جريدة لوموند ديبلوماتيك جويلية/أوت 2019
العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك
العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
13 <strong>جويلية</strong>/<strong>أوت</strong> - تموز/آب <strong>2019</strong><br />
باريس<br />
في تمرد<br />
حيف، وهي بذلك ملتزمة بأن تأخذ<br />
بعين االعتبار المطالب العادلة<br />
لكافة السكان، دون ميز على أساس<br />
الجنس، وهو ميز تم خلقه واإلبقاء<br />
عليه تمشيا مع مبدأ التناقض<br />
الذي ترتكز عليه المزايا المكفولة<br />
للطبقات الحاكمة«.<br />
وفي النوادي التي تم فتحها<br />
في الكنائس، وبعضها نواد نسائية<br />
صرفة، كان التعبير حرّ ا بالكامل.<br />
كل شيء أضحى من الممكن جعله<br />
محور مواعظ أو نقاشات: الدفاع<br />
عن الثورة وتعليم الفتيات وتساوي<br />
األجور والقوانين االجتماعية<br />
واالرتباط الحر وجبن الرجال<br />
وإنهاء االستغالل في العمل... يوم<br />
3 ماي/أيار، ولدى افتتاح نادي<br />
الثورة االجتماعية في كنيسة سان<br />
ميشال بباتينيول: »كنا نحس عند<br />
انطالقنا للقتال من أجل الكومونة<br />
بأن الرجال قد تركوا في منازلهم<br />
بذورا متينة من األفكار الثورية«.<br />
كنا نفارق بعضنا البعض على<br />
صدى »أغنية الوداع« ونشيد<br />
»المارساياز«، مع جدول أعمال<br />
للحصة المقبلة موضوعه: »المرأة<br />
في منظار الكنيسة وفي منظار<br />
الثورة«)6(.<br />
انتقد بول دي فونتوليو، بقلمه<br />
الالذع المغموس في إبريق حبر<br />
من قصر فارساي، ما قال إنه<br />
شاهده وسمعه: »في نادي إيلو،<br />
كان من بين من ألقوا الخطب،<br />
ومعذرة عن وطأة الكلمة، المواطنة<br />
فاالنتين، وهي بائعة هوى كانت<br />
أحرقت رأس قوادها يوم 22 ماي/<br />
أيار ألنه لم يكن يريد الذهاب<br />
إلى مواقع حواجز الجنود. كما<br />
تحدثت المواطنة مورال التي<br />
سبق أن حوكمت بالسجن خمس<br />
مرات: “أطالب، من أجل اإلنتهاء<br />
من كل هذا بأن يتم إلقاء كل<br />
المتدينات في نهر السين، هناك<br />
الكثير منهن يعطين السم ألعضاء<br />
الكتائب المتحدة”. في كنيسة<br />
سان لومبار بفوجيرار، هناك<br />
نادي النساء الوطنيات )ترأست<br />
اجتماع فوجيرار نمساوية اسمها<br />
رايدنهراث(...، وهي من المثقفات<br />
الثوريات وتمت إدانتها في فيينا<br />
بتهمة اإلخالل بمقتضيات األخالق،<br />
وهذا أمر تتبجح به وكأنه عنوان<br />
فخر. )...( في نادي الخالص<br />
)...( ليس هناك من أحد سوى<br />
النسوة. يتمثل جدول األعمال في:<br />
)وسائل تجديد المجتمع(. تحدثت<br />
امرأة ثالثينية قائلة: “الجرح<br />
االجتماعي، الذي يتعين قبل كل<br />
شيء غلقه، هو جرح األعراف<br />
الذين يستغلون العامل ويغتنون<br />
على حساب عرقه. ال مجال بعد<br />
اليوم ألعراف ينظرون إلى العامل<br />
كأداة إنتاج. ليوحد العمال صفوفهم،<br />
وليضافروا جهودهم، وعندها<br />
ستتحقق سعادتهم. هناك علة أخرى<br />
