08.02.2016 Views

AlHadaf Magazine - February 2016

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ّ<br />

ّ<br />

ُ<br />

ِ<br />

ِ<br />

ّ<br />

ّ<br />

ُ<br />

‏أنسامٌ‏ من<br />

خمائلِ‏ ‏لأدبِ‏<br />

عندما يكون اجلوابُ‏ داءً‏ ودواءً‏<br />

جهاد طاهر بكفلوين د.‏<br />

حسنُ‏ التخلّصِ‏ من املواقفِ‏ املحرِجةِ‏ موهبةٌ‏ ال يظفرُ‏ بها إالّ‏ عددٌ‏<br />

الغضِ‏ النّض من الناسِ‏ ، وهذه املوهبة ‏ّل تتجل بوجهِها<br />

محدودٌ‏<br />

عندما يستطيعُ‏ ذلكَ‏ املحشورُ‏ يف زاويةٍ‏ ضيّقةٍ‏ أن يحوّلَ‏ ذلك<br />

الضَ‏ يقَ‏ مساحةً‏ واسعةً‏ يصولُ‏ ويجولُ‏ فيها كام يشاء.‏<br />

النّضِ‏ ِ<br />

أمّا الوسيلة التي يستعنيُ‏ بها يف بسْ‏ طِ‏ تلك املساحةِ‏ فهي الجوابُ‏ املفحِ‏ مُ‏ الذي<br />

ينسابُ‏ انسيابَ‏ الجدولِ‏ إذا أرادَ‏ صاحبَهُ‏ جلوَهُ‏ بهذه الصّ‏ ورةِ،‏ أو يهدرُ‏ هديرَ‏<br />

الخضمِّ‏ عندما يهيبُ‏ به ليكونَ‏ عىل هذه الشّ‏ اكلةِ.‏<br />

ولربا قلبت القدرةُ‏ عىل حسنِ‏ التخلّص املوقفَ‏ رأساً‏ عىل عقبٍ‏ ؛ فجعلتِ‏ ‏ِت ولربّ‏<br />

الضّ‏ يق اتّساعاً‏ والشدّةَ‏ فرَجاً،‏ وال بأسَ‏ من سَ‏ وقِ‏ بعضِ‏ األمثلةِ‏ لتكونَ‏ حُ‏ جّ‏ ةً‏ لنا<br />

يف إثبات صحّ‏ ةِ‏ ما نذهبُ‏ إليه.‏<br />

فها هيَ‏ الحكايةُ‏ العربيّةُ‏ التي تنبضُ‏ موعظةً‏ وحكمةً‏ تشري إىل أمريٍ‏ ، كانَ‏<br />

بانتظارِ‏ خربٍ‏ مفرِحٍ‏ تأيت به زوجُ‏ هُ‏ التي كانت حامالً،‏ وراحَ‏ ذلك األمريُ‏ مينّي<br />

النّفْسَ‏ باستقبالِ‏ جرعةٍ‏ كبريةٍ‏ من السّ‏ عادة يحملُها املولودُ‏ الذّكرُ‏ القادمُ‏ عىل<br />

الطّ‏ ريق،‏ لكنّ‏ ذلكَ‏ األمريَ‏ ال يعلمُ‏ بأنّ‏ قدَرَ‏ اللهِ‏ هو املايض سواءٌ‏ أشئْنا ذلك<br />

