01.08.2019 Views

جريدة لوموند ديبلوماتيك جويلية/أوت 2019

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

<strong>جويلية</strong>/<strong>أوت</strong> - تموز/آب 6 <strong>2019</strong><br />

األفكار المسبقة حول<br />

رغم ذلك،‏ كانت قائمة األبطال الوطنيين الفرنسيين الذين<br />

برزوا خالل ‏»الثالثين سنة المجيدة«‏ كافية لتكذيب الخرافة<br />

الليبيراليّة حول وجود صناعة دون دولة.‏ إن مؤسسات<br />

مثل آريان وايرباص وقطارات كوراي وت.ج.ف ‏)القطار<br />

السريع(‏ والبرنامج االلكترو نووي،‏ والتغطية الوطنية بشبكة<br />

الهاتف تشهد بجدوى وجود دولة موجهة ذات استراتيجية،‏<br />

دولة لم تتردّد في اللجوء إلى التأميم وإلى التخطيط وإلى<br />

فرض التسيير العمومي وإلى السياسة الحمائيّة بهدف إعادة<br />

بناء البالد وتعصيرها ‏)حتى وإن تترجم ذلك في خسائر بيئية<br />

تأخرت السلط العمومية في اتخاذ اجراءات بحقها(.‏<br />

لورا را ييم * Raim Laura<br />

صحيح أن بعض المشاريع فشلت.‏ مخططات كلكيل<br />

وكنكورد ومينيتال غالبا ما يتمّ‏ ذكرُ‏ ها من طرف منتقدي<br />

‏»الكُلبرتيّة التكنولوجية«.‏ مع ذلك،‏ يبيّن الخبير االقتصادي<br />

جاك سابير أنّ‏ حتّى هذه النكسات تتميّز بما فيها من فوائد<br />

التعلّم.‏ النقل األسرع من الصوت وإن كان كارثة تجاريّة<br />

سمح ‏»بنشر المعارف والمعدّات في صناعة الطيران<br />

الفرنسية«،‏ وهذا في حدّ‏ ذاته ظاهرة ‏»ضرورية بالنسبة إلى<br />

النجاح الالحق لبرنامج أيرباص«)‏‎3‎‏(.‏<br />

‏»الصناعة انتهت،‏<br />

جاء دور الخدمات«‏<br />

ما فائدة معارضة اتّجاه التاريخ؟ تكتفي الصناعة<br />

ببساطة باتّباع المسار الذي سلكته الزراعة قبلها.‏ بما أن<br />

التطور يقتضي المرور من القطاع األول إلى الطور الثاني<br />

ثم منه إلى الثالث فإن بلدان الشمال تتجه نحو اقتصاد المادّي<br />

قائم على الخدمات،‏ تسيّره ‏»مؤسسات بال مصانع«‏ ‏)حسب<br />

عبارة سارج تشوروك الرئيس المدير العامّ‏ لمؤسسة ألكاتال<br />

سنة 2001(، في حين يجري نقل اإلنتاج الصناعي الملوّث<br />

والشاقّ‏ إلى البلدان ذات األجور المنخفضة.‏<br />

ال تعارُ‏ ضَ‏ بين الصناعة والخدمات ألنهما قطاعان<br />

متداخالن متكامالن.‏ لكن االستعانة بمصادر خارجية في أداء<br />

وظائف كانت تُنجَ‏ ز داخل المؤسسات الصناعيّة والتي شرع<br />

فيها منذ عشرين عاما ‏)المطاعم،‏ التنظيف،‏ المحاسبة(‏ تفسّ‏ ر<br />

جزئيا انخفاض عدد مواطن الشّ‏ غل المباشرة في الصناعة<br />

وازديادها في قطاع الخدمات.‏ خالفا لذلك،‏ تعرض المؤسسات<br />

الصناعية جملة من الخدمات مثل التركيب والصيانة،‏ وكذلك<br />

التأجير.‏ شركة ‏»ميشالن«،‏ على سبيل المثال،‏ تعرض كراء<br />

اإلطارات المطّ‏ اطيّة بحساب الكيلومتر.‏<br />

مع ذلك،‏ شهد الغرب انهيار فروع إنتاجية كاملة خاصة<br />

في قطاعات النسيج واألحذية أو التجهيزات الكهرومنزلية<br />

أو الكيمياء أو الخشب أو البالستيك أو المطّ‏ اط.‏ أدّت ثالثون<br />

