01.08.2019 Views

جريدة لوموند ديبلوماتيك جويلية/أوت 2019

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

العدد الجديد من جريدة لوموند ديبلوماتيك

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

7 <strong>جويلية</strong>/<strong>أوت</strong> - تموز/آب <strong>2019</strong><br />

اإلنعاش اإلقتصادي<br />

‏»القدرة التنافسية<br />

تتطلب تخفيض كُلفة العمل«‏<br />

وفقا لوزير االقتصاد والمالية برونو لومار:‏ ‏»نحن لم نكتسب<br />

بعدُ‏ التنافسية المطلوبة خاصة مقارنة بجيراننا األلمان«‏ ‏)فرانس<br />

انتار،‏ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017(، كما يضيف أنه ‏»يجب<br />

فتح باب هذا النقاش حول التخفيف من األعباء لمن يتحصلون<br />

على أقل من 2.5 مرة من األجر األدنى المشترك المضمون«.‏<br />

إن هذه األزمة أصبحت معروفة لفرط جريانها على األلسنة<br />

منذ ثالثين سنة.‏ في اقتصاد مفتوح ومعرَّض إلى منافسة البلدان<br />

الصاعدة،‏ تشكو الصناعة الفرنسية من ‏»كلفة عمل«‏ مشطّ‏ ة في<br />

حين تَدين ألمانيا بنجاحها لسياسة االعتدال في األجور التي أرست<br />

دعائمها خالل سنوات 2000.<br />

يحيل هذا التشخيص على مضاعفة إجراءات اإلعفاء من<br />

المساهمات االجتماعية منذ سنة 1992 مثل اإلعفاء من األداء<br />

حول المنافسة والتشغيل.‏ يسمح التخفيض في كلفة اإلنتاج من<br />

ناحية بالتخفيض في األسعار قصد ربح حصّ‏ ة في األسواق،‏ ومن<br />

ناحية أخرى إعادة العمل بالهوامش وبالتالي االستثمار في الترفيع<br />

في الجودة وفي التشغيل.‏ نحن هنا إزاء ‏»نظرية شميدت«‏ الخالدة<br />

التي تقول ‏»إن أرباح اليوم هي استثمارات الغد و مواطن شغل<br />

لما بعد غد«‏ والتي تعود إلى سنة...‏ 1974.<br />

أسفرت هذه الحملة ضدّ‏ كُلْفة الشغل عن نتائج إيجابية.‏ منذ<br />

سنة 2016، أصبحت كلفة الساعة لليد العاملة الفرنسية أقلّ‏ من<br />

نظيرتها األلمانية ب 2.1 يورو)‏‎6‎‏(.‏ لكنّ‏ هذا العمل الفذ لن يكون<br />

كافيا إلحياء الصناعة الفرنسية.‏ السبب:‏ كلفة العمل ليست مسؤولة<br />

عن تراجع الصناعة أوّال ألنه يتمّ‏ تالفيه بإنتاجية عالية.‏ إذا قسّ‏ منا<br />

الناتج الداخلي الخامّ‏ على عدد ساعات العمل المنجزة،‏ وجدنا أن<br />

الفرنسيين يحتلّون فعال نفس مستوى األمريكيين واأللمان.‏ ثم<br />

إن ما قوّض بشكل أساسي القدرة التنافسية للصناعة الفرنسية منذ<br />

مطلع سنوات 2000 هو اليورو القويّ‏ . بين سنتي 2000 و‎2010‎‏،‏<br />

لم ترتفع تكلفة ساعة العمل في المجال الصناعي إال بنسبة %32<br />

بسعر االورو و لكن ب %90 بسعر الدوالر )7( .<br />

يمكن كذلك تفسير التراجع الصناعي الفرنسي بتدويل<br />

