01.08.2019 Views

جريدة لوموند ديبلوماتيك جويلية/أوت 2019

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ج<br />

<strong>جويلية</strong>/<strong>أوت</strong> - تموز/آب 16 <strong>2019</strong><br />

في ألمانيا،‏ الشرطة والقضاء<br />

عدم محاكمة عنف<br />

خلية من النازيين الجدد،‏ عمليات قتل متسلسلة وشرطة تتغافل:‏ هذه مكونات الدراما التي<br />

تضرب ألمانيا منذ بداية سنوات األلفين.‏ القضايا التي رفعت في ميونيخ من 2013 إلى 2018 أظهرت<br />

في خفاياها قصور داخل أجهزة األمن وفي المؤسسة القضائية تجاه عنف أقصى اليمين.‏<br />

يوم 11 <strong>جويلية</strong>/تموز 2018،<br />

أصاب إسماعيل يوزغات اإلنهيار<br />

وطفق يردد الدعوات ويصب<br />

الماء على رأسه.‏ إنه والد هاليت<br />

يوزغات الذي قتل قبل إثني عشر<br />

عاما من قبل مجموعة ‏»المنظمة<br />

السرية القومية االشتراكية«.‏<br />

لقد استمع للتو لمانفريد غوتزل،‏<br />

القاضي الجنائي بالمحكمة<br />

اإلقليمية العليا بميونيخ،‏ وهو<br />

يعلن حكمه ضد خمسة متهمين:‏<br />

حكم قاس ضد المتهمة الرئيسية،‏<br />

مقابل حكم متسامح ضد شركائها<br />

األربعة.‏<br />

هكذا تم االنتهاء من التعاطي<br />

العمومي مع أكبر سلسلة من<br />

جرائم النازية الجديدة في ألمانيا<br />

منذ الحرب العالمية الثانية.‏ بين<br />

سبتمبر/أيلول 2000 وأفريل/‏<br />

نيسان 2007، تم اغتيال تسعة<br />

أشخاص من المهاجرين،‏ ال سيما<br />

األتراك إلى جانب شرطية في<br />

عدد من المدن األلمانية باستخدام<br />

نفس المسدس.‏ في البدء،‏ ذهب في<br />

اعتقاد الشرطة أن األمر يتعلق<br />

* هما على التوالي،‏ دكتور متخصص في التاريخ<br />

المعاصر ومتعاون مع مؤسسة روزا لوكسمبورغ،‏<br />

وأستاذ القانون العام بجامعة لورين وباحث مشارك<br />

بمعهد الدراسات العالمية بباريس.‏<br />

ماسيمو بيرينالي وكريستوفر بولمان *<br />

بتصفية حسابات بين مجموعات<br />

سكانية.‏ بعد كل عملية قتل،‏ كانت<br />

التحقيقات تستهدف بالدرجة<br />

األولى العائالت واألجوار<br />

والوسط الذي عاش فيه الضحايا،‏<br />

مع سعي في بعض األحيان إلى<br />

تشويه سمعة الضحية من خالل<br />

ترويج أخبار كاذبة)‏‎1‎‏(.‏ تم إطالق<br />

تسميتي ‏»بوسفور«‏ و»هالبموند«‏<br />

‏)هالل،‏ في إشارة إلى العلم<br />

التركي(‏ على لجنتي التحقيق<br />

الجنائيتين.‏ أما وسائل اإلعالم،‏<br />

فقد انتقدت بشدة ما أسمته ب<br />

‏»العالم الموازي المظلم«‏ الذي<br />

يجمع بين مروجي المخدرات<br />

واألتراك محترفي عمليات<br />

السلب بالقوة ووجهت لهذا العالم<br />

أصابع االتهام بارتكاب هذه<br />

‏»الجرائم الشنيعة«)‏‎2‎‏(.‏ ضمن<br />

لجنة بوسفور إحدى أكبر اللجان<br />

في التاريخ الجنائي األلماني،‏<br />

ذهب ما ال يقل عن 160 شرطيا<br />

في اتجاه خاطئ.‏ عندما تم قتل<br />

شرطية سنة 2007 في سيارتها<br />

وإلحاق جروح بليغة بمرافقها في<br />

رأسه،‏ بحث المحققون عن ‏»شبح<br />

هايلبرون«،‏ المدينة التي شهدت<br />

االعتداء،‏ في صفوف السكان<br />

الغجريين ‏»التزيغان«،‏ الذين<br />

يرى األطباء النفسانيون التابعون<br />

للشرطة أن ‏»الكذب يمثل لديهم<br />

عنصرا أساسيا لإلندماج في<br />

المجتمع«)‏‎3‎‏(.‏ كما أن االعتداءات<br />

