏ ‏«إذا أبى بعض الآباء إلا أن تكون لأبنائهم مدارسخاصة فنحن لا نود إغضابهم ولا جرح أرستقراطيتهم فمتى وجدنا نظامالتعليم ومناهجه في جميع ادارس الإبتدائية ومهدنا بذلك للنابه منأبناء الفقراء السبيل للإستمرار في الدراسة فلن يضيرنا كثيرا أن تخصصبعض هذه ادارس في مبدأ الأمر لأبناء الأغنياء بحيث لا يكون بينها وب277


الفكر التربوي العربي الحديثادارس الباقية فرق إلا في أن التعليم في هذه مجاني وفي تلك بأجريجعلها وقفا على السادة اتعنت‏»‏ (٨٠) .والحق أن التعليم الخاص-إذا استثنينا ادارس الأجنبية-كان يقدم مستوىتعليميا أقل جودة من نظيره في ادارس الحكومية وذلك كما يؤكد الكاتبفي دراسة أخرى له في مجلة أخرى (٨١) . فلقد استغل بعض الأفراد رغبةالشعب اتزايدة في التعليم والتي وقفت سياسة الإحتلال التعليمية دونتحقيقها وقاموا بفتح مدارس ‏(حرة)‏ ذات مصروفات مخفضة ليتمكنأبناء الشعب من الإلتحاق بها.‏ ولكن هذه ادارس كانت تهدف إلى الربححيث لم ينشئها أصحابها إلا لغرض الربح والإرتزاق.‏ وقد كان هذا هوالأساس لكل اآسي التي صاحبت وجود هذا النوع من التعليم فهذه ادارسلجأت إلى استغلال اعلم أبشع استغلال وقدمت للتلاميذ أردأ أنواعالخدمة التعليمية وتشهد بذلك نتائج الإمتحانات العامة التي كانت كثيراما تعبر عن مستوى الخدمة التعليمية بعبارة ‏(لم ينجح أحد)!!‏ وحاولتجمع أكبر قدر من اال من التلاميذ ختلف الوسائل كما أن مبانيها-فيمعظمها-لم تتوفر فيها الشروط الصحية كما أنها تتميز بكثير من أوجهالنقص التي امتلأت بها تقارير وزارة اعارف.‏وقد وصف إسماعيل القباني هذا التعليم بأنه ‏«تعليم يأبى كل والد..‏ أنيرسل ابنه إليه إلا إذا كان مضطرا إلى ذلك ويأبى كل والد...‏ أن يعمل بهإذا ما وجد عن ذلك محيدا هذه حقيقة نعرفها جميعا ولا كن أن نفرمن نتائجها».‏وعبر د.‏ طه حس عن حالة هذا التعليم بأنه ‏«كان تاز بخصال أقلما توصف به أنها مصدر فساد للتفكير ومصدر فساد للخلق ومصدرفساد للسيرة العامة و<strong>الخاصة</strong>».‏وفي كتاب بعنوان ‏(التعليم واتعطلون)‏ ؤلفه عبد الحميد فهمي مطرصدر في الثلاثينات نجده يحدد مدارس التعليم الخاص بقوله:‏ إن ‏(معظمدوره غير صحية كما نجد التلاميذ يتكدسون في الفصول تكديسا يقضيعلى اصلحة ويخل بنظام العمل وذلك رجاء الحصول على أكبر قسط منالكسب اادي...‏ على أن النوع التابع للجمعيات لا يشترط في ذلك كماتفعل مدارس الأفراد لأن هذا النوع الأخير لم يخلق إلا لغرض واحد وهو278


الإتجاه الإشتراكيالكسب االي فهو لهذا لا ت إلى خدمة التعليم بسبب مباشر.‏ونبه الدكتور سعيد إسماعيل إلى ما كان لسياسة الإنفتاح التي سادتمصر عقب حرب أكتوبر ١٩٧٣ من أثر واضح في اندفاع أولياء الأمور إلىالتكالب على إلحاق أبنائهم بهذه ادارس فقد بدأت تستشري الأنشطةالتجارية ذات الطابع الأجنبي من بنوك ومصارف وفنادق وتوكيلات.‏ إلخأظهر الحاجة إلى استخدام ‏(عمالة)‏ تتقن اللغات الأجنبية بصفة عامة اواللغة الإنجليزية بصفة خاصة.‏ولقد وجدت مدارس اللغات نفسها أمام طوابير طويلة من راغبي الإلتحاقبها فماذا كن أن نتوقع نتيجة لذلك ?... التهاب أسعار الإلتحاق بها...‏تدخل الوساطات والمحسوبيات وبذلك تحدث عملية فرز وانتقاء مستمربحيث لا يلتحق بهذه ادارس إلا أبناء الطبقة الجديدة من أغنياء الإنفتاحفيحصلون على خدمة تعليمية مرتفعة ولا يجد أبناء الجماهير الشعبيةأمامهم إلا ادارس الحكومية كما أشرنا تلك ادارس التي بدأت تئن بأوجهالنقص واشكلات ا أفقر الخدمة بها وزاد من تنفير الناس من تعليمأبنائهم بها.‏وتفتقت قريحة اسؤول عن التعليم عن حل أسوأ ألا وهو الدخول فيهذا السباق بأن تنشئ الحكومة مدارس لغات فصدر قرار وزير التعليم رقم١٩٧٩ ناصا على أن ‏«ينشأ حافظات القاهرة والإسكندريةوالجيزة مدارس لغات تجريبية مشتركة إبتدائية وإعدادية وثانوية ويلحقبكل مدرسة فصول ‏(حضانة)‏ التي بدأت العمل في العام الدراسي. (٨٢) ٫١٩٧٩وعندما برزت فكرة إنشاء ‏(جامعة أهلية)‏ يتحمل التحقون بها مصروفاتتعليمهم كاملة كان لا بد من أن يستفز هذا لا افكرين الإشتراكي وحدهمبل وكذلك كثيرين غيرهم.‏ وقد وجهت مجلة الطليعة استفتاء لعدد منرجال الفكر وأساتذة الجامعات فكان الإتجاه الغالب هو اعارضة الشديدةفمن ذلك ما قاله د.‏ مراد وهبة (٨٣) من أن مشروع الجامعة الأهلية يفرز-‏في اقام الأول-تناقضا غير مشروع:‏ فالجامعة الأهلية هي جامعة القادريناقتصاديا في ح أن جامعات الدولة هي جامعات القادرين علميا.‏ ومنثم فالجامعة الأهلية هي جامعة البورجوازية.‏ وفي ظل مجتمع لا تنفرد فيه/ ٧٨(٢) لسنة279


الفكر التربوي العربي الحديثالبورجوازية بالحياة إذ هي تحيا في أحضان قوى اجتماعية أخرى.‏ فإنالجامعة الأهلية من شأن تأسيسها إحداث شرخ في قوى التحالف إذينتفي معها مبدأ تكافؤ الفرص وتنتفي معها الغاية من إقرار مجانية التعليمانصوص عليها في الدستور»‏ (٨٤) .التعليم للتنمية:‏كان هدف التعليم الرئيس بالنسبة للمجتمع هو استخدامه كأداة منأدوات النضال الوطني والسعي إلى حصول أهل البلاد أنفسهم على إدارةشؤون مجتمعهم ومن <strong>هنا</strong> ارتبطت أهداف التعليم طالب الحركة الوطنيةوما تعرضت له من مد وجزر في قارتي أفريقيا وآسيا ولا تزال هذهالوظيفة من أهم مسؤوليات التربية في اجملتمعات التي لم تستكمل حلقاتاستقلالها السياسي (٨٥) وكان الهدف الوطني للتعليم من ناحية يتناقض معتيارات القوى الغالبة سياسيا وثقافيا حيث كانت تلك القوى تسعى منناحية أخرى إلى اتخاذ التعليم سلاحا لغزو البلاد استعمرة باتجاهاتهاالثقافية غزوا كاملا أو غزوا قدار يضمن لها تخريج عدد من اوظفوالإداري الذين تستع بهم في إدارة البلاد وذلك في الوقت الذي تدعفيه تيارات الثقافة التقليدية على حالها فتخلق بذلك ثقافت في اجملتمعالواحد.‏وبعد أن يب الدكتور حامد عمار هذا التطور في وظيفة التربية يقول:‏‏«كذلك نلاحظ أن انقضاء عصر الليبرالية في السياسة والإقتصاد وتدخلالدولة في توجيه شؤون اجملتمع بصور مختلفة وبدرجات متباينة أو بنموالإتجاهات الإشتراكية-كل هذا قد غير من وظائف التعليم ودوره اقصودفي حياة اجملتمعات في الدول اتقدمة والدول النامية على السواء فلميعد هدف التعليم قاصرا على تحقيق حاجات الأفراد ومطالبهم الشخصيةفي حاضرهم ومستقبلهم بل ‏(ارتبط هذا الهدف أيضا ارتباطا مباشرابحاجات اجملتمع ومطالبه اخملتلفة في حاضره ومستقبله)‏ (٨٦) .ومع أن نظرية رأس اال البشري أو الإستثمار في التعليم تجد رواجاكبيرا في العالم الغربي وزاد انتشارها إلى الدول اتطلعة للنمو إلا أنهاتواجه نقدا شديدا من جانب كثير من الإقتصادي وخصوصا الإشتراكي280


الإتجاه الإشتراكيأبرزه الدكتور نبيل نوفل (٨٧) . فهذه النظرية لها وجاهتها من حيث تنبهها إلىأهمية التعليم والتدريب اهني وقيمتها في إعداد القوى العاملة وهي أيضاقد وضعت أساسا نظريا لزيادة إنفاق الدولة على التعليم ولكن هذه الزيادةفي الإنفاق-كما يقول النقاد الإشتراكيون-لم تكن لصالح الطبقة العاملة أولرفع مستواها أو للعمل على تنمية شخصية العامل تنمية متكاملة بللصالح الطبقة الرأسمالية كما يؤخذ على هذه النظرية أنها تعزل العنصرالبشري أو رأس اال البشري عن إطاره الإجتماعي وعن مرحلة التطورالتاريخي للمجتمع وتتجاهل استغلال الإنسان اوجود في اجملتمعالرأسمالي كما تهمل أثر التعليم والتدريب في تنمية الشخصية.‏ إن العامللا يتحول-كما يقول شولتز-إلى رأسمالي عن طريق التعليم ورفع مستوىمعيشته يستلزم رفع مستواه اادي بجانب رفع مستواه التعليمي ومن ناحيةأخرى فهي ليست نظرية جديدة اما وليست ثورية-كما يقولون-فهي قداعتمدت على نشرات ااركسية.‏يقول د.‏ نوفل:‏ ‏«هدأت ثورة الإستثمار في الإنسان قليلا.‏ وفي أواسطالستينات بدأت مرحلة التوفيق ب رأس اال اادي ورأس اال البشريكعنصرين للتنمية الإقتصادية وبدأت إعادة تقو دور التعليم والإنفاقعليه والتوسع فيه ووجوب ضبط كل هذه العناصر وحساب قيمتها وعائداتهاالإقتصادية وبذلك لم يعد <strong>هنا</strong>ك مجال للقول بأن التعليم هو العنصرالوحيد أو أهم العناصر في التنمية الإقتصادية وتزايد الإقتناع بأن التنميةالإقتصادية لا كن النظر إليها من جانب واحد فقط..‏ فهي عملية شاملةمتكاملة يدخل في أحداثها والإسراع بها عدد من العوامل اتفاعلة منهاالتعليم والتغيير في واحد منها يؤثر على الباق كما أن إهمال واحد منهاأو بعضها يعوق تحقيق التنمية (٨٨) .والقار لاستراتيجية تطوير التربية العربية يستطيع أن يلمس مدىتأثرها بهذه الفكرة فقد جاء فيها ما نصه:‏ (٨٩) «‏«ويجب القول بصورة عامة أن التربية تعمل مع مجتمعها بكافة جوانبهبصورة مباشرة يشمل ذلك الجوانب السياسية الإقتصادية والإجتماعيةوالثقافية على السواء.‏ وافهوم الحديث الذي يحمل هذه الجوانب وينظمهايؤلف ب أاط تفاعلها في حركة دينامية مستمرة هو مفهوم التنمية281


الفكر التربوي العربي الحديثالشاملة فقد أصبحت علامة بارزة على حركة اجملتمع وسبيلا إلى تقدمهوفيها تنطوي مفاهيم الثورة والقوة والرفاهية والتقدم.‏ولا تكون التنمية الشاملة على خير صورها من غير جهود التربية فيتنمية الثورة البشرية وما تنطوي عليه من القدرات واهارات ومن القيموالإتجاهات لتجعل أصحابها مؤهل للنهوض همات التنمية من ناحيةوللإستمتاع بثمراتها ا تتيحه من نوعية الحياة من ناحية ثانية.‏ ولا تكونالتربية على خير صورها من دون التنمية الشاملة ليس ا توفره لها مناوارد والإمكانات فحسب بل ا تكافئ به اتخرج منها انتفع بفرصهامن أسباب العمل واستثمار كفاياتهم وإحقاق ذاتهم وبالتالي الإستمتاعبثمرات جهودهم واستشعار الثقة في قيمة الحياة».‏ومن هذا انطلق نجد الدكتورة سعاد إسماعيل ترتب عددا من النتائج:‏ (٩٠)× أن التربية لم تعد مجرد ادرسة أو النظام التعليمي وإا أصبحتاجملتمع بأسره ا فيه من مؤسسات وتنظيمات ونشاطات تتيح لكل فردفرصة النمو في جانب أو أكثر من جوانب شخصيته.‏× أن التربية لم تعد حقا للصغار وإا صارت كذلك حقا للكبار وواجباعليهم حتى يزدادوا بها قدرة على الإنتاج.‏× أن التربية لم تعد مرتبطة بزمان محدد ينتهي عادة بتخرج الفرد منمستوى تعليمي مع وإا هي عملية مستمرة استمرار حياة الإنسان علىأن تنظم فرص الحصول عليها داخل ادرسة وخارجها.‏× أن التربية بحكم الدور الذي تلعبه في التنمية ينبغي أن يكون لهانصيب من ثمرات هذه التنمية وهذا النصيب لا ينحصر في مجرد الحصولعلى أرصدة مالية مباشرة وغير مباشرة لتمويل مشروعاتها وإا تدكذلك إلى الإفادة من التكنولوجيا الآلية التي توفرها التنمية (٩١) .ويؤكد الدكتور مسارع الراوي على أهمية البحث والتجريب في التربيةلدفع ودعم فاعليتها في العمل التنموي حيث أن وضعها مع الأسف الشديدفي العالم العربي ليس باستوى اطلوب ‏«لذا وجب على هذه الدول أنتعطي أهمية للبحوث وتطبيقاتها العملية وألا تعتبرها أعمالا هامشية بلعملية ضرورية لازمة لرسم السياسة التعليمية ابتكرة واتجددة وخاصةإذا ارتبط البحث بالتجريب»‏ (٩٢) .282


الإتجاه الإشتراكيوبتأثير هذا التوجه العام للمنظور التنموي للتعليم كان لا بد للمؤسساتالرسمية من نفسها أن تتحرك في نفس الإتجاه من ذلك على سبيل اثالما نجده في توصيات اؤر الأول للوزراء اسؤول عن التعليم العالي فيالوطن العربي ‏(الجزائر في مايو عام ١٩٨١) حيث جاء في توصياته (٩٣) .× بذل مزيد من الجهود على استويات التقديرية والتخطيطية لإحكامالربط ب سياسات التعليم العالي وسياسات التنمية الشاملة ومخططاتهاوما يستلزمه ذلك من تطوير وتجديد وتنويع في مؤسسات التعليم العاليمن حيث هياكلها وبرامجها ومستوياتها وشروط الإلتحاق بها وغير ذلكمن الإجراءات التي تجعلها أكثر مرونة ووفاء باحتياجات التنمية ومتغيراتهاعلى الأصعدة القطرية والقومية والدولية.‏× توفير الشروط والظروف اثلى للإستفادة من تخصص خريجيالجامعات ومؤسسات التعليم العالي عن طريق إتاحة فرص العمل لها فيمجال تخصصهم وتطوير سياسات الأجور والحوافز وتقدير الكفاية الإنتاجيةوتشجيع ابادرات العلمية والفنية وغير ذلك ا يشيع اناخ السليم للعملانتج والجهد ابدع.‏× تشجيع العمل على تكوين فرق للبحث اتكامل من مختلف التخصصاتلدى هيئات التدريس في الجامعات العربية ومراكز البحوث لتقد اشورةالفنية للحكومات واؤسسات العربية في مجالات الإستثمار الإائي وفيتقو‏-اشروعات ووضع التصاميم وغير ذلك من الخدمات الإستشاريةالتي تتطلبها مشروعات التنمية على استويات النظرية والإقليمية والقومية.‏لكن اسألة الجوهرية ليست هي مجرد إقرار القضية في أن للتعليمدورا في التنمية الإقتصادية والإجتماعية ووصف هذا الدور بأنه دور هامفذلك فيما يقول الدكتور عمار بحق ‏«إقرار عام في صورة مجملة وفيمستوى تقريري مسطح»‏ وبالتالي فهو يستميل أن يع اشتغل بالتخطيطالتربوي أو التخطيط الإقتصادي في مجتمعاتنا.‏ والقضية اهمة في هذهارحلة من تفكيرنا وتخطيطنا ‏«هي كيف نعظم هذا الدور وما هي الشروطاللازمة لذلك وكيف كن رصد الواقع التربوي في مؤسساته وارساتها يتجنب الآثار والعوامل السلبية التي قد تعترض تعظيم هذا الدوروالوصول به إلى أكبر درجة من الكفاية الإنتاجية ضمن عوامل التطور في283


الفكر التربوي العربي الحديثالإقتصاد واجملتمع والإنسان وذلك في واقع عيني محدد هو واقعنا العربيوحركته وتشابكاته»(‏‎٩٤‎‏).‏وتشير ورقة العمل الرئيسة اقدمة للمؤر الرابع لوزراء التربية-الوزراءاسؤول عن التخطيط الإقتصادي في البلدان العربية عامالعوامل الداخلية والخارجية لعجز النظام التربوي في انطقة العربية عنالوفاء ا يتوقع منه فقد أشارت بوضوح إلى الهدر التعليمي ونقص الكفايةالداخلية والكفاية الخارجية بشكل عام وعن ضعف علاقته بالتنمية وإدارتهفي بعض الأحوال بطرق عفوية ومعالجات جزئية (٩٥) .وقد نبه الدكتور محمد الغنام إلى أوجه القصور هذه عندما أكد علىأن استقراء واقع عملية تنمية اوارد البشرية في جملة البلدان العربيةخلال الخمس عشرة سنة ‏(من ١٩٧٥) يدل على أنه لم توجد سياسةأو استراتيجية للتنمية باعنى الشامل وإن وجدت سياسات واستراتيجياتلأكثر عناصرها كل على حدة.‏ ويبدو أن الأولوية في جملة البلدان العربيةأعطيت للعنصر الأول وهو التعليم.‏ وداخل هذا التعليم قامت أولويات إذأعطيت الأولوية للتعليم النظامي على التعليم غير النظامي ولتعليم الصغارعلى تعليم الكبار وللتعليم الإبتدائي على التعليم الثانوي وللتعليم الثانويعلى التعليم العالي وللتعليم الأكادي على التعليم اهني والتقني وللتعليمالأدبي على التعليم العلمي وللتعليم من بعد الكم على التعليم من بعدالكيف وللتعليم من أجل الطلب الشعبي على التعليم من أجل احتياجاتالعمالة والتنمية وهكذا ا أضعف إلى حد كبير فعالية التعليم العربي فيدفع عجلة التنمية دفعات جادة إنتاجية (٩٦) .١٩٧٧- إلى-١٩٦٠تخطيط التعليم:‏لم ير تاريخ البشرية فترة كان التغير فيها سريعا مثلما شاهد القرنالأخير وخاصة في العقود الأخيرة من القرن الحالي.‏ ولقد كان محور هذاالتغير ودعامته التطور العلمي وتطبيقاته..‏ ففي صبيحة كل يوم يقرأ الإنسانويسمع عن ابتكارات وتطبيقات عملية جديدة كان الفرد ينظر إليها علىأنها حلم تعجز البشرية عن تحقيقه.‏ولكي يقوم التعليم بدوره في عملية التنمية والتقدم كان لا بد من أن284


الإتجاه الإشتراكيتبرز مهمة ‏(التخطيط)‏ نظرا ا تقوم عليه من تدبير وتنظيم ومنهجيهعلمية تساعد على تحقيق الأهداف اطلوبة بعد حصر اوارد والإمكاناتاتاحة وفق مراحل زمنية محددة.‏ وقد نشأ التخطيط باعنى الإصطلاحيالحديث أول ما نشا في الإتحاد السوفيتي سنة ١٩٢٨ في الخطة الخمسيةالأولى التي كانت تهدف إلى تغيير اجملتمع السوفيتي من حيث نوع الإنتاج‏(من زراعي متخلف إلى صناعي متقدم)‏ ومن حيث علامات الإنتاج و(منمجتمع يقوم على الإقطاع إلى مجتمع يقوم على سيطرة طبقة العمال)‏وبذلك نشأ نوع جديد من التخطيط لا يهدف إلى مجرد المحافظة علىكيان اجملتمع في مواجهة أزمة ما أو إلى إصلاح ما هو موجود من نظمولكنه يعني بتغيير الأوضاع القائمة وفق فلسفة معينة (٩٧) .وكان من الطبيعي والدول العربية قد أصبح يفصل بينها وب الدولاتقدمة مسافات واسعة لا تخطئها ع أن تسرع إلى هذا النهج العلميحتى ولو لم يكن النظام الإجتماعي قائما على الفكر الإشتراكي.‏ وفي كتابهالضخم عن التخطيط التربوي يعترف الدكتور عبد الله عبد الدا فيأواسط الستينات أن التخطيط التربوي في العالم العربي لا يزال بعيدا عنأن يحقق..‏ العلاقة الدائرية مع التخطيط العام للدولة ‏(تلك العلاقة التيتقيم ب الظواهر صلة تأثر وتأثير متبادل( وأنه لا يزال بعيدا عن ميدانالتنمية إلى حد بعيد ولا بد بالتالي من أن يغادر عزلته وينزل إلى قلباعركت الإقتصادية والإجتماعية لا بد له من أن يتولى دوره القيادي فيتكوين الإنسان قائد التنمية ورائدها«‏ (٩٨) من أجل هذا فهو قد وضع هذاالكتاب الذي يعد من الأعمال العلمية الأولى في هذا اجملال في عاناالعربي حيث حدد هدفه»‏ أن يهيئ للتخطيط عامة والتخطيط التربويخاصة دورا في قيادة مجتمعنا العربي.‏ وإذا كان التخطيط اليوم مطلباأساسيا-ولا سيما لدى الشعوب النامية-فهذا التخطيط في نظرنا لا يبلغمداه إلا إذا نزل التخطيط التربوي إلى الساحة فعلا وقاد اعركة (٩٩) .ولا شك في أن أسباب الإهتمام بالتخطيط التربوي في البلاد العربيةمنذ حوالي سنة ١٩٦٠ تختلف من بلد عربي إلى بلد عربي آخر على أننانستطيع أن نقول في الجملة أن أسباب الإهتمام بالتخطيط التربوي فيالبلدان العربية ترجع إلى جملة من العوامل يشير إليها د.‏ عبد الدا285