المجموعات الكبرى منذ ثالثين سنة.‏ في الوقت الذي دعّ‏ مت<br />

فيه المؤسسات األلمانية قواعد اإلنتاج الوطنية،‏ خيّرتْ‏ نظيرتُها<br />

الفرنسية االنتشار الخارجي واالستعانة باالستثمار األجنبي<br />

المباشر وخاصة في البلدان الناشئة التي تحقّق نموّا قويّا.‏<br />

يُعدّ‏ قطاع السيارات خير دليل على ذلك.‏ منذ سنة 2006،<br />

تجاوز عدد السيارات الفرنسية المصنوعة بالخارج العددَ‏ المصنّع<br />

على التراب الوطني والذي بدأ في التقلّص منذ سنة 2002.<br />

بينما ما انفك إنتاج الصناعيين األلمان داخل ألمانيا يرتفع.‏ على<br />

هذا األساس أصبحت الشركات الفرنسية المتعددة الجنسيات سنة<br />

2014 تشغّل 6 ماليين شخص في الخارج مقابل 5 ماليين بالنسبة<br />

إلى منافستها األلمانية و‎1.8‎ مليون لاليطالية وأقلّ‏ من مليون<br />

بالنسبة إلى االسبانية.‏<br />

يرجع خيار إعادة االنتشار العالمي الفرنسي في قسم منه<br />

إلى تموقع يعتمد البضاعة الضعيفة والمتوسطة القيمة حيث تدور<br />

المنافسة في مستوى األسعار باألساس،األمر الذي يدفع إلى<br />

خفض التكلفة عن طريق اإلنتاج في الخارج.‏ بالمقارنة،‏ يتضح<br />

أن القدرة التنافسية األلمانية قائمة على ‏»غير السعر«،‏ ما يعني<br />

أنها قائمة على الجودة واالبتكار وهذا ما يسمح لها بفرض أسعار<br />

أعلى.‏ يذهب رجل االقتصاد غابريال كوليتي العضو المؤسس<br />

لجمعية البيان من اجل الصناعة إلى أن سياسة الضغط على<br />

األجور التي طبقت خالل فترة حكم المستشار األلماني غرهرد<br />

شرودر )2002-1998( كانت أقلّ‏ نفعا إلرساء التنافس من الرفع<br />

في اإلنتاج.‏<br />

لعبت كلفة رأس المال أكثر من دورا حاسما كلفة العمل<br />

هي التي في ظاهرة تراجع التصنيع في فرنسا ألن المجموعات<br />

الكبرى كانت توزّع على المساهمين حصّ‏ ة متزايدة من القيمة<br />

المضافة وذلك على حساب االستثمار والبحث.‏ قبل ثالثين سنة،‏<br />

كانت اإلرباح الموزّعة تمثّل أقلّ‏ من %5 من الثروة المحقّقة في<br />

الصناعة ‏،أما اليوم فقد بلغت هذه الحصة %25. على كلّ‏ يورو<br />

صاف وُضِ‏ ع في االستثمار،‏ كانت المؤسسات توزّع 50 سنتيما<br />

في باب األرباح سنة 1978، مقابل 2 يورو سنة 2011)8(.<br />

تحت ضغط المساهمين،‏ وجدت المؤسسات نفسها مُجبرة<br />

على التخلي عن بعض مشاريع االستثمار التي ال تدرّ‏ أرباحا<br />

كافية،‏ أو على إنجاز عمليات مالية باهظة الكلفة بهدف بلوغ نسبة<br />

%15 كمردود مطلوب في الغالب.‏ يقول كوليتي مفسّ‏ را:‏ ‏»بما أن<br />

المردوديّة المتوسطة تتراوح بين 6 و‎%8‎‏،‏ وجدت المؤسسات<br />

نفسها محتاجة أكثر فأكثر إلى شراء أسهمها قصد الترفيع في قيمة<br />

السّ‏ ندات«.‏ هذه الممارسة واسعة االنتشار في الواليات المتحدة<br />