يعاني منها المجتمع الراهن، وهي<br />
أن األغنياء لوحدهم هم من يشربون<br />
أفضل الشراب وتتوفر لهم أفضل<br />
سبل الترفيه، دون أن تواجههم أي<br />
صعوبات. يتعين أن نضع حدا لهذه<br />
الوضعية التي يتمتع هؤالء وكذلك<br />
الكهنة والراهبات. نحن لن نكون<br />
سعداء إال عندما ال يكون لدينا ال<br />
أعراف وال أغنياء وال كهنة”. في<br />
نادي سان سولبيس، )...( رددت<br />
فتاة اسمها غابريال، وهي بنت<br />
امرأة خاضعة، بقولها: “الكهنة...<br />
يجب إعدامهم بالرصاص، هم من<br />
يحولون دون أن نعيش كما نريد.<br />
النساء يقعن في الخطأ عندما يذهبن<br />
إلى جلسات االعتراف بالكنيسة،<br />
وأنا أدرك جيدا، وعن تجربة، ما<br />
أعنيه بحديثي. عليه، أدعو بقوة كل<br />
النساء إلى االنقضاض على كل<br />
الكهنة وإحراق وجوههم. عندما<br />
ينتهي هؤالء من الوجود، سنكون<br />
سعيدات” )...( أما لويز ميشال،<br />
وهي المرأة التي كانت أكثرهن<br />
حماسة وأكثرهن عنفا، فقد صرخت<br />
في جلسة يوم 17 قائلة »لقد أدركنا<br />
اليوم الكبير، اليوم الحاسم من أجل<br />
تحرر البروليتاريا أو بقائها في<br />
أغالل العبودية.. أيها المواطنون،<br />
بفضل شجاعتكم وبفضل طاقات<br />
وحماسة المواطنات، يمكننا أن<br />
نجعل باريس لنا، نعم أقسم بذلك،<br />
باريس ستكون لنا، أو لن تكون<br />
هناك باريس. لقد أضحى األمر<br />
بالنسبة للشعب مسألة حياة أو<br />
موت«)7(.<br />
ويوم 21 ماي/أيار 1871<br />
ومع دخول متساكني فارساي إلى<br />
باريس، بدأ »األسبوع الدامي«،<br />
الذي وصفته فيكتورين بروشي،<br />
كما يلي »تلك الليالي المأساوية التي<br />
هزتها أصوات الفرقعة الصاخبة«.<br />
وتضيف: »السبت 27. استهدفنا<br />
تبادل مكثف إلطالق النار، ما<br />
أحدث حالة من الفزع والهلع،<br />
إذ كانت الجموع تهرع باتجاهنا<br />
وهي تصرخ: لقد تم احتالل بالفيل<br />
جزئيا، تم إخالء قصر البلدية،<br />
هناك قتلى وجرحى يمألون<br />
الشوارع. كانوا يطلقون علينا النار<br />
من كل جانب. كتائب الثوريين<br />
المتحدين والمتطوعين يقاتلون<br />
مثل األسود. رايتنا في المقدمة،<br />
وسنجمع صفوفنا من أجل المعركة<br />
الحاسمة. كان هنالك بقايا حطام<br />
خلفتها كل الكتائب )...( ويوم 28<br />
في حدود منتصف النهار، انطلقت<br />
آخر رصاصات كتائب الثوار<br />
المتحدين من أعلى شارع باريس.<br />
جميع الحقوق محفوظة<br />
كانت القاعة شديدة االكتظاظ تطلق<br />
تنهيدة الوداع كمدا على الكومونة<br />
اآلفلة. لقد انتهى الحلم، وبدأت<br />
عمليات المطاردة والقمع إنه زمن<br />
اإلعتقاالت والمجازر)8(«.<br />
تخلص لويز ميشال إلى<br />
القول: »سأذهب مع الكتيبة 61 إلى<br />
مقبرة مونمارتر، حيث سنتموقع<br />
)...( لقد أسدل الليل ستاره.. كنا<br />
قليلي العدد.. لكننا عاقدين العزم.<br />
كانت القنابل تسقط قريبا علينا<br />
بين وقت وآخر، وكأننا بحضرة<br />