الفكر التربوي العربي الحديثمنها:‏ (١٠٠)١- الإهتمام في بعض البلدان العربية والشعور بضرورة تجاوب التعليممع هذه الخطط.‏٢- الإهتمام العاي بالتخطيط التربوي لا سيما بعد الجهود التي بذلتهامنظمة اليونسكو.‏٣- مؤر وزراء التربية العرب الذي انعقد في بيروت بدعوة من اليونسكوسنة ١٩٦٠ الذي انبثق عنه اركز الإقليمي لتدريس كبار موظفي التعليم فيالدول العربية.‏٤- شعور البلدان العربية بأهمية التخطيط التربوي واجهة أمور مثل:‏أ-التزايد الكبير في عدد طلاب ادارس خلال فترة قصيرة من الزمن‏(نتيجة لتزايد السكان ونتيجة لتزايد الوعي التعليمي لدى الشعب والإقبالعلى التعليم إقبالا كبيرا).‏ب-قصور عدد اعلم عن حاجات التزايد.‏ج-قصور الأبنية ادرسية عن تلك الحاجات أيضا.‏د-قصور اوارد االية من تلبية الحاجات.‏ه-فقدان التوازن ب مراحل التعليم اخملتلفة:‏ تضخم التعليم الإبتدائيغالبا على حساب التعليم الإعدادي والثانوي والعالي.‏و-فقدان التوازن ب فروع التعليم اخملتلفة ولا سيما ب التعليم النظريالأكادي أو ب التعليم الفني واهني وب تعليم البن والبنات وإهمالتعليم الكبار وإهمال تعليم الأطفال اعوق‏.‏٥- بروز الإان بالتخطيط لدى عدد من القادة التربوي في تلكالبلدان (١٠١) .٦- الظروف الجديدة التي خلقتها الحركات السياسية الجديدة التيظهرت في معظم تلك البلدان.‏والغريب حقا في الكتابات التربوية في هذا اجملال أنها تتحدث عنالتخطيط التربوي عادة حتى أصبح هذا اصطلح هو الشائع والغالببينما يكون اقصود هو ‏(التخطيط التعليمي).‏ وفي فرنسا مثلا يعتبر ‏(التعليم)‏Instruction وظيفة ادرسة أما ‏(التربية)‏ Education في وظيفة انزل أوالأسرة أو الكنيسة.‏ ولذلك فقد أهتم الدكتور محمد سيف الدين فهمي286


الإتجاه الإشتراكيبالتفرقة ب الأثن فالتخطيط هو أسلوب أو وسيلة في العمل أو هومجموعة من التدابير والإجراءات في النشاط العام يراد منها الوصول إلىتحقيق هدف محدد وينطبق هذا إذا كان الهدف تخطيطا للتربية أو تخطيطاللتعليم.‏ وإذا كان تعريفنا للتعليم بأنه العملية اقصودة التي تؤدى بواسطةمؤسسات أنشئت خصيصا لهذا الغرض ويقوم بها أفراد اختيروا ودربواخصيصا للقيام بهذه العملية بهدف الحصول على معرفة واكتساب مهارةأو تنمية قدرات أو طاقات خاصة فإن عملية التربية أوسع من هذا وأعظمفالتعليم يكون جانبا من جوانب العملية التربوية وعمقا من أعماقها والتربيةلا تهدف فقط إلى توصيل معرفة أو إكساب مهارة أو تنمية قدرة أو طاقةولكنها بالإضافة لهذا أو فوق هذا تهدف إلى تنمية الفرد من جميع جوانبهالروحية والخلقية والفكرية واهارية والبدنية وإعداده إعدادا سليما لكييكون عضوا نافعا في اجملتمع الذي يعيش فيه بل إن التربية لا تهدف فقطإلى إعداد اواطن الصالح للمجتمع الذي يعيش فيه هذا اواطن بل تهدفعن طريق وسائلها إلى تنمية هذا اجملتمع وتطويره وتحسينه ا يحققالأهداف والقيم الإنسانية العليا ولهذا فمؤسسات التربية أوسع وأعظممن مؤسسات التعليم على أنه من الخطورة اما النظر إلى التعليم نظرةمنفصلة عن التربية فقد ينشأ عن هذا أن تهتم ادرسة بالتحصيل وأنتتخم مناهجها باادة العلمية وأن تهمل النواحي التربوية الأصيلة باعتبارهاوظيفة مؤسسات أخرى (١٠٢) .وإذا كان العراق من البلدان التي سارت فيها تجربة التخطيط شوطا لابأس به فقد حرص الدكتور مسارع الراوي على أن يضع من الشروط مايساعد على نجاح وفاعلية التخطيط في مجال التعليم.‏ فمن ذلك علىسبيل اثال:‏ (١٠٣)- إعتماد الخطة التعليمية اتكاملة وتبني استراتيجيتها وإقرارها منقبل القيادة السياسية شرط لازم لنجاح تنفيذها وهذا يتطلب من اربوالفني أن يثبتوا وجودهم ويبرهنوا للقيادة السياسية بأن التربية عمليةإاء بشري وإعداد للقوى العاملة ادربة التي تتطلبها خطط التنميةوأنها لم تعد مجرد عملية استهلاك ومجرد عملية خدمات.‏- التخطيط التربوي عمل فكري وثيق ومسؤولية جماعية عامة ينبغي أن287


الفكر التربوي العربي الحديثيشارك فيهما كل اهتم بشؤون التربية والتعليم بالإضافة إلى اتأثرينبهما على كافة استويات ذلك أن تحديد الإطار العام للتعليم أو ترجمته أواشتقاقه من الرؤية الإجتماعية الجديدة عمل فوق قدرة فرد واحد أوحفنة قليلة من الأفراد اتخصص في التربية والتربية في مسارها السليمنشاط يلتقي عليه أكثر من متخصص في أكثر من مجال.‏- إعتماد مبدأ مركزية التخطيط لا مركزية التنفيذ في التخطيط العامللدولة ا في ذلك التخطيط التربوي ووضع استراتيجيته وهذا يعنيحصر كافة الصلاحيات واسؤوليات التخطيطية للبلد بجهاز مركزي واحدمتفرغ لشؤون التخطيط تتفرع منه أجهزة تخطيطية (١٠٤) ومجالس للقطاعاتاخملتلفة أما التنفيذ فتقع مسؤولياته اباشرة على السلطة التنفيذية.‏أما الدكتور كاظم حبيب فهو منطلق من نفس التجربة العراقية لكنهيتوجه ببحوثه إلى عموم الجامعات العربية من حيث إن التخطيط السليمفي مجالها يجب أن يتبنى سياسة تقوم على ربط الجامعات العربية ختلففروعها ؤسسات الدول الإقتصادية والإدارية وراكز البحوث العلمية.‏والهدف الذي يتوخاه الدكتور كاظم من ذلك كن تلخيصه فيما يلي:‏ (١٠٥)١- نقل العلوم النظرية من خلال فترات التطبيق العملي للطلبة إلىالأشخاص العامل في مؤسسات الدولة اخملتلفة وفي ذلك فائدة مهمةبالنسبة للعامل في هذه اؤسسات ن لم يحصلوا على مثل ذلك منتعليم نظري.‏٢- أن الترابط العضوي ب الجامعة ومؤسسات الدولة الإقتصاديةاصانع وازارع وأجهزة التخطيط والإدارة والخدمات الإجتماعيةومراكز البحث العلمي يلعب دوره في تحقيق الفائدة اتبادلة ب الجامعةوهذه اؤسسات فباستطاعة الجامعة الإسهام في البحوث والتجارب العلميةوالدراسات ايدانية وبالتعاون مع تلك اؤسسات وصلحتها ا يساعدعلى توجيه البحوث والدراسات بصورة سليمة تنسجم وحاجات اجملتمعكما أنها تعطيها حيوية واهتمام واحتمالات نجاح أكبر.‏وقد لقي الإهتمام الواضح ‏(بالكم)‏ في التخطيط نقدا عنيفا من كثيرينا دعا الدكتور محمود قمبر بعد أن يشرح هذه الوجهة من النظر وغيرهامن صور النقد للتخطيط أن يؤكد على أن الوظيفة الكمية التي مارسها288


الإتجاه الإشتراكيالتخطيط في أول نشأته ليست معيبة في ذاتهاو إا أدت خدمة جليلةساعدت ثورة الكم في التعليم على تحقيق درجة طيبة من النجاح.‏ فالأمواجالشعبية في عصر الدقراطية والتعليم لكل فرد قد اقتحمت أبواب ادارسوالجامعات في طوفان كمي لم يشهد مثله التعليم من قبل وكان لا بد منهندسة هذه الحركة الجارفة التي ثلها الطلب الإجتماعي والجماعيعلى التعليم وتنظيم مساراتها بشكل عقلاني ومحتوم (١٠٦)وأمام هذه النوعية الشعبية من الزبائن الجدد للتعليم وفيهم الصالحوالطالح تدنى مستوى التعليم ولم يستطع التخطيط أن يحارب في جبهتبقوة وفي آن واحد فاهتم بالجانب الكمي الذي أخذت به السياساتالتعليمية إرضاء للجماهير التي حرمت طويلا من فرص التعليم وتحقيقابدأ الدقراطية وتعزيزا لحركة النمو والتنمية في اجملتمع ونشطالتخطيط بكفاءة مشهودة في مجالات حصر وتدبير اتطلبات البشريةواادية لاستيعاب حدود هذا التوسع الكمي الرهيب.‏ وا تفاقمت أزماتهواشتدت وطأة العلل والتي كان من المحتم أن يفرزها هذا الوضع التعليميالجديد بدأ التخطيط يهتم بالجانب الكيفي وتحس نوعية التعليم:‏ ‏«إنالتخطيط ولو أنه محصور في إطار كمي إلا أنه يقف ضد قرارات الصدفةأو التخم أو إملاءات اللحظة العابرة..‏ إنه د نظرنا إلى الأمام عنطريق منافذ مفتوحة ومسالك محدودة للخروج من مسار الواقع العاجزوفي ظل إمكانات محدودة وفترة موقوتة ترتبط بها أهداف مرحلية تتواصلعلى طريق طويل يؤدي في النهاية إلى بلوغ الغايات القومية في التعليم»‏ (١٠٧)محو الأمية:‏لا نستطيع باد ذي بدء أن نزعم أن ‏(محو الأمية)‏ مظهر للإتجاهالإشتراكي وحده,‏ و إا نستطيع أن نقول إن هذه القضية قد تلقت دفعاأقوى وأشد بتأثير هذا الإتجاه وبالتالي لا ننفي أبدا تأثر هذه الظاهرةبتيارات الفكر التربوي الأخرى واتجاهاته وعلى سبيل اثال فإن أولحكومة شعبية برئاسة سعد زغلول في مصر سنة ١٩٢٤ و كما لاحظ أحمدحس زعيم الحزب الإشتراكي (١٩٥٠) قد أعلنت أنها ستعمم التعليمالإلزامي في عشرين سنة وأنها ستضع الخطط والبرامج اللازمة لتحقيق289


الفكر التربوي العربي الحديث٥٠ذلك فثارت عليها الأمة وحق لها أن تثور.‏ فعندما يكون <strong>هنا</strong>ك شعب غرقفي الجهل والأمية ويتوق إلى اجملد والحرية لا كن أن يقال له:‏ اصبرعشرين سنة ريثما كن تعليم أبنائك بل يجب العمل بالليل والنهار لوضعحد لهذه الكارثة التي ينبغي ألا يصبر الإنسان عليها يوما واحدا أكثر ايلزم ونعني بها ‏(الجهل الشامل اطلق)‏ ثم يقول أحمد حس ‏«ومع ذلكفإن ما ثار عليه الشعب في حينه لم يتحقق حتى اليوم».‏ واليوم الذييقصده أحمد حس هو سنة ١٩ و ها نحن في عام ١٩٨٦ ومع ذلكنستطيع أن نستخدم نفس الكلمة ‏(اليوم)‏ ومن أجل هذا وضع أحمد حسفي كتابه اقتراحا شروع لمحو الأمية في مصر في مدة أقصاها خمسسنواتوا طرحت مجلة ‏(الإشتراكي)-التي كانت تصدر عن الإتحاد الإشتراكيفي مصر سنة ١٩٦٦- موضوع محو الأمية للمناقشة حددت عدة أسبابلفشل المحاولات السابقة منها:‏- سيطرة الطابع البيروقراطي ومحاولة إضفاء أسلوب الجبر والروت‏.‏- أن الذين قاموا بادرات ذاتية لم يلبثوا أن تلاشوا لافتقارهم إلىالروح الذي يدفع إلى الإصرار حنى النهاية.‏- أن المحاولات الذاتية تعرضت ضايقات إدارية ومحاولات انتهازيةلسرقة وامتطاء جهدهم.-أن الأمي لم يكونوا ينتظمون.‏- وأخيرا فإن <strong>هنا</strong>ك قاسما مشتركا ب هذه الأسباب وغيرها وهوافتقار عنصر الحماسة نظرا لافتقار الروح السياسية.‏ثم حددت مجلة ‏(الإشتراكي):‏ ‏«أن المحصلة النهائية هي أن الإتحادالإشتراكي ا يستطيعه من توفير الكوادر السياسية اللازمة هو القادرعلى محو الأمية..‏ إن قضية محو الأمية ليست إلا واحدة من اعاركالضارية التي لابد من أن يخوضها التنظيم».‏وبعد عام وعدة أسابيع على وقوع هزة يونيو ١٩٦٧ والجهود تتضافرلإزالة آثار العدوان.‏ ذهب محمود أم العالم إلى أنه يكون غريبا ‏«أننتحدث عن تحرير الأرض المحتلة وحشد الجماهير من أجل هذه اعركةولا نتحدث كذلك عن حشد الطاقات وتنظيمها لإزالة هذا العار من جبينناالإجتماعي الذي يضعف من فاعليتنا الإجتماعية عامة بل الغريب أن(١٠٩). (١٠٨)290


الإتجاه الإشتراكينتحدث عن الدولة العلمية والعصرية ومحو الأمية لا يزال مرحلة أولى منمراحل الوصول إلى هذه الغاية,‏ (١١٠)وكان من الطبيعي أن يبرز الكتاب الإشتراكيون البعد السياسي للقضيةولذا نجد عبد اغني سعيد يلفت النظر إلى أن الحكام استبدين فيمامضى كانوا يحاربون التعليم ويحرصون على إبقاء شعوبهم في حالة جهلوأمية مثلما كان يقول الخديوي سعيد:‏ ‏«‏اذا نعلم أبناء الشعب ? إن الأمةالجاهلة أسلس من الأمة اتعلمة قيادة»!‏ وتعتبر الأمية في نظره عموما منأخطر معوقات ارسة الشعب للدقراطية (١١١) .وإذا كان التأكيد الآن هو أن اسألة ليست مجرد معرفة القراءة والكتابةإلا أن هذا لا ينفي أن الأمية الأبجدية هي نقطة البداية.‏ ومن <strong>هنا</strong> كتب ‏(طهسعد عثمان)‏ يقول:‏ ‏«إن محو الأمية الأبجدية هي خطوة أولية لابد منهاللتقدم نحو الأمية اهنية لهدمها فالذي لا يعرف القراءة والكتابة والقواعدالأربع في الحساب لا يستطيع أن يستفيد من أي دراسة مهنية حتى لوكانت عملية بشكل كامل..‏ فضلا عن عجزه عن الحصول على معلوماتمهنية بجهوده الذاتية بالإطلاع أو الدراسة»‏ (١١٢)وإذا كان البعض قد أكد على البعد السياسي ف<strong>هنا</strong>ك من أساتذة الإقتصادالإشتراكي من أدركوا أهمية البعد التربوي نفسه فالدكتور إسماعيلصبري عبد الله يؤكد على أن محو الأمية ضرورة قومية ذلك أنه منالعسير جدا نشر التعليم في بيئة ليس لديها أدن حظ منه..‏ أن الأسرةالأمية تسته أحيانا ولاسيما في الريف بتعليم أبنائها ما لم تكن تتطلع لأنتراهم لا يفلحون الأرض.‏ وهي بالتأكيد إطار اجتماعي لا يساعد الطفلعلى الدراسة بل يزيد من العبء الواقع على ادرسة.‏ والإحصائيات اتاحةلدى وزارة التربية والتعليم عن التعليم الإبتدائي تثبت ا لا يدع مجالاللشك ارتفاع نسبة هجر ادرسة-وهو ما يسمى ظاهرة ‏(التسرب)‏ فيمدارس القرى وكذلك ضعف استوى العام لتلاميذها.‏ولتفسير ذلك يب الدكتور إسماعيل أن بعض مدارس القرية في بلادناقد حاربت نشر التعليم بحجة أن التوسع فيه يعني الهبوط ستواه وأنالأفضل للوطن هو توفير التعليم امتاز لعدد محدود ونظرية الصفوة هذهمردودة ليس فقط باسم الاعتبارات الاجتماعية ولكن باسم التربية ذاتها291


الفكر التربوي العربي الحديث‏«فالثابت اليوم هو أنه كلما اتسعت قاعدة التعليم زاد عدد العلماء ابرزينوعلى العكس من ذلك إذا كن بلد من أن يكون به عدد من العلماء وسطغالبية من غير اتعلم عجز عن إحداث الثورة العلمية فالعلم اليوم ليسعبقريا فردا ولكنه قائد مجموعة من الباحث يعاونها عدد كبير مناساعدين الفني ومن الإداري والكتبة وغيرهم ويستند جهدها فيالتحليل الأخير إلى درجة عالية من حسن التنظيم والتقدم التكنولوجيواستوى الثقافي العام للبيئة الاجتماعية»‏ (١١٣) .وفي ندوة لخبراء محو الأمية في العالم العربي عقدت سنةهؤلاء الخبراء الخيوط الرئيسة لواقع هذه القضية في البلدان العربية فيذلك الوقت وكن الإشارة إلى بعضها فيما يلي:‏١- ترتفع نسبة الأمية في الوطن العربي إلى أعلى معدلات في العالمسواء في النسبة العامة أو في نسبة الذكور لا يفوقها في ذلك إلا أفريقياوترتفع بالنسبة للإناث إلى أعلى معدلاتها وثل بذلك مشكلة حضاريةوتنموية راهنة كما ثل بوضعها الراهن عقبة بالنسبة للمستقبل.‏٢- تزيد نسبة الأمية ب النساء عنها ب الذكور سواء على استوىالعربي بأسره أو على مستوى كل قطر من الأقطار.‏٣- تزيد نسبة الأمية ب سكان البادية والريف عنها ب سكان الحضركما تزيد هذه النسبة ب العمال الزراعي عنها ب العامل في قطاعاتالصناعة والخدمات.‏٤- تتفاوت الأقطار العربية في نسب الأمية فيها لترتفع في بعض الأقطارإلى حوالي ٩٠ باائة وتنخفض في البعض الآخر إلى حوالي ٣٤ باائة كماحققت بعض الأقطار معدلات عالية في حملات محو الأمية بينما لا تزالالجهود قاصرة عن تحقيق معدلات معقولة في أقطار أخرى.‏٥- لو سارت الأقطار العربية حسب معدلات محو الأمية في الفترةالسابقة فإن القضاء على الأمية سيتطلب ٤٢ سنة مع التغلب على مشكلةنقص الاستيعاب في ارحلة الابتدائية وتسرب التلاميذ منها وانقطاعهمعن الدراسة بها وفي بعض الأقطار يتطلب القضاء على الأمية-حسبمعدلات السنوات السابقة-‏‎١٢٠‎ سنة مع تحقيق الاستيعاب الكامل في التعليمالابتدائي في نفس الوقت.‏١٩٧٥ جمع(١١٤)292


الإتجاه الإشتراكي٦- أثرت الأوضاع الاجتماعية والعلمية والتكنولوجية الساكنة التي سادتلفترة في أقطار الوطن العربي على عدم الحماس لمحو الأمية نظرا لعدمتحدي علاقات العمل-سواء الزراعية أو الحرفية-‏ستويات العمل القائمةإضافة إلى اناخ الثقافي السائد الأمر الذي لم يؤد إلى تكوين دافعية كافيةلدى الأمي لمحو أميتهم وتوافر قدر من السلبية بينهم سواء ثلت فيعدم إقبالهم على الالتحاق بتنظيمات محو الأمية أو تسربهم منها بعدالتحاقهم بها أو انخفاض معدلات النجاح.‏ وفي هذا الصدد تقدر دراساتمنشورة أن من كل ١٠٠٠ أمي لا يلتحق بالفصول غير ثمانية فقط وأنه منكل ألف دارس لا حى سوى أمية خمسة فقط-.‏٧- لم تأخذ بعد حركة محو الأمية في الوطن العربي اكانة الائمةلطبيعة مشكلة الأمية وتأثيرها السلبي كمشكلة حضارية واجتماعية وتنمويةويتمثل هذا في التبعية والطفيلية لأجهزة محو الأمية وعدم وجود قوىبشرية مؤهلة ومتفرغة للقيام بأنشطة محو الأمية وكذا عدم وجود أجهزةمتخصصة ومتدرجة لإعداد الكوادر العاملة في محو الأمية وتأهيلهم علمياوتدريبهم مهنيا.‏٨- <strong>هنا</strong>ك انفصال وظيفي ب حركة وجهود محو الأمية في الوطنالعربي ومؤسسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القطاع العاموالخاص ونادرا ما تسهم هذه اؤسسات في حركة محو الأمية وفي بعضالأحيان تكون معوقا لهذه الحركة.‏٩- ينخفض ويل حركة محو الأمية إلى مستويات دنيا في كثير منالأقطار ويرتبط ذلك بطبيعة النظرة إلى اشكلة على أنها مشكلة ذاتأولوية متأخرة سواء من حيث احتياجاتها البشرية أو االية يضاف إلىذلك عجز بعض الأقطار عن توفي الإمكانات االية أو البشرية بشكلكنها من التصدي لهذه اشكلة والتغلب عليها.‏١٠- لا توجد في جميع الأقطار العربية-تقريبا-جهود ثقافية أو إعلاميةمتخصصة في رفع استوى الثقافي واعرفي لحديثي التعلم من الكبارن محيت أميتهم وكثيرا ما يرتد هؤلاء للأمية مرة ثانية نتيجة عدماستعمالهم اليومي ا تعلموه سواء في شكل مباشر أو غير مباشر.‏وقد انتقد كذلك الدكتور قمر الدين علي قرنبع بحكم موقعه القيادي293


الفكر التربوي العربي الحديثفي الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار الجهود السابقة حيث لاحظأنها ‏«سجلت غيابا واضحا لدور انظمات واؤسسات اهنية والشعبيةبشقيها الرسمي وغير الرسمي ‏(الأهلي والتطوعي)‏ من ساحة العمل اؤثرفي القضاء على الأمية فاقتصرت أغلب الجهود ابذولة على مؤسساتالدولة بأنواعها اخملتلفة ا ينتج عنه مردود ضعيف من ناحيتي الكموالكيف ولا يتكافأ مع حجم اشكلة وخطورتهاوبطبيعة الحال فإن هذا اردود بتفاوت في نسبته من بلد عربي إلىبلد آخر حيث تلعب تركيبة متشابكة من العوامل الإقتصادية والإجتماعيةوالتربوية دورا هاما وأساسيا في تحديد تلك النسب.‏ولأهمية الدور الشعبي في مواجهة هذه القضية فقد عقدت ندوة(١١٥)للخبراء في هذا اوضوع بالكويت سنة ١٩٧٩ و كان ا توصل إليه هؤلاءالخبراء من حيث تنمية اشاركة الشعبية في مواجهة الأمية الحضارية قولالبيان الختامي (١١٦) :‏«إن مشاركة الجماهير الشعبية في مواجهة الأمية الحضارية سوفتفتح آفاقا واسعة للنهوض بهذا النشاط والوصول به إلى غاياته في تحريرمجتمعنا العربي من التخلف والتقليد والإنتقال به لاستيعاب التغيرالحضاري والتكنولوجي اعاصر أو كينه من اشاركة الإيجابية في صنعه».‏ولا شك في أن ‏(أمية ارأة)‏ كان لابد من أن تحتل أيضا موقعا هاماعلى خريطة الفكر التربوي العربي وذلك ا أصبح يدركه الجميع منضرورة الإهتمام بدور ارأة في تقدم اجملتمع وإدراك ما لهذا الدور منخطورة بالغة في مرحلة تاريخية تجابه فيها هذه الأمة العربية تحدياتمصيرية وصعوبات ومشكلات كثيرة.‏ وقد تجلى هذا الإهتمام-عل استوىالفكري النظري-من خلال اؤرات والحلقات الدراسية والإجتماعيةالعديدة التي عقدت على استوى الوطني واستوى القومي وتلك التيشاركت فيها الدول العربية على استوى الدولي أيضا خصوصا في عام١٩٧٥ العام الدولي للمرأة الذي هو دعوة نطق جديد في النظر إلى ارأةوقضاياها والإلتزام بانهج العلمي عند البحث في أمورها وأمور الإنسانيةجمعاء(‏‎١١٧‎‏.(‏وكمثال لذلك أنه في يوليه ١٩٧٥ عقد اركز الدولي للتعليم الوظيفي294


