01.08.2019 Views

جريدة لوموند ديبلوماتيك جويلية/أوت 2019

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

15 <strong>جويلية</strong>/<strong>أوت</strong> - تموز/آب <strong>2019</strong><br />

األمني<br />

يستبعدون وزارة الخارجية<br />

يطلق عليه أحيانا اسم ‏»رجل إفريقيا«،‏ أتى<br />

من قوات البحرية،‏ التي يرتبط تاريخها<br />

وثيق االرتباط بتاريخ االستعمار.‏ كما<br />

شكلت المشاركة الفاعلة للو دريان،‏ الذي<br />

كان وزيرا للدفاع آنذاك،‏ أمرا حاسما.‏ يذكر<br />

أحد الديبلوماسيين بمالبسات تلك الفترة<br />

ويقول:‏ ‏»في ذاك الوقت،‏ كان فابيوس يشغل<br />

منصب وزير الشؤون الخارجية،‏ لكنه لم<br />

يكن يهتم كثيرا بإفريقيا.‏ كما أن الرئيس<br />

لم يكن ينصت إليه.‏ على العكس من ذلك،‏<br />

كان لو دريان،‏ مقربا من هولند،‏ تحول إلى<br />

شخصية محورية بعد االنطالق المتتابع<br />

لكل من عملية سارفال في مالي،‏ ثم عملية<br />

سانغاري في إفريقيا الوسطى في ديسمبر/‏<br />

كانون األول 2013«.<br />

مع توالي األشهر،‏ أضحى لو دريان،‏<br />

الذي أصبح وزير خارجية ماكرون سنة<br />

2017، المخاطب الرئيسي لرؤساء الدول<br />

في ‏»منطقة النفوذ«‏ اإلفريقية.‏ أصبح<br />

ديوانه يملك نفوذا أعلى من نفوذ خلية<br />

إفريقيا في اإليليزي وأكثر من إدارة وزارة<br />

الخارجية.‏ نجح هذا الوزير،‏ الذي ال يبدي<br />

اهتماما كبيرا الحترام حقوق اإلنسان،‏ في<br />

نسج عالقات شخصية مع ديبي،‏ وأيضا<br />

مع رئيس الكونغو دينيس ساسو نغيسو،‏<br />

أو أيضا مع الرئيس المصري عبد الفتاح<br />

السيسي.‏ هل يمكننا أن نرى في ذلك مؤشر<br />

موافقة على النفوذ العسكري في الخيارات<br />

السياسية اإلفريقية؟ لقد خصص ماكرون<br />

زياراته األولى خارج التراب الوطني إلى<br />

جنود عملية ‏»باركان«‏ في قاعدة غاو في<br />

مالي يوم 19 ماي/أيار 2017، أي خمسة<br />

أيام فقط بعد تسلمه لمهامه.‏<br />

إزاء تنامي الحركات الجهادية،‏ أنتجت<br />

األولوية األمنية رؤية ثنائية وفقا لها األمر<br />

هو معركة بين ‏»الخير«‏ و»الشر«.‏ إال أن<br />

بعض الحركات المسلحة تظهر بشكل أقرب<br />

منه إلى المحلية تحركها مطالب اجتماعية<br />

واقتصادية أكثر من كونها ارهابية ‏»مجنونة<br />

باللّه«.‏ بمجرد كنس تلك الحقيقة،‏ ال<br />

يمكن البتة طرح المفاوضة معهم مثلما<br />

طرح مؤتمر التفاهم الوطني الذي نظمته<br />

السلطات المالية في أفريل/نيسان 2017.<br />

‏»نحن منخرطون في معركة دون ضبابية<br />

ضد أولئك الذين يقومون باإلرهاب.‏ لذلك،‏<br />

توجد وسيلة واحدة وال توجد وسيلتان«‏<br />

وفقا لتصريح وزير الخارجية آنذاك ، جون<br />

مارك أيرولت في مسعى لقبر المبادرة.‏<br />

منذ بضع سنوات،‏ تأثرت الوكالة<br />

الفرنسية للتنمية بتأثير الجيش.‏ لدى مساءلته<br />

من قبل النواب يوم 22 ماي/أيار الماضي،‏<br />

أكد المدير العام للوكالة،‏ ريمي ريو،‏ أنه<br />

‏»سعى منذ وصوله إلى إدارة وكالة التنمية<br />

الفرنسية إلى تعميق التشاور مع قيادة أركان<br />

الجيوش بشأن محور األمن والتنمية«.‏<br />

تجسد هذا التعاون من خالل تبادل أعوان<br />

االتصال:‏ إلحاق ضابط بوكالة التنمية مقابل<br />

