التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
قصة <strong>التاريخ</strong> الإسلامي<br />
وحتى املؤلفات التي تناولت التوحيد والفلسفة والطب والعلم والأدب و<strong>التاريخ</strong>. نتج عن<br />
ذلك ثورة متكافئة في الثقافة والحضارة الإسلامية أدت إلى ظهور نخبة مدنية متنوعة في<br />
العالم الإسلامي بحلول القرن التاسع.<br />
انتعشت حركة السفر والتجارة أيضً ا في هذه الفترة متأثرة بهذا التطور الثقافي<br />
ومؤثرة فيه. لم يقتصر الأمر على أن أدب الرحلات (سواء الحقيقي أم الخيالي)، والخرائط،<br />
واملؤلفات الجغرافية قد أُنتجت على أساس تجارب جديدة في أراضٍ بعيدة — وإن كان هذا<br />
قد حدث بلا شك — ولكن تجار الشرق الأدنى زادوا أيضً ا من نطاق تعاملاتهم إلى ما وراء<br />
حدود الدولة العباسية. يحد ِّثنا أحد كتاب القرن التاسع عن اليهود العراقيني متعددي<br />
اللغات الذين جابوا أوراسيا متنقلني بني فرنسا والصني (مرورًا بالأراضي الإسلامية،<br />
وجنوب روسيا، والهند في طريقهم)، كما أن اكتشاف الآلاف من عملات الدولة العباسية<br />
في إسكندنافيا يشهد باتساع نطاق هذا النشاط التجاري. حتى انتشار صناعة الورق<br />
من الصني إلى الشرق الأدنى يفيدنا في هذا السياق؛ فاملصادر املتاحة لدينا تخبرنا بأن<br />
املسلمني هزموا أحد الجيوش الصينية عام ٧٥١، وأسروا صانعي الورق في تلك الأثناء،<br />
وتعلموا منهم تقنيات الصناعة. ما يثري الاهتمام أن مثل هذه الظروف العدائية — حيث<br />
نشوب حرب دموية في آسيا الوسطى — لم تمنع التفاعل الثقافي بني الشعوب، وانتشار<br />
السلع والأفراد والأفكار. كان لدى املسلمني في هذه الفترة مناطق حدودية قائمة في كل ٍّ من<br />
إسبانيا، وجنوب أوروبا، وآسيا الوسطى والهند، وأفريقيا؛ وهو ما أتاح للحكام والأفراد<br />
فرصة لاستقاء املجد من رفع راية الجهاد. تذك ِّرنا قصة صانعي الورق الصينيني (وهي<br />
بلا شك مجرد قصة) أن مثل تلك املواجهات من وجهة نظر مؤلفي القصة كانت تتيح<br />
مزيدًا من الفرص للتفاعل الثقافي بقدر ما قد تعيقه.<br />
تحق َّق هذا «العصر الذهبي» للحضارة الإسلامية (حسبما يسميه البعض) بفضل<br />
وجود توازن دقيق بني ظروف ملائمة، وخصوصً ا التدفق الثابت للدخل في خزينة<br />
الخلافة معز َّزًا بالإمساك الكفء للدفاتر، وكذلك وجود استقرار نسبي داخل أراضي<br />
الدولة العباسية. اختل هذا التوازن بدءًا من النصف الثاني من القرن التاسع فصاعدًا،<br />
ولم يكن ممكنًا أبدًا تحسن الظروف اللازمة لعوملة الدولة العباسية. وبدأت الثروة الناجمة<br />
عن التجارة وفرض الضرائب تتضاءل لعدد من الأسباب. فقد انخرط إقليم «السواد» في<br />
جنوب العراق — الذي كان مصدرًا لجزء كبري من الحاصلات الزراعية للعباسيني — في<br />
حالة من الفوضى بسبب تمرد قام به عبيد شرق أفريقيا العاملني في البصرة بتحريض<br />
29