الإتجاه الإشتراكيللكبار في العالم العربي بسرس الليان في مصر بالتعاون مع عدد مناؤسسات الأخرى ‏(ندوة خبراء التعليم الوظيفي للمرأة والتنمية الإقتصاديةوالإجتماعية(توصلت إلى عدد من التوصيات افيدة العملية لعل أهمها‏«تحقيق تكافؤ الفرص ب ارأة والرجل في جميع مراحل وأنواع التعليمالوظيفي سواء كان نظاميا أو غير نظامي و بذل الجهود للتغلب علىاعوقات الإقتصادية والإجتماعية التي تحول دون ذلك.‏ والعمل على إحداثالتكامل ب برامج التعليم النظامي وغير النظامي بحيث يؤديان معا إلىالوفاء باحتياجات ارأة العربية التعليمية على النحو الذي يتطلبه إسهامهافي التنمية الشاملة (١١٨) «والذي يقرأ ‏(استراتيجية محو الأمية في البلاد العربية)‏ الذي نشر عام١٩٧٦ لابد من أن يشعر بالتقدير والإحترام لدى ما توفر فيها من عمقالبحث ودقة التحليل وشمول النظر لكنك بطبيعة الحال لابد أيضا من أنتشعر بقدر كبير من الأسى لأنك لو استقرأت الواقع بعد مرور عشر سنواتعلى صدور التقرير الخاص بها لابد من أن تجد افارقة اعهودة ب الفكرالعربي وواقع العرب.‏رفض التبعية:‏ركّز كثير من الكتاب الإشتراكي في التربية وخاصة منذ سنوات قليلةهجومهم على مظاهر التبعية التي تبدت في الحياة الثقافية والتربويةالعربية وينبغي ألا يغرب عن ناظرنا أن التبعية ارفوضة <strong>هنا</strong> هي التبعيةللغرب الرأسمالي بصفة عامة والولايات اتحدة الأمريكية بصفة خاصةأما التقليد والإستفادة واسايرة والتبني لنموذج الدول الإشتراكية فهولايعد في نظر هؤلاء تبعية وإا هو ‏«مشاركة»‏ فكرية و(تعاون)‏ أيديولوجيليس فيه تابع ومتبوع ومن الواضح أن ‏(السياسة)‏ لها دور كبير <strong>هنا</strong>.‏وعندما أصدرت الدار القومية في مصر في أوائل الستينات حيثبدأت التجربة الإشتراكية عددا من الكتب اترجمة واؤلفة عن الفكرالإشتراكي تصدت لها مجلة الكاتب لتؤكد على أن الكتب انشورة بعضهاكتبه مؤلفون خصوم للإشتراكية والبعض الأخر مناصرون لاشتراكية حزبالعمال البريطاني مبين أن خطورة ذلك تكمن في الترويج لوهم أن حكومة295


الفكر التربوي العربي الحديثالعمال-كما جاء في نص أحد الكتب اترجمة-تعطف على حركات التحريربينما لم يحدث هذا(‏‎١١٦‎‏.(‏وعندما برزت عقب هزة ١٩٦٧ الدعوة إلى إقامة ‏(الدولة العصرية)‏وروّج كثيرون أن من مظاهر العصرية ‏(التكنولوجيا الحديثة)‏ حذر أديبدتري من الإنخداع بها ومن عدم الوعي ا يرتبط بها من قيم وأفكارتتسرب إلى النفوس والعقول وتطبعها بالطابع الغربي ‏«ف<strong>هنا</strong>ك فئات واسعة-‏وعلى الأخص من اثقف‏-واقعة تحت تأثير الفكر البورجوازي واليمينياتأمرك تطابق ب التقدم والتكنولوجيا وترى في العلم والتكنولوجيا فيذاتهما العنصر الحاسم في تحقيق التقدم وهو الفكر السائد عادة بفئات التكنوقراط والطبقات الجديدة.‏ ثم يستطرد الكاتب إلى التأكيد علأن ‏«العلم والتكنولوجيا ليسا أدوات تعمل بذاتها ولذاتها ولا يحملان بداخلهماحلا سحريا لكل اشكلات ولا خيرا ولا شرا في ذاتهما بل هي علىالدوام أدوات طبقية بالدرجة الأولى».‏ صحيح أن فائدتها أو ضررها قديعم وقد تكون عنوانا أو سمة ثقافية رحلة حضارية بعينها ولكنها علىالدوام أدوات ب الطبقات السائدة واسيطرة في الأساس..‏ فالعلموالتكنولوجيا بيد قوى التحرر والسلام وغيرهما بيد الإمبريالية.‏ وفيالدول الإشتراكية والتقدمية لها دور يختلف في كثير عن دورها في الدولالإمبريالية وبيد الإحتكارات الكبرى ‏«وينتهي إلى تلك اقولة الهامة:


الإتجاه الإشتراكيفي مصر وانطقة العربية وتناقضات النظام الرأسمالي العاي على أساسأنه بعد تبني البعض لسياسة الإنفتاح الإقتصادي اندمج الإقتصاد الوطنيبالسوق الرأسمالية العاية فازدوج هذا الإقتصاد وتحول إلى قطاعأحدهما قد والآخر طفيلي ‏«وكان لابد من أن ينعكس هذا الأمر علالبحث العلمي الذي أصاب كيانه التمزق هو الآخر فانشطر إلى قطاع‏:‏القطاع التقليدي وهو قطاع هزيل إنتاجيته ضعيفة بحسب إمكاناته الفقيرة.‏وعلاقاته باتخاذ القرار التربوي مبتورة اما وقطاع آخر تبعي يهيمن علرأس اال الغربي ويجتذب أفضل العناصر وأكفأها والقنوات بينه وبالقرار متدفقة وسيالة وتشكل القطاع الأخير في ظل ما يعرف بالبحوثالأكادية اشتركة والتي تقوم الحكومة الأمريكية والشركات متعددةالجنسية وأجهزة الإستخبارات الدولية بتمويلها والإشراف عليها.‏ أما القطاعالأول فقد ارتكز على القواعد الجامعية التقليدية»‏ (١٢٢)ويرى الدكتور شبل بدران في ادارس الأجنبية أن التخلف والتبعيةللقوى الإجتماعية السائدة في البلدان التابعة يحملان في طياتهما تخلفهذه القوى الإجتماعية عن أداء دورها التاريخي لأنها لم تعد قادرة علىأداء دورها التاريخي اناط بها وتبعيتها التعليمية والتربوية فكما أنهاتستورد البضائع اادية اصنعة في البلدان الرأسمالية فإنها تستورد فيذات الوقت أدوات اعرفة وبشكل عام الأيديولوجيا التي واكبت إنتاج هذهالبضائع اادية ومتى قامت أنظمة التعليم على هذه اعرفة وهذهالإيديولوجيا في مجتمعات قائمة بدورها على الإمتيازات الطبقيةوالإجتماعية فإنها تعرف كيف تضع نفسها في خدمة هذه الإمتيازات داخلياوخارجيا وبذلك يؤدي هذا التعليم الأجنبي ‏(اللغات)‏ خدماته لأبناء الطبقةالحاكمة وايسورة ويشكل أداة شرعية لخلق الإزدواج الثقافي والتمايزالإجتماعي والإستقطاب الطبقي داخل اجملتمع ومن <strong>هنا</strong> تنقلب الإمتيازاتالإقتصادية والإجتماعية عن طريق التعليم الأجنبي إلى استحقاقية ثقافيةتوصل حاملها إلى اراكز الحساسة والهامة في الدولة وبذلك تعد ادرسة<strong>هنا</strong> مجالا مفتوحا لإعادة علاقات الإنتاج القائمة في اجملتمع من حيثتوريث اهن واراكز الإجتماعية والأوضاع الإقتصادية هادفة في النهايةإلى إبقاء العلاقات الإجتماعية غير اتكافئة على ما هي عليه تكرا297


الفكر التربوي العربي الحديثلخدمة الصفوة في اجملتمع التابع لها وتواصلا مع أهداف اجملتمعالرأسمالي(‏‎١٢٣‎‏.(‏ترى ما العمل إذن في رأي هذا الجناح من الكتاب التربوي ?<strong>هنا</strong> ينبري الدكتور كمال نجيب ليؤكد على أن النموذج التربوي الغربيلن يفلح في تنمية مجتمعات العالم الثالث وأن اشكلة في البلاد الناميةأصلها يرجع إلى ذلك القيد الذي يربط اقتصاديات هذه الدول بالنظامالرأسمالي.‏ العاي عن طريق التقسيم الدولي للعمل ‏«وما يعتقده العلماءالأمريكيون من أن انعدام كفاءة أسواق العمالة والبناءات التعليمية مرده فيالواقع ليس عدم مسايرتها نطق التحديث الأمريكي و إا لهذه الأشكالالرأسمالية ‏(التحديثية)‏ استوردة والتي تكييفها ‏(تحريفا وتشويها)‏لتناسب ظروف الإقتصاد غير الصناعي وبالدرجة الأولى لسد حاجاتالبورجوازية المحلية والشركات متعددة الجنسيات ورا يكون العائدالإقتصادي على ادى القصير مغريا لشعوب الدول النامية ولكنه فيحقيقته انحراف خطير لتوجه الإقتصاد المحلي لخدمة الدول الصناعيةوالحفاظ على السيطرة على اصادر المحلية بواسطة رأس اال الأجنبي»‏ (١٢٤)ومن الواضح أن الكاتب لا يقدم حلا <strong>هنا</strong> إنه فقط يطالب بإسقاطالنموذج الغربي الذي يتبناه البعض..‏ ويظل السؤال:‏ وما البديل ? إنه و إنلم يصرح بذلك فالواضح أنه النموذج ااركسي أيا كانت التسمية التي قدتطلق عليه كلاسيكيا أو مجددا واشتراكية علمية أو ما إلى ذلك منمصطلحات قد تتباين بينها الألوان لكنها واحدة التوجه متماثلة في الفلسفةوانهج.‏298


وماذا..‏ بعد?‏وماذا..‏ بعد?‏لعلنا بعد هذه الرحلة الطويلة في ربوع الفكرالتربوي العربي في العصر الحديث بحاجة إلىوقفة لا جملرد التقاط الأنفاس وإا لنواجه ذلكالسؤال اهم:‏ وماذا بعد ?لكننا قبل ذلك لا بد من أن نحاول ‏(استجماع:‏الخيوط لنرى بعض دلالات هذه الرحلة.‏ فهذهالدلالات هي التي ستشير إلينا باتجاه الإجابةاطلوبة على ذلك السؤال اصيري اطروح.‏لئن كانت اهمة التي تعهدنا بالقيام بها هيتقد صورة كلية شاملة للجهود التي بذلهاافكرون وقامت بها هيئات وتنظيمات ومؤسساتعلى الصعيد الفكري ناقشة ودراسة وتحليل عددمن القضايا واشكلات وافاهيم والإتجاهات التيحفل بها عالم التربية والتعليم في العالم العربيعلى مدى القرن التاسع عشر والعشرين فقدكان من استحيل أن يتم ذلك من خلال عملياتفحص واستقراء جزئي سواء بالنسبة ‏(للأقطار)‏أو(الأشخاص)‏ في عمل علمي واحد يقوم به فردواحد في فترة زمنية محدودة.‏ومن <strong>هنا</strong> فقد وقع اختيارنا على دراسة‏(الإتجاهات العامة)‏ و(اسارات الرئيسة)‏ بحيثتتيح لنا فرصة إسقاط الجزئيات واختيار وانتقاءالأمثلة والنماذج ذات الدلالة عل الحدث أو الإتجاهأو اسار موضع الدراسة ومن شأن الإعتماد على299


الفكر التربوي العربي الحديثالأمثلة والنماذج أن يودي إلى ‏(التدقيق)‏ في أن تكون ‏(العينة)‏ امثلة تصور‏(اجملتمع الأصلي)‏ ثيلا جيدا.‏ونظرا لأننا قد كنا أمناء مع القار منذ الصفحة الأولى في مقدمة هذهالدراسة من حيث إعلان مبدئنا الذي نؤمن به إانا جازما بلا مجتمعية)‏التربية والتعليم عنى أننا نحرص على ‏(الرؤية الشبكية)‏ لهذه القضية معسائر النظم الفرعية التي تتكون منها البنية الأساسية للمجتمع كان منانطقي أن تبدأ هذه الدراسة ا كن أن نسميه ‏(الإطار ارجعي)‏ لحركةالفكر التربوي في العالم العربي والترجمة العملية لذلك هي الوقوف علىالأبعاد الرئيسة لحركة اجملتمع في تراثه وسياسته واجتماعه واقتصادهوعلاقاته الثقافية بالثقافات والحضارات الأخرى.‏إن البعض-بحسن نية-قد لا يكون مستوعبا لهذا النهج متصورا-خطأ-‏أن دراسة مثل هذه الجوانب ليست ‏(تربية)‏ ولا نريد أن نثقل على القاربدراسة تحليلية فهوم التربية.‏ وكل ما كن الإشارة إليه أن الذين قديقتنعون بهذا النهج يقعون-دون أن يدروا-في أسر تصور آخر للتربية يحصرهافي عملية ‏(التعليم)‏ التي تجري داخل الفصول وادارس ومعاهد التعليمالنظامية اعروفة وليس هذا أبدا ما نعتقد صحته لأن التربية كما نراهاهي تلك العملية اوجهة نحو تغيير السلوك الإنساني على استوى الفرديوعلى استوى الجماعي بهدف أن يكون الغد دائما أحسن حالا من اليوممتوسل في ذلك ختلف الوسائط اعينة على تحقيق هذه اهمة.‏من هذا انطلق سارت دراستنا على النحو التالي:‏الفصل الأول:‏ حيث تناولنا فيه ما أسميناه ‏(الأبعاد الحضارية لحركةالفكر التربوي العربي في العصر الحديث).‏ وانحصرت معالجتنا لهذه الأبعادفي ثلاثة:‏أولا:‏ تراث ااضي حيث تناولناه من خلال:‏ ١- مصادره وهي:‏ القرآنالكر والسنة النبوية والصحابة والقيم والعادات الإجتماعية والفكرالفلسفي.‏ومن الاحظ <strong>هنا</strong> هو ما يشبه التطابق أو عنى أدق التقارب الشديدب مصادر الدين ومصادر التربية في العصور الإسلامية وذلك أمر طبيعيفباعتبار أن التربية في تلك العصور قد اصطبغت ب ‏(الدين)‏ فلا بد من300


وماذا..‏ بعد?‏الإلتحام ب مصادر كل منهما.‏٢- مدارسه:‏ وثلت في:‏ ادرسة الفلسفية وادرسة الكلامية وادرسةالصوفية وادرسة الفقهية.‏٣- سمات عامة:‏ مثل:‏ اوسوعية والإجتماعية واللاإقليمية والصراعالفكري.‏ثانيا:‏ اتغيرات السياسية والإجتماعية وهي تتجه بنا إلى محاولةاستقراء جملة الظروف العامة التي أحاطت باجملتمع العربي في القرنالتاسع عشر والعشرين حتى كن لنا فهم الإتجاهات التي اتجه إليهافكرنا التربوي.‏ وا كان من العسير إعطاء صورة وافية لهذا الجانب فقدسقنا عددا من اتغيرات التي ثل-حسب فهمنا-أهم الخطوط الرئيسةوذلك مثل:‏ ١- السيطرة العثمانية ٢- زحف الإستعمار الغربيالصهيوني ٤- حركات التحرير والثورة٣- السرطان٥- التجزئة ٦- الوحدة ٧- النفط٨- التركيب الطبقي ٩- التخلف الإقتصادي.‏ثالثا:‏ اؤثرات الأجنبية حيث إنها لعبت دورا-وما زالت-كبيرا في تشكيلوتوجيه عدد غير قليل من الأفكار والإتجاهات واواقف التربوية ومن <strong>هنا</strong>فقد قدمنا لها بوقفة تب ‏(سخونة)‏ اللقاء الأول ب الثقافة العربية الإسلاميةوالحضارة الغربية في حملة نابليون بونابرت سنة ١٧٩٨ بعد ذلك بدأنانحصر عددا من ‏(اسالك)‏ التي عبرت من خلالها الثقافة الغربية إلىعانا العربي مثل:‏ ٢- دور النشر ٣- ادارس الأجنبيةالبعثات ٥- وسائل الإعلامالفصل الثاني:‏ وقد خصصناه لدراسة ‏(الإتجاه السلفي)‏ نعني هؤلاءافكرين وتلك التنظيمات التي جعلت من ‏(جهود وأفكار)‏ من سبقونا طوالالعصور الإسلامية والعربية في قضايا الدين بصفة عامة وقضايا التربيةبصفة خاصة مع تباين شديد في ‏(الأجنحة)‏ الداخلية لهذا التيار ب منمدوا ‏(السلفية)‏ بحيث تشمل كل ما مضى ومن قصروها على صدر الإسلاموغير هذا وذاك من تيارات ومواقف.‏وكان ضروريا أن نحدد معنى السلفية أولا ونناقشه ثم بدأنا ننتقيبعض التيارات والجهود التي كان لها إسهام واضح في مجال ‏(بناء الإنسان)‏العربي اسلم سواء على الصعيد العملي أو النظري وقد ناقشنا ذلك من-٤١- التبشير٦- الترجمة.‏301


الفكر التربوي العربي الحديثخلال استعراضنا لجهود وآراء محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرةالعربية والشيخ حسن العطار والسنوسية وجمال الدين الأفغاني والشيخمحمد عبده وعبد الحميد بن باديس وجماعة الإخوان اسلم‏.‏كذلك كان من الضروري القيام بعملية استقراء وتحليل علمي للإنتاجالتربوي العربي الحديث الذي تصدى لدراسة التربية الإسلامية باعتبارتلك الجهود تعبيرا عن مدى انتشار الإتجاه السلفي ب باحثينا المحدث‏.‏وقد حاولنا في هذا الجزء تصنيف كتابات هؤلاء لرصد مناهجها ونظراتهاومفاهيمها الأساسية.‏الفصل الثالث:‏ خصصناه للإتجاه القومي العربي وفي هذا الفصلعرضنا فهوم الإتجاه القومي العربي إانا منا بأهمية وضوح افاهيمحيث إن الغموض فيها كثيرا ما يؤدي إلى العديد من الخلافات التي لاتتجه إلى الأبعاد الحقيقية للموضوع بقدر ما تقع في سوء الفهم والتقديروالخلط.‏وبإيجاز شديد سعينا إلى إعطاء القار صورة عن تطور هذا الإتجاهتاريخيا وبعد ذلك سقنا عددا من الظواهر التي تكشف عن الإتجاه القوميفي عالم التربية والتعليم من ذلك على سبيل اثال:‏ التوجيه القومي العربيللتربية وكذلك بحثنا عن دور التعليم من الناحية التشريعية في توحيدالأمة العربية وذلك من خلال الجهود التي بذلت من أجل إيجاد الوحدةالثقافية التي هي تجسيد حقيقي للفكرة القومية.‏واحتلت قضية ‏(تعريب التعليم)‏ مكانا أساسيا في دراساتنا انطلاقا منفلسفة مؤداها ‏«التعليم للعرب بالعرب من أجل استمرار ثقافة العرب».‏الفصل الرابع:‏ اتجاه ‏«التغريب».‏ وقد عنينا فيه بالتفرقة ب مصطلحي‏«التغريب»‏ و«التحديث».‏ فالتغريب هو ذلك الإتجاه الذي يعبر فيه أصحابهعن ضرورة جعل ‏(الغرب)‏ الحضاري هو ‏(انبع)‏ الرئيس الذي يجب أن تعبمنه الثقافة العربية اعاصرة ونضيف إلى هؤلاء أيضا شريحة أخرى قريبةلا ترى مانعا من السماح بهامش صغير يستفاد فيه من ‏(التراث العربيالإسلامي)‏ عن طريق انتقاء ونقد تخضع للمنهج العلمي دون ما خوف.‏ أما‏(التحديث)‏ فهو اتجاه يعبر عن قبول أصحابه للتراث العربي الإسلامي كلهمع تطعيمه ببعض العناصر انتقاة من الحضارة الغربية أو قبولهما معا302


وماذا..‏ بعد?‏مع إجراء تعديل وتحليل ونقد في كليهما من حيث العناصر اخملتارة.‏وقد شمل هذا الفصل نقاطا عن:‏ معنى اصطلحات استخدمة ثمالأسانيد التي اعتمد عليها دعاة التغريب.‏ أما القضايا التي حاولنا منخلالها بيان مظاهر التغريب والتحديث فقد تناولت تعليم العلوم الحديثة-‏تعليم اللغات الأجنبية والتعلم بها-تعليم ارأة-تكنولوجيا التعليم-التجديدالتربوي.‏الفصل الخامس:‏ الإقليمية وقصدنا بها ذلك الإتجاه الذي انطلقأصحابه من الكتاب وافكرين يؤكدون على ‏(خصوصية)‏ الشعب الذي ينتمونإليه في نطاق حيز جغرافي مع مثل دعاة ‏(الفرعونية)‏ و(الفينيقية)‏ وماشابه ذلك من دعوات قد تستند إلى خواص تاريخية أو عرقية أو جغرافية..‏الخ.‏وتركزت أهم الدعوات والإتجاهات الإقليمية في عانا العربي في:‏الدعوة إلى اصرية ومثّلنا لذلك بعدد من الكتابات لبعض مفكري مصرتؤكد على الطابع الخاص اميز صر في صيغ مختلفة ولدوافع قد تتعددوفي ضوء ظروف متفاوتة.‏ وأبنا كذلك ما ظهر لدى مفكرين آخرين منتأكيد على رابطة الوطنية ‏(اصرية)‏ وارتفاع شعار ‏(مصر للمصري( ثمتلك النزعة إلى ‏(الفرعونية)‏ التي تبدت عند البعض والدور الذي لعبهأقباط مصر في تدعيم ‏(اصرية)‏ ثم الإتجاه ‏(التوفيقي)‏ ب ‏(اصرية)‏ و‏(القومية)‏ و ‏(الإسلام).‏ وبطبيعة الحال كان من الأهمية كان الكشف عنأصداء كل ذلك في التعليم.‏كذلك اخترنا الأرض اللبنانية لأنها كانت ‏(وما زالت)‏ مسرحا لبعضالدعوات الإقليمية سواء من الناحية السياسية والفكرية أو التعليم الطائفيوأثر هذا وذاك على التربية الوطنية واواد الإجتماعية.‏ومن اناطق العربية التي تعرضت للدعوة الإقليمية جنوب السودانحيث بي ‏ّنا الدور الذي لعبه الإستعمار البريطاني في ذلك وإرساليات التبشير.‏الفصل السادس:‏ الإتجاه الإشتراكي ودفعا ا يقع في ذهن البعض من‏(حداثة)‏ هذا الإتجاه كان من الضروري أن نب إرهاصاته الأولى منذمنتصف القرن التاسع عشر في كتابات الرواد الأوائل مثل الطهطاوي وشبليشميل وسلامة موسى وغيرهم.‏303


الفكر التربوي العربي الحديثثم عرضنا لانتظام هذا الإتجاه في بعض التنظيمات الحزبية التي كانكثير منها سريا في أول أمره حيث لم يكن مسموحا به في بعض البلدانإلى أن تغيرت ظروف كثيرة فبدأت نظم سياسية تتبناه بل وتجعله أساساعقيديا لها.‏وقد درسنا اظاهر التربوية للإتجاه الإشتراكي من خلال:‏ افهومالإشتراكي للتربية-التعليم كسلاح طبقي-التعليم الخاص-التعليم للتنمية-‏تخطيط التعليم-محو الأمية-رفض التبعية.‏ولعلنا بعد استرجاع هذه الصورة الكلية اوجزة لجزئيات هذه الدراسةكن أن نقف وقفة قصيرة لا للمحاسبة وإصدار الأحكام وإا ‏(لإبداءرأي)‏ هو نفسه يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ بالنسبة للإتجاهاتوالتيارات التي عرضناها:‏١- إن ابدأ الأساسي الذي قام عليه اتجاه ‏(السلفية)‏ لا نستطيع إلا أننسلم به ف ‏(ااضي)‏ بالنسبة لأي مجتمع هو ‏(الذاكرة)‏ والإنسان لا يستطيعأن يعيش بلا ذاكرة وإلا بدأت حياته من نقطة الصفر بينما يؤدي الطابع‏(التراكمي)‏ للمعرفة إلى ازيد من التطور والتقدم وخصوصا عندما يصحبهذا التراكم قدر كبير من الوعي والجهد لاستيعاب ما تراكم وحسن الإستفادةبه.‏لكن ما يصعب قبوله حقا هو أن يتحول كل ما قد ‏(سلف)‏ إلى ‏(مقدسات)‏نقف أمامها كالتلاميذ ما علينا إلا أن نسمع ونطيع دون مناقشة أو إبداءرأي ولو أن ذلك نفسه يكون سلوكا خطأ من التلاميذ كما أثبتت علومالتربية والنفس.‏إن ما مضى وسلف من فكر وثقافة وعلوم وطرائق بحث وتفقه فيالتاريخ العربي والإسلامي قد امتد بامتداد هذا التاريخ قرونا عدة وخضعهو نفسه ا جرى على هذا التاريخ من مد وجزر وكما احتوت صفحاتهعلى الأبيض احتوت كذلك على ألوان أخرى وصل بعضها إلى درجة السوادومن ثم فإنه يكون من غير الحكمة أن نضعه كله على مستوى واحد منالتقدير ووجوب التأسي به.‏ ورا يسعفنا <strong>هنا</strong> اثال التالي فقد جاء علىلسان القابسي خاصا حو الألواح قال:‏ ‏«وحدثني موسى عن جابر بنمنصور قال:‏ كان إبراهيم النخعي يقول:‏ من اروءة أن يرى في ثوب الرجل304