األمريكية أخذت في االنتشار في فرنسا:‏ لقد خُصّ‏ ص لها بين<br />

سنتيْ‏ 1999 و‎9(2015‎‏(‏ ما قدره 115 مليار يورو،‏ أما بالنسبة إلى<br />

سنة 2018 فقد أعادت مؤسسات ‏»كاك 40« شراء أسهم بما قدره<br />

10.9 مليار يورو.‏ أمّا مجموع األرباح المهدورة فمن المستحيل<br />

تحديده.‏ يقول رجل االقتصاد لوران كردينياي بأسف شديد:‏ ‏»من<br />

ذا الذي يستطيع أن يذكر الكمّ‏ الهائل من الثروات المبدّدة التي لم<br />

تتحقّق،‏ ومن مواطن العمل التي لم تُخلَق،‏ والمشاريع الجماعية<br />

واالجتماعية والبيئيّة التي لم تُنفَّذ على اإلطالق لسبب وحيد وهو<br />

الحرص على المردوديّة؟«)‏‎10‎‏(.‏ إذا كان لومار يرجو أن تعود<br />

صورة ‏»القوّة الصناعيّة الكبرى«‏ إلى فرنسا فعليه أن يبدأ بتخليص<br />

المؤسسات من الهيمنة المالية.‏<br />

‏»الحمائية غير<br />

فعالة وخطيرة«‏<br />

يعتبر الرئيس الفرنسي ايمانوال ماكرون أن ‏»الحمائية هي<br />

الحرب،‏ كذبة،‏ انتكاسة«‏ )26 افريل/نيسان 2017(. هي تمثّل<br />

واحدا من ‏»الخطريْن العالمييْن الكبيريْن«.‏ وفقا لمحافظ بنك فرنسا<br />

فرانسوا فيلرواد غلهو الذي يصرح:‏ ‏»الترفيع في أسعار الواردات<br />

يمثّل عقوبة لألسَ‏ ر الضعيفة التي تستهلك أكبر نصيب من الموادّ‏<br />

المستوردة«)‏‎11‎‏(.‏<br />

إن األسطورة القائلة بأن السياسة الحمائية تؤدي حتما إلى<br />

الحرب،‏ وتلك القائلة إن ‏»التجارة الناعمة«‏ عكس ذلك،‏ تساعد على<br />

نشر السّ‏ الم أقوال قد دحضها التاريخ.‏ في سنة 1870، دخلت فرنسا<br />

وبروسيا في حرب بُعيْد توقيع معاهدة تبادل حرّ‏ بين البلدين.‏ على<br />

النقيض من ذلك،‏ لم ينتج عن الحمائية التي ميّزت ‏»الثالثين سنة<br />

المجيدة«‏ أيّ‏ صراع.‏ ثم إن الفكرة القائلة بأن الحمائية تفترض ضمنيا<br />

‏»انتكاسة وطنية«‏ وتضع حدّا للمبادالت فكرة ال تصمد أمام تحليل<br />

الوقائع.‏ ‏»فبيْن سنتيْ‏ 1890 و‎1914‎‏،‏ اتّبعت كل البلدان المصنّعة<br />

باستثناء بريطانيا العظمى سياسات تجارية مستمدّة من الحمائيّة«‏ كما<br />

يذكّرنا بذلك رجل االقتصاد غايل جيرو ‏»ولكن هذا لم يمنع هذه<br />

الفترة من أن تشهد توسّ‏ عا مستمرّا للتجارة العالميّة )%5 من النموّ‏<br />

سنويا(‏ إلى حدّ‏ جعل المؤرخين يصفونها بأنها ‏»العولمة األولى«)‏‎12‎‏(.‏<br />

لكن ماذا عنها اليوم؟ يحبّ‏ أنصار التبادل الحر أن يشيروا<br />

إلى أنه بفضل العولمة تستطيع العائالت المحرومة في البلدان<br />

الغنية أن تمأل سلة مشترياتها باألقمصة واأللعاب والشاشات<br />

المسطّ‏ حة بأثمان زهيدة.‏ إذا كان صحيحا أن السياسة الحمائيّة<br />

تؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع المستوردة فإنه بإمكانها كذلك<br />

