التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>التاريخ</strong> الإسلامي<br />
فئة أخرى من الشباب الأمريكي يظهرون وعيهم بأهمية املاضي لهم عن طريق<br />
ارتداء نوع مختلف من الأساور أحدها يحمل الحروف الأولى من عبارة (ماذا كان املسيح<br />
سيفعل؟) والهدف من هذه الأساور تذكري من يرتدونها باتباع تعاليم املسيح حينما<br />
تواجههم أزمات أخلاقية. وليس غريبًا أن معظم املسلمني لا يريدون أن يعرفوا ماذا كان<br />
املسيح سيفعل؛ والأشد غرابة أنهم لا يريدون أن يعرفوا ماذا كان محم َّد سيفعل، بل يريد<br />
املسلمون أن يعرفوا ماذا فعل محم َّد، وهو ما جعلهم يبتكرون مصطلح «السنة»، وهو<br />
مصطلح يشمل أيضً ا الأفعال والأقوال املسجلة لبعض الشخصيات النموذجية الأخرى<br />
من العصور الإسلامية الأولى. ظاهريٍّا، ثمة تشابه بني «السن َّة» ومفهوم «محاكاة املسيح»<br />
(الذي اقتُبست منه فكرة الأساور املشار إليها سلفًا)؛ ففي كلتا الحالتني يُعتقد أن لسلوك<br />
إحدى الشخصيات الرئيسية في أحد الأديان تأثريًا على سلوك املؤمنني املعاصرين. لكن<br />
عند التمحيص يظهر فارق مهم بني املفهومني؛ إذ تعتمد «السنة» اعتمادًا كاملاً على<br />
املعرفة <strong>التاريخ</strong>ية، فإن كنا لا نستطيع إعادة بناء حياة محمد وليس لدينا سجل لأقواله،<br />
نكون قد ضللنا الطريق. على النقيض لا يعتمد مفهوم «محاكاة املسيح» على <strong>التاريخ</strong>؛<br />
فكل ما يطلبه منا أن نتبع إنجيل الحب الذي جاء به املسيح، وأن نكون صالحني بوجه<br />
عام. (وفي نسخته الأصلية التي ظهرت في القرن الخامس عشر، شجع هذا املفهوم أيضً ا<br />
ممارسات زاهدة لم يعد يبتغيها معظم الشباب املسيحي.)<br />
يسعى املسلمون إلى التمث ُّل بمحم َّد لأسباب ثلاثة. أولاً ، يخبرهم القرآن مرارًا وتكرارًا<br />
وبطرق مختلفة أن يفعلوا ذلك (مع أنه لم يذكرها صراحة؛ والآية ٢١ من سورة الأحزاب<br />
هي الأقرب، وحتى هذه الآية أبعد ما تكون عن التصريح). ثانيًا، ثمة اعتقاد بأن الله<br />
أوحى بمعنى آيات القرآن إلى محمد مثلما أوحى إليه بالآيات نفسها؛ وعندئذ يُنظر إلى<br />
أفعاله على أنها انعكاس لكل ما أراده الله للبشر دون أن يُذكر صراحة، أو أنها التفسري<br />
القاطع لهذه الآيات. وأخريًا، ما إن وصل املوروث الإسلامي إلى اعتبار محمد معصومًا<br />
من الخطأ حتى ظهرت عقيدة تقول إنه لا بد من اتباع سن َّة محمد. وقد رأينا أن هذه<br />
الأفكار مرتبطة بالشافعي؛ وعلى هذا النحو فإنها لم تكن ملزِمة قبل القرن التاسع.<br />
جدير أن نضع في الاعتبار أن ما صدر عن محم َّد من أقوال وأفعال من املرجح أن تكون<br />
له أهمية كبرى منذ البداية، كما هو الحال مع املؤسسني الآخرين للأديان والأمم الكبرى.<br />
لقد رفع الثوريون العباسيون في منتصف القرن الثامن شعار «نطالب بالعودة إلى كتاب<br />
الله وسنة نبيه»؛ وهو شعار غامض على نحو بارع افترض مع ذلك أن سلوك محمد<br />
108