وماذا..‏ بعد?‏وشفتيه مداد.‏ قال محمد:‏ وفي ذلك دليل على أنه لا بأس أن يلعق الكتابةبلسانه و سحنون را كتب الشيء ثم يلغطه».‏فها <strong>هنا</strong> يقع كثيرون في خطأ ‏(تقديس)‏ آراء أهل السلف ويجيزون أنيحدث اليوم ثل هذا بينما محو الألواح من الأمور اتعلقة بالنظافةوالقذارة لا بالنجاسة والطهارة ولا حاجة ن يريد الإستدلال على طريقةمحوها إلى الإعتماد على آثار السابق إذ أنه من القذارة أن يلعق الإنسانالكتابة باللسان وأن يقع أثر اداد على أثواب الرجال فهو مفسد للثوبولا مروءة فيها لأن اروءة تتعلق بالعطف على الناس ومساعدتهم.‏و<strong>هنا</strong> يكون اعيار الذي نحتكم إليه وهو قصر ‏(التقديس)‏ على كل ماجاء بالقرآن الكر والسنة النبوية ا يتصل وضوعنا وهو التربية والتعليمأما ما يجيء على ألسنة وأقلام الكتاب وافكرين والفقهاء فإن موقفنا منهاينبغي أن يقف عند حد ‏(التقدير)‏ و ‏(الإحترام)‏ دون أن يكون هذا وذاكقيدا علينا نعنا من أن نخضع آراء وأفعال هؤلاء افكرين والفلاسفةوالفقهاء لأدوات التحليل والنقد العلمي بحيث نقبل ما يثبت للفحص ونرفضما لا يثبت.‏ وإذا طبقنا هذا على اثال السابق فسوف نجد أن القرآنالكر والسنة النبوية كانا ليضعا حكما سألة جزئية مثل هذه فهي متروكةلعادات الناس ومصالحهم.‏ وإذا كانت مثل هذه العادات ا أمكن قبوله فيااضي فليس <strong>هنا</strong>ك ما يحتم اتباع ذلك الآن.‏ نقول هذا نطق الإسلامنفسه وبوحي منهجه اللذين يدعوان إلى اعتبار اصلحة وهاهما العلمانالطبي والكيميائي قد كشفا عن الكثير من الأضرار التي تترتب على فعلقبيح مثل هذا ا يوجب التخلي عنه حتى ولو حبذه جمع غفير منالفقهاء (١) .كذلك فإننا إذا تركنا اواقف الفكرية من التراث التربوي العربيوالإسلامي لنقف أمام ‏(الصورة التطبيقية)‏ في كتب التربية الإسلامية التيتقررها وزارات التربية والتعليم على التلاميذ ومن خلالها نتصور أننا نقومبتربيتهم تربية إسلامية فسوف نجد أن الآثار العملية في سلوكيات أبنائنالا تعكس أبدا حقيقة هذه التربية اما ذلك أن الكثير ا يكتب في هذهالكتب لا يتصل بحياة التلاميذ اعاصرة وينحصر في أغلب الأحوال فيدوائر ااضي دون بذل جهد واع لإظهار الإلتحام الذي يجب أن يكون ب305


الفكر التربوي العربي الحديثعناصر ااضي ومتغيرات الحاضر من أجل بناء استقبل.‏٢- أما الإتجاه القومي العربي فإنه يتصل بحقيقة لا ينبغي لعاقل أنيجحدها.‏ إن العروبة ليست فرارا سياسيا تصدره مؤرات القمم أومؤرات السفوح والوديان بل هي مركب ثقافي يعيشه في حياته اليوميةلا يستطيع العربي نفسه أن ينسلخ عنه إذا أراد وأن يعيده إليه إذا أراد..‏إنها خصائص توشك أن تبلغ منه ما يبلغه لون الجلد والعين في مجموعةمن القيم واصالح والعادات وطرائق النظر والآمال يتداخل بعضها فيبعض تداخل الخيوط في قطعة النسيجولعل ما يبرز لهذا الإتجاه خصوما ودعاة رفض هو ذلك التناقض غيرالصحيح الذي قد يظهر فيما بينها وب الإسلام من جهة وبينها وب‏(الوطنية)‏ الإقليمية من جهة أخرى وفي سبيل إزالة التناقض الأول فإنما كن اقتراحه كن الإشارة إليه فيما يلي:‏أ-أن القومي مطالبون بإعادة صياغة هدفهم السياسي وتحديده فيوضوح كامل بأنه السعي للتوحد السياسي وأن ينفوا عنه شبهة الإستعلاءالعنصري والإنحياز العرقي ذلك أن الإستعلاء العنصري شيء غير القوميةثم إن هذه النزعة ‏«العنصرية»‏ هي التي تخلق مشكلة مع النظرة الإسلاميةللقومية ذلك أن الإنحياز العنصري اطلق يتعارض مع قيمة أساسية منقيم الإسلام وهي قيمة ‏(الأخوة الإنسانية العامة)‏ التي ترفض تفضيلالناس على أساس من اللون أو الأصل.‏ب-والقوميون كذلك مطالبون بأن يتخلوا عن الإصرار على وجود محتوىحضاري مستقل عن الإسلام ذلك أن الحضارة العربية السابقة على الإسلاممهما تكن لها من قيمة فإنها لا كن أن تكون شيئا مذكورا إلى جانبالفيض الزاخر الذي نشأ وا وتطور وغير حال الدنيا كلها وكتب له البقاءمنذ أن أشرق الإسلام.‏ وهذا اطلب لا س انتماء العرب اسيحي كثيراأو قليلا لأمتهم العربية فالمحتوى الحضاري الذي نتحدث عنه ليس قاصراعلى العقيدة الإسلامية وحدها وإا هو يشمل كل ما ملأ به الإسلام وعاءالعروبة تاريخيا ونفسيا من قيم ومباد وأساليب حياة.‏ والإنتماء إلى الأمةلا يقتضي بالضرورة قبول المحتوى الحضاري كله.‏ واسيحيون العرب-‏بالتأكيد-شركاء في الجزء الأعظم من ايراث الحضاري الذي صنعه الإسلام(٣). (٢)306


وماذا..‏ بعد?‏للأمة العربية.‏ج-والدعاة الإسلاميون مطالبون بدورهم بوقفة هادئة يستوعبون خلالهاجوهر التوجه القومي قبل أن يحددوا موقفهم منه.‏ فالدعوة إلى التوحدالعربي ح تتجرد من العنصرية والعصبية وح يسلم أصحابها بأنالإسلام هو اكون الرئيس للحضارة العربية لا كن أن تكون شرا ومنكرايستعاذ بالله منه أو يهتف بسقوطه كما أنها ليست بالضرورة بديلا عنالجامعة الإسلامية بل لعلها تكون سبيلا إليها وخطوة في طريقها..‏ فهذاهو النبي صلى الله عليه وسلم بدأ-بأمر الله تعالى-ينذر عشيرته الأقربثم يوحد الجزيرة العربية ثم ينطلق الدعاة والقادة من بعده فينشرونالإسلام ب سائر الأ والشعوبولا شك في أن كثيرا ا قلناه في الفصل الخاص بالإتجاه القومييؤكد على ذلك الدور الفعال الذي كن أن يقوم به التعليم في إذابة ما قديكون قد تراكم من ‏(فواصل)‏ مصطنعة ب الشعوب العربية ولا أمل فيتحقيق ذلك إلا إذا تخلى القادة السياسيون عن إلحاق صور التعاون التعليميا يحدث بينهم من خلافات.‏ بل إن إفساح اجملال لاستمرارية الجسوراشتركة في اجملالات التربوية من شأنه أن يقلل من هذه الخلافات بلومن امكن ألا يستمر منها إلا ما هو بحكم تعدد زوايا الرؤية الذي يؤديإلى اختلافات في الرأي ‏(لا تفسد للود قضية)‏ كما يقولون.‏هل كن <strong>هنا</strong> أن نلفت الأنظار إلى ما ب الإتحاد السوفيتي والولاياتاتحدة الأمريكية من اختلافات جذرية في منهج الحياة ومع ذلك فهميجلسون سويا للحوار والنقاش وأحيانا لتبادل انافع واصالح ? فما بالناوليست بيننا-في حقيقة الأمر-مثل هذه الخلافات ‏(الجذرية)‏ في منهجالحياة?‏ لسنا <strong>هنا</strong> دعاة سياسة ولكننا نتساءل.‏ اذا يحال ب طالب يريدأن يتعلم في بلد عربي لأن <strong>هنا</strong>ك خصومة سياسية ب بلده وهذا البلد ?اذا تخص بعض البلدان العربية أبناءها وحدهم بالإلتحاق بكليات معينة?‏كيف كن أن يتحرك اعلمون أو تتحرك الكتب والحدود مغلقة ب بلدعربي وآخر إلا-في أحسن الأحوال-عن طريق بلد آخر أجنبي في أغلبالأحوال ?٣- أما بالنسبة لاتجاه ‏(التغريب)‏ فإن عقدة العقد في موقف العرب. (٤)307


الفكر التربوي العربي الحديثاليوم هي في التوفيق الذي أشرنا إليه من قبل ب ما يناسب أخذه منالتراث العربي الإسلامي وب ما يناسب أخذه من مدنية الغرب.‏ غير أنالعرب لحسن الحظ ليسوا مخيرين ب التمسك بدينهم وب الإستفادة منالحضارة الغربية كما يدعي البعض فمدنية الغرب غير مؤسسة على دينو إا على العلم والتجربة والإختبار وهي بالإضافة إلى هذا محدودةبحدود اادة فليس <strong>هنا</strong>ك ما نع من أخذ ادنية الغربية اادية بعدصبغها صبغة عربية إسلامية.‏ والحق أن الإثنت ليستا متخاصمتبطبيعتهما وإا هما متخاصمتان من سوء فهم أبناء الحضارت وبالإمكانتوثيق العلاقة الودية بينهما واستعانة كل منهما ا عند الأخرى من مزايا.‏فخير للعا العربي والإسلامي اليوم أن يأخذا من ادنية الغربية علمهاوتجاربها في الصناعة والزراعة والتجارة والطب والهندسة وسائر العلومالحديثة ثم يحتفظا بعد ذلك بروحانيتهما التي يلونان بها هذا العلمفيجعلانه موجها لخير الإنسانية لا لغلو في كسب مال ولا لإفراط فينعيم ولا للقوة والغلبة ولكن للخير العام.‏ وإا بزت أوروبا الشرق اسلمفي مضمار الحضارة لا لأنها مسيحيةوإا لعنايتها بتطوير العلوم وإهمالاسلم والعرب لها (٥)بيد أننا ونحن نتجه هذا الإتجاه لابد أن نكون على وعي حذر منبعض التصورات التي كن-بحسن نية-أن تجرفنا إلى ‏(التبعية)‏ لا إلى‏(الإستفادة)‏ بغية اللحاق بركب التقدم.‏ ونسوق فيما يلي مثالا يوضح مانقول ومثالنا <strong>هنا</strong> هو ما يقال عادة من وجود ‏(هوة تكنولوجية)‏ بيننا وبالغرب:‏إن خطورة ‏(الهوة التكنولوجية)‏ هذه لا تكمن في أنها تعبّر عن حقيقةقاسية قائمة في عانا اعاصر لا كن إنكارها أو حتى الجدال بشأنهاولكن خطورتها تكمن في أن القبول بها والتعامل معها يصدران عن تصوراتتابعة دلولات التقدم والتخلف التكنولوجي ففي إطار هذه التصوراتالتابعة تستخدم اعايير واقاييس اجمللوبة من الدول الصناعية اتقدمةلتقو الواقع التكنولوجي في اجملتمعات النامية مثلما يتم اقتراح أساليبووسائل لتطوير هذا الواقع308


وماذا..‏ بعد?‏. (٦). (٧)التكنولوجي اتخلف مستقاة من تجارب النمو والتقدم التكنولوجي للدولالصناعية الغربية وهذه اعايير وتلك الأساليب غالبا ما تخدم في النهايةمصالح الدول الصناعية على حساب مصالح الدول النامية فعندما يصبحاستوى التكنولوجي السائد في الغرب الصناعي هو الأوذج الذي يجبأن يحتذى وهو الهدف الذي يجب الوصول إليه فإن الدول النامية يتحتمعليها حتى كنها اللحاق بهذا الغرب أن تسلك ذات الطرق التي سلكهامن قبل للوصول إلى مستواه التكنولوجي هذا.‏ وحيث إن اسارات التيقطعها هذا الغرب الصناعي طويلة للغاية قاييس الزمن ومقاييس التطورالتكنولوجي فإن اختصارها يتحقق فقط باعتماد نقل التكنولوجيا عن هذاالغرب في ارحلة القائمة على أمل اللحاق به في مرحلة أخرىوها<strong>هنا</strong> يكمن الخطر التربوي الكبير..‏إن كل سلعة تأتي إلينا من مجتمع غريب تحمل في ثناياها قيم هذااجملتمع وأسلوب حياته وهو ما يعبّر عنه أحد افكرين الغربي بقوله:‏ إنالتكنولوجيا تحمل في ثناياها الشفرة الوراثية للمجتمع الذي أنتجها مشبهاإياها بالجينات في خلايا الكائنات الحية والتي تنقل الصفات الوراثية منجيل إلى جيل.‏ و<strong>هنا</strong>ك أمثلة تحليلية كثيرة تناولت تأثير إدخال السيارة<strong>الخاصة</strong> والجرار الزراعي مثلا إلى مجتمع وكشفت عن عمق هذه التأثيراتوتغلغلها إلى أبعد بكثير ا قد يخطر على البال لأول وهلة.‏ وتتلازم معهذه الإعتبارات الإجتماعية الحساسة اعتبارات أخرى إقتصادية مادية لاتقل عنها خطورة لأنها تربط اقتصاد اجملتمع انتج للسلعة التي يشتدالطلب الإجتماعي عليها بينما لا لك اجملتمع نفسه وسائل إنتاجها محلياوهكذا نتحدث اليوم عن التبعية التكنولوجية أو الإستعمار التكنولوجي وندرك أخيرا أن الإستقلال السياسي الذي حققناه والنمو الإقتصادي لميكونا وحدهما كافي لتحقيق الإستقلال انشود ونقدّر أن اعارفالتكنولوجية هي سلاح الإستعمار الجديد ووسيلة سيطرة أصحاب هذهاعارف على محتاجيهاوإذا كان الإتجاه القومي قد جعلنا نتجه إلى ‏(التعريب..)‏ و إذا كان اتجاه‏(التغريب)‏ قد فرض علينا تعلم اللغات الأجنبية والتعليم بها ونال الجزء309


الفكر التربوي العربي الحديثالأخير نقد الناقدين إلا أن <strong>هنا</strong>ك من الحقائق ما يجب وضعه في الإعتبار:‏ففي عصرنا الراهن يصنع التقدم العلمي والفكري عند الغربي لا عندناوتظهر الكتابات والأبحاث التي تقف في الصف الأول من إنتاج العقلالبشري في بلادهم لا في بلادنا وتظهر بلغاتهم لا بلغتنا.‏ وهذه الحقيقةالبسيطة والأليمة في الوقت ذاته تضفي على حركة التعريب في عصرناالراهن سمات ينبغي أن نواجهها بصراحة وشجاعة ذلك لأنها تفرض علىالتعريب حدودا لا يستطيع أن يتعداها فإذا كان التعريب على مستوىالتعليم العام ورا على مستوى التعليم الجامعي أيضا ضرورة قوميةفإنه لا يستطيع أن تد إلى استويات العليا من البحث العلمي اتخصصوذلك لأن من استحيل عمليا تعريب ذلك الفيض الهائل من الأبحاث التيتنتجها الدول اتقدمة علينا عدل متزايد ومن ثم يتع على من يريدمتابعة أعلى صور التقدم في ميدان تخصصه أن يقرأ ما يكتب بلغة أخرىغير اللغة العربية (٨) .٤- فإذا جئنا للإتجاه الخامس وهو ‏(الإقليمية)‏ فإننا نؤكد أنه لا تناقضب عروبة العربي من جهة ويزاته الإقليمية من جهة أخرى..‏ فاصريمصري وعربي-مثلا-معا كما يكون السوداني سودانيا وعربيا..‏ والعراقيعراقيا وعربيا في آن واحد.‏ فليس على هذه الأرض كلها إنسان واحدوحداني الإنتماء..‏ وإا الأمر في هذا يشبه الدوائر التي تتدرج اتساعافصغراها تتلوها وتشتمل عليها دائرة أوسع ثم هذه تتلوها وتشتمل عليهادائرة أوسع..‏ وهلم جرا..‏وليس الأمر <strong>هنا</strong> أمر بدائل لا يصدق منها إلا بديل واحد بل هو مركبعطفي قد تصدق فيه جميع الصفات اعطوف بعضها على بعض دفعةواحدة..‏ نعني أن الأمر <strong>هنا</strong> ليس كقولنا إن الثوب أما أن يكون أبيض أوأسود..‏ فإذا كانت الأولى امتنعت الثانية كلا بل الأمر <strong>هنا</strong> كقولنا عنالثوب إنه أبيض ومصنوع من القطن فصدق إحدى الصفت لا ينفي صدقالصفة الثانية.‏إنني-مثلا-مصري عربي في آن واحد..‏ وصريتي يزات أنفرد بهادون سائر العرب..‏ ولعروبتي خصائص أشترك فيها مع سائر العرب علىأن مصريتي وعروبتي كلتيهما ترتد آخر الأمر إلى نسيج ثقافي بعينه310


. (٩)وماذا..‏ بعد?‏وقولي إنني مصري عربي معناه هو أنني أعيش ثقافة دائرتها الداخلية هياميزات اصرية <strong>الخاصة</strong> ودائرتها الأوسع هي الخصائص اشتركة بالعرب أجمعإن هذا الفهم الدقيق للعلاقة ب كل من الدائرت القومية والإقليميةلا نستطيع أن نزعم توافره على استوى ‏(التطبيقي)‏ كما نراه في نظمالتعليم في بعض ‏(وأخشى أن أقول في كثير من)‏ الدول العربية وكتبهاالدراسية وإن كان-إلى حد ما-واضحا على استوى الفكري كما نراه فيالكتابات التربوية العربية.‏ وإذا كان عملنا الحالي هو دراسة فكرية نظريةإلا أننا نؤمن بأن الإتجاه الفكري إذا كان يقف على طرفي نقيض منالتطبيق العملي والواقع الفعلي فإنه يكون شديد الخطورة على النشءوينتج مالا تحمد عقباه من شخصيات تعاني فصاما خطيرا وازدواجية فيالشخصية.‏لقد سقنا داخل هذه الدراسة أمثلة من بعض اناطق التي تعاني منطائفية وإقليمية فهي على هذا الأساس ‏(حالات خاصة)‏ لكننا نستطيع أننرجّح أن الأمر لا يقتصر على مثل هذه اناطق وإا اتسع ليشمل مناطقوبلدان أخرى وخاصة في السنوات الأخيرة حيث شاعت صور الفرقةوالعراك وحيث سادت بعض أساليب الإتهام والإدانة والخصومة.‏ وكم كنتأنى أن يكون لي من العزم والقدرة ما كّنني من أن أقوم بدراسة جملةكتب اواد الإجتماعية في كل البلدان العربية لكشف النزعات الإقليميةالضيقة التي بدأت تطل برأسها من جديد بعد سنوات جهاد طويلة علىالصعيد القومي.‏ إن عملا مثل هذا يحتاج إلى ‏(فريق عمل)‏ حبذا لو تصدتله جهة من الجهات العربية ذات الطبيعة القومية.‏٥- ولا يستطيع منصف أن ينكر ذلك الأثر المحمود الذي تركه الإتجاهالإشتراكي في اجملال التربوي وإن كنا لا نستطيع أن نزعم أنه وحدهصاحب الأثر الوحيد ومن منا ينكر تسوّد تلك النزعات التي أخذت تتجهبنا إلى التوزيع العادل للثروة و إلى مكافحة الفقر وتأكيد الإعتماد علىالذات في التنمية واعتبار التعليم ليس مجرد حق للمواطن بل هو أيضاواجب يعاقب على عدم القيام به ورفع كافة القيود التي تحول ب اواطنوب الحصول على هذا الحق وخصوصا اصروفات ادرسية والإتجاه311


الفكر التربوي العربي الحديثبالتعليم إلى الفئات المحرومة و محاربة استغلال الإنسان للإنسان والكفاحاستمر ضد كافة صور الإستعمار والتبعية وتزييف الوعي..‏ وهكذا.‏ولكن <strong>هنا</strong>ك من أصحاب هذا الإتجاه من ‏(يحبسون)‏ أنفسهم في سجونأطر نظرية تجاوزتها التجارب والأحداث والتطورات في الوقت الذي نجدفيه أصحاب هذه الأطر نفسها قد طوروا من بعض مواقفهم النظرية والعمليةاتساقا مع انطق العلمي الذي يرفض أن تظل للنظريات ‏(قدسية)‏ بغضالنظر عن تفاعلات الواقع وخبرة اجملتمعات.‏لقد أشاع خصوم الإشتراكية ااركسية في الغرب الرأسمالي ‏(فكاهة)‏تتعلق بصديق قابل آخر في دولة اشتراكية فوجده سكا ظلة فوق رأسهرغم أن الشمس لم تكن ساطعة كما لم تكن <strong>هنا</strong>ك أمطار فلما سأله عنذلك أجاب:‏ ‏(ولكنها-أي الأمطار-تسقط في موسكو).‏ صحيح أن في هذهالفكاهة الغربية الرأسمالية سخرية واضحة إلا أنها تلفت نظرنا إلى أن<strong>هنا</strong>ك بالفعل في عانا العربي من يقفون عند البدايات النظرية التي ظهرتفي متون الكتب منذ منتصف القرن ااضي في الوقت الذي شهدت فيهبعض الإتجاهات الإشتراكية ااركسية وعلى الأخص في العالم الغربيإضافات نظرية جيدة تتغلب بها على الكثير من أوجه النقد التي وجهت إلىالنظرية الأصلية.‏ومن الأمثلة التي كن الإستشهاد بها في هذا الشأن ما كان قد درجعليه كثير من علماء التربية من أن التربية هي انوطة بتحقيق العدالةالإجتماعية والتخفيف من حدة التفاوت الطبقي في اجملتمعات اعاصرةلكن باحثا نجيبا استطاع أن يقوم بدراسة قدم فيها إجابة مختلفة جاء بهامن جانب أصحاب ادرسة النقدية في علم الإجتماع اعاصر وثلتالإجابة النقدية في أن النظم التربوية في اجملتمعات اعاصرة إا تشكلتوبنيت بطريقة معينة بحيث ترسخ وتدعم التفاوت الطبقي الإجتماعي فيتلك اجملتمعات ومن شأن هذه الإجابة أن تثير التفكير مرة أخرى لدىدعاة العدالة والإصلاح الإجتماعي والتربوي حول حقيقة العلاقة ب التربيةوالتفاوت الطبقيولقد جاءت أهم إسهامات ادرسة النقدية في هذه اسألة من جانبافكر الفرنسي ‏(بيير بورديو)‏ وقد قدّم نظريته اعروفة في علم اجتماع. (١٠)312