تعيين موظف من الوكالة لدى مقر القيادة<br />

العامة لعملية باركان في نجامينا.‏ تضم<br />

اجتماعات شهرية ديبلوماسيين وفاعلين في<br />

مجالي التنمية والدفاع بمقر وزارة الشؤون<br />

الخارجية.‏ وحتى معاهد البحث تعمل على<br />

الجمع بين عالمي الجامعة والجيش.‏<br />

العسكريون،‏ من ناحيتهم،‏ يرحبون<br />

بهذا التعاون والتنسيق.‏ يقول داهو:‏ من<br />

وجهة نظر العسكريين،‏ يتيح التعاون المدني<br />

العسكري،‏ الذي يتعلق بمجمل األنشطة<br />

الرامية إلى تنسيق العالقات بين المنظمات<br />

العسكرية والفاعلين المدنيين على مستوى<br />

منطقة تدخل،‏ ‏»تيسير تقبل السكان المدنيين<br />

لحضور القوات العسكرية«.‏ بالنسبة إليهم،‏<br />

تحظى المصالح العسكرية باألولوية مقارنة<br />

بأي اعتبار آخر.‏ وهكذا،‏ فإنه يتم بشكل<br />

متزايد مطالبة وكالة التنمية الفرنسية<br />

بتمويل مشاريع في المناطق التي يتدخل فيها<br />

الجيش.‏ بالمقابل،‏ يعتبر الباحثين وأعوان<br />

السياسات التنموية،‏ وفق ما صرح به بكل<br />

جدية أحد إطارات وكالة التنمية،‏ أن ‏»األمر<br />

ليس على قدر من السهولة.‏ هذان الوسطان<br />

ال يملكان نفس الثقافة.‏ فأعوان التنمية يجب<br />

عليهم أن يفكروا في المدى الطويل،‏ في حين<br />

أن العسكريين يفكرون في المدى القصير«.‏<br />

حفر آبار أو بناء مستوصف أو سوق،‏<br />

وتوزيع أغذية:‏ تلك هي نوعية المشاريع التي<br />

يريدها العسكريون،‏ ألنها مشاريع مرئية<br />

من شأنها أن تمكن في أسرع وقت ممكن من<br />

‏»كسب قلوب وعقول«‏ متساكني المناطق<br />

التي يتدخلون فيها.‏ لكن ‏»المختصين في<br />

التنمية«‏ يرون أن هذه االستراتيجية التي يتم<br />

تنفيذها باستقاللية عن السلطات الوطنية،‏<br />

تمثل سالفاخو حدين:‏ يمكن أن تسهم في<br />

نزع الشرعية عن دولة تواجه بعد صعوبات<br />

تتهددها في هذه المناطق المعزولة،‏ ومن<br />

هناك،‏ مفاقمة شعور الريبة لدى السكان<br />

إزاء السلطة العمومية.‏<br />

تم ترتيب هذه الرؤية التي تسمى ثالثية<br />

األبعاد ‏)الديبلوماسية والدفاع والتنمية(،‏<br />

والتي ظلت مهملة ألمد طويل في فرنسا،‏<br />

في منزلة األولوية من قبل ماكرون.‏<br />

ويحرص أنصار هذه المقاربة المندمجة<br />

على التفريق بين مقاربتهم وبين المقاربة<br />

الشاملة التي تتوخاها الواليات المتحدة<br />

في العراق وأفغانستان،‏ والتي ترتكز على<br />

تأمين شروط التفاعل بين االستراتيجيات<br />

العسكرية واالقتصادية واالجتماعية<br />

والديبلوماسية،‏ خاصة عبر تركيز فرق<br />

مدنية عسكرية مكلفة بمساندة السلطات<br />

المحلية المعترف بها.‏ بحسب جان مارك<br />

شاتانيي،‏ المبعوث الخاص لفرنسا منطقة<br />

الساحل،‏ والذي ال يتوارى عن استخدام<br />

اللغة الخشبية،‏ ترمي المنهجية األمريكية<br />

بالدرجة األولى إلى تأمين القبول بالحضور<br />

العسكري،‏ في حين أن ‏»المقاربة المندمجة<br />

‏)على النمط الفرنسي(‏ ال ترسي أية تراتبية<br />

بين األهداف المنشودة وإنما تجسد البحث<br />

عن تركيبة متكاملة أقصى ما يمكن بهدف<br />

العودة إلى سالم دائم«.‏<br />

غير أن نجاعة مثل هذه الرؤية تظل<br />

أمرا يجب البرهنة عليه.‏ منذ أن تدخلت<br />