أن تتيح الخروج من هوَس كُلْفة العمل التي تخنق األجور.‏ لنقل<br />

بعبارة أخرى إنّ‏ ما نخسره كمستهلكين سنربحه بصفتنا أجَ‏ راء.‏ هذا<br />

باإلضافة إلى التحرر من عادة استهالك أشياء ال نحتاجها.‏<br />

ال يتعلق األمر بالتصفيق للرئيس األميركي دونالد ترامب<br />

الذي سلّط الرسوم الجمركيّة على األلمنيوم الكندي أو الالقطات<br />

الشمسية الصينية دون مباالة بالعواقب المنجرّة عن ذلك ‏)إجراءات<br />

انتقامية،‏ الجدوى اإلجراء في غياب سياسة صناعيّة ‏،الخ(.‏ السياسة<br />

الحمائيّة ليست عصا سحريّة قادرةً‏ على إحياء كل الصناعات<br />

القديمة،‏ وال هي برنامج اقتصادي قائم الذات:‏ هي ليست سوى أداة<br />

يمكن وضعها في خدمة سياسة محافظة وأحادية وعدوانيّة أو في<br />

خدمة سياسة أخرى تعاونيّة وبيئيّة واجتماعيّة.‏<br />

يقترح أنصار ‏»الحمائيّة التضامنية«‏ على سبيل المثال<br />

وضع حواجز جمركيّة أوروبية لمعاقبة الواردات الوافدة من<br />

بلدان ال تحترم بعض المعايير التّأجيرية واالجتماعية والجبائيّة<br />

والبيئيّة.‏ ال يكون الهدف من ذلك تقديم المعونة ‏»لجوراسيك بارك<br />

صناعي«)‏‎13‎‏(،‏ ولكن حماية الصناعات الناشئة الالزمة لتحقيق<br />

انتقال بيئي بعيدا خاصّ‏ ة عن المسألة الصناعيّة،‏ والسماح بظهور<br />

نظام تجاري عالمي أكثر عدال وتوازنا.‏ ذلك أن السياسة الحمائيّة<br />

ليست هي التي تؤدّي إلى الحرب بل هو المنهج غير المنظّ‏ م الحالي<br />

الذي يُعْلي من شأن التنافسيّة حتى يجعلها قيمة مقدّسَ‏ ة،‏ ويضع<br />

األجَ‏ راء والنظم الجبائيّة في موقف تنافس،‏ في سباق ال نهاية له<br />

حول من يعرض كُلْفة اجتماعيّة أقلّ‏ .<br />

6( مكتب اإلحصاء الفدرالي األلماني دستاتيس:‏ ‏»االتحاد األوروبي-مقارنة لتكاليف<br />

الشغل:‏ ألمانيا في المرتبة السادسة«،‏ فيسبادن،‏ 16 ماي/أيار 2018.<br />

7( بيانات من مكتب إحصاءات العمل األمريكي.‏<br />

8( فلوريان بوت و آخرون : ‏»تكلفة رأس المال:‏ بين الخسائر وتهريب الثروات.‏<br />

الفهم األنسب لرأس المال لقيس تكلفته على المجتمع«،‏ تقرير بحث،‏ جامعة ليل 1<br />

وجامعة ليتورال،‏ كالرساي،‏ 2017.<br />

9( فلوريان بوت وآخرون،‏ ‏»تكلفة رأس المال...«‏ ‏)مرجع سابق(.‏<br />

10( لوران كوردونياي،‏ ‏»تكلفة رأس المال،‏ السؤال الذي يغيّر كلّ‏ شيء«،‏ <strong>لوموند</strong><br />

<strong>ديبلوماتيك</strong>،‏ <strong>جويلية</strong>/تمّوز 2013.<br />

11( تقديم للصحافة للرسالة التمهيدية للتقرير السنوي لبنك فرنسا موجهة إلى رئيس<br />

الجمهوريّة،‏ 20 جوان/حزيران 2018.<br />

12( غائيل جيرو « فزّاعة الحمائيّة«،‏ مجلة المشروع،‏ عدد 320، البالن سان<br />

دوني،فيفري-مارس/شباط-آذار 2011.<br />

13( أوغستان لندياي ودافيد تيمار،‏ ‏»عصر جوراسيك بارك الصناعي«،‏ ليزيكو،‏<br />

باريس،‏ 21 أكتوبر/‏ تشرين األول 2009.<br />

جميع الحقوق محفوظة

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!