وماذا..‏ بعد?‏التربية بنظرية ‏(رأس اال الثقافي)‏ التي أكد فيها على أن الأنساق الرمزيةالثقافية هي الآليات الأساسية الفاعلة في عملية إعادة إنتاج علاقات القوىأو النفوذ السائدة ب جماعات أو طبقات اجملتمع وتعمل هذه الأنساق منخلال قواها التعسفية وقدرتها على التموضع والعنف وإنتاج إدراكات مشو ‏ّهةلعلاقات القوى اسيطرة على قلب اللامساواة والهرمية الكامنة في قلبهذه العلاقات السائدة لتصبح لا مساواة ثقافية أي على تعمية التفاوتالإجتماعي السائد وإخفائه و إعادة إخراجه مرة أخرى أمام أنظار اجملتمعفي صورة تفاوت ثقافي ومن ثم تبدو علاقات التفاوت الإجتماعي بالقوى الإجتماعية اخملتلفة كشيء طبيعي وشرعي وبعيدة نسبيا عن أيتحد اجتماعي لها.‏إن الجهود الرائعة التي بذلتها ادرسة الإشتراكية في العالم العربيلتعرية صور التبعية التي تسعى النظم الرأسمالية الغربية إلى إيقاعنا فيشباكها بدلا من صور الإستعمار التقليدي..‏ إن هذه الجهود كن أن تكتمللو أضيف إليها كذلك صور التبعية العقيدية لدول أخرى تجعل البعض منالا يفكر بعقله هو وإا بعقول آخرين في مجتمعات أخرى مغايرة اما دونأن يخضع فكره لجهد تقوي تؤخذ فيه متغيرات اجملتمعات العربية <strong>الخاصة</strong>المحل الأول في الإعتبار.‏وتبقى لنا بعد ذلك بعض الاحظات العامة:‏إن أول ما نخرج به هو أننا قد ظلمنا أنفسنا حقا عندما عقدنا العزمعلى أن تشمل هذه الرحلة بلدان العالم العربي كله وعبر هذه الفترةالزمنية الطويلة التي امتدت إلى ما يربو على قرن من الزمان..‏ فلقدكانت حقا رحلة عسيرة وشاقة وطويلة نخشى معها أن نكون قد أرهقناالقار بحيث قد يعسر على البعض أن يكم ‏ّل معنا اسيرة إلى نهاية الشوطوعذرنا هو طبيعة اوضوع نفسه..‏ ذلك أن اوضوعات الفكرية تطوي فيكثير من الأحيان تحت أجنحتها عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من الأميالوتختزل قرونا بعد قرون حتى يستب للباحث الخيط الأبيض من الخيطالأسود عنى أن هذه اوضوعات بطبيعتها لا تتضح حقيقة اتجاهاتهاومساراتها من خلال بقع جغرافية صغيرة وعبر فترة زمنية قصيرة.‏ !إن الباحث عن ‏(الفكر)‏ وما فيه ليس مثل ذلك الباحث في موضوعات313


الفكر التربوي العربي الحديثجزئية وشرائح مباشرة.‏ إن الأول باحث ‏(طائر)‏ والثاني باحث ‏(راجل)‏الأول إذ يركب طائرة فلابد أن تتسع الرقعة اكانية أمامه فيستطيع أنيبصر الأطر العامة واسارات الرئيسة أما ‏(الثاني)‏ فهو يقف عند هذاالمحل وذاك انزل وهذا الشارع يلحظ دقائق موضوعاته وجزئياتها.‏كذلك تؤكد لنا هذه الرحلة تلك الحقيقة التي نو<strong>هنا</strong> عنها في اقدمةوالتي أكدنا فيها على أن الفكر التربوي إن هو إلا منظومة فرعية من نظامأكبر هو اجملتمع بأسره وهكذا وجدنا حقائق الواقع العربي الحديث تعكسنفسها بكل وضوح وجلاء على صفحات الفكر التربوي.‏فهذه التجزئة السياسية ب دولة <strong>هنا</strong> ودولة <strong>هنا</strong>ك نجدها في هذا الكمالهائل من الإتجاهات والتيارات والأفكار..‏ إنها لا تعكس ثراء حقيقيا بقدرما تعكس ‏(تعددا)‏ مؤا يشتت الفكر ويبدد-في بعض الأحيان-الجهد ويحيطالعمل بالغموض والضبابية.‏ومع هذا التعدد نبصر الحل السحري لدى كثيرين..‏ التوفيق..‏والوسطية..‏ والحيادية..‏ إن الحل ‏(التاريخي)‏ الحقيقي هو اتخاذ موقفيبلور ‏(هوية)‏ ذاتية تستند إلى واقع وتتصل اض وتتطلع إلى مستقبلوتتفاعل مع متغيرات العصر ذاهبه ووقائعه لكننا-فيما يبدو-لم ندركبعد هذه المحطة ‏(التاريخية)‏ لم ندركها وعيا وإمكانية..‏ وهكذا تتجمعلدينا اتجاهات وآراء تجمع ب هذا اذهب وذاك وينجح البعض في الدمجوالتوفيق في وحدة تتسم بالتناسق والتناغم لكن هذا البعض قليل والكثرةاوفقة تتعامل مع الآراء واذاهب تعاملا حسابيا بالجمع والطرح والقسمةوالضربوهذه ‏(التبعية)‏ اؤة التي تتخفى في عروق الإقتصاد والسياسة والثقافةواجملتمع ونزيفها بأعلام ترفرف على اباني ورئاسات وعروش يعزف لهاسلام جمهوري أو ملكي أو أميري ووزارات وجيوش..‏ هذه التبعية..‏ تتضحفي تلك الآراء والأفكار التي هي في كثير من أجزائها ‏(رجع صدى)‏ لايعكس في كثير من الأحوال احتياجات الناس ومشكلاتهم الجزئية والكليةوآمالهم استقبلية.‏وهذه الصور العديدة من التخلف في مجالات الإقتصاد والإجتماع التيقد تتخفى وراء اباني الحديثة اللامعة بالرخام والشاهقة والسيارات الفاخرة. (١١)314


وماذا..‏ بعد?‏ازودة بصور الترف والثراء والأجهزة التكنولوجية انصوبة ‏(ديكورا)‏ أكثرمنها ذات وظيفة حقيقية..‏ هذه الصور لها أصداؤها في ذلك العجز الواضحللفكر التربوي عن أن يتحول إلى طاقة حقيقية تبث الحياة في الواقعالتعليمي فتقضي على ما به من أمراض ومشكلات وتصحح له اساروتوجهه صوب الآمال ابتغاة.‏ولعلنا <strong>هنا</strong> بالذات نصل ما ب نتائج هذه الرحلة أو بعضها عنىأصح وب ذلك السؤال الذي طرحناه..‏ وماذا بعد ?بطبيعة الحال نحن نخدع القار إذا وعدنا بالإجابة الوافية وهو-‏ونحن معه-قد أنهك عبر هذه الرحلة الطويلة بحيث لم تتبق أمامنا إلا أمتارقليلة..‏ أقصد سطور قليلة.‏ فمثل هذا السؤال حتى تكون إجابته شافيةيحتاج إلى عمل آخر قائم بذاته وغاية ما نستطيع الآن هو الإشارة إلى أنالعلاج الحقيقي واجهة ‏(تفتت)‏ الفكر التربوي وضعف قدرته على التغييرالفعال إا هو في العمل الدؤوب على محاربة كل صور القهر والإستغلالأينما كانت وأينما وجدت..‏ صور القهر التي تتمثل في الإستبداد وكبتالرأي الآخر ومصادرته ومحاربته بأخس ما يعرف التاريخ من وسائل..‏وصور الإستغلال سواء جاءتنا من قوى خارجية في شكل اقتصادي أوعسكري أو سياسي أو جاءتنا من الداخل في أشكال التفاوت الكبير بفئات اجملتمع وأبنائه في الثروات والدخول واراكز..‏إن القضاء على هذه الصور من شأنه أن يطلق طاقات اجملتمع العربينحو العمل والإنتاج ومن ثم تجاوز هذا التخلف ازري الذي ما زلنا نعيشفي كنفه وعندها..‏ عندها فقط نستطيع أن نأمل في ثراء فكري تربويوبالتالي في واقع تربوي تتعدد أمامه فرص التوجيه والتصحيح والتقووالتحريك..‏ولو أننا تأملنا قول الله عز وجل في قرآنه الكر ‏«كنتم خير أمة أخرجتللناس تأمرون باعروف وتنهون عن انكر»‏ بعيدا عن مشاعر الإستعلاءالعنصري الكاذب وفي ضوء تفكير نقدي عاقل لأدركنا أن عظمة الأمةالعربية والإسلامية إا يرهنه عز وجل قدار ما تبذله هذه الأمة منجهد حقيقي في الأمر ‏(باعروف)‏ والنهي عن ‏(انكر).‏ ولو أردنا تحليلاحقيقيا ا هو(منكر)‏ وما هو ‏(معروف)‏ لأدركنا أن ‏(انكر)‏ ليس مجرد دفع315


الفكر التربوي العربي الحديث‏(الصدقات)‏ ونبذ ‏(الإحسان)‏ ذلك أنه ليس <strong>هنا</strong>ك ما هو أشد ‏(نكرا)‏ للمجتمعمن أن يعيش في ظلال القهر والإستغلال لأن مثل هذا القهر وهذا الإستغلالصورة صارخة لعبودية بغيضة حيث لا عبودية إلا للخالق والخالق يريدخلقه أحرارا أعزة شرفاء ‏«أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.»‏وليس <strong>هنا</strong>ك ما هو أكبر معروفا جملتمع من أن يعيش في ظلال دقراطيةصحيحة واعتمادا على الذات وقدرة على الإنتاج فهذا هو الطريق إلى‏(تكثير)‏ اعروف وإثرائه وضمان حصول كل مواطن على حقه منه..‏ لقدكانوا يعلموننا صغارا في ادارس أن ‏(العقل السليم في الجسم السليم)‏فهل جئنا بجديد عندما نقول إن:‏‏(الفكر الفعال في اجملتمع اتقدم)‏ ??.316


الهوامشالفصل الأولالهوامش١- زكريا إبراهيم:‏ ابن حزم الأندلسي القاهرة سلسلة أعلام العرب العدد (٥٦( الدار اصريةللتأليف والترجمة٢- الغزالي:‏ إحياء علوم الدين القاهرة اكتبة التجارية الكبرى د.‏ ت ج‎١‎‏.‏٣- حمد عثمان نجاتي:‏ الإدراك الحسي عند أبن سينا القاهرة دار اعارف٤- إبن سينا:‏ أحوال النفس ‏(وثلاث رسائل لابن سينا)‏ حققها أحمد فؤاد الأهواني القاهرة دارإحياء الكتب العربية٥- أحمد عبد الغفور عطار:‏ آداب اتعلم ورسائل أخرى في التربية الإسلامية بيروت٦- عبد الله خورشيد البري:‏ القرآن وعلومه في مصر القاهرة دار اعارف٧- ارجع السابق ص٨- عبد الفتاح أحمد فؤاد:‏ في الأصول الفلسفية للتربية عند مفكري الإسلام الإسكندرية منشأةاعارف٩- ارجع السابق ص١٠- مقدمة ابن خلدون القاهرة دار الشعب د.‏ ت ص١١- أحمد فؤاد الأهواني.‏ التربية في الإسلام القاهرة دار إحياء الكتب العربية١٢- ارجع السابق ص١٣- سليمان دنيا:‏ الحقيقة في نظر الغزالي القاهرة دار اعارف الفصل الثاني.‏١٤- علي عبد الواحد وافي:‏ عبد الرحمن بن خلدون القاهرة مكتبة مصر سلسلة أعلام العرب١٩٦١.١٩٦٧١٩٧٠ ص .١١٢١٩٥٥ ص .٣٤٧.٣٩٦١٩٦٦ ص .٦٤.١٩٥٢.١١٣١٩٨٣ ص .٣١٤.٣١٥.٢٤٨.٥٤ ٬٤٦.٤٧٨.١٣(٤) ١٩٦٢ ص .٢٩١٥- ارجع السابق ص١٦- مقدمة ابن خلدون ص١٧- ناجي معروف:‏ عروبة العلماء انسوب إلى البلدان الأعجمية في خراسان بغداد منشوراتوزارة الإعلام ١٩٧٦ ج١‎ ص١٨- عائشة عبد الرحمن:‏ مقال في الإنسان القاهرة دار اعارف١٩- سعيد إسماعيل علي:‏ دراسات في التربية والفلسفة القاهرة عالم الكتب٢٠- إبن عطاء الله السكندري:‏ التنوير في إسقاط التدبير القاهرة مجمع البحوث الإسلامية١٩٦٩ ص .١٠٤١٩٧٢ ص .٢٠٤١٩٧١ ص .٢٣٦٬١٢٢٬١١٦٬١١٤٬٥٩٢١- أبو الفتوح رضوان:‏ القومية العربية القاهرة الهيئة العامة للكتب والأجهزة العلميةص٢٢- ارجع السابق ص٢٣- أحمد عبد الرحيم مصطفى:‏ أصول التاريخ العثماني القاهرة دار ا لشروق٢٤- أبو الفتوح رضوان:‏ القومية العربية ص٢٥- ارجع السابق ص١٩٦٨١٩٨٢ ص .٢٥٢.٣٦٣.٥١.٣٣١.٥٠317


الفكر التربوي العربي الحديث٢٦- أحمد عبد الرحيم مصطفى:‏ الولايات اتحدة واشرق العربي الكويت سلسلة عالم اعرفةيصدرها اجمللس الوطني للثقافة والفنون والآداب أبريل٢٧- عودة بطرس عودة:‏ القضية الفلسطينية في الواقع العربي القاهرة اطبعة الفنية الحديثة١٩٧٨ ص .٧١٩٧٠ ص .٣١٥٢٨- حسام الخطيب:‏ الأرض المحتلة في خضم اواجهة الثقافية مجلة/‏ شؤون عربية تونسالأمانة العامة لجامعة الدول العربية العددان٢٩- عطا محمد زهرة:‏ الثقافة العربية والتحدي الصهيوني في الأرض المحتلة مجلة شؤونعربية العددان٣٠- سعيد إسماعيل علي:‏ اجملتمع اصري في عهد الإحتلال البريطاني القاهرة الأنجلو اصرية١٩٨٣ ٬٣٤ ٬٣٣ ص .١٦٩٣٤ ٬٣٣ ص .١٤٨١٩٧٢ ص .٥٤٢٣١- ر.‏ كارانجيا:‏ كيف نجح عبد الناصر تعريب خيري حماد القاهرة دار اعارف١٩٦٤ ص١٩٧٠ ص .١٥.١٧٣٣٢- صلاح العقاد:‏ اشرق العربي اعاصر القاهرة الأنجلو اصرية٣٣- علال الفاسي:‏ الحركات الإستقلالية في اغرب العربي القاهرة مطبعة الرسالةصفحات متفرقة.‏٣٤- عبد االك خلف التميمي:‏ بعض قضايا الحركة الوطنية في <strong>الخليج</strong> العربي مجلة استقبلالعربي بيروت العدد٣٥- عودة بطرس عودة:‏ ص٣٦- ارجع السابق ص٣٧- التميمي:‏ قضايا الحركة الوطنية في <strong>الخليج</strong> العربي ص٣٨- أبو الفتوح رضوان:‏ القومية العربية ص٣٩- حسن نافعة:‏ الدور السياسي للجامعة العربية في استقلال بعض الأقطار العربية وفيالقضية الفلسطينية.‏ مجلة استقبل العربي الأعداد٤٠- ارجع السابق نفس الصفحة.‏٤١- جميل مطر وزميله:‏ النظام الإقليمي العربي بيروت مركز دراسات الوحدة العربيةص٤٢- محمود عبد الفضيل:‏ النفط واشكلات اعاصرة للتنمية العربية الكويت اجمللس الوطنيللثقافة والفنون والآداب سلسلة:‏ عالم اعرفة (١٦) أبريل٤٣- أحمد يوسف أحمد:‏ تأثير النفط على العلاقات السياسية العربية القاهرة دار استقبلالعربي٤٤- ارجع السابق نفس الصفحة.‏٤٥- محمود عبد الفضيل:‏ النفط والوحدة العربية بيروت مركز دراسات الوحدة العربيةص٤٦- عبد الباسط عبد اعطي:‏ التوظيف الإجتماعي للبترول وديناميات الشخصية العربية في‏(البترول والتغير الإجتماعي)‏ الكويت اعهد العربي للتخطيط٤٧- نادية رمسيس:‏ النظرية الغربية والتنمية العربية في:‏ التنمية العربية الواقع الراهن واستقبلبيروت مركز دراسات الوحدة العربية ١٩٨٤ ص‎١٤٦‎‏.‏١٩٤٨١٩٨٠١٩٨١.٢٦٤٤ ٬٤٣ ٬٤٢ لعام ١٩٨٢ ص .١٢٥١٩٧٩ ص .٧٩١٩٨١ ص .٥١٦/٦١ مارس ١٩٨٤ ص .٢٥.٥٢٣.٥٢٤.٢٤٧١٩٨٥ ص .٦٠.١٠٠.٨٥318


الهوامش.١٨٥.١٥٢٤٨- ارجع السابق ص٤٩- محمود عبد الفضيل:‏ النفط واشكلات اعاصرة للتنمية العربية مرجع سابق ص‎١٥١‎‏.‏٥٠- ارجع السابق ص٥١- إبراهيم أبو لغد:‏ الإستعمار أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي في:‏ وقائع الندوة التيعقدتها جمعية الخريج بجامعة الكويت في الفترة ما ب ١٩٧٤ بعنوان:‏ أزمةالتطور الحضاري في الوطن العربي ص٥٢- حس فوزي النجار:‏ رفاعة الطهطاوي سلسلة أعلام العرب العدد (٢٥٣) القاهرة الداراصرية للتأليف والترجمة د.‏ ت ص٥٣- أحمد حس الصاوي:‏ فجر الصحافة في مصر القاهرة الهيئة اصرية العامة للكتاب-٧ ١٢ أبريل.١٢٦.٢٩.٣٧١٩٧٥ ص .٣٦٥٤- ارجع السابق ص٥٥- محمد فؤاد شكري:‏ الحملة الفرنسية وخروج الفرنسي من مصر القاهرة دار الفكرالعربي د.‏ ت ص٥٦- ارجع السابق ص٥٧- جمال الدين الشيّال:‏ تاريخ الترجمة في مصر في عهد الحملة الفرنسية القاهرة دار الفكر١٩٧٠ ص .٣٧بيروت ١٩١٤ -١٧٩٨.٦١٥.٦١٢١٩٥٠ ص .١٨٥٨- مصطفى خالدي وزميله:‏ التبشير والإستعماربيروت٥٩- علي المحافظة:‏ الإتجاهات الفكرية عند العرب في عصر النهضةالأهلية للنشر والتوزيع٦٠- ارجع السابق ص٦١- عبد االك خلف التميمي:‏ التبشير في منطقة <strong>الخليج</strong> العربي الكويت شركة كاظمة للنشروالترجمة والتوزيع٦٢- ارجع السابق ص٦٣- ارجع السابق ص٦٤- عبد الجليل حسن:‏ فرانكل وتخريب الثقافة العربية مجلة الكاتب القاهرة العدد٧٠ يناير١٩٧٨ ص .٢٥.٢٦١٩٨٢ ص .٤٦.٥٦.٧٤.٧٢.٧٣١٩٦٧ ص .٧١٦٥- ارجع السابق ص٦٦- ارجع السابق ص٦٧- فتحي خليل:‏ دفاع عن الثقافة العربية القاهرة دار الفجر الجديد للنشر والترجمةص٦٨- سعيد إسماعيل علي:‏ تاريخ التربية والتعليم في مصر القاهرة عالم الكتب٦٩- جرجس سلامة:‏ تاريخ التعليم الأجنبي في مصر في القرن التاسع عشر والعشرينالقاهرة اجمللس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الإجتماعية٧٠- ارجع السابق ص٧١- علي المحافظة مرجع سابق ص٧٢- ارجع السابق ص٧٣- الغارة على العالم الإسلامي ص١٩٥٩١٩٨٥ ص .٤٣٩١٩٦٣ ص‎١٢٦‎‏.‏.٢٥.٥٨.١٣٠.٢٦.٥٠319


الفكر التربوي العربي الحديث.١٧٦.١٧٧٧٤- التميمي:‏ التبشير في منطقة <strong>الخليج</strong> العربي ص٧٥- ارجع السابق ص٧٦- غالي شكري:‏ أمريكا والحرب الفكرية القاهرة دار الكاتب العربي د.‏ ت ص٧٧- رفعت سيد أحمد:‏ إختراق العقل اصري القاهرة بدون ناشر٧٨- أحمد عزت عبد الكر‏:‏ تاريخ التعليم في عصر محمد علي القاهرة مكتبة النهضة اصرية.٢٨١٩٨٥ ص‎٤١‎‏.‏.٤٧.٤٨١٩٣٨ ص .٤٣٥٧٩- النجار:‏ الطهطاوي مرجع سابق ص‎٨٠‎‏-ارجع السابق ص٨١- توفيق الحكيم:‏ مصر ب عهدين القاهرة مكتبة الآدابص٨٣- ارجع السابق ص٨٤- طه حس‏:‏ أديب القاهرة سلسلة كتب للجميع د.ت ص٨٥- ارجع السابق ص٨٦- عبد العزيز شرف:‏ طه حس وزوال اجملتمع التقليدي.‏ القاهرة الهيئة اصرية العامةللكتاب ١٩٧٧‎ص٨٧- لويس عوض:‏ مذكرات طالب بعثة القاهرة مؤسسة روز اليوسف سلسلة الكاتب الذهبينوفمبر٨٨- خليل صابات:‏ تاريخ الطباعة في الشرق العربي القاهرة دار اعارف ١٩٦٦‎ص٨٩- ارجع السابق ص‎٩٠‎‏-عواطف عبد الرحمن:‏ الصحافة الصهيونية في مصر ١٨٩٧- ١٩٥٤ القاهرة دار الثقافة الجديدةالسابق ص ٨٢- ٫٤٠ ارجع ١٩٨٣.٤٨٬٤٧.١٣١.٤٣.١٣٢.٥١.٤٣.٤٠١٩٦٥ ص .١١٣.٤٢١٩٨٠ ص .٣٢٬٣٠٩١- ارجع السابق ص٩٢- عبد الجليل حسن:‏ هامش آخر حول حقيقة مجلة حوار مجلة الكاتب القاهرة سبتمبرالعدد٩٣- ارجع السابق ص٩٤- غالي شكري:‏ أمريكا والحرب الفكرية القاهرة دار الكاتب العربي د.‏ ت ص٩٥- فتحي خليل:‏ دفاع عن الثقافة العربية ص٩٦- أنظر العدد الخاص الذي أصدرته مجلة التربية الحديثة ناسبة وفاة الدكتور أمير بقطرالقاهرة الجامعة الأمريكية ديسمبر ١٩٦٦ صفحات متفرقة.‏٩٧- الشيال:‏ تاريخ الترجمة في مصر ص٩٨- سعيد إسماعيل علي:‏ تاريخ التربية والتعليم في مصر ص٩٩- أحمد أحمد بدوي:‏ رفاعة الطهطاوي بك القاهرة لجنة البيان العربي‎١٠٠‎‏-ارجع السابق ص١٠١- حس فوزي النجار.‏ أحمد لطفي السيد سلسلة أعلام العرب (٣٩) القاهرة الدار اصريةللتأليف والترجمة١٠٢- مجلة الكاتب القاهرة العدد١٠٣- ارجع السابق ص١٩٦٦.٣٩ ٬٣٧١٩٥٠ ص .٣٨.٣٠٣.٥٦.٨٢٬٨١٧٠ يناير ١٩٦٧ ص‎٧٥‎‏.‏.٧٥ -٧٣.٣٩١٩٦٥ ص .٨٧.٧٦٦٦ ص .٧١320