سنة من السلبية السياسية إلى نتيجة أقل ايجابية ممّا كان يبشر<br />

به المتغنّون بوقْف التصنيع.‏ في فرنسا،‏ أصبحت التجارة<br />

الخارجية تعاني عجزا منذ سنة 2004 ألن الميزان التجاري<br />

االيجابي لقطاع الخدمات ال يستطيع أن يعوّض نظيره السلبي<br />

لالتجار في السلع المصنّعة،‏ كما أدّى غلق المصانع إلى إقفار<br />

مناطق بأكملها،‏ وفقدانا للمهارة الفنية،‏ ومع ذلك انخفضت<br />

نسبة األجور في قطاع الخدمات التي كان من المؤمّل أن<br />

تحمل مشعل النموّ‏ بنسبة %20 عمّا كان عليه األمر في<br />

الصناعة)‏‎1‎‏(.‏<br />

في فرنسا يمثل ترحيل روسنيول،‏ مصنّع أدوات التزلّج<br />

‏،ومصنّع شاي كوسماتي ومصنّعي النسيج بارابوت والديك<br />

الرياضي شواهد على وجود حركة عكسيّة.‏ لئن ظلّت هذه<br />

الظاهرة قليلة الشأن في فرنسا فإنها آخذة في االنتشار داخل<br />

الواليات المتحدة األمريكية بسبب انخفاض كلفة الطاقة<br />

وانتعاش دوائر التوزيع القصيرة،‏ والتوجّ‏ ه نحو المنتجات<br />

ذات المحتوى التكنولوجي العالي،‏ والتي ال تتطلّب يدا<br />

عاملة وفيرة العدد.‏ مؤسسات آبل وجنرال الكتريك وكاتربيلر<br />

ولونوفو وحتى ورلبول لم تنتظر اإلجراءات الحمائية التي<br />

اتّخذها ترامب إلعادة توطين أنشطتها لما الحظت من<br />

ارتفاع لألجور في البلدان الصاعدة التي لم تعد تكتفي بأن<br />

تكون ‏»مصانع للعالم«‏ بل أصبحت بدورها تستثمر في البحث<br />

و في براءات االختراع .<br />

‏»ليس للدولة<br />

التدخل في هذا«‏<br />

جميع الحقوق محفوظة<br />

يجب على الدولة أن تتخلى عن أي قيادة صناعيّة ألنها<br />

ليست مساهما جيّدا و ال مسيّرا قديرا.‏ أقصى ما يمكن أن<br />

تنهض به هو أن تكون مسؤولة عن فرض احترام قواعد<br />

المنافسة،‏ وتوفير مناخ مالئم للنموّ‏ من خالل تمويل البنية<br />

التحتية،‏ وتثقيف عمّال المستقبل والبحث األساسي،‏ في حين<br />

يسمح قانون السوق بانتفاء الفاعلين الذين لديهم من القدرة<br />

التنافسية والقدرة على التجدّد ما يتيح لهم البقاء.‏<br />

مدعومين بهذا اإليمان بالمنافسة الحرّ‏ ة التي وضعت<br />

كمبدأ دستوري في االتّحاد األوروبي،‏ تخلّت الحكومات<br />

المتعاقبة منذ منتصف الثمانينات عن كلّ‏ رافعات العمل،‏<br />

وكانت شاهدة على اهتراء القاعدة الصناعية الوطنية.‏<br />

بعد بيشناي ‏)األلمنيوم(‏ وارسلور ‏)صناعة الصّ‏ لب(‏ وبيل<br />

‏)اإلعالمية(،‏ شهدت فرنسا وقوعَ‏ مؤسسات أخرى كانت تُعتبر<br />

خِ‏ يرة المصانع مثل الفارج ‏)االسمنت(،‏ وألكاتال ‏)الهواتف(‏<br />

بين براثن المستثمرين األجانب،‏ وكان ينبغي انتظار أزمة<br />

سنة 2008 التي سلّطت الضّ‏ وء على عدم االستقرار المالي<br />

المتولّد عن عجز هيكلي خارجي فادح حتى تعود ضرورة<br />

اإلصالح اإلنتاجي،‏ على األقل في الخطابات،‏ إلى مكانتها<br />

في مشاغل السلطات العموميّة.‏ لم يمنع ذلك تفكيك ألستوم «<br />

وتقديمه على طبق لألميركي جنرال الكتريك)‏‎2‎‏(.‏<br />

‏»يأتي االبتكار دائما<br />

من القطاع الخاص«‏<br />

الدولة المُثقلة بالبيروقراطية وبخمول الموظّ‏ فين عاجزة<br />