الثالثة بالقنابل التي استهدفت<br />

مواقع مرتبطة بالهجرة،‏ لم<br />

تفتح أعين السلطات وتدفعها<br />

إلى مزيد التدقيق بشأن حركة<br />

النازية الجديدة،‏ رغم تسجيل ما<br />

اليقل عن 24 جريحا.‏ بالمقابل،‏<br />

وبالنسبة للضحايا والمحيطين<br />

بهم وعدد قليل من الصحفيين،‏<br />

تعززت الشكوك إزاء أوساط<br />

اليمين المتطرف وأضحت معلنة<br />

أكثر فأكثر.‏<br />

لقد تغير كل شيء بداية<br />

نوفمبر/تشرين الثاني 2011<br />

مع تسليم بيت زشاب نفسها<br />

للسلطات.‏ هكذا،‏ أمكن للمحققين<br />

تعقب خيوط وتفاصيل القصة التي<br />

حرصوا إلى حد ذلك الوقت على<br />

إغفالها.‏ في العام 1998، وبعد<br />

عدد من االعتداءات الصغيرة،‏<br />

قام كل من أووي بوهنهارت<br />

وأووي موندلوس وزشاب<br />

ببعث ‏»المنظمة السرية القومية<br />

االشتراكية«‏ .)NSU( بين عامي<br />

1998 و‎2011‎‏،‏ استولى هؤالء<br />

على مبلغ يقارب 600 ألف يورو<br />

من خالل هجمات سلب استهدفت<br />

مغازات و‎14‎ أو 15 بنكا،‏ مخلفين<br />

عددا غير معلوم من الجرحى.‏<br />

على مدى حوالي 14 عاما،‏ عاش<br />

مؤسسي هذا التنظيم في السرية<br />

في منطقة ساكس،‏ متمتعين<br />

برعاية ودعم شبكة مهمة من<br />

المناصرين.‏ في أعقاب عملية<br />

سلب أخيرة فاشلة ومقتل رجلين<br />

ينتميان إلى المجموعة،‏ قتلهما<br />

شخص مجهول الهوية أو توفيا<br />

انتحارا يوم 4 نوفمبر/تشرين<br />

الثاني 2011، أضرمت زشاب<br />

النار في منزلهم المشترك،‏<br />

وأرسلت عددا كبيرا من أشرطة<br />

الفيديو تتضمن اعترافات إلى<br />

وسائل اإلعالم وسلمت نفسها إلى<br />

الشرطة.‏<br />

تم تمديد اعتماد منطق إبعاد<br />

التهمة عن أوساط النازية الجديدة<br />

الذي كان سائدا قبل 2011 إلى<br />

حقبة المحاكمة أمام محكمة<br />

ميونيخ وعلى مستوى الحكم الذي<br />

أصدرته.‏ في أعقاب المحاكمة،‏<br />

والتي شارك فيها خالل الفترة بين<br />

ماي ‏/أيار‎2013‎ و<strong>جويلية</strong>/تموز<br />

450 2018، شاهدا و‎56‎ خبيرا،‏<br />

وتطلب ملفها تدوين 600 ألف<br />

صفحة مع كلفة راوحت بين 30<br />

و‎37‎ مليون يورو،‏ تم تأكيد إدانة<br />

زشاب بالسجن المؤبد،‏ غير أن<br />

شركاءها األربعة لم ينالوا،‏ تحت<br />

تصفيق زهاء 12 من ناشطي<br />

النازية الجديدة الحاضرين يوم<br />

المداولة،‏ سوى أحكام تراوحت<br />

بين عامين ونصف وعشر<br />

سنوات سجنا.‏ لقد تم إطالق<br />

سراحهم جميعا،‏ بالنظر لمدة<br />

إيقافهم التحفظي.‏<br />

تحقيق معرقل<br />

إذا كانت هذه األحكام<br />

المخففة تقف على طرف نقيض<br />

من قسوة العدالة على بعض<br />

المتظاهرين ضد قمة العشرين<br />

الكبار )G20( في <strong>جويلية</strong>/تموز<br />

2017 بهامبورغ والذين وصلت<br />

األحكام في خصوصهم إلى حد<br />

39 شهر سجن نافذة،‏ يُطرح<br />

المشكل على صعيد آخر:‏ لم<br />

تبدد المحاكمة االنطباع السائد<br />

بوجود ‏»حالة عمى تصل حد<br />

تواطؤ المؤسسات العمومية<br />

المكلفة باألمن والحماية«‏ مع<br />

حركة النازيين الجدد،‏ وفق تقدير<br />

الكاتب رالف جيوردانو)‏‎4‎‏(.‏ في<br />

تلخيصه لطريقة تعاطي السلطات<br />

مع المنظمة السرية القومية<br />

االشتراكية ،)NSU( أشار تقرير<br />