الفصل الثاني-١ البقرة / ٢٧٥-٢ النساء/‏ .٢٢الهوامش١٩٧٢ ص‎١٤٤٬١٤٣‎‏.‏١٢٦.١٢٧٣- إبراهيم أنيس وآخرون:‏ اعجم الوسيط القاهرة مجمع اللغة العربية٤- محمد عمارة:‏ تيارات الفكر الإسلامي القاهرة دار استقبل العربي ص٥- ارجع السابق ص٦- محمد عمارة:‏ التراث في ضوء العقل بيروت دار الوحدة٧- محمد عمارة:‏ العرب والتحدي الكويت اجمللس الوطني للثقافة والفنون والآداب سلسلة عالم١٩٨٠ ص ١٤٥اعرفة (٢٩) مايو . .٢٢٣٬١٩٨٠.٢٢٤.١٧٥٨- ارجع السابق:‏ ص٩- عبد الرحمن الرافعي:‏ جمال الدين الأفغاني القاهرة دار الكاتب العربي سلسلة أعلام العرب,(٦١) ١٩٦١ ص .١٧٤١٠- ارجع السابق ص١١- نبيل عبد الفتاح اصحف والسيف القاهرة مكتبة مدبولي,‏١٢- أحمد عبد الرحيم مصطفى:‏ حركة التجديد الإسلامي في العالم العربي الحديث القاهرةمعهد البحوث والدراسات العربية١٣- أحمد أم زعماء الإصلاح في العصر الحديث القاهرة النهضة اصرية١٤- محمد فتحي عثمان:‏ السلفية في اجملتمعات اعاصرة دار آفاق الغد د.‏ ت ‏(غير موضحمكان النشر)‏ ص١٥- ارجع السابق ص١٦- زعماء الإصلاح في العصر الحديث ص١٧- ارجع السابق ص١٨- محمد عبد الله ماضي النهضات الحديثة في جزيرة العرب القاهرة دار إحياء الكتبالعربية١٩- كتاب الشعب:‏ تاريخ الجبرتي القاهرة ص٢٠- أحمد تيمور.‏ أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث القاهرة لجنة نشر اؤلفات التيمورية١٩٤٩ ص .١٥١٩٨٤ ص .٣٦.٦٧١٩٧١ ص .٢٨.٢٠.٤٤.٢١.٣١.٤١١٩٥٢ ص .٦٥١٩٦٧ ص .٣٠٢١- ارجع السابق ص٢٢- أحمد عبد الرحيم مصطفى:‏ حركة التجديد ص٢٣- محمد عمارة:‏ العرب والتحدي سلسلة عالم اعرفة ص٢٤- ارجع السابق ص٢٥- محمد فتحي عثمان.‏ السلفية ص٢٦- حاضر العالم الإسلامي تعليقات شكيب أرسلان ج٢٧- ارجع السابق ص٢٨- رأفت غنيمي الشيخ:‏ تطور التعليم في ليبيا في العصور الحديثة بنغازي دار التنميةص١٩٧١.١٦٣٢ ص .١٦٥.٣٧.١١٤.١٦٥.١٦٦.١٠٢321


الفكر التربوي العربي الحديث.٢٩٢٩- ارجع السابق ١٠٥.٣٠- محمود أبو رية:‏ جمال الدين الأفغاني:‏ القاهرة دار اعارف سلسلة نوابغ الفكر العربي١٩٦١ ص .٢٨٣١- ارجع السابق ص٣٢- تشارلز آدمز:‏ الإسلام والتجديد في مصر القاهرة لجنة التأليف والترجمة والنشر ترجمةعباس محمود٣٣- محمد عمارة:‏ الأعمال الكاملة لجمال الدين الأفغاني القاهرة دار الكاتب ا لعربي١٩٦٨ ص١٩٣٥ ص .٢٥ ٬٢٤.٣٥.٣٣.٣٤٣٤- ارجع السابق ص٣٥- عثمان أم‏.‏ رواد الوعي الإنساني القاهرة دار القلم سلسلة اكتبة الثقافية (٤٦) أكتوبر١٩٦١ ص .٢٦.٣٢٣٦- عبد القادر اغربي:‏ جمال الدين الأفغاني القاهرة دار اعارف سلسلة إقرأ (٦٨) د.‏ ت ص.٩٥٣٧- محمود قاسم:‏ جمال الدين الأفغاني حياته وفلسفته القاهرة الأنجلو اصرية د.‏ ت ص٣٨- ارجع السابق ص٣٩- أحمد أم‏:‏ زعماء الإصلاح في العصر الحديث القاهرة النهضة اصرية٤٠- ارجع السابق ص٤١- ارجع السابق ص٤٢- ارجع السابق ص ٤٣- ارجع السابق ص٤٤- زكريا سليمان بيومي:‏ التيارات السياسية ب اجملددين والمحافظ دراسة تاريخية في فكرالشيخ محمد عبده.‏ القاهرة مركز وثائق تاريخ مصر اعاصرة الهيئة اصرية العامة للكتاب١٩٤٩ ص .٦٤.٦٨.٦٥.٦٦٦٧١٩٨٣ ص .٩٦٤٥- عبد العاطي محمد أحمد:‏ الفكر السياسي للإمام محمد عمر القاهرة الهيئة اصريةالعامة للكتاب٤٦- محمد عمارة:‏ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده بيروت اؤسسة العربية للدراساتوالنشر٤٧- ارجع السابق ص٤٨- وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر:‏ الأزهر تاريخه وتطوره القاهرة٤٩- ارجع السابق ص٥٠- ارجع السابق ص٥١- عباس محمود العقاد:‏ محمد عبده القاهرة مكتبة مصر سلسلة أعلام العرب (١)١٩٦٢ ص١٩٦٤ ص .٢٥١١٩٧٨ ص .١١٧١٩٧٢ ج ١ ص .١٥٨١٥٩.٢٥٢.٢٥٦.١٨٧.١٨٦٥٢- ارجع السابق ص٥٣- عثمان أم‏:‏ رائد الفكر اصري القاهرة مكتبة النهضة اصرية ١٩٥٥‎ص٥٤- ارجع السابق ص٥٥- ارجع السابق ص.٢١٩.٢٢٢.٢٢٥322


الهوامش٥٦- تركي رابح:‏ أضواء على سياسة تعريب التعليم والإدارة والمحيط الإجتماعي في الجزائر.‏مجلة استقبل العربي بيروت العدد /٥٧- تركي رابح:‏ حول الحركة الوطنية في الجزائر:‏ الصراع ب جمعية العلماء وحكومة الإحتلال‎١٩٣٩‎‏.(مجلة استقبل العربي بيروت العدد // ٥٧ نوفمبر ١٩٨٣ ص .٨٨/ ٤١ يناير ١٩٨٢ ص .٥٦.١٢٠-١٩٣٣)-٥٨ سورة الفرقان / -٢٧ .٢٩.٢١٠٥٩- محمد فتحي عثمان:‏ السلفية٦٠- تركي رابح:‏ التعليم القومي والشخصية الوطنية الجزائر الشركة الوطنية للنشر والتوزيع١٩٧٥ ص .٢٠٨٦١- ارجع السابق ص٦٢- تركي رابح:‏ الإمام عبد الحميد بن باديس فلسفته وجهوده في التربية والتعليم رسالةماجستير غير منشورة كلية التربية جامعة ع شمس٦٣- زكريا سليمان بيومي:‏ الإخوان اسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية اصريةالقاهرة مكتبة وهبة,‏٦٤- حسن البنا:‏ مجموعة رسائل الإمام الشهيد القاهرة دار الشهاب د.‏ ت ص٦٥- ارجع السابق ص٦٦- ارجع السابق ص٦٧- ريتشارد ميتشل:‏ أيديولوجية جماعة الإخوان اسلم ترجمة منى أنيس وزميلها القاهرةمكتبة مدبولي د.‏ ت ص٦٨- ارجع السابق ص٦٩- ارجع السابق ص٧٠- ارجع السابق ص٧١- رؤوف شلبي:‏ الشيخ حسن البنا ومدرسة ‏(الإخوان اسلم( القاهرة دار الأنصار١٩٧٨ ص.٢٢. ١٩٦٩ ص .٢٩٨١٩٧٩ ص .١٤٣.١٥٦.١٥٧.٢٥٠.٢٥٢.٢٥٨.٢٥٩.١٥٤.٤١٣.٤٦٦.١٤٠٧٢- ارجع السابق ص٧٣- ارجع السابق ص٧٤- ارجع السابق ص٧٥- محمد شوقي زكي:‏ الإخوان اسلمون واجملتمع اصري القاهرة دار الأنصار١٩٨٠ ص.١٨٦٧٦- مشكلة ‏(انهج)‏ في دراسة التربية الإسلامية في ‏(الكتاب السنوي في التربية وعلم النفس)‏تحرير سعيد إسماعيل علي القاهرة دار الثقافة للطباعة والنشر اجمللد الثاني٧٧- سعيد إسماعيل علي:‏ أصول التربية الإسلامية القاهرة دار الثقافة للطباعة والنشر٧٨- صدر منه حتى الآن٧٩- عبد الغني عبود:‏ في التربية الإسلامية:‏ القاهرة دار الفكر العربي‎٨٠‎‏-عبد الغني عبود:‏ التربية الإسلامية في القرن الخامس عشر الهجري القاهرة دار الفكرالعربي٨١- عبد الرحمن النقيب:‏ بحوث في التربية الإسلامية القاهرة دار الفكر العربي٨٢- سعيد إسماعيل علي وآخرون:‏ دراسات في فلسفة التربية القاهرةعالم الكتب١٩٧٤ ص .٧١.١٩٧٦١٩٨١ ص .٨٣١٩٨١ ص .٨٣١٩٧٧ ص .١٣١٢ مجلدا.‏١٩٨٢ ص .١٧323


الفكر التربوي العربي الحديث٨٣- محمد قطب:‏ منهج التربية الإسلامية القاهرة دار القلم د.‏ ت الطبعة الثانية ص ٧.٨٤- محمد فاضل الجمالي:‏ نحو توحيد الفكر التربوي في العالم الإسلامي تونس الدار التونسيةللنشر٨٥- علي خليل أبو العين‏:‏ فلسفة التربية في القرآن الكر القاهرة دار الفكر العربي٨٦- سعيد إسماعيل علي وآخرون:‏ دراسات في فلسفة التربية ص٨٧- التعليم في رأي القابسي ص٨٨- عبد الرحمن النقيب فلسفة التربية عند ابن سينا القاهرة دار الثقافة للطباعة والنشر.٤٢ ١٩٨٠.٨٣.٧.٨.١٥.٢١ -٢٠١٩٧٨ ص .٦٩١٩٨٤ ص .٧٨٩- ارجع السابق ص‎٩٠‎‏-ارجع السابق ص٩١- ارجع السابق ص٩٢- نادية جمال الدين:‏ فلسفة التربية عند إخوان الصفا القاهرة اركز العربي للصحافةص٩٣- ارجع السابق ص٩٤- ارجع السابق ص٩٥- أحمد شلبي:‏ تاريخ التربية الإسلامية القاهرة النهضة اصرية٩٦- ارجع السابق ص٩٧- عبد الله فياض:‏ تاريخ التربية عند الإمامية وأسلافهم من الشيعة ب عهدي الصادق والطوسيبغداد مطبعة أسعد٩٨- ارجع السابق ص٩٩- ناجي معروف:‏ ادارس الشرابية بغداد طبعة الإرشاد‎١٠٠‎‏-ارجع السابق ص١٠١- محمد عبد الحميد عيسى:‏ تاريخ التعليم في الأندلس القاهرة دار الفكر العربي١٩٨٣١٩٨٢ ص١٩٦٦ ص .٢٧١٩٦٥ ص .٩.١٣.١٤.٢٨١٩٧٢ ص .٨.١٣.١٠.٧.٥٤١٠٢- سعيد اسماعيل علي:‏ معاهد التربية الإسلامية القاهرة دار الفكر العربي١٠٣- أسماء فهمي:‏ مباد التربية الإسلامية القاهرة لجنة التأليف والترجمة والنشر.‏١٩٨٦ اقدمة.‏١٩٤٧ ص.٣.٥١٠٤- ارجع السابق ص١٠٥- محمد عطية الأبراشي:‏ التربية الإسلامية وفلاسفتها القاهرة عيسى البابي الحلبيص١٠٦- ارجع السابق ص١٠٧- معهد الإاء العربي:‏ مجلة الفكر العربي بيروت يوليو ١٩٨١ العدد (٢١) السنة الثالثة عددخاص بعنوان ‏(التربية الإسلامية والتربية اقارنة).‏١٩٦٩.٥.٣الفصل الثالث١- أحمد صدقي الدجاني:‏ محمد أحمد خلف الله وآخرون ‏(القومية العربية والإسلام)‏ بحوث324


الهوامش١٩٨١ ص .٤١.١٩ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بيروت٢- محمد أحمد خلف الله:‏ التكوين التاريخي فاهيم:‏ الأمة القومية الوطنية الدولة والعلاقةفيما بينها ارجع السابق.‏ ص٣- أبو الفتوح رضوان القومية العربية القاهرة الهيئة العامة للأجهزة والكتب العلمية:‏١٩٦٨ ص.١٧٨.١٧٧٤- ارجع السابق:‏ ص٥- محمد عبد الرحمن برج:‏ ساطع الحصري القاهرة دار الكاتب العربي سلسلة أعلام العرب.٢٠.٣٩.٤٠١٩٦٩(٨٦) ص .١٤٤٦- محمد أحمد خلف الله:‏ مرجع سابق ص٧- عبد العزيز الدوري:‏ مرجع سابق ص٨- ارجع السابق ص٩- ساطع الحصري:‏ آراء وأحاديث في القومية العربية بيروت دار العلم للملاي١٠- منيف الرزاز:‏ معالم الحياة العربية الجديدة بيروت دار العلم للملاي١١- يوسف خليل يوسف:‏ القومية العربية ودور التربية في تحقيقها دار الكاتب العربي القاهرة١٩٥٨ ص .١٠٤١٩٦٠ ص .٢٦٨.١٧٩١٩٦٧ ص .٢٧١٢- أبو الفتوح رضوان:‏ مرجع سابق ص١٣- ند البيطار:‏ الهوية القومية والوحدة العربية في مجلة ‏(الوحدة)‏ يصدرها اجمللس القوميللثقافة العربية باريس السنة الأولى العدد (٥) فبراير١٤- عفيف البوني:‏ في الهوية القومية العربية مجلة استقبل العربي بيروت مركز دراساتالوحدة العربية العدد١٥- علي المحافظة:‏ الفكر القومي قبل نشوء جامعة الدول العربية مجلة شؤون عربية تونسالعدد (٤٣) سبتمبر١٦- ارجع السابق:‏ ص١٧- أحمد صدقي الدجاني:‏ ملاحظات حول نشأة الفكر القومي العربي وتطوره في:‏ وليد قزيهاوآخرين:‏ القومية العربية في الفكر وامارسة بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركزدراسات الوحدة العربية بيروت١٨- ارجع السابق ص١٩- عبد العزيز الدوري:‏ التكوين التاريخي للأمة العربية دراسة في الهوية والوعي.‏ بيروتمركز دراسات الوحدة العربية٢٠- فيصل دراج.‏ شكل الفكر القومي العربي في القرن التاسع عشر.‏ مجلة استقبل العرب العدد١٩٨٥ ص .١٥٥٧ نوفمبر ١٩٨٣ ص .١٥١٩٨٠ ص .٣٠٩١٩٨٤ ص‎١١٢‎‏.‏١٩٨٥ ص .٧٧.٧٨.٣١٠(٣) سبتمبر ١٩٧٨ ص .٨٩.١٢٤٢١- ساطع الحصري:‏ محاضرات في نشوء الفكرة القومية بيروت مركز دراسات الوحدةالعربية٢٢- ارجع السابق:‏ ص٢٣- ز.‏ ليف‏:‏ الفكر الإجتماعي والسياسي الحديث في لبنان وسوريا ومصر ترجمه عن الروسيةبشير السباعي بيروت دار ابن خلدون٢٤- وليد قزيها فكرة الوحدة العربية في مطلع القرن العشرين مجلة استقبل العربي بيروت١٩٧٨ ص .٧٩١٩٨٥ ص .١٢٣325


الفكر التربوي العربي الحديثالعدد / ٤ نوفمبر ١٩٧٨ ص .١٤٢٥- ستيفان ويلد:‏ نجيب عازوري وكتابه ‏(يقظة الأمة العربية)‏ في:‏ روجر أوين وآخرين:‏ الحياةالفكرية في اشرق العربي ١٨٩٠-١٩٣٩ بيروت مركز دراسات الوحدة العربية٢٦- ليف‏:‏ الفكر الإجتماعي والسياسي الحديث ص٢٧- السيد ياس تحليل مضمون الفكر القومي العربي بيروت مركز دراسات الوحدة العربية١٩٨٣ ص .١٠٧.١٦٨١٩٨٠ ص .٩٩٢٨- محمد جابر الأنصاري:‏ تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي الكويت سلسلة عالماعرفة العدد / ٣٥ اجمللس الوطني للثقافة والفنون والآداب نوفمبر٢٩- محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية في الأدب اعاصر القاهرة مكتبة الآدابج٣٠- مجلة الهلال ديسمبر٣١- طارق البشري:‏ مصر في إطار الحركة العربية في:‏ سعد الدين إبراهيم وآخرين ‏(مصروالعروبة وثورة يوليو)‏ بيروت مركز دراسات الوحدة العربية٣٢- ارجع السابق ص٣٣- سعد الدين إبراهيم:‏ عروبة مصر حوار السبعينات القاهرة ‏(إشراف)‏ مركز الدراساتالسياسية والإستراتيجية بالأهرام٣٤- ارجع السابق:‏ ص٣٥- أحمد حمروش:‏ فكرة القومية العربية في ثورة يوليو في مصر والعروبة.‏ وثورة يوليو ص٣٦- نجلاء أبو عز الدين:‏ عبد الناصر والعرب ترجمة يوسف سعيد الصباغ بيروت الوطنالعربي٣٧- عروبة مصر ص٣٨- أبو الفتوح رضوان:‏ التوجيه القومي العربي للتربية الوطنية في:‏ جامعة الدول العربيةالإدارة الثقافية ‏(اؤر الثقافي العربي الرابع)‏ دمشق٣٩- عبد العزيز القوصي:‏ الأسس التربوية للقومية العربية صحيفة التربية القاهرة السنةالثانية عشر مارس ١٩٦٠ العدد الثالث ص٤٠- هشام أبو قمرة:‏ دور التعليم في تنمية الذات العربية مجلة استقبل العربي بيروت العدد١٩٦٨.٨٦١٩٨٠ ص .١٣٦١٩٨٢ ص .٣٦١٩٦٠ ص .١٦٠١٩٧٨ ص .٥٦.٢.١٩٢٢.٣٧.٥٧٢ ص .١٠٥١٩٨١ ص .٣٧١.٦١(٤٠) يونية ١٩٨٢ ص .١١٠٤١- ارجع السابق:‏ ص ١١١.٤٢- محمد عبد الرحمن برج:‏ ساطع الحصري ص٤٣- أبو الفتوح رضوان : التاريخ بادارس الثانوية أغراض تدريسه مناهجه-التوجيه العربي لهفي:‏ جامعة الدول العربية الإدارة الثقافية ‏(اؤر الثقافي العربي الثالث)‏ القاهرة ١٩٥٨‎ص.١٦٢.١٧٨.١٧٧٤٤- ارجع السابق ص٤٥- محمود الخفيف:‏ القدر اشترك من مادة التربية الوطنية ب جميع البلاد العربية في مراحلالتعليم العام في اؤر الثقافي الرابع دمشق٤٦- ارجع السابق:‏ ص٤٧- جامعة الدول العربية:‏ اؤر الثقافي العربي الثاني الإسكندرية١٩٥٠ ص .٢٧٦١٩٥٩ ص .٢٩٣.٢٩٤326


الهوامش٤٨- اؤر الثقافي الثالث ص ١٠٥.٤٩- ارجع السابق:‏ ص٥٠- ارجع السابق:‏ ص٥١- ارجع السابق:‏ ص٥٢- ارجع السابق:‏ ص٥٣- سعدون حمادي:‏ الوحدة والثقافة والتعليم:‏ ملاحظات أولية في:‏ ‏(دور التعليم في الوحدةالعربية)‏ بحوث ومناقشات ووقائع الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربيةبيروت٥٤- مسارع الراوي:‏ العمل التربوي اشترك ودور انظمات العربية في ارجع السابق ص٥٥- ارجع السابق:‏ ص٥٦- محمد عبد الرحمن برج:‏ ساطع الحصري ص٥٧- ارجع السابق:‏ ص٥٨- جامعة الدول العربية:‏ مجموعة اعاهدات والإتفاقيات القاهرة مطابع دار النشر للجامعاتاصرية د.‏ ت ص٥٩- ساطع الحصري:‏ حولية الثقافة العربية جامعة الدول العربية ‏(الإدارة الثقافية)‏ الحوليةالخامسة القاهرة ص‎٨٧٠‎‏-‏٦٠- إسماعيل محمد القباني:‏ محاضرات في الوحدة الثقافية العربية القاهرة جامعة الدولالعربية ‏(معهد الدراسات العربية)‏٦١- ارجع السابق:‏ ص٦٢- نهاد صبيح سعد:‏ الفكر التربوي عند ساطع الحصري تحليله وتقوه البصرة مديرية دارالكتب بجامعة البصرة٦٣- مجموعة اعاهدات والإتفاقيات:‏ ص٦٤- ارجع السابق:‏ ص٦٥- ارجع السابق:‏ ص٦٦- مسارع الراوي:‏ العمل التربوي اشترك ص٦٧- ارجع السابق:‏ ص٦٨- ارجع السابق:‏ ص٦٩- عبد العزيز البسام:‏ ندوات فكرية في إطار استراتيجية تطوير التربية العربية اجمللة العربيةللتربية تونس انظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ‏(إدارة التربية)‏ العدد الثاني سبتمبر.٢٣٣.١٧٩.٢٣٧١٩٥٨ ص .١٧.٤١٦.٨٦٧.١٠٦.١٠٧.١٠٩١١٠.٢٣٤.١٨٣.٥١.٤٢١٩٧٩ ص .١٤٣.٤١٧.٤١٨.٢٤٢.٢٤٣.١٤١٩٨٠ ص .٢٣-٤٧١٩٨٣ ص .١٣.٢٢٨٧٠- ارجع السابق:‏ ص٧١- انظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم:‏ إستراتيجية تطوير التربية العربية الطبعة الأولى١٩٧٩‎ص٧٢- ارجع السابق:‏ ص٧٣- ارجع السابق:‏ ص٧٤- محمد أحمد الغنام:‏ تعريب التعليم في الوطن العربي صحيفة التربية القاهرة السنةالسادسة عشر نوفمبر.٢٦٤.٢٦٥١٩٦٣ ص .٣٥327


الفكر التربوي العربي الحديث٧٥- ارجع السابق:‏ ص ٣٦.٧٦- ياس خليل:‏ اللغة والوجود القومي في مجلة استقبل العربي بيروت العدد /٥٩ يناير١٩٨٤ ص .٥٥٧٧- محمد خلف الله أحمد:‏ دور اللغة العربية الفصحى في القومية العربية في ‏(أسس التربيةفي الوطن العربي)‏ القاهرة اجمللس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الإجتماعية ١٩٦٥‎ص.٩٠٧٨- محمد انجي الصيادي:‏ التعريب في الوطن العربي في التعريب ودوره في تدعيم الوجودالعربي والوحدة العربية بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدةالعربية بيروت٧٩- ارجع السابق:‏ ص‎٨٠‎‏-ارجع السابق:‏ ص٨١- رأي سلطان الشاوي:‏ في الندوة السابقة ص٨٢- ارجع السابق:‏ ص٨٣- عبد العزيز بن عبد الله:‏ مؤسسات التعريب في الوطن العربي في ارجع السابق ص٨٤- محمد انجي الصيادي:‏ مسيرة التعريب في اغرب العربي بيروت مجلة استقبل العربي‏(العدد.١١٥.٨٧١٩٨٢ ص .٣١.٣٢.٣٣.٨٨٩ سبتمبر (١٩٧٩ ص .٥٥الفصل الرابعالهوامش١- زكي نجيب محمود:‏ هموم اثقف القاهرة دار الشروق١٩٨١ ص ٩٦.٢- ارجع السابق ص٣- ارجع السابق ص٤- جلال أحمد أم‏:‏ اشرق العربي والغرب بيروت مركز دراسات الوحدة العربية١٩٨١ ص.٧٠.٧١.٣١٥- ارجع السابق ص ٣٢. ارجع السابق ص ٣٤.٦- محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية في الأدب اعاصر القاهرة مكتبة الآداب١٩٦٨ ج.٢١٣.٢١٤.٢١٧٢ ص .٢١٢٧- ارجع السابق ص٨- ارجع السابق ص٩- ارجع السابق ص١٠- سلامة موسى:‏ تربية سلامة موسى القاهرة سلامة موسى للنشر والتوزيع د.‏ ت ص١١- ارجع السابق ص١٢- طه حس‏:‏ مستقبل الثقافة في مصر بيروت دار الكتاب اللبناني اجمللد التاسع مناجملموعة الكاملة ؤلفاته وهو بعنوان ‏(علم التربية)‏١٣- ارجع السابق ص.٧٦١٩٧٣ ص .١٧.٧٧.٢١328