القدرَ‏ أم مل نشأْ،‏ ومل يكن األمرُ‏ كام قدّرَ‏ ذلك األمريُ:‏<br />

قدّرتُ‏ أشياءً‏ وقدّ‏ رَ‏ غريَها<br />

يخطُّ‏ مصائرَ‏ اإلنسانِ‏ ‏ِن<br />

قدَرٌ‏<br />

فقد وضعتْ‏ زوجُ‏ هُ‏ بنتاً‏ ، فساءَه ذلك وامتنعَ‏ عن<br />

عام،‏ فدخلَ‏ عليه بُهلول املجنونُ‏ فقال له:‏ ما هذا الطّ‏<br />

؟ أجزعتَ‏ لخلْقٍ‏ سويٍّ‏ أعطاكَهُ‏ ربُّ‏ العاملني؟ الحزنُ‏<br />

أنَّ‏ مكانها أبناءَ‏ مثيل؟!‏ فنزلتْ‏ هذه الكلامت أيسُّك<br />

أيسُ‏<br />

تفيضُ‏ حكمةً‏ عىل قلبِ‏ ذلك األمريِ‏ املحزونِ‏ برْداً‏ التي<br />

وجعلتْهُ‏ يفطِ‏ نُ‏ إىل الظّ‏ لمِ‏ الكبريِ‏ الذي فرضَ‏ هُ‏ عليهِ‏ ‏ِه<br />

وسالماً،‏<br />

أفقِهِ‏ ونظرتُه القامتةُ‏ التي تغلّفُ‏ العالَمَ‏ من حولهِ‏ ‏ِه<br />

ضيقُ‏<br />

أسودَ‏ حالكٍ‏ ، فام كانَ‏ منهُ‏ إالّ‏ أن خلعَ‏ ذلكَ‏ ‏ّش الشيطَ‏<br />

شبشبشيطٍ‏<br />

بعيداً‏ عنه،‏ ليخرجَ‏ من ظلامتِ‏ ذلك السّ‏ جنِ‏ إىل نورِ‏ ‏ِر<br />

ورماهُ‏<br />

عنهُ.‏ الرّحيبِ‏ ، وكان أن سُ‏ سِّيَ‏ العاملِ‏<br />

اجلوابُ‏ يزيلُ‏ االلتباسَ‏<br />

كانَ‏ الجوابُ‏ املدروسُ‏ عامالً‏ إيجابيّاً‏ يف توضيحِ‏ موقفٍ‏ لربّ‏ لربا بدا ملتبساً‏ ولطاملا<br />

ذهنِ‏ الطّ‏ رفِ‏ اآلخرِ،‏ ولربّ‏ ولربا كان االلتباسُ‏ سبباً‏ يف جعلِ‏ هذا الطّ‏ رَفِ‏ جانحاً‏ يف<br />

للغضبِ‏ أو التوتّر.‏<br />

فمن ذلكَ‏ أنّ‏ رجالً‏ رمى عصفوراً‏ فأخطأهُ‏ وكانَ‏ ذلك الرّجلُ‏ ينسبُ‏ إىل نفْسِ‏ هِ‏<br />

املهارةَ‏ يف التّصويبِ‏ ، والدّقّةَ‏ البالغةَ‏ يف إصابةِ‏ الهدفِ‏ ، لكنّ‏ فألَ‏ الرّجلِ‏ خابَ‏<br />

وطاشتْ‏ رميتُهُ‏ مبتعدةً‏ عن الهدفِ‏ ، وكانَ‏ إىل جوارهِ‏ رجلٌ‏ يراقبُ‏ املشهد،‏<br />

فقالَ‏ لهُ:‏ أحسنتَ‏ ! فانتفختْ‏ أوداجُ‏ الرّامي حنَقاً‏ وغيظاً،‏ وألقى نفْسَ‏ هُ‏ يف<br />

دوّامةِ‏ الغضبِ‏ مستسلامً‏ لهُ؛ ظنّاً‏ منهُ‏ أنّ‏ ذلك الرّجلَ‏ قالَ‏ ما قالَ‏ من بابِ‏<br />

الهزءِ‏ والسخرية،‏ فتوجّ‏ هَ‏ إليه قائالً:‏ أتهزأُ‏ يب؟ فردَّ‏ الرّجلُ‏ بكلِّ‏ هدوءٍ:‏ ال،‏ ولكنْ‏<br />

أحسنتَ‏ إىل العصفور إذْ‏ مل تصبْهُ!.‏<br />

لقد كان جوابُ‏ الرّجلِ‏ بحقٍّ‏ دواءً‏ ناجعاً‏ عالجَ‏ به مرضاً‏ مقلقاً‏ ظهرَ‏ لدى ذلكَ‏<br />

املتس عِ‏ األهوجِ‏ ؛ الذي صبَّ‏ جامَ‏ غضبِهِ‏ عىل رجلٍ‏ كان قريباً‏ منهُ،‏ ومل سِّ‏<br />

الرّجلِ‏<br />

ضمْ‏ ناً‏ أنّ‏ العيبَ‏ كانَ‏ كامناً‏ فيهِ،‏ ومل يكنْ‏ موجوداً‏ فيمن كان قربَهُ:‏ يعرتفْ‏<br />

ذا الذي تُريض سجاياهُ‏ كلُّها ومَنْ‏<br />

كفى املرءَ‏ نبْالً‏ أن تُعدَّ‏ معايبُهْ‏<br />

يف عرصِنا هذا انتشاراً‏ واسعاً،‏ نخطئُ‏ ‏ُئ شةٌ‏<br />

منتش<br />

اآلفةُ‏ وهذه<br />

حرَجاً‏ يف أنفسِ‏ نا ينهانا عن االعرتافِ‏ بالخطأ:‏ فنجدُ‏<br />

الرأيِ‏ مضياعٌ‏ لفرصتِ‏ لفرصتِهِ‏ ‏ِه<br />

وعاجزُ‏<br />

حتّى إذا فاتَ‏ أمرٌ‏ عاتبَ‏ القدَرا<br />

وندورُ‏ وكأنّنا نخىش النّظرَ‏ يف وجهِ‏ الحقيقةِ،‏ وال أقولُ‏ ‏ُل<br />

نلفُّ‏<br />

أنسام من<br />

خمائل األدب<br />

80

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!