دقات ساعة... ساعة الموت. في<br />
هذه الليلة الصافية العابقة بعطر<br />
الزهور، كانت واجهات المرمر<br />
تبدو وكأنها تنبض بالحياة )...(<br />
لقد مرت بالمكان قبل ذلك قوافل<br />
نساء وهن يحملن العلم األحمر<br />
في المقدمة. كن يشكلن الحاجز<br />
المقام في الساحة البيضاء.<br />
كانت هناك إيليزابيث دميترياف<br />
والسيدة لو مال، ومالفينا بوالن،<br />
وبالنش لوفافر، أوكسكوفون. أما<br />
أندري ليو )وهو االسم المستعار<br />
للصحفية فيكتوار ليودين بيرا(<br />
فقد كانت موجودة على مستوى<br />
حاجز منطقة باتينيول. خالل شهر<br />
ماي/أيار، كافح أكثر من عشرة<br />
آالف امرأة، فرادى وجماعات،<br />
من أجل الحرية )...( لقد ترددت<br />
أساطير مجنونة عجيبة حول نساء<br />
مشعالت للنار، لم يكن هناك من<br />
مشعالت للنار.. إنهن نساء كافحن<br />
كلبؤات.. لكن ليس هناك سواي<br />
من صرخ محذرا من النار! النار<br />
أمام هؤالء الوحوش! ال أتحدث<br />
عن المقاتالت، وإنما عن ربات<br />
البيوت، الالئي كن يعتقدن أنهن<br />
محميات داخل أحيائهن بالتلويح<br />
ببعض أواني الطبخ التي كن<br />
ولدت 29 ماي/أيار<br />
1830 وتوفيت في<br />
9 جانفي/كانون الثاني<br />
1905، وهي مدرسة<br />
وناشطة فرنسية<br />
ميشال لويز<br />
جميع الحقوق محفوظة<br />
يحملنها للبرهنة على أنهن يبحثن<br />
فقط عن الطعام ألبنائهن الصغار<br />
)علبة حليب، مثال(، ولكنه كان<br />
ينظر إليهن على أنهن من مشعلي<br />
النار وأنهن يحملن بنزينا، ويتم<br />
وضعهن وظهورهن على الحائط<br />
لقد غمرت فارساي باريس بكفن<br />
مغمس بلون الدم األحمر. هناك<br />
زاوية وحيدة لم تسدل لحافها على<br />
الجثة. كان يجري في الثكنات<br />
تركيب الرشاشات في قوالبها.<br />
وكان يتم قتل الناس وكأن األمر<br />
عملية صيد، إنها مجزرة بشرية. أما<br />
أولئك الذين أصيبوا إصابات بالغة،<br />
ويجرون متكئين على الجدران،<br />
يتم قتلهم على مهل. )...( وألن<br />
روائح المجازر قد اجتذبتها، وفي<br />
مسار يتابع سير الجيش النظامي،<br />
شهدنا، عند انتهاء الكومونة، وقبل<br />
ذباب المقابر الجماعية، بروز تلك<br />
الغيالن، التي يعود وجودها إلى<br />
ماض سحيق، وقد أصابها الجنون<br />
والكلب وأعمتها نشوة الدم. كانوا<br />
يرتدون مالبس أنيقة، ويجوبون<br />
أنحاء ساحات المجازر يتفحصون<br />
الجثث المتناثرة ليشبعوا نظرهم من<br />
مشهد الموتى. بعض هذه الغيالن<br />
حام الشك في كونها من حاملي<br />
وقود إشعال النار، فتم إطالق النار<br />
عليها فورا، كما اآلخرين)9(«.<br />
6( ال<strong>جريدة</strong> الرسمية للجمهورية الفرنسية في ظل<br />
كمون باريس، »الجزء غير الرسمي«، 5 ماي/<br />
أيار 1871.<br />
7( بول دي فونتوليو، »كنائس باريس في ظل<br />
الكومونة«، أ. دانتو، باريس، 1873.<br />
8( فيكتورين ب. )بروشي(، »مذكرات ميتة<br />
حية«، مصدر سابق.<br />
9( لويز ميشال، »الكومونة«، مصدر سابق.