الهوامش.٢٥.٣٥.٤١.٤٦.٣٠٥١٤- ارجع السابق ص١٥- ارجع السابق ص١٦- ارجع السابق ص١٧- ارجع السابق ص١٨- ساطع الحصري:‏ أحاديث في التربية والإجتماع بيروت مركز دراسات الوحدة العربية١٩٨٤ ص .٢٦٠١٩- ارجع السابق ص٢٠- توفيق الحكيم:‏ مصر ب عهدين القاهرة مكتبة الآداب٢١- زكي نجيب محمود:‏ قصة عقل القاهرة دار الشروق٢٢- ارجع السابق ص٢٣- ارجع السابق ص٢٤- شاكر مصطفى ‏(إشراف):‏ أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي.‏ وقائع ندوة الكويت منالكويت جامعة جمعية الخريج ١٩٧٤٢٥- ارجع السابق ص٢٦- ارجع السابق ص٢٧- فؤاد زكريا:‏ آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة القاهرة الهيئة اصرية العامة للكتاب١٩٨٣ ص .٥٩١٩٨٣ ص .٤٥١٩٧٥ ص .٢٤.٥٧.٦٢.٢٦.٣٠.٣٤-٧ ١٢ أبريل١٩٧٥ ص .٣٣٢٨- ارجع السابق ص٢٩- محمد عبد الغني حسن:‏ حسن العطار القاهرة دار اعارف سلسلة نوابغ الفكر العربي١٩٦٨ ص .٦٩٣٠- أحمد تيمور:‏ أعلام الفكر الإسلامي الحديث القاهرة لجنة نشر اؤلفات التيموريةص٣١- ارجع السابق ص٣٢- سعيد إسماعيل علي:‏ تاريخ التربية والتعليم في مصر القاهرة عالم الكتب١٩٦٧. ١٩٨٥ ص.٧٤.٣٢.٢٧.٢٩٧٣٣- أبو الفتوح رضوان وآخرون:‏ الكتاب ادرسي القاهرة الأنجلو اصرية ص٣٤- محمد فؤاد شكري وآخرون:‏ بناء دولة مصر محمد علي القاهرة دار الفكر العربيص٣٥- أ.‏ ب كلوت بك:‏ لمحة عامة إلى مصر ترجمة محمد مسعود القاهرة دار اوقف العربي١٩٤٨.١٠٢١٩٨٤ ج ٤ ص .٨٠٣٦- أحمد عزت عبد الكر‏:‏ تاريخ التعليم في عصر محمد علي القاهرة النهضة العصرية١٩٣٨ ص .٢٥٥٣٧- رفاعة الطهطاوي:‏ تخليص الإبريز في ‏(الأعمال الكاملة)‏ لمحمد عمارة ص٣٨- رفاعة الطهطاوي:‏ مناهج الألباب اصرية في ارجع السابق ص٣٩- محمد عبده:‏ الأعمال الكاملة ج٤٠- ارجع السابق ص٤١- علي المحافظة:‏ الإتجاهات الفكرية عند العرب في عصر-النهضة.١٨بيروت ١٩١٤ -١٧٩٨.٥٣٤٣ ص .٢٠.٢١329


الفكر التربوي العربي الحديث١٩٧٨ ص .٢١٠.٢١١٢٢ ج ٦ مارس ١٩١٤ ص .٤٤٦.٢١٢الأهلية للنشر والتوزيع٤٢- ارجع السابق ص٤٣- مجلة الهلال القاهرة السنة٤٤- علي المحافظة:‏ الإتجاهات الفكرية ص٤٥- جرجي زيدان:‏ تاريخ آداب اللغة العربية القاهرة دار الهلال د.‏ ت ج٤٦- ارجع السابق ص٤٧- شبلي شميل:‏ فلسفة النشوء والإرتقاء القاهرة مطبعة اقتطف ج٤٨- سعيد إسماعيل علي:‏ الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية لحركة الفكر التربوي في مصر فيالفترة من ١٩٢٣. رسالة دكتوراه غير منشورة كلية التربية جامعة ع شمس القاهرة٤ ص .١٩٧١٩١٠ ٬١ ص .٨.٢٠٠٬١٩٨-١٨٨٢١٩٦٩ ص .٤٧٨٤٩- عبد اتعال الصعيدي:‏ تاريخ الإصلاح في الأزهر وصفحات من الجهاد في الإصلاح.‏القاهرة مطبعة الإعتماد٥٠- ارجع السابق ص٥١- عباس محمود العقاد:‏ محمد عبده مكتبة مصر سلسلة أعلام العرب القاهرة١٩٦٢ ص١٩٤٣ ص .٤٠.٤١.١٧٥٥٢- أحمد زكي:‏ التعليم والتقدم العلمي في ‏(أبحاث مؤر سياسة التعليم)‏ جمعية اعلمالقاهرة نوفمبر٥٣- زينب حسن حسن:‏ دراسة للفكر التربوي في مصر في الفترة منماجستير غير منشورة كلية البنات جامعة ع شمس القاهرة٥٤- أحمد عزت عبد الكر‏:‏ تاريخ التعليم في مصر وزارة اعارف العمومية القاهرة-١٨٠٥ ١٨٨٢ رسالة١٩٧٥ ص .١٣٣١٩٤٥ ج١٩٤٥ ص .١٢٣ الحقات ص . -٢٦٠ .٢٦٣.٢٤٦.٢٥٠ -٢٤٩.٢٥٣.٢٥٦.٢٧٣.٢٨٣٥٥- مستقبل الثقافة في مصر ص٥٦- ارجع السابق ص٥٧- ارجع السابق ص٥٨- ارجع السابق ص٥٩- ارجع السابق ص٦٠- ارجع السابق ص٦١- ساطع الحصري:‏ أحاديث في التربية والإجتماع ص٦٢- ارجع السابق ص٦٣- ارجع السابق نفس الصفحة.‏٦٤- سيد محمد باشا ‏(مقرر):‏ تعليم اللغات الأجنبية بادارس اصرية في‏(أبحاث مؤر سياسة التعليم)‏ ص٦٥- ترجمة التقرير ارفوع من نظارة اعارف للأعتاب السنية عن حالة التعليم العمومي بالدياراصرية في سنة ١٨٨٨. اطبعة الأميرية القاهرة٦٦- تقرير لدانلوب عن ‏(الأساس اللغوي للتعليم)‏ مرفق بتقرير كرومر عن سنةاقطم القاهرة ص٦٧- سعيد إسماعيل علي:‏ الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية ص١٩٠٦ مطبعة.٢٤٠.٢٧٤١٨٨٩ ص .٢٠١.٦٧.٢٨٩.١٧٧330


الهوامش٦٨- مجلة اقتطف القاهرة يوليه ١٨٩٣ ص ٦٧٣.٦٩- تركي رابح:‏ التعليم القومي والشخصية الوطنية الجزائر الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.١١٨.١٣٠١٩٧٥ ص .١٠٦٧٠- ارجع السابق ص٧١- ارجع السابق ص٧٢- رأفت غنيمي الشيخ:‏ تطور التعليم في ليبيا في العصور الحديثة طرابلس دار التنمية للنشروالتوزيع٧٣- ر.‏ ماثيوز وزميله:‏ التربية في الشرق الأوسط العربي.‏ ترجمة أمير بقطر اطبعة العصرية‏(غير محدد ادينة)‏٧٤- ارجع السابق ص٧٥- محمد كمال يحيى:‏ الجذور التاريخية لتحرير ارأة اصرية في العصر الحديث.‏ القاهرةالهيئة اصرية العامة للكتاب٧٦- قاسم أم‏:‏ الأعمال الكاملة تحقيق محمد عمارة بيروت اؤسسة العربية للدراساتوالنشر٧٨- محمد كمال يحيى ص٧٩- لويس عوض:‏ تاريخ الفكر اصري الحديث القاهرة كتاب الهلال (٢١٧) أبريلص‎٨٠‎‏-ارجع السابق ص٨١- الطهطاوي:‏ الأعمال الكاملة ج٨٢- ارجع السابق ص٨٣- علي مبارك:‏ الأعمال الكاملة تحقيق محمد عمارة بيروت اؤسسة العربية للدراساتوالنشر ١ اسامرة الثانية عشرة ص٨٤- ارجع السابق ص٨٥- سعيد إسماعيل علي:‏ قضايا التعليم في عهد الإحتلال ص٨٦- محمد حس هيكل:‏ مذكرات في السياسة اصرية القاهرة النهضة اصرية ج٨٧- أنور الجندي:‏ الفكر العربي اعاصر القاهرة الأنجلو اصرية ص٨٨- عن:‏ سعيد اسماعيل:‏ قضايا التعليم ص٨٩- قضايا التعليم ص‎٩٠‎‏-نجيب اشعلاني:‏ هل أن البلاد أشد احتياجا إلى تعليم الرجل أم إلى تعليم ارأة ? مجلةالجامعة القاهرة في٩١- عبد العزيز جاويش.‏ الإسلام دين الفطرة والحرية القاهرة سلسلة كتاب الهلال ص.‏ج ١ ١٩٦٩١ ص .٢٤-٨٠.١٢٢.٤٠٨.٤١٦١٩٨٣ ص .٢٢١ ص .٢٠٨.٤١٠١٩٤٩ ص .٧٢٧.٧٢٩١٩٧٢ ص .٢٣٤١٩٧٦ ج ١ ص .٧٨.٦٩.١١٥.١٠٩.٣٦٦.٤٢٥.١٨٩٩ / ٦ / ١٥.٥٠١٩٧٩ ج.١١٢.٨١٩٢- قاسم أم‏:‏ تحرير ارأة ص٩٣- قضايا التعليم ص٩٤- مجلة الجامعة في مارس سنة ١٨٩٩ العدد الأول.‏٩٥- تحرير ارأة ص٩٦- الهلال عدد ديسمبر.٢٥٨٣٢ ص -٢٥٣.٤٢٨.٢١ ٬١٩ ٬١٨١٩٢٣ اجمللد331


الفكر التربوي العربي الحديث٩٧- الهلال ابتداء من عدد أكتوبر ١٩٢٤ إلى مايو ١٩٢٥٩٨- الهلال عدد ديسمبر٩٩- محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية ج‎١٠٠‎‏-أحمد لطفي السيد:‏ قصة حياتي القاهرة سلسلة كتاب الهلال (١٣١) فبراير٢٩٦٢ ص٣‎ص ٢٤٦.١٩٣٨ ص -١٠٤ .١٤٣.٥٦٨.١٩١١٠١- أحمد عسة:‏ معجزة فوق الرمال ص١٠٢- علي شلق وآخرون:‏ ارأة ودورها في حركة الوحدة العربية بحوث ومناقشات الندوة الفكريةالتي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية بيروت١٠٣- ارجع السابق ص١٠٤- محمد عثمان الصالح:‏ دور جامعة الدول العربية في تعزيز مكانة ارأة العربية في مجلة‏(آراء)‏ اركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي سرس الليان أكتوبر (٢)١٩٧٥ ص(١ ص .٢٦١٩٨٢ ص .٣٨٦.٤٣٩.٢٧.١٧٠١٠٥- عبد الفتاح جلال:‏ تعليم ارأة العربية والتنمية في ارجع السابق ‏(ج١٠٦- ارجع السابق ص١٠٧- عبد الله عبد الدا‏:‏ الثورة التكنولوجية في التربية العربية بيروت دار العلم للملاي١٩٦٨ ص‎٥‎‏.‏١٩٨٠ ص .٧٤٤ سبتمبر ١٩٧٧ ص .٥٠.٨١٩٨٢ ص .٢١.٥٣.٥٤١٩٨٣ ص .١١.١٢١٩٧٥ ص -٥ .٦١٩٧٨ ص .٥١٠٨- محمد نبيل نوفل:‏ الثورة العلمية التكنولوجية مجلة تعليم الجماهير القاهرة الجهاز العربيلمحو الأمية وتعليم الكبار العدد العاشر السنة١٠٩- ارجع السابق ص١١٠- ارجع السابق ص١١١- عبد الله عبد الدا ص١١٢- فتح الباب عبد الحليم وزميله:‏ وسائل التعليم والإعلام:‏ القاهرة عالم الكتب١١٣- د.‏ رونتري:‏ تكنولوجيا التربية في تطوير انهج ترجمة فتح الباب عبد الحليم سيد اركزالعربي للتقنيات التربوية ١٩٨٤ تقد اترجم.‏١١٤- حس حمدي الطوبجي التكنولوجيا والتربية الكويت دار القلم١١٥- مصباح الحاج عيسى وآخرون ‏(ترجمة وتحرير:‏ مراكز مصادر التعلم وإدارة التقنياتالتربوية الكويت مكتبة الفلاح١١٦- جري بوكزتار:‏ التعليم ابرمج ب النظرية والتطبيق.‏ ترجمة مصباح الحاج عيسى وزميلهالكويت دار القلم١١٧- ارجع السابق ص١١٨- دافيد كرام التعليم ابرمج بالتعليم ابرمج.‏ ترجمة حس سليمان قورة القاهرة داراعارف١١٩- أنور بكر العابد:‏ ندوة العدد إتجاهات وتوصيات حول تطوير برامج التقنيات التربوية فيكليات التربية ومعاهد إعداد اعلم واعلمات في البلاد العربية.‏ الكويت مجلة تكنولوجياالتعليم التي يصدرها اركز العربي للتقنيات التربوية العدد الثالث السنة الثانية يونية.٥٩١٢٠- قسم الدراسات اتكاملة:‏ معالم تجربة العرب مع التكنولوجيا في التاريخ مجلة الفكر١٩٧٩ ص332


الهوامش١٩٧٨ ص .١٥١.١٥٢العربي بيروت معهد الإاء العربي العدد السابع ديسمبر١٢١- ارجع السابق ص١٢٢- مجلة التربية الجديدة التي يصدرها مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في البلاد العربيةالعدد السابع عشر أبريل١٢٣- ارجع السابق العدد الثامن عشر أغسطس١٢٤- ارجع السابق ص١٢٥- ارجع السابق صالفصل الخامس١ ص .٥٠١٩٧٩ ص .٣٤١٩٧٩ ص .٢٢.٣٥.١٢٧.٥١٢ محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية في الأدب اعاصر ج٢- ارجع السابق.‏ ص٣- السيد ياس‏:‏ الطابع القومي للشخصية.‏ مجلة الفكر اعاصر القاهرة العدد٥٠/ أبريل.٢٣١٩٦٩ ص .١٥٤- ارجع السابق.‏ ص٥- عباس محمود العقاد:‏ سعد زغلول سيرة وتحية.‏ القاهرة مطبعة حجازي٦- حس فوزي:‏ سندباد مصر القاهرة دار اعارف د.‏ ت ص٧- حس مؤنس:‏ مصر ورسالتها.‏ القاهرة لجنة التأليف والترجمة والنشر٨- نعمات أحمد فؤاد:‏ شخصية مصر القاهرة عالم الكتب٩- جمال حمدان:‏ شخصية مصر دراسة في عبقرية اكان.‏ القاهرة عالم الكتب / ج١٠- ارجع السابق ص١١- محمد عمارة:‏ مقدمته للأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي ج١٢- فاروق أبو زيد:‏ الصحافة وقضايا الفكر الحر في مصر.‏ القاهرة سلسلة كتاب الإذاعةوالتلفاز نوفمبر١٣- ارجع السابق ص١٤- محمد عمارة مقدمته للأعمال الكاملة لعلي مبارك ج١٥- ارجع السابق ص١٦- محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية ج١٧- ارجع السابق ص١٨- حس فوزي النجار:‏ أحمد لطفي السيد القاهرة الدار اصرية للتأليف والترجمة سلسلةأعلام العرب (٣٩) مارس١٩- فاروق أبو زيد ص٢٠- نبيل عبد الحميد وآخرون:‏ مائة عام على الثورة العرابية ‏(مصر للمصري‏)‏ القاهرة مركزالدراسات السياسية والإستراتيجية٢١- خطبة ألقيت في نادي حزب الأمة بسراي البارودي بجوار باب الخلق ونشرت بعدد الجريدةرقم ٣٦٢ الصادر في ١٩٠٨ بعنوان ‏(الحالة الحاضرة)‏٢٢- الجريدة في١٩٣٦ ص .٥١٩٧٣ ص .١٣١ ص .٢٦١ ص .١٢١.١٠١٩٦٨ ص .٧١ ص .٢٤٢١ ص .٦٤١٩٨١ ص .٥٨.٣١١٩٧٤ ص .٤٨.٤٩.٢٤٤.٦٨١٩٦٥ ص .٢٨.٥٣/ ٥ / ١٧١٩٠٩ / ١٠ / ٥ العدد/‏ .٧٨٤333


الفكر التربوي العربي الحديث١٩٧٢ ص .٢٢٠.٨ -٧٢ ص .٥٥.٣٢١١ ص .١٠٠٣٠ يناير .١٩٣١.٨٠.١٠٤٢٣- الجريدة في٢٤- صلاح عيسى:‏ الثورة العرابية بيروت اؤسسة العربية للدراسات والنشر٢٥- عن:‏ فاروق أبو زيد ص٢٦- محمد محمد حس‏:‏ الإتجاهات الوطنية ج٢٧- ارجع السابق ص٢٨- توفيق الحكيم:‏ عودة الروح القاهرة مكتبة الآداب د.‏ ت ج٢٩- سلامة موسى:‏ مصر أصل الحضارة القاهرة الطبعة العصرية د.‏ ت ص٣٠- طارق البشري:‏ اسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية.‏ القاهرة الهيئة اصرية العامةللكتاب٣١- سعيد إسماعيل علي.‏ قضايا التعليم في عهد الإحتلال ص٣٢- أصبح من األوف في ذلك الوقت أن تسمع الناس يسيرون في شوارع مصر يتغنون ببطولةالورداني-القاتل-قائل‏:‏ يا ورداني يا ورداني يا قاتل النصراني وبدأ أعداء البلاد من استعمرينيذكون نار الخلاف مطمئن إلى استجابة عدد من ذوى الضمائر اريضة وذلك بالتأكيد علىالطابع الديني للحادث على الرغم من أن دوافعه كانت سياسية محضة.‏ فقد كان بطرس غاليشخصا مكروها إلى أبعد الحدود من الشعب اصري فهو الذي رأس المحكمة الخصوصية١٩٨٠ ص .٤٣لمحاكمة أهالي دنشواي وهو الذي وقع سرا مع كرومر إتفاقية السودان سنة ١٨٩٩ التي أتاحتفرصة سيطرة الإحتلال الإنجليزي عليه وأصدر قانون النفي الإداري وأعاد قانون اطبوعات.‏٣٣- مقال:‏ ‏(إلى الأمة القبطية)‏ جريدة مصر في ١٩٠٩ ومقال ‏(طريق التقدم في الهيئةالإجتماعية القبطية)‏ في٣٤- حسان محمد حسان:‏ إتجاهات الفكر التربوي في مصر من سنةماجستير غير منشورة القاهرة كلية التربية جامعة ع شمس٣٥- سلامة موسى:‏ تربية سلامة موسى ص٣٦- ارجع السابق ص٣٧- زاهر رياض:‏ اسيحيون والقومية اصرية القاهرة دار الثقافة٣٨- وليم سليمان وآخرون:‏ الشعب الواحد والوطن الواحد دراسة في أصول الوحدة الوطنيةالقاهرة مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام٣٩- جمال عبد الناصر:‏ في ‏(مصر ورسالتها)‏ لحس مؤنس ص ٤٠- ارجع السابق ص٤١- أعيد هذا الكلام في طبعة ١٩٨٥ لكتاب تاريخ التربية والتعليم لسعيد إسماعيل علي ص١٩٢٣ إلى ١٩٥٢. رسالة١٩٧١ ص .٦٧.٤-٣٠١٩٧٩ ص .١٥٣١٩٨٢ ص .٦٨٣/١١/٢.١٩٦١ ص‎٢٤‎.١٩١٠ /٣/٢.٢٤٥.٣٢٤٢- جمال حمدان:‏ شخصية مصر ج٤٣- الفصل الخاص ‏(الثالث)‏ الذي وضعه أبو الفتوح رضوان لترجمته لكتاب ‏(تدريس التاريخلهنري جونسون).‏ القاهرة دار النهضة العربية٤٤- ارجع السابق ص٤٥- ارجع السابق ص٤٦- ارجع السابق ص٤٧- ارجع السابق ص٤٨- ارجع السابق ص١٩٦٥ ص .٩٨.٩٩.١١٠.١٠٩.١٢٩.١٣١334


الهوامش.١٤١ -١٤٠.١٥٩ -١٥٨٤٩- ارجع السابق ص٥٠- ارجع السابق ص٥١- جامعة الدول العربية ‏(الإدارة الثقافية:‏ اؤر الثقافي العربي الرابع ‏(دمشق١٩٥٩) القاهرة مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر٥٢- ارجع السابق ص٥٣- زينب حسن حسن:‏ دراسة للفكر التربوي في مصر من سنة ١٨٨٢ رسالة ماجستيرغير منشورة القاهرة كلية البنات جامعة ع شمس٥٤- اؤر الثقافي الرابع ص٥٥- ارجع السابق ص٥٦- ارجع السابق ص٥٧- سعيد إسماعيل علي:‏ تاريخ التربية والتعليم في مصر ص٥٨- أحمد عزت عبد الكر‏:‏ تاريخ التعليم في مصر القاهرة وزارة اعارف العمومية-٥ ١٦ سبتمبر١٩٤٥٥ ج١٩٦٠ ص .١٢٥١٨٠٥ إلى١٩٧٥ ص .١٣٢.٣١٨.٤٩.١٢٦.٢٨٠.٢٧٩.٨٠.٨١٢ ص .٥٤٥٩- ارجع السابق ص٦٠- ارجع السابق ص٦١- سعيد إسماعيل علي:‏ قضايا التعليم في عهد الإحتلال ص٦٢- عبد الرحمن الرافعي:‏ مصطفى كامل القاهرة النهضة اصرية ص٦٣- الجريدة في٦٤- قضايا التعليم في عهد الإحتلال ص٦٥- جريدة الأهرام في٦٦- عبد الرحمن الرافعي:‏ مصطفى كامل ص٦٧- قضايا التعليم ص٦٨- أحمد عبد الفتاح بدير:‏ الأمير فؤاد ونشأة الجامعة اصرية القاهرة مطبعة جامعة فؤادالأول٦٩- ارجع السابق ص٧٠- أحمد طرب‏:‏ لبنان منذ عهد اتصرفية إلى بداية الإنتداب القاهرة معهد البحوث والدراساتالعربية٧١- ارجع السابق ص٧٢- ارجع السابق ص٧٣- مروان بحيري:‏ بولص نجيم ولبنان الكبير (١٩٠٨- ١٩١٩) في:‏ ‏(الحياة الفكرية في الشرقالعربي ١٨٩٠-١٩٣٩) بيروت مركز دراسات الوحدة العربية٧٤- ارجع السابق ص٧٥- ماثيوز وعقراوي:‏ التربية في الشرق الأوسط ص٧٦- ارجع السابق ص٧٧- ارجع السابق ص٧٨- ارجع السابق ص٧٩- ارجع السابق ص.١٥٦.٢١٨١٩٨٣ ص .٧٩.٦٦٠١٩٠٧ / ٩ / ١٥ العدد / .١٦٠.٢١٩١٨٨٥ / ٣ / ١٤ العدد / .٢١٦٦.١٥٨.٢٦٠.٥٥١٩٥٠ ص .١٤١٩٦٨ ص .٣٦٦.٣٦٧.٣٦٨.٨٠.٦٦٢.٦٦٣.٦٤٠.٦٧١335


الفكر التربوي العربي الحديث.٦٦.٦٥.٦٧.٧٠.٧١.٧٢‎٨٠‎‏-جامعة الدول العربية:‏ اؤر الثقافي العربي الرابع ص٨١- ارجع السابق ص٨٢- ارجع السابق ص٨٣- ارجع السابق ص٨٤- ارجع السابق ص٨٥- ارجع السابق ص٨٦- يوسف شاكر:‏ مناهج التعليم:‏ واقع طبقي وتركة الإنتداب في حاضرنا مجلة الطريق بيروتالعدد التاسع السنة٨٧- ارجع السابق ص٨٨- حول منهجي الفلسفة العربية والفلسفة العامة في ارجع السابق ص٨٩- ارجع السابق ص‎٩٠‎‏-ارجع السابق ص٩١- سمير حسن:‏ منهجا التاريخ والجغرافية إغفال للواقع وصمت عن الإستعمار في ارجعالسابق ص٩٢- ارجع السابق ص٩٣- ارجع السابق ص٩٤- عبد الفتاح حسن عمار:‏ دور اواد الإجتماعية في تكوين الوحدة الوطنية لدى تلاميذ ادرسةالثانوية في لبنان.‏ رسالة ماجستير غير منشورة كلية التربية جامعة ع شمس٩٥- ارجع السابق ص٩٦- ارجع السابق ص٩٧- ارجع السابق ص٩٨- ارجع السابق ص٩٩- عبد اجمليد عابدين:‏ تاريخ الثقافة العربية في السودان غير محدد ادينة دار الثقافةص‎١٠٠‎‏-ارجع السابق ص١٠١- ارجع السابق ص١٠٢- ارجع السابق ص١٠٣- ارجع السابق ص١٠٤- عبد الغني سعودي وآخرون:‏ مشكلة جنوب السودان القاهرة مركز بحوث الشرق الأوسطبجامعة ع شمس١٠٥- ارجع السابق ص١٠٦- ارجع السابق ص١٠٧- ارجع السابق ص١٠٨- ارجع السابق ص١٠٩- ارجع السابق ص١١٠- ارجع السابق ص١١١- ارجع السابق ص١٩٨١ ص .٤٢١٩٦٧.٣٠٢٧ أكتوبر ١٩٦٨ ص .١٦.١٨.٣٣.٣٤.٥٠.٥١.٤٣.١٦١.١٦٣.١٩٧.١٢٨.١٢٩.١٥٦.١٥٧١٩٨١ ص .٦٦.٧١.٩٩.١٠٦.١٢٧.١٢٨.١٣٠.١٣٢.٤٩.٢٩336