عن تحفيز ما سمّاه عالم االقتصاد جوزاف شمبتر ‏»روح<br />

الحيوان«‏ لدى المبتكرين.‏ السوق وحدها هي القادرة على<br />

إفراز المبتكرين وتمكينهم من وسائل االزدهار.‏ هل من<br />

الغريب إذن أالّ‏ تكون ‏»سيليكون فاالي«‏ فرعا من الحكومة<br />

األمريكية؟<br />

تغفل القصّ‏ ة األسطورية للفكر الرّ‏ يادي لرجال األعمال<br />

في كاليفورنيا حقيقة واقعة وهي أن القطاع الخاص لم يتكفّل<br />

مطلقا باالستثمار في بحوث باهظة الكلفة وفرص نجاحها<br />

غير مؤكّدة.‏ بيّنت الخبيرة االقتصاديّة ماريانا مازوكاتو)‏‎4‎‏(‏<br />

أن أهم االبتكارات التكنولوجية التي تمّت خالل العقود القليلة<br />

الماضية تحقّقت بفضل التمويل النشيط من طرف الدولة:‏<br />

االنترنت موّلتها وكالة تابعة لوزارة الدفاع األمريكية ‏)وكالة<br />

مشاريع البحوث الدفاعية المتطوّرة داربا(،‏ كما موّل البرنامج<br />

العسكري ‏»نافستار«‏ مشروعَ‏ نظام ضبط المواقع ‏)ج.ب.س(،‏<br />

أما الشاشة اللمسية فابتكار استفاد من تمويليْن تكلف بهما كلّ‏<br />

من وكالة المخابرات األمريكية ‏)س.إ ‏.أ(‏ والصندوق الوطني<br />

للعلوم وقدّماهما لباحثين تابعيْن لجامعة دوالوار،‏ كما موّل هذا<br />

الصندوق ذاته الخوارزميّة التي يعمل بها محرّك غوغل.‏ في<br />

صناعة األدوية،‏ »%75 من الكيانات الجزيئيّة ذات األولوية<br />

الجديدة قد موّلتها في الواقع مخابر عموميّة مملّة وكافكائيّة.‏<br />

صحيح أن كبريات الشركات المصنّعة لألدوية مثل بفايزر<br />

وأمغان تشارك بدورها في االبتكار ولكن في القسم الخاص<br />

بالتسويق«،‏ كما تفسّ‏ ر المتحدّثة،‏ وهي مؤسسات تُخصّ‏ ص<br />

أكثر نفقاتها إلعادة اقتناء أسهمها قصد الترفيع في قيمتها<br />

عوض تخصيصها للبحث والتطوير«)‏‎5‎‏(‏ إذا كانت المؤسسات<br />

الناشئة ورؤوس األموال المجازفة يلعبان دورا رئيسيا وقد<br />

التحقتا بالميدان في مرحلة ثانية أي بعد خمس عشرة أو<br />

عشرين سنة من توفير السلطات العمومية للنصيب األوفر من<br />

التمويل وتحمّل أكبر نصيب من المخاطرة .<br />

1( جان-كريستوف لو دويغو ‏)تحت إشراف(:‏ البورصة أو الصناعة،‏ منشورات ‏»ال<br />

تولياي«،‏ باريس،‏ 2016.<br />

2( فريدريك بياروشي وماتيو آرون:‏ ‏»الفخّ‏ األميركي«،‏ ج.س.التاس،‏ باريس،‏<br />

<strong>2019</strong>، وجان-ميشال كتربوان:‏ ‏»باسم القانون...‏ األميركي«،‏ <strong>لوموند</strong> <strong>ديبلوماتيك</strong>،‏<br />

جانفي/كانون الثاني 2017.<br />

3( جاك سابير ‏»السياسة الصناعية وعمليات الخوصصة«،‏ مدوّنة ‏»روسيا-أوروبا«،‏<br />

21 جوان/حزيران .2014<br />

4( ماريانا مازوكاتو ‏»الدولة المبادرة.‏ فضح القطاع العام في مقابل أساطير القطاع<br />

الخاص«،‏ انتام براس،‏ لندن،‏ 2013.<br />

5( ماريانا مازوكاتو ‏»ملتقى تاد العالمي لسنة 2013 بأدنبرغ:‏ الدولة المبادرة،‏<br />

والمجازفة والمبتكرة«،‏ أكتوبر/تشرين األول 2013، على اليوتوب.‏<br />

* صحافية.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!