التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
التاريخ الإسلامى: مقدمة قصيرة جدا- آدم جيه سلفرستاين
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
شعوب وثقافات<br />
محليني) علاقة باللغة العربية كلغة دينية، فإنهم شملوا برعايتهم املنح التعليمية<br />
الفارسية حتى في تلك املجالات التي كانت قاصرة حتى ذلك الوقت على اللغة العربية.<br />
ومن الناحية الأخرى، أجبرت الفوضى التي تسببت فيها الفتوحات الباحثني الإيرانيني<br />
البارزين على السعي وراء الأمان (والرعاية) في مكان آخر؛ الهند الإسلامية في الأغلب.<br />
وفي ظل حكم سلاطني دلهي وسلاطني املغول على وجه الخصوص، كان الأدب الإسلامي<br />
الهندي، والفنون (الرسم على وجه الخصوص)، وشئون الإدارة الإمبراطورية فارسية<br />
لغةً وشكلاً ، وكذلك شهدت الأراضي املغولية إنتاج بعض أرقى نماذج الثقافة الفارسية.<br />
لذا كانت الفارسية اللغة البارزة للثقافة الرفيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي بدءًا<br />
من القرن الحادي عشر وحتى القرن التاسع عشر (بل وحتى وقت متأخر عن ذلك في<br />
بعض املناطق). وحتى عندما أفل نجم الفارسية أخريًا على يد اللغة الإنجليزية ثم الأردية<br />
والهندية في الهند، وعلى يد اللغة التركية والعربية في الأقاليم فيما بعد الحكم العثماني،<br />
كان أثرها لا يزال ملموسً ا على عدة مستويات؛ فالأدب الأردي لا يزال يقتفي أثر النماذج<br />
الفارسية، وأهل الغرب العصريون يقرءون الكتابات الصوفية للرومي (توفي عام ١٢٧٣)<br />
الذي قيل عنه إنه «لم يكن نبيٍّا لكنه أوتي الكتاب». كذلك وجد الأدب الفارسي معجبني<br />
في أعمال جوته (الديوان الغربي الشرقي) وبوتشيني (توراندوت) من بني عدة مؤلفني<br />
غرب آخرين.<br />
من الواضح أن هناك الكثري من الأمور التي يفخر بها الفرس؛ بوصفهم قادة<br />
إمبراطوريني في عصور ما قبل الإسلام ورو َّاد ثقافة وإدارة في العصور الإسلامية. كفل<br />
الوصول املتأخر للهيمنة الغربية غري املباشرة إلى إيران عام ١٩٠٧ (حينما قس ِّ مت البلاد<br />
إلى مناطق نفوذ على يد بريطانيا وروسيا) عدم ضعف الوطنية الإيرانية قط. وعلاوةً<br />
على ذلك، ساهمت مقاومة الفرس لانتشار اللغة العربية — بالإضافة إلى الهوية الشيعية<br />
لإيران — في نشر مشاعر التفرد القومي طيلة قرون.<br />
الجانب الآخر لكل هذا أنه حينما عجزت مكانة إيران في العالم عن تلبية الطموحات<br />
والتطلعات القومية، كان يجري بني الحني والآخر البحث عن املسو ِّغات في مواضع<br />
غريبة (وخطرية). فمنذ بداية القرن العشرين حينما كان التدخل الأجنبي في البلاد<br />
في ذروته، شاعت على نحو واسع — حتى بني النخب الدينية والسياسية في البلاد —<br />
نظريات املؤامرة التي تربط املحن التي مرت بها إيران بمخططات سرية وضعها الروس،<br />
والبريطانيون، والأمريكيون، والصليبيون/املسيحيون، والصهاينة/اليهود، واملاسونيون،<br />
والبهائيون، بل والشيطان.<br />
61