الهوامش١١٢- عبد العزيز الجلال:‏ التعليم واللغة العربية في جنوب السودان.‏ مجلة معهد اللغة العربية-‏جامعة أم القرى مكة العدد الثاني١١٣- ارجع السابق ص١١٤- ارجع السابق ص١١٥- اؤر الثقافي العربي الرابع.‏ ص١١٦- ارجع السابق ص١١٧- ارجع السابق صالفصل السادسالهوامش١٩٨٤ ص .٣٧٨.٧٩.٣٧٩.٣٨٠.٨٠.٨٣١- علي الدين هلال:‏ التجديد في الفكر السياسي اصري الحديث القاهرة معهد البحوثوالدراسات العربية٢- ارجع السابق.‏ ص٣- ارجع السابق.‏ ص٤- أنور عبد الك.‏ نهضة مصر.‏ القاهرة الهيئة اصرية العامة للكتاب ١٩٨٣‎ص‎٤٣٣‎‏.‏٥- ارجع السابق.‏ ص٦- ارجع السابق.‏ ص٧- ز.‏ ليف‏.‏ الفكر الإجتماعي والسياسي الحديث في لبنان وسوريا ومصر.‏ ترجمة عن الروسيةبشير السباعي بيروت دار ابن خلدون٨- ارجع السابق.‏ ص٩- شبلي شميل:‏ فلسفة النشوء والإرتقاء القاهرة الجزء الأول طبع طبعة اقتطف عامو الثاني طبعة اعارف سنة ١٩٠٨‎ج١٠- ارجع السابق.‏ ص١١- ارجع السابق.‏ ص١٢- ارجع السابق.‏ ص١٣- سليمان عمد النخيلي.‏ الحركة العمالية في مصر وموقف الصحافة والسلطات اصريةمنها من سنة ١٨٨٢ إلى سنة ١٩٥٢ القاهرة الإتحاد العام للعمال١٤- السيد محمد عشماوي:‏ سلامة موسى وااركسية مجلة الكاتب القاهرة الهيئة اصريةالعامة للكتاب السنة الرابعة عشر أغسطس١٥- ارجع السابق.‏ ص١٦- غالي شكري:‏ سلامة موسى وأزمة الضمير العربي القاهرة الخانجي١٧- أم عز الدين:‏ تاريخ الطبقة العاملة اصرية منذ نشأتها حتى ١٩١٩ القاهرة دار الكاتبالعربي١٨- رفعت السعيد:‏ تاريخ الحركة الإشتراكية في مصرالجديدة د.‏ ت ص١٩- ارجع السابق.‏ ص١٩١٠١٩٦٢ ص‎١٦٠‎‏-‏ .١٦١١٩٦٧ ص .١٠٤١٩٧٨ ص .٢٦٧٢ ص .١ ٥٨١٩٧٤ العدد / ١٦١ ص ١٤٣-١ ٩ ٠٠ ١٩٢٥ القاهرة-دار الثقافة١٩٧٥ ص‎٥٥‎‏.‏.٥٦.٥٧.٤٣٧.٤٣٨.٢٦٨.١٥٣.١٨٠.١٨٣.١٢٤١٩٦٧ ص .٣ ٠ ٣١٤٠١٤٣337


الفكر التربوي العربي الحديث.٩٥.١٢٦.٩٤.٥٨٠٢- أم عز الدين:‏ تاريخ الطبقة العاملة اصرية (١٩١٩- ‎١٩٢٩‎‏.(القاهرة دار الشعب ١٩٦٩‎ص‎١٢٤‎‏.‏٢١- ارجع السابق.‏ ص٢٢- محمود حسني العرابي.‏ مقالات العرابي عنى بجمعها وترتيبها إلهامي أم القاهرةاطبعة الأهلية الكبرى د.‏ ت ص٢٣- ارجع السابق.‏ ص٢٤- إسماعيل مظهر:‏ الإشتراكية تعوق ارتقاء النوع الإنساني.‏ القاهرة مطبعة الترقي مجموعةمجلة العصور لنشر اعرفة والآداب ١٩٢٧‎ص‎٥‎‏.‏٢٥- رفعت السعيد.‏ عصام الدين حفني ناصف القاهرة طبع ؤسسة روز اليوسف ١٩٧٠‎ص‎٤٣‎‏.‏٢٦- ارجع السابق.‏ ص٢٧- طارق البشري.‏ الحركة السياسية في مصر‎١٩٤٥‎‏/‏ ١٩٥٢ بيروت دار الشروق ١٩٨٣‎ص‎٤٢١‎‏.‏٢٨- رفعت السعيد:‏ تاريخ انظمات اليسارية اصرية ١٩٥٠ القاهرة دار الثقافة الجديدة-١٩٤٠١٩٧٦ ص .١٥٣٢٩- ارجع السابق.‏ ص‎١٧٣‎‏.‏٣٠- ارجع السابق.‏ ص٣١- ارجع السابق.‏ ص٣٢- أحمد حس‏:‏ الإشتراكية التي ندعو إليها القاهرة اطبعة العاية٣٣- ارجع السابق ص٣٤- صلاح العقاد:‏ اليسار في سوريا.‏ مجلة الكاتب القاهرة العدد / ٧٣ السنة السابعة/أبريل١٩٥٠ ج ١ ص .٨٦١٨٥.٢٦٨٬٢٦٥.٩٣١٩٦٧ ص .٦٢٣٥- وليد قزيها وآخرون:‏ القومية العربية في الفكر وامارسة.‏ بحوث ومناقشات الندوة الفكريةالتي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية.‏ بيروت٣٦- ارجع السابق.‏ ص٣٧- صلاح العقاد:‏ اليسار في سوريا ص٣٨- ارجع السابق.‏ ص٣٩- صلاح العقاد.‏ تطور اليسار في العراق.‏ مجلة الكاتب القاهرة السنة السابعة العددمارس٤٠- صلاح العقاد:‏ اشرق العربي اعاصر القاهرة الأنجلو اصرية٤١- مجلة الطليعة القاهرة مؤسسة الأهرام فبراير٤٢- جمال مجدي حسن‏:‏ ثورة يوليو ولعبة التوازن الطبقي القاهرة دار الثقافة الجديدةص٤٣- سعد الدين إبراهيم وآخرون:‏ مصر والعروبة.‏ وثورة يوليو.‏ بيروت مركز دراسات الوحدةالعربية٤٤- محمد السيد سليم:‏ التحليل السياسي الناصري.‏ بيروت مركز دراسات الوحدة العربية/ ٧٢١٩٧٨١٩٧٠ ص .٢٥٩١٩٨٠ ص .٣٥٧١٩٧٢ ص .٩٨.٦٦.٣٥٨.٦٨١٩٦٧ ص .٩٨١٩٨٢ ص .١٣٠.٩٠١٩٨٣ ص .١٩٥٤٥- فؤاد مرسي:‏ إنعاكسات الصراع الإجتماعي في الفكر الإشتراكي.‏ مجلة الطليعة القاهرةأكتوبر٤٦- أحمد عباس صالح:‏ إشتراكية واحدة أم اشتراكية عربية ? مجلة الكاتب.‏ القاهرة نوفمبر١٩٦٦ ص .٢٥338


الهوامش١٩٧٠ ص .١٨٨١٩٦٧ ص .١٣٧١٩٦٦ العدد ٦٨ ص .٦٩٤٧- محمود أم العالم:‏ الثقافة والثورة بيروت دار الآداب٤٨- فؤاد مرسي:‏ حتمية الحل الإشتراكي القاهرة دار الكاتب العربي٤٩- القومية العربية في الفكر وامارسة ص٥٠- محمد علي الشهاوي:‏ ثورة ٢٣ يوليو والثورة اليمنية.‏ مجلة الكاتب القاهرة السنة الرابعةعشر يوليو٥١- مجلة الطليعة القاهرة السنة الثامنة أغسطس٥٢- ارجع السابق.‏ ص٥٣- مجلة الكاتب القاهرة السنة الثامنة عشرة-أغسطس٥٤- لطفي الخولي:‏ ملاحظات حول ميثاق الجزائر الجديد مجلة الطليعة القاهرة يونيوص٥٥- أحمد حمروش:‏ الإختيار الجديد للجزائر في ارجع السابق ص٥٦- السجل القومي بيانات وخطب وأحاديث العقيد معمر القذافي مجموعة اللقاءات الشعبيةملحق اجمللد السنوي ٢ طرابلس وزارة الإعلام٥٧- لطفي الخولي:‏ أفكار وملاحظات حول بناء وحدة القوى التقدمية في الوطن العربي مجلةالطليعة القاهرة العدد السادس السنة الثالثة/‏ يونيو٥٨- أحمد بهاء الدين:‏ أفكار معاصرة القاهرة دار الهلال سلسلة كتاب الهلال أبريل١٩٧٦١٩٧٠ ص.٢٨١٩٧٢ ص .١٤٥-١٩٧٢ العدد ١٣٧ ص .١٥٣.٧٢.٤٤١١٩٧١ ص .١٢٢١٩٦٧ ص .٢١.٣٣١٩٧٤ العدد/‏ ١٦٠ ص ١٠٠.١٤٤.٣٣.٣٠.٧٥.١٢٠٥٩- محمد جمال صقر:‏ الإشتراكية والتربية القاهرة مطابع دار الكتاب العربي ص٦٠- إبراهيم عصمت مطاوع:‏ نحو مفهوم اشتراكي للتربية صحيفة التربية رابطة خريجي معاهدوكليات التربية بالقاهرة يناير ١٩٦٩‎ص٦١- حامد عمّار:‏ بعض الإتجاهات التربوية في اجملتمع الإشتراكي.‏ صحيفة التربية القاهرةيناير ١٩٦٢‎ص٦٢- ارجع السابق.‏ ص٦٣- شبل بدران.‏ التربية والبنية الإجتماعية في البلدان اتخلفة.‏ مجلة التربية اعاصرة القاهرةرابطة التربية الحديثة العدد الأول٦٤- صدام حس‏:‏ الثورة والتربية الوطنية بغداد مطبعة وزارة التربية٦٥- ارجع السابق ص٦٦- سعيد إسماعيل علي وآخرون:‏ دراسات في فلسفة التربية القاهرة عالم الكتب١٩٨١ ص١٩٧٧ ص .٧٢١٩٨٤ ص .١٠٠.٧٣.١٥٦٧- عبد انعم تليمة:‏ بناؤنا الثقافي وقضية الحرية.‏ مجلة الكاتب القاهرة/السنة الحاديةعشرة نوفمبر٦٨- دراسات في فلسفة التربية ص٦٩- جميل إبراهيم:‏ نظرة نقدية للثقافة ادرسية من زاوية تكافؤ الفرص التعليمية مجلة الفكرالعربي بيروت معهد الإاء العربي العدد الرابع والعشرون ديسمبر ١٩٨١‎ص٧٠- جورج كتورة ‏(مترجم:‏ ‏(اساواة الإجتماعية ومسؤولية ادرسة مجلة الفكر العربي بيروتأبريل ١٩٨١ العدد العشرون ص.٦١١٩٧١ العدد / ١٢٨ ص .٢٧.١٥٤.١٦٥339


الفكر التربوي العربي الحديث١٩٦٨ ص .١١-١٩٢٥٧١- مجلة الطريق.‏ بيروت العدد التاسع٧٢- رفعت السعيد:‏ الصحافة اليسارية في مصر ١٩٤٨ بيروت.‏ دار الطليعة ١٩٧٤‎ص‎١٠٣‎‏.‏٧٣- نجيب إسكندر:‏ نحو رؤية اشتراكية لعالم الطفل.‏ مجلة الطليعة القاهرة أبريل.٧٤- لويس عوض:‏ الجامعة واجملتمع الجديد القاهرة الدار القومية للطباعة والنشر د.‏ تص‎٢٥‎‏.‏٧٥- محمد أحمد الغنام:‏ التنمية التربوية من أجل مكافحة الفقر.‏ مجلة التربية الجديدة بيروتمكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في البلاد العربية العدد الحادي عشر أبريل٧٦- سعيد إسماعيل علي:‏ محنة التعليم في مصر القاهرة سلسلة كتاب الأهالي (٤(١٩٦٦ ص ٢١٩٧٧ ص .٨١٩٨٤ ص.١٠٥٧٧- محمد وجيه زكي الصاوي:‏ دراسة ميدانية لأسباب انصراف التلاميذ عن التعليم الإبتدائيبقرية سمادون منوفية-رسالة ماجستير غير منشورة كلية التربية جامعة الأزهر٧٨- مجلة آراء التي يصدرها اركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار بسرس الليان ١٩٧٧‎ص٧٩- محمد أحمد الغنّام:‏ مسؤولية التعليم في ت<strong>ذوي</strong>ب الفوارق ب الطبقات في مجتمعنا.‏ صحيفةالتربية القاهرة نوفمبرالثانية عشرة السنة القاهرة الكاتب مجلة عبد الرحمن:‏ التعليم والأرستقراطية -٨٠‎دوحمارس٨١- دوح عبد الرحمن:‏ الأساس الإجتماعي للتعليم الخاص مجلة الطليعة القاهرة العددالسابع-السنة السابعة يوليو٨٢- محنة التعليم في مصر ص‎١٨٦‎‏.‏٨٣- مجلة الطليعة القاهرة السنة التاسعة سبتمبر ١٩٧٣‎ص٨٤- ارجع السابق.‏ ص٨٥- حامد غمار:‏ في اقتصاديات التعليم سرس الليان مركز تنمية اجملتمع في العالم العربي١٩٧٦ ص .٧٨.٢ ٥.٥٣١٩٦٢ ص .١٠ ٩١٩٧٣ العدد / ١٣٢ ص .١٠٦١٩٧١ ص .٨٣.٥٤.٣٥١٩٦٤ ص .٣٤٨٦- ارجع السابق.‏ ص٨٧- محمد نبيل نوفل:‏ التعليم والتنمية الإقتصادية القاهرة الأنجلو اصرية٨٨- ارجع السابق.‏ ص٨٩- استراتيجية تطوير التربية العربية ص‎٩٠‎‏-الجمعية العراقية للعلوم التربوية والنفسية : وقائع وبحوث اؤر الفكري الأولى للتربويالعرب.‏ بغداد٩١- ارجع السابق.‏ ص٩٢- ارجع السابق.‏ ج٩٣- انظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ‏(إدارة التربية):‏ التعليم العالي والتنمية في الوطنالعربي تونس٩٤- اعهد العربي للتخطيط بالكويت:‏ ندوة التعليم والتنمية ‏(الإسكندريةص٩٥- عبد العزيز عبد الله الجلال:‏ تربية اليسر وتخلف التنمية.‏ الكويت.‏ اجمللس الوطني للثقافة١٩٧٩ ص ٨٢-٩ ٣٠ (١٩٧٨٬٤ / الكويت.٢٩٩.١٠٢١٩٧٥ ج ١ ص .٣٥٨.٣٦٠٢ ص .٦٤٧١٩٨٣ ص .٢٠.٧٢340


الهوامشوالفنون والآداب سلسلة عالم اعرفة (٩١( يوليو ١٩٨٥ ص ١٩.٩٦- محمد أحمد الغنام:‏ التنمية واوارد البشرية وتعليم الكبار.‏ مجلة ‏(آراء)‏ سرس الليان اركزالدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي العددين الأول والثاني٩٧- مختار حمزة وآخرون:‏ التنمية والتخطيط والتعليم الوظيفي في البلاد العربية سرس اللياناركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي٩٨- عبد الله عبد الدا‏:‏ التخطيط التربوي بيروت دار العلم للملاي٩٩- ارجع السابق.‏ ص‎١٠٠‎‏-ارجع السابق.‏ ص١٠١- ارجع السابق.‏ ص١٠٢- محمد سيف الدين فهمي:‏ التخطيط التعليمي القاهرة الأنجلو اصرية١٠٣- ارجع السابق.‏ ص١٠٤- مسارع الراوي:‏ نحو استراتيجية جديدة للتعليم في العراق.‏ القاهرة.‏ مطبعة التقدمص١٠٥- ارجع السابق.‏ ص١٠٦- كاظم حبيب:‏ دور الجامعات العربية في التنمية الإقتصادية والإجتماعية مجلة الطليعةالقاهرة يوليو١٠٧- محمود قمبر:‏ أزمة التخطيط التربوي وجهة نظر نقدية حولية كلية التربية بجامعة قطرالدوحة السنة الأولى العدد الأول١٠٨- ارجع السابق:‏ ص١٠٩- أحمد حس‏:‏ الإشتراكية التي ندعو إليها ص١١٠- عبد الخالق الشهاوي:‏ محو الأمية ب العمل الإداري والعمل الجماهيري مجلة الكاتبالقاهرة السنة السادسة نوفمبر١١١- محمود أم العالم:‏ الرحلة إلى الآخرين القاهرة مؤسسة روز اليوسف١١٢- عبد اغني سعيد:‏ مكافحة الأمية عمل ثوري مجلة الكاتب القاهرة السنة العاشرة مارس١٩٧٦ ص .٣٦١٩٦٦ ص .٩١٩٦٥ ص .١٢١٩٧٤١٩٧٤ ص .٦٤١٩٧٢ ص .٣٠.٩٨١٩٨٢ ص .٣٢١٩٦٦ العدد / ٦٨ ص .٩٦.٧.٨.٦٤٩.١٣.١١٥١٩٧٣ ص .٦٦.٣٣.١١٤١٩٧٠ العدد / ١٠٨ ص .٧٨١١٣- طه سعد عثمان:‏ محو الأمية الأبجدية هو حجر الأساس مجلة الكاتب القاهرة السنةالرابعة عشرة يوليو١١٤- إسماعيل صبري عبد الله:‏ مباد أساسية في تخطيط التعليم مجلة الطليعة القاهرةفبراير١١٥- اركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي:‏ استراتيجية محو الأمية في البلادالعربية ندوة خبراء استراتيجية محو الأمية في الدول العربيةالنهائي سرس الليان١١٦- قمر الدين علي قرنبع:‏ دور اؤسسات والتنظيمات الأهلية في مواجهة الأمية الحضاريةمجلة تعليم الجماهير بغداد الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار العدد السادس عشرالسنة السابعة يناير١١٧- الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار:‏ اشاركة الشعبية في مواجهة الأمية الحضارية٧٥ / ١٠ / ١٦ التقرير-١١١٩٧٤ العدد / ١٦٠ ص .١٢٨١٩٧٦ ص .١٠٣-١٠٠١٩٨٠ ص .٨٨١٩٧١ ص .٨١بغداد / ١٩٨٠ ص .٢٠341


الفكر التربوي العربي الحديث١١٨- سعاد خليل إسماعيل:‏ محو أمية ارأة في الوطن العربي في:‏ الجمهورية العراقية وزارةالتربية مؤر بغداد لمحو الأمية الإلزامي ١٩٧٩ ‏(التقرير النهائي والتوصيات ومجموعةالبحوث والدراسات ايدانية)‏ ص١١٩- عدد خاص (١ ‏(من مجلة)‏ آراء في التعليم الوظيفي ‏(التي يصدرها اركز الدولي للتعليمالوظيفي للكبار في العالم العربي تشرين الأول ١٩٧٥ سرس الليان.‏١٢٠- مجلة الكاتب:‏ سبتمبر١٢١- أديب دتري:‏ منهج وتطبيقه في التعليم مجلة الكاتب القاهرة العددص١٢٢- رشدي لبيب:‏ نظرة اجتماعية مصرية لفلسفة جون ديوي التربوية مجلة الطليعة القاهرةسبتمبر١٢٣- التربية اعاصرة:‏ كتاب غير دوري القاهرة العدد الثالث مايو١٢٤- شبل بدران:‏ التربية والتبعية في مصر ‏(دراسة في التعليم الأجنبي)‏ في ارجع السابق.‏ صفبراير ١٩٧١ ١١٩١٩٨٥ ص .٩-٨ ١٥ أيار.٢٨١١٩٦٦ العدد / ٦٦ ص .٦١١٩٧٤ ص .١٨٣.٥٤.٥٤-٥٣١٢٥- كمال نجيب:‏ التبعية والتربية في العالم الثالث التربية اعاصرة العدد الثاني سبتمبر١٩٨٤ ص .٤٢وماذا..‏ بعد١٦١٩٨٤ ص ٣٧١ ٢٥٢٩٢٦٥٣١١٩٨٥ ص ١١٢١٢١- سعيد إسماعيل علي:‏ دراسات في التربية الإسلامية القاهرة عالم الكتب ١٩٨٢‎ص‎١٤١‎٢- زكي نجيب محمود:‏ هموم اثقف القاهرة دار الشروق ١٩٨١‎ص٣- محمد أحمد خلف الله وآخرون:‏ القومية العربية والإسلام ‏(بحوث ومناقشات الندوة الفكريةالتي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية)‏ ١٩٨١‎ص٤- ارجع السابق٥- حس أحمد أم‏:‏ حركة التجديد الإسلامي في مجلة ‏(الهلال)‏ القاهرة يوليو١٩٨٦‎ ص٦- محمد رضا محرم.‏ ترشيد الفهم العربي لنقل التكنولوجيا مجلة استقبل العربي بيروتالعدد‎٧٤‎‏/‏ أبريل٧- أسامة أم الخولي:‏ رأي جديد في قضية نقل التكنولوجيا الحديثة إلى العالم العربي مجلةالعرب الكويت فبراير ١٩٨٢‎ص٨- فؤاد زكريا.‏ ثقافتنا اعاصرة ب التعريب والتغريب مجلة العرب الكويت يناير٩- هموم اثقف ص١٠- حسن حس البلاوي:‏ التربية وبنية التفاوت الإجتماعي الطبقي دراسة نقدية في فكر بييربورديوفي مجلة ‏(دراسات تربوية)‏ القاهرة عالم الكتب العدد الثالث.‏١١- أنظر اقال الذي كتبناه في العدد الثاني من مجلة:‏ دراسات تربوية ارجع السابق واقالبعنوان:‏ ليست تلفيقية وليست توفيقية بل انتقائية تكاملية وذلك في معرض مناقشة دراسةقيمة كان الدكتور عبد السميع سيد أحمد قد نشرها بالعدد الأول من نفس اجمللة عن ‏(أزمةالهوية في الفكر التربوي في مصر).‏342


الهوامش343


الفكر التربوي العربي الحديث344


اؤلف في سطورد.‏ سعيد إسماعيل علي.‏× من مواليد القاهرة عام× تخرج من كلية الآداب-جامعة القاهرة عام× حصل على الدكتوراه من كلية التربية-جامعة ع شمس عام× رأس وأشرف على أقسام التربية الإسلامية في عدد من الجامعاتاصرية كما عمل أستاذا زائرا في عدد من جامعات السعودية والكويت.‏× قام هام علمية في بعض جامعات أمريكا وإنجلترا وشارك في عددمن اؤرات العلمية.‏× أشرف على عدد من الرسائل العلمية لدرجتي ااجستير والدكتوراه.‏× له العديد من اؤلفات والدراسات والأبحاث التربوية والنفسية.‏× يعمل حاليا أستاذا للتربية بكلية التربية-جامعة ع شمس كما يرأستحرير مجلة دراسات تربوية.‏.١٩٦٥.١٩٥٩.١٩٣٧الكتابالقادمالرياضيات في حياتناتأليف:‏زلاتكا شبوريرترجمة:‏د.‏ فاطمة عبد القادر اما345

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!