التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>التاريخ</strong> الإسلامي<br />
دفعة جديدة من البربر حيث تتوالى العملية بلا توقف. ومن ثم، على عكس رواية الطبري الخطية<br />
اللاهوتية الخاضعة لتو<strong>جيه</strong> الله، نظر ابن خلدون إلى <strong>التاريخ</strong> على أنه عملية دورية خاضعة للقواعد<br />
والأنماط. وهذا هو املنهج الذي يتبناه املؤرخون وعلماء الاجتماع املعاصرون، وبقدر ما ينسب إلى<br />
ابن خلدون من وضع هذا املنهج، يمكن اعتباره مؤسس هذه املجالات الأكاديمية (وإن لم يكن<br />
هناك دليل على أن مؤسسيها اللاحقني يدينون بالفضل لابن خلدون). قال أرنولد جوزيف توينبي<br />
عن <strong>مقدمة</strong> ابن خلدون (املقدمة النظرية لعمل ابن خلدون <strong>التاريخ</strong>ي التي وردت هذه امللاحظات<br />
فيها) إنها «فلسفة تاريخ لا شك أنها العمل الأعظم من نوعه الذي يضعه أي عقل في أي زمان<br />
أو مكان». وكان رونالد ريجان أيضً ا من املعجبني املؤكدين بابن خلدون.<br />
لا تقتصر املناهج املتضاربة تجاه <strong>التاريخ</strong> الإسلامي على الدراسة الغربية الحديثة؛<br />
فقديمًا نظر أهل السنة والشيعة إلى <strong>التاريخ</strong> من منظورين مختلفني تمامًا، وفي العصور<br />
الحديثة، لاقت التفسريات «الإسلامية» و«املعاصرة» (أو «الإصلاحية») للتاريخ التأييد من<br />
قِ بل أنصارها املسلمني. يرى معظم أهل السنة (على الأقل منذ القرن التاسع) أن <strong>التاريخ</strong><br />
ليس أقل من تنفيذ لإرادة الله على الأرض؛ ومن ثم فاملسار الذي اتخذه <strong>التاريخ</strong> لا <strong>جدا</strong>ل<br />
فيه. أما الشيعة فريون أن <strong>التاريخ</strong> الإسلامي قد قطعته سلسلة من الأخطاء الكارثية؛ إذ<br />
كان ينبغي لعلي ٍّ أن يخلف النبي، لكنه تعرض للتجاوز (وكانت السنوات الست التي<br />
قضاها خليفة قصرية ومتأخرة للغاية)، ثم استُشهد مثلما حدث مع ابنه الحسني. وكان<br />
املفترض بالثورة العباسية أن تعيد الشيعة إلى الحكم، لكن زعماء الحركة غريوا آراءهم<br />
في آخر لحظة؛ وبعدها سعى الخليفة املأمون لتعيني إمام شيعي خليفةً له، لكن الأخري<br />
مات في ظروف غامضة (ومعظم الأئمة الاثني عشر — إن لم يكن جميعهم — تعرضوا<br />
إما للسجن أو القتل أو كليهما معًا). واستطاع البويهيون الشيعة الوصول إلى الحكم<br />
في بغداد، لكنهم اختاروا عندئذ الإبقاء على الخليفة العباسي على العرش. والفاطميون<br />
والصفويون طبقوا حكمًا شيعيٍّا، لكنهم سرعان ما تخلوا عن معظم وعودهم الثورية.<br />
وفي معظم أجزاء العالم الإسلامي (والغربي) كانت الهيمنة لرواية أهل السنة عن <strong>التاريخ</strong><br />
الإسلامي. وفي إيران الحديثة يجتمع الحنني الفارسي للأمجاد الاستعمارية املاضية مع<br />
إحساس الشيعة بالاضطهاد ليو<strong>جدا</strong> شعورًا قويٍّا بالظلم <strong>التاريخ</strong>ي.<br />
حتى داخل الدوائر الس ُّ نية، ظهرت على مر القرون مناهج متضاربة تجاه <strong>التاريخ</strong><br />
الإسلامي. يرى املنهج السني التقليدي أن إرادة الله تقف وراء الأحداث، وأن علينا<br />
الاستجابة للحقائق التي تشكلت في الفترة من عام ٦٠٠ إلى ٨٠٠ لا أن نوجد حقائق<br />
104