فرنسا في مالي سنة 2013، قتل الجيش<br />

المئات من الجهاديين المحتملين،‏ ومنهم<br />

بعض القادة،‏ كما دمر عشرات المخابئ التي<br />

تحتوي على سيارات وأسلحة،‏ وقام بحفر<br />

عدد كبير من اآلبار لفائدة المدنيين.‏ رغم<br />

ذلك،‏ تصاعدت وتيرة أعمال العنف سنة بعد<br />

أخرى في مجمل منطقة الساحل والصحراء،‏<br />

كما أن عدد القتلى في صفوف السكان لم<br />

يفتأ يرتفع،‏ خاصة خالل العامين األخيرين.‏<br />

المجموعات ‏»الجهادية«،‏ التي تنشط بشكل<br />

واسع بعيدا عن معاقلها الواقعة في شمالي<br />

مالي أو جنوبي ليبيا،‏ قد وسعت منطقة<br />

نفوذها في وسط مالي وفي شمالي وغربي<br />

بوركينا فاسو وفي شمال غربي النيجر،‏<br />

وأضحت تهدد مستقبال البلدان الساحلية<br />

إلفريقيا الغربية مثل الكوت ديفوار والبينين.‏<br />

برز عدد من مجموعات الدفاع الذاتي،‏<br />

التي تنفذ مجازر متبادلة تستهدف المدنيين<br />

في مالي،‏ تضاعف عدد الهجمات على<br />

القرى خالل األشهر الثمانية عشر الماضية.‏<br />

وفقا للمفوضية األممية السامية لحقوق<br />

اإلنسان،‏ خلفت هذه الهجمات أكثر من 600<br />

قتيل بين مارس/آذار 2018 ومارس/آذار<br />

<strong>2019</strong> ونجم عنها التهجير القسري ألكثر<br />

من 66 ألف شخص.‏ يوم 23 مارس/آذار<br />

<strong>2019</strong>، قامت ميليشيا تابعة لقبيلة الدوغون<br />

‏)دان نا أمباساغو(‏ بقتل 157 من سكان<br />

قرية أوغوساغو الواقعة وسط مالي،‏ والتي<br />

يقطنها أشخاص ينتمون إلى قبيلة البويل،‏<br />

وقام عناصر هذه الميليشيا بإحراق القرية<br />

جزئيا.‏ كما سجلت عمليات قتل في بوركينا<br />

فاسو والتشاد.‏ وتواجه الجيوش الوطنية<br />

اتهامات بكونها قد قامت هي نفسها بإعدام<br />

مدنيين خالل عمليات ‏»نشر السلم«.‏ صرح<br />

الجنرال برونو كليمون بولي،‏ المدير<br />

السابق للتعاون األمني والدفاعي بوزارة<br />

الشؤون الخارجية،‏ مؤخرا،‏ بقوله:‏ ‏»رغم<br />

االنتشار الواسع للقوات المحلية أو األجنبية،‏<br />

وتعزيز البعثات العسكرية،‏ واإلجابات<br />

الشمولية التي تجمع بذكاء بين مقتضيات<br />

األمن والتنمية،‏ وأيضا رغم االعتمادات<br />

المالية الضخمة المسخرة،‏ فإن األوضاع<br />

تسير باتجاه مزيد التردي«)‏‎10‎‏(.‏<br />

ويؤكد الجنرال بولي أن ‏»الدوامة<br />

السلبية«‏ لخيار ‏»الكل من أجل األمن<br />

والدفاع«،‏ قد برهنت على محدوديتها.‏<br />

حضور أكثر من 13 ألف من القبعات الزرق<br />

ضمن البعثة متعددة األبعاد والمندمجة<br />

التابعة لألمم المتحدة ‏)تم قتل 122 من<br />

العسكريين أعضاء هذه البعثة خالل فترة<br />

ست سنوات(،‏ وأكثر من 4500 جندي<br />

فرنسي،‏ يضاف إليهم عناصر الجيوش<br />

الوطنية وبضع مئات من الجنود األمريكيين<br />

واإليطاليين واأللمان المتمركزين تقريبا في<br />

كافة أنحاء المنطقة،‏ وأساسا في النيجر،‏ لم<br />

يمكن من قلب المعادلة.‏ بل األمر أبعد ما<br />

يكون عن ذلك.‏<br />

جميع الحقوق محفوظة<br />

10( برونو كليمون بولي،‏ ‏»لنوقف المجازر في منطقة<br />

الساحل..«،‏ جون أفريك،‏ باريس،‏ 6 جوان/حزيران <strong>2019</strong>.

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!