20.02.2018 Views

التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين

التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين

التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

<strong>التاريخ</strong> الإسلامي<br />

الدينية.‏ لقد منح محم َّدٌ‏ العباسيني الحق في الحكم،‏ لكنه أيضً‏ ا منح العلماء الحق في تحديد<br />

املعتقد التقليدي؛ إذ كان يُعتقد أن العلماء — لا الخلفاء — هم من احتفظوا بسجل دقيق<br />

لسلوكه النموذجي ‏(السن َّة).‏ تقب َّل الخلفاء في النهاية مكانة العلماء ولكن بعد مقاومة؛<br />

فقد حاول املأمون ‏(الذي امتدت فترة خلافته من عام ٨١٣ حتى عام ٨٣٣) التأكيد على<br />

النفوذ الديني ملنصبه عن طريق إخضاع العلماء لتحقيق ‏(عُرف باسم ‏«املحنة»)،‏ وفيها<br />

كان يُفرَض رأي الخليفة بشأن مسألة لاهوتية على جميع العلماء مع التحقق الدوري من<br />

آراء العلماء كل ٍّ على حدة.‏ ظلت هذه ‏«املحنة»‏ سياسةً‏ للخلافة حتى تخلى عنها الخليفة<br />

املتوك ِّل عام ٨٤٨، وعندها بات واضحًا أن الخلفاء خسروا املعركة والحرب كل َّها؛ واملثري<br />

للدهشة أنه سرعان ما أي َّد الخلفاءُ‏ العلماءَ‏ بعد ذلك عن طريق شمولهم بالرعاية الفائقة<br />

في كثري من الأحيان.‏<br />

بحلول منتصف القرن العاشر،‏ لم يكن لدى الخلفاء العباسيني سوى أَثَر من النفوذ في<br />

العراق نفسه.‏ وحتى هناك،‏ تعرضوا للإهانة مع وصول البويهيون الشيعة العاصمة،‏ وهم<br />

غزاة غلاظ من شمال إيران أحيوا بعض التقاليد الساسانية لكنهم أبقوا العباسيني على<br />

عرش الخلافة.‏ منذ ذلك الوقت — ومع القليل من الاستثناءات — كان الخلفاء العباسيون<br />

في أفضل الأحوال رؤساء روحانيني للعالم الإسلامي.‏ حكم البويهيون العراق وغرب إيران<br />

ملا يزيد عن قرن (٩٤٥–١٠٥٥)، ليطيح بهم السلاجقة السن َّة (١٠٣٧–١١٥٧ تقريبًا)‏<br />

الذين مثلوا أولى موجات عدة من الأتراك تدخل العالم الإسلامي طواعية.‏<br />

مع أن كل هذا يبدو سلبيٍّا للغاية — وهو ما كان حتمًا كذلك من منظور الخلفاء<br />

العباسيني والعراق بصورة عامة — كان ‏«الإسلام»‏ بوصفه دينًا وحضارة في أزهى صوره<br />

بنهاية هذه الفترة.‏ ففي ظل التقسيم السياسي للخلافة ووجود خلافتني أخريني متمركزتني<br />

في قرطبة والقاهرة،‏ انتقلت ملامح السلطة العباسية والحضارة الإسلامية بصورة عامة<br />

إلى البلاطات املتعددة التي ظهرت في كل أنحاء العالم الإسلامي،‏ بما لذلك من تبعات<br />

دينية وثقافية مهمة حقٍّا.‏ فوجود مراكز إقليمية للثقافة الإسلامية — تشك َّل العديد منها<br />

عن قصد على شاكلة البلاط العباسي — كان يعني إمكانية تركيز الطاقات السياسية على<br />

مناطق كانت بعيدة للغاية بحيث لم تكن تسترعي اهتمام الخليفة في قرون سابقة.‏ تحقق<br />

انتشار الإسلام فيما وراء حدوده التقليدية في املنطقة القاحلة الكبرى بفضل الإجراءات<br />

التي اتخذها الحكام الإقليميون؛ إذ شن الفاطميون والبربر في شمال أفريقيا غارات في<br />

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى،‏ مثلما فعل الغزنويون في الهند،‏ حيث شن السلطان<br />

32

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!