لجنة التحقيق التابعة للجمعية<br />

البرلمانية بتورينغ إلى ما وصفه<br />

ب ‏»كارثة معممة التي تخول<br />

الحديث عن شكوك في وجود<br />

عمليات تخريب مقصودة)‏‎5‎‏(«.‏<br />

كما لو أن ذلك يؤشر على وجود<br />

تسامح مؤسساتي في ألمانيا إزاء<br />

إجرام اليمين المتطرف،‏ في<br />

حين أن االعتداءات العنصرية<br />

والمعادية للسامية قد سجلت سنة<br />

2018 ارتفاعا بنسبة تقارب %20<br />

مقارنة بسنة 2017، بعد أن بلغت<br />

أرقاما جد مرتفعة خالل السنوات<br />

السابقة)‏‎6‎‏(.‏<br />

طوال مدة المحاكمة،‏ حرص<br />

القضاة على حصر النقاشات في<br />

المتهمين الخمسة دونما سعي إلى<br />

توسيع اإلشكالية لتشمل الظرفية<br />

العامة،‏ وهي تقنية إفراد معمول<br />

بها في القضايا الجنائية التي<br />

يكون مصدرها أو لها انعكاسات<br />

اجتماعية وسياسية.‏ لم تؤخذ البتة<br />

بعين االعتبار التحقيقات المستقلة<br />

التي تؤكد على أن المؤسسين<br />

الثالثة لمنظمة ‏»آن آس أو<br />

»NSU وشركاؤهم األربعة،‏ لم<br />

يكن بمقدورهم لوحدهم ارتكاب<br />

الجرائم المتعددة المنسوبة إليهم<br />

في كامل ألمانيا،‏ والبقاء في<br />

وضعية السرية لمدة تقارب<br />

14 عاما)‏‎7‎‏(.‏ التزمت زشاب<br />

الصمت أغلب الوقت ورفضت<br />

التعاون.‏ غير أن إثنين من صغار<br />

معاونيها،‏ واللذين لم يعبرا عن<br />

أي شعور بالندم على أفعالهم،‏ بل<br />

أعلنا تمسكهما بتوجهاتهم القومية<br />

االشتراكية،‏ ينظر إليهما رفاقهما<br />

اليوم كأبطال.‏<br />

هناك أيضا التناقضات التي<br />

حفت بالتحقيق.‏ يوم 6 أفريل/‏<br />

نيسان 2016 في كاسل،‏ تم<br />

قتل هاليت يوزغات في مقهى<br />

األنترنيت التي تديرها عائلته.‏<br />

كان هناك حريف على عين<br />

المكان وهو أندرياس تام بصدد<br />

تصفح موقع تعارف.‏ كانت مالمح<br />

شخصيته تبعث على الريبة:‏<br />

فهذا الشخص الذي كانت تطلق<br />

عليه في شبابه تسمية ‏»أدولف<br />

الصغير«‏ ‏)وهي تسمية يصرح<br />

بأنه ال يفهم معناها،‏ رغم كونه قد<br />

1( ‏»أثر طريقة ريد:‏ اعترافات قسرية ومؤسسات<br />

عنصرية«،‏ الحقوق المدنية والشرطة،‏ العدد 115،<br />

برلين،‏ أفريل/نيسان 2018، www.cilip.de<br />

2( صحيفة ‏»دير شبيغل«‏ هامبورغ،‏ 21 فيفري/‏<br />

شباط 2011، حول لفظة döner« ،»meurtres<br />

4 <strong>جويلية</strong>/تموز .2012<br />

3( ‏»دي زايت أونالين«،‏ 4 فيفري/شباط 2014<br />

www.zeit.de<br />

4( خطاب تسلم جائزة بارتيني،‏ يوم 27 جانفي/‏<br />

كانون الثاني 2014 بهامبورغ،‏<br />

https://bertini-preis.hamburg.de<br />

5( تقرير لجنة التحقيق للمجلس البرلماني<br />

بتورينغ ‏»إرهاب اليمين وأنشطة اإلدارات<br />

العمومية«،‏ 16 <strong>جويلية</strong>/تموز 2014 ‏)باللغة<br />

األلمانية(،‏ www.thueringer-landtag.de<br />

6( الجريمة ذات الدوافع السياسية في سنة 2018،<br />

وزارة الداخلية،‏ برلين،‏ 14 ماي/أيار <strong>2019</strong>،<br />

www.bmi.bund.de<br />

7( ستيفان أوست وديرك البس،‏ ‏»حماية الوطن.‏<br />

الدولة وسلسلة القتل من »NSU بانتيون،‏ ميونيخ،‏<br />

.2014<br />

Massimo Perinelli et Christopher Pollmann<br />

جميع الحقوق محفوظة

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!